Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: قهم

سَمَرْقَنْدُ

سَمَرْقَنْدُ:
بفتح أوّله وثانيه، ويقال لها بالعربيّة سمران: بلد معروف مشهور، قيل: إنّه من أبنية ذي القرنين بما وراء النهر، وهو قصبة الصّغد مبنيّة
على جنوبي وادي الصغد مرتفعة عليه، قال أبو عون:
سمرقند في الإقليم الرابع، طولها تسع وثمانون درجة ونصف، وعرضها ست وثلاثون درجة ونصف، وقال الأزهري: بناها شمر أبو كرب فسميت شمر كنت فأعربت فقيل سمرقند، هكذا تلفظ به العرب في كلامها وأشعارها، وقال يزيد بن مفرّغ يمدح سعيد بن عثمان وكان قد فتحها:
لهفي على الأمر الذي ... كانت عواقبه النّدامه
تركي سعيدا ذا النّدى، ... والبيت ترفعه الدّعامه
فتحت سمرقند له، ... وبنى بعرصتها خيامه
وتبعت عبد بني علا ... ج، تلك أشراط القيامه
وبالبطيحة من أرض كسكر قرية تسمى سمرقند أيضا، ذكره المفجّع في كتاب المنقذ من الإيمان في أخبار ملوك اليمن قال: لما مات ناشر ينعم الملك قام بالملك من بعده شمر بن افريقيس بن أبرهة فجمع جنوده وسار في خمسمائة ألف رجل حتى ورد العراق فأعطاه يشتاسف الطاعة وعلم أن لا طاقة له به لكثرة جنوده وشدّة صولته، فسار من العراق لا يصدّه صادّ إلى بلاد الصين فلمّا صار بالصّغد اجتمع أهل تلك البلاد وتحصّنوا منه بمدينة سمرقند فأحاط بمن فيها من كلّ وجه حتى استنزلهم بغير أمان فقتل منهم مقتلة عظيمة وأمر بالمدينة فهدمت فسميت شمركند، أي شمر هدمها، فعرّبتها العرب فقالت سمرقند، وقد ذكر ذلك دعبل الخزاعي في قصيدته التي يفتخر فيها ويردّ بها على الكميت ويذكر التبابعة:
وهم كتبوا الكتاب بباب مرو، ... وباب الصّين كانوا الكاتبينا
وهم سمّوا قديما سمرقندا، ... وهم غرسوا هناك التّبّتينا
فسار شمر وهو يريد الصين فمات هو وأصحابه عطشا ولم يرجع منهم مخبّر، فبقيت سمرقند خرابا إلى أن ملك تبّع الأقرن بن أبي مالك بن ناشر ينعم فلم تكن له همّة إلّا الطلب بثأر جدّه شمر الذي هلك بأرض الصين فتجهّز واستعدّ وسار في جنوده نحو العراق فخرج إليه بهمن بن إسفنديار وأعطاه الطاعة وحمل إليه الخراج حتى وصل إلى سمرقند فوجدها خرابا، فأمر بعمارتها وأقام عليها حتى ردّها إلى أفضل ما كانت عليه، وسار حتى أتى بلادا واسعة فبنى التّبّت كما ذكرنا، ثمّ قصد الصين فقتل وسبى وأحرق وعاد إلى اليمن في قصة طويلة، وقيل: إن سمرقند من بناء الإسكندر، واستدارة حائطها اثنا عشر فرسخا، وفيها بساتين ومزارع وأرحاء، ولها اثنا عشر بابا، من الباب إلى الباب فرسخ، وعلى أعلى السور آزاج وأبرجة للحرب، والأبواب الاثنا عشر من حديد، وبين كلّ بابين منزل للنوّاب، فإذا جزت المزارع صرت إلى الربض وفيه أبنية وأسواق، وفي ربضها من المزارع عشرة آلاف جريب، ولهذه المدينة، أعني الداخلة، أربعة أبواب، وساحتها ألفان وخمسمائة جريب، وفيها المسجد الجامع والقهندز وفيه مسكن السلطان، وفي هذه المدينة الداخلة نهر يجري في رصاص، وهو نهر قد بني عليه مسنّاة عالية من حجر يجري عليه الماء إلى أن يدخل المدينة من باب كسّ، ووجه هذا النهر رصاص كلّه، وقد عمل في خندق المدينة مسنّاة وأجري عليها، وهو نهر يجري في وسط السوق بموضع يعرف بباب الطاق،
وكان أعمر موضع بسمرقند، وعلى حافات هذا النهر غلّات موقوفة على من بات في هذا النهر وحفظة من المجوس عليهم حفظ هذا النهر شتاء وصيفا مستفرض ذلك عليهم، وفي المدينة مياه من هذا النهر عليها بساتين، وليس من سكة ولا دار إلّا وبها ماء جار إلّا القليل، وقلّما تخلو دار من بستان حتى إنّك إذا صعدت قهندزها لا ترى أبنية المدينة لاستتارها عنك بالبساتين والأشجار، فأمّا داخل سوق المدينة الكبيرة ففيه أودية وأنهار وعيون وجبال، وعلى القهندز باب حديد من داخله باب آخر حديد، ولما ولي سعيد بن عثمان خراسان في سنة 55 من جهة معاوية عبر النهر ونزل على سمرقند محاصرا لها وحلف لا يبرح حتى يدخل المدينة ويرمي القهندز بحجر أو يعطوه رهنا من أولاد عظمائهم، فدخل المدينة ورمى القهندز بحجر فثبت فيه فتطيّر أهلها بذلك وقالوا:
ثبت فيها ملك العرب، وأخذ رهانهم وانصرف، فلمّا كانت سنة 87 عبر قتيبة بن مسلم النهر وغزا بخارى والشاش ونزل على سمرقند، وهي غزوته الأولى، ثمّ غزا ما وراء النهر عدّة غزوات في سنين سبع وصالح أهلها على أن له ما في بيوت النيران وحلية الأصنام، فأخرجت إليه الأصنام فسلب حليها وأمر بتحريقها، فقال سدنتها: إن فيها أصناما من أحرقها هلك! فقال قتيبة: أنا أحرقها بيدي، وأخذ شعلة نار وأضرمها فاضطرمت فوجد بقايا ما كان فيها من مسامير الذهب خمسين ألف مثقال، وبسمرقند عدّة مدن مذكورة في مواضعها، منها: كرمانية ودبوسية وأشروسنة والشاش ونخشب وبناكث، وقالوا: ليس في الأرض مدينة أنزه ولا أطيب ولا أحسن مستشرفا من سمرقند، وقد شبهها حضين بن المنذر الرقاشي فقال:
كأنّها السماء للخضرة وقصورها الكواكب للإشراق ونهرها المجرّة للاعتراض وسورها الشمس للإطباق، ووجد بخط بعض ظرفاء العراق مكتوبا على حائط سمرقند:
وليس اختياري سمرقند محلّة ... ودار مقام لاختيار ولا رضا
ولكنّ قلبي حلّ فيها فعاقني ... وأقعدني بالصغر عن فسحة الفضا
