Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: فرسخ

بَوَّانُ

بَوَّانُ:
بالفتح، وتشديد الواو، وألف، ونون:
في ثلاثة مواضع، أشهرها وأسيرها ذكرا شعب بوّان بأرض فارس بين أرّجان والنّوبندجان، وهو أحد متنزهات الدنيا، قال المسعودي، وذكر اختلاف الناس في فارس فقال: ويقال إنهم من ولد بوّان بن إيران بن الأسود بن سام بن نوح، عليه السلام، وبوّان هذا هو الذي ينسب إليه شعب بوّان من أرض فارس، وهو أحد المواضع المتنزهة المشتهرة بالحسن وكثرة الأشجار وتدفق المياه وكثرة أنواع الأطيار، قال الشاعر:
فشعب بوّان فوادي الراهب، ... فثمّ تلقى أرحل النجائب
وقد روي عن غير واحد من أهل العلم أنه من متنزهات الدنيا، وبعض قال: جنان الدنيا أربعة مواضع: غوطة دمشق وصغد سمرقند وشعب بوّان ونهر الأبلة، وقالوا: وأفضلها غوطة دمشق، وقال أحمد بن محمد الهمداني: من أرّجان إلى النوبندجان ستة وعشرون فرسخــا، وبينهما شعب بوّان الموصوف بالحسن والنزاهة وكثرة الشجر وتدفّق المياه، وهو موضع من أحسن ما يعرف، فيه شجر الجوز والزيتون وجميع الفواكه النابتة في الصخر، وعن المبرّد أنه قال: قرأت على شجرة بشعب بوّان:
إذا أشرف المحزون، من رأس تلعة، ... على شعب بوّان استراح من الكرب
وألهاه بطن كالحريرة مسّه، ... ومطّرد يجري من البارد العذب
وطيب ثمار في رياض أريضة، ... على قرب أغصان جناها على قرب
فبالله يا ريح الجنوب تحمّلي، ... إلى أهل بغداد، سلام فتى صبّ
وإذا في أسفل ذلك مكتوب:
ليت شعري عن الذين تركنا ... خلفنا بالعراق هل يذكرونا
أم لعلّ الذي تطاول حتى ... قدم العهد بعدنا، فنسونا؟
وذكر بعض أهل الأدب أنه قرأ على شجرة دلب تظلل عينا جارية بشعب بوّان:
متى تبغني في شعب بوّان تلقني ... لدى العين، مشدود الركاب إلى الدّلب
وأعطي، وإخواني، الفتوّة حقّها ... بما شئت من جدّ وما شئت من لعب
يدير علينا الكأس من لو رأيته ... بعينك ما لمت المحبّ على الحبّ
وذكر لي بعض أهل فارس أن شعب بوّان واد عميق، والأشجار والعيون التي فيه إنما هي من جلهتيه، وأسفل الوادي مضايق تجتمع فيها تلك المياه وتجري، وليس في أرض وطيئة البتّة بحيث تبنى فيه مدينة ولا قرية كبيرة، وقد أجاد المتنبي في وصفه فقال:
مغاني الشعب، طيبا، في المغاني، ... بمنزلة الربيع من الزمان
ولكنّ الفتى العربيّ فيها، ... غريب الوجه، واليد، واللسان
ملاعب جنّة، لو سار فيها ... سليمان لسار بترجمان
طبت فرساننا والخيل حتى ... خشيت، وإن كرمن، من الحران
غدونا تنفض الأغصان فيها، ... على أعرافها، مثل الجمان
فسرت وقد حجبن الحرّ عني، ... وجئن من الضياء بما كفاني
وألقى الشرق منها، في ثيابي، ... دنانيرا تفرّ من البنان
لها ثمر، تشير إليك منه ... بأشربة، وقفن بلا أواني
وأمواه تصلّ بها حصاها ... صليل الحلي، في أيدي الغواني
ولو كانت دمشق ثنى عناني ... لبيق الثّرد صينيّ الجفان
يلنجوجيّ، ما رفعت لضيف ... به النيران، ندّيّ الدّخان
تحلّ به على قلب شجاع، ... وترحل منه عن قلب جبان
منازل، لم يزل منها خيال ... يشيّعني إلى النّوبنذجان
إذا غنّى الحمام الورق فيها، ... أجابته أغانيّ القيان
ومن بالشعب أحوج من حمام، ... إذا غنّى وناح إلى البيان؟
وقد يتقارب الوصفان جدّا، ... وموصوفاهما متباعدان
يقول بشعب بوّان حصاني: ... أعن هذا يسار إلى الطّعان؟
أبوكم آدم سنّ المعاصي، ... وعلمكم مفارقة الجنان
فقلت: إذا رأيت أبا شجاع ... سلوت عن العباد، وذا المكان
وكتب أحمد بن الضحاك الفلكي إلى صديق له يصف شعب بوّان: بسم الله الرحمن الرحيم، كتبت إليك من شعب بوّان وله عندي يد بيضاء مذكورة، ومنّة غرّاء مشهورة، بما أولانيه من منظر أعدى على الأحزان، وأقال من صروف الزمان، وسرّح طرفي في جداول تطرّد بماء معين منسكب أرقّ من دموع العشّاق، مررتها لوعة الفراق، وأبرد من ثغور الأحباب، عند الالتئام والاكتئاب، كأنها حين جرى آذيّها يترقرق، وتدافع تيارها يتدفّق، وارتجّ حبابها يتكسر في خلال زهر ورياض ترنو بحدق تولّد قصب لجين في صفائح عقيان، وسموط درّ بين زبرجد ومرجان، أثر على حكمة صانعه شهيد، وعلم على لطف خالقه دليل إلى ظلّ سجسج أحوى، وخضل ألمى، قد غنّت عليه أغصان فينانة، وقضب غيدانة، تشوّرت لها القدود المهفهفة خجلا، وتقيّلتها الخصور المرهفة تشبّها، يستقيدها النسيم فتنقاد، ويعدل بها فتنعدل، فمن متورد يروق منظره، ومرتجّ يتهدّل مثمره، مشتركة فيه حمرة نضج الثمار، ينفحه نسيم النّوّار، وقد أقمت به يوما وأنا لخيالك مسامر، ولشوقك منادم، وشربت لك تذكارا، وإذا تفضل الله بإتمام السلامة إلى أن أوافي شيراز كتبت إليك من خبري بما تقف عليه إن شاء الله تعالى. وبوّان، أيضا، شعب بوّان: واد بين فارس وكرمان، يوصف أيضا بالنزاهة والطيب ليس بدون الأول، أخبرني به رجل من أهل فارس. وبوّان أيضا: قرية على باب أصبهان، ينسب إليها جماعة، منهم: القاضي أبو بكر محمد بن الحسن بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن سليم البوّاني من أهل هذه القرية، كان شيخا صالحا مكثرا، سمع الحافظ أبا بكر مردويه بأصبهان والبرقاني ببغداد وغيرهما، روى عنه الحافظ أبو القاسم إسماعيل بن محمد بن الفضل الأصبهاني وغيره، وولي القضاء ببعض نواحي أصبهان، وتوفي في ذي القعدة سنة 484، وولد في صفر سنة 401.

