Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: لحد

علم المنطق

علم المنطق
ويسمى علم الميزان أيضا وهو: علم يتعرف منه كيفية اكتساب المجهولات التصورية والتصديقية من معلوماتها.
وموضوعه: المعقولات الثانية من حيث الإيصال إلى المجهول أو النفع فيه.
والغرض منه: عصمة الذهن عن الخطأ في الفكر.
ومنفعته: الإصابة في جميع العلوم.
قال في الكشف: الغرض منه ومنفعته ظاهران من الكتب المبسوطة في المنطق كذا قال في مفتاح السعادة انتهى.
والمنطق لكون حاكما على جميع العلوم في الصحة والسقم والقوة والضعف وأجلها نفعا وأعظمها سماه أبو نصر الفارابي: رئيس العلوم.
ولكونه آلة في تحصيل العلوم الكسبية النظرية والعملية لا مقصودا بالذات سماه الشيخ الرئيس ابن سينا بخادم العلوم.
وحكى أبو حيان في تفسيره البحر: إن أهل المنطق بجزيرة الأندلس كانوا يعبرون عن المنطق بالمفعل تحررا عن صولة الفقهاء حتى إن بعض الوزراء أراد أن يشتري لابنه كتابا من المنطق فاشتراه خفية خوفا منهم مع أنه أصل كل علم وتقويم كل ذهن انتهى.
قال الغزالي: من لم يعرف المنطق فلا ثقة له في العلوم أصلا حتى روي عن بعضهم أنه فرض كفاية وعن بعضهم فرض عين بناء على أن معرفة الله تعالى بطريق البرهان واجبة وإنها لا تتم إلا بعلم المنطق فما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب قال القائل:
إن رمت إدراك العلوم بسرعة ... فعليك بالنحو القويم ومنطق
هذا الميزان العقول مرجح ... والنحو إصلاح اللسان بمنطق
قال في كشف الظنون: قال الشيخ أبو علي بن سينا: المنطق نعم العون على إدراك العلوم كلها وقد رفض هذا العلم وجحد منفعته من لم يفهمه ولا اطلع عليه عداوة لما جهل وبعض الناس ربما يتوهم أنه يشوش العقائد مع أنه موضوع للاعتبار والتحرير.
وسبب هذا التوهم أن من الأغبياء الأغمار الذين لم تؤدبهم الشريعة من اشتغل بهذا العلم واستضعف حجج بعض العلوم واستخف بها وبأهلها ظنا منه أنها برهانية لطيشه وجهله بحقائق العلوم ومراتبها فالفساد لا من العلم.
قالوا: ويستغنى عنه المؤيد من الله تعالى ومن علمه ضروري ويحتاج إليه من عداهما.
فإن قلت: إذا كان الاحتياج بهذه المرتبة فما بال الأئمة المقتدى بهم كمالك والشافعي وأبي حنيفة وأحمد بن حنبل رحمهم الله لم ينقل عنهم الاشتغال به وإنما هو من العلوم الفلسفية وقد شنع العلماء على من عربها وأدخلها في علوم الإسلام ونقل عن شيخ الإسلام ابن تيمية الحنبلي رحمه الله أنه كان يقول: ما أظن الله تعالى يغفل عن المأمون العباسي ولا بد أن يعاقبه بما أدخل على هذه الأمة.
فجوابه إن ذلك مركوز في جبلاتهم السليمة وفطرتهم المستقيمة ولم يفتهم إلا العبارات والاصطلاحات كما ذكر في علم النحو.
وأصول المنطق تسعة على المشهور:
الأول: باب الكليات الخمس:.
الثاني: باب التعريفات.
الثالث: باب التصديقات.
الرابع: باب القياس.
الخامس: البرهان.
السادس: الخطابة.
السابع: الجدل.
الثامن: المغالطة.
التاسع: الشعر هذا خلاصة ما في العلمي حاشية شرح هداية الحكمة الميبذية وشرح حكمة العين وغيرها.
والكتب المصنفة في المنطق كثيرة منها: إيساغوجي وبحر الفرائد وتيسير الفكر وجامع الدقاق والشمسية غرة النجاة والقواعد الجلية ولوامع الأفكار والمطالع ومجل النظر ومعيار الأفكار وناظر العين ونخبة الفكر وغير ذلك انتهى ما في الكشف وكشاف اصطلاحات الفنون. ومن كتبه المرقاة للشيخ الفاضل فضل إمام الخير آبادي وهو مختصر مفيد وعليه شرح لحفيده المولوي عبد الحق.
وتهذيب المنطق للتفتازاني والصغرى والكبرى بالفارسية للسيد السند الشريف الجرجاني رحمه الله إلى غير ذلك.
قال بعضهم: والذي أجاب به شيخ الإسلام من كون المنطق مرتكزا في نفوسهم جواب ضعيف لا يخفى ضعفه على من يعقل ويعرف مقاصد الشريعة الغراء انتهى.
أقول: ارجع إلى كتاب رد المنطقيين لابن تيمية رحمه الله واعلم أن جواباته كثيرة وكلها صواب حق لا يسع ذكرها هذا المقام وهذا الجواب أيضا صواب يعرفه من منحه الله طبعا سليما لا اعوجاج فيه وصاحب القلب الصحيح والفكر السليم لا يحتاج إلى علم المنطق بل يصدر عنه العلم المطابق له من غير درية بهذا الفن كما يصدر الكلام الموزون ممن لا يعلم بعلم العروض والقافية ولا يحسن تقطيعات الأشعار ويقول نظما كثيرا وينظم قصائد طويلة ولا يعرف أوزان الشعر ولا بحوره فأي استبعاد في كون المنطق مرتكزا في نفوس بعض العباد الصحيح الفؤاد السلم المراد.
وقد اختلف أهل العلم في أن المنطق من العلم أم لا فتدبر.
قال ابن خلدون في بيان هذا العلم: هو قوانين يعرف بها الصحيح من الفاسد في الحدود والمعرفة للماهيات والحجج المفيدة للتصديقات وذلك أن الأصل في الإدراكات إنما هو المحسوسات بالحواس الخمس وجميع الحيوانات مشتركة في هذا الإدراك من الناطق وغيره
وإنما يتميز الإنسان عنها بإدراك الكليات وهي مجردة من المحسوسات وذلك بأن يحصل في الخيال من الأشخاص المتفقة صورة منطبقة على جميع تلك الأشخاص المحسوسة هي الكلي ثم ينظر الذهن بين تلك الأشخاص المتفقة وأشخاص أخرى توافقها في بعض فيحصل له صورة تنطبق أيضا عليهما باعتبار ما اتفقا فيه ولا يزال يرتقي في التجريد إلى الكل الذي لا يجد كليا آخر معه يوفاقه فيكون لأجل ذلك بسيطا. وهذا مثل ما يجرد من أشخاص الإنسان صورة النوع المنطبقة عليها ثم ينظر بينه وبين الحيوان ويجرد صورة الجنس المنطبقة عليهما ثم بينهما وبين النبات إلى أن ينتهي إلى الجنس العالي وهو الجوهر فلا يجد كليا يوافقه في شيء فيقف العقل هنالك عن التجريد.
ثم إن الإنسان لما خلق الله له الفكر الذي به يدرك العلوم والصنائع وكان العلم إما تصور للماهيات ويعني به إدراك ساذج من غير حكم معه.
وأما تصديقا أي: حكما بثبوت أمر لأمر فصار سعي الفكر في تحصل المطلوبات.
إما بأن تجمع تلك الكليات بعضها إلى بعض على جهة التأليف فتحصل صورة في الذهن كلية منطبقة على أفراد في الخارج فتكون تلك الصورة الذهنية مفيدة لمعرفة ماهية تلك الأشخاص
وإما بأن يحكم بأمر على أمر فيثبت له ويكون ذلك تصديقا وغايته في الحقيقة راجعة إلى التصور لأن فائدة ذلك إذا حصل إنما هي معرفة حقائق الأشياء التي هي مقتضى العلم.
وهذا السعي من الفكر قد يكون بطريق صحيح. وقد يكون بطريق فاسد فاقتضى ذلك تمييز الطريق الذي يسعى به الفكر في تحصيل المطالب العلمية ليتميز فيها الصحيح من الفاسد فكان ذلك قانون المنطق.
وتكلم فيه المتقدمون أول ما تكلموا به جملا جملا ومتفرقا ولم تهذب طرقه ولم تجمع مسائله حتى ظهر في يونان أرسطو فهذب مباحثه ورتب مسائله وفصوله وجعله أول العلوم الحكمية وفاتحتها ولذلك يسمى بالمعلم الأول وكتابه المخصوص بالمنطق يسمى النص وهو يشمل على ثمانية كتب أربعة منها في صورة القياس وأربعة في مادته.
وذلك إن المطالب التصديقية على أنحاء:
فمنها ما يكون المطلوب فيه اليقين بطبعه.
ومنها ما يكون المطلوب فيه الظن وهو على مراتب فينظر في القياس من حيث المطلوب الذي يفيده وما ينبغي أن تكون مقدماته بذلك الاعتبار ومن أي جنس يكون من العلم أو من الظن وقد ينظر في القياس لا باعتبار مطلوب مخصوص بل من جهة إنتاجه خاصة.
ويقال للنظر الأول: إنه من حيث المادة ونعني به المادة المنتجة للمطلوب المخصوص من يقين أو ظن ويقال للنظر الثاني: إنه من حيث الصورة وإنتاج القياس على الإطلاق فكانت لذلك كتب المنطق ثمانية.
الأول: في الأجناس العالية التي ينتهي إليها تجريد المحسوسات وهي التي ليس فوقها جنس ويسمى كتاب المقولات.
والثاني: في القضايا التصديقية وأصنافها ويسمى: كتاب العبارة.
والثالث: في القياس وصورة إنتاجه على الإطلاق ويسمى كتاب القياس وهذا آخر النظر من حيث الصورة.
ثم الرابع: كتاب البرهان وهو النظر في القياس المنتج لليقين وكيف يجب أن تكون مقدماته يقينية ويختص بشروط أخرى لإفادة اليقين مذكورة فيه مثل كونها ذاتية وأولية وغير ذلك وفي هذا الكتاب الكلام في المعرفات والحدود إذ المطلوب فيها إنما هو اليقين لوجوب المطابقة بين الحد والمحدود لا تحتمل غيرها فلذلك اختصت عند المتقدمين بهذا الكتاب.
والخامس: كتاب الجدل وهو القياس المفيد قطع المشاغب وإفحام الخصم وما يجب أن يستعمل فيه من المشهورات ويختص أيضا من جهة إفادته لهذا الغرض بشروط أخرى من حيث إفادته لهذا الغرض وهي مذكورة هناك وفي هذا الكتاب يذكر المواضع التي يستنبط منها صاحب القياس قياسه ومنه عكوس القضايا.
والسادس: كتاب السفسطة: وهو القياس الذي يفيد خلاف الحق ويغالط به المناظر صاحبه وهو فاسد وهذا إنما كتب ليعرف به القياس المغالطي فيحذر منه.
والسابع: كتاب الخطابة وهو القياس المفيد ترغيب الجمهور وحملهم على المراد منهم وما يجب أن يستعمل في ذلك من المقالات.
والثامن: كتاب الشعر وهو القياس الذي يفيد التمثيل والتشبيه خاصة للإقبال على الشيء أو النفرة عنه وما يجب أن يستعمل فيه من القضايا التخييلية هذه هي كتب المنطق الثمانية عند المتقدمين.
ثم أن حكماء اليونانيين بعد أن تهذبت الصناعة ورتبت رأوا أنه لا بد من الكلام في الكليات الخمس المفيدة للتصور فاستدركوا فيها مقالة تختص بها مقدمة بين يدي الفن فصارت تسعا وترجمت كلها في الملة الإسلامية وكتبها وتداولها فلاسفة الإسلام بالشرح والتلخيص كما فعله الفارابي وابن سينا ثم ابن رشد من فلاسفة الأندلس ولابن سينا كتاب الشفا استوعب فيه علوم الفلسفة السبعة كلها.
ثم جاء المتأخرون فغيروا اصطلاحات المنطق والحقوا بالنظر في الكليات الخمس ثمرته وهي: الكلام في الحدود والرسوم نقولها من كتاب البرهان وحدقوا كتاب المقولات لأن نظر المنطقي فيه بالعرض لا بالذات وألحقوا في كتاب العبارة الكلام في العكس لأنه من توابع الكلام في القضايا ببعض الوجوه ثم تكلموا في القياس من حيث إنتاجه للمطالب على العموم لا بحسب المادة وحدقوا النظر فيه بحسب المادة وهي الكتب الخمسة: البرهان والجدول والخطابة والشعر والسفسطة وربما يلم بعضهم باليسير منها إلماما وأغفلوها كأن لم تكن وهي المهم المعتمد في الفن.
ثم تكلموا فيما وضعوه من ذلك كلاما مستبحرا نظروا فيه من حيث أنه فن برأسه لا من حيث أنه آلة للعلوم فطال الكلام فيه واتسع.
وأول من فعل ذلك الإمام فخر الدين بن الخطيب ومن بعده فضل الدين الخونجي وعلى كتبه معتمد المشارقة لهذا العهد وله في هذه الصناعة كتاب كشف الأسرار وهو طويل واختصر فيها مختصر الموجز وهو حسن في التعليم ثم مختصر المجمل في قدر أربعة أوراق أخذ بمجمامع الفن وأصوله فتداوله المتعلمون لهذا العهد فينتفعون به وهجرت كتب المتقدمين وطرقهم كأن لم تكن وهي ممتلئة من ثمرة المنطق وفائدته كما قلناه والله الهادي للصواب انتهى كلام ابن خلدون.
قال في مدينة العلوم:
وقد صح بشهادة أهل التواريخ والندماء أن أول من دون المنطق أرسطو وقد بذل ملك زمانه في مقابلة ذلك خمسمائة ألف دينار وأدر عليه في كل سنة مائة وعشرين ألف دينار.
وقيل: أنه تنبه لوضعه وترتيبه من نظم كتاب إقليدس في الهندسة ثم إن أرسطو بعدما دون المنطق صارت كتبه مخزونة في أبنية ولاية موره من بلاد الروم عند ملك من ملوك اليونان ولما رغب الخليفة المأمون في علوم الأوائل أرسل إلى الملك المذكور وطلب الكتب فلم يرسل فغضب المأمون وجمع العساكر وبلغ الخبر إلى الملك فجمع البطاريق وشاورهم في الأمر فقالوا:
إن أردت الكسر في دين المسلمين وتزلزل عقائدهم فلا تمنعهم عن الكتب فاستحسن الملك فأرسلها إلى المأمون فجمع المأمون مترجمي مملكته كحنين بن إسحاق وثابت ابن قرة وغيرهما فترجموها بتراجم مختلفة بحيث لا يوافق ترجمة أحدهم ترجمة الآخر فبقيت التراجم غير محررة إلى أن التمس منصور بن نوح الساماني من أبي نصر الفارابي أن يحررها ويخصها ففعل كما أراد ولهذا لقب بالمعلم الثاني وكانت كتبه في خزانة الكتب المبنية بأصبهان المسماة بصوان الحكمة إلى زمان السلطان مسعود لكن كانت غير مبيضة لأن الفارابي كان غير ملتفت إلى جمع التصانيف ونشرها بل غلب عليه السياحة ثم إن الشيخ أبا علي تقرب عند السلطان مسعود بسبب الطب حتى استوزره واستولى على تلك الخزانة وأخذ ما في تلك الكتبولخص منها كتاب الشفا وغير ذلك من تصانيفه وقد اتفق إن احترقت تلك الكتب فاتهم أبو علي بأنه أحرقها لينقطع انتساب تلك العلوم عن أربابها ويختص بنفسه لكن هذا كلام الحساد الذين ليس لهم هاد.
واعلم أن الأوائل من الملوك كانوا يهتمون بجمع الكتب وخزانتها فحدثت في الإسلام خزائن ثلاث:
إحداها: بمدينة دار السلام ببغداد وكانت فيها من الكتب ما لا يحصى كثرة وقد ذهب الكل في وقعة تاتار ببغداد.
وثانيتها: خزانة الفاطميين بمصر وكانت من أعظم الخزائن وأكثرها جمعا للكتب النفيسة ولما انقضت دولتهم باستيلاء الملك صلاح الدين على مصر فاشترى القاضي الفاضل أكثر كتب هذه الخزانة ووقفها على مدرسته بمصر فبقيت فيها إلى أن استولت عليها الأيدي فلم يبق منها إلا القليل.
وثالثتها: خزانة بني أمية بالأندلس وكانت من أجل خزائن الكتب أيضا ولما انقرضت دولتهم باستيلاء ملوك الطوائف على الأندلس ذهب كلها.
أو من الكتب المبسوطة في المنطق: البحر الخضم ومنطق الشفاء لأبي علي بن سينا كتبه بلا مطالعة كتاب وكان يكتب كل يوم خمسين ورقة من حفظه وله كتاب النجاة والقانون والإشارات.
ومنها كتاب بيان الحق ومطالع الأنوار والمناهج كلها في المنطق والحكمة للأمور كان شافعيا وكتاب كشف الأسرار لمحمد بن عبد الملك الخونجي وهو صاحب الموجز في المنطق ومن الكتب اللطيفة التلويحات والمطارحات لأبي الفتوح يحيى بن حنش الملقب بشهاب الدين السهروردي الحكيم المقتول وقيل اسمه عمر.
ومنها: الملخص وشرح الإشارات للرازي والمعتبر لأبي البركات البغدادي اليهودي أولا في أكثر عمره والمهتد إلى الإسلام في آخر عمره أتى في المعتبر بأقسام الحكمة غير الرياضي وهو أحسن كتاب في هذا الشأن في هذا الزمان استولت عليه آفات لو وضع واحد منها على رضوى لتخلخلت أصولها الرواسخ وتدكدكت رؤوسها الشوامخ وذلك أنه عمى وطرش وبرص وتجذم فنعوذ بالله من نقمة لا تطيقها الأبدان ومن زوال العافية وتقلب الإحسان
ولما أحس بالموت أوصى من يتولاه أن يكتب على قبره: هذا قبر أوحد الزمان أبي البركات ذي العبر صاحب المعتبر فسبحان من لا يغلبه غالب ولا ينجو من قضائه متحيل ولا هارب نسأل الله في حياتنا العافية وفي مماتنا حسن العاقبة رب قد أحسنت فيما مضى فلك أن تحسن فيما بقي ولم يتحقق تاريخ وفاته إلا أنه كان في أوسط المائة السادسة.
ومنها جامع الدقائق للكاتبي وتنزيل الأفكار وحواشي ملخص الرازي له أيضا وإن أردت بلوغ الغاية في المنطق فعليك بتعديل الميزان وهو أحد أقسام تعديل العلوم لصدر الشريعة وقد كشف في هذا الكتاب عن غوامض طالما تحير فيها عقول الأقدمين وأبرز قواعد لم يهتد إليها أحد من الأوحدين ومع هذا فهو لعلوم الشريعة أبو عذرها وابن بجدتها وكتب المنطق أكثر من أن تحصى وأجل من أن تستقصي انتهى حاصله.
علم مواسم السنة
قال الأرنيقي: إن لكل أمة من الأمم ولكل طائفة من الأقوام مواسم وأعياد يعينون لكل منها شغلا مخصوصا فالعلم المذكور يعرف به أعياد كل قوم وإنها من السنة في أي يوم ويعرف شغل أهلها في ذلك ومن جملة ذلك يوم النيروز والمهرجان عند أهل الفارس وكان أهل القبط يأتي ملكهم في يوم النيروز ويرصدون من الليل فيقدمون رجلا حسن الاسم والوجه طيب الرائحة فيقف على الباب حتى يصبح فإذا أصبح دخل على الملك بغير أذن فيقف عنده.
فيقول له الملك: ما اسمك؟ ومن أين أنت أقبلت؟ وأين تريد؟ ولأي شيء وردت وما معك؟
فيقول: أنا المنصور واسمي المبارك ومن قبل الله أقبلت والملك السعيد أردت وبالهنا والسلامة وردت ومعي السنة الجديدة ثم يجلس ويدخل بعده رجل معه طبق من فضة وفيه حنطة وشعير وجلبان وذرة وحمص وسمسم وأرز من كل سبع سنابل وسبع حبات وقطعة سكر ودينار فيضع الطبق بين يدي الملك ثم يدخل عليه الهدايا ويبتدئ من الوزير ثم الناس على قدر مراتبهم ثم يقدم الملك برغيف كبير مصنوع من تلك الحبوب فيأكل منه ويطعم من حضره ثم يقول: هذا يوم جديد من شهر جديد من عام جديد من زمان جديد يحتاج أن يجدد فيه ما أخلقه الزمان وأحق الناس بالفضل والإحسان الرأس لفضله على سائر الأعضاء ثم يخلع على وجوه دولته ويصلهم ويصرف عليهم ما حمل إليه من الهدايا.
وكان من عادة الفرس في عيدهم أن يدهن الملك بدهن البان تبركا ويلبس القصب والوشي ويضع على رأسه تاجا فيه صورة الشمس ويكون أول من يدخل عليها المؤبد بطبق عليه أترجة وقطعة سكر ونبق وسفرجل وتفاح وعناب وعنقود عنب أبيض وسبع باقات آس ثم يدخل الناس مثل الأول على طبقاتهم ومن عادتهم في يوم النيروز أنهم: يجمعون بين سبع أشياء أول أسمائهن سينات يأكلونها هي السكر والسفرجل السمسم والسحاق والسذاب والسقنقور وعادات الناس في الأعياد خارجة عن التعداد انتهى.
قلت: وقد ذكر الشيخ الإمام العلامة المقريزي في كتاب الخطط والآثار كثيرا من أعيادهم وبسط في بيان ذلك ولكن الشرع الشريف قد ورد بإبطال كل عيد للناس على اختلاف فرقهم وقبائلهم وعشائرهم إلا ما وردت به السنة المطهرة من الجمعة والعيدين والحجج وعليه عمل المسلمين إلى الآن.
ولشيخ الإسلام أحمد بن تيمية رضي الله عنه كتاب سماه اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم في رد أعياد الأقوام ونهي المسلمين عن اعتياد عادات هؤلاء الطعام وفي الحديث من تشبه بقوم فهو منهم والتشبه يشمل كل شبه يكون في الأعياد والأخلاق وهيأت اللبس والآكل والركوب والبناء والكلام وقد تساهل الناس المسلمون اليوم في التحرز عن التشبه إلى الغاية وشابهوا الكفار وأهل الكتاب في مراسمهم ومواسهم إلى النهاية إلا من عصمه الله وقليل ما هم وتأويل هذا الحديث يستدعي بسطا تاما وليس هذا موضع بيان المسائل والأحكام فعليك بالنظر في اقتضاء الصراط المستقيم يتضح لك الحق مما هو باطل في دين الإسلام وبالله التوفيق.

