Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: زنا

العَجْرَدُ

العَجْرَدُ:
من قرى زنّار ذمار باليمن.
العَجْرَدُ: الخفيفُ السريعُ، والغَليظُ الشديدُ،
وة بِذَمارِ، واسمٌ، والذَّكَرُ، كالعُجارِدِ والمُعَجْرَدِ.
والمُعَجْرَدُ: العُرْيانُ. وكعَمَلَّسٍ: الجَرِيءُ، والمُتَجَرِّدُ.
وعبدُ الكَريمِ بنُ العَجَرَّدِ: رَئيسٌ للخَوارِجِ، وأصحابُهُ: العَجارِدَةُ.
والعَنْجَرِدُ: المرأةُ السَّليطَةُ، أو الخبيثَةُ، أو السَّيِّئَةُ الخُلُقِ.

خَمْطَرِيرٌ

ماءٌ خَمْطَرِيرٌ أي كثير.
ماءٌ خَمْطَرِيرٌ، كخَمْجَرِيرٍ، وزْناً ومعنًى.

الزَّهْرَةُ

الزَّهْرَةُ، ويُحَرَّكُ: النباتُ، ونَوْرُهُ، أو الأَصْفَرُ منه
ج: زَهْرٌ وأزهارٌ
جج: أزاهِيرُ،
وـ من الدنيا: بَهْجَتُها ونَضَارَتُها وحُسْنُها، وبالضم: البياضُ، والحُسْنُ، وقد زَهِرَ، كفرحَ وكرُمَ، وهو أزْهَرُ، وابنُ كلابٍ: أبو حَيٍّ من قُرَيْشٍ، واسمُ أمِّ الحَياءِ الأَنْبارِيَّةِ المحدِّثَةِ.
وبنُو زُهْرَةَ: شِيعَةٌ بحَلَبَ،
وأمُّ زُهْرَةَ: امرأةُ كلابٍ، وبالفتح: زَهْرَةُ بنُ جُوَيْرِيَةَ صحابِيٌّ.
وكتُؤَدَةٍ: نَجْمٌ م في السماءِ الثالثةِ،
وع بالمدينةِ.
وزَهَرَ السِّراجُ والقمرُ والوجهُ، كمنع، زُهوراً: تَلأْلِأَ،
كازْدَهَرَ،
وـ النارُ: أضاءَتْ، وأزهَرْتُها،
وـ بِكَ زِنادِي: قَوِيَتْ وكثُرَتْ بِكَ،
وـ الشمسُ الإِبِلَ: غَيَّرَتْها.
والأَزْهَرُ: القمرُ، ويومُ الجُمُعَةِ، والثَّوْرُ الوحشيُّ، والأَسَدُ الأبيضُ اللَّوْنِ، والنَّيِّرُ، والمُشْرِقُ الوجهِ، والجَمَلُ المُتَفاجُّ المُتَناوِلُ من أطْرافِ الشجرِ، واللبنُ ساعة يُحْلَبُ، وابنُ مِنْقَرٍ، وابنُ عبدِ عَوْفٍ، وابنُ قَيْسٍ: صحابيُّونَ، وابنُ خَميصَةَ: تابعيٌّ.
والأَزْهَرانِ: القَمَرانِ.
وأحْمَرُ زاهِرٌ: شديدُ الحُمْرَةِ.
والازْدِهارُ بالشيءِ: الاحْتِفاظُ به، والفَرَحُ به، أو أن تَجْعَلَهُ من بالِكَ، وأن تأمُرَ صاحِبَكَ أن يَجِدَّ فيما أمَرْتَهُ.
والزاهِرِيَّةُ: التَّبَخْتُرُ، وعينٌ برأسِ عينٍ لا يُنالُ قَعْرُها.
والزاهِرُ: مُسْتَقًى بين مكةَ والتَّنْعِيمِ.
والزَّهْراءُ: د بالمغربِ،
وع، والمرأةُ المُشْرِقَةُ الوجهِ، والبَقَرَةُ الوحشيةُ،
وـ في قَوْلِ رُؤْبَةَ: سحابةٌ بيضاءُ بَرَقَتَ بالعَشِيِّ.
والزَّهْراوانِ: البقرةُ وآلُ عِمرانَ.
والزِّهْرُ، بالكسر: الوَطَرُ، وبالضم: زُهْرُ بنُ عبدِ المَلِكِ بنِ زُهْرٍ الأَنْدَلُسِيُّ وأقاربُه فُضلاءُ وأطِبَّاءُ. وزُهَرَةُ، كهُمَزَةٍ، وزَهْرانُ وزُهَيْرٌ: أسماءٌ.
والزُّهَيْرِيَّةُ: ة بِبَغْدادَ.
والمِزْهَرُ، كمِنْبَرٍ: العُودُ يُضْرَبُ به، والذي يُزْهِرُ النارَ ويُقَلِّبُها للضِّيفانِ.
والمزاهِرُ: ع. وزاهِرُ بنُ حِزامٍ، وابنُ الأَسْوَدِ: صحابِيَّانِ.
وازْهَرَّ النباتُ: نَوَّرَ،
كازْهارَّ. ومحمدُ بنُ أحمدَ الزاهِريُّ الدَّنْدانِقانِيُّ: محدثٌ، وأحمدُ بنُ محمدِ بنِ مُفَرّجٍ النباتِيُّ؟؟ الزَّهْرِيُّ: حافظٌ.

حَلَزَ

حَلَزَ الأَديمَ والعُودَ: قَشَرَهما.
والحِلِّزُ، كجِلِّقٍ: السَّيِّئُ الخُلُقِ، والبخيلُ، والقصيرُ، ونَباتٌ، والبُومُ، وبالهاء: لأُنْثَى الكُلِّ، ودُوَيبِّةٌ. والحَارِثُ بنُ حِلِّزَةَ اليَشْكُرِيُّ: شاعِرٌ.
وقَلْبٌ حالِزٌ: ضَيِّقٌ.
وكَبِدٌ حَلِزَةٌ: قَرِحَةٌ.
وتَحلَّزَ الشيءُ: بَقِي،
وـ القَلْبُ: تَوَجَّعَ،
وـ لِلأَمْرِ: تَشَمَّرَ.
واحْتَلَزَ حَقَّهُ: أخَذَهُ.
وتَحالَــزْنا بالكلام: قال لي، وقلتُ له.
والحَلَزُونُ، محركةً: دابَّةٌ تكونُ في الرِّمْثِ، أو من جنْسِ الأَصْدافِ.

عجى وعجو

عجى وعجو: عَجَا: عُجّة بيض (هلو) وهذا خطأ والصواب عُجَّة.
عجو: نواة، عجمة (همبرت ص52).
عَجْوَة: ضرب من التمر. انظر عن هذا الضرب من التمر باجني (ص154) وبرتون (1: 384).
عَجْوة: تعر يابس (همبرت ص54 جزائرية).
عَجْوة: تمريّة، عجينة من التمر نزع نواه.
(بركهارت بلاد العرب 1: 56 - 57 وفيه كثير من التفاصيل برتون 1: 238، 384، لين في ترجمة ألف ليلة 1: 219).
عَجِيّ، وجمعها عَجْيان: صبيّ (زيشر 22: 128).
عدّ عدّ: معدود، ما يمكن عدّه وإحصاءه أي ليس بكثير (فليشر في تعليقه على المقري 1: 548، بريشت ص199، فالتون ص36، 71).
ما عَدَّ له خاطراً: لم يأبه به ولم يعتبره (بوشر).
عَدَّد: ليس مصدره تعداد فقط بل تعديد أيضاً.
حسب، أحصى (المفصل طبعة بروش ص 94) ومعناها في الأصل أحصى مناقب الميت كما تفعل النائحات ثم أصبحت تدل على: بكى الميت وناح عليه (معجم فليشر ص35 رقم 104 باين سميث 1397).
عَدَّدت المرأة: بكت عند المريض، ويقال: عَدَّدت عليه (ألف ليلة 1: 49).
عَدَّد: تستعمل مجازاً غرد الطائر تغريداً شجياً (معجم فليشر ص35، المقري 1: 57).
عَدَّد: أساء الظن به (المقري 2: 513).
عَدَّد على فلان: عذله وعاتبه (فوك) وفي كتاب محمد بن الحارث (ص290) فلم يمنعني من ذلك إلا مخافة أن يعدد عليّ ختني سليمان بن اسود. وفي تاريخ البربر (2: 154) فعدد عليه ثم وخزه برمحه.
عَدَّد الخيل: اسرجها ووضع عليها العُدَّة وهي طقم الفرس.
أعدَّ: معناها ساعد وعاون تقريباً. ففي حيّان (ص7 ق): كان مظاهراً لأهل الخلاف معداً لهم في حروبهم.
أعدّ: احذف هذا الفعل من معجم بدرون ومعجم البيان. فالفعل أغذَّ في العبارات التي نقلت فيهما. وفي معجم ابن حبيب في المخطوطة المكتوبة بيد المؤلف التي يملكها فريمري مغذاً وفي الحريري: مُعِدّ أي كامل العُدَّة كما ذكر في شرحه.
تّعدَّد: disco ألمّ ب (المعجم اللاتيني- العربي). فهل يريد بذلك تجهز وتهيأ واستعدّ.؟ تَعدَّد مع: عذل، عاتب (فوك) وانظر مادة عَدَّد.
انعد: حُسِب، أحصى. (فوك) وانظر لين في مادة اعتدَّ.
اعتدَّ: جعل فلاناً تحت تصرفه (تاريخ البربر 2: 471).
اعتدَّ ب: تجهز (بوشر) وفي طرائف كوسج (ص80) اصبر عليَّ حتى أركب جوادي وأعتد بعِدَّة جلادي. والصواب: وأعْتدَّ بعُدَّة (الثعالبي لطائف ص72).
اعتدَّ: وثق ب، اعتمد على (فوك) ولم يذكر جملة استعملت فيها. وفي أماري (ديب ص2): ويَعْلمُ الله سُبحنه أنا لنعتَّد بذلك وقد ترجمها الناشر إلى الفرنسية بما معناه اتكل على، اعتمد على، ويبدو لي ان: قَدر الشيء حق قدره، وأقام له وزناً افضل بكثير (انظر لين).
اعتدّ على فلان: سّجل عليه شيئاً ليتغلب عليه بعد ذلك وحقد عليه لشيء فعله أو قاله.
(المقري 1: 270، تاريخ البربر 1: 395، 527، 538، 630، 2: 159، 175، 256، 320، 362، المقدمة 3: 344).
استعدّ: تهيأ، واتخذ عدّته (الفخري ص19).
اسّتعدَّ: احتاط لنفسه وتفظَّ ففي ابن البيطار (1: 120): البادزهر إذا حُكَّ بالماء على مسنّ وسُقي منه كلّ يوم نصف دانق للصحيح على سبيل الاستعداد والتقدم بالحفاظ (بالحوطة) قاوم السموم القتالة.
استعدّ: اعدّ حضّر، ويقال: استعدّ ب أيضاً: (عباد 2: 192).
استعد له: مال إليه وكان له استعداد طبيعي له.
ففي ابن البيطار (1: 147) البطيخ مستعدّ لان يصير مرارا وفيه (1: 148) البطيخ الهندي مستعد لان يصير بلغما من وقته. وفي المقدمة: استعداد تعني غالباً ميلاً فطرياً (المقدمة 1: 181، 191) وكذلك في محيط المحيط.
استعدّ: أمر الجندي بأن يتهيأ ويكون مستعداً (تاريخ البربر 2: 390).
عَدَّ: إحصاء (محيط المحيط).
عَدَّ: طرح في مصطلح الحساب (محيط المحيط).
عَدْ وعَدّ: قريب من. دان (فوك).
عَدّ ذا، وعَدّ كذا: بسبب ذا، لداعي كذا، باعتبار كذا (فوك).
عِدّ. يقال ماء عِدّ (انظر لين) وهي كلمة من غريب اللغة وقد فسرها ابن دريد وقد استغرب العبدري حين رآها لا تزال مستعملة عند عرب برقة (العبدري ص38 و).
غَدّة. والذي دخل تحت العدة أن الخ: حالة جديرة بالنظر، ذلك أن (أماري ص10)
عدَّة. عِدة السنة: اختصار عدة أيام السنة. (معجم أبي الفداء) عِدَّة: كثيرة، وتستعمل نعتاً (رايت، قواعد العربية 2: 296، الطبعة الثانية) فيقال: مدائن عدّة وأبواب عدة، رأي مدن كثيرة وأبواب كثيرة.
(الادريسي ص76، 197).
عِدَّة: مجموعة متناسقة من المناشف والفوط يلتف بها عند الخروج من الحمام (لين عادات 2: 51، برثون 2: 133).
عُدّة: آلة البناء والنجار وغيرهما وهي من كلام المولدين (محيط المحيط) وفي معجم فوك وهمبرت (ص73) عِدّة بكسر العين وهو خطأ، أي آلة، وهي فيها كلمة مفردة.
عُدّة: عتاد السفينة (الكالا، ابن جبير ص 72، أماري ديب ملحق ص3، 25 دي ساسي ديب 11: 46).
عُدَّة الفرس: سرجها (هلو، محيط المحيط).
عُدَّة: سلاح المدفعية (ألكالا).
عدّة مدافع: قافلة مدفعية.
عُدَّة: حماية، وقاية، إغاثة، معاونة، مساعدة، نجدة. (عباد 1: 247: 270 رقم 72).
عُدّة: جنود، كتائب الجند، ففي كليلة ودمنة (ص6): يا ملك الهند ابرز إلينا وأبْق على عدتك وعيالك ولا تحملهم على الفناء فانه ليس من المروءة أن يرمي الملك بعدته في المهالك المتلفة.
عَدَّية: عَدَّ، إحصاء (بوشر).
عَدّية: كميَّة، مقدار (بوشر).
عَدَد: مقدار كبير. ففي عباد (1: 41): أمر له بدنانير عدداً.
العدد الأول في مصطلح الحساب: ما لا يعده غير الواحد كالثلاثة والخمسة والسبعة ويسمى بسيطاً فان عده غير الواحد كالأربعة فهو المركب (محيط المحيط).
علم العدد: علم من أصول الرياضي يبحث عن العدد وخواصه (محيط المحيط) والعدد فقط يدل على هذا المعنى (المقدمة 1: 218).
عَدَد: مبلغ من الدراهم (المقري1: 471، أماري ديب ص92، وفيه عدد بكسر العين وهو خطأ).
عَدد: ذكرها فوك كما ذكر عِدّة بمعنى المدة التي تقضيها المطلقة والمتوفى عنها زوجها دون زواج بعد طلاقها أو وفاة زوجها.
عَدَديّ: كمي، رقمي، نسبة إلى العدد (بوشر).
عَدَديّ: عالم بالحساب، خبير في علم الحساب (فوك).
عَددية: عدّاً ونقداً (بوشر).
عَددية. كشمير بمائة عددية: كشميرة قيمته مائة قرش نقداً (أغنية في صفة مصر 14: 163) عِداد. حائر من عداد البحور: غدير كبير مثل البحر (تاريخ البربر 1: 413).
عِداد: زكاة تجبي عن المواشي من القبائل العربية البدوية وغيرها (مملوك 1، 1: 189).
عَديد: معناها الأصلي عدد كبير من الجند.
(انظر عباد: 1: 260 رقم 8) وتطلق على الجند (عباد 1: 242، تاريخ البربر 1: 166، 293، 303، 386، ابن خلدون طبعة نوربنرج ص10) عَدِيد: عِدَّة، كثير. (بوشر) وفي كتاب الخطيب (ص22 ق): ولى القضاء بأماكن عديدة.
عَدِيد= تعديد نوح على الميت. ففي ألف ليلة (1: 49): فقعدت في حزن وبكى وعديد سنة كاملة (في طبعة برسل عويل) ألف ليلة 3: 256).
عَدَّاد: آلة عَدّ، حاسبة. (فوك، صفة مصر 16: 470 رقم 2).
عَدَّاد: ضيف يعد بأصابعه عدد الأطعمة ويشير إليها بيده (دوماس حياة العرب ص314).
عادّ: عند الحسابين كل عدد يعدّ عدداً آخر أي يثنيه بالقسمة كأربعة مع ثمانية فإذا عدّ العدد اكثر من عدد يقال له العادّ المشترك كالاثنين مع الأربعة والثمانية (محيط المحيط).
تعداد: كان كثير العدد (المقدمة 3: 356).
تَعديد: في مصطلح البديع= تعديد الأوصاف وذلك حين يوصف شخص أو شيء، بعدد من الصفات مستقل بعضها عن الأخر (ميهرن بلاغة ص165، محيط المحيط).
مَعّد: دفّة تعدّ عليها الفلوس. (الكالا) (بوشر، محيط المحيك).
مَعدّدة: نائحة، امرأة تستأجر لتنوح على الميت وتعدّد مناقبه (بوشر).
مَعْدُود: عداً ونقداً (بوشر).
مُتعَدد: متنوع، مختلف، شتى، عدّة.
(بوشر، عباد 1: 230 رقم 78).
استعدادي: مهيىء، مجهز (بوشر).

