Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: اتحاد

العينية

العينية: الِــاتِّحَاد فِي الذَّات، وَفِي الْفِقْه أَن يَأْتِي الرجل رجلا ليقرضه فَلَا يرغب الْمقْرض وَلَا يقْرض قرضا حسنا طَمَعا فِي الْفضل الَّذِي لَا يَنَالهُ بالقرض فَيَقُول أبيعك هَذَا الثَّوْب بِاثْنَيْ عشر درهما إِلَى أجل وَقِيمَته عشرَة وَإِنَّمَا سمي عَيْنِيَّة لِأَن الْمقْرض أعرض عَن الْقَرْض إِلَى بيع الْعين.

الْقُوَّة المولدة

الْقُوَّة المولدة: هِيَ الْقُوَّة الَّتِي تَأْخُذ من الْجِسْم الَّذِي هِيَ فِيهِ جُزْءا وتجعله مَادَّة فِي الْجُمْلَة ومبدأ لمثله أَو لشخص من جنسه ليشتمل الْبَغْل فَإِنَّهُ يتَوَلَّد من الْحمار وَالْفرس. وَإِنَّمَا قُلْنَا فِي الْجُمْلَة لِئَلَّا يردان مني وَاحِد مثلا لَا يكون مبدأ لمثله إِلَّا إِذا امتزج بآخر. إِن قلت: يلْزم أَن يكون للجماد قُوَّة مولدة إِذْ الدُّود يتكون من الطين لقُوَّة فِيهِ. وَلَا شكّ أَنه شخص من جنسه وَهُوَ الْجِسْم. قلت: المُرَاد بِجُزْء الْجِسْم مَا حصل من هضم الْغذَاء أَو المُرَاد من قَوْلنَا أَو شخص من جنسه اتحادهما فِي الْجِنْس الْقَرِيب والدود المتكون من الطين لَيْسَ كَذَلِك.
وَاعْلَم أَنه ذهب بقراط واتباعه إِلَى أَن الْقُوَّة المولدة فِي كل الْبدن وَأَن الْمَنِيّ يخرج عَن جَمِيع الْأَعْضَاء فَيخرج عَن الْعظم مثله وَعَن اللَّحْم مثله وَهَكَذَا وعَلى هَذَا فالمني متخالف الْحَقِيقَة متشابه الامتزاج لِأَن الْحس لَا يُمَيّز بَين تِلْكَ الْأَجْزَاء وَعند أرسطو أَن تِلْكَ الْقُوَّة لَا تفارق الْأُنْثَيَيْنِ فَيكون الْمَنِيّ الْمُتَوَلد هُنَاكَ متشابه الْحَقِيقَة.

فالقضية شَرْطِيَّة

فالقضية شَرْطِيَّة: مثل كلما كَانَت الشَّمْس طالعة فالنهار مَوْجُود.
وَاعْلَم أَنه وَقع الِاخْتِلَاف فِي أَن الحكم فِي الْقَضِيَّة الشّرطِيَّة فِي الْجَزَاء أم بَين الشَّرْط وَالْجَزَاء قَالَ المنطقيون أَن الحكم بَين طرفيها أَي الْمُقدم والتالي وَمَفْهُوم الْقَضِيَّة الشّرطِيَّة الحكم بِلُزُوم الْجَزَاء للشّرط مثلا وصدقها بِاعْتِبَار مُطَابقَة الحكم باللزوم للْوَاقِع وكذبها بِعَدَمِ تِلْكَ الْمُطَابقَة وكل من طرفيها قد انخلع عَن الخبرية وَاحْتِمَال الصدْق وَالْكذب - فالقضية الشّرطِيَّة تشارك الْقَضِيَّة الحملية فِي أَنَّهَا قَول يحْتَمل الصدْق وَالْكذب وتخالفها بِأَن طرفيها يكونَانِ مفردين وَيكون الحكم فِيهَا بِأَن أحد الطَّرفَيْنِ هُوَ الآخر - فَإِن قَوْلنَا كلما كَانَت الشَّمْس طالعة فالنهار مَوْجُود مَفْهُومه عِنْدهم أَن وجود النَّهَار لَازم لطلوع الشَّمْس فالقضية إِذا جعلت جُزْءا من الشّرطِيَّة مقدما أَو تاليا ارْتَفع عَنْهَا اسْم الْقَضِيَّة وَلم يبْق لَهَا احْتِمَال الصدْق وَالْكذب وَتعلق هَذَا الِاحْتِمَال بالربط بَين القضيتين سَوَاء كَانَ بالاتصال أَو الِانْفِصَال فَإِن كَانَ الحكم بالاتصال أَو الِانْفِصَال مطابقا للْوَاقِع فَيكون صَادِقا وَإِلَّا فكاذبا وَلَا مُلَاحظَة إِلَى الشَّرْط وَلَا إِلَى الْجَزَاء.
والمحقق التَّفْتَازَانِيّ رَحمَه الله صرح فِي المطول أَن مَذْهَب أهل الْعَرَبيَّة أَن الحكم فِي الْجَزَاء وَالشّرط قيد الْمسند فِيهِ بِمَنْزِلَة الْحَال أَو الظّرْف فَإِن قَوْلك إِن تكرمني أكرمك بِمَنْزِلَة قَوْلك أكرمك وَقت إكرامك إيَّايَ وَلَا يخرج الْكَلَام بتقييده بِهَذَا الْقَيْد عَمَّا كَانَ من الخبرية والإنشائية فالجزاء إِن كَانَ خَبرا فالجملة خبرية نَحْو إِن جئتني أكرمك بِمَعْنى أكرمك وَقت مجيئك. وَإِن كَانَ إنشائية فالجملة إنشائية نَحْو إِن جَاءَك زيد فَأكْرمه أَي أكْرمه وَقت مَجِيئه.
وَإِنَّمَا صرح الْمُحَقق التَّفْتَازَانِيّ رَحمَه الله تَعَالَى بِهَذَا نظرا إِلَى مَا اخْتَارَهُ السكاكي فِي الْمِفْتَاح حَيْثُ قَالَ إِن الْجُمْلَة الشّرطِيَّة جملَة خبرية مُقَيّدَة بِقَيْد مَخْصُوص مُحْتَملَة فِي نَفسهَا للصدق وَالْكذب. وَإِنَّمَا قَالَ جملَة خبرية وَلم يقل جملَة خبرية أَو إنشائية بِنَاء على أَنه فِي بحث تَقْيِيد الْمسند الخبري - وَقَوله فِي نَفسهَا إِشَارَة إِلَى أَن الِاحْتِمَال يجب أَن يقطع فِيهِ النّظر عَن خُصُوصِيَّة الْمُتَكَلّم وَالْخَبَر كَمَا هُوَ الْمَشْهُور وَلَا المُرَاد بِهِ مَا ظَنّه الْعَلامَة الرَّازِيّ فِي شرح الْمِفْتَاح كَمَا سَيَجِيءُ وَلَيْسَ فِي كَلَام غير السكاكي تَصْرِيح بِهَذَا فالعجب من الْمُحَقق التَّفْتَازَانِيّ أَنه اطلع على مَذْهَب السكاكي وَنسب الْمَذْهَب إِلَى أهل الْعَرَبيَّة.
وَقد صرح النحويون بِأَن كلم المجازاة تدل على سَبَبِيَّة الأول ومسببية الثَّانِي وَهَذَا يُنَادي نِدَاء كالرعد القاصف بِأَن الحكم إِنَّمَا هُوَ بَين الشَّرْط وَالْجَزَاء - وَالْمَقْصُود هُوَ الارتباط بَينهمَا فَأهل الْعَرَبيَّة صَارُوا متهمين بِهَذَا الْمَذْهَب من زمَان الْمُحَقق التَّفْتَازَانِيّ. وَالْحق مَا ذهب إِلَيْهِ المنطقيون لِأَن انْتِفَاء الْقَيْد يسْتَلْزم انْتِفَاء الْمُقَيد فَلَو كَانَ الحكم فِي الْجَزَاء وَيكون الشَّرْط قَيده وَيكون قَوْلك إِن ضَرَبَنِي زيد ضَربته بِمَعْنى أضربه فِي وَقت ضربه إيَّايَ يلْزم أَن لَا يكون صَادِقا إِلَّا إِذا تحقق الضَّرْب مَعَ ذَلِك الْقَيْد فَإِذا فرض انْتِفَاء الْقَيْد أَعنِي وَقت ضربه إيَّايَ لم يكن الضَّرْب الْمُقَيد بِهِ وَاقعا فَيكون الْخَبَر الدَّال على وُقُوعه كَاذِبًا سَوَاء وجد مِنْك الضَّرْب فِي غير ذَلِك الْوَقْت أَو لم يُوجد. وَذَلِكَ بَاطِل قطعا لِأَنَّهُ إِذا لم يَضْرِبك وَلم تضربه وَكنت بِحَيْثُ إِن ضربك ضَربته عد كلامك هَذَا صَادِقا عرفا ولغة فَلَو جعل الشَّرْط قيد الْجَزَاء يلْزم خلاف الْعرف واللغة.
حَاصله أَن الْجُمْلَة الشّرطِيَّة صَادِقَة إِذا كَانَ قصد الْمُتَكَلّم تَعْلِيق مَضْمُون الْجَزَاء بِالشّرطِ سَوَاء تحقق الْجَزَاء وَالشّرط أَو لَا وَلَو كَانَ الشَّرْط قيدا للجزاء كالظرف كَانَ صدقهَا مَوْقُوفا على تحقق الْجَزَاء فِي وَقت تحقق الشَّرْط كَقَوْلِك أكرمتك فِي وَقت مجيئك وَذَلِكَ لِأَن الْإِخْبَار عَن نِسْبَة وَاقعَة فِي وَقت إِنَّمَا يصدق إِذا وَقعت تِلْكَ النِّسْبَة فِي ذَلِك الْوَقْت وَلَيْسَ الْأَمر كَذَلِك فَإِن قَوْلك إِن ضربتني ضربتك صَادِق إِذا كَانَ الْمَقْصُود التَّعْلِيق وَإِن لم يُوجد مِنْك ضرب للمخاطب أصلا. أَلا ترى أَن قَوْله تَعَالَى: {لَو كَانَ فيهمَا آلِهَة إِلَّا الله لفسدتا} . شَرْطِيَّة صَادِقَة مَعَ امْتنَاع تحقق الْجَزَاء فِي وَقت تحقق الشَّرْط لامتناعه فَافْهَم.
وَأَيْضًا مفَاد الشّرطِيَّة نِسْبَة اتصالية أَو انفصالية ومفاد الحملية نِسْبَة حملية. وَمن الْمَعْلُوم أَن هَذِه النّسَب الثَّلَاث متبائنة فَكَذَا القضايا الثَّلَاث فَكيف يتَصَوَّر الِــاتِّحَاد بَينهَا وَإِن نظرت حق النّظر فِي كَلَام السكاكي فِي الْمِفْتَاح ظهر لَك أَن كَلَامه يدل ظَاهرا على مَا يدل لَكِن مُرَاده من جعل الشَّرْط قيدا للجزاء ضبط الْكَلَام وتقليل الانتشار للأقسام لِأَن الْكَلَام حِينَئِذٍ يكون مضبوطا بِحَيْثُ يكون بعض أَجْزَائِهِ مُلْصقًا بِالْبَعْضِ. وَأَيْضًا يكون الْجُمْلَة خبرية جملَة مُقَيّدَة بالظرف أَو الْحَال لَا شَرْطِيَّة قسما آخر مُقَابلا للحملية فَيحصل تقليل الْأَقْسَام وَهُوَ أرفع للانتشار فالسكاكي مُوَافق للمنطقيين فالمحقق التَّفْتَازَانِيّ توهم من ظَاهر كَلَامه مَا توهم فَقَالَ مَا قَالَ. وَقَالَ الْمُحَقق التَّفْتَازَانِيّ إِن الْعَلامَة الرَّازِيّ ذكر فِي شرح الْمِفْتَاح أَن مُرَاد السكاكي بقوله فِي نَفسهَا أَن الْجَزَاء بِالنّظرِ إِلَى ذَاته مُجَردا عَن التَّقْيِيد بِالشّرطِ جملَة خبرية وبالنظر إِلَى تَقْيِيده بِالشّرطِ وأداة الشَّرْط إنشائية مَعَ أَن مُرَاد السكاكي بقوله فِي نَفسهَا مَا مر فَلَمَّا حمل الْعَلامَة الرَّازِيّ قَوْله فِي نَفسهَا على مَا حمله كَمَا علمت آنِفا. قَالَ إِن مَذْهَب السكاكي أَن الشَّرْط قيد الْجَزَاء وَالْجَزَاء جملَة إنشائية فطعن عَلَيْهِ الْمُحَقق التَّفْتَازَانِيّ بِأَنَّهُ خلط المذهبين وأحدث مذهبا آخر من الْبَين لِأَن تَقْيِيد الْجَزَاء بِالشّرطِ مَذْهَب أهل الْعَرَبيَّة على مَا زَعمه وَخُرُوجه عَن الخبرية إِلَى الْإِنْشَاء مَذْهَب المنطقيين فَأَخذهُمَا جَمِيعًا. ثمَّ اعْلَم أَن الْمُحَقق التَّفْتَازَانِيّ قَالَ فِي المطول وَالتَّحْقِيق فِي هَذَا الْمقَام أَن مَفْهُوم الشّرطِيَّة بِحَسب اعْتِبَار المنطقيين غَيره بِحَسب اعْتِبَار أهل الْعَرَبيَّة لأَنا إِذا قُلْنَا إِن كَانَت الشَّمْس طالعة فالنهار مَوْجُود فَعِنْدَ أهل الْعَرَبيَّة النَّهَار مَحْكُوم عَلَيْهِ وموجود مَحْكُوم بِهِ وَالشّرط قيد لَهُ. وَمَفْهُوم الْقَضِيَّة أَن الْوُجُود ثَبت للنهار على تَقْدِير طُلُوع الشَّمْس وَظَاهر أَي على هَذَا الْمَفْهُوم أَن الْجَزَاء بَاقٍ على مَا كَانَ عَلَيْهِ من احْتِمَال الصدْق وَالْكذب وصدقها بِاعْتِبَار مُطَابقَة الحكم بِثُبُوت الْوُجُود للنهار حِين طُلُوع الشَّمْس للْوَاقِع وكذبها بعدمها أَي بِعَدَمِ تِلْكَ الْمُطَابقَة وَأما عِنْد المنطقيين فالمحكوم عَلَيْهِ هُوَ الشَّرْط والمحكوم بِهِ هُوَ الْجَزَاء وَمَفْهُوم الْقَضِيَّة الحكم بِلُزُوم الْجَزَاء للشّرط وصدقها بِاعْتِبَار مُطَابقَة الحكم باللزوم وكذبها بعدمها انْتهى.
وغرض الْمُحَقق من هَذَا التَّحْقِيق الأنيق بَيَان أَن منشأ النزاع وَالْخلاف هُوَ الِاخْتِلَاف فِي الْمَفْهُوم يَعْنِي أَن مَفْهُوم الشّرطِيَّة عِنْد أهل الْعَرَبيَّة غير مَا هُوَ مفهومها عِنْد المنطقيين وَلَو كَانَ مفهومها وَاحِدًا عِنْدهمَا لما وَقع النزاع وَالْخلاف. وَلَكِن لَا يخفى على من لَهُ أدنى مسكة أَن النَّحْوِيين الباحثين عَن كلم المجازاة بِأَنَّهَا تدل على سَبَبِيَّة الأول ومسببية الثَّانِي كَيفَ يكون عِنْدهم مَفْهُوم قَوْلنَا إِن كَانَت الشَّمْس طالعة فالنهار مَوْجُود إِن الْوُجُود ثَبت للنهار على تَقْدِير طُلُوع الشَّمْس من غير مُلَاحظَة السَّبَبِيَّة والمسببية قيل النزاع بَينهمَا لَفْظِي فَإِن نظر أهل الْعَرَبيَّة على محاورة الْعَرَب وهم إِذا قَالُوا إِن دخلت الدَّار فَأَنت طَالِق مثلا لَا يرومون بِهِ مُجَرّد الْإِخْبَار بالاتصال لُزُوما أَو اتِّفَاقًا بل إِنَّمَا يرومون بِهِ مُجَرّد إِيقَاع الطَّلَاق وَقت الدُّخُول.
فالمقصود عِنْدهم أَن الحكم فِي الْجَزَاء مُقَيّد بذلك الْوَقْت بِخِلَاف المنطقيين فَإِن غرضهم يتَعَلَّق بنظم الْقيَاس وَهُوَ لَا يُمكن إِلَّا بِاعْتِبَار الحكم الاتصالي بَين النسبتين. وَلَا يخفى أَن هَذَا إِنَّمَا يتم فِي الشرطيات الَّتِي تواليها إنشاءات بِحَسب الْعرف كَسَائِر أَلْفَاظ الْعُقُود الَّتِي يقْصد بهَا حُصُول الْمَعْنى الشَّرْعِيّ كَالْبيع وَالشِّرَاء وَالنِّكَاح وَلَيْسَ الْكَلَام فِيهَا بل فِيمَا قصد بِهِ مُجَرّد الْإِخْبَار كَقَوْلِنَا إِن كَانَت الشَّمْس طالعة فالنهار مَوْجُود وَلَا يُمكن قِيَاس هَذَا على تِلْكَ الْوُجُود الْفَارِق. وَقد يُقَال إِن قَول أهل الْعَرَبيَّة هَذَا مَقْصُور فِي تِلْكَ الشرطيات خَاصَّة لَا فِي جَمِيعهَا. وَأَصْحَاب الْمنطق لم يخالفوهم فِيهَا. وَلقَائِل أَن يَقُول لَا نسلم أَن الشّرطِيَّة الَّتِي تَالِيهَا إنْشَاء فِيهَا حكم حَتَّى يُقَال إِنَّه فِي الْجَزَاء أَو بَين الْمُقدم والتالي لانْتِفَاء الْحِكَايَة وَإِنَّمَا الْكَلَام فِيمَا فِيهِ حكم فَافْهَم.

