Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: أجاب

زينٍ

[ز ي نٍ] الزَّيْنُ: خِلافُ الشَّيْنِ، وجَمعُه: أَزْيانٌ، قال حُمَيدُ بنُ ثَوْرٍ: (تَصِيدُ الجَلِيسَ بأَزْيانِها ... ودَلٍّ أَجابَــتْ عليهِ الرُّقَي)

زانَه زَيْناً، وأَزانَه وأَزْيَنَهُ، علَى الأصْلِ. وتَزَيَّنَ هُو، وازْدَانَ. وتَزَيَّنَتِ الأَرْضُ بالنَّباتِ، وازَّيَّنَتْ، وازْدَانَتْ، وازْيَانَّتْ وازْيَنَّتْ، وأَزْيَنَتْ، وقَد قَرأَ الأَعْرَجَ بهذه الأَخيِرِةَ، قال الزَّجّاجُ: هو عَلَى أَفْعَلَتْ: جَاءَتْ بالزِّيَنَةِ، وازَّيَّنَتْ أَجْودُ في العَرِيبة؛ لأنَّ أَزْيْنَتْ الأَجْودُ فيه أَزانَتْ. وقَالُوا: إذا طَلَعَت الجَبْهَةُ تَزَيَّنَتِ النَّخْلَةُ. والزِّينةَّ والزُّوَنَةً: اسمٌ جامِعٌ لما تَزُيَّنَ به، قُلِبَت الكَسرةُ ضَمَّةً، فانْقَلَبَت الياءً وَاواً. وقَولُه عَزَّ وجَلَّ: {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها} [النور: 31] مَعناهُ لا يُبْدِيِنَ الزِّينَةَ الباطِنةَ، كالِمخْنَقةِ، والخَلْخالِ، والدُّمْلُجِ، والسِّوارِ، والذي يَظْهَرُ هو الثِّيابُ والوَجْهُ. وقَولُه عزّ وجلَّ: {فخرج على قومه في زينته} [القصص: 79] ، قَالَ الزَّجّاجُ: جَاءَ في التَّفْسِيرِ أَنَّه خَرَجَ عَلى قَوْمِه هو وأَصحابُه وعَلَيهم وعَلَى الخَيلِ الأُرْجُوانُ، وقِيلَ: كانَ عَلَيْهِم وعَلَى خَيْلِهم الدِّيباجُ الأَحْمرُ. وامْرَأَةُ زَائِنٌ: مُتَزَيِّنَةٌ. والزُّونُ: مَوْضِعٌ تُنْصَبُ فيه الأَصْنَامُ وتَزَيَّنُ. والزُّونُ: كُلُّ شَيءٍ يُتَّخَذُ رَبّا ويُعْبَدُ؛ لأنَّه يُزَيَّنُ.

الحَوْزُ

الحَوْزُ:
بالفتح ثم السكون، وزاي، من حزت الشيء حوزا إذا حصلته: وهي قرية من شرقي مدينة واسط قبالتها متصلة بالحزّامين، وهي محلة تقابل واسطا من الجانب الشرقي ويقال له حوز برقة، ينسب إليها الأديب أبو الكرم خميس بن علي الحوزي، حدث عن أبي القاسم عبد العزيز بن علي الأنماطي وأبي منصور محمد النديم العكبري وأبي القاسم علي بن أحمد البسري وغيرهم من البغداديّين والواسطيين، قال أبو طاهر السلفي: كان خميس من حفّاظ الحديث المحققين بمعرفة رجاله ومن أهل الأدب البارع، وله من الشعر الغاية في الجودة، وفي شيوخه كثرة، وقد علقت عنه فوائد وسألته عن رجال من الرواة فــأجاب بما أثبتّه في جزء ضخم وهو عندي، وقد أملى عليّ نسبه، وهو: خميس بن علي بن أحمد ابن علي بن إبراهيم بن الحسن بن سلامويه الحوزي، ومولده سنة 447، وكان إتقانه مما يعول عليه، وفي كتاب ابن نقطة: مولده سنة 442 في شعبان، ومات في شعبان أيضا سنة 510 بواسط. والحوز أيضا:
موضع بالكوفة، ينسب إليه أبو علي الحسن بن علي ابن زيد بن الهيثم الحوزي، حدث عن محمد بن الحسن النحاس، حدث عنه أبيّ النّرسي ومحمد بن علي بن
ميمون، وابنه أبو محمد يحيى بن الحسن بن علي بن زيد الحوزي، حدث عن محمد بن عبد الله بن هشام التيملي، حدث عنه أبيّ. والجوز أيضا: محلة بأعلى بعقوبا، ينسب إليها أبو محمد عبد الحق بن محمود بن أبي طاهر الفرّاش، سمع من أبي الفتح عبيد الله بن عبد الله بن مثاقيل، سمع منه ابن نقطة وذكره وقال: كان فقيها صالحا فاضلا.
الحَوْزُ: الجمعُ، وضمُّ الشيء،
كالحِيازَةِ والاحْتِيازِ، والسَّوْقُ اللَّيِّنُ، والشديدُ، ضِدٌّ، والسيْرُ اللَّيِّنُ، والمَوْضِعُ تُتَّخَذُ حَوالَيْهِ مُسَنَّاةٌ، والمِلْكُ، والنِّكاحُ، والإِغْراقُ في نَزْعِ القَوْسِ، ومَحَلَّةٌ بأَعْلى بَعْقُوبا، منها عبدُ الحَقِّ بنُ محمودٍ الفرَّاشُ الزاهِدُ،
وة بواسِطَ، منها خَميسُ بنُ عليٍّ شيخُ السِّلَفِيِّ،
وة بالكوفة، منها الحسنُ بنُ زيدِ بن الهَيْثَمِ، وبهاءٍ: الناحيةُ، وبَيْضَةُ المُلْكِ، وعِنَبٌ، وفَرْجُ المرأةِ، والطبيعةُ، ووادٍ بالحِجازِ.
وأولُ لَيْلَةِ تَوَجُّهِ الإِبِلِ إلى الماءِ: لَيْلَةُ الحَوْزِ، وقد حَوَّزَ تَحْويزاً.
والمُحاوَزَةُ: المُخالَطَةُ، والوَطْءُ.
والأَحْوَزِيُّ: الأَحْوَذِيُّ،
كالأَحْوَزِ، والأَسْوَدُ، والحَسَنُ السِّياقَةِ،
كالحُوزِيِّ، أو الحُوزِيُّ: الذي يَنْزِلُ وحْدَهُ ولا يُخالِطُ، ورجلٌ رَأْيُهُ وعَقْلُهُ مُدَّخَرٌ، والأَسْوَدُ.
وانْحَازَ عنه: عَدَلَ،
وـ القوْمُ: تَرَكوا مَرْكَزَهم إلى آخَرَ.
وتَحاوَزَ الفَرِيقانِ: انْحَازَ كلُّ واحدٍ عن الآخَرِ. و"حَوَّازُ القُلوبِ" في حديثِ ابنِ مسعودٍ: ما يَحُوزُها ويَغْلِبُها، حتى تَرْكَبَ ما لا يُحَبُّ.
ويُرْوى: حَوازُّ: جمعُ حازَّةٍ، وهي الأُمورُ التي تَحُزُّ في القُلوبِ، وتَحُكُّ، وتُؤَثِّرُ، ويَتَخالَجُ فيها أن تكونَ مَعَاصِيَ، لفَقْدِ الطُّمَأنِينَة إليها.
وتَحَوَّز: تَلَوَّى،
كتَحَيَّزَ، وتَنَحَّى.
والحُوزِيَّةُ، بالضم: الناقةُ المُنْحازَةُ عن الإِبِلِ، أو التي عندَها سَيْرٌ مَذْخُورٌ، أو التي لها خَلَقَةٌ انْقَطَعَتْ عن الإِبِلِ في خَلَقَتِها وفَراهَتِها، كما تقولُ: مُنْقَطِعُ القَرينِ.
والحُوَيْزاءُ: الذَّخيرةُ تَطْويها عن صاحِبِكَ.
وحَوْزانُ وحَوْزُ: قَرْيتانِ.
والحُوَيْزَةُ، كدُوَيْرة: قَصَبَةٌ بِخُوزِسْتانَ، منها: أحمدُ بنُ محمدِ بنِ محمدٍ الفَقيهُ الشاعرُ، وابنهُ حسنٌ شاعرٌ، وعبدُ اللهِ بنُ الحسنِ، وأحمَدُ بنُ عباس المُحَدِّثانِ، ومحمودُ بنُ إسماعيلَ الحُوَيْزانِيُّ الخَطيبُ المُحدِّثُ، كأنه من تَغْييرِالنَّسَبِ.
وحُوَيْزَةُ، كجُهَيْنَةَ: ممَّنْ قاتلَ الحُسَيْنَ. وبَدْرُ بنُ حُوَيْزَةَ: محدِّثٌ. وككَتَّانٍ: رجلٌ. وكرُمَّانٍ: الجِعْلانُ الكِبارُ.
والحَوْزاءُ: الحَرْبُ التي تَحُوزُ القومَ. وهِلالُ بنُ أحْوَزَ: قاتِلُ جَهْمِ بنِ صَفْوَانَ.

بِسْطامُ

بِسْطامُ، بالكسر: ابنُ قيسِ بنِ مَسْعُودٍ،
ود، ويُفْتَحُ، أو لَحْنٌ، ولم يُرَ به رَمِدٌ ولا عاشِقٌ، وإن وردَهُ سلا، منه: العارِفُ أبو يَزِيدَ، وعَمْرٌو، ومحمدٌ ابْنا محمدٍ، والحُسَيْنُ بنُ عيسَى المُحَدِّثونَ، وعَلِيُّ بنُ أحْمَدَ بنِ بِسطامٍ البِسْطَامِيُّ نِسْبَةٌ إلى جَدِّهِ.
بِسْطامُ:
بالكسر ثم السكون: بلدة كبيرة بقومس على جادّة الطريق إلى نيسابور بعد دامغان بمرحلتين، قال مسعر بن مهلهل: بسطام قرية كبيرة شبيهة بالمدينة الصغيرة، منها أبو يزيد البسطامي الزاهد، وبها تفاح حسن الصّبغ مشرق اللون يحمل إلى العراق يعرف بالبسطامي، وبها خاصيّتان عجيبتان: إحداهما أنه لم ير بها عاشق من أهلها قط، ومتى دخلها إنسان في قلبه هوى وشرب من مائها زال العشق عنه، والأخرى أنه لم ير بها رمد قط، ولها ماء مرّ ينفع إذا شرب منه على الريق من البخر، وإذا احتقن به أبرأ البواسير الباطنة، وتنقطع بها رائحة العود ولو أنه من أجود الهندي، وتذكو بها رائحة المسك والعنبر وسائر أصناف الطيب إلا العود، وبها حيّات صغار وثّابات وذباب كثير مؤذ، وعلى تل بإزائها قصر مفرط السعة على السور كثير الأبنية والمقاصير ويقال إنه من بناء سابور ذي الأكتاف، ودجاجها لا يأكل العذرة، قلت أنا: وقد رأيت بسطام هذه، وهي مدينة كبيرة ذات أسواق إلا أن أبنيتها مقتصدة ليست من أبنية الأغنياء، وهي في فضاء من الأرض، وبالقرب منها جبال عظام مشرفة عليها، ولها نهر كبير جار، ورأيت قبر أبي يزيد البسطامي، رحمه الله، في وسط البلد في طرف السوق، وهو أبو يزيد طيفور بن عيسى بن شروسان الزاهد البسطامي، ومنها أبو يزيد طيفور بن عيسى بن آدم بن عيسى ابن علي الزاهد البسطامي الأصغر، ومن المتأخرين
أحمد بن الحسن بن محمد الشعيري أبو المظفّر بن أبي العباس البسطامي المعروف بالكافي سبط أبي الفضل محمد ابن علي بن أحمد بن الحسين بن سهل السهلكي البسطامي، سمع جدّه لأمّه وأجاز لأبي سعد، ومات في حدود سنة 530، وكان عمر أنفذ إلى الرّيّ وقومس نعيم بن مقرّن وعلى مقدّمته سويد بن مقرّن وعلى مجنبته عيينة بن النحاس، وذلك في سنة 19 أو 18، فلم يقم له أحد، وصالحهم وكتب لهم كتابا، وقال أبو نجيد:
فنحن، لعمري، غير شكّ قرارنا ... أحقّ وأملى بالحروب وأنجب [1]
إذا ما دعا داعي الصباح أجابــه ... فوارس منّا كلّ يوم مجرّب
ويوم ببسطام العريضة، إذ حوت، ... شددنا لهم أوزارنا بالتلبّب
ونقلبها زورا، كأنّ صدورها ... من الطّعن تطلى بالسنى المتخضّب

العطف

العطف: ثني أحد الطرفين إلى الآخر. ويستعار للميل والشفقة إذا عدي بعلى. وعطفه عن حاجته: صرفه عنها.
العطف: عند النحاة: تابع يدل على معنى مقصود بالنسبة مع متبوعه يتوسط بينه وبين متبوعه أحد الحروف العشرة كقام زيد وعمرو، فعمرو تابع مقصود بنسبة القيام إليه مع زيد.
العطف:
[في الانكليزية] Inflexion ،conjunction ،coordination
[ في الفرنسية] Inflexion ،conjonction ،coordination
بالفتح وسكون الطاء المهملة في اللغة الإمالة. وعند النحاة يطلق على المعنى المصدري وهو أن يميل المعطوف إلى المعطوف عليه في الإعراب أو الحكم كما وقع في المكمل، وعلى المعطوف وهو مشترك بين معنيين الأول العطف بالحرف ويسمّى عطف النّسق بفتح النون والسين أيضا لكونه مع متبوعه على نسق واحد، وهو تابع يقصد مع متبوعه متوسطا بينهما إلى إحدى الحروف العشرة، وهي الواو والفاء وثم وحتى وأو وأمّا وأم ولا وبل ولكن، وقد يجيء إلّا أيضا على قلّة كما في المغني. والمراد بكون المتبوع مقصودا أن لا يذكر لتوطئة ذكر التابع، فخرج جميع التوابع.
أمّا غير البدل فلعدم كونه مقصودا. وأمّا البدل فلكونه مقصودا دون المتبوع. ولا يخرج المعطوف بلا وبل ولكن وأم وأمّا وأو لعدم كون متبوعه مذكورا توطئة. وقيد التوسّط لزيادة التوضيح لأنّ الحدّ تام بدونه جمعا ومنعا هكذا في شروح الكافية؛ إلّا أنّهم زادوا قيد النسبة فإنهم قالوا هو تابع مقصود بالنسبة مع متبوعه لأنّهم أرادوا تعريف نوع منه وهو عطف الاسم على الاسم. وأمّا نحن فأردنا تعريفه بحيث يشتمل غيره أيضا كعطف الجملة على الجملة التي لا محلّ لها من الإعراب لظهور أنّ التابع هناك غير مقصود بالنسبة مع متبوعه، إذ لا نسبة هناك مع المتبوع، كما وقع في الهداد.
التقسيم
في المغني العطف ثلاثة أقسام. الأول العطف على اللفظ وهو الأصل، نحو ليس زيد بقائم ولا قاعد بالجر، وشرطه إمكان توجّه العامل إلى المعطوف. فلا يجوز في نحو ما جاءني من امرأة ولا زيد إلّا الرفع عطفا على الموضع لأنّ من الزائدة لا تعمل في المعارف.
والثاني العطف على المحلّ ويسمّى بالعطف على الموضع أيضا نحو ليس زيد بقائم ولا قاعدا بالنصب، وله عند المحقّقين شروط ثلاثة.
أولها إمكان ظهور ذلك المحلّ في الفصيح. ألا ترى أنّه يجوز في ليس زيد بقائم أن تسقط الباء فتنصب؛ وعلى هذا فلا يجوز مررت بزيد وعمروا خلافا لابن جنّي لأنّه يجوّز مررت زيدا. ثانيها أن يكون الموضع بحق الأصالة فلا يجوز هذا ضارب زيدا وأخيه خلافا للبغداديين لأنّ الوصف المستوفي بشروط العمل الأصل أعماله لا الإضافة. ثالثها وجود المحرز أي الطالب لذلك المحلّ خلافا للكوفيين وبعض البصريين. ولذا امتنع أن زيدا وعمروا قائمان وذلك لأنّ الطالب لرفع زيد هو الابتداء أي التجرّد عن العوامل اللفظية وقد زال بدخول إنّ ومن الغريب قول أبي حيان، إنّ من شرط العطف على الموضع أنّ يكون للمعطوف عليه لفظا وموضع فجعل صورة المسألة شرطا لها، ثم إنّه أسقط الشرط الأول ولا بد منه. الثالث العطف عل التوهّم ويسمّى في القرآن العطف على المعنى نحو ليس زيد قائما ولا قاعد بالخفض على توهّم دخول الباء في الخبر، وشرط جوازه صحّة دخول ذلك العامل المتوهّم وشرط حسنه كثرة دخوله هناك كما في المثال المذكور، ويقع هذا في المجرور كما عرفت وفي المجزوم نحو: لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ لأنّ معنى لولا أخرتني فأصّدّق ومعنى إن أخّرتني أصّدّق واحد. وفي المنصوب نحو قام القوم غير زيد وعمروا بالنصب فإنّ غير زيد في موضع إلّا زيدا. قال سيبويه: إنّ من الناس من يغلطون فيقولون إنّهم أجمعون ذاهبون، وإنّك وزيد ذاهبان وذلك أنّ معناه معنى الابتداء. ومراده بالغلط ما عبّر عنه غيره بالتوهّم. وفي المنصوب اسما نحو قوله تعالى: وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ فيمن فتح الباء كأنّه قيل وهبنا له إسحاق ومن وراء اسحاق يعقوب، وفعلا كقراءة بعضهم: وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ حملا على معنى ودّوا أن تدهن. وفي المركّبات كما قيل في قوله تعالى أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ إنّه على معنى أرأيت كالذي حاجّ وكالذي مرّ، انتهى ما في المغني.
فائدة:
عطف الاسمية على الفعلية وبالعكس فيه ثلاثة مذاهب، الجواز مطلقا والمنع مطلقا والجواز في الواو فقط.
فائدة:
عطف الخبر على الإنشاء وبالعكس منعه البيانيون وابن مالك وابن عصفور ونقله عن الأكثرين وأجازه الصفار وجماعة، ووفّق الشيخ بهاء الدين السبكي بينهما وحاصله أنّ أهل البيان متفقون على المنع بلاغة، وأكثر النحاة قائلون بجوازه لغة كذا في المغني وشرحه. وفي الارشاد عطف الفعل على الاسم جائز ويجوز عكسه، وعطف الجملة على المفرد ويجوز عكسه، وعطف الماضي على المضارع وعكسه أيضا، ويحتاج كلّ إلى تأويل بالوفاق.
فائدة:
عطف القصة على القصة هو أن يعطف جمل مسوقة لغرض على جمل مسوقة لغرض آخر لمناسبة بين الغرضين. فكلّما كانت المناسبة أشدّ كان العطف أحسن من غير نظر إلى كون تلك الجمل خبرية أو إنشائية. فعلى هذا يشترط أن يكون المعطوف والمعطوف عليه جملا متعددة. وقد يراد بها عطف حاصل مضمون أحدهما على حاصل مضمون الأخرى من غير نظر إلى الإنشائية والخبرية، هكذا ذكر المولوي عبد الحكيم في حاشية الخيالي في الخطبة.