واسِطٌ

واسِطٌ:
في عدة مواضع: نبدأ أولا بواسط الحجاج لأنه أعظمها وأشهرها ثم نتبعها الباقي، فأوّل ما نذكر لم سميت واسطا ولم صرفت: فأما تسميتها فلأنها متوسطة بين البصرة والكوفة لأن منها إلى كل واحدة منهما خمسين فرسخا، لا قول فيه غير ذلك إلا ما ذهب إليه بعض أهل اللغة حكاية عن الكلبي أنه كان قبل عمارة واسط هناك موضع يسمّى واسط قصب، فلما عمّر الحجاج مدينته سمّاها باسمها، والله أعلم، قال المنجمون: طول واسط إحدى وسبعون درجة وثلثان، وعرضها اثنتان وثلاثون درجة وثلث، وهي في الإقليم الثالث، قال أبو حاتم:
واسط التي بنجد والجزيرة يصرف ولا يصرف، وأما واسط البلد المعروف فمذكّر لأنهم أرادوا بلدا واسطا أو مكانا واسطا فهو منصرف على كل حال والدليل على ذلك قولهم واسطا بالتذكير ولو ذهب به إلى التأنيث لقالوا واسط، قالوا: وقد يذهب به مذهب البقعة والمدينة فيترك صرفه، وأنشد سيبويه في ترك الصرف:
منهنّ أيام صدق قد عرفت بها ... أيام واسط والأيام من هجرا
ولقائل أن يقول: إنه لم يرد واسط هذه، فيرجع إلى
ما قاله أبو حاتم، قال الأسود: وأخبرني أبو النّدى قال: إن للعرب سبعة أواسط: واسط نجد، وهو الذي ذكره خداش بن زهير حيث قال:
عفا واسط كلّاؤه فمحاضره ... إلى حيث نهيا سيله فصدائره
وواسط الحجاز، وهو الذي ذكره كثيّر فقال:
أجدّوا فأما أهل عزّة غدوة ... فبانوا وأما واسط فمقيم
وواسط الجزيرة، قال الأخطل:
كذبتك عينك أم رأيت بواسط ... غلس الظلام من الرّباب خيالا؟
وقال أيضا:
عفا واسط من أهل رضوى فنبتل ... فمجتمع الحرّين فالصبر أجمل
وواسط اليمامة، وهو الذي ذكره الأعشى، وواسط العراق، قال: وقد نسيت اثنين، وأول أعمال واسط من شرقي دجلة فم الصلح ومن الجانب الغربي زرفامية، وآخر أعمالها من ناحية الجنوب البطائح وعرضها الخيثمية المتصلة بأعمال باروسما وعرضها من ناحية الجانب الشرقي عند أعمال الطيب، وقال يحيى بن مهدي بن كلال: شرع الحجاج في عمارة واسط في سنة 84 وفرغ منها في سنة 86 فكان عمارتها في عامين في العام الذي مات فيه عبد الملك بن مروان، ولما فرغ منها كتب إلى عبد الملك: إني اتخذت مدينة في كرش من الأرض بين الجبل والمصرين وسمّيتها واسطا، فلذلك سمّي أهل واسط الكرشيّين، وقال الأصمعي: وجّه الحجاج الأطبّاء ليختاروا له موضعا حتى يبني فيه مدينة فذهبوا يطلبون ما بين عين التمر إلى البحر وجوّلوا العراق ورجعوا وقالوا: ما أصبنا مكانا أوفق من موضعك هذا في خفوف الريح وأنف البرّيّة، وكان الحجاج قبل اتخاذه واسطا أراد نزول الصين من كسكر وحفر بها نهر الصين وجمع له الفعلة ثم بدا له فعمّر واسطا ثم نزل واحتفر النيل والزاب وسمّاه زابا لأخذه من الزاب القديم وأحيا ما على هذين النهرين من الأرضين ومصر مدينة النيل، وقال قوم: إن الحجاج لما فرغ من حروبه استوطن الكوفة فآنس منهم الملال والبغض له، فقال لرجل ممن يثق بعقله:
امض وابتغ لي موضعا في كرش من الأرض أبني فيه مدينة وليكن على نهر جار، فأقبل ملتمسا ذلك حتى سار إلى قرية فوق واسط بيسير يقال لها واسط القصب فبات بها واستطاب ليلها واستعذب أنهارها واستمرأ طعامها وشرابها فقال: كم بين هذا الموضع والكوفة؟ فقيل له: أربعون فرسخا، قال: فإلى المدائن؟ قالوا: أربعون فرسخا، قال: فإلى الأهواز؟ قالوا: أربعون فرسخا، قال: فللبصرة؟
قالوا: أربعون فرسخا، قال: هذا موضع متوسط، فكتب إلى الحجاج بالخبر ومدح له الموضع، فكتب إليه: اشتر لي موضعا ابني فيه مدينة، وكان موضع واسط لرجل من الدهاقين يقال له داوردان فساومه بالموضع فقال له الدهقان: ما يصلح هذا الموضع للأمير، فقال: لم؟ فقال: أخبرك عنه بثلاث خصال تخبره بها ثم الأمر إليه، قال: وما هي؟ قال: هذه بلاد سبخة البناء لا يثبت فيها، وهي شديدة الحرّ والسموم وإن الطائر لا يطير في الجوّ إلا ويسقط لشدّة الحر ميتا، وهي بلاد أعمار أهلها قليلة، قال: فكتب بذلك إلى الحجاج، فقال: هذا رجل يكره مجاورتنا فأعلمه أنّا سنحفر بها الأنهار ونكثر من البناء والغرس فيها ومن الزرع حتى تعذو وتطيب، وأما
قوله إنها سبخة وإن البناء لا يثبت فيها فسنحكمه ثم نرحل عنه فيصير لغيرنا، وأما قلة أعمار أهلها فهذا شيء إلى الله تعالى لا إلينا، وأعلمه أننا نحسن مجاورتنا له ونقضي ذمامه بإحساننا إليه، قال: فابتاع الموضع من الدهقان وابتدأ في البناء في أول سنة 83 واستتمه في سنة 86 ومات في سنة 95.
وحدّث عليّ بن حرب الموصلي عن أبي البختري وهب عن عمرو بن كعب بن الحارث الحارثي قال:
سمعت خالي يحيى بن الموفق يحدث عن مسعدة بن صدقة العبدي قال: أنبأنا عبد الله بن عبد الرحمن حدثنا سماك بن حرب قال: استعملني الحجاج بن يوسف على ناحية بادوريا، فبينما أنا يوما على شاطئ دجلة ومعي صاحب لي إذا أنا برجل على فرس من الجانب الآخر فصاح باسمي واسم أبي، فقلت: ما تشاء؟ فقال: الويل لأهل مدينة تبنى ههنا، ليقتلنّ فيها ظلما سبعون ألفا! كرّر ذلك ثلاث مرّات ثم أقحم فرسه في دجلة حتى غاب في الماء، فلما كان من قابل ساقني القضاء إلى ذلك الموضع فإذا أنا برجل على فرس فصاح بي كما صاح في المرّة الأولى وقال كما قال وزاد: سيقتل من حولها ما يستقلّ الحصى لعددهم، ثم أقحم فرسه في الماء حتى غاب، قال: وكانوا يرون أنها واسط وما قتل الحجاج فيها، وقيل إنه أحصي في محبس الحجاج ثلاثة وثلاثون ألف إنسان لم يحبسوا في دم ولا تبعة ولا دين وأحصي من قتله صبرا فبلغوا مائة وعشرين ألفا، ونقل الحجاج إلى قصره والمسجد الجامع أبوابا من الزند ورد والدّوقرة ودير ماسرجيس وسرابيط فضجّ أهل هذه المدن وقالوا:
قد غصبتنا على مدائننا وأموالنا، فلم يلتفت إلى قولهم، قالوا: وأنفق الحجاج على بناء قصره والجامع والخندقين والسور ثلاثة وأربعين ألف ألف درهم، فقال له كاتبه صالح بن عبد الرحمن: هذه نفقة كثيرة وإن احتسبها لك أمير المؤمنين وجد في نفسه، قال: فما نصنع؟
قال: الحروب لها أجمل، فاحتسب منها في الحروب بأربعة وثلاثين ألف ألف درهم واحتسب في البناء تسعة آلاف ألف درهم، قال: ولما فرغ منه وسكنه أعجبه إعجابا شديدا، فبينما هم ذات يوم في مجلسه إذ أتاه بعض خدمه فأخبره أن جارية من جواريه وقد كان مائلا إليها قد أصابها لمم فغمّه ذلك ووجّه إلى الكوفة في إشخاص عبد الله بن هلال الذي يقال له صديق إبليس، فلما قدم عليه أخبره بذلك فقال: أنا أحل السحر عنها، فقال له: افعل، فلما زال ما كان بها قال الحجاج: ويحك إني أخاف أن يكون هذا القصر محتضرا! فقال له: أنا أصنع فيه شيئا فلا ترى ما تكرهه، فلما كان بعد ثلاثة أيام جاء عبد الله بن هلال يخطر بين الصفين وفي يده قلّة مختومة فقال: أيها الأمير تأمر بالقصر أن يمسح ثم تدفن هذه القلة في وسطه فلا ترى فيه ما تكرهه أبدا، فقال الحجاج له: يا ابن هلال وما علامة ذلك؟ قال:
أن يأمر الأمير برجل من أصحابه بعد آخر من أشداء أصحابه حتى يأتي على عشرة منهم فليجهدوا أن يستقلوا بها من الأرض فإنهم لا يقدرون، فأمر الحجاج محضره بذلك فكان كما قال ابن هلال، وكان بين يدي الحجاج مخصرة فوضعها في عروة القلة ثم قال:
بسم الله الرّحمن الرّحيم، إن ربكم الله الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش، ثم شال القلة فارتفعت على المخصرة فوضعها ثم فكّر منكّسا رأسه ساعة ثم التفت إلى عبد الله بن هلال فقال له: خذ قلتك والحق بأهلك، قال: ولم؟ قال:
إن هذا القصر سيخرب بعدي وينزله غيري ويختفر محتفر فيجد هذه القلة فيقول لعن الله الحجاج إنما كان
يبدأ أمره بالسحر، قال: فأخذها ولحق بأهله، قالوا: وكان ذرع قصره أربعمائة في مثلها وذرع مسجد الجامع مائتين في مائتين وصف الرحبة التي تلي صفّ الحدّادين ثلاثمائة في ثلاثمائة وذرع الرحبة التي تلي الجزّارين والحوض ثلاثمائة في مائة والرحبة التي تلي الإضمار مائتين في مائة، وكان محمد بن القاسم مقلد الهند والسند فأهدى إلى الحجاج فيلا فحمل من البطائح في سفينة فلما صار بواسط أخرج في المشرعة التي تدعى مشرعة الفيل فسميت به إلى الساعة، ولما فرغ الحجاج من بناء واسط أمر بإخراج كل نبطيّ بها وقال: لا يدخلون مدينتي فإنهم مفسدة، فلما مات دخلوها عن قريب، وذكر الحجاج عند عبد الوهاب الثقفي بسوء فغضب وقال: إنما تذكرون المساوي، أوما تعلمون أنه أول من ضرب درهما عليه لا إله إلا الله محمد رسول الله وأول من بنى مدينة بعد الصحابة في الإسلام وأول من اتخذ المحامل، وأن امرأة من المسلمين سبيت بالهند فنادت يا حجاجاه فاتصل به ذلك فجعل يقول:
