Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: لحد

القول

القول:
[في الانكليزية] Saying ،speech
[ في الفرنسية] Propos ،discours
بالفتح وسكون الواو عند المنطقيين هو اللفظ المركّب ويسمّى المؤلّف أيضا، وقد سبق. وفي شرح التهذيب القول في عرف المنطق يقال للمركّب سواء كان مركّبا عقليا أو لفظيا انتهى. والموصل القريب إلى التصوّر يسمّونه قولا شارحا لشرحه ماهية الشيء ومعرّفا بالكسر أيضا كذا في شرح المطالع.
القول: إبداء صور الكلم نظما بمنزلة ائتلاف الصور المحسوسة جمعا. فالقول مشهود القلب بواسطة الأذن، كما أن المحسوس مشهود القلب بواسطة العين وغيرها، ذكره الحرالي. وقال الراغب: يستعمل على أوجه أظهرها أن يكون للمركب من الحروف المنطوق بها مفردا كان أو جملة، فالمفرد: زيد وخرج، والمركب: أزيد خرج وهل خرج عمرو. وقد يسمى الواحد من الأنواع الثلاثة: الاسم والفعل والأداة قولا، كما تسمى القصيدة والخطبة قولا. الثاني يقال للمتصور في النفس قبل التلفظ به قول، فيقال في نفسي قول لم أظهره. الثالث الاعتقاد: نحو فلان يقول بقول الشافعي. الرابع يقال للدلالة على شيء نحو "قول الشاعر"
امتلأ الحوض وقال قطني.
الخامس يقال للعناية الصادقة بالشيء نحو فلان يقول بكذا. السادس يستعمله المنطقيون دون غيرهم في معنى الحد فيقولون: قول الجوهر كذا وقول العرض كذا، أي حدهما. السابع في الإلهام نحو: {قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ} فذلك لم يخاطب به بل كان إلهاما فسماه قولا.
القول
القول يستعمل على خمسة أوجه:
1 - قول مسموع.
2 - وقول بالسر. قال تعالى:
{سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ} .
3 - وإيماء من غير تكلم. قال تعالى:
{فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا} .
4 - وحديث في النفس من غير كلام مرتب بالحروف. وذلك بإحضار المعنى الذي يحضر قبل الكلام . قال امرؤ القيس:
إذا قلتُ هذا صاحبي قد رَضِيتُه ... وقرَّتْ به العينانِ بُدِّلتُ آخرَا
أي إذا تصوّرتُ هذا الأمر في نفسي . 5 - وإشارة عامة سواء كانت بفعل أو بلسان الحال، كما جاء في الحديث: "وقال بيده كذا" . وكما قيل:
اِمتَلأَ الحَوضُ وقال قَطْنِي

الحمى

الحمى: حرارة غريبة ضارة بالأفعال تنبعث من القلب إلى الأعضاء، سميت به لما فيها من الحرارة أو لما يعرض من الحميم أي العرق أو لكونهما من أمارات الحمام لحديث "الحمى رائد الموت" . 

تهافت الفلاسفة

تهافت الفلاسفة
للإمام، حجة الإسلام، أبي حامد: محمد بن محمد الغزالي، الطوسي.
المتوفى: سنة 505، خمس وخمسمائة.
مختصر.
أوله: (نسأل الله تعالى بجلاله، الموفى على كل نهاية 000 الخ).
قال: رأيت طائفة يعتقدون في أنفسهم التميز عن الأتراب والنظراء، بمزيد الفطنة والذكاء، قد رفضوا وظائف الإسلام من العبادات، واستحقروا شعائر الدين من وظائف الصلوات، والتوقي عن المحظورات، واستهانوا بتعبدات الشرع وحدوده، ولم يقفوا عند توفيقاته وقيوده، بل خلعوا بالكلية ربقة الدين، بفنون من الظنون.
يتبعون فيها رهطاً يصدون عن سبيل الله، ويبغونها عوجاً، وهم بالآخرة هم كافرون، ولا مستند لكفرهم غير تقليد سماعي، ألفي كتقليد اليهود والنصارى.
إذ جرى على غير دين الإسلام نشؤهم وأولادهم، وعليه درج آباؤهم وأجدادهم، لا عن بحث نظري، بل تقليد صادر عن التعثر بأذيال الشبه الصارفة عن صوب الصواب، والانخداع بالخيالات المزخرفة كلا مع السراب.
كما اتفق لطوائف من النظار في البحث عن العقائد والآراء من أهل البدع والأهواء، وإنما مصدر كفرهم سماعهم أسامي هائلة كسقراط وبقراط وأفلاطون وأرسطاطاليس وأمثالهم، وإطناب طوائف من متبعيهم وضلالهم في وصف عقولهم، وحسن أصولهم، ودقة علومهم الهندسية، والمنطقية، والطبيعية، والإلهية، واستبدادهم لفرط الذكاء والفطنة، باستخراج تلك الأمور الخفية.
وحكايتهم عنهم أنهم مع رزانة عقلهم، وغزارة فضلهم، منكرون للشرائع والنحل، وجاحدون لتفاصيل الأديان والملل، ومعتقدون أنها نواميس مؤلفة، وحيل مزخرفة.
فلما قرع ذلك سمعهم، ووافق ما حكى من عقائدهم طبعهم، تجملوا باعتقاد الكفر، تحيزاً إلى غمار الفضلاء بزعمهم، وانخراطاً في سلكهم، وترفعاً عن مساعدة الجماهير والدهماء، واستنكافاً من القناعة بأديان الآباء ظناً بأن إظهار التكايس في النزوع عن تقليد الحق بالشروع في تقليد الباطل جمال وغفلة منهم، عن أن الانتقال إلى تقليد عن تقليد خرف وخبال.
فأية رتبة في عالم الله سبحانه وتعالى أخس من رتبة من يتجمل بترك الحق، المعتقد تقليداً بالتسارع إلى قبول الباطل، تصديقاً دون أن يقبله خبراً وتحقيقاً.
فلما رأيت هذا العرق من الحماقة نابضاً على هؤلاء الأغبياء، ابتدأت لتحرير هذا الكتاب، رداً على الفلاسفة القدماء، مبيناً تهافت عقيدتهم، وتناقض كلمتهم، فيما يتعلق بالإلهيات، وكاشفاً عن غوائل مذهبهم، وعوراته التي هي على التحقيق مضاحك العقلاء، وعبرة عند الأذكياء.
أعني: ما اختصوا به عن الجماهير والدهماء، من فنون العقائد والآراء، هذا مع حكاية مذهبهم على وجهه.
ثم صدر الكتاب بمقدمات أربع:
ذكر في الأولى: أن الخوض في حكاية اختلاف الفلاسفة تطويل، فإن خبطهم طويل، ونزاعهم كثير، وأنه يقتصر على إظهار التناقض في الرأي.
مقدمهم الذي هو المعلم الأول، والفيلسوف المطلق، فإنه رتب علومهم وهذبها، وهو: أرسطاطاليس وقد رد على كل من قبله حتى على أستاذه أفلاطون فلا إيقان لمذهبهم، بل يحكمون بظن وتخمين، ويستدلون على صدق علومهم الإلهية، بظهور العلوم الحسابية، والمنطقية، متقنة البراهين، ويستدرجون ضعفاء العقول، ولو كانت علومهم الإلهية متقنة البراهين، لما اختلفوا فيها، كما لم يختلفوا في الحسابية.
ثم المترجمون لكلام أرسطو لم ينفك كلامهم عن تحريف وتبديل.
وأقومهم بالنقل من المتفلسفة الإسلامية:
أبو نصر الفارابي، وابن سينا.
وأنه يقتصر على إبطال ما اختاروه، ورأوه الصحيح من مذهب رؤسائهم.
وعلى رد مذاهبهم بحسب نقل هذين الرجلين كيلا ينتشر الكلام.
وذكر في الثانية:
أن الخلاف بينهم وبين غيرهم ثلاثة أقسام:
الأول: يرجع النزاع فيه إلى لفظ مجرد، كتسميتهم صانع العالم جوهراً مع تفسيرهم الجوهر: بأنه الموجود لا في موضوع، ولم يريدوا به الجوهر المتحيز.
قال: ولسنا نخوض في إبطال هذا، لأن معنى القيام بالنفس إذا صار متفقاً عليه، رجع الكلام في التعبير باسم الجوهر عن هذا المعنى إلى البحث عن اللغة.
وإن سوغ إطلاقه، رجع جواز إطلاقه في الشرع إلى المباحث الفقهية.
الثاني: ما لا يصدم مذهبهم فيه أصلاً من أصول الدين، وليس من ضرورة تصديق الأنبياء والرسل منازعتهم فيه، كقولهم: إن كسوف القمر، عبارة عن انمحاء ضوء القمر بتوسط الأرض بينه وبين الشمس، والأرض كرة والسماء محيطة بها من الجوانب، وإن كسوف الشمس، وقوف جرم القمر بين الناظر وبين الشمس عند اجتماعهما في العقيدتين على دقيقة واحدة.
قال: وهذا المعنى أيضاً لسنا نخوض في إبطاله إذ لا يتعلق به غرض ومن ظن أن المناظرة فيه من الدين فقد جنى على الدين، وضعف أمره، فإن هذه الأمور تقوم عليها براهين هندسية، لا تبقى معها ريبة، فمن يطلع عليها، ويتحقق أدلتها، حتى يخبر بسببها عن وقت الكسوفين، وقدرهما، ومدة بقائهما، إلى الانجلاء.
إذا قيل له: إن هذا على خلاف الشرع لم يسترب فيه، وإنما يستريب في الشرع، وضرر الشرع ممن ينصره لا بطريقه أكثر من ضرره ممن يطعن فيه بطريقة، وهو كما قيل: عدو عاقل، خير من صديق جاهل.
وليس في الشرع ما يناقض ما قالوه، ولو كان تأويله أهون من مكابرة أمور قطعية، فكم من ظواهر أولت بالأدلة القطعية التي لا تنتهي في الوضوح إلى هذا الحد، وأعظم ما يفرح به المــلحدة، أن يصرح ناصر الشرع بأن هذا، وأمثاله على خلاف الشرع، فيسهل عليه طريق إبطال الشرع.
وهذا: لأن البحث في العالم عن كونه حادثاً أو قديماً، ثم إذا ثبت حدوثه فسواء كان كرة، أو بسيطاً، أو مثمناً، وسواء كانت السماوات، وما تحتها ثلاثة عشرة طبقة، كما قالوه، أو أقل، أو أكثر، فالمقصود: كونه من فعل الله سبحانه وتعالى فقط، كيف ما كان.
الثالث: ما يتعلق النزاع فيه بأصل من أصول الدين، كالقول في حدوث العالم، وصفات الصانع، وبيان حشر الأجساد، وقد أنكروا جميع ذلك فينبغي أن يظهر فساد مذهبهم.
وذكر في الثالثة: أن مقصوده تنبيه من حسن اعتقاده في الفلاسفة، وظن أن مسالكهم نقية عن التناقض ببيان وجوه تهافتهم.
فلذلك لا يدخل في الاعتراض عليهم إلا دخول مطالب منكر، لا دخول مدع مثبت.
فيكدر عليهم ما اعتقدوه مقطوعاً بإلزامات مختلفة، وربما ألزمهم بمذاهب الفرق.
وذكر في الرابعة: أن من عظم حيلهم في الاستدراج إذا أورد عليهم إشكال قولهم: أن العلوم الإلهية غامضة، خفية، لا يتوصل إلى معرفة الجواب عن هذه الإشكالات، إلا بتقديم الرياضيات، والمنطقيات.
فيمن يقلدهم إن خطر له إشكال، يحسن الظن بهم، ويقول: إنما يعسر على درك علومهم لأني لم أحصل الرياضيات ولم أحكم المنطقيات.
قال: أما الرياضيات، فلا تعلق للإلهيات بها.
وأما الهندسيات، فلا يحتاج إليها في الإلهيات، نعم قولهم: إن المنطقيات لا بد من إحكامها فهو صحيح، ولكن المنطق ليس مخصوماً بهم، وإنما هو الأصل الذي نسميه: كتاب الجدل، وقد نسميه: مدارك العقول.
فإذا سمع المتكايس اسم المنطق، ظن أنه فن غريب، لا يعرفه المتكلمون، ولا يطلع عليه الفلاسفة.
ثم ذكر بعد المقدمات، المسائل التي أظهر تناقض مذهبهم فيها، وهي عشرون مسألة:
الأولى: في أولية العالم.
الثانية: في أبدية العالم.
الثالثة: في بيان تلبسهم في قولهم: أن الله سبحانه وتعالى صانع العالم، وأن العالم صنعه.
الرابعة: في تعجيزهم عن إثبات الصانع.
الخامسة: في تعجيزهم عن إقامة الدليل على استحالة الهين.
السادسة: في نفي الصفات.
السابعة: في قولهم: إن ذات الأول لا ينقسم بالجنس والفصل.
الثامنة: في قولهم: إن الأول موجود بسيط بلا ماهية.
التاسعة: في تعجيزهم، عن بيان إثبات أن الأول ليس بجسم.
العاشرة: في تعجيزهم، عن إقامة الدليل على أن للعالم صانعاً، وعلة.
الحادية عشرة: في تعجيزهم عن القول: بأن الأول يعلم غيره.
الثانية عشرة: في تعجيزهم عن القول: بأن الأول يعلم ذاته.
الثالثة عشرة: في إبطال قولهم: أن الأول لا يعلم الجزئيات.
الرابعة عشرة: في إبطال قولهم: أن السماء حيوان متحرك بالإرادة.
الخامسة عشرة: فيما ذكروه من العرض المحرك للسماء.
السادسة عشرة: في قولهم: أن نفوس السماوات، تعلم جميع الجزئيات الحادثة في هذا العالم.
السابعة عشرة: في قولهم: باستحالة خرق العادات.
الثامنة عشرة: في تعجيزهم عن إقامة البرهان العقلي، على أن النفس الإنساني جوهر روحاني.
التاسعة عشرة: في قولهم: باستحالة الفناء على النفوس البشرية.
العشرون: في إبطال إنكارهم البعث، وحشر الأجساد، مع التلذذ والتألم بالجنة والنار، بالآلام واللذات الجسمانية.
هذا ما ذكره من المسائل، التي تناقض فيها كلامهم، من جملة علومهم، ففصلها، وأبطل مذاهبهم فيها إلى آخر الكتاب.
وهذا معنى التهافت، لخصتها من أول كتابه، لكونها مما يجب معرفته.
وقال في آخر خاتمته: فإن قال قائل: قد فصلتم مذاهب هؤلاء، أفتقطعون القول بكفرهم؟
قلنا: بكفرهم، لا بد منه، لا بد من كفرهم، في ثلاث مسائل:
الأولى: مسألة قدم العالم، وقولهم: إن الجواهر كلها قديمة.
الثانية: قولهم: إن الله سبحانه وتعالى لا يحيط علماً بالجزئيات الحادثة من الأشخاص.
الثالثة: إنكارهم بعث الأجسام، وحشرها.
فهذه لا تلائم الإسلام بوجه، فأما ما عدا هذه الثلاث من تصرفهم في الصفات، والتوحيد، فمذهبهم قريب من مذهب المعتزلة، فهم فيها... كأهل البدع. انتهى ملخصاً.
ثم إن القاضي، أبا الوليد: محمد بن أحمد بن رشد المالكي.
المتوفى: سنة 595.
صنف تهافتا من طرف الحكماء، رداً على تهافت الغزالي، بقوله:
قال أبو حامد: (وأوله: بعد حمد الله الواجب 000 الخ).
ذكر فيه: أن ما ذكره بمعزل عن مرتبة اليقين والبرهان.
وقال في آخره: لا شك أن هذا الرجل أخطأ على الشريعة، كما أخطأ على الحكمة، ولولا ضرورة طلب الحق مع أهله، ما تكلمت في ذلك. انتهى.
ثم إن السلطان: محمد خان العثماني، الفاتح، أمر المولى مصطفى بن يوسف الشهير: بخواجه زاده البرسوي.
المتوفى: سنة 893، ثلاث وتسعين وثمانمائة.
والمولى: علاء الدين الطوسي.
المتوفى: سنة 887، سبع وثمانين وثمانمائة أن يصنفا كتاباً، للمحاكمة بين تهافت الإمام والحكماء.
فكتب المولى: خواجه زاده، في أربعة أشهر.
وكتب المولى الطوسي، في ستة أشهر.
ففضلوا كتاب المولى: خواجه زاده، على كتاب: الطوسي.
وأعطى السلطان: محمد خان لكل منهما عشرة آلاف ردهم.
وزاد لخواجه زاده بغلة نفيسة.
وكان ذلك هو السبب في ذهاب المولى: الطوسي إلى بلاد العجم.
وذكر: أن ابن المؤيد، لما وصل إلى خدمة العلامة الدواني، قال: بأي هدية جئت إلينا؟
قال: بكتاب (التهافت) لخواجه زاده، فطالعه مدة، وقال: - رضي الله تعالى - عن صاحبه، خلصني عن المشقة حيث صنفه، ولو صنفته لبلغ هذه الغاية فحسب وعنك أيضاً حيث أوصلته إلينا، ولو لم يصل إلينا لعزمت على الشروع.
وأول (تهافت) لخواجه زاده: (توجهنا إلى جنابك 000 الخ).
ذكر: أنهم أخطأوا في علومهم الطبيعية يسيراً، والإلهية كثيراً، فأراد أن يحكي ما أورد الإمام من قواعدهم الطبيعية، والإلهية مع بعض آخر، مما لم يورده، بأدلتها المعول عليها عندهم على وجهها، ثم أبطلها.
وهي مشتملة على اثنين وعشرين فصلاً، فزاد فصلين على مباحث الأصل.
وأول تهافت المولى الطوسي: (سبحانك اللهم يا منفرداً بالأزلية، والقدم 000 الخ).
وهو رتب على عشرين مبحثاً، مقتصراً على الأصل، وسماه الذخيرة، وعليه، وعلى تهافت الخواجه زاده، تعليقة للمولى شمس الدين: أحمد بن سليمان بن كمال باشا، المتوفى: سنة 94، أربعين وتسعمائة.

