Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: رسالة

الإذالة

الإذالة:
[في الانكليزية] Supplementary consonant
[ في الفرنسية] Consonne supplemenraire
عند أهل العروض هي أن يزاد على آخر الجزء حرف ساكن إذا كان آخره وتدا مجموعا، فإن كان آخره سببا فهو التّسبيغ، كذا في بعض رسائل العروض العربي. والجزء الذي فيه الإذالة يسمّى مذالا بضم الميم، كما في عروض سيفي، بعد بيان معنى الإذالة على الطريق المذكور. وصاحب عنوان الشرف عرف التذييل بهذا التعريف حيث قال التذييل هو زيادة حرف ساكن على الوتد المجموع. ولم يذكر الإذالة فعلم منه أنّ الإذالة والتذييل مرادفان. فمستفعلن إذا زيد قبل نونه ألف يصير مذالا، وأما أنّه هل يسمّى مذيلا أم لا فمحتمل. وفي رسالة قطب الدين السرخسي الإذالة أن يزاد على التّعرية حرف ساكن. وفسّر التعرية بكون الجزء سالما من الزيادة، وهذا بظاهره مخالف لما سبق.

ييي

ييي
:) } يُويُو، بِالضَّمِّ: موضِعٌ إِلَيْهِ نُسِبَ يَوْم يُويُو مِن أَيامِهم، عَن ياقوت.
وَبِه تَمَّ حَرْفُ المُعْتَلِّ؛ والحمدُ للهِ الَّذِي بنعْمَتِهِ تتمُّ الصَّالحاتُ، وصلّى الله تَعَالَى على سيِّدِنا ومَوْلانا مُحَمَّد، وعَلى آلِهِ وصَحْبِه وسلَّم مَا أَشْرَقَتْ شمسُ النِّهاياتِ. وكَتَبَه العبْدُ المُقَصِّر محمدُ مُرْتَضى الحُسَيْني، عَفا اللهُ عَنهُ فِي 11 جُمَادَى سنة 1188.
ويَتْلوه إنْ شاءَ اللهاُ تَعَالَى بابُ الألفِ الليِّنةِ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَصلى الله على سيدنَا مُحَمَّد وَسلم الله نَاصِر كل صابر (بَاب الْألف اللينة) قَالَ شيْخُنا: هِيَ صفَةٌ كاشِفَةٌ لأنَّ القَصْدَ هُنَا الألِفُ الَّتِي هِيَ مِن حُرُوفِ المدِّ واللِّين، ويقالُ لَهَا: الألِفُ الهاوِيَةُ، وَهِي الَّتِي لَا تَقْبَل الحركاتِ بل ساكِنَة دَائِما هَوائِيَّة، واحْتَرز بذلكَ عَن الهَمْزةِ فإنَّها عِبارَةٌ عَمَّا يَقْبَل الحَركاتِ وَقد أَشَرْنا إِلَى أنَّ هَذَا اصْطِلاحٌ للمُتأَخِّرين كَمَا نبَّه عَلَيْهِ ابنُ هِشام وغيرُه، وقاعِدَتُه أنَّ البابَ يكونُ لآخرِ الكَلمةِ، وَهُوَ فِي هَذَا البابِ غالِبٌ عنْدَه لَا لازِمٌ، كَمَا أنَّ الألِفَ اللَّيِّنَةَ إنَّما تصحُّ فِي الآخِرِ لَا الأوَّلِ. وَقد ذُكِرَ فِي هَذَا البابِ كلماتٌ أَوائِلُها هَمْزة وآخِرُها ليسَ كَذلكَ، كإذْ مَثَلاً فِذْكُر هُنَا ليسَ مِن هَذَا البابِ بِاعْتِبارِ اصْطِلاحِه، بل مَوْضِعه الذَّال المُعْجمة، وَقد أَشارَ إِلَيْهِ هناكَ؛ ومِثْل أولو فإنَّ آخِرَه واوٌ ساكِنَةٌ وذِكْره هُنَا باعْتِبار أَوَّله فَلم يَبْقَ لَهُ ضابِط. وكالألِفاتِ المُفْردَةِ الَّتِي لم تركبْ مَعَ شيءٍ فإنَّ أَكْثَرها مُتحرِّكٌ وَلَا زائِدَ عَلَيْهِ فاعْتُبِر أَوَّلُه، وَهَكَذَا فاعْرِف ذَلِك. وَفِيه غَيْر ذَلِك فِي بَقِيَّة الحُروفِ يَحْتاجُ الكَشْفُ عَنهُ إِلَى تأَمّل ودِقَّةً نَظَرٍ، انتَهَى.
قُلْت: وَقد يجابُ عَن المصَنِّفِ بأنَّه لم يَذْكُرْ إذْ إلاَّ اسْتِطْراداً فِي إِذا، ويدلُّكَ على ذلكَ أنَّه لم يُفْرِد لَهُ تَرْكِيباً، وَقد ذَكَرَه فِي الذالِ المُعْجمة مَبْسوطاً. وأمَّا أولو فإنَّما ذَكَرَه لمُناسَبَتِه بأُولا كهُدًى فِي كَوْن كل واحِدٍ مِنْهُمَا جَمْعاً لَا واحِدَ لَهُ، ويدلُّكَ على ذَلِك أنَّه ذَكَرَه فِي الَّلامِ مُفَصّلاً، مَعَ أنَّ الجَوْهرِي ذَكَرَ كُلاًّ مِن إِذْ وأَولا، وإنَّما هُوَ نظرٌ لما قُلْنا وَكفى بِهِ قُدْوَة، فتأَمَّل.
وَفِي الصِّحاح: الألِفُ على ضَرْبَيْن: لَيِّنَةٌ ومُتَحرِّكةٌ، فالليِّنَةُ تُسَمَّى أَلفاً، والمُتحرِّكَةُ تُسَمَّى هَمْزةً، وَقد ذَكَرْنا الهَمْزةَ، وذَكَرْنا أَيْضاً مَا كانتِ الألِفُ فِيهِ مُنْقلِبَة عَن الواوِ أَو الياءِ، وَهَذَا الْبَاب مَبْني على أَلفاتٍ غَيْر مُنْقلباتٍ عَن شيءٍ فَلهَذَا أَفْرَدْناه، انْتهى.
وَقَالَ ابْن برِّي: الألِفُ الَّتِي هِيَ أَحَدُ حُروفِ المدِّ واللِّين لَا سَبِيلَ إِلَى تَحْريكِها، على ذلكَ اجْتِماعُ النّحويِّين، فَإِذا أَرادُوا تَحْريكَها رَدُّوها إِلَى أصْلِها فِي مِثْل رَحَيان وعَصَوان؛ وَإِن لم تَكُن مُنْقلِبَةً عَن واوٍ وَلَا ياءٍ وأَرادُوا تَحْريكَها أَبْدلُوا مِنْهَا هَمْزة فِي مِثْل رِسالَةٍ ورَسائِل، فالهَمْزةُ بدلٌ مِن الألفِ وليسَتْ هِيَ الألِف، لأنَّ الألفَ لَا سَبِيل، إِلَى تَحْريكِها، واللهاُ أَعْلَم.

الرّجْعَة

(الرّجْعَة) جَوَاب الــرسَالَة
(الرّجْعَة) عود الْمُطلق إِلَى مطلقته وَمذهب من يُؤمن بِالرُّجُوعِ إِلَى الدُّنْيَا بعد الْمَوْت و (فِي علم الْأَحْيَاء) العودة إِلَى الْحَيَاة بعد موت ظاهري أَو سبات (مج)
الرّجْعَة: اسْم من رَجَعَ يرجع رُجُوعا بِكَسْر الرَّاء. وَفتحهَا افصح وَالرَّجْعَة فِي الطَّلَاق أَن يطْلب فِي الْعدة بَقَاء النِّكَاح الْقَائِم ودوامه على مَا كَانَ. وَالرَّجْعَة عِنْد أَصْحَاب الدعْوَة هِيَ رُجُوع الْعَمَل على الْعَامِل بِالْهَلَاكِ أَو الْمضرَّة. وَعند أَرْبَاب النُّجُوم هِيَ رُجُوع الْكَوْكَب إِلَى مَا مر عَلَيْهِ من الطّرق فَيكون كل من الرُّجُوع ثمَّ الْعود إِقَامَة وَسُكُون لما تقرر فِي مَوْضِعه أَنه لَا بُد بَين كل حركتين من السّكُون وَإِذا يعود إِلَى مروره الأول يكون سريع السّير. فَإِذا كَانَ مُقيما يقوم أَمر السَّائِل ويتوقف وَإِذا كَانَ سريع السّير يحصل أمره عَن قريب وَإِذا كَانَ فِي الرّجْعَة فَلَا يحصل أمره أصلا. أَقُول لَو كَانَ بَين رُجُوع كَوْكَب وَعوده سُكُون لزم السّكُون على الْفلك وَهُوَ بَاطِل قطعا لما تقرر أَن الْفلك متحرك دَائِما. وَالْحَاصِل أَنه يلْزم حِينَئِذٍ إِمَّا سُكُون الْفلك وَهُوَ بَاطِل لما مر أَو بطلَان مَا تقرر وَكِلَاهُمَا بَاطِل. اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يُقَال إِن مدَار السّكُون بَين الحركتين على استقامتهما وَهَا هُنَا لَيْسَ كَذَلِك فَتَأمل.

