Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: حجاج

الدّرهم

الدّرهم:
[في الانكليزية] Dirham
[ في الفرنسية] Dirham
بالكسر وسكون الراء المهملة وفتح الهاء وجاء كسر الهاء أيضا، وربما قالوا درهام وهو لغة اسم لمضروب مدور من الفضة. والمشهور أنّ تدويره في خلافة الفاروق رضي الله عنه، وكان قبله على شبه النواة بلا نقش، ثم نقش في زمان ابن الزّبير على طرف بكلمة من الله وعلى آخر بالبركة ثم غيّره الــحجّاج فنقش بسورة الإخلاص. وقيل باسمه. وقيل غير ذلك.
واختلف في وزنه على عهده صلى الله عليه وسلّم أنه وزن عشرة أو تسعة أو ستة أو خمسة، أي كل عشرة دراهم خمسة مثاقيل وهو الأصح، ثم انتقل على عهد عمر رضي الله تعالى عنه إلى وزن سبعة، أي كل عشرة منها سبعة مثاقيل، فكل درهم سبعة أعشار مثقال، أي نصف مثقال، وخمس مثقال.
فالدرهم الواحد على وزن سبعة أربعة عشر قيراطا هي سبعون شعيرة، وعلى هذا فالمثقال مائة شعيرة، وهذا الوزن هو المعتبر في الزكاة، كذا في جامع الرموز في كتاب الزكاة، وفيه في كتاب الطهارة في فصل تطهير الأنجاس الدرهم هاهنا أي في تطهير النجاسات غير الدرهم في الزكاة، فإنّ المراد منه هاهنا مثقال في النجس الكثيف أي ما له جرم وقدّر عرض مقعّر الكف.
وقيل قدر الكف في النجس الرقيق أي ما لا جرم له. وفسر محمد قدر الدرهم في النوادر بما يكون قدر عرض الكف، وفي كتاب الصلاة بالمثقال، فوفّق الفقيه أبو جعفر بأنّ المراد بالعرض تقدير ما لا جرم له، وبالمثقال ما له جرم، واختاره عامة المشايخ وهو الصحيح، لكن في البيع الفاسد من النهاية لو صلّى ومعه شعر الخنزير وهو زائد على قدر الدرهم وزنا عند بعضهم وبسطا عند آخرين لم يجز عند أبي يوسف خلافا لمحمد، وفي فتاوى الدينار قال الامام خواهر زاده الخمر تمنع الصلاة وإن قلت بخلاف سائر النجاسات. هذا وفي الكرماني الدرهم المقدّر به أكبر من النقد الموجود في أيدي الناس في كل زمان لأنّ هذا أوسع وأيسر، فتختلف دراهم النجاسة باختلاف اعتبار أهل الزمان انتهى كلام جامع الرموز.
وبالجملة الدرهم في اللغة اسم لمضروب مدور من الفضة وفي الشرع يطلق على وزن ذلك المضروب في الزكاة وعلى وزن أو سطح في باب النجاسة على قياس الدينار، فإنّه يطلق لغة على المضروب وشرعا على وزن ذلك المضروب، وسيأتي ما يتعلق بهذا في لفظ المثقال. والأطباء يطلقونه على الوزن أيضا كما في بحر الجواهر من أنّ الدرهم نصف مثقال وخمسه، وقيل ست دوانق انتهى. والأخير اصطلاح المحاسبين أيضا كما ستعرف في لفظ المثقال. وفي المنتخب: الدرهم الشرعي يقال له أيضا درهم بغلي لأن ضاربه كان من العجم ويلقب برأس البغل. ومساحة هذا الدرهم بمقدار وسط راحة اليد..

دابّة الأرض

دابّة الأرض:
[في الانكليزية] Beast or dragon of doomsday
[ في الفرنسية] Monstre ou dragon du Jugement dernier
وهي من علامات القيامة، وهي حيوان تخرج من شقّ في صخرة الصفا بمكة، في وقت يكون الــحجّاج ذاهبين إلى منى. ويقولون: تظهر من ثلاثة أماكن ثلاث مرات، ومعها خاتم سليمان وعصا موسى. فبالعصا تقرع المؤمن وبالخاتم تختم على وجه الكافر بأنّ هذا كافر.
كذا في المنتخب. وإن شئت الزيادة فارجع إلى كتب الكلام والتفاسير.

عَزْوَرُ

عَزْوَرُ:
بفتح أوله، وسكون ثانيه، وفتح الواو، وآخره راء مهملة، قال ابن الأعرابي: العزورة والحزورة والسّروعة الأكمة، والعزور: السيء الخلق، وعزور: موضع أو ماء، وقيل: هي ثنية المدينيين إلى بطحاء مكة، وقال ابن هرمة:
تذكّر بعد النأي هندا وشغفرا، ... فقصّر يقضي حاجة ثم هجّرا
ولم ينس أظعانا عرضن عشيّة ... طوالع من هرشى قواصد عزورا
وقال أبو نصر: عزور ثنية الجحفة عليها الطريق بين مكة والمدينة، وقال: عزور أيضا جبل عن يمنة طريق الحاج إلى معدن بني سليم بينهما عشرة أميال، وقال أميّة:
إنّ التكرّم والندى من عامر ... جدّاك ما سلكت لحجّ عزور
وقال عرّام بن الأصبغ: عزور جبل مقابل رضوى، وقد ذكرته مستقصى مع رضوى لأن كل واحد له بالآخر نشب في التعريف، وقال كثيّر:
حلفت بربّ الراقصات إلى منى ... خلال الملا يمددن كل جديل
تراها رفاقا بينهنّ تفاوت، ... ويمددن بالإهلال كلّ أصيل
تواهقن بالــحجّاج من بطن نخلة ... ومن عزور فالخبت خبت طفيل
لقد كذب الواشون، ما بحت عندهم ... بسرّ ولا أرسلتهم برسول

شِلْبُ

شِلْبُ:
بكسر أوله، وسكون ثانيه، وآخره باء موحدة، هكذا سمعت جماعة من أهل الأندلس يتلفظون بها، وقد وجدت بخطّ بعض أدبائها شلب، بفتح الشين: وهي مدينة بغربي الأندلس بينها وبين باجة ثلاثة أيام، وهي غربي قرطبة، وهي قاعدة ولاية أشكونية، وبينها وبين قرطبة عشرة أيام للفارس المجدّ، بلغني أنّه ليس بالأندلس بعد إشبيلية مثلها، وبينها وبين شنترين خمسة أيام، وسمعت ممن لا أحصي أنّه قال: قلّ أن ترى من أهلها من لا يقول شعرا ولا يعاني الأدب، ولو مررت بالفلّاح خلف
فدانه وسألته عن الشعر قرض من ساعته ما اقترحت عليه وأيّ معنى طلبت منه، وينسب إليها جماعة، منهم: محمد بن إبراهيم بن غالب بن عبد الغافر بن سعيد العامريّ من عامر بن لؤيّ الشلبيّ وأصله من باجة يكنى أبا بكر، روى عن علي بن الــحجّاج الأعلم كثيرا، وسمع من عبد الله بن منظور صحيح البخاري، وكان واسع الأدب مشهورا بمعرفته، تولّى الخطابة ببلده مدّة طويلة، ومات لخمس خلون من جمادى الأولى سنة 532، ومولده سنة 446، وأمر أن يكتب على قبره:
لئن نفذ القدر السابق ... بموتي كما حكم الخالق
فقد مات والدنا آدم ... ومات محمّد الصادق
ومات الملوك وأشياعهم ... ولم يبق من جمعهم ناطق
فقل للّذي سرّه مصرعي:
تأهّب فإنّك بي لاحق

