Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: حديث

علم الحديث الشريف

علم الــحديث الشريف
ويسمى ب: علم الرواية والأخبار أيضا على ما في: مجمع السلوك ويسمى جملة: علم الرواية والأخبار: علم الأحاديث. انتهى فعلى هذا علم الــحديث يشتمل على علم الآثار أيضا بخلاف ما قيل فإنه لا يشمله والظاهر أن هذا مبني على عدم إطلاق الــحديث على أقوال الصحابة وأفعالهم على ما عرف وهو الحق ولا حجة في قول أحد إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلم الــحديث هو: علم يعرف به أقوال النبي - صلى الله عليه وسلم - وأفعاله وأحواله فاندرج فيه معرفة موضوعه.
وأما غايته: فهي الفوز بسعادة الدارين كذا في: الفوائد الخاقانية.
وهو ينقسم إلى: العلم برواية الــحديث وهو: علم يبحث فيه عن كيفية اتصال الأحاديث بالرسول - عليه الصلاة والسلام - من حيث أحوال رواتها ضبطا وعدالة ومن حيث كيفية السند اتصالا وانقطاعا وغير ذلك وقد اشتهر بأصول الــحديث كما سبق.
وإلى: العلم بدراية الــحديث وهو: علم باحث عن المعنى المفهوم من ألفاظ الــحديث وعن المراد منها مبنيا على قواعد العربية وضوابط الشريعة ومطابقا لأحوال النبي - صلى الله عليه وسلم
وموضوعه: أحاديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - من حيث دلالتها على المعنى المفهوم أو المراد.
وغايته: التحلي بالآداب النبوية والتخلي عما يكرهه وينهاه.
ومنفعته: أعظم المنافع كما لا يخفى على المتأمل.
ومبادئه: العلوم العربية كلها ومعرفة القصص والأخبار المتعلقة بالنبي - صلى الله عليه وسلم - ومعرفة الأصلين والفقه وغير ذلك كذا في: مفتاح السعادة و: مدينة العلوم.
والصواب: ما ذكر في: الفوائد إذ الــحديث أعم من القول والفعل والتقرير كما حقق في محله.
وفي: كشاف اصطلاحات الفنون: علم الــحديث: علم تعرف به أقوال رسول الله - صلى الله عليه وسلم – وأفعاله.
أما أقواله: فهي الكلام العربي فمن لم يعرف حال الكلام العربي فهو بمعزل عن هذا العلم وهو كونه حقيقة ومجازا وكناية وصريحا وعاما وخاصا ومطلقا ومقيدا ومنطوقا ومفهوما ونحو ذلك مع كونه على قانون العربية الذي بينه النحاة بتفاصيله وعلى قواعد استعمال العرب وهو المعبر بعلم اللغة
وأما أفعاله: فهي الأمور الصادرة عنه التي أمرنا باتباعه فيها أولا: كالأفعال الصادرة عنه طبعا أو خاصة كذا في: العيني شرح صحيح البخاري و: زاد الكرماني وأحواله.
ثم في العيني وموضعه ذات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من حيث أنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم ومبادئه: هي ما تتوقف عليه المباحث وهي: أحوال الــحديث وصفاته
ومسائله: هي الأشياء المقصودة منه وغايته: الفوز بسعادة الدارين. انتهى.
قال ابن الأثير في: جامع الأصول: علوم الشريعة تنقسم إلى: فرض ونفل والفرض: ينقسم إلى: فرض عين وفرض كفاية.
ومن أصول فروض الكفايات علم أحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وآثار أصحابه التي هي ثاني أدلة الأحكام وله أصول وأحكام وقواعد واصطلاحات ذكرها العلماء وشرحها المحدثون والفقهاء يحتاج طالبه إلى معرفتها والوقوف عليها بعد تقديم معرفة اللغة الإعراب اللذين هما أصل المعرفة الــحديث وغيره لورود الشريعة المطهرة على لسان العرب وتلك الأشياء كالعلم بالرجال وأساميهم وأنسابهم وأعمارهم ووقت وفاتهم والعلم بصفات الرواة وشرائطهم التي يجوز معها قبول روايتهم والعلم بمستند الرواة وكيفية أخذهم الــحديث وتقسيم طرقه والعلم بلفظ الرواة وإيرادهم ما سمعوه واتصاله إلى من يأخذه عنهم وذكر مراتبه والعلم بجواز نقل الــحديث بالمعنى ورواية بعضه والزيادة فيه والإضافة إليه بما ليس منه وانفراد الثقة بزيادة فيه والعلم بالمسند وشرائطه والعالي منه والنازل والعلم بالمرسل وانقسامه إلى المنقطع والموقوف والمعضل وغير ذلك لاختلاف الناس في قبوله ورده والعلم بالجرح والتعديل وجوازهما ووقوعهما وبيان طبقات المجروحين والعلم بأقسام الصحيح من الــحديث والكذب وانقسام الخبر إليهما وإلى الغريب والحسن وغيرهما والعلم بأخبار التواتر والآحاد والناسخ والمنسوخ وغير ذلك مما توافق عليه أئمة أهل الــحديث وهو بينهم متعارف فمن أتقنها أتى دار هذا العلم من بابها وأحاط بها من جميع جهاتها وبقدر ما يفوته منها تزل درجته وتنحط رتبته إلا أن معرفة التواتر والآحاد والناسخ والمنسوخ وإن تعلقت بعلم الــحديث إن المحدث لا يفتقر إليه لأن ذلك من وظيفة الفقيه لأنه يستنبط الأحكام من الأحاديث فيحتاج إلى معرفة التواتر والآحاد والناسخ والمنسوخ فأما المحدث فوظيفته أن ينقل ويروي ما سمعه من الأحاديث كما سمعه فإن تصدى لما رواه فزيادة في الفضل.
وأما مبدأ جمع الــحديث وتأليفه وانتشاره فإنه لما كان من أصول الفروض وجب الاعتناء به والاهتمام بضبطه وحفظه ولذلك يسر الله - سبحانه وتعالى - للعلماء الثقات الذين حفظوا قوانينه وأحاطوا فيه فتناقلوه كابرا عن كابر وأوصله كما سمعه أول إلى آخر وحيه الله تعالى إليهم لحكمة حفظ دينه وحراسة شريعته فما زال هذا العلم من عهد الرسول عليه الصلاة والسلام أشرف العلوم وأجلها لدى الصحابة والتابعين وتابعي التابعين خلفا بعد سلف لا يشرف بينهم أحد بعد حفظ كتاب الله - سبحانه وتعالى - إلا بقدر ما يحفظ منه ولا يعظم في النفوس إلا بحسب ما يسمع من الــحديث عنه فتوفرت الرغبات فيه فما زال لهم من لدن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أن انعطفت الهمم على تعلمه حتى لقد كان أحدهم يرحل المراحل ويقطع الفيافي والمفاوز ويجوب البلاد شرقا وغربا في طلب حديث واحد ليسمعه من راويه.
فمنهم من يكون الباعث له على الرحلة طلب ذلك الــحديث لذاته ومنهم من يقرن بتلك الرغبة سماعه من ذلك الراوي بعينه إما لثقته في نفسه وإما لعلو إسناده فانبعثت العزائم إلى تحصيله.
وكان اعتمادهم أولا على الحفظ والضبط في القلوب غير ملتفتين إلى ما يكتبونه محافظة على هذا العلم كحفظهم كتاب الله - سبحانه وتعالى - فلما انتشر الإسلام واتسعت البلاد وتفرقت الصحابة في الأقطار ومات معظمهم قل الضبط احتاج العلماء إلى تدوين الــحديث وتقييده بالكتابة ولعمري إنها الأصل فإن الخاطر يغفل والقلم يحفظ فانتهى الأمر إلى زمن جماعة من الأئمة مثل عبد الملك بن جريج ومالك بن أنس وغيرهما فدونوا الــحديث حتى قيل:
إن أول كتاب صنف في الإسلام كتاب ابن جريج وقيل: موطأ مالك بن أنس وقيل: إن أول من صنف وبوب الربيع بن صبيح بالبصرة ثم انتشر جمع الــحديث وتدوينه وتسطيره في الأجزاء والكتب. وكثر ذلك وعظم نفعه إلى زمن الإمامين أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري وأبي الحسين مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري فدونا كتابيهما وأثبتا فيهما من الأحاديث ما قطعا بصحته وثبت عندهما نقله وسميا الصحيحين من الــحديث ولقد صدقا فيما قالا والله مجازيهما عليه ولذلك رزقهما الله تعالى حسن القبول شرقاً وغرباً.
ثم ازداد انتشار هذا النوع من التصنيف وكثر في الأيدي وتفرقت أغراض الناس وتنوعت مقاصدهم إلى أن انقرض ذلك العصر الذي قد اجتمعوا واتفقوا فيه مثل: أبي عيسى محمد بن عيسى الترمذي ومثل: أبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني وأبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي وغيرهم فكان ذلك العصر خلاصة العصور في تحصيل هذا العلم وإليه المنتهى.
ثم نقص ذلك الطلب وقل الحرص وفترت الهمم فكذلك كل نوع من أنواع العلوم والصنائع والدول وغيرها فإنه يبتدئ قليلا قليلا ولا يزال ينمو ويزيد إلى أن يصل إلى غاية هي منتهاه ثم يعود وكأن غاية هذا العلم انتهت إلى البخاري ومسلم ومن كان في عصرها ثم نزل وتقاصر إلى ما شاء الله.
ثم إن هذا العلم على شرفه وعلو منزلته كان علما عزيزا مشكل اللفظ أو المعنى ولذلك كان الناس في تصانيفهم مختلفي الأغراض
فمنهم من قصر همته على تدوين الــحديث مطلقا ليحفظ لفظه ويستنبط منه الحكم كما فعله عبد الله بن موسى الضبي وأبو داود الطيالسي وغيرهما أولا.
وثانيا: أحمد بن حنبل ومن بعده فأنهم أثبتوا الأحاديث من مسانيد رواتها فيذكرون مسند أبي بكر الصديق رضي الله عنه ويثنون فيه كل ما رووا عنه ثم يذكرون بعده الصحابة واحدا بعد واحد على هذا النسق.
ومنهم: من يثبت الأحاديث في الأماكن التي هي دليل عليها فيضعون لكل حديث بابا يختص به فإن كان في معنى الصلاة ذكروه في باب الصلاة وإن كان في معنى الزكاة ذكروه فيها كما فعل مالك في الموطأ إلا أنه لقلة ما فيه من الأحاديث قلت أبوابه ثم اقتدى به من بعده. فلما انتهى الأمر إلى زمن البخاري ومسلم وكثرت الأحاديث المودعة في كتابيهما كثرت أبوابهما واقتدى بهما من جاء بعدهما وهذا النوع أسهل مطلبا من الأول لأن الإنسان قد يعرف المعنى وإن لم يعرف رواية بل ربما لا يحتاج إلى معرفة رواية فإذا أراد حديثــا يتعلق بالصلاة طلبه من كتاب الصلاة لأن الــحديث إذا أورد في كتاب الصلاة علم الناظر أن ذلك الــحديث هو دليل ذلك الحكم فلا يحتاج أن يفكر فيه بخلاف الأول.
