Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: رمز_هيروغليفي

التنين

(التنين) حَيَوَان أسطوري يجمع بَين الزواحف وَالطير وَيُقَال لَهُ مخالب أَسد وَأَجْنِحَة نسر وذنب أَفْعَى ويتخذ فِي بعض الْبِلَاد رمزا قوميا وجنس من العظاء لَهُ رجل أَو يَد فِيهَا أَرْبَعَة أظفار على نسق وخامسة فِي الْكَفّ وَفِي رَأسه جمة شعر وَمِنْه ضرب بحري

اليهود

(اليهود) قال الجواليقي: أعجمي معرب منسوب إلى إلى يهوذا ابن يعقوب فعرب باهمال الذال.
فهذا ما وقفت عليه من الألفاظ المعربة في القرآن بعد الفحص الشديد سنين وسعة النظر والمطالعة ولم تجتمع قبل في كتاب (قبل هذا)
وقد نظم القاضي تاج الدين السبكي منها سبعة وعشرين لفظاً في أبيات وذيل علبه الحافظ (أبو الفضل) بن حجر بأبيات فيها أربعة وعشرون (لفظاً) وعدة ما استدركته (عليهما) إثنان وسبعون لفظاً سنة كالمكررة آن وآنية لأنهما من مادة (اناء) وأواب لأنه من مادة أو بي وسيناء لأنه من مادة سينين بل هو هو ومرقوم لأنه من مادة الرقيم وسفرة لأنه من مادة أسفار فتمت بدونها مائة لفظة وسبع عشرة لفظة وقد ذيلت عليها بالستين
فقال ابن السبكي:
السَلسَبيلُ وَطَهَ كُوِّرَت بِيَعٌ ... رومٌ وَطوبى وَسِجّيلٌ وَكافورُ وَالزَنجَبيلُ وَمِشكاةٌ سَرادِقٌ مَع ... اِستَبرَقٍ صَلواتٌ سُندُسٌ طورُ
كَذا قَراطيسُ رَبّانِيِّهِم وَغَسا ... قٌ ثُمَّ دينارُ وَالقِسطاسُ مَشهورُ كَذاكَ قَسوَرَةٌ وَاليَمُّ ناشِئَةٌ ... وَيُؤتِ كِفلَينِ مَذكُورٌ وَمَسطورُ
لَهُ مَقاليدُ فِردَوسٌ يُعَدُّ كَذا ... فيما حَكى اِبنُ دُرَيدٍ مِنهُ تَنّورُ وقال الحافظ ابن حجر:
وَزِدتُ حَرمٌ وَمُهلٌ وَالسِجِلُّ كَذا ال ... سَرى وَالأَبُّ ثُمَّ الجِبتُ مَذكُورُ وَقِطَّنا وَإِناهٌ ثُمَّ مُتَّكَئاً ... دارَستُ يُصهَرُ مِنهُ فَهوَ مَصهورُ
وَهَيتَ وَالسَكَرُ الأَوّاهُ مَع حَصَبٍ ... وَأَوِّبي مَعهُ وَالطاغوتُ مَسطورُ
صِرهُنَّ أَصري وَغيضَ الماءُ مَع وَزَرٍ ... ثُمَّ الرَقيمُ مَناصٌ وَالسَنا النورُ
وقلت:
وَزِدتُ ياسينُ وَالرَحمَنُ مَع مَلَكو ... تٍ ثُمَّ سينينَ شَطرَ البَيتِ مَشهورُ ثُمَّ الصِراطِ وَدُرِّيٍّ يَحورُ وَمُر ... جانٌ أَليمٌ مَعَ القِنطارِ مَذكورُ
وَراعِنا طَفِقا هُدنا اِبلَعي وَوَرا ... ءَ وَالأَرائِكُ وَالأَكوابُ مَأثورُ
هودٌ وَقِسطٌ وَكُفرٌ رَمزَهُ سَقَرٌ ... هَونٌ يَصُدّونَ وَالمَنساةُ مَسطورُ شَهرٌ مَجوسٌ وَأَقفالُ يَهودُ حَوا ... رِيّونَ كَنزٌ وَسَجّينٌ وَتَثبيرُ
بَعيرُ آزَرُ حوبٌ وَردَةٌ عَرِمٌ ... إِلٌّ وَمِن تَحتِها عَبَّدتَ وَالصورُ
وَلِينَةٌ فومُها رَهوٌ وَأَخلَدُ مَز ... جاةٌ وَسَيِّدُها القَيّومُ مَوفورُ وَقُمَّلٌ ثُمَّ أَسفارٌ عَنى كُتُباً ... وَسُجَّداً ثُمَّ رِبِّيّونَ تَكثيرُ
وَحِطَّةٌ وَطَوى وَالرِسُّ نونُ كَذا ... عَدنٌ وَمُنفَطِرُ الأَسباطُ مَذكورُ
مِسكٌ أَباريقُ ياقوتٌ رَووا فَهُنا ... ما فاتَ مِن عَدَدِ الأِلفاظِ مَحصورُ
وَبَعضُهُم عَدَّ الأولى مَع بَطائِنُها ... وَالآخِرَةَ لِمعاني الضِدِّ مَقصورُ وَما سُكوتِيَ عَن آنٍ وَآنِيةٍ ... سينا أَوابِ وَالمرقومُ تَقصيرُ
وَلا بِأَيدي وَما يَتلوهُ مِن عَبَسٍ ... لِأَنِّها مَعَ ما قَدَّمتُ تَكريرُ

أومض

(أومض) الْبَرْق ومض وَفُلَان رأى وميض برق أَو نَار وَأَشَارَ إِشَارَة خُفْيَة رمزا أَو غمزا وَالْمَرْأَة بِعَينهَا سارقت النّظر وتبسمت

الوصلة

(الوصلة) (فِي علم الكيمياء) رمز للقوة الَّتِي ترْبط بَين ذرتين فِي جزيء (مج) و (الوصلة المزدوجة) التَّرْكِيب الَّذِي يكون فِيهِ وصلتان ثنائيتان فِي الجزيء متصلتان بوصلة أحادية (مج)

(الوصلة) الِاتِّصَال يُقَال بَينهمَا وصلَة وَمَا اتَّصل بالشَّيْء والرفقة والزاد وَالْأَرْض الْبَعِيدَة (ج) وصل

الْغَار

(الْغَار) الغافل وحافر الْبِئْر
(الْغَار) كل منخفض من الأَرْض وَمثل الْبَيْت المنقور فِي الْجَبَل وَالْأُخْدُود الَّذِي بَين اللحيين وَالْجمع الْكثير من النَّاس والجيش يُقَال التقى الغاران أَي الجيشان وَشَجر ينْبت بريا فِي سواحل الشَّام والغور وَالْجِبَال الساحلية دَائِم الخضرة يصلح للتزيين وَكَانَ الرومان يتخذون مِنْهُ إكليلا يتوجون بِهِ الْقَائِد المظفر أَو الشَّاعِر المفلق رمزا لمجده (ج) غيران والغاران العظمان اللَّذَان فيهمَا العينان والغاران الْبَطن والفرج وَمِنْه يُقَال (الْمَرْء يسْعَى لغاريه)

الطابع

(الطابع) مَا يطبع بِهِ أَو يخْتم والميسم والخلق الْغَالِب وطابع الْبَرِيد مَا يلصق بالرسائل وَغَيرهَا من بطاقات صَغِيرَة ترسمها الدولة وتجعلها رمزا لأداة أجر الْإِرْسَال وَنَحْوه طَابع التَّبَرُّعَات وطابع الدمغة (ج) طوابع

(الطابع) الطابع والطبيعة يُقَال لَهُ طَابع حسن

الشكلة

(الشكلة) الْمرة من الشكل وَتطلق على إِحْدَى الحركات الَّتِي تضبط بهَا الْحُرُوف ورمز هَذِه الْحَرَكَة (ج) شكل وشكلات

(الشكلة) اخْتِلَاط الألوان وَفِي الْعين الْحمرَة فِي بياضها والشبه يُقَال فِيهِ شكْلَة من أَبِيه

الدُّورُ

الدُّورُ:
بضم أوله، وسكون ثانيه: سبعة مواضع بأرض العراق من نواحي بغداد، أحدها دور تكريت وهو بين سامرّا وتكريت، والثاني بين سامرّا وتكريت أيضا يعرف بدور عربايا، وفي عمل الدّجيل قرية تعرف بدور بني أوقر وهي المعروفة بدور الوزير عون الدين يحيى بن هبيرة وفيها جامع ومنبر، وبنو أوقر كانوا مشايخها وأرباب ثروتها، وبنى الوزير بها جامعا ومنارة، وآثار الوزير حسنة، وبينها وبين بغداد خمسة فراسخ، قال هبة الله بن الحسين الإصطرلابي يهجو ابن هبيرة:
قصوى أمانيك الرجو ... ع إلى المساحي والنيّر
متربّعا وسط المزا ... بل، وسط دور بني أقر
أو قائدا جمل الزبي ... ديّ اللعين إلى سقر
والدّور أيضا: قرية قرب سميساط. والدّور أيضا:
محلّة بنيسابور، وقد نسب إلى كل واحد منها قوم من الرّواة، فأما دور سامرّا فمنها: محمد بن فرّوخان بن روزبه أبو الطيب الدوري، حدث عن أبي خليفة وغيره أحاديث منكرة، روى عن الجنيد حكايات في التصوّف، وأما دور بغداد فينسب إليها: أبو عبد الله محمد بن مخلد الدوري والهيثم بن محمد الدوري، قال ابن المقري: حدثنا هيثم ببغداد في الدور، وبالقرب منها قرية أخرى تسمّى دور حبيب من عمل دجيل أيضا، وفي طرف بغداد قرب دير الروم محلة يقال لها الدور، خربت الآن، وأما دور نيسابور فينسب إليها: أبو عبد الله الدوري، له ذكر في حكاية أحمد بن سلمة. ودور الراسبي: قرية من الأهواز بلد مشهور، ينسب إلى دور بغداد: محمد بن عبد الباقي بن أبي الفرج محمد ابن أبي اليسري بن عبد العزيز بن إبراهيم بن إسحاق بن نجيب الدوري البغدادي أبو عبد الله، حدث عن أبي بكر محمد بن عبد الملك بن بكران وأبي محمد الحسن ابن عليّ الجوهري ومحمد بن الفتح العشاري، قال ابن شافع: وكان شيخا صالحا خيّرا مولده في شعبان سنة 434، توفي سحرة يوم الأربعاء سابع عشر محرّم سنة 513، وقد خالف أبو سعد السمعاني ابن شافع في غير موضع من نسبه، والأظهر قول ابن شافع لأنه أعرف بأهل بلده.
دُورُ الرَّاسِبيِّ:
كأنه منسوب إلى بني راسب بن ميدعان بن مالك بن نصر بن الأزد بن الغوث: بين
الطيب وجنديسابور من أرض خوزستان، منه كان أبو الحسين عليّ بن أحمد الراسبي، ولست أدري هل الدور منسوب إليه أو هو منسوب إلى الدور، وكان من عظماء العمّال وأفراد الرجال، توفي ليلة الأربعاء لليلة بقيت من شهر ربيع الآخر سنة 301 في أيام المقتدر ووزارة عليّ بن عيسى، ودفن بداره بدور الراسبي، وخلّف ابنة لابنة كانت له وأخا، وكان يتقلد من حدّ واسط إلى حدّ شهرزور وكورتين من كور الأهواز جنديسابور والسوس وبادرايا وباكسايا، وكان مبلغ ضمانه ألف ألف وأربعمائة ألف دينار في كل سنة، ولم يكن للسلطان معه عامل غير صاحب البريد فقط، لأن الحرث والخراج والضياع والشجر وسائر الأعمال كان داخلا في ضمانه، فكان ضابطا لأعماله شديد الحماية لها من الأكراد والأعراب واللصوص، وخلّف مالا عظيما، وورد الخبر إلى بغداد من حامد بن العباس بمنازعة وقعت بين أخي الراسبي وبين أبي عدنان زوج ابنته، وأنّ كل واحد منهما طلب الرياسة لنفسه وصار مع كلّ واحد منهما طائفة من أصحاب الراسبي من غلمانه، فتحاربا وقتل بينهما جماعة من أصحابهما وانهزم أخو الراسبي وهرب وحمل معه مالا جليلا، وأنّ رجلا اجتاز بحامد بن العباس من قبل أبي عدنان ختن الراسبي ومعه كتاب إلى المعروف بأخي أبي صخرة وأنفذ إليه عشرين ألف دينار ليصلح بها أمره عند السلطان، وأنّ حامدا أنفذ جماعة من الفرسان والرّجالة لحفظ ما خلّفه الراسبي إلى أن يوافي رسول السلطان، فأمر المقتدر بالله مؤنسا الخادم بالخروج لحفظ تركته وتدبير أمره، فشخص من بغداد وأصلح بين أبي عدنان وأخي الراسبي وحمل من تركته ما هذه نسخته:
العين أربعمائة ألف وخمسة وأربعون ألفا وخمسمائة وسبعة وأربعون دينارا، الورق ثلاثمائة ألف وعشرون ألفا ومائتان وسبعة وثلاثون درهما، وزن الأواني الذهبية ثلاثة وأربعون ألفا وتسعمائة وسبعون مثقالا، آنية الفضة ألف وتسعمائة وخمسة وسبعون رطلا، ومما وزن بالشاهين من آنية الفضة ثلاثة عشر ألفا وستمائة وخمسة وخمسون درهما، ومن الندّ المعمول سبعة آلاف وأربعمائة وعشرون مثقالا، ومن العود المطرّى أربعة آلاف وأربعمائة وعشرون مثقالا، ومن العنبر خمسة آلاف وعشرون مثقالا، ومن نوافج المسك ثمانمائة وستون نافجة، ومن المسك المنثور ألف وستمائة مثقال، ومن السّكّ ألفا ألف وستة وأربعون مثقالا، ومن الغالية ثلاثمائة وستة وستون مثقالا، ومن الثياب المنسوجة بالذهب ثمانية عشر ثوبا قيمة كل واحد ثلاثمائة دينار، ومن السروج ثلاثة عشر سرجا، ومن الجواهر حجرا ياقوت، ومن الخواتيم الياقوتية خمسة عشر خاتما، خاتم فصّه زبرجد، ومن حبّ اللؤلؤ سبعون حبّة وزنها تسعة عشر مثقالا ونصف، ومن الخيل الفحول والإناث مائة وخمسة وسبعون رأسا، ومن الخدم السودان مائة وأربعة عشر خادما، ومن الغلمان البيض مائة وثمانية وعشرون غلاما، ومن خدم الصقالبة والروم تسعة عشر خادما، ومن الغلمان الأكابر أربعون غلاما بآلاتهم وسلاحهم ودوابهم، ومن أصناف الكسوة ما قيمته عشرون ألف دينار، ومن أصناف الفرش ما قيمته عشرة آلاف دينا، ومن الدواب المهارى والبغال مائة وثمانية وعشرون رأسا، ومن الجمّاز والجمّازات تسعة وتسعون رأسا، ومن الحمير النقالة الكبار تسعون رأسا، ومن قباب الخيام الكبار مائة وخمس وعشرون خيمة، ومن الهوادج السروج أربعة عشر هودجا،
ومن الغضائر الصيني والزجاج المحكم الفاخر أربعة عشر صندوقا.
دَوْرَقُ:
بفتح أوله، وسكون ثانيه، وراء بعدها قاف: بلد بخوزستان، وهي قصبة كورة سرّق يقال لها دورق الفرس، قال مسعر بن المهلهل في رسالته: ومن رامهرمز إلى دورق تمرّ على بيوت نار في مفازة مقفرة فيها أبنية عجيبة، والمعادن في أعمالها كثيرة، وبدورق آثار قديمة لقباذ بن دارا، وبها صيد كثير إلّا أنه يتجنب الرعي في أماكن منها لا يدخلها بوجه ولا بسبب، ويقال إنّ خاصية ذلك من طلسم عملته أمّ قباذ لأنه كان لهجا بالصيد في تلك الأماكن، فربما أخلّ بالنظر في أمور المملكة مدة فعملت هذا الطلسم ليتجنب تلك الأماكن، وفيها هوامّ قتالة لا يبرأ سليمها، وبها الكبريت الأصفر البحري، وهو يجري الليل كله، ولا يوجد هذا الكبريت في غيرها، وإن حمل منها إلى غيرها لا يسرج، وإذا أتي بالنار من غير دورق واشتعلت في ذلك الكبريت أحرقته أصلا، وأما نارها فإنها لا تحرقه، وهذا من طريق الأشياء وعجيبها لا يوقف على علّته، وفي أهلها سماحة ليست في غيرهم من أهل الأهواز، وأكثر نسائها لا يرددن كفّ لامس، وأهلها قليلو الغيرة، وهي مدينة وكورة واسعة، وقد نسب إليها قوم من الرّواة، منهم: أبو عقيل الدورقي الأزدي التاجي واسمه بشير بن عقبة يعدّ في البصريين، سمع الحسن وقتادة وغيرهما، روى عنه مسلمة بن إبراهيم الفراهيدي وهشيم ويحيى بن سعيد القطان وغيرهم، وأبو الفضل الدورقي، سمع سهل بن عمارة وغيره، وهو أخو أبي عليّ الدورقي، وكان أبو عليّ أكبر منه، ومحمد بن شيرويه التاجي الدورقي أبو مسلم، روى عنه أبو بكر بن مردويه الحافظ الأصبهاني، وقد نسب قوم إلى لبس القلانس الدّورقيّة، منهم: أحمد بن إبراهيم بن كثير بن زيد بن أفلح أبو عبد الله الدورقي أخو يعقوب، وكان الأصغر، وقيل: إن الإنسان كان إذا نسك في ذلك الوقت قيل له دورقيّ، وكان أبوهما قد نسك فقيل له دورقيّ فنسب ابناه إليه، وقيل: بل كان أصله من دورق، روى أحمد عن إسماعيل بن عليّة ويزيد بن هارون ووكيع وأقرانهم، روى عنه أبو يعلى الموصلي وعبد الله بن محمد البغوي، توفي في شعبان سنة 246.
والدورق: مكيال للشراب، وهو فارسيّ معرّب، وقال الأحيمر السعدي، وكان قد أتى العراق فقطع الطريق وطلبه سليمان بن عليّ وكان أميرا على البصرة فأهدر دمه، فهرب وذكر حنينه إلى وطنه فقال:
لئن طال ليلي بالعراق لربما ... أتى لي ليل، بالشآم، قصير
معي فتية بيض الوجوه كأنهم ... على الرحل، فوق الناعجات، بدور
أيا نخلات الكرم! لا زال رائحا ... عليكنّ منهلّ الغمام مطير
سقيتنّ، ما دامت بكرمان نخلة، ... عوامر تجري بينهنّ بحور
وما زالت الأيام، حتى رأيتني ... بدورق ملقى بينهنّ أدور
تذكّرني أطلالكنّ، إذا دجت ... عليّ ظلال الدّوم، وهي هجير
وقد كنت رمليّا، فأصبحت ثاويا ... بدورق ملقى بينهنّ أدور
عوى الذئب، فاستأنست بالذئب إذ عوى، ... وصوّت إنسان فكدت أطير
رأى الله أني للأنيس لشانئ، وتبغضهم لي مقلة وضمير