علم الفلسفيات

علم الفلسفيات
العلوم الفلسفية أربعة أنواع: رياضية ومنطقية وطبيعية وإلهية. فالرياضية على أربعة أقسام.
الأول: علم الأرتماطيقي وهو معرفة خواص العدد وما يطابقها من معاني الموجودات التي ذكرها فيثاغورس نيقوماخس وتحته علم الوفق وعلم الحساب الهندي وعلم الحساب القبطي والزنجي وعلم عقد الأصابع.
الثاني: علم الجومطريا وهو علم الهندسة بالبراهين المذكورة في إقليدس ومنها علمية وعملية وتحتها علم المساحة وعلم التكسير وعلم رفع الأثقال وعلم الحيل المائية والهوائية والمناظر والحزب.
الثالث: علم الإسطرلاب قوميا وهو: علم النجوم بالبراهين المذكورة في المجسطي وتحت علم الهيئة والميقات والزيج والتحويل.
الرابع: علم الموسيقى وتحته علم الإيقاع والعروض، والثاني العلوم المنطقية وهي خمسة أنواع:
الأول: أنولوطيقيا وهو معرفة صناعة الشعر.
الثاني: بطوريقا وهو معرفة صناعة الخطب.
الثالث: بوطيقيا وهو معرفة صناعة الجدل.
الرابع: الولوطيقي وهو معرفة صناعة البرهان. الخامس: سوفسطيقا وهو معرفة المغالطة.
والثالث العلوم الطبيعية وهي سبعة أنواع:
الأول: علم المبادئ وهو: معرفة خمسة أشياء لا ينفك عنها جسم وهي: الهيولى والصورة والزمان والمكان والحركة.
الثاني: علم السماء والعالم وما فيه.
الثالث: علم الكون والفساد.
الرابع: علم حوادث الجو.
الخامس: علم المعادن.
السادس: علم النبات.
السابع: علم الحيوان ويدخل فيه علم الطب وفروعه.
الرابع: العلوم الإلهية وهي خمسة أنواع:
الأول: علم الواجب وصفته.
الثاني: علم الروحانيات وهي معرفة الجواهر البسيطة العقلية الفعالة التي هي الملائكة.
الثالث: العلوم النفسانية وهي معرفة النفوس المتجسدة والأرواح السارية في الأجسام الفلكية والطبيعية من الفلك المحيط إلى مركز الأرض.
الرابع: علم السياسات وهي خمسة أنواع:
الأول: علم سياسة النبوة.
الثاني: علم سياسة الملك وتحته الفلاحة والرعايا وهو الأول المحتاج إليه في أول الأمر لتأسيس المدن.
الثالث: علم قود الجيش ومكائد الحرب والبيطرة والبيزرة وآداب الملوك.
الرابع: العلم المدني كعلم سياسة العامة وعلم سياسة الخاصة وهي سياسة المنزل.
الخامس: علم سياسة الذات وهو علم الأخلاق.
فصل في إبطال الفلسفة وفساد منتحلها
من كلام ابن خلدون رحمه الله وهذا الفصل مهم لأن هذه العلوم عارضة في العمران كثيرة في المدن وضررها في الدين كثير فوجب أن يصدع بشأنها ويكشف عن المعتقد الحق فيها وذلك أن قوما من عقلاء النوع الإنساني زعموا أن الوجود كله الحسي منه وما وراء الحسي تدرك ذواته وأحواله بأسبابها وعلل بالأنظار الفكرية والأقيسة العقلية وإن تصحيح العقائد الإيمانية من قبل النظر لا من جهة السمع فإنها بعض من مدارك العقل وهؤلاء يسمون فلاسفة جمع فيلسوف وهو باللسان اليوناني محب الحكمة فبحثوا عن ذلك وشمروا له وحوموا على إصابة الغرض منه ووضعوا قانونا يهتدي به العقل في نظره إلى التمييز بين الحق والباطل وسموه بالمنطق.
ومحصل ذلك أن النظر الذي يفيد تمييز الحق من الباطل إنما هو للذهن في المعاني المنتزعة من الموجودات الشخصية فيجرد منها أولا صورا منطبقة على جميع الأشخاص كما ينطبق الطابع على جميع النقوش التي ترسمها في طين أو شمع وهذه المجردة من المحسوسات تسمى المعقولات الأوائل؛ ثم تجرد من تلك المعاني الكلية إذا كانت مشتركة مع معاني أخرى وقد تميزت عنها في الذهن فتجرد منها معاني أخرى وهي التي اشتركت بها ثم تجرد ثانيا أن شاركها غيرها وثالثا إلى أن ينتهي التجريد إلى المعاني البسيطة الكلية المنطبقة على جميع المعاني والأشخاص ولا يكون منها تجريد بعد هذا وهي الأجناس العالية.
وهذه المجردات كلها من غير المحسوسات هي من حيث تأليف بعضها مع بعض لتحصيل العلوم منها تسمى المعقولات الثواني.
فإذا نظر الفكر في هذه المعقولات المجردة وطلب تصور الوجود كما هو فلا بد للذهن من إضافة بعضها إلى بعض ونفي بعضها عن بعض بالبرهان العقلي اليقيني ليحصل تصور الوجود تصورا صحيحا مطابقا إذا كان ذلك بقانون صحيح كما مر وصنف التصديق الذي هو تلك الإضافة والحكم متقدم عندهم على صنف التصور في النهاية والتصور متقدم عليه في البداية والتعليم لأن التصور التام عندهم هو غاية لطلب الإدراك وإنما التصديق وسيلة له وما تسمعه في كتب المنطقيين من تقدم التصور وتوقف التصديق عليه فبمعنى الشعور لا بمعنى العلم التام وهذا هو مذهب كبيرهم أرسطو.
ثم يزعمون أن السعادة في إدراك الموجودات كلها في الحس وما وراء الحس بهذا النظر وتلك البراهين.
وحاصل مداركهم في الوجود على الجملة وما آلت إليه وهو الذي فرعوا عليه قضايا أنظارهم أنهم عثروا أولا على الجسم السفلي بحكم الشهود والحس.
ثم ترقى إدراكهم قليلا فشعروا بوجود النفس من قبل الحركة والحس والحيوانات ثم أحسوا من قوى النفس بسلطان العقل ووقف إدراكهم فقضوا على الجسم العالي السماوي بنحو من القضاء على أمر الذات الإنسانية ووجب عندهم أن يكون للفلك نفس وعقل كما للإنسان.
ثم أنهوا ذلك نهاية عدد الآحاد وهي العشر تسع مفصلة ذواتها جمل واحد أول مفرد وهو العاشر ويزعمون أن السعادة في إدراك الوجود على هذا النحو من القضاء مع تهذيب النفس وتخلقها بالقضاء وإن ذلك ممكن للإنسان ولو لم يرد شرع لتمييزه بين الفضيلة والرذيلة من الأفعال بمقتضى عقله ونظره وميله إلى المحمود منها واجتنابه للمذموم بفطرته وذلك إذا حصل للنفس حصلت لها البهجة واللذة وإن الجهل بذلك هو الشقاء السرمدي وهذا عندهم هو معنى النعيم والعذاب في الآخرة إلى خبط لهم في تفاصيل ذلك معروف من كلماتهم.
وأمام هذه المذاهب الذي حصل مسائلها ودون علمها وسطر حجاجها فيما بلغنا في هذه الأحقاب هو أرسطو المقدوني من أهل مقدونية من بلاد الروم من تلاميذ أفلاطون وهو معلم الإسكندر1 ويسمونه المعلم الأول على الإطلاق ويعنون معلم صناعة المنطق إذ لم تكن قبله مهذبة وهو أول من رتب قانونها واستوفى مسائلها وأحسن بسطها ولقد أحسن في ذلك القانون ما شاء لو تكفل له بقصدهم في الإلهيات.
ثم كان من بعده في الإسلام من أخذ بتلك المذاهب واتبع فيها رأيه حذو النعل بالنعل إلا في القليل وذلك أن كتب أولئك المتقدمين لما ترجمها الخلفاء من بني العباس من اللسان اليوناني إلى اللسان العربي تصفحها كثير من أهل الملة وأخذ من مذاهبهم من أضله الله من منتحلي العلوم وجادلوا عنها واختلفوا في مسائل من تفاريعها.
وكان من أشهرهم أبو نصر الفارابي في المائة الرابعة لعهد سيف الدولة. أبو علي بن سينا في المائة الخامسة لعهد نظام الملك من بني بويه بأصبهان وغيرهما.
واعلم: إن هذا الرأي الذي ذهبوا إليه باطل بجميع وجوهه فأما إسنادهم الموجودات كلها إلى العقل الأول واكتفائهم به في الترقي إلى الواجب فهو قصور عما وراء ذلك من رتب خلق الله فالوجود أوسع نطاقا من ذلك ويخلق ما لا تعلمون وكأنهم في اقتصارهم على إثبات العقل فقط والغفلة عما وراءه بمثابة الطبيعيين المقتصرين على إثبات الأجسام خاصة المعرضين عن النقل والعقل المعتقدين أنه ليس وراء الجسم في حكمة الله شيء.
وأما البراهين التي يزعمونها على مدعياتهم في الموجودات ويعرضوا على مغيار المنطق وقانونه فهي قاصرة وغير وافية بالغرض.
أما ما كان منها في الموجودات الجسمانية ويسمونه العلم الطبيعي فوجه قصوره أن المطابقة بين تلك النتائج الذهنية التي تستخرج بالحدود والأقيسة كما في زعمهم وبين ما في الخارج غير يقينية لأن تلك أحكام ذهنية كلية عامة والموجودات الخارجية متشخصة بموادها ولعل في المواد ما يمنع من مطابقة الذهني الكلي للخارجي الشخصي اللهم إلا ما يشهدوا له الحس من ذلك فدليله شهوده لا تلك البراهين فأين اليقين الذي يجدونه فيها وربما يكون تصرف الذهن أيضا في المعقولات الأول المطابقة للشخصيات بالصور الخيالية لا في المعقولات الثواني التي تجريدها في الرتبة الثانية فيكون الحكم حينئذ يقينيا بمثابة المحسوسات إذ المعقولات الأول أقرب إلى مطابقة الخارج لكمال الانطباق فيها فنسلم لهم حينئذ دعاويهم في ذلك إلا أنه ينبغي لنا الإعراض عن النظر فيها إذ هو من ترك المسلم لما لا يعنيه فإن مسائل الطبيعيات لا تهمنا في ديننا ولا معاشنا فوجب علينا تركها.
وأما ما كان منها في الموجودات التي وراء الحس وهي الروحانيات ويسمونه العلم الإلهي وعلم ما بعد الطبيعة فإن ذواتها مجهولة رأسا ولا يمكن التوصل إليها ولا البرهان عليها لأن تجريد المعقولات من الموجودات الخارجية الشخصية إنما هو ممكن فيما هو مدرك لها ونحن لا ندرك الذوات الروحانية حتى نجرد منها ماهيات أخرى بحجاب الحس بيننا وبينها فلا يتأتى لنا برهان عليها ولا مدرك لنا في إثبات وجودها على الجملة إلا ما نجده بين جنبينا من أمر النفس الإنسانية وأحوال مداركها وخصوصا في الرؤيا التي هي وجدانية لكل أحد وما وراء ذلك من حقيقتها وصفاتها فأمر غامض لا سبيل إلى الوقوف عليه وقد صرح بذلك محققوهم حيث ذهبوا إلى أن ما لا مادة له لا يمكن البرهان عليه لأن مقدمات البرهان من شرطها أن تكون ذاتية.
وقال كبيرهم أفلاطون: إن الإلهيات لا يوصل فيها إلى يقين وإنما يقال فيها بالأحق الأولى يعني الظن وإذا كنا إنما نحصل بعد التعب والنصب على الظن فقط فيكفينا الظن الذي كان أولا فأي فائدة لهذه العلوم والاشتغال بها ونحن إنما عنايتنا بتحصيل اليقين فيما وراء الحسن من الموجودات على ما هي عليه بتلك البراهين فقول مزيف مردود وتفسيره أن الإنسان مركب من جزئين.
أحدهما: جسماني والآخر روحاني ممتزج به ولكل واحد من الجزئين مدارك مختصة به والمدرك فيهما واحد وهو الجزء الروحاني يدرك تارة مدارك روحانية وتارة مدارك جسمانية إلا أن المدارك الروحانية يدركها بذاته بغير واسطة والمدارك الجسمانية بواسطة آلات الجسم من الدماغ والحواس وكل مدرك فله ابتهاج بما يدركه واعتبره بحال الصبي في أول مداركه الجسمانية التي هي بواسطة كيف يبتهج بما يبصره من الضوء وبما يسمعه من الأصوات فلا شك أن الاتبهاج بالإدراك الذي للنفس من ذاتها بغير واسطة يكون أشد وألذ فالنفس الروحانية إذا شعرت بإدراكها الذي لها من ذاتها بغير واسطة حصل لها ابتهاج ولذة لا يعبر عنها وهذا الإدراك لا يحصل بنظر ولا علم وإنما يحصل بكشف حجاب الحس ونسيان المدارك الجسمانية بالجملة والمتصوفة كثيرا ما يعنون بحصول هذا الإدراك للنفس حصول هذه البهجة فيحاولون بالرياضة أمانة القوى الجسمانية ومداركها حتى الفكر من الدماغ ليحصل للنفس إدراكها الذي لها من ذاتها عند زوال الشواغب والموانع الجسمانية فيحصل لهم بهجة ولذة لا يعبر عنها وهذا الذي زعموه بتقدير صحته مسلم لهم وهو مع ذلك غير واف بمقصودهم.
فأما قولهم إن البراهين والأدلة العقلية محصلة لهذا النوع من الإدراك والابتهاج عنه فباطل كما رأيته إذ البراهين والأدلة من جملة المدارك الجسمانية لأنها بالقوى الدماغية من الخيال والفكر والذكر ونحن أول شيء نعني به في تحصيل هذا الإدراك إماتة هذه القوى الدماغية كلها لأنها منازعة له فادحة فيه وتجد الماهر منهم عاكفا على كتاب الشفاء والإشارات والنجاة وتلاخيص ابن رشد للقص من تأليف أرسطو وغيره يبعثر أوراقها ويتوثق من براهينها ويلتمس هذا القسط من السعادة فيها ولا يعلم أنه يستكثر بذلك الموانع عنها ومستندهم في ذلك ما ينقلونه عن أرسطو والفارابي وابن سينا أن من حصل له إدراك العقل الفعال واتصل به في حياته فقد حصل حظه من هذه السعادة والعقل الفعال عندهم عبارة عن أول رتبة ينكشف عنها الحس من رتب الروحانيات ويحملون الاتصال بالعقل الفعال على الإدراك العلمي وقد رأيت فساده.
وإنما يعني أرسطو وأصحابه بذلك الاتصال والإدراك إدراك النفس الذي لها من ذاتها وبغير واسطة وهو لا يحصل إلا بكشف حجاب الحس.
وأما قولهم إن البهجة الناشئة عن هذا الإدراك هي عين السعادة الموعود بها فباطل أيضا لأنا إنما تبين لنا بما قرروه إن وراء الحس مدركا آخر للنفس من غير واسطة وإنها تبتهج بإدراكها ذلك ابتهاجا شديدا وذلك لا يعين لنا أنه عين السعادة الأخروية ولا بد بل هي من جملة الملاذ التي لتلك السعادة.
وأما قولهم أن السعادة في إدراك هذه الموجودات على ما هي عليه فقول باطل مبني على ما كنا قدمناه في أصل التوحيد من الأوهام والأغلاط في أن الوجود عند كل مدرك منحصر في مداركه وبينا فساد ذلك وأن الوجود أوسع من أن يحاط به أو يستوفي إدراكه بجمله روحانيا أو جسمانيا والذي يحصل من جميع ما قررناه من مذاهبهم أن الجزء الروحاني إذا فارق القوى الجسمانية أدرك إدراكا ذاتيا له مختصا بصنف من المدارك وهي الموجودات التي أحاط بها علمنا وليس بعام الإدراك في الموجودات كلها إذ لم تنحصر وأنه يبتهج بذلك النحو من الإدراك ابتهاجا شديدا كما يبتهج الصبي بمداركه الحسية في أول نشرة ومن لنا بعد ذلك بإدراك جميع الموجودات أو بحصول السعادة التي وعدنا به الشارع إن لم نعمل لها هيهات هيهات لما توعدون.
وأما قولهم إن الإنسان مستقل بتهذيب نفسه وإصلاحها بملابسة المحمود من الخلق ومجانبة المذموم فأمر مبني على أن ابتهاج النفس بإدراكها الذي لها من ذاتها هو عين السعادة الموعود بها لأن الرذائل عائقة للنفس عن تمام إدراكها ذلك بما يحصل لها من الملكات الجسمانية والروحانية فهذا التهذيب الذي توصولنا إلى معرفته إنما نفعه في البهجة الناشئة عن الإدراك الروحاني فقط الذي هو على مقاييس وقوانين.
وأما ما وراء ذلك من السعادة التي وعدنا به الشارع على امتثال ما أمر به من الأعمال والأخلاق فأملا يحيط به مدارك المدركين وقد تنبه لذلك زعميهم أبو علي بن سينا فقال في كتاب المبدأ والمعاد ما معناه أن المعاد الروحاني وأحواله هو مما يتوصل إليه بالبراهين العقلية والمقاييس لأنه على نسبة طبيعية محفوظة ووتيرة واحدة قلنا في البراهين عليه سعة.
وأما المعاد الجسماني أحواله فلا يمكننا إدراكه بالبرهان لأنه ليس على نسبة واحدة وقد بسطته لنا الشريعة الحقة المحمدية فلينظر فيها ولنرجع في أحواله إليها فهذا العلم كما رأيته غير واف بمقاصدهم التي حوموا عليها مع ما فيه من مخالفة الشرائع وظواهرها وليس له فيما علمنا إلا ثمرة واحدة وهي شحذ الذهن في ترتيب الأدلة والحجاج لتحصيل ملكة الجودة والصواب في البراهين وذلك أن نظم المقاييس وتركيبها على وجه الإحكام والإتقان هو كما شرطوه في صناعتهم المنطقية وقولهم بذلك في علومهم الطبيعية وهم كثيرا ما يستعلمونها في علومهم الحكمية من الطبيعيات والتعاليم وما بعدها فيستولي الناظر فيها بكثرة استعمال البراهين بشروطها على ملكه الإتقان والصواب في الحجاج والاستدلالات لأنها وإن كانت غير وافية بمقصودهم هم فهي أصح ما علمناه من قوانين الأنظار.
هذه هي ثمرة هذه الصناعة مع الاطلاع على مذاهب أهل العلم وآرائهم ومضارها ما علمت فليكن الناظر فيها متحرزا جهده من معاطيها فليكن نظر من ينظر فيها بعد الامتلاء من الشرعيات والإطلاع على التفسير والفقه ولا يكبن أحد عليها وهو خلو عن علوم الملة فقل أن يسلم لذلك من معاطيها والله الموفق للصواب وللحق والهادي إليه وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.
قال الغزالي في الإحياء: الفلسفة ليست علما برأسها بل هي أربعة أجزاء.
أحدها: الهندسة والحساب وهما مباحان ولا يمنع عنهما إلا من يخاف عليه أن يتجاوز بهما إلى علوم مذمومة فإن أكثر الممارسين لهما قد خرجوا منهما إلى البدع فيصان الضعيف عنهما لا لعينهما خوفا عليه من أن القوي يندب إلى مخالطتهم.
قال الثاني: المنطق وهو بحث عن وجه الدليل وشروطه ووجه الحد وشروطه وهما داخلان في علم الكلام.
الثالث: الإلهيات وهو بحث عن ذات الله تعالى وصفاته وهو داخل في الكلام أيضا والفلاسفة لم ينفردوا فيها بنمط آخر من العلم بل انفرد بمذاهب بعضها كفر وبعضها بدعة.
الرابع: الطبيعيات بعضها مخالف للشرع والدين الحق فهو جهل وليس بعلم حتى يورد في أقسام العلوم وبعضها بحث عن صفات الأجسام وخواصها وكيفية استحالتها وتغييرها وهو شبيه بنظر الأطباء ولا حاجة إليها وإنما حدث ذلك بحدوث البدع إلى آخر ما قال والله أعلم.

