Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: متروك

الفرط

الفرط: بِفَتْح الأول وَالثَّانِي الْأجر الْمُقدم.
(الفرط) تجَاوز الْحَد يُقَال من فرط شغفه بِهِ أَو كرهه لَهُ وَالْأَمر تجووز فِيهِ الْحَد (ج) أفرط وأفراط

(الفرط) سفح الْجَبَل (ج) أفراط وَيُقَال أفراط الصَّباح لأوّل تباشيره

(الفرط) الفارط (للْوَاحِد وَالْجمع) يُقَال رجل فرط وَقوم فرط وَالْمَاء الْمُتَقَدّم لغيره من الأمواه وَمَا يتَقَدَّم الْإِنْسَان من أجر وَعمل وَيُقَال فِي الدُّعَاء للطفل الْمَيِّت (اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ لنا فرطا) أجرا يتقدمنا حَتَّى نرد عَلَيْهِ وَالْأَمر الَّذِي يفرط فِيهِ صَاحبه يضيعه بتقصيره والعجلة

(الفرط) من الْأُمُور المجاوز فِيهِ حَده والــمتروك المضيع وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {وَاتبع هَوَاهُ وَكَانَ أمره فرطا}

الخَنيفُ

الخَنيفُ، كأميرٍ: أرَدْأُ الكَتَّانِ، أو ثَوْبٌ أبيضُ غَليظٌ من كَتَّانٍ، والطَّريقُ، ج: ككُتُبٍ، والمَرَحُ، والنَّشاطُ، وما تَحْتَ إبْطِ الناقَةِ، لُغَةٌ في الخَلِيفِ، والناقَةُ الغَزِيرَةُ.
وخَنَفَ البَعيرُ يَخْنِفُ خِنافاً، ككِتابٍ: قَلَبَ في مَسيرِهِ خُفَّ يَدِهِ إلى وحْشِيِّهِ، أو لَوَى أَنْفَهُ من الزِّمامِ، أو هو لِينٌ في أرساغِهِ، أو هو إمالَةُ رأسِ الدابَّةِ إلى فارِسِهِ في عَدْوِهِ.
جَمَلٌ خانِفٌ وخَنُوفٌ، وناقَةٌ خَنوفٌ، ج: خُنُفٌ، ككُتُبٍ،
وـ الأتْرُجَّ ونحوَه: قَطَعَهُ، والقِطْعَةُ منه: خَنَفَةٌ، محرَّكةً وبالكسر،
وـ المرأةُ: ضَرَبَتْ صَدْرَها بيدِها.
والخُنُوفُ: الغَضَبُ. وككُتُبٍ: الآثارُ.
وخَيْنَفٌ، كصَيْقَلٍ: وادٍ بالحِجازِ، م.
والخانِفُ: الشامِخُ بأنْفِهِ كِبْراً. وكمِنْبَرٍ: أبو مِخْنَفٍ لُوطُ بنُ يَحْيَى، أخْبارِيٌّ شِيعِيٌّ تالِفٌ مَتْرُوكٌ.
وجَمَلٌ مِخْنافٌ: لا يُلْقِحُ، كالعَقِيمِ مِنَّا.
ورجلٌ مِخْنافٌ: لا يَنْجُبُ على يدِهِ ما يَأْبِرُه من النَّخْلِ وما يُعالِجُه من الزَّرْعِ.
والخَنَفُ، محرَّكَةً: انْهِضامُ أحدِ جانِبَيِ الصَّدْرِ أو الظَّهْرِ، صَدْرٌ وظَهْرٌ أخْنَفُ.
ووَقَعَ في خَنْفَةٍ، ويُكْسَرُ، أي: ما يُسْتَحْيا منه.

الشُّهْرَةُ

الشُّهْرَةُ، بالضم: ظُهورُ الشيءِ في شُنْعَةٍ، شَهَرَهُ، كَمَنَعَهُ، وشَهَّرَهُ واشْتَهَرَهُ فاشْتَهَرَ.
والشَّهيرُ والمَشْهورُ: المَعْرُوفُ المكانِ، المذكورُ، والنَّبيهُ،
والشَّهْرُ: العالِمُ، ومِثْلُ قُلامَةِ الظُّفُرِ، والهِلالُ، والقَمَرُ، أو هو إذا ظَهَرَ وقارَبَ الكمالَ، والعَدَدُ المعروفُ من الأيامِ، لأَنه يُشْهَرُ بالقَمَرِ
ج: أشْهُرٌ وشُهُورٌ.
وشاهَرَهُ مُشاهَرَةً وشِهاراً: اسْتَأجَرَهُ لِلشَّهْرِ.
وأشْهَرُوا: أتى عليهم شَهْرٌ،
وـ المرأةُ: دَخَلَتْ في شهرِ ولادِها.
وشَهَرَ سَيْفَه، كمنع،
وشَهَّرَه: انْتَضاهُ فَرَفَعَهُ على الناسِ.
والأشاهِرُ: بياضُ النَّرْجِسِ،
وأتانٌ وامرأةٌ شَهِيرَةٌ: عَريضةٌ واسِعةٌ.
والشِّهْرِيَّةُ، بالكسر: ضَرْبٌ من البَراذِينِ. وشَهْرُ بنُ حَوْشَبٍ: محدِّثٌ مَتْرُوكٌ. وشَهْران بنُ عِفْرِسٍ: أبو قَبيلةٍ من خَثْعَمَ. والمشهورُ: فرسُ ثَعْلَبَةَ بنِ شِهابٍ الجَدِلِيِّ.
ويومُ شَهْوَرَةَ: من أعْظَمِ أيامِ بني كِنانَةَ.
والمُشَهَّرَةُ: فرسُ مُهَلْهِلِ بنِ ربيعَةَ.
وذُو المُشَهَّرَةِ: أبو دُجانَةَ، سِماكُ بنُ أوْسٍ، صحابيٌّ كانتْ له مُشَهَّرَةٌ، إذا خَرَج بها يَخْتالُ بين الصَّفَّيْنِ، لم يُبْقِ، ولم يَذَرْ.

الحَرَضُ

الحَرَضُ، مُحَرَّكَةً: الفَسادُ في البَدَنِ، وفي المَذْهَبِ، وفي العَقْلِ، والرَّجُلُ الفَاسدُ المَريضُ،
كالحارِضَةِ والحارِضِ والحَرِضِ، ككَتِفٍ، والكالُّ المُعْيِي، والمُشْرِفُ على الهَلاكِ،
كالحارض، ومَنْ لاخَيْرَ عِنْدَهُ، أو لا يُرْجَى خَيْرُهُ ولا يُخافُ شَرُّهُ، للواحِدِ والجَمْعِ والمُؤَنَّثِ، وقَدْ يُجْمَعُ على أحْراضٍ وحُرْضانٍ وحِرَضَةٍ، ومَنْ أذابَهُ العِشْقُ أو الحُزْنُ،
كالمُحَرَّضِ، كمُعَظَّمٍ، ومَنْ لا يَتَّخِذُ سِلاحاً، ولا يُقاتِلُ، والساقِطُ لا يَقْدِرُ على النُّهوضِ،
كالحَريضِ والحَرِضِ والمُحَرَّضِ والإِحْريضِ، وقد حَرِضَ، كَفرحَ، والرِديءُ من الناسِ، ومِنَ الكَلامِ، والمُضْنَى مَرَضاً وسُقْماً، ومنه:
{حتى تكونَ حَرَضاً} ، وقَدْ حَرَضَ يَحْرُضُ ويَحْرِضُ حُروضاً.
وحَرَضَ نَفْسَهُ يَحْرِضُها: أفْسَدَها.
وحَرُِضَ، ككَرُمَ وفَرِحَ: طالَ هَمُّهُ وسُقْمُهُ، ورَذُلَ، وفَسَدَ،
فهو حارِضٌ: فاسِدٌ مَتْروكٌ بَيّنُ الحَراضَةِ والحُروضَةِ والحَروضِ. ويُقالُ: رَجُلٌ حِرْضَةٌ، بالكَسْرِ
ج: حِرَضٌ، كعِنَبٍ.
وناقةٌ حَرَضٌ، محرَّكةً: ضاوِيَّةٌ.
والمَحْروضُ: المَرْذولُ.
وحَرَضُ، محرَّكةُ: د باليَمَنِ،
وـ من الثَّوْبِ: حاشِيَتُه وطُرَّتُهُ وصَنِفَتهُ، وبضَمَّةٍ وبضَمَّتَيْنِ: الأُشْنانُ، وقُرِئَ به، أي: حتى تكون كالأَشْنانِ نُحُولاً ويُبْساً. (ومَنْصورُ بنُ محمد، وعبدُ الباقي بنُ عبد الجَبَّارِ الحُرْضِيَّانِ: محدّثانِ) .
والمِحْرَضَةُ، بالكسر: وعاؤُهُ.
والحَرَّاضُ، ككَتَّانٍ: مَنْ يَحْرِقُهُ لِلقَلْيِ، والمُوقِدُ على الصَّخْرِ لاتِّخاذِ النُّورَةِ، أو الجِص، وبهاءٍ: سُوقُ الأُشْنانِ.
وكغُرابٍ: ع بَيْنَ المُشاشِ والغُمَيْرِ فَوْقَ ذاتِ عِرْقٍ.
وذُو حُرُضٍ، كعُنُقٍ: ع، أو وادٍ عندَ النَّقِرَةِ،
وع عندَ أُحُدٍ.
وحُراضانُ، كخُراسانَ: وادٍ بالقَبَليَّةِ. وكثُمامَةَ: ماءَةٌ قُرْبَ المدينةِ لِبَني جُشَمَ.
والأَحْرَضُ: المُتَفَتِّتُ أشْفارِ العَيْنِ، وبضم الراءِ: جَبَلٌ بِبلادِ هُذَيْلٍ، لأَنَّ مَنْ شَرِبَ مِنْ مائِهِ، فَسَدَتْ معدَتُهُ.
والحُرْضَةُ، بالضم: أمينُ المُقامِرينَ.
والإِحْريضُ، بالكسر: العُصْفُرُ.
وحَرِضَ، كفرِحَ: لَقَطَه، وفَسَدَتْ مَعِدتُهُ.
وأحْرَضَهُ: أفْسَدَه،
وـ فلانٌ: وَلَدَ وَلَدَ سَوْءٍ.
وحَرَّضَه تَحْرِيضاً: حَثَّهُ،
وـ زَيْدٌ: شَغَلَ بِضاعَتَه في الحُرْضِ،
وـ ثَوْبَهُ: صَبَغَه بالإِحْرِيضِ،
وـ الثَّوْبُ: بَلِيَ طُرَّتُهُ.
والمُحارَضَةُ: المُداوَمَةُ على العَمَلِ، والمضَارَبَةُ بالقِداحِ.

الهَرْسُ

الهَرْسُ: الأكلُ الشديدُ، والدَّقُّ العَنِيفُ، ومنه: الهَرِيسُ والهَرِيسَةُ.
والهَرَّاسُ: مُتَّخِذُه.
والمِهْراسُ: الهاوُونُ، وحَجَرٌ مَنْقُورٌ يُتَوضَّأُ منه، وماءٌ بأُحُدٍ،
وع باليمامة نَزَلَه الأعْشَى، والشديدُ الأكلِ من الإِبِلِ، والجَسيمُ الثقيلُ منها، والرجلُ لا يَتَهَيَّبُه ليلٌ ولا سُرًى. وكغُرابٍ وكَتَّانٍ وكتِفٍ: الأسَدُ الشديدُ ط. وكَسحابٍ: شَجَرٌ شائِكٌ ثَمَرُهُ كالنَّبِقِ، الواحِدَةُ: بهاءٍ.
وأرضٌ هَرِسَةٌ: أنْبَتَتْها، وبه سَمَّوا، ومنه إبراهيمُ بنُ هَرَاسَةَ، وهو مَتْروكُ الحديث. وككَتِفٍ: الثوبُ الخَلَقُ، وبالفتح وككَتِفٍ: السِّنَّوْرُ.
وهَرِسَ الرَّجُلُ، كفرِحَ: اشْتَدَّ أكْلُهُ.