الحيّز

الحيّز:
[في الانكليزية] Space ،area ،surface ،locus
[ في الفرنسية] Espace ،etendue ،surface ،lieu
بالفتح وكسر الياء المثناة التحتانيّة المشدّدة وقد جاء بتخفيف الياء وسكونها أيضا كما في المنتخب هو في اللغة الفراغ مطلقا، سواء كان مساويا لما يشغله أو زائدا عليه أو ناقصا عنه.
يقال زيد في حيّز وسيع يسعه جمع كثير أو في حيّز ضيّق لا يسعه هو بل بعض أعضائه خارج الحيّز كذا قيل. وفي أكثر كتب اللغة إنّه المكان. وفي اصطلاح الحكماء والمتكلّمين لا يتصوّر زيادة الشيء على حيّزه ولا زيادة حيّزه عليه. قال المولوي عصام الدين في حاشية شرح العقائد في بيان الصفات السلبية: الحيّز والمكان واحد عند من جعل المكان السطح أو البعد المجرّد المحقّق، وكذا عند المتكلّمين.
إلّا أنّه بمعنى البعد المتوهم. فما قال الشارح التفتازاني من أنّ الحيز أعمّ من المكان لأنّ الحيّز هو الفراغ المتوهّم الذي يشغله شيء ممتد أو غير ممتد. فالجوهر الفرد متحيّز وليس بمتمكّن لم نجده إلّا في كلامه. وأمّا عباراتهم فتفصح عن اتحاد معنى الحيّز والمكان انتهى.
ويؤيده ما وقع في شرح المواقف في مباحث الكون وهو أنّ المتكلّمين اتفقوا في أنّه إذا تحرّك جسم تحرّك الجواهر الظاهرة منه.
واختلفوا في الجواهر المتوسّطة. فقيل متحرّك وقيل لا. وكذلك الحال في المستقر في السفينة وهو نزاع لفظي يعود إلى تفسير الحيّز. فإن فسّر بالبعد المفروض كان المستقر في السفينة المتحرّكة متحرّكا، وكذا الجواهر المتوسطة لخروج كلّ منهما حينئذ من حيّز إلى حيّز آخر لأنّ حيز كل منهما بعض من الحيز للكل. وإن فسّر الحيّز بالجواهر المحيطة لم يكن الجوهر الوسطاني مفارقا لحيزه أصلا. وأمّا المستقر المذكور فإنّه يفارق بعضا من الجواهر المحيطة به دون بعض. وإن فسّر الحيّز بما اعتمد عليه ثقل الجوهر كما هو المتعارف عند العامة لم يكن المستقر مفارقا لمكانه أصلا انتهى. فإنّ هذا صريح في أنّ الحيّز والمكان مترادفان لغة واصطلاحا؛ فإنّ المعنى الأخير لغوي للمكان، والأول اصطلاح المتكلّمين على ما صرّح بذلك شارح المواقف في مبحث المكان. وقال شارح الإشارات إنّ المكان عند القائلين بالجزء غير الحيّز لأنّ المكان عندهم قريب من مفهومه اللغوي وهو ما يعتمد عليه المتمكّن كالأرض للسرير. وأمّا الحيّز فهو عندهم الفراغ المتوهّم المشغول بالمتحيّز الذي لو لم يشغله لكان خلاء كداخل الكوز للماء. وأمّا عند الشيخ والجمهور فهما واحد، وهو السطح الباطن من الجسم الحاوي المماس للسطح الظاهر من الجسم المحوي. وقيل حاصله أنّ المكان عند المتكلمين قريب من معناه اللغوي، ومعناه اللغوي ما يعتمد عليه المتمكن، فإنّ ضمير هو راجع إلى المفهوم اللغوي بدليل أنّ المكان عندهم بعد موهوم لا أمر موجود كالأرض للسرير، وأنّ الحيّز غير المكان عندهم، فالحيّز هو الفراغ المتوهّم مع غير اعتبار حصول الجسم فيه أو عدمه كما قال الشارح المرزباني والمكان هو الفراغ المتوهّم مع اعتبار حصول الجسم فيه، والخلاء هو الفراغ المتوهّم الذي من شأنه أن يكون مشغولا بالمتحيّز انتهى. يعني أنّ الخلاء هو الفراغ المتوهّم الذي من شأنه أن يكون مشغولا، والآن خال عن الشاغل على ما هو رأي المتكلّمين، وإلّا يصير الخلاء مرادفا للحيز. ولذا قيل إنّ الخلاء عندهم أخصّ من الحيّز لأنّ الخلاء هو الفراغ الموهوم مع اعتبار أن لا يحصل فيه جسم والحيّز هو الفراغ الموهوم من غير اعتبار حصول الجسم فيه أو عدم حصوله. والمفهوم من كلام شارح هداية الحكمة ومحشيه العلمي أنّ الحيّز عند القائلين بأنّ المكان هو السطح أعمّ من المكان، فإنّ الحيّز عندهم ما به يمتاز الأجسام في الإشارة الحسّية فهو متناول أيضا للوضع الذي به يمتاز المحدد أعني الفلك الأعظم من غيره في الإشارة الحسّية فهو متحيّز، وليس في المكان لأنّ المكان هو السطح الباطن المذكور. ولا يرد على هذا التفسير الهيولى والصورة النوعية إذ الأجساد وإن كانت تتمايز بهما لكن لا تتمايز بهما في الإشارة الحسّية إذ لا وضع لهما. إن قيل يلزم أن يكون لغير المحدد حيزان إذ لهذه الأجسام وضع ومكان. قلت بالوضع والمكان يحصل التمايز بين الأجسام في الإشارة الحسّية، فالمجموع حيز واحد والمراد بالوضع هاهنا هو المقولة أو جزؤها.
فائدة:

قال الحكماء: كلّ جسم فله حيّز طبعي ولا يمكن أن يكون له حيزان طبعيان. قال العلمي في حاشية شرح هداية الحكمة: المفهوم من كلام السيّد السّند في حاشية شرح حكمة العين أنّ الحيز الطبعي هو ما يكون لذات الجسم مدخل فيه سواء كان مستندا إلى جزئه أو نفس ذاته أو لازم ذاته، والمفهوم من بعض مؤلفاته أنّ المكان الطبعي هو ما يكون مستندا إلى الصورة النوعية حيث أبطل استناد ذلك المكان إلى الجسمية المشتركة لكون نسبتها إلى الأحياز كلها على السوية وكذا إلى الهيولى لكونها تابعة للجسمية في اقتضاء حيّزها على الإطلاق، وكذا إلى أمر خارج لكون الفرض خلوه عن جميع ما يمكن خلوه عنه من الأمور الخارجة فهو مستند إلى أمر داخل فيه مختصّ به وهو المراد بالطبعية، وهذا المعنى أخصّ من الأول. والمراد بالطبعية على المعنى الأول الحقيقة. ثم المفهوم من كلام صاحب هداية الحكمة هاهنا هو المعنى الأول، ومن كلام شارحه هاهنا المعنى الثاني، ومن كلام شارحه في مبحث الشكل أنّ المراد من كون المكان طبعيا للجسم أنّ المكان من العوارض الذاتية له لا من الأعراض الغريبة، حيث يقول وما يعرض لشيء بواسطة ليست مستندة إلى ذاته ولا لازمة له من حيث هو لا يكون عارضا له لذاته انتهى.
ويفهم من إشارات الشيخ أنّ المكان الطبعي للجسم ما يكون ملائما لذاته. ولا يخفى أنّه يمكن تطبيقه على الأول والثالث بل على الثاني أيضا من تخصيص في الملائمة، لكنه خلاف الظاهر. وبالجملة كلامهم في هذا الباب لا يخلو عن الاضطراب انتهى ما ذكر العلمي.
فائدة:

قال الحكماء: المكان الطبعي للمركّب مكان البسيط الغالب فيه فإنّه. يقهر ما عداه ويجذبه إلى حيّزه، فيكون الكلّ إذا خلّي وطبعه طالبا لذلك الحيّز. وإن تساوت البسائط كلّها فمكانه هو الذي اتّفق وجوده فيه لعدم أولوية الغير وفيه نظر لأنّه إذا أخرج ذلك المركّب عن ذلك المكان لم يعد إليه طبعا بل يسكن أينما أخرج لعدم المرجّح، فلا يكون ذلك المكان طبعيّا له؛ والبسيطان المتساويان حجما ومقدارا قد يختلفان قوة فإنّه إذا أخذ مقداران متساويان من الأرض والنار فربما كان اقتضاء الأرضية للميل السافل أقوى من اقتضاء النارية للميل الصاعد أو بالعكس بل ربما كان الناقص مقدارا أقوى قوة. فالمعتبر هو التساوي في القوة دون الحجم والمقدار.
وقد يفصّل ويقال إنّه إن تركّب من بسيطين فإن كان أحدهما غالبا قوة وكان هناك ما يحفظ الامتزاج فالمركّب ينجذب بالطبع إلى مكان الغالب وإن تساويا فإمّا أن يكون كلّ منهما متمانعا للآخر في حركته أولا؛ فإن لم يتمانعا افترقا ولم يجتمعا إلّا بقاسر، وإن تمانعا مثل أن تكون النار من تحت الأرض والأرض من فوق فإمّا أن يكون بعد كل منهما عن حيّزه مساويا لبعد الآخر أولا، فعلى الأول يتعاوقان، فيحتبس المركّب في ذلك المكان لا سيما إذا كان في الحدّ المشترك بين حيّزيهما. وعلى الثاني ينجذب المركّب إلى حيّز ما هو أقرب إلى حيّزه لأنّ الحركات الطبعية تشتدّ عند القرب من أحيازها وتفتر عند البعد. وإنّ تركّب من ثلاثة فإن غلب أحدها حصل المركّب لطبعه في حيّز الغالب كما مرّ. وإن تساوت فإن كانت الثلاثة متجاورة كالأرض والماء والهواء حصل المركّب في حيّز العنصر الوسط كالماء. وإن كانت متباينة كالأرض والماء والنار حصل المركّب في الوسط أيضا لتساوى الجذب من الجانبين ولأنّ الأرض والماء يشتركان في الميل إلى أسفل فهما يغلبان النار بهذا الاعتبار. وإن تركّب من أربعة فإن كانت متساوية حصل المركّب في الوسط وإلّا ففي حيّز الغالب. هذا كلّه بالنظر إلى ما يقتضيه التركيب إذا خلا عن مقتض آخر يمنع العناصر عن أفعالها، فإنّه يجوز أن يحصل للمركّب صورة نوعية تعيّن له مكان البسيط المغلوب والله أعلم، كذا في شرح المواقف.
والحيّز عند المنجّمين عبارة عن أنّ كوكبا يوما يكون نهارا فوق الأرض، وكوكبا يكون ذات ليلة ليلا تحت الأرض، قال هذا في الشجرة.

السّناد

السّناد:
[في الانكليزية] Rhyme anomaly
[ في الفرنسية] Anomalie de la rime
بالكسر عند أهل القوافي العربيّة عبارة عن كل عيب يحدث قبل حرف الروي، وذلك إمّا باجتماع قافية مردفة مع قافية غير مردفة كأن تكون إحدى القافيتين قوسي والأخرى خمسي، أو باجتماع قافية مؤسّسة مع غيرها كقافية أسلمي مع عالم، أو باختلاف الحذو إمّا بالضم والكسر أو بالضم والفتح، أو بالفتح والكسر، أو باختلاف الإشباع، أو باختلاف التوجيه، كذا في بعض رسائل القوافي العربية. وأمّا الشعراء العجم فيطلقون السّناد بمعنى أخصّ. ويقول في رسالة منتخب تكميل الصناعة: السّناد هو اختلاف الرّدف مثل الكلمات «داد» ومعناها عدل، و «دود» ومعناها دخان، و «دويد» ومعناها:

ركض. (والأصح: «ديد» بمعنى رأى). والسّناد لغة: هو التعاون أو الصداقة مع شخص آخر.
وإذا كانت القافيتان في بيت من الشعر مختلفة بحسب الردف، فإنّ ذلك البيت لا يكون فيه اتّحاد في القافية، وذلك مثل رجلين أحدهما معين للآخر. وقيل أيضا: إنّ السّناد يعني الاختلاف، ووجه التسمية على هذا التقدير واضح.

علم قوس قزح

علم قوس قزح
هو علم باحث عن كيفية حدوثه وسبب حدوثه وسبب استدارته واختلاف ألوانه وحصوله عقيب الأمطار وطرفي النهار وحصوله في النهار كثيرا وفي ضوء القمر في الليل أحيانا وأحكام حدوثه في عالم الكون والفساد إلى غير ذلك من الأحوال ذكره أبو الخير وعده من علم الطبيعي ومثله في مدينة العلوم. علم القيافة
هو على قسمين:
قيافة الأثر ويقال لها العيافة وقد مرت.
وقيافة البشر وهي المرادة ههنا وهو علم باحث عن كيفية الاستدلال بهيئات أعضاء الشخصين على المشاركة والــاتحاد بينهما في النسب والولادة في سائر أحوالهما وأخلاقهما.
والاستدلال بهذا الوجه مخصوص ببني مدلج وبني لعب ومن العرب وذلك لمناسبة طبيعة حاصلة فيهم لا يمكن تعلمه.
وحكمة الاختصاص تؤول إلى صيانة النسبة النبوية كما قال بعض الحكماء.
وخص ذلك بالعرب ليكون سببا لارتداع نسائهم عما يورث خبث الحس وشوب النسب من فساد البذر والزرع وحصول هذا العلم بالحدس والتخمين لا بالاستدلال واليقين والله سبحانه وتعالى أعلم.
حكي أن الإمام الشافعي ومحمد بن الحسن رأيا رجلا فقال محمد: أنه نجار.
وقال الشافعي: إنه حداد فسألاه عن صنعته فقال: كنت حدادا والآن نجار.
وإنما سمي بقيافة البشر لكون صاحبه متتبع بشرات الإنسان وجلوده وأعضاءه وأقدامه.
وهذا العلم لا يحصل بالدراسة والتعليم ولهذا لم يصنف فيه.
وذكروا أن إقليمون صاحب الفراسة كان يزعم في زمانه أنه يستدل بتركيب الإنسان على أخلاقه فأراد تلامذة بقراط أن يمتحنوه به فصوروا صورة بقراط ثم نهضوا بها إليه وكانت يونان تحكم الصورة بحيث تحاكي المصورة من جميع الوجوه في قليل أمرها وكثيره لأنهم كانوا يعظمون الصورة ويعبدونها فلذلك يحكمونها وكل الأمم تبع لهم في ذلك ولذلك يظهر التقصير من التابعين في التصوير وظهورا بينا فلما حضروا عند إقليمون ووقف على الصورة وتأملها وأمعن النظر فيها قال: هذا رجل يحب الزنا وهو لا يدري من هو فقالوا له: كذبت هذه صورة بقراط فقال: لا بد لعملي أن يصدق فاسألوه فلما رجعوا إليه وأخبروه بما كان قال: صدق إقليمون أنا أحب الزنا ولكن أملك نفسي كذا في تاريخ الحكماء.
قال في مدينة العلوم: ومبنى هذا العلم ما يثبت في المباحث الطبية من وجود المناسبة والمشابهة بين الولد ووالديه وقد تكون تلك المناسبة في الأمور الظاهرة بحيث يدركها كل أحد وقد يكون في أمور خفية لا يدركها إلا أرباب الكمال.
ولهذا اختلف أحوال الناس في هذا العلم كمالا وضعفا إلى حيث لا يشتبه عليه شيء أصلا لسبب كماله في القوتين أي القوة الباصرة والقوة الحافظة اللتين لا يحصل هذا العلم إلا بهما وهذا العلم موجود في قبائل العرب ويندر في غيرهم لأن هذا العلم لا يحصل إلا بالتجارب والمزاولة عليه مددا متطاولة ولهذا لم يقع في هذا العلم تصنيف وإنما هو متوارث ولاهتمام العرب بهذا العلم اختص بهم وتوارثه خلف عن سلف ولهذا لم يوجد في غيرهم انتهى.
أقول: وقد اعتبر القيافة الشارع أيضا في بعض الأحكام كما ورد في الصحيح من حديث مجزز الأسلمي أنه دخل فرأى أسامة بن زيد وزيدا وعليهما قطيفة قد غطيا رؤوسهما وبدت أقدامها فنظر
إليهما مجزز الأسلمي وقال: إن هذه الأقدام بعضها من بعض فسر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى: وجه إدخال هذا الحديث في كتاب الفرائض الرد على من زعموا أن القائف لا يعتبر به فإن اعتبر قوله فعمل به لزم منه حصول التوارث بين الملحق والملحق به انتهى. وقد بسط القول في ذلك القاضي العلامة محمد بن علي الشوكاني في مؤلفاته فارجع إليها.