داوود

داوود
إحدى صيغ داود. يستخدم للذكور.
داوود
داوود [مفرد]: ثاني ملوك اليهود وأحدُ أنبياء بني إسرائيل، والد سليمان الحكيم عليه السلام، يرقى نسبه إلى إسحاق بن إبراهيم عليهما السلام، اتَّخذ أورشليم عاصمة لمملكته، وهو أوّل من عمل الدروعَ ولبسها وألبسها، فلم يكن قبله دروع وإنّما كانت صفائحُ من حديد مضروبة، وكذلك ألان الله له الحديدَ، وأنزل عليه الزَّبور " {وَءَاتَيْنَا دَاوُدَ زَبُورًا} " ° مزامير داوود: ما كان يترنّم به من الأناشيد والأدعية، كتاب جمعت فيه مزاميرُ داوود وسليمان وآصاف، وهو الذي يقال له الزّبور- نغمة داوود: يضرب بها المثلُ في الطِّيب، وكان داوود عليه السلام إذا قام في محرابه يقرأ الزَّبور عكفت عليه الوحشُ والطيرُ تصغي إليه.
• نجمة داوُود: نجمة سداسيَّة هي رمز اليهوديَّة تُشكَّل بوضع مثلَّثين معًا معكوسين ومتشابكين. 

صولجان

صولجان
صَوْلَجان [مفرد]: ج صَوْلَجانات وصَوالِجُ وصَوالِجة: عصا معقوفة الطَّرف يقذف بها اللاعبُ الكرةَ في بعض الألعاب "قذف الكرة بالصَّولجان" ° لعبة الصَّوْلجان: لعبة الهوكي.
• صولجان المُلْك: عصًا يحملها المَلِكُ كرمز لسلطانه "التعلُّم صولجان في يد بعض الناس، وخزعبلة في يد آخرين [مثل أجنبيّ]: يماثله في المعنى المثل العربيّ: العلم سيف ذو حدّين". 

وَحي

(وَحي)
إِلَيْهِ وَله (يحي) وَحيا أَشَارَ وَأَوْمَأَ وَكَلمه بِكَلَام يخفى على غَيره وَكتب إِلَيْهِ وَأمره وَالله إِلَيْهِ أرسل وألهمه وسخره وَالْقَوْم وحى صاحوا وَفُلَان الْكَلَام إِلَى فلَان وَحيا أَلْقَاهُ إِلَيْهِ وَالْكتاب كتبه والذبيحة ذَبحهَا ذبحا وَحيا سَرِيعا
وَحي
: (و ( {الوَحْيُ الإشارَةُ) . يقالُ:} وَحَيْتُ لكَ بخَبرِ كَذَا: أَي أَشَرْتُ وصَوَّتُّ بِهِ رُوَيْداً، نقلَهُ الجَوْهرِي.
وَقَالَ الرَّاغبُ: الإشارَةُ السَّرِيعَةُ (والكِتابَةُ) ؛ وَمِنْه حديثُ الحارِثِ الأعْور: (قَالَ لَعلْقمَة: القُرْآنُ هَيِّنُ، الوَحْيُ أَشَدُّ مِنْهُ) ، أَرادَ بالقُرْآنِ القِراءَةَ، {وبالوَحْي الكِتابَةَ والخطَّ. يقالُ:} وَحَيْتُ الكِتابَ {وَحْياً فأنَا} واحٍ: وأَنْشَدَ الجَوْهرِي للعجَّاج:
حَتَّى نَحَاهُمْ جَدُّنا والنَّاحِي
لقَدَرٍ كانَ وحَاه {الوَاحِي (و) } الوَحْيُ: (المَكْتُوبُ) ؛ وَفِي الصِّحاح: الكِتابُ.
(و) {الوَحْيُ: (الرِّسالَةُ.
(و) أَيْضاً: (الإلْهامُ والكَلامُ الخَفِيُّ، وكُلُّ مَا أَلْقَيْتَهُ إِلَى غَيْرِكَ) . يقالُ:} وَحَيْتُ إِلَيْهِ الكَلامَ، وَهُوَ أَنْ تكلِّمَهُ بكَلامٍ تخْفِيهِ؛ وأنْشَدَ الجَوْهرِي للعجَّاج:
{وحَى لَهَا القَرارَ فاسْتَقَرَّتِ
وشَدَّها بالرَّاسِياتِ الثُّبَّتِوقال الحرالي: هُوَ إلْقاءُ المَعْنى فِي النَّفْسِ فِي خفاءٍ.
(و) } الوَحْيُ: (الصَّوْتُ يكونُ فِي النَّاسِ وغيرِهم) ؛ قالَ أَبو زبيدٍ:
مُرتَجِز الجَوفِ {بوَحْيٍ أَعْجَم (} كالوَحَى) ؛ قالَ الجَوْهري: هُوَ مِثْلُ الوَغَى؛ وأنْشَدَ: مَنَعْناكُم كَراء وجانِبَيْه
كَمَا مَنَعَ العَرِينُ {وَحَى اللُّهام ِوأنْشَدَ ابنُ الأعْرابي:
يَذُودُ بسَحْماوَيْنِ لَمْ يَتَفَلَّلا
وَحَى الذئْبِ عَن طَفْلٍ مَناسِمهُ نُحْلِوأَنْشَدَ القالِي للكُمَيْت:
وبَلْدَة لَا يَنالُ الذئْبُ أفرخها
وَلَا وَحى لولدة الدَّاعين عرعاروقالَ حُمَيْد:
كأَنَّ وَحَى الصّرْدانِ فِي جَوْفِ ضَالَّة
تَلَهْجَم لَحْيَيْه إِذا مَا تَرَنَّما (و) كَذلكَ (} الوَحَاةُ) بالهاءِ؛ وأَنْشَدَ الجَوْهري للراجزِ:
يَحْدُو بهَا كلُّ فَتًى هَيَّا تِتَلْقاهُ بَعْدَ الوَهْنِ ذَا {وحاةِ وهُنَّ نحوَ البيْتِ عامِداتِ قالَ الأَخْفَش: نَصَب عامِدَات على الحالِ.
وقالَ النَّضْر: سَمِعْتُ وَحاةَ الرَّعْدِ، وَهُوَ صوْتُه المَمْدودُ الخفيُّ، قالَ: والرَّعْدُ يَحيى وَحاةً؛ (ج) أَي جَمْعُ} الوَحْيِ بمعْنَى الكِتابِ، كَمَا فِي الصِّحاح، ( {وُحِيٌّ) ، كحَلْي وحُلِيَ، أَنْشَدَ الجَوْهري للبيدٍ:
فَمَدَافِعُ الرَّيَّاتِ عُرِّيَ رَسْمُها
خَلَقاً كَمَا ضَمِنَ} الوُحِيَّ سِلامُها أَرادَ: مَا يُكْتب فِي الحِجارَةِ ويُنْقَش عَلَيْهَا.
( {وأَوْحَى إِلَيْهِ: بَعَثَهُ) ؛ وَمِنْه الوَحْيُ إِلَى الأنْبياءِ، عَلَيْهِم السَّلَام.
قَالَ ابنُ الأعْرابي: يقالُ} أَوْحَى الرجلُ إِذا بَعَثَ برَسُولٍ ثقَةٍ إِلَى عبْدٍ مِن عَبيدِهِ ثِقَة، انتَهَى.
واللغةُ الفاشِيَةُ فِي القُرْآنِ أَوْحى بالألفِ والمَصْدَر والمُجَرَّد، ويَجوزُ فِي غَيْرِ القُرْآنِ {وَحَى إِلَيْهِ} وَحْياً، {والوَحْيُ مَا} يُوحِيه اللهاُ إِلَى أَنْبيائِه.
قَالَ ابنُ الأنْبارِي: سُمِّي {وَحْياً لأنَّ الملكَ أَسَرَّه عَن الخَلْق وخَصَّ بِهِ النَّبيَّ المَبْعوثَ إِلَيْهِ. (و) أَصْلُ} الإيحاءِ أنْ يَسرَّ بعضُهم إِلَى بعضٍ، كَمَا فِي قولهِ تَعَالَى: { {يُوحِي بعضُهم إِلَى بعضٍ زُخْرُفَ القَوْلِ غُروراً} ؛ هَذَا أَصْلُ الحَرْف ثمَّ قُصِرَ أَوْحاهُ على مَعْنى (أَلْهَمَهُ) .
وقالَ أَبو إِسْحَق: أَصْلُ} الوَحْي فِي اللغةِ إعْلامٌ فِي خَفاءٍ، ولذلكَ صارَ الإلْهامُ يُسَمَّى {وَحْياً.
قَالَ الأزْهري: وكَذلكَ الإشارَةُ والإيماءُ يُسَمَّى وَحْياً، والكِتابَةُ تُسَمَّى وَحْياً، وقولهُ، عزَّ وجلَّ: {وَمَا كانَ لبَشَرٍ أَن يكلِّمَهُ ااُ إلاَّ وَحْياً أَو مِن وَراء حِجابٍ} مَعْناهُ إلاَّ أنْ} يُوحِي إِلَيْهِ! وَحْياً فيُعْلِمَه بمَا يَعْلمُ البَشَرُ أنَّه أَعْلَمَه، إمَّا إلْهاماً أَو رُؤْيا، وإمَّا أَن يُنْزل عَلَيْهِ كتابا كَمَا أُنْزِل على موسَى، أَو قُرآناً يُتْلى عَلَيْهِ كَمَا أنْزَله على سيِّدِنا مُحَمَّد، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وكلُّ هَذَا إعْلامٌ وَإِن اخْتلَفَتْ أَسْبابُها والكَلامُ فِيهَا.
وَقَالَ الرَّاغبُ: أَصْلُ {الوَحْي الإشارَةُ السَّريعَةُ وذلكَ يكونُ بالكَلامِ على سَبيلِ الرَّمْز والتَّعْرِيضِ، ويكونُ بصَوْتٍ مُجرَّدٍ عَن التّرْكيبِ، وبإشارَةِ بعضِ الجَوارِح بالكِتابَةِ وغَيْر ذلكَ، ويقالُ للكَلِمَةِ الإلهيةِ الَّتِي تُلْقى إِلَى أَنْبيائِه وأَوْليائِه} وَحْيٌ، وذلكَ إمَّا برَسُولٍ مُشاهِد تُرى ذَاته ويُسْمع كَلامه كتَبْلِيغ جِبْريل فِي صُورَةٍ مُعَيَّنة، وإمَّا بِسَمَاع كَلام مِن غَيْر مُعاينةٍ كسماعِ موسَى كَلامَه تَعَالَى، وإمَّا بإلْقاء فِي الرَّوْعِ كَحَدِيث: (إنَّ جِبرْيل نَفَثَ فِي رَوْعي، وإمَّا بإلْهامٍ نَحْو { {وأَوْحَيْنا إِلَى أُمِّ موسَى} ، وإمَّا بتَسْخيرٍ نَحْو: {} وأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْل} ، وإمَّا بمَنامٍ كَمَا دلَّ عَلَيْهِ: حديثُ: (انْقَطَع {الوَحْيُ وبَقِيَت المُبَشِّرات رُؤْيا المُؤْمِن) .
(و) } أَوْحَتْ (نَفْسُهُ) : إِذا (وَقَعَ فِيهَا خَوْفٌ.
( {والوَحَى) ، كالفَتَى: (السَّيِّدُ الكبيرُ) مِن الرِّجالِ؛ قَالَ الشاعرُ:
وعَلِمْتُ أَني إِن عَلِقْتُ بحَبْلِه
نشِبَتْ يَدايَ إِلَى} وَحًى لم يَصْقَعِيريدُ: لم يَذْهَب عَن طريقِ المَكارِمِ، مُشْتقُّ مِن الصَّقْع. (و) {الوَحَى: (النَّارُ. و) قَالَ ثَعْلب: سأَلْتُ ابنَ الأعْرابي: مَا الوَحَى؟ قالَ: (المَلِكُ) ، فقلْتُ: ولمَ سُمِّي بذلكَ؟ قالَ: كأنَّه مِثْلُ النارِ يَنْفَعُ ويَضُرُّ.
(و) } الوَحَى: (العَجَلَةُ) ، يقولونَ: الوَحَى الوَحَى العَجلَةُ العَجَلَةُ.
(و) الوَحَى: (الإسْراعُ) .
وَفِي الصِّحاح والتَّهذِيب: السُّرعَةُ؛ قالَ الجَوْهرِي: يُقْصَرُ (ويُمَدُّ) . {والوَحَاء} الوَحَاء يَعْني البِدارَ البِدارَ واقْتَصَرَ الأزْهري على المَدِّ؛ والصَّحِيحُ أنَّهم إِذا جَمَعُوا بَيْنهما مَدّوا وقَصَرُوا، فَإِذا أَفْرَدُوه مَدُّوه وَلم يَقْصُروه؛ قَالَ أَبو النجْم:
يَفِيضُ عَنْهُ الرَّبْوُ من {وَحائِه ورُبَّما أَدْخَلوا الكافَ مَعَ الألفِ واللامِ، فَقَالُوا:} الوَحَاك {الوَحَاك، وتقدَّم أنَّهم يَقُولُونَ: النَّجا النَّجا والنَّجاء النَّجاء والنَّجَاك النَّجَاك والنَّجاءَك النَّجاءَك.
(} ووَحَى) بالشَّيءِ {وَحْياً؛ عَن ابْن القطَّاع.
(} وتَوَحَّى: أَسْرَعَ) . يقالُ: {تَوَحَّ يَا هَذَا، أَي أَسْرِع؛ وَهَذِه عَن الجَوْهري.
وَفِي الحديثِ: (إِذا أَرَدْت أَمْراً فتَدَبَّر عاقِبَتَه فَإِن كانتْ شرًّا فانْتَه وَإِن كَانَت خَيْراً} فتَوَحَّه) أَي أَسْرِع إِلَيْهِ، والهاءُ للسَّكْت.
(وشَيْءٌ {وَحِيٌّ) ، كغَنِيَ: (عَجِلٌ مُسْرِعٌ) .
قَالَ الرَّاغبُ: ولتَضَمَّن الوَحْي السُّرْعَة قيلَ: أَمْرٌ} وَحِيُّ أَي مُسْرِعٌ.
وَقَالَ الجَوْهرِي: مَوْتٌ! وَحِيٌّ: أَي سَرِيعٌ. ( {واسْتَوْحاهُ: حرَّكَهُ ودَعاهُ ليُرْسِلَهُ) ؛ وَمِنْه:} اسْتَوْحَيْتُ الكَلْبَ إِذا دَعَوْته لتُرْسِلَه على الصَّيْدِ؛ وكَذلكَ آسَدَه واسْتَوْشاهُ.
(و) {اسْتَوْحاهُ: (اسْتَفْهَمَهُ) ؛ عَن ابْن الأعْرابي.
(} ووَحَّاهُ {تَوْحِيَةً: عَجَّلَهُ) ؛ نقلَهُ الجَوْهرِي.
وممَّا يُسْتدركُ عَلَيْهِ:
} أَوْحَى إِلَيْهِ: كلَّمهُ بكَلامٍ يُخْفِيهِ وأَيْضاً: أَشارَ، كأَوْمَأَ ووَمَأَ؛ قيلَ: وَمِنْه {وَحيُ الأنْبياء؛ وأيْضاً: أَمَر، وَبِه فُسِّر قولهُ تَعَالَى: {وإذْ} أَوْحَيْتُ إِلَى الحَوارِيِّينَ} ، أَي أَمَرْت؛ وأَيْضاً؛ كَتَبَ، نقلَهُ الجَوْهرِي.
{ووَحَى القَوْمُ وَحْياً وأَوْحوا: صَاحُوا.
} وأَوْحَى: كلَّمَ عبْدَه بِلا رَسُولٍ.
وأَوْحَى: إِذا صارَ مَلِكاً بَعْد فَقْر.
{وأَوْحَى} ووَحَى {وأَحَى: إِذا ظَلَمَ فِي سُلْطانِه.
وقَرَأَ جُؤَيَّة الأسَدِي: قُل} أُحِيَ إليَّ من وَحَيْتُ، هَمَز الْوَاو.
{والوَحاةُ: صَوْتُ الطائِرِ، هَكَذَا خَصَّه ابنُ الأعْرابي.
} ووَحَّى ذَبيحَتَه {تَوْحِيةً: ذَبَحَها ذَبْحاً سَرِيعاً؛ قَالَ الجَعْدِي:
أَسِيرانِ مَكْبُولانِ عندَ ابنِ جعْفَرٍ
وآخرُ قد} وحَّيْتُمُوه مُشاغِبُ {واسْتَوحاهُ: اسْتَصْرَخَه؛ وأَيْضاً اسْتَعْجَلَه.
} والإيحاءُ: البُكاءُ. يقالُ: هُوَ {يُوحِي أَباهُ، أَي يَبْكِيهِ.
} والنائِحَةُ! تُوحِي الميِّت: تَنُوحُ عَلَيْهِ؛ قَالَ الشاعرُ:
{تُوحِي بحالِ أَبيها وَهُوَ مُتَّكِيءٌ
على سِنانٍ كأَنْفِ النّسْرِ مَفْتُوق ويقالُ:} اسْتَوْحِ لنا بَني فلانٍ مَا خَبَرُهم: أَي اسْتَخْبِرهم؛ هَكَذَا نقلَهُ الأزْهري عَن ابنِ السِّكِّيت بالحاءِ المُهْملَةِ؛ وَكَذَا الزَّمَخْشري وغيرِهِما. وأَوْرَدَه الجَوْهري فِي الَّذِي يَلِيه، وتَبِعَه المصنِّفُ كَمَا سَيَأْتي.
وقالَ ابنُ كَثْوة: مِن أَمْثالِهم: إنَّ مَنْ لَا يَعْرِف {الوَحَى أَحْمَقُ.
يقالُ للَّذي} يُتَواحَى دُونه بالشيءِ.
وَقَالَ أَبو زيْدٍ: مِن أَمْثالِهم: {وَحْيٌ فِي حَجَر، يُضْرَبُ لمَنْ يَكْتُم سِرَّه.
قَالَ الأزْهرِي: وَقد يُضْرَبُ للشيءِ الظاهِر البَيِّن.
يقالُ:} كالوَحْي فِي الحَجرِ إِذا نُقِرَ فِيهِ؛ وَمِنْه قولُ زُهَيْر:
كالوَحْي فِي حَجَرِ المَسِيل المُخْلِدِ {وأَوْحَى العَمَل: أَسْرَع فِيهِ؛ عَن ابْن القطَّاع.

