Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: رابع

تسع

تسع
يُقال في التُّسْع: تسِيْعٌ.
وتَسَعْتهم: اخَذْتَ التسْعَ من أموالهم. وجَعَلْتَهم تسْعَةً أيضاً.
(تسع)
الْقَوْم تسعا صيرهم بِنَفسِهِ تِسْعَة وَيُقَال هُوَ تَاسِع ثَمَانِيَة وَالشَّيْء أَخذ تسعه وَيُقَال تسع الْقَوْم أَخذ تسع أَمْوَالهم وَالْحَبل فتله على تسع قوى
تسع: تَسَّع: تَسَّعه: تسعه، صيره تسعة، كرره تسع مرات (بوشر).
تساعى، شاش تساعى (أبو الفداء، تاريخ 5: 80، 294، 301): شاش طوله تسعة أذرع (راجع ثلاثي في معجم لين وعشاري) والتساعي من الإبل هو الذي يقطع مسيرة تسعة أيام في يوم واحد (جاكسون) والتساعيات من الحديث هي التي رواها تسع رواة واحدا عن الآخر (المقري 1: 844، حاجي خليفة 2: 286 وفي العبدري ص28 ق: وبعض أحاديثه التساعية.
ت س ع: (التُّسْعُ) بِالضَّمِّ جُزْءٌ مِنْ تِسْعَةٍ، وَكَذَا (التَّسِيعُ) وَ (التَّاسُوعَاءُ) بِالْمَدِّ قَبْلَ يَوْمِ الْعَاشُورَاءِ وَأَظُنُّهُ مُوَلَّدًا. وَ (تَسَعَ) الْقَوْمَ مِنْ بَابِ قَطَعَ إِذَا أَخَذَ تُسْعَ أَمْوَالِهِمْ أَوْ كَانَ لَهُمْ تَاسِعًا وَ (أَتْسَعَ) الْقَوْمُ صَارُوا (تِسْعَةً) . 

تسع


تَسَعَ
(n. ac. تَسْع)
a. Took a ninth.
b. Was the ninth.

تَسَّعَa. Made nine.

أَتْسَعَa. Became nine.

تِسْع [ fem. ]
a. Nine.

تِسْع عَشَرَة [
mas. ]
a. Nineteen.

تِسْعُوْن
a. Ninety.

تِسْعَة [ mas. ]
a. Nine.

تَسْعَة عَشَر [
fem. ].
a. Nineteen.

تُسْع
a. Ninth part.

تَاسِع
a. Ninth.

تَاسِع عَشَر
a. Nineteenth.

تِشْرِيْن الأَوَّل
a. October.

تِشْرِيْن الثّانِي
a. November.

تَشَارِيْن
a. Autumn.
[تسع] التِسْعَةُ في عدد المذكر، والتِسْعُ في عدد المؤنث، والتِسْعُ أيضاً: ظِمْءٌ من أظماء الإبل. والتُسْعُ بالضم: جزءٌ من تسعة، وكذلك التسيع. والتسع، مثال الصرد: ثلاث ليال من الشهر، وهى بعد النفل، لان آخر ليلة منها هي التاسعة. والتاسوعاء قبل يوم العاشوراء، وأظنه مولدا . وتسعت القوم أتسعهم، إذا أخذت تُسْعَ أموالهم، أو كنت لهم تاسعاً. وأَتْسَعَ القومُ، إذا وردتْ إبلهم تِسْعاً. وأَتْسَعوا، أي صاروا تسعة.
[تسع] نه فيه: لأصومن "تاسوعاء" هو اليوم التاسع من المحرم وإنما قاله كراهة لموافقة اليهود الذين يصومون عاشوراء، وقيل: أراد به عاشوراء، تأول فيه عشر ورد الإبل، تقول العرب: وردت الإبل عشراً، إذا وردت اليوم التاسع، وظاهر الحديث يخالفه لأنه كان يصوم عاشوراء وهو العاشر ثم قال: لئن بقيت إلى قابل لأصومن تاسوعاء، فكيف يعد بصوم كان يصومه. ط: أمرني ربي "بتسع" فإن قيل المذكور عشر، قلت: يحمل العاشر وهو الأمر بالمعروف على أنه مجمل عقيبالتفصيل لأنه جامع لكلها كأنه قال أمرني بأن أتصف بهذه الصفات وأمر غيري بالاتصاف بها، فهو عطف على المجموع. وعلمه الأذان "تسع عشرة" كلمة أي هو مع الترجيع تسع عشرة. ش: كان يدور على نسائه وهن "تسع" لا خلاف في أنه صلى الله عليه وسلم لم يجتمع عنده بالنكاح غير تسع، فما روى أنهن إحدى عشرة فبجمع جاريتين مارية وريحانة في آخر أمره. ن: أن لله "تسعة وتسعين" اسماً، اتفقوا على أنه لا حصر فيها ولا دلالة للحديث عليه، وروى أن له ألف اسم ومر كلام في "أسماء" ويجيء في "أحصى".
(ت س ع)

التِّسْعة من الْعدَد: مَعْرُوف. وَقَول الْعَرَب: تِسْعَة أَكثر من ثَمَانِيَة، فَلَا تصرف: إِذا أردْت قدر الْعدَد، لأنفس الْمَعْدُود. وَإِنَّمَا ذَلِك لِأَنَّهَا تصير هَذَا اللَّفْظ علما لهَذَا الْمَعْنى، كزوبر من قَوْله:

عُدَّتْ عَليَّ بِزَوْبَرَا وَسَيَأْتِي. والتِّسْع فِي الْمُؤَنَّث: كالتِّسعة فِي الْمُذكر.

وتَسَعَهم يَتْسَعُهُم: صَار تاسِعَهم. وتَسَعَهم: كَانُوا ثَمَانِيَة فأتمهم تِسْعَة.

وأتْسَعُوا: كَانُوا ثَمَانِيَة، فصاروا تِسْعَة.

والتَّاسُوعاء: الْيَوْم التَّاسِع من الْمحرم.

والتِّسْع من أظماء الْإِبِل: أَن ترد إِلَى تِسْعَة أَيَّام. وَالْإِبِل تَواسِعُ.

وَالْقَوْم مُتْسِعُونَ: إِذا وَردت إبلهم لتِسْعة أَيَّام، وَثَمَانِية لَيَال.

وحبل مَتْسُوع: على تِسْعِ قوى.

وَالثَّلَاث التُّسع: اللَّيْلَة السَّابِعَة وَالثَّامِنَة، والتَّاسعة من الشَّهْر. وَقيل: هِيَ اللَّيَالِي الثَّلَاث من أول الشَّهْر. وَالْأول أَقيس.

والتُّسْع والتَّسيع: جُزْء من تِسْعة، يطَّرِد ذَلِك فِي جَمِيع هَذِه الكسور عِنْد بَعضهم.

وتَسَعَ المَال يَتْسَعُهُ: أَخذ تُسْعَه.

وتَسَعَهم: أَخذ تُسْع أَمْوَالهم.

وَقَوله تَعَالَى: " ولقَد آتَيْنا مُوسَى تِسْعَ آياتٍ بَيِّناتٍ ". قيل فِي التَّفْسِير: إِنَّهَا أَخذ آل فِرْعَوْن بِالسِّنِينَ، وَهُوَ الجدب، حَتَّى ذهبت ثمارهم، وَذهب من أهل الْبَوَادِي مَوَاشِيهمْ. وَمِنْهَا إِخْرَاج مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام يَده بَيْضَاء للناظرين. وَمِنْهَا إلقاؤه عَصَاهُ، فَإِذا هِيَ ثعبان مُبين. وَمِنْهَا إرْسَال الله تَعَالَى عَلَيْهِم الطوفان وَالْجَرَاد وَالْقمل والضفادع وَالدَّم. وَقيل: إِن الْبَحْر مِنْهَا. وَمن آيَاته: انفجار الْحجر. هَذَا قَول الزّجاج.
ت س ع : التُّسْعُ جُزْءٌ مِنْ تِسْعَةِ أَجْزَاءٍ وَالْجَمْعُ أَتْسَاعٌ مِثْلُ: قُفْلٍ وَأَقْفَالٍ وَضَمُّ السِّينِ لِلْإِتْبَاعِ لُغَةٌ وَالتَّسِيعُ مِثْلُ: كَرِيمٍ لُغَةٌ فِيهِ وَتَسَعْتُ الْقَوْمَ أَتْسَعُهُمْ مِنْ بَابِ نَفَعَ وَفِي لُغَةٍ مِنْ بَابَيْ قَتَلَ وَضَرَبَ إذَا صِرْتُ تَاسِعَهُمْ أَوْ أَخَذْتُ تُسْعَ أَمْوَالِهِمْ.

وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَأَصُومَنَّ التَّاسِعَ» مَذْهَبُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَخَذَ بِهِ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّاسِعِ يَوْمُ عَاشُورَاءَ فَعَاشُورَاءُ عِنْدَهُ تَاسِعُ الْمُحَرَّمِ، وَالْمَشْهُورُ مِنْ أَقَاوِيلِ الْعُلَمَاءِ سَلَفِهِمْ وَخَلَفِهِمْ أَنَّ عَاشُورَاءَ عَاشِرُ الْمُحَرَّمِ وَتَاسُوعَاءَ تَاسِعُ الْمُحَرَّمِ اسْتِدْلَالًا بِالْحَدِيثِ الصَّحِيحِ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - صَامَ عَاشُورَاءَ فَقِيلَ لَهُ إنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى تُعَظِّمُهُ فَقَالَ فَإِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ صُمْنَا التَّاسِعَ» فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَصُومُ غَيْرَ التَّاسِعِ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَعِدَ بِصَوْمِ مَا قَدْ صَامَهُ وَقِيلَ أَرَادَ تَرْكَ الْعَاشِرِ وَصَوْمَ التَّاسِعِ وَحْدَهُ خِلَافًا لِأَهْلِ الْكِتَابِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي حَدِيثٍ «صُومُوا يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَخَالِفُوا الْيَهُودَ صُومُوا قَبْلَهُ يَوْمًا وَبَعْدَهُ يَوْمًا» وَمَعْنَاهُ صُومُوا مَعَهُ يَوْمًا قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ حَتَّى تَخْرُجُوا عَنْ التَّشَبُّهِ بِالْيَهُودِ فِي إفْرَادِ الْعَاشِرِ، وَاخْتُلِفَ هَلْ كَانَ وَاجِبًا وَنُسِخَ بِصَوْمِ رَمَضَانَ أَوْ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا قَطُّ وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ صَوْمَهُ سُنَّةٌ.

وَأَمَّا تَاسُوعَاءُ فَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ أَظُنُّهُ مُوَلَّدًا وَقَالَ الصَّغَانِيّ مُوَلَّدٌ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إذَا اُسْتُعْمِلَ مَعَ عَاشُورَاءَ فَهُوَ قِيَاسُ الْعَرَبِيِّ لِأَجْلِ الِازْدِوَاجِ وَإِنْ اُسْتُعْمِلَ وَحْدَهُ فَمُسَلَّمٌ إنْ كَانَ غَيْرَ مَسْمُوعٍ. 

تسع

1 تَسَعَهُمْ, aor. ـَ (S, Msb, K) and تَسِعَ (Yoo, Msb, K) and تَسُعَ, (Msb,) inf. n. تَسْعٌ, (T K,) He took the ninth part of their possessions: or he became the ninth of them: (S, Msb, K:) or he made them to be nine with himself; (K;) they having before been eight. (TA.) [See also 2.]2 تسّعهُ He made it nine. (Esh-Sheybánee, and K voce وَحَّدَ.) [See also 1.] b2: تسّع لِامْرَأَتِهِ, or عِنْدَهَا, He remained nine nights with his wife: and in like manner the verb is used in relation to any saying or action. (TA voce سَبَّعَ.) 4 اتسعوا They became nine: (S, K:) and they became ninety. (M and L in art. ثلث.) b2: They were, or became, persons whose camels came to water [on the ninth day, counting the day of the next preceding watering as the first; i. e.,] after an interval of nine days, [of which the first or last, or each of these, was not complete,] and eight nights. (S, * K, * TA.) تَسْعٌ: see تِسْعَةٌ.

تُسْعٌ A ninth part; one of nine parts; (S, Msb, K,) as also ↓ تُسُعٌ; (Msb;) and ↓ تَسِيعٌ, (S, Msb, K,) agreeably with a rule which some hold to be applicable in the case of every similar fractional number; but Sh says, I have not heard تَسِيعٌ on any authority but that of Az. (TA.) تِسْعٌ fem. of تِسْعَةٌ, q. v. b2: Also A certain ظْمء of the أَظْمَآء of camels; (S, K, TA;) i. e., their coming to water [on the ninth day, counting the day of the next preceding watering as the first; or, in other words,] after an interval of nine days, [of which the first or last, or each of these, is not complete,] and eight nights. (TA.) b3: Also The ninth young one, or offspring. (A in art. ثلث.) تُسَعٌ The seventh and eighth and ninth nights of the [lunar] month; (K;) the three nights of the month which are after the نُفَل, because the last night of these is the ninth; (S;) among the nights of the month are three called غُرَرٌ, [pl. of غُرَّةٌ,] and after these are three called نُفَلٌ, and after these are three called تُسَعٌ because the last of them is the ninth night: (Az, TA:) or the three nights of the commencement of the month, as some say; but the first of these explanations is more agreeable with analogy. (TA.) تُسُعٌ: see تُسْعٌ.

تِسْعَةٌ, applied to denote a number, [namely Nine,] is masc. ; and ↓ تِسْعٌ, so applied, is fem.: (S:) the latter is also written ↓ تَسْعٌ, with fet-h to the ت; and is thus pronounced in the Kur xxxviii. 22, (Bd, MF,) accord. to one reading. (Bd.) You say تِسْعَةُ رِجَالٍ [Nine men], and تِسْعٌ نِسْوَةٍ [Nine women]. (K.) When it means the things numbered, not the amount of the number, تسعة is imperf. decl., being regarded as a proper name: thus you say, تِسْعَةُ أَكْثَرُ مِنْ ثَمَانِيَةَ [Nine things are more than eight things]. (TA.) It is said in the Kur [xvii. 103], وَ لَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ [And we formerly gave unto Moses nine evident signs; generally understood to mean the principal miracles which he was empowered to perform, and which are differently enumerated in the K and other works; but by some supposed to mean statutes]. (K, * TA.) b2: In تِسْعَةَ عَشَرَ, which is masc., and تِسْعَ عَشْرَةَ, which is fem., [each signifying Nineteen,] each of the two words ends with fet-h in every case, because they are two nouns which are regarded as one noun. (TA.) The former is pronounced by some of the Arabs تِسْعَةَ عْشَرَ: and the latter, thus in the dial. of El-Hijáz [and of most of the Arabs], is pronounced تِسْعَ عَشِرَةَ in the dial. of Nejd. (S in art. عشر.) In the Kur lxxiv. 30, some read, تِسْعَةَ عْشَرَ, making the ع in عشر quiescent, instead of تِسْعَهَ عَشَرَ, from a dislike of this consecution of vowels in what is like one word. (Bd, TA. *) تِسْعُونَ, Ninety: and ninetieth.]

تُسَاعَ, as meaning Nine and nine, or nine and nine together, or nine at a time and nine at a time, seems not to have been in use.] A'Obeyd says that more than أُحَادَ and ثُنَآءَ and ثُلَاثَ and رُبَاعَ has not been heard, except عُشَارَ occurring in a verse of El-Kumeyt. (TA in art. عشر.) تَسِيعٌ: see تُسْعٌ.

تَاسِعٌ [Making to be nine with himself, or itself: and hence, ninth]. You say, هُوَ تَاسِعُ تِسْعَةٍ [He is the ninth of nine]: and تَاسِعُ ثَمَانِيَةٍ [He is making eight to be nine with himself]: but it is not allowable to say, تَاسِعٌ تِسْعَةً. (TA.) b2: [تَاسِعَ عَشَرَ and تَاسِعَةَ عَشْرَةَ, the former masc. and the latter fem., meaning Nineteenth, are subject to the same rules as ثَالِثَ عَشَرَ and its fem., explained in art. ثلث, q. v.]

تَاسُوعَآءُ, (Msb, TA, &c.,) or التَّاسُوعَآءُ, (S, K,) The tenth day of [the month] El-Moharram; (Msb, TA;) [the day] before the day of العَاشُورَآءُ, (S,) or before the day of عَاشُورَآءُ: (K:) or, accord. to some, the same as the day of العاشوراء: (TA:) [see عاشوراء, where this is explained:] it is a post-classical word: (Sgh, K:) J says, in the S, I think it post-classical: (Msb, TA:) but [SM says,] this requires consideration; for it was used by the Prophet: (TA:) one ought to say, that, with عاشوراء, it has this form for the sake of resemblance; but as used alone, it must be conceded that it has not been heard [from the Arabs of the classical times]. (Msb.) مُتَسَّعٌ pass. part. n. of 2, q. v. See also مُثَلَّثٌ.]

مَتْسُوعٌ A rope consisting of nine strands. (TA.)

تسع: التِّسْع والتِّسعة من العدد: معروف تجري وجوهه على التأْنيث

والتذكير تسعة رجال وتسع نسوة. يقال: تسعون في موضع الرفع وتسعين في موضع النصب

والجر، واليوم التاسع والليلة التاسعة، وتِسعَ عَشرةَ مفتوحان على كل حال

لأَنهما اسمان جعلا اسماً واحداً فأُعْطِيا إِعراباً واحداً غير أَنك

تقول تسع عَشرةَ امرأَةً وتسعة عشر رجلاً، قال الله تعالى: عليها تسعة عشَرَ

أَي تسعة عشر مَلَكاً، وأَكثر القرّاء على هذه القراءة، وقد قرئ: تسعةَ

عْشر، بسكون العين، وإِنما أَسكنها مَن أَسكنها لكثرة الحركات والتفسير

أنّ على سَقَرَ تسعة عشر ملَكاً، وقولُ العرب تسعةُ أَكثر من ثمانيةَ فلا

تصرف إِلا إِذا أَردت قَدْر العدَد لا نفس المعدود، فإِنما ذلك لأَنها

تُصيِّر هذا اللفظَ علماً لهذا المعنى كَزوبَرَ من قوله: عُدَّتْ عليّ

بِزَوْبَرا، وهو مذكور في موضعه. والتسعُ في المؤنث كالتسعة في المذكر.

وتَسَعَهم يَتْسَعُهم، بفتح السين: صار تاسعهم. وتَسَعَهم: كانوا ثمانية

فأَتَّمَّهم تسْعة. وأَتْسَعُوا: كانوا ثمانية فصاروا تسعة. ويقال: هو تاسعُ

تسعةٍ وتاسعٌ ثمانيةً وتاسعُ ثمانيةٍ، ولا يجوز أَن يقال هو تاسعٌ تسعةً ولا

رابعٌ أَربعةً إِنما يقال رابعُ أَربعةٍ على الإِضافة، ولكنك تقول رابعٌ

ثلاثةً، هذا قول الفراء وغيره من الحُذّاق. والتاسُوعاء: اليوم التاسع من

المحرّم، وقيل هو يوم العاشُوراء، وأَظنه مُولَّداً. وفي حديث ابن عباس،

رضي الله عنهما: لئن بَقِيتُ إِلى قابل لأَصُومَنّ التاسع يعني عاشُوراء،

كأَنه تأَوّل فيه عِشْرَ الوِرْد أَنها تسعة أَيام، والعرب تقول ورَدت

الماء عِشْراً، يعنون يوم التاسع ومن ههنا قالوا عِشْرِينَ، ولم يقولوا

عِشْرَيْن لأَنهما عِشْرَانِ وبعضُ الثالث فجُمع فقيل عِشْرِين، وقال ابن بري:

لا أَحسبهم سموا عاشوراء تاسوعاء إِلا على الأَظْماء نحو العشر لأَن

الإِبل تشرب في اليوم التاسع وكذلك الخِمْس تشرب في اليوم الــرابع؛ قال ابن

الأَثير: إِنما قال ذلك كراهةً لموافقة اليهود فإِنهم كانوا يصومون عاشوراء

وهو العاشر، فأَراد أَن يخالفهم ويصوم التاسع، قال: وظاهر الحديث يدل على

خلاف ما ذَكر الأَزهري من أَنه عنى عاشوراء كأَنه تأَوّل فيه عِشْر

وِرْد الإِبل لأَنه قد كان يصوم عاشوراء، وهو اليوم العاشر، ثم قال: إِن

بَقِيت إِلى قابل لأَصُومنّ تاسوعاء، فكيف يَعِدُ بصوم يوم قد كان يصومه؟

والتسع من أَظْماء الإِبل: أَن تَرِد إِلى تسعة أَيام، والإِبلُ تَواسِعُ.

