Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: ناصر

دعجٌ

دعجٌ
: (الدَّعَجُ، محرَّكةً، والدُّعْجَةُ بالضّمِّ) السَّوادِ، وَقيل: شِدَّةُ السَّوَادِ، وَقيل: الدَّعَجَ: شِدَّةُ سَوادِ (سَوَادِ العَيْنِ) وشِدَّةُ بَيَاضِ بَياضِها، وقيلَ: شِدَّةُ سَوَادِهَا (مَعَ سَعَتِها) ، وَفِي صِفته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (فِي عَيْنيهِ دَعَجٌ) يُرِيد أَنّ سوادَ عَينيهِ كَانَ شديدَ السَّواده، وَقيل: إِن الدَّعَجَ عِنْده: سَوَادُ العَيْنِ مَعَ شِدَّةِ بَيَاضِها، دَعِجَ دَعَجاً، وَهُوَ أَدْعَجُ، وَهُوَ عامٌّ فِي كلّ شيْءٍ.
قَالَ الأَزهريّ: الّذِي قِيلَ فِي الدَّعَجِ إِنّه شدَّةُ سَوَادَ العَيْنِ مَعَ شِدَّةِ بيَاضِ بيَاضِهَا خَطَأٌ، مَا قَالَه أَحدٌ غير اللّيثِ.
عَينٌ دَعْجَاءُ بَيِّنَةُ الدَّعَجِ، وامرأَةٌ دَعْجَاءُ، ورجُلٌ أَدعَجُ بَيِّنُ الدَّعَجِ.
(و) فِي حديثِ المُلاعَنةِ (إِنْ جَاءَتْ بِهِ أَدْعَجَ) وَفِي روايةُ (أُدَيْعِج) (الأَدْعَجُ: الأَسْوَدُ) (وَمِنْه حَدِيث الخوارِجِ (آيَتُهُم رجُلٌ أَدْعَجُ، وَقد) حَملَ الخَطَّابيّ هاذا الحَدِيث على سَوادِ الّلونِ جَميعِه، وَقَالَ: إِنما تَأَوَّلْنَاه على سَوادِ الجلْد، لأَنه قد رُوِيَ فِي خَبرٍ آخَرَ (آيَتُهُمْ رَجُلٌ أَسْوَدُ) .
(والدَّعَجَاءُ: الجُنُونُ) ، قَالَ شيخُنا فَهُوَ مصدرٌ، لأَنّه قد يُبْنَى على فعَلاءَ كالنَّعْمَاءِ.
(و) من الْمجَاز: لَيْلٌ أَدْعَجُ.
وبَلَغْنَا دَعجاءَ الشَّهْرِ ودَهْمَاءَهُ، الدَّعْجَاءُ (: أَوَّلُ المَحَاقِ، وَهِي لَيْلَةُ ثَمَانِيَةٍ وعِشْرِينَ) ، والثَانِيَةُ السِّرَارُ، والثَّالثة الفَلْتَةُ، وَهِي ليلَة الثّلاثين وَقد تقدم فِي فَلت.
(و) دُعَيْجٌ (كزُبَيْر، عَلَمٌ) ، قَالَ الأَزهريّ: لَقِيتُ فِي البادِيَةِ غُلَيِّما أَسْوَدَ كأَنَّهُ حُمَمَةٌ، وَكَانَ يُسَمَّى بَصيراً ويُلَقَّبُ دُعَيْجاً، لشدَّةِ سَوادِه.
والأَدْعَجُ من الرِّجال: الأَسْوَدُ.
(والمَدْعُوجُ: المَجْنُونُ) ، أَصابَتْهُ الدَّعْجَاءُ.
وَمِمَّا يسْتَدرك عَلَيْهِ:
الدَّعْجَاءُ بنتُ هَيْضَمغ اسمُ امرأَة، قَالَ الشَّاعِر:
ودَعْجَاءَ قَدْ وَاصَلْتُ فِي بَعْضِ مَرِّهَا
بِأَبْيَضَ مَاضِ لَيْسَ مِنْ نَبْلِ هَيْضَمِ
وَمَعْنَاهُ أَنها مَرَّتْ فأَهْوى لَهَا بسَهْم.
والدَّعْجاءُ فِي قولِ ابنِ أَحمرَ: هَضْبَةٌ مَعروفةٌ، عَن أَبِي عُبَيدةَ، وَهُوَ:
مَا أُمُّ غُفْرٍ عَلَى دَعْجَاءِ ذِي عَلَقٍ
يَنْفِي القَرَامِيدَ عَنْهَا الأَعْصَمُ الوَقِلُ
كَذَا فِي الصّحاح والِّلسان، وأَغْفَلَه المصنِّف تقصيراً. وَيُقَال: الدَّعَجُ: زُرْقَةٌ فِي بَياضٍ، نقلَه شيخُنَا، وَلم يُتَابَعْ عَلَيْهِ.
وَمن الْمجَاز: لَيْلٌ أَدْعَجُ، وشَفَةٌ دَعْجاءُ، ولِثَةٌ دَعْجَاءُ، قَالَ العجَّاج يَصِف انْفِلاقَ الصُّبْحِ.
تَسُورُ فِي أَعْجَازِ لَيْل أَدْعَجَا
أَرادَ بالأَدْعَجِ المُظْلِمَ الأَسْوَدَ، جعلَ اللَّيْلَ أَدْعَجَ لشِدِّة سَوادِه مَعَ شِدَّةِ بياضِ الصُّبْحِ.
وَمن الْمجَاز: تَيْسٌ أَدْعَجُ العينينِ والقَرنَيْنِ، قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِف ثَوراً وَحْشِيًّا وقَرْنَيْه:
جَرَى ادْعَجُ القَرْنَيْنِ (والعَيْنِ) وَاضِحُ الْ
قَرَى أَسْفَعُ الْخَدَّيْنِ بِالْبَيْنِ بَارِحُ
فجعَلَ القَرْنَ أَدْعَجَ، كَمَا تَرَى.
ودَعْجانُ بنُ خَلَفٍ: رَجُلٌ.
ودَعْجَانُ: فَرَسٌ مشهورٌ.
وأَبو الكَرمِ عبدُ الْكَرِيم بن ناصِرٍ الدَّعْجَانيّ المِصْريُّ، روى عَن أَبي نِزارٍ رَبِيعةَ اليَمَنيّ وغيرِه، وَتُوفِّي سنة 669.

الوليّ

الوليّ:
[في الانكليزية] Caretaker ،supporter ،patron ،saint ،holy man
[ في الفرنسية] Protecteur ،soutien ،patron ،saint
هو فعيل بمعنى فاعل من قولهم ولي فلان الشيء يليه فهو وال ووليّ، وأصله من الولي بسكون اللام وفتحها الذي هو القرب، ومنه يقال داري تلي دارها أي تقرب منها، ومنه يقال للمحب المعاون ولي لأنّه يقرب منك بالمحبة والنصرة ولا يفارقك، ومنه الوالي لأنّه يلي القوم بالتدبير والأمر والنهي، ومنه الولي. ومن ثمّ قالوا في اختلاف الولاية العداوة من عدا الشيء إذا جاوزه فلأجل هذا كانت العداوة خلاف الولاية، كذا في التفسير الكبير في تفسير قوله تعالى: اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا. وفي شرح الطوالع: الولي لغة واستعمالا يطلق على خمسة معان. الأول المتصرّف في أمره، يقال ولي الصبي والمرأة. والثاني المعين الــناصر المحب. والثالث المعتق والمعتق. والرابع الجار. والخامس ابن العم انتهى. وفي جامع الرموز الولي لغة المالك، وشرعا عند الفقهاء هو الوارث المكلّف كما في المحيط وغيره انتهى، فخرج العبد والكافر والصبي والمعتوه كما في فتح القدير. قالوا للولي ولاية إنكاح الصغير والصغيرة ولاية إجبار، وعلى البالغة العاقلة ولاية ندب واستحباب وعند أهل التصوّف والسلوك هو العارف بالله وصفاته حسب ما يمكّن المواظب على الطاعات المجتنب عن المعاصي والمعرض عن الانهماك في اللذات والشهوات على ما ذكر المحقّق التفتازاني في شرح العقائد وفي النفحات: الولي هو الفاني من حاله الباقي في مشاهدة الحقّ لم يكن له عن نفسه إخبار ولا مع الغير قرار. وجاء في الرسالة القشيرية بأنّ الوليّ له معنيان: أحدهما فعيل بمعنى مفعول وهو الذي تولى الحقّ سبحانه أموره كما قال: وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ. إذا لا يدعه الحقّ تعالى نحو نفسه لحظة واحدة. والثاني: فعيل بمعنى فاعل وهو من قام بعبادة الحقّ سبحانه وتعالى والسائر على وجهه بشكل دائم بدون أن يكون هناك حلول.
وكلّ واحد من هذين الوصفين واجب ليكون وليّا. كما يجب عليه القيام بحقوق الله تعالى على سبيل الاستقصاء والاستيفاء ودوام حفظ الحقّ تعالى في السّراء والضّراء.
ومن شروط الوليّ أن يكون محفوظا من الإصرار على المعاصي كما هو شرط النبي العصمة، كما يشترط فيه إخفاء حاله، ومن شروط النبي إظهار حاله. إذا، كلّ من لا توافق أعماله الشريعة فهو مخادع أو مغرور.

وفي خلاصة السلوك: الولي على ما قال البعض هو الذي يكون مستور الحال أبدا والكون كلّه ناطق على ولايته والمدّعي الذي ناطق بالولاية والكون كلّه ينكر عليه. وقيل الولي الذي بعد عن الدنيا وقرب إلى المولى.
وقيل الذي فرغ نفسه لله وأقبل بوجهه على الله.
قال ذو النون لا تجالسوا أهل الولاية والصّفاء إلّا على الطهارة والنقاء فإنّهم جواسيس القلوب انتهى. وفي شرح القصيدة الفارضية: وأما الولاية فهي التصرّف في الخلق بالحقّ وليست في الحقيقة إلّا باطن النّبوة لأنّ النبوة ظاهرها الإنباء وباطنها التصرّف في النفوس بإجراء الأحكام عليها، والنّبوة مختومة من حيث الإنباء أي الإخبار إذ لا نبيّ بعد محمد صلى الله عليه وآله وسلم دائمة من حيث الولاية والتصرّف، لأنّ نفوس الأولياء من أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم حملة تصرّف ولايته يتصرّف بهم في الخلق بالحقّ إلى قيام الساعة، فباب الولاية مفتوح وباب النّبوة مسدود، وعلامة صحة الولي متابعة النبي في الظاهر لأنّهما يأخذان التصرّف من مأخذ واحد إذ الولي هو مظهر تصرّف النبي فلا متصرّف إلّا واحد، ومن هذا الوجه تكلّم بعض الأتباع عن نفسه بخصائص النبي صلى الله عليه وآله وسلم على سبيل الحكاية، فنزّل نفسه من النبي عليه الصلاة والسلام منزلة الآلة من المتصرّف. وكما أنّ النّبوة دائرة متألّفة في الخارج من نقط وجودات الأنبياء كاملة بوجود النقطة المحمدية، فالولاية أيضا دائرة متألّفة في الخارج من نقط وجودات الأولياء كاملة بوجود النقطة التي سيختم بها الولاية، وخاتم الأولياء على ما ذكر لا يكون في الحقيقة إلّا خاتم الأنبياء، وعليه تقوم الساعة، فظهر الفرق بين النبي والولي، وأنّه لا يسعه إلّا متابعة النبي.
وما قيل إنّ الولاية أفضل من النّبوة لا يصحّ مطلقا إلّا بقيد وهو أنّ ولاية النبي أفضل من نبوته التشريعية لأنّ نبوّة التشريع متعلّقة بمصلحة الوقت والولاية لا تعلّق لها بوقت دون آخر، بل قام سلطانها إلى قيام الساعة. وأيضا النّبوة صفة الخلق دون الحقّ والولاية صفة الحقّ، ولذا يطلق عليه اسم الولي دون النبي، ولما احتاج بيانه إلى مثل هذا التأويل، فليس من الأدب إطلاق القول فيه، فظهر أنّ مثابة الأنبياء والأولياء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم سواء من حيث إنّهم مظاهر دائرتي نبوّته وولايته، ولذا قال: (علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل). وكما أنّ الأولياء دعوا الخلق إلى الحقّ بتبعية النبي عليه الصلاة والسلام، كذلك الأنبياء عليهم السلام دعوا أمتهم إلى الحقّ بتبعيته صلى الله عليه وآله وسلم لأنّهم مظاهر نبوته انتهى. وقد ذكر المولوي عبد الغفور في حاشيته على نفحات الأنس للجامي: الولاية قسمان: عامّة، وخاصّة.
فالولاية العامّة مشتركة بين كلّ المؤمنين، وهي عبارة عن القرب إلى الحقّ بلطف. وكلّ المؤمنين قريبون من لطفه لأنّهم خرجوا من ظلمة الكفر وتشرّفوا بنور الإيمان. قال الله تعالى:
اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ). والولاية الخاصّة هي خاصّة بالواصلين من أرباب السّلوك، يعني لا توجد في المبتدءين والمتوسّلين من أرباب السّلوك. وهي عبارة عن فناء العبد في الحقّ وبقائه بالحق. وهذا يعني أنّ الولاية الخاصّة مركّبة من فناء العبد في الحقّ، وبقاء العبد بالحقّ. فالفناء في الحقّ سقوط الشعور من الغير، والبقاء بالحقّ هو الشعور بالحق أو عدم الشعور بالغير انتهى. وقد مرّ ذكر أقسام الأولياء في لفظ الصوفي، وفي لفظ خاتم.

الطّبيعة

الطّبيعة:
[في الانكليزية] Nature ،physics
[ في الفرنسية] Nature ،physique

بالفتح وكسر الموحدة وبالفارسية: السّجيّة التي جبل الإنسان وطبع عليها، سواء صدرت عنها صفات نفسية أولا، كالطّباع بالكسر إذ الطّباع ما ركّب فينا من المطعم والمشرب وغير ذلك من الأخلاق التي لا تزايلنا، وكذا الغريزة هي الصفة الخلقية أي التي خلقت عليها كأنّها غرزت فيها، هكذا ذكر صاحب الأطول والسّيّد السّند. ولا تخرج سجية غير الإنسان من الحيوانات فإنّ قيد الإنسان وقع اتفاقا لا يقصد منه الاحتراز، وأيضا هذا تعريف لفظي فيجوز بالأخصّ ولكونه تعريفا لفظيا لا يلزم تعريف الشيء بنفسه من قوله وطبع عليها كما في العلمي في فصل الفلك قابل للحركة المستديرة.
والطّبع بالفتح وسكون الباء أيضا بمعنى الطبيعة.

قال في الصّراح: الطّبع هو فطرة النّاس التي فطروا عليها،، وهو في الأصل مصدر طبيعة طباع كذلك انتهى.
والطبيعة في اصطلاح العلماء تطلق على معان. منها مبدأ أول لحركة ما هي فيه وسكونه بالذات لا بالعرض. والمراد بالمبدإ المبدأ الفاعلي وحده، وبالحركة أنواعها الأربعة أعني الأينية والوضيعة والكمّية والكيفية، وبالسكون ما يقابلها جميعا وهي بانفرادها لا تكون مبدأ للحركة والسكون معا، بل مع اتصاف شرطين هما عدم الحالة الملائمة ووجودها. ويراد بما هي فيه ما يتحرّك ويسكن بها وهو الجسم، ويحترز به عن المبادئ القسرية والصناعية فإنّها لا تكون مبادي لحركة ما هي فيه، وبالأول عن النفوس الأرضية فإنها تكون مبادي لحركات ما هي فيه كالإنماء مثلا إلّا أنّها تكون مبادي باستخدام الطبائع والكيفيات، وتوسّط الميل بين الطبيعة والجسم عند التحرّك لا يخرجها عن كونها مبدأ أوّلا لأنّه بمنزلة آلة لها. والمراد بقولهم بالذات أحد المعنيين: الأول بالقياس إلى المتحرّك أي أنها تحرّك بذاتها لا عن تسخير قاسر إيّاها. والثاني بالقياس إلى المتحرّك وهو أن يتحرّك الجسم بذاته لا عن سبب خارج. ويراد بقولهم لا بالعرض أيضا أحد المعنيين: الأول بالقياس إلى المتحرّك وهو أنّ الحركة الصادرة عنها لا تصدر بالعرض كحركة السفينة، والثاني بالقياس إلى المتحرّك وهو أنّها تحرّك الشيء الذي ليس متحرّكا بالعرض كصنم من نحاس، فإنّه يتحرّك من حيث هو صنم بالعرض. والطبيعة بهذا المعنى تقارب الطّبع الذي يعمّ الأجسام حتى الفلك، كذا قال المحقّق الطوسي في شرح الإشارات في البسائط. فعلى هذا يكون ضمير هي راجعا إلى المبدأ بتأويل الطبيعة. وقوله بالذات احتراز عن طبيعة المقسور. وقوله لا بالعرض احتراز عن مبدأ الحركة العرضية. ولا يخفى أنّ قوله بالذات على هذا مستدرك لأنّ مبدأ الحركة القسرية لا يكون في الجسم بل في القاسر.
وقيل ضمير هي راجع إلى حركة، ويلزم على هذا استدراك قوله ما هي فيه إذ يكفي أن يقال إنّه مبدأ أول للحركة والسكون. ثم التحقيق أنّ مبدأ الحركة القسرية قوة في ذات المقسور أوجدها القاسر فيه. فبقيد ما هي فيه لا يخرج مبدأ الحركة القسرية ولا بقوله بالذات. وأيضا قوله لا بالعرض مستدرك ويمكن أن يقال إنّ ضمير هي راجع إلى المبدأ ويكون قوله ما هي فيه احترازا عن مبدأ الحركة العرضية فإنّه ليس في المتحرّك بالعرض. ومعنى قوله بالذات أنّ حصول المبدأ في الجسم المتحرّك بالذات فخرج مبدأ الحركة القسرية، فإنّ حصوله فيه بسبب القاسر. ومعنى قوله لا بالعرض لا باعتبار العرض، وهو إشارة إلى أنّ الحركة مثلا في الكرة المتحرّكة من حيث إنّها كرة تعرض للجسم والكرة معا عروضا واحدا، إلّا أنّه للجسم والكرة معا عروضا واحدا، إلّا أنّه للجسم لذاته وللكرة بتوسّطه؛ لكنّ إطلاق الطبيعة على مبدأ تلك الحركة بالاعتبار الأول لا بالاعتبار الثاني، فتأمّل. هكذا ذكر عبد العلي البرجندي في حاشية الجغميني في الخطبة.
ومنها مبدأ أول لحركة ما هي فيه وسكونه بالذات لا بالعرض من غير إرادة وهذا المعنى لا يشتمل لما له شعور فيكون أخصّ من الأول. قال السّيّد السّند في حاشية المطول في فنّ البيان: الطبيعة قد يخصّ بما يصدر عنها الحركة والسكون فيما هو فيه أوّلا وبالذات من غير إرادة، وهكذا ذكر المحقّق الطوسي في شرح الإشارات. وفي بعض شرح التجريد أنّ استعمال الطبيعة في هذا المعنى أكثر منه في الأول حيث قال إنّ الطّباع يتناول ماله شعور وإرادة وما لا شعور له، والطبيعة في أكثر استعمالاتها مقيّدة بعدم الإرادة. والطّبع قد يطلق على معنى الطّباع وقد يطلق على معنى الطبيعة، انتهى كلامه. وفي بعض حواشي شرح هداية الحكمة أنّ الطبيعة أيضا تطلق على سبيل النّدرة مرادفة للطّباع كما صرّح به بعض المحقّقين.
ومنها مبدأ أول لحركة ما هي فيه وسكونه بالذات لا بالعرض على نهج واحد من غير إرادة، وهذا المعنى أخصّ من الأولين. قال المحقق الطوسي في شرح الإشارات: الطبيعة مبدأ أول لحركة ما هي فيه وسكونه بالذات لا بالعرض، وشرح هذا كما عرفت. ثم قال:
وربما يزاد في هذا التعريف قولهم على نهج واحد من غير إرادة، وحينئذ يتخصّص المعنى المذكور بما يقابل النفس وذلك لأنّ المتحرّك يتحرّك إمّا على نهج واحد أولا على نهج واحد، وكلاهما بإرادة أو من غير إرادة. فمبدأ الحركة على نهج واحد ومن غير إرادة هو الطبيعة، وبإرادة هو القوة الفلكية، ومبدأها لا على نهج واحد من غير إرادة هو القوة النباتية، وبإرادة هو القوة الحيوانية، والقوى الثلاث تسمّى نفوسا، انتهى، ومما يؤيّده ما وقع في شرح حكمة العين في بيان النفس النباتية من أن الأفعال الصادرة عن صور أنواع الأجسام. منها ما يصدر عن إدراك وإرادة وينقسم إلى ما يكون الفعل الصادر منه على وتيرة واحدة كما للأفلاك، وإلى ما لا يكون على وتيرة واحدة بل على جهات مختلفة كما للحيوان. ومنها ما لا يصدر عن إرادة وإدراك وينقسم إلى ما يكون على وتيرة واحدة وهي القوّة السّخرية كما يكون للبسائط العنصرية كميل الأجزاء الأرضية إلى المركز، وإلى ما لا يكون على وتيرة واحدة بل على جهات مختلفة كما يكون للنبات والحيوان من أفاعيل القوّة التي توجب الزيادة في الأقطار المختلفة، وللقوة السخرية خصوصا باسم الطبيعة، والثلاثة الباقية يسمّونها النفس. ومنها الصورة النوعية بل الصورة الجسمية أيضا كما مرّ. ومنها الحقيقة كما ذكر عبد العلي البرجندي في حاشية الجغميني، وهذا هو المراد بالطبيعة الواقعة في تعريف الخاصة المطلقة. ومنها المفهوم الذي إذا أخذ من حيث هو هو لا يمنع وقوع الشركة، وهذا من مصطلحات أهل المنطق، كذا ذكر عبد العلي البرجندي أيضا في تلك الحاشية. ومنها قوة من شأنها حفظ كمالات ما هي فيه على ما ذكر عبد العلي البرجندي أيضا هناك. والظاهر أنّ الفرق بين هذا المعنى والمعنى الأول أنّ المبدأ الفاعلي في المعنى الأول سبب لوجود الحركة والسكون، والقوة المذكورة في هذا المعنى سبب فاعلي للحفظ لا للوجود، فإنّ الحركة والسكون أيضا من الكمالات والله أعلم. ومنها قوّة من قوى النفس الكلّية سارية في الأجسام فاعلة لصورها المنطبعة في موادها. ومنها حقيقة إلهية فعّالة للصّور كلّها.
في شرح الفصوص للجامي في الفصّ الأول الطبيعة في عرف علماء الرسوم قوة من قوى النفس الكلية سارية في الأجسام الطبيعية السفلية والأجرام فاعلة لصورها المنطبعة في موادها الهيولانية. وفي مشرب الكشف والتّحقيق حقيقة إلهية فعّالة للصّور كلّها وهذه الحقيقة تفعل الصور الأسمائية بباطنها في المادة العمائية، فإنّ النّشأة واحدة جامعة بحقيقتها للصور الحقّانية الوجوبية والصّور الخلقية الكونية روحانية كانت أو مثالية أو جسمانية بسيطة أو مركبة. والصور في طور الحقيق الكشفي علوية وسفلية، والعلوية حقيقية وهي صور الأسماء الربوبية والحقائق الوجوبية ومادة هذه الصور وهيولاها العماء، والحقيقة الفعالة لها أحد جمع ذات الألوهية، وإضافية وهي حقائق الأرواح العقلية المهيمنية والنفسية، ومادة هذه الصور الروحانية هي النور.
وأمّا الصور السفلية فهي صور الحقائق الإمكانية وهي أيضا منقسمة إلى علوية وسفلية. فمن العلوية ما سبق من الصور الروحانية ومنها صور عالم المثال المطلق والمقيّد. وأمّا السفلية فمنها صور عالم الأجسام الغير العنصرية كالعرش والكرسي، ومادتها الجسم الكلّ. ومنها صور العــناصر والعنصريات، ومن العنصريات الصور الهوائية والنارية والمارجيّة، ومادة هذه الصور الهواء والنار وما اختلط معهما من الثقلين الباقيين من الأركان المغلوبين في الخفيفين ومنها الصور السفلية الحقيقية وهي ما غلب في نشئه الثقيلان وهما الأرض والماء على الخفيفين وهما النار والهواء، وهي ثلاث صور: صور معدنية، وصور نباتية، وصور حيوانية، وكلّ من هذه العوالم يشتمل على صور شخصية لا تتناهى ولا يحصيها إلّا الله سبحانه. والحقيقة الفعّالة الإلهية فاعلة بباطنها من الصور الأسمائية وبظاهرها الذي هو الطبيعة الكلّية التي هي مظهرها أصل صور العوالم كلها انتهى كلامه. ومنها القوة المدبّرة لبدن الإنسان من غير إرادة ولا شعور وهي مبدأ كلّ حركة وسكون بالذات على ما قال بقراط كما في بحر الجواهر. ومنها المزاج الخاص بالبدن.
ومنها الهيئة التركيبية. ومنها حركة النفس. في بحر الجواهر قال العلّامة اسم الطبيعة يقال في عرف الطبّ على أربعة معان: أحدها على المزاج الخاص بالبدن. وثانيها على الهيئة التركيبية. وثالثها على القوّة المدبّرة. ورابعها على حركة النفس، والأطباء ينسبون جميع أحوال البدن إلى الطبيعة المدبّرة للبدن، والفلاسفة ينسبون ذلك إلى النفس ويسمّون هذه الطبيعة قوة جسمانية انتهى.
وقال عبد العلي البرجندي في شرح حاشية الچغميني وقد تطلق الطبيعة على النفس كما وقع في عبارة الأطباء الطبيعة تقاوم المرض في البحران انتهى. فالمراد بالنفس هي النفس الناطقة.