الواسطة

الواسطة:
[في الانكليزية] Intermediary ،mediator ،guide ،means
[ في الفرنسية] Intermediaire ،mediateur ،guide ،moyen

في اللغة الفارسية: ميانجي، وفي الوسط، وفي اصطلاح الشّطّارين: الواسطة هي صورة الشيخ والمرشد التي تتوجّه إليها عين المريد عند الذّكر. كذا في كشف اللغات. والواسطة في عرف العلماء على قسمين: الأول الواسطة في الثبوت وهي أن يكون الشيء واسطة أي علّة لثبوت وصف لشيء آخر في نفس الأمر وهو قسمان: أحدهما أن لا يثبت ذلك الوصف للواسطة أصلا فيكون هناك عارض واحد بالذات والاعتبار كالنقطة العارضة للخط بواسطة التناهي، وكالأعراض القائمة بالممكنات بواسطة الواجب وثانيهما أن تتصف الواسطة بذلك الوصف وبواسطتها يتصف ذلك الشيء الآخر به، لا أنّ هناك اتصافين حقيقيين لامتناع قيام الوصف الواحد بموصوفين حقيقة بل اتصاف بالحقيقة للواسطة وبتبعيتها لذلك الشيء الآخر، إذ لا محذور في جواز تعدّد الشيء بالاعتبار، وهذا القسم يسمّى واسطة في العروض تمييزا لها عن القسم الأول. والثاني الواسطة في الإثبات ويسمّى واسطة في التصديق أيضا، وهي ما يقرن بقولنا لأنّه حين يقال لأنّه كذا فذلك الشيء الذي يقرن بقولنا هو الوسط أي الواسطة في الإثبات، كما إذا قلنا العالم حادث لأنّه متغيّر، فحين قلنا لأنّه اقترن به المتغيّر هو الوسط، هكذا يستفاد من شرح المطالع في بحث الخاصّة ومن حواشيه في بحث الموضوع.
فعلى هذا الواسطة هي الحدّ الأوسط، ورفع تلك الواسطة يوجب عدم الاحتياج إلى الدليل فيكون ثبوت أمر لشيء حينئذ بيّنا مستغنيا عن الاستدلال، بخلاف رفع الواسطة في الثبوت فإنّ حاصله عدم احتياج أمر في ثبوته لشيء في نفس الأمر إلى آخر، وليس ذلك مستلزما للاستغناء عن الدليل، كقولنا المثلث تساوي زواياه الثلاث لقائمتين فإنّ تلك المساواة عارضة للمثلث لما هو هو، ومع ذلك يحتاج في إثباتها له إلى مقدّمات كثيرة موقوفة على وسائط متعدّدة. وقال مرزا جان في حاشية شرح المواقف في مقدّمة الأمور العامّة كون الغير واسطة في الثبوت أن يكون هناك وجودان يثبت أحدهما للموصوف ويثبت الآخر للصفة، لكن ثبوته للصفة بتبعية ثبوت الوجود لموصوفها، وبواسطته كوجود الجواهر واسطة لوجود الأعراض، وكونه واسطة في العروض أن يكون هناك وجود واحد كان ثابتا للموصوف أولا وبالذات وللصفة ثانيا وبالعرض.

الهمّة

الهمّة:
[في الانكليزية] Intention ،determination ،energy ،activity
[ في الفرنسية] Intention ،determination ،energie ،activite
بكسر الهاء وفتحها وتشديد الميم في اللغة القصد إلى وجود الشيء أو لا وجوده أعم من أن يكون إلى شريف أو خسيس وخصّت في العرف بحيازة المراتب العليّة. وقد تطلق على الحالة التي تقتضي ذلك القصد أو الحيازة، وبهذا المعنى تجمع على همم كذا في البرجندي شرح مختصر الوقاية. قال صاحب الإنسان الكامل: الهمّة أعزّ شيء وضعه الله سبحانه في الإنسان ولاستقامتها علامتان: الأولى حالية وهو قطع اليقين بحصول الأمر على التعيين. والثانية فعلية وهو أن تكون حركات ما قبلها وسكناته جميعا مما يصلح لذلك الأمر الذي يقصده بهمته، فإن لم يكن كذلك لا يسمّى أنّه صاحب همّة، بل هو صاحب آمال كاذبة. ثم اعلم أنّ الهمّة في نفسها عالية المقام ليس لها بالأسافل إلمام، فلا تتعلق إلّا بجناب ذي الجلال والإكرام، بخلاف الهمّ فإنّه اسم لتوجّه القلب إلى أي محلّ من إمّا قاص وإمّا دان. ثم الهمة وإن كانت أعلى إلّا أنّها حجاب للواقف معها فلا يرتقي حتى يدعها فإنّ الحقيقة من ورائها، والطريقة على فضائها. ثم قال في باب القلب:
اعلم أنّه يكون وجه القلب دائما إلى نور في الفؤاد يسمّى الهمّ وهو محل نظر القلب وجهة توجّهه إليه، فإذا حاذاه أي القلب الاسم أو الصفة من جهة الهمّ نظره القلب فانطبع بحكمه ثم يزول فيعقبه اسم آخر، إمّا من جنسه أو من جنس غيره فيجري له معه ما جرى له مع الأول، وهكذا على الدوام، وأمّا ما كان من قفاء القلب فإنّه لا ينطبع به. واعلم أيضا أنّ الهمّ لا يكون له من القلب جهة مخصوصة به بل قد يكون تارة إلى فوق وتارة إلى تحت، وعن اليمين وعن الشمال على قدر صاحب ذلك القلب، فإنّ من الناس من يكون همّه أبدا إلى فوق كالعارفين، ومنهم من يكون همّه أبدا إلى تحت كبعض أهل الدنيا، ومنهم من يكون همّه أبدا إلى اليمين كبعض العباد، ومنهم من يكون همّه أبدا إلى الشمال وهو موضع النفس، فإنّها محلها في الضلع الأيسر وأكثر البطالين لا يكون له همّ إلّا نفسه. وأمّا المحقّقون فلا لهم همّ فليس لقلوبهم موضع يسمّى قفاء، بل يقابلون بالكلّية كليّة الأسماء والصفات فليس يختصّ وقتهم باسم دون غيره، لأنّهم ذاتيون فهو مع الحقّ بالذات لا بالأسماء والصفات فافهم انتهى. فهذه العبارة تدلّ على أنّ الهمّ هو الحالة المقتضية للتوجّه، والعبارة الأولى تدلّ على أنّ الهمّ هو توجّه القلب إلى أي شيء كان بخلاف الهمّة فإنّها لا تتعلّق إلّا بجناب الكبرياء؛ ثم الهمّ يجيء أيضا بمعنى الغمّ كما في الصراح. وقال الحكماء الهمّ بالفتح كيفية نفسانية يتبعها حركة الروح والحرارة الغريزية إلى داخل البدن وخارجه لحدوث أمر يتصوّر فيه وهو خير يتوقّع وشرّ ينتظر، فهو مركّب من خوف ورجاء، فأيّهما غلب على الفكر تحركت النفس إلى جهته، فإن غلب الخير المتوقّع تحرّكت إلى خارج البدن، وإن غلب الشّر المنتظر تحرّكت إلى داخله. ولهذا قيل إنّه جهاد فكري، كذا في بحر الجواهر.

شَبَّبَ

(شَبَّبَ) الشَّاعِر ذكر أَيَّام اللَّهْو والشباب وبفلانة تغزل بهَا وَوصف حسنها
شَبَّبَ
: (} الشَّبَابُ: الفَتَاءُ) والحَدَــاثَةُ ( {كالشَّبِيبَة. وَقد} شَبَّ) الغُلامُ ( {يَشِبُّ) } شَبَاباً، {وشُبُوباً،} وشَبِيباً،! وأَشَبَّهُ اللهُ، {وأَشَبَّ اللهُ قَرْنَه بمَعْنًى، والأَخِيرُ مَجَازٌ والقَرْنُ زِيَادَةٌ فِي الكَلَامِ.
وَقَالَ مُحَمَّد بنُ حَبيب: زَمَنُ الغُلُومِيَّة سَبْعَ عَشَرَةَ سَنَةً مُنْذُ يُولَدُ إِلى أَن يَسْتَكْمِلَها، ثمَّ زَمَنُ} الشَّبَابِيَّة مِنْهَا إِلَى أَنْ يَسْتَكْمِلَ إِحْدَى وخَمْسِينَ سنة، ثمَّ هُوَ شَيُخٌ إِلَى أَنْ يَمُوتَ.
وَقيل: {الشَّابُّ: البَالِغُ إِلَى أَنْ يُكَملِّ ثَلَاثِين. وَقيل: ابنُ سِتَّ عَشَرَةَ إِلى اثْنَتَيْن وثَلَاثِين، ثُمَّ هُوَ كَهْلٌ. انْتهى.
(و) } الشَّبَاب (جمع {شَابّ) ، قَالُوا: وَلَا نَظِير لَه (} كالشُّبَّان) بالضَّمِّ كفَارِس وفُرْسَان. وَقَالَ سِيبَوَيْه: أُجْرِي مُجْرَى الاسْم نَحْو حاجِر وحُجْرَان. {والشَّبَابُ: اسمٌ للجَمْع. قَالَ:
وَلَقَد غَدَوْتُ بسَابِحٍ مَرِحٍ
وَمَعِي شَبَابٌ كُلُّهمْ أَخْيَلْ
وزَعَم الخَلِيلُ أَنَّه سَمِعَ أَعْرَابِيًّا فَصِيحاً يَقُولُ: إِذَا بَلَغ الرجلُ سِتِّين فإِيّاه وإِيَّا} الشَّوَابِّ. وَمن جُموُعه {شَبَبَةٌ ككَتَبَةٍ. تَقُولُ: مررْتُ بِرِجَالٍ شَبَبَة أَي} شُبَّان. وَفِي حَدِيث بَدْرٍ: (لَمَّا بَرَزَ عُتْبَةُ وشَيْبَةُ والوَلِيدُ بَر إِلَيْهِم شَبَبَةٌ من الأَنْصَارِ) أَي شُبَّانٌ وَاحِدُهم شَابٌّ. . وَفِي حَدِيثِ ابنِ عُمَرَ: (كُنْتُ أَنَا وابْنُ الزُّبَيْرِ فِي شَبَبَة مَعَنَا) .
(و) الشَّبَابُ {والشَّبِيبَةْ: (أَوَّلُ الشيءِ) . يُقَال: فعَلَ ذَلِكَ فِي} شَبِيبَتِه. وسَقَى اللهُ عَصْرَ {الشَّبِيبَة وعُصُورَ} الشَّبَائِبِ. ومِنَ المَجَاز: لَقِيتُ فُلَاناً فِي شابِ النَّهَار، وقَدِم فِي شَبَاب الشَّهْر، أَي فِي أَوَّلِه. جِئتُك فِي شَبَابِ النَّهَارِ وبِشَبَاب نَهَارٍ، عَنِ اللِّحْيَانِيّ. أَي أَوَّلِهِ.
(و) الشِّبَابُ بالكَسْرِ: مَا {شُبَّ بِهِ أَي أُوقِد،} كالشَّبُوبِ) بالفَتْح.
قَالَ الجَوْهَرِيُّ: {الشَّبُوب (بِالْفَتْح) : مَا يُوقَدُ بِهِ النَّارُ (و) شَبَّ النَّارَ والحَرْبَ: أَوقدها} يَشُبُّها {شَبًّا} وشُبُوباً. {وشَبَبْتُها.} وَشَبَّةُ النَّارِ: اشْتِعَالها. ومِنَ المَجَازِ والكِنَايَة شَبَّتِ الحَرْبُ بَيْنَهُم، وتَقُولُ عِنْدَ إِحْيَاءِ النَّارِ:
{تشَبَّبى} تَشَبُّبَ النَّمِيمَه
جَاءَتْ بهَا تَمْراً إِلَى تَمِيمَه
وَهُوَ كَقَوْلهم: أَوْقَدَ بِالنَمِيمَة نَاراً. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَة: حُكِي عَنْ أَبِي عَمرو بْنِ العَلَاءِ أَنَّه قَالَ: ( {شُبَّت النارُ} وشَبَّتُ) هِي نَفْسُها ( {شَبًّا} وشُبُوباً، لَازِمٌ) و (مُتَعَدَ) . والمَصْدَرُ الأَوَّل للمُتعَدِّي والثَّانِي لِلَّازِم. قَالَ: (وَلَا يُقَالُ {شَابَّة بَلْ مَشْبُوبَة) .
(و) شَبَّ (الفَرَسُ} يَشِبُّ) بالكَسْرِ ( {ويَشُبُّ) بالضَّمِّ (} شِبَاباً {وشَبِيباً} وشُبُوباً) بِالضَّمِّ: (رَفَعَ يَدَيْهِ) جَمِيعًا كأَنَّها تَنْزُو نَزَوَانا، ولَعِبَ وقَمَّصَ، وكَذَلك إِذا حَرَن. تَقول: بَرِئْتُ إِلَيْك مِنْ {شِبَابه} وشَبِيبِه وعِضَاضِه وعَضِيضه قَالَ ذُو الرُّمَّة:
بِذِي لَجَبٍ تُعَارِضُهُ بُرُوقٌ
{شُبُوبَ البُلْق تَشْتَعَلُ اشْتِعَالا
بِذِي لجب يَعْنِي الرَّعْد، أَي كَمَا تَشِبُّ الخَيْلُ فيَسْتَبِينُ بَيَاضُ بَطْنِهَا.
(و) من الْمجَاز: شَبَّ (الخِمَارُ والشَّعَرُ لونَها) أَي (زَادَا فِي حُسْنِها و) بَصِيصِها و (أَظْهَرَا جَمَالَهَا) . وَيُقَال: شَبَّ لونَ المَرأَة خَمَارٌ أَسْوَدُ لَبِسَتْه أَي زَادَ فِي بياضِها ولَوْنِهَا فحَسَّنَها لأَن الضِّدَّ يَزِيدُ فِي ضِدِّه ويُبْدِي مَا خَفِي مِنْه، ولِذلِك قَالُوا:
وبِضِدهَا تَتَمَيَّز الأَشْيَاءُ
وَقَالَ رَجُلٌ جَاهِلِيٌّ مِنْ طَيِّء:
مُعْلَنْكِسٌ شَبَّ لَهَا لَوْنَها
كَمَا يَشُبُّ البَدْرَ لَوْنُ الظَّلَام
يقُول: كَمَا يَظْهَرُ لَوْنُ البَدْرِ فِي اللَّيْلَةِ المُظْلِمَة.
(و) مِنَ المَجَازِ: (} أَشَبَّ) الرجل بَنِينَ إِذَا (شَبَّ وَلَدُه) . ويُقَالُ: {أَشَبَّتْ فُلانَةُ أَوْلادَاً إِذا شَبَّ لَهَ أَوْلَادٌ.
(و) مِنَ المَجَازِ: (} الشَّبُوبُ) بالفتْح (المُحَسِّن للشَّيْءِ) . يُقَالُ: هَذَا! شَبُوبٌ لِهذَا أَي يَزِيدُ فِيهِ ويُحَسِّنُه. وَفِي الحَدِــيث (أَنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْه وسَلَّم ائْتَزَرَ بِبُرْدَةٍ سَوْدَاءَ، فعل سَوادُهَا يَشَبُّ بياضَه، وجَعَلَ بياضُه يَشُبُّ سَوَادَهَا) . قَالَ شَمر: يَشُبّ أَيْ يَزْهَاه ويُحَسِّنُه ويُوقِدُه.
وَفِي رِوَايَة أَنَّه لَبِسَ مِدْرَعَةً سَوْدَاءَ، فَقَالَت عَائِشَةُ: مَا أَحْسَنَهَا عَلَيْكَ، يَشُبُّ سَوَادُهَا بَيَاضَك، وبَيَاضُك سَوَادَهَا) أَي تُحَسِّنُه ويُحَسِّنُها.
وَفِي حَدِيثِ أمِّ سَلَمَةَ (إِنَّه يَشُبُّ الوَجْهَ) أَي يُلوِّنه ويُحَسِّنُه، أَي الصَّبِر.
وَفِي حَدِيثِ عُمَر رَضِي الله عَنْه فِي الجَوَاهِر الَّتي جَاءَتْه مِنْ فَتْح نَهَاوَنْد: (يَشّبّ بَعْضُهَا بَعْضاً) .
(و) {الشَّبُوبُ: (الفرسُ تَجُوز رِجلاه يدَيْه) ، وَهُوَ عَيْبٌ. وَقَالَ ثَعْلَب: هُوَ} الشَّبِيبُ.
(و) الشَّبُوبُ: (مَا تُوقَدُ بِهِ النَّارُ) وَقد تَقَدَّم هَذَا، فَهُوَ تكْرَار.
(والشَّابُّ من الثِّيرَانِ والغَنَم) {كالمِشَبِّ. قَالَ الشَّاعِرُ:
بمَوْرِكَتَيْن من صَلَوَيْ مِشَبَ
مِنَ الثِّيرَانِ عَقْدُهُمَا جَمِيلُ
(أَو) الشَّابُّ: (المُسِنّ، كالشَّبَبِ) مُحَرَّكَةً. عِبَارَة الجوهريّ:} الشَّبَبُ: المُسِنُّ من ثيرانِ الوَحشِ الَّذي انْتَهى أَسْنَانُه. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: الشَّبَبُ: الثَّورُ الَّذِي انْتَهَى شَبَاباً، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي انْتَهى تَمَامُه وَذَكَاؤُه مِنْهَا، وكَذَلك الشَّبُوبُ، الأُنْثَى شَبُوبُ أَيْضاً (والمِشَبُّ) بالكَسْرِ رُبمَا قَالُوا بِه. وقَال أَبُو عَمْرو: القَرْهَبُ: المُسِنُّ مِن الثِّيرَان، والشَّبُوبُ: الشَّابُّ. قَالَ أَبُو حَاتم وَابْن شُمَيْلٍ: إِذَا أَحَالَ وفُصِلَ فَهُوَ دَبَبٌ، والأُنْثَى دَبَبَةٌ، ثمَّ شَبَبٌ والأُنْثَى شَبَبَةٌ.
( {والشَّبُّ: الإِيقَادُ كالشُّبُوب) بالضَّمّ شَبَّ النَّارَ والحَرْبَ. وقَدْ تَقَدَّم.
(و) } الشَّبُّ: (ارتفَاعُ كُلِّ شَيْءٍ) . يُقَالُ: شَبَّ، إِذا رَفَعَ، وشَبَّ، إِذا أَلْهَبَ، حَكَاه أَبُو عَمْرو.
(و) الشَّبُّ: (حجَارَةٌ) يُتَّخَذ مِنْهَا (الزَّاجُ) وَمَا أَشْبَهَه. وأجوَدُه مَا جُلِبَ مِنَ اليَمَن؛ وَهُوَ شَبٌّ أَبْيَضُ لَهُ بَصِيصٌ شَدِيدٌ. قَالَ:
أَلَا لَيْتَ عَمِّي يَوْمَ فُرِّقَ بَيْنَنَا
سُقَى السَّمّ ممْزُوجاً بِشَبِّ يَمَانِي
ويروى {بِشَبَ يَمَانِي.
(و) الشَّبُّ: (دَوَاءٌ م) . ويُوجَدُ فِي بَعْضِ النُّسَخ دَاءٌ مَعْرُوفٌ وَهُو خَطَأٌ. (وَفِي حدِيث أَسْمَاءَ أَنَّها دَعَتْ بِمِرْكَن وشَبَ يَمَانٍ) . الشَّبُّ: حَجَر مَعْرُوفٌ يُشْبِه الزَّاجَ يُدْبَغُ بِه الجُلُودُ.
(و) شَبٌّ: (ع باليَمَن) وَهُوَ شَقٌّ فِي أَعْلَى جَبَل جُهَيْنَة بهَا، قَالَه الصَّاغَانِيُّ.
(ومحمدُ بنُ هِلَالِ بْنِ بِلَالٍ) ثِقَةٌ عَنْ أَبِي قُمَامَة جَبَلَة بْن مُحَمَّد أَوْرَدَه عَبْد الغَنِيّ. (وأَحْمَدُ بن القَاسِم) عَن الحَارِثِ بْنِ أَبِي سامة وعَنْه المُعَافى بْنِ زَكَرِيَّا الجَرِيرِيّ. (والحَسَنُ بْنُ) مُحَمَّده بْنِ (أَبِي ذَرَ البَصْرِيّ عَن مسبح بن حاتِم (} الشُّبِّيُّون: مُحَدِّثُونَ) .
(و) حَكَى ابنُ الأَعْرَابِيّ: رَجُلٌ شَبٌّ و (امرأَة شَبَّةٌ) أَي (شَابَّةٌ) .
(و) من الْمجَاز: ( {أشِبّ) لي الرجلُ} إِشْبَاباً، إِذَا رَفَعْتَ طَرْفَك فَرَأَيْتَهُ من غَيْر أَنْ تَرْجُوَه أَو تَحْتَسِبَ. قَالَه أَبو زَيْد. وَقَالَ المَيْدَانيّ: أَصْلُه مِنْ شَبَّ الغُلَامُ إِذَا تَرَعْرَع. قَالَ الهُذَلِيُّ:
حَتْى أُشِبَّ لَهَا رَامٍ بمُحْدَلَةٍ
نَبْعٍ وَبِيضٍ نَوَاحِيهِنّ كالسَّجَم
مِنَ المَجَازِ أَيْضاً: أُشِبَّ لِي كَذَا (أُتِيح) لي ( {كشُبّ بالضَّمِّ) أَي عَلَى مَا لَمْ يسَمَّ فَاعِلُه (فِيهما) أَي فِي المَعْنَيَيْن.
(و) فِي المَثَل: (أَعْيَيتنِي (من} شُبَّ إِلَى دُبَّ) بضَمِّهما ويُنَوَّنَان، أَيْ مِنْ أَنْ! شَبَبْتُ إِلَى أَنْ دَبَبْتُ عَلَى العَصَا. يَجْعَل ذَلِك بمَنْزِلَةِ الاسْمِ بإِدْخَال مِنْ عَلَيْهِ وإِنْ كَانَ فِي الأَصْل فِعْلاً. يُقَالُ ذلِكَ للرَّجُل والمَرْأَة كَمَا قِيل: نَهَى النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم عَن قِيلَ وقَالَ. ومَا زَال على خُلُق وَاحِدٍ من شُبَ إِلَى دُبَ. قَالَ:
قَاَتْ لَهَا أُخْتٌ لَهَا نَصَحت
رُدِّي فُؤَادَ الهائِم الصَّبِّ
قَالَتْ ولِمْ قَالَتْ أَذَاكَ وَقَدْ
علِّقْتُكُم شُبًّا إِلَى دُبِّ
وَقد تَقَدَّم مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ (فِي د ب ب) .
(و) مِنَ المَجَازِ: ( {التَّشْبِيبُ) وهُوَ فِي الأَصْل ذكْرُ أَيَّام الشَّبابِ واللَّهْوِ والغَزَل وَيَكُونُ فِي ابتداءِ القَصَائد، سُمِّي ابتداؤُها مُطْلَقاً وإِن لَمْ يَكُن فِيه ذكرُ الشَّبَاب.
وَفِي لِسَان الْعَرَب:} تَشْبِيبُ الشِّعْر: تَرْقِيقُ أَوله بِذكْر النِّسَاءِ: وَهُوَ من تَشْبِيبِ النَّار وتَأْرِيثِهَا. {وشَبَّبَ بالمَرأَة: قَالَ فِيهَا الغَزَلَ والنَّسِيبَ.} وَيتَشَبَّبُ بِهَا: يَنْسُبُ بِهَا.
{والتشْبِيبُ: (النَّسِيبُ بالنِّسَاء) أَي بِذِكْرِهِنِ. وَفِي حَدِيثِ عبْدِ الرَّحْمَن بْنِ أَبِي بَكْر (أَنَّه كَانَ} يُشَبَّبُ بِلَيْلَى بِنْتِ الجُودِيِّ فِي شِعْرِهِ) .
وَفِي الأَسَاسِ فِي بَابِ المَجَازِ: قَصِيدَةٌ حَسَنَةُ الشَّبَابِ أَي التَّشْبِيب. وَكَانَ جريرٌ أَرَقَّ النَّاس {شَبَاباً. قَالَ الأَخْفَش: الشَّبَابُ: قَطِيعَةٌ لجَرِير دونَ الشُّعَرَاء.} وشَبَّب قصيدتَه بِفُلَانَةَ، انْتَهى. وَفِي حَدِيث أُمِّ مَعْبد: (فَلَمَّا سَمِع حَسّان شِعْرَ الهَاتِف {شَبَّبَ يُجَاوِبه) أَي ابتدأَ فِي جَوَابِه، من تَشْبِيبِ الكُتُب، وَهُو الابْتِدَاء بهَا والأَخْذُ فِيهَا، ولَيْسَ من تَشْبِيبٍ بالنِّسَاءِ فِي الشّعْرِ.
(} والشِّبَابُ بِالْكَسْرِ: النَّشَاط) أَي نَشَاطُ الفَرَسِ (ورَفْعُ اليَدَيْنِ) مِنْهُ جَمِيعًا. ( {وأَشْبَبْتُه) أَنَا أَي الْفرس إِذا (هَيَّجْتُه) .
(و) } أَشبّ (الثورُ: أَسَنَّ، فَهُوَ {مُشِبٌّ) بِالضَّمِّ، وَمثله فِي التَّهْذِيب. (و) رُبمَا قَالُوا: إِنَّه (} مشبٌّ) بكَسْرِ الْمِيم، وهذَا هُوَ الصَّوَابُ. . وضُبِط فِي بَعْضِ النُّسَخ بِضَمَ ففَتْح. وناقَةٌ {مُشِبَّة، وَقد أَشَبَّت. قَالَ أُسَامَةُ الهُذَلِيّ:
أَقَامُوا صُدُورَ مُشِبَّاتِها
بَواذِخَ يَقْتَسِرونَ الصِّعَابَا
أَي أَقَامُوا هذِه الإِبِل على القَصْدِ. (والمُشِبّ) بالضَّم: (الأَسَدُ) الكَبِيرُ. (ونِسْوَةٌ) } شَوَابُّ. وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ: نِسْوَةٌ ( {شَبَائِبُ) فِي معنى (شَوَابَّ) . وأَنشد:
عَجَائِزاً يَطْلُبْنَ شَيْئاً ذَاهِبا
يَخْضِبْنَ بالحِنَّاءِ شَيْباً شَائِبَا
يَقُلْنَ كُنَّا مَرَّة} شَبَائِبَا
وَقَالَ الأَزْهَرِيّ: شَبَائِبُ جَمعُ شَبَّة لَا جَمْعُ شَابَّة مثل ضَرّة وضَرَائِر.
(و) عَن أَبي عَمرو؛ ( {شَبْشَبَ) الرجلُ إِذا (تَمَّمَ) .
(و) عَن ابْن الأَعْرَابِيّ: (} الشَّوْشَبُ) من أَسْمَاءِ (العَقْرَب) وسَيَأْتي. (و) الشَّوْشَبُ: (القَمْلُ) والأُنْثَى شَوْشَبَة.
وشَبَّذَا زَيْد أَي حَبَّذَا، كاه ثعْلَب.
(وشُبَّان كَرُمّان) سَيَأْتي ذِكْرُهُ (ي ش ب ن) بِنَاءً على أَنَّ نُونَه أَصْلِيّة وَهُوَ (لَقَبُ جَعْفَرِ بن حسن) بن فَرْقَد، هَكَذَا فِي النّسخ، والصَّوَاب جَعْفَر بْن جِسْرِ بْنِ فَرْقَد البَصْرِيّ، سمِعَ أَبَاه. وفَاتَه أَبُو جَعْفَر أَحْمَدُ بْنُ الحُسَيْنِ البَغْدَادِيّ المُؤَذِّن، يُعْرَف {بِشُبَّان شَيْخٌ لمُخَلد الباقرجيّ، هَكَذَا ضَبَطَه الحَافِظ. (و) } الشَّبَّانُ (بِالفَتْح) لَقَبُ (عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُحَمَّد) بن جَعْفَر بن المُؤْمِن، ويُعْرَفُ بابْنِ شَبَّان (العَطَّار) ، رَوَى عَن النجّاد. ( {وشَبَّةُ،} وشَبَّابٌ) كَكَتَّانٍ (وشَبِيبٌ) كأَمِيرٍ: (أَسْمَاءُ) رِجَال. (وشَبَابَةُ بنُ المُعْتَمِر) : شَيْخٌ كُوفِيٌّ عَن قَتَادَة.
(و) شَبَابَةُ (بْنُ سَوَّار، م) مَعْرُوف من رِجَالِ الصَّحِيحَيْن. وشَبَابَةُ: بطْنٌ من) بني (فَهْم) بْنِ مَالِك (نَزَلُوا السَّرَاةَ أَو الطَّائِفَ) سَمَّاهم أَبُو حَنِيفة فِي كِتَابِ النَّبات. وَفِي الصَّحاح: بَنُو شَبابَة: قَوْمٌ بالطَّائِف. قُلْتُ: ومِنْهُم هَانِىء بنُ المُتَوَكِّل مَوْلَى ابْنِ شَبَابة وغَيْره.
وَمن سَجَعَاتِ الأَسَاس: (كَانَ عَصْرُ شَبَابِي أَحْلَى مِنَ العَسَلِ الشَّبَابِي. نِسْبَةً إِلَى (بني) شَبَابَةَ مِنْ أَهْلِ الطَّائِفِ. .
(و) شَبَابٌ (كَسَحَابٍ: لقبُ خَلِيفَةَ بْنِ الخَيَّاط الحَافِظِ) العُصْفُرِيّ حَدَّثَ عَنِ الحُسِينِ العَطَّار المَصِيصِيّ وَغَيره. (وابُنُ شَبَابٍ: جَمَاعَةٌ) ، مِنْهُم الحَارِثُ بْنُ شَبَاب جَدُّ ذِي الإِصْبَع حُرْثَان بن مُحَرِّثٍ العَدْوَانِيّ الشَّاعر. ( {وشَبُّوبَةُ: اسْم جَمَاعَة. ومُحَمَّد بن عمر بن شَبُّوبَة} الشَّبُّوبيّ) نِسْبَة إِلى الجَدِّ، وَهُوَ (رَاوِي) الجَامع (الصحِيح عَن) الإِمَام مُحَمَّد بْنِ مَطَر (الفَرَبْرِيّ) ، وَعنهُ سَعِيد بْنِ أَبِي سَعِيد الصُّوفِيّ وغَيْره. وفَاتَه عبد الخَالق بْنُ أَبِي القَاسِم بْنِ مُحَمَّد بْن {شَبُّوبَة} الشَّبُّوبِيّ من شُيُوخ بن السَّمْعَانيّ. (ومُعَلَّى بنُ سَعِيد {الشَّبِيبيّ: مُحَدِّث) ، وَهُوَ رَاوي حِكَايَة الهِمْيان.
(و) } شُبَيْب (كزُبَيْرٍ بْنُ الحَكَم بْنِ مينَاءَ، فَرْدٌ) . قُلْتُ: وَهُوَ خَطَأٌ، وَالصَّوَاب شُبَيْثٌ آخِره ثاءُ مُثَلَّثَة، وَقد ذَكَرَه على الصَّوَاب فِي الثَّاءِ المُثَلَّثَة كَمَا سَيَأْتِي. ولَيْتَ شِعْرِي إِذَا كَانَ بِالمُوَحَّدة كَما وَهِم كَيفَ يَكُنُ فَرْداً فاعْرِفْ ذَلِكَ.
(وشَبٌّ) بِلَا لَام: (ع، بِالْيمن) وَقد تَقَدَّم، فَهُوَ تكْرَار مَعَ مَا قَبْلَه.
وَمِمَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْه:
مَا جَاءَ فِي حَدِيث شُرَيْح: (تَجُوزُ شهَادَةُ الصِّبْيَان عَلَى الكِبَار يُستشَبُّون) أَي يُسْتَشْهَدُ من شَبَّ وكبِرَ مِنْهُم إِذا بَلَغَ. كأَنَّه يَقُولُ: إِذَا تَحَمَّلُوهَا فِي الصِّبَا وأَدَّوْهَا فِي الكِبَرِ جَازَ.
ومِنَ المَجَازِ: رَجُلٌ {مَشْبُوبٌ جَمِيلٌ حَسَنُ الوَجْه كَأَنَّه أُوقِدَ. قَال ذُو الرُّمَّة:
إِذا الأَرْوَعُ} المَشْبُوبُ أَضْحَى كَأَنَّه
على الرَّحْلِ مِمَّا مَنَّه السيرُ أَحْمَقُ وَقَالَ العَجَّاج:
ومِنْ قُرَيْشٍ كُلُّ مَشْبُوبٍ أَغَرُّ
وَرجل مَشْبُوبٌ: إِذَا كانَ ذَكِيَّ الفُؤَادِ شَهْماً.
وَمن الْمجَاز: طَلَعَت {المَشْبُوبَتَان: الزُّهَرَتَان؛ وهما الزُّهَرَةُ والمُشْتَرِي لحُسْنِهما وإِشْرَاقهما، أَنْشَد ثَعْلَب:
وعَنْسٍ كأَلْوَاح الإِرَانِ نَسَأْتُهَا
إِذَا قِيلَ} للمَشْبُوبَتَيْنِ هُمَاهُمَا
وَفِي كِتَابِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسَلَّم لِوَائِل بْن حُجْر: (إِلَى الأَقْيَال العَبَاهِلَة والأَرْوَاعِ {المَشَابِيب) أَي السَّادَة الرُّءُوسِ الزُّهْرِ الأَلْوَان، الحِسَانِ المَنَاظِر، وَاحِدُهُم مَشْبُوبٌ، كأَنَّمَا أُوقِدَتْ أَلْوَانُهم بِالنَّارِ. وَفِي حدِيثِ سُرَاقَة: (} اسْتَشِبُّوا عَلَى أَسْوُقِكِم فِي البَوْل) . يَقُول: استَوْفِزُوا عَلَيْهَا، وَلَا تُسِفُّوا من الأَرض، أَي وَلَا تَسْتَقِرُّوا بِجَمَيع أَبْدَانِكم وتَدْنوا مِنْهَا. هُوَ مِنْ شَبَّ الفَرَسُ إِذَا رَفَع يَدَيْهِ جَميعاً من الأَرْضِ.
وَفِي الأَساس، مِنَ المَجَازِ: وهُوَ مُشَبَّب الأَظَافِر؛ مُحَدَّدُهَا كَأَنَّها تَلْتَهِب لحِدَّــتِها.
وعبدُ اللهِ بْنُ الشَّبَّاب، ككَتَّان: صَحَابِيٌّ. وكغُرَاب أُبو شَباب خَدِيجُ بنُ سَلامَة عَقَبِيّ، وَابْنه! شُبَاب وُلِد لَيْلَة العَقَبَة، وأُمُّه أُمُّ شُبَاب لَهَا صُحْبَةٌ أَيْضاً. وعُمَرُ بْنُ شَبَّة بنِ عُبَيْدَةَ النميريّ: مُحَدِّثٌ أَخْبَارِيُّ مَشْهُور. وشَبَابَةُ أَيضاً: بَطْنٌ مِنْ قَيْسٍ.