وأتسع القوم فهم مُتسِعون إِذا وردت إِبلهم لتسعة أَيام وثماني ليال. وحبْلٌ

مَتْسُوع: على تِسْع قُوىً.

والثَّلاثُ التُّسَعُ مثال الصُّرَدِ: الليلة السابعة والثامنة والتاسعة

من الشهر، وهي بعد النُّفَل لأَن آخر ليلة منها هي التاسعة، وقيل: هي

الليالي الثلاث من أَوّل الشهر، والأَوّل أَقْيَسُ. قال الأَزهري: العرب

تقول في ليالي الشهر ثلاث غُرَرٌ وبعدها ثلاث نُفَلٌ وبعدها ثلاث تُسَعٌ،

سمّين تُسعاً لأَن آخرتهن الليلة التاسعة كما قيل للثلاث بعدها: ثلاث عُشَر

لأَن بادِئتَها الليلة العاشرة.

والعَشِيرُ والتَّسِيعُ: بمعنى العُشْر والتُّسْع. والتُّسْعُ، بالضم،

والتَّسِيعُ: جزِء من تسعة يطَّرِد في جميع هذه الكسورِ عند بعضهم؛ قال

شمر: ولم أَسمع تَسِيعاً إِلا لأَبي زيد.

وتَسَعَ المالَ يَتْسَعُه: أَخذ تُسْعه. وتَسَعَ القومَ، بفتح السين

أَيضاً، يَتْسَعُهم: أَخذ تُسْع أَموالهم. وقوله تعالى: ولقد آتينا موسى

تِسْعَ آيات بيِّنات؛ قيل في التفسير: إِنها أَخْذُ آلِ فِرعون بالسِّنِينَ،

وهو الجَدْب، حتى ذهبت ثِمارُهم وذهب من أَهل البوادي مَواشِيهم، ومنها

إِخراج موسى، عليه السلام يدَه بيضاء للناظرين، ومنها إِلقاؤه عصاه فإِذا

هي ثُعبان مبين، ومنها إِرسال الله تعالى عليهم الطُّوفان والجَراد

والقُمَّلَ والضَّفادِعَ والدَّمَ وانْفِلاقُ البحر ومن آياته انفجار

الحجر.وقال الليث: رجل مُتَّسِع وهو المُنْكَمِشُ الماضي في أَمره؛ قال

الأَزهري: ولا أَعرف ما قال إِلا أَن يكون مُفْتَعِلاً من السَّعةِ، وإِذا كان

كذلك فليس من هذا الباب. قال: وفي نسخة من كتاب الليث مِسْتَعٌ، وهو

المُنْكَمِشُ الماضي في أَمره، ويقال مِسْدَعٌ لغة، قال: ورجل مِسْتَعٌ أَي

سريع.

تسع
تسَعَ يَتسَع ويَتسِع، تَسْعًا، فهو تاسِع، والمفعول مَتْسوع
• تسَع القومَ: صار تاسعَهم، كمّلهم بنفسِه تِسْعَة.
• تسَع فلانًا: أخذ تُسع ماله.
• تسَع الشَّيءَ: أخذ تُسعه، أي جزءًا من تسعة أجزاء متساوية. 

أتسعَ يُتسع، إتْساعًا، فهو مُتْسِع، والمفعول مُتْسَع (للمتعدِّي)
• أتسَع القومُ: صاروا تِسْعةً.
• أتسع الشَّيءَ: صيَّره تِسْعةً "أتسع الرسمَ: صيَّره ذا تسعة أركان- أتسع العددَ". 

تسَّعَ يُتسِّع، تتسيعًا، فهو مُتسِّع، والمفعول مُتسَّع
• تسَّع الشَّيءَ:
1 - جعلَه ذا تسعة أركان أوأجزاء "تسَّع البناءَ- تسَّع الرسمَ/ الرغيفَ".
2 - صيَّره تِسْعة "تسَّع دَخْلَه/ ربحَه: ضاعفه تِسْع مرّات".
• تسَّعَ الثَّمانيةَ: تسَعهم، جعلهم تِسْعة بانضمامه إليهم. 

تاسِع [مفرد]:
1 - اسم فاعل من تسَعَ.
2 - عدد ترتيبيّ يوصف به يدلّ على فرد واحد جاء تاسعًا، ما بعد الثامن وقبل العاشر "حضر في اليوم التاسع من الشهر" ° تاسعًا: الواقع بعد الثامن، يستعمل في العدّ، فيقال: ثامنًا، تاسعًا، ....
• التَّاسع عشر: عدد ترتيبيّ يوصف به، يلي الثَّامن عشر ويسبق العشرين، وهو مبني على فتح الجزأين.
• تاسع تسعة: أحدهم.
• تاسع ثمانية: مَنْ أو ما يضاف إلى الثمانية فيجعلها تسعة. 

تاسُوعاء [مفرد]: اليوم التَّاسع من شهر المُحرّم "لَئِنْ بَقِيتُ إِلَى قَابِلٍ لأَصُومَنَّ تاسُوعاءَ [حديث] ". 

تُساعَ [مفرد]: تسعةً تسعة، معدول عن تسعة تسعة
 بالتكرار، يستوي فيها المذكر والمؤنث، وهي ممنوعة من الصرف "جاءوا تُساعَ". 

تُساعيّ [مفرد]: اسم منسوب إلى تُساعَ: ما كان له تسعة أركان أو أجزاء "لجنة تُساعيَّة- مؤتمر تُساعيّ: يضمّ ممثلين عن تِسْع دول".
• تُساعيّ الأضلاع: (هس) شكل هندسيّ محدود، بتسعة أضلاع مستقيمة يتلاقى كل ضلعين متجاورين في نقطة تسمّى بالرأس. 

تَسْع [مفرد]: مصدر تسَعَ. 

تُسْع/ تُسُع [مفرد]: ج أتْساع: جزء واحد من تسعة أجزاء متساوية من الشَّيء "أخذ منه تُسْعَ المبلغ". 

تِسْعة [مفرد]: اسم عدد أصلي فوق الثمانية ودون العشرة، يخالف المعدود في التذكير والتأنيث إفرادًا وتركيبًا وعطفًا "تِسْع نساء- تِسْعة رجال- {وَلَقَدْ ءَاتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ ءَايَاتٍ بَيِّنَاتٍ} " ° كلُّنا أولاد تسعة: متساوون.
• تسعة عشَر: عدد مركّب يلي ثمانية عَشَر ويسبق العشرين، مبنيّ على فتح الجزأين. 

تسعمائة/ تسع مائة [مفرد]: عدد يساوي تسع مئات، وهو مركّب من تسع ومائة، ويجوز فصلهما فيقال تسع مائة "في مكتبتي تسعمائة/ تسع مائة كتاب". 

تِسْعون [مفرد]:
1 - عددٌ بين تسعة وثمانين وواحد وتسعين "تضم مكتبته تسعين كتابًا لتسعين مؤلِّفًا".
2 - عدد يساوي تسع عشرات، وهو من ألفاظ العقود يستوي فيه المذكَّر والمؤنَّث، ويعامل معاملة جمع المذكر السالم "تسعون طالبًا/ طالبةً".
3 - وصف من العدد تسعين، متمِّم للتسعين "الصفحة التِّسعون". 

تِسْعينيّات [جمع]
• التِّسْعينيَّات: السَّنتان التّسْعون والتاسعة والتِّسْعون وما بينهما، العقد الأخير من قرن ما "بُذِلت جهود دوليّة كبيرة في التِّسْعينيّات من القرن العشرين لتحقيق السلام".
تسع
تِسْعَةُ رِجَالٍ، فِي العَدَد المُذَكَّر، وتِسْعُ نِسْوَةٍ، فِي العَدَدِ المُؤَنَّثِ، مَعْرُوفٌ. وقَوْلُهُ تَعَالَى: ولَقَدْ آتَيْنَا مُوَسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيَّناتٍ هِيَ: أَخْذُ آلِ فِرْعَوْنَ بالسِّنِينَ، وإِخْرَاجُ مُوسَى عَلَيْه السّلامُ يَدَهُ بَيْضَاءَ والعَصَا، والطُّوفانُ، والجَرَادُ، والقُمَّلُ، والضَّفَادِعُ، والدَّمُ، وانْفِلاقُ البَحْرِ. وقَدْ جَمَعَ ذلِكَ المُصَنِّفُ فِي بَيْتٍ واحدٍ فَقَالَ:
(عَصاً، سَنَةٌ، بَحْرٌ، جَرَادٌ، وقُمَّلٌ ... دَمٌ، ويَدٌ، بَعْدَ الضَّفادِعِ، طُوفانُ)
وقَدْ ضَمَّنْتُه بِبَيْتٍ آخَرَ، فقُلْتُ:
(آياتُ مُوسَى الكَلِيمِ التِّسْعُ يَجْمَعُهَا ... بَيْتٌ فَرِيدٌ لَهُ فِي السَّبْك عُنْوَانُ)
عَصاً سَنة إِلى آخِرِه. أَمَّا العَصَا فَفِي قَوْلِه تَعَالَى: فَألْقَى عَصَاهُ فإِذا هِيَ ثُعْبَانٌ مِبِين وأَمَّا السَّنَةُ فَفِي قَوْلِه تَعالَى: ولَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بالسِّنِينَ، وَهُوَ الجَدْبُ حَتَّى ذَهَبَتَ ثِمَارُهُمْ وذَهَبَ من أَهْلِ البَوَادِي مَوَاشِيهِم، وكَذا بَقِيَّةُ الآيَاتِ، وكُلُّهَا مَذْكُورَةٌ فِي القُرْآنِ، قَالَ شَيْخُنَا: وقَدْ نَظَمَها البَدْرَ بنُ جَمَاعَةَ أَيْضاً فِي قَوْلِه:
(آيَاتُ مُوسَى الكَلِيمِ التّسعُ يَجْمَعُهَا ... بَيْتٌ عَلَى إِثْرِ هذَا البَيْتِ مَسْطُورُ)

(عَصاً يدٌ وَجرادٌ قُمَّلٌ ودَمٌ ... ضَفَادِعٌ حَجَرٌ والبَحْرُ والطُّورُ)
وقَالَ: وبَيْنَهُ مَعَ بَيْتِ المُصَنِّف اتّفَاقٌ واخْتِلافٌ، وجَعَلَهَا الزَّمَخْشَرِيّ إِحْدَى عَشْرَةَ آيَةً،: فَزَاد الطَّمْسَةَ، والنُّقْصَانَ فِي مَزَارِعِهِم، وعِبَارَتُه: لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: كانَتِ الآيَاتُ إِحْدَى عَشرَةَ: ثِنْتَانِ مِنْهَا اليَدُ والعَصَا، والتَّسْعُ: الفَلقُ، والطُّوفانُ، والجَرَادُ، والقُمَّلُ، والضّفادِعُ، والدَّمُ، والطَّمْسُ، والجَدْبُ فِي بَوادِيهِمْ، والنَّقْصُ من مَزَارِعِهِم. انْتَهَى، ولَمْ يَذْكُرِ الجَوَابَ. وقَوْلُه فِي النَّظْمِ: حَجَرٌ، يُرِيدُ بِهِ انْفِجَارَهُ، وَقد ذَكَرَهُ صاحِبُ اللِّسَانِ أَيْضاً.)
قَالَ شَيْخُنَا: ثُمَّ إِنَّ المُصَنِّف أَطْلَق فِي التِّسْعِ اعْتِمَاداً على الشُّهْرَة بالكَسْرِ، فَلِمْ يَحْتَج إِلَى ضَبْطِهَا، وَفِي سُورَةِ ص تَسْعٌ وتسْعُون بفَتْح التَّاءِ، وكَأَنِّهُم لَمَّا جاوَرَ التِّسْعُ الثَّمانَ والعَشْرَ قَصَدُوا مُنَاسَبتَه لِمَا فَوْقَه ولِمَا تَحْتَهُ فتَأَمَّلْ. والتِّسْع أَيْضاً، أَي بالكَسْرِ: ظِمْءٌ من أَظْمَاءِ الإِبِلِ، وَهُوَ أَنْ تَرِدَ إِلَى تِسْعَةِ أَيّامٍ، والإِبِلُ تَوَاسِعُ. والتُّسْعُ، بالضَّمِّ: جُزْءٌ من تِسْعَةٍ، كالتَّسِيعِ، كأَمِيرٍ، يَطَّرِدُ فِي جَمِيعِ هذِه الكُسُورِ عنْدَ بَعْضِهِم. قَالَ شَمِرٌ: ولَمْ أَسْمَعْ: التَّسِيع إِلاَّ لأَبِي زَيْدٍ. قُلْتُ: إِلاَّ الثَّلِيث. فإِنَّهُ لَمْ يُسْمَع كَمَا نَقَلَهُ الشَّرَفُ الدِّمْيَاطِيّ فِي المُعْجَمِ، عَن ابنِ الأَنْبَارِيّ، قَالَ: فَمَنْ تَكَلَّم بِهِ أَخْطأَ، وَقد تَقَدَّمَت الإِشَارَةُ إِلَيْه فِي ث ل ث.
والتُّسَعُ، كصُرَدٍ: اللَّيْلَةُ السَّابِعَةُ والثامِنَةُ والتّاسِعَةُ من الشَّهْرِ وَهِي بَعْدَ النُّفَلَ، لأَنَّ آخِرَ لَيْلَةِ مِنْهَا هِيَ التَّاسِعَة، وَقيل: هِيَ اللَّيّالِي الثَّلاثُ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ، والأَوَّلُ أَقْيَسُ.
وَقَالَ الأَزْهَرِيّ: العَرَبُ تَقُول فِي لَيالِي الشَّهْرِ: ثَلاثٌ غُرَرٌ، وبَعْدَهَا ثَلاثٌ نُفَلٌ، وبَعْدَهَا ثَلاثٌ تَسَعٌ، سُمِّينَ تُسَعاً لأَنَّ آخِرَتَهُنَّ اللَّيْلَةُ التاسِعَةُ، كَمَا قِيلَ لِثَلاثٍ بَعْدَهَا: ثَلاثٌ عُشَرٌ، لأَنَّ بَادِئَتَها اللَّيْلَةُ العاشِرَةُ. والتّاسُوعاءُ: اليَوْمُ التاسِعُ من المُحَرَّمِ، وَفِي الصّحاح: قَبْلَ يَوْمِ عَاشُوراءَ، مُوَلَّدٌ، ونَصُّ الصّحاح: وأَظُنُّه مُوَلَّداً. وقالَ غَيْرُه: هُوَ يَوْمُ عاشُورَاءَ. وَقَالَ الأَزْهَرِيُّ فِي قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِيما رَواهُ عَنْهُ ابنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: لَئِنْ بَقِيتُ إِلَى قابِلٍ لأَصُومَنَّ التَّاسِعَ يَعْنِي يَوْمَ عاشُوراءَ، كأَنَّهُ تَأَوَّلَ فِيهِ عِشْرَ الوِرْدِ، أَنَّهَا تِسْعَةُ أَيّامٍ، والعَرَبُ تَقُولُ: وَرَدْتُ الماءُ عِشْراً، يَعْنُونَ يَوْمَ التَّاسِعِ، ومِنْ هَا هُنا قالُوا: عِشْرِين، وَلم يَقُولُوا عِشْرِيْنِ، لأَنَّهم جَعَلُوا ثَمانِيةَ عَشَرَ يَوْماً عِشْرَين، واليَوْمَ التَّاسِعَ عَشَرَ والمُكَمِّلَ عِشْرِينَ طَائِفَة من الوِرْدِ الثّالِثِ، فَجَمَعُوهُ بِذلِكَ.
وَقَالَ ابنُ بَرِّيّ: لَا أَحْسَبُهَم سَمَّوْا عَاشُوراءَ تاسُوعاءَ إِلاَّ عَلَى الأَظْماءِ نَحْوَ العِشْر، لأَنَّ الإِبِلَ تَشْرَبُ فِي اليَوْمِ التّاسِعِ، كَذلِكَ الخِمْسُ تَشْرَبُ فِي اليَوْمِ الــرّابِعِ. وقالَ ابنُ الأَثِيرِ: إِنَّمَا قالَ ذلِكَ صَلَّى اللهُ عَلَيْه وسَلَّمَ كَرَاهَةً لِمُوَافَقَةِ اليَهُودِ، فإِنَّهُمْ كانُوا يَصُومُونَ عاشُوراءَ، وَهُوَ العَاشِرُ، فأَرَادَ أَنْ يُخَالِفَهُمْ ويَصُومَ التّاسِعَ، قَالَ: وظاهِرُ الحَدِيثِ يَدُلُّ عَلَى خِلافِ مَا ذَكَرَهُ الأَزْهَرِيّ. قُلتُ: وَقد صَحَّحَ الصّاغَانِيُّ هَذَا القَوْلَ. والمُرَادُ بظَاهِرِ الحَدِيثِ يَعْنِي حَدِيثَ ابنِ عَبّاسٍ المَذْكُورَ، أَنَّه قالَ حِينَ صامَ رِسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْه وسَلَّمَ يَوْمَ عاشُورَاءَ، وأَمَرَ بصِيَامِهِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّه يَوْمٌ تُعَظِّمُه اليَهُودُ والنَّصَارَى، فَقَالَ: فإِذا كانَ الْعَام القابِلُ صُمْنا اليَوْمَ)
التاسِعَ، وفِي رِوَايةٍ: إِنْ بَقِيتُ إِلَى قَابِلٍ لأَصُومَنَّ تاسُوعاءَ أَي فكَيْفَ يَعِدُ بصَوْمِ يَوْمٍ قد كَانَ يَصُومُه. فَتَأَمَّلْ.
وقَوْلُ الجَوْهَرِيِّ وغَيْرِه: إِنَّه مُولَّدٌ فِيهِ نَظَرٌ، فإِنّ المُوَلَّدَ هُوَ اللَّفْظُ الَّذِي يَنْطِقُ بِهِ غَيْرُ العَرَبِ من المُحْدَثِينَ، وهذِه لَفْظَةٌ وَرَدَتْ فِي الحَدِيثِ الشَّرِيفِ، وقالَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْه وسَلَّمَ الَّذِي هُوَ أَفْصَحُ الخَلْقِ وأَعْرَفُهُمْ بِأَنْوَاعِ الكَلامِ بوَحْيٍ مِن اللهِ الحَقِّ، فَأَنَّى يُتَصَوَّرُ فِيها التَّوْلِيدُ، أَوْ يَلْحَقُهَا التَّفْنِيدُ كَمَا حَقّقَه شَيْخُنَا، وأَشَرْنَا إِلَيْه فِي مُقَدّمة الكِتَابِ. وتَسَعَهُمْ، كمَنَع وضَرَبَ، الأخِيرَةُ عَن يُونُسَ، وعلَى الأُولَى اقْتَصَرَ الجَوْهَرِيُّ: أَخَذَ تُسْعَ أَمْوَالِهِمْ، أَوْ كانَ تاسِعَهُمْ. ذَكَرَ الجَوْهَرِيُّ المَعْنَيَيْنِ، أَوْ تَقُولُ: كانَ القَوْمُ ثَمَانِيَةً فتَسَعَهُمْ، أَيْ صَيَّرَهُمْ تِسْعَةً بنَفْسهِ، أَوْ كَانَ تَاسِعَهُمْ، فَهُوَ تاسِعُ تِسْعِةٍ، وتَاسِعُ ثَمَانِيَةٍ، وَلَا يَجَوزُ أَنْ يُقَالَ: هُوَ تاسِعٌ تِسْعَةً، وَلَا رَابِعٌ أَرْبَعَةً، إِنَّمَا يُقَال: رَابِعُ أَرْبَعَةٍ على الإِضَافَةِ، ولكِنَّكَ تَقُولُ: رَابِعٌ ثَلاثةً، هَذَا قَوْلُ الفَرّاءِ وغَيْرِهِ من الحُذَّاقِ.
وأَتْسَعُوا: كانُوا ثَمَانِيَةً، فصارُوا تِسْعَةً، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيّ، وأَيْضاً: وَرَدَتْ إِبِلْهُمْ تِسْعاً، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيّ أَيْضاً، أَيْ وَرَدَتْ لتِسْعَةِ أَيّامٍ وثَمَانِي لَيَالٍ، فهم مُتْسِعُونَ.
وممّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ: قَوْلُهم: تِسْعَ عَشَرَةَ، مَفْتُوحَانِ عَلَى كُلِّ حَال، لأَنَّهُمَا اسْمَانِ جُعِلاَ اسْماً وَاحِداً، فأُعْطِيَا إِعْرَاباً وَاحِداً، غَيْرَ أَنَّكَ تَقُولُ: تِسْعَ عَشَرَةَ امْرَأَةً، وتِسْعَةَ عَشَرَ رَجُلاً: قَالَ اللهُ تَعَالَى: عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ أَي تِسْعَةَ عَشَرَ مَلَكاً، وأَكْثَرُ القُرَّاءِ عَلَى هذِه القِراءَةِ، وقَدْ قُرِئَ: تِسْعَةَ عْشَرَ، بسُكُونِ العَيْنِ، وإِنّما أَسْكَنَهَا مَنْ أَسْكَنَهَا لِكثْرَةِ الحَرَكاتِ. وقَوْلُهم: تِسْعَةُ أَكْثَرُ مِنْ ثَمَانِيَةَ، فَلا تُصْرَفُ إِلاَّ إِذا أَرَدْتَ قَدْرَ العَدَدِ لَا نَفْسَ المَعْدُودِ، فإِنَّما ذلِكَ لأَنَّها تُصَيِّرُ هَذَا اللَّفْظَ عَلَماً لهَذَا المَعْنَى.
وحَبْلٌ مَتْسُوعٌ: عَلَى تِسْعِ قُوىً. ونَقَلَ الأَزْهَرِيُّ عَن اللَّيْثِ: رَجُلٌ مُتَّسِعٌ، وَهُوَ المُنْكَمِشُ الماضِي فِي أَمْرِهِ. قَالَ الأَزْهَرِيّ: وَلَا أَعْرفُ مَا قَالَ، إِلاَّ أَنْ يَكُون مُفْتَعِلاً من السَّعَةِ، وإِذا كانَ كَذلِكَ فَلَيْسَ مِنْ هَذَا البابِ قالَ الصّاغَانِيّ: لَمْ يَقُل اللَّيْثُ شَيْئاً فِي هَذَا التَّرْكِيبِ، وإِنَّمَا ذَكَرَهُ فِي تَرْكِيبِ س ت ع: رَجُلٌ مِسْتَعٌ: لُغَةٌ فِي مِسْدَع، فانْقَلَبَ علَى الأَزْهَرِيّ. قُلْتُ: وَهَذَا الَّذِي رَدَّ بِهِ علَى الأَزهَرِيّ فإِنَّهُ ذَكَرَهُ فِي كتابِهِ فِيما بَعْدُ، فإِنَّهُ قالَ: وَفِي نُسْخَةٍ من كتَابِ اللَّيْثُ: مِسْتَعٌ ويُقَالُ: مِسْدَعٌ، لُغَةٌ، وهُوَ المُنْكَمِشُ الماضِي فِي أَمْرِهِ. ورَجُلٌ مِسْتَعٌ: سَرِيعٌ.
فتَأَمَّلْ ذلِكَ.