بردوان

بردوان
من الفارسية بردن بمعنى الحد وحدود البلاد وبردان من بر بمعنى ممتليء ودان من دانستن بمعنى العلم والمعرفة فيكون المعنى العاقل لحكيم؛ أو عن اللغة الأوردية بردوان اسم مدينة في البنغال بالهند.
بردوان
نسبة إلى بردون قرية بذمار باليمن.

أسئلة العلامة

أسئلة العلامة
شمس الدين: محمد بن حمزة الفناري.
المتوفى: سنة أربع وثلاثين وثمانمائة.
وهي عجالة يوم، بعشرين قطعة، في عشرين علما.
كتبها: لتشحيذ الخواطر.
وأجاب عنها: ولده: محمد شاه.
في مجلد.
أوله: (أقمن ما ينصرف، لحد بيان معانيه، بديع نقد الكلام... الخ).
وفرغ في: رمضان، سنة إحدى وأربعين وثمانمائة.

الماضي

الماضي: الدال على اقتران حدث بزمان قبل زمانك.
الماضي: هو الدالّ على اقترن حدث بزمان قبل زمانك.
الماضي:
[في الانكليزية] Past
[ في الفرنسية] Passe
بالضاد المعجمة عند النحاة فعل دلّ على زمان قبل زمانك فخرج أمس لكونه اسما.
والمراد بالدلالة ما يكون بحسب الوضع فإنّه المتبادر فإنّ المطلق ينصرف إلى الكامل فلا يرد على منع الحدّ لم يضرب وعلى جمعه إن ضربت، والقبل بمعنى المتقدّم كما في قوله تعالى: لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ أنّ معناه متقدّما ومتأخّرا. والمراد القبلية الذاتية وهي ما لا يكون بواسطة الزمان على ما هو مصطلح المتكلّمين من أنّ تقدّم بعض أجزاء الزمان على بعض بالذات وهو المتبادر من الذاتية، لا على ما هو مصطلح الحكماء وهو أن يكون المتأخّر محتاجا إلى المتقدّم ولا يكون علّة تامة أو فاعلية له، فلا يرد ما قيل إنّه يلزم على هذا أن يكون للزمان زمان، هكذا ذكر مولانا عبد الحكيم في حاشية الفوائد الضيائية. 

