Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: انفرد

البد

البد: هُوَ الَّذِي لَا ضَرُورَة فِيهِ.
(البد) التَّعَب والنصيب من كل شَيْء
البد: الذي لا ضرورة عنه، تقول لا بد من كذا أي لا محيد عنه، ولا يعرف استعماله إلا مقرونا بالنفي. وبددت الشيء فرقته والتثقيل مبالغة وتكثير، واستبد بالأمر انفرد بغير مشارك.
(البد) النَّصِيب من كل شَيْء والعوض والفراق وَيُقَال لَا بُد مِنْهُ لَا مفر والصنم أَو بَيته (مَعَ) (ج) أبداد وبددة

(البد) النَّصِيب من كل شَيْء والمثل والنظير

التَّوْبَة

(التَّوْبَة) الِاعْتِرَاف والندم والإقلاع والعزم على أَلا يعاود الْإِنْسَان مَا اقترفه وَمِنْه قَوْلهم (التَّوْبَة تذْهب الحوبة)
التَّوْبَة: فِي اللُّغَة الرُّجُوع يُقَال تَابَ وأناب إِذا رَجَعَ. وَإِذا أسْند إِلَى العَبْد أُرِيد رُجُوعه عَن الزلة إِلَى النَّدَم. وَإِذا أسْند إِلَى الله تَعَالَى أُرِيد رُجُوع نعمه والطافه إِلَى عباده قَالَ الله تَعَالَى {ثمَّ تَابَ عَلَيْهِم ليتوبوا} . أَي رَجَعَ عَلَيْهِم بالتفضل والأنعام ليرجعوا إِلَى الطَّاعَة والانقياد. وَفِي الشَّرْع هِيَ الندامة على الْمعْصِيَة لكَونهَا مَعْصِيّة وَإِنَّمَا قيدنَا بذلك لِأَن الندامة على الْمعْصِيَة لإضرارها بِبدنِهِ وإخلالها بعرضه أَو مَاله أَو نَحْو ذَلِك لَا يكون تَوْبَة فَلَو نَدم على شرب الْخمر وَالزِّنَا للصداع وخفة الْعقل وَزَوَال المَال وَالْعرض لَا يكون تَائِبًا وَهَذِه الندامة لَا تسمى تَوْبَة. وَأما النَّدَم لخوف النَّار أَو طمع الْجنَّة فَإِن كَانَ بقبح الْمعْصِيَة وَكَونهَا مَعْصِيّة كَانَ تَوْبَة وَإِلَّا فَلَا. وَإِن نَدم بقبح الْمعْصِيَة مَعَ عرض آخر فَإِن كَانَ جِهَة الْقبْح بِحَيْثُ لَو انْفَرَدت لتحَقّق النَّدَم فتوبة وَإِلَّا فَلَا. وَإِن تَابَ عِنْد مرض الْمَوْت أَو مرض مخوف فَإِن كَانَت التَّوْبَة والندامة بقبح الْمعْصِيَة يكون تَائِبًا وَإِلَّا فَلَا. كَمَا فِي الْآخِرَة عِنْد مُعَاينَة النَّار فَيكون بِمَنْزِلَة إِيمَان الْيَأْس. وَالظَّاهِر من كَلَام النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قبُول تَوْبَة الْمَرِيض فِي الْمَرَض الْمخوف مَا لم تظهر عَلَامَات الْمَوْت. وَالْمرَاد بهَا غرغرة الْمَوْت وسكرته. والندم التحزن والتوجع على أَن فعل وتمني كَونه لم يفعل. وَلَا بُد للتائب من التحزن والتوجع فَإِن مُجَرّد التّرْك لَيْسَ بتوبة لقَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام النَّدَم تَوْبَة. هَذَا وَسَائِر التفاصيل فِي شرح الْمَقَاصِد.
وَاعْلَم أَنه لَا بُد فِي التَّوْبَة من النَّدَم والعزم على ترك المعاودة فِي الْمُسْتَقْبل عِنْد الخطور والاقتدار فالعزم لَيْسَ على عُمُومه فَلَا يرد أَنه لَا يَصح من الْمَجْبُوب الْعَزْم على ترك الزِّنَا وَلَا من الْأَخْرَس الْعَزْم على ترك الْقَذْف. فَالْحَاصِل أَن الْوَاجِب الْعَزْم على أَن لَا يفعل على تَقْدِير الْقُدْرَة حَتَّى يجب على من عرض لَهُ الآفة أَن يعزم على أَن لَا يفعل لَو فرض وجود الْقُدْرَة. وَبِهَذَا يشْعر مَا قَالَ فِي المواقف أَن الزَّانِي الْمَجْبُوب إِذا نَدم وعزم أَن لَا يعود على تَقْدِير الْقُدْرَة فَهُوَ تَوْبَة عندنَا خلافًا لأبي هَاشم وَفِي كشكول الشَّيْخ بهاء الدّين العاملي فِي الحَدِيث إِذا بلغ الرجل أَرْبَعِينَ سنة وَلم يتب مسح إِبْلِيس على وَجهه وَقَالَ بِأبي وَجه لَا يفلح. التواجد: استدعاء الوجد تكلفا بِضَرْب اخْتِيَار وَلَيْسَ يصاحبه كَمَال الوجد فَإِن بَاب التفاعل فِي الْأَكْثَر لإِظْهَار صفة لَيست مَوْجُودَة كالتغافل والتجاهل. وَقد أنكرهُ قوم لما فِيهِ من التَّكْلِيف والتصنع. وَأَجَازَهُ آخَرُونَ لمن يقْصد بِهِ تَحْصِيل الوجد. وَالْأَصْل فِيهِ قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِن لم تبكوا فتباكوا. وَأَرَادَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِهِ التباكي مِمَّن يستعد للبكاء لَا تباكي الغافل اللاهي.

التّصوّف

التّصوّف:
[في الانكليزية] Soufism (mysticism)
[ في الفرنسية] Soufisme (mysticisme)
هو التخلّق بالأخلاق الإلهية. وخرقة التصوف هي ما يلبسه المريد من يد شيخه الذي يدخل في إرادته ويتوب على يده لأمور منها:
التزيي بزيّ المراد ليتلبّس باطنه بصفاته كما يتلبّس ظاهره بلباسه وهو لباس التقوى ظاهرا وباطنا. قال الله تعالى قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً يُوارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِباسُ التَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ ومنها وصول بركة الشيخ الذي ألبسه من يده المباركة إليه. ومنها نيل ما يغلب على الشيخ في وقت الإلباس من الحال الذي يرى الشيخ ببصيرته النافذة المنوّرة بنور القدس وأنه يحتاج إليه لرفع حجبه العائقة وتصفية استعداده فإنّه إذا وقف على حال من يتوب على يده علم بنور الحق ما يحتاج إليه، فيستنزل من الله ذلك حتى يتصف قلبه به فيسري من باطنه إلى باطن المريد. ومنها المواصلة بينه وبين الشيخ به فيبقى بينهما الاتصال القلبي والمحبة دائما ويذكّره الاتباع على الأوقات في طريقته وسيرته وأخلاقه وأحواله حتى يبلغ مبلغ الرجال، فإنّه أب حقيقي كما قال عليه الصلاة والسلام «الآباء ثلاثة أب ولدك وأب علّمك وأب ربّاك»، هكذا في الاصطلاحات الصوفية.
قيل التصوّف الوقوف مع الآداب الشرعية ظاهرا فيرى حكمها من الظاهر في الباطن، وباطنا فيرى حكمها من الباطن في الظاهر فيحصل للمتأدّب بالحكمين كمال. وقيل التصوّف مذهب كلّه جدّ فلا يخلطوه بشيء من الهزل. وقيل هو تصفية القلب عن موافقة البرية، ومفارقة الأخلاق الطبعية، وإخماد الصفات البشرية، ومجانبة الدّعاوي النفسانية، ومنازلة الصفات الروحانية، والتعلّق بالعلوم الحقيقية، واستعمال ما هو أولى على السرمدية، والنصح لجميع الأمة والوفاء لله تعالى على الحقيقة، واتّباع رسوله صلى الله عليه وسلم في الشريعة. وقيل ترك الاختيار وقيل بذل المجهود والأنس بالمعبود. وقيل حفظ حواشيك من مراعاة أنفاسك. وقيل الإعراض عن الاعتراض. وقيل هو صفاء المعاملة مع الله تعالى، وأصله التفرّغ عن الدنيا. وقيل الصبر تحت الأمر والنهي.
وقيل خدمة التشرّف وترك التكلّف واستعمال التطرّف. وقيل الأخذ بالحقائق والكلام بالدقائق والإياس بما في أيدي الخلائق، كذا في الجرجاني.
اعلم أنّه قيل إنّ التصوّف مأخوذ من الصّفاء وهو محمود في كل لسان، وضدّه الكدورة وهو مذموم في كل لسان. وفي الخبر ورد أنّ النبي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم قال: «ذهب صفاء الدنيا ولم يبق إلا كدرها».

إذن: الموت يعتبر اليوم تحفة لكلّ مسلم.
وقد اشتق ذلك الاسم من الصّفاء حتى صار غالبا على رجال هذه الطائفة؛ أمّا في عصر النبي صلى الله عليه وسلم فكان اسم الصحابة هو ما يطلق على أكابر الأمّة، ثم كانت الطبقة التالية طبقة التابعين، ثم كانت الطبقة الثالثة أتباع التابعين، ثم صار يطلق على من يعتنون بأمر الدين أكثر من غيرهم اسم الزّهاد والعبّاد، ثم بعد ظهور أهل البدع وادعائهم الزهد والعبادة انفرد أهل السّنّة بتسمية الخواصّ منهم ممن يراعون الأنفاس باسم الصوفية. وقد اشتهروا بهذا الاسم، حتى إنهم قالوا: إنّ اطلاق هذا الاسم على الأعلام إنّما عرف قبل انقضاء القرن الثاني للهجرة.

وجاء في توضيح المذاهب: أمّا التصوّف في اللغة فهو ارتداء الصوف وهو من أثر الزّهد في الدنيا وترك التنعّم. وفي اصطلاح أهل العرفان: تطهير القلب من محبة ما سوى الله، وتزيين الظاهر من حيث العمل والاعتقاد بالأوامر والابتعاد عن النواهي، والمواظبة على سنّة النبي صلى الله عليه وسلم. وهؤلاء الصوفية هم أهل الحق، ولكن يوجد قسم منهم على الباطل ممّن يعدّون أنفسهم صوفية وليسوا في الحقيقة منهم، وهؤلاء عدّة من الفرق إليك بعض أسمائها: الجبية والأوليائية والشمراخية والإباحية والحالية والحلولية والحورية والواقفية والمتجاهلية والمتكاسلية والإلهامية.
وما تسمية هؤلاء بالصوفية إلا من قبيل إطلاق السّيد على غير السّيد. وأمّا مراتب الناس على اختلاف درجاتهم فعلى ثلاثة أقسام:

القسم الأول: الواصلون الكمّل وهم الطبقة العليا.

القسم الثاني: السالكون في طريق الكمال، وهؤلاء هم الطبقة الوسطى.

والقسم الثالث: سكان الأرض والحفر (أهل المادة) «اللاصقون بالتراب» وهؤلاء هم الطبقة السفلى التي غايتها تربية البدن بتحصيل الحظوظ المادّية كالشهوات النّفسانية والمتع الشّهوانية وزينة اللباس، وليس لهم من العبادات سوى حركة الجوارح الظاهرية.
وأما القسم الأول الواصلون فهم أيضا قسمان:

الأول: وهم مشايخ الصوفية الذين حصّلوا مرتبة الوصول بسبب كمال متابعتهم واقتدائهم بالنبيّ صلى الله عليه وسلم. ثم بعد ذلك أذن لهم بدعوة الناس إلى سلوك طريق اقتفاء النبي صلى الله عليه وسلم.
وهؤلاء هم الكاملون والمكمّلون الذين وصلوا بالعناية الإلهية إلى ميدان البقاء بعد ما فنوا عن ذواتهم واستغرقوا في عين الجمع.
وأمّا القسم الثاني من الفئة الأولى فهم الذين بعد وصولهم إلى درجة الكمال لم يؤذن لهم بإرشاد عامّة النّاس، وصاروا غرقى في بحر الجمع، وفنوا في بطن حوت الفناء ولم يصلوا إلى ساحل البقاء.

وأمّا السالكون فهم أيضا قسمان:
1 - الطالبون لوجه الله. 2 - والطالبون للجنّة والآخرة.

فأمّا الطالبون لوجه الحقّ فهم طائفتان:
المتصوّفة الحقيقيون والملامتيّة. والمتصوفة الحقيقيون هم جماعة تنزّهوا عن نقص الصفات البشرية. واتصفوا ببعض أحوال الصوفية، واقتربوا من نهايات مقاماتهم، إلّا أنّهم ما زالوا متشبّثين ببعض أهواء النفوس، ولهذا لم يدركوا تماما نهاية الطريق كأهل القرب من الصوفية.
وأمّا الملامتية فهم قوم يسعون بكلّ جدّ في رعاية معنى الإخلاص ودون ضرورة كتم طاعاتهم وعباداتهم عن عامة النّاس. كما يكتم العاصي معصيته، فهم خوفا من شبهة الرّياء يتحرّزون عن إظهار عباداتهم وطاعاتهم. ولا يتركون شيئا من أعمال البرّ والصّلاح، ومذهبهم المبالغة في تحقيق معنى الإخلاص.

وقال بعضهم: الملامتيّة لا يظهرون فضائلهم ولا يسترون سيئاتهم، وهذه الطائفة نادرة الوجود. ومع ذلك لم يزل حجاب الوجود البشري عن قلوبهم تماما، ولهذا فهم محجوبون عن مشاهدة جمال التوحيد. لأنّهم حين يخفون أعمالهم فهم ما زالوا ينظرون إلى قلوبهم. بينما درجة الكمال أن لا يروا أنفسهم ولا يبالوا بها وأن يستغرقوا في الوحدة. قال الشاعر:
ما هو الغير؟ وأين الغير؟ واين صورة الغير؟ فلا والله ما ثمّة في الوجود سوى الله.
والفرق بين الملامتيّة والصوفية هو أنّ الصوفية جذبتهم العناية الإلهية عن وجودهم فألقوا حجاب الخلقة البشرية والأنانية عن بصيرة شهودهم فوصلوا إلى درجة غابوا منها عن أنفسهم وعن الخلق. فإذن الملامتية مخلصون بكسر اللام، والصوفية مخلصون بفتح اللام. أي أنّ الملامتيّة يخلّصون أعمالهم من شائبة الرّياء بينما الصوفية يستخلصهم الله تعالى.

