Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: فوار

الفَرَسُ

الفَرَسُ: اسم للذكر والأنثى، تصغيره فريس.
الفَرَسُ، للذَّكَرِ والأُنثى، أو هي فَرَسَةٌ
ج: أفْراسٌ وفُروسٌ.
وراكِبُهُ فارِسٌ، أي: صاحِبُ فرَسٍ، كَلاَبِنٍ
ج: فَوارِــسُ شاذٌّ. و"هُما كفَرَسَيْ رِهانٍ" يُضْرَبُ لاثْنينِ يَسْتَبِقانِ إلى غايَةٍ فَيَسْتَوِيانِ. وهذا التَّشْبيهُ في الابتِداءِ، لأنَّ النِّهايَةَ تُجَلِّي عن السَّابِقِ لامَحالَةَ.
والــفَوارِــسُ: حِبالُ رَمْلٍ بالدَّهْناءِ. ويقالُ: مَرَّ فارِسٌ على بَغْلٍ، وكذا على كلِّ ذي حافِرٍ، أو لا يقالُ. ورَبيعةُ الفَرَسِ: في ح م ر.
وفَرَسانُ، محركةً: جَزيرةٌ مأهُولَةٌ ببَحْرِ اليمنِ، ولَقَبُ قَبيلَةٍ ليس بأَبٍ ولا أُمٍّ، وإنما هُمْ أخْلاطٌ من تَغْلِبَ، اصْطَلَحُوا على هذا الاسمِ. وعَبْدِيدٌ الفَرَسانِيُّ: من رِجالِهم.
والفارِسُ والفَرُوسُ والفَرَّاسُ: الأسَدُ.
وفَرَسَ فَريسَتَهُ يَفْرِسُها: دَقَّ عُنُقَها.
وكُلُّ قَتْلٍ: فَرْسٌ.
والفَريسُ: القَتيلُ
ج: كقَتْلَى، وحَلْقَةٌ من خَشَبٍ في طَرَفِ الحَبْلِ، فارِسيَّتُه جَنْبَر. وفَريسُ بنُ ثَعْلَبَةَ: تابِعِيُّ. وأبو فِراسٍ، ككتابٍ: كُنْيَةُ الفَرَزْدَقِ والأسَدِ ورَبيعةَ بنِ كَعْبٍ الصَّحابيِّ. وفراسُ بنُ يَحْيَى الهَمْدانِيُّ: كوفِيٌّ مُكَتِّبٌ محدِّثٌ.
وفارِسُ: الفُرْسُ، أو بِلادُهُم.
والفَرْسَةُ: رِيحُ الحَدَبِ، لأنَّها تَفْرِسُ الظَّهْرَ.
وفَرْسٌ: ع لِهُذَيْلٍ،
او د من بِلادِهِم.
والفِرْسُ، بالكسر: نَبْتٌ، أو هو القَضْقاضُ، أو البَرْوَقُ، أو الحَبَنُ. وكسحابٍ: تَمْرٌ أسْوَدُ، وليسَ بالشَّهْرِيز. وفَرِسَ، كسَمِعَ: دامَ على أكْلِهِ، ورَعَى الفِرْسَ.
والفِراسَةُ، بالكسر: اسمٌ من التَّفَرُّسِ، وبالفتح: الحِذْقُ برُكُوبِ الخَيْلِ وأمْرِها،
كالفُرُوسَةِ والفُروسِيَّةِ، وقد فَرُسَ، ككَرُمَ.
والفِرْسِنُ للبعيرِ: كالحافِرِ للفَرَسِ، مُؤَنَّثَةٌ، والنونُ زائِدةٌ.
والفِرْناسُ: رئيسُ الدَّهاقينِ
ج: فَرانِسةٌ، والأسَدُ،
كالفُرانِسِ، والشديدُ الشُّجاعُ.
وفِرْناسٌ: رجُلٌ من بني سَلِيطٍ.
وأفْرَسَ عن بَقِيَّةِ مالٍ: أخَذَهُ وتَرَكَ منه بَقِيَّةً،
وـ الرَّاعِي: غَفَلَ فأخَذَ الذِّئْبُ شاةً من غَنَمِهِ،
وـ الرجُلُ الأسَدَ حِمارَهُ: تَرَكَهُ له ليَفْتَرِسَه، ويَنْجُوَ هو.
وتَفَرَّسَ: تَثَبَّتَ، ونَظَرَ، وأرى الناسَ أنه فارسٌ.
وافْتَرَسَهُ: اصْطادَهُ.
وفَرْنَسَةُ المرأة: حُسْنُ تَدْبيرها لأُمُورِ بَيْتها.
وفَرْسيسُ الصُّغْرى والكُبْرَى: قَرْيتانِ بِمصْرَ.