تحقيق آمال الراجين، في أن والدي المصطفى – صلى الله تعالى عليه وسلم – بفضل الله – تعالى – في الدارين من الناجين

تحقيق آمال الراجين، في أن والدي المصطفى - صلى الله تعالى عليه وسلم - بفضل الله - تعالى - في الدارين من الناجين
للشيخ، نور الدين: علي بن الجزار المصري.
رسالة.
أولها: (الحمد لله الذي جعل محمدا - صلى الله تعالى عليه وسلم -... الخ).

تكميل الصناعة في القوافي

تكميل الصناعة في القوافي
فارسي.
لعطاء الله بن محمود الحسيني.
مختصر.
مرتب على: مطلع، وثلاثة أبيات، ومقطع.
ثم انتخب منه: رسالة.
في القافية.
وجعلها مشتملة على: تسعة حروف.
المطلع: في معاني الشعر، وأقسامه.
والبيت الأول: في الصنائع.
والثاني: في المعما.
والثالث: في العروض.
والمقطع: في القافية.

التسميط

التسميط
للشيخ، جلال الدين: عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي.
المتوفى: سنة 911، إحدى عشرة وتسعمائة.
رسالة.
التسميط: تصيير كل بيت أربعة أقسام ثلاثتها على سجع واحد مع رعاية القافية في الرابع إلى فراغ القصيدة.

التركيب

التركيب: كالترتيب لكن ليس لبعض الأشياء فيه نسبة إلى بعض بالتقدم والتأخر.
التركيب:
[في الانكليزية] Synthesis ،composition ،combination
[ في الفرنسية] Synthese ،composition ،combinaison
بالكاف لغة الجمع. وعرفا مرادف التأليف وهو جعل الأشياء المتعدّدة بحيث يطلق عليها اسم الواحد، ولا تعتبر في مفهومه النسبة بالتقديم والتأخير كما عرفت في لفظ الترتيب بخلاف التأليف فإنه تعتبر فيه المناسبة بين الأجزاء لأنه مأخوذ من الإلفة، صرّح بذلك السيّد الشريف في حاشية الكشاف. هكذا في شرح التهذيب لليزدي. فالمركّب على هذا هو مجموع الأشياء المتعدّدة المأخوذة بالحيثية المذكورة. وفي بعض كتب الصرف هذا معنى مطلق التركيب. وأمّا التركيب في اصطلاح الصرفيين فهو جمع حرفين أو حروف بحيث يطلق عليها اسم الكلمة انتهى. فالمركّب على هذا هو الكلمة التي فيها حرفان أو أكثر.
والتركيب عند النحاة مقابل الإفراد، وكذا عند المنطقيين، لكن بين الاصطلاحين فرقا يجيء بيانه في لفظ المفرد.
اعلم أنّ النحاة قالوا إن كان بين جزئي المركّب وهما اللفظان إسناد سمّي مركّبا إسناديا وجملة، فإن كان ما بينهما إسنادا أصليا مقصودا لذاته سمّي كلاما. فالجملة أعمّ من الكلام.
وإن لم يكن بينهما إسناد فإمّا أن تكون بينهما نسبة تقييدية بأن يكون أحد الجزءين قيدا للآخر يسمّى مركبا تقييديا، فإن كان أحدهما مضافا والآخر مضافا إليه سمّي مركبا إضافيا، وإن كان أحدهما موصوفا والآخر صفة سمّي مركبا توصيفيا. وأمّا المصادر والصفات مع فاعلها فإنها في حكم المركّبات التقييدية لكون إسنادها أيضا غير تام ويجيء ما يؤيّد هذا في بيان الإسناد التام وغير التام. وإمّا أن لا تكون بينهما نسبة تقييدية أيضا ويسمّى مركّبا غير تقييدي. فالمركّب الغير التقييدي ما ليس فيه نسبة إسنادية ولا تقييدية أصلا، لا في الحال ولا قبل التركيب، فخرج تأبّط شرا علما، إذ فيه نسبة قبل العلمية، وكذا نحو عبد الله علما، بخلاف بخت نصّر، فإنّ نصر قبل تركيبه مع بخت أيضا علم، فليست فيه نسبة أصلا.
والمفهوم من الضوء شرح المصباح أنّ المركّب التقييدي هو التوصيفي حيث قال في تعريف الكلام: التأليف إمّا على وجه التعداد كخمسة عشر أو الإضافة نحو غلام زيد أو التقييد أعني التوصيف نحو الرجل الذاهب أو غير ذلك انتهى. ثم المركّب الغير التقييدي إمّا أن يركب تركيبا به يصير في حكم الكلمة الواحدة معدودا في الأسماء أو لا. الثاني نحو بزيد ومنك، والأول إن تضمن الجزء الثاني منه حرفا سواء كان حرف عطف نحو خمسة عشر فإنه في الأصل خمسة وعشر أو غيره كحرف الجر نحو بيت بيت أي بيت منته إلى بيت، أو ملصق به يسمّى مركّبا تضمنيا. وإن لم يتضمن له سمّي مركبا مزجيا وامتزاجيا وذا المزاج أيضا كما في شرح التسهيل. والمزجي وإن كان مختوما بويه كسيبويه وعمرويه يسمّى مركّبا صوتيا. وفي الفوائد الضيائية في بحث أسماء العدد قال خمسة عشر مركّب امتزاجي. قال المولوي عصام الدين في حاشيته: الصواب أن يقال هو مركّب تضمني انتهى.
اعلم أنّ نحو ضاربة وبصري وسيضرب ونحوها مما يعدّ لشدة الامتزاج كلمة واحدة عرفا ليس من المركب بل هو داخل في المفرد على الصحيح، وإن جعله البعض داخلا في المركّب المزجي كما يجيء في لفظ المفرد، فيصح ما قالوا من أنّ الموجود من أقسام المزجي هو المركّب من اسمين حقيقة كبعلبك، فإن بعل اسم صنم وبك اسم سلطان فركّبا وجعلا اسما واحدا وسمّي به البلد الذي كانا فيه، كذا في الفوائد الضيائية. أو حكما كسيبويه فإنّ ويه حكاية صوت غير موضوع لمعنى، لكنه في حكم الاسم حيث أجري مجرى الأسماء المبنية. وسيب اسم بني مع كلمة ويه فجعلا اسما واحدا. وكذا عمرويه وسعدويه، كذا في الصراح. أو من اسم وفعل نحو بخت نصر فإنّ بخت معرب بوخت بمعنى الابن ونصر اسم صنم وهو ماض من باب التفعيل. هذا غاية جهدي في هذا المقام مستنبطا من الإرشاد واللباب والكافية وشروحها وغيرها، أو من فعل واسم نحو تأبّط شرا، فإنّ تأبط ماض من باب التفعل من الإبط يعني (در بغل گرفت بدي را) فإنّه مبني في الأحوال الثلاث. وكذا كل جملة يسمّى بها مثل برق نحره وذرّى حبا كذا في الصراح.
فائدة:
في الرضي ما يكون تركيبه للعلمية ضربان: إمّا أن يكون في الجزء الأخير قبل التركيب سبب البناء أو لا. فإن كان فالأشهر إبقاء الجزء الأخير على البناء، ويجوز إعراب ما لا ينصرف وتجوز على قلة إضافة الصدر إلى العجز كما جاءت في معد يكرب، فيجيء في المضاف إليه الصرف وتركه. وفيه أيضا وإن حذف حرف الجر أو العطف قبل العلمية فبناء الجزءين أولى بعد الجزءين، ويجوز إعراب الثاني مع منع الصرف مع التركيب، وتجوز فيه الإضافة أيضا مع صرف الثاني وتركه. وكذا كلّ ما يتضمن فيه الثاني حرفا يجوز فيه الأوجه الثلاثة بعد العلمية. وفي المنهل المركّب المتضمن للحرف نحو خمسة عشر قيل إنّه يحكى. وقيل يعرب غير منصرف. وفي شرح التسهيل ذو المزج قسمان أحدهما مختوم بغير ويه كمعديكرب ويجوز فيه ثلاث لغات.
الأولى أن يبنيا معا تشبيها له بخمسة عشر.
والثانية إعراب الثاني مع منع الصرف وهو الفصيح. والثالثة الإضافة. هكذا ذكر المولوي عبد الحكيم في حاشية حاشية الفوائد الضيائية في بحث غير المنصرف.
قال المنطقيون اللفظ المركّب يسمّى قولا ومؤلّفا. فهذه الألفاظ الثلاثة مترادفة بحسب الاصطلاح المشهور. وربّما يفرّق بين المركب والمؤلّف فيقال بتثليث القسمة. اللفظ إمّا أن لا يدلّ جزؤه على شيء أصلا وهو المفرد، أو يدلّ. فإمّا أن يدلّ على جزء معناه وهو المؤلّف أو لا على جزء معناه وهو المركّب، وهذا هو المنقول عن بعض المتأخرين. وقيل إنهم عرفوا المؤلّف بما عرّف به المركّب في المشهور، وهو ما تقصد بجزء منه الدلالة على بعض ما يقصد به حين ما يقصد به، والمركّب بما يدلّ جزؤه لا على جزء المعنى. وعلى هذا لا تكون القسمة حاصرة لخروج مثل الحيوان الناطق علما، إذ لا يدخل في المفرد وهو ظاهر ولا في المؤلّف لعدم الدلالة على جزء ما يقصد به، ولا في المركّب لأنه الذي يدلّ جزؤه لا على جزء معناه، اللهم إلّا أن يزاد في تعريف المركّب ويقال بأنه ما يدلّ جزؤه لا على جزء معناه دلالة مقصودة، أو ينقص من تعريف المؤلّف ويقال هو ما يدلّ جزؤه لا على جزء معناه مطلقا أي سواء كانت دلالته مقصودة أو لا. ويطلق المركب أيضا على الأعمّ من الملفوظ والمعقول كما يطلق على الملفوظ.
التقسيم
المركّب إمّا تام ويسمّى كلاما وهو ما يفيد. فإن احتمل الصدق والكذب سمّي قضية وخبرا وإن لم يحتمل، فإن دلّ على طلب الفعل دلالة أوليّة فهو مع الاستعلاء أمر إن كان المطلوب غير كفّ وإن كان كفا فهو نهي، وإلّا فهو التنبيه، ويندرج فيه التمني والنداء والقسم والتّرجي. ومنهم من عدّ التمني والنداء والاستفهام من أقسام الطلب كالأمر والنهي.
وقد يقسم المركب إلى الخبر والإنشاء المتناول للطلب والتنبيه. وإمّا ناقص ويسمّى غير كلام وهو ما لا يفيد. فإمّا أن يكون الثاني فيه قيدا للأول أو لا. والأول المركّب التقييدي وهو إمّا مركب من اسمين أضيف أولهما إلى الثاني أو وصف به، أو من اسم متقدّم وفعل متأخر وقع صفة له أو صلة له، إذ لو تقدّم الفعل أو تأخّر ولم يكن صفة ولا صلة كان المركّب منهما كلاما. والثاني غير تقييدي كالمركّب من اسم وأداة أو فعل وأداة. هذا كله خلاصة ما في شرح المطالع وحاشيته للسيد الشريف.
وفي الجرجاني المركّب ما تقصد بجزء منه الدلالة على جزء معناه. وللمفرد من حيث هو إطلاقات أربعة: فتارة يراد به ما يقابل المثنى والمجموع فيقال هذا مفرد أي ليس مثنى ولا مجموعا، وتارة ما يقابل المضاف أو شبهه فيقال هذا مفرد أي ليس بمضاف ولا شبهه، وتارة ما يقابل الجملة أو شبهها فيقال هذا مفرد أي ليس بجملة ولا شبهها، وتارة ما يقابل المركّب كما مرّ. وينقسم المركّب على خمسة أقسام: مركّب إضافي كغلام زيد، ومركّب تعدادي كخمسة عشر، ومركّب مزجي كبعلبك، ومركّب صوتي كسيبويه، ومركّب إسنادي كقام زيد وزيد قائم انتهى.
والتركيب عند أهل التعمية يطلق على قسم من الأعمال التسهيلية وهو الإتيان بلفظ مركّب بحسب المعنى الشّعري ومفرد بحسب المعنى المعمائي، وهو المعنى المراد وليس اللفظ، ومثاله التعمية باسم مرشد في هذا البيت:
بما أنّ محبته هيأت مكانا لها في قلب الناس فيا جامي تعال نحو ذلك الجاذب للناس كذا في رسالة للمولوي عبد الرحمن الجامي. وعند المحاسبين يطلق على قسم من النسبة، وعلى كون العدد بحيث يعدّه غير الواحد كالأربعة تعدّها الاثنان والستة يعدها الثلاثة، وكذا الاثنان ويقابله الأوليّة، وهي كون العدد بحيث لا يعده غير الواحد كالثلاثة والخمسة والسبعة كذا في شرح المواقف في بحث الكيفيات المختصة بالكميات. فالعدد قسمان أول ومركّب، وتطلق المركب عندهم أيضا على كلّ من الفرد والزوج إذا لم يكن أوّلا أي في أول الأعداد كالأربعة والثلاثة، ويجيء في لفظ العدد. وعلى مقابل المفرد يفسّر بعدد مرتبته اثنتان فصاعدا كخمسة عشر فإنها الآحاد والعشرات، ويفسّر المفرد بعدد مرتبته واحدة فحسب كخمسة وخمسين وخمسمائة، كذا في ضابط قواعد الحساب. وقد يفسّر المفرد بما يعبّر عنه باسم واحد سواء كان خطّا أو سطحا كثلاثة أو جذر ثلاثة. فعلى هذا المركّب ما يعبّر عنه باسمين ويسمّى ذا الاسمين سواء كان خطّا أو سطحا كثلاثة وجذر ثلاثة مجموعين على ما في حواشي تحرير أقليدس.