وإنّي لممّن يرقب الدّهر راجيا ... ليوم سرور غير مغرى بما مضى
وقال أحمد بن واضح في صفة سمرقند:
علت سمرقند أن يقال لها ... زين خراسان جنّة الكور
أليس أبراجها معلّقة ... بحيث لا تستبين للنّظر
ودون أبراجها خنادقها ... عميقة ما ترام من ثغر
كأنّها وهي وسط حائطها ... محفوفة بالظّلال والشّجر
بدر وأنهارها المجرّة وال ... آطام مثل الكواكب الزّهر
وقال البستي:
للنّاس في أخراهم جنّة، ... وجنّة الدنيا سمرقند
يا من يسوّي أرض بلخ بها، ... هل يستوي الحنظل والقند؟
قال الأصمعي: مكتوب على باب سمرقند بالحميرية:
بين هذه المدينة وبين صنعاء ألف فرسخ، وبين بغداد وبين إفريقية ألف فرسخ، وبين سجستان وبين البحر مائتا فرسخ، ومن سمرقند إلى زامين سبعة عشر
فرسخا، وقال الشيخ أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني: أخبرنا أبو الفضل محمد بن عبد الله ابن المظفّر الكسّي بسمرقند أنبأنا أبو الحسن عليّ بن عثمان بن إسماعيل الخرّاط إملاء أنبأنا عبد الجبار بن أحمد الخطيب أنبأنا أبو بكر محمد بن عبد الله الخطيب أنبأنا محمد بن عبد الله بن عليّ السائح الباهلي أنبأنا الزاهد أبو يحيى أحمد بن الفضل أنبأنا مسعود بن كامل أبو سعيد السكّاك حدثنا جابر بن معاذ الأزدي أنبأنا أبو مقاتل حفص بن مسلم الفزاري أنبأنا برد بن سنان عن أنس بن مالك، رضي الله عنه، أنّه ذكر مدينة خلف نهر جيحون تدعى سمرقند ثمّ قال: لا تقولوا سمرقند ولكن قولوا المدينة المحفوظة، فقال أناس:
يا أبا حمزة ما حفظها؟ فقال: أخبرني حبيبي رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، أن مدينة بخراسان خلف النهر تدعى المحفوظة، لها أبواب على كلّ باب منها خمسة آلاف ملك يحفظونها يسبّحون ويهلّلون، وفوق المدينة خمسة آلاف ملك يبسطون أجنحتهم على أن يحفظوا أهلها، ومن فوقهم ملك له ألف رأس وألف فم وألف لسان ينادي يا دائم يا دائم يا الله يا صمد احفظ هذه المدينة، وخلف المدينة روضة من رياض الجنة، وخارج المدينة ماء حلو عذب من شرب منه شرب من ماء الجنّة ومن اغتسل فيه خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمّه، وخارج المدينة على ثلاثة فراسخ ملائكة يطوفون يحرسون رساتيقها ويدعون الله بالذكر لهم، وخلف هؤلاء الملائكة واد فيه حيّات وحيّة تخرج على صفة الآدميّين تنادي يا رحمن الدنيا ورحيم الآخرة ارحم هذه المدينة المحفوظة، ومن تعبّد فيها ليلة تقبّل الله منه عبادة سبعين سنة، ومن صام فيها يوما فكأنّما صام الدهر، ومن أطعم فيها مسكينا لا يدخل منزله فقر أبدا، ومن مات في هذه المدينة فكأنّما مات في السماء السابعة ويحشر يوم القيامة مع الملائكة في الجنة، وزاد حذيفة بن اليمان في رواية: ومن خلفها قرية يقال لها قطوان يبعث منها سبعون ألف شهيد يشفع كلّ شهيد منهم في سبعين من أهل بيته، وقال حذيفة: وددت أن يوافقني هذا الزمان وكان أحبّ إليّ من أن أوافق ليلة القدر، وهذا الحديث في كتاب الأفانين للسمعاني، وينسب إلى سمرقند جماعة كثيرة، منهم: محمد بن عدي بن الفضل أبو صالح السمرقندي نزيل مصر، سمع بدمشق أبا الحسين الميداني، وبمصر أبا مسلم الكاتب وأبا الحسن عليّ بن محمد بن إسحاق الحلبي وأبا الحسين أحمد بن محمد الأزهر التنيسي المعروف بابن السمناوي ومحمد ابن سراقة العامري وأحمد بن محمد الجمّازي وأبا القاسم الميمون بن حمزة الحسيني وأبا الحسن محمد بن أحمد بن العباس الإخميمي وأبا الحسن علي بن محمد ابن سنان، روى عنه أبو الربيع سليمان بن داود بن أبي حفص الجبلي وأبو عبد الله بن الخطّاب وسهل بن بشر وأبو الحسن عليّ بن أحمد بن ثابت العثماني الديباجي وأبو محمد هيّاج بن عبيد الحطّيني، ومات سنة 444 وأحمد بن عمر بن الأشعث أبو بكر السمرقندي، سكن دمشق مدة وكان يكتب بها المصاحف ويقرأ ويقرئ القرآن، وسمع بدمشق أبا علي بن أبي نصر وأبا عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني، روى عنه أبو الفضل كمّاد بن ناصر بن نصر المراغي الحدّادي، حدث عنه ابنه أبو القاسم، قال ابن عساكر:
سمعت الحسن بن قيس يذكر أن أبا بكر السمرقندي كان يكتب المصاحف من حفظه وكان لجماعة من أهل دمشق فيه رأي حسن فسمعت الحسن بن قيس يذكر أنّه خرج مع جماعة إلى ظاهر البلد في فرجة فقدّموه يصلي بهم وكان مزّاحا، فلمّا سجد بهم تركهم في الصلاة وصعد إلى شجرة، فلمّا طال عليهم انتظاره رفعوا رؤوسهم فلم يجدوه فإذا هو في الشجرة يصيح صياح السنانير فسقط من أعينهم، فخرج إلى بغداد وترك أولاده بدمشق واتصل ببغداد بعفيف الخادم القائمي فكان يكرمه وأنزله في موضع من داره، فكان إذا جاءه الفرّاش بالطعام يذكر أولاده بدمشق فيبكي، فحكى الفرّاش ذلك لعفيف الخادم فقال:
سله عن سبب بكائه، فسأله فقال: إن لي بدمشق أولادا في ضيق فإذا جاءني الطعام تذكّرتهم، فأخبره الفرّاش بذلك، فقال: سله أين يسكنون وبمن يعرفون، فسأله فأخبره، فبعث عفيف إليهم من حملهم من دمشق إلى بغداد، فما أحسّ بهم أبو بكر حتى قدم عليه ابنه أبو محمد وقد خلّف أمّه وأخويه عبد الواحد وإسماعيل بالرحبة ثمّ قدموا بعد ذلك فلم يزالوا في ضيافة عفيف حتى مات، وسألت ابنه أبا القاسم عن وفاته فقال في رمضان سنة 489.