فقوله تعالى: فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا إلى قوله وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا ليس من باب عطف الجملة على الجملة بل من باب ضمّ جمل مسوقة لغرض إلى جمل أخرى مسوقة لغرض آخر. والمقصود بالعطف المجموع.
ويجوز أن يراد به عطف الحاصل على الحاصل، يعني أنّه ليس المعتمد بالعطف هو الأمر حتى يطلب له مشاكل من أمر أو نهي يعطف عليه، بل المعتمد بالعطف هو الجملة من حيث إنّها وصف ثواب المؤمنين، فهي معطوفة على الجملة من حيث إنّها وصف عقاب الكافرين كما تقول زيد يعاقب بالقيد والإزهاق وبشّر عمروا بالعفو والإطلاق. ثم هذا المثال يمكن أن يجعل من عطف قصة على قصة بالمعنى الأول، وإن لم يكن فيه جمل بل جملتان بأن يقال فيه عطف قصة عمرو الدالة على أحسن حاله على قصة زيد الدالة على أسوإ حاله، لكنه اقتصر من القصتين على ما هو العمدة فيهما إذ يفهم منه الباقي منهما، فكأنّه قال: زيد يعاقب بالقيد والإزهاق فما أسوأ حاله وما أخسره إلى غير ذلك وبشر عمروا بالعفو والإطلاق فما أحسن حاله وما أربحه، هكذا في المطول وحواشيه في باب الوصل والفصل.
فائدة:
عطف التلقين وهو أن يلقّن المخاطب المتكلّم بالعطف كما تقول أكرمك فيقول المخاطب وزيدا أي قل وزيدا أيضا، وعلى هذا قوله تعالى قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي بعد قوله إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً أي قل وَمِنْ ذُرِّيَّتِي. قيل عليه تلقين القائل يقتضي أن يقال ومن ذريتك وأجاب عنه جدّي رحمة الله عليه في حاشيته على البيضاوي بأنّ معنى عطف التلقين أن يقول المخاطب للمتكلّم قل وهذا أيضا عطفا على ما قلت على وجه ينبغي لك لا على وجه قلت أنا مثل أن تقول ومن ذريتك لا أن تقول ومن ذريتي. وإنّما قال المخاطب ومن ذريتي مناسبا لحاله. فائدة:
عطف أحد المترادفين على الآخر ويسمّى بالعطف التفسيري أيضا، أنكر المبرّد وقوعه في القرآن. وقيل المخلّص في هذا أن يعتقد أنّ مجموع المترادفين يحصّل معنى لا يوجد عند انفرادهما. فإنّ التركيب يحدث أمرا زائدا. وإذا كانت كثرة الحروف تفيد زيادة المعنى فكذلك كثرة الألفاظ. وقد يعطف الشيء على نفسه تأكيدا كما في فتح الباري شرح صحيح البخاري.
فائدة:
عطف الخاص على العام التنبيه على فضله حتى كأنّه ليس من جنس العام. وسمّاه البعض بالتجريد كأنّه جرّد من الجملة وأفرد بالذّكر تفصيلا ومنه: حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى.
فائدة:
عطف العام على الخاص أنكر بعضهم وجوده فأخطأ، والفائدة فيه واضحة، وهو التعميم وأفراد الأول بالذكر اهتماما بشأنه، ومنه قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي والنّسك العبادة فهو أعمّ كذا في الاتقان.
فائدة:
جمعوا على جواز العطف على معمولي عامل واحد نحو إنّ زيدا ذاهب وعمرا جالس، وعلى معمولات عامل واحد نحو أعلم زيد عمرا بكرا جالسا وأبو بكر خالدا سعيدا منطلقا، وأجمعوا على منع العطف على معمول أكثر من عاملين نحو إنّ زيدا ضارب أبوه لعمرو وأخاك غلامه بكر وأمّا معمولا عاملين مختلفين فإن لم يكن أحدهما جارا فقال ابن مالك هو ممتنع إجماعا، نحو كان زيد آكلا طعامك عمرو وتمرك بكر، وليس كذلك بل نقل الفارسي الجواز مطلقا عن جماعة، وقيل إنّ منهم الأخفش. وإن كان أحدهما جارا فإن كان الجار مؤخرا نحو زيد في الدار والحجرة عمرو أو عمرو الحجرة فنقل المهدوي أنّه ممتنع إجماعا وليس كذلك، بل هو جائز عند من ذكرناه، وإن كان الجار مقدّما نحو في الدار زيد والحجرة عمرو فالمشهور عن سيبويه المنع وبه قال المبرّد وابن السّرّاج. ومنع الأخفش الإجازة. قال الكسائي والفراء والزجاج فصل قوم منهم الأعلم فقالوا إن ولي المخفوض العاطف كالمثال جاز لأنّه كذا سمع، ولأنّ فيه تعادل المتعاطفات، وإلّا امتنع نحو في الدار زيد وعمرو الحجرة. والثاني عطف البيان وهو تابع يوضّح أمر المتبوع من الدال عليه لا على معنى فيه. فبقيد الإيضاح خرج التأكيد والبدل وعطف النّسق لعدم كونها موضّحة للمتبوع.
وبقولنا من الدّال عليه أي على المتبوع لا على معنى فيه أي في المتبوع خرج الصفة فإنّ الصّفة تدلّ على معنى في المتبوع بخلاف عطف البيان فإنّه يدلّ على نفس المتبوع نحو اقسم بالله أبو حفص عمر، ولا يلزم من ذلك أن يكون عطف البيان أوضح من متبوعه بل ينبغي أن يحصل من اجتماعهما إيضاح لم يحصل من أحدهما على الانفراد، فيصحّ أن يكون الأول أوضح من الثاني، كذا في العباب والفوائد الضيائية، وقد ذكر ما يتعلّق بهذا في لفظ التوضيح أيضا.
فائدة:
يفترق عطف البيان والبدل في أمور ثمانية. الأول: أنّ العطف لا يكون مضمرا ولا تابعا لمضمر لأنّه في الجوامد نظير النعت في المشتقّ، وأمّا البدل فيكون تابعا لضمير بالاتفاق نحو قوله تعالى: وَنَرِثُهُ ما يَقُولُ وكذا يكون مضمرا تابعا لمضمر نحو رأيته إياه، أو لظاهر كرأيت زيدا إياه وخالف في ذلك ابن مالك، والصّواب في الأول قول الكوفيين أنّه توكيد كما في قمت أنت. الثاني: أنّ البيان لا يخالف متبوعه في تعريفه وتنكيره ولا يختلف النحاة في جواز ذلك في البدل نحو بِالنَّاصِيَةِ، ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ. الثالث أنّه لا يكون جملة بخلاف البدل نحو قوله تعالى: ما يُقالُ لَكَ إِلَّا ما قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقابٍ أَلِيمٍ، وهو أصح الأقوال في عرفت زيدا أيؤمن هو الرابع: أنّه لا يكون تابعا لجملة بخلاف البدل نحو قوله تعالى اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ، اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْئَلُكُمْ أَجْراً الخامس: أنّه لا يكون فعلا تابعا لفعل بخلاف البدل نحو قوله تعالى: وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً، يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ السادس: أنّه لا يكون بلفظ الأول ويجوز ذلك في البدل بشرط أن يكون مع الثاني زيادة بيان كقراءة يعقوب وَتَرى كُلَّ أُمَّةٍ جاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعى إِلى كِتابِهَا بنصب كلّ الثاني، قاله ابن الطراوة وتبعه على ذلك ابن مالك وابنه، وحجتهم أنّ الشيء لا يبيّن بنفسه. والحقّ جواز ذلك في عطف البيان أيضا. السابع: أنّه ليس في النية إحلاله محلّ الأول بخلاف البدل فإنّه في حكم تكرير العامل، ولذا تعيّن البدل في نحو أنا الضارب الرجل زيد. الثامن: أنّه ليس في التقدير من جملة أخرى بخلاف البدل ولذا تعيّن البدل في نحو هند قام عمرو أخوها، ونحو مررت برجل قام عمرو أخوه، ونحو زيدا ضربت عمروا أخاه. وإن شئت الزيادة على هذا فارجع إلى المغني.

غثًا 

[غثًا] فيه: كما تنبت الحبة في "غثاء" السبل، هو بالضم والمد ما يجيء فوق السيل مما يحمله من الزبد والوسخ وغيره، وفي مسلم: كما تنبت الغثاءة، يريد ما احتمله السيل من البزورات. ومنه: هذا "الغثاء" الذي كنا تحدث عنه، يريد أراذل الناس. ن: كما تنبت "الغثاءة"، بضم وبمثلثه مخففة ومد، وآخره هاء، وفي غير مسلم: كما تنبت الحبة في "غثاء" السبل- بحذف هاء ما احتمل السيل من الزبد والعيدان والأقذاء. غ: "فجعلناهم "غثاء"" أهلكناهم فذهبنا بهم كما يذهب السيل به. ط: ولكنكم "غثاء كغثاء" السيل، هو بالضم والمد وبالتشديد أيضًا محمولة، ووجه الشبه قلة الغناء ودناءة القدر وخفة الأحلام، قوله: يوشك، أي يقرب أن فرق الكفر وأمم الضلالة، أن تداعى عليكم أن يدعو بعضهم بعضًا إلى الاجتماع لقتالكم وكسر شوكتكم ليغلبوا على ما ملكتموها من الديار كما أن الفئة الأكلة يتداعى بعضهم بعضًا إلى قصعتهم التي يتناولونها من غير مانع فيأكلونها صفوًا من غير تعب، ورواية أبي داود: لنا الآكلة- بوزن فاعلة صفة لجماعة، وما الوهن - سؤال عن نوعه، فــأجاب بأنه نوع حب الدنيا وبقائها وأنه يدعوهم إلى إعطاء الدنية في الدين واحتمال الذل عن العدو، قوله: من قلة- خبر محذوف، ونحن يومئذٍ - مبتدأ وخبر صفة لها، أي ذلك التداعي لأجل قلة نحن عليها يومئذٍ. مف: ويروى: الأكلة - بفتحتين أيضًا جمع آكلة.

بَهَمَ

(بَهَمَ)
(هـ) فِيهِ «يُحشَر الناسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عُرَاةً حُفَاةً بُهْماً» البُهْم جَمْعُ بَهِيم، وَهُوَ فِي الْأَصْلِ الَّذِي لَا يُخالط لونَه لونٌ سِوَاهُ، يَعْنِي ليْس فِيهِمْ شَيْءٌ مِنَ الْعَاهَاتِ والأعْراض الَّتي تَكُونُ فِي الدُّنْيَا كالْعَمى والعَوَر والعَرج وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا هِيَ أجْساد مُصَحَّحة لِخُلُود الأبَدِ فِي الْجَنَّةِ أَوِ النَّارِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي تَمَامِ الْحَدِيثِ: «قِيلَ ومَا البُهْم؟ قَالَ: لَيْسَ مَعهم شَيْءٌ» ، يعْني مِنْ أَعْرَاضِ الدُّنْيَا، وَهَذَا يُخَالِفُ الْأَوَّلَ من حيثُ المعْنَى. وَفِي حَدِيثِ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ «والأسْوَد البَهِيم كَأَنَّهُ مِنْ ساسَمٍ» أَيِ المُصْمَت الَّذِي لَمْ يُخالطْ لونَه لونٌ غيرُه.
[هـ] وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «كَانَ إِذَا نَزَلَ بِهِ إِحْدَى المُبْهَمَات كشَفَها» يُريد مَسْألةً مُعْضِلَة مُشْكِلَة، سُمّيت مُبْهَمَة لِأَنَّهَا أُبْهِمَت عَنِ الْبَيَانِ فَلَمْ يُجْعَل عَلَيْهَا دَلِيلٌ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ قُسّ:
تَجْلُو دُجُنَّاتِ الدَّياجِي والبُهَم
البُهَم جَمْعُ بُهْمَة بِالضَّمِّ، وَهِيَ مُشْكِلات الْأُمُورِ.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهما «أنه سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى «وَحَلائِلُ أَبْنائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ» وَلَمْ يُبَيّن أدَخَل بِهَا الابْن أمْ لَا، فَقَالَ: أَبْهِمُوا مَا أَبْهَمَ اللَّهُ» قَالَ الْأَزْهَرِيُّ:
رَأَيْتُ كَثِيرًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَذهَبون بِهَذَا إِلَى إِبْهَامِ الْأَمْرِ وَإِشْكَالِهِ، وَهُوَ غَلَطٌ. قَالَ وقوله تعالى حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ إلى قوله وَبَناتُ الْأُخْتِ هَذَا كُلُّهُ يسمَّى التَّحْريم المُبْهَم؛ لِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ بوجْه مِنَ الْوُجُوهِ، كالبَهِيم مِنْ أَلْوَانِ الخيل الذى لاشية فِيهِ تُخَالِفُ مُعْظم لَوْنِهِ، فَلَمَّا سُئل ابنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى وَأُمَّهاتُ نِسائِكُمْ وَلَمْ يبيِّن اللَّهُ تَعَالَى الدُّخُولَ بِهِنَّ أَجَابَ فَقَالَ: هَذَا مِنْ مُبْهَم التَّحريم الَّذِي لَا وجْه فِيهِ غَيْرُهُ، سَوَاءٌ دخَلتم بِنِسَائِكُمْ أَوْ لَمْ تَدْخُلُوا بِهِنَّ، فَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ مُحرَّمات مِنْ جَمِيعِ الجِهات. وَأَمَّا الرَّبَائب فلسْنَ مِنَ المُبْهَمات؛ لِأَنَّ لَهُنَّ وجْهَين مُبَيَّنَيْن، أُحْلِلْنَ فِي أحَدِهما وحُرّمْنَ فِي الْآخَرِ، فَإِذَا دُخِل بِأُمَّهَاتِ الرَّبائب حَرُمتِ الربائبُ، وَإِنْ لَمْ يُدخل بِهِنَّ لَمْ يَحْرُمْن، فَهَذَا تَفْسِيرُ المُبْهَم الَّذِي أَرَادَ ابنُ عَبَّاسٍ، فافهمْه. انْتَهَى كَلَامُ الْأَزْهَرِيِّ. وَهَذَا التَّفْسِيرُ مِنْهُ إنَّما هُوَ لِلرَّبَائِبِ وَالْأُمَّهَاتِ.
لاَ لِحَلَائِلِ الْأَبْنَاءِ، وَهُوَ فِي أَوَّلِ الْحَدِيثِ إِنَّمَا جَعل سُؤَالُ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ الحَلائل لاَ الرَّبَائِبِ وَالْأُمَّهَاتِ.
وَفِي حَدِيثِ الْإِيمَانِ وَالْقَدَرِ «وترَى الْحُفَاة العُرَاةَ رِعَاء الْإِبِلِ والبَهْم يَتطاولون فِي البُنْيَان» البَهْم جَمْعُ بَهْمَة وَهِيَ وَلَدُ الضَّأْنِ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَجَمْعُ البَهْم بِهَام، وَأَوْلَادُ المَعز سِخَال، فَإِذَا اجْتَمَعَا اطْلِق عَلَيْهِمَا البَهْم والبِهَام، قَالَ الْخَطَّابِيُّ: أَرَادَ برِعاء الْإِبِلِ والبَهْم الأعرابَ وأصحابَ البوادِي الَّذِينَ ينْتَجِعون مَواقِع الْغَيْثِ وَلَا تَسْتَقِرّ بِهِمُ الدَّارُ، يَعْنِي أَنَّ الْبِلَادَ تُفتح فَيَسْكُنُونَهَا ويَتطاولون فِي البُنْيان. وَجَاءَ فِي رِوَايَةٍ «رُعاة الْإِبِلِ البُهُم» بضَم الْبَاءِ وَالْهَاءِ عَلَى نَعْتِ الرُّعَاةِ وَهُمُ السُّود. وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: والبُهْم بِالضَّمِّ جَمْعُ البَهِيم، وَهُوَ الْمَجْهُولُ الَّذِي لَا يُعْرف.
(س) وَفِي حَدِيثِ الصَّلَاةِ «إِنَّ بَهْمَة مَرَّتْ بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُوَ يُصَلّي» .
(س) وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ «أَنَّهُ قَالَ لِلرَّاعِي مَا وَلَّدتَ؟ قَالَ: بَهْمَة، قَالَ: اذْبَح مَكَانَهَا شَاةً» فَهَذَا يدلُّ عَلَى أَنَّ البَهْمَة اسْمٌ للأُنْثَى؛ لِأَنَّهُ إنَّما سَأَلَهُ ليَعْلم أذكَراً وَلَّد أَمْ أُنْثَى، وإلاَّ فقَد كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ إِنَّمَا وَلَّد أَحَدَهُمَا.