الهضم

(الهضم) تَحْويل الهواضيم عــناصر الطَّعَام الْمُخْتَلفَة إِلَى مَادَّة غذائية صَالِحَة لِأَن يمتصها الْجِسْم ويتمثلها و (فِي الكيمياء) معالجة الْموَاد بكيمياويات بالتسخين أَو بالتسخين مَعَ الضغط وتفكيك الْموَاد بعوامل كيمياوية قَوِيَّة كحل البروتينات بحامض الكبريتيك فِي عملية كلدال (مج)
و (الجهاز الهضمي) مَجْمُوعَة من الْأَعْضَاء تتعاون على هضم الطَّعَام كالأسنان والغدد الهضمية والمعدة والأمعاء
و (الْقَنَاة الهضمية) قناة فِي جَوف الْجِسْم يكتنفها ويتصل بهَا أَعْضَاء الجهاز الهضمي وتبدأ بالفم وتنتهي بنهاية القولون النَّازِل

(الهضم) المطمئن من الأَرْض وبطن الْوَادي والبخور (ج) أهضام وهضوم وَفِي الْمثل (اللَّيْل وأهضام الْوَادي) لَا تسر فيهمَا لَا ينلك مَكْرُوه
الهضم:
[في الانكليزية] Digestion
[ في الفرنسية] Digestion
بالفتح وسكون الضاد المعجمة عند الأطباء هو إحالة الحرارة الغريزية الغذاء إلى قوام معدّ لقبول صورة الأعضاء وقبل الغاذية فيه، والقوة التي تعدّ الغذاء لأنّ يصير جزءا بالفعل من العضو ويتصوّر بصورته تسمّى هاضمة. قالوا للغذاء إلى أن يصير جزءا من المغتذي هضوم أربعة. الهضم الأول في المعدة بأن يجعل الغذاء كيلوسا وابتداؤه من الفم وفضلته الثفل الذي يندفع من طريق الامعاء.
والهضم الثاني في الكبد بأن يجعل الغذاء كيموسا وابتداؤه من العروق الماساريقية وفضلته البول والمرتان السوداء والصفراء المتدافعتان من الطحال والمرارة. والهضم الثالث في العروق فإنّ الأخلاط الأربعة بعد تولّدها في الكبد تنصبّ إلى العرق النابت من جانبه المحدّب المسمّى بالأجوف، ثم تندفع الأخلاط في العروق المنشعبة من الأجوف مختلط بعضها ببعض، وفيها تنهضم الأخلاط انهضاما تاما فوق ما كان لها في الكبد، وهناك يتميّز ما يصلح غذاء لكلّ عضو عضو فيصير مستعدا لأنّ يجذبه جاذبة العضو، وذلك المتميّز يسمّى رطوبة ثانية، كما يسمّى الأخلاط رطوبة أولى وفضلته تندفع بالتحليل الذي لا يحسّ به وبالعرق والوسخ.
والهضم الرابع في الأعضاء فإنّ الغذاء إذا سلك في العروق الكبار ثم إلى الجداول ثم إلى السواقي ثم إلى الرواضع ثم إلى العروق اللثقية ترشّح الغذاء من فوهاتها أي فوهات اللثقية الشعرية على الأعضاء وحصل غاذية كلّ عضو للأغذية المترشّحة عليها التشبه به التصاقا ولونا ومزاجا وفضلته المني، والمسيحي لم يعتبر الهضم الأخير وأبو سهل الثالث. ثم الرطوبة الثانية لها أربع مراتب: الأولى ما ذكر، والثانية هي التي منبثّة في الأعضاء الأصلية بمنزلة الطّل، والثالثة القريبة العهد بالانعقاد كما ذكرت في الهضم الرابع، والرابعة الرطوبة المتداخلة للأعضاء وهي التي لها اتصال أجزاء المتشابه.
هذا خلاصة ما في شرح القانونچة وشرح المواقف وذكر الرطوبات سبق في محلها أيضا.

النّفس

النّفس:
[في الانكليزية] Blood ،diversion
[ في الفرنسية] Sang ،divertissement
بفتحتين في اللغة الفارسية دم. وفي اصطلاح الصّوفية هو التّرويح عن القلب بمطالب الغيوب النّازلة من حضرة المحبوب تبارك وتعالى. كذا في لطائف اللغات.
النّفس:
[في الانكليزية] Soul ،spirit ،water
[ في الفرنسية] Ame ،eau ،espri
بالفتح وسكون الفاء عند أهل الرمل اسم للجماعة وأهل الرّمل يسمّون النفس والنفس الكلّية: الجماعة. ويطلقون النفس على عنصر الماء. والماء الأول هو النفس الأولى كما يقولون. والماء الثاني هو النفس الثانية. إذا فالماء هو عتبة داخل النفس السّابقة. وقد مرّ ذلك في جدول أدوار الطالب والمطلوب بالتفصيل من دائرة أبدح وسكن. والنفس يطلق عند الحكماء بالاشتراك اللفظي على الجوهر المفارق عن المادة في ذاته دون فعله، وهو على قسمين: نفس فلكية ونفس إنسانية، وعلى ما ليس بمجرّد بل قوة مادية وهو على قسمين أيضا نفس نباتية ونفس حيوانية، هكذا يستفاد من تهذيب الكلام ويجعل النفس الأرضية اسما للنفس النباتية والحيوانية والإنسانية، والنفس الفلكية تسمّى بالنفس السماوية أيضا.
فالنفس النباتية كمال أول لجسم طبيعي آليّ من حيث يتولّد ويتغذّى وينمو، فالكمال جنس بمعنى ما يتمّ به الشيء وقد سبق في محلّه، وبقيد أول خرج الكمالات الثانية كالعلم والقدرة وغيرها من توابع الكمال الأول، وبقيد الجسم خرج كمالات المجرّدات وبقيد طبيعي خرج صور الجسم الصناعي كصور السرير والكرسي وبقيد آليّ خرج صور العــناصر إذ لا يصدر عنها أفعال بواسطة الآلات، وكذا الصور المعدنية.
فالآلي صفة الكمال أي كمال أول آليّ، أي ذو آلة. ويجوز جرّه على أنّه صفة لجسم أي جسم مشتمل على الآلة بأن يكون له آلات مختلفة يصدر عنها هذه الأفعال من التغذية والتنمية وتوليد المثل وهذا أظهر لعدم الفصل بين الصفة والموصوف على التقديرين، فليس المراد بالآلي أنّ الجسم ذو أجزاء متخالفة فقط بل يكون أيضا ذا قوى مختلفة كالغاذية والنامية، فإنّ آلات النفس بالذات هي القوى وبتوسطها الأعضاء. وقيل الأولى أن لا يراد بالطبيعي ما يقابل الصناعي فقط بل يراد به ما يقابل الجسم التعليمي والصناعي معا لئلّا يفتقر إلى إخراج الكمال الأول للجسم التعليمي إلى قيد آخر.
ومنهم من رفع طبيعيا صفة للكمال احترازا عن الكمال الصناعي فإنّ الكمال الأول قد يكون صناعيا يحصل بصنع الحيوان كما في السرير والصندوق ووكر الطير وقد يكون طبيعيا لا مدخل لصنعه فيه، لكن الظاهر حينئذ أن يقال كمال أول طبيعي لجسم آليّ الخ. وبقيد الحيثية خرج كلّ كمال لا يلحق من هاتين الحيثيتين كالنفس الحيوانية والانسانية والفلكية. اعلم أنّهم اختلفوا فذهب بعضهم إلى أنّ الشيء إذا صار حيوانا تكون نفسه النباتية باقية فيه وتلك الأفعال صادرة عنها لا عن النفس الحيوانية والأفعال الحيوانية من الحسّ والحركة الإرادية صادرة عن النفس الحيوانية. والمحقّقون على أنّ الأفعال المذكورة في النفس النباتية صادرة في الحيوان عن النفس الحيوانية وتبطل النفس النباتية عند فيضان النفس الحيوانية، فعلى هذا بعض أفعال النفس الحيوانية بالاختيار وبعضها بلا اختيار، ولا يخفى ما فيه من التأمّل. فعلى المذهب الأول لا حاجة إلى زيادة قيد فقط وعلى المذهب الثاني لا بد من زيادته. ولذا قال البعض هي كمال أول لجسم طبيعي آليّ من جهة ما يتولّد ويزيد ويغتذي فقط، والحصر إضافي بالنسبة إلى ما يحسّ ويتحرّك بالإرادة، فلا يرد أنّ أفعال النفس النباتية غير منحصرة فيما ذكر، بل لا بد مع ذلك أيضا من جهة ما يتصوّر ويجذب ويضم ويمسك ويدفع. لكن بقي هاهنا بحث من وجوه: الأول أنّ التعريف صادق على صورة النطفة التي بها تصير سببا للتغذية والتنمية، وكذا على الصورة اللحمية والعظمية وغيرها مع أنه لا يقال لها نفس نباتية وإلّا يلزم أن تكون هذه الأشياء نباتا. والجواب أنّ عدم إطلاق النفس النباتية عليها إنّما هو في عرف العام وأمّا في عرف الخاص فيجوز إطلاقها عليها وإطلاق النبات على تلك الأجسام أيضا جائز اصطلاحا. الثاني أنّه صادق على الصور النوعية للبسائط الموجودة في المركّبات النباتية.
والجواب أنّ تلك الصور ليست كمالات أولية بالنسبة إلى المركّبات إذ الكمال الأول ما يتمّ به النوع في ذاته بأن يكون سببا قريبا لحصول النوع وجزءا أخيرا له، وما هو بمنزلته، وتلك الصور ليست كذلك بالنسبة إلى المركّبات.
الثالث أنّه يكفي أن يقال كمال أول من حيث يتغذّى وينمو ويتولّد بل يكفي أن يقال كمال من حيث ينمو وباقي القيود مستدرك إذ الكمال الثاني وكمال الجسم الصناعي وغير الآلي ليس من جهة ما ينمو. والجواب أنّ قيود التعريف قد تكون للاحتراز وقد تكون للتحقيق وبعض هذه القيود للاحتراز وبعضها للتحقيق. والنفس الحيوانية كمال أول لجسم طبيعي آليّ من جهة ما يدرك الجزئيات الجسمانية ويتحرّك بالإرادة والقيد الأخير لإخراج النفس النباتية والإنسانية والفلكية. أقول والمراد أن يكون منشأ تمييز ذلك الكمال عن الكمالات الأخر هو هذين الأمرين أعني إدراك الجزئيات الجسمانية والحركة الإرادية لا غير فينطبق التعريف على المذهبين المذكورين. ولا يرد ما قيل من أنّه إن أريد الآلي من جهة هذين الأمرين فقط فلا يصدق التعريف على النفس الحيوانية على مذهب المحقّقين لأنّها آليّة من جهة الأفعال النباتية أيضا، وإن أريد الآلي من جهتهما مطلقا فينتقض التعريف بالنفس الناطقة. وأورد عليه أنّه غير جامع لعدم صدقه على النفس الحيوانية في الإنسان لأنّها ليست مدركة عند المحقّقين بل المدرك للكلّيات والجزئيات مطلقا هو النفس الناطقة. وأجيب بأنّ المراد بالمدرك أعمّ من أن يكون مدركا بالحقيقة أو يكون وسيلة للإدراك والنفس الحيوانية وسيلة لإدراك النفس الناطقة للجزئيات الجسمانية، ولا يرد القوى المدركة الظاهرة والباطنة لأنّ هذه القوى ليست من قبيل الكمال الأول لأنّها كما مرّ عبارة عن الجزء الأخير للنوع أو ما هو بمنزلته. والنفس الإنسانية وتسمّى بالنفس الناطقة والروح أيضا كمال أول لجسم طبيعي آليّ من جهة ما يدرك الأمور الكلّية والجزئية المجرّدة ويفعل الأفعال الفكرية والحدسية، وقد سبق أنّ المراد بالكمال الأول ما يتمّ به النوع في ذاته بأن يكون سببا قريبا لتحقّقه وجزءا أخيرا له وما هو بمنزلته، والنفس الناطقة بالنسبة إلى بدن الإنسان من قبيل الثاني. ثم قولهم كمال أول لجسم طبيعي آليّ مشترك بين النفوس الثلاثة وباقي القيود في التعريفات لإخراج بعضها عن بعض. وأمّا النفوس الفلكية فخارجة عن هذا لأنّ السماويات لا تفعل بواسطة الآلات على ما هو المشهور من أنّ لكلّ فلك من الخارج المركز والحوامل والتداوير والممثلات نفسا على حدة على سبيل الاستقلال، وأمّا على رأي من يقول إنّ الكواكب والتداوير والخارج المركز هي الأعضاء والآلات للنفس المدبّرة للفلك الكلّي فالنفوس للأفلاك الكلّية فقط فداخلة فيه، إلّا أنّه لا يشتمل القدر المذكور لنفس الفلك الأعظم عندهم أيضا. فاخراجها عن تعريف النفس النباتية على رأيهم بقيد الحيثية المذكورة في تعريف النفس النباتية، وعن تعريف النفس الناطقة بقيد وبفعل الأفعال الفكرية. وأمّا إخراجها عن تعريف النفس الحيوانية فبقيد ما يدرك الجزئيات الجسمانية لأنّ النفوس الفلكية مجرّدة والمجرّد لا يدرك الجزئي المادي.
والنفس الفلكية كمال أول لجسم طبيعي ذي إدراك وحركة دائمين يتبعان تعقلا كلّيا حاصلا بالفعل وهذا مبني على المذهب المشهور، وعليك بالتأمّل فيما سبق حتى يحصل تعريف النفس الفلكية على المذهب الغير المشهور أيضا. اعلم أنّهم قالوا إنّ النفس الفلكية مجرّدة عن المادة وتوابعها مدركة للكلّيات والجزئيات المجرّدة، وقالوا حركات الأفلاك إرادية، وكلّ ما يصدر عنه الحركة الجزئية الإرادية فيرتسم فيه الصغير والكبير، ولا شيء من المجرّدات كذلك، فليس المباشر القريب لتحريك الفلك جوهرا مجرّدا، بل لا بدّ هاهنا من قوة جسمانية أخرى فائضة عن المحرّكات العاقلة المجرّدة على أجرام الأفلاك وتسمّى تلك القوة الفائضة نفسا منطبعة ونسبتها إلى الفلك كنسبة الخيال إلينا في أنّ كلا منهما محلّ ارتسام الصورة الجزئية، إلّا أنّ الخيال مختصّ بالدماغ والنفس المنطبعة سارية في الفلك كلّه لبساطته وعدم رجحان بعض أجزائه على بعض في المحلية.
وإلى هذا ذهب الإمام الرازي. وقال المحقّق الطوسي: ذلك شيء لم يذهب إليه أحد قبله فإنّ الجسم الواحد يمتنع أن يكون ذا نفسين أعني ذا ذاتين هو آله لهما. والحقّ أنّ له نفسا مجرّدة وقوة خيالية وهذا مراد الإمام. غاية ما في الباب أنّه عبّر عن القوة الخيالية بالنفس المنطبعة، والمشّاءون على أنّ للفلك نفسا منطبعة لا غير، فإنّ الظاهر من مذهبهم أنّ المباشر لتحريك الفلك قوة جسمانية هي صورته المنطبعة في مادته وأنّ الجوهر المجرّد الذي يستكمل به نفسه عقل غير مباشر للتحريك.
والشيخ الرئيس على أنّ له نفسا مجرّدة لا غير.
وقال إنّ النفس الكلّي هي ذات إرادة عقلية وذات إرادة جزئية. وقال إنّ لكل فلك نفسا مجرّدة يفيض عنها صورة جسمانية على مادة الفلك فتقوم بها، وهي تدرك المعقولات بالذات وتدرك الجزئيات بجسم الفلك، وتحريك الفلك بواسطة تلك الصورة التي هي باعتبار تحريكاته كالخيال بالنسبة إلى نفوسنا وأبداننا، فإنّ المدرك حقيقة هو النفس والخيال آلة وواسطة لإدراكه، فالمباشر على هذا هو النفس إلّا أنّها بواسطة الآلة وتحقيقه في شرح الإشارات. ثم اعلم أنّ عدد النفوس الفلكية المحرّكة للأفلاك على المذهب المشهور هو عدد الأفلاك والكواكب جميعا، وعلى المذهب الغير المشهور تسعة بعدد الأفلاك الكلّية فإنّهم قالوا: كلّ كوكب منها ينزّل مع أفلاكه منزلة حيوان واحد ذي نفس واحدة تتعلّق تلك النفس بالكوكب أولا وبأفلاكه ثانيا كما تتعلّق نفس الحيوان بقلبه أولا وبأعضائه بعد ذلك بتوسطه. وقيل لجميع الأفلاك نفس واحدة تتعلّق بالمحيط وبالباقية بالواسطة.
فائدة:
في المباحث المشرقية الشيء قد يكون له في ذاته وجوهره اسم يخصه وباعتبار إضافته إلى غيره اسم آخر كالفاعل والمنفعل والأب والابن وقد لا يكون له اسم إلّا باعتبار الإضافة كالرأس واليد والجناح، فمتى أردنا أن نعطيها حدودها من جهة أسمائها بما هي مضافة أخذنا الأشياء الخارجة عن جواهرها في حدودها لأنّها ذاتيات لها بحسب الأسماء التي لها تلك الحدود والنفس في بعض الأشياء كالإنسان قد تتجرّد عن البدن ولا تتعلّق به لكن لا يتناوله اسم النفس إلّا باعتبار تعلّقها به حتى إذا انقطع ذلك التعلّق أو قطع النظر عنه لم يتناوله اسم النفس إلّا باشتراك اللفظ، بل الاسم الخاص بها حينئذ هو العقل. فما ذكر في تعريف النفس ليس تعريفا لها من حيث ماهيتها وجوهرها بل من حيث إضافتها إلى الجسم الذي هي نفس، له إذ لفظ النفس إنّما يطلق عليها من جهة تلك الإضافة فوجب أن يؤخذ الجسم في تعريفها كما يؤخذ البناء في تعريف الباني من حيث إنّه بان وإن لم يجز أخذه في حدّه من حيث إنّه إنسان.
فائدة:
قيل إطلاق النفس على النفوس الأرضية والسماوية ليس بحسب اشتراك اللفظ فإنّ الأفعال الصادرة عن صور أنواع الأجسام منها ما يصدر من إرادة وإدراك وينقسم إلى ما يكون الفعل الصادر عنه على وتيرة واحدة كما للأفلاك، وإلى ما لا يكون على وتيرة واحدة بل على جهات مختلفة كما للإنسان والحيوانات.
ومنها ما لا يصدر عن إرادة وإدراك وينقسم إلى ما يكون على وتيرة واحدة وهي القوة السخرية كما يكون للبسائط العنصرية من الميل إلى المركز أو المحيط وإلى ما لا يكون على وتيرة واحدة بل على جهات مختلفة كما يكون للنبات والحيوان من أفاعيل القوة التي توجب الزيادة في الأقطار المختلفة والقوة السخرية خصّت باسم الطبيعة والبواقي باسم النفس وإطلاق اسم النفس عليها لا يمكن إلّا بالاشتراك لأنّه لو اقتصر على أنّها مبدأ فعل ما أو قوة يصدر منها أمر ما يصير كلّ قوة طبيعية نفسانية وليس كذلك، وإن فسرناها بأنّها التي تكون مع ذلك فاعلة بالقصد خرجت النفس النباتية وأن نفرض وقوع الأفعال على جهات مختلفة فيخرج النفس الفلكية، وكذا لا يشتمل للجميع قولهم النفس كمال أول لجسم طبيعي آلي ذي حياة بالقوة أي ما يمكن أن يصدر عن الأحياء ولا يكون الصدور عنهم دائما بل قد يكون بالقوة لأنّه يخرج بقيد آلي النفوس الفلكية لأنّ أفعالها لا تصدر بواسطة الآلة على المذهب المشهور، وعلى المذهب الغير المشهور بالقيد الأخير لأنّ النفوس الفلكية وإن كانت كمالات أولية لأجسام طبيعية آلية على هذا المذهب لكنها ليس يصدر عنها أفاعيل الحياة بالقوة أصلا، بل يصدر منها أفاعيل الحياة كالحركة الإرادية مثلا دائما.
واعترض عليه أيضا بأنّه إن أريد بما يصدر عن الأحياء ما يتوقّف على الحياة فيخرج النفس النباتية. وإن أريد أعمّ من ذلك فإن أريد جميعها خرج النفس النباتية والحيوانية. وإن أريد بعضها دخل فيه صور البسائط والمعدنيات إذ يصدر عنها بعض ما يصدر عن الأحياء.
وأجيب بأنّ المراد البعض وصور المعدنيات والبسائط خارجة بقيد الآلي فإنّها تفعل أفعالها بلا توسّط آلة بينها وبين آثارها. هذا لكن الشيخ ذكر في الشفاء أنّ النفس اسم لمبدإ صدور أفاعيل ليست على وتيرة واحدة عادمة للإرادة ولا خفاء في أنّه معنى شامل للنفوس كلّها على المذهبين لأنّ ما يكون مبدأ لأفاعيل موصوفة بما ذكر، إمّا أن يكون مبدأ لأفاعيل مختلفة وهو النفس الأرضية أو يكون مبدأ لأفاعيل لا على وتيرة واحدة عادمة للإرادة، بل يكون مختلفة ومع الإرادة على رأي وعلى وتيرة واحدة ومع الإرادة على الصحيح.
فائدة:
النفس لها اعتبارات ثلاثة وأسماء بحسبها، فإنّها من حيث هي مبدأ الآثار قوة وبالقياس إلى المادة التي تحملها صورة وبالقياس إلى طبيعة الجنس التي بها تتحصّل وتتكمل كمال، وتعريف النفس بالكمال أولى من الصورة إذ الصورة هي الحالة في المادة والنفس الناطقة ليست كذلك لأنّها مجرّدة فلا يتناولها اسم الصورة إلّا مجازا من حيث إنّها متعلّقة بالبدن لكنها مع تجرّدها كمال للبدن كما أنّ الملك كمال للمدينة باعتبار التدبير والتصرّف وإن لم يكن فيها وكذا تعريفها بالكمال أولى من القوة لأن القوة اسم لها من حيث هي مبدأ الآثار وهو بعض جهات المعرّف والكمال اسم لها من حيث يتمّ بها الحقيقة النوعية المستتبعة لآثارها، فتعريفها به تعريف من جميع جهاتها.
فائدة:
للنفس النباتية قوى منها مخدومة ومنها خادمة وتسمّى بالقوى الطبيعية، وكذا للنفس الحيوانية قوى وتسمّى قواها التي لا توجد في النبات نفسانية ومنها مدركة وغير مدركة، وكذا للنفس الناطقة وتسمّى قواها المختصة بها قوة عقلية. فباعتبار إدراكها للكلّيات تسمّى قوة نظرية وعقلا نظريا، وباعتبار استنباطها لها تسمّى قوة عملية وعقلا عمليا، ولكلّ من القوة النظرية والعملية مراتب سبق ذكرها في لفظ العقل.
فائدة:
النفوس الإنسانية مجرّدة أي ليست قوة جسمانية حالة في المادة ولا جسما بل هي لإمكانية لا تقبل الإشارة الحسّية وإنّما تعلّقها بالبدن تعلّق التدبير والتصرّف من غير أن تكون داخلة فيه بالجزئية أو الحلول، وهذا مذهب الفلاسفة المشهورين من المتقدمين والمتأخّرين، ووافقهم على ذلك من المسلمين الغزالي والراغب وجمع من الصوفية المكاشفة، وتعلّقها بالبدن تعلّق العاشق بالمعشوق عشقا جبلّيا لا يتمكّن العاشق بسببه من مفارقة معشوقه ما دامت مصاحبته ممكنة. ألا ترى أنّها تحبه ولا تكرهه مع طول الصحبة وتكره مفارقته، وسبب التعلّق توقّف كمالاتها ولذّاتها الحسّيتين والعقليتين على البدن، فإنّ النفس في مبدأ الفطرة عارية عن العلوم قابلة لها متمكّنة من تحصيلها بالآلات والقوى البدنية. قال تعالى وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ وهي تتعلّق بالروح الحيواني أولا أي بالجسم اللطيف البخاري المنبعث عن القلب المتكوّن من ألطف أجزاء الأغذية، فيفيض من النفس على الروح قوة تسري بسريان الروح إلى أجزاء البدن وأعماقه فتثير تلك القوة في كلّ عضو من أعضاء البدن ظاهرة وباطنة قوى تليق بذلك العضو ويكمل بالقوى المثارة في ذلك العضو نفعه كل ذلك بإرادة العليم الحكيم، وخالفهم فيه جمهور المتكلمين بناء على ما تقرّر عندهم من نفي المجرّدات على الإطلاق عقولا كانت أو نفوسا.
واحتج المثبتون للتجرّد عقلا بوجوه منها أنّها تعقل المفهوم الكلّي فتكون مجرّدة لأنّ النفس إذا كانت ذا وضع كان المعنى الكلّي حالا في ذي وضع، والحال في ذي الوضع يختص بمقدار مخصوص ووضع معيّن ثابتين لمحلّه فلا يكون ذلك الحال مطابقا لكثيرين مختلفين بالمقدار والوضع، بل لا يكون مطابقا إلّا لما له ذلك المقدار والوضع فلا يكون كلّيّا، هذا خلف وردّ بأنّا لا نسلّم أنّ عاقل الكلّي محلّ له لابتنائه على الوجود الذهني، وأيضا الحال فيما له مقدار وشكل ووضع معيّن لا يلزم أن يكون متصفا به لجواز أن لا يكون الحلول سريانيا.
وأمّا نقلا فمن وجوه أيضا. الأول قوله تعالى وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ الآية، ولا شكّ أنّ البدن ميت فالحيّ شيء آخر مغاير له هو النفس. والثاني قوله تعالى النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَعَشِيًّا والمعروض عليها ليس البدن الميّت فإنّ تعذيب الجماد محال. والثالث قوله تعالى: يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ، ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ الآية، والبدن الميت غير راجع ولا مخاطب. والرابع قوله عليه السلام: (إذا حمل الميت على نعشه يرفرف روحه فوق النعش ويقول يا أهلي ويا ولدي لا تلعبنّ بكم الدنيا كما لعبت بي، جمعت المال من حلّه ومن غير حلّه ثم تركته لغيري) الحديث، فالمرفرف غير المرفرف فوقه. والجواب أنّ الأدلة تدلّ على المغايرة بينها وبين البدن لا على تجرّدها. واحتج النافون للتجرّد أيضا بوجوه. منها أنّ المشار إليه بأنا وهو معنى النفس يوصف بأوصاف الجسم فكيف تكون مجرّدة. وإن شئت التوضيح فارجع إلى شرح المواقف وشرح التجريد وغيرهما. ثم المنكرون للتجرّد اختلفوا في النفس الناطقة على أقوال سبقت في لفظ الروح ولفظ الإنسان ولفظ السّر.