أَرث

أَرث
: ( {الإِرْثُ بِالْكَسْرِ: المِيراثُ) قَالَه الجَوْهَرِيّ، وأَصلُ الهَمْزِ فِيهِ واوٌ. قلت: فكانَ الأُوْلَى ذِكرُه فِي الْوَاو، كَمَا هُوَ ظاهرٌ.
قَالَ شيخُنا: ثمَّ إِنّ هذَا تَفْسِيرُ الشيْءِ بنَفْسِه؛ لأَن الإِرْثَ والمِيرَاثَ مادّةٌ وَاحِدَة، فَكَانَ الأَوْلَى تفسيرَه بأَوْضَحَ مِنْهُ، نَحْو استيلاءِ الشَّخْصِ على مالِ وَلِيّه الهالِكِ، أَو يُقَال: الإِرْثُ مَعْروفٌ.
(و) الإِرْثُ (: الأَصْلُ) يُقَال: هُوَ فِي} إِرْثِ صِدْقٍ، أَي فِي أَصْلِ صِدْقٍ.
وَقَالَ ابنُ الأَعْرَابِيّ: الإِرْثُ فِي الحَسَبِ، والوِرْثُ فِي المالِ.
وَحكى يَعْقُوبُ: إِنّه لفي {إِرْثِ مَجْدٍ، وإِرْفِ مَجْدٍ، على البَدَل.
(و) الإِرْثُ (: الأَمْرُ القَدِيمُ) الَّذِي (تَوَارَثَهُ الآخَرُ عَن الأَوَّلِ) وَفِي حديثِ الحَجّ: (إِنَّكُم على إِرْثٍ من إِرْثٍ أَبِيكُم إِبْرَاهِيمَ) يريدُ بِهِ مِيرَاثَهُمْ مِلَّتَه، وأَصلُ هَمزَتهِ وَاو، كَذَا فِي النّهاية.
(و) الإِرْثُ (: الرَّمَادُ) ، قالَ سَاعِدَةُ ابنُ جُؤَيَّةَ:
عفَا غيرَ إِرْثٍ مِن رَمَادٍ كأَنَّهُ
حَمَامٌ بأَلْبَادِ القِطَارِ جُثُومُ
قالَ السُّكَّرِيّ: أَلْبَادُ القِطَارِ: مَا لَبَّدَه القَطْرُ.

(و) الإِرْثُ (: البَقِيَّةُ مِنَ الشَّيْءِ) وَفِي نُسْخَة أُخْرَى: من كُلِّ شَيْءِ، وعبارةُ اللّسان: الإِرْثُ من الشيْءِ: البَقِيَّةُ من أَصْلِهِ، والجَمْع إِرَاثٌ، قَالَ كُثَيّرُ عَزّةَ:
فأَوْرَدَهُنّ من الدَّوْنَكَيْنِ
حَشَارِجَ يَحْفِرْن مِنْهَا} إِراثَا
(و) {أَرَّثَ بينَ القَوْمِ: أَفْسَدَ، و (} التَّأْرِيثُ: الإِغراءُ بينَ القَوْمِ) .
(و) هُوَ أَيضاً (: إِيقادُ النَّارِ) ،! وأَرَّثَ النّارَ: أَوقَدَها، وَفِي حدِيثِ أَسْلَمَ قَالَ (كُنْتُ مَع عُمرَ رَضِي الله عَنهُ وإِذا نَارٌ تُؤَرَّثُ بِصِرَارٍ) التَّأْرِيثُ إِيقادُ النّارِ وإِذْكَاؤُها، وصِرَارٌ، بالصّاد المُهْمَلَة: مَوضِعٌ قريبٌ من المَدِينَةِ.
وَمن المَجَازِ: أَرَّثَ بَيْنَهُم الشَّرَّ والحَرْبَ {تَأْريثاً، وأَرّجَ تَأْرِيجاً: أَفْسَدَ وأَغْرَى، وأَوْقَدَ نَارَ الفِتْنَة، وأَنشد أَبو عُبيد، لعَدىّ بن زيد:
ولَها ظَبْيٌ} يُؤَرِّثُهَا
عاقِدٌ فِي الجِيدِ تِقْصارَا
وَيُقَال: (جاعِلٌ) بدل (عاقِد) ( {كالأَرْثِ) وَهَذَا لم يَذْكُره أَحدٌ من أَئِمّة اللُّغَةِ، وَلم أَجِدْ لَهُ شاهِداً فِي كُتُبِهِم.
(} وتَأَرَّثَتْ) هِيَ (: اتَّقَدَتْ) قَالَ:
فإِنَّ بأَعْلَى ذِي المَجَازَةِ سَرْحَةً
طَويً عَلى أَهْله المَجَازَةِ دارُها
وَلَو ضَرَبُوها بالفُئوسِ وحَرَّقُوا
على أَصْلِها حتّى {تَأَرَّثَ نارُها
(} والأُرْثُ بالضَّمّ: شَوْكٌ) شبيهٌ بالكُعْرِ، إِلاّ أَنّ الكُعْرَ أَسْبَطُ وَرَقاً مِنْه، قَالَ: وَله قَضِيبٌ واحدٌ فِي وَسَطِه (و) فِي رأْسِه مثْلُ الفِهْرِ المُصَعْنَبِ، غير أَنْ لَا شَوْكَ فِيه، فإِذا جَفَّ تَطَايَرَ، لَيْسَ فِي جَوْفهِ شيءٌ، وَهُوَ مَرْعًى للإِبل خاصَّةً، تَسْمَنُ عليهِ، غير أَنَّه يُورِثُهَا الجَرَبَ، ومنابِتُه غَلْظُ الأَرْضِ. قَالَه أَبو حَنِيفَةَ.
(و) {الأُرَثُ (، كصُرَدٍ: الأُرَفُ) على الْبَدَل، كَذَا فِي كتابِ يَعقوبَ، وَهِي الحُدودُ بَين الأَرَضِينَ، كَمَا يأْتي، واحِدَتُها: أُرْثَةٌ وأُرْفَةٌ، بالضمّ.
(والأُرْثَةُ بالضَّمّ: الأَكَمَةُ الحَمْرَاءُ) .
(و) عُودٌ أَو (سِرْقِينٌ) وَفِي بَعْضهَا سِرْجِينٌ (يُهَيَّأُ عندَ الرَّمَادِ) أَي يُدْفَنُ فِيهِ، ويُوضَع عِنْده، ليَكُون ثَقُوباً للنّار عُدَّةً لَهَا (لحِينِ الحَاجَةِ) .
(و) فِي الْمُحكم:} الأُرْثَةُ: (الحَدُّ بَينَ الأَرْضَيْنِ) .
{وأَرَّثَ الأَرْضَيْنِ: جَعلَ بينَهُمَا} أُرْثَةً، جمعُها {أُرَثٌ، كصُرَد، وَهِي: الأُرْثَةُ والارْفَةُ،} والأُرَثُ والأُرَفُ.
(و) قَالَ أَبو حنيفَة. الأُرْثَةُ: (المَكَانُ) ذُو الأَرَاضَةِ (السَّهْلُ) .
(و) الأُرْثَةُ (: من أَلْوَانِ الغَنَمِ) سَوادٌ وَبيَاضٌ (كالرُّقْطَةِ) .
(وَهُوَ) كَبْشٌ ( {آرَثٌ) بالقَصْر (وَهِي) نَعْجَةٌ (} أَرْثَاءُ) وَهِي الرَّقْطاءُ، فِيهَا سوادٌ وبياضٌ.
( {والإِرَاثُ، ككِتَابٍ) } والأَرِيثُ {والإِرَاثَةُ (: النّارُ) .
(و) } الإِرَاثُ أَيضاً (: مَا أُعِدّ للنّار من حُرَاقَةٍ ونَحوِهَا) .
ويُقَال: هِيَ النّار نَفسُهَا، قَالَ الشَّاعِر:
مَحْجَّلُ رِجْلَيْنه طَلْقُ اليَدَيْنِ
لعهُ غُرّةٌ مثلُ ضوءِ الإِرَاثِ
وَفِي مجمع الأَمثال، للمَيْدانِي (النَّمِيمةُ أُرْثَةُ العَدَاوَةِ) .