الترسل

الترسل: في القراءة: التمهل فيها. قال اليزيدي: الترسل والترسيل في القراءة التحقيق بلا عجلة، وتراسل القوم أرسل بعضهم الى بعض رسولا أو رسالة، ومنه تراسلوا في الغناء اجتمعوا عليه يبتدىء هذا ويمتد صوته، ويبتدىء هذا فيمد صوته فيضيق عن زمان الإيقاع فيسكت ويأخذ غيره في مد الصوت، ويرجع الأول إلى الغناء وهكذا حتى ينتهي.

التذنيب

التذنيب: جعل شيء عقب شيء لمناسبة بينهما لغير احتياج إلى أحد الطرفين.
التذنيب: جعل شَيْء عقيب شَيْء لمناسبة بَينهمَا من غير احْتِيَاج من أحد الطَّرفَيْنِ. 
التذنيب:
[في الانكليزية] Exhortation ،addition of a letter
[ في الفرنسية] Exhortation ،addition d'une lettre
على وزن تفعيل، وهو قريب من التنبيه، وبينهما فرق سيأتي بيانه. وهو عند الشعراء أن يزاد حرف في كلمة كي يستقيم وزن الشعر.
ومثاله حرف الواو في كلمة «سخن» ومعناها كلام في هذا البيت:
الكون موجود فهات الخمر الآن واملأ كأسا (سعته رطل) ولا تتحدث أمامه ومن هذا القبيل بشيء، زيادة حرف الألف للإشباع من أواخر بعض الكلمات مثل كاخ في هذا البيت:
ما أكثر القصور التي بناها (السلطان محمود الغزنوي) والتي بسبب ارتفاعها ألّفت هذه الــرسالة

النَّبَهْرَجة

النَّبَهْرَجة: الدرهمُ الزيف الرديء معرب بنهره بالفارسية.
النَّبِيّ: من أوْحيَ إليه وحياً خاصّاً من الله بتوسط مَلَك أو بإلهام في قلبه أو بالرؤيا الصالحة، وقد خُتمت النبوّةُ وانْقَطع الوحيُ بخاتم الأنبياء - صلى الله عليه وسلم -، فالرسولُ أخصُّ منه، لأن الرسول هو من أُوحي إليه بالــرسالة وبتنزيل الكتاب من الله تعالى قاله السيد.