وأمّا طلّاب الآخرة فهم أربعة طوائف:

الزّهاد والفقراء والخدام والعبّاد. أمّا الزهاد:
فهم الذين يشاهدون بنور الإيمان حقيقة الآخرة وجمال العقبى، ويعدّون الدنيا قبيحة ويعرضون عن مقتضيات النفس بالكلية، ويقصدون الجمال الأخروي.
والفرق بينهم وبين الصوفية هو أنّ الزاهد بسبب ميله لحظّ نفسه فهو محجوب عن الحق، وذلك لأنّ الجنة دار فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت. بينما الصوفية لا يتعلّق نظرهم بشيء سوى الله.
وأمّا الفقراء منهم طائفة لا يميلون إلى تملّك أيّ شيء من حطام الدنيا. وذلك بسبب رغبتهم فيما عند الله. وعلّة ذلك واحد من ثلاثة أشياء: الأمل بفضل الله، أو تخفيفا للحساب أو خوفا من العقاب، لأنّ حلالها حساب وحرامها عقاب، والأمل بفضل الله ثواب ويدخلون الجنة قبل الأغنياء بخمسمائة عام. ورغبة في جمع همتهم في طلب العبادة مع حضور القلب فيها. والفرق بين الملامتيّة والفقراء هو أنّ الفقراء طلاب للجنة وفيها حظّ للنفس، بينما الملامتية طلاب الحق. وهذا الفقر رسم أي عادة تأتي بعد درجة الفقر وهو مقام فوق مقام الملامتية والمتصوّفة، وهو وصف خاص بالصوفي لأنّه وإن تكن مرتبته وراء مرتبة الفقر لكن خلاصة مقام الفقر مندرجة فيه ذلك أنّ أي مقام يرتقي الصوفي فوقه فإنّه يحتفظ بصفاء ذلك المقام. فإذن صفة الفقر في مقام الصوفي وصف زائد. وذلك هو السبب في كون نسبة جميع الأحوال والأعمال والمقامات لغير نفسه وعدم تملّكها، بحيث لا يرى لنفسه عملا ولا حالا ولا مقاما. ولا يخصّص نفسه بشيء. بل ليس عنده خبر عن ذاته. وهذه حقيقة الفقر.
والفرق بين الفقر والزهد هو أنّ الفقر بدون وجود الزهد ممكن، وذلك مثل شخص يترك الدنيا بعزم ثابت، ولكنّه ما زال باطنا راغبا فيها. وكذلك الزّهد بدون فقر ممكن أيضا.
ومثاله شخص يملك الأسباب الدنيوية ولكنه غير راغب فيها.
أمّا الخدّام فهم طائفة اختارت خدمة الفقراء وطلاب الحق، ويشغلون أوقاتهم بعد القيام بالفرائض بمحاولة تفريغ خواطرهم من الاهتمام بأمور المعاش، والتعاون على الاستعداد للقيام بأمر المعاد. ويقدّمون هذا على النوافل سواء بالكسب أو بالسؤال.
أمّا العبّاد فهم طائفة تواظب على أداء الفرائض والنوافل والأوراد طلبا للثواب الأخروي. وهذا الوصف أيضا موجود في الصوفي ولكنّه يتنزّه عن طلب الثّواب والأغراض، لأنّ الصوفي الحق يعبد الحق لذاته.
والفرق بين العباد والزهاد هو أنّهم مع قيامهم بالعبادات فإنّ الرغبة بالدنيا يمكن أن تظل موجودة.
والفرق بين العباد والفقراء هو أنّ الغنيّ يستطيع أن يكون من العبّاد. فإذن صار معلوما أنّ الواصلين طائفتان فقط بينما السالكون هم ست طوائف ولكلّ واحد من هذه الطوائف الثماني اثنان متشبهان به، أحدهما محقّ والثاني مبطل.
أمّا المشبّه بالصوفية بحقّ فهم الصوفية الذين اطلعوا وتشوّقوا إلى نهايات أحوال الصوفية، ولكنهم بسبب القلق ببعض الصّفات منعوا من بلوغ مقصدهم وأمّا المتشبّه بالصوفية بالباطل منهم جماعة يتظاهرون بأحوال الصوفية، ولكنهم لا يعملون بأعمالهم، وهؤلاء هم الباطنيّة والإباحية والصاحبية، ويسمّون أنفسهم متصوّفة، ويقولون: إنّ التقيّد بأحكام الشرع إنما هو للعوام الذين يرون ظاهر الأمور. أمّا الخواص فليسوا مضطرّين للتقيّد برسوم الظاهر، وإنما عليهم مراعاة أحوالهم الباطنية.
وأمّا المتشبّه المحقّ بالمجاذيب الواصلين فهم طائفة من أهل السلوك الذين ما زالوا يجاهدون في قطع منازل السلوك وتصفية النفوس، وما زالوا مضطربين في حرارة الطّلب وقبل ظهور كشف الذات، والاستقرار في مقام الفناء، فأحيانا تلمع ذواتهم بالكشف، ولا زال باطنهم يتشوّق لبلوغ هذا المقام.
وأمّا المتشبّه المبطل بالمجاذيب الواصلين فهم طائفة تدّعي الاستغراق في بحر الفناء، ويتنصّلون من حركاتهم وسكناتهم ويقولون: إنّ تحريك الباب بدون محرّك غير ممكن. وهذا المعنى على صحته لكنه ليس موجودا عند تلك الطائفة لأنّ هدفهم هو التمهيد للاعتذار عن المعاصي والإحالة بذلك على إرادة الحقّ، ودفع اللّوم عنهم. وهؤلاء هم الزنادقة. ويقول الشيخ عبد الله التّستري: إذا قال هذا الكلام أحد وكان ممن يراعي أحكام الشريعة ويقوم بواجبات العبودية فهو صديق وأما إذا كان لا يبالي بالمحافظة على حدود الشرع فهو زنديق.
وأمّا المتشبّه المحق بالملامتيّة فهم طائفة لا يبالون بتشويش نظر الناس ومعظم سعيهم في إبطال رسوم العادات والانطلاق من قيود المجتمع، وكلّ رأسمالهم هو فراغ البال وطيب القلب، ولا يبالون برسوم وأشكال الزّهاد والعبّاد ولا يكثرون من النوافل والطاعات، ويحرصون فقط على أداء الفرائض، وينسب إليهم حبّ الاستكثار من أسباب الدنيا ويقنعون بطيب القلب ولا يطلبون على ذلك زيادة وهؤلاء هم القلندرية. وهذه الطائفة تشبه الملامتيّة بسبب اشتراكهما في صفة البعد عن الرّياء.

والفرق بين هؤلاء وبين الملامتيّة هو: أنّ الملامتيّة يؤدّون الفرائض والنوافل دون إظهارها للناس. أمّا القلندرية فلا يتجاوزون الفرائض، ولا يبالون بالناس سواء اطلعوا على أحوالهم أم لا.
وأمّا الطّائفة التي في زماننا وتحمل اسم القلندريّة وقد خلعوا الإسلام من ربقتهم، وليس لهم شيء من الأوصاف السابقة، وهذا الاسم إنّما يطلق عليهم من باب الاستعارة، والأجدر أن يسمّوا بالحشويّة. وأمّا المتشبّهون باطلا بالملامتيّة فهم طائفة من الزنادقة يدعون الإسلام والإخلاص، ولكنّهم يبالغون في إظهار فسقهم وفجورهم ومعاصيهم، ويدّعون أنّ غرضهم من ذلك هو لوم الناس لهم، وأنّ الله سبحانه غني عن طاعتهم، ولا تضرّه معصية العباد. وإنّما المعصية تضرّ الخلق فقط والطاعة هي في الإحسان إلى الناس.
وأمّا المتشبّهون بالزّهاد بحق فهم طائفة لا تزال رغبتها في الدنيا قائمة يحاولون الخلاص من هذه الآفة دفعة واحدة، وهؤلاء هم المتزهدون. وأمّا المتشبّهون باطلا بالزّهاد فهم طائفة يتركون زينة الدنيا من أجل الناس لينالوا بذلك الجاه والصّيت لديهم، وتجوز هذه الخدعة على بعضهم فيظنونهم معرضين عن الدنيا.
وحتّى إنّهم يخدعون أنفسهم بأنّ خواطرهم غير مشغولة بطلب الدنيا، بدليل إعراضهم عنها وهؤلاء هم المراءون.
وأمّا المتشبّهون بالفقراء بحقّ فهم الذين يبدو عليهم ظاهر وسيماء أهل الفقر، وفي باطنهم يطلبون حقيقة الفقر، إلّا أنّهم لم يتخلّصوا تماما من الميل للدنيا وزينتها ويتحمّلون مرارة الفقر بتكلّف، بينما الفقير الحقيقي يرى الفقر نعمة إلهية، لذلك فهو يشكر هذه النعمة على الدوام.
وأمّا المتشبّه بالباطل بالفقراء فهو ذلك الذي ظاهره ظاهر أهل الفقر وأمّا باطنه فغير مدرك لحقيقة الفقر، وغرضه القبول لدى الناس لكي ينتفع منهم بشيء من الدنيا، وهذه الطائفة هي مرائية أيضا وأمّا المتشبّهون بالخدام بحق فهم الذين يقومون دائما بخدمة الخلق، ويأملون أن ينالوا بذلك سببا في النجاة يوم القيامة. وفي تخليصهم من شوائب الميل والهوى والرّياء.
ولكنّهم لمّا يصلوا بعد إلى حقيقة ذلك. فحين تقع بعض خدماتهم في مكانها فبسبب غلبة نور الإيمان وإخفاء النفس فإنّهم يتوقّعون المحمدة والثّناء مع ذلك، وقد يمتنعون عن أداء بعض الخدمات لبعض المستحقّين، ويقال لمثل هذا الشخص متخادم.
وأمّا المتشبّهون بالخدام باطلا فهم الذين لا يخدمون بنيّة الثّواب الأخروي، بل إنّ خدمتهم من أجل الدنيا فقط، لكي يستجلبوا الأقوات والأسباب، فإن لم تنفعهم الخدمة في تحصيل مرادهم تركوها.
إذن فخدمة أحدهم مقصورة على طلب الجاه والجلال وكثرة الأتباع، وإنّما نظره في الخدمة العامّة فمن أجل حظّ نفسه، ومثل هذا يسمّى مستخدما.
وأمّا المتشبّه بالعابد حقيقة فهو الرجل الذي ملأ أوقاته بالعبادة حتى استغرق فيها، ولكنه بسبب عدم تزكية نفسه فإنّ طبيعته البشرية تغلبه أحيانا، فيقع بعض الفتور في أعماله وطاعاته، ويقال لمن لم يجد بعد لذّة العبادة وما زال يجاهد نفسه في أدائها إنّه متعبّد.
وأمّا المتشبّه المبطل بالعابد فهو من جمل المرائين، لأنّ هدفه من العبادة هو السّمعة بين الناس، وليس في قلبه إيمان بالآخرة، وما لم ير الناس منه أعماله فلا يؤدّي منها شيئا. ويقال أيضا لهذا وأمثاله متعبّد. انتهى ما في توضيح المذاهب.

ويقول في مرآة الأسرار: إنّ طبقات الصوفية سبعة: الطالبون والمريدون والسالكون والسائرون والطائرون والواصلون، وسابعهم القطب الذي قلبه على قلب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وهو وارث العلم اللّدني من النبي صلى الله عليه وسلم بين الناس، وهو صاحب لطيفة الحق الصحيحة ما عدا النبي الأمّي.
والواصل هو الشخص الذي أصبحت قواه اللطيفة مزكّاة على لطيفة الحق.
والطائر هو الذي وصل إلى اللطيفة الروحية.
والسائر هو الذي يكون صاحب قوى مزكية للّطيفة السرية.
والسالك هو من يكون صاحب قوى مزكية للطيفة القلبية.
والمريد هو صاحب قوى مزكية للطيفته النفسية.
والطالب هو صاحب قوى مزكية للطيفته الخفية الجسمية.
وتبلغ عدّة أفراد هذه الطائفة 360 شخصا مثل أيام السنة الشمسية.

ويقولون: إنّ رجال الله هم الأقطاب والغوث والإمامان اللذان هما وزيرا القطب والأوتاد والأبدال والأخيار والأبرار والنّقباء والنّجباء والعمدة والمكتومون والأفراد أي المحبوبون.
والنّقباء ثلاثمائة شخص واسم كلّ منهم علي.
والنّجباء سبعون واسم كل واحد منهم حسن.
والأخيار سبعة واسم كلّ منهم حسين.
والعمدة أربعة واسم كلّ منهم محمد.
والواحد هو الغوث واسمه عبد الله. وإذا مات الغوث حلّ محله أحد العمدة الأربعة، ثم يحلّ محلّ العمدة واحد من الأخيار، وهكذا يحلّ واحد من النجباء محلّ واحد من الأخيار ويحلّ محلّ أحد النقباء الذي يحلّ محله واحد من الناس.
وأمّا مكان إقامة النّقباء في أرض المغرب أي السويداء واليوم هناك من الصبح إلى الضحى وبقية اليوم ليل. أمّا صلاتهم فحين يصل الوقت فإنّهم يرون الشمس بعد طي الأرض لهم فيؤدّون الصلاة لوقتها.
وأمّا النجباء فمسكنهم مصر. وأمّا الأخيار فهم سيّاحون دائما ولا يقرون في مكان. وأمّا العمدة الأربعة ففي زوايا الأرض. وأمّا الغوث فمسكنه مكة، هذا غير صحيح. ذلك لأنّ حضرة السيّد عبد القادر الجيلاني رحمه الله وكان غوثا إنّما أقام في بغداد. هذا وتفصيل أحوال الباقي فسيأتي في مواضعه. ويقول في توضيح المذاهب، المكتومون أربعة آلاف رجل ويبقون مستورين وليسوا من أهل التصرّف. أمّا الذين هم من أهل الحلّ والعقد والتصرّف وتصدر عنهم الأمور وهم مقرّبون من الله فهم ثلاثمائة. وفي رواية خلاصة المناقب سبعة. ويقال لهم أيضا أخيار وسيّاح ومقامهم في مصر. وقد أمرهم الحقّ سبحانه بالسّياحة لإرشاد الطالبين والعابدين. وثمّة سبعون آخرون يقال لهم النّجباء، وهؤلاء في المغرب، وأربعون آخرون هم الأبدال ومقرّهم في الشام، وثمّة سبعة هم الأبرار وهم في الحجاز. وثمّة خمسة رجال يقال لهم العمدة لأنّهم كالأعمدة للبناء والعالم يقوم عليهم كما يقوم المنزل على الأعمدة. وهؤلاء في أطراف العالم. وثمّة أربعون آخرون هم الأوتاد الذين مدار استحكام العالم بهم. كما الطناب بالوتد.
وثلاثة آخرون يقال لهم النّقباء أي نقباء هذه الأمّة. وثمة رجل واحد هو القطب والغوث الذي يغيث كلّ العالم. ومتى انتقل القطب إلى الآخرة حلّ مكانه آخر من المرتبة التي قبله بالتسلسل إلى أن يحلّ رجل من الصلحاء والأولياء محل أحد الأربعة.

وفي كشف اللغات يقول: الأولياء عدة أقسام: ثلاثمائة منهم يقال لهم أخيار وأبرار، وأربعون: يقال لهم الأبدال وأربعة يسمّون بالأوتاد، وثلاثة يسمّون النقباء، وواحد هو المسمّى بالقطب انتهى.

ويقول أيضا في كشف اللغات: النّجباء أربعون رجلا من رجال الغيب القائمون بإصلاح أعمال الناس. ويتحمّلون مشاكل الناس ويتصرّفون في أعمالهم. ويقول في شرح الفصوص: النّجباء سبعة رجال، يقال لهم رجال الغيب، والنقباء ثلاثمائة ويقال لهم الأبرار.
وأقلّ مراتب الأولياء هي مرتبة النقباء.
وأورد في مجمع السلوك أنّ الأولياء أربعون رجلا هم الأبدال، وأربعون هم النقباء، وأربعون هم النجباء، وأربعة هم الأوتاد، وسبعة هم الأمناء، وثلاثة هم الخلفاء.
سادات الخلق). وقال أبو عثمان المغربي: البدلاء أربعون والأمناء سبعة والخلفاء من الأئمة ثلاثة، والواحد هو القطب: فالقطب عارف بهم جميعا ومشرق عليهم ولم يعرفه أحد ولا يتشرق عليه، وهو إمام الأولياء والثلاثة الذين هم الخلفاء من الأئمة يعرفون السبعة ويعرفون الأربعين وهم البدلاء، والأربعون يعرفون سائر الأولياء من الأئمة ولا يعرفهم من الأولياء أحد، فإذا نقص واحد من الأربعين أبدل مكانه من الأولياء، وكذا في السبع والثلاث والواحد إلّا أن يأتي بقيام الساعة انتهى.
وفي الإنسان الكامل أمّا أجناس رجال الغيب فمنهم من بني آدم ومنهم من هو من أرواح العالم وهم ستة أقسام مختلفون في المقام. القسم الأول هم الصنف الأفضل والقوم الكمّل أفراد الأولياء المقتفون آثار الأولياء غابوا من عالم الأكوان في الغيب المسمّى بمستوى الرحمن فلا يعرفون ولا يوصفون وهم آدميون.
والقسم الثاني هم أهل المعاني وأرواح الأداني يتنوّر الولي بصورهم فيكلّم الناس في الظاهر والباطن ويخبرهم فهم أرواح كأنّهم أشباح للقوة الممكنة في التصوير في الذين سافروا من عالم الشهود ووصلوا إلى فضاء غيب الوجود فصار عينهم شهادة وأنفاسهم عبادة، هؤلاء هم أوتاد الأرض القائمون لله بالسّنة والفرض. القسم الثالث ملائكة الإلهام والبواعث يطرقون الأولياء ويكلّمون الأصفياء لا يبرزون إلى عالم الأجسام ولا يعرفون بعوام الناس. القسم الرابع رجال المفاجأة في المواقع وإنّما يخرجون عن عالمهم ولا يوجدون في غير عالمهم، ولا يوجدون في غير معالمهم يتصوّرون بسائر الناس في عالم الأجسام، وقد يدخل أجل الصفا إلى ذلك الكوى فيخبرونهم بالمغيبات والمكتومات.
القسم الخامس رجال البسابس هم أهل الخطوة في العالم وهم من أجناس بني آدم يظهرون ويكلمونهم فيجيبون أكثرهم، وسكنى هؤلاء في الجبال والقفار والأودية وأطراف الأنهار إلّا من كان منهم متمكنا فإنّه يأخذ من المدن مسكنا غير متشوّق إليه ولا معوّل عليه. القسم السادس يشبهون الخواطر لا الوساوس هم المولّدون من أب التفكّر وأم التصوّر لا يعبأ بأقوالهم ولا يتشوّق إلى أمثالهم فهم بين الخطأ والصواب وهم أهل الكشف والحجاب.