الْعلم

الْعلم: بالفتحتين الْعَلامَة، والشهرة، والجبل الرفيع، والراية، وَمَا يعْقد على الرمْح، وَسيد الْقَوْم، وَجمعه الْأَعْلَام، وَعند النُّحَاة مَا وضع لشَيْء بِعَيْنِه شخصا أَو جِنْسا غير متناول غَيره بِوَضْع وَاحِد وَهَذَا هُوَ الْعلم القصدي وَأما الْعلم الاتفاقي فَهُوَ الَّذِي يصير علما أَي وَاقعا على معِين بالغلبة وَكَثْرَة الِاسْتِعْمَال لَا بِالْوَضْعِ والاصطلاح وَهُوَ على ثَلَاثَة أَصْنَاف اسْم ولقب وكنية واطلب كلا فِي مَحَله.
ثمَّ اعْلَم أَن علم بِفَتْح الْفَاء وَكسر الْعين على وزن سمع مَاض مَعْرُوف من أَفعَال الْقُلُوب من الْعلم بِمَعْنى (دانستن) وَهُوَ فعل الْقلب وَأما علم بتَشْديد الْعين على وزن صرف فَإِنَّهُ من التَّعْلِيم وَهُوَ من أَفعَال الْجَوَارِح، وَأما إِطْلَاق التَّعْلِيم على إِفَادَة الإشراقين فَهُوَ على سَبِيل التنزل وَالْمجَاز. وَيُؤَيّد مَا قُلْنَا مَا قَالَ الْفَاضِل الجلبي رَحمَه الله فِي حَاشِيَته على المطول أَن قَوْله مَا لم نعلم مفعول ثَان لعلم بِالتَّشْدِيدِ وَالْأول مَحْذُوف أَي علمنَا وَلَا ضير فِي ذَلِك إِذْ لَيْسَ علم من أَفعَال الْقُلُوب حَتَّى لَا يجوز الِاقْتِصَار على أحد مفعوليه انْتهى. وَالْعلم بِكَسْر الأول وَسُكُون اللَّام مصدر علم يعلم فِي اللُّغَة بِالْفَارِسِيَّةِ (دانستن) .
ثمَّ إِنَّه قد يُطلق على مَا هُوَ مبدأ انكشاف الْمَعْلُوم وَقد يُطلق على مَا بِهِ يصير الشَّيْء منكشفا على الْعَالم بِالْفِعْلِ وَفِي مَا بِهِ الانكشاف اخْتِلَاف مَذَاهِب لَا يتَجَاوَز عشْرين احْتِمَالا عقليا وَوجه ضبط تِلْكَ الِاحْتِمَالَات أَنه إِمَّا حَقِيقَة وَاحِدَة أَو حقائق متبائنة وعَلى الأول إِمَّا زَوَال أَو حُصُول، ثمَّ الْحُصُول إِمَّا حُصُول أثر مَعْلُوم فِي الْعَالم، أَو حُدُوث أَمر فِيهِ، أَو كِلَاهُمَا والأثر إِمَّا صُورَة مَعْلُوم أَو شبحه وَالْأول إِمَّا قَائِم بِنَفسِهِ، أَو منطبع فَهِيَ الْمدْرك، أَو مُتحد مَعَه، والمنطبع إِمَّا منطبع فِي مدرك أَو فِي الْآلَة، والزوال إِمَّا زَوَال أَمر عَن الْعَالم أَو عَن الْمَعْلُوم أَو كليهمَا وعَلى الثَّانِي من الشق الأول إِمَّا إِطْلَاق الْعلم عَلَيْهَا بالاشتراك أَو بِالْحَقِيقَةِ وَالْمجَاز ثمَّ الِاشْتِرَاك إِمَّا لَفْظِي أَو معنوي وَالصَّوَاب المقبول عِنْد الفحول وَالْحق الْحَقِيقِيّ بِالْقبُولِ إِنَّه لَيْسَ حَقِيقَة نوعية أَو جنسية حَتَّى يعرف بِأَمْر جَامع منطبق على جَمِيع جزئياته بل إِطْلَاقه على الْجَمِيع من بَاب إِطْلَاق الْعين على مدلولاته المتبائنة أَلا ترى أَن نَحْو انكشاف الْوَاجِب تَعَالَى لذاته أَو لغيره على اخْتِلَاف بَين الْحُكَمَاء والمتكلمين لَيْسَ إِلَّا كنحو وجوده المغائر للْكُلّ تقوما وتحصلا وتخصيصا وتشخيصا فَكَمَا أَنه لَا سَبِيل لنا إِلَى اكتناه ذَاته كَذَلِك لَا سَبِيل إِلَى اكتناه صِفَاته الَّتِي من جُمْلَتهَا الْعلم الَّذِي لَيْسَ بحدوث كَيْفيَّة وَلَا بِحُصُول أثر من الْمَعْلُوم فِيهِ وَلَا باتحاد الْمَعْلُوم مَعَه وَلَا بِحُضُور مثل وَلَا بحدوث إِضَافَة متجددة وَلَا بِزَوَال شَيْء عَنهُ لاستلزام الْجَمِيع مفاحش لَا تلِيق بجنابه تَعَالَى عَن ذَلِك علوا كَبِيرا وَكَذَا انكشاف المفارقات لأنفسها ولمبدعها ولغيرها لَيْسَ بِحُصُول الْأَثر وَلَا بِزَوَال الْمَانِع وَكَذَا الانكشاف لأنفسنا ولغيرنا من الْوَاجِب تَعَالَى والممكن والممتنع لَيْسَ إِلَّا على أنحاء شَتَّى وطرق متبائنة فَمن رام تَوْحِيد الْكثير أَو تَكْثِير الْوَاحِد فَقَط خبط خبطا عَظِيما وَبَقِي التفتيش فِي الْعلم الَّذِي هُوَ مورد الْقِسْمَة إِلَى التَّصَوُّر والتصديق فِي فواتح كتب الْمنطق بِأَنَّهُ نَحْو من الانكشاف إِمَّا بِزَوَال أَمر منا أَو بحدوث كَيْفيَّة فِينَا أَو بِحُصُول أثر من الْمَعْلُوم صُورَة أَو شبحا أَو باتحاد الْمَعْلُوم معنى أَو بِحُضُور مثل أَو بِإِضَافَة التفاتية وَالَّذِي يحكم بِهِ الْعقل السَّلِيم والذهن الْمُسْتَقيم هُوَ أَنا تَجِد فِينَا عِنْد إحساس الْأَشْخَاص المتبائنة أمورا صَالِحَة لمعروضية الْكُلية والنوعية والجنسية وَمَا وجدنَا فِي الْخَارِج أمرا يكون شَأْنه هَذَا، ثمَّ لما فتشنا عَن تِلْكَ الْأُمُور علمنَا أَنَّهَا لَيست بِأُمُور عدمية وَإِلَّا لما كَانَت قَابِلَة لابتناء الْعُلُوم عَلَيْهَا وَلَا آثارا متغائرة للأشخاص وَإِلَّا لما تسري أَحْكَامهَا إِلَى الْأَفْرَاد ولأعينها وَإِلَّا لترتب على الْأَشْخَاص مَا يَتَرَتَّب عَلَيْهَا وَبِالْعَكْسِ عكسا كليا فَعلمنَا أَن هَا هُنَا أمرا وَاحِدًا مشخصا بتشخصين تشخصا خارجيا وَهُوَ على نَحْو الْكَثْرَة وتشخصا ذهنيا وَهُوَ على نَحْو الْوحدَة والوحدة وَالْكَثْرَة أَمْرَانِ زائدان عَلَيْهِ عارضان لَهُ حسب اقْتِضَاء ظرف التحقق وَهَذَا هُوَ قَول من قَالَ إِن الماهيات فِي الْخَارِج أَعْيَان وَفِي الأذهان صور.
ثمَّ إِن الْعُقَلَاء اخْتلفُوا فِي أَن الْعلم بديهي أَو كسبي والذاهبون إِلَى كسبيته اخْتلفُوا فِي أَن كَسبه متعسر أَو متيسر وَإِلَى كل ذهب ذَاهِب، فَذهب الإِمَام الْغَزالِيّ رَحمَه الله تَعَالَى إِلَى أَنه لَيْسَ بضروري بل هُوَ نَظَرِي وَلَكِن تحديده متعسر وَطَرِيق مَعْرفَته الْقِسْمَة والمثال أما الأول فَهُوَ أَن يُمَيّز عَمَّا يلتبس من الاعتقادات كَمَا تَقول الِاعْتِقَاد إِمَّا جازم أَو غير جازم والجازم إِمَّا مُطَابق أَو غير مُطَابق والمطابق إِمَّا ثَابت أَو غير ثَابت فقد حصل عَن الْقِسْمَة اعْتِقَاد جازم مُطَابق ثَابت وَهُوَ الْعلم بِمَعْنى الْيَقِين فقد تميز عَن الظَّن بِالْجَزْمِ وَعَن الْجَهْل الْمركب بالمطابقة وَعَن التَّقْلِيد الْمُصِيب الْجَازِم بالثابت الَّذِي لَا يَزُول بالتشكيك وَأما الثَّانِي فَكَأَن تَقول الْعلم إِدْرَاك البصيرة المشابه لإدراك الباصرة أَو كاعتقادنا أَن الْوَاحِد نصف الِاثْنَيْنِ وَقيل هَذَا بعيد فَإِنَّهُمَا إِن أفادا تميز أصلحا مُعَرفا وَإِلَّا لم يحصل بهما معرفَة لماهية الْعلم لِأَن مُحَصل الْمعرفَة لشَيْء لَا بُد وَأَن يُقيد تميزه عَن غَيره لِامْتِنَاع حُصُول مَعْرفَته بِدُونِ تميزه عَن غَيره.
وَلَا يخفى مَا فِيهِ لِأَن الْكَلَام فِي تعسر مَعْرفَته بالكنه. فِي العضدي قَالَ الإِمَام الْعلم ضَرُورِيّ لِأَن غير الْعلم لَا يعلم إِلَّا بِالْعلمِ فَلَو علم الْعلم بِغَيْرِهِ لزم الدّور لكنه مَعْلُوم فَيكون لَا بِالْغَيْر وَهُوَ ضَرُورِيّ. وَالْجَوَاب بعد تَسْلِيم كَونه مَعْلُوما إِن تصور غير الْعلم إِنَّمَا يتَوَقَّف على حُصُول الْعلم بِغَيْرِهِ أَعنِي علما جزئيا مُتَعَلقا بذلك الْغَيْر لَا على تصور حَقِيقَة الْعلم بِالْغَيْر أَعنِي علما جزئيا مُتَعَلقا بذلك الْغَيْر وَالَّذِي يُرَاد حُصُوله بِالْغَيْر إِنَّمَا هُوَ تصور حَقِيقَة الْعلم لَا حُصُول جزئي مِنْهُ فَلَا دور للِاخْتِلَاف انْتهى.
وَالْحَاصِل أَن الإِمَام الْغَزالِيّ اسْتدلَّ على مَا ادَّعَاهُ بِأَن الْعلم لَو كَانَ كسبيا مكتسبا من غَيره لدار لِأَن غَيره إِنَّمَا يعلم بِهِ. وخلاصة الْجَواب أَن غير الْعلم إِنَّمَا يعلم بِعلم خَاص مُتَعَلق بِهِ لَا بتصور حَقِيقَة الْعلم وَالْمَقْصُود تصور حَقِيقَته بِغَيْرِهِ فَلَا دور فَافْهَم. وَقَالَ السَّيِّد السَّنَد قدس سره فِي شرح المواقف وَاعْلَم أَن الْغَزالِيّ صرح فِي الْمُسْتَصْفى بِأَنَّهُ يعسر تَحْدِيد الْعلم بِعِبَارَة محررة جَامِعَة للْجِنْس والفصل الذاتيين فَإِن ذَلِك متعسر فِي أَكثر الْأَشْيَاء بل فِي أَكثر المدركات الحسية فَكيف لَا يعسر فِي الإدراكات الْخفية.
ثمَّ قَالَ إِن التَّقْسِيم الْمَذْكُور يقطع الْعلم عَن مظان الِاشْتِبَاه والتمثيل بِإِدْرَاك الباصرة بفهمك حَقِيقَة فَظهر أَنه إِنَّمَا قَالَ بعسر التَّحْدِيد الْحَقِيقِيّ دون التَّعْرِيف مُطلقًا وَهَذَا كَلَام مُحَقّق لَا بعد فِيهِ لكنه جَار فِي غير الْعلم كَمَا اعْترف بِهِ انْتهى - وَذهب الإِمَام الرَّازِيّ رَحمَه الله تَعَالَى إِلَى أَنه بديهي لضَرُورَة أَن كل أحد يعلم بِوُجُودِهِ وَهَذَا علم خَاص بديهي وبداهة الْخَاص يسْتَلْزم بداهة الْعَام - وَفِيه نظر من وَجْهَيْن: أَحدهَا أَن الضَّرُورِيّ إِنَّمَا هُوَ حُصُول علم جزئي بِوُجُودِهِ وَهَذَا الْحُصُول لَيْسَ تصور ذَلِك الجزئي وَغير مُسْتَلْزم لَهُ فَلَا يلْزم تصور الْمُطلق أصلا فضلا عَن أَن يكون ضَرُورِيًّا، وتوضيحه أَن بَين حُصُول الشَّيْء وتصوره فرقا بَينا فَإِن ارتسام مَاهِيَّة الْعلم فِي النَّفس الناطقة بِنَفسِهَا فِي ضمن الجزئيات حُصُول تِلْكَ الْمَاهِيّة لَا تصورها كحصول الشجَاعَة للنَّفس الْمُوجب لاتصافها بهَا من غير أَن تتصورها وارتسام مَاهِيَّة الْعلم فِي النَّفس بِصُورَة تِلْكَ الْمَاهِيّة ومثالها يُوجب تصورها لَا حُصُولهَا كتصور الشجَاعَة الَّذِي لَا يُوجب اتصاف النَّفس بالشجاعة.
ومحصول التَّوْضِيح أَن الْفرق بَين حُصُول الْعلم نَفسه لِلْعَقْلِ وَبَين تصَوره بَين فَإِن الأول منَاط الاتصاف بِنَفس الْعلم دون العالمية بِالْعلمِ وَالثَّانِي منَاط العالمية بِالْعلمِ فَإِن حُصُول الشجَاعَة نَفسهَا مُوجب للاتصاف بهَا لَا لتصورها وَالْعلم بهَا وتصورها يُوجب العالمية بهَا لَا لحصولها والاتصاف بهَا نعم كم من شُجَاع لَا يعلم أَن الشجَاعَة مَا هِيَ وَهُوَ شُجَاع وَكم من جبان يعلم مَاهِيَّة الشجَاعَة وَهُوَ جبان وَثَانِيهمَا وُرُود المنعين الْمَشْهُورين من منع كَون الْعَام ذاتيا وَكَون الْخَاص مدْركا بالكنه.
وَحَاصِله أَن ذَلِك الاستلزام مَوْقُوف على أَمريْن أَحدهمَا كَون الْعلم ذاتيا للخاص وَلَا نسلم أَن يكون الْعلم الْمُطلق ذاتيا للْعلم الْخَاص وَثَانِيهمَا كَون الْخَاص متصورا بالكنه وَلَا نسلم أَن يكون الْعلم الْخَاص بديهيا متصورا بالكنه لم لَا يجوز أَن يكون متصورا بِالْوَجْهِ قيل إِن الْخَاص هَا هُنَا مُقَيّد والعالم مُطلق وبداهة الْمُقَيد تَسْتَلْزِم بداهة الْمُطلق لِأَنَّهُ جُزْء خارجي لمَفْهُوم الْمُقَيد فتصوره بِدُونِهِ مِمَّا لَا يتَصَوَّر وَأجِيب بِأَن منشأ هَذَا السُّؤَال عدم الْفرق بَين الْفَرد والحصة وللعلم أفرلد حصصية والفرد هُوَ الطبيعة الْمَأْخُوذَة مَعَ الْقَيْد بِأَن يكون كل من الْقَيْد وَالتَّقْيِيد دَاخِلا كزيد وَعَمْرو للْإنْسَان والحصة هِيَ الطبيعة المنضافة إِلَى الْقَيْد بِأَن يكون التَّقْيِيد من حَيْثُ هُوَ تَقْيِيد دَاخِلا والقيد خَارِجا كوجود زيد وَوُجُود عَمْرو وَعلم زيد وَعلم عَمْرو. وَلَا يخفى على الناظرين أَن هَذَا إِنَّمَا يتم إِذا كَانَ المُرَاد بِالْعلمِ الْمَعْنى المصدري وَأما إِذا كَانَ المُرَاد بِهِ مَا بِهِ الانكشاف فَلَا يتم وَأَنت تعلم أَن الْمَعْنى المصدري خَارج عَن مَحل النزاع والنزاع حِين إِرَادَة الْمَعْنى المصدري يكون لفظيا كالنزاع فِي الْوُجُود فَإِن من قَالَ بكسبيته يُرِيد مَا بِهِ الانكشاف وَيَدعِي بكسبيته لَا الْمَعْنى المصدري.
وَالْحَاصِل أَنه لَا شكّ فِي بداهة الْعلم الَّذِي يعبر عَنهُ بِالْفَارِسِيَّةِ بدانستن لِأَنَّهُ معنى انتزاعي لَا يتخصص إِلَّا بإضافات وتخصيصات فحقيقته لَيست إِلَّا مفهومة وحقائق أَفْرَاده لَيست إِلَّا مفهوماتها كَيفَ وَلَو كَانَت مفهوماتها عارضة لحقائقها لكَانَتْ مَحْمُولَة عَلَيْهَا بالاشتقاق وَهُوَ يسْتَلْزم كَون الْعلم عَالما وَالْعلم الْخَاص بديهي وَالْعَام جُزْء مِنْهُ وبداهة الْخَاص تَسْتَلْزِم بداهة الْعَام والمنعان الْمَذْكُورَان حِينَئِذٍ مُكَابَرَة لَا تسمع لَكِن هَذَا الْمَعْنى خَارج عَن مَحل النزاع كَمَا علمت وَإِن أُرِيد أَن الْعلم بِمَعْنى مبدأ الانكشاف بديهي بِالدَّلِيلِ الْمَذْكُور فَلَا يَخْلُو عَن صعوبة لوُرُود المنعين المذكورية بِلَا مُكَابَرَة فَإِن قلت لَو كَانَ الْعلم بديهيا لما اشْتغل الْعُقَلَاء بتعريفه قلت إِنَّمَا عرف الْعلم من ذهب إِلَى كسبيته لَا إِلَى بداهته فاشتغالهم بتعريفه لَا يدل عى كسبيته بِحَسب الْوَاقِع بل بِحَسب الِاعْتِقَاد. نعم يرد أَنا لَو سلمنَا أَن الذَّاهِب إِلَى كسبيته عرفه بِحَسب اعْتِقَاده لَكِن تَعْرِيفه لدلالته على حُصُوله بِالْكَسْبِ يُنَافِي البداهة لِأَن البديهي مَا لم يُمكن حُصُوله بِالْكَسْبِ لايحصل بِغَيْر الْكسْب وَلَا أَن يُقَال إِن الْمَعْنى الْمَذْكُور للبديهي مَمْنُوع كَيفَ وَلَو كَانَ تَعْرِيف البديهي مَا ذكر للَزِمَ بطلَان البداهة فِي عدَّة من الْأُمُور الَّتِي بداهتها قَطْعِيَّة بالِاتِّفَاقِ وَقيل الْجَواب بِأَن الْكَلَام فِي كنه الْعلم فَإِذا فرض أَنه ضَرُورِيّ لَا يلْزم على صِحَّته امْتنَاع تَعْرِيفه بالرسم لجَوَاز أَن يكون كنه شَيْء ضَرُورِيًّا دون اسْمه وَبَعض وجوهه فَلم لَا يكون تَعْرِيف الْعُقَلَاء تعريفا رسميا للْعلم لَيْسَ بصواب لِأَن تَعْرِيف الشَّيْء بالرسم بعد تصَوره بالكنه مُمْتَنع إِذْ بعد تصَوره بالكنه إِذا قصد تَعْرِيفه بِالْوَجْهِ يكون التَّعْرِيف لذَلِك الْوَجْه الْمَجْهُول لَا لذَلِك الشَّيْء.
وَلَا يخفى على من لَهُ نظر ثاقب أَن بَين علم الشَّيْء بِالْوَجْهِ وَالْعلم بِوَجْه ذَلِك الشَّيْء فرق بَين فَإِن الْوَجْه فِي الأول مُتَصَوّر تبعا وبالعرض ومرآة وَآلَة لتصور ذَلِك الشَّيْء الَّذِي قصد تصَوره بذلك الْوَجْه وَفِي الثَّانِي أَولا وبالذات من غير أَن يكون تصَوره آلَة لتصور غَيره ومرآة لَهُ فَإِن قلت إِن الْعلم من صِفَات النَّفس وَعلمهَا بِنَفسِهَا وصفاتها حضوري وَهُوَ لَا يَتَّصِف بالبداهة والكسبية قلت إِن المُرَاد بِالصِّفَاتِ الصِّفَات الانضمامية أَي الصِّفَات العينية الخارجية الْغَيْر المنتزعة وَالْكَلَام فِي الْعلم الْمُطلق وَهُوَ لَيْسَ من الصِّفَات الانضمامية وَبعد تَسْلِيمه عدم اتصاف الحضوري بالبداهة مَمْنُوع - اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يخترع اصْطِلَاح آخر وَلَا مشاحة فِي الِاصْطِلَاح، وَفِي بعض شُرُوح سلم الْعُلُوم وَالْحق أَن الْعلم نور قَائِم بِذَاتِهِ وَاجِب لذاته وَلَيْسَ تَحت شَيْء من المقولات فَإِن الْعلم إِنَّمَا حَقِيقَته مبدأ انكشاف الْأَشْيَاء وظهورها بِأَن يكون هُوَ بِنَفسِهِ مظْهرا ومصداقا لحمله والممكن لما كَانَ فِي ذَاته فِي بقْعَة الْقُوَّة وحيز الليسية كَانَ فِي ذَاته أمرا ظلمانيا لَا ظَاهرا وَلَا مظْهرا فَلَا يكون علما وَلَا فِي حد ذَاته عَالما فَكَمَا أَن قوامه ووجوده إِنَّمَا هُوَ بِالْعرضِ من تِلْقَاء إفَاضَة الْجَاعِل الْحق كَذَلِك عالميته إِنَّمَا هِيَ بِالْعرضِ من تِلْقَاء إفَاضَة الْعَالم الْحق فمصداق حمل الْوُجُود وَالْعلم على الْوَاجِب نفس ذَاته وعَلى الْمُمكن هُوَ من حَيْثُ استناده إِلَى الله تَعَالَى فَكَمَا أَن وجود الْمُمكن هُوَ وجود الْوَاجِب كَذَلِك علمه هُوَ علم الْوَاجِب تَعَالَى بل الْعلم هُوَ الْوُجُود بِشَرْط كَونه مُجَردا فَالْوَاجِب سُبْحَانَهُ يَجْعَل الْعقل أمرا نورانيا ينْكَشف الْأَشْيَاء عِنْد قِيَامهَا بهَا وَلَيْسَ الْعلم أمرا زَائِدا على وجودهَا الْخَاص الْمُجَرّد وَلذَا تدْرك ذَاتهَا بذاتها. نعم قد يفْتَقر إِلَى أَن يكون وجود الْمَعْلُوم لَهُ حَتَّى ينْكَشف عِنْده إِذا كَانَ هُوَ غير ذَاته وَصِفَاته وَذَلِكَ بإعلام الْمعلم وبإفاضة وجوده لَهُ فالعلم وَإِن كَانَ أظهر الْأَشْيَاء وأبينها وأوضحها لَكِن يمْتَنع تصَوره بالكنه وَنسبَة الْعُقُول إِلَيْهِ كنسبة الخدش إِلَى الشَّمْس وَنسبَة الْقَمَر إِلَيْهَا وَلذَا قَالَ المُصَنّف أَي مُصَنف السّلم فِيهِ أَن الْعلم من أجلى البديهيات وَإِنَّمَا اختفاء جَوْهَر ذَاته لشدَّة وضوحها كَمَا أَن من المحسوسات مَا يبلغ فِيهِ بذلك الْحَد حَتَّى يمْنَع عَن تَمام الْإِدْرَاك كَالْعلمِ فَإِنَّهُ مبدأ ظُهُور الْأَشْيَاء فَيجب أَن يكون ظَاهرا فِي نَفسه لَيْسَ فِيهِ شَرّ الظلمَة - وَلِهَذَا يفْتَقر إِلَى التَّشْبِيه لإِزَالَة خفائه وَأَنه لَيْسَ خفِيا فِي نَفسه بل لِأَن عقولنا أعجز عَن اكتناهه فَهَذَا التَّشْبِيه يشبه الْإِنَاء الَّذِي فِيهِ مَاء وضع لرؤية تِمْثَال الشَّمْس انْتهى.