فَرَقَ

فَرَقَ بينهما فَرْقاً وفُرْقاناً بالضم: فَصَلَ.
و {فيها يُفْرَقُ كلُّ أمرٍ حكيمٍ} ، أَي: يُقْضى.
{وقُرْآناً فَرَقْناهُ} : فَصَّلْنَاهُ وأحْكَمْناهُ.
{وإذ فَرَقْنا بكُمُ البَحْرَ} : فَلَقْناهُ.
{والفارِقاتِ فَرْقاً} : الملائكةُ تَنْزِلُ بالفَرْقِ بينَ الحَقِّ والباطِلِ.
والفَرْقُ: الطَّريقُ في شَعَرِ الرأسِ، وطائرٌ، والكَتَّانُ، ومِكْيالٌ بالمدينةِ يَسَعُ ثلاثة آصُعٍ، ويُحَرَّكُ، أَو هو أفْصَحُ، أَو يَسَعُ سِتَّةَ عَشَرَ رِطْلاً، أَو أربعةَ أرْباعٍ، ج: فُرْقانٌ، كبُطْنانٍ.
والفاروقُ: (عُمَرُ بنُ الخَطَّاب، رضي الله تعالى عنه) ، لأَنه فَرَقَ بين الحَقِّ والباطِلِ، أو أظْهَرَ الإِسْلامَ بمكةَ فَفَرَقَ بين الإِيمانِ والكُفْرِ.
والتِّرْياقُ الفاروقُ: أحمدُ التَّرايِيقِ، وأجَلُّ المُرَكَّباتِ، لأنه يَفْرُِقُ بين المَرَضِ والصِّحةِ.
وفَرِقَ، كفرِحَ: فَزِعَ.
ورجُلٌ وامرأةٌ فاروقةٌ وفَرُوقةٌ، ويُشَدَّدُ،
أَو رجُلٌ فَرِقٌ، ككتِفٍ ونَدُسٍ وصَبورٍ ومَلولَةٍ وفَرُّوجٍ،
وفاروقٌ وفاروقةٌ: شديدُ الفَزَعِ،
أو فَرُقٌ، كنَدُسٍ: إذا كان منه جِبِلَّةً، وككتِفٍ: إذا فَزِعَ من الشيءِ. وكَمَقْعَدٍ ومَجْلِسٍ: وسَطُ الرأسِ، وهو الذي يُفْرَقُ فيه الشَّعَرُ،
وـ من الطريقِ: المَوْضِعُ الذي يَنْشَعِبُ منه طريقٌ آخَرُ، ج: مَفارِقُ. ووقَّفْتُه على مفَارِقِ الحديثِ: وجُوهِه.
وفَرَقَ له الطريقُ فُروقاً: اتَّجَهَ له طريقانِ، (أو أمْرٌ فَعَرَفَ وجْههُ) ،
وـ الناقَةُ أو الأَتانُ فُروقاً: أخَذَهَا المَخاضُ فَنَدَّتْ في الأرضِ،
فهي فارِقٌ، ج: فَوارِــقُ وفُرَّقٌ، كرُكَّعٍ وكُتبٍ، وتُشَبَّهُ بهذه السحابةُ المُنْفردَةُ عن السحابِ.
والفَرَقُ، محركةً: الصُّبْحُ نَفْسُه، أو فَلَقُه، وتَباعُدُ ما بين الثَّنِيَّتَيْنِ وما بين المَنْسِمَيْنِ،
وـ في الخيلِ: إشْرافُ إحْدى الوَرِكَيْنِ على الأُخْرَى، مَكْروهٌ،
فرسٌ أفْرَقُ.
ودِيكٌ أفْرَقُ، بَيِّنُ الفَرَقِ: عُرْفُه مَفْروقٌ.
ورجُلٌ أفْرَقُ: كأن ناصِيَتَه أو لِحْيَتَه مَفْروقةٌ بَيِّنُ الفَرَقِ.
وأرضٌ فَرِقةٌ، كفرِحةٍ: في نَبْتِها فَرَقٌ إذا كان مُتَفَرِّقاً،
أو نَبْتٌ فَرِقٌ، ككتِفٍ: صغيرٌ لم يُغَطِّ الأرضَ.
والأَفْرَقُ: الديكُ الأَبيضُ،
وـ من الشاءِ: البَعيدُ ما بين خُصْيَيْهِ، ج: فُرْقٌ،
وـ من الخَيْلِ: ذو خُصْيَةٍ واحدةٍ، والأَفْلَجُ.
والفَرْقاءُ: الشاةُ البَعيدةُ ما بين الطُّبْيَيْنِ. وفارِقينُ، في: م ي ي.
والأَفْراقُ: ع من أمْوَالِ المدينةِ.
وفُرَيْقاتٌ، كجُهَيْناتٍ: ع بعَقيقِها. وكزُبَيْرٍ: بِتِهامَةَ. وكصُغيَّرٍ: فَلاةٌ قُرْبَ البَحْرَيْنِ.
وفُروقٌ، بالضم: ع بِدِيارِ سعدٍ.
ومَفْروقٌ: جَبَلٌ، وأبو عبدِ المَسيحِ. وكصَبورٍ: عَقَبَةٌ دونَ هَجَرَ، ولَقَبُ قُسْطَنْطِينِيَّةَ،
وع آخَرُ، وبهاءٍ: الحُرْمَةُ، وشَحْمُ الكُلْيَتَيْنِ.
ويومُ الفَرُوقَيْنِ: من أيامِهِمْ.
والفِرْقُ، بالكسر: القَطيعُ من الغَنَمِ العظيمُ، ومن البَقَرِ أو الظِّباءِ، أو من الغَنَمِ فقطْ، أو من الغَنَمِ الضَّالَّةِ،
كالفَريقِ، أو ما دونَ المِئَةِ، والقِسْمُ من كلِّ شيء، والطائفةُ من الصِّبْيَانِ، وقِطْعَةٌ من النَّوَى يُعْلَفُ بها البعيرُ،
وفَرَقَ: مَلَكَهُ، والفِلْقُ من الشيءِ: المُنْفَلِقُ، والجَبَلُ، والهَضْبَةُ، والمَوْجَةُ. وكفَرِحَ: دَخَلَ فيها وغاصَ، وشَرِبَ بالفَرَقِ. وكنَصَرَ: ذَرَقَ.
وأفْرَقَه: أذْرَقَه.
وذاتُ فِرْقَيْنِ أو ذاتُ فِرْقٍ، ويُفْتَحانِ: هَضْبَةٌ بِبلادِ تَمِيمٍ بين البَصْرَةِ والكوفةِ.
والفِرْقَةُ، بالكسر: السِّقاءُ المُمْتَلِئُ لا يُسْتَطاعُ يُمْخَضُ حتى يُفْرَقَ، أي: يُذْرَقَ، والطائفةُ من الناسِ، ج: فِرَقٌ، وجُمِعَ في الشِّعْرِ على أفارِقَ،
جج: أفْراقٌ،
جج: أفاريقُ،
والفَريقُ، كأَميرٍ: أكْثَرُ منها، ج: أفْرِقاءُ وأفْرِقَةٌ وفُروقٌ.
والفُرْقانُ، بالضم: القُرآنُ، كالفُرْقِ، بالضمِ، وكلُّ ما فُرِقَ به بَيْنَ الحَقِّ والباطِلِ، والنَّصْرُ، والبُرْهانُ، والصُّبْحُ أو السَّحَرُ، والصِّبْيانُ، والتَّوْراةُ، وانْفراقُ البحرِ، ومنه: {آتَيْنَا موسى الكتابَ والفُرقانَ} .
ويَوْمُ الفُرْقانِ: يَوْمُ بَدْرٍ. وككَنيسةٍ: تَمْرٌ يُطْبَخُ بِحُلْبَةٍ للنُّفَساءِ، أو حُلْبَةٌ تُطْبَخُ مع الحُبوبِ لهَا،
وفَرَقَها: أطْعَمَهَا ذلك،
كأَفْرَقَها،
وـ: قِطْعَةٌ من الغَنَمِ تَتَفَرَّقُ عنها فَتَذْهَبُ تَحْتَ الليلِ عن جَماعَتِها. وكسَحابٍ وكتابٍ: الفُرْقَةُ، وقُرِئَ {هذا فَراقُ بيني وبينِك} .
وإِفْريقِيَةُ: بِلادٌ واسعَةٌ قُبالَةَ الأَنْدَلُسِ.
وأَفْرَقَ من مَرَضِه: أقبلَ وأفاقَ، أو بَرِئَ، أو لا يكونُ الإِفْراقُ إلا فيما لا يُصيبُكَ غيرَ مَرَّةٍ كالجُدَرِيِّ،
وـ الناقَةُ: رَجَعَ إليها بعضُ لَبَنِها،
وـ القومُ إبِلَهُم: خَلَّوْها في المَرْعى، لم يُنْتِجُوها ولم يُلْقِحوها.
وناقَةٌ مُفْرِقٌ، كمُحْسِنٍ: فارَقَهَا ولدُها بِمَوْتٍ.
وفَرَّقَهُ تَفْرِيقاً وتَفْرِقَةً: بَدَّدَهُ، وأخَذَ حَقَّهُ بالتَّفاريقِ. وقولُ غَنِيَّةَ الأَعْرابِيَّةِ لابْنِهَا:
إنَّكَ خيْرٌ من تَفاريقِ العَصا.
لأنه كانَ عارِماً كثيرَ الإِساءَةِ مع ضَعْفِ بَدَنِهِ، فواثَبَ يوماً فَتًى، فَقَطَعَ الفَتَى أنْفَهُ، فأخَذَتْ أُمُّه دِيَتَه، فَحَسُنَتْ حالُها بعدَ فَقْرٍ مُدْقعٍ، ثم واثَبَ آخَرَ، فَقَطَعَ أُذُنَه، ثم آخَرَ، فَقَطَعَ شَفَتَه، فأَخَذَتْ دِيَتَهُما، فلما رأتْ حُسْنَ حالِهَا مَدَحَتْهُ،
و=: العَصا تُقْطَعُ ساجوراً، ثم أوتاداً، ثم شِظاظاً، فإذا جُعِلَ لِرأسِ الشِّظاظِ كالفَلْكَةِ صارَ عِراناً للبَخاتِيِّ، ثم يُؤخَذُ منها تَوادي تُصَرُّ بِها الأَخْلافُ، فإذا كانَتِ العَصا قَنًى فكلُّ شِقٍّ قَوْسُ بُنْدُقٍ، فإن فُرِّقَت الشِّقَّةُ صارَتْ سِهاماً، ثم حِظاءَ، ثم مَغازِلَ، ثم يَشْعَبُ بها الشَّعَّابُ أقداحَهُ، على أنه لا يَجِدُ لهَا أصْلَحَ منها.
والتَّفْريقُ: التَّخْويفُ.
ومُفَرِّقُ النَّعَمِ: الظَّرِبانُ، لأنه إذا فَسا تَفَرَّقَتِ المالُ،
وهو مُفْرِقُ الجِسْمِ، كمُحْسِنٍ: قليلُ اللحمِ، أو سَمينٌ، ضِدٌّ.
وتَفَرَّقَ تَفَرُّقاً وتِفِرَّاقاً: ضِدُّ تَجَمَّعَ،
كافْتَرَقَ.
وانْفَرَقَ: انْفَصَلَ.
والمُنْفَرَقُ: يكونُ مَوْضِعاً ومَصْدَراً.

بِسْطامُ

بِسْطامُ، بالكسر: ابنُ قيسِ بنِ مَسْعُودٍ،
ود، ويُفْتَحُ، أو لَحْنٌ، ولم يُرَ به رَمِدٌ ولا عاشِقٌ، وإن وردَهُ سلا، منه: العارِفُ أبو يَزِيدَ، وعَمْرٌو، ومحمدٌ ابْنا محمدٍ، والحُسَيْنُ بنُ عيسَى المُحَدِّثونَ، وعَلِيُّ بنُ أحْمَدَ بنِ بِسطامٍ البِسْطَامِيُّ نِسْبَةٌ إلى جَدِّهِ.
بِسْطامُ:
بالكسر ثم السكون: بلدة كبيرة بقومس على جادّة الطريق إلى نيسابور بعد دامغان بمرحلتين، قال مسعر بن مهلهل: بسطام قرية كبيرة شبيهة بالمدينة الصغيرة، منها أبو يزيد البسطامي الزاهد، وبها تفاح حسن الصّبغ مشرق اللون يحمل إلى العراق يعرف بالبسطامي، وبها خاصيّتان عجيبتان: إحداهما أنه لم ير بها عاشق من أهلها قط، ومتى دخلها إنسان في قلبه هوى وشرب من مائها زال العشق عنه، والأخرى أنه لم ير بها رمد قط، ولها ماء مرّ ينفع إذا شرب منه على الريق من البخر، وإذا احتقن به أبرأ البواسير الباطنة، وتنقطع بها رائحة العود ولو أنه من أجود الهندي، وتذكو بها رائحة المسك والعنبر وسائر أصناف الطيب إلا العود، وبها حيّات صغار وثّابات وذباب كثير مؤذ، وعلى تل بإزائها قصر مفرط السعة على السور كثير الأبنية والمقاصير ويقال إنه من بناء سابور ذي الأكتاف، ودجاجها لا يأكل العذرة، قلت أنا: وقد رأيت بسطام هذه، وهي مدينة كبيرة ذات أسواق إلا أن أبنيتها مقتصدة ليست من أبنية الأغنياء، وهي في فضاء من الأرض، وبالقرب منها جبال عظام مشرفة عليها، ولها نهر كبير جار، ورأيت قبر أبي يزيد البسطامي، رحمه الله، في وسط البلد في طرف السوق، وهو أبو يزيد طيفور بن عيسى بن شروسان الزاهد البسطامي، ومنها أبو يزيد طيفور بن عيسى بن آدم بن عيسى ابن علي الزاهد البسطامي الأصغر، ومن المتأخرين
أحمد بن الحسن بن محمد الشعيري أبو المظفّر بن أبي العباس البسطامي المعروف بالكافي سبط أبي الفضل محمد ابن علي بن أحمد بن الحسين بن سهل السهلكي البسطامي، سمع جدّه لأمّه وأجاز لأبي سعد، ومات في حدود سنة 530، وكان عمر أنفذ إلى الرّيّ وقومس نعيم بن مقرّن وعلى مقدّمته سويد بن مقرّن وعلى مجنبته عيينة بن النحاس، وذلك في سنة 19 أو 18، فلم يقم له أحد، وصالحهم وكتب لهم كتابا، وقال أبو نجيد:
فنحن، لعمري، غير شكّ قرارنا ... أحقّ وأملى بالحروب وأنجب [1]
إذا ما دعا داعي الصباح أجابه ... فوارس منّا كلّ يوم مجرّب
ويوم ببسطام العريضة، إذ حوت، ... شددنا لهم أوزارنا بالتلبّب
ونقلبها زورا، كأنّ صدورها ... من الطّعن تطلى بالسنى المتخضّب