هيمجلوبين

هـيمجلوبين
هِيمُجْلوبين [مفرد]: (حي) هيموجلوبين، المادّة الحمراء في كُريّات الدَّم الحمراء، وهي قادرة على الــاتّحاد بالأكسجين أو بثاني أكسيد الكربون. 

هيموجلوبين

هـيموجلوبين
هيموجلوبين [مفرد]: (حي) هيمجلوبين، المادّة الحمراء في كُريّات الدَّم الحمراء، وهي قادرة على الــاتّحاد بالأكسجين أو ثاني أكسيد الكربون. 

يعقوب

ابن إسحاق، رزق اثني عشر ولدًا أشهرهم يوسف الحسن، باسمهم سمّيت أسباط إسرائيل، واليعقوب ذكر الحجل.
يعقوب
عن العبرية يعقوب بمعنى يعقب ويحل محل ويخلف.
يعقوب
عن الإسم العبري يعقوب بمعنى من يأتي في عقب غيره، ويرجع الإسم الحالي إلى يعقوب بن اسحاق بن إبراهيم.
يعقوب
يعاقبة [جمع]: مف يعقوبيّ:
1 - (دن) فرقة من النَّصارى وهم أتباع يعقوب البراذعيّ الذي عاش في الشام في القرن السادس الميلاديّ، يقولون بــاتّحاد اللاّهوت والناسوت، ويُعرفون بأصحاب الطبيعة الواحدة.
2 - (سة) جماعة سياسيَّة متطرِّفة عُرفت بنشاطها الإرهابيّ خلال الثورة الفرنسيَّة. 

يَعْقوب [مفرد]: اسم نبيّ ورد اسمُه في القرآن الكريم، وهو يعقوب بن إسحاق، رزقه الله تعالى اثني عشر ولدًا أشهرهم النبيّ يوسف عليه السلام " {قُلْ ءَامَنَّا بِاللهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ} ". 

يوجا

يوجا
يُوجا [مفرد]:
1 - (رض) نظام من التمرينات غايته السيطرة على الجسم والنَّفس والعقل.
2 - (سف) مَذْهَب فَلْسفيّ هِنْدُوسيّ يهدف إلى السيطرة التامَّة على الجسد وضبط القوى الحيويَّة وبُلوغ الكمال وتدريب الضمير ليصل إلى حالة من البصيرة الرُّوحيَّة والسَّكينة، ومن ثمّ الــاتِّحاد مع الرُّوح عن طريق التصوُّف والتنسُّك وممارسات فنيَّة تقنيَّة متنوِّعة كالجلوس طويلاً دون حركة والتأمُّل "مارس اليوجا". 

الصدأ

(الصدأ) طبقَة هشة تعلو الْحَدِيد وَنَحْوه من الْمَعَادِن وتحدث من اتحاده بِبَعْض عناصر الْهَوَاء وَيُسمى كيمياويا الأكسيد والكدرة تعلو وَجه الشَّيْء

التطعيم

(التطعيم) (فِي النَّبَات) عملية يلصق فِيهَا جُزْء من سَاق نَبَات يُسمى بالطعم بساق نَبَات آخر مثبتة جذوره وَيُسمى بِالْأَصْلِ فَيتم اتحادهما بعد ذَلِك (مج)

اليعاقبة

(اليعاقبة)
فرقة من النَّصَارَى أَتبَاع يَعْقُوب البراذعي الَّذِي عَاشَ فِي الشَّام فِي الْقرن السَّادِس للميلاد يَقُولُونَ بــاتحاد اللاهوت والناسوت ويعرفون بأصحاب الطبيعة الْوَاحِدَة