لبيك لبيك! وأنفق سبعة آلاف ألف درهم حتى افتتح الهند واستنقذ المرأة وأحسن إليها واتخذ المناظر بينه وبين قزوين، وكان إذا دخّن أهل قزوين دخّنت المناظر إن كان نهارا، وإن كان ليلا أشعلوا نيرانا فتجرّد الخيل إليهم فكانت المناظر متصلة بين قزوين وواسط فكانت قزوين ثغرا حينئذ. وأما قولهم تغافل واسطيّ قال المبرّد: سألت الثوري عنه فقال: إن الحجاج لما بناها قال: بنيت مدينة في كرش من الأرض، كما قدمنا، فسمي أهلها الكرشيّين، فكان إذا مر أحدهم بالبصرة نادوا يا كرشيّ فتغافل عن ذلك ويري أنه لا يسمع أو أن الخطاب ليس معه، ولقد جاءني بخوارزم أحد أعيان أدبائها وسألني عن هذا المثل وقال لي:
قد أطلت السؤال عنه والتفتيش عن معنى قولهم: تغافل واسطي، فلم أظفر به، ولم يكن لي في ذلك الوقت به علم حتى وجدته بعد ذلك فأخبرته ثم وضعته أنا ههنا، ورأيت أنا واسطا مرارا فوجدتها بلدة عظيمة ذات رساتيق وقرى كثيرة وبساتين ونخيل يفوت الحصر، وكان الرخص موجودا فيها من جميع الأشياء ما لا يوصف بحيث أني رأيت فيها كوز زبد بدرهمين واثنتي عشرة دجاجة بدرهم وأربعة وعشرين فروجا بدرهم والسمن اثنا عشر رطلا بدرهم والخبز أربعون رطلا بدرهم واللبن مائة وخمسون رطلا بدرهم والسمك مائة رطل بدرهم وجميع ما فيها بهذه النسبة، وممن ينسب إليها خلف بن محمد بن علي ابن حمدون أبو محمد الواسطي الحافظ صاحب كتاب أطراف أحاديث صحيحي البخاري ومسلم، حدث عن أحمد بن جعفر القطيعي والحسين بن أحمد المديني وأبي بكر الإسماعيلي وغيرهم، روى عنه الحاكم أبو عبد الله وأبو نعيم الأصبهاني وغيرهما، وأنشدني التنوخي للفضل الرقاشي يقول:
تركت عيادتي ونسيت برّي، ... وقدما كنت بي برّا حفيّا
فما هذا التغافل يا ابن عيسى؟ ... أظنّك صرت بعدي واسطيّا
وأنشدني أحمد بن عبد الرحمن الواسطي التاجر قال:
أنشدني أبو شجاع بن دوّاس القنا لنفسه:
يا ربّ يوم مرّ بي في واسط ... جمع المسرة ليله ونهاره
مع أغيد خنث الدلال مهفهف ... قد كاد يقطع خصره زنّاره
وقميص دجلة بالنسيم مفرّك ... كسر تجرّ ذيوله أقطاره
وأنشدني أيضا لأبي الفتح المانداني الواسطي:
عرّج على غربيّ واسط إنني ... دائي الدويّ بها وفرط سقامي
وطني وما قضّيت فيه لبانتي، ... ورحلت عنه وما قضيت مرامي
وقال بشار بن برد يهجو واسطا:
على واسط من ربها ألف لعنة، ... وتسعة آلاف على أهل واسط
أيلتمس المعروف من أهل واسط ... وواسط مأوى كلّ علج وساقط؟
نبيط وأعلاج وخوز تجمّعوا ... شرار عباد الله من كل غائط
وإني لأرجو أن أنال بشتمهم ... من الله أجرا مثل أجر المرابط
وقال غيره يهجوهم:
يا واسطيين اعلموا أنني ... بذمّكم دون الورى مولع
ما فيكم كلكم واحد ... يعطي ولا واحدة تمنع
وقال محمد بن الأجلّ هبة الله بن محمد بن الوزير أبي المعالي بن المطلب يلقب بالجرد يذكر واسطا:
لله واسط ما أشهى المقام بها ... إلى فؤادي وأحلاه إذا ذكرا!
لا عيب فيها، ولله الكمال، سوى ... أنّ النسيم بها يفسو إذا خطر!
وواسط أيضا: قرية متوسطة بين بطن مرّ ووادي نخلة ذات نخيل، قال لي صديقنا الحافظ أبو عبد الله محمد بن محمود النجار: كنت ببطن مرّ فرأيت نخلا عن بعد فسألت عنه فقيل لي هذه قرية يقال لها واسط، وقال بعض شعراء الأعراب يذكر واسطا في بلادهم:
ألا أيها الصّمد الذي كان مرّة ... تحلّل سقّيت الأهاضيب من صمد
ومن وطن لم تسكن النفس بعده ... إلى وطن في قرب عهد ولا بعد
ومنزلتي دلقاء من بطن واسط ... ومن ذي سليل كيف حالكما بعدي
تتابع أمطار الربيع عليكما، ... أما لكما بالمالكية من عهد؟
وواسط أيضا: قرية مشهورة ببلخ، قال إبراهيم ابن أحمد السراج: حدثنا محمد بن إبراهيم المستملي بحديث ذكره محمد بن محمد بن إبراهيم الواسطي واسط بلخ، قال أبو إسحاق المستملي في تاريخ بلخ:
نور بن محمد بن علي الواسطي واسط بلخ وبشير بن ميمون أبو صيفي من واسط بلخ عن عبيد المكتب وغيره حدث عنه قتيبة، وقال أبو عبيدة في شرح قول الأعشى:
في مجدل شيّد بنيانه ... يزلّ عنه ظفر الطائر
مجدل: حصن لبني السّمين من بني حنيفة يقال له واسط.
واسط أيضا: قرية بحلب قرب بزاعة مشهورة عندهم وبالقرب منها قرية يقال لها الكوفة.
وواسط أيضا: قرية بالخابور قرب قرقيسيا، وإياها عنى الأخطل فيما أحسب لأن الجزيرة منازل تغلب:
عفا واسط من أهل رضوى فنبتل وواسط أيضا: بدجيل على ثلاثة فراسخ من بغداد، قال الحافظ أبو موسى: سمعت أبا عبد الله يحيى بن
أبي علي البنّاء ببغداد، حدثني القاضي أبو عبد الله محمد ابن أحمد بن شاده الأصبهاني ثم الواسطي، واسط دجيل على ثلاثة فراسخ من بغداد، ومحمد بن عمر بن علي العطار الحربي ثم الواسطي واسط دجيل، روى عن محمد بن ناصر السلامي، روى عنه جماعة، منهم:
محمد بن عبد الغني بن نقطة.
واسط الرّقّة: كان أول من استحدثها هشام بن عبد الملك لما حفر الهنيّ والمريّ، قال أبو الفضل قال أبو علي صاحب تاريخ الرقة: سعيد بن أبي سعيد الواسطي واسم أبيه مسلمة بن ثابت خراسانيّ سكن واسط الرقة وكان شيخا صالحا، حدث أبوه مسلمة عن شريك وغيره، قال أبو علي:
سمعت الميمون يقول ذكروا أن الزهري لما قدم واسط الرقة عبر إليه سبعة من أهل الرقة، وذكر قصة، وواسط هذه: قرية غربي الفرات مقابل الرقة، وقال أبو حاتم: واسط بالجزيرة فهي هذه أو التي بقرقيسيا أو غيرها، قال كثيّر عزة:
سألت حكيما أين شطّت بها النوى، ... فخبّرني ما لا أحبّ حكيم
أجدّوا، فأما آل عزّة غدوة ... فبانوا وأما واسط فمقيم
فما للنوى؟ لا بارك الله في النوى! ... وعهد النوى عند الفراق ذميم
شهدت لئن كان الفؤاد من النوى ... معنّى سقيما إنني لسقيم
فإمّا تريني اليوم أبدي جلادة ... فإني لعمري تحت ذاك كليم
وما ظعنت طوعا ولكن أزالها ... زمان بنا بالصالحين غشوم
فوا حزني لمّا تفرّق واسط ... وأهل التي أهذي بها وأحوم!
قال محمد بن حبيب: واسط هذه بناحية الرقة، قاله في شرح ديوان كثير، وأنا أرى أنه أراد واسط التي بالحجاز أو بنجد بلا شك ولكن علينا أن ننقل عن الأئمة ما يقولونه، والله أعلم، وقال ابن السكيت في قول كثير أيضا:
فإذا غشيت لها ببرقة واسط ... فلوى لبينة منزلا أبكاني
قال واسط بين العذيبة والصفراء.
وواسط أيضا: من منازل بني قشير لبني أسيدة وهم بنو مالك بن سلمة بن قشير وأسيدة وحيدة من بني سعد بن زيد مناة، وبنو أسيدة يقولون هي عربية.
وواسط أيضا: بمكة، وذكر محمد بن إسحاق الفاكهي في كتاب مكة قال: واسط قرن كان أسفل من جمرة العقبة بين المأزمين فضرب حتى ذهب، قال: ويقال له واسط لأنه بين الجبلين اللذين دون العقبة، قال:
وقال بعض المكيين بل تلك الناحية من بركة القسري إلى العقبة تسمى واسط المقيم، ووقف عبد المجيد بن أبي روّاد بأحمد بن ميسرة على واسط في طريق منى فقال له: هذا واسط الذي يقول فيه كثير عزّة:
... وأما واسط فمقيم وقد ذكر، وقال ابن إدريس قال الحميدي: واسط الجبل الذي يجلس عنده المساكين إذا ذهبت إلى منى، قاله في شرح قول عمرو بن الحارث بن مضاض الجرهمي في قصيدته التي أولها:
كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا
ولم يتربّع واسطا وجنوبه ... إلى المنحنى من ذي الأراكة حاضر
وأبدلنا ربي بها دار غربة ... بها الجوع باد والعدوّ محاصر
قال السهيلي في شرح السيرة قال الفاكهي: يقال إن أول من شهده وضرب فيه قبّة خالصة مولاة الخيزران.
وواسط أيضا: بالأندلس بليدة من أعمال قبرة، قال ابن بشكوال: أحمد بن ثابت بن أبي الجهم الواسطي ينسب إلى واسط قبرة، سكن قرطبة، يكنى أبا عمر، روى عن أبي محمد الأصيلي وكان يتولى القراءة عليه، حدث عنه أبو عبد الله بن ديباج ووصفه بالخير والصلاح، قال ابن حبّان: توفي الواسطي في جمادي الآخرة سنة 437 وكفّ بصره.
وواسط أيضا: قرية كانت قبل واسط في موضعها خرّبها الحجاج، وكانت واسط هذه تسمى واسط القصب، وقد ذكرتها مع واسط الحجاج، قال ابن الكلبي:
كان بالقرب من واسط موضع يسمى واسط القصب هي التي بناها الحجاج أولا قبل أن يبني واسط هذه التي تدعى اليوم واسطا ثم بنى هذه فسماها واسطا بها.
وواسط أيضا: قرية قرب مطيراباذ قرب حلّة بني مزيد يقال لها واسط مرزاباذ، قال أبو الفضل: أنشدنا أبو عبد الله أحمد الواسطي، واسط هذه القرية، قال:
أنشدنا أبو النجم عيسى بن فاتك الواسطي من هذه القرية لنفسه من قصيدة يمدح بعض العمّال:
وما على قدره شكرت له، ... لكنّ شكري له على قدري
لأن شكري السّهى وأنعمه ال ... بدر، وأين السهى من البدر!
وواسط أيضا قال العمراني: واسط مواضع في بلاد بني تميم، وهي التي أرادها ذو الرمة بقوله:
غربيّ واسط نها ... ومجّت في الكثيب الأباطح [1]
وقال ابن دريد: واسط مواضع بنجد، ولعلها التي قبلها، والله أعلم.
وواسط أيضا: قرية في شرقي دجلة الموصل بينهما ميلان ذات بساتين كثيرة.
وواسط أيضا: قرية بالفرج من نواحي الموصل بين مرق وعين الرّصد أو بين مرق والمجاهدية، فإني نسيت هذا المقدار.
وواسط أيضا: باليمن بسواحل زبيد قرب العنبرة التي خرج منها علي بن مهدي المستولي على اليمن.