الحمد

الحمد: اللغوي: الوصف بفضيلة على فضيلة على جهة التعظيم باللسان فقط.
الحمد:
[في الانكليزية] Praise ،thanking
[ في الفرنسية] Reconnaissance ،louange ،remerciement
بالفتح وسكون الميم في اللغة هو الوصف بالجميل على الجميل الاختياري على قصد التعظيم، ونقيضه الذمّ. وهذا أولى مما قيل هو الوصف بالجميل على جهة التعظيم والتبجيل، لأنّ الحمد لا يتحقّق إلّا بعد أمور ثلاثة:
الوصف بالجميل وهو المحمود به، وكونه على الجميل الاختياري أعنى المحمود عليه، وكونه على قصد التعظيم. والتعريف الأول مشتمل على جميع هذه الأمور بخلاف التعريف الثاني فإنّه لا يشتمل المحمود عليه إن جعل الباء صلة للوصف كما هو الظاهر، أو المحمود به إن جعل الباء للسببية.
فإن قيل إذا وصف المنعم بالشجاعة ونحوها لأجل إنعامه كانت الشجاعة محمودا بها والإنعام محمودا عليه. وأمّا إذا وصف الشجاع بالشجاعة لشجاعته لم يكن هناك محمود عليه مع أنّ هذا الوصف حمد قطعا. قلت تلك الشجاعة من حيث إنّها كان الوصف بها كانت محمودا بها، ومن حيث قيامها بمحلها كانت محمودا عليها، فهما متغايران هنا بالاعتبار.
ولذا يقال وصفته بالشجاعة لكونه شجاعا. ثم الوصف يتبادر منه ذكر ما يدلّ على صفة الكمال فيكون قولا مخصوصا فصار مورد الحمد اللسان وحده. ولمّا لم يقيد الوصف بكونه في مقابلة النعمة ظهر أنّ الحمد قد يكون واقعا بإزاء النعمة وقد لا يكون. وبقيد الجميل المحمود به يخرج الوصف على الجميل بما ليس بجميل. وبقيد الجميل المحمود عليه يخرج الوصف على غير الجميل. وفي قيد الاختياري إشارة إلى أنّ الحمد أخصّ من المدح. والبعض اعتبر قيد الاختياري في جميع المحمود به وهو غير مشهور، فإنّه يعمّ الاختياري وغيره على الأظهر.
وعلى هذا قيل الحمد هو الثناء باللسان على الجميل الاختياري من إنعام أو غيره. والمدح هو الثناء باللسان على الجميل مطلقا. يقال مدحت اللؤلؤ على صفائها ولا يقال حمدتها على ذلك فالحمد يختص بالفاعل المختار دون المدح فإنّه يقع على الحي وغيره. وبالجملة فالممدوح عليه كالممدوح به لا يجب أن يكون اختياريا، بخلاف المحمود عليه فإنّه يجب كونه اختياريا. ومنهم من منع صحّة المدح على ما ليس اختياريا وجعل مثال اللؤلؤ مصنوعا.
وتوضيحه ما ذكره السّيد السّند في حاشية إيساغوجي من أنّ من يقول بكون الجميل الاختياري مأخوذا في الحمد إنّما يقول بكونه مأخوذا فيه بحسب العقل، ولا فرق فيه بين الحمد والمدح، صرّح به صاحب الكشاف حيث قال: وكلّ ذي لب إذا رجع إلى بصيرته لا يخفى عليه أنّ الإنسان لا يمدح بغير فعله. وقد نفى الله تعالى على الذين أنزل فيهم ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا الآية. ثم سأل كيف ذلك وأنّ العرب يمدح بالجمال وحسن الوجه؟
وأجاب بأنّ الذي يسوّغ ذلك أنّ حسن المنظر يشعر عن مخبر مرضي وأخلاق محمودة. ثم نقل عن علماء البيان تخطئة المادح على غير الاختياري وجعله غلطا، وهو مخالف للمعقول، وقصر المدح على الجميل الاختياري. وهذا صريح في أنّ أخذ الاختياري في الحمد إنّما هو بحسب العقل وأنّه لا فرق فيه بين الحمد والمدح انتهى. وأيضا صريح في أنّ الحمد والمدح مترادفان، وهذا هو الأشهر كما قيل.
وقيل ترادفهما باعتبار عدم اختصاصهما بالاختياري. فالحمد أيضا غير مختصّ بالاختياري كالمدح، واختاره السيّد السّند في حاشية إيساغوجي، واستدل عليه بقوله تعالى عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً وبالحديث المأثور «وابعثه المقام المحمود الذي وعدته».

قال: والحمل على الوصف المجازي وصفا له بوصف صاحبه كالكتاب الكريم والأسلوب الحكيم صرف عن الظاهر. ثم معنى الجميل الاختياري هو الصادر بالاختيار كما هو المشهور أو الصادر عن المختار وإن لم يكن مختارا فيه، كما قال به بعض المتأخرين. فعلى القول الثاني لا نقض بصفات الله تعالى لأنّ صفاته تعالى صادرة عن المختار وهو ذاته تعالى أي مستندة إليه، وإن لم تكن صادرة عنه بالاختيار. وكذا على القول الأول بأن يراد بالاختياري أعمّ من أن يكون اختياريا حقيقة أو بمنزلة الاختياري. والصفات المذكورة بمنزلة الأفعال الاختيارية لاستقلال الذات فيها وعدم احتياجه فيها إلى أمر خارج كما هو شأن الأفعال الاختيارية. وفيه أنّ ذات الواجب تعالى يحتاج في بعض الأفعال الاختيارية إلى خارج كإرزاق زيد مثلا فإنه يحتاج فيه إلى وجود زيد، فالأولى أن يقال المراد بالاختيار المعنى الأعم المشترك بين القادر والموجب وهو كون الفاعل بحيث إن شاء فعل وإن لم يشأ لم يفعل، فإنّه متّفق عليه بين المتكلّمين والحكماء في الواجب وغيره، لا كونه بحيث يصحّ منه الفعل والترك لأنّه مقابل للإيجاب، هكذا يستفاد مما ذكر صاحب الاطول وأبو الفتح في حاشية الحاشية الجلالية.
وبالقيد الأخير خرج الاستهزاء والسخرية إذ لا بدّ في الحمد أن يكون ذلك الوصف على قصد التعظيم بأن لا يكون هناك قرينة صارفة عن ذلك القصد لأنّه إذا عرى عن مطابقة الاعتقاد أو خالفه أفعال الجوارح ونحوها لم يكن حمدا حقيقة، بل كان من السخرية والاستهزاء. لا يقال فقد اعتبر في الحمد فعل الجنان والأركان أيضا لأنّا نقول إنّ كلّ واحد منهما شرط لكون فعل اللسان حمدا لا ركن منه. وفي أسرار الفاتحة المدح يكون قبل الإحسان وبعده، والحمد لا يكون إلّا بعده.
وأيضا قد يكون منهيا كما قال عليه السلام:
«احثوا التراب على وجوه المدّاحين».
والحمد مأمور به مطلقا. قال عليه السلام: «من لم يحمد الناس لم يحمد الله» انتهى. ولا يخفى ما فيه من المخالفة لما سبق عن عموم الحمد النعم الواصلة إلى الحامد وغيرها.
ثم اعلم أنّ القول المخصوص الذي يحمدون به إنّما يريدون به إنشاء الحمد وإيجاد الوصف لا الإخبار به، فهو إنشاء لا خبر؛ وليس ذلك القول حمدا بخصوصه بل لأنّه دالّ على صفة الكمال ومظهر لها، أي لها مدخل تام في ذلك. ومن ثمّ أي من أجل أنّ لدلالته على صفة الكمال وإظهاره لها مدخلا تاما في كونه حمدا عبّر بعض المحقّقين من الصوفية عن إظهار الصفات الكمالية بالحمد تعبيرا عن اللازم بالملزوم مجازا حيث قال: حقيقة الحمد إظهار الصفات الكمالية، وذلك قد يكون بالقول وقد يكون بالفعل، وهذا أقوى لأنّ الأفعال التي هي آثار السخاوة تدلّ عليها دلالة قطعية، بخلاف دلالة الأقوال فإنّها وضعية قد يتخلّف عنها مدلولها. ومن هذا القبيل حمد الله وثناؤه على ذاته وذلك أنّه تعالى حين بسط بساط الوجود على ممكنات لا تحصى ووضع عليه موائد كرمه التي لا تتناهى فقد كشف عن صفات كماله وأظهرها بدلالات قطعية تفصيلية غير متناهية، فإنّ كل ذرة من ذرات الوجود تدلّ عليها، ولا يتصوّر في العبارات مثل ذلك. ومن ثمة قال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: «لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك».
والإحصاء يمكن أن يكون بمعنى العلم أو العدّ على سبيل الاستقصاء. وعلى كلا التقديرين الضمير المرفوع أعني أنت مبتدأ والكاف زائدة وكلمة ما موصولة أو موصوفة، واختيارها على كلمة من يأباها وأثنيت على نفسك صلتها أو صفتها كما في قوله:
أنا الذي سمّتني أمي حيدرة
وهذه الجملة خبر للمبتدإ، والمجموع تعليل لعدم علمه صلّى الله عليه وآله وسلّم ثناء عليه تعالى لأنّه إذا أثنى على نفسه كان ثناء غير متناه، فلا يعلم ولا يعدّ، بل لا مناسبة لشيء من العلم والعدّ المذكورين إلّا لله تعالى، أو بمعنى القدرة، والجملة استئنافية كأنه قيل من ثنى حق الثناء وتمامه، ويكون كلمة أنت تأكيد للضمير المجرور في عليك، وما موصولة أو موصوفة أو مصدرية، والمعنى أنّه لا أقدر على ثناء عليك مثل الثناء الذي أثنيت به، بحذف العائد إلى الموصول أو الموصوف، أو مثل ثنائك بجعل ما مصدرية. ومقصوده عليه السلام من هذا الكلام إظهار العجز عن مثل ثناء الله تعالى على ذاته وسلب المماثلة بين ثنائه قولا أو فعلا وبين ثنائه تعالى على ذاته.
اعلم أنّ الحمد في العرف هو الشكر في اللغة. وهو فعل يشعر بتعظيم المنعم بسبب كونه منعما. قال بعض الصوفية لسان الحمد ثلاث:
اللسان الإنساني واللسان الروحاني واللسان الرباني. أمّا اللسان الإنساني فهو للعوام وشكره به التحدّث لإنعام الله وإكرامه مع تصديق القلب بأداء الشكر. وأمّا اللسان الروحاني فهو للخواصّ وهو ذكر القلب لطائف اصطناع الحق في تربية الأحوال وتزكية الأفعال. وأما اللسان الرباني فهو للعارفين وهو حركة السرّ لقصد شكر الحق جل جلاله بعد إدراكه لطائف المعارف وغرائب الكواشف بنعت المشاهدة والغيبة في القربة واجتناء ثمرة الأنس وخوض الروح في نحو القدس وذوق الأسرار بمباشرة الأنوار.

التوقيع

التوقيع: هو المحضر وسيأتي.
التوقيع: أثر الدبر بظهر البعير واثر الكتابة في الكتاب، ومنه استعير التوقيع في القصص.
التوقيع: فِي كِفَايَة الشُّرُوط أَن أحدا إِذا ادّعى على آخر فالمكتوب الْمحْضر. وَإِذا أجَاب الآخر وَأقَام الْبَيِّنَة فالتوقيع. وَإِذا حكم فالسجل كَذَا فِي جَامع الرموز.
(التوقيع) أَن يُصِيب الْمَطَر بعض الأَرْض ويخطئ بَعْضهَا وَمَا يعلقه الرئيس على كتاب أَو طلب بِرَأْيهِ فِيهِ وتوقيع العقد أَو الصَّك وَنَحْوه أَن يكْتب الْكَاتِب اسْمه فِي ذيله إِمْضَاء لَهُ أَو إِقْرَارا بِهِ (مو) وَنَوع من الْخط وَنَوع من السّير شبه التلقيف (ج) تواقيع

الالتفات

الالتفات:
[في الانكليزية] Apostrophe
[ في الفرنسية] Apostrophe
بالفاء عند أهل المعاني يطلق على معان منها الاعتراض وقد سبق. ومنها تعقيب الكلام بجملة مستقلة متلاقية له في المعنى على طريق المثل أو الدعاء ونحوهما من المدح والذم والتأكيد والالتماس كقوله تعالى: وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً وكقوله تعالى: ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وفي كلامهم قصم الفقر ظهري والفقر من قاصمات الظهر. ومنها أن تذكر معنى فيتوهم أن السامع اختلج في قلبه شيء فتلتفت إلى كلام يزيل اختلاجه ثم ترجع إلى مقصودك كقول ابن ميّاد:
فلا صرمه يبدو وفي اليأس راحة ولا وصله يصفو لنا فنكارمه كأنه لما قال فلا صرمة يبدو قيل له ما تصنع به فــأجاب بقوله وفي اليأس راحة. ومنها التعبير عن معنى بطريق من الطرق الثلاثة من التكلم والخطاب والغيبة بعد التعبير عنه بآخر منها أي بعد التعبير عن ذلك المعنى بطريق آخر من الطرق الثلاثة، بشرط أن يكون التعبير الثاني على خلاف مقتضى الظاهر، ويكون مقتضى ظاهر سوق الكلام أن يعبّر عنه بغير هذا الطريق إذ لو لم يشترط ذلك لدخل فيه ما ليس من الالتفات منها، نحو: أنا زيد وأنت عمرو ونحوهما مما يعبّر عن معنى واحد تارة بضمير المتكلم أو المخاطب، وتارة بالاسم المظهر أو ضمير الغائب. ومنها نحو: يا زيد قم ويا رجلا له بصر خذ بيدي، لأن الاسم المظهر طريق غيبة. ومنها تكرير الطريق الملتفت إليه نحو:
إياك نستعين واهدنا وأنعمت، فإن الالتفات إنما هو في إياك نعبد والباقي جار على أسلوبه.

ومنها نحو: يا من هو عالم حقّق لي هذه المسألة فإنك الذي لا نظير له، فإنه الالتفات؛ فإن حق العائد إلى الموصول أن يكون غائبا وما سبق إلى بعض الأوهام أن نحو يا آيها الذين آمنوا التفات، والقياس آمنتم فليس بشيء. ومن الناس من زاد لإخراج بعض ما ذكر قيدا وهو أن يكون التعبيران في كلامين وهو غلط لأن قوله تعالى بارَكْنا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا فيمن قرأ ليريه بلفظ الغيبة فيه التفات من التكلّم إلى الغيبة ثم من الغيبة إلى التكلم مع أن قوله مِنْ آياتِنا ليس بكلام آخر بل هو من متعلّقات ليريه؛ هذا التفسير هو المشهور فيما بين الجمهور.

وقال السكاكي: الالتفات عند أهل المعاني إمّا ذلك التعبير أو التعبير بأحدها فيما حقّه التعبير بغيره، وكأنه حمل السكاكي قولهم بعد التعبير عنه بآخر منها على أعم من التعبير حقيقة أو حكما، فإنّ اقتضاء المقام تعبيرا في حكم التعبير، فالتفسير المشهور أخصّ من تفسير السكاكي فقول الشاعر:
تطاول ليلك بالإثمد.
فيه التفات على تفسير السكاكي، وقد صرّح بذلك أيضا إذ مقتضى الظاهر أن يقال:
تطاول ليلي، وليس على التفسير المشهور منه إذ لم يذكر تطاول ليلي سابقا. هذا خلاصة ما في المطول والأطول، فظهر أنّ الالتفات ستة أقسام. فمن التكلّم إلى الخطاب قوله تعالى:
وَأُمِرْنا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ، وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلاةَ، ومن التكلّم إلى الغيبة قوله إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ والأصل لنغفر لك، ومن الخطاب إلى التكلّم لم يقع في القرآن ومثّل له بعضهم بقوله فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ، ثم قال إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنا، وهذا المثال لا يصحّ لأن شرط الالتفات أن يكون المراد به واحدا. ومن الخطاب إلى الغيبة قوله حَتَّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ والأصل بكم. ومن الغيبة إلى الخطاب قوله وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً لَقَدْ جِئْتُمْ والأصل لقد جاءوا.