حُمَّ

حُمَّ الأمْرُ، بالضم،
حَمّاً: قُضِيَ،
وـ له ذلك: قُدِّرَ.
وحَمَّ حَمَّهُ: قَصَدَ قَصْدَهُ،
وـ التَّنُّورَ: سَجَرَهُ،
وـ الشَّحْمَةَ: أذابها،
وـ الماءَ: سَخَّنَه،
كأَحَمَّه وحَمَّمَه،
وـ ارْتِحالَ البَعِيرِ: عَجَّلَهُ،
وـ اللهُ له كذا: قَضاهُ له،
كأَحَمَّه. وككِتابٍ: قَضاءُ المَوْتِ وقَدَرُه.
وكغُرابٍ: حُمَّى جَميعِ الدَّوابِّ، والسَّيِّدُ الشَّريفُ، ورجلٌ. وذو الحُمَامِ بنُ مالِكٍ: حِميْرَيٌّ.
وكسَحابٍ: طائرٌ بَرّيٌّ لا يألَفُ البُيوتَ م، أو كُلُّ ذي طَوْقٍ، وتَقَعُ واحِدَتُه على الذَّكَرِ والأنْثَى،
كالحَيَّةِ
ج: حمَائِم، ولا تَقُلْ للذَّكَرِ حَمامٌ. مُجاوَرَتُها أمانٌ من الخَدَرِ، والفالِجِ، والسَّكْتَةِ، والجُمودِ، والسُّباتِ. ولَحْمُه باهِيٌّ، يَزيدُ الدَّمَ والمَنِيَّ ووَضْعُها مَشْقوقَةً، وهي حَيَّةٌ، على نَهْشَةِ العَقْربِ مُجَرَّبٌ للبُرْءِ، ودَمُها يَقْطَعُ الرُّعافَ، ومحمدُ بنُ يَزِيدَ الحَمَامِيُّ، ومحمدُ بنُ أحمدَ بنِ محمدِ بنِ فَوارِــسَ، وأبو سَعيدٍ الطُّيورِيُّ، وهِبَةُ اللهِ بنُ الحَسَنِ، وداودُ بنُ علِيِّ بنِ رَئيسِ الرُّؤَساءِ الحَمامِيُّونَ: محدِّثونَ، وحَمامُ بنُ الجَموحِ، وآخَرُ غيْرُ مَنْسوبٍ: صَحابيانِ.
وحُمَّةُ الفِراقِ بالضم: ما قُدِّرَ وقُضِيَ
ج: كصُرَدٍ وجبالٍ.
وحامَّهُ: قارَبَهُ.
وأحَمَّ: دَنا، وحَضَرَ،
وـ الأمْرُ فلاناً: أهَمَّهُ،
كحَمَّهُ،
وـ نَفْسَه: غَسَلَها بالماءِ البارِدِ،
وـ الأرضُ: صارَتْ ذاتَ حُمَّى.
والحَمِيمُ، كأَميرٍ: القَرِيبُ،
كالمُحِمِّ، كالمُهمِّ
ج: أحِمَّاءُ، وقد يكونُ الحَمِيمُ للجَمْعِ والمُؤَنَّثِ، والماءُ الحارُّ،
كالحَمِيمَةِ
ج: حَمائمُ،
واسْتَحَمَّ: اغْتَسَلَ به، والماءُ البارِدُ، ضِدٌّ، والقَيْظُ، والمَطَرُ يأتي بعدَ اشْتِدادِ الحَرِّ والعَرَقُ، وبهاءٍ: اللَّبَنُ المُسَخَّنُ، والكَريمَةُ من الإِبِلِ
ج: حَمائِمُ.
واحْتَمَّ: اهْتَمَّ باللَّيْلِ، أو لم يَنَمْ من الهَمِّ،
وـ العَيْنُ: أرِقَتْ من غيرِ وَجَعٍ.
ومالَهُ حَمٌّ ولا سَمٌّ، ويُضَمَّانِ: هَمٌّ، أو لا قَليلٌ ولا كثيرٌ،
وماله عنه ـ: بُدٌّ
والحامَّةُ: العامَّةُ، وخاصَّةُ الرجُلِ من أهْلِهِ ووَلَدِهِ، وخِيارُ الإِبِلِ.
وحَمُّ الشيء: مُعْظَمُهُ،
وـ من الظَّهيرةِ: شدَّةُ حَرِّها، والكَريمةُ من الإِبِلِ
ج: حَمائِمُ.
والحَمَّامُ، كشَدَّادٍ: الدِيماسُ، مُذَكَّرٌ
ج: حَمَّاماتٌ،
ولا يقالُ: طابَ حَمَّامُكَ، وإنما يقالُ:
طابَتْ حِمَّتُكَ، بالكسر،
أي: حَمِيمُكَ، أي: طابَ عَرَقُكَ.
وأبو الحَسَنِ الحَمَّامِيُّ: مُقْرِئُ العِراقِ.
وذاتُ الحَمَّامِ: ة بينَ الإِسْكَنْدَرِيَّةِ وإفْرِيقِيَّةَ.
والحَمَّةُ: كُلُّ عَيْنٍ فيها ماءٌ حارٌّ يَنْبَعُ، يَسْتَشْفِي بها الأعِلاَّءُ،
وواحِدَةُ الحَمِّ، لِما أذَبْتَ إِهالَتَهُ من الأُلْيَةِ والشَّحْمِ، أو ما يَبْقَى من الشَّحْمِ المُذابِ، ووادٍ باليَمامَةِ.
وحَمَّتا الثُّوَيْرِ: جَبَلانِ، وبالكسر: المَنِيَّةُ، وبالضم: لَوْنٌ بينَ الدُّهْمةِ والكُمْتَةِ ودُونَ الحُوَّةِ،
ود،
ولُغَةٌ في الحُمَةِ المُخَفَّفَةِ،
وع،
والحُمَّى،
وحُمَّ، بالضم: أصابَتْه.
وأحَمَّهُ الله تعالى، فهو مَحْمُومٌ، ط أو ط يقالُ:
حُمِمْتُ حُمَّى، والاسْمُ:
الحُمَّى، بالضم،
وأرضٌ مَحَمَّةٌ، محرَّكةً،
وبضم الميمِ وكسر الحاء: ذاتُ حُمَّى، أو كثيرَتُها،
وكُلُّ ما حُمَّ عليه فَمَحَمَّةٌ.
ومَحَمَّةُ أيضاً: ة بالصَّعيدِ، وكورَةٌ بالشَّرْقِيَّةِ،
وة بضَواحِي الإِسْكَنْدَرِيَّةِ.
والأَحَمُّ: القِدْحُ، والأَسْوَدُ من كُلِّ شيء،
كاليَحْمومِ والحِمْحِمِ، كسِمْسِمٍ وهُداهِدٍ، والأَبْيَضُ، ضِدٌّ.
وقد حَمِمْتُ، كفَرِحْتُ،
حَمَمَاً واحْمَوْمَيْتُ وتَحَمَّمْتُ وتَحَمْحَمْتُ،
والاسْمُ: الحُمَّةُ، بالضم.
وأحَمَّهُ اللُّه تعالى.
والحَمَّاء: الاسْتُ
ج: حُمٌّ، بالضم.
واليَحْمومُ: الدُّخانُ، وطائرٌ، والجبَلُ الأَسْود، وفَرَسُ الحُسَيْنِ بنِ علِيٍّ، وفَرَسُ هِشامِ بنِ عبدِ المَلِكِ من نَسْلِ الحَرونِ، وفَرَسُ حَسَّانَ الطائِيِّ، وفَرَسُ النُّعْمَانِ بنِ المُنْذِرِ، وجَبَلٌ بِمصْرَ، وماءٌ غَرْبِيَّ المُغِيثَةِ، وجَبَلٌ بِدِيارِ الضبابِ.
والحُمَمُ، كصُرَدٍ: الفَحْمُ، واحِدَتُهُ بهاء.
وحَمَّمَ: سَخَّمَ الوَجْهَ به،
وـ الغُلامُ: بَدَتْ لِحْيَتُهُ،
وـ الرَّأسُ: نَبَتَ شعَرُهُ بعدَما حُلِقَ،
وـ المرأةَ: مَتَّعَها بالطَّلاقِ،
وـ الأرضُ: بدا نَباتُها أخْضَرَ إلى السَّوادِ،
وـ الفَرْخُ: نَبَتَ ريشُه.
والحَمَامَة، كَسَحابةٍ: وسَطُ الصَّدْرِ، والمرأةُ، أو الجميلةُ، وماءةٌ، وخيارُ المالِ، وسَعْدَانَةُ البَعيرِ، وساحَةُ القَصْرِ النَّقِيَّةُ، وبَكَرَةُ الدَّلْوِ، وحَلْقَةُ البابِ،
وـ من الفَرَسِ: القَصُّ، وفَرَسُ إياسِ بنِ قَبيصَةَ، وفَرَسُ قُرادِ بنِ يَزيدَ.
وحَمامَةُ الأَسْلَمِيُّ، وحبيبُ بنُ حَمَامَةَ: ذُكِرا في الصَّحابَةِ.
وحِمَّانُ، بالكسرِ: حَيٌّ من تَميمٍ.
وحَمُومَةُ: مَلِكٌ يَمَنِيٌّ.
وعبدُ الرحمنِ بنُ عَرَفَةَ بنِ حَمَّةَ،
وأحمدُ بنُ العبَّاسِ بن حَمَّةَ: مُحَدِّثانِ.
والحَمْحَمَةُ: صَوْتُ البِرْذَوْنِ عندَ الشَّعيرِ، وعَرُّ الفَرَسِ حينَ يُقَصِّرُ في الصَّهيلِ ويَسْتَعِينُ بنَفْسِهِ،
كالتَّحَمْحُمِ، ونَبيبُ الثَّوْرِ للسِّفَادِ، وبالكسرِ ويُضَمُّ: نباتٌ، أو لِسانُ الثّوْرِ
ج: حِمْحِمٌ.
والحَماحِمُ: الحَبَقُ البُسْتَانِيُّ العريضُ الوَرَقِ، ويُسَمَّى الحَبَقَ النَّبَطِيَّ، واحِدَتُهُ: بهاءٍ، جَيِّدٌ للزُكامِ، مُفَتَحٌ لسُدَدِ الدِماغِ، مُقَوٍّ للقَلْبِ، وشُرْبُ مَقْلُوِّهِ يَشْفِي من الإِسْهالِ المُزْمِنِ بِدُهْنِ وَرْدٍ وماءٍ بارِدٍ.
والحُمْحُمُ، كهُدْهُدٍ وسِمْسِمٍ: طائِرٌ.
وآلُ حامِيمَ،
وذَواتُ حاميمَ: السُّوَرُ المُفَتْتَحَةُ بها، ولا تَقُلْ: حَوامِيمُ، وقد جاء في شِعْرٍ، وهو اسْمُ الله الأَعْظَمُ، أو قَسَمٌ، أو حُروفُ الرحمنِ مُقَطَّعَةً وتَمامُهُ الرون.
وحَمَّتِ الجَمْرَةُ تَحَمُّ، بالفتحِ: صارَتْ حُمَمَةً،
وـ الماءُ: سَخُنَ.
وحامَمْتُهُ مُحامَّةً: طَالَبْتُهُ.
وأنا مُحامٌّ على هذا: ثابِتٌ.
وحَمْحَامِ، مَبْنِياً على الكسرِ، أي: لم يَبْقَ شيء. ومحمد بنُ عبدِ اللهِ أبو المُغيثِ الحَماحِمِيُّ: مُحدِّثٌ.
وحُمَيْمَةُ، كجُهَيْنَةَ: بُلَيْدَةٌ بالبَلْقَاء.
وحِمٌّ، بالكسر: وادٍ بِديار طَيِّئٍ، وبالضمِ: جُبَيْلاَتٌ سودٌ بِديارِ بَنِي كِلابٍ.
والحمائِمُ: باليَمامَةِ. وعبدُ اللهِ بنُ أحمدَ بنِ حَمُّويَةَ، كشَبَّويَةَ، السَّرْخَسِيُّ: راوي الصَّحيح.
وبَنو حَمُّويَةَ الجُوَيْنِيِّ: مَشْيَخَةٌ،
وسَمَّوا: حَمَّاً وبالضمِّ وكعِمْرانَ وعُثْمانَ ونَعامَةٍ وهُمَزَةٍ وكغُرابٍ وكِرْكِرَةٍ
وحُمَّى مُمالَةً مَضْمومَةً
وحُمامَى، بالضمِّ.
والحُمَيْمَاتُ: الجَمْرَة.
وأحَمَّ نَفْسَهُ: غَسلَهَا بالماء البارِدِ،
وثيابُ التَّحِمّةِ: ما يُلْبِسُ المُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ إذا مَتَّعها.
واسْتَحَمَّ: عَرِقَ.