علم الكيمياء

علم الكيمياء
هو علم يعرف به طرق سلب الخواص من الجواهر المعدنية وجلب خاصية جديدة إليها وإفادتها خواصا لم تكن لها والاعتماد فيه عن أن الفلزات كلها مشتركة في النوعية والاختلاف الظاهر بينها إنما هو باعتبار أمور عرضية يجوز انتقالها.
قال الصفدي في شرح لامية العجم: وهذه اللفظة معربة من اللفظ العبراني وأصله كيم يه معناه أنه من الله وذكر الاختلاف في شأنه بامتناعه عنهم.
وحاصل ما ذكره أن الناس فيه على طريقتين:
فقال: كثير ببطلانه منهم الشيخ الرئيس ابن سينا أبطله بمقدمات من كتاب الشفاء والشيخ تقي الدين أحمد بن تيمية رحمه الله صنف رسالة في إنكاره وصنف يعقوب الكندي أيضا رسالة في إبطاله جعلها مقالتين وكذلك غيرهم لكنهم لم يوردوا شيئا يفيد الظن لامتناعه فضلا عن اليقين بل لم يأتوا إلا بما يفيد الاستبعاد.
وذهب آخرون إلى إمكانه منهم الإمام فخر الدين الرازي فإنه في المباحث المشرقية عقد فصلا في بيان إمكانه.
والشيخ نجم الدين بن أبي الدر البغدادي رد على الشيخ ابن تيمية وزيف ما قاله في رسالته.
ورد أبو بكر محمد بن زكريا الرازي على يعقوب الكندي ردا غير طائل ومؤيد الدين أبو إسماعيل الحسين بن علي المعروف بالطغرائي صنف فيه كتبا منها حقائق الإشهادات وبين إثباته ورد على ابن سينا.
ثم ذكر الصفدي نبذة من أقوال المثبتين والمنكرين.
وقال الشيخ الرئيس: نسلم إمكان صبغ النحاس بصبغ الفضة والفضة بصبغ الذهب وأن يزال عن الرصاص أكثر ما فيه من النقص فأما أن يكون المصبوغ يسلب أو يكسى أما الأول فحال وأما الثاني فلم يظهر إلى إمكانه بعد إذ هذه الأمور المحسوسة يشبه أن لا تكون هي الفصول التي تصير بها هذه الأجساد أنواعا بل هي أعراض ولوازم وفصولها مجهولة وإذا كان الشيء مجهولا كيف يمكن أن يقصد قصد إيجاد أو إفناء؟
وذكر الإمام حججا أخرى للفلاسفة على امتناعه وأبطل بعد ذلك ما قرره الشيخ وغيره وقرر إمكانه واستدل في الملخص أيضا على إمكانه فقال: الإمكان العقلي ثابت لأن الأجسام مشتركة الجسمية فوجب أن يصح على كل واحد منها ما يصح على الكل على ما ثبت.
وأما الوقوع فلأن انفصال الذهب عن غيره باللون والرزانة وكل واحد منهما يمكن اكتسابه ولا منافاة بينهما نعم الطريق إليه عسير. وحكى أبو بكر بن الصائغ المعروف بابن ماجة الأندلسي في بعض تآليفه عن الشيخ أبي نصر الفارابي أنه قال: قد بين أرسطو في كتابه من المعادن أن صناعة الكيمياء داخلة تحت الإمكان إلا أنها من الممكن الذي يعسر وجوده بالفعل اللهم إلا أن تتفق قرائن يسهل بها الوجود وذلك أنه فحص عنها أولا على طريق الجدل فأثبتها بقياس وأبطلها بقياس على عادته فيما يكثر عناده من الأوضاع ثم أثبتها أخيرا بقياس ألفه من مقدمتين بينهما في أول الكتاب.
وهما أن الفلزات واحدة بالنوع والاختلاف الذي بينها ليس في ماهياتها وإنما هو في أعراضها فبعضه في أعراضها الذاتية وبعضه في أعراضها العرضية.
والثانية: أن كل شيئين تحت نوع واحد اختلفا بعرض فإنه يمكن انتقال كل واحد منهما إلى الآخر فإن كان العرض ذاتيا عسر الانتقال وإن كان مفارقا سهل الانتقال والعسير في هذه الصناعة إنما هو لاختلاف أكثر هذه الجواهر في أعراضها الذاتية ويشبه أن يكون الاختلاف الذي بين الذهب والفضة يسير جدا انتهى كلامه.
وقال الإمام شمس الدين محمد بن إبراهيم بن ساعد الأنصاري: إذا أراد المدبر أن يصنع ذهبا نظير ما صنعته الطبيعة من الزيبق والكبريت الظاهرين فيحتاج إلى أربعة أشياء.
كمية كل واحد من ذنيك الجزئين.
وكيفيته.
ومقدار الحرارة الفاعلة للطبخ.
وزمانه وكل واحد منها عسر التحصيل.
وأما إن أراد ذلك بأن يدبر دواء وهو المعبر عنه بالإكسير مثلا ويلقيه على الفضة ليمتزج بها ويستقر خالدا حال جميع المعدنيات وخواصها وإن استخرجه بالقياس فمقدماته مجهولة ولا خفاء في عسر ذلك ومشقته انتهى وقال الصفدي: زعم الطبيعون في علة كون الذهب في المعدن إن الزيبق لما كمل طبخه جذبه إليه كبريت المعدن فاجنه في جوفه لئلا يسيل سيلان الرطوبات فلما اختلطا واتحدا وزالت الحرارة الفاعلة للطبخ وزمان تكون الذهب وكل منهما عسر التحصيل.
وأما إن أراد ذلك بأن يدبر دواء وهو المعبر عنه بالإكسير مثلا ويلقيه على الفضة في طبخها ونضجها انعقد من ذلك ضروب المعادن فإن كان الزئبق صافيا والكبريت نقيا واختلطت أجزاؤهما على النسبة وكانت حرارة المعدن معتدلة لم يعرض لها عارض من البرد واليبس ولا من الملوحات والمرارت والحموضات انعقد من ذلك على طول الزمان الذهب الإبريز
وهذا المعدن لا يتكون إلا في البراري الرملة والأحجار الرخوة ومراعاة الإنسان النار في عمل الذهب بيده على مثل هذا النظام مما تشق معرفة الطريق إليه والوصول إلى غايته:
فيا دارها بالخيف إن مزراها ... قريب ولكن دون ذلك أهوال
وذكر يعقوب الكندي في رسالته: تعذر فعلل الناس لما انفردت الطبيعة بفعله وخداع أهل هذه الصناعة وجهلهم وبطل دعوى الذين يدعون صنعة الذهب والفضة.
قال المنكرون: لو كان الذهب الصباغي مثلا للذهب الطبيعي لكان ما بالصناعة مثلا لما بالطبيعة ولو جاز ذلك لجاز أن يكون ما بالطبيعة مثلا لما بالصناعة فكنا نجد سيفا أو سريرا أو خاتما بالطبيعة وذلك باطل.
وقالوا أيضا: الجواهر الصابغة إما أن تكون أصبر على النار من المصبوغ أو يكون المصبوغ أصبر أو تكونا متساويين.
فإن كان الصابغ أصبر وجب1 أن يكون المصبوغ أصبر ووجب أن يفنى الصابغ ويبقى المصبوغ على حاله الأول عريا من الصبغ.
وإن تساويا في الصبر على النار فهما من جنس واحد لاستوائهما في المصابرة عليها فلا يكون أحدهما صابغا ولا مصبوغا وهذه الحجة الثانية من أقوى حجج المنكرين.
والجواب من المثبتين عن الأولى: إنا نجد النار تحصل بالقدح واصطكاك الأجرام والريح تحصل بالمراوح وأكواز الفقاع والنوشادر قد تتخذ من الشعر وكذلك كثير من الزاجات ثم بتقدير أن لا يوجد بالطبيعة ما لا يوجد بالصناعة لا يلزمنا الجزم بنفي ذلك ولا يلزمنا من إمكان حصول الأمر الطبعي بالصناعة إمكان العكس بل الأمر موقوف على الدليل.
وعن الثانية: أنه لا يلزم من استواء الصابغ. والمصبوغ على النار استواؤهما في الماهية لما عرفت أن المختلفين يشتركان في بعض الصفات وفي هذا الجواب نظر.
وحكى بعض من أنفق عمره في الطلب أن الطغرائي ألقى المثقال من الإكسير أولا على ستين ألف مثقال من معدن آخر فصار ذهبا ثم أنه ألقى آخر المثقال على ثلاثمائة ألف وأن مر يانس الراهب معلم خالد بن يزيد ألقى المثقال على ألف ألف ومائتي ألف مثقال وقالت مارية القبطية: والله لولا الله لقلت أن المثقال بملأ ما بين الخافقين. والجواب الفصل ما قاله الغزي:
كجوهر الكيمياء ليس ترى ... من ناله والأنام في طلبه
وصاحب الشذور من جملة أئمة هذا الفن صرح بأن نهاية الصبغ إلقاء الواحد على الألف في قوله:
فعاد بلطف الحل والعقد جوهرا ... يطاع في النيران واحده الألفا
وزعم بعضهم أن المقامات للحريري وكليلة ودمنة رموز في الكيمياء ويزعمون أن الصناعة مرموزة في صورة البراري وقد كتب بعض من جرب وتعب وأقلقه الجد وظن أن جدها لعب على مصنفات جابر تلميذ إمام جعفر الصادق:
هذا الذي مقاله ... غر الأوائل والأواخر
ما أنت إلا كاسر ... كذب الذي سماك جابر
وكان قد شغل نفسه بطلب الكيمياء فأفنى بذلك عمره.
وذكر الصفدي أن الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد وإمام الحرمين كان كل منهما مغرى به. واعلم أن المعتنين به بعضهم يدبر مجموع الكبريت والزيبق في حر النار لتحصل امتزاجات كثيرة في مدة يسيرة لا يحصل في المعدن إلا في زمان طويل وهذا أصعب الطرق لأنه يحتاج إلى عمل شاق وبعضهم يؤلف المعادن على نسبة أوزان الفلزات وحجمها.
وبعضهم يجهل القياس فيحصل لهم الاشتباه والالتباس فيستمدون بالنباتات والجمادات والحيوانات كالشعر والبيض والمرارة وهم لا يهتدون إلى النتيجة.
ثم إن الحكماء أشاروا إلى طريقة صنعة الإكسير على طريق الأحاجي والألغاز والتعمية لأن في كتمه مصلحة عامة فلا سبيل إلى الاهتداء بكتبهم والله يهدي من يشاء قال أبو الأصبع عبد العزيز بن تمام العراقي يشير إلى مكانة الواصل لهذه الحكمة:
فقد ظفرت بما لم يؤته ملك ... لا المنذران ولا كسرى بن ساسان
ولا ابن هند ولا النعمان صاحبه ... ولا ابن ذي يزن في رأس غمدان
قال الجلدكي في شرح المكتسب بعد أن بين انتسابه إلى الشيخ جابر وتحصيله في خدمته: وبالله تعالى أقسم أنه أراد بعد ذلك أن ينقلني عن هذا العلم مرارا عديدة ويورد علي الشكوك يريد لي بذلك الإضلال بعد الهداية ويأبى الله إلا ما أراد فلما فهمت مراده وعلمت أن الحسد قد داخله مني حصرته في ميدان البحث ومددت إليه سنان اللسان وعجز عن القيام بسيف الدليل ونادى عليه برهان الحق بالإفحام فجنح للسلم وقام واعتنقني وقال: إنما أردت أن اختبرك وأعلم حقيقة مكان الإدراك منك ولتكن من أهل هذا العلم على حذر ممن يأخذه عنك.
واعلم أن من لا مفترض علينا كتمان هذا العلم وتحريم إذاعته لغير المستحق من بني نوعنا وأن لا نكتمه عن أهله لأن وضع الأشياء في محالها من الأمور الواجبة ولأن في إذاعته خراب العالم وفي كتمانه عن أهله تضييع لهم.
وقد رأينا أن الحكمة صارت في زماننا مهدمة البنيان لا سيما وطلبة هذا الزمان من أجهل الحيوان قد اجتمعوا على المحال فإنهم ما بين سوقة وباعة وأصحاب دهاء وشعبذة لا يدرون ما يقولون فأخذوا يتذاكرون الفقر ويذكرون أن الكيمياء غناء الدهر ويأتون على ذلك بزخارف الحكايات ومع ذلك لا يجتمع أحد منهم مع الآخر على رأي واحد ولا يدرون كيف الطلب مع أن حجر القوم لا يعد. وهذه المولدات الثلاث لكن جهالاتهم أوقعتهم في الضلال البعيد ورأينا أنه وجب علينا النصيحة على من طلب الحكمة الإلهية وهذه الصناعة الشريفة الفلسفية فوضعنا لهم كتابنا الموسوم ببغية الخبير في قانون طلب الإكسير ثم وضعنا الشمس المنير في تحقيق الإكسير.
وفي هذا الفن رسالة للبخاري ذكر فيها حملة دلائل نقلية وعقلية تبلغ ستة وثلاثين.
وفيه أيضا: رسالة ابن سينا المسماة بمرآة العجائب وأول من تكلم في علم الكيمياء ووضع فيها الكتب وبين صنعة الإكسير والميزان ونظر في كتب الفلاسفة من أهل الإسلام خالد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان.
وأول من اشتهر هذا العلم عنه جابر بن حيان الصوفي من تلامذة خالد كما قيل: حكمة أورثناها جابر ... عن إمام صادق القول وفي
لوصي طاب في تربته ... فهو مسك في تراب النجف
وذلك لأنه وفي لعلي واعترف له بالخلافة وترك الإمارة.