الْمسْح

(الْمسْح) الكساء من شعر وثوب الراهب (مو) والجادة من الأَرْض (ج) أمساح ومسوح
الْمسْح: (دست رسانيدن بشى) . وَفِي الشَّرْع إِصَابَة الْيَد المبتلة الْعُضْو بِلَا تسييل المَاء إِمَّا بللا يَأْخُذهُ من الْإِنَاء أَو بللا بَاقِيا فِي الْيَد بعد غسل عُضْو من المغسولات. وَلَا يَكْفِي البلل الْبَاقِي فِي يَده بعد مسح عُضْو من الممسوحات. لَا يَكْفِي بَلل يَأْخُذهُ من بعض أَعْضَائِهِ سَوَاء كَانَ ذَلِك الْعُضْو مغسولا أَو ممسوحا وَكَذَا فِي مسح الْخُف.
اعْلَم أَن المُرَاد بِالْمَسْحِ فِي قَوْله تَعَالَى: {وامسحوا برؤوسكم} مسح بعض الرَّأْس بالِاتِّفَاقِ لِأَن الْبَاء هُنَاكَ دخلت على الْمحل - وَالْأَصْل أَن تدخل على الْآلَة وَهِي غير مَقْصُودَة فَإِنَّهُ يَكْتَفِي فِيهَا بِقدر مَا يحصل بِهِ الْمَقْصُود فحين دخلت على الْمحل شبه الْمحل بالآلة فَلَا يشْتَرط الِاسْتِيعَاب فَاعْلَم أَن الْآيَة عِنْد الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى مُطلق. وَلِهَذَا اعْتبر أقل مَا يُطلق عَلَيْهِ اسْم الْمسْح إِذْ لَا دَلِيل على الزِّيَادَة وَلَا إِجْمَال فِي الْآيَة. وَعند أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى مُجمل فَقَالَ إِنَّه لَيْسَ بِمُرَاد لحصوله فِي ضمن غسل الْوَجْه الْبَتَّةَ مَعَ عدم تأدي الْفَرْض أَي مسح الرَّأْس فِي غسل الْوَجْه اتِّفَاقًا. بل المُرَاد بعض مُقَدّر فَصَارَت مُجملا بَينه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام بِمِقْدَار الناصية وَهُوَ ربع الرَّأْس.
وَأجَاب الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى بِأَن عدم تأدي الْفَرْض أَي مسح الرَّأْس بِمَا حصل فِي ضمن غسل الْوَجْه مَبْنِيّ على فَوَات التَّرْتِيب وَهُوَ فرض فَصَارَ الْخلاف مَبْنِيا على الْخلاف فِي اشْتِرَاط التَّرْتِيب. فَإِن قيل قِرَاءَة الْجَرّ فِي أَرْجُلكُم فِي قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا قُمْتُم إِلَى الصَّلَاة فَاغْسِلُوا وُجُوهكُم وَأَيْدِيكُمْ إِلَى الْمرَافِق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إِلَى الْكَعْبَيْنِ} متواترة كَمَا أَن قِرَاءَة النصب متواترة فَمُقْتَضى الْجمع بَين الْقِرَاءَتَيْن التَّخْيِير بَين الْغسْل وَالْمسح كَمَا قَالَ بِهِ الْبَعْض - قُلْنَا قِرَاءَة الْجَرّ ظَاهرهَا متروكــة بِالْإِجْمَاع لِأَن من قَالَ بِالْمَسْحِ لم يَجعله مُقَيّدا بالكعبين. وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام بعد غسل رجلَيْهِ " هَذَا وضوء لَا يقبل الله الصَّلَاة إِلَّا بِهِ " - والجر للجوار كَمَا قرئَ كسر الدَّال فِي الْحَمد لله وككسر محرم فِي قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام " من ملك ذَا رحم محرم مِنْهُ عتق ". وَكَانَ الْقيَاس محرما بِالنّصب لِأَنَّهُ صفة ذَا محرم - وَفَائِدَة صُورَة الْجَرّ التَّنْبِيه على أَنه يَنْبَغِي أَن لَا يفرط فِي صب المَاء عَلَيْهِمَا ويغسلا غسلا خَفِيفا شَبِيها بِالْمَسْحِ.
وَتَحْقِيق الْمقَام وتنقيح المرام على مَا حررنا فِي رسالتنا التحقيقات أَن الماسحين قَائِلُونَ بِالْجَرِّ فِي قَوْله تَعَالَى: {وأرجلكم} وَيَقُولُونَ بفرضية مسح الأرجل فِي الْوضُوء - والغاسلون يقرؤون النصب فِيهِ فيستدلون بِهِ على فَرضِيَّة الْغسْل فِي الْوضُوء أَقُول بجره لَا يثبت الْمسْح وبنصبه لَا يثبت الْغسْل. أما الأول: فَلِأَن قَوْله تَعَالَى: {وأرجلكم} بِالْجَرِّ يحْتَمل أَن يكون مَعْطُوفًا على قَوْله: {وَأَيْدِيكُمْ} وَيكون جَرّه للجوار كَمَا مر. وَأما الثَّانِي: فَلِأَن قَوْله تَعَالَى: {وأرجلكم} بِالنّصب يحْتَمل أَن يكون مَعْطُوفًا على مَحل قَوْله تَعَالَى: {رؤوسكم} لِأَن مَحَله النصب لِأَنَّهُ مفعول بِهِ بِوَاسِطَة حرف الْجَرّ مَعَ أَن الْوَاو يحْتَمل أَن يكون وَاو الْمَعِيَّة الَّتِي تنصب مَا بعدهمَا مثل اسْتَوَى المَاء والخشبة فعلى أَي حَال إِذا قَامَ الِاحْتِمَال بَطل الِاسْتِدْلَال.

وَلَا يخفى: على سالك مسالك الانصاف. والمعرض عَن طَرِيق التعصب والاعتساف. أَنه يصول من وَادي هَذَا الْبَيَان أَسد. لَا يُمكن دَفعه لأحد. من الْفَرِيقَيْنِ إِلَّا مَا شَاءَ الله تَعَالَى وَهُوَ أَن الْآيَة الْمَذْكُورَة حِينَئِذٍ لَا تدل على فَرضِيَّة غسل الرجل وَلَا على مَسحه دلَالَة قَطْعِيَّة جلية فَلَا تثبت فرضيته كَيفَ فَإِن الْفَرْض مَا ثَبت بِدَلِيل قَطْعِيّ لَا شُبْهَة فِيهِ فَفرض الْوضُوء حِينَئِذٍ ثَلَاثَة لَا أَرْبَعَة فَافْهَم فَإِنَّهُ من مطارح الأذكياء - فَأَقُول استدلالنا على وجوب غسل الأرجل ودخولها فِي المغسولات دون الممسوحات بأمرين: الأول: أَنه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام قَالَ بعد غسل رجلَيْهِ " هَذَا وضوء لَا يقبل الله الصَّلَاة إِلَّا بِهِ ". كَمَا مر. وَالثَّانِي: أَن الله تَعَالَى ذكر الْغَايَة فِي المغسولات دون الممسوحات. فَهَذِهِ الْوَظِيفَة تدل دلَالَة جلية على دُخُولهَا تَحت المغسولات. لِأَنَّهُ تَعَالَى أَتَى بالغاية حَيْثُ قَالَ إِلَى الْكَعْبَيْنِ فهذان الْأَمْرَانِ يدلان على أَن قَوْله تَعَالَى: {وأرجلكم} مَنْصُوب مَعْطُوف على قَوْله تَعَالَى: {وَأَيْدِيكُمْ} لَا على مَحل {رؤوسكم} وَإِن كَانَ مجرورا فيدلان على أَن جَرّه للجوار لَا لِأَنَّهُ مَعْطُوف على قَوْله: {رؤوسكم} فَإِن قيل لم لم يَأْتِ بالغاية فِي غسل الْوَجْه. قُلْنَا لما كَانَ الْمَقْصُود غسل تَمام الْوَجْه مَا أَتَى بالغاية فِيهِ. وَالْوَجْه من المواجهة وَحده طولا وعرضا مَعْلُوم. قيل إِن الْجَرّ بالجوار لَا يجوز إِلَّا فِي الْجُمْلَة الْوَاحِدَة فَقَوله تَعَالَى: {أَرْجُلكُم} إِن كَانَ مَعْطُوفًا على {أَيْدِيكُم} لَا يجوز جَرّه بجوار قَوْله تَعَالَى: {ورؤوسكم} لاخْتِلَاف الجملتين.

الهَمَجُ

الهَمَجُ:
بالتحريك، والجيم، الهمج في كلام العرب:
البعوض، والهمج: الجوع، ثم يقال لأرذال الناس همج، والهمج: ماء وعيون عليه نخل من المدينة من جهة وادي القرى.
الهَمَجُ، محركةً: ذُبابٌ صَغيرٌ كالبَعوضِ، يَسْقُطُ على وُجوهِ الغَنَم والحَميرِ. والغَنَمُ المَهْزولَةُ، واحِدَتُهُ بهاءٍ، والحَمْقى، والنِّعاجُ الهَرِمَةُ، والجُوعُ، وسُوءُ التَّدبيرِ في المَعاشِ.
وهَمَجٌ هامِجٌ: تَوْكيدٌ.
وهَمَجَتِ الإِبِلُ من الماءِ: شَرِبَتْ منه دَفْعَةً واحِدَةً.
وأهْمَجَهُ: أخْفاهُ،
وـ الفَرَسُ: جَدَّ في جَرْيِهِ.
والهَميجُ: الفَتِيَّةُ من الظِّباءِ، والخَميصُ البَطْنِ، أو التي لها جُدَّتانِ في طُرَّتَيْها، أو التي أصابَها وجَعٌ فَذَبَلَ وجْهُها.
واهْتَمَجَ: ضَعُفَ من حَرٍّ أو غَيْرِه،
وـ وَجْهُهُ: ذَبَلَ.
والهامِجُ: الــمَتْروكُ يَمُوجُ بعضهُ في بعضٍ.

شاذ

الشاذ: ما يكون مخالفًا للقياس، من غير نظر إلى قلة وجوده وكثرته.

الشاذ من الحديث: هو الذي له إسناد واحد يشهد بذلك شيخ؛ ثقة كان أو غير ثقة، فما كان من غير ثقة، فــمتروك لا يقبل، وما كان عن ثقة يتوقف فيه ولا يحتج به.

الشاذ: وهو على نوعين شاذ مقبول، وشاذ مردود؛ أما الشاذ المقبول؛ فهو الذي يجيء على خلاف القياس، ويقبل عند الفصحاء، والبلغاء، وأما الشاذ المردود؛ فهو الذي يجيء على خلاف القياس، ولا يقبل عند الفصحاء، والبلغاء؛ والفرق بين الشاذ، والنادر، والضعيف، هو: أن الشاذ يكون في كلام العرب كثيرًا لكن بخلاف القياس، والنادر هو الذي يكون وجوده قليلًا لكن يكون على القياس، والضعيف هو الذي لم يصل حكمه إلى الثبوت.

تركة

تركة الميت: متروكــة، وفي الاصطلاح: هو المال الصافي عن أن يتعلق حق الغير بعينه.
التركة: في اللغة ما يتركه الشخص ويبقيه، وفي الاصطلاح: ما ترك الإنسان صافيًا خاليًا عن حق الغير.