الإطناب

الإطناب:
[في الانكليزية] Prolixity
[ في الفرنسية] Prolixite

بالنون قال أهل البلاغة: الإطناب والإيجاز من أعظم أنواع البلاغة، حتى نقل عن البعض أنه قال البلاغة هي الإيجاز والإطناب.

قال صاحب الكشاف: كما أنه يجب على البليغ في مظان الإجمال أن يجمل ويوجز فكذلك الواجب عليه في موارد التفصيل أن يفصل، كما إذا كان الكلام مع المحبوب فيؤتى بكلام طويل لأن كثرة الكلام توجب طول الصحبة معه، وكثرة الالتفات منه، كما قال الله تعالى حكاية عن قول موسى عليه السلام في جواب قوله تعالى وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى، قالَ هِيَ عَصايَ أَتَوَكَّؤُا عَلَيْها وَأَهُشُّ بِها عَلى غَنَمِي وَلِيَ فِيها مَآرِبُ أُخْرى، كذا في الجرجاني.
واختلف هل بين الإيجاز والإطناب واسطة وهي المساواة أو لا وهي داخلة في قسم الإيجاز؟
فالسكّاكي وجماعة على الأول، لكنهم جعلوا المساواة غير محمودة ولا مذمومة لأنهم فسّروها بالمتعارف من كلام أوساط الناس الذين ليسوا في رتبة البلاغة، وفسّروا الإيجاز بأداء المقصود بأقل من المتعارف، والإطناب بأدائه بأكثر منه.

وابن الأثير وجماعة على الثاني فقالوا:
الإيجاز التعبير عن المراد بلفظ غير زائد والإطناب بلفظ ازيد.
وقال القزويني الأقرب أن يقال إن المقبول من طرق التعبير عن المراد تأدية أصله إمّا بلفظ مساو لأصل المراد، أو ناقص عنه واف، أو زائد عليه لفائدة، والأول المساواة، والثاني الإيجاز، والثالث الإطناب. واحترز بقوله واف عن الإخلال، وبقوله لفائدة عن الحشو والتطويل فعنده تثبت المساواة واسطة وأنها من قسم المقبول، كذا في الإتقان. لكن قال الچلپي في حاشية المطول إنّ الإطناب في اصطلاح السكّاكي يعم المساواة فتعريفه بأداء المقصود بأكثر منه لا يلائم مذهبه انتهى. قال صاحب الأطول: أمّا أنّ هذا التعميم المذكور اصطلاح السكّاكي فغير ثابت انتهى؛ فقول صاحب الإتقان أولى. ثم قال صاحب الأطول:
المساواة عند السكّاكي هي متعارف الأوساط الذين يكتفون بأداء أصل المعنى على ما ينبغي، أي كلامهم في مجرى عرفهم في تأدية المعاني وربما يشتمل متعارفهم على الحذف ومع ذلك لا يسمّى اختصارا وإيجازا لأنه متعارفهم فإن عرفهم في طلب الإقبال يا زيد وهو مشتمل على الحذف وفي التحذير إياك والأسد وامرأ ونفسه وحمدا وسقيا، وهي لا تحمد في باب البلاغة من الأوساط ولا تحمد أيضا من البليغ معهم، لأنه لا يقصد معهم بكلامه مزية سوى التجريد عن المزايا، وبذلك يرتقي عن أصوات الحيوانات، ولا تذم أيضا لا منهم ولا من البليغ. وأمّا التكلّم بمتعارفهم إذا عرى عن المزية فلا يحمد من البليغ معهم ويذم منه مع البليغ، وإذا اشتمل على المزايا التي هم غافلون عنها كما في إيّاك والأسد فمعهم لا يحمد من البليغ ولا يذمّ ومع البليغ يحمد لأن البليغ قصد به مزايا تتعلّق بالإيجازات التي فيها، فالإيجاز عنده أداء المقصود بأقل من المتعارف، والإطناب أداؤه بأكثر منه، لكن يرد على السكّاكي أمران: أحدهما أنهم جعلوا نحو: نعم الرجل زيد من الإطناب ولا عبارة للأوساط غيره. وثانيهما أنه لم يحفظ تعريف الإيجاز عن دخول الإخلال وتعريف الإطناب عن دخول الحشو والتطويل، ولذا عدل عنه القزويني وقال الأقرب الخ.

وفيما ذكر القزويني أيضا أنظار: الأول أنه إن أراد بالمقبول المقبول مطلقا سواء كان من البليغ أو من الأوساط فالزائد والناقص غير مقبولين من الأوساط لأنهما خروج عن طريقهم لا لداع، وإن أراد المقبول من البليغ فليس المساوي والناقص الوافيان مقبولين مطلقا، بل إذا كانا لداع. والثاني إنّ قولنا جاءني إنسان وقولنا جاءني حيوان ناطق كلاهما مساو بأنه أصل المراد بلفظ مساو فينبغي أن لا يكون أحدهما إطنابا والآخر إيجازا. وبالجملة لا يشتمل تعريف الإيجاز إيجاز القصر. والثالث إن قولنا حمدا لك ونظائره مساواة بتعريف السكّاكي وإيجاز بتعريف القزويني، فنزاعه مع السكّاكي في نقل اصطلاح القوم في مثله لا يسمع بدون سند قوي. ولو قيل المراد المساوي بحسب الأوساط فتعريفه يؤول إلى ما ذكره السكّاكي.
والــرابع الإيجاز والإطناب والمساواة مختصّة بالكلام البليغ كما عرف، فلا يتمّ تعريف الإيجاز والإطناب ما لم يقيّد بالبلاغة لجواز أن يكون الناقص الوافي غير فصيح، وكذا الزائد لفائدة انتهى ما قال صاحب الأطول.

اعلم أنه قال السكّاكي: قد يوصف الكلام بالاختصار لكونه أقل من عبارة المتعارف كما سبق، وقد يوصف به لكونه أقل من العبارة اللائقة بالمقام بحسب مقتضى الظاهر نحو:
قالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً فإنه إطناب بالنسبة إلى المتعارف، وهو قولنا يا ربي شخت، لكنه إيجاز بالنسبة إلى ما يقتضيه المقام لأنه مقام بيان انقراض الشباب ونزول المشيب، فينبغي أن يبسط الكلام فيه غاية البسط، فعلم أنّ للإيجاز معنيين: أحدهما كون الكلام أقل من عبارة المتعارف والثاني كونه أقل مما هو مقتضى ظاهر المقام، وأنه لا فرق بين الإيجاز والاختصار وإن توهّمه البعض كما ورد في لفظ الإجازة. ثم إنّ بين الإيجازين عموما من وجه لتصادقهما فيما هو أقلّ من عبارة المتعارف، ويقتضي المقام جميعا كما إذا قيل ربّ شخت بحذف حرف النداء وياء الإضافة، وصدق الأوّل بدون الثاني كما في قوله إذا قال: الخميس نعم بحذف المبتدأ فإنه أقل من المتعارف، وهو هذا نعم، وليس أقل من مقتضى المقام لأنّ المقام لضيقه يقتضي حذف المسند إليه وصدق الثاني بدون الأول كما في قوله تعالى: رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي ويمكن اعتبار هذين المعنيين في الإطناب أيضا.
والنسبة بين الإطنابين أيضا عموم من وجه لأنّ الإطناب بالمعنى الأول دون الثاني يوجد في قوله تعالى: رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً، وبالمعنى الثاني دون الأول يوجد في ما إذا قيل: هذا نعم بذكر المبتدأ بناء على مناسبة خفية مع ذلك المقام، ويوجد بالمعنيين فيما إذا زيد في هذا المثال نظرا إلى ما ذكر من المناسبة الخفية، فقيل مثلا: هذا نعم فاغتنموه؛ وكذا بين الإيجاز بالمعنى الثاني وبين الإطناب بالمعنى الأول عموم من وجه لوجودهما في قوله تعالى: رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي ووجود الإطناب بالمعنى الأول دون الإيجاز بالمعنى الثاني فيما إذا قال هذا نعم فسوقوه إذا طابق المقام على ما مرّ، وبالعكس فيما إذا قال يا ربي قد شخت، وكذا بين الإيجاز بالمعنى الأول والإطناب بالمعنى الثاني لوجودهما في غزال فاصطادوه إذا طابق المقام عند كون الأمر بالاصطياد مقصودا أصليا للمتكلّم، فإن متعارف الأوساط هذا غزال فاصطادوه. ومقتضى ظاهر المقام غزال ووجود الإيجاز بالمعنى الأول دون الإطناب بالمعنى الثاني في قوله قد شخت، وبالعكس في قوله هذا نعم عند مناسبة خفية.
واعلم أيضا أنه كما يوصف الكلام بالإيجاز والإطناب باعتبار كونه ناقصا عمّا يساوي أصل المراد أو زائدا عليه وهو الأكثر كذلك قد يوصف الكلام بهما باعتبار كثرة حروفه وقلتها بالنسبة إلى كلام آخر مساو له، أي لذلك الكلام، في أصل المعنى. وإنما قيد المعنى بالأصل لعدم إمكان المساواة في تمام المراد فإن للإيجاز مقاما ليس للإطناب، وبالعكس، ولا يوصف بالمساواة بهذا الاعتبار إذ ليس المساواة بهذا الاعتبار مما يدعو إليه المقام بخلاف الإيجاز والإطناب، هكذا يستفاد من الأطول والمطول وأبي القاسم.
واعلم أيضا أنّ البعض على أن الإطناب بمعنى الإسهاب. والحق أنه أخصّ من الإسهاب، فإن الإسهاب التطويل لفائدة أو لا لفائدة كما ذكره التنوخي وغيره.
التقسيم

الإطناب قسمان: إطناب بسط وإطناب زيادة. فالأول الإطناب بتكثير الجمل كقوله تعالى: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الآية في سورة البقرة أطنب فيها أبلغ إطناب لكون الخطاب مع الثقلين وفي كل عصر وحين للعالم منهم والجاهل، والمؤمن منهم والكافر والمنافق. والثاني يكون بأنواع: الأول دخول حرف فأكثر من حروف التأكيد. والثاني الأحرف الزائدة. والثالث التأكيد. والــرابع التكرير.
والخامس الصفة. والسادس البدل. والسابع عطف البيان. والثامن عطف أحد المترادفين على الآخر. والتاسع عطف الخاصّ على العام وعكسه. والعاشر الإيضاح بعد الإبهام.
والحادي عشر التفسير. والثاني عشر وضع الظاهر موضع المضمر. والثالث عشر الإيغال.
والــرابع عشر التّذييل. والخامس عشر الطّرد والعكس. والسادس عشر التّكميل المسمّى بالاحتراس أيضا. والسابع عشر التّتميم. والثامن عشر الاستقصاء. والتاسع عشر الاعتراض.
والعشرون التعليل وفائدته التقرير، فإنّ النفوس أبعث على قبول الأحكام المعلّلة من غيرها، كذا في الإتقان وتفصيل كل في موضعه.
الإطناب: أداء المقصود بأكثر من العبارة المتعارفة، من أطنب الرجل إذا بالغ في قوله بمدح أو ذم. 
(الإطناب) (فِي علم الْمعَانِي) أَن يزِيد اللَّفْظ على الْمَعْنى لفائدة وَهُوَ يُقَابل الإيجاز وتتوسطهما الْمُسَاوَاة

مجَاز مُرْسل

مجَاز مُرْسل: ومجاز مستعار لِأَنَّهُ إِن كَانَت العلاقة المصححة للانتقال من الْمَوْضُوع إِلَى غير الْمَوْضُوع لَهُ التَّشْبِيه فمجاز مستعار وَإِلَّا فمجاز مُرْسل - والعمدة فِي أَنْوَاع العلاقة الاستقراء ويرتقي مَا ذكره الْقَوْم إِلَى خَمْسَة وَعشْرين. أَحدهَا: إِطْلَاق السَّبَب على الْمُسَبّب - وَالثَّانِي: عَكسه - وَالثَّالِث: إِطْلَاق اسْم الْكل على الْجُزْء. وَالــرَّابِع: عَكسه - وَالْخَامِس: إِطْلَاق اسْم الْمَلْزُوم على اللَّازِم - وَالسَّادِس: عَكسه - وَالسَّابِع: إِطْلَاق أحد المتشابهين على الآخر كإطلاق الْأسد على الشجاع وَإِطْلَاق الْإِنْسَان على الصُّورَة المنقوشة لتشابههما شكلا. وَالثَّامِن: إِطْلَاق اسْم الْمُطلق على الْمُقَيد. وَالتَّاسِع: عَكسه. والعاشر: إِطْلَاق اسْم الْخَاص على الْعَام. وَالْحَادِي عشر: عَكسه. وَالثَّانِي عشر: حذف الْمُضَاف سَوَاء أقيم الْمُضَاف إِلَيْهِ مقَامه نَحْو {واسأل الْقرْيَة} أَي أَهلهَا أَولا كَقَوْل أبي دَاوُد:
(أكل امرء تحسبين امْرأ ... ونار توقد بِاللَّيْلِ نَارا)
وَيُسمى هَذَا مجَازًا بِالنُّقْصَانِ ومجازا فِي الْإِعْرَاب. وَالثَّالِث عشر: نَحْو أَنا ابْن جلا أَي رجل جلا. وَالــرَّابِع عشر: تَسْمِيَة الشَّيْء باسم مَا لَهُ تعلق بالمجاورة كالغائط للفضلات. وَالْخَامِس عشر: تَسْمِيَة الشَّيْء باسم مَا يؤول إِلَيْهِ نَحْو {أَنِّي أَرَانِي أعصر خمرًا} أَي عنبا يؤول إِلَى الْخمر. وَالسَّادِس عشر: تَسْمِيَة الشَّيْء باسم مَا كَانَ نَحْو هَذَا عبد للْمُعْتق بِالْفَتْح. وَالسَّابِع عشر: إِطْلَاق اسْم الْمحل على الْحَال نَحْو جرى الْمِيزَاب. وَالثَّامِن عشر: عَكسه نَحْو {فَأَما الَّذين ابْيَضَّتْ وُجُوههم فَفِي رَحْمَة الله} أَي فِي الْجنَّة لِأَنَّهَا مَحل الرَّحْمَة. وَالتَّاسِع عشر: إِطْلَاق اسْم آلَة الشَّيْء عَلَيْهِ نَحْو {وَاجعَل لي لِسَان صدق فِي الآخرين} أَي ذكرا حسنا. وَالْعشْرُونَ: إِطْلَاق اسْم الشَّيْء على بدله نَحْو فلَان أكل الدَّم أَي الدِّيَة. وَالْحَادِي وَالْعشْرُونَ: النكرَة تذكر للْعُمُوم نَحْو {علمت نفس مَا قدمت} . أَي كل نفس. وَالثَّانِي وَالْعشْرُونَ: إِطْلَاق اسْم أحد الضدين على الآخر نَحْو {وَجَزَاء سَيِّئَة سَيِّئَة مثلهَا} . وَالثَّالِث وَالْعشْرُونَ: إِطْلَاق الْمُعَرّف بِاللَّامِ وَإِرَادَة وَاحِد مُنكر نَحْو ادخُلُوا الْبَاب. أَي بَابا من أَبْوَابهَا. وَالــرَّابِع وَالْعشْرُونَ: إِطْلَاق الْحَذف نَحْو {يبين الله لكم أَن تضلوا} . أَي لِئَلَّا تضلوا. وَالْخَامِس وَالْعشْرُونَ: الزِّيَادَة نَحْو {لَيْسَ كمثله شَيْء} . فَافْهَم واحفظ. وَإِنَّمَا سمي اللَّفْظ الْمُسْتَعْمل فِي غير الْمَوْضُوع مجَازًا لِأَن الْمجَاز مَأْخُوذ من جَازَ الشَّيْء يجوزه أَي تعداه. وَإِذا اسْتعْمل اللَّفْظ فِي الْمَعْنى الْمجَازِي فقد جَازَ مَكَانَهُ الأولى وموضعه الْأَصْلِيّ. فعلى هَذَا الْمجَاز مصدر ميمي اسْتعْمل بِمَعْنى اسْم الْفَاعِل ثمَّ ثقل إِلَى اللَّفْظ الْمَذْكُور. وَيحْتَمل أَن يكون الْمجَاز ظرف مَكَان فَإِن الْمُتَكَلّم جَازَ فِي هَذَا اللَّفْظ عَن مَعْنَاهُ الْأَصْلِيّ إِلَى معنى آخر فَهُوَ مَحل الْجَوَاز. وَإِنَّمَا سمي اللَّفْظ الْمُسْتَعْمل فِي غير الْمَوْضُوع لَهُ بعلاقة التَّشْبِيه مستعارا وبدونها مُرْسلا لِأَن الْإِرْسَال فِي اللُّغَة الْإِطْلَاق والاستعارة مُقَيّدَة بادعاء أَن الْمُشبه من جنس الْمُشبه بِهِ والمرسل مُطلق عَن هَذَا التَّقْيِيد.