ومنهم من استخرج أحاديث تتضمن ألفاظ لغوية ومعاني مشكلة فوضع لها كتابا قصره على ذكر متن الــحديث وشرح غريبه وإعرابه ومعناه ولم يتعرض لذكر الأحكام كما فعل أبو عبيد القاسم بن سلام وأبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة وغيرهما.
ومنهم من أضاف إلى هذا الاختيار ذكر الأحكام وآراء الفقهاء مثل: أبي سليمان أحمد بن محمد الخطابي في معالم السنن وأعلام السنن وغيره من العلماء.
ومنهم من قصد ذكر الغريب دون متن الــحديث واستخراج الكلمات الغريبة ودونها ورتبها وشرحها كما فعل أبو عبيد أحمد بن محمد الهروي وغيره من العلماء.
ومنهم من قصد إلى استخراج أحاديث تتضمن ترغيبا وترهيبا وأحاديث تتضمن أحكاما شرعية غير جامعة فدونها وأخرج متونها وحدها كما فعله أبو محمد الحسين بن مسعود والبغوي في المصابيح وغير هؤلاء
ولما كان أولئك الأعلام هم السابقون فيه لم يأت صنيعهم على أكمل 2 / 225 الأوضاع فإن غرضهم كان أولا حفظ الــحديث مطلقا وإثباته ودفع الكذب عنه والنظر في طرقه وحفظ رجاله وتزكيتهم واعتبار أحوالهم والتفتيش عن أمورهم حتى قدحوا وجرحوا وعدلوا وأخذوا وتركوا هذا بعد الاحتياط والضبط والتدبر فكان هذا مقصدهم الأكبر وغرضهم الأوفى ولم يتسع الزمان لهم والعمر لأكثر من هذا الغرض الأعم والمهم الأعظم ولا رأوا في أيامهم أن يشتغلوا بغيره من لوازم هذا الفن التي هي كالتوابع بل ولا يجوز لهم ذلك فإن الواجب أولا إثبات الذات ثم ترتيب الصفات والأصل إنما هو عين الــحديث ثم ترتيبه وتحسين وضعه ففعلوا ما هو الغرض المتعين واخترمتهم المنايا قبل الفراغ والتخلي لما فعله التابعون لهم والمقتدون بهم فتعبوا الراحة من بعدهم.
ثم جاء الخلف الصالح فأحبوا أن يظهروا تلك الفضيلة ويشيعوا هذه العلوم التي أفنوا أعمارهم في جمعها إما بإيداع ترتيب أو بزيادة تهذيب أو اختصار أو تقريب أو استنباط حكم وشرح غريب.
فمن هؤلاء المتأخرين من جمع بين كتب الأولين بنوع من التصرف والاختصار كمن جمع بين كتابي البخاري ومسلم مثل: أبي بكر أحمد بن محمد الرماني وأبو مسعود إبراهيم بن محمد بن عبيد الدمشقي وأبي عبد الله محمد الحميدي فإنهم رتبوا على المسانيد دون الأبواب.
وتلاهم أبو الحسن رزين بن معاوية العبدري فجمع بين كتب البخاري ومسلم والموطأ لمالك وجامع الترمذي وسنن أبي داود والنسائي ورتب على الأبواب إلا أن هؤلاء أودعوا متون الــحديث عارية من الشرح وكان كتاب رزين أكبرها وأعمها حيث حوى هذه الكتب الستة التي هي أم كتب الــحديث وأشهرها وبأحاديثها أخذ العلماء واستدل الفقهاء وأثبتوا الأحكام ومصنفوها أشهر علماء الــحديث وأكثرهم حفظا وإليهم المنتهى.
وتلاه الإمام أبو السعادات مبارك بن محمد بن الأثير الجزري فجمع بين كتاب رزين وبين الأصول الستة بتهذيبه ترتيب أبوابه وتسهيل مطالبه وشرح غريبه في جامع الأصول فكان أجمع ما جمع فيه.
ثم جاء الحافظ جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي فجمع بين الكتب الستة والمسانيد العشرة وغيرها في جمع الجوامع فكان أعظم بكثير من جامع الأصول من جهة المتون إلا أنه لم يبال بما صنع فيه من جمع الأحاديث الضعيفة بل الموضوعة.
وكان أول ما بدأ به هؤلاء المتأخرون أنهم حذفوا الأسانيد اكتفاء بذكر من روى الــحديث من الصحابي إن كان خبرا وبذكر من يرويه عن الصحابي إن كان أثرا والرمز إلى المخرج لأن الغرض ممن ذكر الأسانيد كان أولا إثبات الــحديث وتصحيحه وهذه كانت وظيفة الأولين وقد كفوا تلك المؤنة فلا حاجة بهم إلى ذكر ما فرغوا منه.
ووضعوا الأصحاب الكتب الستة علامة ورمزا بالحروف.
فجعلوا البخاري خ لأن نسبته إلى بلده أشهر من اسمه وكنيته وليس في حروف باقي الأسماء خاء.
ولمسلم م لأن اسمه أشهر من نسبه وكنيته.
ولمالك طه لأن اشتهار كتابه بالموطأ أكثر.
ولأن الميم أول حروف اسمه وقد أعطوها مسلما وباقي حروفه مشتبه بغيرها.
والترمذي ت لأن اشتهاره بنسبه أكثر.
ولأبي داود د لأن كنيته أشهر من اسمه ونسبه والدال أشهر حروفها وأبعدها من الاشتباه
وللنسائي س لأن نسبه أشهر من اسمه وكنيته والسين أشهر حروف نسبه وكذلك وضعوا لأصحاب المسانيد بالإفراد والتركيب كما هو مسطور في الجامع.
قال في كشاف اصطلاحات الفنون: لأهل الــحديث مراتب.
أولها الطلب وهو المبتدئ الراغب فيه.
ثم المحدث وهو الأستاذ الكامل وكذا الشيخ والإمام بمعناه.
ثم الحافظ وهو الذي أحاط علمه بمائة ألف حديث متنا وإسنادا وأحوال رواته جرحا وتعديلا وتاريخاً.
ثم الحجة وهو الذي أحاط علمه بثلاثمائة ألف حديث كذلك قاله ابن المطري.
وقال الجزري: الراوي ناقل الــحديث بالإسناد والمحدث من تحمل بروايته واعتنى بدرايته.
والحافظ من روى ما يصل إليه ووعى ما يحتاج إليه انتهى.
قال أبو الخير: اعلم أن قصارى نظر أبناء هذا الزمان في علم الــحديث النظر في مشارق الأنوار فإن ترفعت إلى مصابيح البغوي ظننت أنها تصل إلى درجة المحدثين وما ذلك إلا لجهلهم بالــحديث بل لو حفظهما عن ظهر قلب وضم إليهما من المتون مثليهما لم يكن محدثا حتى يلج الجمل في سم الخياط وإنما الذي يعده أهل الزمان بالغا إلى النهاية وينادونه محدث المحدثين وبخاري العصر من اشتغل بجامع الأصول لابن الأثير مع حفظ علوم الــحديث لابن الصلاح أو التقريب للنووي إلا أنه ليس في شيء من رتبة المحدثين وإنما المحدث من عرف المسانيد والعلل وأسماء الرجال والعالي والنازل وحفظ مع ذلك جملة مستكثرة من المتون وسمع الكتب الستة ومسند الإمام أحمد بن حنبل وسنن البيهقي ومعجم الطبراني وضم إلى هذا القدر ألف جزء من الأجزاء الــحديثــة هذا أقل فإذا سمع ما ذكرناه وكتب الطبقات ورد على الشيوخ وتكلم في العلل والوفيات والأسانيد كان في أول درجة المحدثين.
ثم يزيد الله - سبحانه وتعالى - من يشاء ما يشاء هذا ما ذكره تاج الدين السبكي
وذكر صدر الشريعة في تعديل العلوم أن مشائخ الــحديث مشهورون بطول الأعمار
وذكر السبكي.
في طبقات الشافعية أن أبا سهل قال: سمعت ابن الصلاح يقول: سمعت شيوخنا يقولون: دليل طول عمر الرجل اشتغاله بأحاديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - ويصدقه التجربة فان أهل الــحديث إذا تتبعت أعمارهم تجدها في غاية الطول انتهى.
الكتب المصنفة في علم الــحديث أكثر من أن تحصى لكن استوعبنا ما وقفنا عليه في كتابنا إتحاف النبلاء المتقين بإحياء مآثر الفقهاء المحدثين بالفارسية على ترتيب حروف المعجم.
قال في مدينة العلوم لكن اتفق السلف من مشائخ الــحديث على أن أصح الكتب بعد كتاب الله تعالى صحيح البخاري وصحيح مسلم وأصحهما صحيح البخاري وهو الإمام شيخ السنة ونور الإسلام وحافظ العصر وبركة الله في أرضه الإمام أبو عبد الله محمد بن إسماعيل الجعفي البخاري رحمه الله كان والي بخارا جعفيا وهو نسبة إلى قبيلة باليمن ونسب البخاري إليها بالولاء.
والإمام مسلم بن الحجاج القشيري البغدادي أحد الأئمة الحفاظ وأعلم المحدثين إمام خراسان في الــحديث بعد البخاري.
ومن الصحاح كتاب سنن أبي داود الأزدي السجستاني وكتاب الترمذي وكتاب النسائي
والنووي عدد هذه الخمسة في الأصول إلا أن الجمهور جعلها ستة وعدوا منها كتاب الموطأ لإمام دار الهجرة وقدوة المتقين وأحد الأئمة المجتهدين الإمام مالك بن انس.
وجعل بعضهم كتاب الموطأ بعد الترمذي وقيل النسائي والأصح انه بعد مسلم في الرتبة.
وعد بعضهم بدل الموطأ كتاب ابن ماجة محمد بن يزيد الحافظ القزويني.
واعلم أن المحدثين ألحقوا بالكتب الستة جامع أبي الحسن رزين العبدري صاحب الجمع بين الصحاح وجامع الحميدي بين الصحيحين وجامع البرقاتي لجمعه بينهما وجامع أبي مسعود الدمشقي أيضا لجمعه بين الصحيحين.
ثم اختاروا من المصنفين سبعة وألحقوا كتبهم بالصحاح لعظم نفعها منهم الدارقطني والحاكم أبو عبد الله النيسابوري وأبو محمد عبد الغني الأزدي المصري وأبو نعيم الأصبهاني صاحب الحلية وابن عبد البر حافظ المغرب والبيهقي والخطيب البغدادي انتهى ملخصاً.
فصل في ذكر علوم الــحديث
قال ابن خلدون: وأما علوم الــحديث فهي كثيرة ومتنوعة لأن منها ما ينظر في ناسخه ومنسوخه وذلك بما ثبت في شريعتنا من جواز النسخ ووقوعه لطفا من الله بعباده وتخفيفا عنهم باعتبار مصالحهم التي تكفل لهم بها قال تعالى: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} فإذا تعارض الخبران بالنفي والإثبات وتعذر الجمع بينهما ببعض التأويل وعلم تقدم أحدهما تعين أن المتأخر ناسخ ومعرفة الناسخ والمنسوخ من أهم علوم الــحديث وأصعبها.
قال الزهري: أعيا الفقهاء وأعجزهم أن يعرفوا ناسخ حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من منسوخه وكان للشافعي - رحمه الله - قدم راسخة فيه1.
ومن علوم الأحاديث النظر في الأسانيد ومعرفة ما يجب العمل به من الأحاديث بوقوعه على السند الكامل الشروط لأن العمل إنما وجب بما يغلب على الظن صدقه من أخبار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيجتهد في الطريق التي تحصل ذلك الظن وهو بمعرفة رواة الــحديث بالعدالة والضبط وإنما يثبت ذلك بالنقل عن أعلام الدين بتعديلهم وبراءتهم من الجرح والغفلة ويكون لنا ذلك دليلا على القبول أو الترك.
وكذلك مراتب هؤلاء النقلة من الصحابة والتابعين وتفاوتهم في ذلك تميزهم فيه واحدا واحدا وكذلك الأسانيد تتفاوت باتصالها وانقطاعها بأن يكون الراوي الذي نقل عنه وبسلامتها من العلل الموهنة لها وتنتهي بالتفاوت إلى الطرفين فحكم بقبول الأعلى ورد الأسفل ويختلف في المتوسط بحسب المنقول عن أئمة الشأن.