والذاهبون إِلَى كسبية الْعلم وَأَن كَسبه متيسر اخْتلفُوا فِي تَعْرِيفه، وَالْمُخْتَار عِنْد الْمُتَكَلِّمين أَنه صفة توجب تميز شَيْء لَا يحْتَمل ذَلِك الشَّيْء نقيض ذَلِك التميز وهم لَا يطلقون الْعلم إِلَّا على الْيَقِين كَمَا ستعرف، وَعلم الْوَاجِب عِنْد الْمُتَكَلِّمين صفة أزلية تنكشف المعلومات عِنْد تعلقهَا بهَا وتعلقات علمه تَعَالَى على نَوْعَيْنِ كَمَا فصلنا فِي تعلقات علم الْوَاجِب تَعَالَى.
وَالْعلم عِنْد الْحُكَمَاء يتَنَاوَل الْيَقِين وَالشَّكّ وَالوهم والتقليد وَالْجهل، وَالْعلم الْمُطلق عِنْدهم أَي سَوَاء كَانَ حضوريا أَو حصوليا مُطلق الصُّورَة الْحَاضِرَة عِنْد الْمدْرك سَوَاء كَانَت نفس الْمَعْلُوم كَمَا فِي الحضوري أَو غَيره وَلَو بِالِاعْتِبَارِ كَمَا فِي الحصولي، وَسَوَاء كَانَت مُطَابقَة لما قصد تصَوره كَمَا فِي الْيَقِين أَولا كَمَا فِي الْجَهْل، وَسَوَاء احتملت الزَّوَال كَمَا فِي التَّقْلِيد وَالظَّن وَالشَّكّ وَالوهم أَولا كَمَا فِي الْيَقِين، وَسَوَاء كَانَت مرْآة لملاحظة مَا قصد تصَوره كَمَا فِي الْعلم بالكنه أَو بِالْوَجْهِ أَولا كَمَا فِي الْعلم بكنه الشَّيْء وَالْعلم بِوَجْه الشَّيْء وَالْمرَاد بالصورة الْمَاهِيّة فَإِنَّهَا بِاعْتِبَار الحضوري العلمي تسمى صُورَة وَبِاعْتِبَار الْوُجُود الْخَارِجِي عينا. وَيعلم من هَذَا التَّعْرِيف عدَّة أُمُور أَحدهَا أَن الْعلم أَمر وجودي لَا عدمي لِأَن الضَّرُورَة تشهد بِأَن وَقت الانكشاف يحصل شَيْء من شَيْء لَا أَنه يَزُول مِنْهُ لكنه لم يقم عَلَيْهِ برهَان قَاطع وَثَانِيها أَنه شَامِل للحضوري والحصولي ولعلم الْوَاجِب والممكن والكليات والجزئيات فِي الْآلَات أَو فِي نفس النَّفس وَثَالِثهَا أَنه شَامِل للمذهبين فِي الجزئيات، أَحدهمَا، أَن مدركها هُوَ النَّفس وَثَانِيهمَا أَن مدركها هُوَ الْحَواس وَرَابِعهَا أَنه شَامِل لمذهبي ارتسام صور الجزئيات المادية فِي الْآلَات أَو فِي نفس النَّفس لِأَن الْمدْرك يتَنَاوَل الْمُجَرّد وَالنَّفس والحواس وَكلمَة عِنْد لعِنْد ولفي والحضور والحصول كالمترادفين.
وَالتَّحْقِيق أَن الْمدْرك لجَمِيع الْأَشْيَاء النَّفس الناطقة سَوَاء كَانَ ارتسام الصُّور فِيهَا أَو فِي غَيرهَا وَسَيَأْتِي لَك تَفْصِيل الْمذَاهب. وَالْأَحْسَن فِي التَّعْمِيم أَن نقُول سَوَاء كَانَت تِلْكَ الصُّورَة الْحَاضِرَة عِنْد الْمدْرك عين الصُّورَة الخارجية كَمَا فِي الْعلم الحضوري أَو غَيرهَا كَمَا فِي الحصولي. وَسَوَاء كَانَت عين الْمدْرك بِالْفَتْح كَمَا فِي علم الْبَارِي تَعَالَى نَفسه أَو غَيره كَمَا فِي علمه بسلسلة الممكنات، وَسَوَاء كَانَت فِي نفس النَّفس كَمَا فِي علمهَا بالكليات أَو فِي الْآلَات كَمَا فِي علمهَا بالجزئيات، وَسَوَاء كَانَت مرْآة أَو لَا فَإِن كَانَت مرْآة فالمرآة والمرئي إِن كَانَا متحدين بِالذَّاتِ ومتغائرين بِالِاعْتِبَارِ. فَعلم الشَّيْء بالكنه وَإِن كَانَا بِالْعَكْسِ فَعلم الشَّيْء بِالْوَجْهِ، وَإِن لم يكن مرْآة فالعلم بكنه الشَّيْء إِن كَانَ الْحَاصِل كنهه وَالْعلم بِوَجْه الشَّيْء إِن كَانَ الْحَاصِل وَجهه، وَالْعلم الْحَقِيقِيّ إِنَّمَا هُوَ علم الشَّيْء بالكنه لَا بِالْوَجْهِ لِأَن الْحَاصِل فِيهِ حَقِيقَة هُوَ الْوَجْه لَا الشَّيْء وَلَا تلْتَفت النَّفس إِلَى الشَّيْء فِي الْعلم بكنه الشَّيْء وَوَجهه كَمَا لَا يخفى.
وَيعلم من هَذَا الْبَيَان أَن الْعلم الْمُطلق الْمَذْكُور على نَوْعَيْنِ النَّوْع الأول الْعلم الحضوري وَهُوَ أَن يكون الصُّورَة العلمية فِيهِ عين الصُّورَة الخارجية فَيكون الْمَعْلُوم فِيهِ بِعَيْنِه وذاته حَاضرا عِنْد الْمدْرك لَا بصورته ومثاله كَمَا فِي علم الْإِنْسَان بِذَاتِهِ وَصِفَاته كالصور الذهنية الْقَائِمَة بِالنَّفسِ فَإِن الْعلم بهَا إِنَّمَا هُوَ بِحُضُور ذواتها عِنْد الْمدْرك لَا بِحُصُول صورها عِنْده فَإِن النَّفس فِي إِدْرَاك الصُّور الذهنية لَا تحْتَاج إِلَى صُورَة أُخْرَى منتزعة من الأولى.
وَهَا هُنَا اعْتِرَاض مَشْهُور هُوَ أَن نفس الْعلم الحصولي علم حضوري مَعَ أَنه لَيْسَ عين الصُّورَة الخارجية وَالْحق أَن نفس الْعلم الحصولي من الموجودات الخارجية كَمَا سَيَجِيءُ فِي الْعلم الحضوري فَلَا تلْتَفت إِلَى مَا أُجِيب بِأَن المُرَاد بالصورة الخارجية أَعم من الْخَارِجِي وَمِمَّا يحذو حَذْو الْوُجُود الْخَارِجِي أَي للوجود الْخَارِجِي وَلما هُوَ مماثل لَهُ جَار مجْرَاه فِي ترَتّب الْآثَار الخارجية وَلَكِن يُمكن المناقشة بِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يلْزم الِاتِّحَاد بَين الحضوري والحصولي مَعَ أَنَّهُمَا مُخْتَلِفَانِ بِالذَّاتِ لِأَن الْعلم الحصولي حَقِيقَة نوعية محصلة عِنْدهم ذاتي لما تَحْتَهُ ومغائر للحضوري مُغَايرَة نوعية فَإِذا تعلق الْعلم بِالْعلمِ الحصولي يكون ذَلِك الْعلم عين الحضوري فَيلْزم الِاتِّحَاد بَينهمَا وَالنَّوْع الثَّانِي الْعلم الحصولي وَهُوَ الَّذِي لَا يكون إِلَّا بِحُصُول صُورَة الْمَعْلُوم فَتكون الصُّورَة العلمية فِيهِ غير الصُّورَة الخارجية وَيُقَال لَهُ الانطباعي أَيْضا كَمَا فِي إِدْرَاك الْأَشْيَاء الخارجية عَن الْمدْرك أَي الْأَشْيَاء الَّتِي لَا تكون عينه وَلَا قَائِمَة بِهِ.
ثمَّ إِنَّهُم اخْتلفُوا فِي أَن الْعلم الحصولي، إِمَّا صُورَة الْمَعْلُوم الْمَوْجُودَة فِي الذِّهْن المكيفة بالعوارض الذهنية، وَإِمَّا قبُول الذِّهْن بِتِلْكَ الصُّورَة أَو إِضَافَة مَخْصُوصَة بَين الْعَالم والمعلوم فَإِن انكشاف الْأَشْيَاء عِنْد الذِّهْن فِي الْعلم الحصولي لَيْسَ قبل حُصُول صورها فِيهِ عِنْد الْحُكَمَاء الْقَائِلين بالوجود الذهْنِي فهناك أُمُور ثَلَاثَة الصُّورَة الْحَاصِلَة وَقبُول الذِّهْن بهَا من المبدأ الْفَيَّاض وَإِضَافَة مَخْصُوصَة بَين الْعَالم والمعلوم. فَذهب بَعضهم إِلَى أَن الْعلم الحصولي هُوَ الأول وَقَالَ السَّيِّد السَّنَد الشريف الشريف قدس سره أَن هَذَا هُوَ الْمَذْهَب الْمَنْصُور. وَوجه بِأَن الْعلم يُوصف بالمطابقة وَعدمهَا وَإِنَّمَا الْمَوْصُوف بهما الصُّورَة، وَفِي شرح الإشارات أَن من الصُّورَة مَا هِيَ مُطَابقَة للْخَارِج وَهِي الْعلم - وَمَا هِيَ غير مُطَابقَة وَهِي الْجَهْل فالسيد السَّنَد قدس سره يَجْعَل الْعلم من مقولة الكيف وينحصر الاتصاف بالمطابقة وَعدمهَا فِي الصُّورَة الَّتِي من مقولة الكيف وينكر ذَلِك الاتصاف فِي الانفعال وَالنِّسْبَة.
وَأَنت تعلم أَن عدم جَرَيَان الْمُطَابقَة فيهمَا مَمْنُوع لجَوَاز جريانها بِاعْتِبَار الْوُجُود النَّفس الأمري أَو الْخَارِجِي بِاعْتِبَار مبدأ الانتزاع وَلَو وَجه بِأَن الصِّفَات الَّتِي يَتَّصِف بهَا الْعلم مثل البداهة والنظرية والاكتساب من الْحَد والبرهان والانقسام إِلَى التَّصَوُّر والتصديق إِنَّمَا ينطبق على الصُّورَة الْحَاصِلَة لَا على الْإِضَافَة والارتسام لَكَانَ أسلم وَبَعْضهمْ إِلَى أَنه هُوَ الثَّانِي فَيكون من مقولة الانفعال وَبَعْضهمْ إِلَى أَنه هُوَ الثَّالِث فَيكون من مقولة الْإِضَافَة، وَأما إِنَّه نفس حُصُول الصُّورَة فِي الذِّهْن فَلم يقل بِهِ أحد لِأَن الْعلم بِمَعْنى الْحُصُول معنى مصدري لَا يكون كاسبا وَلَا مكتسبا لِأَنَّهُ لايكون آلَة وعنوانا لملاحظة الْغَيْر كَمَا مر.
وَلِهَذَا قَالُوا إِن من عرف الْعلم بِحُصُول صُورَة الشَّيْء فِي الْعقل تسَامح فِي الْعبارَة بِقَرِينَة أَنه قَائِل بِأَنَّهُ من مقولة الكيف فَعلم أَنه أَرَادَ الصُّورَة الْحَاصِلَة بِجعْل الْحُصُول بِمَعْنى الْحَاصِل وَالْإِضَافَة من قبيل جرد قطيفة لكنه قدم ذكر الْحُصُول تَنْبِيها على أَن الْعلم مَعَ كَونه صفة حَقِيقِيَّة يسْتَلْزم إِضَافَة إِلَى مَحَله بالحصول لَهُ، وَالْحَاصِل أَن الصُّورَة من حَيْثُ هِيَ هِيَ لما لم تكن علما بل إِنَّمَا الْعلم هُوَ الصُّورَة بِصفة حُصُولهَا فِي الذِّهْن حمل حُصُولهَا على الْعلم مُبَالغَة تَنْبِيها على أَن مدَار كَونهَا علما هُوَ الْحُصُول نعم لَو أخر ذكر الْحُصُول وَقَالَ هُوَ الصُّورَة الْحَاصِلَة لحصل ذَلِك التَّنْبِيه لَكِن لَا فِي أول الْأَمر وَلَا يخفى أَن تَعْرِيفه بِحُصُول صُورَة الشَّيْء فِي الْعقل مَعَ ذَلِك التسامح لَيْسَ بِجَامِع لِأَن الْمُتَبَادر من صُورَة الشَّيْء الصُّورَة الْمُطَابقَة وَلَا يَشْمَل الجهليات المركبة وَهِي الِاعْتِقَاد على خلاف مَا عَلَيْهِ الشَّيْء مَعَ الِاعْتِقَاد بِأَنَّهُ حق وَلِأَنَّهُ يخرج عَنهُ الْعلم بالجزئيات المادية عِنْد من يَقُول بارتسام صورها فِي القوى أَو الْآلَات دون نفس النَّفس.
وَالْعلم فِي فواتح كتب الْمنطق المنقسم إِلَى التَّصَوُّر والتصديق هُوَ الْعلم الحصولي لِأَنَّهُ يَنْبَغِي أَن يكون لَهُ دخل فِي الاكتسابات التصورية والتصديقية واختصاص بهَا وَإِنَّمَا هُوَ الْعلم الحصولي وَلذَا قَالَ الْعَلامَة الرَّازِيّ فِي الرسَالَة المعمولة فِي التَّصَوُّر والتصديق أَن الْعلم الَّذِي هُوَ مورد الْقِسْمَة إِلَى التَّصَوُّر والتصديق هُوَ الْعلم المتجدد وَالْمرَاد بالمتجدد علم يتَحَقَّق كل فَرد مِنْهُ بعد تحقق الْمَوْصُوف بعدية زمانية وَهُوَ لَيْسَ إِلَّا الْعلم الحصولي، والحضوري وَإِن كَانَ بعض أَفْرَاده كَالْعلمِ الْمُتَعَلّق بالصورة العلمية متحققا بعد تحقق الْمَوْصُوف لَكِن جَمِيع أَفْرَاده لَيْسَ كَذَلِك فَإِن علم المجردات بذواتها وصفاتها حضوري وَهِي علل لعلومها وَلَا تنفك علومها عَنْهَا فَلَيْسَ بَين علومها ومعلوماتها بعدية زمانية وتعريفه الأشمل للجهليات وللمذهبين فِي الْعلم بالأشياء والأسلم عَن ارْتِكَاب الْمجَاز الصُّورَة الْحَاصِلَة من الشَّيْء عِنْد الْعقل.
وَإِن أردْت توضيح هَذَا التَّعْرِيف وتحقيقه وتنقيحه ودرجة كَونه أشمل وَأسلم من تَعْرِيفه بِأَنَّهُ حُصُول صُورَة الشَّيْء فِي الْعقل مَعَ أَن فِي هَذَا التَّعْرِيف ارْتِكَاب إِضَافَة الصّفة إِلَى الْمَوْصُوف كَمَا مر بِخِلَاف التَّعْرِيف الْمَذْكُور فاستمع لما يَقُول هَذَا الْغَرِيب الْقَلِيل البضاعة أَن المُرَاد بالصورة إِمَّا نفس مَاهِيَّة الْمَعْلُوم أَي الْمَوْجُود الذهْنِي الَّذِي لَا تترتب عَلَيْهِ الْآثَار الخارجية فَإِن الْمَاهِيّة بِاعْتِبَار الْحُضُور العلمي تسمى صُورَة وَبِاعْتِبَار الْوُجُود الْعَيْنِيّ أَي الْخَارِجِي تسمى عينا أَو المُرَاد بهَا ظلّ الْمَعْلُوم وشبحه الْمُخَالف لَهُ بِالْحَقِيقَةِ على اخْتِلَاف فِي الْعلم بالأشياء.
فَإِن الْمُحَقِّقين على أَن الْعلم بالأشياء بِأَعْيَانِهَا وَغَيرهم على أَنه بإظلالها وأشباحها الْمُخَالفَة لَهَا بالحقائق وعَلى الأول مَا هُوَ الْحَاصِل فِي الْعقل علم من حَيْثُ قِيَامه بِهِ وَمَعْلُوم بِالنّظرِ إِلَى ذَاته وعَلى الثَّانِي صُورَة الشَّيْء وظله علم وَذُو الصُّورَة مَعْلُوم وَمعنى علم الْأَشْيَاء بِأَعْيَانِهَا أَن مَا فِي الذِّهْن لَو وجد فِي الْخَارِج متشخصا بتشخص زيد مثلا لَكَانَ عين زيد وبتشخص عَمْرو لَكَانَ عين عَمْرو. وَالْحَاصِل من الْحَاصِل فِي الذِّهْن نفس الْمَاهِيّة بِحَيْثُ إِذا وجد فِي الْخَارِج كَانَ عين الْعين وَبِالْعَكْسِ لَكِن هَذَا وجود ظِلِّي وَفِي الْخَارِج وجود أُصَلِّي وللكل أَحْكَام على حِدة وَلَا أَن مَا فِي الْخَارِج مَوْجُود فِي الذِّهْن بِعَيْنِه حَتَّى يلْزم كَون الْوَاحِد بالشخص سَوَاء كَانَ جوهرا أَو عرضا فِي مكانين فِي آن وَاحِد وَهُوَ محَال.
والوجود العلمي يُسمى وجودا ذهنيا وظليا وَغير أصيل أما تَسْمِيَته بالوجود الظلي على الْمَذْهَب الثَّانِي فَظَاهر، وَأما على الْمَذْهَب الأول فَلِأَن مُرَادهم أَنه وجود كوجود الظل فِي انْتِفَاء الْآثَار الخارجية المختصة بالوجود الْخَارِجِي كَمَا أَن الْوُجُود فِي مَا وَرَاء الذِّهْن يُسمى وجودا عينيا وأصيليا وخارجيا. فَإِن قيل إِن الْعلم بالأشياء بِأَعْيَانِهَا مُمْتَنع فَإِنَّهُ يسْتَلْزم كَون الذِّهْن حارا بَارِدًا مُسْتَقِيمًا معوجا عِنْد تصور الْحَرَارَة والبرودة والاستقامة والاعوجاج لِأَنَّهُ إِذا تصورت الْحَرَارَة تكون الْحَرَارَة حَاصِلَة فِي الذِّهْن وَلَا معنى للحار إِلَّا مَا قَامَت بِهِ الْحَرَارَة وَقس عَلَيْهِ الْبُرُودَة وَغَيرهَا وَهَذِه الصِّفَات منفية عَن الذِّهْن بِالضَّرُورَةِ وَأَيْضًا إِن حُصُول حَقِيقَة الْجَبَل وَالسَّمَاء مَعَ عظمها فِي الذِّهْن مِمَّا لَا يعقل قُلْنَا الْحَاصِل فِي الذِّهْن صُورَة وماهية مَوْجُودَة بِوُجُود ظِلِّي لَا بهوية عَيْنِيَّة مَوْجُودَة بِوُجُود أصيل والحار مَا تقوم بِهِ هوية الْحَرَارَة أَي ماهيتها الْمَوْجُودَة بِوُجُود عَيْني لَا مَا تقوم بِهِ الْحَرَارَة الْمَوْجُودَة بِوُجُود ظِلِّي فَلَا يلْزم اتصاف الذِّهْن بِتِلْكَ الصِّفَات المنفية عَنهُ والممتنع فِي الذِّهْن حُصُول هوية الْجَبَل وَالسَّمَاء وَغَيرهمَا من الْأَشْيَاء فَإِن ماهياتها مَوْجُودَة بِوُجُود خارجي يمْتَنع أَن يحصل فِي أذهاننا وَأما مفهوماتها الْكُلية وماهياتها الْمَوْجُودَة بالوجودات الظلية فَلَا يمْتَنع حُصُولهَا فِي الذِّهْن إِذْ لَيست مَوْصُوفَة بِصِفَات تِلْكَ الهويات لَكِن تِلْكَ الماهيات بِحَيْثُ لَو وجدت فِي الْخَارِج متشخصة بتشخص جبل الطّور وسماء الْقَمَر مثلا لكَانَتْ بِعَينهَا جبل طور وسماء قمر وَلَا نعني بِعلم الْأَشْيَاء بِأَعْيَانِهَا إِلَّا هَذَا.
وَالْحَاصِل أَن للموجود فِي الذِّهْن وجودا ظليا وَلذَلِك الْمَوْجُود فِي الْخَارِج وجود أُصَلِّي وَلكُل أَحْكَام على حِدة كَمَا أَشَرنَا إِلَيْهِ آنِفا وَالْمرَاد بِكَوْن الصُّورَة حَاصِلَة من الشَّيْء أَنَّهَا ناشئة مِنْهُ مُطَابقَة لَهُ أَو لَا بِخِلَاف صُورَة الشَّيْء فَإِن المُرَاد مِنْهَا الصُّورَة الْمُطَابقَة للشَّيْء لِأَن الْمُتَبَادر من إِضَافَة الصُّورَة إِلَى الشَّيْء مطابقتها لَهُ فتعريفه بِحُصُول صُورَة الشَّيْء فِي الْعقل لَا يَشْمَل الجهليات المركبة بِخِلَاف التَّعْرِيف الْمَذْكُور كَمَا عرفت.
ثمَّ ننقل مَا حررنا فِي تعليقاتنا على حَوَاشِي عبد الله اليزدي على تَهْذِيب الْمنطق تَحْقِيقا للمرام وتفصيلا للمقام أَن الْعقل المرادف للنَّفس الناطقة هُوَ جَوْهَر مُجَرّد عَن الْمَادَّة فِي ذَاته لَا فِي فعله وَالْعقل الَّذِي هُوَ مرادف الْملك جَوْهَر مُجَرّد فِي ذَاته وَفِي فعله. وَقد يُطلق على الْقُوَّة المدركة وَالْمرَاد بِهِ هَا هُنَا أما الأول أَو الثَّالِث. فَإِن قيل، على أَي حَال يخرج علم الله الْوَاجِب المتعال لعدم إِطْلَاق الْعقل عَلَيْهِ تَعَالَى، قُلْنَا، المُرَاد بِهِ هَاهُنَا الْمدْرك والمجرد وَقيل الْمَقْصُود تَعْرِيف الْعلم الَّذِي يتَعَلَّق بِهِ الِاكْتِسَاب أَي مَا يكون كاسبا أَو مكتسبا وَعلمه تَعَالَى لكَونه حضوريا منزه عَن ذَلِك فَلَا بَأْس بِخُرُوجِهِ لعدم دُخُوله فِي الْمُعَرّف فَإِن قيل قواعدهم كُلية عَامَّة وَهَذَا التَّخْصِيص يُنَافِي تَعْمِيم قواعدهم قُلْنَا تَعْمِيم الْقَوَاعِد إِنَّمَا هُوَ بِحَسب الْحَاجة فَهَذَا التَّخْصِيص لَا يُنَافِي التَّعْمِيم الْمَقْصُود وَإِن كَانَ منافيا لمُطلق التَّعْمِيم فَلَا ضير وَقَوْلهمْ عِنْد الْعقل يعم المذهبين دون فِي الْعقل.