تعي

تعي


تَعَى(n. ac. تَعْي)
a. Hurried along.

تَعَالَ
a. [ imp. ], Come along!
تعي
: (ي} تَعَى، كسَعَى) :
أَهْمَلَهُ الجَوهرِيُّ.
وَقَالَ ابنُ الأعرابيِّ: أَي (عَدَا) .
وانْفَرَدَ الأزهرِي بِهَذِهِ الترْجَمَةِ.
وممَّا يُسْتدركُ عَلَيْهِ:
تَعَى {تَعْياً: إِذا قَذَفَ.
} والتاعِي: القاذِفُ.
وأَيْضاً: اللَّيَا المُسْتَرخِي.
{والتُّعَي فِي الحفْظِ: الحَسَنُ؛ كلُّ ذلكَ عَن ابنِ الأعرابيِّ.
وحكِي عَن الفرَّاء:} الأَتْعاءُ ساعاتُ الليلِ.
وقالَ شَمِرٌ: {اسْتَتْعاهُ دَعاهُ دُعاءً لَطِيفاً.

الرّبّ

الرّبّ:
[في الانكليزية] Juice ،condensed ،concentrated ،sap
[ في الفرنسية] Jus ،concentre ،condence ،suc
بالضم واحد الربوب وهي عند الأطباء أن يؤخذ ماء الشيء من النباتات والثمرات بأن يغلى بالماء أو بأن يدقّ ويعصر، ثم يصفّى ويغلظ بالطبخ أو بالشمس، كذا في بحر الجواهر.
الرّبّ:
[في الانكليزية] God ،the Lord
[ في الفرنسية] Dieu ،Seigneur
بالفتح اسم من أسماء الله تعالى. والربوبية عند الصوفية اسم للمرتبة المقتضية للأسماء التي تطلب الموجودات، فدخل تحتها العليم والسّميع والبصير والقيّوم والمريد والملك ونحو ذلك.
فإنّ العليم يقتضي المعلوم، والمريد يطلب المراد والقادر المقدور.
اعلم أنّ الأسماء التي تحت اسمه الرب هي الأسماء المشتركة بينه وبن خلقه كالعليم، تقول يعلم نفسه وخلقه، وكذا الأسماء المختصّة بالخلق كالقادر، تقول خلق الموجودات ولا تقول خلق نفسه. وهذه الأسماء أي المختصّة بالخلق تسمّى أسماء فعلية. والفرق بين اسمه الملك والرّبّ أنّ الملك اسم لمرتبة تحتها الأسماء الفعلية، والرّب اسم لمرتبة تحتها الأسماء المختصّة والمشتركة. والفرق بينه وبين الرّحمن أنّ الرّحمن اسم لمرتبة اختصّت بجميع الأوصاف العليّة الإلهية، سواء انفردت الذّات به كالعظيم والفرد، أو حصل الاشتراك كالعليم، أو اختصّت بالمخلوقات كالخالق والرازق.
والفرق بينه وبين الله أنّ الله اسم لمرتبة ذاتية جامعة لحقائق الموجودات علويها وسفليها فدخل الرّحمن تحت حيطة اسم الله والرّب تحت الرّحمن والملك تحت الرّبّ، فكانت الربوبية عرشا أي مظهرا ظهر فيها وبها الرّحمن إلى الموجودات.

ثم للربوبية تجليان: معنوي وصوري.
فالمعنوي ظهوره في أسمائه وصفاته على ما اقتضاه القانون التّنزيهي من أنواع الكمالات، والصّوري ظهوره في مخلوقاته على ما اقتضاه القانون الخلقي التشبيهي وما حواه المخلوق من أنواع النقص، فإذا ظهر سبحانه في خلق من مخلوقاته على ما استحقّه ذلك المظهر من التشبيه فإنّه على ما هو له من التّنزيه، كذا في الإنسان الكامل.
وفي الاصطلاحات الصوفية الرّب اسم للحقّ عزّ اسمه باعتبار نسبة الذّات إلى الموجودات العينية أرواحا كانت أو أجسادا، فإنّ نسبة الذات إلى الأعيان الثابتة هي منشأ الأسماء الإلهية كالقادر والمريد، ونسبتها إلى الأكوان الخارجية هي منشأ الأسماء الرّبوبية كالرزاق والحفيظ. فالرّب اسم خاصّ يقتضي وجوب المربوب وتحقّقه، والإله يقتضي ثبوت المألوه وتعيّنه، وكلّ ما ظهر من الأكوان فهو صورة اسم ربّاني يرى به الحقّ وبه يأخذ وبه يفعل ما يفعل وإليه يرجع فيما يحتاج إليه وهو المعطي إيّاه ما يطلبه منه.
ربّ الأرباب هو الحقّ باعتبار الاسم الأعظم والتعيّن الأول الذي هو منشأ جميع الأسماء وغاية الغايات، إليه تتوجّه الرغبات كلها، وهو الحاوي لجميع المطالب النّسبية، وإليه الإشارة بقوله وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى لأنّه عليه الصلاة والسلام مظهر التعيّن الأول.
فالربوبية المختصّة به في هذه الربوبية العظمى انتهى. والربّ مطلقا لا يطلق إلّا عليه تعالى وعلى غيره بالإضافة نحو: ربّ الدّار مثلا كذا في البيضاوي.

الضّعف

الضّعف:
[في الانكليزية] Weakness
[ في الفرنسية] Faiblesse
بالفتح والضم وسكون العين خلاف القوة، ويسمّى لا قوة أيضا، وهو قسم من الاستعداد كما يجيء. وعند اهل الصرف كون الكلمة بحيث يقع في ثبوتها كلام كما مرّ في لفظ الشاذ. وعند أهل المعاني أن يكون تأليف أجزاء الكلام على خلاف القانون النحوي المشهور فيما بين الجمهور وهو مخل بفصاحة الكلام. والمراد بشهرته ظهوره على الجمهور فلا يرد أنّ قانون جواز الإضمار قبل الذكر أيضا مشهور، فلا يكون مثل ضرب غلامه زيدا ضعيفا، إذ كل من سمع قانون عدم الجواز سمع قانون الجواز، لكن يرد على ما ذكروا أنّ العرب لم يعرفوا القانون النحوي فكيف يكون الخلوص عن مخالفة القانون النحوي معتبرا في مفهوم الفصاحة في لغتهم؟ فالصواب أن يقال وعلامة الضّعف أن يكون تأليف أجزاء الكلام الخ كما في الأطول. والفرق بينه وبين التعقيد اللفظي قد سبق ذكره.

ويقول في جامع الصنائع: ضعف التأليف هو تأخير لفظ حقّه التقديم وتقديم ما حقّه التأخير. مثاله بيت بالفارسية وترجمته:
للمجنون حالة أخرى من العشق اليوم الاسلام دين ليلى والذكر ضلالة فكان ينبغي تقديم كلمة اليوم على أخرى.
انتهى. وعند المحدثين كون الحديث بحيث لا يوجد فيه شرط واحد أو أكثر من شروط الصحيح أو الحسن، وذلك الحديث يسمّى ضعيفا. وضعف الحديث يكون تارة لضعف بعض الرواة من عدم العدالة أو سوء الحفظ أو تهمة في العقيدة، وتارة بعلل أخرى مثل الإرسال والانقطاع والتدليس كذا في الجرجاني.
وتتفاوت مراتب الضّعف كمراتب الصّحة والحسن، فأعلاها بالنظر إلى طعن الراوي ما انفرد به الوضّاع ثم المتّهم به ثم الكذّاب ثم الفاسق ثم فاحش الغلط ثم فاحش المخالفة ثم المختلط ثم المبتدع ثم مجهول العين أو الحال.
وبالنظر إلى السقط المعلّق بحذف السّند كله من غير ملتزم الصّحة ثم المعضّل ثم المرسل الجلي ثم الخفي ثم المدلّس، ولا انحصار في هذه المراتب، هكذا في شرح النخبة. وقال القسطلاني الضعيف ما قصر عن درجة الحسن وتتفاوت درجاته في الضعف بحسب بعده من شروط الصحة. والمضعّف ما لم يجمع على ضعفه بل الضعف في متنه أو سنده لبعضهم وتقوية للبعض الآخر وهو أعلى من الضّعيف.
وفي البخاري منه انتهى. والضعيف من اللّغات ما انحطّ عن درجة الفصيح، والمنكر منها أضعف منه وأقل استعمالا بحيث أنكره بعض أئمة اللّغة ولم يعرفه. والمتروك منها ما كان قديما من اللغات ثم ترك ولم يستعمل، هكذا في كليات أبي البقاء.

العصبة

العصبة:
[في الانكليزية] Agnates (relatives through the father's side)
[ في الفرنسية] proches parents paternels ،agnats
بفتحتين في اللغة من كان قرابته لأبيه وكأنّها جمع عاصب وإن لم يسمع به، من عصب القوم بفلان إذا أحاطوا به. فالأب طرف والابن طرف والعمّ جانب والأخ جانب، ثم سمّي بها الواحد، والجمع والمذكر والمؤنّث.
وقالوا في مصدرها العصوبة والذكر يعصّب الأنثى أي يجعلها عصبة. وفي الشريعة كل من يأخذ من التّركة ما أبقته أصحاب الفرائض أي جنسها واحدا كان أو أكثر، أي يصدق عليه ذلك سواء وجد صاحب فرض أو لم يوجد فلا يخرج عن الحدّ العصبات مع عدم أصحاب الفروض. ثم العصبة نوعان: نسبية كالابن وسببية وهو مولى العتاقة أي المعتق بالكسر مذكرا كان أو مؤنّثا. والنّسبية ثلاثة أقسام:
عصبة بنفسه وهو كلّ ذكر لا يدخل في نسبته إلى الميّت أنثى. فإن قلت الأخ لأب وأم عصبة بنفسه مع أنّ الأم داخلة في نسبته. قلت قرابة الأب أصل في استحقاق العصوبة فإنّها إذا انفردت كفت في إثبات العصوبة بخلاف قرابة الأم فهي ملغاة لكنها جعلناها بمنزلة وصف زائد فرجّحنا بها الأخ لأب وأم على الأخ لأب، وهم أربعة أصناف: جزء الميّت كالابن وابن الابن وإن سفلوا وأصله كالأب وأب الأب وإن علوا، وجزء أبيه كالأخوة وبنيهم وإن سفلوا وجزء جدّه كالأعمام وبنيهم وإن سفلوا، وعصبة بغيره وهو من يصير عصبة بذلك الغير كالنّسوة اللاتي فرضهنّ النّصف والثلثان يصرن عصبة بأخوتهن كالبنت والأخت لأب وأم والأخت لأب، وعصبة مع غيره وهو كلّ أنثى تصير عصبة مع أنثى أخرى كالأخت مع البنت.
والفرق بينهما أنّ الغير في العصبة بغيره يكون عصبة بنفسه فيتعدّى بسببه العصوبة إلى الأنثى، وفي العصبة مع غيره لا يكون عصبة أصلا بل تكون عصوبة تلك العصبة مجامعة لذلك الغير، هكذا في الشريفية.