الصَّلْعَاء

الصَّلْعَاء:
رجل أصلع وامرأة صلعاء: وهو ذهاب الشعر من مقدّم الرأس إلى مؤخّره وكذلك إن ذهب وسطه، ويقال للأرض التي لا تنبت شيئا صلعاء، وهو من الأوّل في كتاب الأصمعي وهو يذكر بلاد بني أبي بكر بن كلاب بنجد فقال: والصلعاء حزم أبيض، وقال أبو أحمد العسكري: يوم الأليل وقعة كانت بصلعاء النعام أسر فيه حنظلة بن الطّفيل الربعي أسره همام بن بشاشة التميمي، وقال في ذلك شاعر:
لحقنا بصلعاء النّعام وقد بدا ... لنا منهم حامي الذّمار وخاذله
أخذت خيار ابني طفيل فأجهضت أخاه وقد كادت تنال مقاتله
وقال نصر: صلعاء النعام رابية في ديار بني كلاب وأيضا في ديار غطفان حيث ذات الرّمث بين النّقرة والمغيثة والجبل إلى جانب المغيثة يقال له ماوان والأرض الصلعاء، وقال أبو محمد الأسود: أغار دريد بن الصمّة على أشجع بالصلعاء وهي بين حاجر والنّقرة فلم يصبهم، فقال دريد قصيدة منها:
قتلت بعبد الله خير لداته ... ذؤاب بن أسماء بن زيد بن قارب
وعبسا قتلناهم بجوّ بلادهم ... بمقتل عبد الله يوم الذّنائب
جعلنا بني بدر وشخصا ومازنا ... لها غرضا يزحمنهم بالمناكب
ومرّة قد أدركتهم فرأيتهم ... يروغون بالصلعاء روغ الثعالب

القريَّين

القريَّين:
تثنية القريّ، وقد جاء ذكره في شعر سيّار ابن هبيرة أحد بني ربيعة بن مالك:
لعمري! لئن عصماء شطّ بها النّوى ... لقد زوّدت زادا، وإن قلّ، باقيا
ليالي حلّت بالقريّين حلة ... وذي مرخ، يا حبّذا ذاك واديا!
وما هي من عصماء إلا تحية ... تودّعنيها حيث حمّ ارتحاليا
كفى حــزنا ألّا تحلّ جمالهم ... إليّ وقد شفّ الحنين جماليا
وألّا أرى شوقا إليّ يصورهم، ... ولا حاجة من ترك بيتي خاليا
وإني لأستحيي أخي أن أرى له ... عليّ من الحق الذي لا يرى ليا
وعوراء قد قيلت فلم أستمع لها ... ولا مثلها من مثل ما قاله ليا
فأعرضت عنها أن أقول لقيلها ... جوابا وما أكثرت عنها سؤاليا