شِعبُ أبي يُوسُف

شِعبُ أبي يُوسُف:
وهو الشعب الذي أوى إليه رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، وبنو هاشم لما تحالفت قريش على بني هاشم وكتبوا الصحيفة، وكان لعبد المطلب فقسم بين بنيه حين ضعف بصره، وكان النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، أخذ حظّ أبيه، وهو كان منزل بني هاشم ومساكنهم، فقال أبو طالب:
جزى الله عنّا عبد شمس ونوفلا وتيما ومخزوما عقوقا ومأثما بتفريــقهم من بعد ودّ وألفة جماعتنا كيما ينالوا المحارما كذبتم وبيت الله نبزي محمدا ولمّا تروا يوما لدى الشعب قائما

شَمَامِ

شَمَامِ:
يروى شمام مثل قطام مبني على الكسر، ويروى بصيغة ما لا ينصرف من أسماء الأعلام، وهو مشتقّ من الشّمم وهو العلوّ، وجبل أشم طويل الرأس: وهو اسم جبل لباهلة، قال جرير:
عاينت مشعلة الرعال كأنها ... طير تغاول في شمام وكورا
وله رأسان يسمّيان ابني شمام، قال لبيد:
وفتيان يرون المجد غنما، ... صبرت بحــقهم ليل التمام
فودّع بالسلام أبا جرير، ... وقلّ وداع أربد بالسلام
فهل نبّئت عن أخوين داما ... على الأحداث إلا ابني شمام
وإلا الفرقدين وآل نعش ... خوالد ما تحدث بانهدام

شَمْكُورُ

شَمْكُورُ:
بفتح أوله، وسكون ثانيه، والكاف، والواو الساكنة، وراء: قلعة بنواحي أرّان، بينها وبين كنجة يوم وأحد عشر فرسخا، وكانت شمكور مدينة قديمة فوجّه إليها سليمان بن ربيعة الباهلي بعد فتح برذعة في أيام عثمان بن عفّان، رضي الله عنه، من فتحها فلم تزل مسكونة معمورة حتى خرّبها السناوردية، وهم قوم تجمّعوا أيام انصرف يزيد بن أسيد عن أرمينية فغلظ أمرهم وكثرت بوائــقهم، ثم إن بغا مولى المعتصم عمّرها في سنة 240، وهو والي أرمينية وأذربيجان وشمشاط، وسمّاها المتوكلية.

شَوِيسٌ

شَوِيسٌ:
بالفتح ثم الكسر، وياء مثناة من تحت، والشّوس: النظر بمؤخر العين تكبّرا: وهو اسم موضع، قال بشامة بن عمرو:
وخبّرت قومي، ولم ألــقهم، ... أجدّوا على ذي شويس حلولا
فإمّا هلكت ولم آتهم ... فأبلغ أماثل سعد بن سولا
بأن قومكم خيّروا خصلتين، ... وكلتاهما جعلوها عدولا
فخزي الحياة وحرب الصديق، ... وكلّا أراه طعاما وبيلا
فإن لم يكن غير إحداهما ... فسيروا إلى الموت سيرا جميلا
ولا تقعدوا وبكم منّة، ... كفى بالحوادث للمرء غولا
وحشّوا الحروب إذا أوقدت ... رماحا طوالا وخيلا فحولا

صخرة حَيْوَة

صخرة حَيْوَة:
قال ابن بشكوال: خلف بن مروان ابن أميّة بن حيوة المعروف بالصخري ينسب إلى صخرة حيوة بلد بغربي الأندلس، سكن قرطبة، يكنى أبا القاسم، كان من أهل العلم والمعرفة والعفاف والصيانة، أخذ عن شيوخ قرطبة ورحل إلى المشرق في سنة 372 فقضى غرضه وأخذ عن جماعة، وقلّده المهدي محمد ابن هشام الشوري قرطبة وكان قبل ذلك استقضاه المظفّر بن عبد الملك بن عامر بطليطلة ثم استعفى وفارقهم، ومات في بلده في رجب سنة 401.