بَنُورَا

بَنُورَا:
بالفتح ثم الضم، والواو ساكنة، وراء، وألف مقصورة: قرية قرب النّعمانية بين بغداد وواسط، وبها كان مقتل المتنبيّ في بعض الروايات، وحدّثني الشريف أبو الحسن عليّ بن أبي منصور الحسن ابن طاوس العلوي أن بنورا من نواحي الكوفة ثم من ناحية نهر قورا قرب سورا، بينهما نحو فرسخ، منها كان الشريف النّسّابة عبد الحميد بن التقي العلوي، كان أوحد الناس في علم الأنساب والأخبار، مات في سنة 597.

بَنْسَارَقانُ

بَنْسَارَقانُ:
السين مهملة، وبعد الألف راء مفتوحة وقاف: قرية من قرى مرو على فرسخــين من مرو، يسميها العامّة كوسارقان، منها أبو منصور الطيب ابن أبي سعيد بن الطيب الخلّال البنسارقاني، كان يسكن البلد، خرج إلى مكة وتوفي بهمذان في شعبان سنة 532، وكان صالحا، سمع الحديث ورواه.

بِنَّا

بِنَّا:
بكسر أوله، وتشديد ثانيه، والقصر: قرية على شاطئ دجلة من نواحي بغداد، بينهما نحو فرسخــين، وهي تحت كلواذى، رأيتها. وفي بغداد أيضا أخرى يقال لها بنّا، لا أعرفها، وإحداهما أراد أبو نواس حيث قال:
ما أبعد النّسك من قلب تقسّمه ... قطربّل فقري بنّا فكلواذى
وقال أيضا:
سقيا لبنّا ولا سقيا لعانات! ... سقيا لقطربّل ذات اللذاذات!
فإن فيها نبات الكرم ما تركت ... منها الليالي سوى باقي الحشاشات
كأنها دمعة في عين غانية ... مرهاء، رقرقها مرّ المصيبات