الطائفُ

الطائفُ:
بعد الألف همزة في صورة الياء ثم فاء:
وهو في الإقليم الثاني، وعرضها إحدى وعشرون درجة، وبالطائف عقبة وهي مسيرة يوم للطالع من مكة ونصف يوم للهابط إلى مكة، عمّرها حسين ابن سلامة وسدّها ابنه، وهو عبد نوبيّ وزر لأبي
الحسين بن زياد صاحب اليمن في حدود سنة 430 فعمّر هذه العقبة عمارة يمشي في عرضها ثلاثة جمال بأحمالها، وقال أبو منصور: الطائف العاسّ بالليل، وأما الطائف التي بالغور فسميت طائفا بحائطها المبنيّ حولها المحدق بها، والطائف والطيف في قوله تعالى:
إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ من الشَّيْطانِ 7: 201، ما كان كالخيال والشيء يلمّ بك، وقوله تعالى: فَطافَ عَلَيْها طائِفٌ من رَبِّكَ 68: 19، لا يكون الطائف إلا ليلا ولا يكون نهارا، وقيل في قول أبي طالب بن عبد المطلب:
نحن بنينا طائفا حصينا قالوا: يعني الطائف التي بالغور من القرى. والطائف:
هو وادي وجّ وهو بلاد ثقيف، بينها وبين مكة اثنا عشر فرسخا، قرأت في كتاب ابن الكلبي بخط أحمد بن عبيد الله محجج النحوي: قال هشام عن أبي مسكين عن رجل من ثقيف كان عالما بالطائف قال:
كان رجل من الصّدف يقال له الدّمون بن عبد الملك قتل ابن عمّ له يقال له عمرو بحضرموت ثم أقبل هاربا، وقال:
وحربة ناهك أوجرت عمرا، ... فما لي بعده أبدا قرار
ثم أتى مسعود بن معتب الثقفي ومعه مال كثير وكان تاجرا فقال: أحالفكم لتزوّجوني وأزوّجكم وأبني لكم طوفا عليكم مثل الحائط لا يصل إليكم أحد من العرب، قالوا: فابن، فبنى بذلك المال طوفا عليهم فسمّيت الطائف وتزوّج إليهم فزوّجوه ابنة، قال هشام: وبعض ولد الدمون بالكوفة ولهم بها خطّة مع ثقيف، وكان قبيصة من الدمون هذا على شرطة المغيرة بن شعبة إذ كان على الكوفة، وكانت الطائف تسمّى قبل ذلك وجّا بوجّ بن عبد الحيّ من العماليق وهو أخو أجإ الذي سمّي به جبل طيّء، وهو من الأمم الخالية، قال عرّام:
والطائف ذات مزارع ونخل وأعناب وموز وسائر الفواكه وبها مياه جارية وأودية تنصبّ منها إلى تبالة، وجلّ أهل الطائف ثقيف وحمير وقوم من قريش، وهي على ظهر جبل غزوان، وبغزوان قبائل هذيل، وقال ابن عباس: سمّيت الطائف لأن إبراهيم، عليه السلام، لما أسكن ذرّيته مكة وسأل الله أن يرزق أهلها من الثمرات أمر الله عز وجل قطعة من الأرض أن تسير بشجرها حتى تستقرّ بمكان الطائف فأقبلت وطافت بالبيت ثم أقرّها الله بمكان الطائف فسمّيت الطائف لطوافها بالبيت، وهي مع هذا الاسم الفخم بليدة صغيرة على طرف واد وهي محلّتان: إحداهما على هذا الجانب يقال لها طائف ثقيف والأخرى على هذا الجانب يقال لها الوهط والوادي بين ذلك تجري فيه مياه المدابغ التي يدبغ فيها الأديم يصرع الطيور رائحتها إذا مرّت بها، وبيوتها لاطئة حرجة، وفي أكنافها كروم على جوانب ذلك الجبل فيها من العنب العذب ما لا يوجد مثله في بلد من البلدان، وأما زبيبها فيضرب بحسنه المثل، وهي طيبة الهواء شمالية ربما جمد فيها الماء في الشتاء، وفواكه أهل مكة منها، والجبل الذي هي عليه يقال له غزوان، وروى أبو صالح: ذكرت ثقيف عند ابن عباس فقال، إن ثقيفا والنّخع كانا ابني خالة فخرجا منتجعين ومعهما أعنز لهما وجدي فعرض لهما مصدق لبعض ملوك اليمن فأراد أخذ شاة منهما فقالا: خذ ما شئت إلا هذه الشاة الحلوب فإنّا من لبنها نعيش وولدها، فقال: لا آخذ سواها، فرفقا به فلم يفعل فنظر أحدهما إلى صاحبه وهمّا بقتله ثم إن أحدهما انتزع له سهما فلق به قلبه فخرّ ميتا، فلما نظرا إلى ذلك قال
أحدهما لصاحبه: إنه لن تحملني وإياك الأرض أبدا فاما أن تغرّب وأنا أشرّق وإما أن أغرّب وتشرق أنت، فقال ثقيف: فاني أغرب، وقال النخع:
فأنا أشرق، وكان اسم ثقيف قسيّا واسم النخع جسرا، فمضى النخع حتى نزل ببيشة من أرض اليمن ومضى ثقيف حتى أتى وادي القرى فنزل على عجوز يهودية لا ولد لها فكان يعمل نهارا ويأوي إليها ليلا فاتخذته ولدا لها واتخذها امّا له، فلما حضرها الموت قالت له: يا هذا إنه لا أحد لي غيرك وقد أردت أن أكرمك لإلطافك إيّاي، انظر إذا أنا متّ وواريتني فخذ هذه الدنانير فانتفع بها وخذ هذه القضبان فإذا نزلت واديا تقدر فيه على الماء فاغرسها فاني أرجو أن تنال من ذلك فلاحا بيّنا. ففعل ما أمرته به، فلما ماتت دفنها وأخذ الدنانير والقضبان ومضى سائرا حتى إذا كان قريبا من وجّ، وهي الطائف، إذا هو بأمة حبشية ترعى مائة شاة فطمع فيها وهمّ بقتلها وأخذ الغنم فعرفت ما أراد فقالت: إنك أسررت في طمعا لتقتلني وتأخذ الغنم ولئن فعلت ذلك لتذهبنّ نفسك ولا تحصل من الغنم شيئا لأن مولاي سيد هذا الوادي وهو عامر بن الظرب العدواني، وإني لأظنّك خائفا طريدا، قال: نعم، فقالت: فاني أدلك على خير مما أردت، فقال: وما هو؟ قالت:
إن مولاي يقبل إذا طفلت الشمس للغروب فيصعد هذا الجبل ثم يشرف على الوادي فإذا لم ير فيه أحدا وضع قوسه وجفيره وثيابه ثم انحدر رسوله فنادى: من أراد اللحم والدّرمك، وهو دقيق الحوارى، والتمر واللبن فليأت دار عامر بن الظرب، فيأتيه قومه فاسبقه أنت إلى الصخرة وخذ قوسه ونباله وثيابه فإذا رجع ومن أنت فقل رجل غريب فأنزلني وخائف فأجرني وعزب فزوّجني، ففعل ثقيف ما قالت له الأمة وفعل عامر صاحب الوادي فعله، فلما أن أخذ قوسه ونشّابه وصعد عامر قال له: من أنت؟
فأخبره وقال: أنا قسيّ بن منبّه، فقال هات ما معك فقد أجبتك إلى ما سألت، وانصرف وهو معه إلى وجّ وأرسل إلى قومه كما كان يفعل فلما أكلوا قال لهم عامر: ألست سيدكم؟ قالوا: بلى، قال:
وابن سيّدكم؟ قالوا: بلى، قال: ألستم تجيرون من أجرت وتزوّجون من زوّجت؟ قالوا: بلى، قال: هذا قسيّ بن منبّه بن بكر بن هوازن وقد زوّجته ابنتي فلانة وأمّنته وأنزلته منزلي، فزوّجه ابنة له يقال لها زينب، فقال قومه: قد رضينا بما رضيت، فولدت له عوفا وجشما ثم ماتت فزوّجه أختها فولدت له سلامة ودارسا فانتسبا في اليمن، فدارس في الأزد والآخر في بعض قبائل اليمن، وغرس قسيّ تلك القضبان بوادي وجّ فنبتت فلما أثمرت قالوا: قاتله الله كيف ثقف عامرا حتى بلغ منه ما بلغ وكيف ثقف هذه العيدان حتى جاء منها ما جاء، فسمي ثقيفا من يومئذ، فلم يزل ثقيف مع عدوان حتى كثر ولده وربلوا وقوي جأشهم، وجرت بينهم وبين عدوان هنات وقعت في خلالها حرب انتصرت فيها ثقيف فأخرجوا عدوان عن أرض الطائف واستخلصوها لأنفسهم ثم صارت ثقيف أعز الناس بلدا وأمنعه جانبا وأفضله مسكنا وأخصبه جنابا مع توسطهم الحجاز وإحاطة قبائل مضر واليمن وقضاعة بهم من كل وجه فحمت دارها وكاوحت العرب عنها واستخلصتها وغرست فيها كرومها وحفرت بها أطواءها وكظائمها، وهي من أزد السراة وكنانة وعذرة وقريش ونصر بن معاوية وهوازن جمعا والأوس والخزرج ومزينة وجهينة وغير ذلك من القبائل، ذلك كله يجري والطائف تسمّى وجّا إلى
أن كان ما كان مما تقدّم ذكره من تحويط الحضرمي عليها وتسميتها حينئذ الطائف، وقد ذكر بعض النّساب في تسميتها بالطائف أمرا آخر وهو أنه قال:
لما هلك عامر بن الظرب ورثته ابنتاه زينب وعمرة وكان قسيّ بن منبّه خطب إليه فزوّجه ابنته زينب فولدت له جشما وعوفا ثم ماتت بعد موت عامر فتزوّج أختها وكانت قبله عند صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن فولدت له عامر بن صعصعة، فكانت الطائف بين ولد ثقيف وولد عامر بن صعصعة، فلما كثر الحيّان قالت ثقيف لبني عامر: إنكم اخترتم العمد على المدن والوبر على الشجر فلستم تعرفون ما نعرف ولا تلطفون ما نلطف ونحن ندعوكم إلى حظ كبير لكم ما في أيديكم من الماشية والإبل والذي في أيدينا من هذه الحدائق فلكم نصف ثمره فتكونوا بادين حاضرين يأتيكم ريف القرى ولا تتكلفوا مؤونة وتقيموا في أموالكم وماشيتكم في بدوكم ولا تتعرضوا للوباء وتشتغلوا عن المرعى، ففعلوا ذلك فكانوا يأتونهم كل عام فيأخذون نصف غلّاتهم، وقد قيل: إن الذي وافقوهم عليه كان الربيع، فلما اشتدّت شوكة ثقيف وكثرت عمارة وجّ رمتهم العرب بالحسد وطمع فيهم من حولهم وغزوهم فاستغاثوا ببني عامر فلم يغيثوهم فأجمعوا على بناء حائط يكون حصنا لهم فكانت النساء تلبّن اللبن والرجال يبنون الحائط حتى فرغوا منه وسموه الطائف لإطافته بهم، وجعلوا لحائطهم بابين: أحدهما لبني يسار والآخر لبني عوف، وسموا باب بني يسار صعبا وباب بني عوف ساحرا، ثم جاءهم بنو عامر ليأخذوا ما تعوّدوه فمنعوهم عنه وجرت بينهم حرب انتصرت فيها ثقيف وتفرّدت بملك الطائف فضربتهم العرب مثلا، فقال أبو طالب ابن عبد المطلب:
منعنا أرضنا من كل حيّ، ... كما امتنعت بطائفها ثقيف
أتاهم معشر كي يسلبوهم، ... فحالت دون ذلكم السيوف
وقال بعض الأنصار:
فكونوا دون بيضكم كقوم ... حموا أعنابهم من كل عادي
وذكر المدائني أن سليمان بن عبد الملك لما حجّ مرّ بالطائف فرأى بيادر الزبيب فقال: ما هذه الحرار؟
فقالوا: ليست حرارا ولكنها بيادر الزبيب، فقال:
لله درّ قسيّ بأيّ أرض وضع سهامه وأيّ أرض مهّد عشّ فروخه! وقال مرداس بن عمرو الثقفي:
فانّ الله لم يؤثر علينا ... غداة يجزّئ الأرض اقتساما
عرفنا سهمنا في الكف يهوي ... كذا نوح، وقسّمنا السهاما
فلما أن أبان لنا اصطفينا ... سنام الأرض، إنّ لها سناما
فأنشأنا خضارم متجرات ... يكون نتاجها عنبا تؤاما
ضفادعها فرائح كلّ يوم ... على جوب يراكضن الحماما
وأسفلها منازل كلّ حيّ، ... وأعلاها ترى أبدا حراما
ثم حسدهم طوائف العرب وقصدوهم فصمدوا لهم وجدّوا في حربهم، فلما لم يظفروا منهم بطائل ولا طمعوا منهم بغرّة تركوهم على حالهم أغبط العرب عيشا إلى أن جاء الإسلام فغزاهم رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فافتتحها في سنة تسع من الهجرة
صلحا وكتب لهم كتابا، نزل عليها رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في شوال سنة ثمان عند منصرفه من حنين وتحصنوا منه واحتاطوا لأنفسهم غاية الاحتياط فلم يكن إليهم سبيل، ونزل إلى رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، رقيق من رقيق أهل الطائف، منهم: أبو بكرة نفيع بن مسروح مولى رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، في جماعة كثيرة منهم الأزرق الذي تنسب إليه الأزارقة والد نافع بن الأزرق الخارجي الشاري فعتقوا بنزولهم إليه ونصب رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، منجنيقا ودبّابة فأحرقها أهل الطائف فقال رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم: لم نؤذن في فتح الطائف، ثم انصرف عنها إلى الجعرّانة ليقسم سبي أهل حنين وغنائمهم فخافت ثقيف أن يعود إليهم فبعثوا اليه وفدهم وتصالحوا على أن يسلموا ويقرّوا على ما في أيديهم من أموالهم وركازهم، فصالحهم رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، على أن يسلموا وعلى أن لا يزنوا ولا يربوا، وكانوا أهل زنا وربا، وفي وقعة الطائف فقئت عين أبي سفيان بن حرب، وقصّة ذلك في كتب المغازي، وكان معاوية يقول: أغبط الناس عيشا عبدي أو قال مولاي سعد، وكان يلي أمواله بالحجاز ويتربّع جدّة ويتقيّظ الطائف ويشتو بمكة، ولذلك وصف محمد بن عبد الله النّميري زينب بنت يوسف أخت الحجاج بالنعمة والرّفاهية فقال:
تشتو بمكة نعمة ... ومصيفها بالطائف
وذكر الأزرقي أبو الوليد عن الكلبي باسناده قال:
لما دعا إبراهيم، عليه السلام: فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات، فاستجاب الله له فجعله مثابة ورزق أهله من الثمرات فنقل إليهم الطائف، وكانت قرية بالشام وكانت ملجأ للخائف إذا جاءها أمن، وقد افتخرت ثقيف بذلك بما يطول ذكره ويسئم قارئه، وسأقف عند قول غيلان بن سلمة في ذلك حيث قال:
حللنا الحدّ من تلعات قيس ... بحيث يحلّ ذو الحسب الجسيم
وقد علمت قبائل جذم قيس، ... وليس ذوو الجهالة كالعليم،
بأنّا نصبح الأعداء قدما ... سجال الموت بالكأس الوخيم
وأنّا نبتني شرف المعالي، ... وننعش عثرة المولى العديم
وأنّا لم نزل لجأ وكهفا، ... كذاك الكهل منّا والفطيم [1]
وسنذكر في وجّ من القول والشعر ما نوفّق له ويحسن ذكره إن شاء الله تعالى.