صِقِلِّيَّةُ

صِقِلِّيَّةُ:
بثلاث كسرات وتشديد اللام والياء أيضا مشددة، وبعض يقول بالسين، وأكثر أهل صقلّيّة يفتحون الصاد واللام: من جزائر بحر المغرب مقابلة إفريقية، وهي مثلثة الشكل بين كلّ زاوية والأخرى مسيرة سبعة أيّام، وقيل: دورها مسيرة خمسة عشر يوما، وإفريقية منها بين المغرب والقبلة، وبينها وبين ريو، وهي مدينة في البر الشمالي الشرقي الذي عليه مدينة قسطنطينيّة، مجاز يسمى الفارو في أطول جهة منها اتّساعه عرض ميلين وعليه من جهتها مدينة تسمى المسيني التي يقول فيها ابن قلاقس الإسكندري:
من ذا يمسّيني على مسّيني
وهي مقابلة ريو، وبين الجزيرة وبرّ إفريقية مائة وأربعون ميلا إلى أقرب مواضع إفريقية وهو الموضع المسمّى إقليبية وهو يومان بالريح الطيبة أو أقلّ،
وإن طولها من طرابنش إلى مسيني إحدى عشرة مرحلة وعرضها ثلاثة أيّام، وهي جزيرة خصيبة كثيرة البلدان والقرى والأمصار، وقرأت بخط ابن القطّاع اللغوي على ظهر كتاب تاريخ صقلية: وجدت في بعض نسخ سيرة صقلية تعليقا على حاشية أن بصقلية ثلاثا وعشرين مدينة وثلاثة عشر حصنا ومن الضياع ما لا يعرف، وذكر أبو علي الحسن بن يحيى الفقيه في تاريخ صقلية حاكيا عن القاضي أبي الفضل أن بصقلية ثماني عشرة مدينة إحداها بلرم، وأن فيها ثلاثمائة ونيفا وعشرين قلعة، ولم تزل في قديم وحديث بيد متملّك لا يطيع من حوله من الملوك وإن جلّ قدرهم لحصانتها وسعة دخلها، وبها عيون غزيرة وأنهار جارية ونزه عجيبة، ولذلك يقول ابن حمديس:
ذكرت صقلّيّة والهوى ... يهيّج للنّفس تذكارها
فإن كنت أخرجت من جنّة ... فإنّي أحدّث أخبارها
وفي وسطها جبل يسمى قصر يانه، هكذا يقولونه بكسر النون، وهي أعجوبة من عجائب الدّهر، عليه مدينة عظيمة شامخة وحولها من الحرث والبساتين شيء كثير، وكلّ ذلك يحويه باب المدينة، وهي شاهقة في الهواء والأنهار تتفجّر من أعلاها وحولها وكذلك جميع جبال الجزيرة، وفيها جبل النار لا تزال تشتعل فيه أبدا ظاهرة لا يستطيع أحد الدّنوّ منها فإن اقتبس منها مقتبس طفئت في يده إذا فارق موضعها، وهي كثيرة المواشي جدّا من الخيل والبغال والحمير والبقر والغنم والحيوان الوحشيّ وليس فيها سبع ولا حيّة ولا عقرب، وفيها معدن الذهب والفضة والنحاس والرصاص والزيبق وجميع الفواكه على اختلاف أنواعها، وكلأها لا ينقطع صيفا ولا شتاء، وفي أرضها ينبت الزعفران، وكانت قليلة العمارة خاملة قبل الإسلام، فلمّا فتح المسلمون بلاد إفريقية هرب أهل إفريقية إليها فأقاموا بها فعمّروها فأحسنوا عمارتها ولم تزل على قربها من بلاد الإسلام حتى فتحت في أيام بني الأغلب على يد القاضي أسد بن الفرات، وكان صاحب صقلية رجلا يسمى البطريق قسطنطين، فقتله لأمر بلغه عنه فتغلّب فيمي على ناحية من الجزيرة ثمّ دبّ حتى استولى على أكثرها ثمّ أنفذ صاحب القسطنطينيّة جيشا عظيما فأخرج فيمي عنها فخرج في مراكبه حتى لحق بإفريقية ثمّ بالقيروان منها مستجيرا بزيادة الله بن إبراهيم بن الأغلب، وهو يومئذ الوالي عليها من جهة أمير المؤمنين المأمون بن هارون الرشيد، وهوّن عليه أمرها وأغراه بها فندب زيادة الله الناس لذلك فابتدروا إليه ورغبوا في الجهاد فأمّر عليهم أسد ابن الفرات، وهو يومئذ قاضي القيروان، وجمعت المراكب من جميع السواحل وتوجّه نحو صقلية في سنة 212 في أيّام المأمون في تسعمائة فارس وعشرة آلاف راجل فوصل إلى الجزيرة وجمع الروم جمعا عظيما فأمر أسد بن الفرات فيمي وأصحابه أن يعتزلوهم وقالوا لا حاجة لنا إلى الانتصار بالكفار، ثمّ كبّر المسلمون وحملوا على الروم حملة صادقة فانهزم الروم وقتل منهم قتلا ذريعا وملك أسد بن الفرات بالتنقّل جميع الجزيرة، ثمّ توفي في سنة 213، وكان رجلا صالحا فقيها عالما، أدرك حياة مالك بن أنس، رضي الله عنه، ورحل إلى الشرق، وبقيت بأيدي المسلمين مدّة وصار أكثر أهلها مسلمين وبنوا بها الجوامع والمساجد ثمّ ظهر عليها الكفار فملكوها فهي اليوم في أيديهم، قال بطليموس في كتاب الملحمة: مدينة صقلية طولها أربعون درجة، وعرضها خمس وثلاثون درجة، طالعها السنبلة، عاشرها ذراع الكلب ولها
شركة في الفرع المؤخر تحت عشر درجات من السرطان، يقابلها مثلها من الجدي، رابعها مثلها من الميزان، بيت ملكها مثلها من الحمل، ومن فضل جزيرة صقلية أن ليس بها سبع ضار ولا نمر ولا ضبع ولا عقرب ولا أفاع ولا ثعابين، وفيها معادن الذهب موجودة في كلّ مكان ومعادن الشّبّ والكحل والفضة ومعدن الزاج والحديد والرصاص وجبال تنعش، وكثيرا ما يوجد النوشادر في جبل النار ويحمل منه إلى الأندلس، وغيرها كثير، وقال أبو علي الحسن بن يحيى الفقيه مصنف تاريخ صقلية: وأما جبل النار الذي في جزيرة صقلية فهو جبل مطلّ على البحر المتصل بالمجاز، وهو فيما بين قطانية ومصقلة وبقرب طبرمين، ودوره ثلاثة أيّام، وفيه أشجار وشعارى عظيمة أكثرها القسطل وهو البندق والصنوبر والأرزن، وحوله أبنية كثيرة وآثار عظيمة للماضين ومقاسم تدلّ على كثرة ساكنيه، وقيل إنّه يبلغ من كان يسكنه من المقاتلة في زمن الطّورة ملك طبرمين ستين ألف مقاتل، وفيه أصناف الثمار، وفي أعلاه منافس يخرج منها النار والدخان وربما سالت النار منه إلى بعض جهاته فتحرق كلّ ما تمرّ به ويصير كخبث الحديد ولم ينبت ذلك المحترق شيئا، ولا تمشي اليوم فيه دابة، وهو اليوم ظاهر يسميه الناس الأخباث، وفي أعلى هذا الجبل السحاب والثلوج والأمطار دائمة لا تكاد تنقطع عنه في صيف ولا شتاء، وفي أعلاه الثلج لا يفارقه في الصيف فأمّا في الشتاء فيعم أوّله وآخره، وزعمت الروم أن كثيرا من الحكماء الأولين كانوا يرحلون إلى جزيرة صقلية ينظرون إلى عجائب هذا الجبل واجتماع هذه النار والثلج فيه، وقيل إنّه كان في هذا الجبل معدن الذهب ولذلك سمّته الروم جبل الذهب، وفي بعض السنين سالت النار من هذا الجبل إلى البحر وأقام أهل طبرمين وغيرهم أيّاما كثيرة يستضيئون بضوئه، وقرأت لابن حوقل التاجر فصلا في صفة صقلية ذكرته على وجهه ففيه مستمتع للناظر في هذا الكتاب، قال: جزيرة صقلية على شكل مثلث متساوي الساقين، زاويته الحادة من غربي الجزيرة طولها سبعة أيّام في أربعة أيّام، وفي شرقي الأندلس في لجّ البحر وتحاذيها من بلاد الغرب بلاد إفريقية وباجة وطبرقة إلى مرسى الخزر، وغربيها في البحر جزيرة قرشف وجزيرة سردانية من جهة جنوب قرشف، ومن جنوب صقلية جزيرة قوصرة، وعلى ساحل البحر شرقيها من البر الأعظم الذي عليه قسطنطينية مدينة ريو ثمّ نواحي قلورية، والغالب على صقلية الجبال والحصون، وأكثر أرضها مزرعة، ومدينتها المشهورة بلرم وهي قصبة صقلية على نحر البحر، والمدينة خمس نواح محدودة غير متباينة ببعد مسافة، وحدود كل واحدة ظاهرة، وهي: بلرم وقد ذكرت في بابها، وخالصة وهي دونها وقد ذكرت أيضا، وحارة الصقالبة وهي عامرة وأعمر من المدينتين المذكورتين وأجلّ، ومرسى البحر بها، وبها عيون جارية وهي فاصلة بينها وبين بلرم ولا سور لها، والمدينة الرابعة حارة المسجد وتعرف بابن صقلاب، وهي مدينة كبيرة أيضا وشرب أهلها من الآبار ليس لهم مياه جارية، وعلى طريقها الوادي المعروف بوادي العباس، وهو واد عظيم وعليه مطاحنهم ولا انتفاع لبساتينهم به ولا للمدينة، والخامسة يقال لها الحارة الجديدة، وهي تقارب حارة ابن صقلاب في العظم والشبه وليس عليها سور، وأكثر الأسواق فيها بين مسجد ابن صقلاب والحارة الجديدة، وفي بلرم والخالصة والحارات المحيطة بها ومن ورائها من المساجد نيف وثلاثمائة مسجد، وفي محالّ تلاصقها وتتصل بوادي العباس
مجاورة المكان المعروف بالعسكر وهو في ضمن البلد إلى البلد المعروف بالبيضاء قرية تشرف على المدينة من نحو فرسخ مائتا مسجد، قال: ولقد رأيت في بعض الشوارع في بلرم على مقدار رمية سهم عشرة مساجد، وقد ذكرتها في بلرم، قال: وأهل صقلية أقل الناس عقلا وأكثرهم حمقا وأقلهم رغبة في الفضائل وأحرصهم على اقتناء الرذائل، قال: وحدثني غير إنسان منهم أن عثمان بن الخزّاز ولي قضاءهم وكان ورعا فلمّا جرّبهم لم يقبل شهادة واحد منهم لا في قليل ولا في كثير، وكان يفصل بين الناس بالمصالحات، إلى أن حضرته الوفاة فطلب منه الخليفة بعده فقال:
ليس في جميع البلد من يوصى إليه، فلمّا توفي تولى قضاءهم رجل من أهلها يعرف بأبي إبراهيم إسحاق بن الماحلي، ثمّ ذكر شيئا من سخيف عقله، قال:
والغالب على أهل المدينة المعلّمون، فكان في بلرم ثلاثمائة معلّم، فسألت عن ذلك فقالوا: إن المعلم لا يكلّف الخروج إلى الجهاد عند صدمة العدو، وقال ابن حوقل: وكنت بها في سنة 362، ووصف شيئا من تخلّــقهم ثم قال: وقد استوفيت وصف هؤلاء وحكاياتهم ووصف صقلية وأهلها بما هم عليه من هذا الجنس من الفضائل في كتاب وسمته بمحاسن أهل صقلية ثمّ ذكرت ما هم عليه من سوء الخلق والمأكل والمطعم المنتن والأعراض القذرة وطول المراء مع أنّهم لا يتطهّرون ولا يصلّون ولا يحجّون ولا يزكون، وربّما صاموا رمضان واغتسلوا من الجنابة، ومع هذا فالقمح لا يحول عندهم وربّما ساس في البيدر لفساد هوائها، وليس يشبه وسخهم وقذرهم وسخ اليهود، ولا ظلمة بيوتهم سواد الأتاتين، وأجلّهم منزلة تسرح الدجاج على موضعه وتذرق على مخدته وهو لا يتأثر، ثمّ قال: ولقد عررت كتابي بذكرهم، والله أعلم.