ومن الغيبة إلى التكلّم قوله: وَأَوْحى فِي كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها وَزَيَّنَّا.
تنبيهات
الأوّل شرط الالتفات بهذا المعنى أن يكون الضمير في المنتقل إليه عائدا في نفس الأمر إلى المنتقل عنه، وإلّا يلزم أن يكون في أنت صديقي التفات. الثاني شرطه أيضا أن يكون في جملتين صرّح به صاحب الكشاف وغيره. الثالث ذكر التنوخي في الأقصى الغريب وابن الأثير وغيرهما نوعا غريبا من الالتفات وهو بناء الفعل للمفعول بعد خطاب فاعله أو تكلّمه كقوله تعالى غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ بعد أنعمت، فإنّ المعنى غير الذين غضبت عليهم. وتوقف صاحب عروس الأفراح. الرابع قال ابن أبي الإصبع: جاء في القرآن من الالتفات قسم غريب جدا لم أظفر في الشعر بمثاله، وهو أن يقدم المتكلّم في كلامه مذكورين مرتّبين ثم يخبر عن الأول منهما وينصرف عن الإخبار عنه إلى الإخبار عن الثاني، ثم يعود إلى الإخبار عن الأول كقوله تعالى: إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ، وَإِنَّهُ عَلى ذلِكَ لَشَهِيدٌ انصرف عن الإخبار عن الإنسان إلى الإخبار عن ربه تعالى، ثم قال منصرفا عن الإخبار عن ربه إلى الإخبار عن الإنسان بقوله وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ. قال وهذا يحسن أن يسمّى التفات الضمائر. الخامس يقرب من الالتفات نقل الكلام من خطاب الواحد أو الاثنين أو الجمع لخطاب الآخر ذكره التنوخي وابن الأثير وهو ستة أقسام أيضا. مثاله من الواحد إلى الاثنين قالُوا أَجِئْتَنا لِتَلْفِتَنا عَمَّا وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِياءُ فِي الْأَرْضِ وإلى الجمع يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ ومن الاثنين إلى الواحد قالَ فَمَنْ رَبُّكُما يا مُوسى فَلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقى وإلى الجمع وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُيُوتاً وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً، ومن الجمع إلى الواحد وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ وإلى الاثنين يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ إلى قوله فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ. السادس يقرب من الالتفات أيضا الانتقال من الماضي أو المضارع أو الأمر إلى آخر منها. مثاله من الماضي إلى المضارع إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وإلى الأمر قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ وأُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ ومن المضارع إلى الماضي وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ وإلى الأمر قالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ ومن الأمر إلى الماضي وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنا إِلى إِبْراهِيمَ وإلى المضارع وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَاتَّقُوهُ وَهُوَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ كذا في الإتقان في نوع بدائع القرآن. السابع قال صاحب الأطول: لا يخفى أن التعبير عن معنى يقتضي المقام التعبير عنه بلفظ مذكر بلفظ مؤنث وبالعكس، وكذا التعبير بمذكر بعد التعبير بمؤنث ينبغي أن يجعل تحت الالتفات ولو لم يثبت أنها جعلت التفاتا فنجعلها ملحقات به.
فائدة:

قال البعض: الالتفات من البيان، وقيل من البديع. ولذا ذكره السكّاكي في علم البديع.
فائدة:
وجه حسن الالتفات أن الكلام إذا نقل من أسلوب يتوقعه السامع إلى أسلوب لا يتوقعه سواء وجد المتوقع قبل غير المتوقع كما في الالتفات المشهور أو لم يوجد كما في الالتفات السكّاكي كان أحسن نظرية لنشاط السامع وأكثر إيقاظا للإصغاء إليه، كذا في الأطول. فائدة:
ملخّص ما ذكر القوم في هذا المقام أنّ في الالتفات أربعة مذاهب. ووجه الضبط أن يقال لا يخلو إمّا أن يشترط فيه سبق التعبير بطريق آخر أم لا، الثاني مذهب الزمخشري والسكّاكي ومن تبعهما، وعلى الأول لا يخلو إمّا أن يشترط أن يكون التعبيران في كلام واحد أو لا، الأول مذهب البعض، وعلى الثاني لا يخلو إمّا أن يشترط كون المخاطب في التعبيرين واحدا أم لا، الأول مذهب صدر الأفاضل، والثاني مذهب الجمهور، كذا في الچلبي حاشية المطوّل.
الالتفات: هو أن ينظر يمنةً ويسرة مع لَيِّ عنقِهِ.
الالتفات: العدول عن الغيبة إلى الخطاب أو التكلم أو عكس ذلك. الالتماس: الطلب مع التساوي بين الأمر والمأمور في الرتبة.

سَمِعَ

(سَمِعَ)
فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى «السَّمِيعُ» *
وَهُوَ الَّذِي لَا يَعزُب عَنْ إدْراكه مَسْمُوعٌ وَإِنَّ خَفي فَهُوَ يَسْمَعُ بِغَيْرِ جارِحةٍ. وفَعِيل مِنْ أَبْنِيَةِ المُبالغة.
(هـ) وَفِي دُعَاءِ الصَّلَاةِ «سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِده» أَيْ أجابَ مَنْ حَمِده وتَقبَّله. يُقَالُ اسْمَعْ دُعَائِي: أَيْ أجبْ، لِأَنَّ غَرَض السَّائِلِ الإجابةُ والقَبولُ.
(س هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذُ بِكَ مِنْ دُعاء لَا يُسْمَع» أَيْ لَا يُسْتجاب وَلَا يُعْتدُّ بِهِ، فكأنَّه غَيْرُ مَسْمُوعٍ.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «سَمِعَ سَامِعٌ بحَمْد اللَّهِ وحُسْن بَلائه عَلَيْنَا» أَيْ لِيَسْمَعِ السَّامِعُ، وليَشْهَد الشَّاهِدُ حَمْدَنا لِلَّهِ عَلَى مَا أحْسَن إِلَيْنَا وَأَوْلَانَا مِنْ نِعَمِهِ. وحُسْنُ الْبَلَاءِ: النّعْمة.
والاخْتِباَر بِالْخَيْرِ ليتَبَيَّن الشُّكر، وبالشَّر ليظْهر الصَّبْر.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ عَمرو بْنِ عَبَسة «قَالَ لَهُ: أيُّ السَّاعات أَسْمَعُ؟ قَالَ: جَوف اللَّيل الْآخِرِ» أَيْ أوْفَق لِاسْتِمَاعِ الدُّعاء فِيهِ، وأوْلى بالاسْتِجابةِ. وَهُوَ مِنْ بَابِ نَهارُه صائمٌ وليلُه قَائِمٌ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ الضَّحَّاكِ «لمَّا عُرِض عَلَيْهِ الإسْلامُ: قَالَ فَسَمِعْتُ مِنْهُ كَلَامًا لَمْ أَسْمَعْ قَطُّ قَوْلًا أَسْمَعَ مِنْهُ» يُرِيدُ أبْلغَ وأنجَع فِي الْقَلْبِ.
(هـ س) وَفِيهِ «منْ سَمَّعَ الناسَ بعَمَله سَمَّعَ اللهُ بِهِ سَامِعُ خَلْقه» وَفِي رِوَايَةٍ «أَسَامِعَ خَلْقِهِ» يُقَالُ سَمَّعْتُ بالرّجُل تَسْمِيعاً وتَسْمِعَةً إِذَا شَهرْتَه وندَّدْتَ بِهِ. وسَامِعٌ: اسمُ فَاعِلٍ مِنْ سَمِعَ، وأَسَامِعُ: جَمْعُ أَسْمُع، وأَسْمُعٌ: جمعُ قِلَّة لِسَمْعٍ. وسَمَّعَ فُلَانٌ بعَمَله إِذَا أظهَرَه ليُسْمَع. فَمَنْ رَوَاهُ سَامِعُ خَلْقِهِ بالرفعِ جَعَله مِنْ صفةِ اللَّهِ تَعَالَى: أَيْ سمَّع اللهُ سامِعُ خَلْقِهِ بِهِ الناسَ، وَمَنْ رَوَاهُ أَسَامِعَ أَرَادَ أَنَّ اللَّهَ يسمِّع بِهِ أَسْمَاعَ خلْقه يومَ الْقِيَامَةِ. وقيلَ أرادَ مَنْ سمَّع النَّاسَ بعَمَله سمَّعه اللَّهُ وأرَاه ثوابَه مِنْ غَيْرِ أَنْ يُعْطِيَه.
وَقِيلَ مَنْ أرادَ بِعَمَله النَّاسَ أَسْمَعَهُ اللهُ الناسِ، وَكَانَ ذَلِكَ ثَوابه. وَقِيلَ أرادَ أَنَّ مَنْ يَفْعل فِعْلا صَالِحًا فِي السِّر ثُمَّ يُظْهره ليَسْمَعه النَّاس ويُحمَد عَلَيْهِ فَإِنَّ اللهَ يُسَمّع بِهِ ويُظْهر إِلَى النَّاسِ غَرَضه، وَأَنَّ عَمَله لَمْ يكُن خَالِصًا. وَقِيلَ يُريد مَنْ نسَب إِلَى نَفْسه عَمَلًا صَالحا لَمْ يَفْعَله، وأدَّعى خَيْرًا لَمْ يصْنَعه، فَإِنَّ اللَّهَ يفضَحُه ويُظْهِر كَذِبه.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «إِنَّمَا فعَله سُمْعَةً ورِياَء» أَيْ ليَسْمَعَه الناسُ ويَرَوْه. وَقَدْ تَكَرَّرَ هَذَا اللفظُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «قِيلَ لِبَعْضِ الصَّحَابَةِ: لِمَ لَا تُكَلِّمُ عُثْمَانَ؟ قَالَ: أَتَرَوْنَنِي أُكَلِّمُهُ سَمْعَكُمْ» أَيْ بحَيث تسمعُون.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ قَيْلَة «لَا تُخْبْر أُخْتي فتتَّبعَ أخاَ بَكْرِ بْنِ وائِل بَيْنَ سَمْعِ الْأَرْضِ وبصرِها» يُقَالُ خرَج فُلَانٌ بَيْنَ سًمْع الأرضِ وبَصَرِها إِذَا لَمْ يَدْرِ أيْن يَتَوجَّه؛ لِأَنَّهُ لَا يَقع عَلَى الطَّرِيقِ. وَقِيلَ أَرَادَتْ بَيْنَ طُول الأرضِ وعرْضها. وَقِيلَ: أَرَادَتْ بَيْنَ سمْع أهلِ الأرضِ وبَصَرهم، فحذَفَت المُضاَف.
وَيُقَالُ للرَّجل إِذَا غَرَّر بنفْسه وَأَلْقَاهَا حَيْثُ لَا يُدْرَي أَيْنَ هُوَ: أَلْقَى نفْسَه بَيْنَ سَمْع الأرضِ وبَصْرِها.
وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: «هُوَ تمثيلٌ. أَيْ لَا يَسمَع كلامَهُما وَلَا يُبْصِرهُما إِلَّا الأرضُ» تَعْنِي أخْتها والبَكْرِىَّ الَّذِي تصْحَبه.
(س) وَفِيهِ «مَلأ اللَّهُ مَسَامِعَهُ» هِيَ جَمْعُ مِسْمَعٍ، وَهُوَ آلَةُ السَّمْع، أَوْ جَمْعُ سَمْعٍ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، كمَشاَبه ومَلاَمِح. والْمَسْمَعُ بِالْفَتْحِ: خَرْقها.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي جَهْلٍ «إِنَّ مُحَمَّدًا نَزل يَثْرِبَ، وَأَنَّهُ حَنِق عَلَيْكُمْ، نَفَيتُمُوه نَفْيَ القُرَاد عَنِ الْمَسَامِعِ» يَعْنِي عَنِ الآذَان: أَيْ أخرجْتُموه مِنْ مَكَّةَ إخراجَ استِئصال؛ لِأَنَّ أخْذ القُراد عَنِ الدَّابة قلعُه بالكُلّية، وَالْأُذُنُ أخفُّ الأعضَاء شَعَراً بَلْ أَكْثَرُهَا لَا شَعَر عَلَيْهِ، فَيَكُونُ النَّزْع مِنْهَا أبلَغ. وَفِي حَدِيثِ الْحَجَّاجِ «كَتَبَ إِلَى بَعْضِ عُمَّاله: ابعَث إِلَيَّ فُلَانًا مُسَمَّعاً مُزَمَّرا» أَيْ مُقيَّدا مسجُورا. والْمُسْمِعُ مِنْ أسمَاءِ القَيد. والزَّمَارة: السَّاجُور.