اعلم أنّ صاحب الإنسان الكامل قال:
النفس في اصطلاح الصوفية خمسة أضرب حيوانية وأمّارة وملهمة ولوّامة ومطمئنّة وكلّها أسماء الروح إذ ليس حقيقة النفس إلّا الروح وليس حقيقة الروح إلّا الحق فافهم. فالنفس الحيوانية تسمّى بالروح باعتبار تدبيرها للبدن فقط. وأمّا الفلسفيون فالنفس الحيوانية عندهم هو الدم الجاري في العروق وليس هذا بمذهبنا.
ثم النفس الأمّارة تسمّى بها باعتبار ما يأتيها من المقتضيات الطبيعية الشهوانية للانهماك في اللذات الحيوانية وعدم المبالاة بالأوامر والنواهي. ثم النفس الملهمة تسمّى بها لاعتبار ما يلهمها الله من الخير، فكلّ ما تفعله من الخير هو بالإلهام الإلهي، وكلّ ما تفعله من الشّر هو بالاقتضاء الطبيعي وذلك الاقتضاء منها بمثابة الأمر لها بالفعل، فكأنّها هي الأمّارة لنفسها يفعل تلك المقتضيات فلذا سمّيت أمّارة، وللإلهام الإلهي سمّيت ملهمة. ثم النفس اللّوّامة سمّيت بها لاعتبار أخذها في الرجوع والإقلاع فكأنّها تلوم نفسها عن الخوض في تلك المهالك ولذا سمّيت لوّامة. ثم النفس المطمئنّة سمّيت بها لاعتبار سكونها إلى الحقّ واطمئنانها به وذلك إذا قطع الأفعال المذمومة والخواطر المذمومة مطلقا، فإنّه متى لم ينقطع عنها الخواطر المذمومة لا تسمّى مطمئنّة بل هي لوّامة، ثم إذا ظهر على جسدها الآثار الروحية من طيّ الأرض وعلم الغيب وأمثال ذلك فليس لها إلّا اسم الروح. ثم إذا انقطعت الخواطر المحمودة كما انقطعت المذمومة واتصفت بالأوصاف الإلهية وتحقّقت بالحقائق الذاتية فاسم العارف اسم معروفه وصفاته صفاته وذاته ذاته انتهى. وقال في مجمع السّلوك: النفس اللّوّامة عند بعضهم هي الكافرة التي تلوم ذاتها وتقول: يا ليتني قدّمت لحياتي. ويقول بعضهم:
هي نفس الكافر والمؤمن، لأنّه ورد في الحديث: في يوم القيامة كلّ نفس تكون لوّامة لذاتها، فالفسّاق يقولون: لماذا ارتكبنا أعمال الفسوق، والصّالحون يقولون: لماذا لم نزد من أعمال الصّلاح. انتهى. وقد سبق أيضا في لفظ الخلق.
معنى النفس الأمّارة واللّوّامة والمطمئنّة ناقلا من التلويح.
فائدة:
النفس الناطقة حادثة اتفق عليه الملّيّون إذ لا قديم عندهم إلّا الله وصفاته عند من أثبتها زائدة على ذاته، لكنهم اختلفوا في أنّها هل تحدث مع حدوث البدن أو قبله؟ فذهب بعضهم إلى أنّها تحدث معه لقوله تعالى ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ والمراد بالإنشاء إفاضة النفس على البدن. وقال بعضهم بل قبله لقوله عليه الصلاة والسلام: (خلق الأرواح قبل الأجساد بألفي عام)، وغاية هذه الأدلة الظّنّ أما الآية فلجواز أن يكون المراد بالإنشاء جعل النفس متعلّقة به فيلزم حدوث تعلّقها لا حدوث ذاتها.
وأمّا الحديث فلأنّه خبر واحد فيعارضه الآية وهي مقطوعة المتن مظنونة الدلالة والحديث بالعكس، فلكلّ رجحان فيتقاومان. وأمّا الحكماء فإنّهم قد اختلفوا في حدوثها فقال به أرسطو ومن تبعه، وقال شرط حدوثها حدوث البدن، ومنعه من قبله وقالوا بقدمها. ثم القائلون بحدوثها يقولون إنّ عدد النفوس مساو لعدد الأبدان لا يزيد أحدهما على الآخر فلا تتعلّق نفس واحدة إلّا ببدن واحد وهذا بخلاف مذهب القائلين بالتناسخ.
فائدة:
اتفق القائلون بمغايرة النفس للبدن على أنّها لا تفنى بفناء البدن، أمّا عند أهل الشرع فبدلالات النصوص، وأمّا عند الحكماء فبناء على استنادها إلى القديم استقلالا أو بشرط حادث في الحدوث دون البقاء وعلى أنّها غير مادية، وكلّ ما يقبل العدم فهو مادي فالنفس لا تقبل العدم.
فائدة:
مدرك الجزئيات عند الأشاعرة هو النفس لأنها الحاكمة بها وعليها ولها السمع والإبصار، وعند الفلاسفة الحواس للقطع بأنّ الإبصار للباصرة وآفتها آفة له، والقول بأنّها لا تدرك الجزئيات إلّا بالآلات يرفع النزاع، إلّا أنّه يقتضي أن لا يبقى إدراك الجزئيات عند فقد الآلات، والشريعة بخلافه وقد سبق في لفظ الإدراك.
فائدة:
ذهب جمع من الحكماء كأرسطو وأتباعه إلى أنّ النفوس البشرية متّحدة بالنوع وإنّما تختلف بالصفات والملكات لاختلاف الأمزجة والأدوات. وذهب بعضهم إلى أنّها مختلفة بالماهية بمعنى أنّها جنس تحته أنواع مختلفة، تحت كلّ نوع أفراد متحدة بالماهية. قيل يشبه أن يكون قوله عليه الصلاة والسلام: (الناس معادن كمعادن الذهب والفضة) وقوله (الأرواح جنود مجنّدة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف) إشارة إلى هذا. قال الإمام: إنّ هذا المذهب هو المختار عندنا.
وأما بمعنى أن يكون كلّ فرد منها مخالفا بالماهية لسائر الأفراد حتى لا يشترك منهم اثنان في الماهية فالظاهر أنّه لم يقل به أحد، كذا في شرح التجريد وأكثر هذه موضّحة فيه.

النبي

النبي:
[في الانكليزية] Prophet
[ في الفرنسية] Prophete
هو لفظ منقول في عرف الشرع عن معناه اللغوي، فقيل هو في اللغة المنبئ من النّبإ سمّي به لإنبائه عن الله تعالى، فهو حينئذ فعيل بمعنى فاعل مهموز اللام. قال سيبويه ليس أحد من العرب إلّا ويقول تنبّأ مسيلمة بالهمزة، إلّا أنّهم تركوا الهمزة في النبي كما تركوه في الذرية، إلّا أهل مكة فإنّهم يهمزون هذه الأحرف ولا يهمزون في غير هذه الأحرف، ويخالفون العرب في ذلك في أنّهم لا يهمزون في غير هذه الأحرف، وجمع النبي نبآء. وقيل من النّبوة وهو الارتفاع يقال تنبى فلان إذا ارتفع وعلا سمّي به لعلوّ شأنه، فهو فعيل بمعنى مفعول غير مهموز والجمع الأنبياء. وقيل من النبي وهو الطريق سمّي به لأنّه طريق إلى الله. وأمّا في الشرع فقال أهل الحقّ من الأشاعرة هو من قال الله تعالى له ممن اصطفاه من عباده أو أرسلناك إلى قوم كذا أو إلى الناس جميعا أو بلّغهم عني ونحوه من الألفاظ الدالة على هذا المعنى كبعثتك ونبئهم. قيل النّبوة عبارة عن هذا القول مع كونه متعلّقا بالمخاطب لا عن مجرّد هذا القول. ولما كان المتعلّق به والتعلّق غير قديم لا يلزم قدم النّبوة وإن كان قول الله تعالى قديما، ولا يشترط في الإرسال شرط ولا استعداد ذاتي، بل الله سبحانه يختصّ برحمته من يشاء من عباده. وقال الفلاسفة أي فلاسفة الشريعة هو من اجتمع فيه خواص ثلاث: الأول أن يكون له اطلاع على المغيّبات الكائنة والماضية والآتية، وليس المراد الاطلاع على الجميع بل على البعض، وليس المراد أيّ بعض كان بل البعض الذي لم يجر العادة به من غير سابقية تعلّم وتعليم. والثاني ظهور الأفعال الخارقة للعادة لكون هيولى عالم العــناصر مطيعة له وهذا بناء على تأثير النفوس في الأجسام وأحوالها، وقد ثبت عند أهل الحقّ أن لا مؤثّر في الوجود، سوى الله تعالى مع أنّ ظهور الخوارق لا يختصّ بالنبي عندهم. والثالث أن يرى الملائكة مصوّرة بصور محسوسة ويسمع كلامهم وحيا من الله إليه. وردّ بأنّهم لا يقولون بذلك لأنّهم لا يقولون بملائكة يرون بل الملائكة عندهم إمّا نفوس مجرّدة في ذواتها متعلّقة بأجرام الأفلاك وتسمّى ملائكة سماوية أو عقول مجرّدة ذاتا وفعلا وتسمّى بالملإ الأعلى ولا كلام لهم يسمع لأنّه من خواص الأجسام، إذ الحرف والصوت عندهم من عوارض الهواء المتموّج فلا يتصوّر كلام حقيقي للمجرّدات، وإن شئت الزيادة فارجع إلى شرح المواقف وشرح الطوالع في مبحث السمعيات. والفرق بين النبي والرسول سبق، وبينه وبين الولي يجيء. مع بيان أنّ الولاية أفضل من النبوة أو بالعكس.

الموالاة

الموالاة:
[في الانكليزية] Partisanship ،support ،slavery
[ في الفرنسية] Soutenance ،entraide ،escalvage
لغة التــناصر. وشريعة أن يعاهد شخص شخصا آخر على أنّه إن جنى فعليه أرشه، وإن مات فميراثه له، سواء كانا رجلين أو امرأتين أو أحدهما رجلا والآخر امرأة، كما في النتف.
وفيه إشعار بأنّ الاسلام على يده ليس شرطا لصحة هذا العقد كما في المبسوط، وكذا كونه مجهول النسب. قال بعض المشايخ: إنّه شرط كما في الحقائق، هكذا في جامع الرموز.
وبناء على اشتراط المذكور وقع في البرجندي أنّ الموالاة أن يوالي رجلا مجهول النسب على أنّه يرثه ويعقل عنه.

المقابلة

المقابلة:
[في الانكليزية] Opposition ،reciprocity ،oxymoron
[ في الفرنسية] Opposition ،reciprocite ،oxymoron
هي عند المنجّمين كون الكوكبين بحيث يكون البعد بينهما بقدر نصف فلك البروج ككون الزهرة في أول درجة الحمل والمريخ في أول درجة الميزان، ومقابلة الشمس والقمر يسمّى استقبالا وامتلاء. وعند المحاسبين عبارة عن إسقاط الأجناس المشتركة في كلّ واحد من المتعادلين أي المتساويين وهذا مستعمل في علم الجبر والمقابلة. مثاله شيء وعشرة أعداد يعدل مائة، فالجنس المشترك في الطرفين المتعادلين والعشرة التي هي من جنس العدد توجد في كلّ واحد من شيء وعشرة ومائة، فإذا أسقطناها من الطرفين بقي شيء معادلا لتسعين، فهذا الإسقاط هو المقابلة كذا في شرح خلاصة الحساب.
وعند أهل البديع هي أن يؤتى بمعنيين متوافقين أو بمعان متوافقة، ثم بما يقابل ذلك على الترتيب ويسمّى بالتقابل أيضا. وأمّا ما وقع في العضدي من أنّ التقابل ذكر معنيين متقابلين، فقد قال السّيّد السّند إنّه خلاف المشهور فإنّ ما ذكره تفسير للمطابقة، والتقابل قسم منها، وهو أن يؤتى بمعنيين إلى آخره، إلّا أنّه لا مناقشة في الاصطلاحات فجاز أن يطلق التقابل على ما يسمّى مطابقة وبالعكس. ثم المراد بالتوافق خلاف التقابل لا أن يكونا متناسبين ومتماثلين فإنّ ذلك غير مشروط في المقابلة. قيل يختصّ اسم المقابلة بالإضافة إلى العدد الذي وقع عليه المقابلة مثل مقابلة الواحد بالواحد وذلك قليل جدا، كقوله تعالى لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ ومقابلة الاثنين بالاثنين كقوله فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيراً ومقابلة الثلاثة بالثلاثة كقول الشاعر:
وما أحسن الدين والدنيا إذا اجتمعا وأقبح الكفر والإفلاس بالرجل ومقابلة الأربعة بالأربعة نحو فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى، وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى، فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى، وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنى، وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى، فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى والمراد باستغنى أنّه زهد فيما عند الله تعالى كأنّه مستغن عنه والاستغناء مستلزم لعدم الاتقاء المقابل للاتقاء، فإنّ المقابلة قد يتركّب بالطّباق وقد يتركّب مما هو يلحق بالطّباق. ومقابلة الخمسة بالخمسة كقوله تعالى إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي الآيات قابل بين بعوضة فما فوقها وبين فأمّا الذين آمنوا، وأمّا الذين كفروا وبين يضلّ ويهدي وبين ينقضون وميثاقه ويقطعون وأن يوصل. ومقابلة الستّة بالستّة كقوله تعالى: زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ مِنَ النِّساءِ الآية ثم قال: قُلْ أَأُنَبِّئُكُمْ الآية. قابل الجنات والأنهار والخلد والأرواح والتطهير والرضوان بإزاء النساء والبنين والذهب والفضة والخيل المسوّمة والأنعام والحرث. وقسّم بعضهم المقابلة إلى ثلاثة أنواع: نظيري ونقيضي وخلافي. مثال الأول مقابلة السّنة بالنوم في قوله تعالى: لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ فإنّهما من باب الرّقاد المقابل باليقظة في آية وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقاظاً وَهُمْ رُقُودٌ فهذه الآية مثال النقيضي. ومثال الخلافي مقابلة الشّر بالرشد في قوله تعالى وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً فإنّهما خلافان لا نقيضان، فإن نقيض الشر الخير والرشد البغي. قال ابن أبي الأصبع: الفرق بين الطّباق والمقابلة من وجهين: أحدهما أنّ الطباق لا يكون بين ضدين فقط والمقابلة لا يكون إلّا بما زاد من الأربعة إلى العشرة وثانيهما أنّ الطّباق لا يكون بالأضداد والمقابلة تكون بالأضداد وبغيرها.
قال السّكّاكي ومن خواصّ المقابلة أنّه إذا شرط في الأول أمر شرط في الثاني ضدّ ذلك الأمر نحو فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى الآية. فإنّه لما جعل في الأول التيسير مشتركا بين الإعطاء والاتقاء والتصديق جعل ضده مشتركا بين أضدادها، فعلى هذا لا يكون البيت المذكور سابقا من المقابلة عنده لأنّه اشترط في الدين والدنيا الاجتماع ولم يشترط في الكفر والإفلاس ضده. وقال السّيّد السّند ظاهر هذا الكلام أنّه لا يجب أن يكون في المقابلة شرط لكن إذا اعتبر في أحد الطرفين شرط وجب اعتبار ضدّه في الطرف الآخر. ثم إنّ السّكاكي مثّل في المطابقة بقوله تعالى: فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيراً ولا شكّ أنّه مندرج عنده في المقابلة أيضا إذ لم يجب فيها اعتبار الشرط، ومن ذلك يعلم انتفاء التباين بين المطابقة والمقابلة. فإذا تؤمّل في أحدهما عرف كونها أخصّ من المطابقة. هذا كله خلاصة ما في المطول وحواشيه والاتقان.
وقد يطلق المقابلة على المشاكلة أيضا كما مرّ؛ وعلى هذا وقع في البيضاوي معنى قوله تعالى اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ أي يجازيهم على استهزائهم سمّى جزاء الاستهزاء باسمه كما سمّى جزاء السّيّئة سيئة بمقابلة اللفظ باللفظ.
وعند الحكماء هي امتناع اجتماع شيئين في موضوع واحد من جهة واحدة ويسمّى بالتقابل أيضا، والشيئان يسمّيان بالمتقابلين وهو قسم من التخالف، وليس المراد بامتناع الاجتماع امتناعه في نفس الأمر لأن المفهومين المتخالفين قد يمتنع اجتماعهما في نفس الأمر مع عدم تقابلهما كالموت مع العلم والقدرة بل امتناع الاجتماع في العقل بأن لم يجوّز العقل اجتماعهما. ثم امتناع تجويز الاجتماع الذي هو عبارة عن حصول الشيئين معا إمّا بامتناع تجويز الحصول أو بامتناع المعية، والأول ليس بمراد إذ المتقابلان لا يمتنع حصولهما في المحلّ فضلا عن التجويز فتعيّن الثاني، وامتناع تجويز معيّتهما في المحلّ يستلزم تجويز تعاقبهما فصار معنى التعريف أنّ العقل إذا لاحظهما وقاسهما إلى موضوع شخصي جوّز بمجرّد ملاحظتهما ثبوت كلّ واحد منهما فيه على سبيل التبدّل دون الاجتماع من جهة واحدة، واندفع ما قيل إنّ المعتبر في مفهوم المتقابلين نسبة كلّ منهما إلى محلّ واحد. وأمّا أنّه يجب أن يجوّز العقل ثبوت كلّ منهما فيه بدلا عن الآخر فلا، والمراد بمجرّد الملاحظة أن لا يلاحظ ما في الواقع من ثبوت أحدهما لا أن لا يلاحظ شيء آخر سوى المفهومين حتى يلزم قطع النظر عمّا هو خارج عنهما فلا يرد ما قيل إنّ العقل يجوّز ثبوت الوحدة والكثرة مثلا بمجرّد النظر إلى مفهوميهما، وعدم التجويز إنّما كان بملاحظة أنّ محل الوحدة جزء لمحل الكثرة فتحقّق المقابلة بالذات بين الوحدة والكثرة مع أنّه لا تقابل بالذات بينهما كما تقرّر. والمراد بامتناع الاجتماع امتناعه بحسب الحلول لا بحسب الصدق والحمل فإنّ امتناع الاجتماع من حيث الصدق قد يسمّى تباينا فلا يدخل نحو الإنسان والفرس في المتقابلين بخلاف مفهومي البياض واللابياض فإنّه يمتنع اجتماعهما باعتبار الحلول في محلّ واحد. إن قلت اللابياض ليس له حلول من المحل لأنّه مختص بالموجودات، قلت: الحلول أعمّ من أن يكون حقيقيا أو شبيها به، واتصاف المحلّ باللابياض اتصاف خارجي شبيه بالحلول، فالمراد بالاجتماع الاتصاف سواء كان بطريق الحلول أو لا.
وأجاب شارح حكمة العين عنه بتعميم امتناع الاجتماع حيث قال: عدم الاجتماع أعمّ من أن يكون بحسب الوجود أو بحسب القول والحمل، وفيه ما عرفت. وقيد من جهة واحدة لإدخال المتضايفين كالأبوّة والبنوّة العارضتين لزيد من جهتين، فعلى هذا لا تضاد في الجواهر إذ لا موضوع لها، فإنّ الموضوع هو المحل المستغني عمّا يحلّ فيه، فالجسم والهيولى والمفارق ليس لها محل، والصورة النوعية والجسمية وإن كان لهما محل لكنهما ليسا مستغنيين عنه. واعتبر بعضهم المحل مطلقا ولذلك أثبت التّضاد بين الصور النوعية للعــناصر بخلاف الصور الجسمية لتماثلها، وبخلاف الصور النوعية للأفلاك لاختصاص كلّ صورة منها بمادتها لا يمكن زوالها عن مادتها، فلا يصحّ اعتبار نسبتها إلى محلّ واحد بالشخص يجوز العقل تواردهما عليه فلا تقابل بينهما.

التقسيم:
المتقابلان إمّا وجوديان أي ليس السلب داخلا في مفهوم شيء منهما أو لا، وعلى الأول إمّا أن يعقل كلّ منهما بالقياس إلى الآخر فهما المتضايفان أو لا، فهما المتضادان. وعلى الثاني يكون أحدهما وجوديا والآخر عدميا فإمّا أن يعتبر في العدمي محلّ قابل للوجودي فهما العدم والملكة وإلّا فهما السّلب والإيجاب، فالتقابل أربعة أقسام: تقابل التضاد وتقابل التضايف، وقد سبقا، وتقابل العدم والملكة وتقابل السلب والإيجاب. ثم المتقابلان تقابل العدم والملكة قسمان لأنّهما إن اعتبر نسبتهما إلى قابل للأمر الوجودي واعتبر قبوله لذلك الأمر في ذلك الوقت فهما العدم والملكة المشهوريان كالكوسج فإنّه عدم اللحية عمّا من شأنه في ذلك الوقت أن يكون ملتحيا، بخلاف الأمرد فإنه لا يقال له كوسج إذ ليس من شأنه اللحية في ذلك الوقت، وإن اعتبر نسبتهما إليه واعتبر قبوله له أعمّ من ذلك، سواء كان بحسب شخصه في ذلك أو قبله أو بعده أو بحسب نوعه كالعمى للأكمه وعدم اللحية للمرأة، أو بحسب جنسه القريب كالعمى للعقرب فإنّ البصر من شأن جنسها القريب كالحيوان أو جنسه البعيد كالسكون المقابل للحركة الإرادية للجبل فإنّ جنسه البعيد أعني الجنس الذي هو فوق قابل للحركة الإرادية فهما العدم والملكة الحقيقيتان. فالعدم الحقيقي هو عدم كلّ معنى وجودي يكون ممكنا للشيء بحسب الأمور الأربعة والعدم المشهوري هو ارتفاع المعنى الوجودي بحسب الوقت الذي يمكن حصوله فيه، فالمتقابلان تقابل العدم والملكة هما المتقابلان تقابل السّلب والإيجاب باعتبار النسبة إلى المحل القابل وهو المذكور في التجريد.