بَمْلانُ

بَمْلانُ:
بالفتح ثم السكون: من قرى مرو على فرسخ، منها أبو حامد أحمد بن محمد بن حيّوية الأنماطي، أكثر عن أبي زرعة الرازي، وكان ثقة، والنعمان بن إسماعيل بن أبي حرب أبو حنيفة البملاني
المروزي، فقيه صالح تفقه على أبي منصور محمد بن عبد الجبّار وسمع منه الحديث ومن أبي مسعود أحمد بن محمد بن عبد الله البجلي الرازي، أجاز لأبي سعد، قال: وكانت ولادته في حدود سنة 430، ومات سنة 510.

بَمِجْكَثُ

بَمِجْكَثُ:
بفتح الباء، وكسر الميم، وسكون الجيم، وفتح الكاف، وثاء مثلثة: من قرى بخارى، قال الإصطخري: وأما بخارى فاسمها بومجكث، وقال في موضع آخر: أما بومجكث فإنها على يسار الذاهب إلى الطواويس على أربعة فراسخ من بخارى، بينها وبين الطريق نصف فرسخ، فزاد الواو بعد الباء واختلف كلامه فيها، ونقلناه نقلا وما أظنّها إلا المترجم بها، والله أعلم، منها أبو الحسن علي بن الحسن بن شعيب البمجكثي الأديب، سمع أبا العباس الأصمّ، روى الحديث، ومات ليلة الفطر سنة 386.

بُرْطاسُ

بُرْطاسُ:
بالضم: اسم لأمّة لهم ولاية واسعة تعرف بهم، تنسب إليها الفراء البرطاسية، وهم متاخمون للخزر وليس بينهما أمة أخرى، وهم قوم مفترشون على وادي إتل. وبرطاس: اسم للناحية والمدينة، وهم مسلمون ولهم مسجد جامع، وبالقرب منها مدينة تسمى سوارا فيها أيضا مسجد جامع، وبالقرب منها مدينة تسمى سوارا فيها أيضا مسجد جامع، ولأهل برطاس لسان مفرد ليس بتركيّ ولا خزريّ ولا بلغاري، قال الاصطخري: وأخبرني من كان يخطب بها ان مقدار الناس من المدينتين نحو عشرة آلاف رجل لهم ابنية خشب يأوون إليها في الشتاء، وأما في الصيف فإنهم يفترشون في الخركاهات، قال الخاطب:
وان الليل عندهم لا يتهيأ أن يسار فيه في الصيف
أكثر من فرسخ، ومن إتل مدينة الخزر الى برطاس مسيرة عشرين يوما ومن أول مملكة برطاس إلى آخرها نحو خمسة عشر يوما.

بَرْزَنُ

بَرْزَنُ:
من قرى مرو متصلة ببرماقان، منها أبو ابراهيم أحمد بن عبد الواحد الكاتب البرزني. وبرزن:
قرية أخرى بمرو أيضا، يقال لها: باغ وبرزن، وهما قريتان متصلتان على فرسخــين من مرو، منها إسماعيل البرزني، يروي عن الفضل بن موسى الشيباني.

بَرْسُخانُ

بَرْسُخانُ:
بالفتح، وضم السين المهملة، وخاء معجمة، والنسبة إليها برسخي: قرية من قرى بخارى على
فرسخــين، منها أبو بكر منصور البرسخي صاحب تاريخ بخارى، وابنه أبو رافع العلاء الفقيه الشافعي الأصم.

أُشْرُوسَنَةُ

أُشْرُوسَنَةُ:
بالضم ثم السكون، وضم الراء، وواو ساكنة، وسين مهملة مفتوحة، ونون، وهاء، أورده أبو سعد، رحمه الله، بالسين المهملة، وهذا الذي أوردته هاهنا هو الذي سمعته من ألفاظ أهل تلك البلاد: وهي بلدة كبيرة بما وراء النهر من بلاد الهياطلة بين سيحون وسمرقند، وبينها وبين سمرقند ستة وعشرون فرسخــا، معدودة في الإقليم الرابع، طولها إحدى وتسعون درجة وسدس وعرضها ست وثلاثون درجة وثلثان، قال الإصطخري: أشروسنة اسم الإقليم كما أنّ الصّغد اسم الإقليم، وليس بها مكان ولا مدينة بهذا الاسم، والغالب عليها الجبال، والذي يطوف بها من أقاليم ما وراء النهر من شرقيها فرغانة، ومن غربيها حدود سمرقند، وشماليها الشاش وبعض فرغانة، وجنوبيها بعض حدود كشّ والصغانيان وشومان وواشجرد وراشت، ومدينتها الكبرى يقال لها بلسان الأشروسنة، ومن مدنها: بنجيكت وساباط وزامين وديزك وخرقانة، ومدينتها التي يسكنها الولاة بنجيكت، ينسب إلى أشروسنة أمم من أهل العلم منهم: أبو طلحة حكيم بن نصر بن خالج بن جندبك، وقيل: جند لك الأشروسني.