الله

الله
صور القرآن الله المثل الأعلى في جميع صفات الكمال، فهو السميع الخبير، على كل شىء قدير، غفور رحيم، عزيز حكيم، حى قيوم، واسع عليم، بصير بالعباد، يحب المحسنين والصابرين، ولا يحب الظالمين، ويمحق الكافرين، غنى حميد، واحد قهار، نور السموات والأرض، قوى، شديد العقاب، خالق كل شىء، لا إله إلا هو، على كلّ شىء شهيد، عالم الغيب والشهادة، هو الرحمن الرحيم، الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر، الخالق البارئ المصور، له الأسماء الحسنى، يسبح له ما في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم، الأول والآخر، والظاهر والباطن، الصمد، لم يلد، ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد، سريع الحساب، غنى عن العالمين، عليم بذات الصدور، بكل شىء محيط، علىّ كبير، عفو غفور، شاكر حليم، ليس بظلام للعبيد، يجزى المتصدقين، ولا يهدى كيد الخائنين، لا يخلف الميعاد، عزيز ذو انتقام، خير الرازقين، لطيف خبير، ذو القوة المتين. أوليس من يتصف بهذه الصفات المثالية جديرا بالعبادة والتقديس، وألا يتخذ له شريك، ولا من دونه إله.
ومن بين ما عنى القرآن به أكبر عناية إبراز صفة الإنعام التى يتصف بها الله سبحانه؛ فيوجه أنظارهم إلى النعمة الكبرى التى أودعها قلوبهم وهى نعمة الهدوء والسكينة يحسون بها، عند ما يعودون إلى بيوتهم، مكدودين منهوكى القوى، وإلى هدايتهم إلى بناء بيوت من جلود الأنعام، يجدونها خفيفة المحمل في الظعن
والإقامة، وإلى اتخاذ أثاثهم وأمتعتهم من أصوافها وأوبارها، وإلى نعمة الظل يجدون عنده الأمن والاستقرار، وإن للشمس وحرارتها لوقعا مؤلما في النفوس وعلى الأجسام، ومن أجمل وسائل الاستتار هذه الثياب تقى صاحبها الحر، وبها تتم نعمة الله، فيقول: وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَناً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعامِ بُيُوتاً تَسْتَخِفُّونَها يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوافِها وَأَوْبارِها وَأَشْعارِها أَثاثاً وَمَتاعاً إِلى حِينٍ وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلالًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبالِ أَكْناناً وَجَعَلَ لَكُمْ سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ كَذلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ (النحل 79 - 81).
ويوجه أنظارهم إلى ما في خلق الزوج من نعمة تسكن إليها النفس، وتجد في ظلها الرحمة والمودة، فيقول: وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (الروم 21). وهو الذى يرزقهم، ويرزق ما على الأرض من دواب، لا تستطيع أن تتكفل برزق نفسها، وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُها وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (العنكبوت 60). وينبههم إلى ما في اختلاف الليل والنهار من تجديد النشاط للجسم، وبعث القوة في الأحياء وما في الفلك المسخرة تنقل المتاجر فوق سطح البحر، فتنفع الناس، وفي الماء ينزل من السماء فيحيى الأرض بعد موتها، وفي الرياح تحمل السحاب المسخر بين السماء والأرض، ينبههم إلى نفع ذلك كله فيقول: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِما يَنْفَعُ النَّاسَ وَما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ ماءٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ وَالسَّحابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (البقرة 164). ويسأل عمن يلجئون إليه، حين يملأ قلبهم الرعب من ظلمة البر البحر، أليس الله هو الذى ينجيهم منه ومن كل كرب، فيقول:
قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجانا مِنْ هذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْها وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ (الأنعام 63 - 64).
ويحدثهم عن نعمة تبادل الليل والنهار، وعما خلق له الليل من نعمة الهدوء والسكون، وعن الشمس والقمر يجريان في دقة ونظام، فيحسب الناس بهما حياتهم، وينظمون أعمالهم، وعن النجوم في السماء تزينها كمصابيح، ويهتدى بها السائر في ظلمات البر والبحر، وعن المطر ينزل من السماء، فتحيا به الأرض وتنبت به الجنات اليانعة، ذات الثمار المشتبهة وغير المشتبهة، وكان للمطر في الحياة العربية قدره وأثره، فعليه حياتهم، فلا جرم أكثر القرآن من الحديث عنه نعمة من أجلّ نعمه عليهم، فيقول: فالِقُ الْإِصْباحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْباناً ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِها فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ نَباتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنا مِنْهُ خَضِراً نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَراكِباً وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِها قِنْوانٌ دانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ انْظُرُوا إِلى ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذلِكُمْ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (الأنعام 96 - 99)، وتحدث عن هذه النعم نفسها مرارا أخرى كقوله:
اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهارَ وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوها إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ (إبراهيم 32 - 34). وتحدث إليهم عما أنعم به عليهم من أنعام، فيها دفء ومنافع، وجمال، وعاد فذكرهم بنعمة المطر وإنباته الزرع، وخص البحر بالحديث عن تسخيره، وما نستخرجه منه من اللحم والحلى، وما يجرى فوقه من فلك تمخر عبابه، فقال: وَالْأَنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ فِيها دِفْءٌ وَمَنافِعُ وَمِنْها تَأْكُلُونَ وَلَكُمْ فِيها جَمالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ وَتَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ إِلى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْها جائِرٌ وَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً لَكُمْ مِنْهُ شَرابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّراتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ وَما ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُخْتَلِفاً أَلْوانُهُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَها وَتَرَى الْفُلْكَ مَواخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهاراً وَسُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوها إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (الأنعام 5 - 18)، وللأنعام في حياة العرب بالبادية ما يستحق أن يذكروا به، وأن يسجل فضله عليهم بها. ويوجه القرآن نظرهم إلى خلقهم وما منحهم الله من نعمة السمع والبصر والعقل، فيقول: قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا ما تَشْكُرُونَ (الملك 23). وكثيرا ما امتنّ عليهم بنعمة الرزق، فيقرّرها مرة، ويقررهم بها أخرى، فيقول حينا: اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَراراً وَالسَّماءَ بِناءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ (غافر 64). ويقول حينا: قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ (يونس 31). ويسترعى انتباههم إلى طعامهم الذى هو من فيض فضله، فيقول: فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ إِلى طَعامِهِ أَنَّا صَبَبْنَا الْماءَ صَبًّا ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا فَأَنْبَتْنا فِيها حَبًّا وَعِنَباً وَقَضْباً وَزَيْتُوناً وَنَخْلًا وَحَدائِقَ غُلْباً وَفاكِهَةً وَأَبًّا مَتاعاً
لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ
(عبس 24 - 32).
وإن في إكثار القرآن من الحديث عن هذه النعم، وتوجيه أنظارهم إليها، وتقريرهم بها، ما يدفعهم إلى التفكير في مصدرها، وأنه جدير بالعبادة، وما يثير في أنفسهم شكرها وتقديس بارئها، ولا سيما أن تلك النعم ليست في طاقة بشر، وأنها باعترافهم أنفسهم من خلق العلىّ القدير. وهكذا يتكئ القرآن على عاطفة إنسانية يثيرها، لتدفع صاحبها عن طريق الإعجاب حينا، والاعتراف بالجميل حينا، إلى الإيمان بالله وإجلاله وتقديسه. كما أن ذلك الوصف يبعث في النفس حب الله المنعم، فتكون عبادته منبعثة عن حبه وشكر أياديه.
ومما عنى القرآن بإبرازه من صفات الله وحدانيته، لم يلد، ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد، وقد أبرز القرآن في صورة قاطعة أنه لا يقبل الشرك ولا يغفره: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرى إِثْماً عَظِيماً (النساء 48)؛ ويعد الإشراك رجسا فيقول: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا (التوبة 28).
أوليس في هذا التصوير ما يبعث في النفس النفور منه والاشمئزاز؟!
والقرآن يعرض لجميع ألوان الإشراك، فيدحضها ويهدمها من أساسها، فعرض لفكرة اتخاذ ولد، فحدثنا في صراحة عن أنه ليس في حاجة إلى هذا الولد، يعينه أو يساعده، فكل من في الوجود خاضع لأمره، لا يلبث أن ينقاد إذا دعى، وَقالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً سُبْحانَهُ بَلْ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (البقرة 116، 117). وحينا يدفع ذلك دفعا طبيعيا بأن الولد لا يكون إلا إذا كان ثمة له زوجة تلد، أما وقد خلق كل شىء، فليس ما يزعمونه ولدا سوى خلق ممن خلق:
بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (الأنعام 101، 102).
ويعرض مرة أخرى لهذه الدعوى، فيقرر غناه عن هذا الولد، ولم يحتاج إليه، وله ما في السموات وما في الأرض، فيقول: قالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً سُبْحانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطانٍ بِهذا أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ مَتاعٌ فِي الدُّنْيا ثُمَّ إِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذابَ الشَّدِيدَ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ (يونس 68 - 70). ويعجب القرآن كيف يخيل للمشركين عقولهم أن يخصوا أنفسهم بالبنين ويجعلوا البنات لله، فيقول:
أَفَأَصْفاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلائِكَةِ إِناثاً إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلًا عَظِيماً (الإسراء 40).
ويصور القرآن- فى أقوى صور التعبير- موقف الطبيعة الساخطة المستعظمة نسبة الولد إلى الله، فتكاد- لشدة غضبها- أن تنفجر غيظا، وتنشق ثورة، وتخر الراسيات لهول هذا الافتراء، وضخامة هذا الكذب، وأصغ إلى تصوير هذا الغضب فى قوله: وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمنِ وَلَداً (مريم 88 - 91). أما هؤلاء الذين دعوهم أبناء الله، فليسوا سوى عباد مكرمين، خاضعين لأمره، ولن يجرؤ واحد منهم على ادعاء الألوهية، أما من تجرأ منهم على تلك الدعوى فجزاؤه جهنم، لأنه ظالم مبين، وهل هناك أقوى في هدم الدعوى من اعترف هؤلاء العباد أنفسهم الذين يدعونهم أبناء، بأنهم ليسوا سوى عبيد خاضعين، ومن جرؤ منهم على دعوى الألوهية كان جزاؤه عذاب جهنم خالدا فيها، قال تعالى: وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً سُبْحانَهُ بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلهٌ مِنْ دُونِهِ فَذلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (الأنبياء 26 - 29).
وعلى هذا النسق نفسه جرى في الرد على من زعم ألوهية المسيح، فقد جعل المسيح نفسه يتبرأ من ذلك وينفيه، إذ قال: وَإِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قالَ سُبْحانَكَ ما يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ ما لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ ما قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا ما أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (المائدة 116، 117).
وتعرض القرآن مرارا لدعوى ألوهية عيسى، وقوض هذه الدعوى من أساسها بأن هذا المسيح الذى يزعمونه إلها، ليس لديه قدرة يدفع بها عن نفسه إن أراد الله أن يهلكه، وأنه لا امتياز له على سائر المخلوقات، بل هو خاضع لأمره، مقر بأنه ليس سوى عبد الله، وليس المسيح وأمه سوى بشرين يتبوّلان ويتبرّزان، أو تقبل الفطرة الإنسانية السليمة أن تتخذ لها إلها هذا شأنه، لا يتميز عن الناس في شىء، ولا يملك لهم شيئا من الضر ولا النفع، ولننصت إلى القرآن مهاجما دعوى ألوهية عيسى قائلا: لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً إِنْ أَرادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (المائدة 17). لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا
إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقالَ الْمَسِيحُ يا بَنِي إِسْرائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْواهُ النَّارُ وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ وَما مِنْ إِلهٍ إِلَّا إِلهٌ واحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآياتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ
(المائدة 72 - 76).
وإن الغريزة لتنأى عن عبادة من لا يملك الضرر ولا النفع. وتأمل جمال الكناية في قوله: يَأْكُلانِ الطَّعامَ. والمسيح مقر- كما رأيت- بعبوديته ولا يستنكف أن يكون لله عبدا، لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ وَلَا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعاً (النساء 172).
وهاجم القرآن بكل قوة الإشراك بالله، وهو يهاجم ببلاغته العقل والوجدان معا فيأخذ في نقاش المشركين، ليصلوا إلى الحق بأنفسهم، ويلزمهم الحجة، ويقودهم إلى الصواب، فيسألهم عمن يرزقهم، ومن يملك سمعهم وأبصارهم، ومن يخرج الحى من الميت، ويخرج الميت من الحى، ومن يدبر أمر العالم، ومن يبدأ الخلق ثمّ يعيده، ومن يهدى إلى الحق، وإذا كان المشركون أنفسهم يعترفون بأن ذلك إنما هو من أفعال الله، فما قيمة هؤلاء الشركاء إذا، وما معنى إشراكهم لله في العبادة، أو ليس من يهدى إلى الحق جديرا بأن يعبد ويتّبع، أما من لا يهتدى إلا إذا اقتيد فمن الظلم عبادته، ومن الجهل اتباعه، وليست عبادة هؤلاء الشركاء سوى جرى وراءه وهم لا يغنى من الحق شيئا، وتأمل جمال هذا النقاش الذى يثير التفكير والوجدان معا: يثير التفكير بقضاياه، ويثير الوجدان بهذا التساؤل عن الجدير بالاتباع، وتصويره المشرك، مصروفا عن الحق، مأفوكا، ظالما، يتبع الظن الذى لا يغنى عن الحق شيئا، وذلك حين يقول: قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ فَذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَماذا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ كَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لا يُؤْمِنُونَ قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ قُلِ اللَّهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ وَما يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِما يَفْعَلُونَ (يونس 31 - 36). وفي التحدث إليهم عن الرزق، وهدايتهم إلى الحق، ما يثير في أنفسهم عبادة هذا الذى يمدهم بالرزق، ويهديهم إلى الحق، واستمع إلى هذا النقاش الذى يحدثهم فيه عن نعمه عليهم، متسائلا:
أله شريك في هذه النعم التى أسداها، وإذا لم يكن له شريك فيما أسدى، فكيف يشرك به غيره في العبادة؟ فقال مرة: قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ أَمَّنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَنْبَتْنا بِهِ حَدائِقَ ذاتَ بَهْجَةٍ ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَها أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَراراً وَجَعَلَ خِلالَها أَنْهاراً وَجَعَلَ لَها رَواسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حاجِزاً أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ تَعالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ أَمَّنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْها بَلْ هُمْ مِنْها عَمُونَ وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَإِذا كُنَّا تُراباً وَآباؤُنا أَإِنَّا لَمُخْرَجُونَ لَقَدْ وُعِدْنا هذا نَحْنُ وَآباؤُنا مِنْ قَبْلُ إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (النمل 59 - 71). أو ليس في إنبات الحدائق ذات البهجة، وتسيير الأنهار خلال الأرض، وإجابة المضطر إذا دعا، وكشف السوء، وجعلهم خلفاء الأرض، ما يبعث الابتهاج في النفس، والحب لله، ويدفع إلى عبادته وتوحيده ما دام هو الملجأ في الشدائد، والهادى في ظلمات البر والبحر، ومرسل الرياح بشرا بين يدى رحمته؟ ومرة يسائلهم قائلا: وَهُوَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِياءٍ أَفَلا تَسْمَعُونَ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهارَ سَرْمَداً إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلا تُبْصِرُونَ وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (القصص 70 - 73). أوليس في الليل السرمد والنهار السرمد ما يبعث الخوف في النفس، والحب لمن جعل الليل والنهار خلفة؟!
وكثيرا ما تعجب القرآن من عبادتهم ما لا يضر ولا ينفع. والقرآن يبعث الخوف من سوء مصير هؤلاء المشركين يوم القيامة، فمرة يصورهم محاولين ستر جريمتهم بإنكارهم، حين لا يجدون لها سندا من الحق والواقع، فيقول:
وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا وَاللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ (يونس 22 - 24).
وحينا يصورهم، وقد تبرأ شركاؤهم من عبادتهم، فحبطت أعمالهم، وضل سعيهم، وذلك حين يقول: وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكاؤُكُمْ فَزَيَّلْنا بَيْنَهُمْ وَقالَ شُرَكاؤُهُمْ ما كُنْتُمْ إِيَّانا تَعْبُدُونَ فَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ إِنْ كُنَّا عَنْ عِبادَتِكُمْ لَغافِلِينَ هُنالِكَ تَبْلُوا كُلُّ نَفْسٍ ما أَسْلَفَتْ وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ (يونس 28 - 30).
وحينا يصورهم هلكى في أشد صور الهلاك وأفتكها، إذ يقول: وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّما خَرَّ مِنَ السَّماءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكانٍ سَحِيقٍ (الحج 31). أما المصير المنتظر لمن يشرك بالله فأن يلقى في جهنم ملوما مدحورا.
ومن أبرز صفات الله في القرآن قدرته، يوجّه النظر إلى مظاهرها، ويأخذ بيدهم ليدركوا آثار هذه القدرة، مبثوثة في أرجاء الكون وفي أنفسهم، فهذه الأرض هو الذى بسطها فراشا، وتلك السماء رفعها بناء، وهذه الجبال بثها في الأرض أوتادا، وهذه الشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره، ووجه النظر إلى هذه الحبوب فلقها بقدرته، كما فلق النوى ليخرج منه النخل باسقات، ويوجه أنظارهم إلى ألوان المخلوقات وأنواعها وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ ما يَشاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (النور 45). وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ إِذا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوانِكُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْعالِمِينَ وَمِنْ آياتِهِ مَنامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَابْتِغاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ وَمِنْ آياتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ ماءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ وَمِنْ آياتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّماءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذا دَعاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ (الروم 20 - 25). خَلَقَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دابَّةٍ وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ (لقمان 10). ويوجّه النظر إلى توالى الليل والنهار، وتسخير الشمس والقمر، فيقول: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى وَأَنَّ اللَّهَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْباطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (لقمان 29، 30)؛ وكرر ذلك مرارا عدة، كقوله: أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّماءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْناها وَزَيَّنَّاها وَما لَها مِنْ فُرُوجٍ وَالْأَرْضَ مَدَدْناها وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ تَبْصِرَةً وَذِكْرى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ وَنَزَّلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً مُبارَكاً فَأَنْبَتْنا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ وَالنَّخْلَ باسِقاتٍ لَها طَلْعٌ نَضِيدٌ رِزْقاً لِلْعِبادِ وَأَحْيَيْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً كَذلِكَ الْخُرُوجُ (ق 6 - 11).
ويوجّه أنظارهم إلى قدرته في خلقهم، إذ يقول: هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحامِ كَيْفَ يَشاءُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (آل عمران 6). ويقول: يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُماتٍ ثَلاثٍ ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (الزمر 6).
صوّر القرآن قدرة الله الباهرة التى لا يعجزها شىء، والتى يستجيب لأمرها كل شىء، بهذا التّصوير البارع إذ قال: إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (يس 82).
ولما وجّه النظر إلى مظاهر قدرته، اتخذ ذلك ذريعة إلى إقناعهم بأمر البعث، فحينا يتساءل أمن خلق السموات والأرض، ولم يجد مشقة في خلقها يعجز عن إحياء الموتى، فيقول: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى بَلى إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (الأحقاف 33). ويقرر أن خلق السموات والأرض أكبر من خلق الناس، لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (غافر 57). ولذا صح هذا التساؤل ليقروا: أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ بَناها رَفَعَ سَمْكَها فَسَوَّاها وَأَغْطَشَ لَيْلَها وَأَخْرَجَ ضُحاها وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها أَخْرَجَ مِنْها ماءَها وَمَرْعاها وَالْجِبالَ أَرْساها مَتاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ (النازعات 27 - 33). وسوف نكمل الحديث عن ذلك في فصل اليوم الآخر.
ومن أظهر صفات الله في القرآن علمه، وإحاطة علمه بكل شىء في الأرض وفي السماء وَما يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ (يونس 61). ويقول على لسان لقمان لابنه: يا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (لقمان 16). أرأيت هذا التصوير المؤثر لإحاطة علم الله بكل شىء، فلا يغيب عنه موضع ذرّة بين طيات صخرة أو في طبقات السموات، أو في أعماق الأرض، ويعلم الله الغيب، ومن ذلك ما يرونه بأعينهم في كل يوم من أمور غيبيّة، يدركون أنها مستورة عليهم، مع قرب بعضها منهم، إذ يقول: إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ وَما تَدْرِي نَفْسٌ ماذا تَكْسِبُ غَداً وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (لقمان 34). وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى (طه 7). واقرأ هذا التصوير الشامل لعلمه في قوله: وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُها وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ (الأنعام 59). وهكذا يصور القرآن شمول علم الله تصويرا ملموسا محسا.
ومن أظهر صفاته كذلك شدة قربه إلى الناس، ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ وَلا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ ما كانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (المجادلة 7). وأمر الرسول بأن يخبر الناس بقربه، يسمعهم ويصغى إليهم إذا دعوا، فقال: وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ (البقرة 186). ولا يستطيع فرد أن يعيش بعيدا عن عينه، يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَما يَخْرُجُ مِنْها وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ وَما يَعْرُجُ فِيها وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (الحديد 4). بل هو أقرب شىء إلى الإنسان، يعلم خلجات نفسه، ويدرك أسراره وخواطره لا يغيب عنه منها شىء، وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ وَنَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (ق 16).
والعدل، وقد أطال القرآن في تأكيد هذه الصفة، وأكثر من تكريرها، فكل إنسان مجزى بعمله وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ (غافر 31). مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (فصلت 146). ويقرر في صراحة إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً وَلكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (يونس 44). وإِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ (النساء 40).
وإن في تقرير هذه الصفات وتأكيدها لدفعا للمرء إلى التفكير قبل العمل، كى لا يغضب الله العالم بكل صغيرة وكبيرة تصدر منه، والقريب إليه قربا لا قرب أشد منه، وفي تأكيد صفتى العلم والقرب ما يبعث الخجل في الإنسان من أن يعمل ما يغضب الله وما حرمه، وفي تأكيد صفة العدل ما يبعث على محاسبة النفس لأن الخير سيعود إليها ثوابه، والشر سيرجع عليها عقابه.
وكان وصف القرآن لله بالرحمة والرأفة والحلم والغفران والشكر، أكثر من وصفه بالانتقام وشدّة العذاب، بل هو عند ما يوصف بهما، تذكر إلى جانبهما أحيانا صفات الرحمة؛ فكثيرا ما يكرر القرآن معنى قوله: إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ (البقرة 143). وقوله: وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً (النساء 110). وأكّد هذا الوصف حتى قال: كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (الأنعام 54). وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (المؤمنون 118). أَنْتَ وَلِيُّنا فَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغافِرِينَ (الأعراف 155). ويفتح باب رحمته وغفرانه، حتى لمن أسرف ولج في العصيان، إذ يقول: قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (الزمر 53). وبذلك كانت الصورة التى رسمها القرآن مليئة بالأمل والرجاء، تحيى في النفس التفاؤل، كما أن كثرة وصفه بالرحمة وأخواتها، تجعل عبادة الله منبعثة عن الحب، أكثر منها منبعثة عن الرهبة والخوف، ولكن لما كان كثير من النفوس يخضع بالرهبة دون الرغبة وصف القرآن الله بالعزة والانتقام وشدة العذاب، يقرن ذلك بوصفه بالرحمة حينا، ولا يقرنها بها حينا آخر، فيقول مرة: اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (المائدة 98). غافِرِ الذَّنْبِ وَقابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقابِ ذِي الطَّوْلِ (غافر 3). إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقابٍ أَلِيمٍ (فصلت 43). ويقول أخرى: وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ (الحشر 7). عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ (المائدة 95). إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ (آل عمران 4). وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ مُضِلٍّ أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقامٍ (الزمر 37). وبرغم وصفه بالعزّة والانتقام والجبروت كانت الصفة الغالبة في القرآن هى الإنعام والرحمة والتّفضّل وأنه الملجأ والوزر، يجيب المضطرّ إذا دعاه، ويكشف السوء، وينجّى في ظلمات البرّ والبحر، فهى صورة محبّبة إلى النفوس، تدفع إلى العبادة، عبادة من هو جدير بها، لكثرة فضله وخيره وإنعامه.
وأفحم القرآن من ادّعى الألوهية من البشر إفحاما لا مخلص له منه، وذلك في الحديث الذى دار بين إبراهيم وهذا الملك الذى ادعى أنه إله، إذ يقول: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْراهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قالَ إِبْراهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِها مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (البقرة 258).
وأرشد القرآن إلى أن العقل السليم والفطرة المستقيمة يرشدان إلى وجود الله ويدلّان على وحدانيته، فهذا إبراهيم قد وجد قومه يتخذون أصناما آلهة، فلم ترقه عبادتهم، فمضى إلى الكون يلتمس إلهه، فلما رأى نورا يشع ليلا من كوكب في الأفق ظنه إلها، ولكنه لم يلبث أن رآه قد أفل، فأنكر على نفسه اتخاذ كوكب يأفل إلها، إذ الإله يجب أن يكون ذا عين لا تغفل ولا تنام، وهكذا أعجب بالقمر، واستعظم الشمس، ولكنهما قد مضيا آفلين، فأدرك إبراهيم أن ليس في كل هؤلاء من يستحق عبادة ولا تقديسا، وأنّ الله الحق هو الذى فطر السموات والأرض، واستمع إلى القرآن يصوّر تأمل إبراهيم في قوله: وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْناماً آلِهَةً إِنِّي أَراكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً قالَ هذا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قالَ لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بازِغاً قالَ هذا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بازِغَةً قالَ هذا رَبِّي هذا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قالَ يا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفاً وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (الأنعام 74 - 79).
كان الإيمان بالله ووحدانيته، أساس الدين الإسلامى، وقد رأينا كيف عنى القرآن بإبراز صفاته التى تتصل بالإنسان خالقا له، ومنعما عليه، وعالما بكل صغيرة وكبيرة تصدر منه، وقريبا منه أقرب إليه من حبل الوريد، ورحيما به، عادلا لا يظلمه، ولا يغبنه، يهبه الرزق، ويمنحه الخير، ويجيبه إذا دعاه. أو ليس من له هذه الصفات الكاملة جديرا من الناس بالعبادة والتقديس والتنزيه عن النقص والإشراك؟
الله: علم دَال على الْإِلَه الْحق دلَالَة جَامِعَة لمعاني الْأَسْمَاء الْحسنى كلهَا وَقد مر تَحْقِيقه فِي أول الْكتاب تبركا وتيمنا.
الله: وَإِنَّمَا افتتحت بِهَذِهِ الْكَلِمَة المكرمة المعظمة مَعَ أَن لَهَا مقَاما آخر بِحَسب رِعَايَة الْحَرْف الثَّانِي تيمنا وتبركا وَهَذَا هُوَ الْوَجْه للإتيان بعد هَذَا بِلَفْظ الأحمد وَالْأَصْحَاب وَاعْلَم أَنه لَا اخْتِلَاف فِي أَن لفظ الله لَا يُطلق إِلَّا عَلَيْهِ تَعَالَى وَإِنَّمَا الِاخْتِلَاف فِي أَنه إِمَّا علم لذات الْوَاجِب تَعَالَى الْمَخْصُوص الْمُتَعَيّن أَو وصف من أَوْصَافه تَعَالَى فَمن ذهب إِلَى الأول قَالَ إِنَّه علم للذات الْوَاجِب الْوُجُود المستجمع للصفات الْكَامِلَة. وَاسْتدلَّ بِأَنَّهُ يُوصف وَلَا يُوصف بِهِ وَبِأَنَّهُ لَا بُد لَهُ تَعَالَى من اسْم يجْرِي عَلَيْهِ صِفَاته وَلَا يصلح مِمَّا يُطلق عَلَيْهِ سواهُ. وَبِأَنَّهُ لَو لم يكن علما لم يفد قَول لَا إِلَه إِلَّا الله التَّوْحِيد أصلا لِأَنَّهُ عبارَة عَن حصر الألوهية فِي ذَاته المشخص الْمُقَدّس. وَاعْترض عَلَيْهِ الْفَاضِل المدقق عِصَام الدّين رَحمَه الله بِأَنَّهُ كَيفَ جعل الله علما شخصيا لَهُ تَعَالَى لِأَنَّهُ لَا يتَحَقَّق إِلَّا بعد حُصُول الشَّيْء وحضوره فِي أذهاننا أَو القوى المثالية والوهمية لنا أَلا ترى أَنا إِذا جعلنَا العنقاء علما لطائر مَخْصُوص تصورناه بِصُورَة مشخصة بِحَيْثُ لَا يتَصَوَّر الشّركَة فِيهَا وَلَو بالمثال وَالْفَرْض وَهَذَا لَا يجوز فِي ذَاته تَعَالَى الله علوا كَبِيرا. فَإِن قلت وَاضع اللُّغَة هُوَ الله تَعَالَى فَهُوَ يعلم ذَاته بِذَاتِهِ وَوضع لفظ الله لذاته الْمُقَدّس، قلت هَذَا لَا يُفِيد فِيمَا نَحن فِيهِ لِأَن التَّوْحِيد أَن يحصل من قَوْلنَا لَا إِلَه إِلَّا الله حصر الألوهية فِي عقولنا فِي ذَاته المشخص فِي أذهاننا وَلَا يَسْتَقِيم هَذَا إِلَّا بعد أَن يتَصَوَّر ذَاته تَعَالَى بِالْوَجْهِ الجزئي. هَذَا غَايَة حَاصِل كَلَامه وَقد أجَاب عَنهُ أفضل الْمُتَأَخِّرين الشَّيْخ عبد الْحَكِيم رَحمَه الله بِأَنَّهُ آلَة الْإِحْضَار وَهُوَ وَإِن كَانَ كليا لَكِن الْمحْضر جزئي وَلَا يخفى على المتدرب مَا فِيهِ لِأَنَّهُ إِن أَرَادَ أَن الْمحْضر جزئي فِي الْوَاقِع فَهُوَ لَا يُفِيد حصر الألوهية فِي أذهاننا كَمَا هُوَ المُرَاد. وَإِن أَرَادَ أَن الْمحْضر جزئي فِي عقولنا فَمَمْنُوع، فَإِن وَسِيلَة الْإِحْضَار والموصل إِلَيْهِ إِذا كَانَ كليا كَيفَ يحصل بهَا فِي أذهاننا محْضر جزئي وَمَا الْفرق بَين قَوْلنَا لَا إِلَه إِلَّا الله وَبَين قَوْلنَا لَا إِلَه إِلَّا الْوَاجِب لذاته. فَإِن مَا يصدق عَلَيْهِ هَذَا الْمَفْهُوم أَيْضا جزئي فِي الْوَاقِع. فَإِن قلت التَّوْحِيد حصر الألوهية فِي ذَات مشخصة فِي نفس الْأَمر لَا فِي أذهاننا فَقَط. قلت فَهَذَا الْحصْر لَا يتَوَقَّف على جعل اسْم الله علما بل إِن كَانَ بِمَعْنى المعبود بِالْحَقِّ يحصل أَيْضا ذَلِك، وَلذَلِك يحصل بقولنَا لَا إِلَه إِلَّا الله إِلَّا الْوَاجِب لذاته كَمَا سبق وَمن ذهب إِلَى الثَّانِي قَالَ إِنَّه وصف فِي أَصله لكنه لما غلب عَلَيْهِ تَعَالَى بِحَيْثُ لَا يسْتَعْمل فِي غَيره تَعَالَى وَصَارَ كَالْعلمِ أجري مجْرى الْعلم فِي الْوَصْف عَلَيْهِ وَامْتِنَاع الْوَصْف بِهِ وَعدم تطرق الشّركَة إِلَيْهِ. وَاسْتدلَّ، بِأَن ذَاته من حَيْثُ هُوَ بِلَا اعْتِبَار أَمر آخر حَقِيقِيّ كالصفات الإيجابية الثبوتية أَو غير حَقِيقِيّ كالصفات السلبية غير مَعْقُول للبشر فَلَا يُمكن أَن يدل عَلَيْهِ بِلَفْظ. ثمَّ على الْمَذْهَب الثَّانِي قد اخْتلف فِي أَصله فَقَالَ بَعضهم إِن لفظ الله أَصله إِلَه من إِلَه الآهة وإلها بِمَعْنى عبد عبَادَة والإله بِمَعْنى المعبود الْمُطلق حَقًا أَو بَاطِلا فحذفت الْهمزَة وَعوض عَنْهَا الْألف وَاللَّام لِكَثْرَة الِاسْتِعْمَال أَو للْإِشَارَة إِلَى المعبود الْحق وَعند الْبَعْض من إِلَه إِذا فزع وَالْعَابِد يفزع إِلَيْهِ تَعَالَى وَعند الْبَعْض من وَله إِذا تحير وتخبط عقله، وَعند الْبَعْض من لاه مصدر لاه يَلِيهِ ليها ولاها إِذا احتجب وارتفع وَهُوَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِكَمَال ظُهُوره وجلائه مَحْجُوب عَن دَرك الْأَبْصَار ومرتفع على كل شَيْء وَعَما لَا يَلِيق بِهِ. وَالله أَصله الْإِلَه حذفت الْهمزَة إِمَّا بِنَقْل الْحَرَكَة أَو بحذفها وعوضت مِنْهَا حرف التَّعْرِيف ثمَّ جعل علما إِمَّا بطرِيق الْوَضع ابْتِدَاء وَإِمَّا بطرِيق الْغَلَبَة التقديرية فِي الْأَسْمَاء وَهِي تَجِيء فِي موضعهَا إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
ثمَّ اعْلَم أَن حذف الْهمزَة بِنَقْل الْحَرَكَة قِيَاس وَبِغَيْرِهِ خلاف قِيَاس وَهُوَ هَا هُنَا يحْتَمل احْتِمَالَيْنِ لَكِن على الثَّانِي الْتِزَام الْإِدْغَام ووجوبه قياسي لِأَن السَّاقِط الْغَيْر القياسي بِمَنْزِلَة الْعَدَم فَاجْتمع حرفان من جنس وَاحِد أَولهمَا سَاكن وعَلى الثَّانِي الْتِزَامه على خلاف الْقيَاس لِأَن الْمَحْذُوف القياسي كالثالث فَلَا يكون المتحركان المتجانسان فِي كلمة وَاحِدَة من كل وَجه وعَلى أَي حَال فَفِي اسْم الله المتعال خلاف الْقيَاس فَفِيهِ توفيق بَين الِاسْم والمسمى لِأَنَّهُ تَعَالَى شَأْنه خَارج عَن دَائِرَة الْقيَاس وطرق الْعقل وَعند أهل الْحق وَالْيَقِين رضوَان الله تَعَالَى عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ. حرف الْهَاء فِي لفظ الله إِشَارَة إِلَى غيب هويته تَعَالَى وَالْألف وَاللَّام للتعريف وَتَشْديد اللَّام للْمُبَالَغَة فِي التَّعْرِيف وَلَفظ الله اسْم أعظم من أَسْمَائِهِ تَعَالَى وَقد يُرَاد بِهِ وَاجِب الْوُجُود بِالذَّاتِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {قل هُوَ الله أحد} وَفِي قَوْلهم والمحدث للْعَالم هُوَ الله الْوَاحِد فَلَا يلْزم اسْتِدْرَاك الْأَحَد وَالْوَاحد فيهمَا وتفصيله فِي الْأَحَد إِن شَاءَ الله الصَّمد.
الله: علم دال على الإله الحق دلالة جامعة لجميع الأسماء الحسنى.
(الله) علم على إلاله المعبود بِحَق أَصله إِلَه دخلت عَلَيْهِ ال ثمَّ حذفت همزته وأدغم اللامان
الله: تَبَارَكَ وتَعالى وجَلَّ جَلاَلُهُ- هو عَلَم دالٌّ على الإله الحقِّ دلالة جامعة لمعاني الأسماء الحسنى كلها قاله السيد في "التعريفات".