عَرَفَاتٌ

عَرَفَاتٌ:
بالتحريك، وهو واحد في لفظ الجمع، قال الأخفش: إنما صرف لأن التاء صارت بمنزلة الياء والواو في مسلمين، لا أنه تذكيره، وصار التنوين بمنزلة النون فلما سمي به ترك على حاله، وكذلك القول في أذرعات وعانات، وقال الفراء:
عرفات لا واحد لها بصحة، وقول الناس اليوم يوم عرفة مولّد ليس بعربيّ محض، والذي يدلّ على ما قاله الفراء ان عرفة وعرفات اسم لموضع واحد ولو كان جمعا لم يكن لمسمى واحد، ويحسن أن يقال: إن كل موضع منها اسمه عرفة ثم جمع ولم يتنكّر لما قلنا إنها متقاربة مجتمعة فكأنها مع الجمع شيء واحد، وقيل: إن الاسم جمع والمسمّى مفرد فلم يتنكر، والفصيح في عرفات وأذرعات الصرف، قال امرؤ القيس:
تنوّرتها من أذرعات وأهلها وإنما صرفت لأن التاء فيها لم تتخصص للتأنيث بل هي أيضا للجمع فأشبهت التاء في بيت، ومنهم من جعل التنوين للمقابلة أي مقابلا للنون التي في الجمع المذكر السالم فعلى هذا هي غير مصروفة، وعرفة وعرفات واحد عند أكثر أهل العلم وليس كما قال بعضهم إن عرفة مولّد، وعرفة حدها من الجبل المشرف على بطن عرنة إلى جبال عرفة، وقرية عرفة: موصل النخل بعد ذلك بميلين، وقيل في سبب تسميتها بعرفة إن جبرائيل، عليه السّلام، عرّف إبراهيم، عليه السلام، المناسك فلما وقفه بعرفة قال له: عرفت؟
قال: نعم، فسميت عرفة، ويقال: بل سميت بذلك لأن آدم وحواء تعارفا بها بعد نزولهما من الجنة، ويقال: إن الناس يعترفون بذنوبهم في ذلك الموقف، وقيل: بل سمي بالصبر على ما يكابدون في الوصول إليها لأن العرف الصبر، قال الشاعر:
قل لابن قيس أخي الرقيات: ... ما أحسن العرف في المصيبات!
وقال ابن عباس: حدّ عرفة من الجبل المشرف على بطن عرنة إلى جبالها إلى قصر آل مالك ووادي عرفة، وقال البشاري: عرفة قرية فيها مزارع وخضر ومباطخ وبها دور حسنة لأهل مكة ينزلونها يوم عرفة،
والموقف منها على صيحة عند جبل متلاطئ، وبها سقايات وحياض وعلم قد بني يقف عنده الإمام، وقد نسب إلى عرفة من الرواة زنفل بن شداد العرفي لأنه كان يسكنها، يروي عن ابن أبي مليكة، وروى عنه أبو الــحجاج والنصر بن طاهر، وروي أن سعيد ابن المسيب مرّ في بعض أزقة مكة فسمع مغنّيا يغني في دار العاصي بن وائل:
تضوّع مسكا بطن نعمان إذ مشت ... به زينب في نسوة عطرات
وهي قصيدة مشهورة، فضرب برجله الأرض وقال:
هذا والله مما يلذّ استماعه:
وليست كأخرى أوسعت جيب درعها ... وأبدت بنان الكفّ للجمرات
وحلّت بنان المسك وحفا مرجّلا ... على مثل بدر لاح في الظلمات
وقامت تراءى يوم جمع فأفتنت ... برؤيتها من راح من عرفات

الحِنْوُ

الحِنْوُ:
بالكسر ثم السكون، والواو معرّبة، وهو في اللغة كل شيء فيه اعوجاج، والجمع أحناء، تقول: حنو الــحجاج وحنو الأضلاع، وكذلك في الأكاف والقتب والسّرج والجبال والأودية وكل منعرج فهو حنو. ويوم الحنو: من أيام العرب.
وحنو ذي قار وحنو قراقر واحد، قال الأعشى يفتخر بيوم ذي قار:
فدى لبني ذهل بن شيبان ناقتي ... وراكبها يوم اللقاء، وقلّت
كفوا، إذ أتى الهامرز يخفق فوقه ... كظل العقاب إذ هوت فتدلت
أذاقوهم كأسا من الموت مرّة، ... وقد بذخت فرسانهم وأدلّت
فصبّحهم بالحنو، حنو قراقر، ... وذي قارها منها الجنود، ففلّت
على كل محبوك السراة كأنه ... عقاب سرت من مرقب، إذ تدلت
فجادت على الهامرز، وسط بيوتهم، ... شآبيب موت أسبلت فاستهلّت
تناهت بنو الأحزاب، إذ صبرت لهم ... فوارس من شيبان غلب، فولت

قِياسِيَّة الانتقال من فتح عين الماضي إلى الضم أو الكسر

قِياسِيَّة الانتقال من فتح عين الماضي إلى الضم أو الكسر
الأمثلة: 1 - أَخَذَت المرأة تَلْطُم خَدّها 2 - أَخَذَ يَهْدُم داره ليجدِّدَ بناءها 3 - أَخَذَ يَهِزّ رأسه 4 - أَرَادَ أن يحِجّ هذا العام 5 - أَرَادَ أن يَخْنِقَه 6 - المنافِقُ يَنْبُذُ العهد 7 - تَضْفُر المرأة شَعْرها 8 - تَنْقِل الطائرات آلاف المسافرين يوميًّا 9 - لا يَسْجِن القانون بريئًا 10 - لا يَمْلُك دليلاً على ادّعائه 11 - مَازال قلبه يَنْبُض 12 - يَأْمِل النجاح 13 - يَجْمِد الماء في الشتاء 14 - يَحِثّه على فِعْل الخير 15 - يَحِدُّ الكسل من فرص النجاح 16 - يَحْفُر المهندسون آبار البترول 17 - يَحْفُل النادي بأنشطة كثيرة 18 - يَخْزِن الأموال 19 - يَدْلِك جسمه بالماء والصابون 20 - يَرْجِف من شدة الفزع 21 - يَرْجِم الفسلطينيون المستوطنين اليهود بالحجارة 22 - يَرْشِقُونها بالحجارة 23 - يَسْلِبُ مَاله 24 - يَسْلِقُه بلسانه 25 - يَشُبُّ على فِعْل الخير 26 - يَشْبُك الفتاة 27 - يَعْصُر البرتقال 28 - يَغْرُس شجرة 29 - يَغِشُّ صاحِبَه 30 - يَغْلُب الجمالُ على الحديقة 31 - يَقْبُض على المتهم 32 - يَقْصُد الــحجاج البيت الحرام كل عام 33 - يَكْتِم السِّرَّ 34 - يَلْفُظ أنفاسه الأخيرة 35 - يَلِفُّ ثوبَهُ 36 - يَمْزِج العسل بالماء 37 - يَنْشِد خدمة وطنه 38 - يَنْظُم الشِّعْر 39 - يَنْفِضُ يده من الأمر 40 - يَهْتُف في المظاهرة 41 - يَهْدِف إلى تحسين أوضاعهم
الرأي: مرفوضة عند الأكثرين
السبب: للخطأ في ضبط عين هذه الأفعال.

الصواب والرتبة:
1 - أَخَذت المرأة تَلْطِم خَدّها [فصيحة]-أَخَذت المرأة تَلْطُم خَدّها [صحيحة]
2 - أَخَذَ يَهْدِم داره ليجدِّدَ بناءها [فصيحة]-أَخَذَ يَهْدُم داره ليجدِّدَ بناءها [صحيحة]
3 - أَخَذَ يَهُزُّ رأسه [فصيحة]-أَخَذَ يَهِزُّ رأسه [صحيحة]
4 - أَرَادَ أن يَحُجَّ هذا العام [فصيحة]-أَرَادَ أن يَحِجَّ هذا العام [صحيحة]
5 - أَرَادَ أن يَخْنُقَه [فصيحة]-أَرَادَ أن يَخْنِقَه [صحيحة]
6 - المنافِقُ يَنْبِذُ العهد [فصيحة]-المنافِقُ يَنْبُذُ العهد [صحيحة]
7 - تَضْفِر المرأة شَعْرها [فصيحة]-تَضْفُر المرأة شَعْرها [صحيحة]
8 - تَنْقُل الطائرات آلاف المسافرين يوميًّا [فصيحة]-تَنْقِل الطائرات آلاف المسافرين يوميًّا [صحيحة]

مُسَوْجَر

مُسَوْجَر
الجذر: س ج ر

مثال: خطاب مُسوْجَر
الرأي: مرفوضة
السبب: لشيوع الكلمة على ألسنة العامة.
المعنى: مقيد، مغلق

الصواب والرتبة: -خطاب مُسَوْجَر [فصيحة]
التعليق: أنكر بعضهم العبارة السابقة، لأن كلمة «مُسَوْجر» عامية، والحق أنها فصيحة، وفي أساس البلاغة: سوجرت الكلب: طوقته بالساجور وهو طوق من حديد، وفي اللسان: كتب الــحجاج إلى عامل له أن ابعث إليّ فلانًا مُسَمَّعًا مُسَوْجرًا، أي مقيدًا مغلولاً.

مَرَّةً ومَرَّةً

مَرَّةً ومَرَّةً
الجذر: م ر ر

مثال: زرت القدس مَرَّةً ومَرَّةً أخرى
الرأي: مرفوضة
السبب: لعطف الاسم على مثله مع إمكانية التثنية.