بارِق

بارِق:
بالقاف: ماء بالعراق، وهو الحدّ بين القادسية والبصرة، وهو من أعمال الكوفة، وقد ذكره الشعراء فأكثروا، قال الأسود بن يعفر:
أهل الخورنق والسدير وبارق ... والقصر ذي الشّرفات من سنداد
وبارق أيضا في قول مؤرّج السّدوسي: جبل نزله سعد بن عدي بن حارثة بن عمرو مزيقياء بن عامر ماء السماء بن حارثة بن امرئ القيس بن ثعلبة بن مازن ابن الأزد، وهم إخوة الأنصار وليسوا من غسان، وهو بتهامة أو اليمن، وقال ابن عبد البر: بارق ماء بالسراة فمن نزله أيام سيل العرم كان بارقيّا، ونزله سعد بن عدي بن حارثة وابنا أخيه مالك وشبيب ابنا عمرو بن عدي فسموا بارقا، وقال أبو المنذر:
كان غزيّة بن جشم بن معاوية بن بكر بن هوازن نديما لربيعة بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم، فشربا يوما فعدا ربيعة على غزية فقتله، فسألت قيس خندف الدية، فأبت خندف فاقتتلوا فهزمت قيس فتفرّقت، فقال فراس بن غنم بن ثعلبة بن مالك بن كنانة بن خزيمة:
أقمنا على قيس، عشية بارق، ... ببيض حديثات الصقال بوأتك
ضربناهم حتى تولوا وخليّت ... منازل حيزت، يوم ذاك، لمالك
قال: فظعنت قيس من تهامة طالعين إلى نجد، فهذا دليل على أن بارق موضع بتهامة نصّ، وقال هشام في موضع آخر: وأقامت خثعم بن أنمار في منازلهم من جبال السراة وما والاها أو قاربها من البلاد في جبل يقال له شنّ وجبل يقال له بارق وجبال معهما، حتى مرّت بهم الأزد في مسيرها من أرض سبأ وتفرقهم في البلدان، فقاتلوا خثعما فأنزلوهم من جبالهم وأجلوهم عن مساكنهم، ونزلها أزد شنوءة غامد وبارق ودوس، وتلك القبائل من الأزد، فظهر
الإسلام وهم أهلها وسكانها.
وبارق الكوفة أراد أبو الطيب بقوله:
تذكرت ما بين العذيب وبارق، ... مجرّ عوالينا ومجرى السوابق
وبارق: ركن من أركان عرض اليمامة وهو جبل.
وبارق: نهر بباب الجنة في حديث ابن عباس، رضي الله عنه، ذكره أبو حاتم في التقاسيم والأنواع في حديث الشهداء.

الكيف

الكيف: عرض لَا يَقْتَضِي لذاته قسْمَة وَلَا نِسْبَة والقيد الأول احْتِرَاز عَن الْكمّ لاقْتِضَائه الْقِسْمَة بِالذَّاتِ وَالثَّانِي عَن الْبَوَاقِي فَإِن الْإِضَافَة كالأبوة تَقْتَضِي النِّسْبَة إِلَى الْأَب وَمَتى يَقْتَضِي نِسْبَة حُصُول الشَّيْء فِي الزَّمَان وعَلى هَذَا قِيَاس الْبَوَاقِي. وَإِنَّمَا قُلْنَا لذاته ليدْخل فِي الكيف الكيفيات الْمُقْتَضِيَة للْقِسْمَة أَو للنسبة بِوَاسِطَة اقْتِضَاء محلهَا ذَلِك.
اعْلَم أَن القدماء رسموا الكيف بِأَنَّهُ هَيْئَة قارة لَا تَقْتَضِي قسْمَة وَلَا نِسْبَة لذاتها وَالْمرَاد بالقارة الثَّابِتَة. والمتأخرون بِأَنَّهُ عرض لَا يتَوَقَّف تصَوره على تصور غَيره وَلَا يَقْتَضِي الْقِسْمَة واللاقسمة فِي مَحَله اقْتِضَاء أوليا. وَلَا يخفى أَن هَذَا التَّعْرِيف أحسن من تَعْرِيف القدماء لِأَن فِي تعريفهم خللا من وُجُوه ثَلَاثَة: الأول: إِن فِي لفظ الْهَيْئَة والقارة خَفَاء. وَالثَّانِي: أَنه يخرج الْأَصْوَات لِأَنَّهَا إِمَّا آنِية أَو زمانية فَلَيْسَتْ بقارة أَي ثَابِتَة فِي محلهَا مَعَ أَنَّهَا من الكيفيات. وَالثَّالِث: أَنه يرد على تعريفهم أَنه لَيْسَ بمانع لصدقه على النقطة والوحدة على قَول من قَالَ إِن كل وَاحِد مِنْهُمَا لَيْسَ من مقولة الكيف. وَقَوْلهمْ لَا يَقْتَضِي قسْمَة أَي قبُول الْقِسْمَة الوهمية ليخرج الْكمّ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي قبُولهَا. وَقَوْلهمْ اللاقسمة ليخرج الْوحدَة والنقطة على الْأَصَح فَإِنَّهُمَا تقتضيان اللاقسمة. وَقَوْلهمْ فِي مَحَله ظرف مُسْتَقر حَال عَن فَاعل لَا يَقْتَضِي وَالْمعْنَى لَا يَقْتَضِي الْقِسْمَة واللاقسمة حَال كَونه فِي مَحَله. وَفَائِدَة التَّقْيِيد الْإِشَارَة إِلَى أَن عدم اقْتِضَاء الْقِسْمَة واللاقسمة لَيْسَ بِاعْتِبَار التَّصَوُّر بِأَن يكون تصَوره مستلزما لتصور الْقِسْمَة واللاقسمة بل بِاعْتِبَار الْوُجُود والألم يخرج الْكمّ لعدم اقتضائه الْقِسْمَة فِي الذِّهْن ضَرُورَة أَن تصَوره لَا يسْتَلْزم تصور الْقِسْمَة واللاقسمة وَالْمرَاد بالاقتضاء الأول الِاقْتِضَاء الذاتي وَإِنَّمَا قيد بِهِ ليدْخل الكيف الَّذِي يَقْتَضِي اللاقسمة لَكِن لَا لذاته الْعلم الْبَسِيط الْحَقِيقِيّ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي اللاانقسام لَكِن لَا لذاته وَلِئَلَّا تخرج الكيفيات الْمُقْتَضِيَة للْقِسْمَة بِسَبَب عروضها للكميات كالبياض الْقَائِم بالسطح وَأَنت تعلم أَنه لَا اقْتِضَاء هَا هُنَا وَإِنَّمَا هُوَ قبُول الْقِسْمَة بالتبع.والكيفيات أَنْوَاع أَرْبَعَة: الأول: الكيفيات المحسوسة بالحواس الظَّاهِرَة وَهِي انفعاليات وانفعالات. وَالثَّانِي: الكيفيات النفسانية وَهِي ملكات وحالات. وَالثَّالِث: الكيفيات المختصة بالكميات الْمُتَّصِلَة كالتثليث والتربيع وَغير ذَلِك أَو الْمُنْفَصِلَة كالزوجية والفردية والتساوي وَالزِّيَادَة وَغير ذَلِك. وَالرَّابِع: الكيفيات الاستعدادية وَهِي الضعْف وَالْقُوَّة.
الكيف: هيئة قارة في الشيء لا تقتضي قسمة ولا نسبة لذاته، وقال أبو البقاء.
الكيف:
[في الانكليزية] Quality ،modality
[ في الفرنسية] Qualite ،modalite
بالفتح وسكون المثناة التحتانية عند الحكماء من أنواع العرض رسمه القدماء بأنّه هيئة قارّة لا تقتضي قسمة ولا نسبة لذاته، والهيئة بمعنى العرض. والمراد بالقارّة الثابتة في المحلّ فخرج بقولهم هيئة قارة الحركة والزمان والفعل والانفعال، وبقولهم لا تقتضي قسمة الكم، وبقولهم ولا نسبة باقي الأعراض النسبية، وقولهم لذاته ليدخل فيه الكيفيات المقتضية للقسمة أو النسبة بواسطة اقتضاء محلّها لذلك كبياض السطح، وفيه ضعف لأنّ في كلّ من قيدي الهيئة والقارّة من الخفاء ولأنّ طرد الرّسم منقوض بالنقطة والوحدة، اللهم إلّا أن يقال إنّهما عدميان فلا يندرجان في العرض الذي هو من أقسام الموجود. نعم من يجعلها من الموجودات يذكر قيد عدم اقتضاء اللاقسمة احترازا عنهما ولأنّ الزمان خارج بقيد عدم اقتضاء القسمة لأنّه نوع من الكم المقتضي للقسمة وكذا الحركة خارجة بقيد عدم اقتضاء النسبة إن جعلت من الأين، وإن جعلت من الكيف فلا وجه لإخراجها، وكذا الفعل والانفعال خارجان بقيد عدم اقتضاء النسبة، فذكر قيد القارّة مستغنى عنه، فالمختار ما رسم به المتأخّرون وهو أنّه عرض لا يقتضي القسمة واللاقسمة في محلّه اقتضاء أوليا أي بالذات من غير واسطة، ولا يكون معناه معقولا بالقياس إلى الغير. فقولنا عرض بمنزلة جنس. وقولنا لا يقتضي القسمة يخرج الكم وقولنا اللاقسمة يخرج الوحدة والنقطة على القول بأنّهما من الأعراض. وأمّا عند من يجعلهما من الأمور الاعتبارية فلا حاجة إلى هذا القيد لعدم دخولهما في العرض. وقولنا اقتضاء أولياء لئلّا يخرج ما يقتضي القسمة أو اللاقسمة باعتبار عارضه أو معروضه. وقيل لئلّا يخرج العلم بالمركّب والبسيط فإنّ الأول يقتضي القسمة والثاني اللاقسمة، لكن لا اقتضاء أوليا بل بواسطة اقتضاء متعلّقه.
والظاهر أن العلم المتعلّق المركّب أو البسيط يخرج بقيد في محلّه، وكذا العلمان المنقسمان باعتبار عارضيهما والبياض المنقسم باعتبار انقسام محله فإنّه لا يقتضي انقسام محلّه بل يقتضي انقسام محلّه انقسامه والوحدة والنقطة لا يخرج شيء منهما عن التعريف لأنهما لا يقتضيان اللاقسمة في محلّهما، اللهم إلّا أن يقال المراد إنّه لا يقتضي القسمة حال كونه في محلّه، وعلى هذا فلا حاجة إلى قيد في محله فإنّه قيد لا طائل تحته حينئذ. وقيل قولنا اقتضاء أوليا في التحقيق متعلّق باقتضاء اللاقسمة ليندرج الكيفيات التي اقتضت اللاقسمة بالواسطة. والقول بتعلّقه بالاقتضاء مطلقا وجعل فائدته في اقتضاء القسمة الاحتراز عن خروج الكيفيات المنقسمة بسبب حلولها في الكميات أو في محالّها كما سبق توهّم إذ لا اقتضاء هناك أصلا فلا حاجة إلى التقييد قطعا كما سبقت الإشارة إليه أيضا. وقيل الصواب أن يقال بدل لا يقتضي لا يقبل فإنّ الكيف كاللون مثلا لا يقتضي القسمة أصلا لا بالذات ولا بالواسطة، نعم يقبلها بواسطة الكم وأين القبول من الاقتضاء فإنّه ليس عين الاقتضاء ولا مستلزما له، فلا حاجة إلى قيد اقتضاء أوليا. وأيضا لا يخرج عن التعريف حينئذ الكم لأنّه لا يقتضي القسمة أيضا وإن كان يقبلها فتدبّر. اعلم أنّ إدخال العلم في الكيف إنّما يصحّ على مذهب القائلين بالشّبح والمثال، وأمّا عند القائلين بأنّ الحاصل في العقل هو ماهيات الأشياء والأشباح والصور فلا يصحّ.
وقولنا لا يكون معناه معقولا إلى آخره يخرج الأعراض النسبية فإنّها معقولة بالقياس إلى غيرها كما يجيء في لفظ النسبة. وذكر بعضهم موضع هذا القيد قوله ولا يتوقّف تصوّره على تصوّر غيره، والمراد عدم توقّف تصوّر العرض بخصوصه، واحترز به عن الأعراض النسبية فإنّ تصوراتها بخصوصياتها تتوقّف على ما يتوقّف عليه النسبة ولا يرد خروج العلم والقدرة والشهوة والغضب ونظائرها عن الكيف، فإنّها لا تتصوّر بدون متعلّقاتها لأنّ ذلك ليس بتوقّف بل هو استلزام واستعقاب، وكذا لا يرد خروج الكيفيات المختصة بالكميات كالاستقامة والانحناء لذلك، وكذا لا يرد خروج الكيفيات المركّبة لأنّ تصوّراتها بخصوصها لا تتوقّف على تصوّرات أجزائها، ولا يرد خروج الكيفيات المكتسبة بالحدّ وغيره كما توهّم لأنّ أشخاص الكيف لا تكون نظرية. هذا خلاصة ما في الأطول في تعريف فصاحة المتكلّم.
لكن بقي أنّ خروج الأعراض النسبية عن التعريف إنّما يتمّ على المذهب الغير المشهور وهو أنّ النسبة ذاتية لتلك الأعراض. أمّا على المذهب المشهور وهو أنّ النسبة لازمة لتلك الأعراض لا ذاتية لها فلا يتم إذ يقال حينئذ تصوّر تلك الأعراض يستلزم تصوّر غيرها ولا يتوقّف عليه، صرّح بذلك الفاضل الچلپي في حاشية المطول. ثم قال صاحب الأطول: لا يخفى أنّه كما يحتاج اقتضاء القسمة واللاقسمة إلى التقييد بالأولي يحتاج عدم توقّف التصوّر الغير بالتقييد بالقيد الأوّلي أيضا لأنّه قد يعرض الكيف النسبة فيتوقّف باعتبارها على الغير.