كُلَّ بَنَانٍ

(كُلَّ بَنَانٍ) :
وسأل ابن الأزرق عن قوله تعالى: (كُلَّ بَنَانٍ) .
فقال ابن عباس: أطراف الأصابع. وشاهده قول عنترة العبسى:
فنعم فوارس الهيجاء قومي. . . إذا علق الأعنة بالبنان
(تق، ك، ط)
= الكلمة من آية الأنفال 12:
(إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ (12) .
ومعها آية القيامة 4: (أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ (3) بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ (4) .
وليس القرآن غيرهما من المادة.
البَنان واحدته بنانة، وهى الأصابع أو أطرافها (ق) يقال: ما زاد عليه بنانة،
أى (صبعا واحدة (س) .
وفى تاويلها بآية الأنفال: أنها أطراف أصابع اليدين والرجلين، وقيل: هى
الأطراف، وقيل: كل مفصل (الطبرى) .
حكاها أبوحيان وقال: والمختار أنها الأصابع (البحر / آية الأنفال) .
وفسرها الراغب كذلك بالأصابع، خصها الله تعالى بالذكر لأجل أنهم بها
يقاتلون ويدافعون. (المفردات)
وفى حديث جابر، بن عبد الله بن عمرو الأنصارى، وذكر استشهاد أبيه رضى الله عنهما يوم أحد قال: " ماعرفته إلا ببنَانِه ". قال ابن الأثير: البنان الأصابع، وقيل أطرافها، واحدتها بنانة (النهاية) .
والزمخشرى فى آية القيامة: ذكر الأطراف على أنها أصابع الإنسان التى
هي أطرافه وأخر ما يتم من خلقه، أو: بلى قادرين علىْ أن نسوى بنانه ونضم سلامياته على صغرها ولطافتها بعضها إلى بعض، كما كانت أولا من غير نقصان ولا تفاوت.
وقيل معناه، بلى نجمعها - عظام الإنسان - ونحن قادرون على أن
نسوى أصابع يديه ورجليه، أي نجعلها مستوية شيثا واحدًا كخُف البعير وحافر الحمار، ولا فرق بينهما، فلا يمكن أن يعمل بها شيئاً مما يعمل بأصابعه المفرقة ذات المفاصل والأنامل، من فنون الأعمال والبسْطِ والقبْض والتأتى لما يريد من الحوائج (الكشاف) .
ورأى أبو حيان فى قول الزمخشرى تكلفا وتنميق ألفاظ، قال: أي نحن
قادرون على أن نسوى، بنانه، وهى الأصابع، أكثر العظام تفرفا وأدقها أجزاء، وهي العظام التى فى الأنامل ومفاصلها. وهذا عند البعث.
وقال ابن عباس والجمهور: نجعلها فى حياته هذه بضعة أو عظما واحدا، فتقل منفعته بها،
وهذا القول فيه توعد. والمعنى الأول هو الظاهر والمقصود من رصف الكلام.
وذكر الزمخشرى هذين القولين بألفاظ منمقة على عادته فى حكاية أقوال
المتقدمين. (البحر العحيط) .

مُصدِّقاً لِما بَيْن يَدَيْهِ 

مُصدِّقاً لِما بَيْن يَدَيْهِ
كلمتان، لم يفهمهما أكثر الناس، فظنّوا أن القُرآن يشهد بالكتب المحرفة المبدَّلَة: أما "مصدِّقاً" فقد كان مظنّة للشبهة، لاشتراكِ كلمة "التصديق". وأما "بين يديه" فلجهل الناس بالعربية، لا سيّما في هذا الزمان.
فاعلم أن "صَدَّقَه" له معنيان:
شهد بِصدق رجل أو كلام .
والمعنى الثاني أنْ جعله صادقاً فيما توقَّع. قال الحماسي :
فَدَتْ نَفْسِي وَمَا مَلكَتْ يَمِيني ... فَوارِــسَ صَدَّقَتْ فِيهم ظُنوني في القرآن: {وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ} .
ثم إذا تأملت في مواقع هذا القول، عَلِمت أن المراد هو المعنى الثاني. فإنّ النبي -والقرآنَ- جاء كما أخبرت به التوراة، فجعلها صادقة. فإن كذَّبوا القرآن والنبي يكن ذلك تكذيباً لكتبهم.
وهذا أيضاً يظهر إذا تأملت أن محمداً وعيسى عليهما الصلوات يأتيان بهذا القول مُسْتدلَّينِ بصحة نبوتهما. فأيّ استدلال في أنهما يشهدان بصدق ما عند اليهود؟ أرأيت إن تنبأ أحد في هذا اليوم، وقال: إني آمنت بالأنبياء، وأنا نبيّ مثلهم، فهل يكون هذا حجةً على دعواه؟.
أما موقع الآية، فقال تعالى:
{وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} . أي لما جاءهم محمد - صلى الله عليه وسلم - حسب ما وجدوا في كتبهم، أعرضوا عن كتبهم، وأنكروه، كأنهم لا يعلمون. وقبل هذه الآية:
{أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} .
فاستدلّ بأنّ فريقاً منكم عاهدوا بالإيمان بهذا النبي، فكيف تنبذون ذلك العهد؟ ولكنكم غير مؤمنين وقد ذكر في سورة آل عمران عهدهم بإيمان نبي يأتيهم بصفات محمد عليه الصلوات .
ومثل ذلك ما قال:
{وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ} .
أي جاء هذا الكتاب حسب ما وُعدوا في كتبهم مع وعد النصر بالإيمان بصاحب هذا الكتاب، فكانوا يستفتحون على الكفار. ولكن لما جاء الكتاب، وعرفوا أنه حسب ما وعدوا، جحدوا به، فلعنة الله على الكافرين. وهذه اللعنة أيضاً موعودة في كتبهم بتفصيل طويل.
في سورة يوسف:
{لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} . فهاهنا ذكر التصديق، لا من جهة إثبات القرآن، بل لإظهار فوائد القرآن، لأنه يثبت ما سبقه، ويفصّل، ويهدي، وهو الرحمة، فما أبعده عن الحديث المفترى!.
في الأحقاف:
{قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ} .
أي لأنه يهدي إلى الحق وإلى الصراط المستقيم، فهو على نمط كتاب موسى. فكما أنه حق، هذا حق، ويثبت ما سبق، ولا يبطله في أمر الهداية.
في سورة الصف:
{وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} .
فاستدلّ عيسى عليه الصلوات على نبوّته من جهتين: بإخبار خاص عن نبيّ بعده، وبأن قد أُخبر عنه في كتبهم، ثم الآية التالية:
{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الْإِسْلَامِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} .
تؤيد هذا المعنى، فإنهم إذا لم يؤمنوا بما أخبرت عنه التوراة، فقد افتروا على الله كذباً لإنكارهم ما أنزِل في التوراة من الله. وقوله: {وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الْإِسْلَامِ} يضيّق عليهم بابَ الفرار، فإنّ النبي الموعود جاء، ويدعوهم إلى دين الحق، فهم كذبوا على الله ومرقوا من الإسلام. في سورة القصص :
{وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ}. أي وُعِدوا بالنبي وصفته الخاصّة، فوجدوا في القرآن تلك الصفة، وقالوا: إنّا كنا مسلمين بهذه الآيات إجمالاً: وهو إكمالُه الدينَ، ووضْعُ الإصر والأغلالِ.
في سورة النساء :
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ}.
فهذا الوعيد الشديد ينبغي أن يكون على عصيانِ أمرٍ كتِب عليهم. ثمّ نرى أن قبل هذه الآية حكماً يهدي إلى أن النبي الموعود هذا النبي: وهو تحريم الخمر قبل الصلاة. انظروا المقدمة على البشارات .
وقد ذكر الرازي رحمه الله وغيره المعنيين من غير تخصيصه بالمعنى الثاني، فتركوا الأمر مشتبهاً. ولم يتبين لهم وجه الاستدلال من مواقع الكلام. قال الرازي رحمه الله :
"اعلم أن معنى كون الرسول مصدقاً لما معهم هو أنه كان معترفاً بنبوة موسى عليه السلام وبصحة التوراة، أو مصدقاً لما معهم من حيث إنّ التوراة بشرت بمقدم محمد - صلى الله عليه وسلم -. فإذا أتى محمد - صلى الله عليه وسلم - كان مجرد مجيئه مصدّقاً للتوراة. أما قوله {نبذ فريق} فهو مثل لتركهم وإعراضهم عنه بمثل ما يرمى وراء الظهر استغناء عنه وقلة التفات إليه أما قوله تعالى {مِنَ الذِينَ أُوتواْ الكتاب} ... " .
وقال الرازي رحمه الله في تفسير الآية الثانية :
"المسألة الأولى: لا شبهة في أن القرآن مصدّق لما معهم في أمر يتعلق بتكليفهم بتصديق محمد - صلى الله عليه وسلم - في النبوة. واللائق بذلك هو كونه موافقاً لما معهم في دلالة نبوته، إذ قد عرفوا أنه ليس بموافق لما معهم في سائر الشرائع (لم يفهم معنى الموافقة) وعرفنا أنه لم يرد الموافقة في باب أدلّة القرآن، لأنّ جميع كتب الله كذلك. ولما بطل الكل ثبت أن المراد موافقته لكتبهم فيما يختص بالنبوة وما يدلّ عليها من العلامات والنعوت والصفات" .
ألا ترى أنّ الرازي رحمه الله يجتهد في إثبات النبوة من هذه الآية، فهو مصيب فيما تحرّى، وموقع الكلام يهدي إليه. أما دليله فكما ترى!.
ثم قال تحت قوله تعالى: {فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ} قولاً ضعيفاً يدلّ على قلّة معرفته بالتوراة والقرآن معاً، لما قال:
"لم يعرفوا [نبوته] بمجرد تلك الأوصاف بل بظهور المعجزات صارت تلك الأوصاف كالمؤكدة" .