البتر

(البتر) فِي الْجراحَة قطع طرف أَو جُزْء مِنْهُ جراحيا (مج)
البتر:
مرتبة دون القصر، وهي حذف حرف المد، وهي من الشاذ الذي لا تجوز القراءة به.
البتر: قطع الذَّنب وَالنُّقْصَان. وَفِي الْعرُوض حذف سَبَب خَفِيف وَقطع مَا بَقِي مثل فاعلاتن حذف مِنْهُ تن فَبَقيَ فَاعِلا ثمَّ أسقط مِنْهُ الْألف وسكنت اللَّام فَبَقيَ فَاعل فَنقل إِلَى فعل وَيُسمى مبتور أَو ابتر.
البتر: يقارب البت لكنه استعمل في قطع الذنب، ومنه نهي عن المبتورة في الضحايا، وهي التي بتر ذنبها أي قطع ثم أجري قطع العقب مجراه فقيل فلان أبتر إذا لم يكن له عقب يخلفه، ورجل أبتر انقطع ذكره عن الخير، ورجل باتر يقطع رحمه، وقالوا على طريق التشبيه خطبة بتراء لما لم يذكر فيها اسم الله لحديث "كل أمر لا يبدأ فيه بذكر الله فهو أبتر" .
البتر:
[في الانكليزية] Amputation
[ في الفرنسية] Amputation
بسكون التاء المثناة الفوقانية في اللغة القطع على ما في الصراح، وقطع الذّنب على ما في عروض سيفي. وعند الأطباء هو القطع في العصب والعروق عرضا. ويطلق أيضا على كشف الجلد عن الشريان وتعليقه بصنّارات وشدّ كلّ واحد من طرفيه بخيط إبريسم (أي حريري) ثم يقطع بنصفين وتوضع عليه الأدوية القاطعة للدم كذا في بحر الجواهر. وعند أهل العروض هو اجتماع الحذف والقطع. والحذف إسقاط السبب الخفيف من آخر الجزء. والقطع إسقاط ساكن الوتد المجموع وتسكين متحرّكة، كذا في عنوان الشرف ورسالة قطب الدين السرخسي. ولكن في عروض السيفي يقول:
البتر هو اجتماع الجبّ والحزم، والرّكن الذي وقع فيه البتر يقال له الأبتر. مثل مفاعيلن فيحذف منها «عيلن» ثم يسكنون الألف والفاء بالحزم فيصير «مف». وبدلا من «أ» يضعون «فع» اللذين هما الحرفان الأوّلان من الميزان.
ويدعى هذا العمل البتر. وإذا حذف «فع» من مفاعيلن فيقال له الأبتر انتهى. ولا يخفى ما في العبارتين من التخالف فمبناه إما على تخالف اصطلاحي عروض أهل العرب والعجم أو على أن للبتر معنيين.

الأدب

الأدب: رياضة النفس ومحاسن الأخلاق ويقع على كل رياضة محمودة يتخرج بها الانسان في فضيلة من الفضائل.
الأدَب: قال السيد: "الأدَب عبارةٌ عن معرفة ما يحترز به عن جميع أنواع الخطأ". وقال في العناية: "الأدب اسم يقع على كل رياضة محمودة يتخرج بها الإنسان في فضيلة من الفضائل". قال أبو زيد: "ويجوز أن يعرف بأنه مَلَكَةٌ تعصم من قامت به عما يَشينه". وفي "فتح القدير": "الأدب الخصالُ الحميدة". وفي "القاموس": "الأدَب محرَّكةً الظَرْف وحسنُ التناول".
الأدب:
[في الانكليزية] Literature ،good manners
[ في الفرنسية] Litterature ،bonnes manieres
بفتح الأول والدّال المهملة وهو بالفارسية العلم والثقافة والرعاية والتعجّب والطريقة المقبولة والصالحة ورعاية حدّ كل شيء، كما في كشف اللغات. وهو أيضا علم من علوم العربية يتعلّق بالفصاحة والبلاغة. كذا ذكر الشيخ عبد الحق المحدّث في رسالة حلية النبي صلى الله عليه وسلم. وفي الجواهر: الأدب حسن الأحوال في القيام والقعود وحسن الأخلاق واجتماع الخصال الحميدة انتهى. وفي العناية الأدب اسم يقع على كلّ رياضة محمودة فيخرج بها الإنسان إلى فضيلة من الفضائل. وقال أبو زيد ويجوز أن يعرّف بأنه ملكة تعصم من قامت به عمّا يشينه. وفي فتح القدير الأدب الخصال الحميدة. والمراد بالأدب في قول الفقهاء كتاب أدب القاضي أي ما ينبغي للقاضي أن يفعله لا ما عليه انتهى. والأولى التعبير بالملكة لأنها الصفة الراسخة للنفس، فما لم يكن كذلك لا يكون أدبا كما لا يخفى، كذا في البحر الرائق شرح الكنز في كتاب القضاء.
والفرق بينه وبين التعليم أن التأديب يتعلّق بالمرادات والتعليم بالشرعيّات، أي الأول عرفي والثاني شرعي، والأول دنيوي والثاني ديني، كما في الكرماني شرح صحيح البخاري في باب تعليم الرجل. وفي التلويح في بحث الأمر التأديب قريب من النّدب إلّا أنّ النّدب لثواب الآخرة والتأديب لتهذيب الأخلاق وإصلاح العادات انتهى.
وقد يطلقه الفقهاء على المندوب في جامع الرموز وما وراء ما ذكر من الفرائض والواجبات في الحجّ سنن تاركها مسيء وآداب تاركها غير مسيء وقد يطلقونه على السّنة في جامع الرموز في بيان العمرة وما سوى ذلك سنن وآداب تاركها مسيء. وفي البزازية في كتاب الصلاة في الفصل الثاني الأدب ما فعله الشارع مرة وتركه أخرى، والسنة ما واظب عليه الشارع، والواجب ما شرع لإكمال الفرض والسنة لإكمال الواجب والأدب لإكمال السنة انتهى كلامه.
وقيل الأدب عند أهل الشرع الورع وعند أهل الحكمة صيانة النفس. وحكي أنّ حاتم الأصم قدّم رجله اليسرى عند دخوله المسجد فتغيّر لونه وخرج مذعورا وقدّم رجله اليمنى، فقيل ما ذلك فقال: لو تركت أدبا من آداب الدين خفت أن يسلبني الله جميع ما أعطاني.
وقال حكيم الأدب مجالسة الخلق على بساط الصدق ومطابقة الحقائق. وقال أهل التحقيق الأدب الخروج من صدق الاختيار والتضرّع على بساط الافتقار كذا في خلاصة السلوك. وقيل ليس الأدب في كسب الأعمال التّعبدية ولا السعي في طلب الحق، بل التواضع إلى حدّ التراب، وما عدا ذلك فقلّة أدب.
وفي تعريفات الجرجاني الأدب عبارة عن معرفة ما يحترز به عن جميع أنواع الخطأ، وأدب القاضي وهو التزامه لما ندب إليه الشرع من بسط العدل ورفع الظلم وترك الميل انتهى.
وآداب البحث يجيء في ذكر علم المناظرة.

المشبّهة

المشبّهة:
[في الانكليزية] Sect professing the Anthropomorphism
[ في الفرنسية] Secte qui professe l'a nthropomorphisme
على صيغة اسم الفاعل من التشبيه، وهو يطلق على فرقة من كبار الفرق الإسلامية شبّهوا الله بالمخلوقات ومثّلوه بالحادث، ولأجل ذلك جعلت فرقة واحدة قائلة بالتشبيه وإن اختلفوا في طريقه. فمنهم مشبّهة غلاة الشيعة كالسبائية والبنانية والمغيرية والهشامية وغيرهم القائلين بالتجسّم والحركة والانتقال والحلول في الأجسام ونحو ذلك. ومنهم مشبّهة الحشوية كمضر وكميس المشبّهة والنجمي قالوا هو جسم لا كالأجسام وهو مركّب من لحم ودم لا كاللحوم والدماء وله الأعضاء والجوارح، وتجوز عليه الملامسة والمصافحة والمعانقة للمخلصين حتى نقل أنّه قال: أعفوني عن اللّحية والفرج وسلوني عمّا وراءه. ومنهم مشبّهة الكرّامية وقيل فيه الفقه فقه أبي حنيفة وحده والدين دين الكرّامية. وأقوالهم في التشبيه متعدّدة لا تنتهي إلى من يعبأ به فاقتصرنا على ما قاله زعيمهم وهو أنّ الله على العرش من جهة العلوّ مماسّة له من الصفحة العلياء وتجوز عليه الحركة والنزول، واختلفوا أيملأ العرش أم لا يملأه بل يكون على بعضه. وقال بعضهم ليس هو على العرش بل محاذ له واختلف أببعد متناه أو غيره. ومنهم من أطلق عليه لفظ الجسم ثم اختلفوا هل هو متناه من الجهات كلّها أو من جهة التحت أو غير متناه في جميع الجهات، وقالوا كلّ الحوادث في ذاته إنّما يقدر عليها دون الخارجة عن ذاته ويجب على الله أن يكون أول خلقه حيّا يصحّ منه الاستدلال، وقالوا النّبوّة والــرسالة صفتان قائمتان بذات الرسول سوى الوحي والمعجزة والعصمة وصاحب تلك الصّفة رسول من غير إرسال، ولا يجوز إرسال غيره، وهو حينئذ أي حين إذا أرسل مرسل فكلّ مرسل رسول بلا عكس كلّي، ويجوز عزل المرسل دون الرسول، وليس من الحكمة الاقتصار على رسول واحد، وجوّزوا إمامين في عصر كعلي ومعاوية إلّا أنّ إمامة عليّ على وفق السّنة بخلاف [إمامة] معاوية، لكن يجب طاعته. وقالوا الإيمان قول الذرية في الأزل بلى وهو باق في الكلّ على السّوية إلّا المرتدين، وإيمان المنافق كإيمان الأنبياء، كذا في شرح المواقف.