لكن قال المحقّق الدّواني: إنّ مجرّد امتناع الاجتماع بالنسبة إلى الموضوع القابل لا يكفي في العدم والملكة، بل لا بد مع ذلك أن تكون النسبة إليه مأخوذة في مفهوم العدمي.
فائدة:
المتقابلان تقابل التضاد قد يتقابلان باعتبار وجودهما في الخارج بالنسبة إلى محلّ واحد كالسواد والبياض ولا يلزم كونهما موجودين بل أن يكون السلب جزءا من مفهومهما، وكذا الحال في المتضايفين عند من قال بوجود الإضافات في الخارج. وأمّا على مذهب من قال بعدمها مطلقا فالتقابل بينهما باعتبار اتصاف المحلّ بهما في الخارج، وكذا الحال في العدم والملكة كالبصر مثلا فإنّه بحسب الوجود الخارجي في المحل يقابل العمي بحسب اتصاف المحل به بخلاف الإيجاب والسّلب فإنّه لا يكون لهما وجود في الخارج أصلا لأنّهما أمران عقليان واردان على النسبة التي هي عقلية أيضا لأنّهما بمعنى ثبوت النسبة وانتفائها الذين هما جزء القضية، وقد يعبّر عنهما بوقوع النسبة ولا وقوعها أيضا، فهما يوجدان في الذهن حقيقة أو في القول إذا عبّر عنهما بعبارة مجازا، وهذا معنى ما قيل إنّ تقابل الإيجاب والسلب راجع إلى القول والعقد أي الاعتقاد وليس المراد بالإيجاب والسلب هاهنا إدراك الوقوع وإدراك اللاوقوع إذ هما بهذا المعنى متقابلان تقابل التضاد لكونهما قسما من العلم قائمين بالذهن قيام العرض بمحله.
فائدة:

قال الشيخ في الشفاء: المتقابلان بالإيجاب والسلب إن لم يحتملا الصدق والكذب فبسيط كالفرسية واللافرسية وإلّا فمركّب، كقولنا زيد فرس وزيد ليس بفرس انتهى. وهذا كلام ظاهري إذ لا تقابل بين الفرسية واللافرسية إلّا باعتبار وقوع تلك النسبة إيجابا ولا وقوعها سلبا فيرجعان حينئذ إلى القضيتين بالقوة، وإذا اعتبر مفهوم الفرسية ولم يلاحظ معه نسبة بالصدق على شيء بأن يكون مفهوم اللافرسية حينئذ هو مفهوم كلمة لا مقيّدا بمفهوم الفرسية ولا سلب في الحقيقة هاهنا إذ السلب رفع الإيجاب، والإيجاب إنّما يرد على النسبة وهو ظاهر، فكذا السلب. فإذا عبرت عن مفهوم واحد ولم تعتبر معه نسبته إلى مفهوم آخر لا يمكنك تصوّر وقوع أو لا وقوع متعلّق بذلك المفهوم الواحد ضرورة. فمفهوما الفرسية واللافرسية المأخوذان على هذا الوجه متباعدان في أنفسهما غاية التباعد ومتدافعان في الصدق على ذات واحدة فهما متقابلان بهذا الاعتبار.
وبالجملة فمبنى كلام الشيخ على تشبيه الاعتبار الثاني بالاعتبار الأول في كون المفهومين في كلّ منهما في غاية التباعد، فيراد بالإيجاب وجود أيّ معنى كان سواء كان وجوده في نفسه أو وجوده بغيره، وبالسلب لا وجود أي معنى كان سواء كان لا وجوده في نفسه أو لا وجوده بغيره.
فائدة:
التقابل بالذات بمعنى انتفاء الواسطة في الإثبات والثبوت والعروض إنّما هو بين الإيجاب والسّلب وغيرهما من الأقسام إنّما يثبت التقابل فيها لأنّ كلّ واحد منها مستلزم لسلب الآخر، ولولا ذلك الاستلزام لم يتقابلا، فإنّ معنى التقابل ذلك الاستلزام فتقابل الإيجاب والسلب أقوى. وقيل بل هو التضاد إذ في المتضادين مع السّلب الضمني أمر آخر وهو غاية الخلاف المعتبرة في التضاد الحقيقي.
والمراد بالذات في قولهم تقابل الوحدة والكثرة ليس بالذات انتفاء الواسطة في العروض، ولا تقابل بين الأعدام لامتناع كون العدم المطلق مقابلا للعدم المطلق، وإلّا لزم تقابل الشيء لنفسه، وكذا للعدم المضاف لكونه جزءا منه.
فائدة:
المتقابلان بالإيجاب والسلب يكون أحدهما كاذبا فقط وهو ظاهر وسائر المتقابلين يجوز أن يكذبا، أمّا المضافان فبخلوّ المحلّ عنهما كقولك زيد بن عمر أو ابوه إذا لم يكن واحدا منهما واما العدم والملكة فلذلك أيضا اما المشهوريان فكقولك بصير أو أعمى للجنين، وأمّا الحقيقيان فكقولك للهواء البحت مستنير أو مظلم، وأمّا الضدان فعند عدم المحلّ كقولك لزيد المعدوم هو أبيض أو أسود وعند وجود المحلّ أيضا لاتصافه بالوسط كالفاتر للماء الذي ليس بحار ولا بارد، أو لخلوّه عن الوسط كالشفاف فإنّه خال عن السواد والبياض إذ لا لون له، هذا كلّه خلاصة ما في شرح المواقف وحاشيته للمولوي عبد الحكيم وشرح حكمة العين.

المركّب

المركّب:
[في الانكليزية] Complex ،compound
[ في الفرنسية] Complexe ،compose
بفتح الكاف المشدّدة يطلق على معان.
منها ما عرفت. ومنها ما هو مصطلح المحدّثين وهو حديث ركّب متنه بإسناد متن حديث آخر كذا في القسطلاني وشرح شرح النخبة. ومنها ما هو من أقسام الموجّهات وهي القضية الموجّهة التي لا يكون فيها حكم واحد بل حكمان، أحدهما إيجاب والآخر سلب، وتقابلها البسيطة وهي ما لا يكون فيه إلّا حكم واحد إيجاب أو سلب. فالعرفية الخاصة مثلا مركّبة والضرورية المطلقة بسيطة. ومنها ما يتركّب من أجسام مختلفة الحقائق بحسب الحقيقة وهو قسمان: تامّ وغير تام ويسمّى ناقصا أيضا. فالمركّب التّام هو الذي تكون له صورة نوعية تحفظ تركيبه زمانا معتدا به، وهو منحصر في المواليد الثلاث، أي النبات والحيوان والمعدن، وذلك لأنّ التركيب لا يكون إلّا من بسائط تتصغّر أجزاؤها وتتماس متفاعلة حتى تستقر على كيفية متوسّطة وحدانية، تستعدّ بها لأن يفيض عليها من المبدأ صورة حافظة لتألفها لكون العــناصر مستدعية بالذات للافتراق، فتلك الصورة إن لم يصدر عنها أثر في المركّب إلّا الحفظ المذكور فهي الصورة المعدنية والجسم المركّب المتنوّع بها معدن، وإن صدرت عنها مع الحفظ التغذية والتنمية لا غير فهي النفس النباتية، والجسم المركّب المتنوّع بها نبات، وإن صدر عنها الحسّ والحركة الإرادية مع ما يصدر من النفس النباتية فهي النفس الحيوانية، والجسم المتنوّع بها حيوان، والحيوان إن تعلّقت به نفس مجرّدة هي مصدر للنطق وإدراك الكلّيات فهو الإنسان وإلّا فهو الحيوان الأعجم. والمركّب الغير التام هو المركّب الذي لا تكون له صورة نوعية تحفظ تركيبه زمانا معتدّا به سواء لم تكن لها صورة نوعية كالممتزج من الماء والطين إذ ليست له صورة مغايرة لصور بسائطها أو كانت لها صورة نوعية لكن لا تحفظ تركيبه زمانا معتدا به كالشهب والنيازك، هكذا ذكر الحكماء، وهكذا نقل عن السّيّد السّند وابنه. ومنها الشيء الذي يكون أكثر أجزاء من شيء آخر ويقابله البسيط ويسمّى بسيطا إضافيا. ومن هاهنا يقال من القضايا الموجّهة ما هي مركّبة وهي التي لا يكون فيها حكم واحد بل حكمان أحدهما إيجاب والآخر سلب، ومنها ما هي بسيطة وهي التي لا يكون فيها إلّا حكم واحد إيجاب أو سلب، فالعرفية الخاصة مثلا مركّبة والضرورية المطلقة بسيطة، وقد سبق بعض معانيه في لفظ البسيط.

الغذاء

الغذاء:
[في الانكليزية] Food
[ في الفرنسية] Aliment ،nourriture
بالكسر والذال المعجمة والمد عرفا ما من شأنه يصير بدل ما يتحلّل كالحنطة والخبز واللحم، وإنّما عدّ الماء منه وهو لا يغذو لبساطته لأنّه معين الغذاء إذ هو جوهر أرضي فلا بدّ له من مرقّق إلى الأعضاء سيّما المجاري الضيقة. وفي اصطلاح الأطباء ما يقوم بدل ما يتحلّل منه وهو بالحقيقة الدم وباقي الأخلاط كأبازير كذا يستفاد من جامع الرموز في كتاب الصوم. وفي شرح المؤجز أنّ الغذاء في الطّب يقال على معنيين: أحدهما على الجسم الذي خلع الصورة الغذائية ولبس الصورة العضوية وهو غذاء بالفعل، وثانيهما على الجسم الذي هو بالقوة كذلك، وتلك القوة إمّا قريبة كالرطوبة الثانية وإمّا بعيدة كالخبز واللحم، وإمّا متوسّطة بينهما كالخلط وهذا غذاء بالقوة انتهى. وقال السّيّد السّند في شرح المواقف في مبحث النفس النباتية، قال الإمام الرازي: الغذاء هو الذي يقوم بدل ما يتحلّل عن الشيء بالاستحالة إلى نوعه. وقد يقال له غذاء وهو يعدّ بالقوة غذاء كالحنطة، ويقال له غذاء إذا لم يحتج إلى غير الالتصاق في الانعقاد، ويقال له غذاء عند ما صار جزءا من المغتذي شبيها به بالفعل. فقوله وقد يقال له تفصيل لما قبله بلا شبهة، فلو كان بالفاء لكان أظهر ولم يشتبه على أحد أنّ معانيه ثلاثة انتهى. فالأجرام الفلكية والعــناصر ليست غذاء أصلا بإحدى المعاني المذكورة، إذ الغذاء كما تقرّر عندهم يجب أن يكون مشابها للمغتذي في عدم البساطة وكذا المعادن وغيرها مما لا يصلح لخلع الصورة الغذائية ولبس الصورة العضوية. والغذاء في قولهم الصورة الغذائية بالمعنى اللغوي المعلوم المشهور الذي فارسيه خورش فلا دور ودخول الأخلاط والرطوبات في حدّ الغذاء بالقوة لا يضرّ هكذا في شرح القانونچهـ بعد ذكره الغذاء بمعنيين بالفعل وبالقوة على طبق ما في شرح المؤجز. وتحقيق قولهم يقوم بدل ما يتحلّل عن الشيء أنّ البدن لا يمكن تكونه إلّا من رطوبة مقارنة لحرارة تنضجها وتغذوها إذا الحرارة كيفية منفعلة وتحلل الرطوبة وفناؤها موجب لتحلّل الحرارة وفنائها لضعف مادتها وفنائها، فلا بد من البدل عما يتحلّل من البدن إذ لولا ذلك البدن لما بقي البدن مدة تكونه فضلا عن استكماله، فذلك البدل هو الغذاء والقوة التي تشبه الغذاء بالمغتذي بدلا لما يتحلّل عنه تسمّى قوة غاذية ومغيرة. والمراد بالغذاء هاهنا إمّا المعنى اللغوي أو الغذاء بالقوة، لأنه إذا صار غذاء بالفعل فلا تصرف للغاذية، ولا يرد الهاضمة لأنّ المراد بالمشابهة أن يصير مثله في المزاج والقوام واللون والجوهر، والهاضمة لا تفعل ذلك بل تجعل الغذاء صالحا لقبول فعل الغاذية كما في شرح حكمة العين. اعلم أنّ الغذاء بالقوة إذا ينفعل يعرض له أربع حالات حتى يصير جزء البدن ويقال له الهضوم الأربعة وسيجيء ذكره.
التقسيم
قالوا الذي يرد على البدن وبينه وبين حرارة البدن فعل وانفعال إمّا أن لا يتغيّر عن حرارة البدن أو يتغيّر عنها، وعلى كلا التقديرين إما أن لا يغيّر البدن أو يغيّره، فهذه أربعة أقسام لكن القسم الأول أي ما لا يتغيّر عن البدن ولا يغيّره محال فالأقسام الممكنة ثلاثة. الأول وهو ما يتغيّر عن البدن ولا يغيّره نوعان لأنّه إمّا أن يشتبه به أي بالبدن أو لا يشتبه به، والأول الغذاء المطلق كالخبز واللحم والثاني الدواء المعتدل. والقسم الثاني وهو ما يتغيّر عن البدن ويغيّره ثلاثة أنواع، لأنه إمّا أن يشتبه بالبدن أو لا، والثاني أي غير المشتبه به إمّا أن يكون من شأنه إفساد البدن أو لا، والأول الغذاء الدوائي إذا كانت الغذائية غالبة على الدوائية كالخس وماء الشعير، وإن كان على العكس فهو الدواء الغذائي. والثاني الدواء السّمّي كسم الفأر وأفيون والثالث الدواء المطلق كالزنجبيل.
والقسم الثالث وهو ما لا يتغيّر عن البدن ويغيّره بأن يفسده يسمّى بالسّمّ المطلق كسمّ الأفاعي، وليس لهذا القسم قسم آخر غير هذا كذا في شرح القانونچهـ. وقد يقسم بطور آخر ويقال ما يؤكل ويشرب وهو يؤثّر في البدن إمّا بكيفيته من الحرارة والبرودة وغيرهما فقط وهو الدواء المطلق كالفلفل وإمّا بمادته فقط وهو الغذاء المطلق كالخبز واللحم. والمادة في الحقيقة ليست فاعلة بل قابلة أبدا لكن لما قبلت صورة العضو وخلفت عوض المتحلّل أو زادت عليه كما في سنّ النمو، سمّي هذا القدر منها تأثيرا وفعلا وإمّا بصورته فقط وهو ذو الخاصية فإن كان تأثيره موافقا للطبيعة بأن لا يفسد الحياة فيسمّى ذا الخاصية الموافقة؛ وهو إن كان مركّبا يسمّى بالترياق، وإن كان مفردا يسمّى فادزهرا، وإن كان تأثيره مخالفا للطبيعة بأن يفسد الحياة يسمّى سمّا أو بمادته وكيفيته معا وهو الغذاء الدوائي إن كان التأثير بالمادة غالبا، وإن كان بالعكس يسمّى دواء غذائيا أو بمادته وصورته معا، وهو الغذاء الذي له خاصية، أو بكيفيته وصورته معا وهو الدواء الذي له خاصية، أو بمادته وصورته وكيفيته معا وهو الغذاء الدوائي الذي له خاصية. وأيضا الغذاء إمّا لطيف وهو الذي يتولّد منه دم رقيق وينفعل عن الغاذية بسهولة ويسرع على الاستحالة إلى جوهر العضو لغلبة العنصر اللطيف على مادته ويفارق البدن سريعا كالأشربة، وإمّا كثيف وهو الذي يتولّد منه دم غليظ صعب الانفعال بطيئ الاستحالة والانفعال لغلبة العنصر الكثيف على مادته كلحم البقر، أو معتدل بينهما كالبيض النيمبرشت إذ يتولّد منه دم معتدل لاستواء العنصر اللطيف والكثيف فيه. وكلّ منها ينقسم إلى صالح الكيموس وحسنه وهو ما يتولّد منه الخلط اللائق للبدن كالشراب إلى رديء الكيموس وفاسده وهو ما لا يكون كذلك، كالفجل وإلى المتوسّط بينهما فيحصل الأقسام تسعة بضرب الثلاثة في الثلاثة، وكلّ واحد من هذه الأقسام ينقسم إلى كثير التغذية وهو الذي يصير أكثره جزء البدن كاللحم والشراب، وإلى قليلها وهو الذي يصير الأقل منه جزء البدن كالجبن، وإلى متوسّط بينهما. هكذا في شرح القانونچهـ والأقسرائي، فيحصل حينئذ الأقسام سبعة وعشرين بضرب التسعة في الثلاثة.

العلّة

العلّة:
[في الانكليزية] cause ،sickness
[ في الفرنسية] cause ،maladie
بالكسر وتشديد اللام لغة اسم لعارض يتغيّر به وصف المحلّ بحلوله لا عن اختيار، ولهذا سمّي المرض علّة. وقيل هي مستعملة فيما يؤثّر في أمر سواء كان المؤثّر صفة أو ذاتا. وفي اصطلاح العلماء تطلق على معان منها ما يسمّى علّة حقيقية وشرعية ووصفا وعلّة اسما ومعنى وحكما، وهي الخارجة عن الشيء المؤثّرة فيه. والمراد بتأثيرها في الشيء اعتبار الشارع إيّاها بحسب نوعها أو جنسها القريب في الشيء الآخر لا الإيجاد كما في العلل العقلية.