وتوضيحه أَن الْمُحَقِّقين اتَّفقُوا على أَن الْمدْرك للكليات والجزئيات المادية وَغَيرهَا هُوَ النَّفس الناطقة، وعَلى أَن نِسْبَة الْإِدْرَاك إِلَى قواها كنسبة الْقطع إِلَى السكين لَا أَن مدرك الكليات هُوَ النَّفس الناطقة ومدرك الجزئيات هُوَ الْآلَات كَمَا ذهب إِلَيْهِ الْمُتَأَخّرُونَ. ثمَّ بعد هَذَا الِاتِّفَاق اتَّفقُوا على أَن صور الكليات والجزئيات الْغَيْر المادية كمحبة عَمْرو وعداوة زيد ترتسم فِي النَّفس الناطقة وَاخْتلفُوا فِي أَن صور الجزئيات المادية ترتسم فِيهَا أَو فِي آلاتها. فَقَالَ بَعضهم إِنَّهَا ترتسم فِي آلاتها دون نَفسهَا لِأَن الصُّور الشخصية الجسمانية منقسمة فَلَو ارتسمت فِي النَّفس الناطقة لانقسمت بانقسامها لِأَن انقسام الْحَال يسْتَلْزم انقسام الْمحل وَهُوَ بَاطِل لِأَن النَّفس الناطقة بسيطة كَمَا تقرر فِي مَوْضِعه، وَيرد عَلَيْهِم أَن تِلْكَ الصُّور المرتسمة فِي الْآلَات عُلُوم بِنَاء على التَّعْرِيف الْمَذْكُور وَأَن الْمدْرك هُوَ الْعقل فَيلْزم أَن لَا يكون مَا قَامَ بِهِ الْعلم عَالما وَأَن يكون مَا لم يقم بِهِ الْعلم عَالما وَكِلَاهُمَا خلف، وَأَيْضًا الْمَانِع من الارتسام فِي النَّفس الناطقة هُوَ الانقسام إِلَى الْأَجْزَاء المتبائنة فِي الْوَضع لَا مُطلق الانقسام وَذَلِكَ من تَوَابِع الْوُجُود الْخَارِجِي وخواصه فَلَا يلْزم الْفساد من ارتسامها وَلَو كَانَت صور الجزئيات الجسمانية على طبق تِلْكَ الجزئيات فِي الانقسام والصغر وَالْكبر لَا متنع ارتسامها فِي الْآلَات أَيْضا كَنِصْف السَّمَاء وَالْجِبَال والأودية وأمثالها. وَقَالَ بَعضهم أَن صور الجزئيات المادية كصورة زيد ترتسم فِي النَّفس الناطقة وَهِي مدركة للأشياء كلهَا إِلَّا أَن إِدْرَاكهَا للجزئيات المادية أَي الجسمانية بِوَاسِطَة الْآلَات لَا بذاتها وَذَلِكَ لَا يُنَافِي ارتسام الصُّور فِيهَا، ودليلهم الوجدان الْعَام بِأَنا إِذا رَجعْنَا إِلَى الوجدان علمنَا أَن لأنفسنا عِنْد إِدْرَاكهَا للجزئيات المادية حَالَة إدراكية انكشافية لم تكن حَاصِلَة قبل ذَلِك الْإِدْرَاك. فَإِن قيل إِن معنى عِنْد هُوَ الْمَكَان الْقَرِيب من الشَّيْء فَكيف يتَنَاوَل مَا ارتسم فِي النَّفس فَكَمَا أَن فِي الْعقل لَا يَشْمَل المذهبين كَذَلِك عِنْد الْعقل لَا يَشْمَل صور الكليات والجزئيات الْغَيْر المادية لحصولها فِي الْعقل دون مَكَان قريب مِنْهُ. وَأجِيب عَنهُ بِأَن كلمة عِنْد بِحَسب الْعرف لاخْتِصَاص شَيْء بمدخولها كَمَا يُقَال هَذِه الْمَسْأَلَة كَذَا عِنْد فلَان أَي لَهَا اخْتِصَاص بِهِ. وَلَا شكّ أَن للصورة الْحَاصِلَة اخْتِصَاص بِالْعقلِ من جِهَة الْإِدْرَاك لِأَنَّهُ الْمدْرك للصورة فَيتَنَاوَل مَا ارتسم فِي النَّفس والآلات فَثَبت أَن عِنْد الْعقل يَشْمَل المذهبين دون فِي الْعقل لاخْتِصَاص كلمة فِي بالداخل. وَالْحمل على التَّوَسُّع بِحَيْثُ يتَنَاوَل الْحَاصِل فِي الْآلَات أَيْضا يدْفع الْمَحْذُور لكنه خلاف الظَّاهِر ومدار الْكَلَام على مُحَافظَة الظَّاهِر ورعاية الْمُتَبَادر فعلى هَذَا الْجَواب الْمَذْكُور إِنَّمَا يجدي نفعا لَو كَانَ عِنْد مَعَ رِعَايَة مَعْنَاهُ الْمُتَبَادر متناولا للمذهبين دونه فِي فِي - وَلَيْسَ كَذَلِك لما مر آنِفا.
ثمَّ اعْلَم أَن الصُّورَة من مقولة الكيف لكَونهَا عرضا لَا يَقْتَضِي لذاته قسْمَة وَلَا نِسْبَة فَيكون الْعلم الْمَعْرُوف بالصورة الْمَذْكُور من مقولة الكيف وَهُوَ الْمَذْهَب الْمَنْصُور كَمَا مر وَلَعَلَّ من ذهب إِلَى أَنه من مقولة الانفعال يَقُول بِأَنَّهُ من مقولة الكيف أَيْضا لَكِن لما كَانَ الْعلم أَي الصُّورَة الْمَذْكُورَة حَاصِلا بالانفعال أَي بانتقاش الذِّهْن بالصورة الناشئة من الشَّيْء وقبوله إِيَّاهَا قَالَ إِنَّه من مقولة الانفعال مُبَالغَة وتنبيها على أَن حُصُول الْعلم بالانفعال لَا بِغَيْرِهِ. وَاعْترض بِأَن الكيف من الموجودات الخارجية لِأَن الموجودات الخارجية تَنْقَسِم إِلَى الْجَوَاهِر الْخَمْسَة والأعراض التِّسْعَة فَكيف تكون الصُّورَة الذهنية أَي الْعلم من مقولة الكيف وَالْجَوَاب أَن الْعلم من الموجودات الخارجية والمعلوم من الموجودات الذهنية كَمَا مر. وَأجَاب عَنهُ جلال الْعلمَاء فِي الْحَوَاشِي الْقَدِيمَة على الشَّرْح الْجَدِيد للتجريد فِي مَبْحَث الْوُجُود الذهْنِي أَن عدهم إِيَّاهَا كيفا على سَبِيل الْمُسَامحَة وتشبيه الْأُمُور الذهنية بالأمور العينية فعلى هَذَا يكون الْعلم من الموجودات الذهنية.
فَإِن قيل الْأَشْيَاء حَاصِلَة فِي الذِّهْن بأنفسها فَيجب أَن يكون الْعلم بالجواهر جوهرا وبالكم كَمَا وبالكيف كيفا وَهَكَذَا وَلَا يُمكن أَن يكون من مقولة الكيف مُطلقًا قُلْنَا أجَاب شَارِح التَّجْرِيد بِالْفرقِ بَين الْقيام والحصول بِأَن حُصُول الشَّيْء فِي الذِّهْن لَا يُوجب اتصاف الذِّهْن وقيامه بِهِ كحصول الشَّيْء فِي الزَّمَان وَالْمَكَان فَمَا هُوَ جَوْهَر حَاصِل فِي الذِّهْن وموجود فِيهِ وَمَا هُوَ عرض وَكَيف قَائِم بِهِ وموجود فِي الْخَارِج وَكَون الْأَشْيَاء حَاصِلَة فِي الذِّهْن بأنفسها بِالْمَعْنَى الَّذِي ذكرنَا آنِفا لَا يُنَافِي هَذَا الْفرق وَمَا فِي هَذَا الْجَواب سيتلى عَلَيْك. وَالشَّيْخ أورد فِي الهيات الشِّفَاء إشكالين أَحدهمَا أَن الْعلم هُوَ المكتسب من صور الموجودات مُجَرّدَة عَن موادها وَهِي صور جَوَاهِر وإعراض فَإِن كَانَت صور الْإِعْرَاض إعْرَاضًا فصور الْجَوَاهِر كَيفَ تكون إعْرَاضًا فَإِن الْجَوْهَر لذاته جَوْهَر فماهيته لَا تكون فِي مَوْضُوع الْبَتَّةَ وماهيته مَحْفُوظَة سَوَاء نسبت إِلَى إِدْرَاك الْعقل لَهَا أَو نسبت إِلَى الْوُجُود الْخَارِجِي.
فَنَقُول إِن مَاهِيَّة الْجَوْهَر جَوْهَر بِمَعْنى أَنه الْمَوْجُود فِي الْأَعْيَان لَا فِي مَوْضُوع وَهَذِه الصّفة مَوْجُودَة لماهية الْجَوْهَر المعقولة فَإِنَّهَا مَاهِيَّة شَأْنهَا أَن تكون مَوْجُودَة فِي الْأَعْيَان لَا فِي مَوْضُوع أَي إِن وجدت فِي الْأَعْيَان وجدت لَا فِي مَوْضُوع وَأما وجوده فِي الْعقل بِهَذِهِ الصّفة فَلَيْسَ ذَلِك فِي حَده من حَيْثُ هُوَ جَوْهَر أَي لَيْسَ حدا لجوهر أَنه فِي الْعقل لَا فِي مَوْضُوع بل حَده أَنه سَوَاء كَانَ فِي الْعقل أَو لم يكن فَإِن وجوده لَيْسَ فِي مَوْضُوع انْتهى.
وَحَاصِل الْجَواب أَنه لَا إِشْكَال فِي كَون الشي الْوَاحِد جوهرا وعرضا باعتبارين وتغاير وجودين فَإِن الْجَوْهَر على مَا عرف ماهيته إِذا وجدت فِي الْخَارِج كَانَت لَا فِي مَوْضُوع وَالْعرض هُوَ الْمَوْجُود فِي الْمَوْضُوع فالصورة الجوهرية لكَونهَا بِحَيْثُ إِذا وجدت فِي الْخَارِج كَانَت لَا فِي مَوْضُوع جَوْهَر وَمن حَيْثُ إِنَّهَا مَوْجُودَة فِي الْمَوْضُوع عرض وَأَنت تعلم أَن بَين الْجَوْهَر وَالْعرض تباينا وتغايرا ذاتيا لَا اعتباريا.
وَأَيْضًا اعْترض الزَّاهِد فِي حَوَاشِيه على الرسَالَة القطبية المعمولة حَيْثُ قَالَ لَا يخفى عَلَيْك أَن القَوْل بعرضية الصُّورَة الجوهرية منَاف لحصر الْعرض فِي المقولات التسع لِأَن المقولات أَجنَاس عالية متبائنة بِالذَّاتِ اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يكون مُرَادهم حصر الْأَعْرَاض الْمَوْجُودَة فِي الْخَارِج انْتهى. وَقَالَ فِي الْهَامِش قَوْله اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يكون إِلَى آخِره إِشَارَة إِلَى أَن هَذَا الْجَواب غير تَامّ وَذَلِكَ لِأَن التَّحْقِيق عِنْدهم أَن الْإِضَافَة وَغَيرهَا من المقولات التسع لَيست مَوْجُودَة فِي الْخَارِج وَالصَّوَاب فِي الْجَواب أَن يُقَال مُرَادهم حصر الْأَعْرَاض الْمَوْجُودَة فِي نفس الْأَمر. وَالْمَوْجُود فِيهَا هَاهُنَا أَمْرَانِ الْحَقِيقَة العلمية والحقيقة الْحَاصِلَة فِي الذِّهْن من حَيْثُ هِيَ وكل مِنْهُمَا مندرج فِي مقولة. الأولى من مقولة الكيف، وَالثَّانيَِة فِي مقولة أُخْرَى من مقولة الْجَوْهَر وَغَيرهَا، وَأما الْحَقِيقَة الْحَاصِلَة فِي الذِّهْن من حَيْثُ إِنَّهَا مكيفة بالعوارض الذهنية بِأَن يكون التَّقْيِيد دَاخِلا والقيد خَارِجا أَو بِأَن يكون كل مِنْهُمَا دَاخِلا أَي الْمركب من الْعَارِض والمعروض فَلَا شكّ أَنَّهَا من الاعتبارات الذهنية وَلَيْسَ لَهَا وجود فِي نفس الْأَمر انْتهى. ضَرُورَة أَن التَّقْيِيد أَمر اعتباري فَكَذَا مَا هُوَ مركب مِنْهُ فَافْهَم. وَثَانِيهمَا أَنه إِذا حصلت حَقِيقَة جوهرية فِي الذِّهْن كَانَت تِلْكَ الْحَقِيقَة علما وعرضا فَيلْزم أَن يكون شَيْء وَاحِد علما ومعلوما وجوهرا وعرضا. وَأجَاب شَارِح التَّجْرِيد بِالْفرقِ بَين الْقيام والحصول إِلَى آخر مَا ذكرنَا آنِفا وَاعْترض عَلَيْهِ الزَّاهِد حَيْثُ قَالَ وَحَاصِله كَمَا يظْهر بِالتَّأَمُّلِ الصَّادِق أَن الْقَائِم بالذهن شبح الْمَعْلُوم ومثاله وَالْحَاصِل فِيهِ عين الْمَعْلُوم وَنَفسه فَهُوَ جمع بَين المذهبين انْتهى. ثمَّ اعْلَم أَن للزاهد فِي هَذَا الْمقَام فِي تصنيفاته تَحْقِيقا تفرد بِهِ فِي زَعمه وتفاخر بِهِ فِي ظَنّه وَتكلم عَلَيْهِ أَبنَاء الزَّمَان وجرحه بعض فضلاء الدوران وَأَنا شمرت بِقدر الوسع فِي تحريره وتفصيل مجملاته وَإِظْهَار مقاصده وإبراز مضمراته بعد إتْيَان كَلَامه ليظْهر على الناظرين علو مرامه.
فَأَقُول إِنَّه قَالَ فِي حَوَاشِيه على حَوَاشِي جلال الْعلمَاء على تَهْذِيب الْمنطق. اعْلَم أَن للْعلم مَعْنيين. الأول الْمَعْنى المصدري، وَالثَّانِي الْمَعْنى الَّذِي بِهِ الانكشاف. وَالْأول حُصُول الصُّورَة وَالثَّانِي هِيَ الصُّورَة الْحَاصِلَة وَلَا شكّ أَن الْغَرَض العلمي لم يتَعَلَّق بِالْأولِ فَإِنَّهُ لَيْسَ كاسبا وَلَا مكتسبا فَالْمُرَاد بِحُصُول الصُّورَة هَاهُنَا الصُّورَة الْحَاصِلَة على سَبِيل الْمُسَامحَة هَذَا مَا ذهب إِلَيْهِ النّظر الْجَلِيّ. ثمَّ النّظر الدَّقِيق يحكم بِأَن المُرَاد بِحُصُول الصُّورَة الْمَعْنى الْحَاصِل بِالْمَصْدَرِ وَحَقِيقَته مَا يعبر عَنهُ بِالْفَارِسِيَّةِ (بدانش) وَهِي حَالَة إدراكية يتَحَقَّق عِنْد حُصُول الشَّيْء فِي الذِّهْن تِلْكَ الْحَالة الإدراكية تصدق على الْأَشْيَاء الْحَاصِلَة فِي الذِّهْن صدقا عرضيا وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إِذا حصل فِي الذِّهْن شَيْء يحصل لَهُ وصف يحمل ذَلِك الْوَصْف عَلَيْهِ فَيُقَال لَهُ صُورَة علمية وَهَذَا الْمَحْمُول لَيْسَ نفس الْمَوْضُوع وَإِلَّا لَكَانَ مَحْمُولا عَلَيْهِ حَال كَونه فِي الْخَارِج ضَرُورَة أَن الذَّات والذاتي لَا يَخْتَلِفَانِ باخْتلَاف الْوُجُود فَهَذَا الْحمل من قبيل حمل الْكَاتِب على الْإِنْسَان فالعرضي من مقولة الكيف سَوَاء كَانَ معروضه من هَذِه المقولة أَو من مقولة أُخْرَى انْتهى.
فَأَقُول مستعينا بِاللَّه الْملك العلام، وَهُوَ الْهَادِي إِلَى الْحق فِي كل مقصد ومرام، أَن فِي تَحْقِيق الْعلم نظرين نظر جلي فويق، وَنظر دَقِيق خَفِي عميق. وبالقبول حري وحقيق، وَعَن الجروح الْمَذْكُورَة سليم وعتيق. أما الأول فَهُوَ أَن الْعلم هُوَ الصُّورَة الْحَاصِلَة والتعريف الْمَشْهُور أَعنِي حُصُول صُورَة الشَّيْء المُرَاد بِهِ الصُّورَة الْحَاصِلَة على الْمُسَامحَة لَا الْمَعْنى المصدري إِذْ لَا يتَعَلَّق بِهِ الْغَرَض العلمي لِأَنَّهُ لَا يكون كاسبا وَلَا مكتسبا كَمَا مر وَحِينَئِذٍ يرد الإشكالات الْمَذْكُورَة فَيحْتَاج فِي دَفعهَا إِلَى أجوبة لَا تَخْلُو عَن إِيرَاد كَمَا لَا يخفى وَأما الثَّانِي فَهُوَ أَن الْعلم هُوَ الْوَصْف الْعَارِض للصورة الْمَحْمُول عَلَيْهَا حملا عرضيا لَا ذاتيا وَحِينَئِذٍ لَا إِشْكَال وَلَا إِيرَاد.
وتفصيل هَذَا الْمُجْمل أَنَّك قد علمت فِيمَا مر أَن الْأَشْيَاء بعد حُصُولهَا فِي الأذهان تسمى صورا فَأَقُول إِنَّه يحصل لتِلْك الصُّور فِي الأذهان وصف لَيْسَ بحاصل لَهَا وَقت كَونهَا فِي الْأَعْيَان وَذَلِكَ الْوَصْف هُوَ الْحَالة الإدراكية أَي كَيْفيَّة كَون تِلْكَ الصُّور مدركة ومنكشفة وَهَذَا الْوَصْف هُوَ الْعلم وَإِذا حصل للصور الذهنية هَذَا الْوَصْف أَي الْحَالة الإدراكية يحصل بِسَبَب هَذَا الْوَصْف وصف آخر لتِلْك الصُّور وَهُوَ كَونهَا صورا علمية وَذَلِكَ الْوَصْف الَّذِي هُوَ الْعلم حَقِيقَة يحمل على الشَّيْء الْحَاصِل فِي الذِّهْن حملا عرضيا وَيصدق عَلَيْهِ صدقا عرضيا فَيُقَال للصورة الإنسانية مثلا علم وَكَذَا يُقَال عَلَيْهَا إِنَّهَا صُورَة علمية وَلَيْسَ كل من هذَيْن المحمولين نفس الْمَوْضُوع وَإِلَّا لَكَانَ مَحْمُولا عَلَيْهِ حَال كَونه فِي الْخَارِج ضَرُورَة أَن الذَّات والذاتي لَا يَخْتَلِفَانِ باخْتلَاف الْوُجُود فَهَذَا الْحمل من قبيل حمل الْكَاتِب على الْإِنْسَان فالعارض من مقولة الكيف سَوَاء كَانَ معروضه من هَذِه المقولة أَو من مقولة أُخْرَى.
فَالْحَاصِل أَن الْعلم بِحَسب الْحَقِيقَة لَيْسَ نفس الْحَاصِل فِي الذِّهْن بل عَارض لَهُ وَإِطْلَاق الْعلم على الْحَاصِل فِي الذِّهْن من قبيل إِطْلَاق الْعَارِض على المعروض مثل طَلَاق الضاحك على الْإِنْسَان فالعارض الَّذِي هُوَ الْعلم كَيفَ يصدق عَلَيْهِ رسمه والمعروض تَابع للموجود الْخَارِجِي فِي الجوهرية والكيفية وَغَيرهمَا لاتحاده مَعَه وَبِهَذَا التَّحْقِيق ينْحل كثير من الإشكالات الْمَذْكُورَة.
وَأَيْضًا ينْدَفع الْإِشْكَال الْمَشْهُور فِي التَّصَوُّر والتصديق وَهُوَ أَن الْمُحَقِّقين ذَهَبُوا إِلَى أَنَّهُمَا مُخْتَلِفَانِ بِحَسب الْحَقِيقَة وَإِذا تعلق التَّصَوُّر بالتصديق يلْزم اتحادهما لِاتِّحَاد الْعلم والمعلوم وَحَاصِل الدّفع أَن التَّصَوُّر والتصديق قِسْمَانِ لما هُوَ علم بِحَسب الْحَقِيقَة لَا لما صدق هُوَ عَلَيْهِ وَالْعلم الَّذِي هُوَ عين الْمَعْلُوم هُوَ مَا يصدق عَلَيْهِ الْعلم أَي مَا هُوَ حَاصِل فِي الذِّهْن وَإِن تَأَمَّلت فِيمَا حررنا ينْدَفع مَا قيل إِن قَوْله فَيُقَال لَهُ صُورَة علمية يشْعر بِأَن الْحَالة الإدراكية الَّتِي هِيَ علم بِالْحَقِيقَةِ هِيَ الْوَصْف أَي هَذَا الْمَحْمُول أَعنِي كَونهَا صُورَة علمية، وَلَا يخفى مَا فِيهِ لِأَنَّهُ إِن أَرَادَ مَفْهُوم لفظ هَذَا الْمَحْمُول فَظَاهر أَنه لَيْسَ كَذَلِك لِأَنَّهُ لَيْسَ من الكيفيات النفسانية العلمية، وَإِن أَرَادَ مصداقه فَهُوَ الصُّورَة الْحَاصِلَة فَهَذَا هُوَ الَّذِي فر عَنهُ.
وتوضيح الدّفع أَن هَاهُنَا وصفين متغائرين أَحدهمَا الْحَالة الإدراكية وَهِي علم فِي الْحَقِيقَة وَثَانِيهمَا كَون الْحَاصِل فِي الذِّهْن صُورَة علمية وَلَيْسَ أَحدهمَا عين الآخر نعم إِذا حصلت الْحَالة الإدراكية أَي الصّفة الأولى للصورة فِي الذِّهْن يحصل لتِلْك الصُّورَة بِسَبَب الصّفة الأولى صفة أُخْرَى وَهُوَ كَونهَا صُورَة علمية فالفاء فِي قَوْله فَيُقَال للتفريع والتعقيب أَي بعد حمل ذَلِك الْوَصْف الأول على الشَّيْء الْحَاصِل فِي الذِّهْن يُقَال لَهُ صُورَة علمية أَي يحمل هَذَا الْوَصْف الثَّانِي على ذَلِك الشَّيْء. فَإِن قلت الْمَقْصُود إِثْبَات زِيَادَة الْوَصْف الأول وعرضيته أَي الْكَيْفِيَّة الإدراكية الَّتِي هِيَ الْعلم وَلَا فَائِدَة فِي إِثْبَات الْوَصْف الثَّانِي وزيادته وعروضه مَعَ أَنه لَيْسَ بِعلم نعم لَكِن لما كَانَ إِثْبَات زِيَادَة الْوَصْف الثَّانِي وعرضيته توجب زِيَادَة الْوَصْف الأول وعرضيته لِأَن الْوَصْف الثَّانِي وَهُوَ كَون الْحَاصِل فِي الذِّهْن صُورَة علمية من لَوَازِم الْوَصْف الأول أَعنِي الْحَالة الإدراكية تعرض لإِثْبَات الْوَصْف الثَّانِي وزيادته وعرضيته. وَإِنَّمَا قُلْنَا إِن الْوَصْف الثَّانِي من لَوَازِم الْوَصْف الأول لِأَن الْوَصْف الثَّانِي اللَّازِم مُنْتَفٍ فِي ظرف الْخَارِج لِأَن الشَّيْء فِي الْخَارِج لَا تطلق عَلَيْهِ الصُّورَة العلمية فالوصف الأول الْمَلْزُوم أَيْضا يكون منتفيا عَنهُ فِي الْخَارِج.