أَكْلُبٌ

أَكْلُبٌ:
من جبال بني عامر كأنه جمع كلب، وقد أنشد الأصمعي:
صرمت، ولم تصرم لبانة عن قلى، ... ولكنّما قاس الصحابة قائس
من البيض، تضحي والخلوق يجيبها ... جديدا، ولم يلبس بها النّجس لابس
كأنّ خراطيم الحصير وأكلب ... فوارس، نحّت خيلها بــفوارس [1]
وقوله: ولكنّما قاس الصحابة قائس، أي بقضاء وقدر كان صحبها، فلا قدرة على الزيادة والنقص، والنّجس والقذر واحد، ولابس: خالط، ونحّت أي قصدت، شبّه أطراف الجبال بــفوارس قصد بعضها بعضا.

قالِيقَلا

قالِيقَلا:
بأرمينية العظمى من نواحي خلاط ثم من نواحي منازجرد من نواحي أرمينية الرابعة، قال أحمد بن يحيى: ولم تزل أرمينية في أيدي الفرس منذ أيام أنوشروان حتى جاء الإسلام وكانت أمور الدنيا تتشتّت في بعض الأحايين وصاروا كملوك الطوائف حتى ملك أرمينيا قس، وهو رجل من أهل أرمينية، فاجتمع له ملكهم ثم مات فملكتهم بعده امرأة وكانت تسمى قالي فبنت مدينة وسمتها قالي قاله، ومعناه إحسان قالي، وصوّرت نفسها على باب من أبوابها فعرّبت العرب قالي قاله فقالوا قاليقلا، قال النحويون: حكم قاليقلا حكم معدي كرب إلا أن قاليقلا غير منوّن على كل حال إلا أن تجعل قالي مضافا إلى قلا وتجعل قلا اسم موضع مذكّر فتنوّنه فتقول هذا قاليقلا، فاعلم، والأكثر ترك التنوين، قال الشاعر:
سيصبح فوقي أقتم الريش كاسرا ... بقاليقلا أو من وراء دبيل
قال بطليموس: مدينة قاليقلا طولها ستون درجة، وعرضها ثمان وثلاثون درجة تحت أربع عشرة درجة من السرطان، يقابلها مثلها من الجدي، بيت ملكها مثلها من الحمل، بيت عاقبتها مثلها من الميزان، ويشبه أن تكون في الإقليم الخامس، وقال أبو عون في زيجه: قاليقلا في الإقليم الرابع، طولها ثلاث وستون درجة وخمس وعشرون دقيقة، وعرضها ثمان وثلاثون درجة، وتعمل بقاليقلا هذه البسط المسماة بالقالي اختصروا في النسبة إلى بعض اسمه لثقله، وإليها
ينسب الأديب العالم أبو علي إسماعيل بن القاسم القالي، قدم بغداد فأخذ عن الأعيان مثل ابن دريد وأبي بكر بن الأنباري ونفطويه وأضرابهم ورحل إلى الأندلس فأقام بقرطبة وبها ظهر علمه، ومات هناك في سنة 356، ومن عجائب أرمينية البيت الذي بقاليقلا، قال ابن الفقيه: أخبرني أبو الهيجاء اليمامي وكان أحد برد الآفاق وكان صدوقا فيما يحكي أن بقاليقلا بيعة للنصارى وفيها بيت لهم كبير يكون فيه مصاحفهم وصلبانهم فإذا كانت ليلة الشعانين يفتح موضع من ذلك البيت معروف ويخرج منه تراب أبيض فلا يزال ليلته تلك إلى الصباح فينقطع حينئذ وينضمّ موضعه إلى قابل من ذلك اليوم فيأخذه الرّهبان ويدفعونه إلى الناس، وخاصيته النفع من السموم ولدغ العقارب والحيّات يداف منه وزن دانق بماء ويشربه الملسوع فيسكن للوقت، وفيه أيضا أعجوبة أخرى وذلك أنه إذا بيع منه شيء لم ينتفع به صاحبه ويبطل عمله، قال إسحاق بن حسّان الخرّمي وأصله من الصّغد يفتخر بالعجم:
ألا هل أتى قومي مكرّي ومشهدي ... بقاليقلا، والمقربات تثوب؟
تداعت معدّ شيبها وشبابها ... وقحطان منها حالب وحليب
لينتهبوا مالي، ودون انتهابه ... حسام رقيق الشّفرتين خشيب
وناديت من مرو وبلخ فوارسا ... لهم حسب في الأكرمين حسيب
فيا حسرتا! لا دار قومي قريبة ... فيكثر منهم ناصري فيطيب
وإن أبي ساسان كسرى بن هرمز، ... وخاقان لي، لو تعلمين، نسيب
ملكنا رقاب الناس في الشّرك كلهم ... لنا تابع طوع القياد جنيب
نسومكم خسفا ونقضي عليكم ... بما شاء منّا مخطئ ومصيب
فلمّا أتى الإسلام وانشرحت له ... صدور به نحو الأنام تنيب
تبعنا رسول الله حتى كأنما ... سماء علينا بالرجال تصوب
وقال الراجز:
أقبلن من حمص ومن قاليقلا ... يجبن بالقوم الملا بعد الملا
ألّا ألا ألّا ألا ألّا ألا

صُحَارُ

صُحَارُ:
بالضم، وآخره راء، يجوز أن يكون من الصّحرة، بالضم، وهو جوبة تنجاب وسط الحرّة، والجمع صحر فأشبعت الفتحة فصارت ألفا، أو من الصّحرة وهو لون الأصحر وهو كالشقرة، قال ابن الكلبي: لما تفرقت قضاعة من تهامة للحرب التي جرت بينهم بسبب يذكر أنّ عنزة وهو أحد القارظين اللذين يضرب بهما المثل فيقال: حتى يرجع القارظان، لأنّه خرج يجتني القرظ فقتل ولم يعرف له خبر، وله قصة، قال: فكان أول من طلع منهم إلى أرض نجد فأصحر في صحاريها جهينة وسعد هذيم ابني زيد بن ليث بن سود بن أسلم بن الحاف بن قضاعة بن مالك فمرّ بهم راكب كما يقال فقال لهم: من أنتم؟ فقالوا: بنو الصّحراء، فقالت العرب:
هؤلاء صحار اسم مشتقّ من الصحراء، فقال زهير بن جناب في ذلك وهو يعني بني سعد بن زيد:
فما إبلي بمقتدر عليها، ... ولا حلمي الأصيل بمستعار
ستمنعها فوارس من بليّ، ... وتمنعها الــفوارس من صحار
وتمنعها بنو القين بن جسر، ... إذا أوقدت للحدثان ناري
وتمنعها بنو نهد وجرم، ... إذا طال التجاول في المغار
بكلّ مناجد جلد قواه، ... وأهيب عاكفون على الدوار
يريد أهيب بن كلب بن وبرة، فهذا يدلّ على أن صحار من قضاعة، وقال بشر بن سوادة التغلبي إذ نعى بني عدي بن أسامة بن مالك التغلبيين إلى بني سعد ابن زيد:
ألا تغني كنانة عن أخيها ... زهير في الملمّات الكبار
فيبرز جمعنا وبنو عديّ ... فيعلم أيّنا مولى صحار
وقال العباس بن مرداس السّلمي، رضي الله عنه، في الحرب التي كانت بين بني سليم وزبيد وهو يعني بني نهد وضمّ إليهم جرم بن ربّان:
فدعها، ولكن هل أتاها مقادنا ... لأعدائنا نزجي الثقال الكوانسا
بجمع يزيد ابني صحار كليهما ... وآل زبيد مخطئا أو ملامسا
وصحار: قصبة عمان مما يلي الجبل، وتؤام: قصبتها مما يلي الساحل. وصحار: مدينة طيبة الهواء والخيرات والفواكه مبنية بالآجر والساج كبيرة ليس في تلك النواحي مثلها، وقيل: إنما سمّيت بصحار بن إرم ابن سام بن نوح، عليه السلام، وهو أخو رباب وطسم وجديس، قال اللغويون: إنها تلي الجبل، وقال البشّاري: صحار قصبة عمان ليس على بحر الصين بلد أجلّ منه، عامر آهل حسن طيب نزه ذو يسار وتجار وفواكه أجلّ من زبيد وصنعاء وأسواق عجيبة وبلدة ظريفة ممتدّة على البحر، دورهم من الآجر
والساج شاهقة نفيسة، والجامع على الساحل له منارة حسنة طويلة في آخر الأسواق، ولهم آبار عذبة وقناة حلوة، وهم في سعة من كل شيء، وهو دهليز الصين وخزانة الشرق والعراق ومغوثة اليمن، والمصلّى وسط النخيل، ومسجد صحار على نصف فرسخ، وثمّه بركت ناقة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ومحراب الجامع بكوكب يدور فتارة تراه أصفر وتارة أحمر وأخرى أخضر، هكذا قال ولا أدري كيف كان بروك الناقة، وفتحها المسلمون في أيام أبي بكر الصديق، رضي الله عنه، في سنة 12 صلحا، وإليها ينسب أبو علي محمد بن زوزان الصحاري العماني الشاعر، وكان قد نكب فخرج إلى بغداد فقال يتشوّق بلدته من قصيدة:
لحى الله دهرا شرّدتني صروفه ... عن الأهل حتى صرت مغتربا فردا
ألا أيها الركب اليمانون بلّغوا ... تحيّة نائي الدار لقّيتم رشدا
إذا ما حللتم في صحار فألمموا ... بمسجد بشّار وجوزوا به قصدا
إلى سوق أصحاب الطعام فإنّه ... يقابلكم بابان لم يوثقا شدّا
ولم يرددا من دون صاحب حاجة ... ولا مرتج فضلا، ولا آمل رفدا
فعوجوا إلى داري هناك فسلّموا ... على والدي زوزان وقّيتم جهدا
وقولوا له إنّ الليالي أوهنت ... تصاريفها رفدي، وقد كان مشتدّا
وغيّبن عني كلّ ما قد عهدته ... سوى الخلق المرضيّ والمذهب الأهدى
وليس يضرّ السيف إخلاق غمده ... إذا لم يفلّ الدّهر من نصله حدّا