ولهم في ذلك ألفاظ اصطلحوا على وضعها لهذه المراتب المرتبة مثل الصحيح والحسن والضعيف والمرسل والمنقطع والمعضل والشاذ والغريب وغير ذلك من ألقابه المتداولة بينهم.
وبوبوا على كل واحد منها ونقلوا ما فيه من الخلاف لأئمة هذا الشأن أو الوفاق.
ثم النظر في كيفية أخذ الرواة بعضهم عن بعض بقراءة أو كتابة أو مناولة أو إجازة وتفاوت رتبها وما للعلماء في ذلك من الخلاف بالقبول والرد ثم أتبعوا ذلك بكلام في ألفاظ تقع في متون الــحديث من غريب أو مشكل أو مصحف أو مفترق منها أو مختلف وما يناسب ذلك هذا معظم ما ينظر فيه أهل الــحديث وغالبه.
وكانت أحوال نقلة الــحديث في عصور السلف من الصحابة والتابعين معروفة عند أهل بلدة فمنهم بالحجاز ومنهم بالبصرة والكوفة من العراق ومنهم بالشام ومصر والجميع معروفون مشهورون في أعصارهم.
وكانت طريقة أهل الحجاز في أعصارهم في الأسانيد أعلى ممن سواهم وأمتن في الصحة لاستبدادهم في شروط النقل من العدالة والضبط وتجافيهم عن قبول المجهول الحال في ذلك.
وسند الطريقة الحجازية بعد السلف الإمام مالك عالم المدينة ثم أصحابه مثل الإمام محمد بن إدريس الشافعي والإمام أحمد بن حنبل وأمثالهم. وكان علم الشريعة في مبدأ هذا الأمر نقلا صرفا شمر لها السلف وتحروا الصحيح حتى أكملوها.
وكتب مالك - رحمه الله - كتاب الموطأ أودعه أصول الأحكام من الصحيح المتفق عليه ورتبه على أبواب الفقه ثم عني الحفاظ بمعرفة طرق الأحاديث وأسانيده المختلفة وربما يقع إسناد الــحديث من طرق متعددة عن رواة مختلفين وقد يقع الــحديث أيضا في أبواب متعددة باختلاف المعاني التي اشتمل عليها.
وجاء محمد بن إسماعيل البخاري إمام الحدثين في عصره فخرج أحاديث السنة على أبوابها في مسنده الصحيح بجميع الطرق التي للحجازيين والعراقيين والشاميين واعتمد منها ما أجمعوا عليه دون ما اختلفوا فيه وكرر الأحاديث يسوقها في كل باب بمعنى ذلك الباب الذي تضمنه الــحديث فتكررت لذلك أحاديثه حتى يقال انه اشتمل على تسعة آلاف حديث ومائتين منها ثلاثة آلاف متكررة وفرق الطرق والأسانيد عليها مختلفة في كل باب.
ثم جاء الإمام مسلم بن الحجاج القشيري - رحمه الله - فألف مسنده الصحيح حذا فيه حذو البخاري في نقل المجمع عليه وحذف المتكرر منها وجمع الطرق والأسانيد وبوبه على أبواب الفقه وتراجمه ومع ذلك فلم يستوعب الصحيح كله وقد استدرك الناس عليهما في ذلك
ثم كتب أبو داود السجستاني وأبو عيسى الترمذي وأبو عبد الرحمن النسائي في السنن بأوسع من الصحيح وقصدوا ما توفرت فيه شروط العمل إما من الرتبة العالية في الأسانيد وهو الصحيح كما هو معروف وإما من الذي دونه من الحسن وغيره ليكون ذلك إماما للسنة. والعمل وهذه هي المسانيد المشهورة في الملة وهي أمهات كتب الــحديث في السنة فإنها وإن تعددت ترجع إلى هذه في الأغلب ومعرفة هذه الشروط والاصطلاحات كلها هي علم الــحديث وربما يفرد عنها الناسخ والمنسوخ فيجعل فنا برأسه وكذا الغريب وللناس فيه تآليف مشهورة.
ثم المؤتلف والمختلف وقد ألف الناس في علوم الــحديث وأكثروا.
ومن فحول علمائه وأئمتهم أبو عبد الله الحاكم وتآليفه فيه مشهورة وهو الذي هذبه وأظهر محاسنه وأشهر كتاب للمتأخرين فيه كتاب أبي عمرو بن الصلاح كان لعهد أوائل المائة السابعة وتلاه محيي الدين النووي بمثل ذلك والفن شريف في مغزاه لأنه معرفة ما يحفظ به السنن المنقولة عن صاحب الشريعة وقد انقطع لهذا العهد تخريج شيء من الأحاديث واستدراكها على المتقدمين إذ العادة تشهد بأن هؤلاء الأئمة على تعددهم وتلاحق عصورهم وكفايتهم واجتهادهم لم يكونوا ليغفلوا شيئا من السنة أو يتركوه حتى يعثر عليه المتأخر هذا بعيد عنهم وإنما تنصرف العناية لهذا العهد إلى صحيح الأمهات المكتوبة وضبطها بالرواية عن مصنفيها والنظر في أسانيدها إلى مؤلفيها وعرض ذلك على ما تقرر في علم الــحديث من الشروط والأحكام لتتصل الأسانيد محكمة إلى منتهاها ولم يزيدوا في ذلك على العناية بأكثر من هذه الأمهات الخمسة إلا في القليل.
فأما البخاري وهو أعلاها رتبة فاستصعب الناس شرحه واستغفلوا منحاه من اجل ما يحتاج إليه من معرفة الطرق المتعددة ورجالها من أهل الحجاز والشام والعراق ومعرفة أحوالهم واختلاف الناس فيهم ولذلك يحتاج إلى إمعان النظر في التفقه في تراجمه لأنه يترجم الترجمة ويورد فيها الــحديث بسند أو طريق ثم يترجم أخرى ويورد فيها ذلك الــحديث بعينه لما تضمنه من المعنى الذي ترجم به الباب وكذلك في ترجمة وترجمة إلى أن يتكرر الــحديث في أبواب كثيرة بحسب معانيه واختلافها ومن شرحه ولم يستوف هذا فيه فلم يوف حق الشرح كابن بطال وابن المهلب وابن التين ونحوهم ولقد سمعت كثيرا من شيوخنا رحمهم الله يقولون: شرح كتاب البخاري دين على الأمة. يعنون أن أحدا من علماء الأمة لم يوف ما يجب له من الشرح بهذا الاعتبار.
قال في كشف الظنون أقول ولعل ذلك الدين قضي بشرحي المحقق ابن حجر العسقلاني والعيني بعد ذلك انتهى.
قلت وشرح الحافظ ابن حجر أو في الشروح لا يعادله شرح ولا كتاب ولذا لما قيل للشوكاني لشرح البخاري أجاب: أنه لا هجرة بعد الفتح يعني فتح الباري وما ألطف هذا الجواب عند من يفهم لطف الخطاب.
ثم قال ابن خلدون:
وأما صحيح مسلم فكثرت عناية علماء المغرب به وأكبوا عليه وأجمعوا على تفضيله على كتاب البخاري من غير الصحيح مما لم يكن على شرطه وأكثر ما وقع له في التراجم
وأملى الإمام المارزي من فقهاء المالكية عليه شرحا وسماه المعلم بفوائد مسلم اشتمل على عيون من علم الــحديث وفنون من الفقه ثم أملاه القاضي عياض من بعده وتممه وسماه إكمال المعلم.
وتلاهما محيي الدين النووي بشرح استوفى ما في الكتابين وزاد عليهما فجاء شرحاً وافياً.
وأما كتب السنن الأخرى وفيها معظم مآخذ الفقهاء فأكثر شرحها في كتب الفقه إلا ما يختص بعلم الــحديث فكتب الناس عليها واستوفوا من ذلك ما يحتاج إليه من علم الــحديث وموضوعاته والأسانيد التي اشتملت على الأحاديث المعمول بها من السنة.
واعلم أن الأحاديث قد تميزت مراتبها لهذا العهد بين صحيح وحسن وضعيف ومعلول وغيرها تنزلها أئمة الــحديث وجهابذته وعرفوها لم يبق طريق في تصحيح ما يصح من قبل ولقد كان الأئمة في الــحديث يعرفون الأحاديث بطرقها وأسانيدها بحيث لو روي حديث بغير سنده وطريقه يفطنون إلى أنه قد قلب عن وضعه.
ولقد وقع مثل ذلك للإمام محمد بن إسماعيل البخاري حين ورد على بغداد وقصد المحدثون امتحانه فسألوه عن أحاديث قلبوا أسانيدها فقال: لا أعرف هذه ولكن حدثني فلان.. ثم أتى بجميع تلك الأحاديث على الوضع الصحيح ورد كل متن إلى سنده وأقروا له بالإمامة قف.
قال ابن خلدون: واعلم أيضا أن الأئمة المجتهدين تفاوتوا في الإكثار من هذه الصناعة والإقلال.
فأبو حنيفة1 رضي الله عنه يقال بلغت روايته إلى سبعة عشر حديثــا أو نحوها. ومالك - رحمه الله - إنما صح عنده ما في كتاب الموطأ وغايتها ثلاثمائة حديث أو نحوها.
وأحمد بن حنبل - رحمه الله - تعالى في مسنده خمسون ألف حديث ولكل ما أداه إليه اجتهاده في ذلك.
وقد تقول بعض المبغضين المتعسفين إلى أن منهم من كان قليل البضاعة في الــحديث فلهذا قلت روايته ولا سبيل إلى هذا المعتقد في كبار الأئمة لأن الشريعة إنما تؤخذ من الكتاب والسنة ومن كان قليل البضاعة من الــحديث فيتعين عليه طلبه وروايته والجد والتشمير في ذلك ليأخذ الدين عن أصول صحيحة ويتلقى الأحكام عن صاحبها المبلغ لها وإنما قلل منهم من قلل الرواية الأجل المطاعن التي تعترضه فيها والعلل التي تعرض في طرقها سيما والجرح مقدم عند الأكثر فيؤديه الاجتهاد إلى ترك الأخذ بما يعرض مثل ذلك فيه من الأحاديث وطرق الأسانيد ويكثر ذلك فتقل روايته لضعف في الطرق هذا مع أن أهل الحجاز أكثر رواية للــحديث من أهل العراق لأن المدينة دار الهجرة ومأوى الصحابة ومن انتقل منهم إلى العراق كان شغلهم بالجهاد أكثر.
والإمام أبو حنيفة إنما قلت روايته لما شدد في شروط الرواية والتحمل وضعف رواية الــحديث اليقيني إذا عارضها الفعل النفسي وقلت من أجلها روايته فقل حديثــه لأنه ترك رواية الــحديث متعمدا فحاشاه من ذلك ويدل على أنه من كبار المجتهدين في علم الــحديث اعتماد مذهبه بينهم والتعويل عليه واعتباره ردا وقبولاً.
وأما غيره من المحدثين وهم الجمهور فتوسعوا في الشروط وكثر حديثــهم والكل عن اجتهاد وقد توسع أصحابه من بعده في الشروط وكثرت روايتهم.
وروى الطحاوي فأكثر وكتب مسنده وهو جليل القدر إلا أنه لا يعدل الصحيحين لأن الشروط التي اعتمدها البخاري ومسلم في كتابيهما مجمع عليها بين الأمة كما قالوه
وشروط الطحاوي غير متفق عليها كالرواية عن المستور الحال وغيره فلهذا قدم الصحيحان بل وكتب السنن المعروفة عليه لتأخر شرطه عن شروطهم ومن أجل هذا قيل في الصحيحين بالإجماع على قبولهما من جهة الإجماع على صحة ما فيهما من الشروط المتفق عليها
فلا تأخذك ريبة في ذلك فالقوم أحق الناس بالظن الجميل بهم والتماس المخارج الصحيحة لهم والله - سبحانه وتعالى - أعلم بما في حقائق الأمور.