عِنْد

(عِنْد) ظرف مَكَان للشَّيْء الْحَاضِر تَقول عِنْدِي مصحف إِذا كَانَ فِي الْبَيْت الَّذِي أَنْت فِيهِ وللشيء الْقَرِيب تَقول عِنْدِي مصحف إِذا كنت فِي مَكَان عَمَلك والمصحف فِي بَيْتك وهما متجاوران مثلا وللشيء الْغَائِب تَقول عِنْدِي مصحف إِذا كنت تملكه وَهُوَ غَائِب عَنْك كَأَن يكون مستعارا وَمن هُنَا اسْتعْمل (عِنْد) فِي الْمعَانِي فَقيل عِنْده أَخْبَار وَعِنْده خير أَو شَرّ وَيكون عِنْد ظرف زمَان إِذا أضيف إِلَى الزَّمَان نَحْو نهضت عِنْد الْفجْر وَيكون بِمَعْنى الحكم أَو الظَّن فَتَقول هَذَا عِنْدِي أفضل من هَذَا أَي فِي حكمي أَو ظَنِّي وَهُوَ مُعرب مَنْصُوب على الظَّرْفِيَّة وَقد يجر ب (من) وَحدهَا فَتَقول سأخرج من عنْدك ظهرا وَلَا يُقَال ذهبت إِلَى عِنْده وَلَا لعنده
(عِنْد)
عَنهُ عندا وعنودا تبَاعد وَانْصَرف والناقة تَبَاعَدت عَن الْإِبِل ورعت وَحدهَا والعرق أَو الْجرْح سَالَ دَمه وَلم يجِف وَفُلَان استكبر وَتجَاوز الْحَد فِي الْعِصْيَان وَخَالف الْحق ورده وَهُوَ يعرفهُ فَهُوَ عاند (ج) عِنْد وعندة وَهُوَ عنود وعنيد (ج) عِنْد وَهِي عنود (ج) عِنْد وَهِي عاند وعاندة (ج) عواند
عِنْد
: (عَنَدَ عَنِ) الحَقِّ، والشيْءِ، و (الطَّرِيقِ، كنصَر وسَمِع) هـ كَذَا فِي النُّسخ. والصّواب: وضَرَب. وهاذِه عَن الفَرَّاءِ فِي نوادِرِه، فإِنه قَالَ عَنَدَ عَنِ الطَّرِيقِ يَعْنِد، بِالْكَسْرِ، لُغَة فِي يعنُد، بِالْكَسْرِ، لُغَة فِي يعنُد بالضّمّ، فتأَمَّلْ (وكَرُم) ، يَعْنُد، ويَعنَد، ويَعْنِد (عُنُوداً) كَقُعُودٍ، وعَنَداً، محرَّكةً: تَبَاعَدَ و (مالَ) وعَدَلَ انحرَفَ إِلى عَنَدٍ أَي جانِبٍ.
(و) مِنَ المَجَازِ: عَنَدَ (العِرْقُ) يَعنُد ويَعنَد ويَعْنِد، هُوَ من الأَبواب الثلاثةِ، نصَر وضَرَبَ وكَرُمَ، الثَّانِيَة عَن الفَرَّاء: (سالَ فَلَمْ يَرْقَأْ، كَأَعْندَ) ، وهاذه عَن الصاغانيِّ، وَهُوَ عِرْقٌ عانِدٌ، قَالَ عَمْرُو بن مِلْقَطٍ:
بَطَعْنةٍ يَجْرِي لَهَا عانِدٌ
كالمَاءِ من غائِلَةِ الجابِيَهْ وأَعْنَدَ أَنْفُه: كَثُر سَيَلَانُ الدَّمِ مِنْهُ.
وسُئِلَ ابنُ عَبَّاس عَن المُسْتَحاضَةِ، فَقَالَ: (إِنَّه عِرْقٌ عانِدٌ، أَو رَكْضَة مِن الشَّيطانِ) قَالَ أَبو عُبَيْد: العِرْقُ العانِدُ: الَّذي عَنَدَ وبَغَى، كالإِنسان يُعَانِدُ، فهاذا العِرْقُ فِي كَثْرةِ مَا يَخْرُج مِنْهُ بمنزِلَتِهِ، شُبِّهَ بِهِ لكَثْرةِ مَا يَخرُج مِنْهُ على خِلافِ عادَتهِ. وَقَالَ الرَّاعِي:
ونحنُ تَرَكْنَا بالفَعَالِيِّ طَعْنَةً
لَهَا عانِدٌ فوْقَ الذِّراعَيْنِ مُسْبِلُ
وَقيل: دَمٌ عانِدٌ: يَسِيلُ جانباً. وَقَالَ الكِسَائِيُّ: عَنَدَت الطَّعْنَة تَعْنِد وتَعْنُد، إِذا سالَ دَمها بَعيدا من صاحِبِها، وَهِي طَعْنَةٌ عاندَةٌ. وعَنَدَ الدَّمُ يَعْنِد، إِذا سالَ فِي جانِبٍ.
(و) عَنَد (النّاقَةُ: رَعَتْ وَحْدَها) وأَنِفَتْ أَن تَرْعَى مَعَ الإِبِلِ، فَهِيَ تَطْلُبُ خِيَارَ المَرْتَعِ، وبعْضُ الإِبِل يَرْتَعُ مَا وَجَدَ.
(و) عَنَدَ الرَّجُلُ يَعنُد ويَعْنِد عَنْداً عُنُوداً: عَتَا، وطَغَى، وجاوَزَ قَدْرَه و (خَلَفَ الحَقِّ، ورَدَّهُ عارِفاً بِهِ) ، كعانَدَ مُعانَدةً، (فَهُوَ عَنِيدٌ وعانِدٌ) ، والعَنُود والعَنِيدُ: بِمَعْنى فاعلٍ أَو مُفاعِل، والعُنُود بالضّمّ: الجَوْرُ والمَيْلُ عَن الحَقِّ. وَكَانَ كُفْرُ أَبِي طالِبٍ مُعَانَدةً، لأَنه عَرفَ الحَقَّ وأَقَرَّ وأَنِفَ أَن يُقَال: تَبِع ابنَ أَخِيه، فصارَ بذالك كَافِرًا.
(وأَعْنَدَ) (فِي قَيْئِه) ، إِذا (أَتْبَعَ بَعضَهُ بَعْضاً) ، وذالك إِذَا غَلَب عَلَيْهِ، وكَثُرَ خُرُوجهُ. وَهُوَ مَجاز. وَيُقَال: استعْنَدَه القَيْءُ أَيضاً، كَمَا سيأْتي.
(والعانِدُ البَعِيرُ) الّذِي (يَحُورُ عَن الطَّرِيقِ، ويَعْدِلُ) عَن القَصْدِ. وناقَةٌ عَنُودٌ: لَا تُخَالِطُ الإِبِلَ، تَبَاعَدُ عَنْهُنَّ فتَرْعَى نَاحِيَةً أَبداً. والجَمْع: عُنُدٌ، وناقَةٌ عانِدٌ وعانِدَةٌ، و (ج) أَي جَمْعُهَا جَمِيعاً عَوَانِدُ، و (عُنَّدٌ كرُكَّع) قَالَ:
إِذا رَحَلْتُ فاجْعَلُوني وسَطَا
إِني كَبِيرٌ لَا أُطِيقُ العُنَّدَا جَمع بينَ الطَّاءِ والدَّالِ، وَهُوَ إِكفاءٌ.
وَفِي حديثِ عُمَرَ يَذْكُر سِيرَتَه، يَصِف نفْسَه بالسياسةِ، فَقَالَ: (إِنِّي أَنْهَرُ اللَّفُوتَ وأَضُمُّ العَنُودَ، وأُلحِقُ القَطُوفَ، وأَزْجُر العَرُوضَ) . قَالَ ابنُ الأَثير: العَنُود من الإِبِلِ: الّذي لَا يُخَالِطُهَا وَلَا يَزالُ مِنْفَرِداً عَنْهَا. وأَرادَ مَن خَرَج عَن الْجَمَاعَة أَعَدْتُه إِليها، وعَطَفْتُه عَلَيْها.
وَقَالَ ابنُ الأَعْرَابِيِّ وأَبو نَصْرٍ: هِيَ الَّتِي تكون فِي طَائِفَةِ الإِبِل، أَي فِي ناحِيَتِها.
وَقَالَ القَيْسِيُّ: العَنُود من الإِبل: الَّتِي تُعانِدُ الإِبِلَ فتُعَارِضُها. قَالَ: فإِذا قادَتْهُنَّ قُدُماً أَمامَهُنَّ فتِلكَ السَّلُوفُ.
وَفِي المحكَم: العَنُودُ من الدَّوَابِّ: المُتَقَدِّمةُ فِي السَّيْرِ. وكذالك هِيَ من حُمُرِ الوَحْشِ. ونَاقَةٌ عَنُودٌ: تَنْكُبُ الطَّرِيقَ من نَشَاطِها وقُوَّتِها. والجمْع: عُنُدٌ وعِنَّدٌ. قَالَ ابْن سَيّده: وعَنْدِي أَنَّ عُنَّداً ليسَ جمْع عَنُودٍ، لأَنَّ فَعُولاً لَا يُكَسَّر على فُعَّلٍ، وإِنما هِيَ جمْع عانِدٍ. وإِيَّاه تَبِعَ المصنِّفُ، على عادتِه.
(والمُعَانَدَةُ: المُفَارَقَةُ والمُجَانَبَةُ) ، وَقد عَانَدَه، إِذا جَانَبَه، وَهُوَ مِن عَنَدَ الرَّجُلُ أَصحابَه يَعنُد عُنُوداً، إِذا مَا تَرَكهم واجْتَازَ عَلَيْهِم، وعَنَدَ عَنْهُم، إِذا مَا تَرَكَهُم فِي سَفَرٍ، وأَخَذَ فِي غَيْرِ طَرِيقِهم، أَو تَخَلَّف عَنْهُم. قَالَه ابنُ شُمَيْلٍ. والعُنُود كأَنَّه الخِلافُ والتَّبَاعُدُ والتَّرْكُ، لَو رأَيْتُ رَجُلاً بالبَصْرةِ من الحِجَازِ لقُلْتُ: شَدَّ مَا عَنَدْت عَن قَومِكَ، أَي تَبَاعِدْت عَنْهُم. (و) المُعانَدَةُ: (المُعارَضَةُ بالخِلافِ) لَا بالوِفاقِ. وهاذا الَّذِي يَعْرِفُه العَوَامُّ.
وَفِي التَّهْذِيب: عانَدَ فلانٌ فلَانا: فعلَ مِثْلَ فِعْلِه، يُقَال: فلانٌ يُعَانِدُ فلَانا، أَي يَفْعَلمِ مِثْلَ فِعْلِه، وَهُوَ يُعارِضه ويُبَارِيه. قَالَ: والعامَّة يُفَسَّرُونَه: يُعَانِدُه: يَفْعَلُ خِلَافَ فِعْلِه. قَالَ: وَلَا أَعْرِفُ ذالك وَلَا أُثْبِتُه.
(العِنَادِ) . وَفِي اللِّسَان: وَقد يكونُ العِنَادُ مُعارَضةً لغيرِ الخِلافِ، كَمَا قَالَ الأَصمعيُّ، واستَخْرَجَهُ من عَنَد الحُبَارَى، جَعَلَه إسماً مِن عانَدَ الحُبارَى فَرْخَه، إِذا عارَضَهُ فِي الطَّيرانِ شَفَقَةٌ عَلَيْهِ.
وعَانَدَ البَعيرُ خِطَامَه: عارَضَهُ، مُعَانَدَةً وعِنَاداً.
(و) المُعَانَدَةُ فِي الشيْءِ: (الملازَمَةُ) فَهُوَ ضِدٌّ مَعَ معنَى المفارَقَةِ، وَلم يُنَبِّهْ عَلَيْهِ المصنِّف.
(وعنْدَ مُثَلَّثَةَ الأَوّلِ) ، صَرَّحَ بِهِ جماهِيرُ أَهلِ اللّغَةِ. وَفِي (المغنى) : وبالكسر أَكثر، وَفِي الْمِصْبَاح: هِيَ اللّغَةُ الفُصْحَى. وَفِي (التسهيل) : ورُبَّمَا فُتِحَت عينُهَا أَو ضُمَّت. وَمَعْنَاهَا حُضُورُ الشيْءِ ودُنُوُّه، وَهِي) ظَرْفٌ فِي المكانِ والزَّمَانِ) بِحَسَبِ مَا تُضافُ إِليه، فإِن أُضِيفَتْ إِلى المَكَانِ كَانَت ظَرْفَ مكانٍ، كعِنْدَ البَيْتِ، وعندَ الدَّارِ نحوهِ، وإِن أُضِيفَتْ إِلى الزَّمانِ فكذالكَ، نَحْو: عِنْدَ الصُّبْحِ، وعِنْدَ الفَجرِ، وعِنْدَ الغُروبِ، ونحْوِ ذالك (غَيْرُ مُتَمَكِّنٍ) ، ومثْلُه فِي الصّحاح. وَفِي اصْطِلَاح النُّحَاة: غيرُ مُتَصَرِّف، أَي لازِمٌ للظَّرْفِيَّةِ، لَا يَخْرُج عَنْهَا أَصْلاً. (ويَدْخُلُهُ من حُرُوفِ الجَرِّ مِنْ) وَحْدَها، كَمَا أَدخلوها على لَدُن، قَالَ تَعَالَى: {رَحْمَةً مّنْ عِندِنَا} (الْكَهْف: 65) وَقَالَ تَعَالَى: {مّن لَّدُنَّآ} (النِّسَاء: 67) .
قَالَ شيخُنَا: وَجَرُّه بِمِنْ مِن قَبِيلِ الظَّرْفِيَّةِ، فَلَا يُرَدُّ، كَمَا صَرَّحُوا بِهِ، أَي إِنما جَرُّ بِمن خاصَّةً.
(و) فِي التَّهْذِيب: هِيَ بلُغَاتِها الثَّلاثِ أَقْصَى نِهاياتِ القُرْب.، وَلذَلِك لم تُصغَّر، وَهُوَ ظَرفٌ مُبْهَم، ولذالك لم يَتَمَكَّن إِلَّا فِي موضعٍ واحدٍ، وَهُوَ أَن (يُقَال) لشيْءٍ بِلَا عِلْمٍ هاذا (عنْدِي كَذَا) وَكَذَا، (فَيُقَال) أَ (ولَكَ عِنْدٌ) . قَالَ شيخُنا: فَعِنْدٌ مُبتدأَ، ولَك: خَبَرُهُ، (استُعْمِلَ غيْرَ ظَرْفٍ) ، لأَنَّه قُصِدَ لَفْظُه، أَي هَل لَك عِنْدٌ تُضِيفُه إِليكَ، نَطِير قولِ الآخر:
ومَنْ أَنتُمُ حَتَّى يكونَ لَكُمْ عِنْدُ
وَقَول الآخر:
كُلُّ عِنْدٍ لَكَ عِنْدِي
لَا يُسَاوِي نِصْفَ عِنْدِ
فَهَذَا كُلُّه قُصِدَ الحُكْمُ على لَفْظِه دُونَ مَعْنَاه. (و) قَالَ الأَزهريُّ: زَعَمُوا أَنه فِي هاذا الموضِعِ (يُرادُ بِهِ القَلْبِ و) مَا فِيهِ (المَعْقُولُ) واللُّبُّ قَالَ: وهاذا غيرُ قَوِيَ.
قلْت: وحَكَى ثَعْلَبٌ عَن الفَرَّاءِ: قَالُوا: أَنت عِنْدِي ذاهِبٌ، أَي فِي ظَنِّي.
وَقَالَ اللَّيْث: وَهُوَ فِي التقريبِ شِبّه اللِّزْقِ، وَلَا يَكادُ يَجِيءُ فِي الكلامِ إِلَّا مَنْصُوبًا، لأَنه لَا يكون إِلَّا صفة مَعْمُولا فِيهَا، أَو مُضْمراً فِيهَا فِعْلٌ، إِلَّا فِي قَوْلهم: أَو لَك عِنْدٌ. كَمَا تقدَّم.
(وَقد يُغْرَى بِهَا) ، أَي حالَة كونِها مُضَافَةً لَا وحدَهَا، كَمَا فَهِمَ غيرُ واحدٍ من ظاهِرِ عبارةِ المصنَّف، لأَن الموضوعَ للإِغراءِ هُوَ مجموعُ الْمُضَاف والمضافِ إِليه. صَرَّحَ بِهِ شيخُنا. ويدلّ لذالك قَوْله: (عندَك زَيداً، أَي خُذْهُ) ، وَقَالَ سيبويهِ: وَقَالُوا: عَنْدَكَ، تُحَذِّرُه شَيْئاً بَين يَدَيْهِ، أَو تأَمُره أَن يَتَقَدَّم، وَهُوَ من أَسماءِ الفِعْلِ لَا يَتَعَدَّى. وَقَالَ الفرّاءُ: العَرَبُ تأْمُر من الصِّفاتِ بِعَلَيْكَ، وعِنْدَكَ، ودُونَك، وإِلَيْك، يَقُولُونَ: إِليكَ إِليكَ عَنِّي، كَمَا يَقُولون: وراءَك وَراءَك، فهاذه الحروفُ كَثِيرَة.
وزَعَم الكسائِيُّ أَنَّه سَمِعَ، بَيْنَكُا البَعيرَ فَخُذَاه. فنَصَب البَعِيرَ. وأعجاز ذالك فِي كلِّ الصِّفاتِ الَّتِي تُفْرَد، وَلم يُجِزْه فِي اللَّام، وَلَا الباءِ، وَلَا الكافِ، وسَمِعهَ الكسائيُّ العَرَب تقولُ: مَا أَنْتَ وزيداً، ومكانَك وزيداً. قَالَ الأَزهريُّ: وسَمِعْتُ بعضَ بني سُلَيْمٍ يَقُول: كَمَا أَنْتَنِي، يَقُول: انتَظِرْنِي فِي مكانِكَ.
قَالَ شيخُنا: وبَقِيَ عَلَيْهِم أَنهم استَعْملوا، عِنْد فِي مُجَرَّد الحكْم من غيرِ نَظَرٍ لظَرْفِيّةٍ أَو غَيرِهَا، كقولِهم عنْدِي مالٌ، لما هُوَ بِحَضْرتك، ولِما غابَ عَنْك، ضُمِّنَ معنى المِلْك والسُّلطانِ على الشيْءِ، من هُنا استُعْمِل فِي المَعَانِي، فَيُقَال: عِنْدَه خَيْرٌ، وَمَا عِنْدَه شَرٌّ، لأَنَّ المَعَانِيَ لَيْسَ لَهَا جِهَاتٌ. وَمِنْه: {فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِندِكَ} (الْقَصَص: 27) أَي مِن فضْلِكَ. وَيكون بِمَعْنى الحُكْم، يُقَال: هاذا عِنْدِي أفضلُ من هاذا، أَي فِي حُكْمِي. وأَصلُه فِي (درة الغوّاص) للحريريِّ.
(وَلَا تَقُلْ: مَضَى إِلى عنْدِهِ، وَلَا إِلى لَدُنْهُ) وهاكذا فِي الصّحاح. وَفِي (درة الغواص) : قولُهم: ذَهَبتُ إِلى عِنْدِه لَحْنٌ لَا يجُوز استعمالُه، ونسَبَه للعامَّةِ.
وفَرَّ الدَّمامِينِيُّ بينَها وَبَين لَدُن، من وُجوهً سِتَّةٍ، زَعَمَه المعرِّيُّ من اتِّحادِهما، ومَحَلُّ بَسْطِه المُطَوَّلاتُ.
(والعنْدُ مُثَلَّثَةً: النّاحيَةُ. وبالتَّحْرِيكِ: الجانبُ) ، وَقد عانَد فُلانٌ فُلاناً، إِذا جَانَبه، ودَمٌ عانِدٌ: يَسِيل جانباً. وبِه فسر قَول الراجز:
حُبَّ الحُبَارَى ويَزِفُّ عَنَدَهُ
وَقَالَ ثَعْلَب المُرَادُ بالجَانِبِ هُنَا الاعتراضُ. وَالْمعْنَى يُعَلِّمه الطَّيرَانَ، كَمَا يعَلِّمُ العُصفورُ وَلَدَه، وأَنشد:
وكُلُّ خنْزِيرٍ يُحِبُّ وَلَدَه
حَبْ الحُبَارَى ... الخ
(و) وَمن الْمجَاز: (سَحَابَةٌ عَنُودٌ) ، كَصَبُورٍ: (كَثِيرةُ المَطَرِ) لَا تَكاد تُقْلِع، وجَمْعُه: عُنُ، قَالَ الرَّاعِي:
باتَتْ إِلى دِفْءِ أَرْطاةٍ مُباشِرَةً
دِعْصاً أَرَذَّ عَلَيْهِ فُرَّقٌ عُنُدُ
نَقله الصاغانيُّ.
(وقِدْحٌ عَنُودٌ) ، وَهُوَ الَّذِي (يَخْرُجُ فائِزاً على غيرِ جِهَةِ سائرِ القِدَاحِ) ، نَقله الصاغانيُّ (وبالخِلافِ، ضِدٌّ) .
وَقَالَ الأَزهَريّ: المُعَانِدُ هُوَ المُعَارِضُ بالخِلافِ، لَا بالوِفاق. وهاذا الَّذِي يَعرِفُه العَوامُّ. وَقد يكونُ العِنادُ معارضةٌ لغيرِ الخِلاف. وَقد تقدَّم.
قلت: فإِذا كانتْ عامَّةً فَلَا يَظهر للضِّدِّيّةِ كَبِيرُ مَعْنًى. أَشار لَهُ شيخُنا، رَحِمَ الله تَعَالَى.
(والعِنْدَأَوةُ) بِالْكَسْرِ، والهمز، قد مَرَّ ذِكْرُه (فِي بَاب الهَمْزِ) ، قَالَ أَبو زيد: يُقَال: (إِنَّ تَحْتَ طِرِّيقَكَ لَعِنْدَأْوَةً) أَي تحتَ سُكونِك لَنَزْوةً وطِمَاحاً. وَمِنْهُم من جَعَل الهَمْزةَ زَائِد، فذكَرَها هُنَا، وَمِنْهُم من قَالَ بأَصالةِ الْوَاو فذَكرها فِي المُعْتَلّ، فوزْنه فِنْعَلْوَة أَو فِعْلَلْوَة.
(و) يُقَال (مالِي عَنْهُ عُنْدَدٌ) وعُنْدُدٌ (كَجُندَبٍ وقُنْفُذٍ. و) كَذَا: مَالِي عَنهُ (مُعْلَنْدَدٌ، وتكسر الدَّال) وتُفُتح، وَكَذَا: مالِي عَنهُ احتيال (أَي بُدٌّ) ، قَالَ:
لَقَدْ ظَعَن الحَيُّ الجَمِيعُ فأَصعنُوا
نَعَمْ لَيْسَ عَمَّا يَفعلُ اللهُ عُنْدَدُ
وإِنَّما لم يُقْضَ علَيْهَا أَنَّهَا فُنْعَلٌ لأَنَّ لتَّكْرِير إِذا وَقَع، وَجَبَ القَضَاءُ بالزِّيادةِ، إِلّا أَن يَجيءَ ثَبَتٌ. وإِنَّما قُضِيَ على النُونِ هَا هُنَا أنَّهَا أصلٌ، لأَنَّهَا ثانِيَةٌ، والنُّونُ لَا تُزادُ ثَانِيَة إِلَّا بِثَبتٍ.
وَقَالَ اللِّحْيَانيُّ: مالِي عَن ذااك عُنْدَدٌ وعُنْدُدٌ، أَي مَحِيصٌ.
(و) فِي الْمُحكم: (مالِي إِليه مُعْلَنْدَدٌ، سَبِيلٌ) ، وَمَا وَجدْتُ إِلى كَذَا مُعْلَنْدَداً، أَي سَبِيلاً.
وَقَالَ الِّحْيَانِيُّ مرّة: مَا وَجَدْتُ إِلى ذالك عُنْدُداً وعُنْدَداً، أَي سَبِيلاً. وَلَا ثَبَتَ هُنا.
وَفِي اللِّسَان، مادَّة: علند: ويُقَال: مالِي عَنهُ مُعْلَنْدِدٌ، أَي لَيْسَ دُونَه مُنَاخٌ وَلَا مَقِيلٌ إِلّا القَصْد نَحْوَه (والمُعْلَنْدَدُ: البَلَدُ لَا ماءَ بهَا وَلَا مَرعَى) ، قَالَ الشَّاعِر:
كَمْ دُونَ مَهْدِيَّةَ مِنْ مُعْلَنْدَدِ وَذكره أَئِمَّةُ اللغَةِ مُفَرَّقاً فِي: علد، وعلند، وَعند.
(و) من الْمجَاز: (استَعْنَدَهُ) (القَيّءُ) ، وكذَا الدَّمُ، إِذا (غَلَبَ) وكَثُر خُرُوجُه، كعَنَدَه.
(و) استَعْنَدَ (البَعِيرُ، و) كَذَا (الفَرَسُ: غَلَبَا على الزِّمامِ والرَّسَنِ) وعارَضَا وأَبَيَا الانقِيادَ فَجرَّاه. نقلَ الصاغانيُّ.
(و) استَعْنَدَ (عَصَاهُ: ضَرَبَ بهَا فِي النَّاسِ) ، نَقله الصاغانيُّ.
(و) استَعْنَدَ (الذَّكَرَ: زَنَى بِهِ فِيهِم) ، ونصُّ التكملة: واسْتَعْنَد ذَكَرَه: زَنَى فِي النَّاسِ (و) استَعْنَدَ (السِّقاءَ: اخْتَنَثَهُ) ، أَي أَمالَه. (فَشَرِبَ من فِيهِ) ، أَي من فَمِه (و) استعنَدَ (فُلاناً) من بينِ القَوْم (قَصَدَهُ) .
(والعُنْدَدُ كَجُنْدَبٍ: الحِيلَةُ) والمحيص، يُقَال: مَالِي عَنهُ عُنْدَدٌ (و) العُنْدَدُ أَيضاً: (القَدِيمُ) .
(وسَمَّوْا عَنَاداً وَعِنَادة) ، كَسَحَابٍ وسَحابة، وكِتَابٍ وكِتَابَة.
(عَنْدَةُ) ، بِفَتْح فَسُكُون: اسمُ (امْرَأَةٍ من) بني (مَهْرَةَ) بن حِيْدانَ، وَهِي (أُمُّ عَلْقَمَةَ بنِ سَلَمَةَ) بنِ ملِكِ بن الحارِث بن مُعَاويةَ الأَكرمينَ، وَهُوَ ابْن عَنْدَةَ، ولَقبه الزُّوَيْر.
(والعُوَيْنِدُ، كدْرَيْهم: ة لبنِي خَدِيجٍ. و) العُوَيْنِدُ: (ماءٌ لبني عَمْرِو بن كِلابٍ، وماءٌ) آخَرُ (لبَنِي نُمَيْرٍ) .
وممَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ:
تَعَانَدَ الخَصْمانِ: تَجَادَلَا.
وعانِدَةُ الطَّرِيقِ: مَا عُدِلَ عَنهُ فَعَنَدَ، أَنشَدَ ابنُ الأَعرابيِّ:
فإِنَّكَ والبُكَا بَعْدَ ابنِ عَمْرٍ
ولكالسَّارِي بعَانِدَةِ الطَّرِيقِ
يَقُول رُزِئْتَ عَظِيماً، فبُكاؤُكَ على هالِكٍ بعْدَه ضَلالٌ، أَي لَا يَنْبَغِي لكَ أَن تَبْكِيَ على أَحدٍ بعْدَه.
والعَنَد. محرّكةً: الاعتراضُ.
وعَقَبَةً عَنُودٌ: صَعْبَةُ المُرْتَقَى. والعاند: المائِلُ.
وعانِدٌ: وادٍ، قبل السُّقْيَا بمِيلٍ.
وعانِدَانِ: وادِيانِ معروفانِ، قَالَ:
شُبَّتْ بأَعْلَى عانِدَيْنِ من إِضَمْ
وعانِدُونَ وعانِدِينَ: اسْم وادٍ أَيضاً، وَفِي النّصْب وَفِي الخَفض: عانِدِينَ، حَكَاهُ كُراع. ومثَّلَه بِقَاصِرِينَ، وخانِقِين، ومارِدِينَ، وماكِسِينَ، وناعِتِين. وكُلُّ هاذه أَسماءُ مواضِعَ، وَقَول سَالم بنَ قحفان:
يَتْبَعْنَ وَرقاءَ كَلَوْنِ العَوْهَقِ
لاحِق الرِّجْلِ عَنُودَ المِرْفقِ
يَعْنِي بعيدةَ المِرْفَقِ من الزَّوْرِ.
(وطَعْنٌ عَنِدٌ، كَتِفٍ، إِذا كَانَ يمْنَةً ويَسْرَةً. وَقَالَ أَبو عَمْرٍ و: أَخَفُّ الطَّعْنِ الوَلْقُ، والعانِدُ مِثلُه.
وعِلْباءُ بنُ قَيْسِ بنِ عانِدةَ بنِ مالِكِ بنِ بَكْرٍ، جاهِليّ.