صَوْأَرٌ

صَوْأَرٌ:
بالفتح ثم السكون ثم همزة مفتوحة، وراء، علم مرتجل لم أجد له نظيرا في النكرات: وهو ماء لكلب فوق الكوفة ممّا يلي الشام، ويوم صوأر: من أيّامهم المشهورة، وهو الماء الذي تعاقر عليه غالب ابن صعصعة أبو الفرزدق وسحيم بن وثيل الرياحي
وكان قد عقر غالب ناقة وفرقها على بيوت الحي وجاء إلى سحيم منها بجفنة فغضب وردها فقام سحيم وعقر ناقة فعقر غالب أخرى وتعاقرا حتى أقصر سحيم، فلما ورد سحيم الكوفة وبخه قومه فاعتذر بغيبة إبله عنه ثمّ أنفذ فجاؤوا بمائة ناقة فعقرها على كناسة الكوفة، فقال عليّ، رضي الله عنه: إن هذا مما أهلّ به لغير الله فلا تأكلوه، فبقي موضعه حتى أكلته الوحوش والكلاب، ففخر الفرزدق بذلك فأكثر، فقال له جرير:
لقد سرّني ألّا تعدّ مجاشع ... من المجد إلّا عقر نيب بصوأر
وقال جرير أيضا:
فنورد يوم الرّوع خيلا مغيرة، ... وتورد نابا تحمل الكير صوأرا
سبقت بأيام الفضال ولم تجد ... لقومك إلّا عقر نابك مفخرا
ولاقيت خيرا من أبيك فوارسا، ... وأكرم أيّاما سحيما وجحدرا

عَاقُولاءُ

عَاقُولاءُ:
كذا وجدته بخط الدقاق في أشعار بني مازن نقله من خط ابن حبيب في شعر حاجب بن ذبيان المازني يخاطب مسلمة بن عبد الملك:
أمسلم إنّا قد نصحنا فهل لنا ... بذاكم على أعدائكم عندكم فضل؟
حقنتم دماء الصّلبتين عليكم، ... وجرّ على فرسان شيعتك القتل
وفاتهم العريان فسّاق قومه، ... فيا عجبا أين البراءة والعدل!
أقام بعاقولاء منّا فوارس ... كرام إذا عدّ الــفوارس والرّجل

عُنَيْزَتَينِ

عُنَيْزَتَينِ:
تثنية الذي قبله بمعناه، قال العمراني: هو موضع آخر، والذي أظنه أنه موضع واحد كما قالوا في عماية عمايتان وفي رامة رامتان وأمثالها كثيرة، والله أعلم، قال بعضهم:
أقرين! انك لو رأيت فوارسي ... بعنيزتين الى جوانب ضلفع

عَيْنُ مُحَلِّمٍ

عَيْنُ مُحَلِّمٍ:
بضم أوله، وفتح ثانيه، وكسر اللام المشددة ثم ميم، يجوز أن يكون من الحلم وهو مفعّل أي يعلّم الحلم غيره، ويجوز أن يكون من حلّمت البعير إذا نزعت عنه الحلم، والمحلّم:
الذي يفعل ذلك، وهو اسم رجل نسبت العين إليه في رأي الأزهري، قال الكلبي: محلّم بن عبد الله زوج هجر بنت المكفّف من الجرامقة، وقال صاحب العين: محلّم نهر بالبحرين، وقال أبو منصور: محلّم عين فوّارة بالبحرين وما رأيت عينا أكثر ماء منها، وماؤها حارّ في منبعها فإذا برد فهو ماء عذب، ولهذه العين إذا جرت في نهرها خلج كثيرة تتخلّج منها تسقي نخيل جواثاء وعسلّج وقريّات من
قرى هجر.

غُذُمٌ

غُذُمٌ:
بضم أوله وثانيه، جمع غذم: وهو نبت، قال القطامي:
في عثعث ينبت الحوذان والغذما وقيل: الغذيمة كل كلإ وشيء يركب بعضه بعضا، ويقال هي بقلة تنبت بعد مسير الناس من الدار، وذو غذم: موضع من نواحي المدينة، قال إبراهيم ابن هرمة:
ما بالديار التي كلّمت من صمم ... لو كلّمتك وما بالعهد من قدم
وما سؤالك ربعا لا أنيس به ... أيام شوطى ولا أيام ذي غذم
وقال قرواش بن حوط:
نبّئت أن عقال وابن خويلد ... بنعاف ذي غذم وأن لا أعلما
ينمي وعيدهما إليّ وبيننا ... شمّ فوارع من هضاب يلملما
لا تسأما لي من رسيس عداوة ... أبدا فليس بمنّتي أن تسلما

غَمْرَةُ

غَمْرَةُ:
بفتح أوله، وسكون ثانيه، الغمرة: منهمك الباطل، ومرتكض الهوى غمرة الحبّ، ويقال:
هو يضرب في غمرة اللهو ويتسكع في غمرة الفتنة، وغمرة الموت: شدّة همومه، هذا قول اللغويين، والذي يظهر لي أن الغمرة هو ما يغمر الشيء ويعمّه فهو يصلح للباطل والحقّ: وهو منهل من مناهل طريق مكة ومنزل من منازلها، وهو فصل ما بين تهامة ونجد، وقال ابن الفقيه: غمرة من أعمال المدينة على طريق نجد أغزاها النبي، صلى الله عليه وسلم، عكاشة بن محصن، وقال نصر: غمرة سوداء فيما بين صاحة وعمايتين جبلين. وغمرة:
جبل، يدلّ على ذلك قول الشمردل بن شريك:
سقى جدثا أعراف غمرة دونه، ... ببيشة، ديمات الربيع هواطله
وما في حبّ الأرض إلّا جوارها ... صداه وقول ظنّ أني قائله
وقال ذو الرمة:
تقضّين من أعراف لبن وغمرة، ... فلما تعرّفن اليمامة عن عفر
تقضين من الانقضاض، وكان به يوم من أيامهم، قال الحارث بن ظالم:
وإني يوم غمرة، غير فخر، ... تركت النهب والأسرى الرّغابا
وقال عمرو بن قياس المرادي من قصيدته التي أولها:
ألا يا بيت بالعلياء بيت ... ..... وحيّ ناسلين وهم جميع
حذار الشرّ يوما قد دهيت
وقد علم المعاشر غير فخر ... بأني يوم غمرة قد مضيت
فوارس من بني حجر بن عمرو ... وأخرى من بني وهب حميت
متى ما يأتني يومي تجدني ... شبعت من اللذاذة واستقيت