الصواب والرتبة: -زرت القدس مَرَّتين [فصيحة]-زرت القدس مَرَّةً ومَرَّةً أخرى [صحيحة]
التعليق: يمكن تصحيح المثال المرفوض؛ لأن كتب النحو أجازت انفراد «الواو» العاطفة بعطف المفردات التي حقها التثنية أو الجمع كما في قول الفرزدق:
إن الرزية لا رزية بعدها فِقدان مثل محمد ومحمدٍ
وقول الآخر:
أقمنا بها يومًا ويومًا وثالثًا
ومن ذلك قول الــحجاج وقد مات أخوه محمد وابنه محمد: «محمد ومحمد في يوم واحد».

الحايرُ

الحايرُ:
بعد الألف ياء مكسورة، وراء، وهو في الأصل حوض يصبّ إليه مسيل الماء من الأمطار، سمي بذلك لأن الماء يتحير فيه يرجع من أقصاه إلى أدناه، وقال الأصمعي: يقال للموضع المطمئن الوسط المرتفع الحروف حائر وجمعه حوران، وأكثر الناس يسمون الحائر الحير كما يقولون لعائشة عيشة.
والحائر: قبر الحسين بن عليّ، رضي الله عنه، وقال أبو القاسم عليّ بن حمزة البصري رادّا على ثعلب في الفصيح: قيل الحائر لهذا الذي يسميه العامة حير وجمعه حيران وحوران، قال أبو القاسم: هو الحائر إلا أنه لا جمع له لأنه اسم لموضع قبر الحسين ابن عليّ، رضي الله عنه، فأما الحيران فجمع حائر، وهو مستنقع ماء يتحير فيه فيجيء ويذهب، وأما حوران وحيران فجمع حوار، قال جرير:
بلّغ رسائل عنّا خفى محملها ... على قلائص، لم يحملن حيرانا
قال: أراد الذي تسمّيه العامّة حير الإوزّ فجمعه حيران، وأما حوران وحيران كما قال، إلا أنه يلزمه أن يقول حير الإوزّ فإنهم يقولون الحير بلا إضافة إذا عنوا كربلاء. والحائر أيضا: حائر ملهم باليمامة، وملهم مذكور في موضعه، قال الأعشى:
فركن مهراس إلى مارد، ... فقاع منفوحة فالحائر
وقال داود بن متمّم بن نويرة في يوم لهم بملهم:
ويوم أبي جزء بملهم لم يكن ... ليقطع، حتى يذهب الذّحل ثائره
لدى جدول البئرين، حتى تفجّرت ... عليه نحور القوم واحمرّ حائرة
وقال أبو أحمد العسكري: يوم حاير ملهم، الحاء غير معجمة وتحت الياء نقطتان والراء غير معجمة، وهو اليوم الذي قتل فيه أشيم مأوى الصعاليك من سادات بكر بن وائل وفرسانهم، قتله حاجب بن زرارة، وفي ذلك يقول:
فإن تقتلوا منّا كريما، فإننا ... قتلنا به مأوى الصعاليك أشيما
ويوم حاير ملهم أيضا: على حنيفة ويشكر. والحائر أيضا: حائر الــحجاج بالبصرة معروف، يابس لا ماء فيه، عن الأزهري.

الحجَرُ الأَسْوَد

الحجَرُ الأَسْوَد:
قال عبد الله بن العباس: ليس في الأرض شيء من الجنة إلا الركن الأسود والمقام، فإنهما جوهرتان من جوهر الجنّة، ولولا من مسهما من أهل الشرك ما مسهما ذو عاهة إلا شفاه الله، وقال عبد الله بن عمرو بن العاص: الركن والمقام ياقوتتان من يواقيت الجنة طمس الله نورهما، ولولا ذلك لأضاءا ما بين المشرق والمغرب، وقال محمد بن علي:
ثلاثة أحجار من الجنة: الحجر الأسود والمقام وحجر بني إسرائيل، وقال أبو عرارة: الحجر الأسود في الجدار، وذرع ما بين الحجر الأسود إلى الأرض ذراعان وثلثا ذراع، وهو في الركن الشمالي، وقد ذكرت أركان الكعبة في مواضعها، وقال عياض: الحجر الأسود يقال هو الذي أراده النبي، صلى الله عليه وسلم، حين قال: إني لأعرف حجرا كان يسلّم عليّ، إنه ياقوتة بيضاء أشد بياضا من اللبن فسوّده الله تعالى بخطايا بني آدم ولمس المشركين إياه، ولم يزل هذا الحجر في الجاهلية والإسلام محترما معظّما مكرّما يتبركون به ويقبّلونه إلى أن دخل القرامطة، لعنهم الله، في سنة 317 إلى مكة عنوة، فنهبوها وقتلوا الــحجّاج وسلبوا البيت وقلعوا الحجر الأسود وحملوه معهم إلى بلادهم بالأحساء من أرض البحرين، وبذل لهم بجكم التركي الذي استولى على بغداد في أيام الراضي بالله ألوف دنانير على أن يردوه فلم يفعلوا حتى توسط الشريف أبو علي عمر بن يحيى العلوي بين الخليفة المطيع لله في سنة 339 وبينهم حتى أجابوا إلى ردّه وجاءوا به إلى الكوفة وعلقوه على الأسطوانة السابعة من أساطين الجامع ثم حملوه وردّوه إلى موضعه واحتجوا وقالوا: أخذناه بأمر ورددناه بأمر، فكانت مدة غيبته اثنتين وعشرين سنة، وقرأت في بعض الكتب أن رجلا من القرامطة قال لرجل من أهل العلم بالكوفة، وقد رآه يتمسّح به وهو معلّق على الأسطوانة السابعة كما ذكرناه: ما يؤمنكم أن نكون غيبنا ذلك الحجر وجئنا بغيره؟ فقال له: إن لنا فيه علامة، وهو أننا إذا طرحناه في الماء لا يرسب، ثم جاء بماء فألقوه فيه فطفا على وجه الماء.
وحجر الشّغرى، الغين والشين معجمتان وراء، بوزن سكرى، ورواه العمراني بالزاي، والأول أكثر، ولم أجد في كتب اللغة كلمة على شغز إلا ما ذكره الأزهري عن ابن الأعرابي أن الشغيزة المخيط، يعني المسلّة، عربية سمعها الأزهري بالبادية، وأما الراء فيقال: شغر الكلب إذا رفع إحدى رجليه ليبول، وشغر البلد إذا خلا من الناس، وفيه غير ذلك، وهو حجر بالمعرّف، وقيل مكان، وقال أبو خراش الهذلي:
فكدت، وقد خلّفت أصحاب فائد ... لدى حجر الشغرى، من الشدّ أكلم
كذا رواه السكري، ورواه بعضهم لدى حجر الشّغرى بضمتين. حجر الذّهب: محلّة بدمشق، أخبرني به الحافظ أبو عبد الله بن النجار عن زين الأمناء أبي البركات الحسن بن محمد بن الحسن بن عبد الله بن عساكر، وقال الحافظ أبو القاسم الدمشقي: أحمد ابن يحيى من أهل حجر الذهب، روى عن إسماعيل ابن إبراهيم، أظنّه أبا معمر، وأبي نعيم عبيد بن هشام، روى عنه أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن صالح ابن سنان وأثنى عليه. حجر شغلان، بضم الشين المعجمة وسكون الغين المعجمة أيضا، وآخره نون:
حصن في جبل اللّكّام قرب أنطاكية مشرف على بحيرة يغرا، وهو للداوية من الفرنج، وهم قوم حبسوا أنفسهم على قتال المسلمين ومنعوا أنفسهم النكاح، فهم بين الرهبان والفرسان.