خَرَسَ

(خَرَسَ)
(هـ) فِيهِ فِي صِفة التَّمر «هي صمنة الصَّبِيّ وخُرْسَةُ مَرْيَم» الْخُرْسَةُ: مَا تَطْعَمُه الْمَرْأَةُ عِنْدَ وِلادِها. يُقَالُ: خَرَّسَت النُّفَساء: أَيْ أطعمْتُها الخُرْسَة. وَمَرْيَمُ هِيَ أُمُّ الْمَسِيحِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، أَرَادَ قَوْلَهُ تَعَالَى «وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا، فَكُلِي» فَأَمَّا الخُرْسُ بِلَا هَاءٍ فَهُوَ الطَّعَامُ الَّذِي يُدْعَى إِلَيْهِ عِنْدَ الْوِلَادَةِ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ حَسَّان «كَانَ إِذَا دُعِيَ إِلَى طَعَامٍ قَالَ: أَفِي عُرْس، أَمْ خُرْس، أَمْ إعْذار» فَإِنْ كَانَ فِي وَاحِدٍ مِنْ ذَلِكَ أجابَ، وَإِلَّا لَمْ يُجِب.

بَدَهَهُ

بَدَهَهُ بأَمْرٍ، كَمنَعَهُ: اسْتَقْبَلَهُ به، أَو بدأهُ به،
وـ أَمْرٌ: فَجِئَهُ.
والبَدْهُ والبَداهَةُ، ويُضَمَّانِ،
والبَديهَةُ: أَوَّلُ كُلِّ شيء، وما يَفْجَأُ منه.
وبادَهَهُ به مُبَادَهَةً وبِداهاً: فاجأَهُ به.
ولك البديهَةُ، أَي: لك أن تَبْدَأ، وهو ذُو بَدِيهَةٍ، وأجابَ على البديهةِ.
وله بَدائِهُ: بدائعُ. ومعلومٌ في بدائِهِ العُقوِل.
وابْتَدَهَ الخُطْبَةَ، وهُمْ يَتَبادَهونَ الخُطَبَ.

حتى

حتى: حَتِيَّ (انظر لين)، هو فيما يقول ابن البيطار (1: 283) هو الذي يؤكل من المقل المكي وداخله العجم.
حاتية: مكيالفي أوراكه وفي واد مزاب (كاريت جغرافية ص 207 - 208) (جاكو ص270).