وَدَعَ

(وَدَعَ)
(هـ) فِيهِ «لَيَنْتَهِينَّ أقوامٌ عَنْ وَدْعِهِم الجمُعَاتِ، أَوْ لَيْخْتَمَنّ عَلَى قُلُوبِهِمْ» أَيْ عَنْ تَرْكِهم إيَّاها والتَّخَلُّف عَنْهَا. يُقَالُ: وَدَعَ الشيءَ يَدَعُهُ وَدْعاً، إِذَا تَركَه. والنُّحاة يَقُولُونَ: إنَّ الْعَرَبَ أمَاتوا ماضِي يَدَعُ، ومصدَرَه، واسْتَغْنَوا عَنْهُ بَتَركَ. وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أفصَح. وَإِنَّمَا يُحْمَل قولُهم عَلَى قِلة اسْتعمالِه، فَهُوَ شاذٌ فِي الِاسْتِعْمَالِ، صَحِيحٌ فِي القِياس. وَقَدْ جَاءَ فِي غَيْرِ حَدِيثٍ، حَتَّى قُرِىء بِهِ قَوْلُهُ تَعَالَى مَا وَدَعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى بِالتَّخْفِيفِ.
(س [هـ] ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «إِذَا لَمْ يُنْكِرِ الناسُ المُنْكَرَ فَقَدْ تَوَدَّعَ مِنْهُمْ» أَيْ أُسْلِموا إِلَى مَا اسْتَحقُّوه مِنَ النَّكير عَلَيْهِمْ، وتُرِكُوا وَمَا اسْتَحَبُّوه مِنَ المَعاصي، حَتَّى يُكْثِروا مِنْهَا فَيَسْتَوْجِبوا العُقوبة» .
وَهُوَ مِنَ المَجازِ، لأنَّ المُعْتَنِيَ بِإِصْلَاحِ شأنِ الرجُل إِذَا يئِس مِنْ صَلاحِه تَركَه واسْتَرَاح مِنْ مُعاناةِ النَّصَب مَعَهُ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ قولِهم: تَوَدَّعْتُ الشيءَ، إِذَا صُنْتَه فِي مِيدَعٍ، يَعْنِي قَدْ صَارُوا بِحَيْثُ يُتَحَفَّظُ مِنْهُمْ ويُتَصوَّنُ، كَمَا يُتَوَقَّى شِرارُ النَّاسِ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ «إِذَا مَشَتْ هَذِهِ الأمّةُ السُّمَّيْهاءَ فَقَدْ تُوُدِّعَ مِنْهَا» .
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «اركَبوا هَذِهِ الدَّوابَّ سالِمةً، وايتَدِعُوهَا سَالِمَةً» أَيِ اتْرُكُوهَا ورَفِّهوا عَنْهَا إِذَا لَمْ تَحْتاجوا إِلَى رُكوبها، وَهُوَ افْتَعَل، مِنْ وَدُعَ بِالضَّمِّ وَدَاعَةً ودَعَةً: أَيْ سَكَن وتَرفَّه، وايتَدَعَ فَهُوَ مُتَّدِعٌ: أَيْ صاحِب دَعَةٍ، أَوْ مِن وَدَعَ، إِذَا تَرك. يُقَالُ: اتَّدَعَ وايتَدَعَ، عَلَى الْقَلْبِ والإدْغام والإظْهار.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «صلَّى مَعَهُ عبدُ اللَّه بْنُ أُنَيْس وَعَلَيْهِ ثوبٌ مُتَمزِّق فَلَمَّا انْصَرَفَ دَعا لَهُ بِثَوبٍ، فَقَالَ: تَوَدَّعْهُ بِخَلَقِكَ هَذَا» أَيْ صُنْه بِهِ، يُرِيدُ الْبَسْ هذا الذي دَفَعْتُ إِلَيْكَ فِي أوقاتِ الاحتِفال والتَّزَيُّن. والتَّوْدِيعُ: أَنْ تَجعل ثَوْبا وِقايَةَ ثوْبٍ آخَرَ، وَأَنْ تَجْعَله أَيْضًا فِي صُوَانٍ يَصُونه.
(س) وَفِي حَدِيثِ الخَرْص «إِذَا خَرَصْتُم فَخُذوا ودَعُوا الثُّلُث، فَإِنْ لَمْ تَدَعُوا الثُّلُث فَدَعُوا الرُّبُع» .
قَالَ الخطَّابي: ذَهَبَ بعضُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى أَنَّهُ يُتْرَكُ لَهُمْ مِنْ عَرَضِ الْمَالِ، تُوْسِعةً عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُ إِنْ أُخِذَ الحقُّ مِنْهُمْ مُسْتَوْفَىً أضرَّ بهِم، فَإِنَّهُ يَكُونُ مِنْهُ السَّاقِطةُ والهالِكةُ وَمَا يأكُله الطَّيرُ وَالنَّاسُ. وَكَانَ عُمَرُ يأمُر الخُرّاص بِذَلِكَ. وَقَالَ بعضُ العُلماء: لَا يُتْرك لَهُمْ شيءٌ شائِع فِي جُمْلةِ النَّخْل، بَلْ يُفْرَدُ لَهُمْ نَخَلاتٌ معدُودة قَدْ عُلِم مقدارُ ثَمَرِها بالخَرْص.
وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَنَّهُمْ إِذَا لَمْ يَرْضَوْا بِخَرْصكم فدَعُوا لَهُمُ الثُّلُث أَوِ الرُّبُع، ليَتَصَرَّفوا فِيهِ ويَضْمَنوا حَقَّه، ويَتْركوا الباقِيَ إِلَى أَنْ يَجِفَّ ويؤخَذَ حقُّه، لَا أَنَّهُ يُترك لَهُمْ بِلَا عِوَض وَلَا إِخْرَاجٍ.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «دَع دَاعِىَ اللَّبَن» أَيِ اتْرك مِنْهُ فِي الضَّرْع شَيْئًا يَسْتَنْزِل اللَّبَنَ، وَلَا تَسْتَقِص حَلَبه.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ طَهْفَةَ «لَكُمْ يَا بَنِي نَهْدٍ وَدَائِعُ الشِّرْكِ» أَيِ الْعُهُودِ والمَواثيق. يُقَالُ:
تَوَادَعَ الْفَرِيقَانِ، إِذَا أعْطَى كلُّ واحدٍ مِنْهُمَا الآخَرَ عَهْداً أَلَّا يَغْزوَه. وَاسْمُ ذَلِكَ الْعَهْدِ:
الْوَدِيعُ . يُقَالُ: أعْطَيْتُه وَدِيعاً: أَيْ عَهْدا.
وَقِيلَ: يَحْتَمِل أَنْ يُريد بِهَا مَا كَانُوا اسْتُودِعُوه مِنْ أَمْوَالِ الْكُفَّارِ الَّذِينَ لَمْ يَدْخُلُوا فِي الْإِسْلَامِ: أَرَادَ إحلالَها لَهُمْ؛ لِأَنَّهَا مالُ كافِرٍ قُدِر عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ عَهْد وَلَا شَرْط. وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ: «مَا لَمْ يَكُنْ عَهْدٌ وَلَا مَوْعِدٌ» .
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أَنَّهُ وَادَعَ بَنِي فُلَانٍ» أَيْ صالَحهم وسالمَهُم عَلَى تَرْك الحَرب والأذَى. وَحَقِيقَةُ الْمُوَادَعَةِ: المُتَاركة، أَيْ يدَعُ كلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا مَا هُوَ فِيهِ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «وَكَانَ كعبٌ القُرَظِيّ مُوَادِعاً لِرَسُولِ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم» . وَفِي حَدِيثِ الطَّعَامِ «غَيْرَ مَكْفُورٍ وَلَا مُوَدَّعٍ وَلَا مُسْتَغْنىً عَنْه رَبَّنا» أَيْ غَيْرَ مَتْروك الطَّاعة. وَقِيلَ: هُوَ مِن الْوَدَاعِ، وَإِلَيْهِ يَرْجع.
(هـ) وَفِي شِعْرُ الْعَبَّاسِ يمدَحُ النَّبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
مِنْ قَبْلِها طِبْت فِي الظّلاَلِ وَفِي ... مُسْتَوْدَعٍ حَيْثُ يُخْصَفُ الوَرَقُ
الْمُسْتَوْدَعُ: الْمَكَانُ الَّذِي تُجْعل فِيهِ الوَدِيعة. يُقَالُ: اسْتَوْدَعَتْهُ وَدِيعَةً، إِذَا اسْتَحْفَظْتَه إيَّاها، وَأَرَادَ بِهِ الموضعَ الَّذِي كَانَ بِهِ آدمُ وحَوَّاءُ مِنَ الْجَنَّةِ. وَقِيلَ: أَرَادَ بِهِ الرَّحِم.
(هـ) وَفِيهِ «مَنْ تَعَلَّق وَدَعَةً لَا وَدَعَ اللَّهُ لَهُ» الْوَدَعُ، بالفَتْح والسُّكون: جَمْع وَدَعَة، وَهُوَ شيءٌ أبيضُ يُجْلَب مِنَ البَحْر يُعَلَّق فِي حُلُوق الصِّبْيان وغَيْرِهم. وإنَّما نَهَى عَنْهَا لِأَنَّهُمْ كَانُوا يُعَلِّقُونها مَخافَةَ العَيْن.
وَقَوْلُهُ: «لَا وَدَعَ اللَّه لَهُ» : أَيْ لَا جَعَله فِي دَعَةٍ وسُكُون.
وَقِيلَ: هُوَ لَفْظٌ مَبْنيٌّ مِنَ الوَدَعَةَ: أَيْ لَا خَفَّفَ اللَّهُ عَنْهُ مَا يَخَافُه.

كَفَأَ

(كَفَأَ)
(هـ) فِيهِ «الْمُسْلِمُونَ تَتَكافَأُ دِماؤُهم» أَيْ تَتَساوَى فِي القِصاص والدِيات.
والكُفْءُ: النَّظير والمُساوِي. وَمِنْهُ الكَفاءة فِي النِكاح، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الزَّوْج مُساوِياً لِلْمَرْأَةِ فِي حَسَبِها ودِينها ونَسَبِها وبَيْتَها، وَغَيْرِ ذَلِكَ.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «كَانَ لَا يَقْبَل الثَّناء إِلَّا من مُكافِئ» قال القُتَيْبي: مَعْنَاهُ إِذَا أنْعَم عَلَى رجُل نِعْمةً فَكَافَأَهُ بالثَّنَاء عليهِ قَبل ثَناءه، وَإِذَا أثْنَى عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يُنْعِم عَلَيْهِ لَمْ يَقْبَلْها.
وَقَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: هَذَا غَلَط، إذْ كَانَ أحدٌ لَا يَنْفَكّ مِنْ إنْعام النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لإِنَّ اللَّهَ بَعَثه رَحْمَةً لِلنَّاسِ كَافَّةً، فَلَا يَخْرُجُ مِنْهَا مُكَافِئ وَلَا غَيْرُ مُكَافِئ. والثَّناء عَلَيْهِ فَرْض لَا يَتِمُّ الإسْلامُ إلاَّ بِهِ. وَإِنَّمَا الْمَعْنَى: لَا يَقْبَل الثَّناءَ عَلَيْهِ إِلَّا مِنْ رَجلٍ يَعْرف حَقِيقَةَ إسْلامه، وَلَا يَدْخل فِي جُمْلة المُنافقين الَّذِينَ يَقُولُونَ بألْسِنَتهم مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ.
وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ: وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ، إِلَّا مِنْ مُكافِئ: أَيْ مِن مُقارِبٍ غَيْرِ مُجاوِزٍ حَدَّ مِثْله وَلَا مُقَصِّرٍ عَمَّا رَفَعَه اللَّهُ إِلَيْهِ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ العَقِيقة «عَنِ الغُلام شَاتَانِ مُكَافِئَتان» يَعْنِي مُتَساوِيَتَين فِي السِّنّ: أَيْ لَا يُعَقُّ عَنْهُ إِلَّا بمُسِنَّة، وأقَلُّه أَنْ يَكُونَ جَذَعاً كَمَا يُجْزِئُ فِي الضَّحَايَا.
وَقِيلَ: مُكافِئتان: أَيْ مُسْتَوِيَتان أَوْ مُتَقارِبَتان. وَاخْتَارَ الخَطَّابي الْأَوَّلَ.
وَاللَّفْظَةُ «مكافِئَتان» بِكَسْرِ الْفَاءِ. يُقَالُ: كافَأَه يُكَافِئُه فَهُوَ مُكافئه: أَيْ مُساوِيه.
قَالَ: والمحدِّثون يَقُولُونَ: «مُكافَأَتان» بِالْفَتْحِ، وَأَرَى الفَتْح أوْلَى لِأَنَّهُ يُريد شاتَيْنِ قَدْ سُوِّيَ بَيْنَهُمَا، أَوْ مُسَاوَى بَيْنَهُمَا.
وَأَمَّا بِالْكَسْرِ فَمَعْنَاهُ أَنَّهُمَا مُتساوِيَتَان، فَيحتاج أنْ يذْكر أيَّ شَيْءٍ سَاوِيا، وَإِنَّمَا لَوْ قَالَ «مُتَكَافِئَتَان» كَانَ الكْسر أَوْلَى.
قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: لَا فَرْقَ بَيْنَ المُكَافِئَتين والمُكَافَأَتَين؛ لأنَّ كلَّ وَاحِدة إِذَا كَافَأَتْ أخْتَها فَقَدْ كُوفِئَت، فَهِيَ مُكَافِئة ومُكَافَأَة.
أَوْ يَكُونُ مَعْنَاهُ: مُعَادِلَتَانِ لِما يَجِب فِي الزَّكَاةِ والأضْحية مِنَ الْأَسْنَانِ. ويحتَمِل مَعَ الْفَتْحِ أَنْ يُرَاد مَذْبُوحَتان، مِن كَافَأَ الرجُلُ بُين بعيريْن، إِذَا نَحر هَذَا ثُمَّ هَذا مَعاً مِنْ غيْر تَفْريق، كَأَنَّهُ يُريد شاتَيْن يَذْبَحُهما فِي وقْت وَاحِدٍ.
وَفِي شِعْرِ حَسَّانَ:
ورُوحُ القُدْس لَيْسَ لَهُ كِفَاء
أَيْ جِبْرِيلُ لَيْسَ له نَظِير ولا مِثْل. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ: مَنْ يُكَافِئُ هَؤُلَاءِ؟» .
(س) وَحَدِيثُ الأحْنف «لاَ أُقاوِم مَنْ لاَ كِفَاءَ لَهُ» يَعْنِي الشَّيْطَانَ. ويُروَى «لاَ أُقَاوِل» .
[هـ] وَفِيهِ «لَا تَسْألِ المرأةُ طلاقَ أُخْتِهَا لِتَكْتَفِئَ مَا فِي إنَائِها» هُوَ تَفْتَعِل، مِنْ كَفَأْتُ القِدْر، إِذَا كَبَبْتَها لِتُفْرِغ مَا فِيهَا. يُقَالُ: كَفأت الْإِنَاءَ وأَكْفَأْتُه إِذَا كَبَبْتَه، وَإِذَا أمَلْته.
وَهَذَا تَمْثيل لإمالَة الضَّرَّة حَقَّ صاحِبَتها مِنْ زَوْجِهَا إِلَى نَفْسها إِذَا سألتْ طَلاَقها.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ الْهِرَّةِ «أَنَّهُ كَانَ يُكْفِئ لَهَا الْإِنَاءَ» أَيْ يُميله لتَشْربَ منْه بِسُهولة.
(س) وَحَدِيثُ الفَرَعَة «خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذْبَحه يَلْصَقُ لَحْمُهُ بِوَبَرِهِ، وتُكْفِئ إِنَاءَك وتُولِّه ناقَتَك» أَيْ تَكُبّ إناءَك، لِأَنَّهُ لَا يَبْقَى لَكَ لَبَنٌ تَحْلُبُه فِيهِ.
(س) وَحَدِيثُ الصِّراط «آخرُ مَنْ يَمُرُّ رَجُلٌ يَتَكَفَّأُ بِهِ الصِّراط» أَيْ يَتَمَيَّل ويَنْقلب.
وَمِنْهُ حَدِيثُ [دُعَاءِ] الطَّعَامِ «غير مِكْفَئٍ وَلَا مُودَّعٍ رَبنَّا» أَيْ غَيْرُ مَرْدُود وَلاَ مَقْلُوب. والضَّمير رَاجِعٌ إِلَى الطَّعام.
وَقِيلَ: «مَكْفِيّ» مِنَ الْكِفَايَةِ، فَيَكُونُ مِنَ المعْتَلّ. يَعْنِي أنَّ اللَّهَ هُوَ المُطْعِم والْكاَفِي، وَهُوَ غَيْر مُطْعَم وَلَا مَكْفيٍّ، فَيَكُونُ الضَّمِيرُ رَاجِعًا إِلَى اللَّهِ. وَقَوْلُهُ «وَلَا مُوَدَّع» أَيْ غَيْرِ مَتْروك الطَّلَب إِلَيْهِ والرَّغْبة فِيمَا عِنْدَهُ.
وأمَّا قَوْلُهُ «ربَّنا» فَيَكُونُ عَلَى الْأَوَّلِ مَنْصُوبًا عَلَى النَّداء الْمُضَافِ بِحَذْفِ حَرْف النَّداء، وَعَلَى الثَّانِي مَرْفُوعًا عَلَى الابْتداء ، أَيْ ربُّنا غيرُ مَكْفيّ وَلَا مُودَّع.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكون الْكَلَامُ رَاجِعًا إِلَى الْحَمْدِ، كَأَنَّهُ قَالَ: حَمْداً كَثِيراً مُبارَكاً فِيهِ، غَيْرَ مَكْفيٍّ وَلَا مُودَّع، وَلَا مُسْتَغْنىً عَنْهُ: أَيْ عن الحمد. وَفِي حَدِيثِ الضَّحِيَّةِ «ثُمَّ انْكَفَأَ إِلَى كَبْشَيْن أمْلَحَين فذبَحَهُما» أَيْ مَالَ ورَجَع.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «فَأَضَعُ السَّيْفَ فِي بَطْنِهِ ثُمَّ أَنْكَفِئُ عَلَيْهِ» .
وَفِي حَدِيثِ الْقِيَامَةِ «وَتَكُونُ الأرضُ خُبْزة واحِدة، يَكْفَؤُها الجبَّار بيَدِه كَمَا يَكْفَأُ أحَدُكُم خُبْزَته فِي السَّفَر» .
وَفِي رِواية «يَتَكَفَّؤُها» يُرِيدُ الخُبْزة التَّي يَصْنَعُها المُسافِر وَيَضَعها فِي المَلَّة، فَإِنَّهَا لَا تُبْسَط كالرُّقاقة، وَإِنَّمَا تُقْلَب عَلَى الأيْدي حَتَّى تَسْتَوِي.
[هـ] وَفِي صِفَةِ مَشْيه عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «كَانَ إِذَا مَشَى تَكَفَّى تَكَفِّياً» أَيْ تَمَايَلَ إِلَى قُدّام، هَكَذَا رُوي غيرَ مَهْمُوزٍ، وَالْأَصْلُ الْهَمْزُ، وَبَعْضُهُمْ يَرْوِيهِ مَهْمُوزًا، لِأَنَّ مَصْدر تَفَعَّل مِنَ الصَّحِيحِ تَفَعُّلٌ، كَتَقَدّم تَقَدُّماً وتَكَفَّأَ تَكَفُّأً، وَالْهَمْزَةُ حَرْفٌ صَحِيحٌ. فَأَمَّا إِذَا اعْتلَّ انكسَرت عَيْنُ المُسْتَقْبَل مِنْهُ، نَحو: تَحَفَّى تَحَفِّياً، وتَسَمَّى تَسَمِّياً، فَإِذَا خُفْفَت الْهَمْزَةُ الْتَحَقَت بالمُعْتَل، وَصَارَ تَكَفِّيا، بالكَسْر.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ «وَلَنَا عَبَاءَتَانِ نُكَافِئ بِهِمَا عَيْنَ الشَّمس» أَيْ نُدافع، مِنَ المُكَافأة: المُقَاوَمَة.
(س) وَفِي حَدِيثِ أُمِّ مَعْبَد «رَأَى شَاة فِي كِفاء الْبَيْتِ» هُوَ شُقَّة أَوْ شُقَّتان تُخاط إحداهُما بِالْأُخْرَى، ثُمَّ تُجْعل فِي مُؤَخَّر الْبَيْتِ، وَالْجَمْعُ: أَكْفِئَة، كحِمار، وأحْمِرة.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ «أَنَّهُ انْكَفَأَ لَوْنُه عامَ الرَّمَادَةِ» أَيْ تَغَيَّر عَنْ حَالِهِ.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ الْأَنْصَارِيِّ «مَا لِي أرَى لَوْنَك مُنْكَفِئاً؟ قَالَ: مِنَ الجُوع» .
(هـ) وَفِيهِ «أَنَّ رَجُلاً اشْتَرَى مَعْدِناً بِمِائَةِ شَاةٍ مُتْبِع، فَقَالَتْ لَهُ أمُّه: إِنَّكَ اشتريْتَ ثلاَثمائة شَاةٍ أمَّهاتُها مِائَةٌ، وأولادُها مِائَةٌ، وكُفْأَتُها مِائَةٌ» أصْل الكُفْأَة فِي الْإِبِلِ: أَنْ تُجْعَل قطْعَتين يُراوَح بينهما في النِّتاج. يقال: أعْطني كُفْأَةَ ناقِتك وكَفْأَتَهَا: أَيْ نِتاجَها. وأَكْفَأت إِبِلِي كُفْأَتين، إِذَا جَعَلْتها نِصْفَيْنِ يُنْتَجُ كلَّ عَامٍ نصفُها ويُتْرك نصفُها، وَهُوَ أَفْضَلُ النِّتَاجِ، كما يُفْعل بالأرض للزراعة. وَيُقَالُ: وهَبْتُ لَهُ كُفْأَةَ ناقَتِي: أَيْ وَهْبَتُ لَهُ لبَنها ووَلَدَها ووَبَرها سَنَة.
قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: جَعَلتْ كُفأةَ مائِة نِتَاجٍ، فِي كُلِّ نِتاج مِائَةٌ، لِأَنَّ الْغَنَمَ لَا تُجْعَلُ قِطْعَتَيْنِ، وَلَكِنْ يُنْزَى عَلَيْهَا جَمِيعًا وتَحْمِل جَمِيعًا، وَلَوْ كَانَتْ إبِلاً كَانَتْ كُفأة مِائَةٍ مِنَ الْإِبِلِ خَمْسِينَ.
(س) وَفِي حَدِيثِ النَّابِغَةِ «أَنَّهُ كَانَ يُكْفِئُ فِي شِعْره» الإِكفاء فِي الشِّعْر: أَنْ يُخَالِف بَيْنَ حَرَكات الرَّوِيّ رَفْعاً ونَصْباً وجَرّاً، وَهُوَ كالإقواء.