فَدَكُ

فَدَكُ:
بالتحريك، وآخره كاف، قال ابن دريد:
فدّكت القطن تفديكا إذا نفشته، وفدك: قرية بالحجاز بينها وبين المدينة يومان، وقيل ثلاثة، أفاءها الله على رسوله، صلّى الله عليه وسلّم، في سنة سبع صلحا، وذلك أن النبي، صلّى الله عليه وسلّم، لما نزل خيبر وفتح حصونها ولم يبق إلا ثلث واشتد بهم الحصار راسلوا رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، يسألونه أن ينزلهم على الجلاء وفعل، وبلغ ذلك أهل فدك فأرسلوا إلى رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، أن يصالحهم على النصف من ثمارهم وأموالهم فأجابهم إلى ذلك، فهي مما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب فكانت خالصة لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، وفيها عين فوّارة ونخيل كثيرة، وهي التي قالت فاطمة، رضي الله عنها: إن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، نحلنيها، فقال أبو بكر، رضي الله عنه:
أريد لذلك شهودا، ولها قصة، ثم أدى اجتهاد عمر ابن الخطاب بعده لما ولي الخلافة وفتحت الفتوح واتسعت على المسلمين أن يردّها إلى ورثة رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، فكان علي بن أبي طالب، رضي
الله عنه، والعباس بن عبد المطلب يتنازعان فيها، فكان عليّ يقول: إن النبي، صلّى الله عليه وسلّم، جعلها في حياته لفاطمة، وكان العباس يأبى ذلك ويقول:
هي ملك لرسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، وأنا وارثه، فكانا يتخاصمان إلى عمر، رضي الله عنه، فيأبى أن يحكم بينهما ويقول: أنتما أعرف بشأنكما أما أنا فقد سلمتها إليكما فاقتصدا فيما يؤتى واحد منكما من قلة معرفة، فلما ولي عمر بن عبد العزيز الخلافة كتب إلى عامله بالمدينة يأمره بردّ فدك إلى ولد فاطمة، رضي الله عنها، فكانت في أيديهم في أيام عمر بن عبد العزيز، فلما ولي يزيد بن عبد الملك قبضها فلم تزل في أيدي بني أمية حتى ولي أبو العباس السفّاح الخلافة فدفعها إلى الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب فكان هو القيّم عليها يفرّقها في بني علي بن أبي طالب، فلما ولي المنصور وخرج عليه بنو الحسن قبضها عنهم، فلما ولي المهدي بن المنصور الخلافة أعادها عليهم ثم قبضها موسى الهادي ومن بعده إلى أيام المأمون فجاءه رسول بني علي بن أبي طالب فطالب بها فأمر أن يسجّل لهم بها، فكتب السجلّ وقرئ على المأمون، فقام دعبل الشاعر وأنشد:
أصبح وجه الزمان قد ضحكا ... بردّ مأمون هاشم فدكا
وفي فدك اختلاف كثير في أمره بعد النبي، صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر وآل رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ومن رواة خبرها من رواه بحسب الأهواء وشدة المراء، وأصح ما ورد عندي في ذلك ما ذكره أحمد بن جابر البلاذري في كتاب الفتوح له فانه قال: بعث رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، بعد منصرفه من خيبر إلى أرض فدك محيّصة بن مسعود ورئيس فدك يومئذ يوشع بن نون اليهودي يدعوهم إلى الإسلام فوجدهم مرعوبين خائفين لما بلغهم من أخذ خيبر فصالحوه على نصف الأرض بتربتها فقبل ذلك منهم وأمضاه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وصار خالصا له، صلّى الله عليه وسلّم، لأنه لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب، فكان يصرف ما يأتيه منها في أبناء السبيل، ولم يزل أهلها بها حتى أجلى عمر، رضي الله عنه، اليهود فوجّه إليهم من قوّم نصف التربة بقيمة عدل فدفعها إلى اليهود وأجلاهم إلى الشام، وكان لما قبض رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قالت فاطمة، رضي الله عنها، لأبي بكر، رضي الله عنه: إن رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، جعل لي فدك فأعطني إياها، وشهد لها علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، فسألها شاهدا آخر فشهدت لها أمّ أيمن مولاة النبي، صلّى الله عليه وسلّم، فقال:
قد علمت يا بنت رسول الله أنه لا يجوز إلا شهادة رجلين أو رجل وامرأتين، فانصرفت، وروي عن أمّ هانئ أن فاطمة أتت أبا بكر، رضي الله عنه، فقالت له: من يرثك؟ فقال: ولدي وأهلي، فقالت له: فما بالك ورثت رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، دوننا؟ فقال: يا بنت رسول الله ما ورثت ذهبا ولا فضة ولا كذا ولا كذا ولا كذا، فقالت: سهمنا بخيبر وصدقتنا بفدك! فقال: يا بنت رسول الله سمعت رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، يقول: إنما هي طعمة أطعمنيها الله تعالى حياتي فإذا متّ فهي بين المسلمين. وعن عروة بن الزبير: أن أزواج رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، أرسلن عثمان بن عفان إلى أبي بكر يسألن مواريثهن من سهم رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، فقال أبو بكر: سمعت رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، يقول: نحن معاشر الأنبياء لا نورث، ما تركناه صدقة، إنما هذا المال لآل
محمد لنائبتهم وضيفهم فإذا متّ فهو إلى والي الأمر من بعدي، فأمسكن، فلما ولي عمر بن عبد العزيز خطب الناس وقصّ قصة فدك وخلوصها لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، وأنه كان ينفق منها ويضع فضلها في أبناء السبيل، وذكر أن فاطمة سألته أن يهبها لها فأبى وقال: ما كان لك أن تسأليني وما كان لي أن أعطيك، وكان يضع ما يأتيه منها في أبناء السبيل، وإنه، عليه الصلاة والسلام، لما قبض فعل أبو بكر وعمر وعثمان وعليّ مثله، فلما ولي معاوية أقطعها مروان بن الحكم، وإن مروان وهبها لعبد العزيز ولعبد الملك ابنيه ثم إنها صارت لي وللوليد وسليمان، وإنه لما ولي الوليد سألته فوهبها لي وسألت سليمان حصته فوهبها لي أيضا فاستجمعتها، وإنه ما كان لي مال أحبّ إليّ منها، وإنني أشهدكم أنني رددتها على ما كانت عليه في أيام النبي، صلّى الله عليه وسلّم، وأبي بكر وعمر وعثمان وعليّ، فكان يأخذ مالها هو ومن بعده فيخرجه في أبناء السبيل، فلما كانت سنة 210 أمر المأمون بدفعها إلى ولد فاطمة وكتب إلى قثم بن جعفر عامله على المدينة أنه كان رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، أعطى ابنته فاطمة، رضي الله عنها، فدك وتصدّق عليها بها وأن ذلك كان أمرا ظاهرا معروفا عند آله، عليه الصلاة والسلام، ثم لم تزل فاطمة تدعي منه بما هي أولى من صدّق عليه، وأنه قد رأى ردّها إلى ورثتها وتسليمها إلى محمد بن يحيى ابن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ومحمد بن عبد الله بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، رضي الله عنهما، ليقوما بها لأهلهما، فلما استخلف جعفر المتوكل ردّها إلى ما كانت عليه في عهد رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، وأبي بكر وعمر وعثمان وعليّ وعمر بن عبد العزيز ومن بعده من الخلفاء، وقال الزجاجي: سميت بفدك ابن حام وكان أول من نزلها، وقد ذكر غير ذلك وهو في ترجمة أجإ، وينسب إليها أبو عبد الله محمد بن صدقة الفدكي، سمع مالك بن أنس، روى عنه إبراهيم بن المنذر الحزامي وكان مدنّسا، وقال زهير:
لئن حللت بجوّ في بني أسد ... في دين عمرو وحالت بيننا فدك
ليأتينّك منّي منطق قذع ... باق كما دنّس القبطيّة الودك

قُرَاتٌ

قُرَاتٌ:
بضم أوله، وآخره تاء مثناة من فوق، ويقال:
قرت الدم يقرت قروتا ودم قارت: يبس بين الجلد واللحم، ومسك قارت: وهو أخفّه وأجوده، وأنشد:
يعلّ بقرّات من المسك فاتن
وهو واد بين تهامة والشام كانت به وقعة، وفيه قال
عبيدة أحد بني قيس بن ثعلبة بالقرات ورئيسهم ربيعة ابن حذار بن مرّة الكاهن وهو أحد سادات العرب كثير الغارات:
أليسوا فوارس يوم القرا ... ت والخيل بالقوم مثل السعالي
فاقتتلوا قتالا شديدا وقتلت بنو أسد عديّا.