واعلم أنه فرقها في كتب كثيرة لكنه أوصل الحق إلى أهله ووضع كل شيء في محله وأوصل من جعله الله سبحانه وتعالى سببا له في الإيصال ولكن اشغلهم بأنواع التدهيش والمحال لحكمة ارتضاها عقله ورأيه بحسب الزمان ومع ذلك فلا يخلو كتاب من كتبه عن فوائد عديدة.
وأما من جاء بعد جابر من حكماء الإسلام مثل مسلمة بن أحمد المجريطي وأبي بكر الرازي وأبي الأصبع بن تمام العراقي والطغرائي والصادق محمد بن أميل التميمي والإمام أبي الحسن علي صاحب الشذور فكل منهم قد اجتهد غاية الاجتهاد في التعلم والجلدكي متأخر عنهم.
ثم اعلم أن جماعة من الفلاسفة كالحكيم هرمس وأرسطاطاليس وفيثاغورس لما أرادوا استخراج هذه الصناعة الإلهية جعلوا أنفسهم في مقام الطبيعة فعرفوا بالقوة المنطقية والعلوم التجاربية ما دخل على كل جسم من هذه الأجسام من الحر والبرد واليبوسة وما خالطه أيضا من الأجسام الأخر. فعملوا الحيلة في تنقيص الزائد وتزييد الناقص من الكيفيات الفاعلة والمفعولة والمنفعلة لعلة تلك الأجسام على ما يراد منها بالأكاسير الترابية والحيوانية والنباتية المختلفة في الزمان والمكان وأقاموا التكليس مقام حرق المعادن والتهابها والتسقية مقام التبريد والتجميد والتساوي مقام التجفيف والتشميع مقام الترطيب والتليين والتقطير مقام التجوهر والتفصيل مقام التصفية والتخليص والسحق والتحليل مقام الالتيام والتمزيج والعقد مقام الــاتحاد والتمكين واتخذوا جواهر الأصول شيئا واحدا فاعلا فعلا غير منفعل محتويا على تأثيرات مختلفة شديدة القوة نافذة الفعل والتأثير فيما يلاقي من الأجسام بحصول معرفة ذلك بالإلهامات السماوية والقياسات العقلية والحسية وكذلك فعل أيضا أسقليقندر يونس وأبدروماخس وغيرهم في تراكيب الترياق المعاجين والحبوب والأكحال والمراهم فإنهم قاسوا قوى الأدوية بالنسبة إلى مزاج أبدان البشر والأمراض الغامضة فيها وركبوا من الحار والبارد والرطب واليابس دواء واحدا ينتفع به في المداواة بعد مراعاة الأسباب كما فعل ذي مقراط أيضا في استخراج صنعة إكسير الخمر فإنه نظر أولا في أن الماء لا يقارب الخمر في شيء من القوام والاعتدال لأنه ماء العنب ووجد من خواص الخمر خمسا: والطعم والرائحة والتفريح والإسكار فأخذ إذ شرع من أول تركيبه للأدوية العقاقير الصابغة للماء بلون الخمر ثم المشاكلة في الطعم ثم المعطرة للرائحة ثم المفرحة ثم المسكرة فسحق منها اليابسات وسقاها بالمائعات حتى اتحدت فصارت دواء واحدا يابسا أضيف منه القليل إلى الكثير صبغه انتهى من رسالة أرسطو.
قال الجلدكي في نهاية الطب: إن من عادة كل حكيم أن يفرق العلم كله في كتبه كلها ويجعل له من بعض كتبه خواص يشير إليها بالتقدمة على بقية الكتب لما اختصوا به من زيادة العلم.
كما خص جابر من جميع كتبه كتابه المسمى ب الخمسمائة.
وكما خص مؤيد الدين من كتبه كتابه المسمى ب المصابيح والمفاتيح. وكما خص المجريطي كتابه الرتبة.
وكما خص ابن أميل كتابه المصباح.
ثم قال الجلدكي: ومن شروط العالم أن لا يكتم ما علمه الله تعالى من المصالح التي يعود نفعها على الخاص والعام إلا هذه الموهبة فإن الشرط فيها أن لا يظهرها بصريح اللفظ أبدا ولا يعلم بها الملوك لا سيما الذين لا يفهمون.
ومن العجب أن المظهر لهذه الموهبة مرصد لحلول البلاء به من عدة وجوه:
أحدها: أنه إن أظهرها لم ينم عليه فقد حل به البلاء لأن ما عنده مطلوب الناس جميعا فهو مرصد لحلول البلاء لأنهم يرون انتزاع مطلوبهم من عنده وربما حملهم الحسد على إتلافه إن أظهره للملك يخاف عليه منه فإن الملوك أحوج الناس إلى المال لأن به قوام دولتهم فربما يخيل منه أنه يخرج عنه دولته بقدرته على المال لا سيما ومال الدنيا كله حقير عند الواصل لهذه الموهبة.
قال صاحب كنز الحكمة: فأما الواصل إلى حقيقته فلا ينبغي له أن يعترف به لأنه يضره وليس له منفعة البتة في إظهاره وإنما يصل إليه كل عالم بطريق يستخرجها لنفسه إما قريبة وإما بعيدة والإرشاد إنما يكون نحو الطريق العام وأما الطريق الخاص فلا يجوز أن يجتمع عليه اثنان اللهم إلا أن يوفق إنسان بسعادة عظيمة وعناية إلهية لأستاذ يلقنه إياها تلقينا وهيهات من ذلك إلا من جهة واحدة لا غير وهو أن يجتمع فيلسوفان أحدهما واصل والآخر طالب ولا يسعه أن يكتمه إياه وهذا أعز من الكبريت الأحمر1 وطلب الأبلق العقوق. انتهى.
ونحن اقتفينا أثر الحكماء في كل ما وضعناه من كتبنا.
قال في شرح المكتسب إلا أن كتابنا هذا امتن من كل كتبنا ما خلا الشمس المنير وغاية السرور فإن لكل واحد منهم مزية في العلم والعمل فمن ظفر بهذه الكتب الثلاثة فقط من كتبنا فلعله لا يفوته شيء من تحقيق هذا العلم.
والكتب المؤلفة في هذا العلم كثيرة منها حقائق الاستشهادات وشرح المكتسب وبغية الخبير والشمس المنير في تحقيق الإكسير ورسالة للبخاري ومرآة العجائب لابن سينا والتقريب في أسرار التركيب وغاية السرور شرح الشذور والبرهان وكنز الاختصاص والمصباح في علم المفتاح ونهاية الطلب في شرح المكتسب ونتائج الفكرة ومفاتيح الحكمة ومصابيح الرحمة وفردوس الحكمة وكنز الحكمة انتهى. ما في كشف الظنون.
وقد أطال ابن خلدون في بيان علم الكيمياء ثم عقد فصلا في إنكار ثمرتها واستحالة وجودها وما ينشأ من المفاسد عن انتحالها.
ثم قال وتحقيق الأمر في ذلك أن الكيمياء إن صح وجودها كما تزعم الحكماء المتكلمون فيها مثل جابر بن حيان ومسلمة بن أحمد المجريطي وأمثالهما فليست من باب الصنائع الطبيعية ولا تتم بأمر صناعي وليس كلامهم فيها من منحى الطبيعيات إنما هو من منحى كلامهم في الأمور السحرية وسائر الخوارق وما كان من ذلك للحلاج وغيره وقد ذكر مسلمة في كتاب الغاية ما يشبه ذلك وكلامه فيها في كتاب رتبة الحكيم من هذا المنحى وهذا كلام جابر في رسائله ونحو كلامهم فيه معروف ولا حاجة بنا إلى شرحه.
وبالجملة فأمرها عندهم من كليات المواد الخارجة عن حكم الصنائع فكما لا يتدبر ما منه الخشب والحيوان في يوم أو شهر خشبا أو حيوانا فيما عدا مجرى تخليقه كذلك لا يتدبر ذهب من مادة الذهب في يوم ولا شهر ولا يتغير طريق عادته إلا بإرفاد مما وراء عالم الطبائع وعمل الصنائع. فكذلك من طلب الكيمياء طلبا صناعيا ضيع ماله وعمله ويقال لهذا التدبير الصناعي: التدبير العقيم لأن نيلها إن كان صحيحا فهو واقع مما وراء الطبائع والصنائع فهو كالمشي على الماء وامتطاء الهواء والنفوذ في كثائف الأجساد ونحو ذلك من كرامات الأولياء الخارقة للعادة أو مثل تخليق الطير ونحوها من معجزات الأنبياء قال تعالى: {وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي} وعلى ذلك فسبيل تيسيرها مختلف بحسب حال من يؤتاها فربما أوتيها الصالح ويؤتيها غيره فتكون عنده معارة.
وربما أوتيها الصالح ولا يملك إيتاءها فلا تتم في يد غيره ومن هذا الباب يكون عملها سحريا فقد تبين أنها إنما تقع بتأثيرات النفوس وخوارق العادة إما معجزة أو كرامة أو سحرا ولهذا كان كلام الحكماء كلهم فيها ألغاز لا يظفر بحقيقته إلا من خاض لجة من علم السحر واطلع على تصرفات النفس في عالم الطبيعة وأمور خرق العادة غير منحصرة ولا يقصد أحد إلى تحصيلها والله بما يعملون محيط.
وأكثر ما يحمل على التماس هذه الصناعة وانتحالها العجز عن الطرق الطبيعية للمعاش وابتغاؤه من غير وجوهه الطبيعية كالفلاحة والنجارة والصناعة فيستصعب العاجز ابتغاؤه من هذه ويروم الحصول على الكثير من المال دفعة بوجوه غير طبيعية من الكيمياء وغيرها وأكثر من يعني بذلك الفقراء من أهل العمران حتى في الحكماء المتكلمين في إنكارها واستحالتها.
فإن ابن سينا القائل باستحالتها كان عليه الوزراء فكان من أهل الغنى والثروة.
والفارابي القائل بإمكانها كان من أهل الفقر الذين يعوزهم أدنى بلغة من المعاش وأسبابه وهذه تهمة ظاهرة في أنظار النفوس المولعة بطرقها وانتحالها والله الرزاق ذو القوة المتين لا رب سواه.
قال في مدينة العلوم: إ ن علم الكيمياء كان معجزة لموسى عليه السلام علمه القارون فوقع منه ما وقع ثم ظهر في جبابرة قوم هود وتعاطوا ذلك وبنوا مدينة من ذهب وفضة لم يخلق مثلها في البلاد.
وممن اشتهر بالوصول إليه مؤيد الدين الطغرائي يقال: أنه وصل إلى الإكسير وهو الدواء الذي يدبره الحكماء ويلقونه على الجسد حال انفعاله بالذوبان فيحيله كإحالة السم الجسد الوارد عليه لكن إلى الصلاح دون الفساد ويعبرون عن مادة هذا الدواء بالحجر المكرم وربما يقولون حجر موسى لأنه الذي علمه موسى عليه السلام لقارون ويختلف حال هذا الدواء بقدر قوة التدبير وضعفه.
يحكى أن واحدا سأل من مشائخ هذا الصنعة أن يعلمه هذا العلم وخدمه على ذلك سنين فقال: إن من شرط هذه الصنعة تعليمها لأفقر من في البلد فاطلب رجلا لا يكون أفقر منه في البلد حتى نعلمه وأنت تبصرها فطلب مدة مثل ما يقول الأستاذ فوجد رجلاً يغسل قميصا له في غاية الرداءة والدرن وهو يغسله بالرمل ولم يقدر على قطعة صابون فقال في نفسه: لم أر أفقر منه فأخبر الأستاذ فقال: وجدت رجلا حاله وصفته كيت وكيت فقال الأستاذ: والله إن الذي وصفته هو شيخنا جابر بن حيان الذي تعلمت منه هذه الصنعة وبكى.
قال إن من خاصية هذه الصنعة إن الواصلين إليها يكونون في غاية الإفلاس كما نقل عن الإمام الشافعي من طلب المال بالكيمياء أو الإكسير فقد أفلس إلا أنهم يقولون: إن حب الدنانير تفع عن قلب من عرفها ولا يؤثر التعب في تحصيلها على الراحة في تركها حتى قالوا: إن معرفة هذه الصنعة نصف السلوك لأن نصف السلوك رفع محبة الدنيا عن القلب وذلك يحصل بمعرفتها أي: حصول ومن قصد الوصول إلى ذلك بكتبهم وبتعبيراتهم وإشاراتهم فقد صار منخرطا في الأخسرين أعمالا الذي ضل سعيهم في الحيوة الدنيا وهم يسحبون أنهم يحسنون صنعا بل الوقوف على ذلك إن كان فبموهبة عظيمة من الملك المنان أو بواسطة الكشف والإلهام من الله ذي الجلال الإكرام أو بإنعام من الواصلين إلى هذا الأمر المكتوم إشفاقا وإحسانا ولا تتمن الوصول إلى ذلك بالجد والاهتمام وإنما نذكر بعضا من كتبه إكمالا للمرام لا إطماعا في الوصول إلى ذلك السول:
منها: كتاب جابر بن حيان وتذكرة لابن كمونة.
وكتاب الحكيم المجريطي.
وشرح الفصول لعيون بن المنذر وتصانيف الطغرائي كثيرة في هذا الفن ومعتبرة عند أربابها والكتب والرسائل في هذا الباب كثيرة لكن لا خير في الاستقصاء فيها وإنما التعرض لهذا القدر لئلا يخلو الكتاب عنها بالمرة نسأل الله تعالى خيري الدنيا والآخرة انتهى حاصله. والله أعلم بالصواب. 