إِيراياذ

إِيراياذ:
ولفظ العجم بها إيراوه: قرية بينها وبين طبس خمسة عشر فرسخــا، على رأس جبل، ولها قلعة حصينة، وحولها مزارع وبساتين ونخل وأعناب
وتفاح وأصناف من الفواكه، وفيها مياه جارية عذبة وهي في غاية النزاهة والطيبة، وبها خانقاه للصوفية، عندها مشهد عليه قبة فيها قبر الشيخ أبي نصر الزاهد الإيراياذي، وكانت وفاته بعد الخمسمائة، وأهل تلك الناحية يذكرون له كرامات منها: أن أهل قريته سألوه أن يستسقي لهم في محل أصابهم، فسجد ودعا الله لهم، فنبعت عين من وسط الجبل من الصخر الصلد، وتدفّقت بماء عذب صاف وفارت فورانا شديدا، فوضع الشيخ يده على الماء وقال له: اسكن! فسكن باذن الله. أخبرني بذلك كله الحافظ أبو عبد الله محمد بن النّجار البغدادي، وقال:
شاهدت العين وشربت من مائها وزرت قبر هذا الشيخ مرارا ووجدت عنده روحا وقبولا تامّا، وعليه نور كثير، قال: وأنشدني محمد بن المؤيد الدبوسي من لفظه وكتابه بقرية إيراياذ، وذكر أنها لعيسى بن محفوظ الطّرفي:
مدح الأنام وذمّهم فحواهما ... طمع، يردّده لسان الذاكر
لولا فضول الحرص من يروي لنا ... جرد ابن مامة، أو دناءة مادر؟

إِيبَسْنُ

إِيبَسْنُ:
بالكسر ثم السكون، وفتح الباء الموحدة، وسين مهملة ساكنة، ونون: قرية بينها وبين نخشب فرسخ، ينسب إليها أبو يعقوب يوسف بن أبي بكر ابن أحمد بن يعقوب الإيبسني، توفي سنة 552.

أَنْدرابَة

أَنْدرابَة:
بزيادة الهاء: قرية بينها وبين مرو فرسخــان، كان للسلطان سنجر بن ملك شاه بها آثار وقصور باقية الجدران إلى الآن، وقد رأيتها خرابا، وكذلك القرية خراب أيضا، ينسب إليها جماعة، منهم: أحمد الكرابيسي الأندرابي، سمع أبا كريب وغيره.

أَنْداقُ

أَنْداقُ:
بفتح أوله، وسكون ثانيه، ودال مهملة، وألف، وقاف: قرية على ثلاثة فراسخ من سمرقند، ينسب إليها أبو علي الحسن بن علي بن سباع بن نصر البكري السمرقندي الأنداقي يعرف بابن أبي الحسن.
وأنداق أيضا: قرية بينها وبين مرو فرسخــان.

الاكامُ

الاكامُ:
هكذا وجدته بخط بعض الفضلاء، ولا أدري أأراد جبل اللكام أم غيره؟ إلّا أنه قال: جبل ثغور المصّيصة، واللكام متصل به، ولا شكّ في أنهما جبل واحد لأن الجبال في موضع قد تسمّى باسم وتسمّى في موضع آخر باسم آخر، وإن كان الجميع جبلا واحدا، قال أحمد بن الطيّب: ويكون امتداد جبل الآكام نحو ثلاثين فرسخــا وعرضه ثلاثة فراسخ، وفيه حصون ورستاق واسع.