الدين

الدين: وضع إلهي يدعو أصحاب العقول إلى قبول ما هو عند الرسول، كذا عبر ابن الكمال. وعبارة غيره: وضع إلهي سائق لذوي العقول باختيارهم المحمود إلى الخير بالذات. وقال الحرالي: دين الله المرضي الذي لا لبس فيه ولا حجاب عليه ولا عوج له هو إطلاعه تعالى عبده على قيوميته الظاهرة بكل باد وفي كل باد، وعلى كل باد وأظهر من كل باد، وعظمته الخفية التي لا يشير إليها اسم ولا يحوزها رسم، وهي مداد كل مداد.
الدين

التحقيق اللغويتستعمل كلمة الدين في كلام العرب بمعان شتى وهي:
(1) القهر والسلطة والحكم والأمر، والإكراه على الطاعة، واستخدام القوة القاهرة (Sovereignty) فوقه، وجعله عبداً، ومطيعاً، فيقولون (دان الناس) أي قهرهم على الطاعة، وتقول (دنتهم فدانوا) أي قهرتهم فأطاعوا. و (دنت القوم) أي أذللتهم واستعبدتهم، و (دان الرجل) إذا عز و (دنت الرجل) حملته على ما يكره. و (دُيّن فلان) إذا حمل على مكروه. و (دنته) أي سسته وملكته. و (ديَّنته القوم) وليته سياستهم، ويقول الحطيئة يخاطب أمه:
لقد دينت أمر بنيك حتى ... ... تركتهم أدق من الطحين
وجاء في الحديث النبوي على صاحبه الصلاة والسلام: (الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت) أي قهر نفسه وذللها، ومن ذلك يقال (ديان) للغالب القاهر على قطر أو أمة أو قبيلة والحاكم عليها، فيقول الأعشى الحرمازي يخاطب النبي صلى الله عليه وسلم:
... ... ... ... يا سيد الناس وديان العرب
وبهذا الاعتبار يقال (مدين) للعبد والمملوك و (المدينة) للأمة فـ (ابن المدينة) معناه ابن الأمة كما يقول الأخطل:
... ... ... ... ربت وربا في حجرها ابن مدينة (4)
وجاء في التنزيل:
(فلولا إن كنتم غير مدينين. ترجعونها إن كنتم صادقين) ... (الواقعة: 86-87) (2) الإطاعة والعبدية والخدمة والتسخر لأحد والائتمار بأمر أحد، وقبول الذلة والخضوع تحت غلبته وقهره. فيقولون (دنتهم فدانوا) أي قهرتهم فأطاعوا، و (دنت الرجل) أي خدمته، وجاء في الحديث، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أريد من قريش كلمة تدين بها العرب) أي نطيعهم ونخضع لهم. بهذا المعنى يقال للقوم المطيعين (قوم دين) بهذا المعنى نفسه قد وردت كلمة الدين في حديث الخوارج (يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية) (1)
(3) الشرع والقانون والطريقة والمذهب والملة والعادة والتقليد، فيقولون (ما زال ذلك ديني وديدني) أي دأبي وعادتي. ويقال (دان) إذا اعتاد خيراً أو شراً. وفي الحديث (كانت قريش ومن دان بدينهم) أي من كان على طريقتهم وعادتهم، وفيه (أنه عليه السلام كان على دين قومه) أي كان يتبع الحدود والقواعد الرائجة في قومه في شؤون النكاح والطلاق والميراث وغير ذلك من الشؤون المدنية والاجتماعية. (4) الجزاء والمكافأة والقضاء والحساب. فمن أمثال العرب (كما تدين تدان) أي كما تصنع يصنع بك. وقد روى القرآن قول الكفار (أإنا لمدينون) أي هل نحن مجزيون محاسبون؟ وفي حديث ابن عمر رضي عنهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا تسبوا السلاطين، فإن كان لا بد فقولوا اللهم دنهم كما يدينون) أي افعل بهم كما يفعلون بنا. ومن هنا تأتي كلمة (الديان) بمعنى القاضي وحاكم المحكمة وسئل أحد الشيوخ عن علي كرم الله وجهه فقال: (إنه كان ديان هذه الأمة بعد نبيها) أي كان أكبر قضاتها بعده.



استعمال كلمة (الدين) في القرآن
فيتبين مما تقدم أن كلمة (الدين) قائم بنيانها على معان أربعة، أو بعبارة أخرى هي تمثل الذهن العربي تصورات أربعة أساسية.
أولها: القهر والغلبة من ذي سلطة عليا.
والثاني: الإطاعة والتعبد والعبدية من قبل خاضع لذي السلطة.
والثالث: الحدود والقوانين والطريقة التي تتبع.
والــرابع: المحاسبة والقضاء والجزاء والعقاب.
وكانت العرب تستعمل هذه الكلمة قبل الإسلام بهذا المعنى تارة أخرى حسب لغاتهم المختلفة؛ إلا أنهم لما لم تكن تصوراتهم لتلك الأمور الأربعة واضحة جلية ولا كان لها من السمو والبعد نصيب، كان استعمال كلمة (الدين) مشوباً بشوائب اللبس والغموض، ولذلك لم يتح لها أن تكون مصطلحاً من مصطلحات نظام فكر متين، حتى نزل القرآن فوجد هذه الكلمة ملائمة لأغراضه؛ فاقتناها واستعملها لمعانيه الواضحة المتعينة، واصطنعها مصطلحاً له مخصوصاً. فأنت ترى أن كلمة (الدين) في القرآن تقوم مقام نظام بأكلمه، يتركب من أجزاء أربعة هي:
الحاكمية والسلطة العليا.
الإطاعة والإذعان لتلك الحاكمية والسلطة.
النظام الفكري والعملي المتكون تحت سلطان تلك الحاكمية.
المكافأة التي تكافئها السلطة العليا على اتباع ذلك النظام والإخلاص له أو على التمرد عليه والعصيان له. ويطلق القرآن كلمة (الدين) على معنيها الأول والثاني تارة، وعلى المعنى الثالث أخرى وعلى الــرابع ثالثة، وطوراً يستعمل كلمة (الدين) ويريد بها ذلك النظام الكامل بأجزائه الأربعة في آن واحد. ولإيضاح ذلك يجمل بنا النظر فيما يأتي من الآيات الكريمة:

الدين بالمعنيين الأول والثاني:
(الله الذي جعل لكم الأرض قراراً والسماء بناءً وصوركم فأحسن صوركم ورزقكم من الطيبات ذلكم الله ربكم فتبارك الله رب العالمين، هو الحي لا إله إلا هو فادعوه مخلصين له الدين الحمد لله رب العالمين) (غافر: 64-65)
(قل إني أمرت أن أعبد الله مخلصاً له الدين. وأمرت لأن أكون أول المسلمين) .. (قل الله أعبد مخلصاً له ديني. فاعبدوا ما شئتم من دونه) …
(والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها وأنابوا إلى الله لهم البشرى) .. (إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق فاعبد الله مخلصاً له الدين. ألا لله الدين الخالص) (الزمر: 11-12 و 17، و 2-3)
(وله ما في السماوات والأرض وله الدين واصباً أفغير الله تتقون) (النحل: 52)
(أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السماوات والأرض طوعاً وكرهاً وإليه يرجعون) (آل عمران: 82)
(وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء) (البينة: 5) في جميع هذه الآيات قد وردت كلمة (الدين) بمعنى السلطة العليا، ثم الإذعان لتلك السلطة وقبول إطاعتها وعبديتها. والمراد بإخلاص الدين لله ألا يسلم المرء لأحد من دون الله بالحاكمية والحكم والأمر، ويخلص إطاعته وعبديته لله تعالى إخلاصاً لا يتعبد بعده لغيره الله ولا يطيعه إطاعة مستقلة بذاتها. (1)

الدين بالمعنى الثالث
(قل يا أيها الناس إن كنتم في شكٍ من ديني فلا أعبدُ الذين تعبدون من دون الله ولكن أعبد الله الذي يتوفاكم وأمرت أن أكون من المؤمنين. وأن أقم وجهك للدين حنيفاً ولا تكونن من المشركين) (يونس: 104-105)
(إن الحُكم إلا لله أمر أن لا تعبدوا إلا إياه ذلك الدين القيم) (يوسف: 40)
(وله من في السماوات والأرض كلٌ له قانتون) .. (ضرب لكم مثلاً من أنفسكم هل لكم مما ملكت أيمانكم من شركاء فيما رزقناكم فأنتم فيه سواءٌ تخافونهم كخيفتكم أنفسكم) … (بل اتّبع الذين ظلموا أهواءهم بغير علم) … (فأقم وجهك للدين حنيفاً فطرة الله التي فطر الناس عليها (1) لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون) (الروم: 26 و 28، 29، 30)
(الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله) (النور: 2)
(إنّ عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض، منها أربعة حرمٌن ذلك الدين القيم) (التوبة: 36)
(كذلك كدنا ليوسف ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك) (يوسف: 76)
(وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم (2) ليردوهم وليلبسوا (3) عليهم دينهم) (الأنعام: 137)
(أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله) (الشورى: 21)
(لكم دينكم ولي دين) (الكافرون: 6) المراد بـ (الدين) في جميع هذه الآيات هو القانون والحدود والشرع والطريقة والنظام الفكري والعملي الذي يتقيد به الإنسان فإن كانت السلطة التي يستند إليها المرء لاتباعه قانوناً من القوانين أو نظاماً من النظم سلطة الله تعالى، فالمرء لا شك في دين الله عز وجل، وأما إن كانت تلك السلطة سلطة ملك من الملوك، فالمرء في دين الملك، وإن كانت سلطة المشايخ والقسوس فهو في دينهم. وكذلك إن كانت تلك السلطة سلطة العائلة أو العشيرة أو جماهير الأمة، فالمرء لا جرم في دين هؤلاء. وموجز القول أن من يتخذ المرء سنده أعلى الأسناد وحكمه منتهى الأحكام ثم يتبع طريقاً بعينه بموجب ذلك، فإنه –لا شك- بدينه يدين.

الدين بالمعنى الــرابع:
(إنَّ ما توعدون لصادق وإن الدين لواقع) (الذاريات: 5-6)
(أرايت الذي يكذب بالدين. فذلك الذي يدع اليتيم. ولا يحض على طعام المسكين) (الماعون 1-3)
(وما أدراك ما يوم الدين. ثم ما أدراك ما يوم الدين. يوم لا تملك نفسٌ لنفسٍ شيئاً والأمر يومئذ لله) (الانفطار: 17-19)
قد وردت كلمة (الدين) في هذه الآيات بمعنى المحاسبة والقضاء والمكافأة.

الدين: المصطلح الجامع الشامل إلى هذا المقام قد استعمل القرآن كلمة (الدين) فيما يقرب من معانيها الرائجة في كلام العرب الأول. ولكننا نرى بعد ذلك أنه يستعمل هذه الكلمة مصطلحاً جامعاً شاملاً يريد به نظاماً للحياة يدعن فيه المرء لسلطة عليا لكائن ما، ثم يقبل إطاعته واتباعه ويتقيد في حياته بحدوده وقواعده وقوانينه ويرجو في طاعته العزة والترقي في الدرجات وحسن الجزاء، ويخشى في عصيانه الذلة والخزي وسوء العقاب. ولعله لا يوجد في لغة من لغات العالم مصطلح يبلغ من الشمول والجامعية أن يحيط بكل هذا المفهوم. وقد كادت كلمة (State) تبلغ قريباً من ذلك المفهوم ولكنها تفتقر إلى مزيد من الاتساع لأجل إحاطتها بحدود معاني كلمة (الدين) . وفي الآيات التالية قد استعمل (الدين) بصفة هذا المصطلح الجامع:

(الأول والثاني) ... ... ... (الــرابع) ... ... ... (الثالث)
(قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرّمون ما حرّم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يدٍ وهم صاغرون) (التوبة: 29)
(الدين الحق) في هذه الآية كلمة اصطلاحية قد شرح معانيها واضح الاصطلاح نفسه عز وجل، في الجمل الثلاث الأولى، وقد أوضحنا بوضع العلامات على متن الآية أنه قد ذكر الله تعالى فيها جميع معاني كلمة (الدين) الأربعة، ثم عبر عن مجموعها بكلمة (الدين الحق) .
(وقال فرعون ذروني أقتل موسى وليدعُ ربّه إني أخاف أن يبدّل دينكم أو يظهر في الأرض الفساد) (غافر: 26) وبملاحظة جميع ما ورد في القرآن من تفاصيل لقصة موسى عليه السلام وفرعون، لا يبقى من شك أن كلمة (الدين) لم ترد في تلك الآيات بمعنى النحلة والديانة فحسب، أريد بها الدولة ونظام المدينة أيضاً. فكان مما يخشاه فرعون ويعلنه: أنه إن نجح موسى عليه السلام في دعوته، فإن الدولة ستدول وإن نظام الحياة القائم على حاكمية الفراعنة والقوانين والتقاليد الرائجة سيقتلع من أصله. ثم إما أن يقوم مقامه نظام آخر على أسس مختلفة جداً، وإما ألا يقوم بعده أي نظام. بل يعم كل المملكة الفوضى والاختلال.
(إن الدين عند الله الإسلام) (آل عمران: 16)
(ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه) (آل عمران: 85)
(هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون) (التوبة: 33)
(وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله) (الأنفال: 39)
(إذا جاء نصر الله والفتح ورأيتَ الناس يدخلون في دين الله أفواجاً فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان تواباً) (سورة النصر)
المراد بـ (الدين) في جميع هذه الآيات هو نظام الحياة الكامل الشامل لنواحيها من الاعتقادية والفكرية والخلقية والعملية.
فقد قال الله تعالى في الآيتين الأولين إن نظام الحياة الصحيح المرضي عند الله هو النظام المبني على إطاعة الله وعبديته. وأما ما سواه من النظم المبنية على إطاعة السلطة المفروضة من دون الله، فإنه مردود عند، ولم يكن بحكم الطبيعة ليكون مرضياً لديه، ذلك بأن الذي ليس الإنسان إلا مخلوقه ومملوكه، ولا يعيش في ملكوته إلا عيشة الرعية، لم يكن ليرضى بأن يكون للإنسان الحق في أن يحيا حياته على إطاعة غير سلطة الله وعبديتها، أو على اتباع أحد من دون الله.
وقال في الآية الثالثة أنه قد أرسل رسوله صلى الله عليه وسلم بذلك النظام الحق الصحيح للحياة الإنسانية -أي الإسلام- وغاية رسالته أن يظهره على سائر النظم للحياة. وفي الــرابعــة قد أمر الله المؤمنين بدين الإسلام أن يقاتلوا من في الأرض ولا يكفوا عن ذلك حتى تمحي الفتنة، وبعبارة أخرى حتى يمحي جميع النظم القائمة على أساس البغي على الله، وحتى يخلص لله تعالى نظام الإطاعة والعبدية كله.
وفي الآية الأخيرة الخامسة قد خاطب الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم حين الانقلاب الإسلامي بعد الجهد والكفاح المستمر مدة ثلاث وعشرين سنة، وقام الإسلام بالفعل بجميع أجزائه وتفاصيله نظاماً للعقيد والفكر والخلق والتعليم والمدنية والاجتماع والسياسة والاقتصاد، وجعلت وفود العرب تتابع من نواحي القطر وندخل في حظيرة هذا النظام، فإذا ذاك - وقد أدى النبي رسالته التي بعث لأجلها - يقول له الله تعالى: إياك أن تظن أن هذا العمل الجليل الذي قد تم على يديك من كسبك ومن سعيك، فيدركك العجب به، وإنما المنزه عن النقص والعيب والمنفرد بصفة الكمال هو ربك وحده، فسبح بحمده واشكره على توفيقه إياك للقيام بتلك المهمة الخطيرة وأسأله: الله اغفر لي ما عسى أن يكون قد صدر مني من التقصير والتفريط في واجيي خلال الثلاث والعشرين سنة التي قد قمت بخدمتك فيها:
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ملحق بتخريج الأحاديث الواردة في الكتاب (1)
1- حديث عن عبد الله بن عمر-رضي الله عنهما-
تخريج الحديث: أخرجه أبو داوود (1/97) وابن ماجه (1/307) والبهيقي (3/128) وسنده ضعيف فيه عبد الرحمن بن زياد الإفريقي عن شيخه عمران بن عبد المعافري، وكلاهما ضعيف، وذلك قال النووي: "أنه حديث ضعيف" وسبقه إلى ذلك البهيقي، لكن القضية الأولى منه صحت عنه صلى الله عليه وسلم في أحاديث أخرى وردت بأسانيد صحيحة في سنن أبي داود. وأما الرواية الأخرى "أعبد محرراً" فلم اقف عليها (1) .
3- ورد في باب (التحقيق اللغوي) . "وجاء في الحديث النبوي ... "الكيس من دان فنسه وعمل لما بعد الموت"
تخريج الحديث
أخرجه الترمذي (3/305) وابن ماجه (2/565) والحاكم (1/57) وأحمد (4/124) عن طريق أبي بكر بن أبي مريم الغساني عن حمزة بن حبيب عن شداد بن أوس مرفوعاً. وقال الترمذي "حديث حسن"! وقال الحاكم: "صحيح على شرط البخاري"! وتعقبه الذهبي بقوله: "قلت: لا والله، أو بكر رواه" وقد أصاحب - رحمه الله -.
4- ورد في باب (التحقيق اللغوي) أيضاً بينت من أرجوزة الأعشى الحرمازي يمدح رسول الله صلى الله عليه وسلم:
... ... ... ... يا سيد الناس وديان العرب