الحديث

الــحديث:
[في الانكليزية] Created hadith (prophetic tradition)
[ في الفرنسية] Cree ،hadith (tradition du Prophete)
لغة ضد القديم ويستعمل في قليل الكلام وكثيره. وفي اصطلاح المحدّثين قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وحكاية فعله وتقريره.
وفي الخلاصة أو قول الصحابي والتابعي. وقال في خلاصة الخلاصة الــحديث هو قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم والمروي عن قوله وفعله وتقريره. وقد يطلق على قول الصحابة والتابعين والمروي عن آثارهم. وفي شرح شرح النخبة الــحديث ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم قولا أو فعلا أو تقريرا أو صفة. وقيل رؤيا حتى الحركات والسكنات في اليقظة فهو أعمّ من السّنة. وكثيرا ما يقع في كلام أهل الــحديث ومنهم العراقي ما يدل على ترادفهما. والمفهوم من التلويح أنّ السّنة أعم من الــحديث حيث قال: السنة ما صدر عن النبي عليه السلام غير القرآن من قول ويسمّى الــحديث، أو فعل أو تقرير انتهى. وقيد غير القرآن احتراز عن القرآن فإنّه لا يسمّى حديثــا اصطلاحا، ويدخل في القرآن ما نسخ تلاوته سواء بقي حكمه أو لا، وكذا القراءات الشاذّة والمشهورة.
أما الأول فلما ذكر في الإتقان في نوع النسخ حيث قال: النسخ في القرآن على ثلاثة أضرب: الأول ما نسخ تلاوته وحكمه معا.
قالت عائشة رضي الله تعالى عنها كان فيما أنزل عشر رضعات معلومات فنسخت بخمس معلومات فتوفي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهن مما يقرأ من القرآن، رواه الشيخان.
ومعنى قولها وهن مما يقرأ أنّ التلاوة نسخت أيضا ولم يبلغ ذلك كل الناس إلى بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فتوفي وبعض الناس يقرؤها. وقال أبو موسى الأشعري نزلت ثم رفعت. والثاني ما نسخ حكمه دون تلاوته. والثالث ما نسخ تلاوته دون حكمه.

قال أبو عبيد: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن أيوب عن نافع عن ابن عمر قال: لا يقولن أحدكم قد أخذت القرآن كله، وما يدريه ما كلّه، فإنه قد ذهب منه قرآن كثير، ولكن ليقل قد أخذت منه ما ظهر. وقال حدثنا ابن أبي مريم عن ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: كانت سورة الأحزاب تقرأ في زمان النبي صلى الله عليه وآله وسلم مائتي آية كتب عثمان المصاحف لم يقدر منها إلّا على ما هو الآن. ثم ذكر صاحب الإتقان في هذا الضرب آيات منها إذا زنا الشيخ والشيخة فارجموهما البتة نكالا من الله والله عزيز حكيم. ومنها لو أن ابن آدم سأل واديا من مال فأعطيته سأل ثانيا فأعطيته سأل ثالثا ولا يملأ جوف ابن آدم إلّا التراب، ويتوب الله على من تاب، وإنّ ذات الدين عند الله الحنفية غير اليهودية ولا النصرانية، ومن يعمل خيرا فلن يكفره انتهى.
وأيضا قد صرح الچلپي في حاشية التلويح في ركن السنة في بيان تعريف السنة بأنّ منسوخ التلاوة ليس من السّنة.
وأما الثاني فلما ذكر في الاتقان أيضا في نوع أقسام القراءة حيث قال: قال القاضي جلال الدين البلقيني القراءة تنقسم إلى متواتر وآحاد وشاذ. فالمتواتر القراءات السبع المشهورة. والآحاد القراءات الثلاث التي هي تمام العشر ويلحق بها قراءات الصحابة. والشاذ قراءات التابعين كالأعمش. وقال مكي ما روي في القرآن على ثلاثة أقسام. قسم يقرأ به ويكفر جاحده، وهو ما نقله الثقات ووافق العربية وخط المصحف. وقسم صحّ نقله عن الآحاد وصحّ في العربية وخالف لفظ الخط فيقبل ولا يقرأ به لأمرين: مخالفته لما أجمع عليه وأنه لم يؤخذ بإجماع، بل بخبر الآحاد، ولا يثبت به قرآن، ولا يكفر جاحده، ولبئس ما صنع إذا جحد. وقسم نقله ثقة ولا وجه له في العربية أو نقله غير ثقة فلا يقبل وإن وافق الخط. وقال الزركشي: القرآن والقراءات حقيقتان متغايرتان. فالقرآن هو الوحي المنزل على محمد صلى الله عليه وآله وسلم للبيان والإعجاز. والقراءات اختلاف ألفاظ الوحي المذكور في الحروف أو كيفيتها من تخفيف وتشديد وغيرهما انتهى. فإن قيل قد ذكر صاحب التوضيح أنّ القرآن هو ما نقل إلينا بين دفتي المصاحف تواترا. وقال سعد الملّة والدين في التلويح: فخرج جميع ما عدا القرآن كسائر الكتب السماوية وغيرها، والأحاديث الإلهية والنبوية، ومنسوخ التلاوة والقراءات الشاذة والمشهورة.
وقال في مختصر الأصول ما نقل آحادا فليس بقرآن. قلت قد ذكر في العضدي أنّ غرض الأصولي هو تعريف القرآن الذي هو جنسه دليل في الفقه انتهى. ولا خفاء في أنّ القرآن الذي هو دليل من الأدلة الأربعة الفقهية ليس إلّا هو القرآن المنقول في المصاحف تواترا فلا تدافع بين ما ذكر وبين ما ذكره صاحب الإتقان.
التقسيم
الــحديث إما نبوي وإما إلهي، ويسمّى حديثــا قدسيا أيضا. فالــحديث القدسي هو الذي يرويه النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن ربه عز وجل. والنبوي ما لا يكون كذلك، هكذا يفهم مما ذكر ابن الحجر في الفتح المبين في شرح الــحديث الرابع والعشرين. وقال الچلپي في حاشية التلويح في الركن الأول عند بيان معنى القرآن: الأحاديث الإلهية هي التي أوحاها الله تعالى إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليلة المعراج وتسمّى بأسرار الوحي.
فائدة:

قال ابن الحجر هناك: لا بدّ من بيان الفرق بين الوحي المتلو وهو القرآن والوحي المروي عنه صلى الله عليه وآله وسلم عن ربه عز وجل وهو ما ورد من الأحاديث الإلهية وتسمّى القدسية، وهي أكثر من مائة، وقد جمعها بعضهم في جزء كبير.
اعلم أنّ الكلام المضاف إليه تعالى أقسام. أولها وأشرفها القرآن لتميزه عن البقية بإعجازه وكونه معجزة باقية على ممر الدهور، محفوظة من التغيير والتبديل، وبحرمة مسّه للمحدث، وتلاوته لنحو الجنب وروايته بالمعنى، وبتعيينه في الصلاة وبتسميته قرآنا، وبأن كل حرف منه بعشرة، وبامتناع بيعه في رواية عند أحمد وكراهته عندنا، وبتسمية الجملة منه آية وسورة. وغيره من بقية الكتب والأحاديث القدسية لا يثبت لها شيء من ذلك، فيجوز مسّه وتلاوته لمن ذكر وروايته بالمعنى، ولا يجزئ في الصلاة بل يبطلها، ولا يسمّى قرآنا ولا يعطى قارئه بكل حرف عشرة، ولا يمنع بيعه ولا يكره اتفاقا، ولا يسمّى بعضه آية ولا سورة اتفاقا أيضا. وثانيها كتب الأنبياء عليهم الصلاة والسلام قبل تغيرها وتبدلها.
وثالثها بقية الأحاديث القدسية وهي ما نقل إلينا آحادا عنه صلى الله عليه وآله وسلم مع إسناده لها عن ربه فهي من كلامه تعالى فتضاف إليه وهو الأغلب، ونسبتها إليه حينئذ نسبة إنشاء لأنه المتكلم بها أولا. وقد يضاف إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأنه المخبر بها عن الله تعالى بخلاف القرآن فإنه لا يضاف إلّا إليه تعالى، فيقال فيه: قال الله تعالى، وفيها: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيما يروي عن ربه. واختلف في بقية السّنة هل هو كله بوحي أو لا، وآية وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى تؤيّد الأول. ومن ثمّ قال صلى الله عليه وآله وسلم «ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه.
ولا تنحصر تلك الأحاديث في كيفية من كيفيات الوحي بل يجوز أن تنزل بأي كيفية من كيفياته كرؤيا النوم والإلقاء في الروع وعلى لسان الملك. ولراويها صيغتان إحداهما أن يقول، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيما يروي عن ربه وهي عبارة السلف. وثانيتهما أن يقول قال الله تعالى فيما رواه عنه رسوله صلى الله عليه وآله وسلم والمعنى واحد انتهى كلامه.
وفي فوائد الأمير حميد الدين الفرق بين القرآن والــحديث القدسي على ستة أوجه.
الوجه الأول أن القرآن معجز والــحديث القدسي لا يلزم أن يكون معجزا. والثاني أن الصلاة لا تكون إلّا بالقرآن بخلاف الــحديث القدسي.
والثالث أنّ جاحد القرآن يكفر بخلاف جاحده.
والرابع أنّ القرآن لا بدّ فيه من كون جبرئيل عليه السلام واسطة بين النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبين الله تعالى بخلاف الــحديث القدسي.
والخامس أنّ القرآن يجب أن يكون لفظا من الله تعالى وفي الــحديث القدسي يجوز لفظ من النبي صلى الله عليه وآله وسلم. والسادس أنّ القرآن لا يمسّ إلّا بالطهارة والــحديث القدسي يجوز مسّه من المحدث انتهى. وتبين بهذا الفرق بين الــحديث القدسي وبين ما نسخ تلاوته أيضا لما عرفت فيما نقلنا من الإتقان من أنّه يسمّى بالقرآن والآية.
تقسيم آخر
ينقسم الــحديث أيضا إلى صحيح وحسن وضعيف، وكل منها إلى ثلاثة عشر صنفا: المسند والمتصل والمرفوع والمعنعن والمعلق والفرد والمدرج والمشهور والعزيز والغريب والمصحف والمسلسل وزائد الثقة. وينقسم الضعيف إلى اثنى عشر قسما: الموقوف والمقطوع والمرسل والمنقطع والمعضل والشاذ والمنكر والمعلل والمدلس والمضطرب والمقلوب والموضوع، هكذا في خلاصة الخلاصة، وله أقسام أخر وبيان الجميع في مواضعها.
فائدة:
اختلف أهل الــحديث في الفرق بين الــحديث والخبر. فقيل هما مترادفان. وقيل الخبر أعم من الــحديث لأنه يصدق على كل ما جاء عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعن غيره، بخلاف الــحديث فإنه يختصّ بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم. فكل حديث خبر من غير عكس كلي. وقيل هما متباينان فإن الــحديث ما جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام والخبر ما جاء عن غيره. ومن ثم قيل هما متباينان فإن الــحديث ما جاء عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم. فكل حديث خبر من غير عكس كلي.
وقيل هما متباينان فإن الــحديث ما جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام والخبر ما جاء عن غيره.
ومن ثم قيل لمن يشتغل بالتواريخ وما شاكلها الأخباري، ولمن يشتغل بالسّنة النبوية المحدّث، هكذا في شرح النخبة وشرحه. وفي الجواهر وأما الأثر فمن اصطلاح الفقهاء فإنهم يستعملونه في كلام السلف، والخبر في حديث الرسول عليه الصلاة والسلام. وقيل الخبر يباين الــحديث ويرادف الأثر.

علم غريب الحديث والقرآن

علم غريب الــحديث والقرآن
قال أبو سليمان محمد الخطابي الغريب من الكلام إنما هو الغامض البعيد من الفهم كما إن الغريب من الناس إنما هو البعيد عن الوطن المنقطع عن الأهل والغريب من الكلام يقال به على وجهين:
أحدهما: أن يراد به أأأنه بعيد المعنى غامضه لا يتناوله الفهم إلا عن بعد ومعاناة فكر.
والوجه الآخر: يراد به كلام من بعدت به الدار من شواذ قبائل العرب فإذا وقعت إلينا الكلمة من كلامهم استغربناها انتهى.
وقال ابن الأثير في النهاية: وقد عرفت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أفصح العرب لسانا حتى قال له علي رضي الله عنه وقد سمعه يخاطب وفد بني نمر: يا رسول الله نحن بنو أب واحد ونراك تكلم وفود الغرب بما لا نفهم أكثره فقال: أدبني ربي فأحسن تأديبي.
فكان عليه الصلاة والسلام يخاطب العرب على اختلاف شعوبهم وقبائلهم بما يفهمونه فكان الله عز وجل قد أعلمه ما لم يكن يعلمه غيره وكان أصحابه يعرفون أكثر ما يقوله وما جهلوه سألوه عنه فيوضحه لهم واستمر عصره إلى حين وفاته عليه الصلاة والسلام.
وجاء عصر الصحابة جاريا على هذا النمط فكان اللسان العربي عندهم صحيحا لا يتداخله الخلل إلى أن فتحت الأمصار وخالط العرب غير جنسهم فامتزجت الألسن ونشأ بينهم الأولاد فتعلموا من عصر الصحابة وجاء التابعون فسلكوا سبيلهم فما انقضى زمانهم إلا واللسان العربي قد استحال أعجميا فلما أعضل الداء الهم الله سبحانه وتعالى جماعة من أولي المعارف انصرفوا إلى هذا الشأن طرفا من عنايتهم فشرعوا فيه حراسة لهذا العلم الشريف
فقيل إن أول من جمع في هذا الفن شيئا أبو عبيدة معمر بن المثنى التميمي البصري المتوفى سنة عشر ومائتين فجمع كتابا صغيرا ولم تكن قلته لجهله بغيره وإنما ذلك لأمرين:
أحدهما: إن كل مبتدئ بشيء لم يسيق إليه يكون قليلا ثم يكثر.
والثاني: إن الناس كان فيهم يؤمئذ بقية وعندهم معرفة فلم يكن الجهل قد عم وله تأليف آخر في غريب القرآن وقد صنف عبد الواحد بن أحمد المليح المتوفى سنة اثنتين وستين وأربعمائة كتابا في رده وأبو سعيد أحمد بن خالد الضرير وموفق الدين عبد اللطيف بن يوسف البغدادي المتوفى سنة تسع وعشرين وستمائة صنفا في رد غريب الــحديث.
ثم جمع أبو الحسن النضر بن شميل المازني النحوي بعده أكثر منه المتوفى سنة أربع ومائتين ثم جمع عبد الملك بن قريب الأصمعي كتابا أحسن فيه وأجاد وكذلك محمد بن المستنير المعروف بقطرب وغيره من الأئمة جمعوا أحاديث وتكلموا على لغتها في أوراق ولم يكد أحدهم ينفرد عن غيره بكثير حديث لم يذكره الآخر. ثم جاء أبو عبيد القاسم بن سلام بعد المائتين فجمع كتابه فصار هو القدوة في هذا الشأن فإنه أفنى فيه عمره حتى لقد قال فيما يروى عنه: أني جمعت كتابي هذا في أربعين سنة وربما كنت استفيد الفائدة من الأفواه فأضعها في موضعها فكان خلاصة عمري وبقي كتابه في أيدي الناس يرجعون إليه في غريب الــحديث وعليه كتاب مختصر لمحب الدين أحمد بن عبد الله الطبري المتوفى سنة أربع وتسعين وستمائة سماه بقريب المرام في غريب القاسم بن سلام مبوبا على الحروف.
ثم جاء عصر أبي محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري المتوفى سنة ست وسبعين ومائتين فصنف كتابه المشهور حذا فيه حذو أبي عبيدة فجاء كتابه مثل كتابه أو أكبر.
وقال في مقدمته: أرجو أن لا يكون بقي بعد هذين الكتابين من غريب الــحديث ما يكون لأحد فيه مقال.
وقد كان في زمانه الإمام إبراهيم بن إسحاق الحربي الحافظ وجمع كتابه فيه وهو كبير في خمس مجلدات بسط القول فيه واستقصى الأحاديث بطرق أسانيدها وأطاله بذكر متونها وإن لم تكن فيها إلا كلمة واحدة غريبة فطال ذلك كتابه فترك وهجر وإن كان كثير الفوائد توفي رحمه الله ببغداد سنة خمس وثمانين ومائتين.
ثم صنف الناس غير من ذكر منهم شمر بن حمدويه وأبو العباس أحمد بن يحيى المعروف بثعلب المتوفى سنة خمس وثمانين ومائتين وأبو بكر محمد بن قاسم الأنباري المتوفى سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة وأحمد بن حسن الكندي وأبو عمر ومحمد بن عبد الواحد الزاهد صاحب ثعلب المتوفى سنة خمس وأربعين وثلث مائة وغريبه غريب مسند الإمام أحمد. وغير هؤلاء أقول كأبي الحسين عمر بن محمد القاضي المالكي المتوفى سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة ولم يتم وأبي محمد سلمة بن عاصم النحوي وأبي مروان عبد الملك بن حبيب المالكي المتوفى سنة تسع وثلاثين ومائتين وأبي القاسم محمود بن أبي الحسن بن الحسين النيسابوري الملقب ببيان الحق وقاسم بن محمد الأنباري المتوفى سنة أربع وثلاثمائة وأبي شجاع محمد بن علي بن الدهان البغدادي المتوفى سنة تسعين وخمسمائة وهو كبير في ستة عشر مجلدا. وأبي الفتح سليم بن أيوب الرازي المتوفى سنة اثنتين وأربعين وأربعمائة وابن كيسان محمد بن أحمد النحوي المتوفى سنة تسع وستين ومائتين ومحمد بن حبيب البغدادي النحوي المتوفى سنة خمس وأربعين ومائتين وابن درستويه عبد الله بن جعفر النحوي المتوفى سنة سبع وأربعين وثلاثمائة وإسماعيل بن عبد الغافر راوي صحيح مسلم المتوفى سنة خمس وأربعين وأربعمائة وكتابه جليل الفائدة مجلد مرتب على الحروف.
واستمر الحال إلى عهد الإمام أبي سليمان أحمد بن محمد الخطابي البستي المتوفى سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة فألف كتابه المشهور سلك فيه نهج أبي عبيدة وابن قتيبة فكانت هذه الثلاثة فيه أمهات الكتب إلا أنه لم يكن كتاب صنف مرتبا يرجع الإنسان عند طلبه إلا كتاب الحربي وهو على طوله لا يوجد إلا بعد تعب وعناء فلما كان زمان أبي عبيد أحمد بن محمد الهروي المتوفى سنة إحدى وأربعمائة صاحب الأزهري وكان في زمن الخطابي صنف كتابه المشهور في الجمع بين غريبي القرآن والــحديث ورتبه على حروف المعجم على وضع لم يسبق فيه وجمع ما في كتب من تقدمه فجاء جامعا في الحسن إلا أنه جاء الــحديث مفرقا في حروف كلماته فانتشر فصار هو العمدة فيه وما زال الناس بعده يتبعون أثره على عهد أبي القاسم محمود بن عمر الزمخشري فصنف الفائق ورتبه على وضع اختاره مقفى على حروف المعجم ولكن في العثور على طلب الــحديث منه كلفة ومشقة لأنه جمع في التقفية بين إيراد الــحديث مسرودا جميعه أو أكثره ثم شرح ما فيه من غريب فيجيء بشرح كل كلمة غريبة يشتمل عليها ذلك الــحديث في حرف وأحد فرد الكلمة في غير حروفها وإذا طلبها الإنسان تعب حتى يجدها فكان كتاب الهروي أقرب متناولا وأسهل مأخذاً.
وصنف الحافظ أبو موسى محمد بن أبي بكر الأصفهاني كتابا فيه ما فات الهروي من غريب القرآن والــحديث مناسبة وفائدة ورتبه كما رتبه ثم قال: واعلم أنه سيبقى بعد كتابي أشياء لم تقع لي ولا وقفت عليها لأن كلام العرب لم ينحصر. وتوفي سنة إحدى وثمانين وخمسمائة سماه كتاب الغث كمل به الغريبين ومعاصره أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الإمام ابن الجوزي صنف كتابا في غريب الــحديث نهج فيه طريق الهروي مجردا عن غريب القرآن وكان فاضلا لكنه يغلب عليه الوعظ وقال فيه: قد فاتهم أشياء فرأيت أن أبذل الوسع في جمع غريب وأرجو أن لا يشذ عني مهم من ذلك قال ابن الأثير: ولقد تتبعت كتابه فرأيته مختصرا من كتاب الهروي منتزعا من أبوابه شيئا فشيئا ولم يزد عليه إلا الكلمة الشاذة وأما أبو موسى فإنه لم يذكر في كتابه مما ذكره الهروي لا كلمة اضطر إلى ذكرها فإن كتابه أيضا يضاهي كتاب الهروي لأن وضعه استدراك ما فات الهروي ولما وقفت على ذينك الكتابين وهما في غاية من الحسن وإذا أراد أحد كلمة غريبة يحتاج إليهما وهما كبيران ذوا مجلدات عدة فرأيت أن أجمع بين ما فيهما من غريب الــحديث مجرد من غريب القرآن وأضيف كل كلمة إلى أختها وتمادت بين الأيام فحينئذ أمعنت النظر في الجمع بين ألفاظهما فوجدتهما على كثرة ما أودع فيهما قد فاتهما الكثير فإني في بادئ الأمر مر بذكري كلمات غريبة من أحاديث البخاري ومسلم لم يرد شيء منها في هذين الكتابين فحيث عرفت نبهت لاعتبار ما سوى هذين من كتب الــحديث فتتبعتها واستقصيت قديما وحديثــا فرأيت فيها من الغريب كثيرا وأضفت ما عثرت عليه.
وأنا أقول: كم يكون ما قد فاتني من الكلمات الغريبة تشتمل عليها أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وتابعيهم ذخيرة لغيري انتهى كلام ابن الأثير من كتابه المسمى بالنهاية ملخصاً.
أقول: وصنف الأرموي بعده كتابه في تتمة كتابه وصنف مهذب الدين بن الحاجب عشر مجلدات وتصنيف قاسم بن ثابت بن حزم السرقسطي المتوفى سنة ثلاثين وثلاثمائة بسرقسطة كان في عصر الحربي ذلك في الشرق هذا في الغرب ولم يطلع أحدهما على ما صنع الأخر ذكره البقاعي رحمه الله تعالى.