وَبَقِي هَاهُنَا اعْتِرَاض قوي تَقْرِيره أَن قَوْله يصدق إِلَى آخِره وَقَوله حصل إِلَى آخِره وَقَوله فالعرض من مقولة الكيف إِلَى آخِره نُصُوص وشواهد على أَن الْحَالة الإدراكية من عوارض الصُّورَة الْحَاصِلَة ومحمولاتها وصفاتها مَعَ أَنَّهَا الْعلم حَقِيقَة فَيلْزم أَن يكون كل وَاحِد مِنْهَا عَالما حَقِيقَة لِأَن الْعَالم وكل مُشْتَقّ مِنْهُ يصدق على مَا قَامَ بِهِ مبدؤه ومأخذه وَهُوَ هَاهُنَا الصُّورَة الْحَاصِلَة فَتكون هِيَ عَالِمَة حَقِيقَة لَا النَّفس الناطقة الإنسانية اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يُقَال إِن الْكَيْفِيَّة الإدراكية إِذا حصلت حصلت لَهَا جهتان جِهَة النِّسْبَة إِلَى النَّفس الناطقة وجهة النِّسْبَة إِلَى الصُّورَة الْحَاصِلَة كَمَا أَن للمصدر الْمُتَعَدِّي حِين حُصُوله نسبتان نِسْبَة إِلَى الْفَاعِل وَنسبَة إِلَى الْمَفْعُول كالضرب فَإِن لَهُ علاقَة بالضارب بالصدور وبالمضروب بالوقوع. والمصدر حَقِيقَة من عوارض الْفَاعِل وَمن صِفَاته فَإِن الضَّرْب حَقِيقَة صفة الضَّارِب لَكِن لَا بعد فِي أَن يعد من صِفَات الْمَفْعُول مجَازًا نظرا إِلَى العلاقة الثَّانِيَة فَيُقَال إِن الضَّرْب صفة الْمَضْرُوب كَمَا أَنه صفة الضَّارِب وَإِن كَانَ أَحدهمَا حَقِيقَة وَالْآخر تجوزا. وَلَا مشاحة أَيْضا فِي أَن يُقَال إِن الْمصدر مَحْمُول على الْمَفْعُول فِي ضمن مُشْتَقّ من مشتقاته فَإِن الضَّرْب مَحْمُول على الْمَفْعُول بِاعْتِبَار أَن مشتقا من مشتقاته مَحْمُول عَلَيْهِ.
وَحَاصِل هَذَا الْجَواب أَنه لَا بَأْس بِكَوْن الصُّورَة الْحَاصِلَة فِي الذِّهْن عَالِمَة وَيُمكن أَن يُقَال إِن الْعلم وصف للصورة الْحَاصِلَة بِحَال متعلقها لَا بِحَال نَفسهَا فَلَا يلْزم من كَون الْعلم وَصفا للصورة ومحمولا عَلَيْهَا كَونه وَصفا لَهَا على وزن الْمَوْصُوف بِحَال الْمَوْصُوف، وَإِنَّمَا قُلْنَا إِن الْعلم وصف الصُّورَة بِحَال متعلقها لِأَن معنى الْحَالة الإدراكية الَّتِي هِيَ الْعلم حَقِيقَة حَالَة إِدْرَاك النَّفس الناطقة للصورة الْحَاصِلَة فِيهَا فَهِيَ وصف النَّفس بِحَال نَفسهَا وَالصُّورَة بِحَال متعلقها الَّذِي هُوَ النَّفس الناطقة المدركة لَهَا. والمشتق الْمَبْنِيّ للْفَاعِل إِنَّمَا يصدق على مَا قَامَ بِهِ المأخذ، والمشتق الْمَبْنِيّ للْمَفْعُول إِنَّمَا يصدق على مَا قَامَ بِهِ المأخذ الْمَبْنِيّ للْمَفْعُول. أَلا ترى أَن الضَّارِب لَا يصدق على مَا قَامَ بِهِ الضَّرْب الْمَبْنِيّ للْمَفْعُول. والمضروب لَا يصدق على مَا قَامَ بِهِ الضَّرْب الْمَبْنِيّ للْفَاعِل. هَذَا مَا خطر بالبال، وَلَا يخفى مَا فِيهِ من الأشكال، لِأَن الْمُتَبَادر من الْإِدْرَاك الْمصدر الْمَبْنِيّ للْفَاعِل وَفِيه مَا فِيهِ أَيْضا وَلَعَلَّ الله يحدث بعد ذَلِك أمرا.
وَلَا يخفى على الذكي الوكيع مَا يرد على الزَّاهِد من الأبحاث القوية أَحدهَا أَن الْحَاصِل بِالْمَصْدَرِ يكون مُؤَخرا عَن الْمصدر فَكيف يَصح أَن يُقَال إِن المُرَاد بِحُصُول الصُّورَة الْمَعْنى الْحَاصِل بِالْمَصْدَرِ وَجعل ذَلِك الْمَعْنى علما حَقِيقَة لِأَن الْعلم على مَا قَالَ مبدؤ الانكشاف ومقدم عَلَيْهِ فَلَو كَانَ الْعلم عبارَة عَن الْحَاصِل بِالْمَصْدَرِ يكون مُؤَخرا عَن الْمصدر أَي عَن حُصُول الصُّورَة الملازم للانكشاف فَيلْزم أَن يكون الْعلم مُؤَخرا عَن الانكشاف أَيْضا. وَثَانِيها أَن الْعلم من الموجودات الخارجية فَلَو كَانَ وَصفا عارضا للصورة الذهنية يلْزم زِيَادَة الْعَارِض على المعروض فِي الْوُجُود فَإِن الْعَارِض فرض كيفا مَوْجُودا فِي الْخَارِج والمعروض مَوْجُود ذهني وَثَالِثهَا أَنه لَا يتَصَوَّر أَن يكون الْمَوْجُود الْخَارِجِي عارضا للوجود الذهْنِي فَإِن الْعَارِض يكون تَابعا لمعروضه فِي طرفه فَإِن وجود الْعَارِض الْمَحْمُول إِنَّمَا هُوَ وجود الْمَوْجُود الْمَوْضُوع فَيكون تَابعا لوُجُود الْمَوْضُوع وَوُجُود الْمَوْضُوع هَاهُنَا ذهني فَكيف يكون بعارضه الْمَحْمُول وجود خارجي. وَقد أجَاب عَنْهَا بعض أَبنَاء الزَّمَان بأجوبة مَا لَهَا خلاف ظَاهر بَيَان الزَّاهِد بل استحداث مَذْهَب آخر غير مذْهبه وَتَحْقِيق سوى تَحْقِيقه لم ألتفت إِلَيْهَا مَعَ أَن تردد البال وتشتت الْحَال لم يرخص أَيْضا بنقلها.
ثمَّ اعْلَم أَن هَاهُنَا تحقيقات وشبهات أذكرها للناظرين رَجَاء مِنْهُم دُعَاء بَقَاء الْإِيمَان، والتجاوز عَن جَزَاء الْعِصْيَان، قد أَشرت فِي العجالة إِلَى شُبْهَة مَشْهُورَة وجوابها بطرِيق الرَّمْز والألغاز وَهَاهُنَا أذكرها بتقرير وَاضح وتحرير لائح بِأَن البداهة والنظرية صفتان متبائنتان لَا يُمكن جَمعهمَا فِي شَيْء وَاحِد فالعلم لَا يكون إِلَّا بديهيا أَو نظريا على سَبِيل الِانْفِصَال الْحَقِيقِيّ وَهُوَ منقسم إِلَى التَّصَوُّر والتصديق المنقسمين إِلَى البديهي والنظري فَيلْزم انقسام الْعلم إِلَيْهِمَا أَيْضا فَإِن كَانَ نظريا كَمَا هُوَ الْحق أَو ضَرُورِيًّا كَمَا هُوَ مَذْهَب الإِمَام يلْزم انقسام الشَّيْء إِلَى نَفسه وَإِلَى غَيره وبطلانه أظهر من أَن يخفى. وَالْجَوَاب أَن الْعلم من حَيْثُ مَفْهُومه إِمَّا ضَرُورِيّ أَو كسبي وَلَا يلْزم مِنْهُ أَن يكون جَمِيع مَا صدق عَلَيْهِ ضَرُورِيًّا أَو جَمِيع مَا صدق عَلَيْهِ كسبيا بل يجوز أَن يكون بعض مَا صدق عَلَيْهِ ضَرُورِيًّا وَالْبَعْض الآخر كسبيا. وَحَاصِل الْجَواب أَن الضَّرُورِيّ أَو الكسبي هُوَ مَفْهُوم الْعلم والمنقسم إِلَيْهِمَا إِنَّمَا هُوَ مَا صدق عَلَيْهِ الْعلم وَلَا يلْزم من كَون مَفْهُوم شَيْء ضَرُورِيًّا أَو كسبيا أَن يكون جَمِيع مَا صدق عَلَيْهِ ذَلِك الشَّيْء أَيْضا كَذَلِك. أَلا ترى أَن الضَّرُورِيّ نَظَرِي مفهوما مَعَ أَن مَا صدق عَلَيْهِ إِنَّمَا يكون ضَرُورِيًّا بديهيا. فَإِن قلت، قَوْلهم الْعلم إِمَّا تصور أَو تَصْدِيق مُنْفَصِلَة حَقِيقِيَّة أَو مَانِعَة الْجمع أَو مَانِعَة الْخُلُو فعلى الْأَوَّلين لَا يفهم أَن للْعلم قسمَيْنِ، وعَلى الثَّالِث لَا يحصل الْجَزْم بالقسمين مَعَ أَنه الْمَقْصُود. وَالْجَوَاب أَن هَذِه الْقَضِيَّة لَيست بمنفصلة وَإِنَّمَا هِيَ حملية شَبيهَة بالمنفصلة والمنافاة قد تعْتَبر فِي القضايا المنفصلات وَقد تعْتَبر فِي الْمُفْردَات بِحَسب صدقهَا على الذَّات وَهِي الحمليات الشبيهة بالمنفصلات.
وَفِي الرسَالَة القطبية فِي الْحِكْمَة العملية الْعلم هُوَ الْمَوْجُود المستلزم عدم الْغَيْبَة فَإِن كَانَ بِآلَة فَهُوَ الْعلم وَإِن كَانَ بِغَيْر وَاسِطَة فَهُوَ الْمُشَاهدَة وَإِن كَانَ بِآلَة روحانية فَهُوَ الْمَعْقُول والجازم الَّذِي لَيْسَ مطابقا هُوَ الْجَهْل الْمركب والمطابق الَّذِي لَا مُسْتَند لَهُ هُوَ التَّقْلِيد الْحق وَالَّذِي لَهُ مُسْتَند وَكفى فِي التَّصْدِيق بِنِسْبَة أحد جزئيه إِلَى الآخر تصور أحد الطَّرفَيْنِ فَقَط فَهُوَ الفطري وَإِن لم يكف فَهُوَ الفكري وَإِن كَانَ غير جازم فأقرب الطَّرفَيْنِ إِلَى الْجَزْم ظن وأوسطها شكّ وأبعدهما وهم. والجازم المطابق الَّذِي لَهُ مُسْتَند إِن كَانَ برهَان الْآن فَهُوَ الْيَقِين وَإِن كَانَ ببرهان اللم فَهُوَ علم الْيَقِين، والمشاهدة إِن كَانَت على وَجه يُمكن أتم مِنْهَا فَهُوَ عين الْيَقِين، وَإِن كَانَ على وَجه لَا يُمكن أتم مِنْهَا فَهُوَ حق الْيَقِين انْتهى. قَالَ بعض الْحُكَمَاء لِابْنِهِ يَا بني خُذ الْعلم من أَفْوَاه الرِّجَال فَإِنَّهُم يَكْتُبُونَ أحسن مَا يسمعُونَ ويحفظون أحسن مَا يَكْتُبُونَ وَيَقُولُونَ أحسن مَا يحفظون.
الْعلم الحضوري وَالْعلم الحصولي قد عرفت تَعْرِيف كل مِنْهُمَا فِي تَحْقِيق الْعلم فَاعْلَم أَن كل وَاحِد مِنْهُمَا حَقِيقَة نوعية محصلة عِنْدهم ذاتي لما تَحْتَهُ مغائر للْآخر مُغَايرَة نوعية، وَالْعلم والمعلوم فِي الْعلم الحضوري متحدان بِالذَّاتِ وَالِاعْتِبَار. وَفِي الحصولي متحدان بِالذَّاتِ متغائران بِالِاعْتِبَارِ فَإِن الْعلم فِي الحصولي الْمَاهِيّة من حَيْثُ إِنَّهَا مكيفة بالعوارض الذهنية، والمعلوم فِيهِ الْمَاهِيّة مَعَ قطع النّظر عَن تِلْكَ الْحَيْثِيَّة. فَإِن قيل زعم بَعضهم أَن مَجْمُوع المعروض والعوراض الذهنية علم حصولي والمعروض فَقَط مَعْلُوم بِهِ فَيعلم من هَاهُنَا أَن التغاير بَينهمَا فِي الْعلم الحصولي بِالذَّاتِ، قُلْنَا، هَذَا المظنون غير صَحِيح لِأَن الْعلم عِنْدهم حَقِيقَة محصلة لَا أَمر اعتباري أَي لَيْسَ من الْأُمُور الَّتِي تحققها بِاعْتِبَار الْعقل واختراع الذِّهْن بل هُوَ أَمر مُحَقّق فِي نفس الْأَمر وَله حَقِيقَة محصلة مَوْجُودَة بِلَا اعْتِبَار واختراع فَلَو كَانَ الْعلم أَي مَا يصدق عَلَيْهِ الْكَيْفِيَّة العلمية مَجْمُوع الْعَارِض والمعروض مَجْمُوع الْإِنْسَان وعوارضه الذهنية مثلا يلْزم أَن يكون حَقِيقَة الْعلم ملتئمة عَن الْجَوْهَر وَالْعرض أَو عَن غَيرهمَا من المقولتين المتبائنتين.
وَلَا شكّ أَن كل حَقِيقَة مركبة كَذَلِك فَهُوَ أَمر اعتباري لَيْسَ لَهُ حَقِيقَة وحدانية محصلة مَعَ أَن منَاط الانكشاف هُوَ أَن يحصل المعروض فَقَط لَا أَن يحصل مَجْمُوع المعروض والعوارض على مَا تشهد بِهِ الضَّرُورَة، أَلا ترى أَنه لَو حصل المعروض فِي الذِّهْن خَالِيا عَن الْعَوَارِض لتحَقّق الانكشاف فَإِن قيل زعم بَعضهم أَن التغاير بَين الْعلم والمعلوم فِي الحضوري تغاير اعتباري كتغاير المعالج والمعالج فَلَيْسَ بَينهمَا اتِّحَاد بِالذَّاتِ وَالِاعْتِبَار قُلْنَا التغاير على نَوْعَيْنِ تغاير بِاعْتِبَار المصداق أَي التغاير الَّذِي هُوَ مصداق تحقق المتغائرين وتغاير بعد تحقق المتغائرين وَالْمُعْتَبر فِي الِاتِّحَاد بِالذَّاتِ هُوَ نفي التغاير الأول فالتغاير الثَّانِي لَا يضر فِي ذَلِك الِاتِّحَاد فقد اشْتبهَ على هَذَا الزاعم التغاير الأول بالتغاير الثَّانِي. وتفصيل هَذَا الْإِجْمَال أَن فِي المعالج والمعالج حيثيتين حيثية الْقُوَّة الفعلية وحيثية الْقُوَّة الانفعالية وَيُقَال المعالج بِالْكَسْرِ بِالِاعْتِبَارِ الأول والحيثية الأولى والمعالج بِالْفَتْح بِالِاعْتِبَارِ الثَّانِي والحيثية الثَّانِيَة وَالْعلم الحضوري لَيْسَ كَذَلِك لِأَن منَاط الانكشاف فِي الْعلم الحضوري هُوَ الصُّورَة الخارجية الْحَاضِرَة. نعم هَذِه الصُّورَة من حَيْثُ إِنَّهَا منَاط الانكشاف يُقَال لَهَا علم حضوري وَمن حَيْثُ إِنَّهَا منكشفة يُقَال لَهَا مَعْلُوم حضوري وَهَاتَانِ الحيثيتان متأخرتان عَن مصداق تحققهما وَهَذَا المصداق لَيْسَ إِلَّا وَاحِد، وَالْمرَاد باتحاد الْعلم والمعلوم فِي الْعلم الحضوري هُوَ الِاتِّحَاد بِاعْتِبَار المصداق وَهُوَ مُتحد فِي الْعلم الحضوري وَأَن تحدث بعد تحَققه حيثيتان بِخِلَاف المعالج والمعالج فَإِن مصداق تحققهما مُتَعَدد فيهمَا وَلَو كَانَ مصداق الْعلم والمعلوم فِي الْعلم الحضوري مُتَعَددًا بِأَن كَانَ التغاير بَينهمَا مَوْجُودا أَن تحققهما عِلّة لتحققهما مقدما على التغاير الَّذِي بعد تحققهما لَكَانَ الْعلم الحضوري صُورَة منتزعة من الْمَعْلُوم وَكَانَ علما حصوليا.
فَإِن قيل كَيفَ يكون الْعلم والمعلوم فِي الحصولي متحدين بِالذَّاتِ ومتغائرين بِالِاعْتِبَارِ قُلْنَا قَالَ الزَّاهِد أَن للشَّيْء الْحَاصِل صورته فِي الذِّهْن ثَلَاثَة اعتبارات الأول اعْتِبَاره من حَيْثُ هُوَ أَي مَعَ قطع النّظر عَن عوارضه الخارجية والذهنية وَالثَّانِي اعْتِبَاره من حَيْثُ الْعَوَارِض الخارجية وَالثَّالِث اعْتِبَاره من حَيْثُ الْعَوَارِض الذهنية وَذَلِكَ الشَّيْء بِالِاعْتِبَارِ الأول أَي من حَيْثُ هُوَ مَعْلُوم بِالْعلمِ الحصولي بِالذَّاتِ لحُصُول صورته فِي الذِّهْن وموجود فِي الْخَارِج لحصوله فِي الْخَارِج بِنَفسِهِ وموجود فِي الذِّهْن لحصوله فِي الذِّهْن بصورته الْحَاصِلَة فِيهِ وَالشَّيْء الْمَذْكُور بِالِاعْتِبَارِ الثَّانِي أَي من حَيْثُ الْعَوَارِض الخارجية مَعْلُوم بِالْعلمِ الحصولي بِالْعرضِ لِأَن الْعلم يتَحَقَّق عِنْد انتفائه. وَأَنت تعلم أَن الْعلم صفة ذَات إِضَافَة لَا بُد لَهُ من مَعْلُوم وموجود فِي الْخَارِج فَقَط لترتب الْآثَار الخارجية عَلَيْهِ دون الذهنية وَالشَّيْء المسطور بِالِاعْتِبَارِ الثَّالِث أَي من حَيْثُ الْعَوَارِض الذهنية علم حصولي لكَونه صُورَة ذهنية للاعتبار الأول وَعلم حضوري بِنَفس هَذَا الْعلم وَمَعْلُوم بِالْعلمِ الحضوري لكَونه صفة قَائِمَة بِالنَّفسِ وَعلمهَا بذاتها وصفاتها علم حضوري وموجود فِي الْخَارِج لترتب الْآثَار الخارجية واتصاف الذِّهْن بِهِ اتصافا انضماميا وَهُوَ يَسْتَدْعِي وجود الحاشيتين فِي الْخَارِج كَمَا حققناه فِي تَحْقِيق الاتصاف. وَلَا يخفى على الوكيع أَن جَمِيع مَا ذكر على تَقْدِير أَن يكون الْعلم الحصولي عبارَة عَن الصُّورَة الْحَاصِلَة لَا عَن كَيْفيَّة إدراكية، فَإِن قلت، إِن الْعلم الحضوري على مَا عرف بِكَوْن الصُّورَة العلمية فِيهِ الصُّورَة الخارجية وَنَفس الْعلم الحصولي أَي نفس الصُّورَة الْحَاصِلَة من الشَّيْء عِنْد الْعقل علم حضوري عِنْدهم لحضورها بِنَفسِهَا عِنْد الْعقل فَيلْزم أَن يكون تِلْكَ الصُّورَة خارجية وَغير خارجية قُلْنَا جَوَابه قد مر فِي تَحْقِيق الْعلم.
وَحَاصِله أَن الصُّورَة العلمية الْحَاصِلَة فِي الذِّهْن من حَيْثُ إِنَّهَا صُورَة علمية حَاصِلَة فِي الذِّهْن لَهَا وجود يحذو حَذْو الْوُجُود الْخَارِجِي فِي ترَتّب الْآثَار الخارجية فَتلك الصُّورَة بِهَذِهِ الْحَيْثِيَّة خارجية وَلَا مُنَافَاة بَين كَونهَا خارجية بِهَذَا الْمَعْنى وَبَين كَونهَا لَيست بخارجية بِمَعْنى أَنَّهَا لَيست بموجودة فِي الْخَارِج أَي مَا وَرَاء الذِّهْن - فَالْمُرَاد بالموجود الْخَارِجِي فِي الْعلم الحضوري أَعم مِمَّا لَهُ وجود خارجي حَقِيقَة وَمِمَّا لَهُ وجود خارجي حكما بِأَن يكون لَهُ وجود يحذو حَذْو الْوُجُود الْخَارِجِي فِي ترَتّب الْآثَار الخارجية. وَلَا شكّ أَن مَا لَهُ وجود فِي الْخَارِج كالنار مثلا يَتَرَتَّب عَلَيْهِ الْآثَار الخارجية مثل الإحراق واللمعان كَذَلِك تترتب على الصُّورَة الْحَاصِلَة فِي الذِّهْن آثَار خارجية كالفرح والانبساط والحزن والانقباض وَمن أَرَادَ زِيَادَة التَّفْصِيل وَالتَّحْقِيق فَليرْجع إِلَى الْعلم والتصور والتصديق.
وَهَا هُنَا سُؤال مَشْهُور تَقْرِيره أَن الحضوري لما كَانَ عين الْمَوْجُود الْخَارِجِي وَعلم الْوَاجِب عينه فَيلْزم أَن يكون الْوَاجِب عين الممكنات وَالْجَوَاب أَن معنى كَون ذَاته تَعَالَى عين علمه أَنه يَتَرَتَّب على ذَاته مَا يَتَرَتَّب على الْعلم من انكشاف المعلومات كَمَا يُقَال إِن الْعَالم الْفُلَانِيّ عين الْكتاب أما سَمِعت أَن مقصودهم من نفي الصِّفَات عَن ذَاته تَعَالَى إِثْبَات غاياتها.
(الْعلم) الْعَالم