حَلَبُ

حَلَبُ:
بالتحريك: مدينة عظيمة واسعة كثيرة الخيرات طيبة الهواء صحيحة الأديم والماء، وهي قصبة جند قنّسرين في أيامنا هذه، والحلب في اللغة: مصدر قولك حلبت أحلب حلبا وهربت هربا وطربت طربا، والحلب أيضا: اللبن الحليب، يقال: حلبنا وشربنا لبنا حليبا وحلبا، والحلب من الجباية مثل الصدقة ونحوها، قال الزّجّاجي: سمّيت حلب لأن إبراهيم، عليه السلام، كان يحلب فيها غنمه في الجمعات ويتصدّق به فيقول الفقراء حلب حلب، فسمي به، قلت أنا: وهذا فيه نظر لأن إبراهيم، عليه السلام، وأهل الشام في أيامه لم يكونوا عربا إنما العربية في ولد ابنه إسماعيل، عليه السلام، وقحطان، على أن إبراهيم في قلعة حلب مقامين يزاران إلى الآن، فإن كان لهذه اللفظة، أعني حلب، أصل في العبرانية أو السريانية لجاز ذلك لأن كثيرا من كلامهم يشبه كلام العرب لا يفارقه إلا بعجمة يسيرة كقولهم كهنّم في جهنم، وقال قوم: إن حلب وحمص وبرذعة كانوا إخوة من بني عمليق فبنى كلّ واحد منهم مدينة فسمّيت به، وهم بنو مهر بن حيص بن جان بن مكنّف، وقال الشرقي: عمليق بن يلمع بن عائذ ابن اسليخ بن لوذ بن سام، وقال غيره: عمليق بن لوذ بن سام، وكانت العرب تسميه غريبا وتقول في مثل: من يطع غريبا يمس غريبا، يعنون عمليق ابن لوذ، ويقال: إن لهم بقية في العرب لأنهم كانوا قد اختلطوا بهم، ومنهم الزّبّاء، فعلى هذا يصحّ أن يكون أهل هذه المدينة كانوا يتكلمون بالعربية فيقولون حلب إذا حلب إبراهيم، عليه السلام.
قال بطليموس: طول مدينة حلب تسع وستون درجة وثلاثون دقيقة، وعرضها خمس وثلاثون درجة وخمس وعشرون دقيقة، داخلة في الإقليم الــرابع، طالعها العقرب، وبيت حياتها إحدى وعشرون درجة من القوس، لها شركة في النسر الطائر تحت إحدى عشرة درجة من السرطان، وخمس وثلاثون دقيقة، يقابلها مثلها من الجدي، بيت ملكها مثلها من الحمل، عاقبتها مثلها من الميزان، قال أبو عون في زيجه: طول حلب ثلاث وستون درجة، وعرضها أربع وثلاثون درجة وثلث، وهي في الإقليم الــرابع، وذكر أبو نصر يحيى بن جرير الطبيب التكريتي النصراني في كتاب ألّفه أن سلوقوس الموصلي ملك خمسا وأربعين سنة، وأول ملكه كان في سنة ثلاثة آلاف وتسعمائة وتسع وخمسين لآدم، عليه السلام، قال:
وفي سنة تسع وخمسين من مملكته، وهي سنة أربعة آلاف وثماني عشرة لآدم، ملك طوسا المسمّاة سميرم مع أبيها وهو الذي بنى حلب بعد دولة الإسكندر وموته باثنتي عشرة سنة، وقال في موضع آخر:
كان الملك على سوريا وبابل والبلاد العليا سلوقوس نيقطور، وهو سريانيّ، وملك في السنة الثالثة عشرة لبطليموس بن لاغوس بعد ممات الإسكندر، وفي السنة الثالثة عشرة من مملكته بنى سلوقوس اللاذقية وسلوقية وأفامية وباروّا وهي حلب واداسا وهي الرّها وكمل بناء أنطاكية، وكان بناها قبله، يعني أنطاكية، انطيقوس في السنة السادسة من موت الإسكندر، وذكر آخرون في سبب عمارة حلب أن العماليق لما استولوا على البلاد الشامية وتقاسموها بينهم استوطن ملوكهم مدينة عمّان ومدينة أريحا الغور ودعاهم الناس الجبارين، وكانت قنّسرين مدينة عامرة ولم يكن يومئذ اسمها قنّسرين وإنما كان اسمها صوبا، وكان هذا الجبل المعروف الآن بسمعان
يعرف بجبل بني صنم، وبنو صنم كانوا يعبدونه في موضع يعرف اليوم بكفرنبو، والعمائر الموجودة في هذا الجبل إلى اليوم هي آثار المقيمين في جوار هذا الصنم، وقيل: إن بلعام بن باعور البالسي إنما بعثه الله إلى عبّاد هذا الصنم لينهاهم عن عبادته، وقد جاء ذكر هذا الصنم في بعض كتب بني إسرائيل، وأمر الله بعض أنبيائهم بكسره، ولما ملك بلقورس الأثوري الموصل وقصبتها يومئذ نينوى كان المستولي على خطّة قنسرين حلب بن المهر أحد بني الجان بن مكنّف من العماليق، فاختط مدينة سمّيت به، وكان ذلك على مضي ثلاثة آلاف وتسعمائة وتسعين سنة لآدم، وكانت مدة ملك بلقورس هذا ثلاثين عاما، وكان بناها بعد ورود إبراهيم، عليه السلام، إلى الديار الشامية بخمسمائة وتسع وأربعين سنة لأن إبراهيم ابتلي بما ابتلي به من نمرود زمانه، واسمه راميس، وهو الــرابع من ملوك أثورا، ومدة ملكه تسع وثلاثون سنة، ومدة ما بينه وبين آدم، عليه السلام، ثلاثة آلاف وأربعمائة وثلاث عشرة سنة، وفي السنة الــرابعــة والعشرين من ملكه ابتلي به إبراهيم فهرب منه مع عشيرته إلى ناحية حرّان ثم انتقل إلى جبل البيت المقدس، وكانت عمارتها بعد خروج موسى، عليه السلام، من مصر ببني إسرائيل إلى التيه وغرق فرعون بمائة وعشرة أعوام، وكان أكبر الأسباب في عمارتها ما حل بالعماليق في البلاد الشامية من خلفاء موسى، وذلك أن يوشع بن نون، عليه السلام، لما خلف موسى قاتل أريحا الغور وافتتحها وسبى وأحرق وأخرب ثم افتتح بعد ذلك مدينة عمّان، وارتفع العماليق عن تلك الديار إلى أرض صوبا، وهي قنّسرين، وبنوا حلب وجعلوها حصنا لأنفسهم وأموالهم ثم اختطوا بعد ذلك العواصم، ولم يزل الجبارون مستولين عليها متحصّنين بعواصمها إلى أن بعث الله داود، عليه السلام، فانتزعهم عنها.
وقرأت في رسالة كتبها ابن بطلان المتطبّب إلى هلال بن المحسن بن إبراهيم الصابي في نحو سنة 440 في دولة بني مرداس فقال: دخلنا من الرّصافة إلى حلب في أربع مراحل، وحلب بلد مسوّر بحجر أبيض وفيه ستة أبواب وفي جانب السور قلعة في أعلاها مسجد وكنيستان وفي إحداهما كان المذبح الذي قرّب عليه إبراهيم، عليه السلام، وفي أسفل القلعة مغارة كان يخبئ بها غنمه، وكان إذا حلبها أضاف الناس بلبنها، فكانوا يقولون حلب أم لا؟
ويسأل بعضهم بعضا عن ذلك، فسميت لذلك حلبا، وفي البلد جامع وست بيع وبيمارستان صغير، والفقهاء يفتون على مذهب الإمامية، وشرب أهل البلد من صهاريج فيه مملوءة بماء المطر، وعلى بابه نهر يعرف بقويق يمد في الشتاء وينضب في الصيف، وفي وسط البلد دار علوة صاحبة البحتري، وهو بلد قليل الفواكه والبقول والنبيذ إلا ما يأتيه من بلاد الروم، وفيها من الشعراء جماعة، منهم: شاعر يعرف بأبي الفتح بن أبي حصينة، ومن جملة شعره قوله:
ولما التقينا للوداع، ودمعها ... ودمعي يفيضان الصبابة والوجدا
بكت لؤلؤا رطبا، ففاضت مدامعي ... عقيقا، فصار الكل في نحرها عقدا
وفيها كاتب نصراني له في قطعة في الخمر أظنه صاعد بن شمّامة:
خافت صوارم أيدي المازجين لها، ... فألبست جسمها درعا من الحبب
وفيها حدث يعرف بأبي محمد بن سنان قد ناهز العشرين وعلا في الشعر طبقة المحنّكين، فمن قوله:
إذا هجوتكم لم أخش صولتكم، ... وإن مدحت فكيف الريّ باللهب
فحين لم ألق لا خوفا ولا طمعا ... رغبت في الهجو، إشفاقا من الكذب
وفيها شاعر يعرف بأبي العباس يكنى بأبي المشكور، مليح الشعر سريع الجواب حلو الشمائل، له في المجون بضاعة قوية وفي الخلاعة يد باسطة، وله أبيات إلى والده:
يا أبا العباس والفضل! ... أبا العباس تكنى
أنت مع أمّي، بلا شكّ، ... تحاكي الكركدنّا
أنبتت، في كل مجرى ... شعرة في الرأس، قرنا
فأجابه أبوه:
أنت أولى بأبي المذمو ... م بين الناس تكنى
ليت لي بنتا، ولا أنت، ... ولو بنت يحنّا
بنت يحنّا: مغنية بأنطاكية تحنّ إلى القرباء وتضيف الغرباء مشهورة بالعهر، قال: ومن عجائب حلب أن في قيسارية البزّ عشرين. دكانا للوكلاء يبيعون فيها كل يوم متاعا قدره عشرون ألف دينار مستمرّ ذلك منذ عشرين سنة وإلى الآن، وما في حلب موضع خراب أصلا، وخرجنا من حلب طالبين أنطاكية، وبينها وبين حلب يوم وليلة، آخر ما ذكر ابن بطلان.
وقلعة حلب مقام إبراهيم الخليل، وفيه صندوق به قطعة من رأس يحيى بن زكرياء، عليه السلام، ظهرت سنة 435، وعند باب الجنان مشهد علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، رؤي فيه في النوم، وداخل باب العراق مسجد غوث فيه حجر عليه كتابة زعموا أنه خطّ علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، وفي غربي البلد في سفح جبل جوشن قبر المحسن بن الحسين يزعمون أنه سقط لما جيء بالسّبي من العراق ليحمل إلى دمشق أو طفل كان معهم بحلب فدفن هنالك، وبالقرب منه مشهد مليح العمارة تعصّب الحلبيّون وبنوه أحكم بناء وأنفقوا عليه أموالا، يزعمون أنهم رأوا عليّا، رضي الله عنه، في المنام في ذلك المكان، وفي قبلي الجبل جبّانة واحدة يسمونها المقام، بها مقام لإبراهيم، عليه السلام، وبظاهر باب اليهود حجر على الطريق ينذر له ويصبّ عليه ماء الورد والطيب ويشترك المسلمون واليهود والنصارى في زيارته، يقال إن تحته قبر بعض الأنبياء.
وأما المسافات فمنها إلى قنّسرين يوم وإلى المعرّة يومان وإلى أنطاكية ثلاثة أيام وإلى الرّقّة أربعة أيام وإلى الأثارب يوم وإلى توزين يوم وإلى منبج يومان وإلى بالس يومان وإلى خناصرة يومان وإلى حماة ثلاثة أيام وإلى حمص أربعة أيام وإلى حرّان خمسة أيام وإلى اللاذقية ثلاثة أيام وإلى جبلة ثلاثة أيام وإلى طرابلس أربعة أيام وإلى دمشق تسعة أيام، قال المؤلف، رحمة الله عليه: وشاهدت من حلب وأعمالها ما استدللت به على أن الله تعالى خصّها بالبركة وفضّلها على جميع البلاد، فمن ذلك أنه يزرع في أراضيها القطن والسمسم والبطيخ والخيار والدخن والكروم والذرة والمشمش والتين والتفاح عذيا لا يسقى إلا بماء المطر ويجيء مع ذلك رخصا
غضّا رويّا يفوق ما يسقى بالمياه والسيح في جميع البلاد، وهذا لم أره فيما طوّفت من البلاد في غير أرضها، ومن ذلك أن مسافة ما بيد مالكها في أيامنا هذه، وهو الملك العزيز محمد بن الملك الظاهر غازي ابن الملك الناصر يوسف بن أيوب ومدبّر دولته والقائم بجميع أموره شهاب الدين طغرل، وهو خادم روميّ زاهد متعبّد، حسن العدل والرأفة برعيته، لا نظير له في أيامه في جميع أقطار الأرض، حاشا الإمام المستنصر بالله أبي جعفر المنصور بن الظاهر ابن الناصر لدين الله، فإن كرمه وعدله ورأفته قد تجاوزت الحدّ فالله بكرمه يرحم رعيتهما بطول بقائمها، من المشرق إلى المغرب مسيرة خمسة أيام، ومن الجنوب إلى الشمال مثل ذلك، وفيها ثمانمائة ونيف وعشرون قرية ملك لأهلها ليس للسلطان فيها إلا مقاطعات يسيرة، ونحو مائتين ونيف قرية مشتركة بين الرعية والسلطان، وقفني الوزير الصاحب القاضي الأكرم جمال الدين أبو الحسن علي بن يوسف بن إبراهيم الشيباني القفطي، أدام الله تعالى أيامه وختم بالصالحات أعماله، وهو يومئذ وزير صاحبها ومدبر دواوينها، على الجريدة بذلك وأسماء القرى وأسماء ملّاكها، وهي بعد ذلك تقوم برزق خمسة آلاف فارس مراخي الغلة موسع عليهم، قال لي الوزير الأكرم، أدام الله تعالى علوّه: لو لم يقع إسراف في خواصّ الأمراء وجماعة من أعيان المفاريد لقامت بأرزاق سبعة آلاف فارس لأن فيها من الطواشية المفاريد ما يزيد على ألف فارس يحصل للواحد منهم في العام من عشرة آلاف درهم إلى خمسة عشر ألف درهم، ويمكن أن يستخدم من فضلات خواصّ الأمراء ألف فارس، وفي أعمالها إحدى وعشرون قلعة، يقام بذخائرها وأرزاق مستحفظيها خارجا عن جميع ما ذكرناه، وهو جملة أخرى كثيرة، ثم يرتفع بعد ذلك كله من فضلات الإقطاعات الخاصة بالسلطان من سائر الجبايات إلى قلعتها عنبا وحبوبا ما يقارب في كل يوم عشرة آلاف درهم، وقد ارتفع إليها في العام الماضي، وهو سنة 625، من جهة واحدة، وهي دار الزكاة التي يجبى فيها العشور من الأفرنج والزكاة من المسلمين وحق البيع، سبعمائة ألف درهم، وهذا مع العدل الكامل والرفق الشامل بحيث لا يرى فيها متظلّم ولا متهضّم ولا مهتضم، وهذا من بركة العدل وحسن النية.
وأما فتحها فذكر البلاذري أن أبا عبيدة رحل إلى حلب وعلى مقدمته عياض بن غنم الفهري، وكان أبوه يسمّى عبد غنم، فلما أسلم عياض كره أن يقال له ابن عبد غنم فقال: أنا عياض بن غنم، فوجد أهلها قد تحصنوا، فنزل عليها فلم يلبثوا أن طلبوا الصلح والأمان على أنفسهم وأولادهم وسور مدينتهم وكنائسهم ومنازلهم والحصن الذي بها، فأعطوا ذلك واستثنى عليهم موضع المسجد، وكان الذي صالحهم عياض، فأنفذ أبو عبيدة صلحه، وقيل: بل صالحوا على حقن دمائهم وأن يقاسموا أنصاف منازلهم وكنائسهم، وقيل: إن أبا عبيدة لم يصادف بحلب أحدا لأن أهلها انتقلوا إلى أنطاكية وأنهم إنما صالحوا على مدينتهم بها ثم رجعوا إليها.
وأما قلعتها فبها يضرب المثل في الحسن والحصانة لأن مدينة حلب في وطاء من الأرض وفي وسط ذلك الوطإ جبل عال مدوّر صحيح التدوير مهندم بتراب صح به تدويره، والقلعة مبنيّة في رأسه، ولها خندق عظيم وصل بحفره إلى الماء، وفي وسط هذه القلعة مصانع تصل إلى الماء المعين، وفيها جامع وميدان وبساتين ودور كثيرة، وكان الملك الظاهر غازي بن
صلاح الدين يوسف بن أيوب قد اعتنى بها بهمّته العالية فعمّرها بعمارة عادية وحفر خندقها وبنى رصيفها بالحجارة المهندمة فجاءت عجبا للناظرين إليها، لكن المنية حالت بينه وبين تتمّتها، ولها في أيامنا هذه سبعة أبواب: باب الأربعين، وباب اليهود، وكان الملك الظاهر قد جدّد عمارته وسمّاه باب النصر، وباب الجنان، وباب أنطاكية، وباب قنّسرين، وباب العراق، وباب السرّ، وما زال فيها على قديم الزمان وحديثه أدباء وشعراء، ولأهلها عناية بإصلاح أنفسهم وتثمير الأموال، فقلّ ما ترى من نشئها من لم يتقيل أخلاق آبائه في مثل ذلك، فلذلك فيها بيوتات قديمة معروفة بالثّروة ويتوارثونها ويحافظون على حفظ قديمهم بخلاف سائر البلدان، وقد أكثر الشعراء من ذكرها ووصفها والحنين إليها، وأنا أقتنع من ذلك بقصيدة لأبي بكر محمد بن الحسن بن مرّار الصّنوبري وقد أجاد فيها ووصف متنزهاتها وقراها القريبة منها فقال:
احبسا العيس احبساها، ... وسلا الدار سلاها
واسألا أين ظباء ال ... دّار أم أين مهاها
أين قطّان محاهم ... ريب دهر ومحاها
صمّت الدار عن السا ... ئل، لا صمّ صداها
بليت بعدهم الدا ... ر، وأبلاني بلاها
آية شطّت نوى الإظ ... عان، لا شطّت نواها
من بدور من دجاها، ... وشموس من ضحاها
ليس ينهى النفس ناه ... ما أطاعت من عصاها
بأبي من عرسها وسخ ... طي، ومن عرسي رضاها
دمية إن جلّيت كا ... نت حلى الحسن حلاها
دمية ألقت إليها ... راية الحسن دماها
دمية تسقيك عينا ... ها، كما تسقي مداها
أعطيت لونا من الور ... د، وزيدت وجنتاها
حبّذا الباءات باءت، ... وقويق ورباها
بانقوساها بها با ... هي المباهي، حين باهى
وبباصفرا وبابل ... لا ربا مثلي وتاها
لا قلى صحراء نافر ... قلّ شوقي، لا قلاها [1]
لا سلا أجبال باسل ... لين قلبي، لا سلاها
وبباسلّين فليب ... غ ركابي من بغاها
وإلى باشقلّيشا ... ذو التناهي يتناهى [1] قوله: نافر، بسكون الراء، هكذا في الأصل.
وبعاذين، فواها ... لبعاذين، وواها
بين نهر وقناة ... قد تلته وتلاها
ومجاري برك، يجلو ... همومي مجتلاها
ورياض تلتقي آ ... مالنا في ملتقاها
زاد أعلاها علوّا ... جوشنا لمّا علاها
وازدهت برج أبي الحا ... رث حسنا وازدهاها
واطّبت مستشرف الحص ... ن، اشتياقا، واطّباها
وأرى المنية فازت ... كلّ نفس بمناها
إذ هواي العوجان السا ... لب النفس هواها
ومقيلي بركة التّل ... ل وسيبات رحاها
بركة تربتها الكا ... فوز، والدّرّ حصاها
كم غراني طربي حي ... تانها لما غراها
إذ تلى مطبّخ الحي ... تان منها مشتواها
بمروج اللهو ألقت ... عير لذّاتي عصاها
وبمغنى الكامليّ اس ... تكملت نفسي مناها
وغرت ذا الجوهريّ ال ... مزن غيثا، وغراها
كلأ الراموسة الحس ... ناء ربي، وكلاها
وجزى الجنّات بالسّع ... دى بنعمى، وجزاها
وفدى البستان من فا ... رس صبّ وفداها
وغرت ذا الجوهريّ ال ... مزن، محلولا عراها
واذكرا دار السّليما ... نيّة اليوم، اذكراها
حيث عجنا نحوها العي ... س تبارى في براها
وصفا العافية المو ... سومة الوصف صفاها
فهي في معنى اسمها حذ ... وبحذو، وكفاها
وصلا سطحي وأحوا ... ضي، خليليّ، صلاها
وردا ساحة صهري ... جي على سوق رداها
وامزجا الراح بماء ... منه، أو لا تمزجاها
حلب بدر دجّى، أن ... جمها الزّهر قراها
حبّذا جامعها الجا ... مع للنفس تقاها
موطن مرسي دور ألب ... رّ بمرساة حباها [1]
شهوات الطرف فيه، ... فوق ما كان اشتهاها
قبلة كرّمها الل ... هـ بنور، وحباها
ورآها ذهبا في ... لازورد من رآها
ومراقي منبر، أع ... ظم شيء مرتقاها
وذرى مئذنة، طا ... لت ذرى النجم ذراها
والنّواريّة ما لا ... ترياه لسواها
قصعة ما عدت الكع ... ب، ولا الكعب عداها
أبدا، يستقبل السّح ... ب بسحب من حشاها
فهي تسقي الغيث إن لم ... يسقها، أو إن سقاها
كنفتها قبّة يض ... حك عنها كنفاها
قبّة أبدع بانى ... ها بناء، إذ بناها
ضاهت الوشي نقوشا، ... فحكته وحكاها
لو رآها مبتني قب ... بة كسرى ما ابتناها
فبذا الجامع سرو ... يتباهى من تباهي
جنّبا السارية الخض ... راء منه، جنّباها
قبلة المستشرف الأع ... لى، إذا قابلتماها
حيث يأتي خلفه الآ ... داب منها من أتاها
من رجالات حبّى لم ... يحلل الجهل حباها
من رآهم من سفيه ... باع بالعلم السفاها
وعلى ذاك سرور ال ... نفس منّي وأساها
شجو نفسي باب قنّس ... رين، وهنا، وشجاها
حدث أبكي التي في ... هـ، ومثلي من بكاها
أنا أحمي حلبا دا ... را، وأحمي من حماها
أيّ حسن ما حوته ... حلب، أو ما حواها
سروها الداني، كما تد ... نو فتاة من فتاها
آسها الثاني القدود ال ... هيف، لمّا أن ثناها [1] هذا البيت مختل الوزن ولعل فيه تصحيفا.
نخلها زيتونها، أو ... لا فأرطاها عصاها
قبجها درّاجها، أو ... فحباراها قطاها
ضحكت دبسيّتاها، ... وبكت قمريّتاها
بين أفنان، تناجي ... طائريها طائراها
تدرجاها حبرجاها ... صلصلاها بلبلاها
ربّ ملقي الرّحل منها، ... حيث تلقى بيعتاها
طيّرت عنه الكرى طا ... ئرة، طار كراها
ودّ، إذ فاه بشجو، ... أنه قبّل فاها
صبّة تندب صبّا، ... قد شجته وشجاها
زيّنت، حتى انتهت ... في زينة في منتهاها
فهي مرجان شواها، ... لازورد دفّتاها
وهي تبر منتهاها، ... فضّة قرطمتاها
قلّدت بالجزع، لمّا ... قلّدت، سالفتاها
حلب أكرم مأوى، ... وكريم من أواها
بسط الغيث عليها ... بسط نور، ما طواها
وكساها حللا، أب ... دع فيها إذ كساها
حللا لحمتها السّو ... سن، والورد سداها
إجن خيرياتها بال ... لحظ، لا تحرم جناها
وعيون النرجس المن ... هلّ، كالدمع نداها
وخدودا من شقيق، ... كاللظى الحمر لظاها
وثنايا أقحوانا ... ت، سنا الدّرّ سناها
ضاع آذريونها، إذ ... ضاء، من تبر، ثراها
وطلى الطّلّ خزاما ... ها بمسك، إذ طلاها
وانتشى النّيلوفر الشّو ... ق قلوبا، واقتضاها
بحواش قد حشاها ... كلّ طيب، إذ حشاها
وبأوساط على حذ ... والزنابير حذاها
فاخري، يا حلب، المد ... ن يزد جاهك جاها
إنه إن لم تك المد ... ن رخاخا، كنت شاها
وقال كشاجم:
أرتك ندى الغيث آثارها، ... وأخرجت الأرض أزهارها
وما أمتعت جارها بلدة ... كما أمتعت حلب جارها
هي الخلد يجمع ما تشتهي، ... فزرها، فطوبى لمن زارها!
وكفر حلب: من قرى حلب. وحلب الساجور:
في نواحي حلب، ذكرها في نواحي الفتوح، قال:
وأتى أبو عبيدة بن الجرّاح، رضي الله عنه، حلب الساجور بعد فتح حلب وقدم عياض بن غنم إلى منبج.
وحلب أيضا: محلّة كبيرة في شارع القاهرة بينها وبين الفسطاط، رأيتها غير مرّة.