الإحصان

الإحصان: أن يكون الإنسان بالغا عاقلا حرا مسلما دخل بامرأة كذلك بنكاح صحيح. 
الإحصان: هو أن يكون الرجل عاقلاً بالغاً مسلماً دخل بامرأة بالغة عاقلة حرةٍ مسلمة بنكاح صحيح.
الإحصان:
[في الانكليزية] Abstinence ،chastity
[ في الفرنسية] Abstinence ،chastete
بالصّاد المهملة لغة يقع على معان كلّها ترجع إلى معنى واحد وهو أن يحمى الشيء ويمنع منه وهو الحريّة والعفاف والإسلام وذوات الأزواج، فإنّ الحرية تحصّن عن قيد العبودية، والعفة عن الزنى، والإسلام عن الفواحش، والزوج يحصّن الزوجة عن الزنى وغيره، كذا في بعض كتب اللغة. وفي فتح القدير الإحصان في اللغة المنع، قال تعالى:
لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ وأطلق في استعمال الشارع بمعنى الإسلام وبمعنى العقل وبمعنى الحريّة وبمعنى التزويج وبمعنى الإصابة في النكاح وبمعنى العفة. وإحصان الرّجم أي الإحصان الموجب للرّجم عند الحنفية أن يكون الشخص حرا عاقلا بالغا مسلما قد تزوج امرأة نكاحا صحيحا ودخل بها وهما على صفة الإحصان. قال في المبسوط: المتقدمون يقولون إنّ شرائط الإحصان سبعة وعدّ ما ذكر سابقا ثم قال: فأما العقل والبلوغ فهما شرطان لأهلية العقوبة والحريّة شرط لتكميل العقوبة لا شرط الإحصان على الخصوص وشرط الدخول ثبت بقوله عليه السلام «الثّيب بالثّيّب لا يكون إلا بالدخول»، انتهى.
واختلف في شرط الإسلام وكون كلّ واحد من الزوجين مساويا للآخر في شرائط الإحصان وقت الإصابة بحكم النكاح فهما شرطان عندنا خلافا للشافعي، فلو زنى الذمّي الثيّب بالحرّة يجلد عندنا ويرجم عنده، ولو تزوج الحرّ المسلم البالغ العاقل أمة أو صبيّة أو مجنونة أو كتابية ودخل بها لا يصير الزوج محصنا بهذا الدخول حتى لو زنى بعده لا يرجم عندنا خلافا له. وقولنا يدخل بها في نكاح صحيح يعني تكون الصحّة قائمة حال الدخول، حتى لو تزوّج من علّق طلاقها بتزوّجها يكون النكاح صحيحا، فلو دخل بها عقيبه لا يصير محصنا لوقوع الطلاق قبله.
واعلم أنّ الإضافة في قولنا شرائط الإحصان بيانية أي الشرائط التي هي الإحصان، وكذا شرط الإحصان. والحاصل أنّ الإحصان الذي هو شرط الرّجم هي الأمور المذكورة، فهي أجزاؤه أو هيئته تكون باجتماعها فهي أجزاء علّية، وكل جزء علّة، وكلّ واحد حينئذ شرط وجوب الرّجم، والمجموع علّة لوجود الشرط المسمّى بالإحصان. وإحصان القذف أي الإحصان الموجب لحد القذف عندهم هو أن يكون المقذوف حرا عاقلا بالغا مسلما عفيفا عن فعل الزنى، انتهى كلام فتح القدير.
وفي البرجندي ليس المراد بالزنى هاهنا ما يوجب الحدّ بل أعمّ منه، فكل وطئ امرأة حرام لعينه فهو زنى، ولا يحدّ قاذفه وإن كان حراما لغيره لا يكون زنى ويحدّ قاذفه، فوطئ المكاتبة زنى عند ابي يوسف رحمه الله خلافا لأبي حنيفة ومحمد رحمهما الله، ووطئ الأمة التي هي أخته من الرضاعة زنى على الصحيح لأن الحرمة مؤبّدة. وذكر الكرخي أنّه لا يكون زنى، ويشترط أن لا يكون المقذوف رجلا مجبوبا ولا امرأة رتقاء إذ لو كان كذلك لا يجب الحدّ، وكذا يشترط أن لا يكون في دار الحرب وعسكر أهل البغي، فإنه لا يجب الحدّ هناك، كما في الخزانة وتفصيل الأحكام يطلب من الكتب الفقهية.

وفي رسالة السيد الجرجاني: الإحصان هو التحقّق بالعبودية على مشاهدة حضرة الرّبوبية بنور البصيرة، أي رؤية الحق موصوفا بصفاته بعين صفته، فهو يراه يقينا ولا يراه حقيقة.
ولهذا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال:
«صلّ كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك» لأنه يراه من وراء حجب صفاته فلا يرى الحق بالحقيقة لأنه تعالى هو الرائي وصفه بوصفه، وهو دون مقام المشاهدة في مقام الروح.

أَوَانَا

أَوَانَا:
بالفتح، والنون: بليدة كثيرة البساتين والشجر نزهة، من نواحي دجيل بغداد، بينها وبين بغداد عشرة فراسخ من جهة تكريت وكثيرا ما يذكرها الشعراء الخلعاء في أشعارهم، فحدّث بعض الظّرفاء قال: حصلت يوما بعكبرا في بعض الحانات فشربت أياما بها وكان فيها ابن خمّار يحكي الشمس حسنا فلم أزل من عنده حتى نفدت نفقتي وبلغت الغرض الأقصى من عشرته، فقرأت يوما على جدار البيت الذي كنا فيه:
حضر الفارغ المشغول، المغرم بحانات الشّمول، وهو لمن دخل إلى هذا الموضع يقول:
أيها المغرمون بالحانات، ... والمعنّون في هوى الفتيات!
ومن استنفدت كروم بزوغى، ... فأوانا، أمواله، فالفرات
قد شربنا المدام في دير مارى، ... ونكحنا البنين قبل البنات
وأخذنا من الزمان أمانا، ... حيث كان الزمان طوعا مواتي
تحت ظل من الكروم ظليل، ... وغريب من معجبات النبات
بادروا الوقت واشربوا الراح واحظوا ... بعناق الحبيب، قبل الفوات
ودعوا من يقول: حرّمت الخم ... ر علينا في محكم الآيات
وافعلوا مثل ما فعلنا سواء، ... وأجيبوا عن هذه الأبيات
قال: فكتبت تحت هذه الأبيات بعد أن تحرّفت على إجابته ولم يكن الشعر من عملي: أما فلان بن فلان فقد عرف صحة قولك وفعل مثل فعلك جزاك الله عن إخوانك فلقد قلت فنصحت وحضضت فنفعت.
وينسب إلى أوانا قوم من أهل العلم، منهم:
أبو الحسن على بن أحمد بن محمد الأوانى الضرير المعروف بالموصلي شيخ مستور، سمع أبا الحسن علي بن أحمد الأنباري، كتب عنه أبو سعد ببغداد، وتوفي سنة 537، وأبو نصر محمد بن أحمد بن الحسين بن محمود الأواني كاتب سديد وشاعر مجيد وله رسائل مدونة وأشعار حسان، منها: رسالة في حسن الربيع أجاد فيها، وله غير ذلك، ومات بأوانا سنة 557، وأبو زكرياء يحيى بن الحسين بن جميلة الأواني المقري الضرير، سمع أبا الفضل محمد بن عمر الأرموي وأبا غالب بن الداية وأبا محمد عبد الله بن علي المعروف بابن بنت الشيخ أبي محمد وأبا الفضل بن ناصر وغيرهم، وهو مكثر صحيح السماع، مات في صفر سنة 606.

طمأن

[طمأن] غ: فيه: "فإذا "اطمأننتم"" أقمتم، طمأنته سكنته فاطمأن. ك: إلا طمأنينة بكسر همزة وسكون طاء وبعد ألف نون مكسورة فتحتية فنون مفتوحة، وروى: والطمأنية- بضم طاء.
طمأن
طمأنَ يُطمئِن، طمأنةً، فهو مُطَمْئِن، والمفعول مُطمأَن
• طمأنه على النَّتيجة: سكّنه، أدخل إلى نفسه السَّكينة "طَمأَنَهُ مديرهُ بأنه لن يفقد وظيفته- طَمأنه الطبيبُ على صحَّته- نبأ مُطَمْئِن". 

اطمأنَّ/ اطمأنَّ إلى/ اطمأنَّ بـ/ اطمأنَّ لـ يطمئنّ، اطمئنانًا، فهو مُطْمَئِنّ، والمفعول مُطْمَأَنّ إليه
• اطمأنَّ القلبُ ونحوُه: أمِن، سكَن بعد انزعاج ولم يقلق "اطمأن على مصير عائلته بعد أن تلقّى رسالة من زوجته- اطمأنّ على زواج ابنته- {أَلاَ بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} ".
• اطمأنَّ إلى جارِه/ اطمأنَّ بجارِه/ اطمأنَّ لجارِه: ارتاح إليه وسكَن، ووثق به " {فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ} ".
 • اطمأنَّ إلى نجاحه: تأكَّد منه بعد شكّ. 