ولهذا قالوا: العلل الشّرعية كلّها معرّفات وأمارات لأنّها ليست في الحقيقة مؤثّرة بل المؤثّر هو الله تعالى. فبقولهم الخارجة خرج الركن. وبقولهم المؤثّرة خرج السّبب والشرط والعلامة إذ المتبادر بالتأثير ما هو الكامل منه وهو التأثير ابتداء بلا واسطة. ولهذا قيل العلّة في الشرع عبارة عما يضاف إليه وجوب الحكم ابتداء. فالمراد بالإضافة الإضافة من كلّ وجه، بأن كان موضوعا لذلك الحكم بأن أضيف الحكم إليه ومؤثّرا فيه، أي في ذلك الحكم، ويتصل الحكم به، واحترز به عن العلامة والسّبب الحقيقي. وبقيد وجوب الحكم احترز عن الشّرط. والقيد الأخير احتراز عن السّبب في معنى العلّة وعلّة العلّة. وبالجملة المعتبر في العلّة الحقيقية أمور ثلاثة إضافة الحكم إليها وتأثيرها فيه وحصول الحكم معها في الزمان؛ وهي قسمان: العلّة الموضوعة كالبيع المطلق للملك والنكاح لملك المتعة وتسمّى بالمنصوصة أيضا، والعلة المستنبطة بالاجتهاد. وأيضا هي إمّا متعدّية وهي التي تتعدّى الأصل فتوجد في غيره وتسمّى مؤثّرة أيضا لأنّها وصف ظهر أثرها في جنس الحكم المعلّل به كالطواف علّة لسقوط نجاسة سور سواكن البيوت، وإمّا قاصرة وهي بخلافها أي التي لا تتعدّى الأصل. ومنها ما يسمّى بالعلّة اسما وهي ما يضاف الحكم إليه ولا يكون مؤثّرا فيه ويتراخى الحكم عنه بأنّ لا يترتّب عليه. ومعنى إضافة الحكم إلى العلّة ما يفهم من قولنا قتل بالرمي وعتق بالشّرى وهلك بالجرح. والمراد بالإضافة الإضافة بلا واسطة لأنّها المفهومة عند الإطلاق. وما قيل العلّة اسما ما تكون موضوعة في الشرع لأجل الحكم أو مشروعة إنّما يصحّ في العلل الشرعية لا في مثل الرمي والجرح. مثاله المعلّق بالشّرط فإنّ وقوع الطلاق بعد دخول الدار مثلا ثابت بالتطليق السابق ومضاف إليه فيكون علّة اسما، لكنه ليس بمؤثّر في وقوع الطلاق قبل دخول الدار، بل الحكم متراخ عنه. ومنها ما يسمّى بالعلّة معنى وهو ما يكون مؤثّرا في الحكم بلا إضافة الحكم إليه، ولا ترتّب له عليه كالجزء الأول من العلّة المركّبة من الجزءين، وكذا أحد الجزءين الغير المترتّبين كالقدر والجنس لحرمة النّساء فإنّ مثل ذلك الجزء مؤثّر في الحكم ولا يضاف إليه الحكم، بل إلى المجموع، ولا يترتّب عليه أيضا. وهي عند الإمام السرخسي سبب محض لأنّ أحد الجزءين طريق يفضي إلى المقصود ولا تأثير له ما لم ينضمّ إليه الجزء الأخير. وذهب فخر الإسلام إلى أنها وصف له شبه العلية لأنّه مؤثّر، والسّبب المحض غير مؤثّر، وهذا يخالف ما تقرّر عندهم من أنّه لا تأثير لأجزاء العلّة في أجزاء المعلول وإنّما المؤثّر هو تمام العلّة في تمام المعلول. ومنها ما يسمّى بالعلّة حكما وهي ما يترتّب عليه الحكم بلا إضافة له إليه ولا تأثير فيه كالشرط الذي علّق عليه الحكم، كدخول الدار في قولنا إن دخلت الدار فأنت طالق، يتصل به الحكم من غير إضافة ولا تأثير. وإذا كانت العلّة اسما وحكما فالجزء الأخير علّة حكما فقط، وكذا الجزء الأخير من السّبب الداعي إلى الحكم.
ومنها ما يسمّى بالعلّة اسما ومعنى وهي ما يضاف إليه الحكم ويكون مؤثّرا فيه بلا ترتّب للحكم عليه، كالبيع الموقوف والبيع بالخيار للملك فإنّه علّة للملك اسما لإضافة الملك إليه ومعنى لتأثيره فيه لا حكما لعدم الترتّب. ومنها ما يسمّى بالعلّة اسما وحكما، وهي ما يضاف إليه الحكم ويترتّب عليه بلا تأثيره فيه كالسّفر فإنّه علّة للرخصة اسما لأنّها تضاف إليه في الشرع وحكما لأنّها تثبت بنفس السّفر متصلة به لا معنى، لأنّ المؤثّر في ثبوتها ليس نفس السفر بل المشقة. ومنها ما يسمّى بالعلّة معنى وحكما وهي ما يؤثّر في الحكم ويترتّب الحكم عليه بلا إضافة له إليه كالجزء الأخير من العلّة المركّبة فإنّه مؤثّر في الحكم، وعنده يوجد الحكم ولكنه لا يضاف الحكم إليه، فإنّ القرابة والملك علّة للعتق، فأيّهما تأخّر وجودا فهو علّة معنى وحكما. فهذه المعاني السبعة من مصطلحات الأصوليين يطلق عليها لفظ العلة بالاشتراك أو الحقيقة أو المجاز. فما قيل العلّة سبعة أقسام علّة اسما ومعنى وحكما وهو الحقيقة في الباب، وعلّة اسما فقط وهو المجاز، وعلّة معنى فقط وعلّة حكما فقط وعلّة اسما ومعنى فقط وعلّة اسما وحكما فقط وعلّة معنى وحكما فقط أريد به تقسيم ما يطلق عليه لفظ العلّة إلى أقسامه كما يقسم العين إلى الجارية والباصرة وغيرهما، والأسد إلى الشجاع والسّبع.
فائدة:
لا نزاع في تقدّم العلّة على المعلول بمعنى احتياجه إليها ويسمّى التقدّم بالذات وبالعلّية، ولا في مقارنة العلّة التامة العقلية لمعلولها بالزمان لئلّا يلزم التخلّف. وأمّا في العلل الشرعية فالجمهور على أنّه يجب المقارنة بالزمان إذ لو جاز التخلّف لما صحّ الاستدلال بثبوت العلّة على ثبوت الحكم، وحينئذ يبطل غرض الشارع من وضع العلل للأحكام، وقد فرّق بعض المشايخ كأبي بكر محمد بن الفضل وغيره بين الشرعية والعقلية، فجوّز في الشرعية تأخير الحكم عنها؛ وتخلّف الحكم عن العلّة جائز في العلل الشرعية لأنّها أمارات وليست موجبة بنفسها، فجاز أن تجعل أمارة في محلّ دون محلّ. هذا كله خلاصة ما في التلويح والحسامي ونور الأنوار وغيرها. ومنها ما اصطلح عليه المحدّثون وهو سبب خفي قادح غامض طرأ على الحديث وقدح في صحته، مع أنّ الظاهر السلامة منه؛ والحديث الذي وقع فيه أو في إسناده أو فيهما جميعا علّة يسمّى معلّلا بصيغة اسم المفعول من التعليل، ولا يقال له المعلول كذا قال ابن الصلاح. وقال العراقي الأجود في تسميته المعلّل. وقد وقع في عبارة كثير من المحدّثين كالترمذي والبخاري وابن عدي والدارقطني وكذا في عبارة الأصوليين والمتكلّمين تسميته بالمعلول، وقد يسمّى أيضا بالمعتلّ والعليل. وإنّما عمّم الوقوع إذ العلّة قد تقع في المتن وهي تسري إلى الإسناد مطلقا لأنّه الأصل، وقد تقع في الإسناد وهي لا تسري إلى المتن إلّا بهذا الإسناد، وقد تقع فيهما. ولا بد للمحدّث من تفحّص ذلك، وطريقه أن ينظر إلى الرّاوي هل هو منفرد ويخالفه غيره أم لا، ويمعن في القرائن المنبّهة للعارف على إرسال في الموصول أو وقف في المرفوع أو دخول حديث في حديث كما في المدرج، أو وهم وخلط من الراوي في أسماء الرّواة والمتن كما في المصحّف نظرا بليغا، بحيث يغلب على ظنّه ذلك، فيحكم بمقتضاه أو يتردّد فيتوقّف، وكلّ ذلك قادح في صحة ما وقع فيه. قال علي بن المديني: الباب إذا لم يجمع طرقه لم يتبيّن خطأه. وبالجملة فهو من أغمض أنواع علوم الحديث وأدقّها ولا يقوم به إلّا من رزقه الله فهما ثابتا وحفظا واسعا ومعرفة تامة بمراتب الرواة وملكة قوية بالأسانيد والمتن. ولهذا لم يتكلّم فيه إلّا قليل من أهل هذا الشأن كعلي بن المديني وأحمد بن حنبل والبخاري والدارقطني ويعقوب ونحوهم. وقد يقصر عبارة المعلّل عن إقامة الحجّة على دعواه كصيرفي نقد الدراهم والدنانير حتى قال البعض إنّه إلهام لو قلت له من أين قلت هذا لم يكن له حجة.
وقد تطلق العلّة عندهم على غير المعنى المذكور ككذب الرّاوي وفسقه وغفلته وسوء حفظه ونحوها من أسباب ضعف الحديث كالتدليس. والترمذي يسمّي النّسخ علّة. قال السخاوي فكأنّه أراد علّة مانعة من العمل لا الاصطلاحية. وأطلق بعضهم على مخالفة لا تقدح في الصحة كإرسال ما وصله الثّقة حتى قال: من الصحيح ما هو معلّل، كما قال آخر:
من الصحيح ما هو شاذ. هذا خلاصة ما في شرح النخبة وشرحه وخلاصة الخلاصة.
ومنها ما يسمّى علّة عقلية وهي في اصطلاح الحكماء ما يحتاج إليه الشيء إمّا في ماهيته كالمادة والصورة أو في وجوده كالغاية والفاعل والموضوع، وذلك الشيء المحتاج يسمّى معلولا، وهذا أولى مما قيل العلّة ما يحتاج إليه الشيء في وجوده لعدم توهّم خروج علّة الماهية عنه. وإنّما قلنا الأولى لأنّ علّة الماهية لا تخرج عن هذا التعريف أيضا لأنّ المعلول المركّب من المادة والصورة يتوقّف وجوده أيضا عليهما، وتوقّف الماهية عليهما لا ينافي ذلك. إن قيل يخرج من التعريفين علّة العدم، قلت العلّية في العدم مجرّد اعتبار عقلي مرجعه عدم علّية الوجود للوجود. ثم المحتاج إليه أعمّ من أن يكون محتاجا إليه بنفسه أو باعتبار أجزائه، فيشتمل التعريف العلّة التامة المركّبة من المادة والصّورة والفاعل فإنّه محتاج إليه باعتبار الفاعل. وأمّا ذاته أعني المجموع فهو محتاج إلى مجموع المادة والصّورة الذي هو عين المعلول احتياج الكلّ إلى جزئه.
ثم العلّة على قسمين علّة تامّة وتسمّى علة مستقلّة أيضا، وعلّة غير تامة وتسمّى علة ناقصة وغير مستقلّة. فالعلّة التامة عبارة عن جميع ما يحتاج إليه الشيء في ماهيته ووجوده أو في وجوده فقط كما في المعلول البسيط، والناقصة ما لا يكون كذلك، ومعناه أن لا يبقى هناك أمر آخر يحتاج إليه لا بمعنى أن تكون مركّبة من عدة أمور البتّة، وذلك لأنّ العلّة التامة قد تكون علّة فاعلية إمّا وحدها كالفاعل الموجب الذي صدر عنه بسيط إذا لم يكن هناك شرط يعتبر وجوده، ولا مانع يعتبر عدمه، وإمّا إمكان الصادر فهو معتبر في جانب المعلول، ومن تتمته، فإنّا إذا وجدنا ممكنا طلبنا علّته، فكأنّه قيل العلّة ما يحتاج إليه الشيء الممكن الخ فلا يعتبر في جانب العلّة. وأمّا التأثير والاحتياج والوجود المطلق الزائد على ذاته تعالى والوجوب السابق فليس شيء منها مما يحتاج إليه المعلول، بل هي أمور إضافية ينتزعها العقل من استتباع وجود العلّة لوجود المعلول وحكم العقل بأنّه أمكن، فاحتاج فأثّر فيه الفاعل فوجب وجوده فوجد إنّما هو في الملاحظة العقلية وليس في الخارج إلّا المعلول الممكن والعلّة الموجبة لوجوده فتدبّر. وإمّا مع الغاية كما في البسيط الصادر عن المختار. وقد تكون مجتمعة من الأمور الأربعة أو الثلاثة كما في المركّب الصادر عن المختار والمركّب الصادر عن الموجب. وقد تطلق العلّة التامة على الفاعل المستجمع لشرائط التأثير.
اعلم أنّ العلّة مطلقا متقدّمة على المعلول تقدما ذاتيا إلّا العلة التامة المركّبة من أربع أو ثلاث، فتقدّمها على المعلول بمعنى تقدّم كلّ واحد من أجزائها عليها، وأمّا تقدّم الكلّ من حيث هو كلّ ففيه نظر، إذ مجموع الأجزاء المادية والصورية هو الماهية بعينها من حيث الذات، ولا يتصوّر تقدّمها على نفسها فضلا عن تقدّمها على نفسها مع انضمام أمرين آخرين إليهما وهما الفاعل والغاية. وأجيب بأنّ المعلول من الماهية المركّبة من المادة والصورة إنّما هو التركيب والانضمام، فاللازم تقدّم المادة والصورة على التركيب والانضمام، فتقدّم العلّة التامة لا يستلزم تقدّم الماهية على نفسها.
ثم العلّة الناقصة أربعة أقسام لأنّها إمّا جزء الشيء أو خارج عنه، والأول إن كان به الشيء بالفعل فهو الصورة وإن كان به الشيء بالقوة فهو المادة. فالعلة الصورية ما به الشيء بالفعل أي ما يقارن لوجوده وجود الشيء بمعنى أن لا يتوقّف بعد وجوده على شيء آخر. فالباء في به للملابسة، فخرج مادة الأفلاك والأجزاء الصورية والجزء الصوري لمادة المركّب كصورة الخشب للسرير فإنّها أجزاء مادية بالنسبة إلى المركّب، فإنّ العلّة الصورية للسرير هي الهيئة السريرية، وحمل الباء على السّببية القريبة يحتاج إلى القول بأنّ العلة التامة والفاعل سببان بعيدان بواسطة الصورة. لا يقال صورة السّيف قد تحصل في الخشب مع أنّ السيف ليس حاصلا بالفعل لعدم ترتّب آثار السيف عليه، لأنّا نقول الصورة السيفية المعيّنة الحاصلة في الحديد المعيّن إذا حصلت شخّصها حصل السيف بالفعل قطعا وليست الحاصلة في الخشب عين تلك الصورة بل فرد آخر من نوعها به يتحقّق بالفعل ما يشبه السيف. وأيضا الآثار المترتّبة على السيف الحديدي ليست آثارا لنوع السيف بل لصنفه وهو السيف الحديدي فتدبّر.
والعلة المادية ما به الشيء بالقوة كالخشب للسرير وليس المراد بالعلّة الصورية والمادية في عباراتهم ما يختصّ بالجواهر من المادة والصورة الجوهريتين بل ما يعمّهما وغيرهما من أجزاء الأعراض التي لا يوجد بها إلّا الأعراض إمّا بالفعل أو بالقوة. فإطلاق المادة والصورة على العلّة المادية والصورية مبني على التسامح، وهاتان العلّتان أي المادة والصورة علّتان للماهية داخلتان في قوامها كما أنّهما علتان للوجود أيضا فتختصان باسم علّة الماهية تمييزا لهما عن الباقيين أي الفاعل والغاية المتشاركين لهما في علّة الوجود وباسم الركن أيضا. وفي الرشيدية العلّة ما يحتاج إليه الشيء في ماهيته بأن لا يتصوّر ذلك الشيء بدونه كالقيام والركوع في الصلاة، وتسمّى ركنا، أو في وجوده بأن كان مؤثّرا فيه فلا يوجد بدونه كالمصلي لها أي الصلاة انتهى. والثاني أي ما يكون خارجا عن المعلول إمّا ما به الشيء وهو الفاعل والمؤثّر فالفاعل هو المعطي لوجود الشيء، فالباء للسببية كالنّجّار للسرير، والمجموع من الواجب والممكن، وإن كان فاعله جزءا منه لكن ليس فاعليته إلّا باعتبار فاعليته لممكن فيكون خارجا عن المعلول، وإمّا ما لأجله الشيء وهو الغاية أي العلّة الغائية كالجلوس على السرير للسرير، وهاتان العلّتان تختصّان باسم علّة الوجود لتوقّفه عليهما دون الماهية. ثم الأولى لا توجد إلّا للمركّب وهو ظاهر والثانية لا تكون إلّا للفاعل المختار. وإن كان الفاعل المختار يوجد بدونها كالواجب تعالى عند الأشعرية فالموجب لا يكون لفعله غاية وإن جاز أن يكون لفعله حكمة وفائدة؛ وقد تسمّى فائدة فعل الموجب غاية أيضا تشبيها لها بالغاية الحقيقية التي هي غاية للفعل وغرض مقصود للفاعل. والغاية علّة لعلّية العلّة الفاعلية أي أنّها تفيد فاعلية الفاعل إذ هي الباعثة للفاعل على الإيجاد ومتأخّرة وجودا عن المعلول في الخارج، إذ الجلوس على السرير إنّما يكون بعد وجود السرير في الخارج لكن يتقدّم عليه في العقل.
إن قلت حصر العلّة الناقصة في الأربع منقوض بالشرط مثل الموضوع كالثوب للصابغ، والآلة كالقدّوم للنّجار، والمعاون كالمعين للمنشار، والوقت كالصيف لصبغ الأديم، والداعي الذي ليس بغاية كالجوع للأكل، وعدم المانع مثل زوال الرطوبة للإحراق، وبالمعد مثل الحركة في المسافة للوصول إلى المقصد، لأنّ كلا منها علّة لكونه محتاجا إليه وخارج عن المعلول مع أنّه ليس ما منه الشيء ولا ما لأجله الشيء. قلت إنّها بالحقيقة من تتمة الفاعل لأنّ المراد بالفاعل هو المستقلّ بالفاعلية والتأثير سواء كان مستقلا بنفسه أو بمدخلية أمر آخر، ولا يكون كذلك إلّا باستجماع الشرائط وارتفاع الموانع، فالمراد بما به الشيء ما يستقلّ بالسّببية والتأثير كما هو المتبادر، سواء كان بنفسه أو بانضمام أمر آخر إليه، فيكون ذكر هذا القسم مشتملا على أمور الفاعل المستقل بنفسه وذات الفاعل والشرائط، وعلى كلّ واحد منها مما يحتاج إليه المعلول، وعلى أنها ناقصة، إنّما المتروك تفصيله وبيان اشتماله على تلك الأمور.
وقد تجعل من تتمة المادة لأنّ القابل إنّما يكون قابلا بالفعل عند حصول الشرائط. ومنهم من جعل الأدوات من تتمة الفاعل وما عداها من تتمة المادة، وتقرير ذلك على طور ما سبق.
وعلى هذا فلا يرد ما قيل سلّمنا أنّ المراد بالفاعل هو المستقل بالفاعلية وبالمادة هو القابل بالفعل، لكن كلّ ما ذكرنا من الشروط والآلات ورفع المانع والمعد مما يحتاج إليه المعلول ولا يصدق عليه أحد تلك الأقسام. ولا نعني بعدم الحصر إلّا وجود شيء يصدق عليه المقسم ولا يصدق عليه شيء من الأقسام.
إن قلت عدم المانع قيد عدمي فلا يكون جزءا من العلّة التامة وإلّا لا تكون العلّة التامة موجودة. قلت العلّة التامة لا تجب أن تكون وجودية بجميع أجزائها بل الواجب وجود العلّة الموجدة منها لكونها مفيدة للوجود، ولا امتناع في توقّف الإيجاد على قيد عدمي. ومنهم من خمّس القسمة وجعل هذه المذكورات شروطا، وقال العلّة الناقصة إن كانت داخلة في المعلول فمادية إن كان بها وجود الشيء بالقوة وإلّا فصورية. وإن كانت خارجة ففاعلية إن كان منها وجود الشيء وغائية إن كان لأجلها الشيء، وشرط إن لم يكن منها وجود الشيء ولا لأجلها، ولا يضرّ خروج الجنس والفصل فإنّهما وإن كانا من العلل الداخلة لكنهما ليسا مما يتوقّف عليه الوجود الخارجي والكلام فيه. ولك أن تقول في تفصيل أقسام العلّة الناقصة بحيث لا يحتاج إلى مثل تلك التكلّفات بأنّ ما يتوقّف عليه الشيء إمّا جزء له أو خارج عنه، والثاني إمّا محلّ للمقبول فهو الموضوع بالقياس إلى العرض، والمحلّ القابل بالقياس إلى الصورة الجوهرية المعيّنة فإنّها محتاجة في وجودها إلى المادة، وإن كانت مطلقها علّة لوجود المادة، وإمّا غير محلّ له فإمّا منه الوجود وإمّا لأجله الوجود، أولا هذا ولا ذاك، وحينئذ إمّا أن يكون وجوديا وهو الشرط أو عدميا وهو عدم المانع؛ وأمّا المعدّ وهو ما يكون محتاجا إليه من حيث وجوده وعدمه معا فداخل في الشرط باعتبار وفي عدم المانع باعتبار، والأول أعني ما يكون جزءا إمّا أن يكون جزءا عقليا وهو الجنس والفصل أو خارجيا وهو المادة والصورة.
فائدة:
حيث يذكر لفظ العلّة مطلقا يراد به الفاعلية ويذكر البواقي بأوصافها وبأسماء أخرى، وكما يقال لعلّة الماهية جزء وركن يقال للمادية مادة وطينة باعتبار ورود الصّور المختلفة عليها، وقابل وهيولى من جهة استعدادها للصّور وعنصر إذ منها يبتدأ التركيب، واسطقس إذ إليها ينتهي التحليل. ويقال للغائية غاية وغرض.

تقسيمات أخر:
العلّة مطلقا فاعلية كانت أو صورية أو مادية أو غائية قد تكون بسيطة. فالفاعلية كطبائع البسائط العنصرية، والمادية كهيولاتها والصّورية كصورها والغائية كوصول كلّ منها إلى مكانه الطبيعي. وقد تكون مركّبة، فالفاعلية كمجموع الفعل والصّورة بالنسبة إلى الهيولى على ما تقرّر من أنّ الصورة شريكة لفاعل الهيولى، والمادية كالعــناصر الأربعة بالنسبة إلى صور المركّبات، والصورية كالصورة الإنسانية المركّبة من صور أعضائها الآلية، والغائية كمجموع شرى المتاع ولقاء الحبيب بالنسبة إلى الصّورة الشوقية.
وأيضا كلّ واحد من العلل إمّا بالقوة، فالفاعلية كالطبيعة بالنسبة إلى الحركة حال حصول الجسم في مكانه الطبيعي، والمادية كالنطفة بالنسبة إلى الإنسانية، والصّورية كصورة الماء حال كون هيولاها ملابسة لصورة الهواء، والغائية كلقاء الحبيب قبل حصوله. وإمّا بالفعل، فالفاعلية كالطبيعة حال كون الجسم متحركا إلى مكانه الطبيعي وعلى هذا القياس. وأيضا كلّ واحد منها إمّا كلية أو جزئية، فالفاعلية الكلّية كالبناء للبيت والجزئية كهذا البناء له وعلى هذا القياس. وأيضا كلّ واحد منها إمّا ذاتية أو عرضية. فالعلّة الذاتية تطلق على ما هو معلول حقيقة والعلّة العرضية تطلق باعتبارين، أحدهما اقتران شيء بما هو علّة حقيقة، فإنّ الشيء إذا اقترن بالعلّة الحقيقية اقترانا مصححا لإطلاق اسمها عليه يسمّى علّة عرضية، وثانيهما اقتران شيء ما بالمعلول كذلك، فإنّ العلّة بالقياس إلى ذلك الشيء المقترن بالمعلول تسمّى علّة عرضية. فالفاعلية العرضية كالسقمونيا بالنسبة إلى البرودة فإنّ السقمونيا يسهّل الصفراء الموجبة لسخونة البدن المانعة عن تبريد الباردة التي في البدن إياه، فلما زال المانع عنه برّدته بطبعها.
فالفعل الصادر عن الأجزاء الباردة التي في البدن أعني التبريد ينسب بالعرض إلى ما يقرنها ويزيل مانعها وهو السقمونيا، والمادية العرضية كالخشب للسرير إذا أخذ مع صفة البياض مثلا، فإنّ ذات الخشب علّة مادية ذاتية وما يقرنها أعني الخشب مأخوذا مع صفة البياض علّة مادية مع صفة البياض، والصّورية العرضية كصورة السرير إذا أخذت مع بعض عوارضها، والغائية العرضية كشرى المتاع أيضا مثلا بالنسبة إلى السفر إذا كان المقصود منه لقاء الحبيب وحصل بتبعه شراء المتاع أيضا. وأيضا كلّ واحد من العلل إمّا عامّة أو خاصة. فالعامّة تكون جنسا للعلّة الحقيقية كالصانع الذي هو جنس للبناء، والخاصّة هي العلّة الحقيقية كالبناء، وكذلك سائر العلل. وأيضا كلّ واحد منها قريبة أو بعيدة. فالفاعلية القريبة كالعفونة بالنسبة إلى الحمّى والبعيدة كالاحتقان مع الامتلاء بالنسبة إلى الحمّى. وأيضا كل منها مشتركة أو خاصة.
فالفاعلية المشتركة كبنّاء واحد لبيوت متعدّدة، والخاصة كبنّاء واحد لبيت واحد، وعلى هذا القياس.
فائدة:
ومن العلل المعدّة ما يؤدّي إلى مثل كالحركة إلى منتصف المسافة المؤدّية إلى الحركة إلى منتهاها، أو إلى خلاف كالحركة إلى البرودة المؤدّية إلى السخونة التي هي مخالفة للحركة لها، أو إلى ضدّ كالحركة إلى فوق المؤدّية إلى الحركة إلى الأسفل والأعداد قريب كأعداد الجنين بالنسبة إلى الصورة الإنسانية أو بعيد كأعداد النطفة بالنسبة إليها. ومن العلل العرضية ما هو علّة معدّة ذاتية بالنسبة إلى ما هو علّة فاعلية عرضية له، فإنّ شرب السقمونيا علّة فاعلية عرضية لحصول البرودة مع أنّه علّة معدّة ذاتية لحصول البرودة.
فائدة:
الفرق بين جزء العلّة المؤثّرة أي الفاعلية وشرطها في التأثير هو أنّ الشرط يتوقّف عليه تأثير المؤثّر لا ذاته، كيبوسة الحطب للإحراق إذ النار لا تؤثّر في الحطب بالإحراق إلّا بعد أن يكون يابسا، والجزء يتوقّف عليه ذات المؤثّر فيتوقّف عليه تأثيره أيضا، لكن لا ابتداء بل بواسطة توقّفه على ذاته المتوقفة على جزئه، وعدم المانع ليس مما يتوقّف عليه التأثير حتى يشارك الشرط في ذلك بل هو كاشف عن شرط وجودي، كزوال الغيم الكاشف عن ظهور الشمس الذي هو الشرط في تجفيف الثياب وعدّه من جملة الشروط نوع من التجوّز. وفي اصطلاح مثبتي الأحوال من المتكلّمين صفة توجب لمحلّها حكما. والمراد بالصّفة الموجودة بناء على عدم تجويز تعليل الحال بالحال كما هو رأي الأكثرين أو الثابتة ليشتمل ما ذهب إليه أبو هاشم من تعليل الأحوال الأربعة بالحال الخامس. ومعنى الإيجاب ما يصحح قولنا وجد فوجد أيّ ثبت الأمر الذي هو العلّة فثبت الأمر الذي هو المعلول. والمراد لزوم المعلول للعلّة لزوما عقليا مصحّحا لترتّبه بالفاء عليها دون العكس، وليس المراد مجرّد التعقيب، فخرج بقيد الصفة الجواهر فإنّها لا تكون عللا للأحوال، ويتناول الصفة القديمة كعلم الله تعالى وقدرته فإنّهما علتان لعالميته وقادريته والمحدثة كعلم الواحد منّا وقدرته وسواده وبياضه.
والمعنى أنّ العلّة صفة قديمة كانت أو محدثة توجب تلك الصفة أي قيامها بمحلّها حكما أي أثرا يترتّب على قيامها بأن يتّصف ذلك المحلّ به ويجري عليه. وفي قولهم لمحلها إشعار بأنّ حكم الصفة لا يتعدّى محلّ تلك الصفة فلا يوجب العلم والقدرة والإرادة للمعلوم والمقدور. والمراد حكما لأنّها غير قائمة بها كيف، ولو أوجبت لها أحكاما لكان المعدوم الممتنع إذا تعلّق به العلم متصفا بحكم ثبوتيّ وهو محال. واعلم أنّ هذا التعريف إنّما كان على اصطلاح مثبتي الأحوال دون نفاتها، لأنّ المثبتين كلّهم قائلون بالمعاني الموجبة للأحكام في محالها، وهي عندهم علل تلك الأحكام.
ونفاة الأحوال من الأشاعرة لا يقولون بذلك إذ عندهم لا علّية ولا معلولية فيما سوى ذاته تعالى، فضلا عن أن يكون بطريق الإيجاب واللزوم العقلي لا للموجود ولا للحال. أمّا عدم العلّية للأحوال فظاهر لعدم قولهم بالحال، وأمّا عدم العلّية للموجود فلاستناد الموجودات كلّها عندهم إليه تعالى ابتداء. والمعلول على هذا التعريف هو الحكم الذي توجبه الصفة في محلها، وهذا التعريف هو الأقرب. وأمّا نحو قولهم العلّة ما توجب معلولها عقيبها بالاتصال إذا لم يمنع مانع، أو العلة ما كان المعتلّ به معلّلا وهو أي كون المعتلّ به معلّلا قول القائل كان كذا لأجل كذا، كقولنا كانت العالمية لأجل العلم فدوريّ. أمّا الأول فلأنّ المعلول مشتقّ من العلّة إذ معناه ما له علّة فيتوقّف معرفته على معرفتها فلزم الدور وأمّا الثاني فلأنّه عرّف العلّة بالمعتلّ والمعلّل ومعرفة كلّ منهما موقوفة على معرفة العلّة. وقولهم العلّة ما يغيّر حكم محلّها أي ينقله من حال إلى حال، أو العلّة هي التي يتجدّد بها أي يتجدّد بها الحكم يخرج الصفة القديمة إذ لا تغيير ولا تجدّد فيها مع أنّها من العلل فإنّ علمه تعالى علّة موجبة لعالميته عندهم. ولك أن تأخذ من كلّ هذه التعريفات المزيّفة للعلّة تعريفات للمعلول فتقول المعلول ما أوجبته العلّة عقيبها بالاتصال إذا لم يمنع مانع أو المعتلّ المعلّل بالعلّة أو ما كان من الأحكام متغيرا بالعلّة أو ما يتجدّد من الأحكام بالعلّة.
فائدة:
الفرق بين العلّة والشرط على رأي مثبتي الأحوال من وجوه. الأول العلّة مطّردة فحيثما وجدت وجد الحكم، والشرط قد لا يطّرد كالحياة للعلم، فإنّها شرط للعلم وقد لا يوجد معها العلم. الثاني العلّة وجودية أي موجودة في الخارج باتفاقهم، والشرط قد يكون عدميا كانتفاء أضداد العلم بالنسبة إلى وجوده إذ لا معنى للشرط إلّا ما يتوقّف عليه المشروط في وجوده لا ما يؤثّر في وجود المشروط حتى يمتنع أن يكون عدميا. وقيل الشرط لا بد أن يكون وجوديا أيضا. الثالث قد يكون الشرط متعدّدا كالحياة وانتفاء الأضداد بالنسبة إلى وجود العلم أو مركّبا بأن يكون عدة أمور شرطا واحدا للمشروط.
الرابع الشرط قد يكون محلّ الحكم بخلاف العلّة، أي محلّ الحكم لا يجوز أن يكون علّة للحكم لأنّه لا يكون مؤثّرا فيه، بل المؤثّر فيه صفة ذلك المحلّ التي هي العلّة لكن محلّ الحكم يكون شرطا للحكم من حيث إنّه يتوقّف وجوده عليه. الخامس العلّة ولا تتعاكس أي لا تكون العلّة معلولة لمعلولها بخلاف الشرط فإنّه يجوز أن يكون مشروطا لمشروطه، إذ قد يشترط وجود كلّ من الأمرين بالآخر، قال به القاضي وعنى بالتوقّف المأخوذ في تعريف الشرط عدم جواز وجوده بدون الموقوف عليه، وبه قال أيضا المحقّقون من الأشاعرة، ومنعه بعضهم. والحق الجواز إن لم يوجب تقدّم الشرط على المشروط بل يكتفى بمجرّد امتناع وجود المشروط بدون الشرط كقيام كلّ من البينتين المتساندتين بالأخرى، فإنّ قيام كلّ منهما يمتنع بدون قيام الأخرى، ومثل ذلك يسمّى دور معية ولا استحالة فيه. السادس الشرط قد لا يبقى ويبقى المشروط وذلك إذا توقّف عليه المشروط في ابتداء وجوده دون دوامه، كتعلّق القدرة على وجه التأثير فإنّه شرط الوجود ابتداء لا دواما، فلذلك يبقى الحادث مع انقطاع ذلك التعلّق. السابع الصفة التي هي علّة كالعلم مثلا له شرط كالمحل والحياة وليس له علّة فإنّ العلم من قبيل الذوات وهي لا تعلّل بخلاف الأحكام، فالعلّة لا تكون معلولة في نفسها بخلاف الشرط فإنّه قد يكون معلولا، فإنّ كون الحيّ حيّا شرط لكونه عالما مع أنّ كونه حيّا معلول للحياة. الثامن العلّة مصحّحة لمعلولها اتفاقا بخلاف الشرط إذ فيه خلاف. التاسع الحكم الواجب لم يتفق على عدم شرط بل اتفق على أنّه لا يوجد بدون شرط كالعالمية له تعالى فإنّها مشروطة بكونه حيّا، وقد يختلف في كون الحكم الواجب معلّلا بعلّة، فإنّ مثبتي الأحوال من الأشاعرة يعلّلونه بصفات موجودة. ومن المعتزلة ينفونه سوى البهشمية فإنّهم يعلّلون الحال بالحال. وإن شئت الزيادة على هذا فارجع إلى شرح المواقف.