عَذَاةُ

عَذَاةُ:
بالفتح، والعذاة: الأرض الطيبة التربة الكريمة النبت البعيدة عن الأحساء والنزوز والريف السهلة المريئة ولا تكون ذات وخامة: وهو موضع بعينه بدليل أن الشاعر لم يصرفه فقال:
تحنّ قلوصي من عذاة إلى نجد، ... ولم ينسها أوطانها قدم العهد
وقد هجت نصبا من تذكّر ما مضى، ... وأعديتني لو كان هذا الهوى يعدي
وأذكرتني قوما أصبّ إليهم، ... وأشتاقهم في القرب مني وفي البعد
أولئك قوم لو لجأت إليهم ... لكنت مكان السيف من وسط الغمد

الزُّمَيْلُ

الزُّمَيْلُ:
تصغير زمل: موضع في ديار بكر، قال:
إلى عنصلاء بالزّميل وعاسم وفي الفتوح: الزميل عند البشر بالجزيرة شرقي الرصافة أوقع فيه خالد ببني تغلب ونمير وغيرهم في سنة 12 أيّام أبي بكر، وقال أبو مقرّر:
ألا سالي الهذيل وما يلاقي ... على الحدثان من نعت الحروب
وعتّابا فلا تنسي وعمرا ... وأرباب الزميل بني الرّقوب
ألم نفتــقهم بالبشر طعنا ... وضربا مثل تفتيق الضروب
وقال أيضا:
ويقبل بالزميل وجانبيه، ... وطاروا حيث طاروا كالدموك
وأجلوا عن نسائهم فكنّا ... بها أولى من الحيّ الرّكوك