طَرَسُوسُ

طَرَسُوسُ:
بفتح أوله وثانيه، وسينين مهملتين بينهما واو ساكنة، بوزن قربوس، كلمة عجمية رومية، ولا يجوز سكون الراء إلا في ضرورة الشعر لأن فعلول ليس من أبنيتهم، قال صاحب الزيج: طول طرسوس ثمان وخمسون درجة ونصف، وعرضها ست وثلاثون درجة وربع، وهي في الإقليم الرابع، وقالوا: سميت بطرسوس بن الروم بن اليفز بن سام ابن نوح، عليه السلام، وقيل: إن مدينة طرسوس أحدثها سليمان كان خادما للرشيد في سنة نيف وتسعين ومائة، قاله أحمد بن محمد الهمذاني، وهي مدينة بثغور الشام بين أنطاكية وحلب وبلاد الروم، قال أحمد بن الطيّب السّرخسي: رحلنا من المصيصة نريد العراق إلى أذنة ومن أذنة إلى طرسوس، وبينها وبين أذنة ستة فرسخ، وبين أذنة وطرسوس فندق بغا والفندق الجديد، وعلى طرسوس سوران وخندق واسع ولها ستة أبواب ويشقها نهر البردان وبها قبر المأمون عبد الله بن الرشيد جاءها غازيا فأدركته منيته فمات، فقال الشاعر:
هل رأيت النجوم أغنت عن المأ ... مون في عزّ ملكه المأسوس؟
غادروه بعرصتي طرسوس ... مثل ما غادروا أباه بطوس
وما زالت موطنا للصالحين والزهّاد يقصدونها لأنها من ثغور المسلمين ثم لم تزل مع المسلمين في أحسن حال وخرج منها جماعة من أهل الفضل إلى أن كان سنة 354 فان نقفور ملك الروم استولى على الثغور وفتح المصيصة، كما نذكره في موضعه، ثم رحل عنها ونزل على طرسوس وكان بها من قبل سيف الدولة رجل يقال له ابن الزّيّات ورشيق النسيمي مولاه فسلّما إليه المدينة على الأمان والصلح على أن من خرج منها من المسلمين وهو يحمل من ماله مهما قدر عليه لا يعترض من عين وورق أو خرثيّ وما لم يطق حمله فهو لهم مع الدور والضياع، واشترط تخريب الجامع والمساجد، وأنه من أراد المقام في البلد على الذمّة وأداء الجزية فعل وإن تنصّر فله الحباء والكرامة وتقرّ عليه نعمته، قال: فتنصّر خلق فأقرّت نعمهم عليهم وأقام نفر يسير على الجزية وخرج أكثر الناس يقصدون بلاد الإسلام وتفرّقوا فيها، وملك نقفور البلد فأحرق المصاحف وخرّب المساجد وأخذ من خزائن السلاح ما لم يسمع بمثله مما كان جمع من أيام بني أميّة إلى هذه الغاية، وحدث أبو القاسم التنوخي قال: أخبرني جماعة ممن جلا عن ذلك الثغر أن نقفور لما فتح طرسوس نصب في ظاهرها علمين ونادى مناديه: من أراد بلاد الملك الرحيم وأحبّ العدل والنّصفة والأمن على المال والأهل والنفس والولد وأمن السبل وصحة الأحكام والإحسان في المعاملة وحفظ الفروج وكذا وكذا، وعد أشياء جميلة، فليصر تحت هذا العلم ليقفل مع الملك إلى بلاد الروم، ومن أراد الــزنا واللواط والجور في الأحكام والأعمال وأخذ الضرائب وتملّك الضياع عليه وغصب الأموال، وعد أشياء من هذا النوع غير جميلة، فليحصل تحت هذا العلم إلى بلاد
الإسلام، فصار تحت علم الروم خلق من المسلمين ممن تنصّر وممن صبر على الجزية، ودخل الروم إلى طرسوس فأخذ كلّ واحد من الروم دار رجل من المسلمين بما فيها ثم يتوكل ببابها ولا يطلق لصاحبها إلا حمل الخفّ فان رآه قد تجاوز منعه حتى إذا خرج منها صاحبها دخلها النصراني فاحتوى على ما فيها، وتقاعد بالمسلمين أمهات أولادهم لما رأين أهاليهنّ وقالت: أنا الآن حرّة لا حاجة لي في صحبتك، فمنهنّ من رمت بولدها على أبيه ومنهنّ من منعت الأب من ولده فنشأ نصرانيّا، فكان الإنسان يجيء إلى عسكر الروم فيودع ولده ويبكي ويصرخ وينصرف على أقبح صورة حتى بكى الروم رقّة لهم وطلبوا من يحملهم فلم يجدوا غير الروم فلم يكروهم إلا بثلث ما أخذوه على أكتافهم أجرة حتى سيروهم إلى أنطاكية، هذا وسيف الدولة حيّ يرزق بميّافارقين والملوك كلّ واحد مشغول بمحاربة جاره من المسلمين وعطّلوا هذا الفرض، ونعوذ بالله من الخيبة والخذلان ونسأله الكفاية من عنده، ولم تزل طرسوس وتلك البلاد بيد الروم والأرمن إلى هذه الغاية، وقد نسب إليها جماعة يفوت حصرهم، وأما أبو أمية محمد بن إبراهيم بن مسلم بن سالم الطرسوسي فانه بغداديّ أقام بها إلى أن مات سنة 273 فنسب إليها، وممن نسب إليها من الحفّاظ محمد بن عيسى ابن يزيد الطرسوسي التميمي ثم السعدي، رحّال من أهل المعرفة، سمع بدمشق سليمان بن عبد الرحمن وصفوان بن صالح وسمع بحمص ومكة، وسمع عيسى بن قالون المقري بالمدينة، وبالكوفة أبا نعيم، وبالبصرة سليمان بن حرب، وبميافارقين مسلما ومحمد ابن حميد الرازي، روى عنه أبو بكر بن خزيمة وأبو العباس الدّغولي وأبو عوانة الأسفراييني وهو غير متهم، قال الحافظ أبو عبد الله: وكان من المشهورين بالطلب في الرحلة والكثرة والفهم والثبت، ورد خراسان بعد 250 ونزل نيسابور وأقام بها وكتب عنه من كان في عصره ثم خرج إلى مرو فأقام بها مدة وأكثر أهل مرو عنه بعد الستين ثم دخل بلخ فتوفي بها سنة 276.

عِمُّ

عِمُّ:
بكسر أوله، وتشديد ثانيه، ولا أراها إلا عجمية لا أصل لها في العربية: وهي قرية غنّاء ذات عيون جارية وأشجار متدانية بين حلب وأنطاكية، وكل من بها اليوم نصارى، وقد نسب إليها قديما قوم من أهل العلم والحديث، منهم: بشر بن علي العمّيّ الأنطاكي، روى عن عبد الله بن نصر الأنطاكي، روى عنه الطبراني، وأنشد ابن الأعرابي لرجل من طيّء يصف جملا:
أقسمت أشكيك من أين ومن نصب ... حتى ترى معشرا بالعمّ أزوالا
قال: والعمّ بلد بحلب، وقال ابن بطلان في رسالته التي كتبها في سنة 540 إلى ابن الصابي: وخرجنا من حلب إلى أنطاكية فبتنا في بلدة للروم تعرف بعمّ فيها عين جارية يصاد فيها السمك ويدور عليها رحى، وفيها من مشاوير الخنازير ومباح النساء والــزنا والخمور أمر عظيم، وفيها أربع كنائس وجامع يؤذّن فيه سرّا.

الغَرِيّانِ

الغَرِيّانِ:
تثنية الغريّ، وهو المطليّ، الغراء، ممدود: وهو الغراء الذي يطلى به، والغريّ فعيل بمعنى مفعول، والغريّ: الحسن من كلّ شيء، يقال: رجل غريّ الوجه إذا كان حسنا مليحا، فيجوز أن يكون الغريّ مأخوذا من كل واحد من هذين، والغريّ: نصب كان يذبح عليه العتائر، والغريّان: طربالان وهما بناءان كالصّومعتين بظاهر الكوفة قرب قبر عليّ بن أبي طالب، رضي الله عنه، قال ابن دريد: الطربال قطعة من جبل أو قطعة من حائط تستطيل في السماء وتميل، وفي الحديث: كان، عليه الصلاة والسلام، إذا مرّ بطربال مائل أسرع المشي، والجمع الطرابيل،
وقيل: الطربال القطعة العالية من الجدار والصخرة العظيمة المشرفة من الجبل، وطرابيل الشام: صوامعها.
والغريّان أيضا: خيالان من أخيلة حمى فيد بينهما وبين فيد ستة عشر ميلا يطؤهما طريق الحاجّ، عن الحازمي، والخيال: ما نصب في أرض ليعلم أنها حمى فلا تقرب، وحمى فيد: معروف وله أخيلة، وفيهما يقول الشاعر فيما أحسب:
وهل أرين بين الغريّين فالرّجا ... إلى مدفع الريّان سكنا تجاوره؟
لأن الرجا والريّان قريتان من هذا الموضع، وقال ابن هرمة:
أتمضي ولم تلمم على الطّلل القفر ... لسلمى ورسم بالغريّين كالسطر
عهدنا به البيض المعاريب للصّبا ... وفارط أحواض الشباب الذي يقري
وقال السمهري العكلي:
ونبّئت ليلى بالغريّين سلّمت ... عليّ، ودوني طخفة ورجامها
عديد الحصى والأثل من بطن بيشة ... وطرفائها ما دام فيها حمامها
قال: فأما الغريّان بالكوفة فحدّث هشام بن محمد الكلبي قال: حدّثني شرقيّ بن القطامي قال: بعثني المنصور إلى بعض الملوك فكنت أحدثه بحديث العرب وأنسابها فلا أراه يرتاح لذلك ولا يعجبه، قال: فقال لي رجل من أصحابه يا أبا المثنى أي شيء الغريّ في كلام العرب؟ قلت: الغريّ الحسين، والعرب تقول:
هذا رجل غريّ، وإنما سمّيا الغريين لحسنهما في ذلك الزمان، وإنما بني الغريان اللذان في الكوفة على مثل غريّين بناهما صاحب مصر وجعل عليهما حرسا فكل من لم يصلّ لهما قتل إلا أنه يخيّره خصلتين ليس فيهما النجاة من القتل ولا الملك ويعطيه ما يتمنى في الحال ثم يقتله، فغبر بذلك دهرا، قال: فأقبل قصّار من أهل إفريقية ومعه حمار له وكذين فمرّ بهما فلم يصلّ فأخذه الحرس فقال: ما لي؟ فقالوا:
لم تصلّ للغريّين، فقال: لم أعلم، فذهبوا به إلى الملك فقالوا: هذا لم يصلّ للغريّين، فقال له: ما منعك أن تصلي لهما؟ قال: لم أعلم وأنا رجل غريب من أهل إفريقية أحببت أن أكون في جوارك لأغسل ثيابك وثياب خاصتك وأصيب من كنفك خيرا، ولو علمت لصليت لهما ألف ركعة، فقال له: تمنّ، فقال: وما أتمنّى؟ فقال: لا تتمنّ الملك ولا أن تنجّي نفسك من القتل وتمنّ ما شئت، قال: فأدبر القصّار وأقبل وخضع وتضرع وأقام عذره لغربته فأبى أن يقبل، فقال: إني أسألك عشرة آلاف درهم، فقال: عليّ بعشرة آلاف درهم، قال: وبريدا، فأتى البريد فسلّم إليه وقال: إذا أتيت إفريقية فسل عن منزل فلان القصّار فادفع هذه العشرة آلاف درهم إلى أهله، ثم قال له الملك: تمنّ الثانية، فقال: أضرب كلّ واحد منكم بهذا الكذين ثلاث ضربات واحدة شديدة وأخرى وسطى وأخرى دون ذلك، قال: فارتاب الملك ومكث طويلا ثم قال لجلسائه: ما ترون؟ قالوا: نرى أن لا تقطع سنّة سنّها آباؤك، قالوا: فيمن تبدأ؟ قال: أبدأ بالملك ابن الملك الذي سنّ هذا، قال: فنزل عن سريره ورفع القصّار الكذين فضرب أصل قفاه فسقط على وجهه، فقال الملك: ليت شعري أيّ الضربات هذه! والله لئن كانت الهينة ثم جاءت الوسطى والشديدة لأموتن! فنظر إلى الحرس وقال: أولاد الــزنا، تزعمون أنه لم يصلّ وأنا والله رأيته حيث صلى، خلوا سبيله
واهدموا الغريّين! قال: فضحك القصار حتى جعل يفحص برجله من كثرة الضحك، قلت أنا: فالذي يقع لي ويغلب على ظني أن المنذر لما صنع الغريين بظاهر الكوفة سنّ تلك السنّة ولم يشرط قضاء الحوائج الثلاث التي كان يشرطها ملك مصر، والله أعلم، وأن الغريّين بظاهر الكوفة بناهما المنذر بن امرئ القيس ابن ماء السماء، وكان السبب في ذلك أنه كان له نديمان من بني أسد يقال لأحدهما خالد بن نضلة والآخر عمرو بن مسعود فثملا فراجعا الملك ليلة في بعض كلامه فأمر وهو سكران فحفر لهما حفيرتان في ظهر الكوفة ودفنهما حيّين، فلما أصبح استدعاهما فأخبر بالذي أمضاه فيهما فغمه ذلك وقصد حفرتهما وأمر ببناء طربالين عليهما وهما صومعتان، فقال المنذر: ما أنا بملك إن خالف الناس امري، لا يمرّ أحد من وفود العرب إلا بينهما، وجعل لهما في السّنة يوم بؤس ويوم نعيم، يذبح في يوم بؤسه كلّ من يلقاه ويغري بدمه الطربالين، فان رفعت له الوحش طلبتها الخيل، وإن رفع طائر أرسل عليه الجوارح حتى يذبح ما يعنّ ويطليان بدمه، ولبث بذلك برهة من دهره وسمّى أحد اليومين يوم البؤس وهو اليوم الذي يقتل فيه ما ظهر له من إنسان وغيره، وسمى الآخر يوم النعيم يحسن فيه إلى كلّ من يلقى من الناس ويحملهم ويخلع عليهم، فخرج يوما من أيام بؤسه إذ طلع عليه عبيد بن الأبرص الأسدي الشاعر وقد جاء ممتدحا، فلما نظر إليه قال: هلّا كان الذبح لغيرك يا عبيد! فقال عبيد: أتتك بحائن رجلاه، فأرسلها مثلا، فقال له المنذر: أو أجل قد بلغ أناه، فقال رجل ممن كان معه: أبيت اللعن اتركه فاني أظن أن عنده من حسن القريض أفضل مما تريد من قتله فاسمع فان سمعت حسنا فاستزده وإن كان غيره قتلته وأنت قادر عليه، فأنزل فطعم وشرب ثم دعا به المنذر فقال له: زدنيه ما ترى، قال: أرى المنايا على الحوايا، ثم قال له المنذر: أنشدني فقد كان يعجبني شعرك، فقال عبيد: حال الجريض دون القريض وبلغ الحزام الطبّيين، فأرسلهما مثلين، فقال له بعض الحاضرين: أنشد الملك هبلتك أمك! فقال عبيد: وما قول قائل مقتول؟ فأرسلها مثلا أي لا تدخل في همك من لا يهتم بك، قال المنذر: قد أمللتني فأرحني قبل أن آمر بك، قال عبيد: من عزّ بزّ، فأرسلها مثلا، فقال المنذر: أنشدني قولك:
أقفر من أهله ملحوب فقال عبيد:
أقفر من أهله عبيد، ... فاليوم لا يبدي ولا يعيد
عنّت له منيّة تكود، ... وحان منها له ورود
فقال له المنذر: أسمعني يا عبيد قولك قبل أن أذبحك، فقال:
والله إن متّ ما ضرّني، ... وإن عشت ما عشت في واحده
فأبلغ بنيّ وأعمامهم ... بأن المنايا هي الواردة
لها مدة فنفوس العباد ... إليها، وإن كرهت، قاصده
فلا تجزعوا لحمام دنا، ... فللموت ما تلد الوالده
فقال المنذر: ويلك أنشدني! فقال:
هي الخمر بالهزل تكنى الطّلا، ... كما الذئب يكنّى أبا جعدة
فقال المنذر: يا عبيد لا بد من الموت وقد علمت أن النعمان ابني لو عرض لي يوم بؤسي لم أجد بدّا من أن أذبحه، فأما أن كانت لك وكنت لها فاختر إحدى ثلاث خلال: إن شئت فصدتك من الأكحل وإن شئت من الأبجل وإن شئت من الوريد، فقال عبيد:
أبيت اللعن! ثلاث خلال كساحيات واردها شرّ وارد وحاديها شر حاد ومعاديها شر معاد فلا خير فيها لمرتاد، إن كنت لا محالة قاتلي فاسقني الخمر حتى إذا ماتت لها مفاصلي وذهلت منها ذواهلي فشأنك وما تريد من مقاتلي، فاستدعى له المنذر الخمر فشرب فلما أخذت منه وطابت نفسه وقدمه المنذر أنشأ يقول:
وخيّرني ذو البؤس، في يوم بؤسه، ... خلالا أرى في كلها الموت قد برق
كما خيّرت عاد من الدهر مرة، ... سحائب ما فيها لذي خيرة أنق
سحائب ريح لم توكّل ببلدة ... فتتركها إلا كما ليلة الطّلق
ثم أمر به المنذر ففصد حتى نزف دمه فلما مات غرّى بدمه الغريّين، فلم يزل على ذلك حتى مرّ به في بعض أيام البؤس رجل من طيّء يقال له حنظلة فقرّب ليقتل فقال: أبيت اللعن! إني أتيتك زائرا ولأهلي من بحرك مائرا فلا تجعل ميرتهم ما تورده عليهم من قتلي، قال له المنذر: لا بد من قتلك فسل حاجتك تقض لك قبل موتك، فقال: تؤجلني سنة أرجع فيها إلى أهلي فأحكم فيهم بما أريد ثم أسير إليك فينفذ في أمرك، فقال له المنذر: ومن يكفلك أنك تعود؟
فنظر حنظلة في وجوه جلسائه فعرف شريك بن عمرو ابن شراحيل الشيباني فقال:
يا شريك يا ابن عمرو ... هل من الموت محاله؟
يا شريك يا ابن عمرو، ... يا أخا من لا أخا له
يا أخا المنذر فكّ ال ... يوم رهنا قد أنى له
يا أخا كل مضاف ... وأخا من لا أخا له
إنّ شيبان قبيل ... أكرم الناس رجاله
وأبو الخيرات عمرو ... وشراحيل الحمالة
رقباك اليوم في المج ... د وفي حسن المقاله
فوثب شريك وقال: أبيت اللعن! يدي بيده ودمي بدمه إن لم يعد إلى أجله، فأطلقه المنذر، فلما كان من القابل قعد المنذر في مجلسه في يوم بؤسه ينتظر حنظلة فأبطأ عليهم فقدم شريك ليقتل فلم يشعر إلا وراكب قد طلع فإذا هو حنظلة وقد تحنط وتكفّن ومعه نادبته تندبه، فلما رأى المنذر ذلك عجب من وفائه وقال: ما حملك على قتل نفسك؟ فقال: أيها الملك إن لي دينا يمنعني من الغدر، قال: وما دينك؟
قال: النصرانية، فاستحسن ذلك منه وأطلقهما معا وأبطل تلك السّنّة وكان سبب تنصره وتنصر أهل الحيرة فيما زعموا، وروى الشرقيّ بن القطامي قال:
الغريّ الحسن من كل شيء وإنما سميا الغريّين لحسنهما وكان المنذر قد بناهما على صورة غريّين كان بعض ملوك مصر بناهما، وقرأت على ظهر كتاب شرح سيبويه المبرّد بخط الأديب عثمان بن عمر الصقليّ النحوي الخزرجي ما صورته: وجدت بخط أبي بكر السّرّاج، رحمه الله، على ظهر جزء من أجزاء
كتاب سيبويه أخبرني أبو عبد الله اليزيدي قال حدثني ثعلب قال: مرّ معن بن زائدة بالغريين فرأى أحدهما وقد شعّث وهدم فأنشأ يقول:
لو كان شيء له أن لا يبيد على ... طول الزمان لما باد الغريّان
ففرّق الدهر والأيام بينهما، ... وكلّ إلف إلى بين وهجران