رَبَعَ

(رَبَعَ)
(س) فِي حديث القيامة «ألَم أذَرْك تَرْبَعُ وتَرْأس» أي تأخُذ رُبع الْغَنِيمَةِ.
يُقَالُ رَبَعْتُ القومَ أَرْبُعُهُمْ: إِذَا أخَذْت رُبع أَمْوَالِهِمْ، مِثْلَ عَشَرْتُهم أعشُرُهم. يُرِيدُ أَلَمْ أجْعَلْكَ رَئِيسًا مُطاعا؛ لِأَنَّ الْمَلِكَ كَانَ يأخذُ الرُّبع مِنَ الْغَنِيمَةِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ دُون أَصْحَابِهِ، ويُسَمَّى ذَلِكَ الرُّبعُ: الْمِرْبَاعُ.
(هـ) وَمِنْهُ قَوْلُهُ لِعديّ بْنِ حَاتِمٍ «إِنَّكَ تأكُلُ المِرْبَاعَ وَهُوَ لَا يَحِل لَكَ فِي دِينِك» وقد تَكَرَّرَ ذِكْرُ الْمِرْبَاع فِي الْحَدِيثِ.
وَمِنْهُ شِعْرُ وَفْدِ تَمِيمٍ.
نَحْنُ الرُّءُوس وفِينَا يُقْسمُ الرُّبُع يُقَالُ رُبْعٌ ورُبُعٌ، يُرِيدُ رُبُعَ الغَنِيمة، وَهُوَ واحدٌ مِنْ أَرْبَعَةٍ.
(س) وَفِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ عَبْسة «لَقَدْ رَأيتُني وَإِنِّي لَرُبُعُ الْإِسْلَامِ» أَيْ رَابِعُ أهْل الإسْلام، تَقَدَّمَنِي ثَلَاثَةٌ وَكُنْتُ رابعَــهم.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «كُنْتُ رَابِعَ أَرْبَعَةٍ» أي واحِداً من أربعَة. (س) وَفِي حَدِيثِ الشَّعبي فِي السِّقْط «إِذَا نُكِسَ فِي الخَلْق الــرَّابِعِ» أَيْ إِذَا صَارَ مُضْغَة فِي الرَّحم؛ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ، ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ، ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ، ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ» .
(س) وَفِي حَدِيثِ شُرَيْحٍ: حَدِّثِ امْرَأَةً حَدِيثَيْنِ، فَإِنْ أبَت فَأَرْبَع» هَذَا مَثلٌ يُضْرب لِلْبَليد الَّذِي لَا يَفْهم مَا يقالُ لَهُ، أَيْ كرِّر الْقَوْلَ عَلَيْهَا أربعَ مَرَّاتٍ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَرويه بِوَصْلِ هَمْزَةِ أرْبع بِمَعْنَى قِفْ واقْتِصر، يَقُولُ حَدِّثها حَدِيثَيْنِ، فَإِنْ أبتْ فَأَمْسك وَلَا تُتْعِب نَفْسَكَ.
(س) وَفِي بَعْضِ الْحَدِيثِ «فَجَاءَتْ عَيناه بِأَرْبَعَةٍ» أَيْ بدمُوع جَرت مِنْ نَوَاحِي عَيْنَيْهِ الْأَرْبَعِ.
وَفِي حَدِيثِ طَلْحَةَ «إِنَّهُ لمَّا رُبِعَ يَوْمَ أحُد وشَلَّت يَدُه قَالَ لَهُ: بَاءَ طلحةُ بِالْجَنَّةِ» رُبِعَ:
أَيْ أُصيبَتْ أَرْبَاع رأسه وهى نواحيه. وقيل أصَابه حَمَّى الرِّبْع. وَقِيلَ أُصِيب جَبِينُه.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ سُبَيعة الْأَسْلَمِيَّةِ «لمَّا تَعلَّت مِنْ نِفَاسها تَشوّفَت للخُطَّاب، فَقِيلَ لَهَا لَا يَحِل لَكِ، فسألَت النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهَا: ارْبَعِي عَلَى نَفْسِكِ» لَهُ تَأْويلاَن: أحدُهما أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى التَّوقُّف والانْتظار، فيكونُ قَدْ أمَرها أَنْ تكُفَّ عن التزوُّج وأن تنتظر تَمام عِدَّةِ الْوَفَاةِ، عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَقُولُ إِنَّ عِدَّتَهَا أبْعدُ الْأَجَلَيْنِ، وَهُوَ مِنْ رَبَعَ يَرْبَعُ إِذَا وقَف وانْتظر، وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ مِنْ رَبَعَ الرجُل إِذَا أخْصَب، وأَرْبَع إِذَا دَخَل فِي الرَّبِيعِ: أَيْ نَفِّسي عَنْ نَفْسِك وأخْرِجيها مِنْ بُؤُس العدِّة وسُوء الحالِ. وَهَذَا عَلَى مَذهب مَنْ يَرَى أَنَّ عِدّتها أدْنى الْأَجَلَيْنِ، وَلِهَذَا قَالَ عُمَر: إِذَا ولدَت وزوْجُها عَلَى سَرِيره- يَعْنِي لَمْ يُدْفَنْ- جَازَ أَنْ تتَزوَّج.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «فَإِنَّهُ لَا يَرْبَع عَلَى ظَلْعك مَنْ لَا يَحْزُنه أمْرُك» أَيْ لَا يَحْتَبس عَلَيْكَ ويَصْبِرُ إلاَّ مَن يَهُمُّه أمْرُك.
وَمِنْهُ حَدِيثُ حَلِيمَةَ السَّعْدِيَّةِ «ارْبَعِي عَلَيْنَا» أَيِ ارْفُقي واقْتَصري.
وَمِنْهُ حَدِيثُ صِلَة بْنِ أشْيَم «قُلْتُ أَيْ نَفْسُ، جُعِل رزْقُك كَفَافا فَارْبَعِي فَرَبَعْتُ وَلَمْ تَكُدّ» أَيِ اقْتَصري عَلَى هَذَا وارضى به. (هـ) وَفِي حَدِيثِ الْمُزَارَعَةِ «ويُشْتَرطُ مَا سَقى الرَّبِيعُ والْأَرْبِعَاءُ» الرَّبِيعُ: النهرُ الصغيرُ، والْأَرْبِعَاء: جمعُه.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «وَمَا يَنْبُتُ عَلَى رَبِيعِ السَّاقي» هَذَا مِنْ إضافَة الموصُوف إِلَى الصِّفة:
أَيِ النَّهر الَّذِي يَسْقي الزَّرع.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «فعدل إِلَى الرَّبِيعِ فتطَهَّر» .
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «إِنَّهُمْ كَانُّوا يُكْرُون الأرضَ بِمَا يَنْبُت عَلَى الْأَرْبِعَاءِ» أَيْ كَانُوا يُكْرُون الْأَرْضَ بِشَيْءٍ مَعْلُوم ويَشْتَرِطُون بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى مُكْتَرِيها مَا يَنْبُتُ عَلَى الْأَنْهَارِ والسَّواقي.
وَمِنْهُ حَدِيثُ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ «كَانَتْ لَنَا عَجُوز تأخُذُ مِنْ أًصُول سِلْق كُنَّا نغْرسه عَلَى أَرْبِعَائِنَا» .
وَفِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ «اللَّهُمَّ اجْعَل القُرآنَ رَبِيعَ قَلْبي» جَعَله رَبِيعاً لَهُ لِأَنَّ الإنْسَانَ يَرْتَاحُ قلبُه فِي الرَّبِيعِ مِنَ الأزْمَان ويميلُ إِلَيْهِ.
(هـ) وَفِي دُعَاءِ الِاسْتِسْقَاءِ «اللَّهُمَّ اسْقنا غَيثاً مُغِيثاً مُرْبِعاً» أَيْ عَامًّا يُغْني عَنِ الارْتِياد والنُّجْعَة، فَالنَّاسُ يَرْبَعُونَ حَيْثُ شَاءُوا: أَيْ يُقِيمون وَلَا يحتاجُون إِلَى الِانْتِقَالِ فِي طَلب الْكَلَأِ، أَوْ يَكُونُ مِنْ أَرْبَعَ الغيثُ إِذَا أنْبَت الرَّبِيعَ.
(س) وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ «أَنَّهُ جَمَّع فِي مُتَرَبَّعٍ لَهُ» الْمَرْبَعُ والْمُتَرَبَّعُ والْمُرْتَبَعُ:
الْمَوْضِعُ الَّذِي يُنْزل فِيهِ أَيَّامَ الرَّبِيع، وَهَذَا عَلَى مَذْهب مَنْ يَرَى إِقَامَةَ الْجُمُعَةِ فِي غَيْرِ الْأَمْصَارِ.
وَفِيهِ ذِكْرُ «مِرْبَع» بِكَسْرِ الْمِيمِ، وَهُوَ مَالُ مِرْبَعٍ بِالْمَدِينَةِ فِي بَنِي حارِثة، فَأَمَّا بِالْفَتْحِ فَهُوَ جَبلٌ قُرْب مَكَّةَ.
(س) وَفِيهِ «لَمْ أَجِدْ إِلَّا جَمَلًا خِيارا رَبَاعِيّاً» يُقَالُ للذَّكر مِنَ الْإِبِلِ إِذَا طلعتْ رَبَاعِيَتِهِ رَبَاعٌ، والأنثَى رَبَاعِيَةٌ بِالتَّخْفِيفِ، وَذَلِكَ إِذَا دَخَلَا فِي السَّنَةِ السَّابِعَةِ. وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ.
(س) وَفِيهِ «مُرِي بَنِيك أَنْ يحسِنوا غِذاء رِبَاعِهِمْ» الرِّبَاعُ بِكَسْرِ الراءِ جَمْعُ رُبَعٍ، وَهُوَ مَا وُلد مِنَ الْإِبِلِ فِي الرَّبيع. وَقِيلَ مَا وُلد فِي أَوَّلِ النِّتَاجِ، وإحْسانُ غِذائِها أَنْ لَا يُسْتقصَى حَلب أُمهاتها إبْقَاءً عَلَيْهَا.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمير «كَأَنَّهُ أخْفاف الرِّبَاع» وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ «سَأَلَهُ رجلٌ مِنَ الصَّدقة فَأَعْطَاهُ رُبَعَةً يَتْبَعُها ظْئْراها» هُوَ تأنيثُ الرُّبَع.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ:
إنَّ بَنِيَّ صبْيَةٌ صَيْفِيُّون ... أفْلَحَ مَنْ كَان لَهُ رِبْعِيُّونَ
الرِّبْعِيُّ: الَّذِي وُلِد فِي الرَّبِيع عَلَى غيرِ قياسٍ، وَهُوَ مَثلٌ للعَرَب قَديمٌ.
(هـ س) وَفِي حَدِيثِ هِشَامٍ فِي وَصْفِ ناقةٍ «إنَّها لَمِرْبَاعٌ مِسْيَاع» هِيَ مِنَ النُّوقِ الَّتِي تَلِد فِي أَوَّلِ النِّتَاجِ. وَقِيلَ هِيَ الَّتِي تُبَكِّر فِي الحَمل. ويُروى بِالْيَاءِ، وسيُذْكر.
وَفِي حَدِيثِ أُسَامَةَ قَالَ لَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «وَهَلْ تَرك لَنَا عِقِيل مِنْ رَبْعٍ» وَفِي رِوَايَةٍ «مِنْ رِبَاع» الرَّبْعُ: المنزِل ودارُ الإقامةِ. ورَبْعُ الْقَوْمِ مَحِلَّتُهم، والرِّبَاعُ جَمْعُهُ.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ عَائِشَةَ «أَرَادَتْ بَيْعَ رِبَاعِهَا» أَيْ مَنازِلها.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «الشُّفعة فِي كُلِّ رَبْعَةٍ أَوْ حائطٍ أَوْ أرضٍ» الرَّبْعَةُ أخَصُّ مِنَ الرَّبْع.
وَفِي حَدِيثِ هِرَقْلَ «ثُمَّ دَعَا بِشَيْءٍ كَالرَّبْعَةِ الْعَظِيمَةِ» الرَّبْعَةُ: إِنَاءٌ مُرَبَّعٌ كالجُونة.
(هـ) وَفِي كِتَابِهِ لِلْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ «إِنَّهُمْ أمَّةٌ واحدةٌ عَلَى رِبَاعَتِهِمْ» يُقَالُ الْقَوْمُ عَلَى رِبَاعَتِهِمْ ورِبَاعِهِمْ: أَيْ عَلَى اسْتقامتِهم، يُرِيدُ أَنَّهُمْ عَلَى أمرِهم الَّذِي كَانُوا عَلَيْهِ. ورِبَاعَةُ الرجُل: شأنُه وحالُه الَّتِي هُوَ رَابِعٌ عَلَيْهَا: أَيْ ثابتٌ مقيمٌ.
وَفِي حَدِيثِ المُغيرة «إِنَّ فُلَانًا قَدِ ارْتَبَعَ أمرَ الْقَوْمِ» أَيِ انْتظر أَنْ يُؤَمَّر عَلَيْهِمْ.
وَمِنْهُ «الْمُسْتَرْبِعُ» المُطِيقُ لِلشَّيْءِ. وَهُوَ عَلَى رِبَاعَةِ قومِه: أَيْ هُوَ سيِّدهم.
(هـ) وَفِيهِ «أَنَّهُ مرَّ بِقَوْمٍ يَرْبَعُونَ حَجرا» ويُرْوى يَرْتَبِعُونَ. رَبْعُ الْحَجَرِ وارْتِبَاعُهُ: إشالتُه ورَفْعُه لإظْهارِ القُوَّة. ويُسمَّى الْحَجَرَ الْمَرْبُوعَ والرَّبِيعَةَ، وَهُوَ مِنْ رَبَعَ بِالْمَكَانِ إِذَا ثَبَت فِيهِ وَأَقَامَ.
(هـ) وَفِي صِفَتِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «أطْوَل مِنْ الْمَرْبُوعِ» هُوَ بَيْنَ الطَّوِيلِ وَالْقَصِيرِ.
يُقَالُ رجلٌ رَبْعَةٌ ومَرْبُوعٌ.
(هـ) وَفِيهِ «أغِبُّوا عِيادة الْمَرِيضِ وأَرْبِعُوا» أَيْ دَعُوه يَوْمَيْنِ بَعْدَ العِيادة وأْتُوه الْيَوْمَ الــرَّابِعَ، وأصلُه مِنَ الرِّبْعِ فِي أَوْرَادِ الإبِل، وَهُوَ أَنْ تَرِدَ يَوْمًا وتُتْركَ يَوْمَيْنِ لَا تُسْقى، ثُمَّ تَرِد الْيَوْمَ الــرَّابِعَ.

التصغير

التصغير: يأتي لمعان منها، التحقير والتقليل كدريهم، ومنها تقريب ما يتوهم حقارته كدويهية، ومنها التحبب والاستعطاف كهذه بنيتك.
(التصغير) (فِي الصّرْف) زِيَادَة يَاء سَاكِنة بعد ثَانِي الِاسْم مَعَ تَغْيِير هَيئته لغَرَض كالتحقير والتمليح فَيُقَال فِي قمر قمير وَفِي كتاب كتيب
التصغير: جعل الشَّيْء صَغِيرا ومنسوبا إِلَى الصغر. وَعند النُّحَاة جعل الِاسْم مُصَغرًا أَي دَالا على معنى متصف بالصغر كالرجيل. فَإِنَّهُ مصغر بِمَعْنى مردك. وَالرجل مكبر بِمَعْنى مرد وَهُوَ من خَواص الِاسْم المعرب فَلَا يصغر الْفِعْل وَلَا الْحَرْف وَلَا الِاسْم الْمَبْنِيّ وَشد تَصْغِير نَحْو ذُو وَالَّذِي وَالَّتِي. وَله فَوَائِد فَتَارَة يصغر الِاسْم للإهانة أَي لتحقير شَأْنه كجبيل أَو ذَاته كطفيل وَهَذَا هُوَ المُرَاد بقَوْلهمْ إِن التصغر قد يكون للصغر. وَتارَة للتقليل كدريهمات. وَتارَة للتقريب إِمَّا لزمانة كبعيد الْعَصْر وَإِمَّا لمكانه كدوين السَّمَاء أَي قريب من مَكَان تَحْتَهُ أَو مَنْزِلَته كصديقي. وَتارَة للتعطف كيا أخي وَيَا حَبِيبِي. وَقيل للتعظيم.
إِذا علمت ذَلِك فَاعْلَم أَن طَرِيق التصغير أَن تضم مبدأ الِاسْم وتفتح ثَانِيه وزد بعد ثَانِيه يَاء سَاكِنة تسمى يَاء التصغير لتَكون ثالثه فَيكون وَزنه فعيلا وَاقْتصر على ذَلِك إِن كَانَ الِاسْم ثلاثيا كفليس فِي فلس فَإِن كَانَ رباعيا فَصَاعِدا فاعمل فِيهِ عَمَلك فِي الثلاثي واكسر مَا بعد الْيَاء كدريهم فِي دِرْهَم وعصيفر فِي عُصْفُور فأبنية التصغير ثَلَاثَة فعيل وفعيعل وفعيعيل. ثمَّ إِذا كَانَ الثلاثي مؤنثا بِلَا عَلامَة لحقته تَاء التَّأْنِيث غَالِبا عِنْد تصغيره بِشَرْط الْأَمْن عَن اللّبْس كَمَا تلْحق بِصفتِهِ بعد. ثمَّ إِذا كَانَ الثَّانِي لينًا منقلبا عَن لين رَددته فِي التصغير إِلَى أَصله لِأَن التصغير كالجمع يرد الْأَشْيَاء إِلَى أُصُولهَا. وَلِهَذَا قَالُوا التصغير محك الْأَلْفَاظ لظُهُور الْحُرُوف الْأَصْلِيَّة عِنْده.
فَتَقول فِي مثل بَاب بويب لِأَن أَلفه بدل من الْوَاو وبدليل جمعه على أَبْوَاب وَأَصله بوب قلبت الْوَاو ألفا لتحركها وانفتاح مَا قبلهَا. ثمَّ إِذا كَانَ ثَانِي الثلاثي الْمَزِيد ألفا زادة فتصغيره على فويعل بقلب أَلفه واوا لانضمام مَا قبلهَا فَتَقول فِي ضَارب وعامر وَصَاحب ضويرب وعويمر وصويحب وَمثله نَحْو آدم مِمَّا أَلفه مبدلة من همزتين فَتَقول فِي تصغيره أَو يدم كَمَا تَقول فِي جمعه أَو أَدَم. وَأما الرباعي الْمُجَرّد فَإِنَّهُ يصغر على فعيعل كجعيفر ودريهم فِي تَصْغِير جَعْفَر وَدِرْهَم. ثمَّ إِذا صغر اسْم ثالثه أَو رابعــه ألف وَجب قلب أَلفه يَاء وإدغام يَاء التصغير فِيهَا إِن كَانَ على أَرْبَعَة أحرف وَذَلِكَ نَحْو كتاب وَغُلَام ومفتاح ودينار فَتَقول فِيهَا كتيب وغليم ومفيتح ودنير. وَمثله مَا ثالثه أَو رابعــه وَاو كعمود وعصفور فَتَقول فِيهَا عميد وعصيفر بِالْقَلْبِ. وَإِذا كَانَ الِاسْم على خَمْسَة أحرف حذفت الْخَامِس كَقَوْلِك فِي سفرجل سفيرج. وَإِن شِئْت حذفت رابعــه فَقلت سفيرل وَإِن شِئْت عوضت الْيَاء بدل الْجِيم أَو اللَّام فَقلت سفيريل وَإِن شِئْت قلت سفيرجي.