فَاسُ

فَاسُ:
بالسين المهملة، بلفظ فاس النجّار: مدينة مشهورة كبيرة على برّ المغرب من بلاد البربر، وهي حاضرة البحر وأجلّ مدنه قبل أن تختطّ مرّاكش، وفاس مختطّة بين ثنيّتين عظيمتين وقد تصاعدت العمارة في جنبيها على الجبل حتى بلغت مستواها من رأسه وقد تفجّرت كلها عيونا تسيل إلى قرارة واديها إلى نهر متوسط مستنبط على الأرض منبجس من عيون في غربيها على ثلثي فرسخ منها بجزيرة دوي ثم ينساب يمينا وشمالا في مروج خضر فإذا انتهى النهر إلى المدينة طلب قرارتها فيفترق منه ثمانية أنهار تشقّ المدينة عليها نحو ستمائة رحى في داخل المدينة كلها دائرة لا تبطل ليلا ولا نهارا، تدخل من تلك الأنهار في كل دار ساقية ماء كبار وصغار، وليس بالمغرب مدينة يتخللها الماء غيرها إلا غرناطة بالأندلس، وبفاس يصبغ الأرجوان والأكسية القرمزيّة، وقلعتها في أرفع موضع فيها يشقّها نهر يسمى الماء المفروش إذا تجاوز القلعة أدار رحى هناك، وفيها ثلاثة جوامع يخطب يوم الجمعة في جميعها، قال أبو عبيد البكري: مدينة فاس مدينتان مفترقتان مسوّرتان، وهي مدينتان:
عدوة القرويّين وعدوة الأندلسيين، وعلى باب دار الرجل رحاه وبستانه بأنواع الثمر وجداول الماء تخترق في داره، وبالمدينتين أكثر من ثلاثمائة رحى وبها نحو عشرين حماما، وهي أكثر بلاد المغرب يهودا يختلفون منها إلى جميع الآفاق، ومن أمثال أهل المغرب:
فاس بلد بلا ناس، وكلتا عدوتي فاس في سفح جبل، والنهر الذي بينهما مخرجه من عين في وسط بلد من عسرة على مسيرة نصف يوم من فاس، وأسست عدوة الأندلسيين في سنة 192 وعدوة القرويّين في سنة 193 في ولاية إدريس بن إدريس، ومات إدريس بمدينة وليلى من أرض فاس على مسافة يوم من جانب الغرب في سنة 213، وبعدوة الأندلسيين تفّاح حلو يعرف بالأطرابلسي جليل حسن الطعم يصلح بها ولا يصلح بعدوة القرويّين، وسميد عدوة الأندلسيين أطيب من سميد القرويين لحذقهم بصنعته، وكذلك رجال عدوة الأندلسيين أشجع وأنجب وأنجد من القرويين، ونساؤهم أجمل من نساء القرويين، ورجال القرويين أجمل من رجال الأندلسيين، وفي كل واحدة من العدوتين جامع مفرد، وقال محمد بن إسحاق المعروف بالجليلي:
يا عدوة القرويين التي كرمت، ... لا زال جانبك المحبوب ممطورا
ولا سرى الله عنها ثوب نعمته، ... أرض تجنبت الآثام والزورا
وقال إبراهيم بن محمد الأصيلي والد الفقيه أبي محمد عبد الله:
دخلت فاسا وبي شوق إلى فاس، ... والحين يأخذ بالعينين والراس
فلست أدخل فاسا ما حييت ولو ... أعطيت فاسا بما فيها من الناس
وقال أحمد بن فتح قاضي تاهرت في قصيدة طويلة:
اسلح على كلّ فاسيّ مررت به ... بالعدوتين معا، لا تبقين أحدا
قوم غذوا اللّؤم حتى قال قائلهم: ... من لا يكون لئيما لم يعش رغدا
ومنها إلى سبتة عشرة أيام، وسبتة أقرب منها إلى الشرق، وقال البكّي يهجو أهل فاس:
فراق الهمّ عند خروج فاس ... لكلّ ملمّة تخشى وباس
فأما أرضها فأجلّ أرض، ... وأما أهلها فأخسّ ناس
بلاد لم تكن وطنا لحرّ، ... ولا اشتملت على رجل مواسي
وله فيهم أيضا:
اطعن بأيرك من تلقى من الناس ... من أرض مصر إلى أقصى قرى فاس
قوم يمصون ما في الأرض من نطف ... مصّ الخليع زمان الورد للكاس
وله أيضا فيهم:
دخلت بلدة فاس ... أسترزق الله فيهم
فما تيسر منهم ... أنفقته في بنيهم
وقد نسب إليها جماعة من أهل العلم، منهم: أبو عمر عمران بن موسى بن عيسى بن نجح الفاسي فقيه أهل القيروان في وقته، نزل بها وكان قد سمع بالمغرب من جماعة ورحل وسمع بالمشرق جماعة من العلماء، وكان من أهل الفضل والطلب وغيره.

فَاقُ

فَاقُ:
بالقاف، هو في الأصل الجفنة المملوءة طعاما من قوله:
ترى الأضياف ينتجعون فاقي
وقيل: الفاق الزيت المطبوخ في قول الشمّاخ:
قامت تريك أثيث النبت منسدلا ... مثل الأساود قد مسّحن بالفاق
وقال أبو عمرو: الفاق الصحراء، وقال مرّة: هي أرض، هذا اسم صريح ويجوز أن يكون مأخوذا من الفعل من فاق غيره يفوقهم إذا فضلهم، وفاق:
أرض في شعر أبي نجيد.

فَخٌّ

فَخٌّ:
بفتح أوله، وتشديد ثانيه، والفخ: الذي يصاد به الطير معرّب وليس بعربي واسمه بالعربية طرق:
وهو واد بمكة، وقال السيد عليّ: الفخ وادي الزاهر، ويروى قول بلال:
ألا ليت شعري هل أبيتنّ ليلة ... بفخ وعندي إذخر وجليل؟
ويوم فخّ كان أبو عبد الله الحسين بن علي بن الحسن ابن علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، خرج يدعو إلى نفسه في ذي القعدة سنة 169 وبايعه جماعة من العلويين بالخلافة بالمدينة وخرج إلى مكة فلما كان بفخ لقيته جيوش بني العباس وعليهم العباس بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس وغيره فالتقوا يوم التروية سنة 169 فبذلوا الأمان له، فقال: الأمان أريد،
فيقال إن مباركا التركي رشقه بسهم فمات وحمل رأسه إلى الهادي وقتلوا جماعة من عسكره وأهل بيته فبقي قتلاهم ثلاثة أيام حتى أكلتهم السباع، ولهذا يقال لم تكن مصيبة بعد كربلاء أشدّ وأفجع من فخ، قال عيسى بن عبد الله يرثي أصحاب فخ:
فلأبكينّ على الحسي ... ن بعولة وعلى الحسن
وعلى ابن عاتكة الذي ... واروه ليس بذي كفن
تركوا بفخّ غدوة ... في غير منزلة الوطن
كانوا كراما هيّجوا، ... لا طائشين ولا جبن
غسلوا المذلّة عنهم ... غسل الثياب من الدّرن
هدي العباد بجدّهم، ... فلهم على الناس المنن
وأنشد موسى بن داود بن سلم لأبيه في أصحاب فخ:
يا عين بكّي بدمع منك منهمر، ... فقد رأيت الذي لاقى بنو حسن
صرعى بفخ تجرّ الريح فوقهم ... أذيالها وغوادي دلّح المزن
حتى عفت أعظم لو كان شاهدها ... محمد ذبّ عنها ثم لم تهن
وفي هذا الموضع دفن عبد الله بن عمر ونفر من الصحابة الكرام. وفخ أيضا: ماء أقطعه النبي، صلى الله عليه وسلم، عظيم بن الحارث المحاربي، حكى ذلك الحازمي.