الْجُزْء المقداري

الْجُزْء المقداري: كلما يَقع فِي الْكتب يُرَاد بِهِ الِاحْتِرَاز عَن الهيولى وَالصُّورَة فَإِنَّهُمَا وَإِن كَانَتَا من أَجزَاء الْجِسْم لكنهما غير مقداريين. قَالُوا الْأَجْزَاء المقدارية أَجزَاء متبائنة فِي الْوَضع أَي أجزء يَصح أَن يُقَال فِي كل مِنْهَا أَيْن هُوَ من صَاحبه وَاعْلَم أَن هَذَا تَعْرِيف للأجزاء المقدارية بِحَسب الْحس فَلَا يرد أَن التَّعْرِيف لَيْسَ بِجَامِع لِأَن النَّار والهواء وَالْمَاء أَجزَاء مقدارية للجسم العنصري وَلَيْسَت متبائنة فِي الْوَضع إِذْ لَا يَصح أَن يُقَال لكل مِنْهَا أَيْن هُوَ من صَاحبه فَإِن العــناصر لَيست أَجزَاء مقدارية بِحَسب الْحس. اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يُقَال إِن المُرَاد أَنَّهَا أَجزَاء متبائنة حَال التَّرْكِيب أَو قبله أَو بعده وَحِينَئِذٍ يكون تعريفا لمُطلق الْأَجْزَاء المقدارية.

الْإِنْسَان

(الْإِنْسَان) الْكَائِن الْحَيّ المفكر (ج) أناسي (أَصله أناسين) وإنسان الْعين ناظرها وإنسان السَّيْف والسهم حدهما وَالْإِنْسَان الراقي ذهنا وخلقا وَالْإِنْسَان المثالي الَّذِي يفوق العادي بقوى يكتسبها بالتطور (مج)(ج) أناسي
الْإِنْسَان: نوع من أَنْوَاع الْعَالم وَجمعه النَّاس وَأَصله وكنهه مَعْلُوم على من أَتَى الله بقلب سليم أَنه أشرف الْمَخْلُوقَات وَثَمَرَة شَجَرَة الْوُجُود والمجودات وَللَّه در الشَّاعِر.
(سر وجود ذَات بِإِنْسَان رسيد وماند ... جون وَحي آسمان كه بقرآن رسيد وماند)

وَلَكِن أصل لفظ النَّاس الأناس فَخفف بِحَذْف الْهمزَة وعوضت اللَّام عَنْهَا لَكِنَّهَا غير لَازِمَة. وَلِهَذَا يُقَال فِي سَعَة الْكَلَام نَاس. وَقَالَ قوم أَصله انسيان على افعلان فحذفت الْيَاء اسْتِخْفَافًا لِكَثْرَة مَا يجْرِي على الْأَلْسِنَة. وَاسْتَدَلُّوا عَلَيْهِ بقول ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا أَنه إِنَّمَا سمي إنْسَانا لِأَنَّهُ عهد إِلَيْهِ فنسي. وَالْإِنْسَان يُطلق على الْمُذكر والمؤنث وَرُبمَا يُطلق للْأُنْثَى إنسانة وَقد جَاءَ فِي قَول الشَّاعِر:
(لقد كستني فِي الْهوى ... ملابس الصب الْغَزل)

(إنسانة فتانة ... بدر الدجى مِنْهَا خجل)

(إِذا زنت عَيْني بهَا ... فبالدموع تَغْتَسِل)

وَفِي تَحْقِيق الْإِنْسَان تَفْصِيل وتدقيق وَتَحْقِيق فِي المطولات وَمَا يذكر هَا هُنَا نبذ مِنْهَا. فَاعْلَم أَن للْإنْسَان إِطْلَاق مشهورين عِنْد الْعَوام وَإِطْلَاق لَدَى الْخَواص.
الأول إِطْلَاقه على الْأَشْخَاص الْمعينَة الْمَوْجُودَة فِي الْأَعْيَان كزيد وَعَمْرو وَغير ذَلِك مِمَّا يشاركهما فِي النَّوْع وَلَفظ الْإِنْسَان بِهَذَا الْمَعْنى مَشْهُور بَين الْقَوْم وهم لَا يعلمُونَ من الْإِنْسَان سوى هَذَا وَطَرِيق معرفَة كل وَاحِد من تِلْكَ الْأَشْخَاص على مَا هُوَ عَلَيْهِ فِي الْخَارِج إِنَّمَا هُوَ الإحساس إِذْ بِهِ يمتاز كل من أشخاصه عَن كل مَا عداهُ امتيازا تَاما بِحَيْثُ لَا يلتبس بِغَيْرِهِ أصلا وَلَا يلْزم من معرفَة شخص مِنْهَا معرفَة شخص آخر مِنْهَا وَلِهَذَا لَا يجْرِي الْكسْب والاكتساب فِي الْأَشْخَاص أَي الجزئيات الْحَقِيقِيَّة كَمَا هُوَ الْمَشْهُور. والسر فِيهِ أَن لكل وَاحِد مِنْهَا حَقِيقَة شخصية مباينة لحقيقة غَيره فِي الذِّهْن وَالْخَارِج وَهَذَا مُرَاد الشَّيْخ أبي الْحسن الْأَشْعَرِيّ رَحمَه الله مِمَّا قَالَ إِن لكل وَاحِد من أَفْرَاد الْإِنْسَان حَقِيقَة على حِدة وَإِن وجود كل وَاحِد مِنْهَا عين حَقِيقَته يَعْنِي أَنه أَرَادَ بِالْحَقِيقَةِ الْوُجُود الْخَاص لكل شخص من تِلْكَ الْأَشْخَاص وَالْإِنْسَان بِهَذَا الْمَعْنى يُوصف بالجزئية الْحَقِيقِيَّة وَهُوَ الْمصدر للآثار والمظهر للْأَحْكَام وَهُوَ الْمُكَلف بالشرائع.
وَالثَّانِي إِطْلَاقه على الْمَفْهُوم الْعقلِيّ الْكُلِّي المنطبق على كل وَاحِد من أَفْرَاده الْمَوْجُودَة والمعدومة وَهَذَا الْإِطْلَاق مَشْهُور بَين الْخَواص. وَالْإِنْسَان بِهَذَا الْمَعْنى يُوصف بِالْكُلِّيَّةِ والنوعية وَله وجود فِي الْأَعْيَان فِي إِفْرَاده وَلَا وجود لَهُ ممتاز عَنْهَا فِي الْأَعْيَان وَإِلَّا لما أمكن حمله على شَيْء من إِفْرَاده أصلا لِأَن الْحمل عبارَة عَن تغاير الشَّيْئَيْنِ فِي الذِّهْن واتحادهما فِي الْخَارِج فَلَو كَانَ لَهُ وجود ممتاز عَن إِفْرَاده فِي الْأَعْيَان لما صَحَّ اتحاده مَعَ فَرد من أَفْرَاده فِي الْأَعْيَان. فالإنسان بِهَذَا الْمَعْنى مَفْهُوم عَقْلِي انتزعه الْعقل من تِلْكَ الْأَفْرَاد بتجريدها عَن التشخصات واللواحق المادية. وَذَلِكَ الْمَفْهُوم الْعقلِيّ عِنْد الْحُكَمَاء تَمام الْحَقِيقَة النوعية لإفراده وعرفوه بِالْحَيَوَانِ النَّاطِق. وَقَالُوا إِنَّه حد تَامّ للْإنْسَان لِأَن الْحَيَوَان جنس قريب للْإنْسَان. والناطق فصل قريب لَهُ والتعريف بِالْجِنْسِ والفصل القريبين حد تَامّ. وَالْحَيَوَان جَوْهَر جسم نَام حساس متحرك بالإرادة وكل فَرد من أَفْرَاد الْإِنْسَان كَذَلِك. أما أَنه جسم فَلِأَنَّهُ مركب من الهيولى وَالصُّورَة وشاغل للحيز بِالذَّاتِ وقابل للأبعاد الثَّلَاثَة وَلَا نعني بالجسم إِلَّا هَذَا. وَإِمَّا أَنه نَام فَلِأَنَّهُ يزِيد فِي الأقطار الثَّلَاثَة على تناسب طبيعي وَهُوَ الْمَعْنى بالنامي. وَإِمَّا أَنه حساس فَلِأَنَّهُ يدْرك الْأَشْيَاء بالحواس وَلَا معنى للحساس سوى ذَلِك. وَإِمَّا أَنه متحرك بالإرادة فَلِأَنَّهُ ينْتَقل من مَكَان إِلَى مَكَان آخر بِقَصْدِهِ وإرادته وَيُوجد الحركات إِن شَاءَ وَلَا يوجدها إِن لم يَشَأْ وَهُوَ معنى المتحرك بالإرادة فقد ثَبت أَن الْإِنْسَان حَيَوَان. وَإِمَّا أَنه نَاطِق فَلَمَّا سَيَجِيءُ.
ثمَّ اعْلَم أَن نَاطِق فصل قريب للْإنْسَان فَإِن قيل من شَأْن الْفضل الْقَرِيب للماهية اخْتِصَاصه بهَا والناطق لَيْسَ كَذَلِك لِأَن المُرَاد بالنطق إِمَّا التَّكَلُّم فَالله تَعَالَى وَالْمَلَائِكَة وَسَائِر الْحَيَوَانَات متكلمون. أَو المُرَاد بِهِ إِدْرَاك الكليات وَهُوَ أَيْضا لَيْسَ مُخْتَصًّا بالإنسان لِأَنَّهُ تَعَالَى وَسَائِر المجردات كالعقول والنفوس مدركون. فالناطق على أَي حَال لَيْسَ مُخْتَصًّا بماهية الْإِنْسَان فضلا أَن يكون فصلا لَهُ وَاعْلَم أَن الْمَلَائِكَة عِنْد الْحُكَمَاء هِيَ الْعُقُول الْمُجَرَّدَة وَإِن لَيْسَ لَهَا وللنفوس الفلكية عِنْدهم نطق أَي تكلم أصلا لَكِن لَهَا إِدْرَاك الكليات كَمَا بَين فِي مَوْضِعه. وَأَيْضًا لَو أُرِيد بالنطق إِدْرَاك الكليات لزم أحد الْأَمريْنِ وَكِلَاهُمَا بَاطِل أَحدهمَا أَن لَا يكون النَّاطِق ذاتيا فصلا قَرِيبا للْإنْسَان الَّذِي من الْجَوَاهِر لِأَن الْإِدْرَاك فِي الممكنات من مقولة الْإِعْرَاض عِنْدهم قطعا فَيكون خَارِجا عارضا لَا دَاخِلا ذاتيا فضلا عَن أَن يكون فصلا. وَثَانِيهمَا أَن الْإِنْسَان الَّذِي هُوَ من الْجَوَاهِر لَو فَرضنَا أَنه مركب من الْجَوْهَر وَالْعرض الَّذِي هُوَ الْإِدْرَاك لزم أَن لَا يكون الْإِنْسَان جوهرا فَإِن الْمركب من الْجَوْهَر وَالْعرض لَيْسَ بجوهر عِنْدهم أصلا وَالْجَوَاب بِأَن المُرَاد بالنطق إِدْرَاك الكليات وَهُوَ مُخْتَصّ بالإنسان لِأَن غَيره من الْحَيَوَانَات لَيْسَ بمدرك للكليات لَا يُفِيد الْمَطْلُوب. كَيفَ فَإِن عدم إِدْرَاك غير الْإِنْسَان من الْحَيَوَانَات للكليات مَمْنُوع نعم إِنَّه غير مَعْلُوم لنا وَعدم الْعلم بالشَّيْء لَا يسْتَلْزم عَدمه فِي نَفسه وَإِن سلمنَا ذَلِك فَلَا نسلم أَنه يلْزم من هَذَا الْقدر اخْتِصَاصه بالإنسان كَيفَ فَإِنَّهُ تَعَالَى مدرك الكليات وَكَذَا الْعُقُول الْمُجَرَّدَة والنفوس الفلكية نعم لَو أثبت نفي النُّطْق عَمَّا سوى الْإِنْسَان لثبت اخْتِصَاصه بِهِ وَأما إِثْبَات هَذَا بِدُونِ ذَلِك أصعب من خرط القتاد وَمَعَ هَذَا إِدْرَاك الكليات عرض كَمَا عرفت فَكيف يكون فصلا للجوهر. وَالْحق فِي الْجَواب أَن المُرَاد بالنطق إِدْرَاك الكليات والناطق لَيْسَ فصلا قَرِيبا للْإنْسَان فِي الْحَقِيقَة بل فَصله الْقَرِيب الْجَوْهَر الَّذِي هُوَ مبدأ الْآثَار المختصة بِهِ كالنطق والتعجب والضحك وَالْكِتَابَة وَغير ذَلِك مِمَّا لَا يُوجد فِي غير الْإِنْسَان فَذَلِك الْجَوْهَر هُوَ الْفَصْل فِي الْحَقِيقَة. وَلما لم يكن ذَلِك الْجَوْهَر مَعْلُوما لنا بكنهه بل بعوارضه المختصة فَيدل عَلَيْهِ بأقوى عوارضه وَهُوَ النُّطْق الَّذِي بِمَعْنى إِدْرَاك الكليات ويشتق مِنْهُ النَّاطِق وَيحمل على الْإِنْسَان وَيُسمى بِالْفَصْلِ مجَازًا من قبيل إِطْلَاق اسْم الشَّيْء على أَثَره.
وَإِن أردْت تَفْصِيل هَذَا الْمُجْمل فَارْجِع إِلَى مَا فصلناه فِي الْحَوَاشِي على حَوَاشِي الْفَاضِل اليزدي على تَهْذِيب الْمنطق وَلَكِن اذكر فِي هَذَا الْمقَام نبذا من ذَلِك المرام.
فَأَقُول إِن الصُّورَة النوعية الَّتِي هِيَ أَمر جوهري وَفصل قريب للماهيات ومبدأ للآثار المختصة قد تكون مَجْهُولَة بكنهها مَعْلُومَة بعوارضها المختصة بهَا وَتلك الْعَوَارِض لَا تَخْلُو من أَن تكون مترتبة أَو لَا. فَإِن كَانَت مترتبة كالنطق والتعجب والضحك فَيُؤْخَذ أقواها وأقدمها كالنطق ويشتق مِنْهُ مَحْمُولا كالناطق وَيُطلق عَلَيْهِ اسْم الْفَصْل تسامحا كَمَا مر. وَإِن لم تكن مترتبة لعدم ترتبها فِي نفس الْأَمر أَو بِسَبَب اشْتِبَاه تقدم أَحدهمَا على الآخر فيشتق عَن كل وَاحِد من تِلْكَ الْأَعْرَاض مَحْمُولا وَيجْعَل الْمَجْمُوع قَائِما مقَام ذَلِك الْأَمر الْجَوْهَر الَّذِي هُوَ فصل حَقِيقَة وَيُسمى فصلا مجَازًا كالحساس والمتحرك بالإرادة. فَإِن الْفَصْل الْحَقِيقِيّ للحيوان هُوَ الْجَوْهَر المعروض للحس وَالْحَرَكَة الإرادية وَلما اشْتبهَ تقدم أَحدهمَا على الآخر اشتق عَن كل مِنْهُمَا للدلالة على ذَلِك الْفَصْل الْحَقِيقِيّ اسْم أَعنِي الحساس والمتحرك بالإرادة وَجعل الْمَجْمُوع فصلا قَائِما مقَام الْفَصْل الْحَقِيقِيّ للحيوان تسامحا فَلَيْسَ الْفَصْل الْقَرِيب للحيوان إِلَّا أَمر وَاحِد جوهري لَا تعدد فِيهِ وَإِنَّمَا التَّعَدُّد فِي الدَّال.
واندفع من هَذَا الْبَيَان عَظِيم الشَّأْن (الِاعْتِرَاض الْمَشْهُور) أَيْضا بِأَن الحساس يَكْفِي للفصل فَلَا حَاجَة إِلَى المتحرك بالإرادة وَلَا يجوز للماهية فصلان فِي مرتبَة وَاحِدَة كَمَا لَا يجوز جِنْسَانِ فِي مرتبَة وَاحِدَة واندفع أَيْضا أَن لِلْأَمْرِ الْجَوْهَر الَّذِي هُوَ فصل الْإِنْسَان حَقِيقَة عوارض مُتعَدِّدَة مُخْتَصَّة بِهِ فَمَا الدَّاعِي إِلَى اخْتِيَار النَّاطِق مِنْهَا وقيامه مقَامه وتسميته باسمه فصلا وَإِلَّا يلْزم التَّرْجِيح بِلَا مُرَجّح. وَلَكِن بَقِي الْإِشْكَال بِأَن إِدْرَاك الكليات لَيْسَ مُخْتَصًّا بالإنسان لما مر فَنَقُول نعم مُطلق الْإِدْرَاك الْمَذْكُور لَيْسَ مُخْتَصًّا بِهِ لَكِن الْإِدْرَاك الَّذِي هُوَ أثر ذَلِك المبدأ أَعنِي الصُّورَة النوعية الَّتِي للْإنْسَان مُخْتَصّ بِهِ. أَو المُرَاد بِهِ الْإِدْرَاك الْحَادِث وَهُوَ فِي ذَاته تَعَالَى قديم بالِاتِّفَاقِ هَكَذَا فِي الْعُقُول والنفوس الفلكية عِنْد الْحُكَمَاء. أَو نقُول المُرَاد بالنطق إِدْرَاك الكليات بطرِيق الِاكْتِسَاب. وَلَا شكّ أَن الْإِدْرَاك الْمَذْكُور بِهَذَا الْمَعْنى مُخْتَصّ بالإنسان فَإِن علمه تَعَالَى حضوري وَكَذَا علم المجردات. وَالْعلم الاكتسابي من أَقسَام الْعلم الحصولي كَمَا تقرر فِي مَوْضِعه. قيل المُرَاد بالناطق فِي تَعْرِيف الْإِنْسَان إِمَّا النَّاطِق بِالْفِعْلِ أَو بِالْقُوَّةِ وعَلى كل من التَّقْدِيرَيْنِ يلْزم فَسَاد التَّعْرِيف أما على الأول فلخروج الْأَطْفَال فَإِنَّهُم لَيْسُوا من أهل النُّطْق بِشَيْء من الْمَعْنيين أَي لَا بِمَعْنى التَّكَلُّم بالحروف والأصوات وَلَا بِمَعْنى إِدْرَاك الكليات وَأما على الثَّانِي فلصدق التَّعْرِيف حِينَئِذٍ على المضغة والعلقة والمني بل على اللَّحْم وَالْخبْز اللَّذين يحصل مِنْهُمَا الْمَنِيّ لِأَن كَلَامهَا حَيَوَان نَاطِق بِالْقُوَّةِ فعلى الأول التَّعْرِيف لَيْسَ بِجَامِع وعَلى الثَّانِي لَيْسَ بمانع وَالْجَوَاب وَاضح مِمَّا ذكرنَا آنِفا فَإِن المُرَاد بالناطق لما تقرر أَنه ذُو مبدأ نطق فَهُوَ مَوْجُود بِالْفِعْلِ فِي الصّبيان ومفقود بِالْفِعْلِ فِي المضغة والعلقة وَغير ذَلِك. وَلما تبين بِمَا ذكرنَا فِيمَا سبق أَن الْإِنْسَان حَيَوَان فَالْآن نبين كَونه ناطقا فَنَقُول إِنَّه ذُو نفس ناطقة لوَجْهَيْنِ. الْوَجْه الأول أَنه يظْهر فِي كل فَرد من أَفْرَاده آثَار النَّفس الناطقة من النُّطْق بالحروف والأصوات وَإِدْرَاك الكليات والتعجب والضحك وأمثالها مِمَّا تقرر فِي الْحِكْمَة أَنَّهَا من آثَار النَّفس الناطقة وَهَذِه الْآثَار لَا تُوجد فِي غير الْإِنْسَان فَيكون مبدأها وَهُوَ النَّفس مَخْصُوصًا بِهِ فَيكون هُوَ ذَا نفس دون غَيره فَهَذَا دَلِيل أَنِّي على ثُبُوتهَا فِي الْإِنْسَان. وَالْوَجْه الثَّانِي مَا تحقق أَن العــناصر إِذا تصغرت أجزاءها غَايَة التصغر وامتزج بَعْضهَا بِبَعْض امتزاجا كَامِلا يَقع بَينهَا بِاعْتِبَار كيفيتها الْمُخْتَلفَة فعل وانفعال تنكسر سُورَة كل وَاحِدَة مِنْهَا بِالْأُخْرَى فَتحدث هُنَاكَ كَيْفيَّة وَاحِدَة متوسطة معتدلة قريبَة بالاعتدال الْحَقِيقِيّ فَحِينَئِذٍ يشْتَد كَمَال الامتزاج بَين تِلْكَ الْأَجْزَاء ويرتفع الامتزاج بَينهَا بِالْكُلِّيَّةِ وَيصير شَيْئا وَاحِدًا متكيفا بكيفية وَاحِدَة فَيحصل لَهُ بتينك الوحدتين أَعنِي الْوحدَة فِي الْمَادَّة والوحدة فِي الْكَيْفِيَّة مُنَاسبَة تَامَّة بالمبدأ الْحَقِيقِيّ الْوَاحِد من جَمِيع الْجِهَات فيفيض مِنْهُ عَلَيْهِ بِسَبَب تِلْكَ الْمُنَاسبَة جَوْهَر مُجَرّد شرِيف يتَعَلَّق بِهِ تعلق التَّدْبِير وَالتَّصَرُّف فَيحصل لَهُ بذلك قُوَّة النُّطْق بالحروف والأصوات إِذا لم يكن هُنَاكَ مَانع وَقُوَّة إِدْرَاك الكليات والتعجب والضحك وَمَا أشبههَا وَهُوَ الْمُسَمّى بِالنَّفسِ الناطقة عِنْدهم. وَلَا شكّ أَن تِلْكَ الْمُنَاسبَة التَّامَّة بالمبدأ الْحَقِيقِيّ الْحَاصِلَة بِسَبَب الامتزاج الْكَامِل المستتبعة لفيضان تِلْكَ النَّفس تُوجد فِي بدن الْإِنْسَان بالدلائل الدَّالَّة عَلَيْهَا وَلَا تُوجد فِي غَيره فَيكون هُوَ ذَا نفس ناطقة.
وَفِي حَيَاة الْحَيَوَان افْتتح عبد الْمَسِيح ابْن يختشوع كِتَابه فِي الْحَيَوَان بالإنسان وَقَالَ إِنَّه أعدل الْحَيَوَان مزاجا وأكمله أفعالا وألطفه حسا وأنفذه رَأيا فَهُوَ كالملك الْمُسَلط القاهر لسَائِر الخليقة الْآمِر لَهَا وَذَلِكَ لما وهبه الله تَعَالَى لَهُ من الْعقل الَّذِي بِهِ يتَمَيَّز على كل الْحَيَوَان البهيمي فَهُوَ فِي الْحَقِيقَة ملك الْعَالم وَلذَلِك سَمَّاهُ قوم من القدماء الْعَالم الْأَصْغَر. ثمَّ قَالَ وَمِمَّا ذكر فِي الْخَواص وَشهِدت بِهِ التجربة أَنه مَتى صور صُورَة صبي حسن الْوَجْه وَنصب بِحَيْثُ ترَاهُ وَقت الْجِمَاع خرج الْوَلَد يشبه تِلْكَ الصُّورَة فِي أَكثر الْأَعْضَاء. وَله خَواص يطول الْكتاب بذكرها مِنْهَا: أَنه إِن أَخذ نجو صبي حِين يُولد وجفف وسحق وكحل بِهِ بَيَاض الْعين نفع وينفع من الغشاوة أَيْضا. وَدم الْحيض إِذا طلي بِهِ من عضه الْكَلْب الْكَلْب يبرأ وَكَذَلِكَ البرص والبهق. وَقَالَ الْقزْوِينِي فِي عجائب الْمَخْلُوقَات إِذا رعف الْإِنْسَان فليكتب اسْمه بدمه على خرقَة وَيجْعَل نصب عينه فَإِنَّهُ يَنْقَطِع رعافه. ونطفة الْإِنْسَان إِذا طلي بهَا البهق والبرص والقوبا أبرأتهم.
وَقَالَ الْأَطِبَّاء إِذا أردْت أَن تعلم أَن الْمَرْأَة عقيم أم لَا فَمُرْهَا أَن تحمل ثومة فِي قطنة وتمكث سبع سَاعَات فَإِن فاح من فمها رَائِحَة الثوم فعالجها بالأدوية فَإِنَّهَا تحمل بِإِذن الله تَعَالَى وَإِلَّا فَلَا وَالله أعلم. وَالْإِنْسَان الْكَامِل لجَمِيع العوالم الإلهية والكونية الْكُلية والجزئية وَفِي تَفْصِيله طول فِي كتب الْحَقَائِق وَللَّه در الشَّاعِر. شعر:
(آنجه برجستيم وَكم ديديم وبسيار است ونيست)