غَيْلٌ

غَيْلٌ:
بالفتح ثم السكون ثم لام، وهو الماء الذي يجري على وجه الأرض، ومنه الحديث: ما يسقي الغيل ففيه الغيل، والغيل في حديث آخر: لقد هممت أن أنهى عن الغيلة ثم ذكرت أن فارس والروم يفعلونه فلا يضرّهم، قالوا: الغيلة هو الغيل وهو أن يجامع المرأة وهي مرضع، وقيل: أن ترضع الطفل أمّه وهي حامل، والغيل أيضا: الساعد الممتلئ الريّان، وغيل: موضع في صدر يلملم في قول غريب ابن بيئة بن لام:
لعمري لقد أبكت قريم وأوجعوا ... بجزعة بطن الغيل من كان باكيا
وغيل أيضا: موضع قرب اليمامة، قال بعضهم:
يبري لها من تحت أرواق الليل ... غملّس ألزق من حمى الغيل
والغيل أيضا: واد لبني جعدة في جوف العارض يسير في الفلج وبينهما مسيرة يوم وليلة. والغيل غيل البرمكي: وهو نهر يشق صنعاء اليمن، وفيه يقول شاعرهم:
وا عويلا! إذا غاب الحبيب ... عن حبيبه إلى من يشتكي؟
يشتكي إلى والي البلد ... ودموعه مثل غيل البرمكي
وهذا شعر غير موزون وهو مع ذلك ملحون أوردناه كما سمعناه من الشيخ أبي الربيع سليمان بن عبد الله الرّيحاني صديقنا، أيده الله، وأنشد أبو علي لأبي الجيّاش:
والغيل شطّان حلّ اللؤم بينهما، ... شطّ الموالي وشطّ حلّه العرب
تغلغل اللؤم في أبدان ساكنه ... تغلغل الماء بين اللّيف والكرب
وقال أبو زياد: الغيل فلج من الأفلاج، وقد مرّ الفلج في موضعه، وقال نصر: الغيل واد لجعدة بين جبلين ملآن نخيلا وبأعلاه نفر من بني قشير وبه منبر، وبينه وبين الفلج سبعة فراسخ أو ثمانية، والفلج قرية عظيمة لجعدة، وقال البحتري الجعدي:
ألا يا ليل قد برح النهار، ... وهاج الليل حــزنا والنهار
كأنك لم تجاوز آل ليلى، ... ولم يوقد لها بالغيل نار
وقال عثمان بن صمصامة الجعدي ومرّ به حمزة بن عبد الله بن قرّة يريد الغيل:
وقد قلت للقري: إن كنت رائحا ... إلى الغيل فاعرض بالسلام على نعم
على نعمنا لا نعم قوم سوائنا، ... هي الهمّ والأحلام لو يقع الحلم
فإن غضب القرّيّ في أن بعثته ... إليها، فلا يبرح على أنفه الرّغم
والغيل: بلد بصعدة باليمن، خرج منه بعض الشعراء، منهم: محمد بن عبيد أبو عبد الله بن أبي الأسود الصعدي، شاعر قديم وأصله من غيل صعدة.

قَاسِيُونُ

قَاسِيُونُ:
بالفتح، وسين مهملة، والياء تحتها نقطتان مضمومة، وآخره نون: وهو الجبل المشرف على مدينة دمشق وفيه عدّة مغاور وفيها آثار الأنبياء وكهوف، وفي سفحه مقبرة أهل الصلاح، وهو جبل معظّم مقدّس يروى فيه آثار وللصالحين فيه أخبار، قال القاضي محيي الدين أبو حامد محمد بن محمد بن عبد الله بن القاسم الشهرزوري وهو بحلب يرثي كمال الدين قاضي القضاة بالشام وقد مات بدمشق سنة 572:
ألمّوا بسفحي قاسيون فسلّموا ... على جدث بادي السّنا وترحّموا
وأدّوا إليه عن كئيب تحيّة ... يكلّفكم إهداءها القلب لا الفم
وبالرّغم من نأي أناجيه بالمنى، ... وأسأل مع بعد المدى من يسلّم
ولو أنّني أسطيع وافيت ماشيا ... على الرأس أستاف التراب وألثم
لحى الله دهرا لا تزال صروفه ... على الصّيد من أبنائه تتغشرم
إذا ما رأينا منه يوما بشاشة ... أتانا قطوب بعده وتجهّم
ومن عرف الدنيا ولؤم طباعها ... وأصبح مغرورا بها فهو ألأم
تردّيك وشيا معلما وهو صارم، ... وتعطيك كفّا رخصة وهو لهذم
وتصفيك ودّا ظاهرا وهي فارك، ... وتسقيك شهدا رائقا وهو علقم
فأين ملوك الأرض كسرى وقيصر، ... وأين مضى من قبل عاد وجرهم
كأنهم لم يسكنوا الأرض مرّة ... ولم يأمروا فيها ولم يتحكّموا
سلبت أبا يا دهر منّي ممدّحا، ... وإني إن لم أبكه لمذمّم
وقد كان من أقصى أمانيّ أنّني ... أجرّع كاسات الحمام ويسلم
سأنسي الورى الخنساء حــزنا وحسرة، ... ويخجل من وجدي عليه متمّم
لقد عظمت بالرّغم منّي مصيبتي، ... وإنّ ثوابي، لو صبرت، لأعظم
وكيف أرجّي الصبر والقلب تابع ... لأمر الأسى فيما يقول ويحكم؟
وما الصبر إلا طاعة غير أنه ... على مثل رزئي فيك رزء ومأثم
سلام عليكم، أهل جلّق، واصل ... إليكم يواليه وداد مخيّم
وأوصيكم بالجار خيرا، فإنه ... يعزّ على أهل الوفاء ويكرم
وبه مغارة تعرف بمغارة الدم يقال بها قتل قابيل أخاه هابيل وهناك شبيه بالدم يزعمون أنه دمه باق إلى الآن وهو يابس وحجر ملقى يزعمون أنه الحجر الذي فلق به هامته، وفيه مغارة الجوع يزعمون أنه مات بها أربعون نبيّا.

كُثْبَةُ

كُثْبَةُ:
بالضم، في حديث ماعز: أن رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، أمر برجل حين اعترف بالــزنا ثم قال: يعمد أحدكم إلى المرأة المغيبة فيخدعها بالكثبة، لا أوتى بأحد منكم فعل ذلك إلا وجعلته نكالا، والكثبة: القليل من اللبن وغيره، وكلّ ما جمعته من
طعام وغيره بعد أن يكون قليلا فهو كثبة، وكثبة:
اسم موضع.