حديثة الموصل

حديثة الموصل:
وهي بليدة كانت على دجلة بالجانب الشرقي قرب الزاب الأعلى، وفي بعض الآثار أن حديثة الموصل كانت هي قصبة كورة الموصل الموجودة الآن وإنما أحدثها مروان بن محمد الحمار، وقال حمزة بن الحميد: الحديثة تعريب نوكرد، وكانت مدينة قديمة فخربت وبقي آثارها فأعادها مروان بن محمد بن مروان إلى العمارة وسأل عن اسمها فأخبر بمعناه فقال: سموها الحديثة، وقال ابن الكلبي: أول من مصّر الموصل هرثمة بن عرفجة البارقي في أيام عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، وأسكنها العرب ثم أتى الحديثة، وكانت قرية فيها بيعتان، ويقال: إن هرثمة نزل المدينة أولا فمصّرها واختطها قبل الموصل، وإنها إنما سميت الحديثة حين تحول إليها من تحول من أهل الأنبار لما ولي ابن الرّفيل صاحب النهر ببادوريا أيام الــحجاج بن يوسف فعسّفهم، وكان فيهم قوم من أهل الحديثة التي بالأنبار فبنوا بها مسجدا وسموا المدينة الحديثة، وينسب إلى هذه الحديثة جماعة، منهم: أبو الحسن عليّ بن عبد الرحمن ابن محمد بن بابويه السّمنجاني الفقيه، نزل أصبهان ومات بها، قال أبو الفضل المقدسي: سمعت أبا المظفر الأبيوردي يقول: سمعته يقول نحن من حديثة الموصل، وكان إذا روى عنه نسبه الحديثي، قلت:
وسمنجان بلد من أعمال طخارستان من وراء بلخ.

حَدِيثَةُ الفُرَاتِ

حَدِيثَةُ الفُرَاتِ:
وتعرف بحديثة النورة: وهي على فراسخ من الأنبار، وبها قلعة حصينة في وسط الفرات والماء يحيط بها، قال أحمد بن يحيى بن جابر:
وجّه عمّار بن ياسر أيام ولايته الكوفة من قبل عمر ابن الخطاب، رضي الله عنه، جيشا يستقري ما فوق الفرات عليهم أبو مدلاج التميمي فتولى فتحها، وهو الذي تولى بناء الحديثة التي على الفرات وولده بهيت، وحكى أبو سعد السمعاني أن أهل الحديثة نصيرية، وحكى عن شيخه أبي البركات عمر بن إبراهيم العلوي الزيدي النحوي مؤلف شرح اللمع أنه قال: اجتزت بالحديثة عند عودي من الشام فدخلتها فقيل لي: ما اسمك؟ فقلت: عمر، فأرادوا قتلي لو لم يدركني من عرّفهم أنني علويّ، وينسب إليها جماعة، منهم:
سويد بن سعيد بن سهل بن شهريار أبو محمد الهروي الحدثاني، قال أبو بكر الخطيب: سكن الحديثة حديثة النورة على فرسخ من الأنبار فنسب إليها، سمع مالك بن أنس وسفيان بن عيينة وإبراهيم بن سعد وحفص بن ميسرة وعليّ بن مسهر وشريك بن عبد الله القاضي ويحيى بن زكرياء بن أبي زائدة وغيرهم، روى عنه يعقوب بن شيبة ومحمد بن عبد الله بن مطير ومسلم ابن الــحجاج في صحيحه وأبو الأزهر أحمد بن الأزهر ابن إبراهيم بن هانئ النيسابوري وأبو زرعة وأبو حاتم الرازيّان، وقال البخاري: فيه نظر كان عمي فتلقّن بما ليس في حديثه، وقال سعد بن عمرو البرذعي: رأيت أبا زرعة يسيء القول فيه، وقال:
رأيت فيه شيئا لم يعجبني، فقيل: ما هو؟ فقال:
لما قدمت من مصر مررت به فأقمت عنده فقلت له
إن عندي أحاديث ابن وهب عن ضمام ليست عندك، فقال: ذاكرني بها، فأخرجت الكتب أذاكره وكنت كلما ذاكرته بشيء قال: حدثنا به ضمام، وكان يدلّس حديث حريز بن عثمان وحديث ابن مكرّم وحديث عبد الله بن عمرو زر غبّا تزدد حبّا، فقلت: أبو محمد لم يسمع هذه الثلاثة الأحاديث من هؤلاء، فغضب، فقلت لأبي زرعة: فأيش حاله؟
فقال: أما كتبه فصحاح وكنت أتبع أصوله فأكتب منها وأما إذا حدث من حفظه فلا، مات في شوال سنة 240 عن مائة سنة، وكان ضريرا، ومنها سعيد بن عبد الله الحدثاني أبو عثمان، حدث عن سويد ابن سعيد الحديثي، روى عنه أبو بكر الشافعي وأحمد بن محمد أبزون وذكر الشافعي أنه سمع منه بحديثة النورة، وعبد الله بن محمد بن الحسين أبو محمد بن أبي طاهر الحديثي، سمع أبا عبد الله أحمد بن عبد الله بن الحسين بن إسماعيل المحاملي وأبا القاسم بن بشران، روى عنه أبو القاسم السمرقندي وعبد الوهاب الأنماطي، ومات في سنة 487، وهلال بن إبراهيم بن نجّاد بن عليّ بن شريف أبو البدر النميري الخزرجي الشاعر، قدم دمشق، قال القاسم بن أبي القاسم الدمشقي فيما كتب في تاريخ والده إملاء على هلال وكتبت من لفظه:
أطعت الهوى لما تملّكني قسرا، ... ولم أدر أن الحبّ يستعبد الحرّا
فأصبحت لا أصغي إلى لوم لائم، ... ولا عاذل بالعذل مستترا مغرى
إذا ما تذكّرت الحديثة والشّرا ... وطيب زماني، بادرت مقلتي تترى
أشرخ شبابي، بالفرات، وشرّتي ... وميدان لهوي هل لنا عودة أخرى
ومنها أيضا روح بن أحمد بن محمد بن أحمد بن صالح الحديثي أصلا البغدادي مولدا أبو طالب قاضي القضاة ببغداد، وكان يشهد أوّلا عند قاضي القضاة أبي القاسم عليّ بن الحسين الزّينبي سنة 524 في شهر رمضان، ثم رتب نائبا في الحكم بمدينة السلام وأذن له في القعود والمطالبات والحبس والإطلاق من غير سماع بيّنة ولا اسجال في خامس عشر رجب سنة 563، وفي ربيع الآخر سنة 564 أذن له في سماع البينة وأنشأ قضيته بإذن المستنجد، وكان على ذلك ينوّب في الحكم إلى أن مات المستنجد بالله وولي المستضيء، فولّاه قضاء القضاة بعد امتناع منه وإلزام له فيه يوم الجمعة حادي عشر شهر ربيع الآخر سنة 566، واستناب ولده أبا المعالي عبد الملك على القضاء والحكم بدار الخلافة وما يليها وغير ذلك من الأعمال ولم يزل على ولايته حتى مات، وقد سمع الحديث من جماعة، قال عمر بن عليّ القزويني: سألت روح بن الحديثي عن مولده فقال: سنة 502، ومات في خامس عشر محرم سنة 570، وأبو جعفر النفيس بن وهبان الحديثي السلمي، روى عن أبي عبد الله محمد بن محمد ابن أحمد السّلّال وأبي الفضل محمد بن عمر الأرموي في آخرين، ومات في ثالث عشر صفر سنة 599، وابنه صديقنا ورفيقنا الإمام أبو نصر عبد الرحيم بن النفيس بن وهبان، اصطحبنا مدّة ببغداد ومرو وخوارزم في السماع على المشايخ وكانت بيننا مودّة صادقة، وكان عارفا بالحديث ورجاله وعلومه عارفا بالأدب قيما باللغة جدّا وخصوصا لغة الحديث، وكان مع ذلك فقيها مناظرا، وكان حسن العشرة متودّدا مأمون الصحبة صحيح الخاطر مع دين متين، خلفته بخوارزم في أول سنة 617 فقتلته التتر بها شهيدا، وما روى إلا القليل.
والحَدِيثَةُ:
أيضا من قرى غوطة دمشق ويقال لها حديثة جرش، بالشين المعجمة، ذكر لي ابن الدّخميسي عن الشريف البهاء الشروطي أنه بالسين المهملة، سكن الحديثة هذه أحمد بن محمد بن أحمد بن جعفر أبو العباس الأكار النهربيني أخو أبي عبد الله المقري من سواد بغداد، سمع أبا الحسين بن الطيوري وسكن بهذه القرية من غوطة دمشق، سمع منه بها الحافظ أبو القاسم وذكره وقال: مات في سنة 527، ومحمد ابن عنبسة الحديثي، حدث عن خالد بن سعيد العرضي.