الْإِنْسَان

(الْإِنْسَان) الْكَائِن الْحَيّ المفكر (ج) أناسي (أَصله أناسين) وإنسان الْعين ناظرها وإنسان السَّيْف والسهم حدهما وَالْإِنْسَان الراقي ذهنا وخلقا وَالْإِنْسَان المثالي الَّذِي يفوق العادي بقوى يكتسبها بالتطور (مج)(ج) أناسي
الْإِنْسَان: نوع من أَنْوَاع الْعَالم وَجمعه النَّاس وَأَصله وكنهه مَعْلُوم على من أَتَى الله بقلب سليم أَنه أشرف الْمَخْلُوقَات وَثَمَرَة شَجَرَة الْوُجُود والمجودات وَللَّه در الشَّاعِر.
(سر وجود ذَات بِإِنْسَان رسيد وماند ... جون وَحي آسمان كه بقرآن رسيد وماند)

وَلَكِن أصل لفظ النَّاس الأناس فَخفف بِحَذْف الْهمزَة وعوضت اللَّام عَنْهَا لَكِنَّهَا غير لَازِمَة. وَلِهَذَا يُقَال فِي سَعَة الْكَلَام نَاس. وَقَالَ قوم أَصله انسيان على افعلان فحذفت الْيَاء اسْتِخْفَافًا لِكَثْرَة مَا يجْرِي على الْأَلْسِنَة. وَاسْتَدَلُّوا عَلَيْهِ بقول ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا أَنه إِنَّمَا سمي إنْسَانا لِأَنَّهُ عهد إِلَيْهِ فنسي. وَالْإِنْسَان يُطلق على الْمُذكر والمؤنث وَرُبمَا يُطلق للْأُنْثَى إنسانة وَقد جَاءَ فِي قَول الشَّاعِر:
(لقد كستني فِي الْهوى ... ملابس الصب الْغَزل)