التقسيم:
أقسامه أربعة بالاستقراء. الكيفيات المحسوسة سواء كانت انفعالات أو انفعاليات كما سيذكر في لفظ المحسوسات. والكيفيات المختصّة بالكميات أي العارضة للكم إمّا وحدها فللمنفصل كالزوجية والفردية وللمتّصل كالتثليث والتربيع، وإمّا مع غيرها كالحلقة فإنّها مجموع شكل وهو عارض للكم مع اعتبار لون. والكيفيات الاستعدادية وقد مرّ ذكرها.
والكيفيات النفسانية وهي المختصّة بذوات الأنفس من الأجسام العنصرية. فقيل المراد الأنفس الحيوانية ومعنى الاختصاص بها أنّ تلك الكيفيات توجد في الحيوان دون النبات والجماد فلا يرد أنّ بعضها كالحياة والعلم والقدرة والإرادة ثابتة للواجب والمجرّدات. فلا تكون مختصّة بها، على أنّ القائل بثبوتها للواجب والمجرّدات لم يجعلها مندرجة في جنس الكيف ولا في الأعراض. وقيل المراد ما يتناول النفوس الحيوانية والنباتية أيضا فإنّ الصّحة والمرض من هذه الكيفيات يوجدان في النبات بحسب قوة التغذية والتنمية. ثم اعلم أن الكيفيات النفسانية إن كانت راسخة في موضوعها أي مستحكمة فيه بحيث لا تزول عنه أصلا أو يعسر زوالها سمّيت ملكة، وإن لم تكن راسخة فيه سمّيت حالا لقبوله التغيّر والزوال بسهولة، والاختلاف بينهما بعارض مفارق لا بفصل، فإنّ الحال بعينها تصير ملكة بالتدريج، فإنّ الكتابة مثلا في ابتداء حصولها تكون حالا، وإذا ثبتت زمانا واستحكمت صارت بعينها ملكة، كما أنّ الشخص الواحد كان صبيا ثم يصير رجلا. قالوا فكلّ ملكة فإنّها قبل استحكامها كانت حالا، وليس كلّ حال يصير ملكة، وأنت تعلم أنّ الكيفية النفسانية قد تتوارد أفراد منها على موضوعها بأن يزول عنه فرد ويعقبه فرد آخر فيتفاوت بذلك حال الموضوع في تمكّن الكيفية فيه حتى ينتهي الأمر إلى فرد إذا حصل فيه كان متمكنا راسخا، فهذا الفرد ملكة لم يكن حالا بشخصه بل بنوعه كذا في شرح المواقف.

إِتِلُ

إِتِلُ:
بكسر أوله وثانيه ولام بوزن إبل: اسم نهر عظيم شبيه بدجلة في بلاد الخزر، ويمرّ ببلاد الروس وبلغار. وقيل: إتل قصبة بلاد الخزر، والنهر مسمّى بها.
قرأت في كتاب أحمد بن فضلان بن العباس بن راشد ابن حمّاد، رسول المقتدر إل بلاد الصقالبة، وهم أهل بلغار: بلغني أن فيها رجلا عظيم الخلق جدّا، فلما سرت إلى الملك سألته عنه، فقال: نعم قد كان في بلادنا ومات، ولم يكن من أهل البلاد، ولا من الناس أيضا، وكان من خبره أن قوما من التّجّار خرجوا إلى نهر إتل، وهو نهر بيننا وبينه يوم واحد، كانوا يخرجون إليه، وكان هذا النهر قد مدّ وطغى ماؤه، فلم أشعر إلا وقد وافاني جماعة، فقالوا:
أيها الملك قد طفا على الماء رجل، إن كان من أمّة تقرب منا، فلا مقام لنا في هذه الدّيار وليس لنا غير التحويل. فركبت معهم حتى سرت إلى النهر ووقفت عليه، وإذا برجل طوله اثنا عشر ذراعا بذراعي، وإذا رأسه كأكبر ما يكون من القدور، وأنفه أكبر من شبر، وعيناه عظيمتان، وأصابعه كل واحدة شبر، فراعني أمره وداخلني ما داخل القوم من الفزع، فأقبلنا نكلمه وهو لا يتكلّم ولا يزيد على النظر إلينا، فحملته إلى مكاني، وكتبت إلى أهل ويسو، وهم منا على ثلاثة أشهر، أسألهم عنه،
فعرّفوني أن هذا رجل من يأجوج ومأجوج، وهم منا على ثلاثة أشهر، يحول بيننا وبينهم البحر، وانهم قوم كالبهائم الهاملة، عراة حفاة ينكح بعضهم بعضا، يخرج الله تعالى لهم في كل يوم سمكة من البحر، فيجيء الواحد بمدية، فيحتزّ منها بقدر كفايته وكفاية عياله، فإن أخذ فوق ذلك، اشتكى بطنه هو وعياله، وربما مات وماتوا بأسرهم، فإذا أخذوا منها حاجتهم انقلبت وعادت إلى البحر، وهم على ذلك، وبيننا وبينهم البحر، وجبال محيطة، فإذا أراد الله إخراجهم انقطع السمك عنهم، ونضب البحر، وانفتح السّدّ الذي بيننا وبينهم.
ثم قال الملك: وأقام الرجل عندي مدّة، ثم علقت به علّة في نحره، فمات بها، وخرجت فرأيت عظامه، فكانت هائلة جدّا.
قال المؤلّف، رحمه الله تعالى: هذا وأمثاله هو الذي قدّمت البراءة منه، ولم أضمن صحته. وقصة ابن فضلان وإنفاذ المقتدر له إلى بلغار مدوّنة معروفة مشهورة بأيدي الناس، رأيت منها عدّة نسخ، وعلى ذلك فإن نهر إتل لا شك في عظمه وطوله، فإنه يأتي من أقصى الجنوب فيمرّ على البلغار والروس والخزر وينصبّ في بحيرة جرجان، وفيه يسافر التّجار إلى ويسو ويجلبون الوبر الكثير: كالنّقدز والسّمّور والسّنجاب. وقيل: إن مخرجه من أرض خرخيز فيما بين الكيماكية والغزية، وهو الحدّ بينهما، ثم يذهب مغرّبا إلى بلغار، ثم يعود إلى برطاس وبلاد الخزر حتى يصبّ في البحر الخزري. وقيل: إنه ينشعب من نهر إتل نيف وسبعون نهرا ويبقى عمود النهر يجري إلى الخزر حتى يقع في البحر. ويقال:
إن مياهه إذا اجتمعت في موضع واحد في أعلاه إنه يزيد على نهر جيحون، وبلغ من كثرة هذه المياه وغزارتها وحدّة جريها أنها إذا انتهت إلى البحر جرت في البحر داخله مسيرة يومين. وهي تغلب على ماء البحر حتى يجمد في الشّتاء لعذوبته، ويفرق بين لونه ولون ماء البحر.