طُمَأنينة [مفرد]: سكون النفس، وعدم القلق "عادت الطُّمأنينة إلى نفسه- عاش في طُمأنينة- أدخل الطمأنينة إلى قلبه". 

مُطْمَئِنّ [مفرد]: اسم فاعل من اطمأنَّ/ اطمأنَّ إلى/ اطمأنَّ بـ/ اطمأنَّ لـ.
• المُطْمَئِنّ من الأرض: السَّهل المنخفض. 

خَزَرُ

خَزَرُ:
بالتحريك، وآخره راء، وهو انقلاب في الحدقة نحو اللّحاظ، وهو أقبح الحال: وهي بلاد الترك خلف باب الأبواب المعروف بالدّربند قريب من سدّ ذي القرنين، ويقولون: هو مسمى بالخزر ابن يافث بن نوح، عليه السلام، وقال في كتاب العين: الخزر جيل خزر العيون، وقال دعبل بن عليّ يمدح آل عليّ، رضي الله عنه:
وليس حيّ من الأحياء نعرفه ... من ذي يمان، ولا بكر، ولا مضر
إلا وهم شركاء في دمائهم، ... كما تشارك أيسار على جزر
قتل وأسر وتحريق ومنهبة، ... فعل الغزاة بأهل الروم والخزر
وقال أحمد بن فضلان رسول المقتدر إلى الصقالبة في رسالة له ذكر فيها ما شاهده بتلك البلاد فقال: الخزر اسم إقليم من قصبة تسمّى إتل، وإتل اسم لنهر يجري إلى الخزر من الروس وبلغار، وإتل مدينة، والخزر اسم المملكة لا اسم مدينة، والإتل قطعتان: قطعة على غربي هذا النهر المسمّى إتل وهي أكبرهما، وقطعة على شرقيّه، والملك يسكن الغربي منهما، ويسمى الملك بلسانهم ويلك ويسمّى أيضا باك، وهذه القطعة الغربية مقدارها في الطول نحو فرسخ ويحيط بها سور إلّا أنه مفترش البناء، وأبنيتهم خركاهات
لبود إلّا شيء يسير بني من طين، ولهم أسواق وحمّامات، وفيها خلق كثير من المسلمين يقال إنهم يزيدون على عشرة آلاف مسلم ولهم نحو ثلاثين مسجدا، وقصر الملك بعيد من شطّ النهر، وقصره من آجر وليس لأحد بناء من آجر غيره، ولا يمكّن الملك أن يبنى بالآجر غيره، ولهذا السور أربعة أبواب:
أحدها يلي النهر وآخرها يلي الصحراء على ظهر هذه المدينة، وملكهم يهوديّ، ويقال: إنّ له من الحاشية نحو أربعة آلاف رجل، والخزر مسلمون ونصارى وفيهم عبدة الأوثان، وأقل الفرق هناك اليهود على أن الملك منهم، وأكثرهم المسلمون والنصارى إلّا أنّ الملك وخاصته يهود، والغالب على أخلاقهم أخلاق أهل الأوثان، يسجد بعضهم لبعض عند التعظيم، وأحكام مصرهم على رسوم مخالفة للمسلمين واليهود والنصارى، وجريدة جيش الملك اثنا عشر ألف رجل، فإذا مات منهم رجل أقيم غيره مقامه، فلا تنقص هذه العدة أبدا، وليست لهم جراية دائرة إلّا شيء نزر يسير يصل إليهم في المدة البعيدة إذا كان لهم حرب أو حزبهم أمر عظيم يجمعون له، وأما أبواب أموال صلات الخزر فمن الأرصاد وعشور التجارات على رسوم لهم من كل طريق وبحر ونهر، ولهم وظائف على أهل المحالّ والنواحي من كل صنف مما يحتاج إليه من طعام وشراب وغير ذلك، وللملك تسعة من الحكام من اليهود والنصارى والمسلمين وأهل الأوثان، إذا عرض للناس حكومة قضى فيها هؤلاء، ولا يصل أهل الحوائج إلى الملك نفسه وإنما يصل إليه هؤلاء الحكام، وبين هؤلاء الحكام وبين الملك يوم القضاء سفير يراسلونه فيما يجري من الأمور ينهون إليه ويردّ عليهم أمره ويمضونه.
وليس لهذه المدينة قرى إلّا أن مزارعهم مفترشة، يخرجون في الصيف إلى المزارع نحوا من عشرين فرسخا فيزرعون ويجمعونه إذا أدرك بعضه إلى النهر وبعضه إلى الصحاري فيحملونه على العجل والنهر، والغالب على قوتهم الأرز والسمك وما عدا ذلك مما يوجد عندهم يحمل إليهم من الروس وبلغار وكويابه، والنصف الشرقي من مدينة الخزر فيه معظم التجار والمسلمون والمتاجر، ولسان الخزر غير لسان الترك والفارسية ولا يشاركه لسان فريق من الأمم، والخزر لا يشبهون الأتراك، وهم سود الشعور، وهم صنفان: صنف يسمون قراخزر، وهم سمر يضربون لشدة السمرة إلى السواد كأنهم صنف من الهند، وصنف بيض ظاهر والجمال والحسن، والذي يقع من رقيق الخزر وهم أهل الأوثان الذين يستجيزون بيع أولادهم واسترقاق بعضهم لبعض، فأما اليهود والنصارى فإنهم يدينون بتحريم استرقاق بعضهم بعضا مثل المسلمين.
وبلد الخزر لا يجلب منه إلى البلاد شيء، وكل ما يرتفع منه إنما هو مجلوب إليه مثل الدقيق والعسل والشمع والخز والأوبار. وأما ملك الخزر فاسمه خاقان، وإنه لا يظهر إلّا في كلّ أربعة أشهر متنزها، ويقال له خاقان الكبير ويقال لخليفته خاقان به، وهو الذي يقود الجيوش ويسوسها ويدبر أمر المملكة ويقوم بها ويظهر ويغزو وله تذعن الملوك الذين يصاقبونه، ويدخل في كل يوم إلى خاقان الأكبر متواضعا يظهر الإخبات والسكينة ولا يدخل عليه إلّا حافيا وبيده حطب، فإذا سلم عليه أوقد بين يديه ذلك الحطب، فإذا فرغ من الوقود جلس مع الملك على سريره عن يمينه، ويخلفه رجل يقال له كندر خاقان ويخلف هذا أيضا رجل يقال له جاويشغر، ورسم الملك الأكبر أن لا يجلس للناس ولا يكلمهم ولا يدخل عليه أحد
غير من ذكرنا، والولايات في الحل والعقد والعقوبات وتدبير المملكة على خليفته خاقان به، ورسم الملك الأكبر إذا مات أن يبنى له دار كبيرة فيها عشرون بيتا ويحفر له في كل بيت منها قبر وتكسر الحجارة حتى تصير مثل الكحل وتفرش فيه وتطرح النورة فوق ذلك، وتحت الدار والنهر نهر كبير يجري، ويجعلون النهر فوق ذلك القبر ويقولون حتى لا يصل إليه شيطان ولا إنسان ولا دود ولا هوام، وإذا دفن ضربت أعناق الذين يدفنونه حتى لا يدرى أين قبره من تلك البيوت، ويسمى قبره الجنّة، ويقولون: قد دخل الجنة، وتفرش البيوت كلها بالديباج المنسوج بالذهب.
ورسم ملك الخزر أن يكون له خمس وعشرون امرأة، كل امرأة منهن ابنة ملك من الملوك الذين يحاذونه يأخذها طوعا أو كرها، وله من الجواري السراري لفراشه ستون، ما منهن إلا فائقة الجمال، وكل واحدة من الحرائر والسراري في قصر مفرد لها قبة مغشاة بالساج، وحول كل قبة مضرب، ولكل واحدة منهن خادم يحجبها، فإذا أراد أن يطأ بعضهن بعث إلى الخادم الذي يحجبها فيوافي بها في أسرع من لمح البصر حتى يجعلها في فراشه ويقف الخادم على باب قبة الملك، فإذا وطئها أخذ بيدها وانصرف ولم يتركها بعد ذلك لحظة واحدة. وإذا ركب هذا الملك الكبير ركب سائر الجيوش لركوبه، ويكون بينه وبين المواكب ميل، فلا يراه أحد من رعيته إلّا خرّ لوجهه ساجدا له لا يرفع رأسه حتى يجوزه.
ومدة ملكهم أربعون سنة، إذا جاوزها يوما واحدا قتلته الرعية وخاصته وقالوا: هذا قد نقص عقله واضطرب رأيه. وإذا بعث سرية لم تولّ الدّبر بوجه ولا بسبب، فإن انهزمت قتل كل من ينصرف إليه منها، فأما القواد وخليفته فمتى انهزموا أحضرهم وأحضر نساءهم وأولادهم فوهبهم بحضرتهم لغيرهم وهم ينظرون وكذلك دوابهم ومتاعهم وسلاحهم ودورهم، وربما قطع كل واحد منهم قطعتين وصلبهم، وربما علقهم بأعناقهم في الشجر، وربما جعلهم إذا أحسن إليهم ساسة.
ولملك الخزر مدينة عظيمة على نهر إتل، وهي جانبان:
في أحد الجانبين المسلمون وفي الجانب الآخر الملك وأصحابه، وعلى المسلمين رجل من غلمان الملك يقال له خز، وهو مسلم، وأحكام المسلمين المقيمين في بلد الخزر والمختلفين إليهم في التجارات مردودة إلى ذلك الغلام المسلم، لا ينظر في أمورهم ولا يقضي بينهم غيره، وللمسلمين في هذه المدينة مسجد جامع يصلون فيه الصلاة ويحضرون فيه أيام الجمع، وفيه منارة عالية وعدة مؤذنين، فلما اتصل بملك الخزر في سنة 310 أن المسلمين هدموا الكنيسة التي كانت في دار البابونج أمر بالمنارة فهدمت وقتل المؤذنين وقال: لولا أني أخاف أن لا يبقى في بلاد الإسلام كنيسة إلا هدمت لهدمت المسجد. والخزر وملكهم كلهم يهود، وكان الصقالبة وكل من يجاورهم في طاعته، ويخاطبهم بالعبودية ويدينون له بالطاعة، وقد ذهب بعضهم إلى أن يأجوج ومأجوج هم الخزر.