علم شرح الحديث

علم شرح الــحديث
هو: من فروع الــحديث اعتنى العلماء بجمع حديث الأربعين وشرحه لما روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من حفظ على أمتي أربعين حديثــا من السنة كنت له شفيعا يوم القيامة".
وفي رواية: "من حمل عني من أمتي أربعين حديثــا لقي الله عز وجل يوم القيامة فقيها عالماً".
وفي رواية: "من تعلم أربعين حديثــا ابتغاء وجه الله تعالى ليعلم به أمتي في حلالهم وحرامهم حشره الله - سبحانه وتعالى - يوم القيامة عالما. انتهى ما في كشف الظنون أقول وهذا الــحديث من جميع طرقه ضعيف عند محققي أهل الــحديث لا يعتمد عليه ولا يصير إليه إلا من لم يرسخ في علم الــحديث قدمه.
وقد تكلمنا عليه في غير هذا الموضع ولا يختص شرح الــحديث بشرح أربعين حديثــا بل كل من شرح كتابا من كتب السنة المطهرة وأتى بما ينبغي له وقضى حقه فقد شرح الــحديث كما فعلنا في مسك الختام شرح بلوغ المرام وفي عون الباري لحل أدلة البخاري وكما فعل قبلنا جماعة من الأئمة الحفاظ يطول ذكرهم.
منها فتح الباري شرح صحيح البخاري للحافظ الإمام الحجة ابن حجر العسقلاني.
ونيل الأوطار شرح منتقى الأخبار لشيخنا المجتهد القاضي محمد بن علي الشوكاني رضي الله عنهما.
قال في مدنية العلوم: علم شرح الــحديث علم باحث عن مراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أحاديثه الشريفة بحسب القواعد العربية والأصول الشرعية بقدر الطاقة البشرية ونفعه وغايته بمكان لا يخفى على إنسان والكتب المصنفة فيه أكثر من أن تحصى.
وأشهرها شروح البخاري للكرماني والبرماوي وابن الملقن والعيني والحافظ ابن حجر والكوراني والسيوطي وغير ذلك وشرح مسلم النووي والسيوطي وشروح المصابيح للخلخالي والتوريشتي ومظهر وزين العرب وغير ذلك.
ومن شروح المشارق المبارق وشرح صاحب القاموس وشرح أكمل الدين وشرح ابن الملك وغير ذلك انتهى
قلت: وقد استوفيت شروح الكتب الــحديثــة في كتابي إتحاف النبلاء تحت ذكر المتون فارجع إليه.

علم دراية الحديث

علم دراية الــحديث
تقدم الكلام عليه في علم الــحديث.
وقال الشيخ شمس الدين الأكفاني السخاوي: دراية الــحديث علم تتعرف منه أنواع الرواية وأحكامها وشروط الرواية وأصناف المرويات واستخراج معانيها ويحتاج إلى ما يحتاج إليه علم التفسير من اللغة والنحو والتصريف والمعاني والبيان والبديع والأصول ويحتاج إلى تاريخ النقلة انتهى.
ولنا كتاب سميناه الحطة بذكر الصحاح الستة ذكرنا فيه جميع فروع علم الــحديث.
وشرف هذا العلم وأحوال الأمهات الست وتراجم أصحابها فإن شئت الزيادة فارجع إليه.
وذكر في مدينة العلوم أن لفظ الصحيح في علم الــحديث إذا أطلق يراد به عند المحدثين البخاري وإذا أطلق لفظ الصحيحين يراد به عندهم صحيح البخاري وصحيح مسلم.
وإذا أطلق لفظ الصحاح يراد به عندهم الصحيحان وصحيح ابن حبان وصحيح ابن خزيمة وصحيح ابن عوانة وصحيح مستدرك الحاكم وهذه هي الصحاح الستة انتهى. وفيه نظر واضح.
قال: ثم إن السنن إذا أطلقت يراد بها في اصطلاحهم سنن أبي داود وسنن الترمذي وسنن النسائي وسنن ابن ماجة القزويني وأما سنن غير هؤلاء فتذكر مقيدة كسنن الدارقطني وسنن البيهقي وإذا أطلق المسانيد يراد بها في اصطلاحهم مسندا للإمام أحمد بن حنبل ومسند أبي يعلى الموصلي ومسند الدارمي ومسند البزار.
ثم إن المعاجم إذا أطلقت يراد بها المعجم الكبير والأوسط والصغير الثلاثة للطبراني قال: ولما فرغنا عن ذكر الأقدمين من المحدثين اقتضى الرأي أن نورد ههنا بعضا من المتأخرين منهم وعند ذكر الصالحين تنزل الرحمة. ثم ذكر أبا سليمان الخطابي وابن الجوزي والنووي وأبا السعادات الجزري وأبا محمد حسين البغوي وابن الصلاح والحسن الصغاني اللاهوري الهندي وأكمل الدين البابرني شارح المشارق والقاضي عياض وذكر تراجمهم بالاختصار وكتابنا إتحاف النبلاء المتقين بإحياء مآثر الفقهاء المحدثين قد قضى الوطر عن ذكر الكتب المؤلفة في علم الــحديث وتراجم أكابر هذا العلم.

التّحديث

التّــحديث:
[في الانكليزية] Information ،narration ،bringing back the words of others
[ في الفرنسية] Information ،narration ،rapporter les propos d'un autre
لغة الإخبار. وعند المحدّثين إخبار خاص بما سمع من لفظ الشيخ، أي إخبار خاص بــحديث سمع الراوي بلفظه من الشيخ وهو الشائع عند المشارقة ومن تبعهم. وأمّا غالب المغاربة فلم يستعملوا هذا الاصطلاح، بل الإخبار والتــحديث عندهم بمعنى واحد. فعلى القول الشائع يحمل ما إذا قال: حدّثنا على السماع من الشيخ، وفيما إذا قال أخبرنا على سماع الشيخ، وكلاهما أي التــحديث والإخبار عندهم من صيغ الأداء، هكذا في شرح النخبة وشرحه. وقال الحافظ في فتح الباري في كتاب العلم: التــحديث والإخبار والإنباء سواء عند أهل العلم بلا خلاف بالنسبة إلى اللغة. وأما بالنسبة إلى الاصطلاح ففيه الخلاف. فمنهم من استمرّ على أصل اللغة وهذا رأي الزّهري ومالك وابن عيينة ويحيي القطان وأكثر الحجازيين والكوفيين، وعليه استمر عمل المغاربة ورجّحه ابن الحاجب في مختصره ونقل عن الحاكم أنّه مذهب الأئمة الأربعة. ومنهم من رأى إطلاق ذلك حيث يقرأ الشيخ من لفظه وتقييده حيث يقرأ عليه وهو مذهب إسحاق بن راهويه والنسائي وابن حبان وابن مندة وغيرهم. ومنهم من رأى التفرقة بين الصّيغ بحسب افتراق التحمّل، فيخصّون التــحديث بما تلفّظ به الشيخ والإخبار بما يقرأ عليه، وهذا مذهب ابن جريج والأوزاعي والشافعي وابن وهب وجمهور أهل المشرق. ثم أحدث أتباعهم تفصيلا آخر، فمن سمع وحده من لفظ الشيخ أفرد فقال حدثني، ومن سمع من غيره جمع، ومن قرأ بنفسه على الشيخ أفرد فقال أخبرني، وهذا مستحسن وليس بواجب عندهم.
وإنّما أرادوا التمييز بين أحوال التحمّل. وظنّ بعضهم أنّ ذلك على سبيل الوجوب فتكلّفوا في الاحتجاج عليه وله بما لا طائل تحته. نعم يحتاج المتأخّرون إلى مراعاة الاصطلاح المذكور لئلّا يختلط لأنّه صار حقيقة عرفية عندهم، فمن تجوّز عنها احتاج إلى الإتيان بقرينة تدلّ على مراده وإلّا فلا يؤمن اختلاط المسموع بالمجاز، فيحمل ما يرد من ألفاظ المتقدمين على محمل واحد بخلاف المتأخرين، انتهى كلامه.