نَجْدٌ

نَجْدٌ:
بفتح أوله، وسكون ثانيه، قال النضر:
النجد قفاف الأرض وصلابها وما غلظ منها وأشرف، والجماعة النجاد، ولا يكون إلا قفّا أو صلابة من
الأرض في ارتفاع من الجبل معترضا بين يديك يردّ طرفك عما وراءه، يقال: اعل هاتيك النجاد وهذاك النجاد بوجه، وقال: ليس بالتشديد الارتفاع، وقال الأصمعي: هي نجود عدّة، منها: نجد برق واد باليمامة ونجد خال ونجد عفر ونجد كبكب ونجد مريع، ويقال: فلان من أهل نجد، وفي لغة هذيل والحجاز: من أهل النّجد، قال أبو ذؤيب:
في عانة بجنوب السّيّ مشربها ... غور ومصدرها عن مائها نجد
قال: وكل ما ارتفع عن تهامة فهو نجد، فهي ترعى بنجد وتشرب بتهامة، وقال الأصمعي: سمعت الأعراب تقول: إذا خلّفت عجلزا مصعدا فقد أنجدت، وعجلز فوق القريتين، قال: وما ارتفع عن بطن الرمّة، والرمة واد معلوم ذكر في موضعه، فهو نجد إلى ثنايا ذات عرق، قال: وسمعت الباهلي يقول: كل ما وراء الخندق الذي خندقه كسرى، وقد ذكر في موضعه، فهو نجد إلى أن تميل إلى الحرّة فإذا ملت إليها فأنت بالحجاز، وقيل: نجد إذا جاوزت عذيبا إلى أن تجاوز فيد وما يليها، وقيل: نجد هو اسم للأرض العريضة التي أعلاها تهامة واليمن وأسفلها العراق والشام، قال السكري:
حد نجد ذات عرق من ناحية الحجاز كما تدور الجبال معها إلى جبال المدينة، وما وراء ذات عرق من الجبال إلى تهامة فهو حجاز كله، فإذا انقطعت الجبال من نحو تهامة فما وراءها إلى البحر فهو الغور، والغور وتهامة واحد، ويقال إن نجدا كلها من عمل اليمامة، وقال عمارة بن عقيل: ما سال من ذات عرق مقبلا فهو نجد إلى أن يقطعه العراق، وحدّ نجد أسافل الحجاز وهودج وغيره، وما سال من ذات عرق موليا إلى المغرب فهو الحجاز إلى أن يقطعه تهامة، وحجاز يحجز أي يقطع بين تهامة وبين نجد، والذي قرأته في كتاب جزيرة العرب الذي رواه ابن دريد عن عبد الرحمن عن عمه: وما ارتفع عن بطن الرمّة يخفّف ويثقّل فهو نجد، والرمة فضاء يدفع فيه أودية كثيرة، وتقول العرب عن لسان الرمة:
كلّ بنيّ فإنه يحسيني ... إلا الجريب فإنه يرويني
والجريب: واد عظيم يصبّ في الرمة، قال: وكان موضع مملكة حجر الكندي بنجد ما بين طميّة وهي هضبة بنجد إلى حمى ضريّة إلى دارة جلجل من العقيق إلى بطن نخلة الشامية إلى حزنة إلى اللقط إلى أفيح إلى عماية إلى عمايتين إلى بطن الجريب إلى ملحوب إلى مليحيب، فما ارتفع من بطن الرمة فهو نجد إلى ثنايا ذات عرق، وعرق هو الجبل المشرف على ذات عرق، وقال العتبي: حدثنا الرياشي عن الأصمعي قال: العرب تقول إذا خلّفت عجلزا مصعدا حتى تنحدر إلى ثنايا ذات عرق فإذا فعلت ذلك فقد أتهمت إلى البحر، وإذا عرضت لك الحرار وأنت تنجد فتلك الحجاز، تقول: احتجــزنا الحجاز، فإذا تصوّبت من ثنايا العرج فقد استقبلت الأراك والمرج وشجر تهامة، فإذا تجاوزت بلاد فزارة فأنت بالجناب إلى أرض كلب، ولم يذكر الشعراء موضعا أكثر مما ذكروا نجدا وتشوّقوا إليها من الأعراب المتضمّرة، وسأورد منه ههنا بعض ما يحضرني، قال أعرابيّ:
أكرّر طرفي نحو نجد وإنني ... إليه، وإن لم يدرك الطرف، أنظر
حنينا إلى أرض كأنّ ترابها ... إذا مطرت عود ومسك وعنبر
بلاد كأنّ الأقحوان بروضة ... ونور الأقاحي وشي برد محبّر
أحنّ إلى أرض الحجاز وحاجتي ... خيام بنجد دونها الطرف يقصر
وما نظري من نحو نجد بنافعي، ... أجل لا، ولكني إلى ذاك أنظر
أفي كل يوم نظرة ثم عبرة ... لعينيك مجرى مائها يتحدّر
متى يستريح القلب إمّا مجاور ... بحرب وإمّا نازح يتذكّر
وقال أعرابيّ آخر:
فيا حبّذا نجد وطيب ترابه ... إذا هضبته بالعشيّ هواضبه
وريح صبا نجد إذا ما تنسّمت ... ضحى أو سرت جنح الظلام جنائبه
بأجرع ممراع كأنّ رياحه ... سحاب من الكافور، والمسك شائبه
وأشهد لا أنساه ما عشت ساعة، ... وما انجاب ليل عن نهار يعاقبه
ولا زال هذا القلب مسكن لوعة ... بذكراه حتى يترك الماء شاربه
وقال أعرابيّ آخر:
خليليّ هل بالشام عين حزينة ... تبكّي على نجد لعلّي أعينها
وهل بائع نفسا بنفس أو الأسى ... إليها فأجلاها بذاك حنينها
وأسلمها الباكون إلا حمامة ... مطوّقة قد بان عنها قرينها
تجاوبها أخرى على خيزرانة ... يكاد يدنّيها من الأرض لينها
نظرت بعيني مؤنسين فلم أكد ... أرى من سهيل نظرة أستبينها
فكذّبت نفسي ثم راجعت نظرة، ... فهيّج لي شوقا لنجد يقينها
وقال أعرابيّ آخر:
سقى الله نجدا من ربيع وصيّف، ... وماذا ترجّي من ربيع سقى نجدا؟
بلى إنه قد كان للعيس مرّة ... وركنا، وللبيضاء منزلة حمدا
وقال اعرابيّ آخر:
ومن فرط إشفاقي عليك يسرّني ... سلوّك عني خوف أن تجدي وجدي
وأشفق من طيف الخيال، إذا سرى، ... مخافة أن يدري به ساكنو نجد
وأرضى بأن تفديك نفسي من الرّدى، ... ولكنني أخشى بكاءك من بعدي
مذاهب شتّى للمحبين في الهوى، ... ولي مذهب فيهم أقول به وحدي
وقال أعرابيّ آخر:
ألا حبّذا نجد وطيب ترابه، ... وغلظة دنيا أهل نجد ودينها!
نظرت بأعلى الجلهتين فلم أكد ... أرى من سهيل لمحة أستبينها
وقال أعرابيّ آخر:
رأيت بروقا داعيات إلى الهوى، ... فبشّرت نفسي أن نجدا أشيمها
إذا ذكر الأوطان عندي ذكرته، ... وبشّرت نفسي أن نجدا أقيمها
ألا حبّذا نجد ومجرى جنوبه ... إذا طاب من برد العشيّ نسيمها!
أجدّك لا ينسيك نجدا وأهله ... عياطل دنيا قد تولّى نعيمها
وقال اعرابيّ آخر:
ألا أيها البرق الذي بات يرتقي ... ويجلو ذرى الظلماء ذكّرتني نجدا
ألم تر أنّ الليل يقصر طوله ... بنجد وتزداد الرياح به بردا؟
وقال أعرابيّ من بني طهيّة:
سمعت رحيل القافلين فشاقني، ... فقلت اقرؤوا مني السلام على دعد
أحنّ إلى نجد وإني لآيس ... طوال الليالي من قفول إلى نجد
تعزّ فلا نجد ولا دعد فاعترف ... بهجر إلى يوم القيامة والوعد
وقال نوح بن جرير بن الخطفى:
ألا قد أرى أنّ المنايا تصيبني، ... فما لي عنهنّ انصراف ولا بدّ
أذا العرش لا تجعل ببغداد ميتتي، ... ولكن بنجد، حبّذا بلدا نجد!
بلاد نات عنها البراغيث، والتقى ... بها العين والآرام والعفر والرّبد
وقال اعرابيّ آخر:
ألا هل لمحزون ببغداد نازح ... إذا ما بكى جهد البكاء مجيب؟
كأني ببغداد، وإن كنت آمنا، ... طريد دم نائي المحلّ غريب
فيا لائمي في حبّ نجد وأهله، ... أصابك بالأمر المهمّ مصيب
وقال أعرابيّ آخر:
تبدّلت من نجد وممن يحلّه ... محلة جند، ما الأعاريب والجند؟
وأصبحت في أرض البنود وقد أرى ... زمانا بأرض لا يقال لها بند
البنود: بأرض الروم كالأجناد بأرض الشام والكور بالعراق والطساسيج لأهل الأهواز والرساتيق لأهل الجبال والمخاليف لأهل اليمن، وقال أعرابيّ آخر:
لعمريّ لمكّاء يغنّي بقفرة ... بعلياء من نجد علا ثم شرّقا
أحبّ إلينا من هديل حمامة، ... ومن صوت ديك هاجه الليل أبلقا
وقال عبد الرحمن بن دارة:
خليليّ إن حانت بحمص منيّتي ... فلا تدفناني وارفعاني إلى نجد
وأدخل على عبد الملك بن مروان عشرة من الخوارج فأمر بضرب رقابهم وكان يوم غيم ومطر ورعد وبرق، فضربت رقاب تسعة منهم وقدم العاشر ليضرب عنقه فبرقت برقة فأنشأ يقول:
تألّق البرق نجديّا فقلت له: ... يا ايها البرق إني عنك مشغول
بذلّة العقل حيران بمعتكف ... في كفه كحباب الماء مسلول
فقال له عبد الملك: ما أحسبك إلا وقد حننت إلى وطنك وأهلك وقد كنت عاشقا؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين، قال: لو سبق شعرك قتل أصحابك لوهبناهم لك، خلّوا سبيله، فخلوه، وقدم بعض أهل هجر إلى بغداد فاستوبأها فقال:
أرى الريف يدنو كلّ يوم وليلة، ... وأزداد من نجد وصاحبه بعدا
ألا إن بغدادا بلاد بغيضة ... إليّ، وإن كانت معيشتها رغدا
بلاد تهبّ الريح فيها مريضة، ... وتزداد خبثا حين تمطر أو تندى

كَوْرُ

كَوْرُ:
بالفتح ثم السكون، والكور: الإبل الكثيرة العظيمة، وكور العمامة، وكور: أرض باليمامة، حكاه الأزهري عن ابن حبيب، وقال غيره: كور جبل بين اليمامة ومكة لبني عامر ثم لبني سلول منهم.
والكور أيضا: أرض بنجران، قال ابن مقبل:
تهدى زنابير أرواح المصيف لها ... ومن ثنايا فروخ الكور تأتينا

تَدُومُ

تَدُومُ:
موضع في شعر لبيد حيث قال:
بما قد تحلّ الواديين كليهما ... زنانير منها مسكن، فتدوم
وقال الراعي:
خبّرت أن الفتى مروان يوعدني، ... فاستبق بعض وعيدي أيها الرجل
وفي تدوم، إذا اغبرّت مناكبه، ... أو دارة الكور، عن مروان معتزل

المُدَيْبِرُ

المُدَيْبِرُ:
تصغير مدبر ضدّ المقبل: موضع قرب الرّقة له ذكر في المازحين فيما تقدّم، قال جرير:
كأنّي بالمديبر بين زكّا ... وبين قرى أبي صفرى أسير
كفى حــزنا فراقهم، وإني ... غريب لا أزار ولا أزور
أجديّ فاشربي بحياض قوم ... عليهم في فعالهم خبير
وينسب إليها زيد بن سيّار التميمي المديبري حرّانيّ، روى عن مساير بن يقظان، ذكره ابن مندة عن علي ابن أحمد الحرّاني.

مُطْعِم

مُطْعِم:
بالضم، وهو اسم الفاعل من أطعم يطعم فهو مطعم: اسم واد في اليمامة، حدث ابن دريد عن أبي حاتم قال: ذكر أبو خيرة الطائي أن رجلا من طيّء كانت محلة أهله في منابت النخل فتزوّج امرأة محلة أهلها في منابت الطلح وشرط لأهلها أن لا يحوّلها من مكانها، فمكث عندهم حتى أجدبوا فقال لأهلها: إني راحل لأهلي إلى الخصب ثم راجع إليكم إذا أجنى الناس، فأذن له فارتحل حتى إذا أشرف على أهله بأرضه نظرت زوجته إلى السدر فسألته عنه فأخبرها ثم نظرت إلى النخل فلم تعرفه فسألته فأخبرها، فقالت:
ألا لا أحبّ السدر إلا تكلّفا، ... ولا لا أحبّ النخل لما بداليا
ولكنني أهوى أراضي مطعم ... سقاهنّ ربّ العرش مــزنا عواليا
فيا صاعد النخل العشيّة لو أتى ... بضغث ألاء كان أشفى لما بيا
فلما رأى زوجها ازدراءها النخل أطعمها الرطب فلما أكلته قالت:
نزلنا إلى ميل الذّرى قطف الخطى، ... سقاهنّ ربّ العرش من سبل القطر
كراما فلا يغشين جارا بريبة ... يمدن كما ماد الشروب من الخمر
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.