أَنْطاكِيَة

أَنْطاكِيَة:
بالفتح ثم السكون، والياء مخففة، وليس في قول زهير:
علون بأنطاكيّة، فوق عقمة ... وراد الحواشي، لونها لون عندم
وقول امرئ القيس:
علون بأنطاكيّة، فوق عقمة، ... كجرمة نخل أو كجنّة يثرب
دليل على تشديد الياء لأنها للنسبة وكانت العرب إذا أعجبها شيء نسبته إلى أنطاكية، قال الهيثم بن عدي:
أول من بنى أنطاكية انطيخس وهو الملك الثالث بعد الإسكندر، وذكر يحيى بن جرير المتطبب التكريتي:
أن أول من بنى أنطاكية انطيغونيا في السنة السادسة من موت الإسكندر ولم يتمها فأتمها بعده سلوقوس، وهو الذي بنى اللاذقية وحلب والرّها وأفامية، وقال في موضع آخر من كتابه: بنى الملك أنطيغونيا على نهر أورنطس مدينة وسماها أنطيوخيا وهي التي كمّل سلوقوس بناءها وزخرفها وسماها على اسم ولده انطيوخوس وهي أنطاكية، وقال بطليموس:
مدينة أنطاكية طولها تسع وستون درجة وعرضها خمس وثلاثون درجة وثلاثون دقيقة تحت اثنتي عشرة درجة من السرطان وثلاثين دقيقة، يقابلها مثلها من الجدي، بيت ملكها مثلها من الحمل، بيت عاقبتها مثلها من الميزان، لها درجتان ونصف من الحوت، تحكم فيه كفّ الخضيب وهي في الإقليم الرابع، وقيل: إن أول من بناها وسكنها أنطاكية بنت الروم بن اليقن (اليفز) بن سام بن نوح، عليه السلام، أخت أنطالية، باللام، ولم تزل أنطاكية قصبة العواصم من الثغور الشامية، وهي من أعيان البلاد وأمهاتها، موصوفة بالنزاهة والحسن وطيب الهواء وعذوبة الماء وكثرة الفواكه وسعة الخير.
وقال ابن بطلان في رسالة كتبها إلى بغداد إلى أبي الحسن هلال بن المحسن الصابي في سنة نيف وأربعين وأربعمائة، قال فيها: وخرجنا من حلب طالبين أنطاكية، وبينهما يوم وليلة، فوجدنا المسافة التي بين حلب وأنطاكية عامرة لا خراب فيها أصلا، ولكنها أرض تزرع الحنطة والشعير تحت شجر الزيتون، قراها متصلة ورياضها مزهرة ومياهها منفجرة، يقطعها المسافر في بال رخيّ وأمن وسكون. وأنطاكية: بلد عظيم ذو سور وفصيل، ولسوره ثلاثمائة وستون برجا يطوف عليها بالنوبة أربعة آلاف حارس ينفذون من القسطنطينية من حضرة الملك يضمنون حراسة البلد سنة، ويستبدل بهم في السنة الثانية، وشكل البلد كنصف دائرة قطرها يتصل بجبل، والسور يصعد مع الجبل إلى قلّته فتتم دائرة، وفي رأس الجبل داخل السور قلعة تبين لبعدها من البلد صغيرة، وهذا الجبل يستر عنها الشمس فلا تطلع عليها إلا في الساعة الثانية، وللسور المحيط بها دون الجبل خمسة أبواب، وفي وسطها بيعة القسيان، وكانت دار قسيان الملك الذي أحيا ولده فطرس رئيس الحواريين، وهو هيكل طوله مائة خطوة وعرضه ثمانون، وعليه كنيسة على أساطين، وكان يدور الهيكل أروقة يجلس عليها القضاة للحكومة ومتعلمو النحو اللّغة، وعلى أحد أبواب هذه الكنيسة فنجان للساعات يعمل ليلا ونهارا دائما اثنتي عشرة ساعة وهو من عجائب الدنيا، وفي أعلاه خمس طبقات في الخامسة منها حمّامات وبساتين ومناظر حسنة تخرّ منها المياه، وعلّة ذلك أن الماء ينزل عليها من الجبل المطلّ على المدينة، وهناك من الكنائس ما لا يحدّ كلها معمولة بالذهب والفضة والزجاج الملوّن والبلاط المجزّع، وفي البلد بيمارستان يراعي البطريك المرضى فيه بنفسه ويدخل المجذّمين الحمام في كل سنة فيغسل شعورهم بيده، ومثل ذلك يفعل الملك بالضعفاء كل سنة ويعينه على خدمتهم الأجلّاء من الرؤساء والبطارقة التماس التواضع، وفي المدينة من الحمامات ما لا يوجد مثله في مدينة أخرى لذاذة وطيبة لأن وقودها الآس ومياهها تسعى سيحا بلا كلفة، وفي بيعة القسيان من الخدم المسترزقة ما لا يحصى، ولها ديوان لدخل الكنيسة وخرجها، وفي الديوان بضعة عشر كاتبا، ومنذ سنة وكسر وقعت في الكنيسة صاعقة وكانت حالها أعجوبة وذلك أنه تكاثرت الأمطار في آخر سنة 1362 للإسكندر الواقع في سنة 442 للهجرة، وتواصلت أكثر أيام نيسان، وحدث في الليلة التي صبيحتها يوم السبت الثالث عشر من نيسان رعد وبرق أكثر مما ألف وعهد، وسمع في جملته أصوات رعد كثيرة مهولة أزعجت النفوس، ووقعت في الحال صاعقة على صدفة مخبأة في المذبح الذي للقسيان ففلقت من وجه النّسرانية قطعة تشاكل ما قد نحت بالفأس والحديد الذي تنحت به الحجارة، وسقط صليب حديد كان منصوبا على علوّ هذه الصدفة وبقي في المكان الذي سقط فيه وانقطع من الصدفة أيضا قطعة يسيرة، ونزلت الصاعقة من منفذ في الصدفة وتنزل فيه إلى المذبح سلسلة فضة غليظة يعلّق فيها الثّميوطون، وسعة هذا المنفذ إصبعان، فتقطعت السلسلة قطعا كثيرة وانسبك بعضها ووجد ما انسبك منها ملقى على وجه الأرض، وسقط تاج فضة كان معلقا بين يدي مائدة المذبح، وكان من وراء المائدة في غربيّها ثلاثة كراس خشبية مربّعة مرتفعة ينصب عليها ثلاثة صلبان كبار فضة مذهبة مرصّعة، وقلع قبل تلك الليلة الصليبان الطّرفيّان ورفعا إلى خزانة الكنيسة وترك الوسطاني على حاله فانكسر الكرسيان الطرفيان وتشظّيا وتطايرت الشظايا إلى داخل المذبح وخارجه من غير أن يظهر فيها أثر حريق كما ظهر في السلسلة، ولم ينل الكرسي الوسطاني ولا الصليب الذي عليه شيء، وكان على كل واحد من الأعمدة الأربعة الرخام التي تحمل القبة الفضة التي تغطي مائدة المذبح ثوب ديباج ملفوف على كل عمود فتقطّع كل واحد منها قطعا كبارا وصغارا، وكانت هذه القطع بمنزلة ما قد عفن وتهرّأ، ولا يشبه ما قد لا مسته نار ولا ما احترق، ولم يلحق المائدة ولا شيئا من هذه الملابس التي عليها ضرر ولا بان فيها أثر، وانقطع بعض الرخام الذي بين يدي مائدة المذبح مع ما تحته من الكلس والنّورة كقطع الفأس، ومن جملته لوح رخام كبير طفر من موضعه فتكسر إلى علوّ تربيع القبة الفضة التي تغطي المائدة وبقيت هناك على حالها، وتطافرت بقية الرخام إلى ما قرب من المواضع وبعد، وكان في المجنّبة التي للمذبح بكرة خشب فيها حبل قنّب مجاور للسلسلة الفضة التي تقطعت وانسبك بعضها معلّق فيها طبق فضة كبير عليه فراخ قناديل زجاج بقي على حاله ولم ينطفئ شيء من قناديله ولا غيرها ولا شمعة كانت قريبة من الكرسيين الخشب ولا زال منها شيء وكان جملة هذا الحادث مما يعجب