(إنسانة فتانة ... بدر الدجى مِنْهَا خجل)

(إِذا زنت عَيْني بهَا ... فبالدموع تَغْتَسِل)

وَفِي تَحْقِيق الْإِنْسَان تَفْصِيل وتدقيق وَتَحْقِيق فِي المطولات وَمَا يذكر هَا هُنَا نبذ مِنْهَا. فَاعْلَم أَن للْإنْسَان إِطْلَاق مشهورين عِنْد الْعَوام وَإِطْلَاق لَدَى الْخَواص.
الأول إِطْلَاقه على الْأَشْخَاص الْمعينَة الْمَوْجُودَة فِي الْأَعْيَان كزيد وَعَمْرو وَغير ذَلِك مِمَّا يشاركهما فِي النَّوْع وَلَفظ الْإِنْسَان بِهَذَا الْمَعْنى مَشْهُور بَين الْقَوْم وهم لَا يعلمُونَ من الْإِنْسَان سوى هَذَا وَطَرِيق معرفَة كل وَاحِد من تِلْكَ الْأَشْخَاص على مَا هُوَ عَلَيْهِ فِي الْخَارِج إِنَّمَا هُوَ الإحساس إِذْ بِهِ يمتاز كل من أشخاصه عَن كل مَا عداهُ امتيازا تَاما بِحَيْثُ لَا يلتبس بِغَيْرِهِ أصلا وَلَا يلْزم من معرفَة شخص مِنْهَا معرفَة شخص آخر مِنْهَا وَلِهَذَا لَا يجْرِي الْكسْب والاكتساب فِي الْأَشْخَاص أَي الجزئيات الْحَقِيقِيَّة كَمَا هُوَ الْمَشْهُور. والسر فِيهِ أَن لكل وَاحِد مِنْهَا حَقِيقَة شخصية مباينة لحقيقة غَيره فِي الذِّهْن وَالْخَارِج وَهَذَا مُرَاد الشَّيْخ أبي الْحسن الْأَشْعَرِيّ رَحمَه الله مِمَّا قَالَ إِن لكل وَاحِد من أَفْرَاد الْإِنْسَان حَقِيقَة على حِدة وَإِن وجود كل وَاحِد مِنْهَا عين حَقِيقَته يَعْنِي أَنه أَرَادَ بِالْحَقِيقَةِ الْوُجُود الْخَاص لكل شخص من تِلْكَ الْأَشْخَاص وَالْإِنْسَان بِهَذَا الْمَعْنى يُوصف بالجزئية الْحَقِيقِيَّة وَهُوَ الْمصدر للآثار والمظهر للْأَحْكَام وَهُوَ الْمُكَلف بالشرائع.
وَالثَّانِي إِطْلَاقه على الْمَفْهُوم الْعقلِيّ الْكُلِّي المنطبق على كل وَاحِد من أَفْرَاده الْمَوْجُودَة والمعدومة وَهَذَا الْإِطْلَاق مَشْهُور بَين الْخَواص. وَالْإِنْسَان بِهَذَا الْمَعْنى يُوصف بِالْكُلِّيَّةِ والنوعية وَله وجود فِي الْأَعْيَان فِي إِفْرَاده وَلَا وجود لَهُ ممتاز عَنْهَا فِي الْأَعْيَان وَإِلَّا لما أمكن حمله على شَيْء من إِفْرَاده أصلا لِأَن الْحمل عبارَة عَن تغاير الشَّيْئَيْنِ فِي الذِّهْن واتحادهما فِي الْخَارِج فَلَو كَانَ لَهُ وجود ممتاز عَن إِفْرَاده فِي الْأَعْيَان لما صَحَّ اتحاده مَعَ فَرد من أَفْرَاده فِي الْأَعْيَان. فالإنسان بِهَذَا الْمَعْنى مَفْهُوم عَقْلِي انتزعه الْعقل من تِلْكَ الْأَفْرَاد بتجريدها عَن التشخصات واللواحق المادية. وَذَلِكَ الْمَفْهُوم الْعقلِيّ عِنْد الْحُكَمَاء تَمام الْحَقِيقَة النوعية لإفراده وعرفوه بِالْحَيَوَانِ النَّاطِق. وَقَالُوا إِنَّه حد تَامّ للْإنْسَان لِأَن الْحَيَوَان جنس قريب للْإنْسَان. والناطق فصل قريب لَهُ والتعريف بِالْجِنْسِ والفصل القريبين حد تَامّ. وَالْحَيَوَان جَوْهَر جسم نَام حساس متحرك بالإرادة وكل فَرد من أَفْرَاد الْإِنْسَان كَذَلِك. أما أَنه جسم فَلِأَنَّهُ مركب من الهيولى وَالصُّورَة وشاغل للحيز بِالذَّاتِ وقابل للأبعاد الثَّلَاثَة وَلَا نعني بالجسم إِلَّا هَذَا. وَإِمَّا أَنه نَام فَلِأَنَّهُ يزِيد فِي الأقطار الثَّلَاثَة على تناسب طبيعي وَهُوَ الْمَعْنى بالنامي. وَإِمَّا أَنه حساس فَلِأَنَّهُ يدْرك الْأَشْيَاء بالحواس وَلَا معنى للحساس سوى ذَلِك. وَإِمَّا أَنه متحرك بالإرادة فَلِأَنَّهُ ينْتَقل من مَكَان إِلَى مَكَان آخر بِقَصْدِهِ وإرادته وَيُوجد الحركات إِن شَاءَ وَلَا يوجدها إِن لم يَشَأْ وَهُوَ معنى المتحرك بالإرادة فقد ثَبت أَن الْإِنْسَان حَيَوَان. وَإِمَّا أَنه نَاطِق فَلَمَّا سَيَجِيءُ.
ثمَّ اعْلَم أَن نَاطِق فصل قريب للْإنْسَان فَإِن قيل من شَأْن الْفضل الْقَرِيب للماهية اخْتِصَاصه بهَا والناطق لَيْسَ كَذَلِك لِأَن المُرَاد بالنطق إِمَّا التَّكَلُّم فَالله تَعَالَى وَالْمَلَائِكَة وَسَائِر الْحَيَوَانَات متكلمون. أَو المُرَاد بِهِ إِدْرَاك الكليات وَهُوَ أَيْضا لَيْسَ مُخْتَصًّا بالإنسان لِأَنَّهُ تَعَالَى وَسَائِر المجردات كالعقول والنفوس مدركون. فالناطق على أَي حَال لَيْسَ مُخْتَصًّا بماهية الْإِنْسَان فضلا أَن يكون فصلا لَهُ وَاعْلَم أَن الْمَلَائِكَة عِنْد الْحُكَمَاء هِيَ الْعُقُول الْمُجَرَّدَة وَإِن لَيْسَ لَهَا وللنفوس الفلكية عِنْدهم نطق أَي تكلم أصلا لَكِن لَهَا إِدْرَاك الكليات كَمَا بَين فِي مَوْضِعه. وَأَيْضًا لَو أُرِيد بالنطق إِدْرَاك الكليات لزم أحد الْأَمريْنِ وَكِلَاهُمَا بَاطِل أَحدهمَا أَن لَا يكون النَّاطِق ذاتيا فصلا قَرِيبا للْإنْسَان الَّذِي من الْجَوَاهِر لِأَن الْإِدْرَاك فِي الممكنات من مقولة الْإِعْرَاض عِنْدهم قطعا فَيكون خَارِجا عارضا لَا دَاخِلا ذاتيا فضلا عَن أَن يكون فصلا. وَثَانِيهمَا أَن الْإِنْسَان الَّذِي هُوَ من الْجَوَاهِر لَو فَرضنَا أَنه مركب من الْجَوْهَر وَالْعرض الَّذِي هُوَ الْإِدْرَاك لزم أَن لَا يكون الْإِنْسَان جوهرا فَإِن الْمركب من الْجَوْهَر وَالْعرض لَيْسَ بجوهر عِنْدهم أصلا وَالْجَوَاب بِأَن المُرَاد بالنطق إِدْرَاك الكليات وَهُوَ مُخْتَصّ بالإنسان لِأَن غَيره من الْحَيَوَانَات لَيْسَ بمدرك للكليات لَا يُفِيد الْمَطْلُوب. كَيفَ فَإِن عدم إِدْرَاك غير الْإِنْسَان من الْحَيَوَانَات للكليات مَمْنُوع نعم إِنَّه غير مَعْلُوم لنا وَعدم الْعلم بالشَّيْء لَا يسْتَلْزم عَدمه فِي نَفسه وَإِن سلمنَا ذَلِك فَلَا نسلم أَنه يلْزم من هَذَا الْقدر اخْتِصَاصه بالإنسان كَيفَ فَإِنَّهُ تَعَالَى مدرك الكليات وَكَذَا الْعُقُول الْمُجَرَّدَة والنفوس الفلكية نعم لَو أثبت نفي النُّطْق عَمَّا سوى الْإِنْسَان لثبت اخْتِصَاصه بِهِ وَأما إِثْبَات هَذَا بِدُونِ ذَلِك أصعب من خرط القتاد وَمَعَ هَذَا إِدْرَاك الكليات عرض كَمَا عرفت فَكيف يكون فصلا للجوهر. وَالْحق فِي الْجَواب أَن المُرَاد بالنطق إِدْرَاك الكليات والناطق لَيْسَ فصلا قَرِيبا للْإنْسَان فِي الْحَقِيقَة بل فَصله الْقَرِيب الْجَوْهَر الَّذِي هُوَ مبدأ الْآثَار المختصة بِهِ كالنطق والتعجب والضحك وَالْكِتَابَة وَغير ذَلِك مِمَّا لَا يُوجد فِي غير الْإِنْسَان فَذَلِك الْجَوْهَر هُوَ الْفَصْل فِي الْحَقِيقَة. وَلما لم يكن ذَلِك الْجَوْهَر مَعْلُوما لنا بكنهه بل بعوارضه المختصة فَيدل عَلَيْهِ بأقوى عوارضه وَهُوَ النُّطْق الَّذِي بِمَعْنى إِدْرَاك الكليات ويشتق مِنْهُ النَّاطِق وَيحمل على الْإِنْسَان وَيُسمى بِالْفَصْلِ مجَازًا من قبيل إِطْلَاق اسْم الشَّيْء على أَثَره.
وَإِن أردْت تَفْصِيل هَذَا الْمُجْمل فَارْجِع إِلَى مَا فصلناه فِي الْحَوَاشِي على حَوَاشِي الْفَاضِل اليزدي على تَهْذِيب الْمنطق وَلَكِن اذكر فِي هَذَا الْمقَام نبذا من ذَلِك المرام.
فَأَقُول إِن الصُّورَة النوعية الَّتِي هِيَ أَمر جوهري وَفصل قريب للماهيات ومبدأ للآثار المختصة قد تكون مَجْهُولَة بكنهها مَعْلُومَة بعوارضها المختصة بهَا وَتلك الْعَوَارِض لَا تَخْلُو من أَن تكون مترتبة أَو لَا. فَإِن كَانَت مترتبة كالنطق والتعجب والضحك فَيُؤْخَذ أقواها وأقدمها كالنطق ويشتق مِنْهُ مَحْمُولا كالناطق وَيُطلق عَلَيْهِ اسْم الْفَصْل تسامحا كَمَا مر. وَإِن لم تكن مترتبة لعدم ترتبها فِي نفس الْأَمر أَو بِسَبَب اشْتِبَاه تقدم أَحدهمَا على الآخر فيشتق عَن كل وَاحِد من تِلْكَ الْأَعْرَاض مَحْمُولا وَيجْعَل الْمَجْمُوع قَائِما مقَام ذَلِك الْأَمر الْجَوْهَر الَّذِي هُوَ فصل حَقِيقَة وَيُسمى فصلا مجَازًا كالحساس والمتحرك بالإرادة. فَإِن الْفَصْل الْحَقِيقِيّ للحيوان هُوَ الْجَوْهَر المعروض للحس وَالْحَرَكَة الإرادية وَلما اشْتبهَ تقدم أَحدهمَا على الآخر اشتق عَن كل مِنْهُمَا للدلالة على ذَلِك الْفَصْل الْحَقِيقِيّ اسْم أَعنِي الحساس والمتحرك بالإرادة وَجعل الْمَجْمُوع فصلا قَائِما مقَام الْفَصْل الْحَقِيقِيّ للحيوان تسامحا فَلَيْسَ الْفَصْل الْقَرِيب للحيوان إِلَّا أَمر وَاحِد جوهري لَا تعدد فِيهِ وَإِنَّمَا التَّعَدُّد فِي الدَّال.
واندفع من هَذَا الْبَيَان عَظِيم الشَّأْن (الِاعْتِرَاض الْمَشْهُور) أَيْضا بِأَن الحساس يَكْفِي للفصل فَلَا حَاجَة إِلَى المتحرك بالإرادة وَلَا يجوز للماهية فصلان فِي مرتبَة وَاحِدَة كَمَا لَا يجوز جِنْسَانِ فِي مرتبَة وَاحِدَة واندفع أَيْضا أَن لِلْأَمْرِ الْجَوْهَر الَّذِي هُوَ فصل الْإِنْسَان حَقِيقَة عوارض مُتعَدِّدَة مُخْتَصَّة بِهِ فَمَا الدَّاعِي إِلَى اخْتِيَار النَّاطِق مِنْهَا وقيامه مقَامه وتسميته باسمه فصلا وَإِلَّا يلْزم التَّرْجِيح بِلَا مُرَجّح. وَلَكِن بَقِي الْإِشْكَال بِأَن إِدْرَاك الكليات لَيْسَ مُخْتَصًّا بالإنسان لما مر فَنَقُول نعم مُطلق الْإِدْرَاك الْمَذْكُور لَيْسَ مُخْتَصًّا بِهِ لَكِن الْإِدْرَاك الَّذِي هُوَ أثر ذَلِك المبدأ أَعنِي الصُّورَة النوعية الَّتِي للْإنْسَان مُخْتَصّ بِهِ. أَو المُرَاد بِهِ الْإِدْرَاك الْحَادِث وَهُوَ فِي ذَاته تَعَالَى قديم بالِاتِّفَاقِ هَكَذَا فِي الْعُقُول والنفوس الفلكية عِنْد الْحُكَمَاء. أَو نقُول المُرَاد بالنطق إِدْرَاك الكليات بطرِيق الِاكْتِسَاب. وَلَا شكّ أَن الْإِدْرَاك الْمَذْكُور بِهَذَا الْمَعْنى مُخْتَصّ بالإنسان فَإِن علمه تَعَالَى حضوري وَكَذَا علم المجردات. وَالْعلم الاكتسابي من أَقسَام الْعلم الحصولي كَمَا تقرر فِي مَوْضِعه. قيل المُرَاد بالناطق فِي تَعْرِيف الْإِنْسَان إِمَّا النَّاطِق بِالْفِعْلِ أَو بِالْقُوَّةِ وعَلى كل من التَّقْدِيرَيْنِ يلْزم فَسَاد التَّعْرِيف أما على الأول فلخروج الْأَطْفَال فَإِنَّهُم لَيْسُوا من أهل النُّطْق بِشَيْء من الْمَعْنيين أَي لَا بِمَعْنى التَّكَلُّم بالحروف والأصوات وَلَا بِمَعْنى إِدْرَاك الكليات وَأما على الثَّانِي فلصدق التَّعْرِيف حِينَئِذٍ على المضغة والعلقة والمني بل على اللَّحْم وَالْخبْز اللَّذين يحصل مِنْهُمَا الْمَنِيّ لِأَن كَلَامهَا حَيَوَان نَاطِق بِالْقُوَّةِ فعلى الأول التَّعْرِيف لَيْسَ بِجَامِع وعَلى الثَّانِي لَيْسَ بمانع وَالْجَوَاب وَاضح مِمَّا ذكرنَا آنِفا فَإِن المُرَاد بالناطق لما تقرر أَنه ذُو مبدأ نطق فَهُوَ مَوْجُود بِالْفِعْلِ فِي الصّبيان ومفقود بِالْفِعْلِ فِي المضغة والعلقة وَغير ذَلِك. وَلما تبين بِمَا ذكرنَا فِيمَا سبق أَن الْإِنْسَان حَيَوَان فَالْآن نبين كَونه ناطقا فَنَقُول إِنَّه ذُو نفس ناطقة لوَجْهَيْنِ. الْوَجْه الأول أَنه يظْهر فِي كل فَرد من أَفْرَاده آثَار النَّفس الناطقة من النُّطْق بالحروف والأصوات وَإِدْرَاك الكليات والتعجب والضحك وأمثالها مِمَّا تقرر فِي الْحِكْمَة أَنَّهَا من آثَار النَّفس الناطقة وَهَذِه الْآثَار لَا تُوجد فِي غير الْإِنْسَان فَيكون مبدأها وَهُوَ النَّفس مَخْصُوصًا بِهِ فَيكون هُوَ ذَا نفس دون غَيره فَهَذَا دَلِيل أَنِّي على ثُبُوتهَا فِي الْإِنْسَان. وَالْوَجْه الثَّانِي مَا تحقق أَن العناصر إِذا تصغرت أجزاءها غَايَة التصغر وامتزج بَعْضهَا بِبَعْض امتزاجا كَامِلا يَقع بَينهَا بِاعْتِبَار كيفيتها الْمُخْتَلفَة فعل وانفعال تنكسر سُورَة كل وَاحِدَة مِنْهَا بِالْأُخْرَى فَتحدث هُنَاكَ كَيْفيَّة وَاحِدَة متوسطة معتدلة قريبَة بالاعتدال الْحَقِيقِيّ فَحِينَئِذٍ يشْتَد كَمَال الامتزاج بَين تِلْكَ الْأَجْزَاء ويرتفع الامتزاج بَينهَا بِالْكُلِّيَّةِ وَيصير شَيْئا وَاحِدًا متكيفا بكيفية وَاحِدَة فَيحصل لَهُ بتينك الوحدتين أَعنِي الْوحدَة فِي الْمَادَّة والوحدة فِي الْكَيْفِيَّة مُنَاسبَة تَامَّة بالمبدأ الْحَقِيقِيّ الْوَاحِد من جَمِيع الْجِهَات فيفيض مِنْهُ عَلَيْهِ بِسَبَب تِلْكَ الْمُنَاسبَة جَوْهَر مُجَرّد شرِيف يتَعَلَّق بِهِ تعلق التَّدْبِير وَالتَّصَرُّف فَيحصل لَهُ بذلك قُوَّة النُّطْق بالحروف والأصوات إِذا لم يكن هُنَاكَ مَانع وَقُوَّة إِدْرَاك الكليات والتعجب والضحك وَمَا أشبههَا وَهُوَ الْمُسَمّى بِالنَّفسِ الناطقة عِنْدهم. وَلَا شكّ أَن تِلْكَ الْمُنَاسبَة التَّامَّة بالمبدأ الْحَقِيقِيّ الْحَاصِلَة بِسَبَب الامتزاج الْكَامِل المستتبعة لفيضان تِلْكَ النَّفس تُوجد فِي بدن الْإِنْسَان بالدلائل الدَّالَّة عَلَيْهَا وَلَا تُوجد فِي غَيره فَيكون هُوَ ذَا نفس ناطقة.
وَفِي حَيَاة الْحَيَوَان افْتتح عبد الْمَسِيح ابْن يختشوع كِتَابه فِي الْحَيَوَان بالإنسان وَقَالَ إِنَّه أعدل الْحَيَوَان مزاجا وأكمله أفعالا وألطفه حسا وأنفذه رَأيا فَهُوَ كالملك الْمُسَلط القاهر لسَائِر الخليقة الْآمِر لَهَا وَذَلِكَ لما وهبه الله تَعَالَى لَهُ من الْعقل الَّذِي بِهِ يتَمَيَّز على كل الْحَيَوَان البهيمي فَهُوَ فِي الْحَقِيقَة ملك الْعَالم وَلذَلِك سَمَّاهُ قوم من القدماء الْعَالم الْأَصْغَر. ثمَّ قَالَ وَمِمَّا ذكر فِي الْخَواص وَشهِدت بِهِ التجربة أَنه مَتى صور صُورَة صبي حسن الْوَجْه وَنصب بِحَيْثُ ترَاهُ وَقت الْجِمَاع خرج الْوَلَد يشبه تِلْكَ الصُّورَة فِي أَكثر الْأَعْضَاء. وَله خَواص يطول الْكتاب بذكرها مِنْهَا: أَنه إِن أَخذ نجو صبي حِين يُولد وجفف وسحق وكحل بِهِ بَيَاض الْعين نفع وينفع من الغشاوة أَيْضا. وَدم الْحيض إِذا طلي بِهِ من عضه الْكَلْب الْكَلْب يبرأ وَكَذَلِكَ البرص والبهق. وَقَالَ الْقزْوِينِي فِي عجائب الْمَخْلُوقَات إِذا رعف الْإِنْسَان فليكتب اسْمه بدمه على خرقَة وَيجْعَل نصب عينه فَإِنَّهُ يَنْقَطِع رعافه. ونطفة الْإِنْسَان إِذا طلي بهَا البهق والبرص والقوبا أبرأتهم.
وَقَالَ الْأَطِبَّاء إِذا أردْت أَن تعلم أَن الْمَرْأَة عقيم أم لَا فَمُرْهَا أَن تحمل ثومة فِي قطنة وتمكث سبع سَاعَات فَإِن فاح من فمها رَائِحَة الثوم فعالجها بالأدوية فَإِنَّهَا تحمل بِإِذن الله تَعَالَى وَإِلَّا فَلَا وَالله أعلم. وَالْإِنْسَان الْكَامِل لجَمِيع العوالم الإلهية والكونية الْكُلية والجزئية وَفِي تَفْصِيله طول فِي كتب الْحَقَائِق وَللَّه در الشَّاعِر. شعر:
(آنجه برجستيم وَكم ديديم وبسيار است ونيست)

(نيست جز انسان درين عَالم كه بسياراست)
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.