الكلمة

الكلمة: لفظ وضع لمعنى مفرد.
الكلمة:
[في الانكليزية] Word ،speech
[ في الفرنسية] Parole ،mot ،discours
بالفتح وكسر اللام وسكونها وبالكسر والسكون أيضا ثلاث لغات وهي في اللغة ما ينطق به الإنسان مفردا كان أو مركّبا، وتطلق أيضا على الخطبة وكلمة الشهادة والقصيدة.
وعند النحاة قسم من اللفظ وهو اللفظ الموضوع لمعنى مفرد. فاللفظ يشتمل المهمل وغيره، وبإضافة الوضع إليه خرج المهمل ولا حاجة إلى إخراج الدوال الأربع وهي الخطوط والعقود والنصب والإشارات لعدم دخولها في اللفظ، وكذا خرج المحرفات نحو قلف محرف قفل، وكذا الألفاظ الدالة بالطبع كأح أح فإنّه يدلّ على السعال، وكذا الدالة بالعقل كدلالة اللفظ على اللافظ فإنّه ليس من جهة هذه الدلالة كلمة. ثم إنّه إن أريد بالوضع تخصيص شيء بشيء فذكر المعنى بعده للاحتراز عن حروف الهجاء الموضوعة لغرض التركيب لا بإزاء المعنى، لأنّ المعنى ما يعنى من اللفظ أو يفهم منه، وغرض التركيب لا يصلح أن يعنى بحروف الهجاء أو يفهم منها، فلا يكون لها معنى. وإن أريد به تعيين اللفظ بإزاء المعنى بنفسه أو تخصيص شيء بشيء بحيث متى أطلق أو أحسّ الشيء الأول فهم منه الشيء الثاني، فذكر المعنى بعده مبني على التجريد أي تجريد المعنى عنه، ولا يخرج من الحدّ الألفاظ الموضوعة بإزاء الألفاظ لأنّ المعنى أعمّ من أن يكون لفظا أو غيره. وبقيد المفرد خرج الألفاظ المركّبة نحو عبد الله علما وضرب زيد ومعاني الألفاظ الواقعة في التعريف مشروحة في مواضعها. ثم الكلمة ثلاثة أقسام. اسم إن دلت على معنى بالاستقلال ولم يقترن بأحد الأزمنة الثلاثة، وفعل إن اقترنت به، وحرف إن لم تدل على معنى بالاستقلال، وقد ذكر في لفظ الاسم مستوفى. وعند المنطقيين هي اللفظ المفرد الدالّ على معنى وزمان من الأزمنة الثلاثة بصيغته ووزانه، وهي قسمان: حقيقية كضرب ووجودية ككان، وسيأتي مستوفى في لفظ المفرد. وعند النصارى تطلق على صفة العلم وقد مرّ في لفظ الأقنوم. وعند أهل التصوّف عين من الأعيان الثابتة في العلم الإلهي الداخلة تحت الإيجاد. في الانسان الكامل في باب أم الكتاب الكلمات عبارة عن حقائق المخلوقات العينية أعني المتعيّنة في العالم الشهادي انتهى.
وقال الشيخ الكبير صدر الدين القونوي أيضا في كتاب النفحات إنّ الصورة معلومية كلّ شيء في عرصة العلم الإلهي الأزلي مرتبة الحرفية، فإذا صبغها الحقّ بنوره الوجودي الذاتي وذلك بحركة معقولة معنوية يقتضيها شأن من الشئون الإلهية المعبّر عنها بالكتابة تسمّى تلك الصورة أعنى صورة معلومية الشيء المراد تكوينه كلمة، وبهذا الاعتبار سمّى الحقّ سبحانه الموجودات كلها كلمات، ولذا سمّي عيسى عليه السلام كلمة وقال أيضا. لا تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اللَّهِ وقال في حقّ أرواح العباد إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ أي الأرواح الطاهرة، فإذا فهمت هذا عرفت أنّ شيئية الأشياء من حيث حرفيتها شيئية ثبوتية في عرصة العلم ومقام الاستهلاك في الحقّ سبحانه، وأنّها بعينها في عرصة الوجود العيني باعتبار انبساط نور وجود الحقّ عليها وعلى لوازمها وإظهارها لها لا له سبحانه، هي كلمة وجودية فلها بهذا الاعتبار الثاني شيئية وجودية بخلاف الاعتبار الأول كذا في شرح الفصوص في الخطبة. وفي الفص الأول منه الكلم ثلاث كلمة جامعة لحروف الفعل والتأثير التي هي حقائق الوجود وكلمة جامعة لحروف الانفعال التي هي حقائق الإمكان وكلمة برزخية جامعة بين حروف حقائق الوجوب وبين حروف حقائق الإمكان التي هي فاصلة متوسّطة بينهما وهي حقيقة الإنسان الكامل انتهى. وسيتضح هذا زيادة اتضاح بعيد هذا في لفظ الكلام.

الكلام

الكلام: إظهار ما في الباطن على الظاهر لمن يشهد ذلك بنحو من إنحاء الإظهار. والكلام علم يبحث فيه عن ذات الله وصفاته وأحوال الممكنات من المبدأ والمعاد على قانون الإسلام.وفي اصطلاح النحاة: المعنى المركب الذي فيه الإسناد التام وعبر عنه بأنه ما تضمن من الكلم إسنادا مفيدا مقصودا لذاته.وقالت المعتزلة: هو حقيقة في اللسان.وقال الأشعري: مرة في النفساني، واختاره السبكي، ومرة مشترك، ونقله الإمام الرازي عن المحققين.
الكلام:
[في الانكليزية] Talk ،speech ،speaking
[ في الفرنسية] Parole ،propos ،dire ،langage discours
بالفتح في الأصل شامل لحرف من حروف المباني والمعاني ولأكثر منها. ولذا قيل الكلام ما يتكلّم به قليلا كان أو كثيرا، واشتهر في عرف أهل اللغة في المركّب من الحرفين فصاعدا، وهو المراد في الجلالي أنّ أدنى ما يقع اسم الكلام عليه المركّب من حرفين، وفيه إشعار بما هو المشهور أنّ الحرف هو الصوت المكيّف، لكن في المحيط أنّ الصوت والحرف كلّ منهما شرط الكلام، إذ لا يحصل الإفهام إلّا بهما كما قال الجمهور. وذهب الكرخي ومن تابعه مثل شيخ الإسلام إلى أنّ الصوت ليس بشرط في حصول الكلام. فلو صحح المصلي الحروف بلا إسماع لم يفسد الصلاة إلّا عند الكرخي وتابعيه هكذا في جامع الرموز في بيان مفسدات الصلاة. وقال الأصوليون الكلام ما انتظم من الحروف المسموعة المتواضع عليها الصادرة عن مختار واحد، والحروف فصل عن الحرف الواحد فإنّه لا يسمّى كلاما، والمسموعة فصل المكتوبة والمعقولة، والمتواضع عليها من المهمل والصادرة الخ. عن الصادر من أكثر من واحد كما لو صدر بعض الحروف عن واحد والبعض من آخر، ويخرج الكلام الذي على حرف واحد مثل ق ور، اللهم إلّا أن يراد أعم من الملفوظة والمقدّرة، هكذا في بعض كتب الأصول. وفي العضدي أنّ أبا الحسين عرّف الكلام بأنّه المنتظم من الحروف المتميّزة المتواضع عليها. قال المحقق التفتازاني والمتميّزة احتراز عن أصوات الطيور، ولمّا لم تكن المكتوبة حروفا حقيقة ترك قيد المسموعة، وفوائد باقي القيود بمثل ما مرّ ومرجع هذا التفسير إلى الأول، لكن في إخراج أصوات الطيور بقيد المتميّزة نظرا إذ أصوات الطيور غير داخلة في الحرف لأنّ التمييز معتبر في ماهية الحروف على ما مرّ في محله.

التقسيم:
مراتب تأليف الكلام خمس. الأول ضمّ الحروف بعضها إلى بعض فتحصل الكلمات الثلاث الاسم والفعل والحرف. الثاني تأليف هذه الكلمات بعضها إلى بعض فتحصل الجمل المفيدة، وهذا هو النوع الذي يتداوله الناس جميعا في مخاطباتهم وقضاء حوائجهم، ويقال له المنثور من الكلام. الثالث ضمّ بعض ذلك إلى بعض ضما له مباد ومقاطع ومداخل ومخارج، ويقال له المنظوم. الرابع أن يعتبر في أواخر الكلم مع ذلك تسجيع ويقال له المسجّع.
الخامس أن يجعل له مع ذلك وزن ويقال له الشعر والمنظوم إمّا مجاورة ويقال له الخطابة وإمّا مكاتبة ويقال له الرسالة. فأنواع الكلام لا تخرج عن هذه الأقسام كذا في الاتقان في بيان وجوه إعجاز القرآن. وقال النحاة الكلام لفظ تضمّن كلمتين بالإسناد ويسمّى جملة ومركّبا تاما أيضا أي يكون كلّ واحدة من الكلمتين حقيقة كانتا أو حكما في ضمن ذلك اللفظ، فالمتضمّن اسم فاعل هو المجموع والمتضمّن اسم مفعول كلّ واحدة من الكلمتين فلا يلزم اتحادهما، فاللفظ يتناول المهملات والمفردات والمركّبات، وبقيد تضمّن كلمتين خرجت المهملات والمفردات، وبقيد الإسناد خرجت المركّبات الغير الإسنادية من المركّبات التي من شأنها أن لا يصحّ السكوت عليها، نحو: عارف زيد على الإضافة وزيد العارف على الوصفية وزيد نفسه على التوكيد فإنّها لا تسمّى كلاما ولا جملة، وهذا عند من يفسّر الإسناد بضمّ إحدى الكلمتين إلى الأخرى بحيث يفيد السامع. وأمّا عند من يفسّره بضمّ أحدهما إلى الأخرى مطلقا فيقال المراد بالإسناد عنده هاهنا الإسناد الأصلي، وحيث كانت الكلمتان أعمّ من أن تكونا كلمتين حقيقة أو حكما دخل في التعريف مثل زيد أبوه قائم أو قام أبوه أو قائم أبوه فإنّ الأخبار فيها وإن كانت مركّبات لكنها في حكم المفردات، أعني قائم الأب ودخل فيه أيضا جسق مهمل وديز مقلوب زيد مع أنّ المسند إليه فيهما مهمل ليس بكلمة فإنّه في حكم هذا اللفظ. ثم إنّ هذا التعريف ظاهر في أنّ ضربت زيدا قائما بمجموعة كلام بخلاف كلام صاحب المفصّل حيث قال: الكلام هو المركّب من كلمتين أسندت إحداهما إلى الأخرى فإنّه صريح في أنّ الكلام هو ضربت، والمتعلّقات خارجة عنه، ثم اعلم أنّ صاحب المفصّل وصاحب اللباب ذهبا إلى ترادف الكلام والجملة، وظاهر هذين التعريفين يدلّ على ذلك، لكن الاصطلاح المشهور على أنّ الجملة أعمّ من الكلام مطلقا لأنّ الكلام ما تضمّن الإسناد الأصلي وكان إسناده مقصودا لذاته، والجملة ما تضمّن الإسناد الأصلي سواء كان إسناده مقصودا لذاته أولا، فالمصدر والصفات المسندة إلى فاعلها ليست كلاما ولا جملة لأنّ إسنادها ليست أصلية، والجملة الواقعة خبرا أو وصفا أو حالا أو شرطا أو صلة ونحو ذلك مما لا يصحّ السكوت عليها جملة وليست بكلام لأنّ إسنادها ليس مقصودا لذاته. هذا كله خلاصة ما في شروح الكافية والمطوّل في تعريف الوصل والوافي وغيرها.