قَدَمَ

(قَدَمَ)
- فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى «المُقَدِّم» هُوَ الَّذِي يُقَدِّم الأشياءَ ويَضَعها فِي مواضِعها، فَمَنِ اسْتَحقّ التقديمَ قَدَّمه.
(هـ) وَفِي صِفَةِ النَّارِ «حَتَّى يَضَعَ الْجَبَّارُ فِيهَا قَدَمَه» أَيِ الَّذِينَ قَدَّمَهم لَهَا مِنْ شِرار خَلْقه، فَهُمْ قَدَمُ اللَّهِ لِلنَّارِ، كَمَا أَنَّ الْمُسْلِمِينَ قَدَمُه لِلْجَنَّةِ.
والقَدَم: كلُّ مَا قدّمْتَ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ. وتَقَدَّمَتْ لفُلان فِيهِ قَدَمٌ: أَيْ تَقَدُّم فِي خَيْرٍ وشرٍّ.
وَقِيلَ: وضْع القَدم عَلَى الشَّيْءِ مَثَل للرَّدْع والقَمْع، فَكَأَنَّهُ قَالَ: يَأْتِيهَا أمرُ اللَّهِ فَيكُفّها مِنْ طلَب المَزيد.
وَقِيلَ: أَرَادَ بِهِ تَسْكِينَ فَوْرتها، كَمَا يُقَالُ لِلْأَمْرِ تُريد إِبْطَالَهُ: وضَعْته تَحْتَ قَدَمِي.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «ألاَ إِنَّ كلَّ دَمٍ ومَأثُرةٍ تَحْتَ قَدَمَيَّ هاتَين» أَرَادَ إخْفاءَها، وإعْدامها، وإذْلال أمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ، ونَقْضَ سُنَّتها.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «ثلاثةٌ فِي المَنْسَي تَحْتَ قَدَم الرَّحْمَنِ» أَيْ أَنَّهُمْ مَنْسِيُّون، مَتْروكــون، غيرُ مَذْكورِين بِخَيْرٍ.
(هـ) وَفِي أَسْمَائِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «أَنَا الحاشِرُ الَّذِي يُحْشَر الناسُ عَلَى قَدَمِي» أَيْ عَلَى أثَرِي.
وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ «إنَّا عَلَى مَنازِلِنا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وقِسْمة رَسُولِهِ، والرجُلُ وقَدَمُه، والرجُلُ وبَلاؤه» أَيْ فِعاله وتَقَدُّمه فِي الْإِسْلَامِ وسَبْقه.
وَفِي حَدِيثِ مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ «كَانَ قَدْرُ صَلَاتِهِ الظُّهرَ فِي الصَّيْفِ ثَلَاثَةَ أَقْدام إلى خمسة أَقْدام» أَقْدام الظَّل الَّتِي تُعْرَف بِهَا أَوْقَاتُ الصَّلَاةِ هِيَ قَدَم كُلِّ إِنْسَانٍ عَلَى قَدْر قامَتِه، وَهَذَا أمرٌ مُخْتلِف باخْتلاف الْأَقَالِيمِ وَالْبِلَادِ؛ لِأَنَّ سَبَبَ طُول الظِل وقِصَره هُوَ انحِطاط الشمس وارتِفاعُها إلى سَمْت الرؤوس، فكلَّما كانت أعْلى، وإلى مُحاذاة الرؤوس فِي مَجْراها أقْرَب، كَانَ الظِل أقْصر، وينعكِس الأمرْ بِالْعَكْسِ، وَلِذَلِكَ تَرَى ظِلّ الشِتاء فِي الْبِلَادِ الشماليَّة أَبَدًا أطْول مِنْ ظِل الصَّيْفِ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ مِنْهَا، وَكَانَتْ صَلَاتُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِمَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ مِنَ الْإِقْلِيمِ الثَّانِي. ويُذْكر أَنَّ الظِل فِيهِمَا عِنْدَ الاعْتِدال فِي آذارَ وأيْلُول ثَلَاثَةُ أَقْدام وَبَعْضُ قَدَم، فيشْبِه أَنْ تَكُونَ صَلَاتُهُ إِذَا اشتدَّ الْحَرُّ مُتَأخِّرة عَنِ الوقْت الْمَعْهُودِ قبلَه إِلَى أَنْ يَصِير الظِلُّ خَمْسَةَ أَقْدَام، أَوْ خَمْسَةً وَشَيْئًا، وَيَكُونُ فِي الشِّتَاءِ أوّلَ الْوَقْتِ خمسةَ أَقْدام، وآخِرُه سَبْعَةً، أَوْ سَبْعَةً وَشَيْئًا، فيُنَزَّل هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ فِي ذَلِكَ الْإِقْلِيمِ دُونَ سَائِرِ الْأَقَالِيمِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
[هـ] وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ «غَيْرُ نَكِلٍ فِي قَدَمٍ وَلَا واهِناً فِي عَزْم » أَيْ فِي تَقَدُّم.
وَيُقَالُ: رجُلٌ قَدَمٌ إِذَا كَانَ شُجَاعًا. وَقَدْ يَكُونُ القَدَم بِمَعْنَى التقدُّم.
(س) وَفِي حَدِيثِ بَدْرٍ «أَقْدِم حَيْزُومُ» هُوَ أمرٌ بالإِقْدام. وَهُوَ التقدُّم فِي الحرْب. والإِقْدام: الشَّجَاعَةُ. وَقَدْ تُكْسر هَمْزَةُ: «إقْدَم» ، وَيَكُونُ أمْراً بالتقدُّم لَا غَير. وَالصَّحِيحُ الْفَتْحُ، مِنْ أقْدَم.
(س) وَفِيهِ «طُوبَى لعبْدٍ مُغْبَرٍّ قُدُمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» رجُلٌ قُدُمٌ بِضَمَّتَيْنِ: أَيْ شُجَاعٌ.
ومَضَى قُدُماً إِذَا لَمْ يُعَرِّج.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ شَيْبة بْنِ عُثْمَانَ «فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قُدْماً، هَا» أَيْ تَقَدَّموا وَ «هَا» تَنْبيه، يُحَرِّضُهم عَلَى الْقِتَالِ.
وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ «نَظَر قُدُماً أمامَه» أي لم يُعَرِّج وَلَمْ يَنْثَن. وَقَدْ تُسَكّن الدَّالُ. يُقَالُ: قَدَمَ بِالْفَتْحِ يَقْدُم قُدْماً: أَيْ تَقَدَّم.
(س) وَفِيهِ «أنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ سَلَّم عَلَيْهِ وَهُوَ يُصَلّي فَلَمْ يَرُدّ عَلَيْهِ، قَالَ: فَأَخَذَنِي مَا قَدُم وَمَا حَدُث» أَيِ الحُزْن وَالْكَآبَةُ، يُرِيد أَنَّهُ عاوَدَتْه أحزانُه الْقَدِيمَةُ واتَّصَلت بِالْحَدِيثَةِ.
وَقِيلَ: مَعْنَاهُ غَلب عليَّ التفكُّرُ فِي أحْوالي الْقَدِيمَةِ والحَديثة. أيُّها كَانَ سَبَبًا لتَرك رَدِّه السَّلَامَ عَلَيَّ.
[هـ] وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ ابْنَ أَبِي الْعَاصِ مَشى القُدَمِيَّة» وَفِي رِوَايَةٍ «اليقْدُمِيَّة » وَالَّذِي جَاءَ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ «القُدَمِيَّة» وَمَعْنَاهَا أَنَّهُ تَقَدَّم فِي الشّرَف والفضْل عَلَى أَصْحَابِهِ.
وَقِيلَ: مَعْنَاهُ التَّبَخْتر، وَلَمْ يُرد المَشْي بِعَيْنِهِ.
وَالَّذِي جَاءَ فِي كُتب الْغَرِيبِ «اليقْدُمِيَّة» [والتَّقْدُمِيَّة ] بِالْيَاءِ وَالتَّاءِ فَهُمَا زَائِدَتَانِ، ومعناهُما التَّقَدُّمُ.
وَرَوَاهُ الْأَزْهَرِيُّ بِالْيَاءِ الْمُعْجَمَةِ مِنْ تَحْتُ، وَالْجَوْهَرِيُّ بِالْمُعْجَمَةِ مِنْ فَوْق.
وَقِيلَ: إنَّ اليَقْدُمِيَّة بِالْيَاءِ مِنْ تَحْتُ هُوَ التقدُّم بهِمَّتِه وَأَفْعَالِهِ.
(س) وَفِي كِتَابِ مُعَاوِيَةَ إِلَى مَلِكِ الرُّومِ «لأكوننَّ مُقَدِّمَتَه إِلَيْكَ» أَيِ الْجَمَاعَةَ الَّتِي تَتقدّم الْجَيْشَ، مِنْ قَدَّم بِمَعْنَى تَقَدَّم، وَقَدِ اسْتُعيرت لِكُلِّ شَيْءٍ، فَقِيلَ: مُقَدِّمة الْكِتَابِ، ومُقَدِّمة الْكَلَامِ بِكَسْرِ الدَّالِ، وَقَدْ تُفْتح.
وَفِيهِ «حَتَّى إِنَّ ذِفْراها لتَكاد تُصيب قادِمَةَ الرَّحْل» هِيَ الْخَشَبَةُ الَّتِي فِي مُقَدِّمة كُور الْبَعِيرِ بِمَنْزِلَةِ قَرَبُوس السَّرج. وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرها فِي الْحَدِيثِ.
(س) وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ «قَالَ لَهُ أَبَانُ بْنُ سَعِيدٍ: تَدَلَّى مِنْ قَدُوم ضَأْنٍ» قِيلَ: هِيَ ثَنِيَّة أَوْ جَبلٌ بالسَّراة مِنْ أَرْضِ دَوْس.
وَقِيلَ: القَدوم: مَا تَقَدَّمَ مِنَ الشَّاةِ، وَهُوَ رأسُها، وَإِنَّمَا أَرَادَ احْتِقارَه وصِغَر قَدْرِه.
(س) وَفِيهِ «إِنَّ زَوْج فُرِيعة قُتِل بطَرَف القَدوم» هُوَ بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيدِ: مَوْضِعٌ عَلَى سِتَّةِ أَمْيَالٍ مِنَ الْمَدِينَةِ.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «إِنَّ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ اخْتَتَن بالقَدوم» قِيلَ: هِيَ قَرْيَةٌ بِالشَّامِ. ويُروَى بِغَيْرِ أَلِفٍ وَلَامٍ. وَقِيلَ: القَدوم بالتخفيف والتشديد: قَدُوم النَّجَّار. وَفِي حَدِيثِ الطُّفَيْلِ بْنِ عَمْرٍو:
ففِينا الشِعْرُ والمُلْكُ القُدَامُ
أَيِ الْقَدِيمُ، مثْل طَويل وطُوال.