المحدود

المحدود:
[في الانكليزية] Limited ،defined
[ في الفرنسية] Limite ،defini
قد علم معناه بما سبق في لفظ الحدّ إلّا أنّ في المعنى الأخير المستعمل في باب القياس لا تسمّى المقدّمة ولا النسبة محدودة اصطلاحا.
ويطلق أيضا عند النحاة على قسم من الظرف المسمّى بالموقت ويقابله المبهم، وعلى قسم من المفعول المطلق المسمّى بالموقف أيضا.

دُرَر

دُرَر
: ( {الدَّرُّ) ، بالفَتْح: (النَّفْسُ) .
وَدَفَعَ اللهاُ عَن} دَرِّه، أَي عَن نَفْسه، حَكَاهُ اللِّحيانيّ.
(و) الدَّرُّ: (اللَّبَنُ) مَا كَانَ. قَالَ:
طَوَى أُمَّهاتِ الدَّرِّ حتّى كأَنَّها
فَلاَفِلُ هِنْديَ فهُنَّ لُزُوقُ
أُمَّهاتُ الدَّرِّ: الأَطْباءُ.
وَفِي الحَدِــيث (أَنه نَهَى عَن ذَبْح ذَواتِ {الدَّرِّ) أَي ذَوَات اللَّبَن، وَيجوز أَن يكون مصدر} دَرَّ اللَّبنُ إِذَا جَرَى. وَمِنْه الحَدِــيث: (لَا يُحْبَس {دَرُّكُم) ، أَي ذواتُ الدَّرِّ. أَراد أَنها لَا تُحشَر أَلى المُصَدِّق وَلَا تُحْبَسُ عَن المَرْعَى إِلى أَن تَجْتَمِع الماشِيَةُ ثمَّ تُعَدّ، لِمَا فِي ذالك من الإِضرار بهَا. (} كالدِّرَّةِ، بالكَسْرِ) .
(و) {الدِّرَّة أَيضاً} والدَّرُّ: (كَثْرَتُه) وسَيَلانُه. وَفِي حَدِيث خُزَيمة (غَاضَتْ لَهَا الدِّرّة) ، وَهِي اللَّبَن إِذا كَثُرَ وسال، ( {كالاسْتِدْرارِ) يُقَال:} استَدرَّ اللَّبَنُ والدَّمعُ ونحُوهما: كَثُرَ. قَالَ أَبو ذُؤيب:
إِذا نَهَضَتْ فِيهِ تَصَعَّدَ نَفْرَهَا
كقِتْرِ الغِلاءِ {مُسْتِدرٌّ صِيَابُهَا
اسْتعَار} الدَّرّ لشِدَّةِ دَفْعِ السِّهَامِ.
{ودَرَّ اللَّبَنُ وادَّمْعُ (} يَدُرُّ) ، بالضَّمّ ( {ويَدِرُّ) ، بالَكسْر،} دَرًّا {ودُرُوراً، وكذالك النَّاقَةُ إِذا حُلِبَت فأَقبلَ مِنْهَا على الحاِلب شَيْءٌ كَثِيرٌ قِيل:} دَرَّتْ، وإِذا اجتمعَ فِي الضَّرْع من العُروق وَسَائِر الجَسَد قيل: {دَرَّ اللَّبَن. (والاسمُ} الدَّرَّةُ، بالكَسْرِ) وبالفَتْح أَيضاً، كَمَا فِي اللّسَان. وَبِهِمَا جاءَ المَثَل: (لَا آتِيكَ مَا اخْتلفَت {الدَّرَّة والجِرَّة) واختلافهما أَنَّ الدِّرَّة تَسْفُلُ والجِرَّةَ تَعْلُو، وَقد تقدّم.
(و) عَن ابْن الأَعرابيّ:} الدَّرُّ: العَمَلُ من خَيرٍ أَو شَرَ. وَمِنْه قَوْلهم: (لله (ِ {دَرُّهُ) ، يكون مَدحْاً، وَيكون ذَمًّا، كَقَوْلِهِم: قاتَلَه اللهاُ مَا أَكْفَرَه، وَمَا أَشْعَره، وَمَعْنَاهُ (أَي) لله (عَمَلُه) ، يُقَال هاذا لِمَن يُمْدَح ويُتَعَجَّب من عَمَلِه. (و) إِذا ذُمَّ عَملُه قيل: (لاَدَ} رَّدَرُّه) ، أَي (لَا زَكَا عَمَلُه) ، وكُلُّ ذالك على المَثَلِ. وَقيل: لِلَّه {دَرُّك مِن رَجُلٍ. مَعْنَاهُ لِلَّهِ خَيرُك وفعَالُك. وإِذَا شَتَمُوا قَالُوا: لَا} دَرَّ دَرُّه، أَي لَا كَثُرَ خَيْرُه. وَقيل: لِلَّهِ {دَرُّك، أَي لِلَّه مَا خَرَج مِنْك من خَيْرٍ. قَالَ ابْن سِيدَه: وَأَصلُه أَنّ رَجُلاً رأَى آخَرَ يَحلُبُ إِبِلاً، فتعَجَّب من كَثْرةِ لَبَنِهَا، فَقَالَ: لِلَّهِ} دَرُّك. وَقيل: أَراد لِلَّهِ صالِحُ عَمَلِك، لأَنَّ! الدَّرَّ أَفضلُ مَا يُحْتَلَب. قَالَ بَعضهم: وأَحسَبهم خَصُّوا اللَّبَن لأَنَّهُم كانُوا يَفْصِدُون النَّاقَةَ فيَشْربُون دَمَهَا ويفْتَظُّونَهاَا فيشربون ماءَ كَرشِها، فَكَانَ اللَّبَنُ أَفضلَ مَا يَحْتَلِخون.
قَالَ أَبو بكْرِ: وَقَالَ أَهلُ اللُّغَة فِي قَوْلهم: لِلَّه دَرُّه. الأَصْلُ فِيهِ أَن الرَّجلَ ذَا كَثُرَ خَيْرُدهُ وعَطَاؤُه وإِنَالَتُه النَّاسَ قيل: لِلَّه {دَرُّه، أَي عَطَاؤُه وَمَا يُؤْخَذُ مِنْهُ، فشَبَّهوا عَطَاءَه} بدَرِّ النّاقَةِ، ثمّ كَثُرَ استِعمَالُهُم حَتَّى صارُوا يَقُولُونه لكلّ مُتعجَّب مِنْه.
قلْت: فعُرِفَ ممّا ذَكرْنَاه كُلّه أَن تَفْير الدَّرِّ بالخَيْر والعَطَاءِ والإِنَالَة إِنّمَا هُوَ تفسيرٌ باللازم، لَا أَنَّه شَرْحٌ لَهُ على الحَقِيقَة؛ فإِن {الدَّرَّ فِي الأَصل هُوَ اللَّبَن، وإِطلاقُه على مَا ذُكِرَ تَجَوُّز، وإِنما أُضِيف لِلَّهِ تَعَالَى إِشارَةً إِلى أَنه لَا يَقدِر عَلَيْهِ غَيْرُه. قَالَ ابنُ أَحمر:
بانَ الشَّبَابُ وأَفْنَى دَمْعَه العُمُرُ
لله} - دَرِّيَ أَيَّ العَيْشِ أَنتَظِرُ
تعَجَّب من نَفْسه.
قَالَ الفَرّاءُ: وَرُبمَا استَعْمَلُوه من غير أَن يَقُولُوا: لِلَّه، فيَقُولون: دَرَّ {دَرُّ فُلانٍ. وأَنشد للمُتَنَخ:
لَا} دَرَّ {- دَرِّيَ أَنْ أَطْعَمْتُ نازِلَهمْ
قِرْفَ الحَتِيِّ وعنْدِي البُرُّ مَكْنوزُ
(} ودَرَّ النَّبَاتُ) {دَرًّا: (الْتَفَّ) بعضُه مَعَ بعض لكَثْرته. (و) } دَرَّت (الناقَةُ بِلَبَنِها) {تَدُرّ} وتَدِرّ بالضَّمّ، والكَسْرِ، الأَوّلُ على الشُّذُوذ والثَّاني على القِيَاس، كَمَا صرَّحَ بِهِ صاحبُ المِصْباح وَغَيره، {دُرُوراً} ودَرًّا: ( {أَدَرَّتْه) ، فَهِيَ} دَرُورٌ {ودَارٌّ} ومُدِرٌّ، {وأَدرَّها مارِيها دُونَ الفَصِيل، إِذَا مَسحَ ضَرْعَها.
(و) } دَرَّ (الفَرسُ {يَدِرّ) ، بالكَسْر على القِيَاس، (} دَرِيراً) {ودِرَّةً: (عَدَا) عَدْواً (شَدِيداً، أَو) عَدَا (عَدْواً سَهْلاً) مُتَتابِعاً.
(و) } دَرَّ (العِرْقُ) {يَدُرّ} دُرُوراً: (سَالَ) كَمَا {يَدُرّ اللَّبَن، (وكَذَا) } دَرَّت (السَّمَاءُ بالمَطَر) {تَدُرّ (} دَرًّا! ودُرُوراً) ، الأَخير بالضَّمّ، إِذا كثُرَ مَطَرُهَا، (فَهِيَ {مِدْرَارٌ) ، بِالْكَسْرِ، أَي} تَدُرُّ بالمَطَرَ، وَكَذَا سَحابةٌ {مِدْرَارٌ، وَهُوَ مَجاز. (و) } دَرَّت (السُّوقُ: نَفَقَ مَتَاعُها) ، وَالِاسْم {الدِّرَّة. (و) دَرَّ (الشيْءُ: لانَ) . أَنشدَ ابنُ الأَعرابيِّ:
إِذا استَدْبَرَتْنا الشَّمسُ} دَرَّتْ مُتُونُنا
كأَنَّ عُروقَ الجَوْفِ يَنْضَحْنَ عَنْدا
وذالك لأَنَّ العربَ تَقول: إِنْ {اسْتِدْبَارَ الشَّمسِ مَصَحَّةٌ.
(و) دَرَّ (السَّهْمُ) } يَدُرُّ ( {دُرُوراً) ، بالضَّمّ: (دَارَ دَوَراناً) جَيِّداً (على الظُّفُر، وصاحِبُه} أَدَرَّه) ، وذالك إِذا وَضَعَه على ظُفرِ إِبهام اليُسْرَى ثمَّ أَدارَه بإِبْهامِ اليَدِ اليُمْنَى وسَبَّابَتِها. حَكَاهُ أَبو حَنِيفَة. قَالَ: وَلَا يكون {دُرُورُ السَّهْمِ وَلَا حَنِينه إِلاّ من اكتِناز عُودِه وحُسْنِ استقامته والْتِئامِ صَنْعَته.
(و) درَّ (السِّرَاجُ) ، إِذَا (أَضَاءَ، فَهُوَ} دَارٌّ {ودَرِيرٌ) ، كأَمِير، أَي مُضِيءٌ.
(و) } دَرَّ (الخَرَاجُ) {يَدُرُّ (} دَرًّا) ، إِذا (كَثُر إِتَاؤُه) وفَيْؤُه، {وأَدَرَّه عُمّالُه.
(و) } دَرَّ (وَجْهُك) ، إِذا (حَسُنَ بَعْدَ العِلَّة) والمَرَضِ ( {يَدَرُّ، بالفَتْح فِيهِ) . عَن الصاغَانيّ، وَهُوَ (نادِرٌ) . ووَجْهُه أَنه لَا مُوجِبَ للفَتْح، إِذ لَيْسَ فِيهِ حَرفُ الحَلْق عَيْناً وَلَا لاماً؛ ولذالك أَنْكَرُوه وَقَالُوا إِن ماضِيَه مَكْسُور كمَلَّ يَمَلُّ، فَلَا نُدرَة. قَالَه شيخُنا.
(} والدِّرَّةُ، بالكَسْرِ) : {دِرَّة السُّلطانِ، (الَّتي يُضْرَب بهَا) ، عَرَبِيّةٌ مَعْرُوفَة والجمْع} دِرَرٌ. وَتقول: حَرَمْتَنِي {دِرَرَك، فاحْمِني دِرَرَك.
(و) } الدِّرّة: (الدَّمُ) ، أَنشد ثَعْلَب:
تَخْبِط بالأَخْفَافِ والمَنَاِمِ
عَن {دِرَّةٍ تَخْضِب كَفَّ الهاشِمِ
وفسّره فَقَالَ: هاذه حَرْبٌ شَبَّهَها بالناقة،} ودِرَّتُهَا: دَمُهَا. (و) {الدِّرَّةُ: (سَيَلانُ اللَّبَنِ وكَثْرَتهُ) ، وَقد تقدَّم فِي أَوّل المادّة، فَهُوَ تَكْرارٌ، وَمِنْهَا قَولُهم:} دَرَّت العُرُوقُ: امتلأَتْ دَماً أَو لَبَنعاً.
(و) {الدُّرَّة، (بالضَّمِّ: اللُّؤْلُؤةُ العَظِيمَة) ، قَالَ ابْن دُرَيد: هُوَ مَا عَظُمَ من اللُّؤْلُؤِ، (ج} دُرٌّ) ، أَي بإِسقاط الهاءِ، فَهو جَمْع لُغَويّ، واسْمُ جِنْس جَمْعِيّ فِي اصْطلاحٍ، كَمَا حَقَّقه شيخُنَا، ( {ودُرَرٌ) ، كصُرَدٍ، وَهُوَ الجَمْع الحَقِيقيّ (} ودُرَّاتٌ) ، جمع مُؤَنّث سَالم، وَهُوَ غير مَا احْتَاجَ لذِكْره. وأَنشد أَبُو زَيْد للرّبَيع بنِ ضَبُعٍ الفَزَارِيِّ.
أَقْفرَ مِن مَيَّةَ الجَريبُ إِلى الزُّجَّ
يْنِ إِلاّ الظِّبَاءَ والبَقَرَا
كأَنَّها دُرَّةٌ مُنَعَّمَةٌ
فِي نِسْوةٍ كُنَّ قَبْلَها {دُرَرَا
(} ودُرٌّ) ، بالضّمّ، (من أَعلامِ الرِّجال. {ودُرَّةُ بنتُ أَبِي لَهَبٍ) ابنةُ عَمِّ النّبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من المُهَاجِرَات. كَانَت تَحْت الحَارِث بن نَوْفَل، لَهَا فِي المُسْنَد من رِوَايَة زَوْجها عَنْهَا، وَقيل تَزَوَّجَها دِحْيَةُ الكَلْبِيّ. (و) } دُرَّةُ (بِنْتُ أَبي سَلَمَة) بنِ عَبْد الأَسد: (صحابيَّتانِ) ، وكذالك دُرَّة بنتُ إِي سُفيانَ أُختُ مُعَاوِيَةَ، لَهَا صُحْبة.
(و) قَوْله تَعَالَى: {كَأَنَّهَا} (كَوْكَبٌ {- دُرّيٌّ) (النُّور: 35) ثاقِب (مُضِيءٌ) ، مَنْسُوب إِلَى} الدُّرِّ فِي صَفائِه وحُسْنهِ وبَهائه وبَياضهِ، قَالَه الزَّجَّاج، (ويُثَلَّثُ) أَوَّلُه ويُهْمَز آخِرُه، كَمَا تقدم، فَهِيَ سِتُّ لُغات قُرِىءَ بِهِنُ. ونَقَلَ شيخُنَا عَن أَرباب الأَشْباه والنَّظائر: لَا نَظِيرَ للدُّرِّيىءِ امَضْمُومِ المَهْمُوزِ سهلأَى مُرِّيقٍ، وَلَا لمفتوح سوى المَلِّيتِ، لمَوْضعٍ، وسَكِّين فِيمَا حَكَاهُ أَبو زَيْد.
قلْت: قَالَ الفَرَّاءُ: وَمن الْعَرَب مَنْ يَقُول دِرِّيّ، يَنْسُبه إِلى الدُّرّ، كَمَا قَالُوا: بَحرٌ لُجِّيٌّ ولِجِّيٌّ، وسُخْرِيٌّ وسِخْرِيٌّ. وقرىء: دُرِّيء، بالهَمْزِ، والكَوْكَب {الدُرِّيُّ عِنْد العَرَب هُوَ العَظِيم الْمِقْدعًّرِ. وَقيل: هُوَ أَحَدُ الكَوَاكِبِ الخَمْسَةِ السَّيَّارَة. قَالَ شَيْخُنَا: وَالْمَعْرُوف أَن السّيّارة سبعَةٌ. وَفِي الحَدِــيث (كَا تَروْنَ الكَوْكَبَب الدُّرِّيِّ فِي أُفُق السماءِ) ، أَي الشَّدِيد الإِنارَةِ. وَفِي حَدِيثِ الدّجّال (إِحْدَى عَيْنَيْه كأَنَّهَا كَوْكَبٌ} - دُرِّيّ) .
( {- ودُرِّيُّ السَّيْفِ: تَلاْلُؤْه وإِشْرَاقُهُ) إِما أَن يكُون مَنْسُوباً إِلى الدُّرِّ بصفائه ونقائه، وإِما أَن يكون مُشبَّهاً بالكَوْكَب الدُّرِّيّ. قَالَ عبدُ الله بنُ سَبْرة:
كُلٌّ يَنُوءُ بماضِي الحَدِّ ذِي شُطَبٍ
عَضْبٍ جَلاَ القَيْنُ عَن} دُرِّيِّه الطَّبَعَا
ويُروَى عَن ذَرِّيِّه، يَعْنِي فِرِنْدَه، مَنسوبٌ إِلى الذَّرِّ الَّذِي هُوَ النَّمْل الصِّغَار، لأَنَّ فِرِنْدَ السَّيْف يُشَبَّه بآثَارِ الذَّرِّ.
وبَيْتُ دُرَيْدٍ يُروَى بالوَجْهَيْن:
وتُخْرِجُ مِنْهُم ضَرَّةُ القَوْمِ مَصْدَقاً
وطُولُ السُّرَى {- دُرِّيَّ عَضْبٍ مُهَنَّدِ
بالدَّال وبالذَّال.
(} ودَرَرُ الطَّرِيق، مُحَرَّكةً: قَصْدُه) ومَتْنُه. وَيُقَال: هُوَ علَى {دَرَرِ الطَّرِيقِ، أَي على مَدْرَجَته. وَفِي الصّحاح: أَي على قَصْدِه، وهما على دَرَرٍ واحِدٍ، أَي قَصْد واحِدٍ،
(و) دَرَرُ (البَيْتِ: قُبَالَتُه) ، ودَارِي} بَدَررِ دَراِك، أَي بحِذَائها، إِذا تَقَابَلَتا. قَالَ ابنُ أَحْمَر:
كانَتْ مَنَاجِعَها الدَّهْنَا وجانِبُها
والقُفُّ ممّا تَرَاه فَوْقَه {دَرَرَا
(و) } دَرَرُ (الرِّيحِ: مَهَبُّهَا) .