نَيْسَابُور

نَيْسَابُور:
بفتح أوله، والعامة يسمونه نشاوور:
وهي مدينة عظيمة ذات فضائل جسيمة معدن الفضلاء ومنبع العلماء لم أر فيما طوّفت من البلاد مدينة ومنبع العلماء لم أر فيما طوّفت من البلاد مدينة كانت مثلها، قال بطليموس في كتاب الملحمة: مدينة نيسابور طولها خمس وثمانون درجة، وعرضها تسع وثلاثون درجة، خارجة من الإقليم الــرابع في الإقليم الخامس، طالعها الميزان، ولها شركة في كف الجوزاء مع الشعرى العبور تحت ثلاث عشرة درجة من السرطان، ويقابلها مثلها من الجدي، بيت عاقبتها مثلها من الميزان، بيت حياتها ... [1] ، ومن هناك طالت أعمار أهلها، بيت ملكها ثلاث عشرة درجة من الحمل، وقد ذكرنا في جمل ذكر الأقاليم أنها في الــرابع، وفي زيج أبي عون إسحاق بن علي: إن طول نيسابور ثمانون درجة ونصف وربع، وعرضها سبع وثلاثون درجة، وعدّها في الإقليم الــرابع، واختلف في تسميتها بهذا الاسم فقال بعضهم: إنما سميت بذلك لأن سابور مرّ بها وفيها قصب كثير فقال: يصلح أن يكون ههنا مدينة، فقيل لها نيسابور، وقيل في تسمية نيسابور وسابور خواست وجنديسابور:
إن سابور لما فقدوه حين خرج من مملكته لقول المنجمين، كما ذكرناه في منارة الحوافر، خرج أصحابه يطلبونه فبلغوا نيسابور فلم يجدوه فقالوا نيست سابور أي ليس سابور، فرجعوا حتى وقعوا إلى سابور خواست فقيل لهم ما تريدون؟ فقالوا: سابور خواست، معناه سابور نطلب، ثم وقعوا إلى جنديسابور فقالوا وند سابور أي وجد سابور، ومن أسماء نيسابور أبرشهر وبعضهم يقول إيرانشهر، والصحيح أن إيرانشهر هي ما بين جيحون إلى القادسية، ومن الرّي إلى نيسابور مائة وستون فرسخا، ومنها إلى سرخس أربعون فرسخا، ومن سرخس إلى مرو الشاهجان ثلاثون فرسخا، وأكثر شرب أهل نيسابور من قنيّ تجري تحت الأرض ينزل إليها في سراديب مهيّأة لذلك فيوجد الماء تحت الأرض وليس بصادق الحلاوة، وعهدي بها كثيرة الفواكه والخيرات، وبها ريباس ليس في الدنيا مثله تكون الواحدة منه منّا وأكثر، وقد وزنوا واحدة فكانت خمسة أرطال بالعراقي وهي بيضاء صادقة البياض كأنها الطَّلع، وكان المسلمون فتحوها في أيام عثمان بن عفان، رضي الله عنه، والأمير عبد الله بن عامر بن كريز في سنة 31 صلحا وبنى بها جامعا، وقيل إنها فتحت في أيام عمر، رضي الله عنه، على يد الأحنف بن قيس وإنما انتقضت في [1] هكذا في الأصل.
أيام عثمان فأرسل إليها عبد الله بن عامر ففتحها ثانية وأصابها الغزّ في سنة 548 بمصيبة عظيمة حيث أسروا الملك سنجر وملكوا أكثر خراسان وقدموا نيسابور وقتلوا كل من وجدوا واستصفوا أموالهم حتى لم يبق فيها من يعرف وخرّبوها وأحرقوها ثم اختلفوا فهلكوا واستولى عليها المؤيد أحد مماليك سنجر فنقل الناس إلى محلة منها يقال لها شاذياخ وعمّرها وسوّرها وتقلّبت بها أحوال حتى عادت أعمر بلاد الله وأحسنها وأكثرها خيرا وأهلا وأموالا لأنها دهليز المشرق ولا بدّ للقفول من ورودها، وبقيت على ذلك إلى سنة 618، خرج من وراء النهر الكفار من الترك المسمون بالتتر واستولوا على بلاد خراسان وهرب منهم محمد ابن تكش بن ألب أرسلان خوارزم شاه وكان سلطان المشرق كله إلى باب همذان وتبعوه حتى أفضى به الأمر إلى أن مات طريدا بطبرستان في قصة طويلة، واجتمع أكثر أهل خراسان والغرباء بنيسابور وحصنوها بجهدهم فنزل عليها قوم من هؤلاء الكفار فامتنعت عليهم ثم خرج مقدّم الكفار يوما ودنا من السور فرشقه رجل من نيسابور بسهم فقتله فجرّى الأتراك خيولهم وانصرفوا إلى ملكهم الأعظم الذي يقال له جنكزخان فجاء بنفسه حتى نزل عليها وكان المقتول زوج ابنته فنازلها وجدّ في قتال من بها فزعم قوم أن علويّا كان متقدّما على أحد أبوابها راسل الكفار يستلزم منهم على تسليم البلد ويشرط عليهم أنهم إذا فتحوه جعلوه متقدّما فيه، فأجابوه إلى ذلك ففتح لهم الباب وأدخلهم فأول من قتلوا العلويّ ومن معه، وقيل:
بل نصبوا عليها المناجيق وغيرها حتى أخذوها عنوة ودخلوا إليها دخول حنق يطلب النفس والمال فقتلوا كل من كان فيها من كبير وصغير وامرأة وصبيّ ثم خرّبوها حتى ألحقوها بالأرض وجمعوا عليها جموع الرستاق حتى حفروها لاستخراج الدفائن، فبلغني أنه لم يبق بها حائط قائم، وتركوها ومضوا فجاء قوم من قبل خوارزم شاه فأقاموا بها يسبرون الدفائن فأذهبوها مرّة، فإنا لله وإنّا إليه راجعون، من مصيبة ما دهى الإسلام قط مثلها، وقال أبو يعلى محمد بن الهبّارية: أنشدني القاضي أبو الحسن الاستراباذي لنفسه فقال:
لا قدّس الله نيسابور من بلد ... سوق النفاق بمغناها على ساق
يموت فيها الفتى جوعا وبرّهم ... والفضل ما شئت من خير وأرزاق
والحبر في معدن الغرثى، وإن برقت ... أنواره في المعاني، غير برّاق
وقال المرادي يذمّ أهلها:
لا تنزلنّ بنيسابور مغتربا ... إلا وحبلك موصول بسلطان
أو لا فلا أدب يجدي ولا حسب ... يغني ولا حرمة ترعى لإنسان
وقال أبو العباس الزّوزني المعروف بالمأموني:
ليس في الأرض مثل نيسابور ... بلد طيب وربّ غفور
وقد خرج منها من أئمة العلم من لا يحصى، منهم:
الحافظ الإمام أبو علي الحسين بن علي بن زيد ابن داود بن يزيد النيسابوري الصائغ، رحل في طلب العلم والحديث وطاف وجمع فيه وصنف وسمع الكثير من أبي بكر بن خزيمة وعبدان الجواليقي وأبي يعلى الموصلي وأحمد بن نصر الحافظ والحسن بن سفيان وإبراهيم بن يوسف الهسنجاني وأبي خليفة وزكرياء الساجي وغيرهم، وكتب عنه أبو الحسن
ابن جوصا وأبو العباس بن عقدة وأبو محمد صاعد وإبراهيم بن محمد بن حمزة وأبو محمد الغسّال وأبو طالب أحمد بن نصر الحافظ وهم من شيوخه، روى عنه أبو عبد الله الحاكم وأبو عبد الرحمن السّلمي وأبو عبد الله بن مندة وأبو بكر أحمد بن إسحاق بن أيوب الصّبغي وهو من أقرانه، قال أبو عبد الرحمن السلمي: سألت الدارقطني عنه فقال: مهذب إمام، وقال أبو عبد الله بن مندة: ما رأيت في اختلاف الحديث والإتقان أحفظ من أبي علي الحسين بن علي النيسابوري، قال أبو عبد الله في تاريخه: الحسين بن علي بن يزيد أبو علي النيسابوري الحافظ وحيد عصره في الحفظ والإتقان والورع والرحلة ذكره بالشرق كذكره بالغرب مقدم في مذاكرة الأئمة وكثرة التصنيف كان مع تقدمه في هذا العلم أحد المعدلين المقبولين في البلد، سمع بنيسابور وهراة ونسا وجرجان ومرو الروذ والرّيّ وبغداد والكوفة وواسط والأهواز وأصبهان ودخل الشام فكتب بها، وسمع بمصر، وكتب بمكة عن الفضل بن محمد الجندي، وقال في موضع آخر: انصرف أبو علي من مصر إلى بيت المقدس ثم حجّ حجة أخرى ثم انصرف إلى بيت المقدس وانصرف في طريق الشام إلى بغداد، وهو باقعة في الذكر والحفظ لا يطيق مذاكرته أحد، ثم انصرف إلى خراسان ووصل إلى وطنه، ولا يفي بمذاكرته أحد من حفّاظنا، ثم أقام بنيسابور يصنّف ويجمع الشيوخ والأتراب، قال: وسمعت أبا بكر محمد بن عمر الجعابي يقول:
أنّ أبا علي أستاذي في هذا العلم وعقد له مجلس الإملاء بنيسابور سنة 337 وهو ابن ستين سنة، وإن مولده سنة 277، ولم يزل يحدث بالمصنّفات والشيوخ مدة عمره، وتوفي أبو علي عشية يوم الأربعاء الخامس عشر من جمادى الأولى سنة 349 ودفن في مقبرة باب معمر عن اثنتين وسبعين سنة.

الحمّى

الحمّى:
[في الانكليزية] Fever
[ في الفرنسية] Fievre
بالضم وتشديد الميم والألف المقصورة في اللغة بمعنى تب. وعرّفها الأطباء بأنها حرارة غريبة تضرّ بالأفعال تنبعث من القلب إلى الأعضاء. فالحرارة بمنزلة الجنس تشتمل الأسطقسية الموجودة في البدن حيا وميتا.
والغريزية الموجودة فيه حيا وهي مقوّمة لوجود الإنسان، والأسطقسية لماهيته، والغريبة احتراز عنهما لأنّ المراد بها ما يرد على البدن من خارج بأن لا تكون جزءا من البدن. والمراد بالأفعال الطبعية الصادرة عن القوى البدنية وهو احتراز عن الغريبة التي لا تضرّ بالأفعال كحرارة الغضب إذا لم تبلغ حدّ مضرة الأفعال.
وقولهم تنبعث احتراز عن غير المنبعثة عن القلب إلى الأعضاء كحرارة حاصلة من الشمس والنار في البدن إذا لم تضرّ بالأفعال. وكيفية الانبعاث أنّ تلك الحرارة تنبعث من القلب إلى الأعضاء جميعها بواسطة الروح والدمّ والشرايين. ولذا عرّفت بأنها حرارة غريبة تشتعل في القلب أولا وتنبسط منه بواسطة الروح والدم والشرايين في جميع البدن، فتشتعل اشتعالا يضرّ بالأفعال الطبعيّة
التقسيم
تنقسم الحمّى باعتبارات إلى أقسام. التقسيم الأول:
تنقسم باعتبار السبب إلى حمّى مرض وحمّى عرض. فما كان منها تابعة لما ليس بمرض مثل عفونة الأخلاط تسمّى حمّى مرض.
وما كان تابعة لمرض مثل الورم تسمّى حمّى عرض. فإنّ الورم مرض دون العفونة. ومعنى التبعية أن يكون سببها مقارنا لمرض تزول الحمّى بزواله وتوجد بوجوده.

التقسيم الثاني:
تنقسم باعتبار المحل إلى حمّى يوم وحمّى دقّ وحمّى خلطية. فإنّ تعلّقها أولا إمّا بأرواح البدن من الروح الحيوانية أو النفسانية أو الطبعية وهي حمّى يوم سمّيت بها، لأنها تزول في اليوم غالبا. وإن امتدّت في بعض الأزمان إلى سبعة أيام أيضا. وإمّا بأعضاء البدن وهي حمّى الدّق وعرّفت بأنّها حرارة غريبة تحدث في البدن بواسطة حدوثها في الأعضاء أولا، وهي لا محالة تفنى الأصناف الأربعة من الرطوبات الثانية، فإن أفنت الصنف الأول وشرعت في إفناء الثاني خصّت باسم حمّى الدّق. وإن أفنت الصنف الثاني من الرطوبة وشرعت في إفناء الثالث خصّت باسم الذبول. ولا يفلح من بلغ نهايته. وإن أفنت الصنف الثالث وشرعت في إفناء الــرابع خصّت باسم المفتت. وبالجملة فحمّى الدّق تطلق على جميع تلك الأقسام وعلى بعضها أيضا من باب تسمية المقيّد باسم المطلق. والمعتبر في التقسيم حالة فناء الرطوبة وشروع الحرارة الأخرى لأنّ التغيّر يظهر عند ذلك لأنّ زمان فعل الحرارة في رطوبة واحدة متشابهة. وأمّا بأخلاط البدن وهي الحمّى الخلطية وتسمّى الحمّى المادية أيضا. فإن كانت حادثة بسبب تعفّن خلط تسمّى حمّى العفن وحمّى العفونة والحمّى العفنية. وإن كانت حادثة بسبب خلط فقط من غير عفونة تسمّى سونوخس. والمراد بالخلط هاهنا الدّم لا غير لأنّ سونوخس لا يوجد في الحمّى الغير الدموية. وفي شرح القانونچة والمادية تسمّى حمى عفن أيضا انتهى.
ووجه الحصر أنّ البدن مركّب من الأعضاء والأخلاط والأرواح فمتى سخن أحد هذه الأقسام أولا نسبت الحمّى إليه، وإن سخن الباقي بسبه لأنّ بعضها حاو وبعضها محوي فتتأدّى السخونة من البعض إلى البعض. فإن قيل إن تعلقت بالجميع دفعة كانت خارجة عن الأقسام الثلاثة. قلت تكون في كلّ واحد من الأجناس الثلاثة في هذه الصورة حرارتان: ذاتية وعرضية لأنّها تسري من كلّ واحد إلى آخر، وحينئذ تكون حميات ثلاثا، فلا تخرج.
ثم التعفن إمّا أن يكون داخل العروق أو خارجها. والتي يكون التعفن فيها داخل العروق تسمّى حمّى لازمة. والتي يكون التعفّن فيها خارج العروق تسمّى حمّى دائرة ونائبة ومغيرة.
والحمّى اللازمة أربعة أقسام باعتبار أقسام الأخلاط. الأول السوداوية وتسمّى الربع اللازمة ومطلق الربع هو الحمّى السوداوية كما يستفاد من شرح القانونچة. الثاني البلغمية وتسمّى الحمّى اللثقة وتسمّى بالحمّى اللازمة أيضا من باب تسمية المقيّد باسم المطلق كما في حمّى الدّق. الثالث الدموية وتسمّى الحمّى المطبقة وهي ثلاثة أقسام، لأنّ من الدم شيئا يتحلّل وشيئا يتعفّن. فإن تساويا فهي المساوية، وإن كان التحلّل أكثر فهي المتناقصة، وإن كان التعفّن أكثر فهي المتزايدة كما في الأقسرائي.

وفي بحر الجواهر: الحمّى المطبقة هي الحمّى الدموية اللازمة وهي نوعان: أحدهما من عفونة الدم في العروق وخارجها. وثانيهما أنّ تسخّن الدم وتغلى من غير عفونة وتسمّى سونوخس انتهى. وهذا مخالف لما سبق من أنّ الدموية اللازمة من أقسام العفنية وسونوخس مقابل لها، ولما قيل من أنّ الدم لا يتعفن خارج العروق.
الــرابع الصفراوية وتسمّى بالحمّى المحرقة وبالغبّ اللازمة كما في شرح القانونچة. وفي بحر الجواهر أنّ الحمّى المحرقة هي الصفراوية أيضا إلّا أنّ مادتها تعفنت داخل العروق بقرب القلب أو الكبد. فإن تعفنت في العروق البعيدة عن القلب أو الكبد سمّيت بالاسم العام وهي الغب اللازمة، سمّيت بالمحرقة لشدة حرارته وكثرة عطشه وقلعه. وقد تطلق الحمّى المحرقة على ما كان عن بلغم مالح عفن بقرب القلب لأنّها بسبب ملوحية مادتها وقربها من القلب تكون أعراضها قوية في الاشتداد من المحرقة.
فإطلاق المحرقة عليها يكون بالاشتراك اللفظي انتهى.
الحمّى الدائرة ثلاثة أقسام، لأنّها لا تكون دموية إذ الدم لا تكون خارج العروق، فلا تتعفن إلّا فيها. الأول السوداوية وتسمّى بالربع الدائرة، ومن أنواعها حمّى الخمس والسدس والسبع وما وراءها. الثاني البلغمية وتسمّى بالمواظبة وهي النائبة كل يوم. قال الإيلاقي نوعان من البلغمية ينوب أحدهما نهارا ويقلع ليلا ويسمّى النهارية، والآخر ينوب ليلا ويقلع نهارا ويسمّى الليلية. الثالث الصفراوية وتسمّى بالغب الدائرة أيضا، وهي تنقسم إلى خالصة بأن تكون مادتها صفراء رقيقة صرفة، وغير خالصة بأن تكون مختلطة بالبلغم اختلاطا ممتزجا مغلظا. وهكذا الغبّ اللازمة تنقسم إلى خالصة وغير خالصة كما يستفاد من المؤجز.
وفي القانونچة وشرحها وأمّا حمّى الصفراء خارج العروق فتنقسم إلى خالصة وهي التي لا تزيد مدة نوبتها على اثنتي عشرة ساعة، وهي الغبّ الدائرة لأنها تنوب يوما، ويوما لا؛ وإلى غير خالصة وهي التي تزيد مدة نوبتها على اثنتي عشرة ساعة وهي شطر الغب. وفي بحر الجواهر الحمّى المثلّثة هي حمّى الغب.

التقسيم الثالث:
تنقسم باعتبار حدوثها عن خلط أو أكثر إلى بسيطة ومركّبة. فالبسيطة هي التي تحدث بفساد خلط واحد، والمركّبة هي التي تحدث بسبب فساد خلطين أو أكثر. ثم التركيب إمّا تركيب مداخلة وهو أن تدخل احداهما على الأخرى وتسمّى حمّى متداخلة، أو تركيب مبادلة وهو أن تأخذ احداهما بعد إقلاع الأخرى وتسمّى حمى متبادلة، أو تركيب مشاركة وهو أن تأخذا معا وتتركا معا وتسمّى حمّى مشاركة ومشابكة. والأولى أن لا يعتبر قيد وتتركا معا، فإنّ ذلك لا يتحقق إلّا فيما كانت المواد للحميات من نوع واحد، فإنّ الصفراوية والسوداوية إذا أخذتا معا لا تتركان معا، فإنّ السوداوية تنوب أربعا وعشرين ساعة، والصفراوية تنوب اثنتي عشرة ساعة. ومن جملة المركبات شطر الغب.

التقسيم الــرابع:
تنقسم باعتبار اهتزاز البدن وعدمه إلى الحمّى الناقصة وهي التي يحصل فيها اهتزاز للبدن مع حركات إرادية فارسيتها تب لرزه، والحمّى الصالبة وهي ما ليس كذلك. ومن أنواع الحميات الحمى الغشية وهي التي يحدث فيها الغشي وقت ورودها. ومنها الحمّى الوبائية وهي الحادثة بسبب الوباء. ومنها الحمّى الحادّة وهي التي تعرض فيها أعراض شديدة هي قصيرة المدة. ومنها المختلطة وهي حميات ذات فترات وسجانات غير منظومة لا نوبة لها، كذا في بحر الجواهر.