فَرَطَ

(فَرَطَ)
(هـ) فِيهِ «أنَا فَرَطُكم عَلَى الحَوْض» أَيْ مُتَقَدِّمُكُمْ إِلَيْهِ. يُقَالُ:
فَرَطَ يَفْرِطُ، فَهُو فَارِطٌ وفَرَطٌ إِذَا تقَدَّم وسَبَق الْقَوْمَ ليَرْتادَ لَهُمُ الْمَاءَ، وَيُهَيِّئَ لَهُمُ الدِّلاء والأَرِشيَة.
(هـ) وَمِنْهُ الدُّعَاءُ للطِّفل الميِّت «اللَّهُمَّ اجْعَلْه لَنَا فَرَطاً» أَيْ أجْراً يَتَقَدَّمُنا. يُقَالُ: افْتَرَطَ فُلان ابْناً لَهُ صَغيرا إِذَا مَاتَ قَبْله.
وَحَدِيثُ الدُّعَاءِ أَيْضًا «عَلَى مَا فَرَطَ منِّي» أَيْ سَبَق وَتَقَدَّمَ.
[هـ] وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أَنَا والنَّبِيُّون فُرَّاط القَاصِفين» فُرَّاط: جَمْع فَارِط: أَيْ مُتَقَدّمون إِلَى الشَّفَاعَةِ. وَقِيلَ: إِلَى الحَوْض. والقاصِفون: المُزْدَحِمُون.
وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ «قَالَ لِعَائِشَةَ: تَقدَمِين عَلَى فَرَطِ صدقٍ» يَعني رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ، وأضافَهُما إِلَى صِدْق وصْفاً لهمَا ومَدْحا.
[هـ] وَفِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ «قَالَتْ لِعَائِشَةَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ نَهاك عَنِ الفُرْطَة فِي الدِّين» يَعْنِي السَّبْق والتَّقَدُّم ومُجاوَزة الحَدِّ. الفُرْطَة بِالضَّمِّ: اسْمٌ لِلْخُرُوجِ والتَّقَدُّم، وَبِالْفَتْحِ المرَّة الواحِدة.
وَفِيهِ «أَنَّهُ قَالَ- وَهُوَ بطَرِيق مَكَّةَ-: مَنْ يَسْبقنا إِلَى الْإِثَايَةِ فيَمْدُرُ حَوْضَها ويُفْرِطُ فِيهِ فيَملؤه حَتَّى نأتِيَه» أَيْ يُكْثِر مِنْ صَبِّ الْمَاءِ فِيهِ. يُقَالُ: أَفْرَطَ مَزَادتَه إِذَا مَلأها، مِنْ أَفْرَطَ فِي الأمْر إِذَا جاوَز فِيهِ الحَدّ.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ سُراقة «الَّذِي يُفْرِطُ فِي حَوْضِه» أَيْ يَمْلؤه.
وَمِنْهُ قَصِيدُ كَعْبٍ:
تَنْفِي الرّيَاحُ القَذَى عَنْهُ وأَفْرَطَه أَيْ مَلَأَهُ. وَقِيلَ: أَفْرَطَه هَاهُنَا بمعنى تركَه. وَمِنْهُ حَدِيثُ سَطِيح:
إنْ يُمْسِ مُلْكُ بَنِي سَاسَانَ أَفْرَطَهُم أَيْ تَرَكَهُمْ وَزَالَ عَنْهم.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ «لَا يُرَى الجاهلُ إِلَّا مُفْرِطاً أَوْ مُفَرِّطاً» هُو بِالتَّخْفِيفِ: الْمُسْرِف فِي العَمَل، وَبِالتَّشْدِيدِ: المُقَصِّر فِيهِ.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «إِنَّهُ نَامَ عَنِ العِشَاء حَتَّى تَفَرَّطَتْ» أَيْ فَاتَ وقْتُها قَبْلَ أدائِها.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ تَوْبَةِ كَعْبٍ «حَتَّى أسْرَعوا وتَفَارَطَ الغَزْوُ» وَفِي رِوَايَةٍ «تَفَرَّطَ الغَزْوُ» أَيْ فَاتَ وقْتُه وَتَقَدَّمَ.
(س) وَفِي حَدِيثِ ضُباعة «كَانَ الناسُ إِنَّمَا يَذْهَبون فَرْطَ اليَوْمين فَيَبْعَرُون كَمَا تَبْعَر الْإِبِلُ» أَيْ بَعْدَ يَوْمَين. يُقَالُ: آتِيك فَرْطَ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَين: أَيْ بَعْدَهُما، ولَقِيتُه الفَرْطَ بَعْدَ الفَرْطِ أَيِ الحِينَ بَعْد الحِين.
فَرَطَ فُروطاً بالضم: سَبَقَ، وتَقَدَّمَ،
وـ في الأمْرِ فَرْطاً: قَصَّرَ به، وضَيَّعَهُ،
وـ عليه في القولِ: أسْرَفَ،
وـ وُلْداً: ماتُوا له صِغَاراً،
وـ إليه رَسولَهُ: قَدَّمَهُ، وأرْسَلَهُ،
وـ النَّخْلَةُ: ما لُقِّحَتْ حتى عَسَا طَلْعُها، وأفْرَطَها غيرُها.
وفَرَطَ القومَ يَفْرِطُهُمْ فَرْطاً وفَراطةً: تَقَدَّمَهُمْ إلى الوِرْدِ لإِصْلاحِ الحَوْضِ والدِّلاَء، وهم الفُرَّاطُ،
والفَرْطُ: الاسْمُ من الإِفْرَاطِ، والغَلَبَةُ، والجَبَلُ الصغيرُ، أو رأسُ الأكَمَةِ، والعَلَمُ المُسْتَقِيمُ يُهْتَدَى به
ج: أفْرُطٌ وأفْراطٌ، والحِينُ، وأنْ تأتِيهُ بعدَ الأيَّامِ، ولا يكونُ أكْثَرَ من خَمْسَةَ عَشَرَ، ولا أقَلَّ من ثَلاَثَةٍ، وطَرِيقٌ،
أو ع بِتهامَةَ، وبالتحريكِ: المُتَقَدِّمُ إلى الماء، للواحِدِ والجَمِيعِ، والماءُ المُتَقَدِّمُ لغيرِهِ من الأَمْواهِ، وما تَقَدَّمَكَ من أجْرٍ وعَملٍ، وما لم يُدْرِكْ من الولَدِ، وبضمَّتيْنِ: الظُّلْمُ والاعْتِدَاء، والأمْرُ المُجاوَزُ فيه عن الحَدِّ، والفَرَسُ السريعةُ.
والفُراطَةُ، كثُمامَةٍ: الماء يكونُ شَرَعاً بينَ عِدَّةِ أحْياء، من سَبَقَ إليه، فهو له.
والفَارِطَانِ: كوْكَبَانِ أمام بَناتِ نَعْشٍ.
وأفْراطُ الصَّباحِ: تَباشِيرُهُ.
وفَرَّطَ الشيءَ،
وـ فيه تَفْرِيطاً: ضَيَّعَهُ، وقَدَّمَ العَجْزَ فيه، وقصَّرَ،
وـ إليه رسولاً: أرْسَلَهُ،
وـ فلاناً: تَرَكَهُ، وتَقَدَّمَهُ، ومَدَحَهُ حتى أفْرَطَ في مَدْحِهِ،
وـ اللُّه تعالى عن فُلانٍ ما يَكْرَهُ: نَحَّاهُ.
وأفْرَطَهُ: مَلأَهُ حتى أسالَ الماء، أو حتى فاضَ،
وـ الأمْرَ: نَسِيَهُ،
وـ عليه: حَمَّلَهُ ما لا يُطيقُ، وجاوَزَ الحَدَّ، وأعْجَلَ بالأمْرِ،
وـ السَّحابُ بالوَسْمِيِّ: عَجَّلَتْ به،
وـ بِيَدِهِ إلى سَيْفِهِ لِيَسْتَلَّهُ: بادَرَ، وأرسَلَ رسولاً خاصّاً في حَوائِجِهِ.
وتَفارَطَتْهُ الهُمومُ: أصابَتْهُ في الفَرْطِ، أو تَسَابَقَتْ إليه،
وـ فلانٌ: سَبَقَ، وتَسَرَّعَ،
وـ الشيءُ: تأخَّرَ وَقْتُهُ، فلم يَلْحَقْهُ من أرادَهُ.
وهو لا يُفْتَرَطُ إحْسَانُهُ: لا يُخافُ فَوتُهُ.
والفَرْطَةُ: المَرَّةُ الواحِدَةُ من الخُروجِ، وبالضم: الاسمُ.
وبعيرٌ ورجُلٌ فُرَطِيٌّ، كجُهَنيٍّ وعَرَبِيٍّ: صَعْبٌ، وقوله تعالى:
{وأنَّهُم مُفْرَطونَ} ، أي: مَنْسِيُّونَ مَتْرُوكــونَ في النارِ، أو مُقَدَّمُونَ مُعَجَّلُونَ إليها. وقُرِئ بكسر الراء، أي: مُجَاوِزُونَ لما حُدَّ لهم.
وفارَطَهُ: ألْفاهُ، وصادَفَهُ، وسابَقَهُ.
وتَكَلَّمَ فِراطاً، ككِتابٍ، أي: سَبَقَتْ منه كَلِمَةٌ.
وافْتَرَطَ ولَداً، أي: ماتَ وَلَدُه قبلَ الحُلُمِ.