(! ودَرٌّ: غَدِيرٌ بدِيَارِ بنِي سُلَيْم) يَبْقَى ماؤُه الرَّبيعَ كُلَّه، وَهُوَ بأَعْلَى النَّقِيعِ. قَالَت الخَنْسَاءُ:
أَلاَ يَا لَهْفَ نَفْسي بَعْدَ عَيْش
لنَا جُنُوِبِ {دَرَّ فذِى نَهِيقِ
(} والدَّرَّارَةُ: المِغْزَلُ) الَّذِي يَغْزِل بِهِ الرَّاعِي الصّوفَ. قَالَ:
جَحَنْفَلٌ يَغْزِل {بالدَّرَّارَة
(و) من الْمجَاز: (} أَدَرَّتِ) المرأَةُ (المغِزَلَ فَهِيَ {مُدِرَّةٌ} ومُدِرٌّ) ، الأَخِيرة على النّسَب، إِذا (فَتَلَتْه) فَتْلاً (شَدِيداً) فرأَيتَه (حتّى كأَنه واقِفٌ من) شِدّة (دَوَرَانِه) . وَفِي بعض نُسَخ الجَمْهَرة الموثوقِ بهَا: إِذا رَأَيْتَه وَاقِفًا لَا يَتَعرَّك من شِدَّة دَوَرَانِه. وَفِي حَدِيث عَمْرو بنِ العاصِ أَنه قَالَ لمُعاوِية: (ءَتَيْتُك وأَمرُك أَشَدّ انْفِضَاحاً من حُقِّ الكَهُولِ، فَمَا زِلْتُ أَرُمُّه حَتَّى تَركتُه مِثْلَ فَلْكَةِ {المُدِرِّ) . وَذكر القُتَيْبِيّ هاذا الحديثَ فغَلِط فِي لَفْظه وَمَعْنَاهُ. وحُقُّ الكَهُول: بَيْت العَنْكَبُوت. وأَما} المُدِرّ فَهُوَ الغَزَّال. وَيُقَال للمِغْزَل نَفسِها {الدَّرَّارةُ} والمِدَرَّةُ، وَقد {أَدَرَّت الغازِلةُ} دَرَّارَتَهَا، إِذا أَدَارَتْها لِتَسْتَحْكِم قُوَّةُ مَا تَغْزِله من قُطن أَو صُوف. وضَرَبَ فَلْكَة المُدِرِّ مَثَلاً لإِحكامه أَمرَه عد استِرخائه، واتِّسَاقه بعدَ اضْطِرَابه، وذالك لأَنَّ الغَزَّالَ لَا يأْلو إِحكاماً وتَثْبِتاً لفَلْكَةِ مِغْزَله، لِأَنَّهُ إِذا قَلِقَ لم تَدِرَّ الدَّرًّرَةُ.
قلْتُ: وأَمّا القُتَيْبِيّ فإِنّه فَسَّرَ المُدِرّ بالجَاريَة إِذا فَلَكَ ثَدْيَاهَا ودَرَّ فيهمَا الماءُ، يَقُول: كَانَ أَمرُك مُسْتَرخِياً فأَقَمْته حتَّى صَار كأَنَّه حَلَمَة ثَدْيٍ قد أَدَرَّ. والوَجْهُ الأَوَّلُ أَوْجَهُ.
(و) {أَدَرَّت (النّاقَةُ: دَرَّ لَبَنُها) فَهِيَ مُدِرُّ، وأَدرَّهَا فَصيلُها.
(و) } أَدَرّ (الشَّيْءَ: حَرّكَه) ، وَبِه فُسِّرَ بعضُ مَا وَردَ فِي الحَدِــيث: (بَين عَيْنَيْه عِرْق {يُدرُّه الغَضبُ) أَي يُحَرِّكه.
(و) } أَدَرَّ (الرِّيحُ السَّحَابَ: جَلَبَتْه) ، هكاذا بالجِيم، وَفِي بَعْض النُّسَخ بالحاءِ، وَفِي اللِّسَان: والرِّيحُ {تُدِرُّ السَّحَابَ} وتَسْتَدِرُّه، أَي تَسْتَحْلِبُه. وَقَالَ الحادِرَةُ وَهُوَ قُطْبَةُ بنُ أَوْس الغَطَفَانِيّ:
كتاب فَكَأَنَّ فَاهَا بعدَ أَوَّلِ رَقْدةٍ
ثَغَبٌ بِرابِيَةٍ لَذِيذُ المَكْرَعِ
بغَرِيضِ سارِيَةٍ {أدرَّتْه الصَّبَا
من ماءِ أَسْحَرَ طَيِّبِ المُسْتَنْقَعِ
الغَرِيض: الماءُ الطَّرِيّ وَقْتَ نُزُولِه من السّحاب أَسْحَرُ: غَدِيرٌ حُرُّ الطِّينِ.
(} والدَّرِيرُ، كأَمِيرٍ: المُكْتَنِزُ الخَلْقِ المُقْتَدِر) من الأَفراس. قَالَ امرؤُ القَيْس:
{دَرِيرٌ كخُذْرُوفِ الوَلِيدِ أَمَرَّهُ
تَقَلُّبُ كَفَّيه بخَيْطٍ مُوَصَّلِ
وَقيل:} الدَّرِيرُ من الخَيْل: السَّرِيعُ مِنْهَا، (أَو السَّرِيعُ) العَدْوِ المُكْتَنِزُ الخَلْقِ (من) جميعِ (الدّوابّ) ، فَفِي حَدِيث أَبي قِلاَبَةَ: (صَلَّيْتُ الظُّهْرَ ثمَّ رَكِبْتُ حِمَاراً {دَرِيراً) .
(ونَاقةٌ} دَرُورٌ) (كصَبُور {ودَارٌّ: كَثِرَةُ} الدَّرّ) ، وضَرةَّ {دَرُورٌ، كذالك. قَالَ طَرَفَةُ:
مِنَ الزَّمِرَاتِ أَسْبَلَ قادِماهَا
وضَرَّتُهَا مُرَكَّنةٌ} درُورُ
(وإِبِلٌ {دُرُرٌ) ، بضَمَّتَيْن، (} ودُرَّرٌ) ، كسُكَّر، ( {ودُرَّارٌ) ، كرُمَّان، مثل كافِرٍ وكُفّار. قَالَ:
كَانَ ابنُ أَسْماءَ يَعْشُوهَا ويَصْبَحُهَا
مِن هَجْمَةٍ كفَسِيلِ النَّخْلِ} دُرّارِ
قَالَ ابنُ سِيدَه: وَعِنْدِي أَنّ {دُرَّاراً جَمْعُ} دَارَّةٍ، على طَرْح الهاءِ.
(! والدَّوْدَرَّى، كيَهْيَرَّى) ، أَي بفَتْح الأَوّل والثَّالِث وتَشْدِيد الرَّاء المَفْتُوحة، وَلَا يَخْفَى أَنَّ المَوْزُونَ بِهِ غَيْرُ مَعْروف: (الَّذِي يَذْهَبُ ويَجِيىءُ فِي غيرِ حاجَةٍ) ولمْ يُستَعْمل إِلاّ مَزِيداً، إِذ لَا يُعْرف فِي الْكَلَام مثل دُرَر.
(و) {الدَّوْدَرَّى: (الآدَرُ) : مَن بِهِ الأُدْرَةُ. (و) الدَّوْدَرَّى: (الطَّويلُ الخُصْيَتَيْنِ) ، وَفِي التَّهْذِيب: العَظِيمُهِما، وذَكَره فِي (د در) وَالصَّوَاب ذكره فِي (د رر) كَمَا للمُصنِّف، وأَنْشَد أَبو الهَيْثم:
لمّا رَأَتْ شَيْخاً لهَا} دَوْدَرَّى
فِي مِثْل خَيْطِ العِهِنِ المُعَرَّى
إذْ هُوَ من قَولهم: فَرسٌ {دَرِيرٌ، والدليلُ عَلَيْهِ قَوله:
(فِي مثْل خَيْطِ العِهِن المُعَرَّى) يريدُ بِهِ الخُذرُوفَ. والمُعَرَّى: (الَّذِي) جُعِلت لَهُ عُرْوةٌ.
(} كالدَّرْدَرَّى) ، بالراءِ بدل الواوِ، عَن الفَرَّاءِ، وَلم يقل بالوَاو.
( {والتَّدِرَّةُ: الدَّرُّ الغَزِيرُ) ، تَفْعِله من} الدَّرّ، وضبطَه الصّغانِيّ بضَمّ الدَّال من {التَّدُرَّةِ.
(} والدُّرْدُرُ، بالضَّمّ: مَغازِرُ أَسْنَانِ الصَّبِيِّ) ، وَالْجمع {الدَّرادِرُ، أَو هِيَ مَنْبِتُها عامَّةً. (أَو هِيَ) مَنْبِتُها (قَبْلَ نَباتِهَا وبعْدَ سُقُوطِها. و) من ذالك المَثَل ((أَعْيَيْتنِي بأُشُر فكَيْفَ) أَرجوك (} بِدُرْدُر)) .
قَالَ أَبو زيد: هاذا رَجُل يُخَاطِب امرأَتَه، (أَي لم تَقْبَل) ، هاكذا فِي النُّسخ. والصلأاب لم تَقْبَلِي (النُّصْحَ شَابًّا) ، هاكذا فِي النُّسخ، والصّواب وأَنتِ شَابَّة ذاتُ أُشُرفي ثَغْرِكِ (فكَيْفَ) الْآن (وقَدْ) أْنَنْتِ حتّى (بَدَتْ {دَرَادِرُك كِبَراً) ، وَهِي مَغَازِرُ الأَسْنَانِ.
ودَرِدَ الرَّجلُ إِذا سَقَطتْ أَسْنَانُه وظَهرَت} دَرَادِرُهَا. وَمثله: (أَعْيَيْتَنِي من شُبَّ إِلى دُبَّ) أَي من لَدُنْ شَبَبْتَ إِلى أَنْ دَبَبْتَ.
(و) يُقَال: لَجَّجُوا فوقَعُوا فِي (! الدُّرْدُور، بالضَّمّ) . قَالَ الجَوْهَرِيّ: الماءُ الَّذِي يَدورُ ويُخاف مِنْهُ الغَرَقُ. وَقَالَ الأَزهَرِيّ: هُوَ (مَوْضِعٌ) فِي (وَسَطِ البَحْر يَجِيشُ مَاؤُه) لَا تكَاد تَءْحلَم مِنْهُ السَّفِينَةُ.
(و) {الدَّرْدُور: اسْم (مَضِيق بساحِلِ بَحْرِ عُمَانَ) يخافُ مِنْهُ أَهلُ البَحْر.
(} وتَدَرْدَرَتِ اللَّحْمَةُ: اضْطَرَبَت) ، وَيُقَال للمَرْأَة إِذا كَانَت عظِيمةَ الأَلْيَتَينِ فإِذا مَشتْ رَجَفَتَا: هِيَ {تُدَرْدِرُ. وَفِي حديثِ ذِي الثُّدَيَّةِ المَقْتُول بالنَّهْرَوان (كَانَت لَهُ ثُدَيَّةٌ مثْل البَضْعةِ} تَدَرْدَرُ) أَي تَمَزْمَزُ وتَرَجْرَجُ: تَجِيءُ وتَذْهب، والأَصل {تَتَدَرْدَر، فَحذف إِحدَى التاءَين تَخْفِيفاً.
(} ودَرْدَرَ البُسْرَةَ) : دَلَكَهَا {بدُرْدُرِه و (لاَكَها) : وَمِنْه قَول بَعضِ العَرَب وَقد جاءَه الأَصْمَعِيّ: أَتَيْتَنِي وأَنَا} أُدَرْدِرُ بُسْرَةً.
( {واستَدَرَّت المِعْزَى: أَرادَتِ الفَحْلَ) ، قَالَ الأُمويّ: يُقَال للمِعْزَى إِذا أَرادَت الفَحْلَ قد} استدرَّت {اسْتِدْراراً وللضَّأْن قد استَوْبَلَت استِيبالاً. وَيُقَال أَيضاً استَذْرَت المِعْزَى استِذْرَاءً، من المعتلّ بالذَّال المُعْجَمَة.
(} والدَّرْدَارُ) ، كصَلْصال: (صَوْتُ الطَّبْلِ) ، كالدَّرْداب، نَقله الصَّغانيّ.
(و) {الدَّرْدَارُ: (شَجَرٌ) ، قَالَ الأَزْهَرِيُّ: ضَرْبٌ من الشَّجَر مَعْرُوفٌ.
قلْت: هُوَ شَجرةُ البَقّ تَخرُجُ مِنْهَا أَقماعٌ مُختلفة كالرُّمَّانات فِيهَا رُطُوبة تَصير بَقًّا، فإِذا انفقَأَت خَرَجَ البَقُّ. ورَرَقُه يُؤكل غَضًّا كالبُقُول، كَذَا فِي مِنْهَاج الدُّكَّان.
(} ودُرَيْرَاتٌ) ، مُصغَّراً، (ع) ، نَقله الصّغانِيّ. (ودُهْدُرَّيْن) بضَمِّ الأَوّل والثَّالث تَثْنِية دُهْدُرّ، يأْتي ذِكْرُه (فِي ده در) ، مُرَاعَاة لتَرْتِيب الحُرُوف، وَهُوَ الأَوْلَى والأَقربُ للمُراجعة، والجوهريّ أَوردَه هُنَا، والصّواب مَا لِلمُصَنِّف.وَمِمَّا يُسْتَدْرَك عَلَيْهِ:
{اسْتَدْرَّ الحَلُوبَةَ: طلَبَ دَرَّهَا.
} والاستِدْرارُ أَيضاً: أَن تمْسَح الضَّرْعَ بيَدِك ثمّ {يَدِرّ اللَّبنُ.
} ودَرَّ الضَّرْعُ باللَّبَن {يَدُرُّ} دَرًّا، {ودَرَّت لِقْحَةُ الْمُسلمين وحَلُوبَتُهُم، يَعْنِي كَثُرَ فَيْؤُهم وخَرَاجُهم وَهُوَ مَجَاز. وَفِي وَصِيَّةِ عُمَر للعُمَّال (} أَدِرُّوا لِقْحَةَ الْمُسلمين) ، قَالَ الليثُ: أَراد خَرَاجَهم، فاسْتَعَارَ لَهُ اللقِّحقةَ {والدِّرَّة.
وَيُقَال للرَّجُل إِذا طَلَبَ حاجَةً فأَلَحَّ فِيهَا:} أَدِرَّهَا، وإِن أَبَتْ، أَي عالِجْها حتَّى {تَدِرَّ، يُكْنَى} بالدَّرِّ هُنَا عَن التَّيْسِير.
{ودُرُورُ العِرْق: تَتابُعُ ضَرَبَانِه كتَتَابُعِ} دُرُورِ العَدْوِ. وَفِي الحَدِــيث: (بَيْنَهما عِرْق {يُدِرُّه الغَضَبُ) ، يَقُول: إِذا غَضبَ دَرَّ العِرْقُ الّذِي بَين الحاجبَين،} ودُرُورُه: غِلَظُه وامْتِلاؤُه. وَقَالَ ابْن الأَثير: أَي يَمتلىءُ دَماً إِذا غَضِبَ كَمَا يَمتلىءُ الضَّرعُ لَبَناً إِذا دَرَّ، وَهُوَ مَجاز.
وللسحاب {دِرَّةٌ، أَي صَبٌّ واندِفاقٌ، وَالْجمع درَرٌ. قَالَ النَّمِر بنُ تَوْلَب:
سَلامُ إِلالاهِ ورَيْحَانُهُ
ورَحمَتُهُ وسَماءٌ} دِرَرْ
غَمَامٌ يُنَزِّلُ رِزْقَ العِبَادِ
فأَحْيَا العِبَادَ وطَابَ الشَّجَرْ
سماءٌ {دِرَرٌ، أَي ذاتُ دِرَرٍ.
وَفِي حَدِيث الاسْتِسْقَاءِ (دِيمَاً} دِرَراً) : جمْع {دِرَّة. وَقيل:} الدِّرَرُ الدَارّ، كقَوْلِه تَعالى: {دِينًا قِيَمًا} أَي قَائِما.
وفَرسٌ {دَرِيرٌ: كَثِيرُ الجَرْيِ، وَهُوَ مجازٌ.
وللسَّاق} دِرَّةٌ: استِدرَارٌ للجَرْيِ.
وللسُّوقِ دِرَّةٌ، أَي نَفَاقٌ.
{ودَرَّ الشيْءُ، إِذا جُمِعَ، ودَرَّ إِذا عُمِلَ، ومرَّ الفَرسُ على} دِرَّتِه، إِذا كَانَ لَا يَثْنِيه شَيْءٌ، وفَرسٌ! مُسْتَدِرٌّ فِي عدْوِه، وَهُوَ مَجازٌ، وَقَالَ أَبو عُبَيدَةَ: {الإِدْرَارُ فِي الخَيل: أَنْ يُعْنِقَ فيرفَعَ يَداً وَيَضَعَها فِي الخَبَب.
} والدَّرْدَرة: حِكَاية صَوْتِ الماءِ إِذا اندفعَ فِي بُطُونِ الأَودِيَةِ. وأَيضاً دُعاءُ المِعْزَى إِلى الماءِ.
{وأَدرَرْتُ عَلَيْهِ الضَّرْبَ: تَابَعْتُه، وَهُوَ مَجاز.
} والدُّرْدُر، بالضّمّ: طَرَفُ اللِّسَان، وَقيل: أَصْلُه. هاكذا قَالَه بَعْضُهم فِي شرْح قَوْل الرَّاجِز:
أُقْسِم إِن لم تَأْتِنا {تَدَرْدَرُ
ليُقْطَعَنَّ مِن لِسَانٍ} دُرْدُرُ
وَالْمَعْرُوف مَغْرِزُ السِّنّ، كَمَا تَقَدَّمَ.
{ودَرَّت الدُّنْيا على أَهلِها: كَثُرَ خَيْرُها، وَهُوَ مَجاز، ورِزْق} دَارٌّ، أَي دائِمٌ لَا يَنقَطِع. وَيُقَال: {دَرَّ بِمَا عندَه، أَي أَخرَجه.
والفارسيّة} الدَّرِّيّة، بتَشْديد الراءِ والياءِ: اللُّغَة الفُصْحَى من لُغَات الفُرْس، منسوبة إِلى {دَرْ، بِفَتْح فَسُكُون، اسْم أَرض فِي شِيرازَ، أَو بمعنَى البابِ وأُرِيد بِهِ بابُ بَهْمَن بن اسفِنْدِيَار. وَقيل: بَهْرَام بن يزْدجِرد. وقِيل: كِسْرى أَنُوشِرْوَان. وَقد أَطال فِيهِ شَيْخُ شُيُوخِ مَشَايِخنَا الشِّهَاب أَحمدُ بن مُحَمَّدٍ العجَمِيّ، خاتِمَةُ المُحَدِّثين بِمصْر، فِي ذَءَحله على لُبِّ اللُّباب للسّيوطيّ، وأَورد شيخُنَا أَيضاً نقلا عَنهُ وَعَن غَيره، فَليُرَاجع فِي الشرْح.
} ودُرّانَةُ: من أَعلام النّساءِ، وكذالك {دُرْدَانةُ. وأَبو} دُرَّة بالضّمّ: قَرْيَة بِمصْر.