حُلْوانُ

حُلْوانُ:
بالضم ثم السكون، والحلوان في اللغة الهبة، يقال: حلوت فلانا كذا مالا أحلوه حلوا وحلوانا إذا وهبت له شيئا على شيء يفعله غير الأجر، وفي الحديث: نهي عن حلوان الكاهن، والحلوان: أن يأخذ الرجل من مهر ابنته لنفسه. وحلوان في عدة مواضع: حلوان العراق، وهي في آخر حدود السواد مما يلي الجبال من بغداد، وقيل: إنها سميت بحلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة كان بعض الملوك أقطعه إياها فسميت به.
وفي كتاب الملحمة المنسوب إلى بطليموس: حلوان
طولها إحدى وسبعون درجة وخمس وأربعون دقيقة، وعرضها أربع وثلاثون درجة، بيت حياتها أول درجة من الأسد، طالعها الذراع اليماني تحت عشر درج من السرطان، يقابلها مثلها من الجدي، بيت ملكها من الحمل، عاقبتها مثلها من الميزان، وهي في الإقليم الرابع، وكانت مدينة كبيرة عامرة، قال أبو زيد: أما حلوان فإنها مدينة عامرة ليس بأرض العراق بعد الكوفة والبصرة وواسط وبغداد وسرّ من رأى أكبر منها، وأكثر ثمارها التين، وهي بقرب الجبل، وليس للعراق مدينة بقرب الجبل غيرها، وربما يسقط بها الثلج، وأما أعلى جبلها فإن الثلج يسقط به دائما، وهي وبئة ردية الماء وكبريتيته، ينبت الدفلى على مياهها، وبها رمان ليس في الدنيا مثله وتين في غاية من الجودة ويسمونه لجودته شاه انجير أي ملك التين، وحواليها عدة عيون كبريتية ينتفع بها من عدة أدواء.
وأما فتحها فإن المسلمين لما فرغوا من جلولاء ضمّ هاشم بن عتبة بن أبي وقاص وكان عمه سعد قد سيّره على مقدمته إلى جرير بن عبد الله في خيل ورتبه بجلولاء، فنهض إلى حلوان فهرب يزدجرد إلى أصبهان وفتح جرير حلوان صلحا على أن كفّ عنهم وآمنهم على ديارهم وأموالهم ثم مضى نحو الدينور فلم يفتحها وفتح قرميسين على مثل ما فتح عليه حلوان وعاد إلى حلوان فأقام بها واليا إلى أن قدم عمار بن ياسر، فكتب إليه من الكوفة أن عمر قد أمره أن يمد به أبا موسى الأشعري بالأهواز، فسار حتى لحق بأبي موسى في سنة 19، قال الواقدي: بحلوان عقب لجرير بن عبد الله البجلي، وكان قد فتح حلوان في سنة 19، وفي كتاب سيف: في سنة 16، وقال القعقاع بن عمرو التميمي:
وهل تذكرون، إذ نزلنا وأنتم ... منازل كسرى، والأمور حوائل
فصرنا لكم ردءا بحلوان بعد ما ... نزلنا جميعا، والجميع نوازل
فنحن الأولى فزنا بحلوان بعد ما ... أرنّت، على كسرى، الإما والحلائل
وقال بعض المتأخرين يذم أهل حلوان:
ما إن رأيت جواميسا مقرّنة، ... إلا ذكرت ثناء عند حلوان
قوم، إذا ما أتى الأضياف دارهم ... لم ينزلوهم ودلوهم على الخان
وينسب إلى حلوان هذه خلق كثير من أهل العلم، منهم: أبو محمد الحسن بن عليّ الخلّال الحلواني، يروي عن يزيد بن هرون وعبد الرزاق وغيرهما، روى عنه البخاري ومسلم في صحيحيهما، توفي سنة 242، وقال أعرابيّ:
تلفّتّ من حلوان، والدمع غالب، ... إلى روض نجد، أين حلوان من نجد؟
لحصباء نجد، حين يضربها الندى، ... ألذّ وأشفى للعليل من الورد
ألا ليت شعري! هل أناس بكيتهم ... لفقدهم هل يبكينّهم فقدي؟
أداوي ببرد الماء حرّ صبابة، ... وما للحشا والقلب غيرك من برد
وأما نخلتا حلوان فأول من ذكرهما في شعره فيما علمنا مطيع بن إياس الليثي، وكان من أهل فلسطين من أصحاب الــحجاج بن يوسف، ذكر أبو الفرج عن أبي الحسن الأسدي حدثنا حماد بن إسحاق عن أبيه
عن سعيد بن سلم قال: أخبرني مطيع بن إياس أنه كان مع سلم بن قتيبة بالرّيّ، فلما خرج إبراهيم بن الحسن كتب إليه المنصور يأمره باستخلاف رجل على عمله والقدوم عليه في خاصته على البريد، قال مطيع ابن إياس: وكانت لي جارية يقال لها جوذابة كنت أحبّها، فأمرني سلم بالخروج معه فاضطررت إلى بيع الجارية فبعتها وندمت على ذلك بعد خروجي وتتبعتها نفسي، فنزلنا حلوان فجلست على العقبة أنتظر ثقلي وعنان دابتي في يدي وأنا مستند إلى نخلة على العقبة وإلى جانبها نخلة أخرى فتذكرت الجارية واشتقت إليها فأنشدت أقول:
أسعداني يا نخلتي حلوان، ... وابكياني من ريب هذا الزمان
واعلما أن ريبه لم يزل يف ... رق بين الألّاف والجيران
ولعمري، لو ذقتما ألم الفر ... قة أبكاكما الذي أبكاني
أسعداني، وأيقنا أن نحسا ... سوف يأتيكما فتفترقان
كم رمتني صروف هذي الليالي ... بفراق الأحباب والخلّان
غير أني لم تلق نفسي كما لا ... قيت من فرقة ابنة الدهقان
جارة لي بالريّ تذهب همّي، ... ويسلّي دنوّها أحزاني
فجعتني الأيام، أغبط ما كن ... ت، بصدع للبين غير مدان
وبزعمي أن أصبحت لا تراها ال ... عين مني، وأصبحت لا تراني
وعن سعيد بن سلم عن مطيع قال: كانت لي بالرّيّ، جارية أيام مقامي بها مع سلم بن قتيبة، فكنت أتستر بها وأتعشق امرأة من بنات الدهاقين، وكنت نازلا إلى جنبها في دار لها، فلما خرجنا بعت الجارية وبقيت في نفسي علاقة من المرأة، فلما نزلنا بعقبة حلوان جلست مستندا إلى إحدى النخلتين اللتين على العقبة وقلت، وذكر الأبيات، فقال لي سلم: فيمن هذه الأبيات، أفي جاريتك؟ فاستحييت أن أصدقه فقلت:
نعم، فكتب من وقته إلى خليفته أن يبتاعها لي، فلم يلبث أن ورد كتابه بأني قد وجدتها وقد تداولها الرجال وقد بلغت خمسة آلاف درهم فإن أمرت أن أشتريها، فأخبرني بذلك سلم وقال: أيما أحب إليك هي أم خمسة آلاف درهم؟ فقلت: أما إن كانت قد تداولها الرجال فقد عزفت نفسي عنها، فأمر لي بخمسة آلاف درهم، فقلت: والله ما كان في نفسي منها شيء ولو كنت أحبها لم أبال إذا رجعت إلي بمن تداولها ولا أبالي لو ناكها أهل منى كلهم، وذكر المدائني أن المنصور اجتاز بنخلتي حلوان وكانت إحداهما على الطريق وكانت تضيّقه وتزدحم الأثقال عليه فأمر بقطعها، فأنشد قول مطيع:
واعلما إن بقيتما أن نحسا ... سوف يلقاكما فتفترقان
فقال: لا والله لا كنت ذلك النحس الذي يفرق بينهما! فانصرف وتركهما، وذكر أحمد بن إبراهيم عن أبيه عن جده إسمعيل بن داود أن المهدي قال:
أكثر الشعراء في ذكر نخلتي حلوان ولهممت بقطعهما فبلغ قولي المنصور فكتب إليّ: بلغني أنك هممت بقطع نخلتي حلوان ولا فائدة لك في قطعهما ولا ضرر عليك في بقائهما وأنا أعيذك بالله أن تكون النحس الذي يلقاهما فيفرق بينهما، يريد بيت مطيع، وعن أبي نمير عبد الله بن أيوب قال: لما خرج المهدي فصار بعقبة حلوان استطاب الموضع فتغدّى به ودعا بحسنة فقال لها: ما ترين طيب هذا الموضع! غنيني بحياتي حتى أشرب ههنا أقداحا، فأخذت محكّة كانت في يده فأوقعت على فخذه وغنته فقالت:
أيا نخلتي وادي بوانة حبّذا، ... إذا نام حرّاس النخيل، جناكما
فقال: أحسنت! لقد هممت بقطع هاتين النخلتين، يعني نخلتي حلوان، فمنعني منهما هذا الصوت، فقالت له حسنة: أعيذك بالله أن تكون النحس المفرق بينهما! وأنشدته بيت مطيع، فقال: أحسنت والله فيما فعلت إذ نبّهتني على هذا، والله لا أقطعهما أبدا ولأوكلن بهما من يحفظهما ويسقيهما أينما حييت! ثم أمر بأن يفعل ذلك، فلم تزالا في حياته على ما رسمه إلى أن مات، وذكر أحمد بن أبي طاهر عن عبد الله ابن أبي سعد عن محمد بن المفضل الهاشمي عن سلام الأبرش قال: لما خرج الرشيد إلى طوس هاج به الدم بحلوان فأشار عليه الطبيب بأكل جمّار، فأحضر دهقان حلوان وطلب منه، فأعلمه أن بلادهم ليس بها نخل ولكن على العقبة نخلتان، فأمر بقطع إحداهما، فلما نظر إلى النخلتين بعد أن انتهى إليهما فوجد إحداهما مقطوعة والأخرى قائمة وعلى القائمة مكتوب، وذكر البيت، فأعلم الرشيد وقال: لقد عز عليّ أن كنت نحسكما ولو كنت سمعت هذا البيت ما قطعت هذه النخلة ولو قتلني الدم، ومما قيل في نخلتي حلوان من الشعر قول حمّاد عجرد:
جعل الله سدرتي قصر شي ... رين فداء لنخلتي حلوان
جئت مستسعدا فلم تسع داني، ... ومطيع بكت له النخلتان
وروى حماد عن أبيه لبعض الشعراء في نخلتي حلوان:
أيها العاذلان لا تعذلاني، ... ودعاني من الملام دعاني
وابكيا لي، فإنني مستحقّ ... منكما بالبكاء أن تسعداني
إنني منكما بذلك أولى ... من مطيع بنخلتي حلوان
فهما تجهلان ما كان يشكو ... من هواه، وأنتما تعلمان
وقال فيهما أحمد بن إبراهيم الكاتب من قصيدة:
وكذاك الزمان ليس، وإن أل ... لف، يبقى عليه مؤتلفان
سلبت كفّه العزيز أخاه، ... ثم ثنّى بنخلتي حلوان
فكأنّ العزيز مذ كان فردا، ... وكأن لم تجاور النخلتان