منه، وشاهد غير واحد في داخل أنطاكية وخارجها في ليلة الاثنين الخامس من شهر آب من السنة المقدم ذكرها في السماء شبه كوّة ينور منها نور ساطع لامع ثم انطفأ وأصبح الناس يتحدّثون بذلك، وتوالت الأخبار بعد ذلك بأنه كان في أول نهار يوم الاثنين في مدينة عنجرة، وهي داخل بلاد الروم على تسعة عشر يوما من أنطاكية، زلزلة مهولة تتابعت في ذلك اليوم وسقط منها أبنية كثيرة وخسف موضع في ظاهرها، وكان هناك كنيسة كبيرة وحصن لطيف غابا حتى لم يبق لهما أثر، ونبع من ذلك الخسف ماء حارّ شديد الحرارة كثير المنبع المتدفّق، وغرق منه سبعون ضيعة، وتهارب خلق كثير من تلك الضياع إلى رؤوس الجبال والمواضع المرتفعة فسلموا وبقي ذلك الماء على وجه الأرض سبعة أيام، وانبسط حول هذه المدينة مسافة يومين ثم نضب وصار موضعه وحلا، وحضر جماعة ممن شاهد هذه الحال فحدّثوا بها أهل أنطاكية على ما سطرته، وحكوا أن الناس كانوا يصعدون أمتعتهم إلى رأس الجبل فيضطرب من عظم الزلزلة فيتدحرج المتاع إلى الأرض، وفي ظاهر البلد نهر يعرف بالمقلوب يأخذ من الجنوب إلى الشمال وهو مثل نهر عيسى وعليه رحى ويسقي البساتين والأراضي، آخر ما كتبناه من كتاب ابن بطلان، وبين أنطاكية والبحر نحو فرسخين ولها مرسى في بليد يقال له السّويديّة ترسو فيه مراكب الأفرنج يرفعون منه أمتعتهم على الدواب إلى أنطاكية، وكان الرشيد العباسي قد دخل أنطاكية في بعض غزواته فاستطابها جدا وعزم على المقام بها، فقال له شيخ من أهلها:
ليست هذه من بلدانك يا أمير المؤمنين، قال:
وكيف؟ قال: لأن الطيب الفاخر فيها يتغيّر حتى لا ينتفع به والسلاح يصدأ فيها ولو كان من قلعيّ الهند، فصدقه في ذلك فتركها ودفع عنها. وأما فتحها فإن أبا عبيدة بن الجراح سار إليها من حلب وقد تحصن بها خلق كثير من أهل جند قنّسرين فلما صار بمهروية على فرسخين من مدينة أنطاكية لقيه جمع من العدوّ ففضّهم وألجأهم إلى المدينة وحاصر أهلها من جميع نواحيها، وكان معظم الجيش على باب فارس والباب الذي يدعى باب البحر، ثم إنهم صالحوه على الجزية أو الجلاء فجلا بعضهم وأقام بعض منهم فأمنهم ووضع على كل حالم دينارا وجريبا، ثم نقضوا العهد فوجه إليهم أبو عبيدة عياض بن غنم وحبيب بن مسلمة ففتحاها على الصلح الأول، ويقال: بل نقضوا بعد رجوع أبي عبيدة إلى فلسطين فوجّه عمرو بن العاص من إيلياء ففتحها ورجع ومكث يسيرا حتى طلب أهل إيلياء الأمان والصلح، ثم انتقل إليها قوم من أهل حمص وبعلبك مرابطة، منهم: مسلم بن عبد الله جدّ عبد الله بن حبيب بن النعمان بن مسلم الأنطاكي، وكان مسلم قتل على باب من أبوابها فهو يعرف بباب مسلم إلى الآن، وذلك أن الروم خرجت من البحر فأناخت على أنطاكية وكان مسلم على السور فرماه علج بحجر فقتله، ثم إن الوليد بن عبد الملك بن مروان أقطع جند أنطاكية أرض سلوقية عند الساحل وصيّر إليهم الفلثر بدينار ومدّي قمح فعمّروها، وجرى ذلك لهم وبنى حصن سلوقية، والفلثر: مقدار من الأرض معلوم كما يقول غيرهم الفدّان والجريب، ثم لم تزل بعد ذلك أنطاكية في أيدي المسلمين وثغرا من ثغورهم إلى أن ملكها الروم في سنة 353 بعد أن ملكوا الثغور المصّيصة وطرسوس واذنة واستمرت في أيديهم إلى أن استنقذها منهم سليمان بن قتلمش السّلجوقي جدّ ملوك آل سلجوق اليوم في سنة 477، وسار شرف الدولة مسلم بن قريش من حلب إلى سليمان ليدفعه عنها فقتله سليمان سنة 478، وكتب سليمان إلى السلطان جلال الدولة ملك شاه بن ألب أرسلان يخبّره بفتحها فسرّ به وأمر بضرب البشائر، فقال الأبيوردي يخاطب ملك شاه:
لمعت، كناصية الحصان الأشقر، ... نار بمعتلج الكثيب الأحمر
وفتحت أنطاكيّة الروم، التي ... نشزت معاقلها على الإسكندر
وطئت مناكبها جيادك، فانثنت ... تلقي أجثّتها بنات الأصفر
فاستقام أمرها وبقيت في أيدي المسلمين إلى أن ملكتها الأفرنج من واليها بغيسغان التّركي بحيلة تمّت عليه وخرج منها فندم ومات من الغبن قبل أن يصل إلى حلب، وذلك في سنة 491، وهي في أيديهم إلى الآن، وبأنطاكية قبر حبيب النّجّار يقصد من المواضع البعيدة وقبره يزار، ويقال إنه نزلت فيه: وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى، قال يا قوم اتبعوا المرسلين، وقد نسب إليها جماعة كثيرة من أهل العلم وغيرهم، منهم:
عمر بن عليّ بن الحسن بن محمد بن إبراهيم بن عبيد ابن زهير بن مطيع بن جرير بن عطية بن جابر بن عوف ابن ذبيان بن مرثد بن عمرو بن عمير بن عمران ابن عتيك بن الأزد أبو حفص العتكي الأنطاكي الخطيب صاحب كتاب المقبول، سمع أبا بكر الخرائطي والحسن بن عليّ بن روح الكفرطابي ومحمد ابن حريم وأبا الحسن بن جوصا، سمع منهم ومن غيرهم بدمشق، وقدم مرّة أخرى في سنة 359 مستنفرا، فحدّث بها وبحمص عن جماعة كثيرة، روى عنه عبد الوهاب الميداني ومسدّد بن علي الأملوكي وغيرهما، وكتب عنه أبو الحسين الرازي وعثمان بن عبد الله بن محمد بن خرداذ الأنطاكي أبو عمرو محدّث مشهور له رحلة، سمع بدمشق محمد بن عائذ وأبا نصر إسحاق بن إبراهيم الفراديسي وإبراهيم بن هشام بن يحيى ودحيما وهشام بن عمّار وسعيد بن كثير بن عفير وأبا الوليد الطيالسي وشيبان بن فرّوخ وأبا بكر وعثمان ابني أبي شيبة وعفّان بن مسلم وعلي بن الجعد وجماعة سواهم، روى عنه أبو حاتم الرازي وهو أكبر منه وأبو الحسن بن جوصا وأبو عوانة الأسفراييني وخيثمة بن سليمان وغيرهم، وكان من الحفاظ المشهورين، وقال أبو عبد الله الحاكم عثمان بن خرداذ: ثقة مأمون، وذكر دحيم أنه مات بأنطاكية في المحرم سنة 282، وإبراهيم بن عبد الرّزّاق أبو يحيى الأزدي، ويقال العجلي الأنطاكي الفقيه المقري، قرأ القرآن بدمشق على هارون بن موسى بن شريك الأخفش، وقرأ على عثمان بن خرداذ ومحمد بن عبد الرحمن بن خالد المكي المعروف بقنبل وغيرهما، وصنف كتابا يشتمل على القراءات الثماني، وحدّث عن آخرين، روى عنه أبو الفضل محمد بن عبد الله بن المطّلب الشيباني وأبو الحسين بن جميع وغيرهما، ومات بأنطاكية سنة 338، وقيل: في شعبان سنة تسع.
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.