فَلْجٌ

فَلْجٌ:
بفتح أوله، وسكون ثانيه، وآخره جيم، والفلج في لغتهم: القسم، يقال: هذا فلجي أي قسمي، والفلج: القهر، وكذلك الفلج، بالضم، والفلج: قيام الحجة، يقال: فلج الرجل يفلج أصحابه إذا علاهم وفاقهم، قال أبو منصور: فلج اسم بلد، ومنه قيل لطريق تأخذ من طريق البصرة إلى اليمامة طريق بطن فلج، وأنشد للأشهب:
وإن الذي حانت بفلج دماؤهم ... هم القوم كلّ القوم يا أم خالد
هم ساعد الدهر الذي يتّقى به، ... وما خير كفّ لا تنوء بساعد؟
وقال غيره: فلج واد بين البصرة وحمى ضرية من منازل عدي بن جندب بن العنبر بن عمرو بن تميم من طريق مكة، وبطن: واد يفرّق بين الحزن والصّمّان يسلك منه طريق البصرة إلى مكة، ومنه إلى مكة أربع وعشرون مرحلة، وقال أبو عبيدة: فلج لبني العنبر بن عمرو بن تميم وهو ما بين الرّحيل إلى المجازة وهي أول الدهناء، وقال بعض الأعراب:
ألا شربة من ماء مزن على الصفا ... حديثه عهد بالسحاب المسخّر
إلى رصف من بطن فلج كأنها ... إذا ذقتها بيّوتة ماء سكّر
وقالت امرأة من بني تميم:
إذا هبّت الأرواح هاجت صبابة ... عليّ وبرحا في فؤادي همومها
ألا ليت أن الريح ما حلّ أهلها ... بصحراء فلج لا تهب جنوبها
وآلت يمينا لا تهب شمالها ... ولا نكبها إلا صبا تستطيبها
تؤدي لنا من رمث حزوى هديّة ... إذا نال طلّا حزنها وكثيبها

قُرّانُ

قُرّانُ:
بالضم، يجوز أن يكون جمع قرّ أو قرّ من البرد أو فعلان منه، ويقال: يوم قرّ وليلة قرّة، فيجوز على ذلك أن يقال أيام قرّان وموضع قرّ ومواضع قرّان، وقرّان: اسم واد قرب الطائف في شعر أبي ذؤيب، قال، ويروى لأبي جندب:
وحيّ بالمناقب قد حموها لدى قرّان حتى بطن ضيم كلّها بين مكة والطائف، وقرّان: قرية باليمامة، وقيل: قرّان بين مكة والمدينة بلصق أبلى، وقد ذكر في أبلى، وقال ذو الرّمّة:
تزاورن عن قرّان عمدا ومن به من الناس، وازورّت سواهنّ عن حجر وقال السكري في قول جرير:
كأنّ أحداجهم تحدى مقفيّة نخل بملهم أو نخل بقرّانا قال: ملهم وقرّان قريتان باليمامة لبني سحيم بن مرّة بن الدّؤل بن حنيفة، والأحداج: مراكب النساء، قلت: فهذا الذي ذكرنا أنه بين مكة والمدينة فهما موضعان مسميان بهذا الاسم، وقال عطارد اللّصّ:
أقول وقد قرّنت عيسا شملّة، لها بين نسعيها فضول نفانف:
عليّ دماء البدن إن لم تمارسي أمورا على قرّان فيها تكالف وقال ابن سيرين في تاريخه: وفيها، يعني في سنة 310، انتقل أهل قرّان من اليمامة إلى البصرة لحيف لحــقهم من ابن الأخيضر في مقاسماتهم وجدب أرضهم، فلما انتهى خبرهم إلى أهل البصرة سعى أبو الحسن أحمد بن الحسين بن المثنّى في مال جمعه لهم فقووا به على الشخوص إلى البصرة فدخلوا على حال سيئة فأمر لهم سبّك أمير البصرة بكسوة ونزلوا بالمسامعة محلّة بها. وقرّان: قرية بمرّ الظهران، بينها وبين مكة يوم. وقرّان: قصبة البذّين بأذربيجان حيث استوطن بابك الخرّمي، عن نصر.

قَرَدٌ

قَرَدٌ:
بالتحريك، مرتجل، وقيل: القرد الصوف الرّديّ، ورواه أبو محمد الأسود قرد بضمتين أيضا، هكذا يقوله أئمة العلم، ذو قرد: ماء على ليلتين من المدينة بينها وبين خيبر، وكان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، انتهى إليه لما خرج في طلب عيينة حين أغار على لقاحه، قال أبان بن عثمان صاحب المغازي:
وذو قرد ماء لطلحة بن عبيد الله اشتراه فتصدّق به على مارّة الطريق، قال عياض القاضي: جاء في حديث قبيصة في الصحيح أن بذي قرد كان سرح جمال رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، الذي أغارت عليه غطفان، وهذا غلط إنما هو بالغابة قرب المدينة، قال: [1]- في هذه الأبيات إقواء.
وذو قرد حيث انتهى المسلمون آخر النهار وبه باتوا ومنه انصرفوا فسميت به الغزوة، وقد بيّنه في حديث سلمة ابن الأكوع في السير، وقال بعض شيوخ مسلم في آخر حديث قتيبة: فلحــقهم بذي قرد يدلّ على ذلك لأنهم لم يأخذوا السرح ويقيموا بمكانهم حتى لحق بهم الطلب، قال القاضي: وبين ذي قرد والمدينة نحو يوم، وقال محمد بن موسى الخوارزمي: غزوة الغابة هي غزوة ذي قرد كانت في سنة ست، ذكرت في الغابة، قال حسّان بن ثابت:
أخذ الإله عليهم بحزامة ... ولعزّة الرحمن بالاسداد
كانوا بدار ناعمين فبدّلوا ... أيام ذي قرد وجوه عباد
وقال العمراني: وغزوة ذي قرد لرسول الله، صلى الله عليه وسلم.