التقسيم:
اعلم أنّ الحذّاق من النحاة وغيرهم وأهل البيان قاطبة على انحصار الكلام في الخبر والإنشاء وأنّه ليس له قسم ثالث. وادّعى قوم أنّ أقسام الكلام عشرة: نداء ومسئلة وأمر وتشفّع وتعجّب وقسم وشرط ووضع وشك واستفهام. وقيل تسعة بإسقاط الاستفهام لدخوله في المسألة. وقيل ثمانية بإسقاط التشفّع لدخوله فيها. وقيل سبعة بإسقاط الشكّ لأنّه من قسم الخبر. وقال الأخفش هي ستة: خبر واستخبار وأمر ونهي ونداء وتمنّ. وقال قوم أربعة خبر واستخبار وطلب ونداء. وقال كثيرون ثلاثة خبر وطلب وإنشاء، قالوا لأنّ الكلام إمّا أن يحتمل التصديق والتكذيب أو لا. الأول الخبر والثاني إن اقترن معناه بلفظه فهو الإنشاء وإن لم يقترن بلفظه بل تأخّر عنه فهو الطلب. والمحقّقون على دخول الطلب في الإنشاء وإنّ معنى اضرب وهو طلب الضرب مقترن بلفظه، وأمّا الضرب الذي يوجد بعد ذلك فهو متعلّق الطلب لا نفسه.

وقال بعض من جعل الأقسام ثلاثة: الكلام إن أفاد بالوضع طلبا فلا يخلو إمّا أن يطلب ذكر الماهية أو تحصيلها أو الكفّ عنها. الأول الاستفهام والثاني الأمر والثالث النهي. وإن لم يفد طلبا بالوضع فإن لم يحتمل الصدق والكذب يسمّى تنبيها وإنشاء لأنّك نبّهت به على مقصودك وأنشأته أي ابتكرته من غير أن يكون موجودا في الخارج، سواء أفاد طلبا باللازم كالتمنّي والترجّي والنداء والقسم أولا، كأنت طالق، وإن احتملهما من حيث هو فهو الخبر كذا في الاتقان. وسيأتي ما يتعلّق بهذا في لفظ المركّب، وسمّى ابن الحاجب في مختصر الأصول غير الخبر بالتنبيه وأدخل فيه الأمر والنّهي والتمنّي والترجّي والقسم والنّداء والاستفهام. قال المحقّق التفتازاني هذه التسمية غير متعارف.
فائدة:
الكلام في العرف اللغوي لا يشتمل الحرف الواحد وفي العرف الأصولي لا يشتمل المهمل وفي العرف النحوي لا يشتمل الكلمة والمركّبات الغير التامة كما لا يخفى، فكل معنى أخصّ مطلقا مما هو قبله، والمعنى الأول أعمّ مطلقا من الجميع. اعلم أنّه لا اختلاف بين أرباب الملل والمذاهب في كون البارئ تعالى متكلّما إنّما الاختلاف في معنى كلامه وفي قدمه وحدوثه، وذلك لأنّ هاهنا قياسين متعارضين أحدهما أنّ كلام الله تعالى صفة له، وكلما هو كذلك فهو قديم فكلام الله تعالى قديم. وثانيهما أنّ كلامه تعالى مؤلّف من أجزاء مترتّبة متعاقبة في الوجود، وكلما هو كذلك فهو حادث، فكلامه تعالى حادث، فافترق المسلمون إلى فرق أربع. ففرقتان منهم ذهبوا إلى صحّة القياس الأول وقدحت واحدة منهما في صغرى القياس الثاني وقدحت الأخرى في كبراه.
وفرقتان أخريان ذهبوا إلى صحّة الثاني وقدحوا في إحدى مقدمتي الأول. فالحنابلة صحّحوا القياس الأول ومنعوا كبرى الثاني وقالوا كلامه حرف وصوت يقومان بذاته وإنّه قديم، وقد بالغوا فيه حتى قال بعضهم بالجهل الجلد والغلاف قديمان. والكرّامية صحّحوا القياس الثاني وقدحوا في كبرى الأول وقالوا كلامه حروف وأصوات وسلّموا أنها حادثة لكنهم زعموا أنّها قائمة بذاته تعالى لتجويزهم قيام الحوادث بذاته تعالى. والمعتزلة صحّحوا الثاني وقدحوا في كبرى الأول وقالوا كلامه حروف وأصوات لكنها ليست قائمة بذاته تعالى بل يخلقها الله تعالى في غيره كاللوح المحفوظ أو جبرئيل أو النبي وهو حادث. والأشاعرة صحّحوا القياس الأول ومنعوا صغرى الثاني وقالوا كلامه ليس من جنس الأصوات والحروف بل هو معنى قائم بذاته تعالى قديم مسمّى بالكلام النفسي الذي هو مدلول الكلام اللفظي الذي هو حادث وغير قائم بذاته تعالى قطعا، وذلك لأنّ كلّ من يأمر وينهي ويخبر يجد من نفسه معنى ثم يدلّ عليه بالعبارة أو الكتابة أو الإشارة وهو غير العلم إذ قد يخبر الإنسان عمّا لا يعلم بل يعلم خلافه، وغير الإرادة لأنّه قد يأمر بما لا يريده كمن أمر عبده قصدا إلى إظهار عصيانه وعدم امتثاله لأوامره ويسمّى هذا كلاما نفسيا على ما أشار إليه الأخطل بقوله:
إنّ الكلام لفي الفؤاد وإنّما جعل اللسان على الفؤاد دليلا.

وقال عمر رضي الله عنه: إنّي زورت في نفسي مقالة. وكثيرا ما تقول لصاحبك إنّ في نفسي كلاما أريد أن أذكره لك. فلما امتنع اتصافه تعالى باللفظي لحدوثه تعيّن اتصافه بالنفسي إذ لا. اختلاف في كونه متكلّما.
وبالجملة فما يقوله المعتزلة وهو خلق الأصوات والحروف وحدوثها فالأشاعرة معترفون به ويسمّونه كلاما لفظيا. وما يقوله الأشاعرة من كلام النفس فهم ينكرون ثبوته ولو سلّموه لم ينفوا قدمه فصار محلّ النزاع بينهم وبين الأشاعرة نفي المعنى النفسي وإثباته. فأدلتهم الدالة على حدوث الألفاظ إنّما تفيدهم بالنسبة إلى الحنابلة، وأمّا بالنسبة إلى الأشاعرة فيكون نصبا للدليل في غير محلّ النزاع، كذا في شرح المواقف وتمام التحقيق قد سبق في لفظ القرآن.
وقال الصوفية الكلام تجلّي علم الله سبحانه باعتبار إظهاره إيّاه، سواء كانت كلماته نفس الأعيان الموجودة أو كانت المعاني التي يفهمها عباده إمّا بطريق الوحي أو المكالمة أو أمثال ذلك لأنّ الكلام لله تعالى في الجملة صفة واحدة نفسية، لكن لها جهتين: الجهة الأولى على نوعين. النوع الأول أن يكون الكلام صادرا عن مقام العزّة بأمر الألوهية فوق عرش الربوبية وذلك أمره العالي الذي لا سبيل إلى مخالفته، لكن طاعة الكون له من حيث يجهله ولا يدريه، وإنّما الحقّ سبحانه يسمع كلامه في ذلك المجلى عن الكون الذي يريد تقدير وجوده، ثم يجري ذلك الكون على ما أمره به عناية منه ورحمة سابقة ليصحّ للوجود بذلك اسم الطاعة فتكون سعيدا. وإلى هذا أشار بقوله في مخاطبته للسماء والأرض ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ. فحكم للأكوان بالطاعة تفضّلا منه، ولذلك سبقت رحمته غضبه.
والمطيع مرحوم فلو حكم عليها بأنّها أتت مكرهة لكان ذلك الحكم عدلا إذ القدرة تجبر الكون على الوجود إذ لا اختيار للمخلوق ولكان الغضب حينئذ أسبق إليه من الرحمة لكنه تفضّل فحكم لها بالطاعة، فما ثمّ عاص له من حيث الجملة في الحقيقة، وكلّ الموجودات مطيعة له تعالى ولهذا آل حكم النّار إلى أن يضع الجبّار فيها قدمه فيقول قط قط فتزول وينبت في محلّها شجر الجرجير كما ورد في الخبر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وأمّا النوع الثاني منها فهي الصادرة من مقام الربوبية بلغة الأنس بينه وبين خلقه كالكتب المنزّلة على أنبيائه والمكالمات لهم ولمن دونهم من الأولياء، ولذلك وقعت الطاعة والمعصية في الأوامر المنزّلة في الكتب من المخلوق لأنّ الكلام صدر بلغة الأنس، فهم في الطاعة كالمخيرين أعني جعل نسبة اختيار الفعل إليهم ليصحّ الجزاء في المعصية بالعذاب عدلا، ويكون الثواب في الطاعة فضلا لأنّه جعل نسبة الاختيار إليهم بفضله ولم يكن ذلك إلّا بجعله لهم، وما جعل ذلك إلّا لكي يصحّ لهم الثواب، فثوابه فضل وعقابه عدل. وأمّا الجهة الثانية فاعلم أنّ كلام الحقّ نفس أعيان الممكنات، وكلّ ممكن كلمة من كلماته، ولذا لا نفود للممكن. قال تعالى قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ الآية، فالممكنات هي كلمات الحقّ سبحانه وذلك لأنّ الكلام من حيث الجملة صورة لمعنى في علم المتكلّم، أراد المتكلّم بإبراز تلك الصورة فهم السامع ذلك المعنى، فالموجودات كلمات الله تعالى وهي الصورة العينية المحسوسة والمعقولة الوجودية، وكلّ ذلك صور المعاني الموجودة في علمه وهي الأعيان الثابتة. وإن شئت قلت حقائق الأشياء.
وإن شئت قلت ترتيب الألوهية. وإن شئت قلت بساطة الوحدة. وإن شئت قلت تفصيل الغيب.

موسوعة كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم ج 2 1374 فائدة: ..... ص: 1372

إن شئت قلت ترتيب الألوهية. وإن شئت قلت بساطة الوحدة. وإن شئت قلت تفصيل الغيب.
وإن شئت قلت صور الجمال. وإن شئت قلت آثار الأسماء والصفات. وإن شئت قلت معلومات الحقّ. وإن شئت قلت الحروف العاليات، فكما أنّ المتكلّم لا بدّ له في الكلام من حركة إرادية للتكلّم ونفس خارج بالحروف من الصّدر الذي هو غيب إلى ظاهر الشفة، كذلك الحقّ سبحانه في إبرازه لخلقه من عالم الغيب إلى عالم الشهادة يريد أولا ثم تبرزه القدرة، فالإرادة مقابلة للحركة الإرادية التي في نفس المتكلّم، والقدرة مقابلة للنفس الخارج بالحروف من الصّدر إلى الشفة لأنّها تبرز من عالم الغيب إلى عالم الشهادة، وتكوين المخلوق مقابل لتركيب الكلمة على هيئة مخصوصة في نفس المتكلّم، كذا في الإنسان الكامل.