حت

ى

حَتِىٌّ The سَوِيق [or meal of what has been parched, or perhaps of what has been dried in the sun,] of the مُقْل [or fruit of the Theban palm, or cucifera Thebaïca]: (S, K:) or what is rasped, of the مُقْل, when it has become ripe, and is then eaten: (AHn, TA:) also, (K,) or as some say, (TA,) the [fruit called] مُقْل, (K, TA,) itself: (TA:) or what is bad thereof: or what is dry thereof. (K.) [See an ex. in a verse cited voce دَرٌّ.] b2: The refuse (ثُفْل) and skins (قُشُور) of dates: (K:) [like حَثًا and حَثًى.] b3: The scaly substances (قِشْر [app. meaning bits of the wax]) of honey, or of honey in the wax. (Th, K.) b4: I. q. دِمْنٌ [Dung of beasts, compacted together; &c.] (Az, K, TA. [In the CK, الزِّمَنُ is put for الدِّمْنُ.]) b5: The apparatus (مَتَاع) of the [kind of basket, made of palm-leaves, called] زَبِيل: or its عَرَق [meaning the suspensory, by which it is carried: see this word, which also means the “ suspensory ” of a water-skin]; (K;) its كِتَاف [or cord by which it is carried, being attached] in its شَفَة [or edge, lit. lip, and app., as is commonly the case, passed through a loop-shaped handle in the opposite edge, so that the two opposite edges are drawn together when it is carried: كِتَافٌ originally signifying “ a rope with which one's arms or hands are tied together behind his back ”]. (TA.) b6: The مَتَاع [or furniture and utensils, &c.,] of a house or tent. (TA.) b7: and What is bad of spun thread. (TA.) حَتَّى: see art. حت.
حَتَّى
حَتَّى حرف يجرّ به تارة كإلى، لكن يدخل الحدّ المذكور بعده في حكم ما قبله، ويعطف به تارة، ويستأنف به تارة، نحو: أكلت السمكة حتى
 رأسها، ورأسها، ورأسها، قال تعالى: لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ [يوسف/ 35] ، وحَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ [القدر/ 5] .
ويدخل على الفعل المضارع فينصب ويرفع، وفي كلّ واحد وجهان:
فأحد وجهي النصب: إلى أن.
والثاني: كي.
وأحد وجهي الرفع أن يكون الفعل قبله ماضيا، نحو: مشيت حتى أدخل البصرة، أي:
مشيت فدخلت البصرة.
والثاني: يكون ما بعده حالا، نحو: مرض حتى لا يرجونه، وقد قرئ: حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ [البقرة/ 214] ، بالنصب والرفع ، وحمل في كلّ واحدة من القراءتين على الوجهين. وقيل: إنّ ما بعد «حتى» يقتضي أن يكون بخلاف ما قبله، نحو قوله تعالى: وَلا جُنُباً إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا [النساء/ 43] ، وقد يجيء ولا يكون كذلك نحو ما روي:
«إنّ الله تعالى لا يملّ حتى تملّوا» لم يقصد أن يثبت ملالا لله تعالى بعد ملالهم .
[حتى] ن فيه: من أشار إلى أخيه بحديدة فإن الملائكة تلعنه "حتى" وإن كان أخاه، أي حتى يدعه وإن كان أخاه للمبالغة في عموم النهي سواء من يتهم فيه أو لا، وسواء كان هزلاً أو جداً. ولعنتها الملائكة "حتى" تصبح، أي تستمر اللعنة حتى تزول المعصية بطلوع الفجر، والاستغناء عنها أو بتوبتها ورجوعها إلىوالأخيرتان بمعنى كي، والثانية والثالثة دخلتا على الشرطيتين، أي كي يصير من الوسوسة بحيث لا يدري كم صلى. ودعوة المظلوم "حتى" ينتصر، حتى في القرائن الأربعة بمعنى إلى، فدعوة المظلوم مستجابة إلى أن ينتصر أي ينتقم من ظالمه باللسان أو اليد، ودعوة الحاج حتى يفرغ من أعماله ويصدر إلى أهله، ودعوة المجاهد حتى يفرغ منه. وانصب قدماه في بطن الوادي "حتى" إذا صعدتا مشى، فيه حذف أي حتى إذا انصب قدماه في بطن الوادي رمل وسعى حتى إذا خرج منه وصعدتا مشي. وتجدون من خير الناس أشدهم له كراهية لهذا الأمر "حتى" يقع فيه، من خير ثاني مفعولي تجد، والأول أشد، ويجوز العكس بزيادة من، وحتى إما غاية تجدون أي فحين تقع فيه لا يكون خيرهم، وإما غاية أشد أي يكرهه حتى يقع فيه فح يعينه الله فلا يكرهه والأول الوجه. و"حتى" خشيت أن لا تعقلوا، إن المسيح قصير، أي حدثتكم أحاديث حتى خفت أن لا تفهموا ما حدثتكم، أو تنسوه لكثرة ما قلت، فاعقلوا إن المسيح- بكسر إن، لأنه كلام مبتدأ، قوله: قصير، لا ينافي وصفه بأنه أعظم رجل، لأنه لا يبعد كونه قصيراً بطيناً عظيم الخلقة، أو يغيره الله تعالى عند الخروج. و"حتى" لو كان في مقامي سمعه أهل السوق، أي كان يمد صوته ويتحرك بحيث لو كان في مقامي هذا سمعه أهل السوق، و"حتى" سقط خميصته بتحركه. وح: فوافقته "حتى" استيقظ، أي وافقته نائماً وتأنيت به حتى استيقظ.

او

او



أَوْ a conjunction, (M, Mughnee, K,) to which the later authors have ascribed meanings amounting to twelve: (Mughnee:) a particle which, when occurring in an enunciative phrase, [generally] denotes doubt, and vagueness of meaning; and when occurring in an imperative or a prohibitive phrase, [generally] denotes the giving of option, or choice, and the allowing a thing, or making it allowable. (S.) b2: First, (Mughnee,) it denotes doubt. (T, S, M, Msb, Mughnee, K.) So in the saying, رَأَيْتُ زَيْدًا أَوْ عَمْرًا [I saw Zeyd or 'Amr]. (T, * S, Msb.) And جَآنِى رَجُلٌ أَوِ امْرَأَةٌ [A man or a woman came to me]. (Mbr, T.) And لَبِئْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ [in the Kur xviii. 18 and xxiii. 115, We have remained a day or part of a day]. (Mughnee.) b3: Secondly, (Mughnee,) it denotes vagueness of meaning. (S, Msb, Mughnee, K.) S [it may be used] in the first of the .exs. given above. (Msb.) And so in the saying, وَأَنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًي أَوْ فِى ضَلَالٍ مُبِينٍ [and verily we or ye are following a right direction or in manifest error], (S, Mughnee,) in the Kur [xxxiv. 23]; (S;) the ex. being in the former او. (Mughnee.) b4: Thirdly, (Mughnee,) it denotes the giving of option, or choice. (T, S, M, Mughnee, K.) So in the saying, كُلِ السَّمَكَ أَوِ اشْرَبِ اللَّبَنَ [Eat thou the fish, or drink thou the milk]; i. e. do not thou both of these actions; (Mbr, T, S;) but choose which of them thou wilt. (Mbr, T.) And تَزَوَّجْ هِنْدًا أَوْ أُخْتَهَا [Take thou as wife Hind or her sister]. (Mughnee.) And [in like manner] it denotes the making choice. (T.) [So when you say, سَأَتَزَوَّجُ هِنْدًا أَوْ أُخْتَهَا, meaning I will take as wife Hind or her sister; whichever of them I choose.] b5: Fourthly, (Mughnee,) it denotes the allowing a thing, or making it allowable. (T, S, Msb, Mughnee, K.) So in the saying, جَالِسِ حَسَنَ أَوِ ابْنَ سِيرِينَ [Sit thou with El-Hasan or Ibn-Seereen]. (Mbr, T, S.) and قُمْ أَوِ اقْعُدْ [Stand thou or sit]: and the person to whom this is said may do [one or] both of the se actions. (Msb.) [And similar exs. are given in the Mughnee.]) But وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا

أَو كَفُورًا [in the Kur lxxvi. 24, And obey not thou, of them, a sinner or a person very ungrateful to God,] means that thou shalt not obey either of such persons: (Mbr, T, Mughnee:) in which case او is more forcible than وَ; for when you say to a person, لَا تُطِعْ زَيْدًا وَعَمْرًا [Obey not thou Zeyd and 'Amr], he may obey one of them, since the command is that he shall not obey the two. (Zj, T.) b6: Fifthly, (Mughnee,) it denotes unrestricted conjunction. (Mughnee, K.) So in the saying, in the Kur [iv. 46 and v. 9], أَوْ جَآءَ

أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الغَائِطِ [And if any one of you cometh from the privy]; (TA;) [where, however, it may also be rendered or, though] meaning وَجَآءَ; (T, TA;) the و in this explanation being what is termed a denotative of state. (T.) So, too, accord. to Az, in the expression أَوْ يَزِيدُونَ [And they exceeded that number], in the Kur [xxxvii. 147]: but see below. (TA.) And so in the words, أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِى أَمْوَالِنَا مَا نَشَآءُ [and our doing, in respect of our possessions, what we will], in the Kur [xi. 89]. (T, TA.) b7: Sixthly, it denotes transition, (Mughnee,) used in the sense of [the adversative particle] بَلْ, (T, S, M, Mughnee, K,) in a case of amplification of speech; (S;) accord. to Sb, on two conditions; that it shall be preceded by a negation or a prohibition, and that the agent shall be mentioned a second time; as in مَا قَامَ زَيْدٌ أَوْ مَا قَامَ عَمْرٌو [Zeyd did not stand: nay, rather 'Amr did not stand]; and لَا يَقْمٌ زَيدٌ أَوْ لَا يَقُمْ عَمْرُو [Let not Zeyd stand: nay, rather let not 'Amr stand]. (Mughnee.) Accord. to Fr, (Th, M, Mughnee,) it has this meaning in أَوْ يَزِيدُونَ [Nay, rather they exceeded that number], (Th, S, M, Mughnee,) in the Kur [xxxvii. 147, cited above]: (S:) or the meaning is, or they would exceed [that number] in your estimation: or these words with those preceding them in the same verse mean, we sent him to a multitude of whom, if ye saw them, ye would say, They are a hundred thousand, or they exceed [that number]; (M, Mughnee; *) so that it denotes doubt on the part of men, not of God, for He is not subject to doubt: (M:) or we sent him to a hundred thousand in the estimation of men, or they exceeded [that number] in the estimation of men; for God does not doubt: (S:) or او is here used to denote vagueness of meaning: (IB, Mughnee:) or, it is said, to denote that a person might choose between saying, “they are a hundred thousand,“ and saying, “they are more;“ but this may not be when one of the two things is the fact: or, accord. to some of the Koofees, it has the meaning of وَ: and each of these meanings, except the last, has been assigned to او as occurring in the Kur ii. 69 and xvi. 79. (Mughnee.) b8: Seventhly, it denotes division; (Mughnee, K; *) as in the saying, الكَلِمَةُ اسْمٌ أَوْ فِعْلٌ أَوْ حَرْفٌ [The word is a noun or a verb or a particle]: so said Ibn-Málik: or, as he afterwards said, in preference, it denotes separation (التَّفرِيق) divested of the attribute of denoting doubt and vagueness of meaning and the giving of option or choice; adducing as one of his exs. of this meaning the saying, وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى [in the Kur ii. 129, And they said, “Be ye Jews” or “Christians”]; because the use of و in division is better; as when you say, الكَلِمَةُ اسْمٌ وَفِعْلٌ وَحَرْفٌ: or it denotes, accord. to some, distinction (التَّفْصِيل); and the meaning of the ex. last cited, say they, is, and the Jews said, “Be ye Jews,” and the Christians said, “Be ye Christians.” (Mughnee.) It is [said to be] used in this last sense (that of التفضيل) in the saying, كُنْتُ آكُلُ اللَّحْمَ أَوِ العَسَلَ [I used to eat flesh-meat or honey]; i. e. I used to eat flesh-meat one time and honey another time: and so in the Kur vii. 3 and x. 13. b9: Eighthly, (Mughnee,) it is used in the sense of the exceptive إِلَّا, (Mughnee, K,) or إِلَّا أَنْ (M;) and in this case the aor. after it is mansoob, because of أَنْ suppressed. (Mughnee, K.) So in the saying, لَأَقْتُلَنَّهُ أَوْ يُسْلِمَ [I will assuredly slay him or he shall become a Muslim; i. e., unless he become a Muslim]. (Mughnee. [And a similar ex. is given in the M.]) So, too, in the saying, وَكُنْتُ إِذَا غَمَزْتُ قَنَاةَ قَوْمٍ

كَسَرْتُ كُعُوبَهَا أَوْ تَسْتَقِيمَا [And I used, when I pinched and pressed the spear of a people, to break its knots, or joints, or its internodal portions, (the shaft being a cane,) or, i. e. unless, it became straight]: (Mughnee, K: *) a prov., of which the author is Ziyád ElAajam; meaning, when a people behaved with hardness to me, I endeavoured to soften them: (TA in art. غمز:) thus related by Sb, the verb ending it being rendered mansoob by او; and thus he heard it from some one or more of the Arabs; but in the original verses, which are but three, it is تَسْتَقِيمُ, with refa. (IB and TA in art. غمز.) [And similar to these above are the sayings,] إنَّهُ لِفُلَانٍ أَوْمَا بِنَجْدٍ قَرظَهُ [Verily it belongs to such a one or there is not, i. e. unless there be not, in Nejd, a قَرَظَة (see art. قرظ)]: and لَآتِيَنَّكَ أَوْ مَا بِنَجْدٍ قَرَظَةٌ [I will assuredly come to thee or there is not, i. e. unless there be not, in Nejd, a قَرَظَة]; meaning I will assuredly come to thee, in truth. (T.) b10: Ninthly, (Mughnee,) it is used in the sense of إِلَى, (Mughnee, K,) or إِلَى أَنْ; (S;) in which case also the aor. after it is mansoob, because of أَنْ suppressed: (Mughnee:) and in the sense of حَتَّى [which is also syn. with إِتَى]. (Fr, T, M, K.) So in the saying, لَأَضْرِبَنَّهُ أَوْ يَتُوبَ [I will assuredly beat him until he repent]. (S. [And similar exs. of او as explained by حَتَّي are given in the T (from Fr) and in the M and in the Mughnee.]) And so in the saying of the poet, لَأَسْتَسْهِلَنَّ الصَّعْبَ أَوْ أُدْرِكَ المُنَى

فَمَا انْقَادَتِ الآمَالُ إِلَّا لِصَابِرِ [I will assuredly deem easy what is difficult until I attain the objects of wish; for hopes become not easy of accomplishment save to one who is patient]. (Mughnee.) b11: Tenthly, some say, (Mughnee,) it denotes nearness [of one event or thing to another]; as in the saying, مَا أَدْرِى

أَسَلَّمَ أَوْ وَدَّعَ [I know not whether he saluted or bade farewell]: (Mughnee, K: [but in the CK this ex. is misplaced:]) this, however, is manifestly wrong; او being here used to denote doubt, and the denoting of nearness being only inferred from the fact of the saluting being confounded in the mind with the bidding farewell, since this is impossible or improbable when the two times are far apart. (Mughnee.) b12: Eleventhly, (Mughnee,) it occurs as a conditional, (T, Mughnee, K,) accord. to Ks alone; (T;) or rather as a conjunctive and conditional; وَإِنْ being meant to be understood in its place; though in truth the verb that precedes it indicates that the conditional particle [إِنْ] is meant to be understood [before that verb], and او retains its proper character, but forms part of that which has a conditional meaning because conjoined with a preceding conditional phrase. (Mughnee.) So in the saying, لَأَضْرِبَنَّهُ عَاشَ أَوْ مَاتَ, (Mughnee, K,) i. e., إِنْ عَاِض بَعْدَ الضَّرْبِ وَ إِنْ مَاتَ [I will assuredly beat him if he live (after the beating) or if he die]: so says Ibn-Esh-Shejeree. (Mughnee.) b13: Twelfthly, accord. to Ibn-Esh-Shejeree, on the authority of some one or more of the Koofees, (Mughnee,) it denotes division into parts, or portions; as in the saying [in the Kur ii. 129, before cited,] وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَو نَصَارَى, (Mughnee, K,) i. e. And they said, “Be ye, some of you, Jews, and, some of you, Christians:” (TA:) but [IHsh says,] it appears to me that the meaning here is that of التَّفْصِيل mentioned before. (Mughnee.) b14: [In the K it is said to occur also in the sense of أَنْ: but this is evidently a mistake, app. originating in one of the two principal sources of the K, namely, the M, in which the same is said, but is exemplified by a phrase in which it is explained by إِلَّا أَنْ, the eighth of the meanings of أَوْ mentioned above.] b15: See also أَوٌّ below.

أَوَ in أَوَ لَمْ يَرَوْا &c. is [the conjunction] وَ with the interrogative ا prefixed to it. (Fr, T.) أَوِّ مِنْ كَذَا (T, M) and أَوَّ (M) [Alas, on account of, or for, such a thing!] an expression denoting complaint of distress, or of anxiety, or of grief or sorrow; (T;) or an expression of grief or sorrow; (M;) like ↓ آوِ and ↓ آوٍ and ↓ أَوَتَاه (K and TA in art. اوه,) or ↓ أَوَتَاهُ (CK in that art.,) or ↓ أَوَّتَاه, or ↓ آوَّتَاه, (S in that art., [the ه in one copy of which is marked as quiescent,]) and like آهِ and أَوْهِ &c. (S and Msb and K in art. اوه: see آهِ in that art.) Az says, one says, أَوْهِ عَلَى زَيْدٍ

[meaning Alas, for Zeyd!] with kesr to the ه, and عَلَيْكَ ↓ أَوَّتَا [thus without ه, meaning Alas, for thee!] with ت; an expression of regret for a thing, whether of great or mean account. (T.) أَوٌّ The word ↓ أَوْ when made a noun. (T, K.) So say the grammarians. (T.) You say, هٰذهِ أَوٌّحَسَنَةٌ [This is a good أَوْ]. (T.) And to one who uses the phrase أَفْعَلُ كَذَا أَوْ كَذَا, (T,) you say, دَعِ الأَوَّجَانِبًا [Let thou, or leave thou, the word أَوْ alone]. (T, K.) أَوَّةٌ [A moaning (see its syn. آهَةٌ in art. اوه)] is said by some to be of the measure فَعْلَةٌ, in which the ة is the sign of the fem. gender; for they say, سَمِعْتُ أَوَّتَكَ [I heard thy moaning], making it ت: and so says Lth; أَوَّةٌ is after the manner of فَعْلَةٌ: (T:) you say, أَوَّةً لَكَ [May God cause moaning to thee!], (Lth, T, and S in art. اوه,) and آهَةً لَكَ: [but accord. to J, the former of these is cognate with the latter; for he says that] the former is with the ه suppressed, and with teshdeed to the و. (S in art. اوه, where see آهَةٌ.) b2: أَوَّتَا عَلَيكَ; and أَوَّتَاه, or آوَّتَاه, or أَوَتَاه, or أَوَتَاهُ: see أَوِّ مِنْ كَذَا.

أُوَّةٌ i. q. دَاهِيَةٌ [A calamity, a misfortune, &c.: or, perhaps, very cunning, applied to a man]: pl. أُوَوْ; (AA, T, K, TA; [but in copies of the K, written أُوَوٌ;]) which is one of the strangest of the things transmitted from the Arabs; the regular form being أُوَّى, like قُوَّي, pl. of قُوَةٌ; but the word occurring as above in the saying of the Arabs, مَا هُوَ إِلَّا أُوَّةٌ مِنَ الأُوَوْ [It is no other thing than a calamity of the calamities: or, perhaps, he is no other than a very cunning man of the very cunning]. (AA, T, TA.) آوِ and آوٍ: see أَوِّ: and see آهِ in art. اوه.

أَوَوِىٌّ and آوِىٌّ: see آيَةٌ, in art. اى.