وحلوان أَيضاً:
قرية من أعمال مصر، بينها وبين الفسطاط نحو فرسخين من جهة الصعيد مشرفة على النيل، وبها دير ذكر في الديرة، وكان أول من اختطها عبد العزيز بن مروان لما ولي مصر، وضرب بها الدنانير، وكان له كل يوم ألف جفنة للناس حول داره، ولذلك قال الشاعر:
كلّ يوم كأنه عيد أضحى ... عند عبد العزيز، أو يوم فطر
وله ألف جفنة مترعات، ... كلّ يوم، يمدّها ألف قدر
وكان قد وقع بمصر طاعون في سنة 70 وواليها عبد العزيز فخرج هاربا من مصر، فلما وصل حلوان هذه استحسن موضعها فبنى بها دورا وقصورا واستوطنها وزرع بها بساتين وغرس كروما ونخلا، فلذلك يقول عبيد الله بن قيس الرّقيّات:
سقيا لحلوان ذي الكروم، وما ... صنّف من تينه ومن عنبه
نخل مواقير بالقناء من ال ... برنيّ، يهتز ثم في سربه
أسود، سكانه الحمام، فما ... تنفكّ غربانه على رطبه
وقال سعد بن شريح مولى نجيب يهجو حفص بن الوليد الحضرمي والي مصر ويمدح زبّان بن عبد العزيز ابن مروان:
يا باعث الخيل، تردي في أعنّتها، ... من المقطّم في أكناف حلوان
لا زال بغضي ينمّى في صدوركم، ... إن كان ذلك من حيّ لزبّان

وحلوان أيضا:
بليدة بقوهستان نيسابور، وهي آخر حدود خراسان مما يلي أصبهان.

حَوْدُ حُوِّرَ

حَوْدُ حُوِّرَ:
ويقال: حيد عوّر، ويقال: حود قوّر، بفتح الحاء من حود، وسكون الواو، ودال مهملة، وضم الحاء من حوّر، وكسر الواو في الثلاث الروايات وتشديدها، والراء، والرواية الثانية: عين مهملة، والثالثة: قاف، وهما مضمومان كالأولى: جبل بين حضرموت وعمان، فيه كهف [1] قوله: وعمرو استها إلخ، هكذا في الأصل.
يقال إن على بابه رجلا أعور إذا أراد إنسان أن يتعلم السحر مضى إلى ذلك الكهف وخاطب ذلك الأعور في ذلك فيقول: إنه لا يمكن ذلك حتى تكفر بمحمد، فإذا كفر أدخله الغار، وفي الغار جماعة، وفي صدر الغار كرسي عليه شيخ، فيقول الشيخ: أي طريقة تحب من السحر؟ ولا يعلمه إلا طريقة واحدة ولا يجاوزه إلى غيرها، ذكر ذلك عثمان البلطي النحوي نزيل مصر وقال: حدثني به حسين اليمني وأسعد بن سالم اليمني، قال المؤلف: وقد حدثني القاضي المفضّل ابن أبي الــحجاج العارض بمصر قال: حدثني أحمد بن يحيى بن الورد باليمن لثلاث عشرة ليلة بقيت من ذي الحجة سنة 613 وكان يلي حصن منيف ذيحان من أعمال الدّملوة على جبل يسمّى قورشق يقال له حود قوّر ليس غوره ببعيد، طوله مقدار خمسة أرماح وعرضه قليل، وقد بنيت فيه دكّة، فمن أراد أن يتعلم شيئا من السحر عمد إلى ماعز أسود وليس فيه شعرة بيضاء فذبحه وسلخه وقسمه سبعة أجزاء ينزلها إلى الغار ثم يأخذ الكرش فيشقّها ويطّلي بما فيها ويلبس جلد الماعز مقلوبا ويدخل الغار ليلا، ومن شرطه أن لا يكون له أب ولا أمّ حيّين، فإذا دخل الغار لم ير أحدا فينام، فإذا أصبح ووجد بدنه نقيّا مما كان عليه مغسولا دلّ على القبول، ويضمر عند دخوله مهما أراد، وإن أصبح بحاله دلّ على أنه لم يقبل، وإذا خرج من الغار بعد القبول لم يحدّث أحدا من الناس ثلاثة أيام بل يبقى صامتا ساكتا تلك المدة ثم يصير ساحرا، قال: وحدثني أنه استدعى رجلا من المعافر من أهل وادي أديم يعرف بسليمان ابن يحيى الأحدوثي وله شهرة في السحر واستحلفه على أن يصدقه عن حديث السحر، فحلف له يمينا مغلّظة أنهم لا يقدرون على نقل الماء من بئر إلى بئر ولا على نقل اللبن من ضرع إلى ضرع ولا على نقل صورة الإنسان إلى غيرها بل يقدرون على تفريق السحاب وعلى المحبة وتأليف القلوب وعلى البغضاء وعلى إيلام أعضاء الناس مثل الصّداع والرّمد وإيجاع القلب.

الجونة

(الجونة) الشَّمْس وَفِي حَدِيث الدرْع الَّتِي عرضت على الْــحجَّاج فكاد لَا يَرَاهَا لصفائها وَالشَّمْس جونة ذَات شُعَاع باهر والخابية المطلية بالقار

(الجونة) السوَاد والأكمة وسليلة مستديرة مغشاة بِالْجلدِ يحفظ الْعَطَّار فِيهَا الطّيب وَفِي الحَدِيث فِي صفته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (فَوجدت ليده بردا وريحا كَأَنَّمَا أخرجهَا من جونة عطار) (ج) جون

خَار

خَار:
آخره راء: موضع بالري، منه أبو إسماعيل إبراهيم ابن المختار الخاري الرازي، سمع محمد بن إسحاق ابن بشّار وشعبة بن الــحجاج، روى عنه محمد بن سعيد الأصبهاني ومحمد بن حميد الرازي، قاله الحاكم أبو أحمد.

خُتَنُ

خُتَنُ:
بضم أوله، وفتح ثانيه، وآخره نون: بلد وولاية دون كاشغر ووراء يوزكند، وهي معدودة من بلاد تركستان، وهي في واد بين جبال في وسط بلاد الترك، وبعض يقوله بتشديد التاء، وينسب إليه سليمان بن داود بن سليمان أبو داود المعروف بــحجاج الختني، سمع أبا عليّ الحسين بن عليّ بن سليمان المرغيناني، ذكره أبو حفص عمر بن أحمد النسفي وقال: قصدني سنة 523.