شَطَرَ

(شَطَرَ)
فِيهِ «أنَّ سْعداً رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ اسْتَأذَنَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يتصدَّق بمالِه قَالَ: لاَ، قالَ: الشَّطْرَ، قَالَ: لاَ، قَالَ: الثلُثَ، فَقَالَ: الثُّلُث، والثُلث كثيرٌ» الشَّطْرُ: النصفُ، ونَصْبُه بِفِعْلٍ مُضْمر: أَيْ أهَب الشَّطْرَ، وَكَذَلِكَ الثُلث.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «مَنْ أَعَانَ عَلَى قَتْلِ مُؤمن بِشَطْرِ كَلِمَةٍ» قِيلَ هُوَ أَنْ يَقُولَ أُقْ، فِي أقْتل، كَمَا قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «كَفى بِالسَّيْفِ شاَ» يُرِيدُ شَاهِدًا .
(س) وَمِنْهُ «أَنَّهُ رَهَن دِرعه بِشَطْرٍ مِنْ شَعِير» قِيلَ أَرَادَ نِصفَ مَكُّوكٍ. وَقِيلَ أَرَادَ نِصْفَ وَسْقٍ. يُقَالُ شَطْرٌ وشَطِيرٌ، مثْل نِصْف ونَصِيف.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «الطَّهُور شَطْرُ الْإِيمَانِ» لأنَّ الإيمانَ يُطهِّر نجاسةَ الْبَاطِنِ، والطَّهورَ يُطهِّر نَجَاسَةَ الظَّاهِرِ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عَائِشَةَ «كَانَ عِندَنا شَطْرٌ مِنْ شَعِير» .
(هـ س) وَفِي حَدِيثِ مَانِعِ الزَّكَاةِ «إنَّا آخِذُوها وشَطْرَ مالِهِ، عَزْمَةٌ مِنْ عَزَمات رَبِّنا» قَالَ الْحَرْبِيُّ: غَلِط [بَهْزٌ] الرَّاوي فِي لَفْظ الرِّوَايَةِ، وَإِنَّمَا هُو «وشُطِّرَ مالهُ» أَيْ يُجْعَلُ مَالُهُ شَطْرين ويَتَخيَّر عَلَيْهِ المُصَدّقُ فيأخُذ الصَّدَقَةَ مِنْ خَير النِّصفين عُقُوبةً لمْنعه الزَّكَاة، فأمَّا ماَ لاَ تَلَزْمه فلاَ.
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي قَوْلِ الحَرْبى: لَا أعْرف هَذَا الوَجْه. وَقِيلَ مَعْناه إِنَّ الحقَّ مُسْتَوْفىً منْه غَيرُ مَتْرُوك عَلَيْهِ وإنْ تَلِفَ شَطْرُ مَالِهِ، كرجُل كَانَ لَهُ ألْفُ شاةٍ مثَلا فتَلفِت حَتَّى لَمْ يَبْق لَهُ إلاَّ عِشْرون، فَإِنَّهُ يُؤخَذ مِنْهُ عَشْرُ شِياَهٍ لصدَقة الْأَلْفِ وَهُوَ شَطْرُ مالِه الْباَقِي. وَهَذَا أَيْضًا بَعِيد، لِأَنَّهُ قَالَ: إنَّا آخِذوها وشَطْر مالِه، وَلَمْ يَقُلْ إنَّا آخِذوا شَطْر مالِه. وَقِيلَ إِنَّهُ كَانَ فِي صَدْر الْإِسْلَامِ يقَع بَعْضُ العُقُوبات فِي الْأَمْوَالِ، ثُمَّ نُسخ، كَقَوْلِهِ فِي الثَّمَرِ المُعَلَّق: مَن خَرج بِشَيْءٍ مِنْهُ فَعَلَيْهِ غَرامة مثْلَيه والعقوبةُ. وَكَقَوْلِهِ فِي ضَالَّةِ الْإِبِلِ الْمَكْتُومَةِ: غَرَامَتُهَا وَمِثْلُهَا مَعَهَا، وَكَانَ عُمَرُ يَحْكم بِهِ، فَغَرَّمَ حَاطِبًا ضِعْفَ ثَمَنِ نَاقَةِ المُزَنِىِّ لمَّا سَرَقها رَفيقُه ونَحرُوها. وَلَهُ فِي الْحَدِيثِ نظائرُ. وَقَدْ أخَذَ أحمدُ بْنُ حَنْبل بِشَيْءٍ مِنْ هَذَا وعَمِل بِهِ، وَقَالَ الشافِعىُّ فِي القَدِيم: مَنْ مَنَع زكاةَ مَالِهِ أُخِذَت مِنْهُ وأُخِذ شَطْرُ مالِه عُقوبةً عَلَى مًنْعه، واسْتَدَل بِهَذَا الْحَدِيثِ. وَقَالَ فِي الجَديِد: لَا يُؤخذ مِنْهُ إِلَّا الزَّكَاةُ لاَ غَيْرَ. وَجَعَلَ هَذَا الحديثَ مَنْسُوخًا. وَقَالَ: كَانَ ذَلِكَ حيثُ كَانَتِ العُقُوبات فِي الْمَالِ ثُمَّ نُسِخَت.
ومذهبُ عامَّة الفُقَهاء أَنْ لاَ واجبَ عَلَى مُتْلِفِ الشَّيْءِ أكثرُ مِنْ مِثْله أَوْ قِيمِته.
(س) وَفِي حَدِيثِ الْأَحْنَفِ «قَالَ لعليٍّ وقْت التَّحكيم: يَا أميرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنِّي قَدْ عَجَمْتُ الرجُل وحَلبْتُ أَشْطُرَهُ، فوجَدْته قريبَ القَعْر كَليلَ المُدْيةِ، وَإِنَّكَ قَدْ رُمِيتَ بحَجر الأرضِ» الْأَشْطُرُ جَمْعُ شَطْرٍ وَهُوَ خِلْفُ النَّاقة. وللنَّاقة أربعةُ أخْلاف كلُّ خِلفين مِنْهَا شَطْرٌ، وَجُعِلَ الْأَشْطُر مَوضعَ الشَّطْرَيْنِ كَمَا تُجعل الحواجبُ مَوْضِعَ الْحَاجِبَيْنِ، يُقَالُ حَلبَ فلانٌ الدهرَ أَشْطُرَهُ: أَيِ اخْتبر ضُرُوبه مِنْ خَيره وشرِّه، تَشْبِيهًا بحَلْب جَميع أخْلافِ النَّاقة مَا كَانَ مِنْهَا حَفِلاً وَغَيْرَ حَفِل، ودَارّاً وغَير دارٍّ. وَأَرَادَ بِالرَّجُلَيْنِ الحكَمين: الْأَوَّلُ أَبُو مُوسى، والثَّاني عَمْرو بْنُ الْعَاصِ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ «لَوْ أَنَّ رَجُلين شَهِدا عَلَى رَجُلٍ بحَقٍّ أحدُهما شَطِيرٌ فَإِنَّهُ يَحْمِل شهادَة الْآخَرِ» الشَّطِيرُ: الغَرِيبُ، وَجَمْعُهُ شُطُرٌ. يَعْنِي لَوْ شَهِد لَهُ قريبٌ مِنْ أَبٍ أَوِ ابْنٍ أَوْ أَخٍ وَمَعَهُ أجنَبِىٌّ صحَّحت شهادةُ الأجْنَبي شَهادةَ الْقَرِيبِ، فَجَعَلَ ذَلِكَ حَمْلا لَهُ. ولعَلَّ هَذَا مذهبٌ لِلْقَاسِمِ، وَإِلَّا فشهادةُ الْأَبِ وَالِابْنِ لَا تُقْبل.
وَمِنْهُ حَدِيثُ قَتَادَةَ «شهادةُ الأخِ إِذَا كَانَ مَعَهُ شَطِيرٌ جازَت شهادتُه» وَكَذَا هَذَا، فَإِنَّهُ لَا فَرْق بَيْنَ شهادةِ الغَريب مَعَ الْأَخِ أَوِ القَريب، فَإِنَّهَا مقبولةٌ.

رَغِبَ

رَغِبَ فيه، كَسَمِعَ، رَغْباً، ويُضَمُّ،
ورَغْبَةً: أرادَهُ كارْتَغَبَ،
وـ عنه: لم يُرِدْهُ،
وـ إليه رَغَباً، مُحَرَّكَةً ورَغْبى، ويُضَمُّ، ورَغْبَاءَ، كَصَحْراءَ، ورَغَبُوتاً ورَغَبُوتَى ورَغَباناً، مُحَرَّكاتٍ، ورُغْبَةً، بالضم ويُحَرَّكُ. ابْتَهَلَ، أو هو الضَّراعَةُ والمَسْأَلَةُ. وأرْغَبَه غيرُهُ ورَغَّبَه.
والرَّغِيبَةُ: الأَمْرُ المَرْغُوبُ فيه، والعَطاءُ الكثيرُ.
ورَغِبَ بِنَفْسِهِ عنه، (بالكسر) : رَأى لِنَفْسِهِ عليه فَضْلاً.
والرُّغْبُ، بالضم، وبِضَمَّتَيْنِ: كَثْرَةُ الأَكْلِ، وشِدَّةُ النَّهَمِ، فِعْلُهُ: كَكَرُمَ، فهو رغِيبٌ، كأَميرٍ.
وأرضٌ رَغابٌ، كَسحابٍ وجُنُبٍ: لا تَسِيلُ إلاَّ مِنْ مَطَرٍ كثيرٍ، أو لَيِّنَةٌ واسِعَةٌ دَمِثَةٌ.
ووادٍ رَغيبٌ: ضَخْمٌ، كثيرُ الأَخذِ، واسِعٌ،
كرُغُبٍ، بضمَّتَيْنِ، فِعْلُهُ: كَكَرُمِ رُغْباً، بالضم، وبضمَّتينِ.
والمُرْغِبُ، كمُحْسِنٍ: المُوسرُ.
والمَراغِبُ: المُضْطَرِباتُ للمعاشِ.
والمَرْغابُ: ع، ونَهْرٌ بِمَروِ الشَّاهِجانِ،
وة بهَراةَ، وبالكسرِ: سَيْفُ مالِكِ بنِ جَمَّازٍ.
ومَرْغابَيْنِ، مُثَنًّى: ع بالبَصْرَةِ. وكالرُّغامَى: زيادةُ الكَبِدِ.
ورَغْباءُ: بِئْرٌ، وعَبْدُ العظيمِ بنُ حَبِيب بنِ رَغْبانَ: حَدَّثَ عن أبي حنِيفَةَ، مَتْرُوكٌ.
ومَرْغَبُونُ: ة بِبُخارَى.
والرُّغْبانَةُ، بالضم: سَعْدانَةُ النَّعْلِ. وكأَمِيرٍ: الواسِعُ الجَوْفِ مِنَ الناسِ وغيرِهِمْ.
(رَغِبَ)
(س) فِيهِ «أفضَل الْعَمَلِ مَنْحُ الرِّغَابِ، لَا يَعْلَمُ حُسْبَانَ أَجْرِهَا إِلَّا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ» الرِّغَابُ: الْإِبِلُ الْوَاسِعَةُ الدَّرِّ الكثيرةُ النَّفْعِ، جمعُ الرَّغِيبِ وَهُوَ الواسعُ. يُقَالُ جَوفٌ رَغِيبٌ ووَادٍ رَغِيبٌ.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ حُذيفة «ظَعَن بِهِمْ أَبُو بَكْرٍ ظَعْنَةً رَغِيبَةً، ثُمَّ ظَعَن بِهِمْ عُمَرُ كَذَلِكَ» أَيْ ظَعْنَةً وَاسِعَةً كَبِيرَةً. قَالَ الحَربي: هُوَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَسْييِر أَبِي بَكْرٍ النَّاسَ إِلَى الشَّام وَفَتْحُهُ إيَّاها بِهِمْ، وتَسْييِر عُمرُ إِيَّاهُمْ إِلَى الْعِرَاقِ وفتحُها بِهِمْ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي الدَّرداء «بئسَ العَوْنُ عَلَى الدِّين قَلْبٌ نَخِيبٌ وبطنٌ رَغِيبٌ» .
(هـ) وَحَدِيثُ الْحَجَّاجِ «لَمَّا أَرَادَ قَتْلَ سَعِيدِ بْنِ جُبير رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ائْتُونِي بسيفٍ رَغِيبٍ» أَيْ وَاسِعِ الحدَّين يأخُذ فِي ضَرْبته كَثِيرًا مِنَ المضْرُوب.
(هـ) وَفِيهِ «كَيْفَ أَنْتُمْ إِذَا مَرَجَ الدِّين وظَهرتِ الرَّغْبَةُ» أَيْ قَلّت الْعِفَّةُ وكَثُر السُّؤَال.
يُقَالُ: رَغِبَ يَرْغَبُ رَغْبَةً إِذَا حَرَص عَلَى الشَّيْءِ وطَمِع فِيهِ. والرَّغْبَةُ السُّؤال والطَّلبُ.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ أَسْمَاءَ «أتَتْني أُمِّي رَاغِبَةً وَهِيَ مُشرِكة» أَيْ طامِعَة تسألُني شَيْئًا.
وَفِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ «رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ» أعْمل لَفظَ الرَّغْبَةِ وحدَها، وَلَوْ أَعْمَلَهُمَا مَعًا لَقَالَ:
رَغْبَةً إِلَيْكَ ورَهبة مِنْكَ، وَلَكِنْ لَمَّا جَمَعَهُما فِي النَّظْمِ حَمَل أحدَهما عَلَى الْآخَرِ كَقَوْلِ الشَّاعِرِ :
وزَجّجْن الحَواجِبَ والعُيُونا وَقَوْلِ الْآخَرِ:
مُتَقلّداً سَيفاً ورُمْحَا وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «قَالُوا لَهُ عِنْدَ مَوْته: جَزاك اللهُ خَيْرًا فعَلْتَ وَفَعَلْتَ، فَقَالَ: رَاغِبٌ وَرَاهِبٌ» يَعْنِي أَنَّ قَولَكم لِي هَذَا القولَ إِمَّا قولُ رَاغِبٍ فِيمَا عِنْدِي، أَوْ راهبٍ مِنِّي.
وَقِيلَ أَرَادَ: إننَّي رَاغِبٌ فِيمَا عِنْدَ اللَّهِ وراهبٌ مِنْ عَذَابِهِ، فَلَا تَعْويلَ عِنْدِي عَلَى مَا قُلتم مِنَ الْوَصْفِ والإطراءِ.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «إِنَّ ابنَ عُمر كَانَ يزيدُ فِي تَلْبيِتهِ: والرُّغْبَى إِلَيْكَ وَالْعَمَلُ» وَفِي رِوَايَةٍ «والرَّغْبَاءُ إِلَيْكَ» بالمدِّ، وَهُمَا مِنَ الرَّغْبَةِ، كالنّعمى والنَّعْماء من النِّعْمة. (هـ) وَفِي حَدِيثِهِ أَيْضًا «لَا تدَعْ ركْعتي الْفَجْرِ فَإِنَّ فِيهِمَا الرَّغَائِبَ» أَيْ مَا يُرْغَبُ فِيهِ مِنَ الثَّواب الْعَظِيمِ. وَبِهِ سُمَّيت صَلَاةُ الرَّغَائِبِ، واحدتُها رَغِيبَةٌ.
وَفِيهِ «إِنِّي لَأَرْغَبُ بِكَ عَنِ الْأَذَانِ» يُقَالُ رَغِبْتُ بِفُلَانٍ عَنْ هَذَا الأمرِ إِذَا كَرِهْتَه لَهُ وزَهِدْت لَهُ فِيهِ.
(هـ) وَفِيهِ «الرُّغْبُ شُؤْم» أَيِ الشَّرَه والحِرص عَلَى الدُّنْيَا. وَقِيلَ سَعَة الأملَ وَطَلب الْكَثِيرِ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ مَازِنٍ.
وكنتُ امْرَأً بالرُّغْبِ والخَمْرِ مُولَعاً أَيْ بسَعة الْبَطْنِ وكثرةِ الْأَكْلِ. وَيُرْوَى بِالزَّايِ يَعْنِي الْجِمَاعَ. وَفِيهِ نظرٌ.