النّصّ

النّصّ:
[في الانكليزية] Text
[ في الفرنسية] Texte
بالفتح والتشديد هو في عرف الأصوليين يطلق على معان. الأول كلّ ملفوظ مفهوم المعنى من الكتاب والسّنّة سواء كان ظاهرا أو نصا أو مفسرا حقيقة أو مجازا عاما أو خاصا اعتبارا منهم للغالب، لأنّ عامة ما ورد من صاحب الشرع نصوص، وهذا المعنى هو المراد بالنصوص في قولهم عبارة النّصّ وإشارة النّصّ ودلالة النّصّ واقتضاء النّصّ، كذا في كشف البزدوي. فقوله من الكتاب والسّنّة بيان لقوله ملفوظ، وليس المقصود حصر ذلك الملفوظ فيهما بدليل أنّ عبارة النّصّ وأخواتها لا يختص بالكتاب والسّنّة، ولهذا وقع في العضدي أنّ الكتاب والسّنّة والإجماع كلّها يشترك في المتن أي ما يتضمّنه الثلاثة من أمر ونهي وعامّ وخاصّ ومجمل ومبيّن ومنطوق ومفهوم ونحوها. والثاني ما ذكر الشافعي فإنّه سمّى الظاهر نصّا فهو منطلق على اللغة، والنّصّ في اللغة بمعنى الظهور. يقول العرب نصت الظبية رأسها إذا رفعت وأظهرت فعلى هذا حدّه حدّ الظاهر وهو اللفظ الذي يغلب على الظّنّ. فهم معنى منه من غير قطع فهو بالإضافة إلى ذلك المعنى الغالب ظاهر ونصّ. والثالث وهو الأشهر هو ما لا يتطرّق إليه احتمال أصلا لا على قرب ولا على بعد كالخمسة مثلا فإنّه نصّ في معناه لا يحتمل شيئا آخر، فكلما كانت دلالته على معناه في هذه الدرجة سمّي بالإضافة إلى معناه نصّا في طرفي الإثبات والنفي أعني في إثبات المسمّى ونفي ما لا يطلق عليه الاسم، فعلى هذا حدّه اللفظ الذي يفهم منه على القطع معنى فهو بالإضافة إلى معناه المقطوع به نصّ، ويجوز أن يكون اللفظ الواحد نصّا وظاهرا ومجملا لكن بالإضافة إلى ثلاثة معان لا إلى معنى واحد. والرابع ما لا يتطرّق إليه احتمال مقبول يعضده دليل أمّا الاحتمال الذي لا يعضده دليل فلا يخرج اللفظ عن كونه نصّا، فكان شرط النّصّ بالمعنى الثالث أن لا يتطرّق إليه احتمال أصلا، وبالمعنى الرابع أن لا يتطرّق إليه احتمال مخصوص وهو المعتضد بدليل فلا حجر في إطلاق النّصّ على هذه المعاني، لكن الإطلاق الثالث أوجه وأشهر وعن الاشتباه بالظاهر أبعد. وهذه المعاني الثلاثة الأخيرة ذكرها الغزالي في المستصفى.
قال في كشف البزدوي فظهر بما ذكرها الغزالي أنّ موجب النّصّ، والظاهر على التفسير الذي اختاره مشايخنا ظني عند أصحاب الشافعي.
وأمّا على التفسير الذي اختاره فقطعي كالمفسّر انتهى. فمشايخنا أي الحنفية أخذوا القطع بمعنى ما يقطع الاحتمال الناشئ عن دليل، فهذا المعنى الرابع موافق لمذهبهم، والشافعي أخذ القطع بمعنى ما يقطع الاحتمال أصلا على ما عرفت في لفظ الظاهر في نفس الصيغة. ثم الحنفية قالوا النّصّ ما ازداد وضوحا على الظاهر بمعنى في المتكلّم فما قيل إنّ النّصّ ما دلّ على معنى دلالة قطعية يمكن أن يحمل على المعنى الأشهر الثالث وأن يحمل على المعنى الثاني بناء على اختلاف معنى القطعي، قيل إنّ النّصّ هو الذي لا يحتمل التأويل فيحمل على المعنى الأشهر بأن سيق الكلام له. قال في كشف البزدوي وليس ازدياد وضوح النّصّ على الظاهر بمجرّد السوق كما ظنّوا إذ ليس بين قوله تعالى وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ مع كونه مسوقا في إطلاق النكاح وبين قوله تعالى فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مع كونه غير مسوق فيه فرق في فهم المراد للسامع، وأن يجوز أن يثبت لأحدهما بالسوق قوة تصلح للترجيح عند التعارض كالخبرين المتساويين في الظهور يجوز أن يثبت لأحدهما مزية على الآخر بالشّهرة أو التواتر أو غيرهما من المعاني، بل ازدياده بأن يفهم منه معنى لم يفهم من الظاهر بقرينة قطعية تنضم إليه سباقا أو سياقا تدلّ على أنّ قصد المتكلّم ذلك المعنى بالسوق، كالتفرقة بين البيع والربا- الربا- لم يفهم من ظاهر الكلام بل بسياق، وهو قوله تعالى ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا وعرف أنّ الغرض إثبات التفرقة بينهما وأنّ تقدير الكلام وأحلّ الله البيع وحرم الربا فأنّى يتماثلون ولم يعرف هذا بدون تلك القرينة بأن قيل ابتداء أحلّ الله البيع وحرّم الربا، ويؤيّد ما ذكرنا ما قال شمس الأئمة. وأمّا النّصّ فما يزداد بيانا بقرينة تقترن باللفظ من المتكلّم ليس في اللفظ ما يوجب ذلك ظاهرا بدون تلك القرينة، وإليه أشار القاضي في أثناء كلامه. وقال صدر الإسلام النّصّ فوق الظاهر في البيان لدليل في عين الكلام. وقال الإمام اللامشي رحمه الله النّصّ ما فيه زيادة ظهور سيق الكلام لأجله وأريد بالأسماع باقتران صيغة أخرى بصيغة الظاهر كقوله تعالى وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ نصّ في التفرقة بين البيع والربا حيث يريد بالأسماع ذلك بقرينة دعوى المماثلة. وأمّا قولهم بمعنى في المتكلم في نفس الصيغة فمعناه ما ذكرنا أنّ المعنى الذي به ازداد النّصّ وضوحا على الظاهر ليس له صيغة في الكلام تدلّ عليه وضعا بل يفهم بالقرينة التي اقترنت بالكلام أنّه هو الغرض للمتكلّم من السوق، كما أنّ فهم التفرقة ليس باعتبار صيغة تدلّ عليه لغة بل بالقرينة السابقة التي تدلّ على أنّ قصد المتكلم هو التفرقة، ولو ازداد وضوحا بمعنى يدلّ عليه صيغة يصير مفسّرا فيكون هذا احترازا عن المفسّر انتهى.
وقد سبق في لفظ الظاهر أيضا ما يوضّح هذا فمرجع هذه المعاني التي ذكرها الحنفية إلى المعنى الرابع كما لا يخفى. والخامس الكتاب والسّنّة قال المحقّق التفتازاني في حاشية العضدي في بحث النسخ كما يراد بالنّصّ ما يقابل الظاهر كذلك يراد به ما يقابل الإجماع والقياس وهو الكتاب والسّنّة انتهى. ولا بدّ هاهنا من بيان معاني عبارة النّصّ وأخواته لاشتراكها في المضاف إليه أعني لفظ النّصّ، فأقول عبارة النّصّ دلالته على المعنى مطابقة أو تضمنا مع سياق الكلام له وإشارة النّصّ دلالته على المعنى بالالتزام مع عدم سياق الكلام له.
وسمّى الشافعي العبارة بالمنطوق الصريح وجعل الإشارة من أقسام المنطوق الغير الصريح، يدلّ عليه ما وقع في كشف البزدوي من أنّ عامة الأصوليين من أصحاب الشافعي قسّموا دلالة اللفظ إلى منطوق ومفهوم وجعلوا ما سمّاه الحنفية عبارة وإشارة واقتضاء من قبيل المنطوق. اعلم أنّ دلالة الكلام على المعنى على ثلاث مراتب: الأولى أن يدلّ على المعنى ويكون ذلك المعنى مقصودا أصليا كالعدد في قوله تعالى فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ. والثانية أن يدلّ على معنى ولا يكون مقصودا أصليا بل إنّما يكون لغرض إتمام معنى آخر كإباحة النكاح في تلك الآية. والثالثة أن يدلّ على معنى وهو من لوازم المعنى المقصود كانعقاد بيع الكلب من قوله عليه الصلاة والسلام (إنّ من السّحت ثمن الكلب)، فالقسم الأول مسوق إليه والقسم الثالث ليس مسوقا أصلا والمتوسط مسوق من جهة أنّ المتكلّم قصد إلى التلفظ لإفادة معناه غير مسوق من جهة أنّ المتكلّم إنّما ساقه لإتمام بيان ما هو المقصود الأصلي إذ لا يتأتّى ذلك إلّا به، فوضح الفرق من القسمين الأخيرين وهو أنّ المتوسط يصلح أن يصير مقصودا أصليا في السوق بأن انفرد عن القرينة والقسم الأخير لا يصلح لذلك أصلا. إذا عرفت هذا فاعلم أنّ المراد هاهنا من كون الكلام مسوقا لمعنى أن يدلّ على مفهومه مطلقا سواء كان مقصودا أصليا أو لم يكن، لا أن يدلّ على مفهومه مقيدا بكونه مقصودا أصليا كما في الظاهر والنّصّ، فدخل القسم المتوسط هاهنا في السوق ولم يدخل في الظاهر والنّصّ. فإذا تمسّك أحد في إباحة النكاح بقوله تعالى فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ الآية كان استدلالا بعبارة النّصّ لا بإشارته، فيدخل الظاهر والنّصّ في عبارة النّصّ، وهذا على رأي من ذهب إلى المباينة بين الظاهر والنّصّ. وأمّا من يجعل الظاهر أعمّ من النّصّ فيقول بتساوي الظاهر والعبارة ودخول النّصّ في العبارة. وقيل بالفرق بأنّ السوق وعدم السوق في النّصّ والظاهر يتعلّقان بالمتكلّم وهما في العبارة والإشارة يتعلّقان بالسامع، والحكم يختلف بحسب اختلاف المتعلّق وبأنّ العبارة أعمّ من النّصّ لأنّ النّصّ المسوق لحكم يسمّى عبارة، سواء كان محتملا للتخصيص والتأويل أو لم يكن محتملا، وسواء احتمل النسخ أو لا، وأمّا تسميته نصّا فمشروط بشرط أن يكون احتمال التأويل والتخصيص فيه ثابتا لأنّه إذا انقطع هذا الاحتمال يسمّى مفسّرا، وبأنّ النظم المسوق بالنظر إلى نفس الكلام يسمّى نصّا، وبالنظر إلى استدلال المستدل به يسمّى عبارة. فالنّصّ والعبارة وإن كان كلّ واحد منهما واحدا لكن باختلاف الاعتبار اختلف اسمهما فسمّي نصّا باعتبار الكلام وسمّي عبارة باعتبار استدلال المستدلّ به، وكذا في الظاهر تسميته إشارة باعتبار المستدلّ وتسميته ظاهرا باعتبار آخر.
وبالجملة فعبارة النّصّ دلالته على المعنى المسوق له، وإشارة النّصّ دلالته على المعنى الغير المسوق له، ودلالة النّصّ دلالته على حكم ثبت بمعناه أي بمعنى النّصّ لغة لا اجتهادا ولا استنباطا ويسمّيها عامة الأصوليين فحوى الخطاب أي معناه، وقد يسمّى لحن الخطاب أي معناه ويسمّيها نفس أصحاب الشافعي مفهوم الموافقة. فقولهم لغة تمييز أي ثبت بمعناه اللغوي لا بمعناه الشرعي، ليس المراد المعنى الذي يوجبه ظاهر النظم فإنّ ذلك من قبيل العبارة بل المعنى الذي أدى إليه الكلام كالإيلام من الضرب فإنّه يفهم من اسم الضرب لغة لا شرعا، بدليل أنّ كلّ لغوي يعرف ذلك المعنى ثابتا بالضرب. ولهذا قيل دلالة النّصّ ما يعرفه أهل اللغة بالتأويل في معاني اللغة مجازها وحقيقتها فإنّ الحكم إنّما يثبت بالدلالة إذا عرف المعنى المقصود من الحكم المنصوص كما عرف أنّ المقصود من تحريم التأفيف والنّهر في قوله تعالى فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُما كفّ الأذى عن الوالدين لأنّ سوق الكلام لبيان احترامهما فيثبت الحكم في الضرب والشّتم بطريق التنبيه، ولولا هذه المعرفة لما لزم من تحريم التأفيف تحريم الضرب والشّتم إذ لا تقول والله ما قلت بفلان أفّ وقد ضربته. ثم إن كان ذلك المعنى المقصود معلوما قطعا كما في تحريم التأفيف فالدلالة قطعية، وإذا احتمل أن يكون غيره هو المقصود فهي ظنّية كما في إيجاب الكفّارة على المفطر بالأكل والشرب.
فإنّ قول السائل واقعت أهلي في نهار رمضان وقع عن الجناية التي هي معنى المواقعة في هذا الوقت لا عن الوقاع فإنّه ليس بجناية في نفسه، والجواب وهو قوله عليه الصلاة والسلام (اعتق رقبة) الخ وقع عن حكم الجناية فأثبتنا الحكم بالمعنى وهو في هذين أي الأكل والشرب أظهر إذ الشوق إليهما أعظم. ولمّا توقّف ثبوت الحكم من الدلالة على معرفة المعنى ولا بدّ في معرفته من نوع نظر ظنّ بعض الحنفية وبعض أصحاب الشافعي وغيرهم أنّ الدلالة قياس جلي، فقالوا لمّا توقّف على ما ذكرنا وقد وجد أصل كالتأفيف مثلا وفرع كالضرب وعلّة مؤثرة كالأذى يكون قياسا، إلّا أنّه لما كان ظاهرا سمّيناه جليا وليس على مذهب الجمهور كما ظنّوا، لأنّ الأصل في القياس الشرعي لا يكون جزءا من الفرع إجماعا. وهاهنا قد يكون كما لو قال السّيّد لعبده لا تعط زيدا ذرة فإنّه يدلّ على منع إعطاء ما فوق الذرة مع أنّ الذرة جزء منه ولأنّ دلالة النّصّ ثابتة قبل شرع القياس فإنّ كلّ أحد يعرف ويفهم من لا تقل لهما أفّ لا تضربه ولا تشتمه سواء علم شرعية القياس أو لا، فعلم أنّها من الدلالات القطعية وليس بقياس.
فقولهم لا اجتهادا ولا استنباطا إشارة إلى نفي كونها قياسا. وبعضهم عرّف الدلالة بأنّها فهم غير المنطوق من المنطوق بسياق الكلام ومقصوده. وقيل هي الجمع بين المنصوص وغير المنصوص بالمعنى اللغوي. وأمّا دلالة الاقتضاء فهي دلالة اللفظ على معنى خارج يتوقّف عليه صدقه أو صحته الشرعية أو العقلية، وقد سبق، ويجيء في لفظ المنطوق أيضا.
اعلم أنّ المفهوم مما سبق أنّ دلالة الإشارة التزام لا غير، وقيل دلالة الإشارة إمّا تضمّن أو التزام كما سبق. قال صدر الشريعة في التوضيح: العبارة والإشارة كلاهما دلالة اللفظ على المعنى مطابقة أو تضمنا أو التزاما، وإنّما الفرق بالسوق وعدمه، وأراد بالسوق ما أريد منه في النّصّ. وقال إنّ المعنى الذي يدلّ عليه اللفظ إمّا أن يكون عين الموضوع له أو جزءه أو لازمه المتأخر، أو لا يكون كذلك، والأول إمّا أن يكون سوق الكلام له فتسمّى دلالته عليه عبارة أو لا، فإشارة. والثاني إن كان المعنى لازما متقدّما للموضوع له فالدلالة اقتضاء وإلّا فإن كان يوجد في ذلك المعنى علّة يفهم كلّ من يعرف اللغة أي وضع ذلك اللفظ لمعناه أنّ الحكم في المنطوق لأجلها، فدلالة النّصّ وإلّا فلا دلالة أصلا، والتمسك بمثله فاسد. وإنّما جعلوا اللازم المتأخّر عبارة أو إشارة واللازم المتقدّم اقتضاء لأنّ دلالة الملزوم على اللازم المتأخّر كالعلة على المعلول أقوى من دلالته على اللازم الغير المتأخّر كالمعلول على العلة، فإنّ الأولى مطّردة دون الثانية إذ لا دلالة للمعلول على العلّة إلّا أن يكون معلولا مساويا لأنّ النّصّ المثبت للعلّة مثبت للمعلول تبعا لها، وأمّا المثبت للمعلول فغير مثبت للعلّة التي هي أصل بالنسبة إلى المعلول فيحسن أن يقال إنّ المعلول ثابت بعبارة النّصّ المثبت للعلّة، ولا يحسن أن يقال إنّ العلّة ثابتة بعبارة النّصّ المثبت للمعلول. إن قيل إنّ الثابت بدلالة النّصّ إذا لم يكن عين الموضوع له ولا جزؤه ولا لازما له فدلالة اللفظ عليه، وثبوته به ممنوعة للقطع بانحصار دلالة اللفظ في الثلاث.
قلت اللازم المنقسم إلى المتقدّم والمتأخّر هو اللازم لا بواسطة علّة الحكم فلا ينافيه كون الثابت بالدلالة أيضا لازما، لكن بواسطتها.

فأَت

فأَت
: ( {افْتَأَتَ) الرَّجُلُ (عَلَيَّ) } افْتِئاتاً، وَهُوَ رَجُلٌ {مُفْتَئِتٌ، وَذَلِكَ إِذا قَالَ عَلَيْكَ (البَاطِلَ) ، كَذَا قَالَهُ أَبُو زَيْدٍ، وَعَن غَيره: افْتَأَتَ عَلَيَّ مَا لَمْ أَقُلْ: (اخْتَلَقَهُ) .
(وَ) قالَ ابنُ شُمَيْلٍ فِي كتاب المَنْطِق:} افْتَأَتَ فُلانٌ عَلَيْنَا {يَفْتَئِتُ، إِذا اسْتَبَدّ عَلَيْنَا (بِرَأْيِهِ) . جَاءَ بِهِ فِي بابِ الهَمْز.
وقالَ ابنُ السَّكِّيتِ: افْتَأَتَ بِأَمْرِهِ ورَأْيِهِ، إِذَا (اسْتَبَدَّ) بِهِ وانْفَرَدَ.
قالَ الأَزْهَرِيُّ: قد صَحَّ الهمزُ عَن ابنِ شُمَيْلِ، وابْنِ السِّكِّيتِ فِي هَذَا الْحَرْف، وَمَا علمتُ الهمْزَ فِيهِ أَصْلِيه.
وَفِي الصّحاحِ: هَذَا الحرفُ سُمِعَ مَهْمُوزاً، ذَكَرَهُ أَبُو عَمْرٍ و، وأَبُو زَيْد، وابنُ السِّكِّيتِ، وغيرُهم، فَلَا يَخْلُو: إِما أَن يَكُونُوا قد هَمَزُوا مَا لَيْسَ بِمَهْمُوزٍ، كَمَا قَالوا حَلَأْتُ السَّوِيقَ، ولَبَّأْتُ بِالحَجِّ، وَرَثَأْتُ المَيتَ، أَوْ يَكُونَ أَصْلُ هَذِهِ الكَلِمَةِ مِن غَيْرِ الفَوْتِ، انْتهى.
(و) } افْتُئِتَ الرَّجُلُ، (على بِناءِ المَفْعُول: ماتَ فَجّأَةً) ، نَقَلَه الصّاغَانِيُّ وقالَ شَيْخُنا: هُوَ مِنَ الأَلْفَاظ الَّتِي لم يَتَقَدَّمْ لَهَا اسْتِعْمَالٌ فِي كلامِهِم.
قُلْتُ: وكَأَنَّهُ لُغَةٌ فِي افْتِيتَ بالياءِ كَمَا سيأْتي.