الكفالة

الكفالة الضمانُ".
الكفالة: من الكفل، وهو حياطة الشيء من جميع جهاته حتى يصير عليه كالفلك الداثر، ذكره الحرالي. 
الكفالة:
[في الانكليزية] Guarantee ،bail
[ في الفرنسية] Garantie ،caution
بالفتح وتخفيف الفاء لغة الضّم. وقيل الضمان مصدر كفل ويعدى إلى المفعول الثاني بالباء. فالمكفول به الدين ثم يعدى بعن للمديون وكلاهما أي المكفول به والمكفول عنه للمديون في الكفالة بالنفس كما قال العلامة النسفي. وقيل لا يطلق عليه إلّا المكفول به وباللام للدائن ويقال له الطالب ويقال للرجل والمرأة كلاهما كفيل كذا في جامع الرموز.
وفي التاج المكفول في الفقه إذا وصل بعن فهو الذي عليه الدين أي المديون، وإذا وصل باللام فهو الذي له الدين أي الدائن، وإذا وصل بالباء فهو الدين. والكفيل هو الذي ثبت عليه الدين.
وفي الشرع هي ضمّ ذمّة إلى ذمّة لا في الدين هذا عند الحنفية. وقال الشافعي هي ضمّ ذمّة إلى ذمّة في الدين إذ المطالبة لا يتصوّر بدون ثبوت الدين، ولذا صحّ هبة الدين للكفيل مع أنّه لم تصحّ هبة الدين لغير من عليه الدين، وقال مالك إنّ الأصيل يبرأ بالكفالة كالحوالة والأول أصحّ لأنّ جعل الدين الواحد دينين قلب الحقيقة فلا يصار إليه إلّا عند الضرورة كما في هبة الدين للكفيل ولا ضرورة هاهنا؛ ومطالبة الدين لا يستدعي الدين على المطالب عنه، كيف والوكيل بالشراء مطالب مع أنّ الثمن في ذمة الموكل. ثم المراد بالمطالبة أعمّ من المطالبة بالدين كما في الكفالة بالمال أو بإحضار المكفول عنه كما في الكفالة بالنفس، فلا يرد ما قيل من أنّ الحدّ لا يصدق على الكفالة بالنفس. ثم إنّه لا يخفى أنّه تعريف بالحكم فالأولى عقد يوجب ضمّ ذمّة الخ. ثم الكفالة ثلاثة أقسام كفالة بالنفس أي بنفس الأصيل فهي ضمان للأصيل وبالمال وبتسليم المال. وأهل الكفالة من هو أهل التبرّع بأن كان حرّا مكلّفا فلا تصحّ من العبد والصبي، والكف عن الكفالة أولى إذ الأكثر أن يكون أوله ملامة وأوسطه ندامة وآخره غرامة، هكذا يستفاد من شروح مختصر الوقاية.

العطف

العطف: ثني أحد الطرفين إلى الآخر. ويستعار للميل والشفقة إذا عدي بعلى. وعطفه عن حاجته: صرفه عنها.
العطف: عند النحاة: تابع يدل على معنى مقصود بالنسبة مع متبوعه يتوسط بينه وبين متبوعه أحد الحروف العشرة كقام زيد وعمرو، فعمرو تابع مقصود بنسبة القيام إليه مع زيد.
العطف:
[في الانكليزية] Inflexion ،conjunction ،coordination
[ في الفرنسية] Inflexion ،conjonction ،coordination
بالفتح وسكون الطاء المهملة في اللغة الإمالة. وعند النحاة يطلق على المعنى المصدري وهو أن يميل المعطوف إلى المعطوف عليه في الإعراب أو الحكم كما وقع في المكمل، وعلى المعطوف وهو مشترك بين معنيين الأول العطف بالحرف ويسمّى عطف النّسق بفتح النون والسين أيضا لكونه مع متبوعه على نسق واحد، وهو تابع يقصد مع متبوعه متوسطا بينهما إلى إحدى الحروف العشرة، وهي الواو والفاء وثم وحتى وأو وأمّا وأم ولا وبل ولكن، وقد يجيء إلّا أيضا على قلّة كما في المغني. والمراد بكون المتبوع مقصودا أن لا يذكر لتوطئة ذكر التابع، فخرج جميع التوابع.
أمّا غير البدل فلعدم كونه مقصودا. وأمّا البدل فلكونه مقصودا دون المتبوع. ولا يخرج المعطوف بلا وبل ولكن وأم وأمّا وأو لعدم كون متبوعه مذكورا توطئة. وقيد التوسّط لزيادة التوضيح لأنّ الحدّ تام بدونه جمعا ومنعا هكذا في شروح الكافية؛ إلّا أنّهم زادوا قيد النسبة فإنهم قالوا هو تابع مقصود بالنسبة مع متبوعه لأنّهم أرادوا تعريف نوع منه وهو عطف الاسم على الاسم. وأمّا نحن فأردنا تعريفه بحيث يشتمل غيره أيضا كعطف الجملة على الجملة التي لا محلّ لها من الإعراب لظهور أنّ التابع هناك غير مقصود بالنسبة مع متبوعه، إذ لا نسبة هناك مع المتبوع، كما وقع في الهداد.
التقسيم
في المغني العطف ثلاثة أقسام. الأول العطف على اللفظ وهو الأصل، نحو ليس زيد بقائم ولا قاعد بالجر، وشرطه إمكان توجّه العامل إلى المعطوف. فلا يجوز في نحو ما جاءني من امرأة ولا زيد إلّا الرفع عطفا على الموضع لأنّ من الزائدة لا تعمل في المعارف.
والثاني العطف على المحلّ ويسمّى بالعطف على الموضع أيضا نحو ليس زيد بقائم ولا قاعدا بالنصب، وله عند المحقّقين شروط ثلاثة.
أولها إمكان ظهور ذلك المحلّ في الفصيح. ألا ترى أنّه يجوز في ليس زيد بقائم أن تسقط الباء فتنصب؛ وعلى هذا فلا يجوز مررت بزيد وعمروا خلافا لابن جنّي لأنّه يجوّز مررت زيدا. ثانيها أن يكون الموضع بحق الأصالة فلا يجوز هذا ضارب زيدا وأخيه خلافا للبغداديين لأنّ الوصف المستوفي بشروط العمل الأصل أعماله لا الإضافة. ثالثها وجود المحرز أي الطالب لذلك المحلّ خلافا للكوفيين وبعض البصريين. ولذا امتنع أن زيدا وعمروا قائمان وذلك لأنّ الطالب لرفع زيد هو الابتداء أي التجرّد عن العوامل اللفظية وقد زال بدخول إنّ ومن الغريب قول أبي حيان، إنّ من شرط العطف على الموضع أنّ يكون للمعطوف عليه لفظا وموضع فجعل صورة المسألة شرطا لها، ثم إنّه أسقط الشرط الأول ولا بد منه. الثالث العطف عل التوهّم ويسمّى في القرآن العطف على المعنى نحو ليس زيد قائما ولا قاعد بالخفض على توهّم دخول الباء في الخبر، وشرط جوازه صحّة دخول ذلك العامل المتوهّم وشرط حسنه كثرة دخوله هناك كما في المثال المذكور، ويقع هذا في المجرور كما عرفت وفي المجزوم نحو: لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ لأنّ معنى لولا أخرتني فأصّدّق ومعنى إن أخّرتني أصّدّق واحد. وفي المنصوب نحو قام القوم غير زيد وعمروا بالنصب فإنّ غير زيد في موضع إلّا زيدا. قال سيبويه: إنّ من الناس من يغلطون فيقولون إنّهم أجمعون ذاهبون، وإنّك وزيد ذاهبان وذلك أنّ معناه معنى الابتداء. ومراده بالغلط ما عبّر عنه غيره بالتوهّم. وفي المنصوب اسما نحو قوله تعالى: وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ فيمن فتح الباء كأنّه قيل وهبنا له إسحاق ومن وراء اسحاق يعقوب، وفعلا كقراءة بعضهم: وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ حملا على معنى ودّوا أن تدهن. وفي المركّبات كما قيل في قوله تعالى أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ إنّه على معنى أرأيت كالذي حاجّ وكالذي مرّ، انتهى ما في المغني.
فائدة:
عطف الاسمية على الفعلية وبالعكس فيه ثلاثة مذاهب، الجواز مطلقا والمنع مطلقا والجواز في الواو فقط.
فائدة:
عطف الخبر على الإنشاء وبالعكس منعه البيانيون وابن مالك وابن عصفور ونقله عن الأكثرين وأجازه الصفار وجماعة، ووفّق الشيخ بهاء الدين السبكي بينهما وحاصله أنّ أهل البيان متفقون على المنع بلاغة، وأكثر النحاة قائلون بجوازه لغة كذا في المغني وشرحه. وفي الارشاد عطف الفعل على الاسم جائز ويجوز عكسه، وعطف الجملة على المفرد ويجوز عكسه، وعطف الماضي على المضارع وعكسه أيضا، ويحتاج كلّ إلى تأويل بالوفاق.
فائدة:
عطف القصة على القصة هو أن يعطف جمل مسوقة لغرض على جمل مسوقة لغرض آخر لمناسبة بين الغرضين. فكلّما كانت المناسبة أشدّ كان العطف أحسن من غير نظر إلى كون تلك الجمل خبرية أو إنشائية. فعلى هذا يشترط أن يكون المعطوف والمعطوف عليه جملا متعددة. وقد يراد بها عطف حاصل مضمون أحدهما على حاصل مضمون الأخرى من غير نظر إلى الإنشائية والخبرية، هكذا ذكر المولوي عبد الحكيم في حاشية الخيالي في الخطبة.