تَحْديث

تَــحْديث
الجذر: ح د ث

مثال: تَــحْدِيث العقل العربي
الرأي: مرفوضة
السبب: لعدم ورود الكلمة بهذا المعنى في المعاجم.
المعنى: جعله حديثًــا في تفكيره

الصواب والرتبة: -تــحديث العقل العربي [فصيحة]
التعليق: من الثابت في المعاجم أن معنى الفعل «حدَّث» هو أخبر، أو كَلَّم، ولما كان أصل المادة «حَدَث» يدل على ما يناقض القِدَم، فقد أقرَّ مجمع اللغة المصري أن يُصاغ منه «فعَّل» المضعّف، الذي يدل على الجعل والتصيير، وعليه يصح هذا المصدر، فيقال: تــحديث وسائل التعليم، وتــحديث العقل العربي، وتــحديث الأمة، ونحو ذلك.

علم أحوال رواة الحديث

علم أحوال رواة الــحديث من وفياتهم وقبائلهم وأوطانهم وجرحهم وتعديلهم وغير ذلك
وهذا العلم من فروع التواريخ من وجه ومن فروع الــحديث من وجه آخر وفيه تصانيف كثيرة ذكره أبو الخير وقد أورده من جملة فروع الــحديث ولا يخفى أنه علم أسماء الرجال في اصطلاحات أهل الــحديث.

حَدِيثَةُ الفُرَاتِ

حَدِيثَــةُ الفُرَاتِ:
وتعرف بــحديثــة النورة: وهي على فراسخ من الأنبار، وبها قلعة حصينة في وسط الفرات والماء يحيط بها، قال أحمد بن يحيى بن جابر:
وجّه عمّار بن ياسر أيام ولايته الكوفة من قبل عمر ابن الخطاب، رضي الله عنه، جيشا يستقري ما فوق الفرات عليهم أبو مدلاج التميمي فتولى فتحها، وهو الذي تولى بناء الــحديثــة التي على الفرات وولده بهيت، وحكى أبو سعد السمعاني أن أهل الــحديثــة نصيرية، وحكى عن شيخه أبي البركات عمر بن إبراهيم العلوي الزيدي النحوي مؤلف شرح اللمع أنه قال: اجتزت بالــحديثــة عند عودي من الشام فدخلتها فقيل لي: ما اسمك؟ فقلت: عمر، فأرادوا قتلي لو لم يدركني من عرّفهم أنني علويّ، وينسب إليها جماعة، منهم:
سويد بن سعيد بن سهل بن شهريار أبو محمد الهروي الحدثاني، قال أبو بكر الخطيب: سكن الــحديثــة حديثــة النورة على فرسخ من الأنبار فنسب إليها، سمع مالك بن أنس وسفيان بن عيينة وإبراهيم بن سعد وحفص بن ميسرة وعليّ بن مسهر وشريك بن عبد الله القاضي ويحيى بن زكرياء بن أبي زائدة وغيرهم، روى عنه يعقوب بن شيبة ومحمد بن عبد الله بن مطير ومسلم ابن الحجاج في صحيحه وأبو الأزهر أحمد بن الأزهر ابن إبراهيم بن هانئ النيسابوري وأبو زرعة وأبو حاتم الرازيّان، وقال البخاري: فيه نظر كان عمي فتلقّن بما ليس في حديثــه، وقال سعد بن عمرو البرذعي: رأيت أبا زرعة يسيء القول فيه، وقال:
رأيت فيه شيئا لم يعجبني، فقيل: ما هو؟ فقال:
لما قدمت من مصر مررت به فأقمت عنده فقلت له
إن عندي أحاديث ابن وهب عن ضمام ليست عندك، فقال: ذاكرني بها، فأخرجت الكتب أذاكره وكنت كلما ذاكرته بشيء قال: حدثنا به ضمام، وكان يدلّس حديث حريز بن عثمان وحديث ابن مكرّم وحديث عبد الله بن عمرو زر غبّا تزدد حبّا، فقلت: أبو محمد لم يسمع هذه الثلاثة الأحاديث من هؤلاء، فغضب، فقلت لأبي زرعة: فأيش حاله؟
فقال: أما كتبه فصحاح وكنت أتبع أصوله فأكتب منها وأما إذا حدث من حفظه فلا، مات في شوال سنة 240 عن مائة سنة، وكان ضريرا، ومنها سعيد بن عبد الله الحدثاني أبو عثمان، حدث عن سويد ابن سعيد الــحديثــي، روى عنه أبو بكر الشافعي وأحمد بن محمد أبزون وذكر الشافعي أنه سمع منه بــحديثــة النورة، وعبد الله بن محمد بن الحسين أبو محمد بن أبي طاهر الــحديثــي، سمع أبا عبد الله أحمد بن عبد الله بن الحسين بن إسماعيل المحاملي وأبا القاسم بن بشران، روى عنه أبو القاسم السمرقندي وعبد الوهاب الأنماطي، ومات في سنة 487، وهلال بن إبراهيم بن نجّاد بن عليّ بن شريف أبو البدر النميري الخزرجي الشاعر، قدم دمشق، قال القاسم بن أبي القاسم الدمشقي فيما كتب في تاريخ والده إملاء على هلال وكتبت من لفظه:
أطعت الهوى لما تملّكني قسرا، ... ولم أدر أن الحبّ يستعبد الحرّا
فأصبحت لا أصغي إلى لوم لائم، ... ولا عاذل بالعذل مستترا مغرى
إذا ما تذكّرت الــحديثــة والشّرا ... وطيب زماني، بادرت مقلتي تترى
أشرخ شبابي، بالفرات، وشرّتي ... وميدان لهوي هل لنا عودة أخرى
ومنها أيضا روح بن أحمد بن محمد بن أحمد بن صالح الــحديثــي أصلا البغدادي مولدا أبو طالب قاضي القضاة ببغداد، وكان يشهد أوّلا عند قاضي القضاة أبي القاسم عليّ بن الحسين الزّينبي سنة 524 في شهر رمضان، ثم رتب نائبا في الحكم بمدينة السلام وأذن له في القعود والمطالبات والحبس والإطلاق من غير سماع بيّنة ولا اسجال في خامس عشر رجب سنة 563، وفي ربيع الآخر سنة 564 أذن له في سماع البينة وأنشأ قضيته بإذن المستنجد، وكان على ذلك ينوّب في الحكم إلى أن مات المستنجد بالله وولي المستضيء، فولّاه قضاء القضاة بعد امتناع منه وإلزام له فيه يوم الجمعة حادي عشر شهر ربيع الآخر سنة 566، واستناب ولده أبا المعالي عبد الملك على القضاء والحكم بدار الخلافة وما يليها وغير ذلك من الأعمال ولم يزل على ولايته حتى مات، وقد سمع الــحديث من جماعة، قال عمر بن عليّ القزويني: سألت روح بن الــحديثــي عن مولده فقال: سنة 502، ومات في خامس عشر محرم سنة 570، وأبو جعفر النفيس بن وهبان الــحديثــي السلمي، روى عن أبي عبد الله محمد بن محمد ابن أحمد السّلّال وأبي الفضل محمد بن عمر الأرموي في آخرين، ومات في ثالث عشر صفر سنة 599، وابنه صديقنا ورفيقنا الإمام أبو نصر عبد الرحيم بن النفيس بن وهبان، اصطحبنا مدّة ببغداد ومرو وخوارزم في السماع على المشايخ وكانت بيننا مودّة صادقة، وكان عارفا بالــحديث ورجاله وعلومه عارفا بالأدب قيما باللغة جدّا وخصوصا لغة الــحديث، وكان مع ذلك فقيها مناظرا، وكان حسن العشرة متودّدا مأمون الصحبة صحيح الخاطر مع دين متين، خلفته بخوارزم في أول سنة 617 فقتلته التتر بها شهيدا، وما روى إلا القليل.
والــحَدِيثَــةُ:
أيضا من قرى غوطة دمشق ويقال لها حديثــة جرش، بالشين المعجمة، ذكر لي ابن الدّخميسي عن الشريف البهاء الشروطي أنه بالسين المهملة، سكن الــحديثــة هذه أحمد بن محمد بن أحمد بن جعفر أبو العباس الأكار النهربيني أخو أبي عبد الله المقري من سواد بغداد، سمع أبا الحسين بن الطيوري وسكن بهذه القرية من غوطة دمشق، سمع منه بها الحافظ أبو القاسم وذكره وقال: مات في سنة 527، ومحمد ابن عنبسة الــحديثــي، حدث عن خالد بن سعيد العرضي.

الحَدِيث

الــحَدِيث: قَول النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم
الــحَدِيث: يطلق على قول النبي - صلى الله عليه وسلم - وفعلِه وتقريره، وكذا يطلق على قول الصحابي والتابعي وفعلهم وتقريرِهم.
(الــحَدِيث) كل مَا يتحدث بِهِ من كَلَام وَخبر وَيُقَال (الــحَدِيث ذُو شجون) يتَذَكَّر بِهِ غَيره وَكَلَام رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم و (فِي اصْطِلَاح الْمُحدثين) قَول أَو فعل أَو تَقْرِير نسب إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم والجديد يُقَال هُوَ حَدِيث عهد بِكَذَا قريب عهد بِهِ
و (علم الــحَدِيث) علم يعرف بِهِ أَقْوَال النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأفعاله وأحواله
الــحَدِيث: فِي اللُّغَة ضد الْقَدِيم لِأَنَّهُ يحدث شَيْئا فَشَيْئًا وَقد ورد إياك والْــحَدِيث وَيسْتَعْمل فِي قَلِيل الْكَلَام وَكَثِيره. وأصول الــحَدِيث علم بأصول يعرف بهَا أَحْوَال الــحَدِيث الرَّسُول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من صِحَة النَّقْل عَنهُ وَضَعفه وطرق التَّحَمُّل وَالْأَدَاء. وموضوعه حَدِيث الرَّسُول عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام إِذْ الْبَحْث فِيهِ إِنَّمَا هُوَ عَن عوارضه وَإِن لم يكن بَعْضهَا ذاتيا كَذَا فِي جَوَاهِر الْأُصُول. والْــحَدِيث فِي اصْطِلَاح الْمُحدثين قَول النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام وَفعله وَتَقْرِيره وَصفته حَتَّى الحركات والسكنات فِي الْيَقَظَة والمنام ويرادفه السّنة عِنْد الْأَكْثَر. قَالَ فِي الْكِفَايَة الــحَدِيث تِسْعَة قَول النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: (وَفعله وَتَقْرِيره وَقَول أَصْحَابه وفعلهم وتقريرهم وَالتَّابِعِينَ لَهُم) انْتهى. وَالْخَبَر بِمَعْنى الــحَدِيث وَقيل أَعم وغايته الْفَوْز بسعادة الدَّاريْنِ. ثمَّ إِن الْعلمَاء اخْتلفُوا فِي أَن السّنة عِنْد الْإِطْلَاق هَل تخْتَص بِسنة الرَّسُول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَو تعمها وَغَيرهَا. فَذهب المتقدمون منا وَصَاحب الْمِيزَان من الْمُتَأَخِّرين وَأَصْحَاب الشَّافِعِي رَحمَه الله وَجُمْهُور أهل الــحَدِيث إِلَى الأول وَالْبَاقُونَ إِلَى الثَّانِي.
(الــحَدِيث) رجل حَدِيث كثير الــحَدِيث

علم تلفيق الحديث

علم تلفيق الــحديث
وهو: علم يبحث فيه عن التوفيق بين الأحاديث المتنافية ظاهرا.
إما بتخصيص العام تارة، أو بتقييد المطلق أخرى، أو بالحمل على تعدد الحادثة... إلى غير ذلك من وجوه التأويل.
وكثيرا ما يورده شراح الــحديث أثناء شروحهم.
إلا أن بعضا من العلماء قد اعتنى بذلك، فدونوه على حدة.
ذكره: أبو الخير من فروع علم الــحديث.
علم تلفيق الــحديث
هو: علم يبحث فيه عن التوفيق بين الأحاديث المتنافية ظاهرا إما بتخصيص العام تارة أو بتقييد المطلق أخرى أو بالحمل على تعدد الحادثة إلى غير ذلك من وجوه التأويل وكثيرا ما يورده شراح الأحاديث أثناء شروحهم إلا أن بعضا من العلماء قد اعتنى بذلك فدونوه على حده ذكره أبو الخير من فروع علم الــحديث والتصانيف في هذا الفن قليلة. 