الأفعال الناقصة

الأفعال الناقصة:
[في الانكليزية] Incomplete verbs
[ في الفرنسية] Les verbes incomplets
عند النحاة هي ما وضع لتقرير الفاعل على صفة. ويسمّيها المنطقيون كلمات وجودية.
ويقابلها الأفعال التامة، كضرب وقعد، كما في الموشح شرح الكافية. في بحث الفاعل. وقد تستعمل الناقصة بمعنى ما لا يتمّ بالمرفوع ويقابلها التامة. وبهذا المعنى يقال: عسى قد يجيء ناقصة وقد يجيء تامة. ثم التقرير هو الجعل والتثبيت، واللام صلة الوضع، والصفة هي الحدث. ومعنى التثبيت والإثبات إدراك ثبوت الشيء إيجابا أو سلبا ليشتمل ليس، أي الثبوت الحاصل في الذهن على وجه الإذعان على ما تقرّر في محلّه، وهذا بناء على أنّ الألفاظ موضوعة للصور الذهنية وإن كان المشهور أنّ الألفاظ موضوعة للأعيان الخارجية فيصح كون التقرير موضوعا له. واندفع ما قيل إنّ معانيها ثبوت الفاعل على صفة أو انتفاؤها لا التقرير. ثم التقرير المذكور ليس تمام ما وضع له هذه الأفعال لاشتمالها على معان زائدة على ذلك التقرير، كالزمان في الكلّ والانتقال والدوام والاستمرار في بعضها، لكنه اكتفى بالتقرير لكونه عمدة فيما وضع له هذه الأفعال لعدم خلوّ جميعها أو بعضها عنه، وهو ظاهر.
وعدم وجوده في غيرها من الأفعال لأن التقرير نسبة بين الفاعل والصفة، فكل من الفاعل والصفة خارج عنه إذ طرفا النسبة خارجان عنها، فلم تكن الصفة مدلولة لهذه الأفعال كالفاعل، بخلاف سائر الأفعال فإنها موضوعة للتقرير والصفة معا فكانت الصفة مدلولة لها، فاندفع بهذا ما قيل لو كان مجرد الدخول في الموضوع له مستلزما لكونه عمدة فيما وضع له لكان الزمان أيضا عمدة في هذه الأفعال، واندفع أيضا ما قال الرضي إنه كان ينبغي أن يقيّد الصفة ويقال على صفة غير مصدر ذلك الفعل لئلّا يرد الأفعال التامة، وإن جعل اللام في قولهم لتقرير الفاعل للغرض لا صلة الوضع يتم الحدّ أيضا إذ لا شك أنّ الغرض من وضع هذه الأفعال هو التقرير المذكور لا الصفات، بخلاف الأفعال التامة فإنّ الغرض من وضعها مجموعهما لا التقرير فحسب.
وقيل الحق أنّه لا حاجة إلى ما ذكر واعتبار قيد زائد فإنّ هذا التعريف للأفعال الناقصة باعتبار أمر مشترك فيه ومميّز عن سائر الأفعال، فإنّ الدلالة على الزمان خاصة شاملة للفعل مطلقا، والانتقال والدوام والاستمرار مثلا معان يميّز لها بعضها عن بعض، والمتبادر من كونها موضوعة لتقرير الفاعل على صفة أنّ الصفة خارجة عن مدلولها كما أنّ الفاعل كذلك، ومن ثمّ احتيج فيها إلى الجملة الاسمية فالتعريف تام.
وجه آخر وهو أنّ الأفعال التامة موضوعة لتقرير الفاعل أي المعتبر فيها نسبة الحدث إلى الذات لا تقرير الفاعل على صفة، أي نسبة الذات إلى الحدث. اعلم أنّ هذا التعريف مبني على رأي من ذهب إلى أنّها مسلوبة الدلالة على الحدث وهو مذهب المنطقيين، كما في شرح المطالع. وإليه ذهب أيضا أهل البيان، ولذا سميّت ناقصة. فمعنى قولك كان زيد قائما، زيد متصف بالقيام في الزمن الماضي فهي قيود لإخبارها والإسناد بين اسمها وخبرها، كما كان قبل دخولها، وليست مسندة إلى أسمائها. وفيه أنّ الدلالة على الحدث لما عدا كان واضحة غاية الوضوح. والجمهور على أنّ لها حدثا وزمانا فإنّ كان مثلا يدل على الحصول المطلق. والفائدة فيه التأكيد والمبالغة باعتبار أنه يدل وضعا في نحو كان زيد قائما على حدث مطلق يعيّنه خبره، كما أنّ خبره يدل عقلا على زمان مطلق يعيّنه كان. وسمّيت ناقصة لأنها لا تتمّ بمرفوعها، أي لا تصير مركّبا تاما يصحّ السكوت عليه حتى يكون الخبر قيدا فيه لتربية الفائدة، أي لزيادة الفائدة، بل المرفوع مسند إليه والمنصوب مسند يتمّ الحكم بهما، ويفيد كان تقييده بمضمونه، فإنّ معنى كان زيد قائما، زيد متصف بالقيام المتصف الحصول في الزمان الماضي. وقس على ذلك البواقي. وهذا مشكل أيضا إذ لم يعهد فعل يقع في التركيب غير زائد ولا مؤكد وليس مسندا إلى شيء ولو قيل بأنها مسندة إلى اسمها وليست مقيّدة للخبر لا يتجه ولا يضر إسناد خبرها إلى الاسم لأنه قد عهد أنّ الاسم يسند إليه شيئان كما في قولك: ظن زيد قائما وجاء عمرو ضاحكا. وفي الرضي تسمية مرفوعها اسما أولى من تسميته فاعلا لأن الفاعل في الحقيقة مصدر الخبر مضافا إلى الاسم، لكنهم سموه فاعلا على القلّة، ولم يسموا المنصوب بالمفعول بناء على أنّ كل فعل لا بدّ له من فاعل، وقد يستغني عن المفعول.
وقال المولوي عصام الدين كما يسمّى الاسم فاعلا واسما كذلك يسمّى الخبر مفعولا وخبرا انتهى. وقال السيّد السّند في حاشية المطول:
خبر كان شبيه بالمفعول ومندرج في نحوه إلّا أنه ليس قيدا للفعل وشبهه، بل الأمر بالعكس لأنّ الفعل الذي هو مسند صورة قيد للخبر الذي هو مسند حقيقة انتهى.

الاطّراد

الاطّراد:
[في الانكليزية] Linking ،inclusion
[ في الفرنسية] Enchalnement ،inclusion
هو مرادف للطّرد. فالاطّراد المستعمل في التعريفات ما وقع في شرح الطوالع من أنّ معرّف الشيء يجب أن يساويه صدقا أي يجب أن يصدق المعرّف على كل ما صدق عليه المعرّف وهو الاطّراد والمنع وبالعكس، أي يجب أن يصدق المعرّف على كل ما يصدق عليه المعرّف وهو الجمع والانعكاس انتهى.
والاطّراد في باب العلل هو الدوران، قال في نور الأنوار شرح المنار: الاطّراد معناه دوران الحكم مع الوصف وجودا وعدما. وقيل وجودا فقط، والعلّة الثابتة بالطّرد تسمّى طردية انتهى.
اعلم أنّ مرجع ما قيل إنّ الاطّراد هو دوران الحكم مع الوصف وجودا فقط أي الاطّراد المستعمل في التعريفات، وكذا الحال في الطّرد. وفي التلويح الاطراد في العلّة أنه كلما وجدت العلة وجد الحكم. ومعنى الانعكاس أنه كلّما انتفت العلّة انتفى الحكم، كما في الحدّ على المحدود، وهذا اصطلاح متعارف انتهى.
والاطّراد عند أهل البديع من المحسّنات المعنوية وهو أن يؤتى باسم الممدوح أو غيره وأسماء آبائه على ترتيب الولادة من غير تكلّف في السبك كقوله عليه السلام: «الكريم بن الكريم بن الكريم بن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم»، وكقول المتنبي:
إن يقتلوك فقد ثللت عروشهم بعتيبة بن حارث بن شهاب يقال: ثلّ الله عروشهم أي هدم ملكهم، كذا في الجرجاني. والمراد من التكلّف في السبك أن يقع الفصل بين الأشياء بلفظ غير دالّ على نسب كقولك: رأيت زيدا الفاضل بن عمرو بن بكر، سمّي بالاطّراد لأن تلك الأسماء في تحدّرها ونزولها كالماء الجاري في اطراده وسهولة انسجامه أي سيلانه، كذا في المطول والچلپي. وفي الإتقان الاطّراد هو أن يذكر المتكلّم أسماء آباء الممدوح مرتّبة على حكم ترتيبها في الولادة. قال ابن أبي الإصبع: ومنه في القرآن قوله تعالى حكاية عن يوسف: وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبائِي إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ، قال: إنما لم يأت به على الترتيب المألوف فإن العادة الابتداء بالأب ثم بالجدّ ثم بالجدّ الأعلى لأنه لم يرد هاهنا مجرد ذكر الآباء وإنما ذكرهم ليذكر ملّتهم التي اتبعها، فبدأ بصاحب الملّة ثم بمن أخذها منه أوّلا فأوّلا على الترتيب؛ ومثل قول أولاد يعقوب: قالُوا نَعْبُدُ إِلهَكَ وَإِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ انتهى.

الاصطلام

الاصطلام:
[في الانكليزية] Passion
[ في الفرنسية] Passion amoureuse
هو الوله الغالب على القلب، وهو قريب من الهيمان، كذا في الاصطلاحات الصوفية. الأصغر:
[في الانكليزية] Minor
[ في الفرنسية] Mineur
عند أهل العربية يطلق على قسم من الاشتقاق، وعند المنطقيين يطلق على موضوع المطلوب في القياس الاقتراني، وسيأتي في لفظ الحدّ أيضا.

الإقامة

الإقامة: هي الإعلام بشروع في الصلاة بألفاظ عيَّنها الشارع، وامتازت عن الأذان بلفظ الإقامة.
الإقامة:
[في الانكليزية] Accomplishing the prayer ،installation
[ في الفرنسية] Accomplissement de la priere ،installation
عند أهل الشرع هي الإعلام بالشروع في الصلاة بألفاظ عيّنها الشارع، وامتازت عن الأذان بلفظ الشروع، كذا في الكرماني شرح صحيح البخاري. وفي البرجندي الإقامة في الأصل مصدر سمّي بها في الشرع الأذان الثاني لما أنها سبب لقيام الناس إلى الصلاة، وألفاظه هي ألفاظ الأذان بعينها إلّا أنه يزاد فيها: قد قامت الصلاة مرتين بعد الحيعلتين. وعند أهل الهيئة عبارة عن كون الكوكب في موضع من فلك البروج واقفا غير متحرّك. قالوا مما يعرض للكواكب المتحيّرة الرجوع وهو حركتها إلى خلاف التوالي، والاستقامة وهي حركتها إلى التوالي، والإقامة وهي كونها أياما في موضع واحد من فلك البروج. وفي كفاية التعليم إذا رجع كوكب لآخر أو وصل إلى الاستقامة فإنّه يقع في حدّ الإقامة. ويقال لحدّ الإقامة رباط الكوكب انتهى كلامه.
بيان ذلك أن الكوكب إذا كان في أعلى التدوير أي فوق البعدين الأوسطين بحسب المسير لا بحسب المسافة كانت حركة مركزه موافقة في الجهة لحركة مركز تدويره، فيرى الكوكب مستقيما سريع الحركة إلى التوالي لأن مركز الكوكب يتحرك حينئذ إلى التوالي بمجموع حركتي الحامل والتدوير، فإذا قرب الكوكب من أسفل التدوير أي من الحضيض وما يقرب منه جعل يميل إلى خلاف التوالي لما تقرر أن حركة التدوير على مركزه، وأن حركة أسفله تخالف في الجهة حركة أعلاه قطعا لعدم شموله للأرض، لكنه ما دام حركة مركز الكوكب على أسفل محيط التدوير إلى خلاف التوالي يكون أقل من حركة التدوير إلى التوالي يرى الكوكب مستقيما لكن بطيء السير في الاستقامة، فإذا تساوت الحركتان يرى الكوكب مقيما في موضع معيّن إذ بمقدار ما يحركه الحامل إلى التوالي يرده التدوير إلى خلافه فيرى في مقامه واقفا ولا يحسّ بحركته، فإذا زادت حركة مركز الكوكب على حركة مركز التدوير يرى الكوكب راجعا متحركا إلى خلاف التوالي بمقدار فضل حركة التدوير على حركة الحامل ثم الكوكب بعد الرجعة يقيم ثانيا في الجانب الآخر من التدوير إذا تساوت الحركتان، ويستقيم بعد الوقوف إذا اتفقت الحركتان في الجهة. فالكوكب في أعلى التدوير مستقيم وفي غاية سرعة الحركة إلى التوالي، ثم يبطئ في الاستقامة حتى يقيم، ثم يرجع متدرجا من البطء في الرجوع إلى السرعة فيه؛ وغاية سرعته في الرجوع في حضيض التدوير، ومن هناك يتدرج من السرعة إلى البطء فيه حتى يقيم ثانيا ثم يستقيم متدرجا من البطء في الاستقامة إلى السرعة فيها، وغاية السرعة في الاستقامة في ذروة التدوير التي فرضناها مبدأ في حركة مركز الكوكب على محيط التدوير، فظهر أنّ الكوكب يتم دورة في فلكه من غير إختلاف يقع له بالنسبة إلى فلكه فليس له في الحركة إسراع ولا إبطاء ولا رجوع ولا وقوف في نفس الأمر، بل كل ذلك بحسب رؤيتنا لتركّب في الحركات وإختلاف الأوضاع.
ولما كانت حركة مركز القمر على منطقة التدوير أقل من حركة مركز تدويره على منطقة الحامل لا يرى القمر راجعا ولا واقفا إذ لا تساوي حركة التدوير حركة الحامل في الرؤية حتى يرى القمر واقفا فضلا عن أن تزيد على حركة الحامل حتى يرى راجعا، بل قد يرى بطيء السير إذا خالفت حركة مركز جرمه في الجهة حركة مركز تدويره، وذلك إذا كان القمر في أعلى التدوير. وإذا توافقت الحركتان في الجهة يرى سريعا في الاستقامة وذلك إذا كان القمر في أسفل التدوير. هكذا في شروح الملخص وتصانيف عبد العلي البرجندي.

الْمُنكر

(الْمُنكر) كل مَا تحكم الْعُقُول الصَّحِيحَة بقبحه أَو يقبحه الشَّرْع أَو يحرمه أَو يكرههُ وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {وَينْهى عَن الْفَحْشَاء وَالْمُنكر}

(الْمُنكر) (عِنْد النُّحَاة) غير الْمُعَرّف
الْمُنكر: مَا لَيْسَ فِيهِ رضَا الله تَعَالَى من قَول أَو فعل وَالْمَعْرُوف ضِدّه.
وَعند أَرْبَاب أصُول الحَدِــيث الْمُنكر حَدِيث راو ضَعِيف حَال كَون ذَلِك الحَدِــيث مُخَالفا لحَدِــيث من هُوَ أقل وأخفى مِنْهُ فِي الضعْف. ويقابله الْمَعْرُوف فالراويان فِي كل من الْمَعْرُوف وَالْمُنكر ضعيفان لَكِن رَاوِي الْمُنكر أَضْعَف من رَاوِي الْمَعْرُوف - وَقَالَ بَعضهم الْمُنكر فِي اصطلاحهم حَدِيث من فحش غلطه أَو كثرت غفلته أَو ظهر فسقه. وَعَكسه بِاعْتِبَار الْمُقَابلَة مَعْرُوف. المنشعبة: هِيَ الْأَبْنِيَة الْمَزِيد عَلَيْهَا حرف أَو أَكثر على أُصُولهَا سَوَاء كَانَ ثلاثية أَو ربَاعِية أَو خماسية أَو تكَرر فِيهَا حرف من أُصُولهَا كاستنصر وكرم.

المعرف

المعرف: ما يستلزم تصوره لاكتساب تصور الشيء بكنهه أو بامتيازه عن كل ما عداه، فيتناول التعريف الحد الناقص والرسم فإن تصورهما لا يستلزم تصور حقيقة الشيء بل امتيازه عن جميع الأغيار.

المساحة

(المساحة) أَدَاة تمسح بهَا الْكِتَابَة (مج)
(المساحة) علم المساحة علم يبْحَث فِيهِ عَن طرق قِيَاس الخطوط والسطوح والأجسام
المساحة: استعلام مَا فِي الْكمّ الْمُتَّصِل القار من أَمْثَال الْوَاحِد الخطى كالذراع. أَو أَمْثَال إبعاض الْوَاحِد الخطى كَنِصْف الذِّرَاع وربعه وَغير ذَلِك. أَو أَمْثَال الْوَاحِد الخطى وأبعاضه كليهمَا كالذراع وَنصفه. وَهَذَا تَعْرِيف المساحة إِذا كَانَ الممسح خطا. وَأما إِذا كَانَ الممسح مسطحًا فتعريف المساحة حِينَئِذٍ استعلام مَا فِي الْكمّ الْمُتَّصِل القار من أَمْثَال مربع الْوَاحِد الخطى. أَو أَمْثَال أبعاض مربع الْوَاحِد الخطى. أَو أَمْثَال مربعه وأبعاضه مَعًا.
وَاعْلَم أَن مربع الْوَاحِد الخطى هُوَ الذِّرَاع التكسيري ومربع القصبة سِتَّة وَثَلَاثُونَ ذِرَاعا وَهُوَ الْمُسَمّى بالعشير عِنْدهم ومربع سِتِّينَ ذِرَاعا هُوَ الْمُسَمّى بالجريب. وَهُوَ ثَلَاثَة آلَاف وسِتمِائَة ذِرَاع. وَإِذا كَانَ الممسح جسما فتعريف المساحة حِينَئِذٍ استعلام مَا فِي الْكمّ الْمُتَّصِل القار من أَمْثَال مكعب الْوَاحِد الخطى. أَو أَمْثَال أبعاض مكعب الْوَاحِد الخطى أَو أَمْثَال كليهمَا.
وَاعْلَم أَنه بتقييد الْكمّ بالاتصال خرج الْعدَد عَن التَّعْرِيف لِأَنَّهُ كم مُنْفَصِل. وبتقييد الِاتِّصَال بالقار خرج الزَّمَان عَنهُ أَيْضا. إِذا الزَّمَان هُوَ غير قار الذَّات أَي لَيْسَ مُجْتَمع الْأَجْزَاء. وَرُبمَا يستعلم مساحة الْأَجْسَام المشكلة المساحة كالفيل والجمل بِأَن يلقى فِي حَوْض مربع وَيعلم المَاء ثمَّ يخرج مِنْهُ وَيعلم أَيْضا وَيمْسَح مَا نقص فَهُوَ المساحة تَقْرِيبًا.
المساحة:
[في الانكليزية] Area ،space
[ في الفرنسية] SuperFicie ،etendue
بالكسر من مساحة الأرض أي قسمتها، وكلّما مسخ فكأنّه قسم أجزاء، كلّ منها يساوي المقياس الذي يمسح به. وفي اصطلاح المهندسين استعلام أمثال الواحد الخطي المفروض أو أبعاضه في المقدار إن كان خطا، أو أمثال مربّعه أو أبعاضه إن كان سطحا، أو أمثال مكعّبه أو أبعاضه إن كان جسما تعليميا.
يعني أنّ المساحة استعلام أمثال خطّ واحد أو أبعاضه فرض بمقدار معيّن كالذراع والجيب حال كون تلك الأمثال أو أبعاضه واقعة في المقدار عارضة له إن كان ذلك المقدار خطا، أو استعلام أمثال مربّع خط واحد إلى آخره.
والمقدار هو الكمّ المتّصل القارّ المنحصر في الخطّ والسطح والجسم التعليمي، فخرج العدد وكذا الزمان عن حدّ المقدار. ثم الأمثال لمّا كانت مضافة بطل الجمعية فيشتمل الواحد والاثنين. وكذا قولهم أو أبعاضه وكلمة أو لتقسيم المحدود دون الحدّ. فالحاصل أنّ المساحة ثلاثة أنواع: إمّا استعلام مثل الواحد الخطّي المفروض كذراع أو ذراعين مثلا أو بعضه كنصف ذراع أو ربعه العارض للمقدار إن كان خطا، وإمّا استعلام مثل مربّع الواحد الخطّي وحاصله سطح طوله وعرضه متساويان في مقدار الواحد الخطّي وهو الذراع المكسّر أو بعضه العارض للمقدار إن كان سطحا، وإمّا استعلام مثل مكعّب الواحد الخطّي أو بعضه العارض للمقدار إن كان جسما، ومكعّب الواحد الخطّي هو مضروبه في مربّعه وحاصله جسم جهاته الثلاثة متساوية في مقدار الواحد الخطّي، ثم اعتبار الواحد السطحي أو الجسمي بحيث يمكن معرفتهما من الواحد الخطّي تسهيل للأمر فيستغنون بمقدار يمسح به الخطوط عن مقدار يمسح به السطوح والأجسام؛ وقد يمسح السطح بالخطّ كمساحة أحد بعد الكرباس بذراع، وبالحقيقة هي مساحة بمربع الذراع وإن لم يتلفّظ به؛ وقد يمسح الأبنية والأساطين والسقوف في العمارات بالآجر. وأهل الهيئة يمسحون أجرام الكواكب بكرة الأرض، هكذا في شرح خلاصة الحساب.

الْفَاحِشَة

(الْفَاحِشَة) مؤنث الْفَاحِش والقبيح الشنيع من قَول أَو فعل (ج) فواحش وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {قل إِنَّمَا حرم رَبِّي الْفَوَاحِش مَا ظهر مِنْهَا وَمَا بطن}
الْفَاحِشَة: فِي الْقَامُوس الزِّنَا وَمَا يشْتَد قبحه من الذُّنُوب وكل مَا نهى الله تَعَالَى عَنهُ. وَأَيْضًا الْفَاحِشَة هِيَ الَّتِي توجب الْحَد فِي الدُّنْيَا وَالْعَذَاب فِي الْآخِرَة.
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.