القَطِيفُ

القَطِيفُ:
بفتح أوله، وكسر ثانيه، فعيل من القطف وهو القطع للعنب ونحوه، كلّ شيء تقطفه عن شيء فقد قطعته، والقطف الخدش: وهي مدينة بالبحرين هي اليوم قصبتها وأعظم مدنها وكان قديما اسما لكورة هناك غلب عليها الآن اسم هذه المدينة، وقال الحفصي: القطيف قرية لجذيمة عبد القيس، وقال عمرو بن أسوى العبدي:
وتركن عنتر لا يقاتل بعدها ... أهل القطيف قتال خيل تنفع
ولما قدم وفد عبد القيس على النبيّ، صلى الله عليه وسلم، قال لسيّديها الجون والجارود وجعل يسألهما عن البلاد فقالا: يا رسول الله دخلتها؟ قال: نعم دخلت هجر وأخذت اقليدها، وكان نجدة الحروري أنفذ ابنه المطرّح في خيل إلى عبد القيس بالقطيف ليتصدقّهم فقتل المطرّح في الحرب ثم انتصرت الخوارج عليهم، فقال حمل بن المعنّي العبدي:
نصحت لعبد القيس يوم قطيفها، ... فما خير نصح قيل لم يتقبّل
فقد كان في أهل القطيف فوارس ... حماة إذا ما الحرب ألقت بكلكل

كِرْيَوْنُ

كِرْيَوْنُ:
بكسر أوله، وسكون ثانيه، وفتح الياء المثناة من تحتها، وواو ساكنة ثم نون: اسم موضع قرب الإسكندرية أوقع به عمرو بن العاص أيام الفتوح بجيوش الروم، وهو موضع يذكر في شعر كثيّر رواه بعضهم بالدال وهو خطأ فقال:
لعمري لقد رعتم غداة سويقة ... يبيّنكم يا عزّ حقّ جزوع
ومرّت سراعا عيرها وكأنها ... دوافع بالكريون ذات قلوع
وحاجة نفس قد قضيت وحاجة ... تركت، وأمر قد أصبت بديع
قال ابن السكيت: الكريون نهر بمصر يأخذ من النيل، ولذلك شبّه عيرها بالسّفن ذات القلوع وهي الشراعات، وقال عبيد الله بن قيس الرّقيّات يمدح
عبد العزيز بن مروان:
لحيّ من أميّة لي ... س في أخلاقهم رنق
غدوا من رنّح الكريو ... ن حيث سفينهم خرق
فلما أن علوت الني ... ل والرايات تختفق
رأيت الجوهر الحكم ... يّ والديباج يأتلق
سفائن غير مغرقة ... إلى حلوان تستبق
أحبّ إليّ من قوم ... إذا ما أصبحوا نعقوا

زَوِيلَة

زَوِيلَة:
بفتح أوّله، وكسر ثانيه، وبعد الياء المثناة من تحت الساكنة لام: بلدان أحدهما زويلة السودان مقابل اجدابية في البرّ بين بلاد السودان
وإفريقية، قال البكري: وزويلة مدينة غير مسورة في وسط الصحراء، وهي أوّل حدود بلاد السودان، وفيها جامع وحمام وأسواق تجتمع فيها الرفاق من كل جهة ومنها يفترق قاصدهم وتتشعب طرقهم، وبها نخيل وبساط للزرع يسقى بالإبل، ولما فتح عمرو برقة بعث عقبة بن نافع حتى بلغ زويلة وصار ما بين برقة وزويلة للمسلمين، وبزويلة قبر دعبل بن عليّ الخزاعي الشاعر المشهور، قال بكر بن حماد:
الموت غادر دعبلا بزويلة ... في أرض برقة أحمد بن خصيب
والذي يذكره المؤرخون أن دعبلا لما هجا المعتصم أهدر دمه فهرب إلى طوس واستجار بقبر الرشيد فلم يجره المعتصم وقتله صبرا في سنة 220، وبين زويلة ومدينة اجدابية أربع عشرة مرحلة، ولأهل زويلة حكمة في احتراس بلدهم، وذاك أن الذي عليه نوبة الاحتراس منهم يعمد إلى دابة فيشد عليها حزمة كبيرة من جريد النخل ينال سعفها الأرض ثمّ يدور بها حوالي المدينة فإذا أصبح من الغد ركب ذلك المحترس ومن تبعه على جمال السروح وداروا على المدينة فإن رأوا أثرا خارجا من المدينة اتبعوه حتى يدركوه أينما توجه لصّا كان أو عبدا أو أمة أو غير ذلك. وزويلة: من أطرابلس بين المغرب والقبلة، ويجلب من زويلة الرقيق إلى ناحية إفريقية وما هنالك ومبايعاتهم بثياب قصار حمر، ومن بلد زويلة إلى بلد كانم أربعون مرحلة، وهم وراء صحراء من بلاد زويلة، يذكر خبرهم في كانم، والأخرى: زويلة المهدية، وهي مدينة بإفريقية بناها المهدي عبيد الله جد هؤلاء الذين كانوا بمصر إلى جانب المهدية، بينهما رمية سهم فقط، فسكن هو وعسكره بالمهدية، على ما نذكره إن شاء الله تعالى في موضعه، وأسكن العامة في زويلة، وكانت دكاكينهم وأموالهم في المهدية وبزويلة مساكنهم، فكانوا يدخلون بالنهار للمعيشة ويخرجون بالليل إلى أهاليهم، فقيل للمهدي:
إن رعيتك في عناء من هذا، فقال: لكن أنا في راحة لأني بالليل أفرق بينهم وبين أموالهم وبالنهار أفرق بينهم وبين أهاليهم فآمن غائلتهم، وقال أبو لقمان شاعر الأنموذج يهجو رجلين:
لا بارك الله في دهر يكون به ... لابن المؤدب ذكر وابن حربون
ذا من زويلة لا دين ولا حسب، ... وذاك من أهل ترشيش المجانين
وترشيش: اسم لمدينة تونس. وزويلة: محلة وباب بالقاهرة، قال الشريف أبو البركات عمر بن إبراهيم العلوي أو أبوه إبراهيم بن محمد بن حمزة، وكان أقام بمصر مدّة فملّها ورحل عنها وقال ... [1]

الزَّابجُ

الزَّابجُ:
بعد الألف باء موحدة تفتح وتكسر، وآخره جيم: هي جزيرة في أقصى بلاد الهند وراء بحر هركند في حدود الصين، وقيل: هي بلاد الزنج، وبها سكّان شبه الآدميّين إلّا أن أخلاقهم بالوحش أشبه، وبها نسناس لهم أجنحة كأجنحة الخفافيش،
وقد ذكر عنها عجائب دوّنها الناس في كتبهم، وبها فأر المسك والزّباد دابة شبه الهرّ، يجلب منها الزباد، والذي بلغني من جهة المسافرين إلى تلك النواحي أن الزباد عرق دابّة إذا حمي الحرّ عليها عرقت الزباد فجرد عنها بالسكين، والله أعلم.

المُدَيْبِرُ

المُدَيْبِرُ:
تصغير مدبر ضدّ المقبل: موضع قرب الرّقة له ذكر في المازحين فيما تقدّم، قال جرير:
كأنّي بالمديبر بين زكّا ... وبين قرى أبي صفرى أسير
كفى حزنا فراقهم، وإني ... غريب لا أزار ولا أزور
أجديّ فاشربي بحياض قوم ... عليهم في فعالهم خبير
وينسب إليها زيد بن سيّار التميمي المديبري حرّانيّ، روى عن مساير بن يقظان، ذكره ابن مندة عن علي ابن أحمد الحرّاني.
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.