رضى

رضى: رَضِي له وبه: أذن له، أجاز له (بوشر).
الله يرضى عليك: أرجوك، الله يخليك (بوشر).
رضى
رَضِيَ يَرْضَى رِضىً ورِضَاء - بالمَدِّ أيضاً -. والرِّضا: المَرْضِيُّ، وُيقال: مَرْضُو. والمَرْضَاةُ والرِّضْوَانُ: واحِدٌ. ورَضِيَ فلانٌ كذا يَرْضَاه رِضْوَةً.
والرضا والرضا والرضا - يُمَد ويُقْصَر -. وقد رُضَى مَذْهَبُه: أي رُضِيَ - لغةُ طَيئ -. وقد رَضَاكَ الناسُ: بمعنى رَضِيَكَ.
وما كانَ مَرْضُوّاً. وراضَاني فَرَضَوْتُه أرْضُوه.
(رضى)
فِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطك، وبمُعافاتِك مِنْ عُقوبتِك، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ، لَا أُحْصي ثَناءً عَلَيْكَ، أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ» وَفِي رِوَايَةٍ بَدَأَ بِالْمُعَافَاةِ ثُمَّ بِالرِّضَا، إِنَّمَا ابْتَدَأَ بِالْمُعَافَاةِ مِنَ الْعُقُوبَةِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ صِفَاتِ الْأَفْعَالِ كَالْإِمَاتَةِ وَالْإِحْيَاءِ.
والرِّضَا والسَّخَطُ مِنْ صفاتِ الذَّاتِ. وصفاتُ الْأَفْعَالِ أدنَى رُتْبة مِنْ صِفَاتِ الذَّاتِ، فبَدأ بالأدْنى مُتَرقِّيا إِلَى الْأَعْلَى. ثُمَّ لمَّا ازْداد يقِينا وارتِقاء تَرَك الصِفات وقَصر نَظره عَلَى الذَّاتِ فَقَالَ: أَعُوذُ بِكَ مِنْكَ، ثُمَّ لَمَّا ازْداد قُربا استَحْيا مَعَهُ مِنَ الاسْتعاذة عَلَى بِساط القُرب، فالتَجأ إِلَى الثَّناء فَقَالَ:
لَا أُحصي ثَناءً عَلَيْكَ، ثُمَّ عَلِمَ أَنَّ ذَلِكَ قُصُورٌ فَقَالَ: أَنْتَ كَمَا أثْنَيْت عَلَى نفسِك، وَأَمَّا عَلَى الرِّوَايَةِ الأُولى فَإِنَّمَا قَدّم الِاسْتِعَاذَةَ بِالرِّضَا عَلَى السَّخَط؛ لِأَنَّ الْمُعَافَاةَ مِنَ الْعُقُوبَةِ تَحْصل بِحُصُولِ الرِّضَا، وَإِنَّمَا ذَكَرها لِأَنَّ دَلالة الأُولى عَلَيْهَا دَلالة تَضمين، فَأَرَادَ أَنْ يَدُلَّ عَلَيْهَا دَلالة مُطابقة، فكَنى عَنْهَا أَوَّلًا، ثُمَّ صرَّح بِهَا ثَانِيًا، وَلِأَنَّ الرَّاضِي قَدْ يُعاقِب للمصْلحة، أَوْ لاسْتيفاء حَقِّ الْغَيْرِ.
[رضى] نه: أعوذ "برضاك" من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وفي رواية بدأ بالمعافاة من العقوبة ثم بالرضا لأنهما من صفات الأفعال كالإحياء والإماتة، والرضا والسخط من صفات الذات، وصفات الأفعال أدنى رتبة فترقى منها إلى الأعلى، ثم لما ازداد يقينًا قصر نره على الذات فقال: أعوذ بك منك، ثم لما ازداد قربًا استحق من الاستعاذة على بساط القرب فالتجأ إلى الثناء فقال: لا أحصى ثناء عليك، ثم علم قصوره فقال أنت كما أثنيت، وعلى الرواية الأولى قدم الرضا لأن المعافاة من العقوبة تحصل بالرضا، وإنما ذكرها ليدل عليها مطابقة فكنى عنها أولا ثم صرح بها ثانيا، ولأن الراضي قد يعاقب لمصلحة أو لاستيفاء حق الغير. ك: إذا قال: أقرك ما أقرك الله، فهما على "تراضيهما" أي المقر وهو صاحب الأرض والمقر له أي ساكنها على تراضيهما، فللأول ترك إسكانه وللثاني ترك سكونه. وفيه: أما "ترضى" أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى، أي في استخلافه على ذريته وأهله لا في الخلافة بعد الموت كما ظن الروافض فإن هارون توفى قبل موسى. وقال عمر: "رضينا" بالله، حين احفوه في المسألة، مر وجه ملائمته في ح. وفيه: لا تنكح البكر والثيب إلا "برضاها" أي رضا المرأة، وروى: رضاهما، وهو ظاهر. وفيه: ثم "أرضني" به- بهمزة القطع، أي اجعلني راضيًا به، لأنه إذا قدر له الخير ولم يرض به كان منكد العيش، ومر في خير. ن: "رضي" بالله ربا، أي قنع به ولم يطلب معه غيره بأن يسلك غير ما شرعه. ط: من الصلاة "رضوان" الله، من الصلاة بيان للوقت، ورضوان خبر بحذف مضاف، أي سبب رضوانه، أو مبالغة كزيد عدل، وهو للمحسنين، والعفو يشبه أن يكون للمقصرين. شم: أرجى أية "ولسوف يعطيك" و"لا يرضى" صلى الله عليه وسلم أن يدخل أحد النار، ولا ينافي هذا ما دل عليه الدلائل من دخول بعض العصاة النار لجواز كون الإرضاء بعد دخولهم أو يكون قوله: ولا يرضى- إلخ، متروك الظاهر.

حَلَقَ

حَلَقَ
الجذر: ح ل ق

مثال: حَلَقَه الداء
الرأي: مرفوضة
السبب: لعدم ورودها في المعاجم.
المعنى: أوجع حلقه

الصواب والرتبة: -حَلَقَه الداءُ [صحيحة]
التعليق: أقرّ مجمع اللغة المصري قياسيّة اشتقاق «فَعَلَ» من العضو للدلالة على إصابته، بناء على ما نقل عن العرب من إجرائهم لهذا الاشتقاق، وما نصّ عليه بعض النحاة من أنّه مطّرد، مثل: جَبَهَ، وأَفَخَ، ورَأَسَ، وأَنَفَ، وبَطَنَ
... ، كما أجاز المجمع الاشتقاق من أسماء الأعيان عند الحاجة.
(حَلَقَ)
[هـ] فِيهِ «أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي الْعَصْرَ والشمسُ بيضاءُ مُحَلَّقة» أَيْ مُرْتَفِعَةٌ.
والتَّحْلِيق: الِارْتِفَاعُ.
وَمِنْهُ «حَلَّق الطَّائِرُ فِي جَوِّ السَّمَاءِ» أَيْ صَعد. وَحَكَى الْأَزْهَرِيُّ عَنْ شِمر قَالَ: تَّحْلِيق الشَّمْسِ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ ارْتِفَاعُهَا، وَمِنْ آخِرِهِ انْحِدارُها.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ «فَحَلَّق بِبَصَرِهِ إِلَى السَّمَاءِ» أَيْ رفَعه.
وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ «أَنَّهُ نَهَى عَنْ بَيْعِ المُحَلِّقات» أَيْ بَيْعِ الطَّيْرِ فِي الْهَوَاءِ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ الْمَبْعَثِ «فهَمَمْت أَنْ أطْرَح نفْسي مِنْ حَالِق» أَيْ مِنْ جبلٍ عالٍ.
[هـ] وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ «فَبَعَثَتْ إِلَيْهِمْ بِقَمِيصِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم فانتخب النَّاسُ، قَالَ: فحَلَّق بِهِ أَبُو بَكْرٍ إِلَيَّ وَقَالَ: تَزوّد مِنْهُ واطْوِه » أَيْ رَمَاهُ إِلَيَّ.
(هـ) وَفِيهِ «أَنَّهُ نَهَى عَنِ الحِلَق قَبْلَ الصَّلَاةِ- وَفِي رِوَايَةٍ- عَنِ التَّحَلُّق» أَرَادَ قَبْلَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ:
الحِلَق بِكَسْرِ الْحَاءِ وَفَتْحِ اللَّامِ: جَمْعُ الحَلْقَة، مِثْلَ قَصْعة وقِصَع، وَهِيَ الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ مُسْتَدِيرُونَ كحَلْقة الْبَابِ وَغَيْرِهِ. والتَّحَلُّق تَفَعُّل مِنْهَا، وَهُوَ أَنْ يَتَعمَّدوا ذَلِكَ. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: «جَمْعُ الحَلْقَة حَلَق بِفَتْحِ الْحَاءِ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ» ، وَحُكِيَ عَنْ أَبِي عَمْرٍو أَنَّ الْوَاحِدَ حَلَقة بِالتَّحْرِيكِ، وَالْجَمْعُ حَلَق بِالْفَتْحِ. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: كُلُّهُمْ يُجِيزه عَلَى ضَعْفِهِ. وَقَالَ الشَّيْبَانِيُّ: لَيْسَ فِي الْكَلَامِ حَلَقة بِالتَّحْرِيكِ إِلَّا جَمْع حالِق .
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ «لَا تُصلُّوا خَلْفَ النِّيام وَلَا المُتَحَلِّقِين» أَيِ الجُلوس حِلَقًا حِلَقًا.
(س) وَفِيهِ «الْجَالِسُ وَسَطَ الحَلْقَة مَلْعُونٌ» لِأَنَّهُ إِذَا جَلَسَ فِي وَسَطِهَا اسْتَدْبَرَ بَعْضُهُمْ بِظَهْرِهِ فَيُؤْذِيهِمْ بِذَلِكَ فَيَسُبُّونَهُ وَيَلْعَنُونَهُ.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «لَا حِمَى إِلَّا فِي ثَلَاثٍ» وَذَكَرَ مِنْهَا «حَلْقَة الْقَوْمِ» أَيْ لَهُمْ أَنْ يَحْمُوها حَتَّى لا يَتَخطَّاهم أحد ولا يجلس وسطها. (س) وَفِيهِ «أَنَّهُ نَهَى عَنْ حِلَقِ الذَّهَبِ» هِيَ جَمْعُ حَلْقَة وَهُوَ الْخَاتَمُ لَا فَصَّ لَهُ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «مَنْ أحَبَّ أَنْ يُحَلِّق جَبِينه حَلْقَة مِنْ نَارٍ فَلْيُحَلِّقْه حَلْقَة مِنْ ذَهَبٍ» .
وَمِنْهُ حَدِيثُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ «فُتِحَ اليومَ مِنْ رَدْم يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مثلُ هَذِهِ، وحَلَّقَ بإصْبَعيه الإبهِام وَالَّتِي تَلِيهَا، وعَقَد عَشْرا» أَيْ جَعَلَ إصْبَعيه كالحَلْقَة. وعقدُ الْعَشْرِ مِنْ مُواضَعات الحُسّاب، وَهُوَ أَنْ يَجْعَلَ رَأْسَ إصْبَعه السَّبابة فِي وسَط إصْبعه الْإِبْهَامِ ويَعْملها كَالْحَلْقَةِ.
(س) وَفِيهِ «مَن فَكَّ حَلْقَةً فَكَّ اللَّهُ عَنْهُ حَلْقَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ» حَكَى ثَعْلَبٌ عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ:
أَيْ أعْتَق مَمْلُوكًا، مِثْلَ قَوْلِهِ تَعَالَى فَكُّ رَقَبَةٍ.
وَفِي حَدِيثِ صُلْحِ خَيْبَرَ «وَلِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصّفْراءُ والبيْضاء والحَلْقَة» الحَلْقة بِسُكُونِ اللَّامِ: السلاحُ عَامًّا. وَقِيلَ: هِيَ الدُّروع خَاصَّةً.
[هـ] وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «وإنَّ لَنَا أغْفالَ الْأَرْضِ والحَلْقَة» وَقَدْ تَكَرَّرَتْ فِي الْحَدِيثِ.
[هـ] وَفِيهِ «لَيْسَ منَّا مَنْ صَلَق أَوْ حَلَق» أَيْ لَيْسَ مَنْ أَهْلِ سُنَّتِنا مَنْ حَلَق شَعَره عِنْدَ المُصِيبة إِذَا حلَّت بِهِ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «لُعِنَ مِنَ النِّسَاءِ الحَالِقَة والسالِقة والخارِقة» وَقِيلَ أَرَادَ بِهِ الَّتِي تَحْلِق وَجْهَهَا لِلزِّينَةِ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ الْحَجِّ «اللَّهُمَّ اغْفِرْ للمُحَلِّقِين، قَالَهَا ثَلَاثًا» : المُحَلِّقُون: الَّذِينَ حَلَقُوا شُعورهم فِي الْحَجِّ أَوِ العُمرة، وَإِنَّمَا خصَّهم بِالدُّعَاءِ دُونَ المُقَصِّرين، وَهُمُ الَّذِينَ أخَذوا مِنْ أَطْرَافِ شُعورهم، وَلَمْ يَحْلِقُوا؛ لِأَنَّ أَكْثَرَ مَنْ أَحْرَمَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ هَدْيٌ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ سَاقَ الهَدْيَ، وَمَنْ مَعَهُ هَدْيٌ فَإِنَّهُ لَا يَحْلِق حَتَّى يَنْحَر هَدْيه، فَلَمَّا أمَر مَن لَيْسَ مَعَهُ هَدْي أَنْ يَحْلِقَ ويُحِل وجَدوا فِي أَنْفُسِهِمْ مِنْ ذَلِكَ وأحَبُّوا أَنْ يأذَن لَهُمْ فِي المُقام عَلَى إِحْرَامِهِمْ [حَتَّى يُكملوا الْحَجَّ] وَكَانَتْ طاعةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْلَى لَهُمْ»
، فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ بُدٌّ مِنَ الْإِحْلَالِ كَانَ التَّقْصير فِي نُفوسهم أخفَّ مِنَ الحَلْق، فَمَالَ أَكْثَرُهُمْ إِلَيْهِ، وَكَانَ فِيهِمْ مَنْ بَادَرَ إِلَى الطَّاعَةِ وحَلَقَ وَلَمْ يُراجع، فَلِذَلِكَ قدَّم المُحَلِّقِين وأخَّر المقصِّرين. (هـ) وَفِيهِ «دَبَّ إِلَيْكُمْ دَاءُ الأمَم قَبْلَكُمُ البَغْضاء، وَهِيَ الحَالِقَة » الحَالِقَة: الخَصْلة الَّتِي مِنْ شَأْنِهَا أَنْ تَحْلِق: أَيْ تُهْلِك وتَستأصِل الدِّين كَمَا يَسْتَأصِل المُوسَى الشَّعَرَ. وَقِيلَ هِيَ قَطِيعة الرَّحم والتَّظالُم.
(هـ) وَفِيهِ «أَنَّهُ قَالَ لصَفِيّة: عقْرَى حَلْقَى» أَيْ عَقَرها اللَّهُ وحَلَقَها، يَعْنِي أصابَها وَجَع فِي حَلْقِها خَاصَّةً. وَهَكَذَا يَرْوِيهِ الْأَكْثَرُونَ غيرَ مُنَوَّنٍ بِوَزْنِ غَضْبَى حَيْثُ هُوَ جارٍ عَلَى الْمُؤَنَّثِ. وَالْمَعْرُوفُ فِي اللُّغَةِ التَّنْوين، عَلَى أَنَّهُ مَصْدَرُ فِعْل مَتْروك اللَّفْظِ، تَقْدِيرُهُ عَقَرها اللَّهُ عَقْراً وحَلَقَها حَلْقًا. وَيُقَالُ لِلْأَمْرِ يُعْجَب مِنْهُ: عَقْراً حَلْقًا. وَيُقَالُ أَيْضًا لِلْمَرْأَةِ إِذَا كَانَتْ مُؤذِية مَشْئومة. وَمِنْ مَوَاضِعِ التَّعَجُّبِ قولُ أمّ الصَّبِي الذى تكلّم: عقرى! أو كان هَذَا مِنْهُ! (هـ) وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ «لَمَّا نَزَلَ تَحْريم الْخَمْرِ كنَّا نَعْمِدُ إِلَى الحُلْقَانَة فنَقْطَع مَا ذَنَّب مِنْهَا» يُقَالُ لِلبُسْر إِذَا بدَا الإرْطاب فِيهِ مِنْ قِبَل ذَنَبه: التَّذْنُوبة، فَإِذَا بَلَغَ نصفَه فَهُوَ مُجزِّع، فَإِذَا بَلَغَ ثُلُثَيه فَهُوَ حُلْقَان ومُحَلْقِن، يُرِيدُ أَنَّهُ كَانَ يَقْطَعُ مَا أرْطب مِنْهَا وَيَرْمِيهِ عِنْدَ الِانْتِبَاذِ لِئَلَّا يَكُونَ قَدْ جَمع فِيهِ بَيْنَ البُسْر والرُّطَب.
وَمِنْهُ حَدِيثُ بكَّار «مَرَّ بِقَوْمٍ يَنَالُون مِنَ الثَّعْد والحُلْقَان» .