أَحد

أَحد
: ( {الأَحَدُ بِمَعْنى الواحِدِ) ، وَهُوَ أَوّل العَدد، تَقول} أَحدٌ واثنانِ، {وأَحدَ عَشَرَ وإِحدَى عَشْرة. (و) } الأَحَد: اسمُ علَمٍ على (يَوْم من الأَيّام) الْمَعْرُوفَة، فَقيل هُوَ أَوّل الأَسبوع، كَمَا مَال إِليه كَثِيرُونَ، وَقيل هُوَ ثَانِي الأُسبوع، تَقول: مضَى الأَحدُ بِمَا فِيهِ، فيفرَد ويذكَّر، عَن اللِّحيانيّ. (ج {آحَادٌ} وأُحْدَانٌ) بالضَّمّ أَي سَواءٌ يكون الأَحدُ بمعنَى الْوَاحِد أَو بِمَعْنى الْيَوْم، (أَو ليسَ لَهُ جَمْعٌ) مُطلقًا، سواءٌ كَانَ بمعنَى الواحدِ أَو بِالْمَعْنَى الأَعمّ الّذِي لَا يعرّف، ويخاطب بِهِ كلُّ من أُريد خِطابُه. وَفِي الْعباب: سُئل أَبو العبّاس: هَل {الآحادُ جمْع أَحَدٍ؟ فَقَال: مَعَاذَ الله، لَيْسَ} للأَحَد جمْعٌ. وَلَكِن إِن جعلْته جمْع الْوَاحِد فَهُوَ مُحْتَمل كشاهِد وأَشْهادٍ. (أَو الأَحَدُ) ، أَي المعرّف بِاللَّامِ الَّذِي لم يُقْصَد بِهِ العَدد المركّب كالأَحدَ عشرَ ونحوِه (لَا يُوصَفُ بِهِ إِلاَّ) حَضرةُ جنابِ (الله سُبحانه وَتَعَالَى، لخُلوص هاذا الاسمِ الشَّرِيفِ لَهُ تعالَى) . وَهُوَ الفَرْد الّذِي لم يَزَلْ وَحْدَه وَلم يكن مَعَه آخَرُ. وَقيل {أَحَدِيَّته مَعْنَاهَا أَنّه لَا يَقبَل التَّجزِّي، لنَزاهَته عَن ذالك. وَقيل: الأَحَدُ الّذي لَا ثانىَ لَهُ فِي رُبُوبيّته وَلَا فِي ذاتِه وَلَا فِي صِفاته، جلَّ شأْنُه. وَفِي (اللِّسَان) : هُوَ اسمٌ بُنِيَ لنفْيِ مَا يُذكَر مَعَه من العَدد، تَقول: مَا جاءَني أَحدٌ، والهمزة بدلٌ من الْوَاو، وأَصلُه وَحَدٌ، لأَنُّه من الوحْدة.
(ويُقَال للأَمْرِ المُتَفَاقِم) العَظيم المشتَدّ الصَّعْبِ الهَائل: (إِحْدَى) مأَنّث، وأَلِفُه للتأْنيث، كَمَا هُوَ رأْيُ الأَكثرِ، وَقيل للإِلحاق (} الإِحَدِ) ، بكسْر الْهمزَة وفتْح الحاءِ كعِبَرٍ، كَمَا هُوَ الْمَشْهُور. وضَبطَه بعضُ شرّاح التسهيل بضَمَ ففتْح، كغُرَفٍ. قَالَ شَيخنَا: وَالْمَعْرُوف الأَوّل، لأَنّه جمعٌ! لإِحدَى، وَهُوَ مَكْسُورَة، وفِعْلَى مكسوراً لَا يُجمَع على فُعَل، بالضّمّ. وقصْدُهم بهاذا إِضافة الْمُفْرد إِلى جَمْعه مُبَالغَة، على مَا صَرّحُوا. قَالَ الشِّهاب: وهاذا الجمْع وإِنْ عُرِفَ فِي المؤنّث بالتاءِ لاكنّه جُمِعَ بِهِ المؤنَّث بالأَلف حَمْلاً لَهَا على أُختها، أَو يُقدَّر لَهُ مُفرَد مُؤنّث بهاءٍ، كَمَا حَقّقَه السُّهَيليّ فِي ذِكرَى وذِكَرٍ.
(وفُلانٌ أَحَدُ {الأَحَدِينَ) ، محرّكةً فيهمَا، (} وواحدُ الأَحَدِينَ) ، هاكذا فِي النُّسخ، والّذِي فِي نُسخةِ شيخِنا: واحَدُ ا {لواحِدينَ. وَفِي التكملة: واحدُ} الإِحَدِين بكسْرٍ ففتْح. وهما جمْع أَحَدٍ وواحدٍ وأَنشد قَول الكُميت:
وقدْ رَجَعُوا كحَيَ {واحِدِينا
وسُئلَ سُفيانُ الثَّوْرِيُّ عَن سفيانَ بنِ عُيينةَ قَالَ: ذَاك أَحَدُ الأَحَدِينَ. قَالَ أَبو الهَيثم: هاذا أَبلغُ المَدْح. قَالَ ثمّ الظّاهر أَنَّ هاذا الْجمع مستعملٌ للعُقَلاءِ فَقَط، وَفِي شُرُوح التّسهيل خِلافه، فإِنّهم قَالُوا فِي هاذا التَّرْكِيب: المرادُ بِهِ إِحدَى الدواهِي، لاكنّهم يَجمعُونَ مَا يَستعظمونه جمْع العقلاءِ، ووَجْهُه عِنْد الكوفيّين: حتّى لَا يُفرَّقَ بينَ القِلَّة والكثْرة. وَفِي (اللُّباب) : مَا لَا يَعقِل يُجمَع جمْعَ المذكَّرِ فِي أَسماءِ الدَّواهِي، تَنْزِيلا لَهُ مَنزِلة العُقَلاءِ فِي شِدَّة النِّكاية، (} وواحِدُ {الآحادِ،} وإِحْدَى! الإِحَدِ) ، هُوَ كالسابِق إِلاّ أَن ذَاك فِي الدّواهِي وَهَذَا فِي العاقِل الّذي لَا نَظير لَهُ. وضبطوه بِالْوَجْهَيْنِ كَمَا مَرّ. قَالَ رجلٌ من غَطفَان.
إِنّكُمُ لنْ تَنْتَهوا عَن الحَسَدْ
حتَّى يُدِلِّيكُم إِلى إِحْدَى الإِحَدْ
وتَحْلُبُوا صَرْماءَ لم تَرْ أَمْ وَلَدْ
قَالَ شَيخنَا: وَلم يُفرِّقوا فِي الإِطلاق وَلَا فِي الضَّبط، بل هُوَ بالوجهَين فِي الدَّواهِي ومَنْ لَا نَظير لَهُ من العقَلاءِ، والفرْق بَينهمَا من الْكَلَام كَمَا سيأْتي بيانُه. (أَيْ لَا مِثْلَ لَهُ، وَهُوَ أَبْلَغُ المدْحِ) ، لأَنّه جَعلَه داهِيَةً فِي الدَّواهِي ومُنفرِداً فِي المنفرِدين، ففضَّله على ذوِي الْفَضَائِل لَا على المطلَق مَعَ إِبهامِ إِحدَى وأَحَد الدّال على أَنّه لَا يَدرِي كُنْهَه. قَالَ الدّمامينيّ فِي (شرح التسهيل) : الّذي ثبتَ استعمالُه فِي المدْح أَحَد وإِحدى مضافَين إِلى جمْعٍ من لَفظهما كأَحد وأَحدِين، أَو إِلى وَصْف، كأَحد العلماءِ، وَلم يُسمع فِي أَسماءِ الايجناس، انْتهى. قَالَ ابْن الإِعرابيّ: قَوْلهم ذَاك أَحَدُ الأَحدِين أَبلغُ المدْح. وَيُقَال: فلانٌ وَاحدُ الأَحدِين، وواحدُ الآحادِ. وَقَوْلهمْ هَذَا إِحدَى الآحادِ، قَالُوا: التأْنيث للمبالَغة بمعنَى الدّاهيةِ، كَذَا فِي (مجمع الأَمثال) . وَفِي (الْمُحكم) : وَقَوله:
حتَّى استثارُوا بيَ إِحدى الإِحَدِ
لَيثاً هِزَبراً ذَا سِلاحِ مُعتدِى
فسَّره ابْن الأَعرابيّ بأَنه واحدٌ لَا مِثْلَ لَهُ.
(و) الفرْق بَين إِحدَى الإِحَد هاذا وإِحدَى الإِحدِ السابقِ بالْكلَام، تَقول: (أَتَى! بإِحْدَى الإِحَدِ، أَي بالأَمْرِ المُنْكَرِ العظيمِ) ، يُقَال ذالك عِنْد تَعظيم الأَمرِ وتهويلِه، وَيُقَال فلَان إِحْدَى الإِحَد، أَي واحدٌ لَا نَظيرَ لَهُ، قَالَه ابْن الإِعرابيّ، فَلَا فَرْقَ فِي اللّفظ وَلَا فِي الضّبط، وَبِه تَعلم أَنّه لَا تَكرارَ، لأَنّ الإِطلاقَ مختلِفٌ، فَهُوَ كالمشترَك، لأَنّه هُنَا أُريدَ بِهِ العُقَلاءُ، وَهُوَ غير مَا أَريدَ بِهِ فِي الأَمْرِ المتفاقِم، وأَنْثوه حَمْلاً على الدّاهِية، فكأَنّه قيل: هُوَ داهِيَةُ الدَّوَاهِي. والدَّاهِيَة من الدّهَاءِ وَهُوَ العَقْل، أَو ممزوجاً بمكْر وتَدبيرٍ، أَو من الدّاهيَة المعروفَة، لأَنّه يُدْهشُ مَن يُنازِلُه، كَذَا فِي (شُرُوح الفصيح) . قَالَ الشِّهَاب: وظَنّ أَبو حَيَّانَ أَنَّ أَحدَ الأَحَدِينَ وَصْفُ المذكَّرِ وإِحدَى الإِحَدِ وَصْفُ المؤنَّثِ، ورَدَّه الدّمامينيّ فِي (شرْح التَّسهيل) . قَالَ فِي (التسهيل) : وَلَا يُستعمل إِحدَى من غير تَنْيُيف دون إِضافَةٍ، وَقد يُقَال لما يُستعطَم ممَّا لَا نَطيرَ لَهُ: هُوَ إِحدَى الأَحَدِين وإِحْدَى الإِحَدِ. قَالَ شَيخنَا: وهاذا لعلّه أَكثرِيٌّ وإِلاّ فقد وَرَدَ فِي الحَدِيث: (إِحدى مِن سَبْعٍ) ، وفسّروه بلَيالِي عادٍ، أَو سنى يُوسفَ عَلَيْهِ السّلامُ، كَمَا فِي الْفَائِق وَغَيره. قلت: وَهُوَ فِي حَدِيث ابْن عبّاس رَضِيَ اللَّهُ عنهُما، وبُسطَ فِي النِّهَايَة.
(وأَحدَ، كسَمعَ: عَهدَ) ، يُقَال: أَحِدْتُ إِليه، أَي عَهِدْت. وأَنشد الفرَّاءُ:
سارَ الأَحِبَّةُ بالأَحْد الّذي أَحِدُوا
يُرِيد بالعَهْد الَّذِي عَهِدوا، كَمَا فِي (اللّسان) فِي وحد. قَالَ الصّاغانيّ: قَلَبُوا العَين هَمزةً والهاءَ حاءً، وحُرُوف الْحلق قد يُقَام بعْضُها مُقامَ بعضٍ.
(وأُحُدٌ، بضمَّتين) ، وَقَالَ الزُمحشريّ: رأَيْت بخطّ المبرّد: أُحْدٌ، بِسُكُون الحاءِ منوّن (جَبَلٌ بالمَدِينة) ، على ساكِنهَا أَفضلُ الصّلاة والسّلام، وَفِيه وَرَدَ (أُحُدٌ جَبَلٌ يُحبُّنَا ونُحِبُّه) قَالَ شَيخنَا: وأَنكرَه جَماعَةٌ وَقَالُوا إِنّه لَا يُسكَّن إِلاَّ فِي الضّرورة، ولعلّ الَّذِي رَآهُ كذالك.
(و) أَحَد، (محرَّكَةً: ع) نَجْديٌّ، أَو هُوَ كزُفَر، كَمَا ضبطَه البَكريّ.
وسُوقُ الأَحَد: موضعٌ، مِنْهُ أَبو الحُسَيْن أَحمَدُ بن الحُسين الطَّرسُوسيّ، روَى عَنْه ابنِ الأَكفانيّ، توفّي سنة 46 (أَو هُوَ مُشدَّد الدّالِ) جَبَلٌ، (فيذكر فِي حدد) إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
( {واسْتَأْحَدَ) الرَّجلُ (واتَّحَدَ: انفَرَدَ) .
(و) قَول النّحويّين (جاءُوا أُحَادَ} أُحَادَ، ممنوعَين للعَدْل) فِي اللّفظ والمعنَى جَمِيعًا، (أَي واحِداً واحِداً) .
(و) يُقَال: (مَا {اسْتَأْحَدَ بِه) أَي بهاذا الأَمرِ: (لم يَشْعُرْ) بِهِ، يَمانيَة.
(وأَحَّدَ العَشَرَةَ تأْحيداً، أَي صَيَّرَهَا أَحَدَ عَشَرَ) ، حكَى الفرّاءُ عَن بعض الْعَرَب: معي عَشَرَةٌ فأَحِّدْهُنَّ، أَي صيِّرهنَّ أَحَدَ عَشَرَ (و) أَحَّدَ (الاثنينِ، أَي) صيَّرَهما (وَاحِدَة) ، وَفِي الحَدِيث: (أَنّه قَالَ لرَجل أَشارَ بسَبَّابتَيه فِي التَّشهُّد:} أَحِّدْ أَحِّد) ، أَي أَشِرْ بإِصْبع وَاحِدَة.
(وَيُقَال: لَيْسَ للواح تَثنيةٌ وَلَا للاثنين واحدٌ من) لفْظه و (جِنسِه) ، كَمَا أَنَّه لَيْسَ للأَحد جمْعٌ. هُوَ من بقيّة قَول أَبي العبّاس أَحمد بن يَحيى ثَعْلَب، وَقد نقلَه الشِّهاب فِي (شرْح الشِّفَاءِ) . قَالَ شَيخنَا: وَهُوَ قد يَخالِف قَولَ المصنّف فِيمَا يأْتي، أَو الْوَاحِد قد يُثنّى، كَمَا سيأْتس.
وَمِمَّا يسْتَدرك عَلَيْهِ:
أَحَدٌ النَّكرة، فإِنّه لم يَتعرّض لَهَا، قَالَ الجوهريّ: وأَمّا قَولهم: مَا بالدّار أَحدٌ، فَهُوَ اسمٌ لمَن يصلح أَن يُخَاطَب، يَستوي فِيهِ الواحدُ والجمْع والمؤنَّث. وَقَالَ تَعَالَى: {7. 021 لستن {كأَحَدٍ من النِّسَاء} (الأَحزاب: 33) . وَقَالَ: {فَمَا مِنكُم مّنْ} أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ} (الحاقة: 47) . وَفِي حواشِي السَّعْدِ علَى الكشّاف أَنّه لَا يَقع فِي الإِثبات إِلاّ بِلَفْظ كلّ. وَقَالَ أَبو زيد: يُقَال: لَا يَقوم لهاذا الأَمرِ إِلاّ ابنُ إِحداهَا. أَي الكريمُ من الرّجال.