أصبهان

أَصبَهَانُ:
منهم من يفتح الهمزة، وهم الأكثر، وكسرها آخرون، منهم: السمعاني وأبو عبيد البكري الأندلسي: وهي مدينة عظيمة مشهورة من أعلام المدن وأعيانها، ويسرفون في وصف عظمها حتى يتجاوزوا حدّ الاقتصاد إلى غاية الإسراف، وأصبهان:
 اسم للإقليم بأسره، وكانت مدينتها أوّلا جيّا ثم صارت اليهودية، وهي من نواحي الجبل في آخر الإقليم الرابع، طولها ست وثمانون درجة، وعرضها ست وثلاثون درجة تحت اثنتي عشرة درجة من السرطان، يقابلها مثلها من الجدي، بيت ملكها مثلها من الحمل، بيت عاقبتها مثلها من الميزان، طول أصبهان أربع وسبعون درجة وثلثان وعرضها أربع وثلاثون درجة ونصف، ولهم في تسميتها بهذا الاسم خلاف، قال أصحاب السير: سميت بأصبهان بن فلّوج بن لنطي بن يونان بن يافث، وقال ابن الكلبي: سميت بأصبهان بن فلوّج بن سام بن نوح، عليه السلام، قال ابن دريد: أصبهان اسم مركّب لأن الأصب البلد بلسان الفرس، وهان اسم الفارس، فكأنه يقال بلاد الفرسان، قال عبيد الله المستجير بعفوه:
المعروف أن الأصب بلغة الفرس هو الفرس، وهان كأنه دليل الجمع، فمعناه الفرسان والأصبهانيّ الفارس، وقال حمزة بن الحسن: أصبهان اسم مشتقّ من الجندية وذلك أن لفظ أصبهان، إذا ردّ إلى اسمه بالفارسية، كان أسباهان وهي جمع أسباه، وأسباه: اسم للجند والكلب، وكذلك سك: اسم للجند والكلب، وإنما لزمهما هذان الاسمان واشتركا فيهما لأن أفعالهما لفق لأسمائهما وذلك أن أفعالهما الحراسة، فالكلب يسمى في لغة سك وفي لغة أسباه، وتخفف، فيقال:
أسبه، فعلى هذا جمعوا هذين الاسمين وسمّوا بهما بلدين كانا معدن الجند الأساورة، فقالوا لأصبهان:
أسباهان، ولسجستان: سكان وسكستان، قال: وذكر ابن حمزة في اشتقاق أصبهان حديثا يلهج به عوامّ الناس وهوامّهم، قال: أصله أسباه آن أي هم جند الله، قال: وما أشبه قوله هذا، باشتقاق عبد الأعلى القاصّ حين قيل له: لم سمّي العصفور؟
قال: لأنه عصى وفرّ، قيل له: فالطّفشيل؟ قال:
لأنه طفا وشال. قالوا ولم يكن يحمل لواء ملوك الفرس من آل ساسان إلّا أهل أصبهان! قلت:
ولذلك سبب ربما خفي عن كثير من أهل هذا الشأن وهو أن الضحّاك المسمّى بالازدهاق، ويعرف ببيوراسب وذي الحيّتين، لما كثر جوره على أهل مملكته من توظيفه عليهم في كل يوم رجلين يذبحان وتطعم أدمغتهما للحيّتين اللتين كانتا نبتتا في كتفيه، فيما تزعم الفرس، فانتهت النوبة إلى رجل حدّاد من أهل أصبهان يقال له كابي، فلما علم أنه لا بد من ذبح نفسه أخذ الجلدة التي يجعلها على ركبتيه ويقي النار بها عن نفسه وثيابه وقت شغله، ثم إنه رفعها على عصا وجعلها مثل البيرق، ودعا الناس إلى قتل الضحاك وإخراج فريدون جدّ بني ساسان من مكمنه وإظهار أمره، فأجابه الناس إلى ما دعاهم إليه من قتل الضحاك حتى قتله وأزال ملكه وملك فريدون، وذلك في قصة طويلة ذات تهاويل وخرافات، فتبركوا بذلك اللواء إذ انتصروا به وجعلوا حمل اللواء إلى اهل أصبهان من يومئذ لهذا السبب، قال مسعر بن مهلهل: وأصبهان صحيحة الهواء نفيسة الجوّ خالية من جميع الهوامّ، لا تبلى الموتى في تربتها، ولا تتغير فيها رائحة اللّحم ولو بقيت القدر بعد أن تطبخ شهرا، وربما حفر الإنسان بها حفيرة فيهجم على قبر له ألوف سنين والميّت فيه على حاله لم يتغيّر، وتربتها أصح تراب الأرض، ويبقى التّفاح فيها غضّا سبع سنين ولا تسوس بها الحنطة كما تسوس في غيرها، قلت أنا: وسألت جماعة من عقلاء أهل أصبهان عمّا يحكى من بقاء جثّة الميّت بها في مدفنها؟
فذكروا لي أن ذلك بموضع منها مخصوص، وهو في مدفن المصلى لا في جميع أرضها، قال الهيثم بن عدي: لم يكن لفارس أقوى من كورتين، واحدة سهلية والأخرى جبلية، أما السهلية فكسكر، وأما الجبلية فأصبهان، وكان خراج كل كورة اثني عشر ألف ألف مثقال ذهبا، وكانت مساحة أصبهان ثمانين فرسخــا في مثلها وهي ستة عشر رستاقا، كل رستاق ثلاثمائة وستون قرية قديمة سوى المحدثة، وهي: جيّ وماربانان والنجان والبراءان وبرخوار ورويدشت وأردستان وكروان وبرزآباذان ورازان وفريدين وقهستان وقامندار وجرم قاشان والتيمرة الكبرى والتيمرة الصّغرى ومكاهن الداخلة، وزاد حمزة:
رستاق جابلق ورستاق التيمرة ورستاق أردستان ورستاق أنارباذ ورستاق ورانقان، ونهر أصبهان المعروف بزند روذ غاية في الطيب والصحة والعذوبة، وقد ذكر في موضعه، وقد وصفته الشعراء، فقال بعضهم:
لست آسى، من أصبهان، على شي ... ء، سوى مائها الرحيق الزّلال
ونسيم الصّبا، ومنخرق الرّي ... ح، وجوّ صاف على كلّ حال
ولها الزعفران والعسل الما ... ذيّ، والصافنات تحت الجلال
وكذلك قال الحجّاج لبعض من ولاه أصبهان:
قد وليّتك بلدة حجرها الكحل وذبابها النحل وحشيشها الزعفران، وقال آخر:
لست آسى، من أصبهان على شي ... ء، فأبكي عليه عند رحيلي
غير ماء، يكون بالمسجد الجا ... مع، صاف مروّق مبذول
وأرض أصبهان حرّة صلبة فلذلك تحتاج إلى الطّعم، فليس بها شيء أنفق من الحشوش فإن قيمتها عندهم وافرة، وحدّثني بعض التجار قال: رأيت بأصبهان رجلا من الثّنّاء يطعم قوما ويشرط عليهم أن يبرّزوا في خربة له، قال: ولقد اجتزت به مرّة وهو يخاصم رجلا وهو يقول له: كيف تستخير أن تأكل طعامي وتفعل كذا عند غيري ولا يكني؟
وقد ذكر ذلك شاعر فقال:
بأصبهان نفر، ... خسوا وخاسوا نفرا
إذا رأى كريمهم ... غرّة ضيف نفرا
فليس للناظر في ... أرجائها، إن نظرا،
من نزهة تحيي القلو ... ب غير أوقار الخرى
ووجد في غرفة بعض الخانات التي بطريق أصبهان مكتوب هذه الأبيات:
قبّح السالكون في طلب الرّز ... ق، على أيذج إلى أصبهان
ليت من زارها، فعاد إليها، ... قد رماه الإله بالخذلان
ودخل رجل على الحسن البصري فقال له: من أين أنت؟
فقال له: من أهل أصبهان، فقال: الهرب من بين يهودي ومجوسي وأكل ربا، وأنشد بعضهم لمنصور ابن باذان الأصبهاني:
فما أنا من مدينة أهل جيّ، ... ولا من قرية القوم اليهود
وما أنا عن رجالهم براض، ... ولا لنسائهم بالمستريد
وقال آخر في ذلك:
لعن الله أصبهان بلادا، ... ورماها بالسيل والطاعون
بعت في الصيف قبّة الخيش فيها، ... ورهنت الكانون في الكانون
وكانت مدينة أصبهان بالموضع المعروف بجيّ وهو الآن يعرف بشهرستان وبالمدينة، فلما سار بخت نصّر وأخذ بيت المقدس وسبى أهلها حمل معه يهودها وأنزلهم أصبهان فبنوا لهم في طرف مدينة جيّ محلّة ونزلوها، وسمّيت اليهودية، ومضت على ذلك الأيام والأعوام فخربت جيّ وما بقي منها إلا القليل وعمّرت اليهودية، فمدينة أصبهان اليوم هي اليهودية، هذا قول منصور بن باذان، ثم قال:
إنك لو فتّشت نسب أجلّ من فيهم من الثناء والتجار لم يكن بدّ من أن تجد في أصل نسبه حائكا أو يهوديّا، وقال بعض من جال البلدان: إنه لم ير مدينة أكثر زان وزانية من أهل أصبهان، قالوا:
ومن كيموس. هواؤها وخاصيتها أنها تبخل فلا ترى بها كريما، وحكي عن الصاحب أبي القاسم بن عبّاد أنه كان إذا أراد الدخول إلى أصبهان، قال:
من له حاجة فليسألنيها قبل دخولي إلى أصبهان، فإنني إذا دخلتها وجدت بها في نفسي شحّا لا أجده في غيرها. وفي بعض الأخبار أن الدّجّال يخرج من أصبهان، قال: وقد خرج من أصبهان من العلماء والأئمة في كلّ فنّ ما لم يخرج من مدينة من المدن، وعلى الخصوص علوّ الاسناد، فإن أعمار أهلها تطول ولهم مع ذلك عناية وافرة بسماع الحديث، وبها من الحفّاظ خلق لا يحصون، ولها عدّة تواريخ، وقد فشا الخراب في هذا الوقت وقبله في نواحيها لكثرة الفتن والتعصّب بين الشافعية والحنفية والحروب المتصلة بين الحزبين، فكلما ظهرت طائفة نهبت محلّة الأخرى وأحرقتها وخرّبتها، لا يأخذهم في ذلك إلّ ولا ذمة، ومع ذلك فقلّ أن تدوم بها دولة سلطان، أو يقيم بها فيصلح فاسدها، وكذلك الأمر في رساتيقها وقراها التي كل واحدة منها كالمدينة. وأما فتحها فإن عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، في سنة 19 للهجرة المباركة بعد فتح نهاوند بعث عبد الله بن عبد الله بن عتبان وعلى مقدّمته عبد الله بن ورقاء الرياحي وعلى مجنبته عبد الله بن ورقاء الأسدي، قال سيف:
الذين لا يعلمون يرون أن أحدهما عبد الله بن بديل ابن ورقاء الخزاعي لذكر ورقاء فظنوا أنه نسب إلى جده، وكان عبد الله بن بديل بن ورقاء قتل بصفّين وهو ابن أربع وعشرين سنة فهو أيّم صبيّ، وسار عبد الله بن عتبان إلى جيّ والملك يومئذ بأصبهان القاذوسقان، ونزل بالناس على جيّ فخرجوا إليه بعد ما شاء الله من زحف، فلما التقوا قال القاذوسقان لعبد الله: لا تقتل أصحابي ولا أصحابك ولكن ابرز لي فإن قتلتك رجع أصحابك وإن قتلتني سالمتك أصحابي، فبرز له عبد الله، فقال له: اما أن تحمل عليّ واما ان أحمل عليك، فقال: أنا أحمل عليك فاثبت لي، فوقف له عبد الله وحمل عليه القاذوسقان فطعنه فأصاب قربوس السّرج فكسره وقطع اللبب والحزام فأزال اللبب والسرج، فوقف عبد الله قائما ثم استوى على فرسه عريانا، فقال له:
اثبت، فحاجزه وقال له: ما أحبّ ان أقاتلك فإني قد رأيت رجلا كاملا، ولكني أرجع معك إلى عسكرك فأصالحك وأدفع المدينة إليك على أن من شاء أقام وأدى الجزية وأقام على ماله وعلى ان يجري من أخذتم أرضه مجراهم، ومن أبى ان يدخل في ذلك ذهب حيث شاء ولكم أرضه، قال: ذلك لك. وقدم عليه ابو موسى الأشعري من ناحية الأهواز، وكان عبد الله قد صالح القاذوسقان، فخرج القوم من جيّ ودخلوا في الذمة إلا ثلاثين رجلا من أصبهان لحقوا بكرمان، ودخل عبد الله وابو موسى جيّا، وجيّ: مدينة أصبهان.
وكتب عبد الله بالفتح إلى عمر، رضي الله عنه، فرجع إليه الجواب يأمره أن يلحق بكرمان مددا للسّهيل بن عدي لقتال أهلها، فاستخلف على أصبهان السائب بن الأقرع ومضى، وكان نسخة كتاب صلح أصبهان: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا كتاب من عبد الله للقاذوسقان واهل أصبهان وحواليها، انكم آمنون ما أدّيتم الجزية، وعليكم من الجزية على قدر طاقتكم كل سنة تؤدونها إلى من يلي بلدكم من كل حاكم، ودلالة المسلم، وإصلاح طريقه، وقراه يومه وليلته، وحملان الراجل إلى رحله، لا تسلطوا على مسلم، وللمسلمين نصحكم وأداء ما عليهم، ولكم الأمان بما فعلتم، فإن غيّرتم شيئا أو غيّره منكم مغيّر ولم تسلموه فلا أمان لكم، ومن سبّ مسلما بلغ منه، فإن ضربه قتلناه، وكتب: وشهد عبد الله بن قيس وعبد الله بن ورقاء وعصمة بن عبد الله، وقال عبد الله بن عتبان في ذلك:
ألم تسمع؟ وقد أودى ذميما، ... بمنعرج السّراة من أصبهان،
عميد القوم، إذ ساروا إلينا ... بشيخ غير مسترخي العنان؟
وقال أيضا:
من مبلغ الأحياء عني، فإنني ... نزلت على جيّ وفيها تفاقم
حصرناهم حتى سروا ثمّت انتزوا، ... فصدّهم عنّا القنا والصوارم
وجاد لها القاذوسقان بنفسه، ... وقد دهدهت بين الصفوف الجماجم
فثاورته، حتى إذا ما علوته، ... تفادى وقد صارت إليه الخزائم
وعادت لقوحا أصبهان بأسرها، ... يدرّ لنا منها القرى والدراهم
وإني على عمد قبلت جزاءهم، ... غداة تفادوا، والعجاج فواقم
ليزكوا لنا عند الحروب جهادنا، ... إذا انتطحت في المأزمين الهماهم
هذا قول أهل الكوفة يرون أن فتح أصبهان كان لهم، وأما أهل البصرة وكثير من أهل السير فيرون أن أبا موسى الأشعري لما انصرف من وقعة نهاوند إلى الأهواز فاستقراها ثم أتى قمّ فأقام عليها أياما ثم افتتحها، ووجّه الأحنف بن قيس إلى قاشان ففتحها عنوة، ويقال: بل كتب عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، إلى أبي موسى الأشعري يأمره بتوجيه عبد الله بن بديل الرياحي إلى أصبهان في جيش فوجهه، ففتح عبد الله بن بديل جيّا صلحا على أن يؤدي أهلها الخراج والجزية، وعلى أن يؤمّنوا على أنفسهم وأموالهم خلا ما في أيديهم من السلاح. ونزل الأحنف بن قيس على اليهودية فصالحه أهلها على مثل صلح أهل جيّ، قال البلاذري: وكان فتح أصبهان ورساتيقها في بعض سنة 23 وبعض 24 في خلافة عمر، رضي الله عنه، ومن نسب إلى أصبهان من العلماء لا يحصون، إلّا أنني أذكر من أعيان أئمتهم جماعة غلبت على نسبهم فلا يعرفون إلا بالأصبهاني، منهم: الحافظ الإمام أبو نعيم أحمد بن عبد الله ابن أحمد بن إسحاق بن موسى بن مهران سبط محمد ابن موسى البنّاء الحافظ المشهور صاحب التصانيف، منها: حلية الأولياء، وغير ذلك، مات يوم الاثنين العشرين من محرم سنة 430 ودفن بمردبان، ومولده في رجب سنة 330، قاله ابن مندة يحيى.