خُدْفَرَانُ

خُدْفَرَانُ:
بضم أوله، وسكون ثانيه، وفتح الفاء ثم راء، وآخره نون: من قرى صغد سمرقند بما وراء النهر، منها الدّهقان الإمام الــحجاج محمد بن أبي بكر بن أبي صادق الخدفراني، كان فقيها مدرّسا، يزوي بالاجازة عن جده لأمه أبي بكر محمد بن محمد ابن المفتي القطواني، ولد في شوّال سنة 483.

خُراسَانُ

خُراسَانُ:
بلاد واسعة، أول حدودها مما يلي العراق أزاذوار قصبة جوين وبيهق، وآخر حدودها مما يلي الهند طخارستان وغزنة وسجستان وكرمان، وليس ذلك منها إنما هو أطراف حدودها، وتشتمل على أمّهات من البلاد منها نيسابور وهراة ومرو، وهي كانت قصبتها، وبلخ وطالقان ونسا وأبيورد وسرخس وما يتخلل ذلك من المدن التي دون نهر جيحون، ومن الناس من يدخل أعمال خوارزم فيها ويعدّ ما وراء النهر منها وليس الأمر كذلك، وقد فتحت أكثر هذه البلاد عنوة وصلحا، ونذكر ما يعرف من ذلك في مواضعها، وذلك في سنة 31 في أيام عثمان، رضي الله عنه، بإمارة عبد الله بن عامر ابن كريز، وقد اختلف في تسميتها بذلك فقال دغفل النسابة: خرج خراسان وهيطل ابنا عالم بن سام بن نوح، عليهما السلام، لما تبلبلت الألسن ببابل فنزل كل واحد منهما في البلد المنسوب إليه، يريد أن هيطل نزل في البلد المعروف بالهياطلة، وهو ما وراء نهر جيحون، ونزل خراسان في هذه البلاد التي ذكرناها دون النهر فسمّيت كل بقعة بالذي نزلها، وقيل: خر اسم للشمس بالفارسية الدّريّة وأسان كأنه أصل الشيء ومكانه، وقيل: معناه كل سهلا لأن معنى خر كل وأسان سهل، والله أعلم، وأما النسبة إليها ففيها لغات، في كتاب العين: الخرسي منسوب إلى خراسان، ومثله الخراسي والخراساني ويجمع على الخراسين بتخفيف ياء النسبة كقولك الأشعرين، وأنشد:
لا تكرمن من بعدها خرسيّا
ويقال: هم خرسان كما يقال سودان وبيضان، ومنه قول بشار في البيت:
من خرسان لا تعاب
يعني بناته، وقال البلاذري: خراسان أربعة أرباع، فالربع الأول إيران شهر وهي نيسابور وقهستان والطّبسان وهراة ويوشنج وباذغيس وطوس واسمها طابران، والربع الثاني مرو الشاهجان وسرخس ونسا وأبيورد ومرو الروذ والطالقان وخوارزم وآمل وهما على نهر جيحون، والربع الثالث، وهو غربي النهر وبينه وبين النهر ثمانية فراسخ، الفارياب والجوزجان وطخارستان العليا وخست واندرابة والباميان وبغلان ووالج، وهي مدينة مزاحم بن بسطام، ورستاق بيل وبذخشان، وهو مدخل الناس إلى تبّت، ومن اندرابة مدخل الناس إلى كابل، والترمذ، وهو في شرقي بلخ، والصغانيان وطخارستان السّفلى وخلم وسمنجان، والربع الرابع ما وراء النهر بخارى والشاش والطّراربند والصّغد، وهو كسّ، ونسف والروبستان وأشروسنة وسنام، قلعة المقنع، وفرغانة وسمرقند، قال المؤلف: فالصحيح في تحديد خراسان ما ذهبنا إليه أوّلا وإنما ذكر البلاذري هذا لأن جميع ما ذكره من البلاد كان مضموما إلى والي خراسان وكان اسم خراسان يجمعها، فأما ما وراء النهر فهي بلاد الهياطلة ولاية برأسها وكذلك سجستان ولاية برأسها ذات نخيل، لا عمل بينها وبين خراسان، وقد روي عن شريك بن عبد الله أنه قال:
خراسان كنانة الله إذا غضب على قوم رماهم بهم، وفي حديث آخر: ما خرجت من خراسان راية في جاهلية وإسلام فردّت حتى تبلغ منتهاها، وقال ابن قتيبة: أهل خراسان أهل الدعوة وأنصار الدولة ولم يزالوا في أكثر ملك العجم لقاحا لا يؤدّون إلى أحد إتاوة ولا خراجا، وكانت ملوك العجم قبل ملوك الطوائف تنزل بلخ حتى نزلوا بابل ثم نزل أردشير بن بابك فارس فصارت دار ملكهم وصار بخراسان ملوك الهياطلة، وهم الذين قتلوا فيروز بن يزدجرد بن بهرام ملك فارس، وكان غزاهم فكادوه بمكيدة في طريقه حتى سلك سبيلا معطشة يعني مهلكة، ثم خرجوا إليه فأسروه وأكثر أصحابه معه، فسألهم أن يمنّوا عليه وعلى من أسر معه من أصحابه وأعطاهم موثقا من الله وعهدا مؤكّدا لا يغزوهم أبدا ولا يجوز حدودهم، ونصب حجرا بينه وبينهم صيره الحدّ الذي حلف عليه وأشهد الله عز وجل على ذلك ومن حضره من أهله وخاصة أساورته، فمنّوا عليه وأطلقوه ومن أراد ممن أسر معه، فلما عاد إلى مملكته دخلته الأنفة والحميّة مما أصابه وعاد لغزوهم ناكثا لأيمانه غادرا بذمته وجعل الحجر الذي كان نصبه وجعله الحدّ الذي حلف أنه لا يجوزه محمولا أمامه في مسيره يتأول به أنه لا يتقدّمه ولا يجوزه، فلما صار إلى بلدهم ناشدوه الله وأذكروه به فأبى إلا لجاجا ونكثا فواقعوه وقتلوه وحماته وكماته واستباحوا أكثرهم فلم يفلت منهم إلّا الشريد، وهم قتلوا كسرى بن قباذ، ثم أتى الإسلام فكانوا فيه أحسن الأمم رغبة وأشدّهم إليه مسارعة منّا من الله عليهم وتفضّلا لهم، فأسلموا طوعا ودخلوا فيه سلما وصالحوا عن بلادهم صلحا، فخفّ خراجهم وقلّت نوائبهم ولم يجر عليهم سباء ولم تسفك فيما بينهم دماء، وبقوا على ذلك طول أيام بني أميّة إلى أن أساعوا السيرة واشتغلوا باللّذات عن الواجبات، فانبعث عليهم جنود من أهل خراسان مع أبي مسلم الخراساني ونزع عن قلوبهم الرحمة وباعد عنهم الرأفة حتى أزالوا ملكهم عن آخرهم رأيا وأحنكهم سنّا وأطولهم باعا فسلّموه إلى بني العباس، وأنفذ عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، الأحنف بن
قيس في سنة 18 فدخلها وتملّك مدنها فبدأ بالطّبسين ثم هراة ومرو الشاهجان ونيسابور في مدّة يسيرة، وهرب منه يزدجرد بن شهريار ملك الفرس إلى خاقان ملك الترك بما وراء النهر، فقال ربعي بن عامر في ذلك:
ونحن وردنا، من هراة، مناهلا ... رواء من المروين، إن كنت جاهلا
وبلخ ونيسابور قد شقيت بنا، ... وطوس ومرو قد أزرنا القنابلا
أنخنا عليها، كورة بعد كورة، ... نفضّهم حتى احتوينا المناهلا
فلله عينا من رأى مثلنا معا، ... غداة أزرنا الخيل تركا وكابلا
وبقي المسلمون على ذلك إلى أن مات عمر، رضي الله عنه، وولي عثمان، فلما كان لسنتين من ولايته ثرا بنو كنازا، وهم أخوال كسرى، بنيسابور وألجئوا عبد الرحمن بن سمرة وعمّاله إلى مرو الروذ وثنّى أهل مرو الشاهجان وثلّث نيزك التركي فاستولى على بلخ وألجأ من بها من المسلمين إلى مرو الروذ وعليها عبد الرحمن بن سمرة، فكتب ابن سمرة إلى عثمان بخلع أهل خراسان فقال أسيد بن المتشمّس المرّيّ:
ألا أبلغا عثمان عني رسالة، ... فقد لقيت عنّا خراسان بالغدر
فأذك، هداك الله، حربا مقيمة ... بمروي خراسان العريضة في الدّهر
ولا تفترز عنّا، فإن عدوّنا ... لآل كنازاء الممدّين بالجسر