(الْعلم) إِدْرَاك الشَّيْء بحقيقته وَالْيَقِين وَنور يقذفه الله فِي قلب من يحب والمعرفة وَقيل الْعلم يُقَال لإدراك الْكُلِّي والمركب والمعرفة تقال لإدراك الجزئي أَو الْبَسِيط وَمن هُنَا يُقَال عرفت الله دون عَلمته وَيُطلق الْعلم على مَجْمُوع مسَائِل وأصول كُلية تجمعها جِهَة وَاحِدَة كعلم الْكَلَام وَعلم النَّحْو وَعلم الأَرْض وَعلم الكونيات وَعلم الْآثَار (ج) عُلُوم وعلوم الْعَرَبيَّة الْعُلُوم الْمُتَعَلّقَة باللغة الْعَرَبيَّة كالنحو وَالصرْف والمعاني وَالْبَيَان والبديع وَالشعر والخطابة وَتسَمى بِعلم الْأَدَب وَيُطلق الْعلم حَدِيثا على الْعُلُوم الطبيعية الَّتِي تحْتَاج إِلَى تجربة ومشاهدة واختبار سَوَاء أَكَانَت أساسية كالكيمياء والطبيعة والفلك والرياضيات والنبات وَالْحَيَوَان والجيولوجيا أَو تطبيقية كالطب والهندسة والزراعة والبيطرة وَمَا إِلَيْهَا