(نيست جز انسان درين عَالم كه بسياراست)

القَبَسُ

القَبَسُ، محركةً: شُعْلَةُ نارٍ تُقْتَبَسُ من مُعْظَمِ النارِ،
كالمِقْباسِ، وقَبَسَ يَقْبِسُ منه ناراً.
واقْتَبَسَها: أخَذَها،
وـ العِلْمَ: اسْتَفَادَهُ.
وقابِسُ، كــناصِرٍ: د بالمغربِ بينَ طَرابُلُسَ وسَفاقُسَ.
والقابُوسُ: الرجُلُ الجميلُ الوَجْهِ، الحَسَنُ اللَّوْنِ. وأبو قابُوسَ: النُّعْمانُ بنُ المُنْذِرِ مَلِكُ العَرَبِ. وقابُوسُ مَمْنوعٌ لِلْعُجْمَةِ والمَعْرِفَةِ، مُعَرَّبُ كاوُوسَ.
وأبو قُبَيْسٍ: جبلٌ بمكَّةَ، سُمِّيَ بِرَجُلٍ من مَذْحِجٍ حَدَّادٍ، لأنَّهُ أولُ من بَنَى فيه، وكانَ يُسَمَّى الأمينَ، لأِنَّ الرُّكْنَ كانَ مُسْتَوْدَعاً فيه، وحِصْنٌ من أعمالِ حَلَبَ. ويَزيدُ بنُ قُبَيْسٍ: شامِيٌّ.
وقِيبَسٌ، كزِيرَكٍ: جَدُّ عبدِ اللهِ بنِ قَيْسٍ المحدِّثِ.
والقِبْسُ، بالكسر: الأصْلُ.
والقَبيسُ، كأَميرٍ وكَتِفٍ: الفَحْلُ السَّريعُ الإِلْقاحِ، وقد قَبُسَ، كفَرِحَ وكرُمَ، قَبَساً وقَباسَةً. ومن أمثالِهِم: "لَقْوَةٌ صادَفَتْ قَبيساً"، أو "لَقْوَةٌ وأبٌ قَبيسٌ"، يُضْرَبُ للمُتَّفِقَيْنِ يَجْتَمعانِ، واللَّقْوَةُ: السَّريعَةُ التَّلَقِّي لماءِ الفَحْلِ.
وأقْبَسَهُ: أعْلَمَهُ، وأعْطَاهُ قَبَساً،
وـ فلاناً ناراً: طَلَبَها له.
وقَنْبَسٌ، كعَنْبَرٍ: اسْمٌ.
والأَقْبَسُ: من تَبْدُو حَشَفَتُهُ قبلَ أن يُخْتَنَ.
واقْتَبَسَ: أخَذَ من مُعْظَمِ النارِ.

الف

[الف] نه فيه: علمت قريش أن أول من أخذ لها "الإيلاف" لهاشم، الإيلاف العهد والذمام، كان هاشم بن عبد مناف أخذه من الملوك لقريش. غ: "لإيلاف" قريش أي أعجبوا لإيلافهم، أو فليعبدوا لإيلافهم رحلة الشتاء والصيف للامتياز، وكانوا إذا عرض لهم عارض قالوا: نحن أهل حرم الله فلا يتعرض لهم. نه: أعطى رجالاً "أتألفهم" التألف المداراة والإيناس ليثبتوا على الإسلام رغبة فيألم تر كيف ثلاثون.

الف

1 أَلِفَهُ, (T, S, M, Msb, K,) aor. ـَ (S, Msb, K,) inf. n. إِلُفٌ (S, M, Msb, K) and أَلْفٌ (K) and إِلَافٌ and وِلَافٌ, which is anomalous, and أَلَفَانٌ, (M, TA,) He kept, or clave, to it; (A'Obeyd, T, M, Msb, * TA;) namely, a thing, (A'Obeyd, T, M, TA,) or a place; (S, Msb, TA;) as also أَلَفَهُ, aor. ـِ (TA;) and ↓ آلفهُ, (A'Obeyd, T, S, M, Msb,) aor. ـْ (S, TA,) inf. n. إِيلَافٌ; (S, Msb, TA;) and ↓ آلفهُ, aor. ـَ inf. n. مُؤَالَفَةٌ and إِلَافٌ: (S, Msb, TA:) [he frequented it, or resorted to it habitually; namely, a place:] he became familiar with it; or accustomed, or habituated, to it; namely, a thing: (Az, T:) he became familiar, sociable, companionable, friendly, or amicable, with him: (Az, T, Msb:) he loved, or affected, him; liked, approved, or took pleasure in, him. (Msb.) You say, أَلِفَتِ الطَّيْرُ الحَرَمَ [The birds kept to the sacred territory], and البُيُوتَ [the houses]: and الظِّبَآءُ الرَّمْلِ ↓ آلَفَتِ The gazelles kept to the sands. (T.) b2: There are three manners of reading the passage in the Kur [evi. 1 and 2], CCC قُرَيْشٍ إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَآءِ وَ الصَّيْفِ ↓ لِإِيلَافِ; the second and third being لِإِلَافِ and لِإِلْفِ; the first and second of which have been adopted; (Aboo-Is-hák, T, TA;) and the third also; this being the reading of the Prophet [himself]: (TA:) [accord. to all these readings, the passage may be rendered, For the keeping of Kureysh, for their keeping to the journey of the winter and of the summer, or spring; the chapter going on to say, for this reason "let them worship the Lord of this House," &c. : or] the second and third readings are from أَلِفَ, aor. ـْ [and accord. to these readings, the passage may be rendered as above;] but accord. to the first reading, the meaning is, for the preparing and fitting out [&c.; i. e., preparing and fitting out men and beasts in the journey of the winter &c.]: so says IAmb; and Fr explains in the same manner the third reading: but IAar says that, accord. to this reading, the meaning is, the protecting [&c.]: he says that the persons who protected were four brothers, Háshim and 'Abd-Shems and El-Muttalib and Nowfal, the sons of 'Abd-Menáf: these gave protection to Kureysh in their procuring of corn: (T:) Háshim obtained a grant of security from the king of the Greeks, and Nowfal from Kisrà, and 'Abd-Shems from the Nejáshee, and ElMuttalib from the kings of Himyer; and the merchants of Kureysh used to go to and from the great towns of these kings with the grants of security of these brothers, and none opposed them: Háshim used to give protection (يُؤْلِفُ [in the copies of the K يُؤَلِّفُ]) [to those journeying] to Syria, and 'Abd-Shems to Abyssinia, and ElMuttalib to El-Yemen, and Nowfal to Persia: (T, K: *) or ↓ إِيلَاف in the Kur signifies a covenant, or an obligation; and what resembles permission, (إِجَازَة, as in some copies of the K and in the TA,) or protection, (إِجَارَة, as in the CK,) with an obligation involving responsibility for safety; first obtained by Háshim, from the kings of Syria; (K, * TA;) and the explanation is, that Kureysh were dwelling in the sacred territory, (K,) having neither seed-produce nor udders [to yield them milk], (TA,) secure in the procuring of their provisions from other parts, and in their changes of place, in winter and summer, or spring; the people around them having their property seized; whereas, when any cause of mischief occurred to them, they said, "We are people of the sacred territory," and then no one opposed them: (K:) so in the O: (TA:) or the ل is to denote wonder; and the meaning is, wonder ye at the ايلاف of Kureysh [&c.]: (K:) some say that the meaning is connected with what follows; i. e., let them worship the Lord of this House for the ايلاف [&c., agreeably with the first explanation which we have given]: others, that it is connected with what precedes; as J says; (TA;) the meaning being, I have destroyed the masters of the elephant to make Kureysh remain at Mekkeh, and for their uniting the journey of the winter and of the summer, or spring; that when they finished one, they should commence the other; (T, S;) and this is like the saying, ضَرَبْتُهُ لِكَذَا ضَرَبْتُهُ لِكَذَا لِكَذَا, with suppression of the [conjunctive] و: (S:) but Ibn-'Arafeh disapproves of this, for two reasons: first, because the phrase "In the name of God" &c. occurs between the two chapters: [Bd, however, mentions that in Ubeí's copy, the two compose one chapter:] secondly, because ايلاف signifies the covenants, or obligations, which they obtained when they went forth on mercantile expeditions, and whereby they became secure. (TA.) ↓ إِلَافٌ [in like manner] signifies A writing of security, written by the king for people, that they may be secure in his territory: and is used by Musáwir Ibn-Hind in the sense of اِيتِلَافٌ [as is also إِلْفٌ,] when he says, in satirizing Benoo-Asad, زَعَمْتُمْ أَنَّ إِخْوَتَكُمْ قُرَيْشٌ لَهُمْ إِلْفٌ وَ لَيْسَ لَكُمْ إِلَافُ meaning Ye asserted [that your brothers are Kureysh; i. e.,] that ye are like Kureysh: but how should ye be like them? for they have [an alliance whereby they are protected in] the trade of El-Yemen and Syria; and ye have not that [alliance]. (Ham p. 636.) [Hence,] إِلَافُ اللّٰهِ [a phrase used in the manner of an oath,] accord. to some, signifies The safeguard, or protection, of God: or, accord. to others, an honourable station from God. (TA.) A2: أَلَفَهُ, aor. ـِ He gave him a thousand; (S, K) of articles of property, and of camels. (TA.) 2 الّف بَيْنَهُمْ, inf. n. تَأْلِيفٌ, (T, Msb, K,) He united them, or brought them together, (T, Msb, TA,) after separation; (T, TA;) and made them to love one another; (Msb;) he caused union, or companionship, (أُلْفَة,) to take place between them. (K.) And أَلَّفْتُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ, inf. n. as above, [I united, or put together, the two things.] (S.) and ألّف الشَّىْءَ He united, or connected, (T,) or gathered or collected or brought together, (M,) the several parts of the thing. (T, M.) b2: Hence, تَأْلِيفُ الكُتُبِ [The composition of books]. (T, TA.) b3: تَأْلِيفٌ is The putting many things into such a state that one name becomes applicable to them, whether there be to some of the parts a relation to others by precedence and sequence, or not: so that it is a more general term than تَرْتِيبٌ: (KT:) or the collecting together, or putting together, suitable things; from الالفة [i. e. الأُلْفَةُ]; and is a more particular term than تَرْكِيبٌ, which is the putting together things, whether suitable or not, or placed in order or not. (Kull p. 118.) A2: أَلَّفُوا إِلَى كَذَا: see 5.

A3: ألّف أَلِفًا He wrote an alif; (K;) like as one says جَيَّمَ جِيمًا. (TA.) A4: See also 4, in three places.3 آلفهُ: see 1, first sentence.

A2: آلف, (M, TA,) inf. n. مُؤَالَفَةٌ, (TA,) [app., He made a covenant with another to be protected during a journey for the purpose of trade, or traffic: (see 1:) and hence,] he (a man) traded, or trafficked. (M, TA.) A3: شَاَرَةٌ مُؤَالَفَةً He made a condition with him for a thousand: (IAar, M:) like as one says, شَارَطْتُهُ مُمَا آةً, meaning, for a hundred. (IAar, M, K, in art. مأى.) 4 آلفهُ, inf. n. إِيلَافٌ: see 1, in three places.

A2: آلفهُ الشَّىْءَ, (T, M,) or المَوْضِعَ, (S,) or مَكَانَ كَذَا, (K,) inf. n. as above, (T,) He made him to keep, or cleave, to the thing, or to the place, or to such a place. (T, S, * M, K. *) b2: آلَفْتُ الشَّىْءَ I joined, conjoined or united, the thing. (T.) A3: آلَفْتُ القَوْمَ, (T, * S, K, *) inf. n. as above, (S,) I made the people, or company of men, to be a thousand complete [by adding to them myself]; (T, S, K, TA;) they being before nine hundred and ninety-nine. (T, TA.) And آلف العَدَدَ He made the number to be a thousand; as also ↓ أَلَّفَهُ: (M:) or الأَلْفَ ↓ ألّف he completed the thousand. (K.) And in like manner, (S,) آلَفْتُ الدَّرَاهِمَ I made the dirhems to be a thousand (S, K) complete. (S.) And لَهُمُ الأَعْمَارَ ↓ أَلَّفُو They said to them, May you live a thousand years. (A in art. عمر.) A4: آلَفُوا They became a thousand (T, S, M) complete. (S.) And آلَفَتِ الدَّارَهِمُ The dirhems became a thousand (S K) complete. (S.) 5 تألّف القَوْمُ, (Msb, K,) and ↓ ائْتَلَفُوا [written with the disjunctive alif اِيْتَلَفُوا], (T, K,) The people, or party, became united, or came together, (Msb, K,) [after separation, (see 2, of which each is said in the TA to be quasi-pass.,)] and loved one another: (Msb:) or the meaning of ↓ ائْتِلَافٌ [and تَأَلُّفٌ also] is the being in a state of union, alliance, agreement, congruity, or congregation: (Msb:) and the being familiar, sociable, companionable, friendly, or amicable, one with another. (TA.) And تَأَلَّفَا is said of two things; [meaning They became united, or put together; (see 2;)] as also ↓ ائتلفا. (S.) And الشَّىْءُ ↓ ائتلف signifies The several parts of the thing kept, or clave, together. (M.) And تألّف It became put together in order. (M.) b2: تألّفوا They sought, desired, or asked, [a covenant to ensure them] protection, (IAar, T, M,) إِلَى كَذَا [meaning in a journey for the purpose of trade, or traffic, to such a place, as is shown in the T by an explanation of the words of IAar, كَانَ هَاشِمٌ يُؤْلِفُ إِلَى الشَّامِ, in a passage in which the foregoing signification is assigned to تألّفوا]; (M;) as also الى كذا ↓ أَلَّفُوا. (M.) A2: تألّفهُ He treated him with gentleness or blandishment, coaxed him, or wheedled him; (K;) behaved in a sociable, friendly, or familiar, manner with him; (TA;) attracted him, or allured him; and gave him a gift, or gifts; (T, K; *) in order to incline him to him: (K:) or he affected sociableness, friendliness, or familiarity, with him. (Mgh.) You say, تَأَلَّفْتُهُ عَلَى الإِسْلَامِ [I attracted him, or allured him; and gave him a gift, or gifts, in order to incline him; to embrace ElIslám]. (S.) 8 إِاْتَلَفَ see 5, in four places.

أَلْفٌ, meaning A certain number, (S, M, K,) well known, (M,) i. e. a certain round number, (Msb,) [namely a thousand,] is of the masc. gender: (T, S, Msb, K:) you say ثَلَاثَةُ آلَافٍ

[Three thousand], not ثَلَاثَ آلَافٍ; (TA;) and هٰذَا أَلْفٌ وَاحِدٌ [This is one thousand], not وَاحِدَةٌ; (S;) and أَلْفٌ أَقْرَعُ, [A complete thousand], (T, S,) not قَرْعَآءُ: (S:) it is not allowable to make it fem.: so say IAmb and others: (Msb:) or it is allowable to make it fem. as being a pl.: (T:) or, accord. to ISK, it is allowable to say, هٰذِهِ أَلْفٌ as meaning هٰذِهِ الدَّرَاهِمُ أَلْفٌ [These dirhems are a thousand]; (S, K; *) and Fr and Zj say the like: (Msb:) the pl. is آلُفٌ, applied to three, (M,) and آلَافٌ, (T, S, M, Msb, K,) applied to a number from three to ten, inclusively, (TA,) and أُلُوفٌ, (T, S, M, Msb, K,) used to denote more than ten; (T;) and الأَافُ [in the TA الأَلَفُ] is used by poetic licence for الآلَافُ, by suppression of the [radical] ل (M.) إِلْفٌ [originally an inf. n. of أَلِفَهُ, q. v.,] He with whom one is familiar, sociable, companionable, friendly, or amicable; he to whom one keeps or cleaves; [a constant companion or associate; a mate; a fellow; a yoke-fellow; one who is familiar, &c., with another or others; (see مُؤَلَّفٌ;)] (M;) i. q. ↓ أَلِيفٌ; (T, S, M, K;) which is an act. part. n. of أَلِفَهُ; (Msb;) as is also ↓ آلِفٌ; (Msb, K;) and ↓ أَلِفٌ also is syn. with أَلِيفٌ: (K:) the female is termed إِلْفَةٌ and إِلْفٌ; (M;) both of these signifying a woman with whom thou art familiar, &c., and who is familiar, &c., with thee: (K:) and the fem. of ↓ آلِفٌ is آلِفَةٌ: (K:) the pl. of إِلْفٌ is آلَافٌ; (T, M;) which is also pl. of ↓ أَلِفٌ: (TA:) and that of ↓ أَلِيفٌ is أَلَائِفُ (S, K, TA) and أُلَفَآءُ: (M, TA:) and that of ↓ آلِفٌ is أُلَّافٌ (T, S, Msb, K) and آلَافٌ, like as أَنْصَارٌ is pl. of نَاصِرٌ, (TA,) and so, (M, TA,) in my opinion, [says ISd,] (M,) is أُلُوفٌ, like as شُهُودٌ is pl. of شَاهِدٌ, (M, TA,) though some say that it is pl. of إِلْفٌ: (M:) and the pl. of ↓ آلِفَةٌ is أَوَالِفُ and آلِفَاتٌ. (K.) You say, فثلَانٌ إِلْفِى and ↓ أَلِيفِى

[Such a one is my constant companion or associate, &c.] (T.) And حَنَّتِ الإِلْفُ إِلَى إِلْفِ [The female mate yearned towards the mate]. (S.) And نَزَعَ البَعِيرُ إِلَى آلَافِهِ [The camel yearned towards his mates]. (T.) أُلَّافٌ, (T,) or آلَافٌ (TA,) is said by IAar to mean Persons who keep to the large towns, or cities. (T, TA.) أُلُوفٌ in the Kur ii. 244 is said by some to be pl. of إِلْفٌ or of ↓ آلِفٌ: but by others, to signify "thousands." (Bd, L, TA.) الطَّيْرِ ↓ أَوَالِفُ signifies The birds that keep to Mekkeh and the sacred territory: and الحَمَامِ ↓ أَوَالِفُ Domestic pigeons. (T.) أَلِفٌ: see إِلْفٌ, in two places. b2: As some say, (O,) it also signifies A man having no wife. (O, K.) A2: One of the letters of the alphabet; (M;) the first thereof; (K;) as also ↓ أَلِيفٌ: (M:) Ks says that, accord. to the usage of the Arabs, it is fem., and so are all the other letters of the alphabet; [and hence its pl. is أَلِفَاتٌ;] but it is allowable to make it masc.: Sb says that every one of them is masc. and fem., like as is لِسَانٌ. (M.) See art. ا. b2: (tropical:) A certain vein lying in the interior of the upper arm, [extending] to the fore arm: (K, TA:) so called as being likened to an ا: (TA:) the two are called الأَلِفَانِ. (K.) b3: (assumed tropical:) One of any kind of things: (K, TA:) as being likened to the ا; for it denotes the number one. (TA.) أُلْفَةٌ A state of keeping or cleaving [to a person or thing]: (M:) a state of union, alliance, agreement, congruity, or congregation; (Msb;) a subst. from الاِئْتِلَافُ: (Msb, K, TA:) and, as such, (TA,) signifying also familiarity, sociableness, socialness, companionableness, friendliness, fellowship, companionship, friendship, and amity. (Msb, TA. *) أَلْفِىٌّ Of, or relating to, or belonging to, the number termed أَلْفٌ [a thousand]. (TA.) قَامَةٌ أَلِفِيَّةٌ A stature resembling the letter alif. Often occurring in late works.]

إِلَافٌ an inf. n. of أَلِفَهُ: and used as a subst.: see 1. b2: بَرْقٌ إِلَافٌ Lightning of which the flashes are consecutive or continuous. (TA.) أَلُوفٌ Having much أُلْفَةٌ [meaning familiarity, sociableness, &c.]: pl. أُلُفٌ. (K.) أَلِيفٌ: see إِلْفٌ, in three places: A2: and see أَلِفٌ.

آلِفٌ and آلِفَةٌ; and أَوَالِفُ, the pl. of the latter: see إِلْفٌ, in seven places.

إِيْلَافٌ an inf. n.: and used as a subst.: see 1.

مَأْلَفٌ [An accustomed place;] a place to which a man keeps or cleaves; [which he frequents, or to which he habitually resorts;] with which he is familiar, or to which he is accustomed; (Msb;) a place with which men or camels [or birds and the like] are familiar, &c. (K, * TA.) b2: and hence, Leafy trees to which animals of the chase draw near. (Az, K.) مؤلفون, with fet-h, [i. e. مُؤْلَفُونَ or ↓ مُؤَلَّفُونَ,] Possessors of thousands; or men whose camels have become, to each, a thousand. (TA.) مُؤَلَّفٌ and ↓ مَأْلُوفٌ Kept to, or clove to; applied to a thing [and to a person; and meaning when applied to the latter, with whom one is familiar, sociable, &c.]. (T.) It is said in a trad., المُؤْمِنُ

↓ إِلْفٌ مَأْلُوفٌ [The believer is one who is familiar, or sociable, &c., with others, and with whom others are familiar, &c.]. (TA.) b2: المُؤَلَّفَةُ قُلُوبُهُمْ Those whose hearts are made to incline, or are conciliated, by beneficence and love or affection: (S, * Msb:) as used in the Kur [ix. 60], it is applied to certain chief persons of the Arabs, whom the Prophet was commanded to attract, or allure, and to present with gifts, (T, K,) from the poor-rates, (TA,) in order that they might make those after them desirous of becoming Muslims, (T, K,) and lest care for things which they deemed sacred, or inviolable, together with the weakness of their intentions, should induce them to combine in hostility with the unbelievers against the Muslims; for which purpose, he gave them, on the day of Honeyn, eighty [in the TA two hundred] camels: (T:) they were certain men of eminence, of the Arabs, to whom the Prophet used to give gifts from the poor-rates; to some of them, to prevent their acting injuriously; and to some, from a desire of their becoming Muslims, (Mgh, Msb,) and their followers also; (Msb;) and to some, in order that they might remain stedfast as Muslims, because of their having recently become such; but when Aboo-Bekr became appointed to the government, he forbade this practice. (Mgh, Msb.) A2: أَلْفٌ مُؤَلَّفَةٌ [These are a thousand] made complete. (S.) b2: See also مؤلفون.