ألفية العراقي، في أصول الحديث

ألفية العراقي، في أصول الــحديث
للشيخ، الإمام، الحافظ، زين الدين: عبد الرحيم بن الحسين العراقي.
المتوفى: سنة 806.
أولها:
يقول راجي ربه المقتدر * عبد الرحيم بن الحسين الأثري
لخص فيه: كتاب (علوم الــحديث)، لابن الصلاح، وعبر عنه بلفظ: الشيخ، وزاد عليه.
وفرغ عنها: بطيبة، في جمادى الآخرة، سنة ثمان وستين وسبعمائة.
ثم شرحها.
وفرغ عنه: في خمس وعشرين رمضان، سنة إحدى وسبعين وسبعمائة.
وسماه: (فتح المغيث، بشرح ألفية الــحديث).
ذكر فيه: أنه شرع في شرح كبير، ثم استطال، وعدل إلى شرح متوسط، وترك الأول.
وبدأ بقوله: (الحمد لله الذي قبل بصحيح النية حسن العمل... الخ).
وملخص هذا الشرح.
للسيد، الشريف: محمد أمين، الشهير: بأمير بادشاه البخاري، نزيل مكة.
المتوفى: بها، سنة...
أوله: (الحمد لله الذي أسند حديث الوجود... الخ).
فرغ عنه: بمكة، في رمضان، سنة 972.
وعلى هذا الشرح: حاشية.
للشيخ: قاسم بن قطلوبغا الحنفي.
المتوفى: سنة تسع وسبعين وثمانمائة.
وحاشية:
برهان الدين: إبراهيم بن عمر البقاعي.
المتوفى: سنة 885.
بلغ إلى نصفه.
وسماه: (النكت الوفية، بما في شرح الألفية).
أورد فيه: ما استفاد من شيخه: ابن حجر.
أولها: (الحمد لله الذي من أسند إليه... الخ).
ومن شروحها المشهورة:
شرح: القاضي، العلامة: زكريا بن محمد الأنصاري.
المتوفى: سنة ثمان وعشرين وتسعمائة.
وهو شرح مختصر، ممزوج.
سماه: (فتح الباقي بشرح ألفية العراقي).
فرغ عنه: في رجب، سنة 896.
أوله: (الحمد لله الذي وصل من انقطع إليه... الخ).
قال السخاوي: شرع في غيبتي فيه، مستمدا من شرحي، بحيث تعجب الفضلاء من ذلك. انتهى.
وشرح: جلال الدين: عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي.
المتوفى: سنة 911.
وشرح: الشيخ: إبراهيم بن محمد الحلبي.
المتوفى: سنة خمس وخمسين وتسعمائة.
وشرح: زين الدين، أبي محمد: عبد الرحمن بن أبي بكر العيني.
المتوفى: سنة ثلاث وتسعين وثمانمائة.
وشرح: أبي الفداء: إسماعيل بن إبراهيم بن جماعة الكناني، القدسي.
المتوفى: سنة إحدى وستين وثمانمائة.
وهو: شرح حسن.
وشرح: قطب الدين: محمد بن محمد الخيضري، الدمشقي.
المتوفى: سنة أربع وتسعين وثمانمائة.
سماه: (صعود المراقي).
وشرح: شمس الدين: محمد بن عبد الرحمن السخاوي.
المتوفى: سنة اثنتين وتسعمائة.
وهو شرح حسن، لعله أحسن الشروح.

حديثة الموصل

حديثــة الموصل:
وهي بليدة كانت على دجلة بالجانب الشرقي قرب الزاب الأعلى، وفي بعض الآثار أن حديثــة الموصل كانت هي قصبة كورة الموصل الموجودة الآن وإنما أحدثها مروان بن محمد الحمار، وقال حمزة بن الحميد: الــحديثــة تعريب نوكرد، وكانت مدينة قديمة فخربت وبقي آثارها فأعادها مروان بن محمد بن مروان إلى العمارة وسأل عن اسمها فأخبر بمعناه فقال: سموها الــحديثــة، وقال ابن الكلبي: أول من مصّر الموصل هرثمة بن عرفجة البارقي في أيام عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، وأسكنها العرب ثم أتى الــحديثــة، وكانت قرية فيها بيعتان، ويقال: إن هرثمة نزل المدينة أولا فمصّرها واختطها قبل الموصل، وإنها إنما سميت الــحديثــة حين تحول إليها من تحول من أهل الأنبار لما ولي ابن الرّفيل صاحب النهر ببادوريا أيام الحجاج بن يوسف فعسّفهم، وكان فيهم قوم من أهل الــحديثــة التي بالأنبار فبنوا بها مسجدا وسموا المدينة الــحديثــة، وينسب إلى هذه الــحديثــة جماعة، منهم: أبو الحسن عليّ بن عبد الرحمن ابن محمد بن بابويه السّمنجاني الفقيه، نزل أصبهان ومات بها، قال أبو الفضل المقدسي: سمعت أبا المظفر الأبيوردي يقول: سمعته يقول نحن من حديثــة الموصل، وكان إذا روى عنه نسبه الــحديثــي، قلت:
وسمنجان بلد من أعمال طخارستان من وراء بلخ.

علم رواية الحديث

علم رواية الــحديث
هو علم يبحث فيه عن كيفية اتصال الأحاديث بالرسول - صلى الله عليه وسلم - من حيث أحوال رواتها ضبطا وعدالة ومن حيث كيفية السند اتصالا وانقطاعا وغير ذلك من الأحوال يعرفها نقاد الأحاديث.
وموضوعه: ألفاظ الرسول من حيث صحة صدورها عنه - صلى الله عليه وسلم - وضعفه إلى غير ذلك.
وفي هذا الفن منفعة بينة وغاية عظيمة بل هو أحد أركان الدين.
والكتب المصنفة في هذا العلم أكثر من أن تحصى.
منها: كتاب ابن الصلاح وفيه تصنيف النووي.
وكتاب الشيخ الإمام حافظ العصر نخبة الدهر أمير المؤمنين في الــحديث شهاب الدين أحمد المعروف: بابن حجر العسقلاني مولدا المصري محتدا كذا في مدينة العلوم وقد تقدم الكلام عليه تحت علم الــحديث مفصلا.

كتب الأربعينات، في الحديث، وغيره

كتب الأربعينات، في الــحديث، وغيره
أما في الــحديث: فقد ورد من طرق كثيرة، بروايات متنوعة:
أن رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - قال: (من حفظ على أمتي أربعين حديثــا في أمر دينها، بعثه الله - تعالى - يوم القيامة في زمرة الفقهاء والعلماء).
واتفقوا على أنه حديث ضعيف، وإن كثرت طرقه.
وقد صنف العلماء: في هذا الباب ما لا يحصى من المصنفات، واختلفت مقاصدهم في: تأليفها، وجمعها، وترتيبها.
فمنهم: من اعتمد على ذكر أحاديث التوحيد، وإثبات الصفات.
ومنهم: من قصد ذكر أحاديث الأحكام.
ومنهم: من اقتصر على ما يتعلق بالعبادات.
ومنهم: من اختار حديث المواعظ، والرقائق.
ومنهم: من قصد إخراج ما صح سنده، وسلم من الطعن.
ومنهم: من قصد ما علا إسناده.
ومنهم: من أحب تخريج ما طال متنه، وظهر لسامعه حين يسمعه حسنه.... إلى غير ذلك.
وسمى كل واحد منهم كتابه (بكتاب الأربعين).
وسنورد لك: ما وصل إلينا خبره، أو رأيناه باعتبار حروف المضاف إليه.

اسْتِعْمَال «فَعَّل» ومصدره للدلالة على معانٍ حديثة

اسْتِعْمَال «فَعَّل» ومصدره للدلالة على معانٍ حديثــة

مثال: تَــحْدِيث العقل العربي
الرأي: مرفوضة
السبب: لعدم ورود الكلمة بهذا المعنى في المعاجم.

الصواب والرتبة: -تــحديث العقل العربي [فصيحة]
التعليق: (انظر: التوسع في اشتقاق «فَعَّل» ومصدره للدلالة على معانٍ حديثــة).

علم أصول الحديث

علم أصول الــحديث
ويقال له: علم دراية الــحديث.
والأول أشهر، لكنا أوردناه في: الدال، نظرا إلى المعنى، فتأمل.
علم أصول الــحديث
ويقال له: علم رواية الــحديث والأول: أشهر لكن ذكره صاحب الكشف في الدال نظرا إلى المعنى فتأمل وهو علم يبحث فيه عن سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - إسنادا ومتنا ولفظا ومعنى من حيث القبول والرد وما يتبع ذلك من كيفية تحمل الــحديث وروايته وكيفية ضبطه وكتابته وآداب رواته وطالبيه.
وقيل في رسمه ما هو أخصر وهو أنه علم تعرف به أحوال الراوي والمروي من جهة القبول والرد.
وموضوعه: الراوي والمروي من هذه الجهة.
وغايته: ما يقبل ويرد من ذلك.
والحافظ ابن حجر يرى ترادف الخبر والأثر كما دل له تسمية كتابه نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر وهذا العلم كثير النفع لا غنى عنه لمن يدخل في علم الــحديث والكتب فيه كثيرة جدا ما بين مختصر ومطول.
منها كتاب إسبال المطر على قصب السكر.
وكتاب توضيح الأفكار شرح تنقيح الأنظار كلاهما للسيد الإمام المجتهد العلامة محمد بن إسماعيل الأمير اليمني رحمه الله. والباعث الحثيث للحافظ ابن كثير.
وتدريب الراوي للسيوطي.
ومنهج الوصول إلى اصطلاح أحاديث الرسول المؤلف الكتاب وهو بالفارسية وقد ذكرت فيه ما ألف في هذا العلم مرتبا على حروف المعجم والله أعلم.
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.