(الْعلم) الْعَلامَة والأثر والفصل بَين الْأَرْضين وَشَيْء مَنْصُوب فِي الطَّرِيق يهتدى بِهِ ورسم فِي الثَّوْب وَسيد الْقَوْم والجبل والراية (ج) أَعْلَام

المعمى

(المعمى) اللغز (مو)(ج) معميات
المعمى: هُوَ الْكَلَام الْمَوْزُون الدَّال على اسْم من الْأَسْمَاء أَو غير ذَلِك بطرِيق الرَّمْز والإيماء بِحَيْثُ يقبله ذُو طبع سليم وَفهم مُسْتَقِيم. وَله ثَلَاثَة أَعمال تحصيلية وتكميلية وتسهيلية وَالْكل مَذْكُور فِي كتب المعمى - وَبَعْضهمْ لم يُقيد الْكَلَام فِي تَعْرِيفه بالموزون إِشَارَة إِلَى أَنه لَيْسَ مَخْصُوصًا بالمنظوم فَإِنَّهُ يكون فِي المنثور أَيْضا مِثَاله فِي النّظم باسم مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
شعر:
(خُذ الميمين من مِيم فَلَا تنقط على مد ... فامزجها يكن اسْما لمن كَانَ بِهِ فَخر)
وَأَيْضًا بِالْفَارِسِيَّةِ: شعر:
(خم جو نَكُون كشت ازو قطره ريخت ... )
(هوش ز مدهوش محبت برفت ... )
وباسم الْبَرْق.
(خُذ الْقرب ثمَّ اقلب جَمِيع حُرُوفه ... فَذَاك اسْم من أقْصَى من الْقلب قربه)
المعمى: هُوَ الْكَلَام الْمَوْزُون الدَّال على اسْم من الْأَسْمَاء أَو غير ذَلِك بطرِيق الرَّمْز والإيماء بِحَيْثُ يقبله ذُو طبع سليم وَفهم مُسْتَقِيم (مِثَاله فِي النّظم اسْم مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -) :
(خُذ الميمين من مِيم فَلَا تنقط على أَمر ... فامزجها يكن اسْما لمن كَانَ بِهِ فَخر)
وَأَيْضًا بِالْفَارِسِيَّةِ:
(خم جونكون كشت أزو قطره ريخت ... )
(هُوَ ش ز مدهو ش برفت برفت ... ) أَي ننزع نقط (خم) ونقلبها فَتُصْبِح (مح) وننزع (هوش) من كلمة (مدهوش) فَيبقى لدينا (مد) . فندمجهما ببعضهما الْبَعْض الآخر، فنحصل على (مُحَمَّد) .
وباسم الْبَرْق:
(خُذ الْقرب ثمَّ اقلب جَمِيع حُرُوفه ... فَذَاك اسْم من اقصى من الْقلب قربه)
ومثاله فِي النثر (آش دِرْهَم جوش بانمك خوان آصف جاه) . يَقُول اخلط ال (آش) مَعَ بعض (هم) وأغليه بملح قشرة آصف جاه. وَهَذَا كَلَام منثور يعلم مِنْهُ اسْم (هَاشم عَليّ خَان) بالاستعانة بقوانين المعمى على هَذِه الطَّرِيقَة إِذا أنزلنَا ال (آش) فِي وسط (هم) فنحصل على (هَاشم) ، وَعدد (عَليّ) و (نمك) متساو إِذا المُرَاد ب (نمك) هُوَ عَليّ، وَإِذا أضفنا هَاشم إِلَى عَليّ فنحصل على (هَاشم عَليّ) ، وَلما كَانَت (الْوَاو) فِي (خوان) لَا اعْتِبَار لَهَا وَلَا تلفظ كَمَا هُوَ مُقَرر فِي الْعرُوض عِنْدهَا نحصل على (هَاشم عَليّ خَان) .
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.