الْمجَاز الْعقلِيّ

الْمجَاز الْعقلِيّ: عِنْد الْخَطِيب الدِّمَشْقِي صَاحب التَّلْخِيص رَحمَه الله تَعَالَى إِسْنَاد الْفِعْل أَو مَعْنَاهُ إِلَى ملابس لَهُ غير مَا هُوَ لَهُ بتأول كَقَوْل الْمُؤمن أنبت الرّبيع البقل. وَعند الشَّيْخ عبد القاهر رَحمَه الله تَعَالَى الْمجَاز الْعقلِيّ كَلَام يَشْمَل على إِسْنَاد إِلَى غير مَا هُوَ لَهُ. وَإِن أردْت وَجه التَّسْمِيَة فَارْجِع إِلَى الْإِسْنَاد. قَالَ الْعَلامَة التَّفْتَازَانِيّ رَحمَه الله تَعَالَى فِي المطول وَقد خرج من تَعْرِيفه للإسناد الْمجَازِي أَمْرَانِ: أَحدهمَا: وصف الْفَاعِل إِلَى آخِره. حَاصله أَن تَعْرِيفه لَيْسَ بِجَامِع لخُرُوج مثل رجل عدل وَإِنَّمَا هِيَ إقبال وإدبار. وَمثل الْكتاب الْحَكِيم والأسلوب الْحَكِيم وأمثالها. وَوجه الْخُرُوج أَن الرجل لكَونه مُبْتَدأ لَيْسَ من ملابسات الْعدْل. وَكَذَا النَّاقة فَإِن ملابسات الْفِعْل وَمَعْنَاهُ هِيَ الْفَاعِل وَالْمَفْعُول بِهِ وَالْمَفْعُول الْمُطلق وَالزَّمَان وَالْمَكَان والمبتدأ لَيْسَ مِنْهَا والحكيم وَإِن أسْند إِلَى الْفَاعِل الَّذِي هُوَ الضَّمِير الرَّاجِع إِلَى الْكتاب والأسلوب لَكِن الْكتاب والأسلوب ليسَا من ملابسات هَذَا الْمسند أَعنِي الْحَكِيم بل من ملابسات فعل آخر مثل أنشأت وأحدثت. وَكَلَامه صَرِيح فِي أَن الْمَفْعُول الَّذِي يكون الْإِسْنَاد إِلَيْهِ مجَازًا يجب أَن يكون مِمَّا يلابسه ذَلِك الْمسند.
وَالْجَوَاب أَن الْإِسْنَاد فِي المثالين الْأَوَّلين عِنْده لَيْسَ بِحَقِيقَة وَلَا مجَاز لِأَنَّهُ قَائِل بالواسطة بَينهمَا وَأَن الْكتاب والأسلوب من ملابسات الْحَكِيم. فَإِن الملابسة أَعم من أَن يكون بِوَاسِطَة حرف أَو بِدُونِهَا - والمثالان الأخيران من قبيل الأول إِذْ الأَصْل هُوَ الْحَكِيم فِي كِتَابه وأسلوبه.
ثمَّ قَالَ الْعَلامَة وَالْمُعْتَبر عِنْد صَاحب الْكَشَّاف تلبس مَا أسْند إِلَيْهِ الْفِعْل بفاعله الْحَقِيقِيّ وَلَا يجب أَن يكون ذَلِك الْمسند إِلَيْهِ مِمَّا يلابسه ذَلِك الْمسند لِأَنَّهُ قَالَ الْمجَاز الْعقلِيّ أَن يسند الْفِعْل إِلَى شَيْء يتلبس أَي ذَلِك الشَّيْء بِالَّذِي هُوَ أَي ذَلِك الْفِعْل فِي الْحَقِيقَة لَهُ. وغرض الْعَلامَة من هَذَا الْكَلَام التأييد فِي تَعْمِيم الملابسة يَعْنِي يعلم من ظَاهر كَلَام صَاحب الْكَشَّاف مَعَ قطع النّظر عَمَّا قبله أَن الْمُعْتَبر عِنْده فِي تَعْرِيف الْمجَاز الْعقلِيّ هُوَ تلبس الْفَاعِل الْمجَازِي بالفاعل الْحَقِيقِيّ مُطلقًا سَوَاء كَانَت فِي مُلَابسَة ذَلِك الْفِعْل الْمسند إِلَيْهِ أَو فِي مُلَابسَة فعل آخر من أَفعاله لِأَنَّهُ أطلق التَّلَبُّس وَلم يُقيد. فعلى مَا حررنا لَا يرد اعْتِرَاض السَّيِّد السَّنَد قدس سره بِأَن صَاحب الْكَشَّاف قَالَ قبيل هَذَا الْكَلَام إِلَى آخِره.

ثمَّ اعْلَم أَن قَوْله قدس سره: فَإِن قلت مَا لَا يتَعَلَّق بِهِ الْفِعْل لَا بِذَاتِهِ وَلَا بِوَاسِطَة إِلَى آخِره اعْتِرَاض على الِاحْتِمَال الْأَخير. وَقَوله قدس سره قلت ترك الْقَيْد فِي التعريفات إِلَى آخِره جَوَاب بالمعارضة لِأَن السَّائِل مستدل. - وَتَقْرِير السُّؤَال أَن هَذَا الِاحْتِمَال بَاطِل لِأَنَّهُ يفهم مِنْهُ أَن مُطلق التَّلَبُّس بالفاعل الْحَقِيقِيّ كَاف فِي جَوَاز الْإِسْنَاد - وَالْحَال أَن مَا لَا يتَعَلَّق بهَا لفعل لَا بِذَاتِهِ وَلَا بِوَاسِطَة حرف يبعد إِسْنَاده إِلَيْهِ وَمَا هُوَ بعيد لَا يجوز فِي الْكَلَام الفصيح فَكيف يَكْتَفِي بِمُطلق التَّلَبُّس فَهَذَا الِاحْتِمَال الْمشعر بالاكتفاء بَاطِل. - وَحَاصِل الْجَواب أَن الْبعد كَمَا هُوَ مَوْجُود فِي هَذَا الِاحْتِمَال كَذَلِك مَوْجُود فِي الِاحْتِمَال الأول لِأَن ترك قيد فِي التعريفات اعْتِمَادًا على فهم السَّامع أَو على الْكَلَام السَّابِق بعيد مَتْرُوك. وَلَا يخفى على من لَهُ أدنى ذوق من الْمعَانِي أَن الْبعد فِي الِاحْتِمَال الثَّانِي معنوي مخل بالفصاحة وَفِي الأول لَفْظِي مَعَ وجود الْقَرِينَة الجلية على المُرَاد فَمَا بِهِ يلْزم الْبعد فِي الْمَعْنى مَعَ عدم إِمْكَان زَوَاله أبعد بمراحل مِمَّا بِهِ يلْزم فِي اللَّفْظ مَعَ إِمْكَان زَوَاله فَافْهَم واحفظ وَكن من الشَّاكِرِينَ.

الإرداف

الإرداف
انظر: الجمع.
الإرداف:
[في الانكليزية] Metonymy
[ في الفرنسية] Metonymie
عند أهل البيان هو أن يريد المتكلّم معنى فلا يعبّر عنه بلفظه الموضوع له ولا بدلالة الإشارة، بل بلفظ يرادفه، كقوله تعالى: وَقُضِيَ الْأَمْرُ، والأصل وهلك من قضى الله هلاكه ونجّى من قضى الله نجاته، وعدل عن ذلك إلى لفظ الإرداف لما فيه من الإيجاز والتنبيه على أنّ هلاك الهالك ونجاة الناجي كان بأمر آمر مطاع وقضاء من لا يردّ قضاؤه. والأمر يستلزم الآمر، فقضاؤه يدلّ على قدرة الآمر به وقهره، وإنّ الخوف من عقابه والرجاء من ثوابه يحضّان على طاعة الآمر، ولا يحصل ذلك كله من اللفظ الخاص، وكذا قوله وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِ وحقيقة ذلك جلست، فعدل عن اللفظ الخاص بالمعنى إلى مرادفه لما في الاستواء من الإشعار بجلوس متمكّن لا زيغ فيه ولا ميل، وهذا لا يحصل من لفظ الجلوس، وكذا فِيهِنَّ قاصِراتُ الطَّرْفِ والأصل عفيفات، وعدل عنه للدلالة على أنهنّ مع العفّة لا تطمح أعينهن إلى غير أزواجهن ولا يشتهين غيرهم، ولا يؤخذ ذلك من لفظ العفة.

قال بعضهم: الفرق بينه وبين الكناية أنّ الكناية انتقال من لازم إلى ملزوم، والإرداف من مذكور إلى متروك، كذا في الاتقان في نوع الكنايات.

الْمُهْملَة

الْمُهْملَة: هِيَ الْقَضِيَّة الحملية الَّتِي موضوعها كلي وَحكم على أَفْرَاده فِي الْجُمْلَة أَي لم يبين كمية أَفْرَاده لَا كلا وَلَا بَعْضًا فَيكون السُّور متروكــا فِيهَا بِالْكُلِّيَّةِ مثل الْإِنْسَان كَاتب. وَاعْلَم أَن الْإِنْسَان فِي هَذَا الْمِثَال وَإِن كَانَ فِي صُورَة الْمعرفَة لكنه نكرَة فِي الْمَعْنى كحسن الْوَجْه واللئيم فِي قَول الشَّاعِر:
(وَلَقَد أَمر على اللَّئِيم يسبني ... )
فَلَا يرد أَن اللَّام على الْإِنْسَان لَا يَخْلُو عَن أحد الْأَقْسَام الْأَرْبَعَة الْمَشْهُورَة وَلَيْسَ قسم آخر سواهَا وعَلى أَي حَال لَا يكون القَوْل الْمَذْكُور مِثَالا للمهملة. وَقَالَ مَوْلَانَا عِصَام الدّين رَحمَه الله تَعَالَى إِن اللَّام للْعهد الذهْنِي - وَأَنت تعلم أَنه يُشِير إِلَى فَرد غير مَعْهُود فالقضية الْمَذْكُورَة حِينَئِذٍ جزئية مُهْملَة وَهِي فِي قُوَّة الجزيئة فَإِن الحكم على أَفْرَاد الْمَوْضُوع فِي الْجُمْلَة يكون على بعض الْبَتَّةَ وَبِالْعَكْسِ فبينهما تلازم من حَيْثُ الحكم فَافْهَم وَلَا تكن من الغافلين.
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.