الشّأمُ

الشّأمُ:
بفتح أوّله، وسكون همزته، والشأم، بفتح همزته، مثل نهر ونهر لغتان، ولا تمد، وفيها لغة ثالثة وهي الشّام، بغير همز، كذا يزعم اللغويون، وقد جاءت في شعر قديم ممدودة، قال زامل بن غفير الطائي يمدح الحارث الأكبر:
وتأبّيّ بالشآم مفيدي ... حسرات يقددن قلبي قدّا
في أبيات وخبر ذكرها بعد، وكذا جاء به أبو
الطيب في قوله:
دون أن يشرق الحجاز ونجد ... والعراقان بالقنا والشّآم
وأنشد أبو عليّ القالي في نوادره:
فما اعتاض المعارف من حبيب ... ولو يعطى الشآم مع العراق
وقد تذكّر وتؤنّث، ورجل شأميّ وشآم، ههنا بالمدّ على فعال، وشآميّ أيضا، حكاه سيبويه، ولا يقال شأم لأنّ الألف عوض من ياء النسبة فإذا زال الألف عادت الياء، وما جاء من ضرورة الشعر فمحمول على أنّه اقتصر من النسبة على ذكر البلد، وامرأة شأميّة، بالتشديد، وشآمية، بتخفيف الياء، وتشاءم الرجل، بتشديد الهمزة، نسب إلى الشام كما تقول تقيّس وتكوّف وتنزّر إذا انتسب إلى قيس والكوفة ونزار، وأشأم إذا أتى الشام، وقال بشر بن أبي خازم:
سمعت بنا قيل الوشاة فأصبحت ... صرمت حبالك في الخليط المشئم
وقال أبو بكر الأنباري: في اشتقاقه وجهان:
يجوز أن يكون مأخوذا من اليد الشّؤمى وهي اليسرى، ويجوز أن يكون فعلى من الشوم، قال أبو القاسم: قال جماعة من أهل اللغة يجوز أن لا يهمز فيقال الشام يا هذا فيكون جمع شامة سميت بذلك لكثرة قراها وتداني بعضها من بعض فشبّهت بالشامات، وقال أهل الأثر: سميت بذلك لأن قوما من كنعان بن حام خرجوا عند التفريق فتشاءموا إليها أي أخذوا ذات الشمال فسميت بالشام لذلك، وقال آخرون من أهل الأثر منهم الشرقي:
سميت الشام بسام بن نوح، عليه السلام، وذلك أنّه أوّل من نزلها فجعلت السين شينا لتغيّر اللفظ العجمي، وقرأت في بعض كتب الفرس في قصة سنحاريب:
أن بني إسرائيل تمزّقت بعد موت سليمان بن داود، عليهما السلام، فصار منهم سبطان ونصف سبط في بيت المقدس، فهم سبط داود، وانخزل تسعة أسباط ونصف إلى مدينة يقال لها شامين، وبها سميت الشام، وهي بأرض فلسطين، وكان بها متجر العرب وميرتهم، وكان اسم الشام الأوّل سورى فاختصرت العرب من شامين الشام وغلب على الصقع كلّه، وهذا مثل فلسطين وقنّسرين ونصيبين وحوّارين، وهو كثير في نواحي الشام، وقيل:
سميت بذلك لأنّها شامة القبلة، قلت: وهذا قول فاسد لأن القبلة لا شامة لها ولا يمين لأنّها مقصد من كل وجه يمنة لقوم وشامة لآخرين، ولكن الأقوال المتقدّمة حسنة جميعها، وأمّا حدّها فمن الفرات إلى العريش المتاخم للدّيار المصريّة، وأمّا عرضها فمن جبلي طيّء من نحو القبلة إلى بحر الروم وما بشأمة ذلك من البلاد، وبها من أمّهات المدن منبج وحلب وحماة وحمص ودمشق والبيت المقدس والمعرّة، وفي الساحل أنطاكية وطرابلس وعكّا وصور وعسقلان وغير ذلك، وهي خمسة أجناد:
جند قنسرين وجند دمشق وجند الأردنّ وجند فلسطين وجند حمص، وقد ذكرت في أجناد، ويعدّ في الشام أيضا الثغور: وهي المصيصة وطرسوس وأذنة وأنطاكية وجميع العواصم من مرعش والحدث وبغراس والبلقاء وغير ذلك، وطولها من الفرات إلى العريش نحو شهر، وعرضها نحو عشرين يوما، وروي عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنّه قال: قسم الخير عشرة أعشار فجعل تسعة أعشار في الشام وعشر في سائر الأرض، وقسم
الشرّ عشرة أعشار فجعل عشر بالشام وتسعة أعشار في سائر الأرض، وقال محمد بن عمر بن يزيد الصاغاني:
إنّي لأجد ترداد الشام في الكتب حتى كأنّها ليست لله تعالى بشيء في الأرض حاجة إلّا بالشام، وروي عن النبي، صلّى الله عليه وسلّم، أنّه قال: الشام صفوة الله من بلاده وإليه يجتبي صفوته من عباده، يا أهل اليمن عليكم بالشام فإن صفوة الله من الأرض الشام، ألا من أبى فإن الله تعالى قد تكفّل لي بالشام، وقال أبو الحسن المدائني: افترض أعرابيّ في الجند فأرسل في بعث إلى الشام ثمّ إلى ساحل البحر، فقال:
أأنصر أهل الشام ممّن أكاءهم ... وأهلي بنجد ذاك حرص على النصر
براغيث تؤذيني إذ النّاس نوّم، ... وليل أقاسيه على ساحل البحر
فإن يك بعث بعدها لم أعد له ... ولو صلصلوا للبحر منقوشة الحمر
وهذا خبر زامل كان نازلا في أخواله كلب فأغار عليهم بنو القين بن جسر فأخذوا ماله فاستنصر أخواله فلم ينصروه فركب جملا وقصد الشام فنزل في روضة فأكل من نجمها وعقل بعيره واضطجع، فما انتبه إلّا وحسّ فارسا قد نزل قريبا منه، فقال له الفارس:
من أنت؟ فانتسب له وقصّ عليه قصته، فقال له الفارس: يا هذا هل عندك من طعام فإنّي طاو منذ أمس؟ فقال له: أتطلب الطعام وهذا اللحم المعرض؟
ثمّ وثب فنحر جمله واحتشّ حطبا وشوى وأطعم الفارس حتى اكتفى، فلما لبث أن ثار العجاج وأقبلت الخيل إلى الفارس يحيونه بتحية الملوك، فركب وقال:
دونكم الرجل أردفوه، فأردفه بعضهم فإذا هو الحارث الأكبر الغساني، فأمر خدمه بإنزال الطائيّ وغفل عنه مدة، فخاف زامل أن يكون قد نسيه فقال لحاجبه: أحبّ أن تبلغ هذه الأبيات إلى الحارث، فأنشد:
أبلغ الحارث المردّد في المك ... رمات والمجد جدّا فجدّا
وابن أرباب واطئ العفر والأر ... حب والمالكين غورا ونجدا
أنّني ناظر إليك ودوني ... عاتقات غاورن قربا وبعدا
آزل نازل بمثوى كريم، ... ناعم البال في مراح ومغدى
غير أنّ الأوطان يجتذب المر ... ء إليها الهوى وإن عاش كدّا
ونأتني بالشّآم مفيدي ... حسرات يقددن قلبي قدّا 
ليس يستعذب الغريب مقاما ... في سوى أرضه وإن نال جدّا
فلمّا بلغت الأبيات الحارث قال: وا سوأتاه! كرم ولؤمنا، وتيقظ ونمنا، وأحسن وأسأنا! ثمّ أذن له فلمّا رآه قال: والله ما يدحض عارها عني إلّا أن أعطيك حتى ترضى، ثمّ أمر له بمائة ناقة وألف شاة وعشرة عبيد وعشر إماء وعشرة أفراس من كرام خيله وألف دينار وقال: يا زامل أما إن الأوطان جواذب كما ذكرت فهل لك أن تؤثر المقام في مدينتنا تكنفك حمايتنا ويتفيأ لك ظلّنا وتسبل عليك صلتنا؟
فقال: أيّها الملك ما كنت لأوثر وطني عليك ولا ألقي مقاليدي إلّا إليك، ثمّ أقام بالشام. وقال جبلة بن الأيهم وهو ببلاد الروم بعد أن تنصّر أنفة من غير أن يقتص في قصة فيها طول فذكرتها في أخبار 

حسان من كتاب الشعراء:
تنصّرت الأشراف من أجل لطمة، ... وما كان فيها لو صبرت لها ضرر
تكنّفني فيها لجاج حميّة، ... فبعت لها العين الصّحيحة بالعور
فيا ليت أمّي لم تلدني وليتني ... رجعت إلى القول الذي قاله عمر
ويا ليتني أرعى المخاض بقفرة، ... وكنت أسيرا في ربيعة أو مضر
ويا ليت لي بالشام أدنى معيشة، ... أجاور قومي ذاهب السّمع والبصر
أدين بما دانوا به من شريعة، ... وقد يصبر العود المسنّ على الدّبر
وفي الحديث عن عبد الله بن حوالة قال: كنّا عند رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، فشكوا إليه الفقر والعري وقلّة الشيء فقال رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم: أبشروا فو الله لأنا من كثرة الشيء أخوف عليكم من قلّته، والله لا يزال هذا الأمر فيكم حتى تفتح أرض فارس وأرض الروم وأرض حمير وحتى تكونوا أجنادا ثلاثة: جند بالشام وجند بالعراق وجند باليمن وحتى يعطى الرجل مائة دينار فيسخطها، قال ابن حوالة: فقلت يا رسول الله من يستطيع الشام وفيه الروم ذات القرون؟ فقال، صلّى الله عليه وسلم: والله ليستخلفنّكم الله فيها حتى تظلّ العصابة منهم البيض قمصهم المحلوقة أقفاؤهم قياما على الرجل الأسود ما أمرهم به فعلوا، وإنّ بها اليوم رجالا لأنتم اليوم أحقر في أعينهم من القردان في أعجاز الإبل، قال ابن حوالة: قلت اختر لي يا رسول الله إن أدركني ذلك، فقال: أختار لك الشام فإنّها صفوة الله من بلاده وإليها يجتبي صفوته من عباده يا أهل الإسلام فعليكم بالشام فإن صفوة الله من الأرض الشام فمن أبى فليلحق بيمينه وليسق بعذره فإنّ الله قد تكفّل لي بالشام وأهله، وقال أحمد بن محمد بن المدبّر الكاتب في تفضيل الشام:
أحبّ الشّام في يسر وعسر، ... وأبغض ما حييت بلاد مصر
وما شنأ الشآم سوى فريق ... برأي ضلالة وردى ومحر
لأضغان تغين على رجال ... أذلّوا يوم صفّين بمكر
وكم بالشّام من شرف وفضل، ... ومرتقب لدى برّ وبحر
بلاد بارك الرّحمن فيها، ... فقدّسها على علم وخبر
بها غرر القبائل من معدّ ... وقحطان ومن سروات فهر
أناس يكرمون الجار حتى ... يجير عليهم من كلّ وتر
وقال البحتري يفضّل الشام على العراق:
نصبّ إلى أرض العراق وحسنه، ... ويمنع عنها قيظها وحرورها
هي الأرض نهواها إذا طاب فصلها ... ونهرب منها حين يحمى هجيرها
عشيقتنا الأولى وخلّتنا التي ... نحبّ وإن أضحت دمشق تغيرها
عنيت بشرق الأرض قدما وغربها ... أجوّب في آفاقها وأسيرها
فلم أر مثل الشام دار إقامة ... لراح أغاديها وكأس أديرها
مصحّة أبدان ونزهة أعين، ... ولهو نفوس دائم وسرورها
مقدّسة جاد الرّبيع بلادها، ... ففي كلّ أرض روضة وغديرها
تباشر قطراها وأضعف حسنها ... بأنّ أمير المؤمنين يزورها
ومسجد الشام ببخارى، نسب إليه أبو سعيد الشامي فقيه حنفيّ. والشام: موضع في بلاد مراد، قال قيس بن مكشوح:
وأعمامي فوارس يوم لحج ... ومرجح إن شكوت ويوم شام

قُشَاوَةُ

قُشَاوَةُ:
بالضم، وبعد الألف واو، يقال: قشوت القضيب أي خرطته وأقشوه أنا قشوا، والمقشوّ منه قشاوة، وقشاوة ضفيرة، والضفيرة المسنّاة المستطيلة في الأرض: كانت بها وقعة لبني شيبان على سليط بن يربوع، قال الأصمعي: ولبني أبي بكر في أعالي نجد القشاوة، قال أبو أحمد: قشاوة، القاف مضمومة والشين معجمة، أسر فيه من فرسان بني تميم أبو مليل عبد الله بن الحارث أسره بسطام بن قيس وقتل ابناه بجير وحريب الأجيمر وقتل فيه جماعة من فرسان بني تميم، وفيه قيل:
أسرنا مالكا وأبا مليل، ... وخرّقنا الأجيمر بالعوالي
وقال جرير:
بئس الــفوارس يوم نعف قشاوة ... والخيل عادية على بسطام
ويروى قنع قشاوة، قال زيد الخيل:
نحن الــفوارس يوم نعف قشاوة ... إذ ثار نقع كالعجاجة أغبر
يوحون مالكهم ونوحي مالكا، ... كلّ يحضّ على القتال ويذمر
صدر النهار يدرّ كلّ وتيرة ... بأسنّة منها سمام تقطر
فتواهقوا رسلا كأن شريدهم، ... جنح الظلام، نعام سيف نفّر
ونحا على شيبان ثم فوارس ... لا ينكلون إذا الكماة تنزّر
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.