فيز

فيز: انفاز الرجل: انفرد. (الأغاني ص70).

فيز


فَازَ (ي)
a. VII, Was isolated, solitary; separated, isolated
himself.

فِيَزّ [ ]
a. Muscular, sinewy.
فيز
مُهْمَل عنده.
الخارزنجي: الفِيَز من الرجَالِ: الشدِيْدُ العَضَلِ. والانْفِيَازُ: من قَوْلهم: انْفَازَ عَني أي انْفَرَدَ.
فيز
{الفِيَزُّ من الرِّجال، كهِجَفٍّ: الشَّديدُ العَضَل، محرَّكَةً.} والانْفِيَازُ: الانفِرادُ، هَكَذَا أَوردَه الصَّاغانِيّ، وَقد أَهمله الجَوْهَرِيّ وَصَاحب اللِّسَان.

خَصص

خَصص
. {خَصَّهُ بالشّيْءِ،} يَخُصُّه {خَصّاً} وخُصُوصاً، بالفَتْحِ فيهِمَا، ويُضَمُّ الثّانِي،! وخُصُوصِيَّةً، بالضَّمِّ ويُفْتَحُ، والفَتْحُ أَفْصَحُ، كَمَا نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ، وبِهِ جَزَم الفَنَارِيّ فِي حاشِيَةِ المُطّوَّلِ، وهُوَ الَّذِي فِي الفَصِيحِ وشُرُوحِه، وكلامُ المُصَنِّف ِ ظاهِرُه أَنَّ الضَّمَّ أَفْصَحُ، والفتْح لُغَةٌ، ولِذا قَالَ بَعْضُهُم: ولوْ قَالَ: ويُضَمُّ، لَوافَقَ كَلامَ الجُمْهُورِ، وسَلِمَ مِنَ المُؤَاخَذَةِ، ثُمَّ قالُوا: الياءُ فِيهَا إِذا فُتِحَتْ للنِّسْبَةِ، فهِيَ ياءُ المَصْدَرِيَّةِ كالفَاعِلِيَّةِ والمَفْعُولِيَّةِ، بِنَاءً على {خُصُوصِ فَعُولٍ للمُبَالغةِ فِي} التَّخْصِيصِ، وإِذا ضُمَّتْ، فَهِي للمُبَالغةِ، كأَلْمعِيّ وأَحْمَرِيّ، قالَ شَيْخُنا: وعِنْدِي فِي ذلِكَ نَظَرٌ، ويَقْدَحُ فِيهِ أَنَّهُم حكوْا فِي الياءِ التّخْفِيفَ، بلْ قِيل: هُو الأَكْثرُ، لِيُوَافِقَ الياءَاتِ الّلاحِقَةَ بالمَصَادِرِ، كالكَرَاهِيَةِ والعَلانِيَةِ، {وخِصِّيصَي، بالكَسْرِ والقَصْرِ، وهُوَ الفَصِيحُ المَشْهُورُ، وعَلَيْهِ اقْتَصَرَ القَالِي فِي المَقْصُورِ والمَمْدُودِ، ويُمدُّ، عَنْ كُرَاع وابنِ الأَعْرَابِيِّ، وَلَا نظِيرَ لَهَا إِلاَّ المِكَّيثَي، وهذِه مَسْأَلَةٌ وَقَعَ فِيهَا النِّزَاعُ بَيْنَ الحَافِظَيْنِ: الأَسْيُوطِيِّ والسَّخَاوِيِّ، حتّى أَلَّفَ الأَوْلُ فِيها رِسَالَةً مُسْتَقِلّة،} وخَصِّيَّةً، بالفَتْحِ، وضَبَطَه الصّاغَانِيُّ بالضَّمِّ، {وتَخِصَّةً، كتَحِلَّةٍ، عَن ابنِ عَبّادٍ: فَضَّلَهُ دُونَ غَيْرِه، ومَيَّزهُ. ويُقَالُ:} الخُصُوصِيَّةُ {والخَصِّيَّةُ} والخاصَةُ أَسْمَاءُ مَصَادِر. وَفِي البَصَائِر: {الخُصُوصُ: التَّفرُدُ ببَعْضِ الشَّيْءِ مِمَّا لَا تُشَارِكُهُ فِيهِ الجُمْلَةُ.} وخَصّهُ بالوُدِّ كَذلِكَ، إِذا فَضَّلَه دُونَ غَيْرِه، فأَمّا قولُ أَبِي زُبَيْدٍ:
(إِنَّ امْرَأً! - خَصَّنِي عَمْداً مَوَدَّتَهُ ... عَلَى التّنَائِي لَعِنْدِي غَيْرُ مَكْفُورِ)
فإِنَّهُ أَرادَ خَصَّنِي بِمَوَدَّتِه، فحَذَفَ الحَرْفَ، وأَوْصَلَ الفِعْلَ، وقَدْ يَجُوزُ أَنْ يُرِيدَ: خَصَّنِي لِمَوَدَّتِه إِيايَ، قالَ ابنُ سِيدَه: وإِنَّمَا وَجَّهْنَاهُ عَلَى هذَيْنِ الوَجْهَيْنِ، لأَنّا لَمْ نَسْمَعْ فِي الكلامِ {خَصَصْتُه مُتَعَدِّيَةً إِلى مَفْعُولَيْن.} والخَاصُّ، {والخَاصَّةُ: ضِدّ العَامِّ والعَامَّةِ، وهُوَ مَنْ} تَخُصُّهُ لِنَفْسِكَ، وَفِي التَّهْذِيبِ: والخَاصَّةُ: الَّذِي {اخْتَصَصْتَه لِنَفْسِك. وسُمِعَ ثَعْلَبٌ يَقُول: إِذا ذُكِرَ الصّالِحُونَ} فبِخَاصَّةٍ أَبُو بَكْرٍ، وإِذا ذُكِرَ الأَشْرَافُ فبِخَاصَّةٍ عَلِيٌّ. {والخُصّانُ، بالكَسْرِ والضَّمِّ:} الخَوَاصُّ، ومِنْهُ قَوْلُهُم: إِنَّمَا يَفْعَلُ هَذَا {خِصّانُ النّاسِ، أَيْ} خَوَاصُّ مِنْهُم، وأَنْشَدَ ابنُ بَرِّيٍّ لأَبِي قِلاَبَةَ الهُذَلِيّ:
(والقَوْمُ أَعْلَمُ هَلْ أَرْمِي وَرَاءَهُمُ ... إِذْ لَا يُقَاتِلُ مِنْهُمْ غَيْرُ {خُصَّانِ)
وَفِي الحَدِيثِ عَلَيْكَ} بخُوَيْصَّةِ نَفْسِك: {الخُوَيْصَّةُ: تَصْغِيرُ} الخَاصَّة، وأَصْلُه خُوَيْصِصَة قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: ياؤُهَا ساكِنَةٌ، لأَنّ ياءَ التّصْغِيرِ لَا تَتَحَرَّكُ. ومِثْلُهَا أُصَيْمُّ ومُدَيْقُّ فِي تَصْغِيرِ أَصَمّ)
ومُدُقّ، والَّذِي جَوّزَ فِيهَا وَفِي نَظَائِرِهَا الْتِقَاءَ الساكِنَيْنِ أَنَّ الأَوَّلَ حَرْفُ اللِّينِ والثّانِي مُدْغَمٌ، نَقَلَهُ الصّاغَانِيُّ، وَفِي حَدِيثٍ آخَر: بادِرُوا بالأَعْمَالِ سِتّاً: الدَّجّالَ وكَذَا وكَذَا {وخُوَيْصَّةَ أَحَدِكُمْ يَعْنِي حادِثَةَ المَوْتِ الَّتِي} تَخُصُّ كُلَّ إِنسانٍ. وصُغِّرَتْ لاحْتِقَارِهَا فِي جَنْبِ مَا بَعْدَها مِنَ البَعْثِ والعَرْضِ والحِسَابِ، أَيْ بادِرُوا المَوْتَ واجْتَهِدُوا فِي العَمَلِ. وفِي حَدِيثِ أُمِّ سُلَيْمٍ: {وخُوَيْصَّتُكَ أَنَسٌ أَي الَّذِي} يَخْتَصُّ بخِدْمَتِكَ. وصَغَّرَتْه لِصِغَرِه يَوْمَئذٍ. {والخَصَاصُ،} والخَصَاصَةُ، {والخَصَاصَاءُ، بفَتْحِهِنَّ، الأَخِيرَةُ عَن ابْنِ دُرَيْدٍ: الفَقْرُ وسُوءُ الحالِ، والخَلَّةُ والحَاجَةُ، وهُو مَجَازٌ، وأَنْشَدَ ابنُ بَرّيّ للكُمَيْتِ:
(إِلَيْهِ مَوَارِدُ أَهْلِ} الخَصَاصِ ... ومِنْ عِنْدِهِ الصَّدَرُ المُبْجِلُ) وَفِي التَّنْزِيلِ العَزِيز: ويُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِم ولَوْ كانَ بِهِمْ {خَصَاصَةٌ. وأَصْلُ ذلِكَ الفُرْجَةُ أَو الخَلَّةُ لأَن الشَّئَ إِذا انْفَرَج وَهَي واخْتَلَّ، وذَوُو} الخَصَاصَةِ: ذَوُو الخَلَّةِ والفَقْرِ، وقَدْ {خَصِصْتَ يَا رَجُلُ، بالكَسْرِ، نَقَلَه الصّاغَانِيُّ عَن الفَرّاءِ. و} الخَصَاصُ {والخَصَاصَةُ: الخَلَلُ فِي الثَّغْرِ، أَوْ كُلُّ خَلَلٍ وخَرْقٍ فِي بابٍ ومُنْخُلٍ وبُرْقُعٍ ونَحْوِه، كسَحَابٍ ومِصفاةٍ وغيْرِهِمِا، والجَمْعُ} خَصَاصَاتٌ، ومِنْه قَوْلُ الشّاعِرِ: مِنْ {خَصَاصاتِ مُنْخُلِ. ويُقَالُ لِلقَمَرِ: بَدَا مِنْ} خَصَاصَةِ الغَيْمِ. أَو {الخَصَاصَةُ: الثَّقْبُ الصَّغِيرُ، وَيُقَال: إِن} الخَصَاصَ شِبْهُ كُوَّةٍ فِي قُبَّةٍ أَو نَحْوِها إِذا كَانَ وَاسِعاً قَدْرَ الوَجْهِ، وبعضُهُمْ يَجْعَلُ الخَصَاصَ للوَاسِعِ والضَّيِّقِ. وَقيل الخَصَاصُ: الفُرَجُ بينَ الأَثافِيِّ والأَصَابِعِ، وأَنْشَدَ ابنُ بَرّيّ للأَسْعَرِ الجُعْفِيّ:
(إِلاَّ رَوَاكِدَ بَيْنَهُنَّ {خَصَاصَةٌ ... سُفْعَ المَنَاكِبِ كُلّهُنَّ قد اصْطَلَى)
} والخُصَاصَةُ، بالضّمِّ: مَا يَبْقَى فِي الكَرْمِ بَعْدَ قِطَافِه، العُنَيْقِيدُ الصَّغِيرُ هَا هُنَا وآخَر هَا هُنَا، وهُوَ النَّبْذُ اليَسِيرُ، أَي القَلِيلُ، ج {خُصَاصٌ. قَالَ أَبُو مَنْصُورِ: يُقَالُ: لَهُ من عُذُوقِ النَّخْلِ الشَّمْلُ والشَّمَالِيلُ، وقالَ أَبو حَنِيفَةَ: هِيَ} الخَصَاصَةُ والجَمْعُ {خَصَاصٌ، كِلاهُمَا بالفَتْحِ.} والخُصُّ، بالضّمِّ: البَيْتُ مِنَ القَصَبِ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ، وأَنْشَدَ للفَزارِيِّ:
(! الخُصُّ فيهِ تَقَرُّ أَعْيُنُنَا ... خَيْرٌ من الآجُرِّ والكَمَدِ) وزادَ غيرُه: أَو مِنْ شَجَرٍ. وهُوَ البَيْتُ يُسْقَفُ عَلَيْهِ بِخَشَبَة، كالأَزَجِ، ج: {خِصَاصٌ} وخُصُوصٌ {وأَخْصَاصٌ، سُمِّي بذلك لأَنّه يُرَى مَا فِيهِ من} خَصَاصِه، أَي فُرَجِهِ، وفِي التَّهْذِيبِ: سُمِّيَ {خُصّاً لما فِيه من} الخَصَاصِ، وَهِي التَّفَارِيجُ الضَّيِّقَةُ. و {الخُصُّ: حَانُوتُ الخَمّارِ وإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ) قَصَبٍ، وَمِنْه قَوْلُ امرئِ القَيْسِ:
(كأَنَّ التِّجَارَ أَصْعَدُوا بسَبِيئَةٍ ... من} الخُصِّ حَتّى أَنْزَلُوهَا على يُسُرْ)
ويُرْوَى: أُسُرْ، وَقَالَ الأَصْمَعِيّ: الخُصُّ: كُرْبَقٌ مَبنِيٌّ، وهُوَ الحَانُوتُ. وقالَ أَبو عُبَيْدَةَ: {الخُصُّ: بَلَدٌ جَيِّدُ الخَمْرِ، بالشّامِ، وأُسُرٌ: بَلَدٌ من الحَزْنِ، وَكَانَ امرُؤُ القَيْسِ يَكُونُ بالحَزْنِ، والحَزْنُ: مِنْ بِلادِ بَنِي يَرْبُوع. وَفِي عِبارَةِ المُصَنّفِ، رحِمَه اللهُ تَعالَى، مَحَلُّ تَأَمَّل، وكَأَنَّه سَقَط مِنْهَا لَفْظُ بَلَدٍ، فَتَأَمَّلْ. و} الخِصُّ، بالكَسْرِ: النّاقِصُ، يُقَال: شَهْرٌ {خِصٌّ، أَيْ ناقِصٌ.} والإِخْصاصُ: الإِزْراءُ بالشَيْءِ. {وخُصَّى كرُبَّى: ة، كَبِيرَةٌ ببَغْدَادَ فِي طَرَفِ دُجَيْلٍ مِنْهَا مُحَمَّدُ بنُ عَليِّ بنِ مُحَمّدِ بنِ المُهَنَّدِ} - الخُصِّيُّ الحَرِيمِيُّ السّقّاءُ، عَن أَبِي القاسِمِ ابنِ الحُصَيْنِ. وابنُه عليُّ بنُ محمَّدٍ عَن سَعِيدِ بنِ البَنّاءِ. و {خُصَّي: ة أُخْرَى شَرْقِيَّ المَوْصِلِ أَهْلُهَا جَمّالُونَ، والمَشْهُورُ فِيهَا:} خُصَّةُ.
{والخُصُوصُ، بالضَّمِّ: ع، بالكُوْفَةِ تُنْسَبُ إِلَيْهِ الدِّنَانُ} الخُصِّيَّةُ، عَلَى غَيْرِ قِياسٍ، وقِيلَ: مَوْضِعٌ بالحَيْرَةِ، وبِهِ فُسِّرَ قَوْلُ عَدِيِّ بنِ زَيْدٍ العِبَادِيِّ:
(أَبْلِغْ خَلِيلِي عَبْدَ هِنْدٍ فَلا ... زِلْتَ قَرِيباً مِنْ سَوَادِ! الخُصُوصْ) والخُصُوصُ: ة، بمِصْرَ بِعَيْنِ شَمْس، مِنَ الشَّرْقِيَّةِ، ومِنْهَا الشَّرِيفُ الخُصُوصِيُّ المُحَدِّثُ، لَهُ ذِكْرٌ فِي كِتَابِ اسْتِجْلابِ ارْتِقَاءِ الغُرَف، لِلسَّخاوِيّ. والخُصُوصُ: ة، من كُورَةِ أَسْيُوطَ.
والخُصُوصُ: ة، أُخْرَى بالشَّرْقِيَّةِ، وَهِي خُصُوصُ السَّعَادَةِ بمِصْرَ، ولَهَا عِدَّةُ كُفُورٍ، مِنْهَا الرُّومِيَّةُ، وَمن إِحْداها أَثِيرُ الدِّينِ مُحَمَّدِ بنِ عُمَرَ بن مُحَمَّدِ بنِ أَبِي بَكْرِ بنِ مُحَمَّدُ الشّافِعِيُّ الخُصُوصِيُّ، وُلِدَ فِي نَيِّفٍ وسِتِّينَ وسَبْعِمِائَةٍ، وسَمِعَ عَلَى التَنُوخِيِّ وابنِ المُلَقِّنِ والبُلْقَيْنِيِّ والعِرَاقِيِّ والهَيْتَمِيّ وابنِ خلْدُونَ، مَاتَ بالشامِ سنة. والخُصُوصُ: ع بالبَادِيَةِ وهُوَ الَّذِي مَرَّ ذِكْرُه أَنّه بالحِيرَةِ بالقُرْبِ من الكُوْفَةِ، وفُسِّرَ بِهِ قَوْلُ عَدِيِّ بن زَيْدٍ. {والتَّخْصِيصُ: ضِد التَّعْمِيمِ، وهُوَ التَّفَرُّدُ بالشَّيْءِ مِمّا لَا تُشَارِكُه فِيه الجُمْلةُ، وبِهِ كُنِىَ عَبْدُ الوَهّابِ بنُ يُوسُفَ الوَفائِيّ أَبا التَّخْصِيصِ، مِن المُتَأَخِّرِين، وَهُوَ جَدُّ خاتِمَةِ بَنِي الوَفَاءِ مُحَمَّدِ أَبِي هادِي بنِ عَبْدِ الفَتّاحِ، نَفَعَنا اللهُ بهِم. والتَّخْصِيصُ أَيْضاً: أَخْذُ الغُلامِ قَصَبَةً فِيهَا نارٌ يُلَوِّحُ بِها لاعِباً، نَقَلَهُ الصّاغَانِيُّ.} واخْتَصَّهُ بالشَّيْءِ {اخْتِصاصاً:} خَصَّهُ بهِ {فاخْتَّصَ} وتَخَصَّصَ، لازِمٌ مُتَعْدٍّ، ويُقَالُ: {اخْتَصَّ فُلانٌ بالأَمْرِ،} وتَخَصَّصَ لَهُ، إِذا انْفَرَدَ. ومِمّا يُسْتَدْرَك عَلَيْه: يُقَال: {أَخَصَّهُ فهُوَ} مُخَصُّ بِهِ، أَي {خاصٌّ.} وخَصَّصَهُ {فتَخَصَّصَ.} وخَصَّهُ بِكَذَا: أَعْطَاهُ شَيْئاً كَثِيراً، عَنِ ابنِ الأَعْرَابِيِّ.)
! والخَصَاصَةُ: الغَيْمُ نَفْسُه. {والخَصَاصَةُ أَيْضاً: الفُرَجُ الَّتِي بينَ قُذَذِ السَّهْمِ، عَن ابنِ الأَعْرَابِيِّ.
والخَصَاصَةُ: العَطَشُ والجُوعُ، ويُقَالُ: صَدَرَت الإِبِلُ وبِهَا} خَصَاصَةٌ، إِذا لَمْ تَرْوَ وصَدَرَتْ بعَطَشِهَا، وكَذلِك الرَّجُلُ إِذا لَمْ يَشْبَعْ من الطَّعَامِ، وكُلُّ ذلِكَ من المَجَازِ. {والخَصَاصَةُ مِن الكَرْمِ: الغصُنُْإِذا لَمْ يَرْوَ وخَرَجَ مِنْهُ الحَبُّ مُتَفَرِّقاً ضَعِيفاً. ويُقَالُ: هُوَ} يَسْتَخِصُّ فُلاناً، ويَسْتَخْلِصُهُ.
وَمن المَجَازِ: اخْتَصَّ الرّجُلُ: اخْتَلَّ، أَي افْتَقَرَ. وسَدَدْتُ {خُصَاصَةَ فُلانٍ، بالضّمِّ، أَيْ جَبَرْتُ فَقْرَه، كَمَا فِي الأَسَاسِ. وبَشِيرُ بنُ مَعْبَدِ بنِ شَرَاحِيلَ، عُرِفَ بابْنِ} الخَصَاصِيَّةِ، وهِيَ أُمُّه، واسْمُهَا مَارِيَةُ، صَحَابِيّ مِنْ أَهْلِ الصُّفَّةِ. قُلْتُ: وهِيَ مَنْسُوبَةٌ إِلَى {خَصَاصٍ، واسْمُه الَّلاتُ بنُ عَمْرِو بنِ كَعْبِ بن الغِطْرِيفِ الأَصْغَر، بَطْن من الأَزْدِ. وقَالَ ابْنُ الأَعْرَابِيّ: هِنْدُ بِنْتُ} الخُصِّ، وبنتُ الخُسِّ، يُقَالانِ مَعَاً، وَقد تَقَدَّمَ فِي السِّينِ. وقاسِمٌ {الخَصّاصُ: مُحَدِّثٌ رَوَى عَنْ نَصْرِ بنِ عَليٍّ الجَهْضَمِيِّ، وعَنْهُ ابنُ مُجَاهِدٍ. وهَارُونُ} الخَصّاصُ، عَن مُصْعَبِ ابنِ سَعْدٍ. ومُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ الخَصّاص الواسِطِيّ حَدَّثَ فِي حُدُودِ العِشْرِينَ والسِّتّمائَةِ. والخَاص وَادٍ من أَوْدِيَةِ خَيْبَرَ.
ويَزْد خَاص: مدِينَةٌ بالعَجَمِ. وخَاص، مِن قُرَى خُوَارِزْمَ. ومنْها أَبو الفَضْلِ المُؤَيَّدُ بنُ المُوَفَّقِ.
! - والخَاصِّيُّ: شَارِحُ الكَلِمِ النَّوَابِغ للزَّمَخْشَرِيِّ. {والأَخْصاصُ، بالفَتْحِ: قَرْيَةٌ بمِصْرَ، وقَدْ وَرَدْتُهَا.
} والخَاصَّةُ: لَقَبُ الأَمِيرِ أَبِي الحَسَنِ فائِقِ بنِ عبدِ اللهِ الأَنْدَلُسِيِّ، الرُّومِيِّ، لاخْتِصاصِه بالسُّلْطَانِ الأَمِيرِ السَّيِّدِ أَبِي صالِحٍ مَنْصُورِ بنِ نُوحٍ، وَالِي خُرَاسَانَ، سَمِعَ بمَرْوَ، وببُخَارَا، وبالكُوْفَةِ، ورَوَى عَنهُ الحَافِظَانِ: أَبو عَبْدِ اللهِ بنُ البَيِّع، وابنُ غُنْجار، وتُوُفِّيَ ببُخَارَا سنة. وخَاوُص بضّمِّ الواوِ: قَرْيَةٌ فَوْقَ سَمَرْقَنْدَ، مِنْهَا أَبو بَكْرٍ مُحَمّد ابْن أَبِي بكر الخَاوُصِيّ الخَطِيبُ، حَدَّثَ بسَمَرْقَنْدَ عَنْ أَبِي الحَسَن المُطَهَّرِيِّ، وَعنهُ أَبو حَفْصٍ النَّسَفِيُّ.