آوَّتَاه: see أَوِّ.
[او] ك: إلا إيمان بي "أو" تصديق برسلي، أشكل لفظ أو إذ لابد منهما، أجيب بأن كلا يستلزم الآخر، وروى بالواو. "وبي" التفات. "أن أرجعه" أن مصدرية أي بأن أرجعه بالأجر فقط إن لم يغنمواأجر مع غنيمة إن غنموا، أو أن أدخل الجنة مع المقربين بلا حساب، وروى إلا إيماناً بمعنى لا يخرجه مخرج إلا الإيمان. وقال اللهم اغفر لي "أو" دعا شك من الراوي، وكذا "أو" كشعرة سوداء. وقيل تنويع عن النبي صلى الله عليه وسلم. و"أو كما قال" يقوله الراوي إذا شك في روايته. ن: ينبغي للراوي بالمعنى أن يقوله عقيب روايته احتياطاً. ط: أي قال ما ذكرته أو قال مثله تنبيهاً على النقل بالمعنى. ن: مع الماء "أو" مع آخر قطرة من الماء شك من الراوي، وكذا إذا توضأ المسلم "أو المؤمن". وح: "أو خير" هو أن كل ما ينبت بفتح واو. و "أو أن" جبرئيل بفتحها وكسر إن. وح: وأو لكلكم ثوبان أي ألا يجوز ولكلكم ثوبان. و"أو غير" ذلك. قلت: هو ذلك بفتحها. بي: يحتمل على سكونها أن يكون تحضيضاً على الزيادة على ما سأل، وأن يكون معناه أسأل غير هذا الأمر الشاق، وعلى فتحها عاطفة أي أتترك السهل وتسأل غيره. ط: أو غير ذلك، قلت: هو ذلك، أو بسكون واو، وقيل بفتحها بمعنى هو شاق أتتركه وتسأل أهون منه فــأجاب بأن مسئولي ذلك. مف: مسئولك ذلك أو غيره، وغير بالرفع والنصب بحسب التقدير. ط: عصفور من عصافير الجنة فقال "أو غير ذلك"، الهمزة للاستفهام والعطف على محذوف أي أوقع هذا وغير ذلك، ويجوز بسكون الواو أي الواقع هذا أو غيره، أو هو بمعنى بل للإضراب كأنه صلى الله عليه وسلم لم يرتض قولها فأثبت ما يخالفه. لما فيه من الحكم بالغيب والجزم بإيمان أبوي الصبي أو أحدهما إذ هو تبع لهما، وإليه مرجع الاستفهام الإنكاري، ولعله كان قبل ما نزل في ولدان المؤمنين وكرر "خلقهم" لإناطة "وهم في أصلابهم" به، ويحتمل أن يريد به خلق الذر في ظهر آدم واستخراجها ذرية بعد ذرية من صلب كل إلى انقراض الدنيا. وأجمع من يعتد به على أن أطفال المسلمين في الجنة والمخالف يتمسك بهذا الحديث. بي: "أو مسلم" نهى عن القطع بالإيمان الباطن الذي لا يعلمه إلا الله، والمعلوم ليس إلا الإسلام الظاهر لا إنكار لإيمانه بل فيه إيماء إليه بقوله وغيره أحب، وأو للتنويع، أو للشك أي قل أو مسلم.

فَتَا

(فَتَا)
(هـ) فِيهِ «لَا يَقُولَنّ أحَدُكم عَبْدِي وأمَتِي، وَلَكِنْ فَتَاي وفَتَاتِي» أَيْ غُلَامي وجاريَتِي، كَأَنَّهُ كَرِه ذِكْر العُبودية لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى.
(س) وَفِي حَدِيثِ عِمْرانَ بْنِ حُصَين «جَذَعةٌ أحَبُّ إليَّ مِن هَرِمَة، اللهُ أحَقّ بالفَتَاء والكَرَم» الفَتَاء بِالْفَتْحِ وَالْمَدِّ: المصدَرُ مِن الفَتِيِّ السِّنّ. يُقَالُ: فَتِيٌّ بَيِّن الفَتَاء: أَيْ طَرِيُّ السِّنّ.
والكَرمُ: الحُسْنُ.
(هـ) وَفِيهِ «أَنَّ أَرْبَعَةً تَفَاتَوْا إِلَيْهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ» : أَيْ تَحاكَمُوا، مِنَ الفَتْوَى. يُقال: أَفْتَاه في المسئلة يُفْتِيه إِذَا أجابَــه. والاسْم: الفَتْوَى.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «الإثْم مَا حَكَّ فِي صَدْرك وَإِنْ أَفْتَاك الناسُ عَنْهُ وأَفْتَوْك» أَيْ وَإِنْ جَعَلوا لَكَ فِيهِ رُخصة وجَوازاً.
(هـ) وَفِيهِ «أَنَّ امْرأةً سَأَلَتْ أُمَّ سَلَمة أَنْ تُريَها الْإِنَاءَ الَّذِي كان يَتَوضَّأ منه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخْرَجَتْه، فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ: هَذَا مكُّوك المُفْتِي» قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: المُفْتِى: مِكيال هِشام بْنِ هُبَيْرة. وأَفْتَى الرجُلُ إِذَا شَرِب بالمُفْتِى وَهُوَ قَدَح الشُّطّار، أرادَت تشَبْيه الْإِنَاءِ بِمَكُّوك هِشام، أَوْ أَرَادَتْ مَكُّوك صَاحِبِ المُفْتِى فحَذَفَت الْمُضَافَ، أَوْ مَكُّوك الشَّارِب، وهو ما يُكَال به الخَمْر. وَفِي حَدِيثِ الْبُخَارِيِّ:
الحَرْب أَوَّلُ مَا تَكُونُ فُتَيَّة هَكَذَا جَاءَ عَلَى التَّصْغير: أَيْ شابَّة. وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ «فَتِيَّة» بِالْفَتْحِ.

اطط

[اطط] فيه: "أطت" السماء وحق لها أن "تئط"، الأطيط صوت الأقتاب وحنين الإبل أي كثرة ملائكتها قد أثقلتها حتى أطت، وهو مثل وإيذان بكثرتها وأريد به تقرير عظمته تعالى وإن لم يكن ثم أطيط. ش: أط يئط كفر يفر. مق: "حق" مجهول أي ينبغي لها أن تصيح من جهة ازدحام الملئكة أو من خشية الله تعالى. ومنه حديث: ذلك يوم ينزل الله تعالى على كرسيه "فيئط" كما يئط الرحل. فإن قيل: سئل عن المقام فكيف أجاب باليوم؟ أجيب بأنه قدم بيان الوقتفجعلني في أهل "أطيط" وصهيل أي في إبل وخيل. ومنه: وما لنا بعير "يئط" أي يحن ويصيح يريد وما لنا بعير أصلاً. وح باب الجنة: له "أطيط" أي صوت بالزحام. و"الأطيط" اسم موضع بين البصرة والكوفة. ومنه: حتى إذا كنا "بأطيط".

الْفِقْه

(الْفِقْه) الْفَهم والفطنة وَالْعلم وَغلب فِي علم الشَّرِيعَة وَفِي علم أصُول الدّين
الْفِقْه: ملكة: استنباط مَا لم يُصَرح الشَّارِع مِمَّا صرح بِهِ، وَقيل: تتبع الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة العملية المكتسب من أدلتها التفصيلية.الطَّهُورُ: الطَّاهِر فِي نَفسه المطهر لغيره.المستعمَل: مَا أُدي بِهِ عبَادَة، أَو انْتقل إِلَيْهِ منع الجرية مَا يُقَابل طرفِي النَّجَاسَة إِلَى حافة النَّهر.
الْفِقْه: بِالْكَسْرِ الْعلم بالشَّيْء وَغلب على علم الدّين لشرفه وَهُوَ معرفَة الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة الَّتِي طريقها الِاجْتِهَاد - وَقد يُطلق على الْعلم بِالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّة العملية الْحَاصِلَة من الْأَدِلَّة السمعية التفصيلية فَالْمَعْنى الأول يتَحَقَّق فِي فقاهة الْمُقَلّد دون الثَّانِي - لِأَن الْعلم بِالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّة إِلَى آخِره من حَيْثُ إِنَّه حَاصِل بالاستدلال هُوَ الْعلم بِمَعْنى الْيَقِين بِالْأَحْكَامِ عَن الإمارات - وَهَذَا الْعلم لَيْسَ بحاصل للمقلد الَّذِي لَهُ معرفَة الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة وَإِن كَانَت فِي أَنْفسهَا مستنبطة من أدلتها. فَإِن قلت إِن هَا هُنَا إجماعين أَحدهمَا على أَن الْمُقَلّد لَيْسَ بفقيه وَثَانِيهمَا على أَن الْفِقْه من الْعُلُوم الْمُدَوَّنَة فالإجماع الأول يَنْفِي كَون الْمُقَلّد فَقِيها وَالثَّانِي يُثبتهُ قُلْنَا المُرَاد بالفقه فِي الْإِجْمَاع الأول هُوَ الْيَقِين بِالْأَحْكَامِ عَن الإمارات وَفِي الثَّانِي هُوَ جَمِيع الْمسَائِل الشَّرْعِيَّة العملية فللفقه مَعْنيانِ وَعدم حُصُول أَحدهمَا فِي الْمُقَلّد لَا يُنَافِي حُصُول الآخر فِيهِ. وَيعلم من شرح العقائد النسفية للمحقق التَّفْتَازَانِيّ رَحمَه الله أَن الْفِقْه مَا يُفِيد الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة العملية عَن أدلتها التفصيلية. وَقَالَ صَاحب الخيالات اللطيفة إِن قلت الْفِقْه نفس معرفَة مَا يُفِيد الخ حَاصله أَن الْمَشْهُور أَن الْفِقْه علم بِالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّة العملية عَن أدلتها التفصيلية. وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى الْفِقْه معرفَة النَّفس مَا لَهَا وَمَا عَلَيْهَا وَعرف الشَّارِح رَحمَه الله تَعَالَى الْفِقْه بِأَنَّهُ مَا يُفِيد معرفَة الْأَحْكَام إِلَى آخِره فَيلْزم خلاف الْمَشْهُور وَكَون الْمُفِيد والمفاد وَاحِدًا لِأَن الْفِقْه لَيْسَ إِلَّا معرفَة الْأَحْكَام فَيصير الْمَعْنى الْفِقْه معرفَة الْأَحْكَام المفيدة لمعْرِفَة الْأَحْكَام إِلَى آخِره.
وَــأجَاب عَنهُ بِثَلَاثَة أجوبة - وَحَاصِل الْجَواب الأول أَن للفقه مَعْنيانِ أَحدهمَا نفس الْمسَائِل وَالثَّانِي التَّصْدِيق بالمسائل فالمعرف بالتعريف الْمَشْهُور هُوَ الْفِقْه بِمَعْنى التَّصْدِيق بالمسائل والمعرف هَا هُنَا أَي فِي عبارَة الشَّارِح رَحمَه الله تَعَالَى هُوَ نفس الْمسَائِل - وَقَوله فَإِن من طالعها إِلَى آخِره جَوَاب سُؤال مُقَدّر كَأَنَّهُ قيل لَيست نفس الْمسَائِل مفيدة لمعْرِفَة الْأَحْكَام إِلَى آخِره فَكيف يُقَال فِي تَعْرِيفه أَنه مَا يُفِيد معرفَة الْأَحْكَام إِلَى آخِره. وَحَاصِل الْجَواب أَن معنى إفادتها للمعرفة الْمَذْكُورَة أَن من طالع تِلْكَ الْمسَائِل ووقف على دلائلها حصل لَهُ معرفَة أَحْكَام تِلْكَ الْمسَائِل عَن دلائلها وَهَذَا الْقدر كَاف لصِحَّة الإفادة وَقَوله وَلَك أَن تَقول إِلَى آخِره جَوَاب ثَان حَاصله أَن هَذَا هُوَ التَّعْرِيف الْمَشْهُور لِأَن المُرَاد بِكَلِمَة مَا علم الْأَحْكَام الْكُلية وَالْمرَاد من الْأَحْكَام فِي قَوْله معرفَة الْأَحْكَام الْأَحْكَام الْجُزْئِيَّة بِقَرِينَة لفظ الْمعرفَة لِأَنَّهَا إِنَّمَا تسْتَعْمل فِي الجزئيات فَالْمَعْنى أَن الْفِقْه علم الْأَحْكَام الْكُلية المفيدة لمعْرِفَة الْأَحْكَام الْجُزْئِيَّة الْمَخْصُوصَة وَقَوله وَقد يُقَال إِن التغاير إِلَى آخِره جَوَاب ثَالِث.
وَحَاصِله أَن المُرَاد بِكَلِمَة مَا هُوَ التَّصْدِيق والمعرفة فَالْمَعْنى أَن الْفِقْه التَّصْدِيق الْمُفِيد للتصديق فَيلْزم اتِّحَاد الْمُفِيد والمفاد إِلَّا أَن الْمُفِيد هُوَ التَّصْدِيق من غير اعْتِبَار حُصُوله فِي النَّفس. والمفاد أَيْضا هُوَ التَّصْدِيق لَكِن بِاعْتِبَار حُصُوله فِيهَا. وَهَذَا مَا حررناه فِي التعليقات على تِلْكَ الْحَوَاشِي. وأصول الْفِقْه معرفَة أَحْوَال الْأَدِلَّة السمعية إِجْمَالا فِي إفادتها الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة العملية والأدلة السمعية الْكتاب وَالسّنة وَالْإِجْمَاع وَالْقِيَاس.

الصَّدَى

الصَّدَى: الرجلُ اللطيفُ الجَسَدِ، والجَسَدُ من الآدَمِيِّ بعدَ مَوْتِهِ، وحَشْوُ الرأسِ، والدِماغُ، وطائِرٌ يَصِرُّ بالليلِ، يَقْفِزُ قَفَزاناً، وطائِرٌ يَخْرُجُ من رأسِ المَقْتُولِ إذا بَلِيَ، يَزْعُمُ الجاهِلِيَّةُ، وفِعْلُ المُتَصَدِّي، والعالِمُ بِمَصْلَحَةِ المالِ، والعَطَشُ، صَدِيَ، كَرَضِيَ، صَدًى، فهو صَدٍ وصادٍ وصَدْيانُ، وهي صَدْيا وصادِيَةٌ، وما يَرُدُّه الجبلُ على المُصَوِّتِ فيه، وذَكَرُ البُومِ، وسَمَكَةٌ سَوْداءُ طويلةٌ.
والصَّوادِي: النَّخِيلُ الطِوالُ.
وأصَمَّ اللهُ صَدَاهُ: أهْلَكَهُ.
والتَّصْدِيَةُ: التَّصْفِيقُ،
كالصَّدْوِ، أو تَفْعِلَةٌ من الصَّدِّ، لأنهم كانوا يَصُدُّونَ عن الإِسْلامِ.
وصادَاهُ: داجاهُ، وداراهُ، وساتَرَهُ، وعارَضَه.
وتَصَدَّى له: تَعَرَّضَ.
وأصْدَى: ماتَ،
وـ الجَبَلُ: أجابَ بالصدَى.
وصَدْيانُ: ع. وكسُمَيٍّ: ماءٌ، وفَرَسٌ، وابنُ عَجْلانَ: صَحابِيٌّ.
والصُّدَى، مُخَفَّفَةً: سَيْفُ أبي مُوسَى الأشْعَرِيِّ، رضِي الله تعالى عنه.

الدُّعاءُ

الدُّعاءُ: الرَّغْبَةُ إلى الله تعالى، دَعا دُعاءً ودَعْوَى.
والدَّعَّاءَةُ: السَّبَّابَةُ.
وهو مِنّي دَعْوَةُ الرَّجُلِ، أي: قَدْرَ ما بَيْنِي وبَيْنَه ذاكَ.
ولَهُمُ الدَّعْوَةُ على غيرِهم، أي: يُبْدَأُ بهم في الدُّعاءِ.
وتَدَاعَوْا عليه: تَجَمَّعُوا.
ودَعاهُ: ساقَهُ.
والنبيُّ، صلى الله عليه وسلم: داعِي اللهِ، ويُطْلَقُ على المُؤَذِّنِ.
والداعِيَةُ: صَرِيخُ الخَيْلِ في الحُروبِ.
وداعِيَةُ اللَّبَنِ: بَقِيَّتُه التي تَدْعُو سائِرَهُ.
ودَعا في الضَّرْعِ: أبْقاها فيه.
ودَعاهُ اللهُ بمَكْرُوهٍ: أنْزَلَهُ به.
ودَعَوْتُه زَيْداً،
وـ بزَيْدٍ: سَمَّيْتُه به.
وادَّعَى كذا: زَعَمَ أنَّهُ له حَقاً أو باطِلاً، والاسمُ: الدَّعْوَةُ والدَّعاوةُ، ويُكْسَرانِ.
والدَّعْوَةُ: الحَلِفُ، والدُّعاءُ إلى الطَّعامِ، ويُضَمُّ،
كالمَدْعاةِ، وبالكسر: الادِّعاءُ في النَّسَبِ.
والدَّعِيُّ، كَغَنِيٍّ: مَنْ تَبَنَّيْتَهُ، والمُتَّهَمُ في نَسَبِه.
وادَّعاهُ: صَيَّرَهُ يُدْعَى إلى غيرِ أبيهِ.
والأدْعِيَّةُ والأُدْعُوَّةُ، مَضْمُومَتَيْنِ: ما يَتَدَاعَوْنَ به.
والمُداعاةُ: المُحاجاةُ.
وتَداعَى العَدُوُّ: أقْبَلَ،
وـ الحِيطانُ: انْقاضَتْ.
وداعَيْناهُ: هَدَمْناهُ.
ودَواعِي الدَّهْرِ: صُروفُه.
وما بِه دُعْوِيٌّ، كتُرْكِيٍّ: أحَدٌ.
وانْدَعَى: أجابَ.
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.