فأرسل إلى ابن عامر عبد الله بن بشر في جند أهل البصرة، فخرج ابن عامر في الجنود حتى تولّج خراسان من جهة يزد والطّبسين وبثّ الجنود في كورها وساروا نحو هراة فافتتح البلاد في مدّة يسيرة وأعاد عمال المسلمين عليها، وقال أسيد بن المتشمّس بعد استرداد خراسان:
ألا أبلغا عثمان عنّي رسالة، ... لقد لقيت منّا خراسان ناطحا
رميناهم بالخيل من كلّ جانب، ... فولّوا سراعا واستقادوا النوائحا
غداة رأوا خيل العراب مغيرة، ... تقرّب منهم أسدهنّ الكوالحا
تنادوا إلينا واستجاروا بعهدنا، ... وعادوا كلابا في الديار نوابحا
وكان محمد بن عليّ بن عبد الله بن العباس قال لدعاته حين أراد توجيههم إلى الأمصار: أما الكوفة وسوادها فهناك شيعة عليّ وولده والبصرة وسوادها فعثمانية تدين بالكفّ، وأما الجزيرة فحرورية مارقة وأعراب كأعلاج ومسلمون أخلاقهم كأخلاق النصارى، وأما الشام فليس يعرفون إلا آل أبي سفيان، وطاعة بني مروان عداوة راسخة وجهل متراكم، وأما مكة والمدينة فغلب عليهما أبو بكر وعمر، ولكن عليكم بأهل خراسان فإن هناك العدد الكثير والجلد الظاهر وهناك صدور سليمة وقلوب فارغة لم تتقسّمها الأهواء ولم تتوزعها النّحل ولم يقدم عليهم فساد، وهم جند لهم أبدان وأجسام ومناكب وكواهل وهامات ولحى وشوارب وأصوات هائلة ولغات فخمة تخرج من أجواف منكرة، فلما بلغ الله إرادته من بني أمية وبني العباس أقام أهل خراسان مع خلفائهم على أحسن حال وهم أشدّ طاعة وأكثر تعظيما للسلطان وهو أحمد سيرة في رعيته
يتزين عندهم بالجميل ويستتر منهم بالقبيح إلى أن كان ما كان من قضاء الله ورأي الخلفاء الراشدين في الاستبدال بهم وتصيير التدبير لغيرهم فاختلّت الدولة وكان من أمرها ما هو مشهور من قبل الخلفاء في زمن المتوكل وهلمّ جرّا ما جرى من أمر الديلم والسلجوقية وغير ذلك، وقال قحطبة بن شبيب لأهل خراسان: قال لي محمد ابن عليّ بن عبد الله أبى الله أن تكون شيعتنا إلا أهل خراسان لا ننصر إلا بهم ولا ينصرون إلّا بنا، إنه يخرج من خراسان سبعون ألف سيف مشهور، قلوبهم كزبر الحديد، أسماؤهم الكنى وأنسابهم القرى، يطيلون شعورهم كالغيلان، جعابهم تضرب كعابهم، يطوون ملك بني أمية طيّا ويزفّون الملك إلينا زفّا، وأنشد لعصابة الجرجاني:
الدار داران: إيوان وغمدان، ... والملك ملكان: ساسان وقحطان
والناس فارس والإقليم بابل وال ... إسلام مكة والدنيا خراسان
والجانبان العلندان، اللذا خشنا ... منها، بخارى وبلخ الشاه داران
قد ميز الناس أفواجا ورتّبهم، ... فمرزبان وبطريق ودهقان
وقال العباس بن الأحنف:
قالوا خراسان أدنى ما يراد بكم ... ثم القفول، فها جئنا خراسانا
ما أقدر الله أن يدني على شحط ... سكان دجلة من سكان سيحانا
عين الزمان أصابتنا، فلا نظرت، ... وعذّبت بفنون الهجر ألوانا
وقال مالك بن الرّيب بعد ما ذكرناه في ابرشهر:
لعمري لئن غالت خراسان هامتي، ... لقد كنت عن بابي خراسان نائيا
ألا ليت شعري! هل أبيتنّ ليلة ... بجنب الغضا أزجي القلاص النّواجيا؟
فليت الغضا لم يقطع الركب عرضه، ... وليت الغضا ماشى الركاب لياليا
ألم ترني بعت الضلالة بالهدى، ... وأصبحت في جيش ابن عفّان غازيا؟
وما بعد هذه الأبيات في الطّبسين قال عكرمة وقد خرج من خراسان: الحمد لله الذي أخرجنا منها ليطوي خراسان طيّ الأديم حتى يقوّم الحمار الذي كان فيها بخمسة دراهم بخمسين بل بخمسمائة.
وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه قال: إن الدّجّال يخرج من المشرق من أرض يقال لها خراسان يتبعه قوم كأنّ وجوههم المجان المطرقة، وقد طعن قوم في أهل خراسان وزعموا أنهم بخلاء، وهو بهت لهم ومن أين لغيرهم مثل البرامكة والقحاطبة والطاهرية والسامانية وعلي بن هشام وغيرهم ممن لا نظير لهم في جميع الأمم، وقد نذكر عنهم شيئا مما ادعي عليهم والردّ في ترجمة مرو الشاهجان إن شاء الله. فأما العلم فهم فرسانه وساداته وأعيانه، ومن أين لغيرهم مثل محمد بن إسماعيل البخاري ومثل مسلم بن الــحجاج القشيري وأبي عيسى الترمذي وإسحاق ابن راهويه وأحمد بن حنبل وأبي حامد الغزّالي والجويني إمام الحرمين والحاكم أبي عبد الله النيسابوري وغيرهم من أهل الحديث والفقه، ومثل الأزهري والجوهري وعبد الله بن المبارك، وكان يعدّ من أجواد الزّهاد والأدباء، والفارابي صاحب ديوان
الأدب والهروي وعبد القاهر الجرجاني وأبي القاسم الزمخشري، هؤلاء من أهل الأدب والنظم والنثر الذين يفوت حصرهم ويعجز البليغ عن عدّهم، وممن ينسب إلى خراسان عطاء الخراساني، وهو عطاء بن أبي مسلم، واسم أبي مسلم ميسرة، ويقال عبد الله ابن أيوب أبو ذؤيب، ويقال أبو عثمان، ويقال أبو محمد، ويقال أبو صالح من أهل سمرقند، ويقال من أهل بلخ مولى المهلّب بن أبي صفرة الأزدي، سكن الشام، وروى عن ابن عمر وابن عباس وعبد الله بن مسعود وكعب بن عجرة ومعاذ بن جبل مرسلا، وروى عن أنس وسعيد بن المسيّب وسعيد بن جبير وأبي مسلم الخولاني وعكرمة مولى ابن عباس وأبي إدريس الخولاني ونافع مولى ابن عمر وعروة بن الزبير وسعيد العقبري والزّهري ونعيم بن سلامة الفلسطيني وعطاء بن أبي رباح وأبي نصرة المنذر بن مالك العبدي وجماعة يطول ذكرهم، روى عنه ابنه عثمان والضحاك بن مزاحم الهلالي وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر والأوزاعي ومالك بن أنس ومعمر وشعبة وحماد بن سلمة وسفيان الثوري والوضين وكثير غير هؤلاء، وقال ابنه عثمان: ولد أبي سنة خمسين من التاريخ، قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: لما مات العبادلة: عبد الله بن عباس وعبد الله ابن الزبير وعبد الله بن عمرو بن العاص صار الفقه في جميع البلدان إلى الموالي، فصار فقيه أهل مكة عطاء بن أبي رباح وفقيه أهل اليمن طاووس وفقيه أهل اليمامة يحيى بن أبي كثير وفقيه أهل البصرة الحسن البصري وفقيه أهل الكوفة النخعي وفقيه أهل الشام مكحول وفقيه أهل خراسان عطاء الخراساني إلا المدينة فإن الله تعالى خصها بقرشيّ، فكان فقيه أهل المدينة غير مدافع سعيد بن المسيّب، وقال أحمد ابن حنبل: عطاء الخراساني ثقة، وقال يعقوب بن شيبة: عطاء الخراساني مشهور، له فضل وعلم، معروف بالفتوى والجهاد، روى عنه مالك بن أنس، وكان مالك ممن ينتقي الرجال، وابن جريج وحماد ابن سلمة والمشيخة، وهو ثقة ثبت.
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.