مُؤَلِّفٌ A composer of a book or books; an author.]

مَأْلُوفٌ: see مُؤَلَّفٌ, in two places.

اطط

[اطط] فيه: "أطت" السماء وحق لها أن "تئط"، الأطيط صوت الأقتاب وحنين الإبل أي كثرة ملائكتها قد أثقلتها حتى أطت، وهو مثل وإيذان بكثرتها وأريد به تقرير عظمته تعالى وإن لم يكن ثم أطيط. ش: أط يئط كفر يفر. مق: "حق" مجهول أي ينبغي لها أن تصيح من جهة ازدحام الملئكة أو من خشية الله تعالى. ومنه حديث: ذلك يوم ينزل الله تعالى على كرسيه "فيئط" كما يئط الرحل. فإن قيل: سئل عن المقام فكيف أجاب باليوم؟ أجيب بأنه قدم بيان الوقتفجعلني في أهل "أطيط" وصهيل أي في إبل وخيل. ومنه: وما لنا بعير "يئط" أي يحن ويصيح يريد وما لنا بعير أصلاً. وح باب الجنة: له "أطيط" أي صوت بالزحام. و"الأطيط" اسم موضع بين البصرة والكوفة. ومنه: حتى إذا كنا "بأطيط".

التَّمْثِيل

التَّمْثِيل: إِثْبَات حكم جزئي فِي جزئي آخر لِمَعْنى مُشْتَرك بَينهمَا.
(التَّمْثِيل) (فِي علم النَّبَات) عملية حيوية يجريها النَّبَات الْأَخْضَر مكونا غذاءه العضوي من عــناصر بسيطة فِي وجود اليخضور والضوء وَثَانِي أكسيد الكربون وَالْمَاء أما فِي الْحَيَوَان فَهِيَ ترادف الأيض البنائي (مج)
التَّمْثِيل: قسم من الْحجَّة فَهُوَ حجَّة يَقع فِيهِ بَيَان مُشَاركَة جزئي لجزئي آخر فِي عِلّة الحكم ليثبت ذَلِك الحكم فِي الجزئي الأول. وَبِعِبَارَة أُخْرَى هُوَ حجَّة يَقع فِيهِ تَشْبِيه جزئي لجزئي فِي معنى مُشْتَرك بَينهمَا ليثبت الحكم فِي الْمُشبه مثل الْحُرْمَة الثَّابِتَة فِي الْمُشبه بِهِ الْمُعَلل بذلك الْمَعْنى كَمَا يُقَال النَّبِيذ حرَام لِأَن الْخمر حرَام وَعلة حرمته الاسكار وَهُوَ مَوْجُود فِي النَّبِيذ. وَقد يُطلق التَّمْثِيل على ذَلِك الْبَيَان أَو التَّشْبِيه تسامحا تَنْبِيها على أَن تَسْمِيَة هَذَا الْقسم من الْحجَّة بالتمثيل لَيْسَ على سَبِيل الارتجال أَي بِلَا مُنَاسبَة بَين الْمَعْنى اللّغَوِيّ والاصطلاحي بل على سَبِيل النَّقْل بملاحظة الْمُنَاسبَة بَينهمَا. وَمن هَذَا الْقَبِيل مَا قَالُوا إِن التَّمْثِيل إِثْبَات حكم وَاحِد فِي جزئي آخر لعِلَّة جَامِعَة بَينهمَا. وَالْفُقَهَاء يسمونه قِيَاسا والجزئي الأول أَي الملحق فرعا وَالثَّانِي أَي الملحق بِهِ أصلا والمشترك عِلّة وجامعا كَمَا يُقَال الْعَالم مؤلف فَهُوَ حَادث كالبيت يَعْنِي أَن الْبَيْت حَادث لِأَنَّهُ مؤلف وَهَذِه الْعلَّة مَوْجُودَة فِي الْعَالم فَيكون حَادِثا.

السَّلْمُ

السَّلْمُ: الدَّلْوُ بعُرْوَةٍ واحدَةٍ، كدَلْوِ السَّقَّائينَ
ج: أسْلُمٌ وسِلامٌ، ولَدْغُ الحَيَّةِ، وبالكسر: المُسالِمُ، والصُّلْحُ، ويُفْتَحُ، ويُؤَنَّثُ، والسَّلامُ، والإِسْلامُ. وبالتحريكِ: السَّلَفُ، والاسْتِسْلامُ، وشجرٌ، الواحِدَةُ: بهاءٍ.
وأرضٌ مَسْلوماءُ: كثيرَتُهُ، والاسْمُ من التَّسْلِيمِ، والأَسْرُ، والأَسيرُ.
والسَّلِمَةُ، كفرِحَةٍ: الحِجارَةُ
ج: ككِتابٍ، والمرأةُ الناعمَةُ الأَطْرافِ، وابنُ قَيْسٍ الجَرْمِيُّ وابنُ حَنْظَلَةَ السُّحَيْمِيُّ: صَحابِيَّانِ،
وبنو سَلِمَةَ: بَطْنٌ من الأَنْصارِ، وابنُ كهْلاء: في بَجيلَةَ، وابنُ الحَارِثِ في كِنْدَةَ، وابنُ عَمْرِو بنِ ذُهْلٍ، وابنُ غَطَفانَ بنِ قَيْسٍ، وعُمَيْرَةُ بنُ خُفافِ بن سَلِمَةَ، وعبدُ اللهِ بنُ سَلِمَةَ البَدْرِيُّ الأُحُدِيُّ، وعَمْرُو بنُ سَلِمَةَ الهَمْدانِيُّ، وعبدُ اللهِ بنُ سَلِمَةَ المُرادِيُّ،
وأخْطَأَ الجَوْهَرِيُّ في قولِهِ: وليس سَلِمَةُ في العربِ غيرَ بَطْنِ الأَنْصَارِ.
وسَلَمَةُ، محرَّكةً: أربعونَ صَحابياً، وثلاثونَ محدِّثاً، أو زُهاؤُهُما.
وسَلَمَةُ الخَيْرِ، وسَلَمَةُ الشَّرِّ: رجُلانِ م.
وأُمُّ سَلَمَةَ: بنْتُ أُمَيَّةَ، وبنْتُ يَزيد، وبنْتُ أبي حَكيمٍ،
أو هي أُمُّ سُلَيْمٍ أو أُمُّ سُلَيْمانَ: صَحابيَّاتٌ.
والسَّلامُ: من أسماء الله تعالى.
والسَّلامَةُ: البَرَاءةُ من العُيوبِ، واللَّدِيغُ،
كالسَّليمِ والمَسْلُومِ،
وع قُرْبَ سُمَيْساطَ، واسمُ مكةَ، وجبلٌ بالحجازِ.
وقصْرُ السَّلامِ: للرشيدِ بالرَّقَّةِ، وشجرٌ ويكسرُ. قيلَ لأَعرابِيٍّ: السَّلامُ عليكَ. قال: الجَثْجاثُ عليكَ. قيل: ما هذا جوابٌ؟ قال: هُما شَجَرانِ مُرَّانِ، وأنتَ جَعَلْتَ علَيَّ واحِداً، فَجَعَلْتُ عليكَ الآخَرَ. وككتابٍ: ماءٌ.
وكغرابٍ: ع. وكزبيرٍ: ابنُ مَنْصُورٍ، أبو قَبيلَةٍ من قَيْسِ عَيْلانَ، وأبو قَبيلَةٍ من قَيْسِ عَيْلانَ، وأبو قَبيلَة من جُذامَ، وخمسةَ عَشَرَ صَحابياً.
وأُمُّ سُلَيْمٍ بنتُ مِلْحانَ، وبنْتُ سُحَيْمٍ: صَحابيَّتانِ.
وذاتُ السُّلَيْمِ: ع.
ودَرْبُ سُلَيْمٍ: بِبِغْدَادَ. وكجُهَيْنَةَ: اسْمٌ. وأبو سُلْمى، كبُشْرَى: والِدُ زُهَيْرٍ الشاعِرِ. وكسَكْرَى: كُنْيَةُ الوَزَغِ.
وسَلْمَانُ: جبلٌ، وبطنٌ من مُرادٍ، منهم عُبَيْدَةُ السَّلْمانِيُّ وغيرُهُ.
وابنُ سَلاَمَةَ، وابنُ ثُمامَةَ، وابنُ خالِدٍ، وابنُ صَخْرٍ، وابنُ عامِرٍ،
وابنُ الإِسْلامِ الفارِسِيُّ: صَحابيُّونَ.
وأبو سَلْمَانَ: الجُعَلُ.
والسُّلَّمُ، كسُكَّرٍ: المِرْقاةُ، وقد تُذَكَّرُ
ج: سَلاليمُ وسَلاَلِمُ، والغَرْزُ، وَفَرَسُ زَبَّانَ بنِ سَيَّارٍ، وكواكِبُ أسْفَلَ من العانَةِ عن يَمِينِها، والسَّبَبُ إلى الشيء.
وسَلَمَ الجِلْدَ يَسْلِمُهُ: دَبَغَهُ بالسَّلَمِ،
وـ الدَّلْوَ: فَرَغَ من عَمَلِها، وأحْكَمَهَا.
وسَلِمَ من الآفَةِ، بالكسر، سلامةً،
وسَلَّمَهُ اللُّه تعالى منها تَسْلِيماً.
وسَلَّمْتُهُ إليه تَسْلِيماً فَتَسَلَّمَهُ: أعْطَيْتُهُ فَتناوَلَهُ.
والتَّسْلِيمُ: الرِّضا، والسَّلامُ.
وأسْلَمَ: انْقادَ، وصارَ مُسْلِماً،
كتَسَلَّمَ،
وـ العَدُوَّ: خَذَلَهُ،
وـ أمْرَهُ إلى الله تعالى: سَلَّمَه.
وتَسالَمَا: تَصَالَحَا.
وسالَمَا: صالَحا.
واسْتَلَمَ الحَجَرَ: لَمَسَه إما بالقُبْلَةِ أو باليَدِ،
كاسْتَلأَمَهُ،
وـ الزَّرْعُ: خَرَجَ سُنْبُلُه.
وهو لا يُسْتَلَمُ على سَخَطِه: لا يُصْطَلَحُ على ما يَكْرَهُهُ.
والأْسَيْلِمُ: عِرْقٌ بين الخِنْصِرِ والبِنْصِرِ.
واسْتَسْلَمَ: انْقاد،
وـ ثَكَمَ الطريقِ: رَكِبَهُ ولم يُخْطِئْهُ.
وكان يُسَمَّى محمداً، ثم تَمَسْلَمَ، أي: تَسَمَّى بِمُسْلِمٍ.
وأُسالِمُ، بالضم: جَبَلٌ بالسَّراةِ.
ومدينةُ سالِمٍ: بالأَنْدَلُسِ.
والسَّلامِيَّةُ: ماءةٌ لبني حَزْنٍ بجَنْبِ الثَّلْماءِ، وماءةٌ أُخْرى.
وكَشَدَّادٍ: ة بالصَّعيدِ.
وخَيْفُ سَلاَّمٍ: بمكة.
وسَلَمْيَةُ، مُسَكَّنَةَ الميمِ مُخَفَّفَةَ الياء: د، منه عَتيقٌ السَّلَمانِيُّ، محرَّكةً.
وذو سَلَمٍ، مُحَرَّكَةً: ع.
وذو سَلَمِ: بنُ شَديدِ بنِ ثابِتٍ.
وسَلْمَى، كسَكْرَى: ع بنَجْدٍ، وأُطُمٌ بالطائِفِ، وجبَلٌ لِطَيِّئٍ شَرْقِيَّ المدينةِ، وحَيٌّ، ونَبْتٌ وصحابيانِ، وسِتَّ عَشْرَةَ صَحَابِيَّةً.
وأُمُّ سَلْمَى: امرأةُ أبي رافِعٍ.
وكحُبْلَى: سُلْمَى بنُ عبدِ اللهِ بنِ سُلْمَى، وابنُ غِياثٍ، وابنُ مُنْقِذٍ،
وأبو سُلْمَى القَتَبانِيُّ، أو هو كَسَكْرَى.
والسُّلامانُ: شجرٌ، وماءٌ لبني شَيْبَانَ،
واسمٌ وكسحابٍ: عبدُ اللهِ بنُ سَلامٍ الحِبْرُ، وأخوهُ سَلَمَةُ بنُ سَلامٍ،
وابنُ أخيهِ سلامٌ،
سَلامُ بنُ عَمرٍو: صحابِيُّونَ،
وأبو علِيٍّ الجُبَّائِيُّ المُعْتَزِلِيُّ محمدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ سَلامٍ،
ومحمدُ بنُ موسى بنِ سَلامٍ السَّلامِيُّ نِسْبَةٌ إلى جَدِّهِ،
وبالتشديدِ: ابنُ سَلْمٍ،
وابن سُلَيْمٍ،
وابنُ سُلَيْمَانَ،
وابنُ أبي سَلاَّمٍ، وابنُ شُرَحْبيلٍ، وابنُ أبي عَمْرَةَ، وابنُ مِسْكِينٍ، وابنُ أبي مُطيعٍ: محدِّثونَ.
واخْتُلِفَ في سَلاَّمِ بنِ أبي الحُقَيْقِ،
وسَلاَّمِ بنِ محمدِ بنِ ناهِضٍ،
وسعدِ بنِ جعفَرِ بنِ سَلاَّمٍ،
ومحمدِ بنِ سَلاَّمٍ البيْكَنْدِيِّ،
وبالتخفيفِ: دارُ السَّلامِ: الجنةُ.
ونَهْرُ السلامِ: دَجْلَةُ.
ومدينَةُ السلامِ: بَغْدَادُ،
وإليها نُسِبَ الحافِظُ محمدُ بنُ ناصِرٍ، وعبدُ اللهِ ابنُ موسَى المُحَدِّثَانِ، ومحمدُ بنُ عبدِ اللهِ الشاعرُ السَّلامِيُّونَ.
وسلامَةُ بنُ عُمَيْرِ بنِ أبي سَلامَةَ: صَحابِيُّ
وسَيَّارُ بنُ سَلامَةَ: مُحدِّثٌ. وبِنْتُ الحُرِّ الأَزْدِيَّةُ، وبِنْتُ مَعْقِلٍ الخُزَاعِيَّةُ،
وسَلامَةُ حاضِنَةُ إبراهيمَ بنِ رسولِ اللهِ، صلى الله عليه وسلم: صحابِيَّاتٌ، وبالتشديدِ: بنتُ عامِرٍ مَوْلاةٌ لعائِشَةَ،
وسَلاَّمَةُ المُغَنِّيَةُ التي هَوِيها عبدُ الرحمن بنُ عبدِ اللهِ بنِ عَمَّارٍ،
وهي سَلاَّمَةُ القَسِّ.
والسَّلاَّمِيَّةُ، مُشَدَّدَةً: ة بالمَوْصِلِ، منها عبدُ الرحمنِ بنُ عِصْمَةَ المُحدِّثُ، وآخرونَ.
والسُّلامَى، كحُبارَى: عَظْمٌ في فِرْسِنِ البعيرِ، وعِظامٌ صِغارٌ طولُ إصْبَعٍ أو أقَلُّ في اليَدِ والرِجْلِ
ج: سُلامَياتٌ. وكَسكارَى: ريحُ الجَنوبِ.
والسَّليمُ: اللَّديغُ، أو الجَريحُ الذي أشْفَى على الهَلَكَةِ،
وـ من الحافِرِ: بَينَ الأَمْعَزِ والصَّحْنِ من باطِنِه،
والسالِمُ من الآفاتِ
ج: سُلَماءُ.
وهو لا يَتَسالَمُ خَيْلاهُ، أي: لا يَقُولُ صِدْقاً فَيُسْمَعَ منه.
وإذا تَسالَمَتِ الخَيْلُ: تَسايَرَتْ لا يَهيجُ بعضُها بعضاً.
وقولُ الجَوْهَرِيِّ: يُقالُ للجِلْدَةِ بينَ العَينِ والأَنْفِ: سالِمٌ، غَلَطٌ، واسْتِشْهَادُهُ بِبَيْتِ عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ باطِلٌ.
وذاتُ أسْلامٍ: أرْضٌ تُنْبِتُ السَّلَمَ. وسَلْمُ بنُ زُرَيْرٍ، وابنُ جُنادَةَ، وابنُ إبراهيمَ، وابنُ جَعْفَرٍ، وابنُ أبي الذُّبالِ، وابنُ عبدِ الرحمنِ، وابنُ عَطِيَّةَ، وابنُ قُتَيْبَةَ، وابنُ قَيْسٍ: مُحدِّثونَ.
وبابُ سَلْمٍ: مَحَلَّةٌ بأَصْبَهانَ،
وبِشِيرازَ يُشْبِهُ أن يكونَ من إحْدَاهُما أبو خَلَفٍ محمدُ بنُ عبدِ المَلِكِ السَّلْمِيُّ الطَّبَرِيُّ، مُؤَلِّفُ كتابِ الكتابَةِ، وهو بَديعٌ في فَنِّهِ.
وسُلَّمِيُّ بنُ جَنْدَلٍ، كسُكَّرِيٍّ: فَرْدٌ.
وسُلْمانينُ، بالضمِّ وكسر النونِ: ع.
وذو السَّلومَةِ: من ألْهانِ بنِ مالِكٍ،
وسَلُّومَةُ، مُشَدَّدَةً وتُضَمُّ: بنْتُ حُرَيْثِ بنِ زَيْدٍ، امْرَأةُ عَدِيِّ بنِ الرِقاعِ.
ولا بذي تَسْلَمُ، كتَسْمَعُ، أي:
لا واللهِ الذي يُسَلِّمُكَ،
ويقالُ: بِذي تَسْلَمانِ وتَسْلَمونَ وتَسْلَمِينَ وتَسْلَمْنَ،
واذْهَبْ بذي تَسْلَمُ،
واذْهَبَا بذي تَسْلَمانِ،
أي: اذْهَبْ بِسَلامَتِكَ،
لا تُضَافُ ذو إلاَّ إلى تَسْلَمُ، كما لا تَنْصِبُ لَدُنْ غير غُدْوَةٍ.
وأَسْلَمْتُ عنه: تَرَكْتُه بعدَما كُنْتُ فيه.
وقولُ الحُطَيْئَة:
جَدْلاء مُحْكَمَةٌ من صُنْعِ سَلاَّمِ
أرادَ من صُنْعِ داوُدَ، فَجَعَلَهُ سُلَيْمَانَ، ثم غَيَّرَهُ ضَرورَةً.
وسُلَيْمانُ ابْنُ أبي سُلَيْمانَ، وابنُ ط أبي ط صُرَدٍ، وابنُ عَمْرٍو، وابنُ مُسْهِرٍ، وابن هاشمٍ وابن أكَيمَةَ صحابيونَ وأم سليمان صَحابِيَّتانِ.
ومُسْلِمٌ، كمُحْسِنٍ: زُهاءُ عشرينَ صَحابياً، وكَمَرْحَلَةٍ: مَسْلَمَةُ بنُ مخلدٍ، وابنُ أسْلَمَ، وابنُ قَيْسٍ، وابنُ هانِئٍ، وابنُ شَيْبَانَ: صحابِيُّونَ. وكمُحْسِنٍ ومُعَظَّمٍ وجبَلٍ وعَدْلٍ ومُحْسِنَةٍ ومَرْحَلَةٍ وأحمدَ وآنُكٍ وجُهَيْنَةَ: أسْماءٌ.
والسُّلالِمُ، بالضم: حِصْنٌ بخَيْبَرَ.
وسَلَمونُ، مُحَرَّكةً: خمسةُ مَواضِعَ.

حَلَفَ

حَلَفَ يَحْلِفُ حَلْفاً، ويُكْسَرُ، وحَلِفاً، ككَتِفٍ، ومَحْلوفاً ومَحْلوفَةً، ويقالُ: لا ومَحْلوفائِهِ، بالمَدِّ، ومَحْلوفَةً باللهِ، أي: أحْلِفُ مَحْلوفَةً، أي: قَسَماً.
والأحْلوفَةُ: أُفْعولَةٌ من الحَلِفِ.
والحِلْفُ، بالكسرِ: العَهْدُ بَيْنَ القَوْمِ، والصَّداقَةُ، والصَّديقُ يَحْلِفُ لِصاحِبِهِ أنْ لا يَغْدِرَ به، ج: أحْلافٌ.
والأحْلافُ في قَوْلِ زُهَيْرٍ: أسَدٌ وغَطَفانُ، لأِنَّهُم تَحالَفوا على التَّــناصُرِ.
والأحْلافُ: قَوْمٌ مِنْ ثَقيفٍ،
وـ في قُرَيْشٍ: سِتُّ قَبائِلَ: عَبْدُ الدارِ، وكَعْبٌ، وجُمَحُ، وسَهْمٌ، ومَخْزومٌ، وعَدِيٌّ، لأنَّهُم لَمَّا أرادَتْ بَنو عَبْدِ مَنافٍ أخْذَ ما في أيْدي عَبْدِ الدارِ من الحِجابَةِ والسِقايَةِ، وأبَتْ عَبْدُ الدارِ، عَقَدَ كُلُّ قَوْمٍ على أمْرِهِم حِلْفاً مُؤَكَّداً على أنْ لا يَتَخاذَلوا، فَأَخْرَجَتْ عَبْدُ مَنافٍ جَفْنَةً مَمْلوءَةً طيباً، فَوَضَعَتْها لأِحْلافِهِمْ، وهُم: أسَدٌ وزُهْرَةُ وتَيْمٌ، عِنْدَ الكَعْبَةِ، فَغَمَسوا أيْدِيَهُم فيها وتَعاقَدوا، وتَعاقَدَتْ بَنو عَبْدِ الدارِ وحُلفاؤُهُم حِلْفاً آخَرَ مُؤَكَّداً،
فَسُمُّوا الأحْلافَ، وقِيلَ لِعُمَرَ، رضي الله تعالى عنه: أحْلافِيٌّ، لأنَّه عَدَوِيٌّ. وكأَميرٍ: المُحالِفُ.
والحَليفانِ: بَنو أسَدٍ وطَيِّئٌ وفَزارَةُ وأسَدٌ أيْضاً.
وهو حَليفُ اللِّسان: حَديدُهُ، وما أحْلَفَ لِسانَهُ.
والحَليفُ، في قَوْلِ ساعِدَةَ بنِ جُؤَيَّةَ: قِيلَ: سِنانٌ حَديدٌ، أو فَرَسٌ نَشيطٌ.
وكزُبَيْرٍ: ع بِنَجْدٍ، وابنُ مازِنِ بنِ جُشَمَ.
وذُو الحُلَيْفَةِ: ع على سِتَّةِ أمْيالٍ من المَدينَةِ، وهو ماءٌ لِبَنِي جُشَمَ مِيقاتٌ للمَدينَةِ والشَّأْمِ،
وع بَيْنَ حاذَةَ وذَاتِ عِرْقٍ.
والحُلَيْفاتُ: ع. وحَلْفُ بنُ أفْتَلَ: هو خَثْعَمُ بنُ أنْمارٍ.
والحَلْفاءُ، والحَلَفُ، مُحَرَّكَةً: نَبْتٌ، الواحِدَةُ: حَلِفَةٌ، كفَرِحَةٍ وخَشَبَةٍ وصَحْراةٍ.
وَوادٍ حُلافِيٌّ، كغُرابِيٍّ: يُنْبِتُهُ.
والحَلْفاءُ: الأَمَةُ الصَّخَّابَةُ، ج: ككُتُبٍ.
وأحْلَفَتِ الحَلْفاءُ: أدْرَكَتْ،
وـ الغُلامُ: جاوَزَ رِهاقَ الحُلُمِ،
وـ فُلاناً: حَلَّفَهُ.
وقَوْلُهُم: "حَضارِ والوَزْنُ مُحْلِفانِ": هُما نَجْمانِ يَطْلُعانِ قَبْلَ سُهَيْلٍ، فَيَظُنُّ الناظِرُ بِكُلٍّ منْهُما أنَّهُ سُهَيْلٌ، ويَحْلِفُ إنَّهُ سُهَيْلٌ، ويَحْلِفُ آخَرُ إنه ليس به، وكلُّ ما يُشَكُّ فيه فَيُتحَالَفُ عليه،
فهو: مُحْلِفٌ،
ومنه: كُمَيْتٌ مُحْلِفٌ: خالِصُ اللَّوْنِ.
وحَلَّفَه تَحْليفاً: اسْتَحْلَفَه.
وحالفَفَه: عاهَدَه ولازَمَهُ.
وتحَالَفُوا: تَعاهَدوا.
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.