سنبط

سنبط
سُنْباطُ، بالضَّمِّ، أَهْمَلَهُ الجَماعَةُ، وَهُوَ: د، بأَعْمالِ المَحَلَّةِ الكُبْرَى من مِصْرَ، مِنْهُ: الشَّمْسُ مُحَمَّدُ بن عبد الصَّمَدِ السُّنْباطِيُّ الفَقيهُ. ومِنْهُ أَيْضاً: الشَّمْسُ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمَد ابْن مَسْعودٍ السُّنْباطِيّ، قُدْوَةُ المُحَدِّثين، كأَبيه، وجَدُّه، وُلِدَ بهَا سنة وقَدِمَ القاهِرَةَ، وكَتَب الأمالي عَن الْحَافِظ ابْن حَجَرٍ، ولازَمَه كَثيراً، وأَكْثَرَ من السَّماع عَلَى شُيُوخ وَقْتِه، وانْفَرَد فِي تَحْصيل الأَجْزاءِ، وضَبْطِ الغَرائِبِ، وحَدَّث، توفِّي سنة. والعِزُّ عَبْدُ العَزيز بن يوسُف بن عَبْدِ الغَفّارِ التُّونُسِيُّ الأصْلِ، السُّنْباطِيُّ، من قُدَماء أَصحاب الحافِظِ ابْن حَجَرٍ، وأَخَذَ عَن الوَلِيّ العِراقِيِّ، وَابْن الجَزَرِيِّ، وغيرِهِم، ولد سنة وكَتَبَ بخَطِّه الكَثيرَ، مِنْهَا: أَرْبَعُ نُسَخٍ من فَتْحِ الْبَارِي، ولِسان العَرَبِ، مَاتَ سنة. وممَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْه:

أَدف

أَدف
) {الأُدافُ، كغُرَابٍ أَهْمَلَه الجَوْهَرِيُّ، وَقَالَ ابنُ الأَعْرَابِيِّ: هُوَ الذَّكَرُ، وَمِنْه الحديثُ: فِي الأُدَافِ الدِّيَةُ يَعْنِي الذَّكَرَ إِذا قُطِعَ، وهَمْزَتُه بَدَلٌ مِن الْوَاو، وَقَالَ الرَّاجِزُ: أَدْخَلَ فِي كَعْثَبِهَا} الأُدَافَا مِثْلَ الذَّرَاعِ يَمْتَطِي النِّطَافَا قلتُ: وَهُوَ مَأْخُوذٌ من وَدَفَ الإِناءُ، إِذا قَطَر، ووَدَفَتِ الشَّحْمَةُ: إِذا قَطَرت دُهْناً، كَمَا سَيَأْتي.
قَالَ غيرُه: الأُدَافُ الأُذُنُ نَقَلَهُ الصَّاغَانيُّ.
{وأُدْفِيَّةُ، كأُثْفِيَّةٍ: جَبَلٌ لِبَنِي قُشَيْرٍ هكَذَا ضَبَطَه الصَّاغَانيُّ، وقَلَّدَه المُصَنِّفُ، والذِي صَحَّ أَنَّه بالقَاف، كَمَا حَقَّقه ياقُوتُ فِي المعجم، وَقد أَوردها المُصَنِّف ثانِياً فِي المُعْتَلِّ، إِشارةً إِلى أَنَّها ذاتُ وَجْهَيْن: فُعْلُويَة، وأُفْعُولَة، كَمَا سيأْتي.
} وأُدْفُوَّةُ: بضَمِّ الهَمْزَةِ وفَتْحِها، وَقد تُعْجَمُ الدَّالُ هَكَذَا بزيادةِ هاءٍ فِي آخِرِها، ويُوجَدُ فِي بعضِ النُّسَخ تَشْدِيدُ الواوِ أَيضاً، وَكِلَاهُمَا خَطَأٌ، والصوابُ فِي ضَبْطِه {أُدْفُو بضَمٍّ فسُكونِ الدَّالِ والواوِ والفاءُ مَضْمُومَة، وَقد تُبْدَلُ الدَّالُ تَاء: ة قُرْبَ الإِسْكَنْدَرِيِّةِ من كُوَرِ البُحَيْرَةِ، وأَيضاً: بُلَيْدٌ بالصَّعِيدِ، وَهِي قريةُ عامرةٌ بَين أُسْوَانَ وقُوص، كثيرةُ النَّخْل، بهَا ثَمَرٌ لَا يٌ قْدَر عَلَى أَكْلِهِ حَتَّى يُدَقَّ فِي الْهاوُنِ، مِثْل السُّكَّر، ويٌ ذَرٌّ عَلَى العَصائِدِ، قَالَه ابنٌ زُولاَق، وَهَكَذَا ضَبَط اسْمَ القَريةِ كَمَا ذَكَرْنا، مِنْه الإِمامُ أَبو بكر مُحَمَّدُ بنُ عليّ بنِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّد} - الأُدْفُوِيُّ الأَدِيبُ المُقْرِئُ النَّحْوِيُّ الْمُفَسِّرُ انْفَرَد بالإِمامِة فِي قِرَاءَةِ نَافِع، روَايةِ وَرْشٍ، مَعَ سَعَةِ عِلْمٍ، وحَدَّث عَن أَبي جَعْفَر أَحمدَ بن مُحَمَّد بن النَّحَّاسِ بكتابِ مَعَاني الْقُرْآن، وإِعرابِ الْقُرْآن، وُلِد سنة، وتُوُفِّيَ) بمصرَ سنة وتَفْسِيرُه فِي أَرْبَعِينَ وَفِي المعجم: خمسين مُجَلداً كِبَاراً، وَفِي أَنساب البِلْبِيسِيّ مائَة وَعشْرين مُجَلَّداً، قَالَ: وَمِنْه نسخةُ الْفَاضِلِيَّةِ، وَله غيرُ ذلِك من كُتُبِ الأَدبِ، وترجمتُه فِي مُعْجم الأُدباءِ مَشْهُورَة.
مِنْهُ أَيضاً الشيخُ كمالُ الدِّين أَبو الْفضل جَعْفَرٌ، ويُدْعَى عبدَ اللهِ ابنِ ثَعْلَب هَكَذَا بالثاءِ وَالْعين المُهْمَلَة، وصوابُه بالتَّاءِ الفَوْقِيَّة والغَين المُعْجَمَة، وَهُوَ ابْن جَعْفَر بن تَغْلِب الأُدْفُوِيّ الْفَقِيهُ المُؤرِّخُ المُحَدِّثُ، مُؤلِّفُ تَارِيخ الصَّعِيد، فِي جُزءٍ حافِلٍ، سَمَّاه) الطَّالعَ السَّعِيد (وَهُوَ عِنْدِي، وَقد أَخَذَ عَن أَبي حَيَّان، وغيرِه من الشُّيوخ، وأَخذ عَنهُ الحَافظُ ابنُ حَجَرٍ بوَاسِطَةِ أَبِي الخَيْرِ أَحمدَ ابنِ الصَّلاحِ خليلِ بنِ كَيْكَلَدِي الْعَلاَئِيِّ، كَمَا رأَيتُه عَلَى رسالةٍ من تأْليفِ المُتَرْجَم فِي حُكْمِ السَّماع.
قلتُ: وَمِنْه أَيضاً ضياءُ الدّين أحمدُ بنُ عبدِ القَوِىِّ بنِ عبدِ الرحمنِ ابنِ عليٍّ الأَدْفُوِيُّ، مَاتَ بهَا، وَله كَراماتٌ، تَرْجَمَة الأَدْفُوِيُّ الْمَذْكُور فِي التَّارِيخ.
ومّما يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ: {أَدْفَةُ، بفَتْحٍ فسُكون: من قُرَى إِخْمِيم بالصَّعِيد من مصر، نَقَلَهُ ياقوت.
قلتُ: وَقد رأَيتُها، وَهِي فِي حِذَاءِ جزيرَةِ شَنْدَوِيل، مِن أَعْمَالِ المَراغَات.

يَرْئِس

يَرْئِس
الجذر: ر أ س

مثال: يَرْئِس المدير الاجتماع
الرأي: مرفوضة عند بعضهم
السبب: للخطأ في ضبط عين الفعل.

الصواب والرتبة: -يَرْأَس المديرُ الاجتماعَ [فصيحة]
التعليق: المذكور في المعاجم القديمة والحديثة ضبط عين الفعل بالفتحة، وانفرد المنجد بضبطها بالفتحة والكسرة، ومحيط المحيط بضبطها بالكسرة، وهو وهم منهما.