فقوله تعالى: فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا إلى قوله وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا ليس من باب عطف الجملة على الجملة بل من باب ضمّ جمل مسوقة لغرض إلى جمل أخرى مسوقة لغرض آخر. والمقصود بالعطف المجموع.
ويجوز أن يراد به عطف الحاصل على الحاصل، يعني أنّه ليس المعتمد بالعطف هو الأمر حتى يطلب له مشاكل من أمر أو نهي يعطف عليه، بل المعتمد بالعطف هو الجملة من حيث إنّها وصف ثواب المؤمنين، فهي معطوفة على الجملة من حيث إنّها وصف عقاب الكافرين كما تقول زيد يعاقب بالقيد والإزهاق وبشّر عمروا بالعفو والإطلاق. ثم هذا المثال يمكن أن يجعل من عطف قصة على قصة بالمعنى الأول، وإن لم يكن فيه جمل بل جملتان بأن يقال فيه عطف قصة عمرو الدالة على أحسن حاله على قصة زيد الدالة على أسوإ حاله، لكنه اقتصر من القصتين على ما هو العمدة فيهما إذ يفهم منه الباقي منهما، فكأنّه قال: زيد يعاقب بالقيد والإزهاق فما أسوأ حاله وما أخسره إلى غير ذلك وبشر عمروا بالعفو والإطلاق فما أحسن حاله وما أربحه، هكذا في المطول وحواشيه في باب الوصل والفصل.
فائدة:
عطف التلقين وهو أن يلقّن المخاطب المتكلّم بالعطف كما تقول أكرمك فيقول المخاطب وزيدا أي قل وزيدا أيضا، وعلى هذا قوله تعالى قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي بعد قوله إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً أي قل وَمِنْ ذُرِّيَّتِي. قيل عليه تلقين القائل يقتضي أن يقال ومن ذريتك وأجاب عنه جدّي رحمة الله عليه في حاشيته على البيضاوي بأنّ معنى عطف التلقين أن يقول المخاطب للمتكلّم قل وهذا أيضا عطفا على ما قلت على وجه ينبغي لك لا على وجه قلت أنا مثل أن تقول ومن ذريتك لا أن تقول ومن ذريتي. وإنّما قال المخاطب ومن ذريتي مناسبا لحاله. فائدة:
عطف أحد المترادفين على الآخر ويسمّى بالعطف التفسيري أيضا، أنكر المبرّد وقوعه في القرآن. وقيل المخلّص في هذا أن يعتقد أنّ مجموع المترادفين يحصّل معنى لا يوجد عند انفرادهما. فإنّ التركيب يحدث أمرا زائدا. وإذا كانت كثرة الحروف تفيد زيادة المعنى فكذلك كثرة الألفاظ. وقد يعطف الشيء على نفسه تأكيدا كما في فتح الباري شرح صحيح البخاري.
فائدة:
عطف الخاص على العام التنبيه على فضله حتى كأنّه ليس من جنس العام. وسمّاه البعض بالتجريد كأنّه جرّد من الجملة وأفرد بالذّكر تفصيلا ومنه: حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى.
فائدة:
عطف العام على الخاص أنكر بعضهم وجوده فأخطأ، والفائدة فيه واضحة، وهو التعميم وأفراد الأول بالذكر اهتماما بشأنه، ومنه قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي والنّسك العبادة فهو أعمّ كذا في الاتقان.
فائدة:
جمعوا على جواز العطف على معمولي عامل واحد نحو إنّ زيدا ذاهب وعمرا جالس، وعلى معمولات عامل واحد نحو أعلم زيد عمرا بكرا جالسا وأبو بكر خالدا سعيدا منطلقا، وأجمعوا على منع العطف على معمول أكثر من عاملين نحو إنّ زيدا ضارب أبوه لعمرو وأخاك غلامه بكر وأمّا معمولا عاملين مختلفين فإن لم يكن أحدهما جارا فقال ابن مالك هو ممتنع إجماعا، نحو كان زيد آكلا طعامك عمرو وتمرك بكر، وليس كذلك بل نقل الفارسي الجواز مطلقا عن جماعة، وقيل إنّ منهم الأخفش. وإن كان أحدهما جارا فإن كان الجار مؤخرا نحو زيد في الدار والحجرة عمرو أو عمرو الحجرة فنقل المهدوي أنّه ممتنع إجماعا وليس كذلك، بل هو جائز عند من ذكرناه، وإن كان الجار مقدّما نحو في الدار زيد والحجرة عمرو فالمشهور عن سيبويه المنع وبه قال المبرّد وابن السّرّاج. ومنع الأخفش الإجازة. قال الكسائي والفراء والزجاج فصل قوم منهم الأعلم فقالوا إن ولي المخفوض العاطف كالمثال جاز لأنّه كذا سمع، ولأنّ فيه تعادل المتعاطفات، وإلّا امتنع نحو في الدار زيد وعمرو الحجرة. والثاني عطف البيان وهو تابع يوضّح أمر المتبوع من الدال عليه لا على معنى فيه. فبقيد الإيضاح خرج التأكيد والبدل وعطف النّسق لعدم كونها موضّحة للمتبوع.
وبقولنا من الدّال عليه أي على المتبوع لا على معنى فيه أي في المتبوع خرج الصفة فإنّ الصّفة تدلّ على معنى في المتبوع بخلاف عطف البيان فإنّه يدلّ على نفس المتبوع نحو اقسم بالله أبو حفص عمر، ولا يلزم من ذلك أن يكون عطف البيان أوضح من متبوعه بل ينبغي أن يحصل من اجتماعهما إيضاح لم يحصل من أحدهما على الانفراد، فيصحّ أن يكون الأول أوضح من الثاني، كذا في العباب والفوائد الضيائية، وقد ذكر ما يتعلّق بهذا في لفظ التوضيح أيضا.
فائدة:
يفترق عطف البيان والبدل في أمور ثمانية. الأول: أنّ العطف لا يكون مضمرا ولا تابعا لمضمر لأنّه في الجوامد نظير النعت في المشتقّ، وأمّا البدل فيكون تابعا لضمير بالاتفاق نحو قوله تعالى: وَنَرِثُهُ ما يَقُولُ وكذا يكون مضمرا تابعا لمضمر نحو رأيته إياه، أو لظاهر كرأيت زيدا إياه وخالف في ذلك ابن مالك، والصّواب في الأول قول الكوفيين أنّه توكيد كما في قمت أنت. الثاني: أنّ البيان لا يخالف متبوعه في تعريفه وتنكيره ولا يختلف النحاة في جواز ذلك في البدل نحو بِالنَّاصِيَةِ، ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ. الثالث أنّه لا يكون جملة بخلاف البدل نحو قوله تعالى: ما يُقالُ لَكَ إِلَّا ما قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقابٍ أَلِيمٍ، وهو أصح الأقوال في عرفت زيدا أيؤمن هو الرابع: أنّه لا يكون تابعا لجملة بخلاف البدل نحو قوله تعالى اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ، اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْئَلُكُمْ أَجْراً الخامس: أنّه لا يكون فعلا تابعا لفعل بخلاف البدل نحو قوله تعالى: وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً، يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ السادس: أنّه لا يكون بلفظ الأول ويجوز ذلك في البدل بشرط أن يكون مع الثاني زيادة بيان كقراءة يعقوب وَتَرى كُلَّ أُمَّةٍ جاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعى إِلى كِتابِهَا بنصب كلّ الثاني، قاله ابن الطراوة وتبعه على ذلك ابن مالك وابنه، وحجتهم أنّ الشيء لا يبيّن بنفسه. والحقّ جواز ذلك في عطف البيان أيضا. السابع: أنّه ليس في النية إحلاله محلّ الأول بخلاف البدل فإنّه في حكم تكرير العامل، ولذا تعيّن البدل في نحو أنا الضارب الرجل زيد. الثامن: أنّه ليس في التقدير من جملة أخرى بخلاف البدل ولذا تعيّن البدل في نحو هند قام عمرو أخوها، ونحو مررت برجل قام عمرو أخوه، ونحو زيدا ضربت عمروا أخاه. وإن شئت الزيادة على هذا فارجع إلى المغني.

العتاب

العتاب:
[في الانكليزية] Blame ،regret ،admonition
[ في الفرنسية] Blame ،regret ،admonestation

بالفارسية: (ملامت كردن) وعتاب المرء نفسه كقوله تعالى: أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ الآيات.

وقوله: وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ يَقُولُ يا لَيْتَنِي الآيات كذا في الاتقان.
العتاب
من أوضح ما جاء من العتاب في القرآن قوله تعالى يعاتب رسوله، وقد جاءه أحد المسلمين يسأله في أمور الدين، وكان الرسول ساعتئذ في حديث مع طائفة من المشركين، مؤملا أن يفضى به الحديث إلى إيمانهم، فلم يعن بأمر هذا المسلم السائل، بل أعرض عنه عابسا، فنزل قوله سبحانه: عَبَسَ وَتَوَلَّى أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرى أَمَّا مَنِ اسْتَغْنى فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى وَما عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى وَأَمَّا مَنْ جاءَكَ يَسْعى وَهُوَ يَخْشى فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى (عبس 1 - 10). بدأ هذا العتاب متحدثا عن الغائب، وكأنه بذلك يريد أن يرسم الصورة لرسوله على لوحة يراها أمام عينيه على وجه غير وجهه، لتكون الصورة واضحة القسمات بيّنة المعالم، فالمرء لا يرى وجه نفسه، ثم اتجه العتاب إلى الخطاب في رفق قريب من العنف، مبينا ما لعله يرجى من الخير من هذا الأعمى السائل، ثم عقد موازنة بين من عنى به النبى ومن أعرض عنه، فهذا مستغن لا يعنيه أن يصغى إلى الدعوة، أو يطيعها، والآخر مقبل، تملأ قلبه الخشية، ويدفعه الإيمان، وقد سجل القرآن معاملة الرسول لهما، ولكن هذا العتاب يحمل في ثناياه عذر الرسول، فهو ما تصدى لمن استغنى إلا أملا في هدايته وإرشاده.
وقد يقسو القرآن في العتاب، بعد أن يكون قد استخدم الرفق واللين، وذلك في الأمور التى يترتب على التهاون فيها ما يؤدي بالدعوة، كما ترى ذلك في قوله سبحانه: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ما لَكُمْ إِذا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَياةِ الدُّنْيا مِنَ الْآخِرَةِ فَما مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّوهُ شَيْئاً وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (التوبة 38، 39). ولعله بعد رفقه بهم، وبيانه لهم أن متاع الحياة الدنيا قليل، إذا قيس بمتاع الآخرة- رأى ألا يقف عند هذا الحد من الموازنة، بل مضى محذرا منذرا.
ومن العتاب القاسى- لأنه يمس أساسا من أسس نشر الدعوة لتأخذ طريقها إلى النصر والنجاح- قوله تعالى: ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ لَوْلا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيما أَخَذْتُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (الأنفال 67 - 68). أما إذا لم يتصل العتاب بمثل ذلك من مهمات الأمور فإن العتاب يرق ويلين كما ترى ذلك في قوله تعالى: عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكاذِبِينَ (التوبة 43). وقوله سبحانه:
يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضاتَ أَزْواجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (التحريم 1).
فمعرفة الصادق والكاذب إذا كانت قد ضاعت في فرصة، فمن الممكن أن يتوصل إليها في فرصة أخرى، وتحريم النبى لما أحل الله له مسألة شخصية ليس لها من الأثر ما للجهاد من آثار.
العتاب: مخاطبة الإدلال، ومذاكرة الموجدة.
العتاب: مَا يكون على صُدُور الْمَكْرُوه من الحبيب تأديبا ليَسْتَغْفِر عَنهُ وَيصير مورد المراحم بِخِلَاف الْعقَاب فَإِنَّهُ مَا يكون على صُدُور الْمَكْرُوه من الْعَدو تفضيحا وتأليما كالعذاب على الْكفَّار وخلودهم فِي النَّار فِي تِلْكَ الدَّار. وَبِعِبَارَة أُخْرَى العتاب تَأْدِيب الشَّفَقَة.
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.