أَشْتَرُ

أَشْتَرُ:
بالفتح ثم السكون، وفتح التاء المثناة، وراء:
ناحية بين نهاوند وهمذان، قال ابن الفقيه: وعلى جبال نهاوند طلسمان وهما صورة ثور وسمكة من ثلج لا يذوبان شتاء ولا صيفا وهما ظاهران مشهوران، ويقال: إنهما للماء حتى لا يقلّ بنهاوند، ومن ذلك الجبل ينقسم نصفين يعني ماء عين فيه نصف يأخذ في الغرب حتى يسقي رستاقا يعرف برستاق الأشتر وأهله يسمونه ليشتر، وبين الأشتر ونهاوند عشرة فراسخ ومنها إلى سابور خواست اثنا عشر فرسخــا، ينسب إليها جماعة منهم: أبو محمد مهران بن محمد الأشتري البصري، ولم يتحقق لي هل هو من هذا الموضع أم بعض أجداده كان يقال له الأشتر؟

بَاخَمْرَا

بَاخَمْرَا:
بالراء: موضع بين الكوفة وواسط وهو إلى الكوفة أقرب. قالوا: بين باخمرا والكوفة سبعة عشر فرسخــا، بها كانت الوقعة بين أصحاب أبي جعفر المنصور وإبراهيم بن عبد الله بن حسن بن علي بن أبي طالب، عليه السلام، فقتل إبراهيم هناك فقبره به إلى الآن يزار، وإياها عنى دعبل بن عليّ بقوله:
وقبر بأرض الجوزجان محلّه، ... وقبر بباخمرا لدى الغربات
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.