أخلى

(أخلى) الْمَكَان والإناء وَغَيرهمَا خلا وَيُقَال أخلى فلَان وَالرجل وَقع فِي مَوضِع خَال لَا يزاحم فِيهِ وَالْمَرْأَة خلت من زوج وَله الشَّيْء فرغ وبفلان انْفَرد بِهِ فِي خلْوَة وَيُقَال أخلى بِنَفسِهِ وأخل بِأَمْرك تفرد بِهِ وتفرغ لَهُ وعَلى بعض الطَّعَام اقْتصر عَلَيْهِ يُقَال أخلى على اللَّبن وَنَحْوه وَالْمَكَان والإناء وَغَيرهمَا جعله خَالِيا ووجده خَالِيا وَيُقَال لَا أخلى الله مَكَانك دُعَاء بِالْبَقَاءِ

يَنْزَع

يَنْزَع
الجذر: ن ز ع

مثال: يَنْزَع إلى وطنه
الرأي: مرفوضة
السبب: لعدم ورودها بهذا الضبط في المعاجم.
المعنى: يَحِن ويشتاق

الصواب والرتبة: -يَنْزَع إلى وطنه [فصيحة]-يَنْزِع إلى وطنه [فصيحة]
التعليق: ورد الفعل «نزع» بهذا المعنى في المعاجم من باب «ضرب» فهو مكسور العين في المضارع، وانفرد صاحب التاج بضبطه «يَنْزَع» بفتح عين المضارع، والقياس يعضّده لوجود حرف الحلق في موضع اللام.

إمالات قتيبة

إمالات قتيبة:
ما انفرد به قتيبة بن مِهران عن الكسائي (ت 189 هـ) من الإمالات، حيث كان يميل كل ألف قبلها كسرة أو بعدها كسرة أو آخر الكلمة التي فيها مكسور أو أول الكلمة -التي فيها ألف- مكسور، وهذه الإمالات مروية في كثير من كتب القراءات، إلا أنه لا يقرأ بها الآن عن الكسائي لأن الأسانيد اليوم لا تتصل بالكسائي (ت 189 هـ) من هذه الرواية، فهي في عداد القراءات الشاذّة.

علم البيان

علم البيان
هو: علم يعرف به إيراد المعنى الواحد، بتراكيب مختلفة، في وضوح الدلالة على المقصود، بأن تكون دلالة بعضها أجلى من بعض.
وموضوعه: اللفظ العربي، من حيث وضوح الدلالة على المعنى المراد.
وغرضه: تحصيل ملكة الإفادة، بالدلالة العقلية، وفهم مدلولاتها.
وغايته: الاحتراز عن الخطأ، في تعيين المعنى المراد.
ومباديه: بعضها: عقلية، كأقسام الدلالات، والتشبيهات، والعلاقات، وبعضها: وجدانية، ذوقية، كوجوه التشبيهات، وأقسام الاستعارات، وكيفية حسنها.
وإنما اختاروا في علم البيان: وضوح الدلالة، لأن بحثهم لما اقتصر على الدلالة العقلية، أعني: التضمنية، والالتزامية، وكانت تلك الدلالة خفية، سيما إذا كان اللزوم بحسب العادات، والطبائع، فوجب التعبير عنها بلفظ أوضح.
مثلا: إذا كان المرئي دقيقا في الغاية، تحتاج الحاسة في إبصارها إلى شعاع قوي، بخلاف المرئي، إذا كان جليا، وكذا الحال في الرؤية العقلية، أعني: الفهم، والإدراك.
والحاصل: أن المعتبر في علم البيان: دقة المعاني المعتبرة فيها، من الاستعارات والكنايات، مع وضوح الألفاظ الدالة عليها.
ومن الكتب المفردة فيه:
علم البيان
هو: علم يعرف به إيراد المعنى الواحد بتراكيب مختلفة في وضوح الدلالة على المقصود بأن تكون دلالة بعضها أجلى من بعض.
وموضوعه: اللفظ العربي من حيث وضوح الدلالة على المعنى المراد.
وغرضه: تحصيل ملكة الإفادة بالدلالة العقلية وفهم مدلولاتها ليختار الأوضح منها مع فصاحة المفردات.
وغايته: الاحتراز من الخطأ في تعيين المعنى المراد بالدلالة الواضحة.
ومباديه: بعضها: عقلية كأقسام الدلالات والتشبيهات والعلاقات المجازية ومراتب الكنايات وبعضها: وجدانية ذوقية كوجوه التشبيهات وأقسام الاستعارات وكيفية حسنها ولطفها وإنما اختاروا في علم البيان وضوح الدلالة لأن بحثهم لما اقتصر على الدلالة العقلية - أعني التضمنية والالتزامية - وكانت تلك الدلالات خفية سيما إذا كان اللزوم بحسب العادات والطبائع وبحسب الألف فوجب التعبير عنهما بلفظ أوضح مثلا إذا كان المرئي دقيقا في الغاية تحتاج الحاسة في إبصارها إلى شعاع قوي بخلاف المرئي إذا كان جليا وكذا الحال في الروية العقلية أعني الفهم والإدراك.
والحاصل: أن المعتبر في علم البيان دقة المعاني المعتبرة فيها من الاستعارات والكنايات مع وضوح الألفاظ الدالة عليها.
قال في: كشاف اصطلاحات الفنون: علم البيان: علم يعرف به إيراد المعنى الواحد بطرق مختلفة في وضوح الدلالة عليه كذا ذكر الخطيب في: التلخيص وقد احترز به عن ملكة الاقتدار على إيراد المعنى العادي عن الترتيب الذي يصير به المعنى معنى الكلام المطابق لمقتضى الحال بالطرق المذكورة فإنها ليست من علم البيان وهذه الفائدة أقوى مما ذكره السيد السند من أن فيما ذكره القوم تنبيها على أن علم البيان ينبغي أن يتأخر عن علم المعاني في الاستعمال وذلك لأنه يعلم منه هذه الفائدة أيضا فإن رعاية مرابت الدلالة في الوضوح والخفاء على المعنى ينبغي أن يكون بعد رعاية مطابقته لمقتضى الحال فإن هذه كالأصل في المقصودية وتلك فرع وتتمة لها وموضعه: اللفظ البليغ من حيث أنه كيف يستفاد منه المعنى الزائد على أصل المعنى وإن شئت زيادة التوضيح فارجع إلى الأطول. انتهى.
قال ابن خلدون في: بيان علم البيان: هذا العلم حادث في الملة بعد علم العربية واللغة وهو من العلوم اللسانية لأنه متعلق بالألفاظ وما تفيده ويقصد بها الدلالة عليه من المعاني.
وذلك وأن الأمور التي يقصد المتكلم بها إفادة السامع من كلامه هي: إما تصور مفردات تسند ويسند إليها ويفضي بعضها إلى بعض والدالة على هذه هي المفردات من الأسماء والأفعال والحروف.
وأما تمييز المسندات من المسند إليها والأزمنة ويدل عليها بتغير الحركات وهو الإعراب وأبنية الكلمات وهذه كلها هي صناعة النحو يبقى من الأمور المكتنفة بالواقعات المحتاجة للدلالة أحوال المتخاطبين أو الفاعلين وما يقتضيه حال الفعل وهو محتاج إلى الدلالة عليه لأنه من تمام الإفادة وإذا حصلت للمتكلم فقد بلغ غاية الإفادة في كلامه وإذا لم يشتمل على شيء منها فليس من جنس كلام العرب فإن كلامهم واسع ولكل مقام عندهم مقال يختص به بعد كمال الإعراب والإبانة ألا ترى أن قولهم: زيد جاءني مغاير لقولهم: جاءني زيد من قبل أن المتقدم منهما هو الأهم عند المتكلم.
ومن قال: جاءني زيد أفاد أن اهتمامه بالمجيء قبل الشخص المسند إليه.
ومن قال زيد جاءني أفاد أن اهتمامه بالشخص قبل المجيء المسند.
وكذا التعبير عن أجزاء الجملة بما يناسب المقام من موصول أو مبهم أو معرفة وكذا تأكيد الإسناد على الجملة كقولهم زيد قائم وإن زيدا قائم وإن زيدا القائم متغايرة كلها في الدلالة وإن استوت من طريق الأعراف.
فإن الأول: العادي عن التأكيد إنما يفيد الخالي الذهن.
والثاني: المؤكد بأن يفيد المتردد.
والثالث: يفيد المنكر فهي مختلفة. وكذلك تقول جاءني الرجل ثم تقول مكانه بعينه جاءني رجل إذا قصدت بذلك التنكير تعظيمه وأنه رجل لا يعادله أحد من الرجال ثم الجملة الإسنادية تكون خبرية: وهي التي لها خارج تطابقه أولا وإنشائية: وهي التي لا خارج لها كالطلب وأنواعه ثم قد يتعين ترك العاطف بين الجملتين إذا كان للثانية محل من الإعراب فينزل بذلك منزلة التابع المفرد نعتا وتوكيدا وبدلا بلا عطف أو يتعين العطف إذا لم يكن للثانية محل من الإعراب ثم يقتضي المحل الإطناب والإيجاز فيورد الكلام عليهما ثم قد يدل باللفظ ولا يريد منطوقه ويريد لازمه إن كان مفردا كما تقول:
زيد أسد فلا تريد حقيقة الأسد المنطوقة وإنما تزيد شجاعته اللازمة وتسندها إلى زيد وتسمى هذه استعارة.
وقد تريد باللفظ المركب الدلالة على ملزومه كما تقول: زيد كثير الرماد وتريد به ما لزم ذلك عنه من الجود وقرى الضيف لأن كثرة الرماد ناشئة عنهما فهي دالة عليهما وهذه كلها دلالة زائدة على دلالة الألفاظ المفرد والمركب وإنما هي هيئات وأحوال لواقعات جعلت للدلالة عليها أحوال وهيئات في الألفاظ كل بحسب ما يقتضيه مقامه فاشتمل هذا العلم المسمى ب: البيان على البحث عن هذه الدلالات التي للهيئات والأحوال والمقامات وجعل على ثلاثة أصناف:
الصنف الأول: يبحث فيه عن هذه الهيئات والأحوال التي تطابق باللفظ جميع مقتضيات الحال ويسمى: علم البلاغة.
والصنف الثاني: يبحث فيه عن الدلالة على اللازم اللفظي وملزومه وهي الاستعارة والكناية كما قلناه ويسمى: علم البيان وألحقوا بهما صنفا آخر وهو النظر في تزيين الكلام وتحسينه بنوع من التنميق إما بسجع يفصله أو تجنيس يشابه بين ألفاظه وترصيع يقطع أوزانه أو تورية عن المعنى المقصود بإيهام معنى أخفى منه لاشتراك اللفظ بينهما وأمثال ذلك ويسمى عندهم: علم البديع.
وأطلق على الأصناف الثلاثة عند المحدثين اسم: البيان وهو: اسم الصنف الثاني لأن الأقدمين أول ما تكلموا فيه ثم تلاحقت مسائل الفن واحدة بعد أخرى.
وكتب فيها جعفر بن يحيى والجاحظ وقدامة وأمثالهم ملاءات غير وافية.
ثم لم تزل مسائل الفن تكمل شيئا فشيئا إلى أن محض السكاكي زبدته وهذب مسائله ورتب أبوابه على نحو ما ذكرناه آنفا من الترتيب وألف كتابه المسمى ب: المفتاح في النحو الصرف والبيان فجعل هذا الفن من بعض أجزائه وأخذه المتأخرون من كتابه ولخصوا منه أمهات هي المتداولة لهذا العهد كما فعله السكاكي في كتاب: التبيان وابن مالك في كتاب: المصباح وجلال الدين القزويني في كتاب: الإيضاح والتلخيص وهو أصغر حجما من الإيضاح.
والعناية به لهذا العهد عند أهل المشرق في الشرح والتعليم منه أكثر من غيره وبالجملة فالمشارقة على هذا الفن أقوم من المغاربة وسببه - والله أعلم -: أنه كمالي في العلوم اللسانية والصنائع الكمالية توجد في العمران والمشرق أوفر عمراناً من المغرب.
أو نقول: لعناية العجم وهو معظم أهل المشرق كتفسير الزمخشري وهو كل مبني على هذا الفن وهو أصله وإنما اختص بأهل المغرب من أصنافه: علم البديع خاصة وجعلوه من جملة علوم الأدب الشعرية وفرعوا له ألقابا وعددوا أبوابا ونوعوا وزعموا أنهم أحصوها من لسان العرب وإنما حملهم على ذلك: الولوع بتزيين الألفاظ.
وأن علم البديع سهل المأخذ وصعبت عليهم مآخذ البلاغة والبيان لدقة أنظارهما وغموض معانيهما فتجافوا عنهما.
ومن ألف في البديع من أهل إفريقية ابن رشيق وكتاب: العمدة له مشهور وجرى كثير من أهل إفريقية والأندلس على منحاه.
واعلم أن ثمرة هذا الفن إنما هي في فهم الإعجاز من القرآن لأن إعجازه في وفاء الدلالة منبه لجميع مقتضيات الأحوال منطوقة ومفهومة وهي أعلى مراتب الكلام مع الكمال فيما يختص بالألفاظ في انتقائها وجودة رصفها وتركيبها وهذا هو الإعجاز الذي تقصر الأفهام عن دركه وإنما يدرك بعض الشيء منه من كان له ذوق بمخالطة اللسان العربي وحصول ملكته فيدرك من إعجازه على قدر ذوقه فلهذا كانت مدارك العرب الذين سمعوه من مبلغه أعلى مقاما في ذلك لأنهم فرسان الكلام وجهابذته والذوق عندهم موجود بأوفر ما يكون وأصحه.
وأحوج ما يكون إلى هذا الفن المفسرون وأكثر تفاسير المتقدمين غفل عنه حتى ظهر جار الله الزمخشري ووضع كتابه في التفسير حيث جاء بأحكام هذا الفن بما يبدي البعض من إعجازه فــانفرد بهذا الفضل على جميع التفاسير لولا أنه يؤيد عقائد أهل البدع عند اقتباسها من القرآن بوجوه البلاغة ولأجل هذا يتحاماه كثير من أهل السنة مع وفور بضاعته من البلاغة فمن أحكم عقائد أهل السنة وشارك في هذا الفن بعض المشاركة حتى يقتدر على الرد عليه من جنس كلامه أو يعلم أنه بدعة فيعرض عنها ولا تضر في معتقده فإنه يتعين عليه النظر في هذا الكتاب للظفر بشيء من الإعجاز مع السلامة من البدع - والأهواء والله الهادي من يشاء إلى سواء السبيل -. انتهى كلام ابن خلدون.
وأقول: إن تفسير أبي السعود قد وفى بحق المعاني والبيان والبديع التي في القرآن الكريم على نحو ما أشار إليه ابن خلدون بيد أنه رجل فقيه لا يفسر الكتاب على مناحي السلف ولا يعرف علم الحديث حق المعرفة فجاء الله - سبحانه - بقاضي القضاة محمد بن علي الشوكاني اليمني - رحمه الله - ووفقه لتفسير كتابه العزيز - على طريقة الصحابة والتابعين وحذا حذوهم وميز بين الأقوال الصحيحة والآراء السقيمة وفسر بالأخبار المرفوعة والآثار المأثورة وحل المعضلات وكشف القناع عن وجوه المشكلات إعرابا وقراءة فجزاه الله عنا خير الجزاء.
ثم وفق الله - سبحانه - هذا العبد بتحرير تفسير جامع لهذه كلها على أبلغ أسلوب وأمتن طريقة يغني عن تفاسير الدنيا بتمامها وهو في أربعة مجلدات وسماه: فتح البيان في مقاصد القرآن ولا أعلم تفسيرا على وجه البسيطة يساويه في اللطافة والتنقيح أو يوازيه في الرقة والتصحيح ومن يرتاب في دعواي هذه فعليه بتفاسير المحققين المعتمدين ينظر فيها أولا ثم يرنو في ذلك يتضح له الأمر كالنيرين ويسفر الصبح لذي عينين وبالله التوفيق. قال في: مدينة العلوم: ومن الكتب المفردة فيه: الجامع الكبير لابن أثير الجزري و: نهاية الإعجاز للإمام فخر الدين الرازي - رحمه الله - تعالى -. انتهى.
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.