الذّاتي

الذّاتي:
[في الانكليزية] Particular ،essential ،proper ،subjective
[ في الفرنسية] Particulier ،essentiel ،propre ،subjectif
بياء النّسبة عند المنطقيين يطلق بالاشتراك على معان. منها يقال الذّاتي لكلّ شيء ما يخصّه ويميّزه عن جميع ما عداه. وقيل ذات الشّيء نفسه وعينه وهو لا يشتمل العرض.
والفرق بين الذّات والشخص أنّ الذات أعمّ من الشخص، لأنّ الذات يطلق على الجسم وغيره، والشخص لا يطلق إلّا على الجسم هكذا في الجرجاني. منها في كتاب إيساغوجي فإنّه يطلق في هذا المقام على جزء الماهيّة والمراد به الجزء المفرد المحمول على الماهيّة وهو منحصر في الجنس والفصل. وربّما يطلق على ما ليس بخارج وهذا أعمّ من الأول لتناوله نفس الماهيّة وجزئها. والتسمية على الأول ظاهرة وعلى الثاني اصطلاحية محضة، والخارج عن الماهيّة يسمّى عرضيّا. وربّما يطلق الذّاتي على الجزء مطلقا سواء كان محمولا على الماهية أو لم يكن كالواحد للثلاثة.
ثم إنّهم ذكروا للذاتي خواصا ثلاثا، الأولى أن يمتنع رفعه عن الماهيّة بمعنى أنّه إذا تصوّر الذاتي وتصوّر معه الماهيّة امتنع الحكم بسلبه عنها، بل لا بدّ من أن يحكم بثبوته لها.
الثانية أن يجب إثباته للماهيّة على معنى أنّه لا يمكن تصوّر الماهيّة إلّا مع تصوّره موصوفة به أي مع التّصديق بثبوته لها، وهي أخصّ من الأولى لأنّه إذا كان تصوّر الماهيّة بكنهها مستلزما لتصوّر التصديق بثبوته لها، كان تصوّرهما معا مستلزما لذلك التصديق كلّيا بدون العكس، إذ لا يلزم من كون التصوّرين كافيين في الحكم بالثبوت أن يكون أحدهما كافيا مع ذلك. وهاتان الخاصّتان ليستا خاصّتين مطلقتين لأنّ الأولى تشتمل اللوازم البيّنة بالمعنى الأعمّ، والثانية بالمعنى الأخصّ. الثالثة وهي خاصّة مطلقة لا يشارك الذّاتي فيها العرضي اللازم، وهي أن يتقدّم على الماهيّة في الوجودين الخارجي والذهني بمعنى أنّ الذاتي والماهيّة إذا وجدا بأحد الوجودين كان وجود الذاتي متقدما عليها بالذّات، أي العقل يحكم بأنّه وجد الذاتي أولا فوجدت الماهيّة، وكذا في العدميين. لكن التقدّم في الوجود بالنسبة إلى جميع الأجزاء وفي العدم بالقياس إلى جزء واحد.
فإن قيل هذه الخاصّة تنافي ما حكموا به من أنّ الذّاتي متّحد مع الماهيّة في الجعل والوجود لاستحالة أن يكون المتقدّم في الوجود متّحدا فيه مع المتأخّر عنه وتنافي صحّة حمل الذّاتي على الماهيّة لامتناع حمل أحد المتغايرين في الوجود على الآخر، ويستلزم أن يكون كلّ مركّب في العقل مركّبا في الخارج، مع أنّهم صرّحوا بخلافها.
قلنا ما ذكرناه خاصّة للجزء مطلقا فإنّه أينما كان جزء كان متقدّما في الوجود والعدم هناك، فالجزء العقلي متقدّم على الماهيّة في العقل لا في الوجود ولا في الخارج، فلا يلزم شيء مما ذكرتموه. فإذا أريد تميّزه أيضا عن الجزء الخارجيّ زيد الحمل على اعتبار التّقدّم المذكور ليمتاز به عنه أيضا. وهذه الخواص إنّما توجد للذاتي إذا خطر بالبال مع ما له الذّاتي، لا بمعنى أنّه لا تكون ثابتة للذاتي إلّا عند الإخطار بالبال، فربّما لا تكون الماهيّة وذاتياتها معلومة. وتلك الخاصيّات ثابتة لها فضلا عن إخطارها بالبال، بل بمعنى أنّها إنّما يعلم ثبوتها للذاتيات إذا كانت مخطورة بالبال والشيء خاطر بالبال أيضا، كذا قيل.
وقد يعرف الذّاتي أي الجزء مطلقا بما لا يصحّ توهّمه مرفوعا مع بقاء الماهيّة كالواحد للثّلاثة، إذ لا يمكن أن يتوهّم ارتفاعه مع بقاء ماهيّة الثلاثة، بخلاف وصف الفردية إذ يمكن أن يتوهّم ارتفاعها عنها مع بقائها. نعم يمتنع ارتفاعها مع بقاء ماهية الثلاثة موجودة، فالحال هاهنا المتصوّر فقط، وهناك التّصوّر والمتصوّر معا، والسّرّ في ذلك أنّ ارتفاع الجزء هو بعينه ارتفاع الكلّ لا أنّه ارتفاع آخر. ومن المستحيل أن يتصوّر انفكاك الشيء عن نفسه، بخلاف ارتفاع اللوازم فإنّه مغاير لارتفاع الماهيّة تابع له فأمكن تصوّر الانفكاك بينهما مع استحالته، وكذا ارتفاع الماهيّة مغاير لارتفاعها مستتبع له، فجاز أن يتصوّر انفكاك أحدهما عن الآخر. ويقال أيضا الذّاتي ما لا يحتاج إلى علّة خارجة عن علّة الذّات بخلاف العرضي فإنّه محتاج إلى الذّات وهي خارجة عن علّتها، كالزوجية للأربعة المحتاجة إلى ذات الأربعة.
ويقال أيضا هو ما لا تحتاج الماهيّة في اتّصافها به إلى علّة مغايرة لذاتها، فإنّ السّواد لون لذاته لا بشيء آخر يجعله لونا، وهذه خاصة إضافية لأن لوازم الماهية كذلك، فإن الثلاثة فرد في حد ذاته لا بشيء آخر يجعلها متّصفة بالفردية.
هذا كلّه خلاصة ما في شرح المطالع، وما حقّقه السّيد الشريف في حاشيته.
وذكر في العضدي أنّ الذّاتي ما لا يتصوّر فهم الذات قبل فهمه. وقال السّيد الشريف في حاشيته مأخذه هو ما قيل من أنّ الجزء لا يمكن توهّم ارتفاعه مع بقاء الماهيّة بخلاف اللّازم إذ قد يتصوّر ارتفاعه مع بقائها. فمعناه أنّ الذّاتي محمول لا يمكن أن يتصوّر كون الذات مفهوما حاصلا في العقل بالكنه، ولا يكون هو بعد حاصلا فيه. وهذا التعريف يتناول نفس الماهيّة إذ يستحيل تصوّر ثبوتها عقلا قبل ثبوتها فيه.
والجزء المحمول إذ يمتنع تصوّر ثبوت الذّات في العقل وهو معنى كونه مفهوما قبل ثبوته فيه، أي مع ارتفاعه عنه.
ثم قال صاحب العضدي وقد يعرف الذاتي بأنّه غير معلّل. قال المحقق التفتازاني أي ثبوته للذّات لا يكون لعلّة لأنّه إمّا نفس الذّات أو الجزء المتقدّم، بخلاف العرضي فإنّه إن كان عرضا ذاتيا أوليا يعلّل بالذات لا محالة كزوجية الأربعة، وإلّا فبالوسائط كالضحك للإنسان لتعجبه. وما يقال إنّه إن كان لازما بيّنا يعلّل بالذّات، وإلّا فبالوسائط إنّما يصحّ لو أريد العلة في التصديق، ولو أريد ذلك انتقض باللوازم البيّنة فإنّ التصديق بثبوتها للملزومات لا يعلّل بشيء أصلا. نعم يشكل ما ذكر بما أطبق المنطقيون من أنّ حمل الأجناس العالية على الأنواع إنّما هو بواسطة المتوسّطات، وحمل المتوسّطات بواسطة السّوافل، حتى صرّح ابن سينا أنّ الجسمية للإنسان معلّلة بحيوانيّته انتهى.
ومرجع هذا التعريف إلى ما مرّ سابقا من أنّ الذاتي ما لا يحتاج إلى علّة خارجة عن علّة الذات كما لا يخفى.

ثم قال صاحب العضدي: وقد يعرف الذّاتي بالترتّب العقلي، وهو الذي يتقدّم على الذّات في التّعقّل انتهى. وذلك لأنّهما في الوجود واحد لا اثنينية أصلا، فلا تقدّم، وهذا التفسير مختصّ بجزء الماهيّة والأوّلان يعمّان نفس الماهيّة أيضا.
وحقيقة التّعريفين الأخيرين يرجع إلى الأوّل، وهو ما لا يتصوّر فهم الذات قبل فهمه لأنّ عدم تعليل الذّاتي مبني على أنّه لا يمكن فهم الذّات قبل فهمه، بل بالعكس، والتقدّم في التعقّل مستلزم لذلك. وإن لم يكن مبنيا عليه. كذا ذكر المحقّق التفتازاني في حاشيته.
ومنها في غير كتاب إيساغوجي، قال شارح المطالع والسّيد الشريف ما حاصله إنّ للذّاتي معان أخر في غير كتاب إيساغوجي يقال عليها بالاشتراك، وهي على كثرتها ترجع إلى أربعة أقسام: الأول ما يتعلّق بالمحمول وهو أربعة.
الأول المحمول الذي يمتنع انفكاكه عن الشيء ويندرج فيه الذّاتيات ولوازم الماهيّة بيّنة كانت أو غير بيّنة، ولوازم الوجود كالسّواد للحبشي.
والثاني الذي يمتنع انفكاكه عن ماهيّة الشّيء ويندرج فيه الثلاثة الأول فقط، فهو أخصّ من الأول. والثالث ما يمتنع رفعه عن الماهيّة بالمعنى المذكور سابقا في خواصّ الذّاتيّات فهو يختصّ بالذّاتيّات واللوازم البيّنة بالمعنى الأعمّ فهو أخصّ من الثاني. فإنّ من المعلوم أنّ ما يمتنع رفعه عن الماهيّة في الذهن بل يجب إثباته لها عند تصوّرهما كان الحكم بينهما من قبيل الأوّليّات، فلا بد أن يمتنع انفكاكه عنها في نفس الأمر، وإلّا ارتفع الوثوق عن البديهيّات، وليس كلّما يمتنع انفكاكه عن ماهيّة الشيء يجب أن يمتنع رفعه عنها في الذهن، لجواز أن لا يكون ذلك الامتناع معلوما لنا، كما في تساوي الزوايا الثّلاث لقائمتين في المثلّث، والــرابع ما يجب إثباته للماهيّة. وقد عرفت معناه أيضا فهو يختصّ بالذّاتيات واللوازم البيّنة بالمعنى الأخصّ، فكلّ من هذه الثلاثة الأخيرة أخصّ مما قبله.
والثاني ما يتعلّق بالحمل وهو ثمانية.
الأول أن يكون الموضوع مستحقا للموضوعية، كقولنا الإنسان كاتب فيقال له حمل ذاتي، ولمقابله حمل عرضي. والثاني أن يكون المحمول أعمّ من الموضوع وبإزائه الحمل العرضي، فالمحمول في مثل قولنا: الكاتب بالفعل الإنسان ذاتي بهذا المعنى عرضي بالمعنى الأول، لأنّ الوصف وإن كان أخصّ ليس مستحقّا أن يكون موضوعا للذاتي. والثالث أن يكون المحمول حاصلا بالحقيقة أي محمولا عليه بالمواطأة والاشتقاق حمل عرضي. ومنهم من فسّر الحاصل للموضوع بالحقيقة بما يكون قائما به حقيقة سواء كان حاصلا له بمقتضى طبعه أو لقاسر، كقولنا: الحجر متحرّك إلى تحت أو إلى فوق، وما ليس كذلك فحمله عرضي، كقولنا جالس السفينة متحرّك، فإنّ الحركة ليست قائمة به حقيقة بل بالسفينة وهذا أشهر استعمالا حيث يقال للسّاكن في السفينة المتحرّكة إنّه متحرّك بالعرض لا بالذات.
والــرابع أن يحصل لموضوعه باقتضاء طبعه كقولنا الحجر متحرّك إلى أسفل، وما ليس باقتضاء طبع الموضوع عرضي. والخامس أن يكون دائم الثبوت للموضوع وما لا يدوم عرضي. السادس أن يحصل لموضوعه بلا واسطة وفي مقابله العرضي. والسابع أن يكون مقوّما لموضوعه وعكسه عرضي. والثامن أن يلحق لا لأمر أعمّ أو أخصّ، ويسمّى في كتاب البرهان عرضا ذاتيا سواء كان لاحقا بلا واسطة أو بواسطة أمر مساو، وما يلحق بالأمر الأخصّ أو الأعمّ عرضي، وقد سبق في المقدّمة في مبحث الموضوع.
اعلم أنّ حمل الواحد قد يكون ذاتيا باعتبار وعرضيا باعتبار آخر فتأمّل في الأقسام الثمانية وكيفية اجتماعها وافتراقها.
والثالث ما يتعلّق بالسبب فيقال لإيجاب السبب للمسبب أنّه ذاتي إذا ترتّب عليه دائما كالذبح للموت أو أكثريا كشرب السقمونيا للإسهال، وعرضي إن كان الترتّب أقليا كلمعان البرق للعثور على المطر.
والــرابع ما يتعلّق بالوجود، فالموجود إن كان قائما بذاته يقال إنّه موجود بذاته كالجوهر، وإن كان قائما بغيره يقال إنّه موجود بالعرض كالعرض.

ذو الاسمين

ذو الاسمين:
[في الانكليزية] Composed quantity
[ في الفرنسية] Quantite composee
هو المقدار المركّب وهو ما يعبّر عنه باسمين كخمسة وجذر ثمانية، والخطوط المركّبة على ستة أقسام، لأنّ كلا من قسميها إمّا أصمّ أو أحدهما، والآخر المنطق سواء كان المنطق أكبر من الأصمّ أو أصغر، إذ لا يجوز تساويهما وإلّا لما وقع التركيب وكلّ واحد من هذه الأقسام الثلاثة على وجهين لأنّه إمّا أن يكون مربّع الخط الأطول زائدا على مربّع الخطّ الأصغر بمربع يكون ضلعه أي جذره مشاركا في الطول للقسم الأطول، أو مباينا له، والمشاركة أفضل من المبانية والمنطق من الأصمّ، والمنطق الأطول من المنطق الأصغر. فالقسم الأول وهو الجامع لجميع وجوه الفضل يسمّى ذا الاسمين الأول وهو كلّ خط مركّب من منطق أطول وأصمّ أصغر ويزيد مربّع الأطول على مربّع الأصغر بمربّع يشارك ضلعه الأطول مثل ثلاثة وجذر خمسة وأربعة وجذر اثني عشر. والقسم الثاني وهو الذي يليه في القوة بأن يكون المنطق أصغر والأصمّ أطول والمشاركة على ما ذكرنا يسمّى ذا الاسمين الثاني مثل ست وجذر ثمانية وأربعين.
والقسم الثالث وهو الذي يلي هذا في القوة بأن يكون الخطان جميعا أصمّين والمشاركة باقية يسمّى ذا الاسمين الثالث مثل جذر ستة وجذر ثمانية. والقسم الــرابع وهو ما كان منطقه أطول من الأصمّ مع عدم بقاء المشاركة المذكورة بأن يكون مربّع الأطول يزيد على مربّع الأصغر بمربّع يباين ضلعه الخط الأطول مثل ثلاثة وجذر سبعة يسمّى بذي الاسمين الــرابع. والقسم الخامس وهو ما كان أصمّه أطول من المنطق مع عدم المشاركة المذكورة مثل ثلاثة وجذر عشرة يسمّى بذي الاسمين الخامس. والقسم السادس وهو ما كان القسمان فيه أصمّين مع عدم بقاء المشاركة المذكورة يسمّى بذي الاسمين السادس مثل جذر خمسة وجذر ستة. اعلم أنّ جذر ذي الاسمين الأول يسمّى ذي الاسمين المرسل، وجذر ذي الاسمين الثاني يسمّى ذي المتوسطين الاول وجذر ذي الاسمين الثالث يسمّى ذي المتوسطين الثاني، وجذر ذي الاسمين الــرابع يسمّى بالأعظم وجذر ذي الاسمين الخامس يسمّى بالقوي على منطق ومتوسط وجذر ذي الاسمين السادس يسمّى بالقوي على المتوسطين. اعلم أيضا أنّ كلا من ذوات الاسمين الستّة متى ضرب في مثله كان الحاصل ذا الاسمين الأول، وإذا ضرب من عدد صحيح أو كسر أو مختلط فإنّ الحاصل في ذلك هو ذو الاسمين في جذر الأول، ومرتبته كمرتبته، أعني إن كان في المرتبة الأولى فالحاصل كذلك، وإن كان فيما بعدها من المراتب فكذلك الحاصل، وإنّما كان كذلك لأنّه يصير مشاركا له، والمشارك للشيء في حدّه ومرتبته. هذا كله خلاصة ما في حواشي تحرير اقليدس وطريق تحصيل الأقسام الستّ وجذورها مذكورة فيها. 

الطّلوع

الطّلوع:
[في الانكليزية] Rising ،ascent
[ في الفرنسية] Lever ،ascension
بالضم مقابل الغروب وهما يطلقان على معنيين: أحدهما أنّ الطلوع هو وقوع الكوكب ونحوه كجزء من فلك البروج فوق الأفق، سواء كان أبديّ الظهور أو لم يكن. وبهذا المعنى يقال إذا طلعت الشمس فالنهار موجود.
والغروب هو وقوعه تحت الأفق سواء كان أبديّ الخفاء أو لم يكن. وثانيهما أنّ الطلوع انفصال الكوكب عن محيط الأفق متوجها إلى فوق، سواء كان قبله تحت الأفق أو لم يكن، وبهذا المعنى يقال طالع وقت كذا هو جزء كذا من البروج. والغروب انفصاله عنه متوجها إلى تحت، وعلى هذا المعنى لا يقال للكوكب الأبدي الظهور طالع ولا لأبدي الخفاء غارب.
اعلم أنّ المنجمين يعتبرون الطلوع والغروب بالنسبة إلى الأفق الحقيقي فما كان فوق الأفق الحقيقي يسمّى طالعا وما كان تحته يسمّى غاربا. والعامة يعتبرونهما بالنسبة إلى الأفق الحسّي بالمعنى الثاني. ثم إنّ المنجمين يسمّون خروج المنزل من ضياء الفجر طلوعه، وإذا طلع منزل غاب رقيبه وهو الخامس عشر منه سمّي بالرقيب تشبيها له برقيب يرصده ليسقط في المغرب إذا ظهر ذلك في المشرق، ويسمّون غروب الرقيب وقت الصبح سقوطه ويسمّون المنازل التي يكون طلوعها في مواسم المطر الأنواء ويسمّون رقباءها إذا طلعت في غير مواسم المطر البوارح، وهم ينسبون الأمطار إلى الأنواء والرياح إلى البوارح. وأصل النّوء السقوط والطلوع والبارح الريح الحار، فسمّي المنزل بهما تجوّزا. وقيل النّوء طلوع منزل وغروب رقيبه معا، والأصح هو الأول.
وبعضهم ينسبون الأمطار إلى طلوع المنازل والرياح إلى سقوطها. وإذا مضت مدة السقوط أو الطلوع ولم يحدث شيء من الريح أو المطر يقولون جذى نجم كذا.
اعلم أنّ الطالع جزء من منطقة البروج يكون على الأفق الشرقي في وقت مخصوص فإن كان ذلك الوقت زمان ولادة شخص يقال له طالع ذلك الشخص، وإن كان ذلك الوقت أول سنة شمسية حقيقية يقال له طالع السّنة وطالع العالم، وإن كان ذلك الوقت شيئا آخر ينسب إليه ثم الجزء المقابل للطالع يسمّى الغارب والسابع أيضا، ومنصّف ما بين الطالع والغارب فوق الأرض على نصف النهار يسمّى العاشر وما يقابله تحت الأرض يسمّى الــرابع. وهذه الأربعة تسمّى بالأوتاد الأربعة في أحوال المولود. قال عبد العلي البرجندي وينبغي أن يستثنى من ذلك ما إذا انطبقت منطقة البروج على الأفق إذ لا يطلق على جزء منها الطالع، وأيضا لا يكون جزء من منطقة البروج على نصف النهار فوق الأرض ولا تحته، وإنّما سمّي بالعاشر لأنّه في الأغلب يكون من البرج العاشر للبروج الطالع وقد يكون من البرج التاسع أو الحادي عشر له، وكذا الحال في الــرابع. وهاهنا إشكال وهو أنّ في المواضع التي عرضها أزيد من تمام الميل الكلّي إذا كان قطب البروج في ارتفاعه الأعلى كان أول الحمل طالعا وأول الميزان غاربا وأول السرطان على نصف النهار فوق الأرض في ارتفاعه الأدنى وأول الجدي على نصف النهار تحت الأرض، فإن اعتبر العاشر أول السرطان على مقتضى تعريف العاشر فهو ليس من البرج العاشر للطالع، بل من الــرابع له. وإن اعتبر العاشر أول الجدي كما هو كذلك في المعمورة فهو ليس فوقه الأفق، فلا يكون تعريف العاشر جامعا. والظاهر أنّ ما ذكر من تعريف الطالع والعاشر مخصوص بالمعمورة، هذا كله خلاصة ما ذكره عبد العلي البرجندي في شرح التذكرة وبيست باب وحاشية الچغميني. وتعديل الطالع قوس من منطقة البروج بين النصف الشرقي من أفق البلاد وبين دائرة عرض تمرّ بمطالع الاعتدال من الجانب الأقرب والقوس الواقعة من منطقة البروج بين نصف النهار وبين دائرة وسط سماء الرؤية من الجانب الأقرب تسمّى تعديل العاشر، كذا ذكر عبد العلي البرجندي في شرح زيج الغ بيكي.
والطالع عند أهل الرّمل هو أوّل بيت من البيوت الست عشرة للرّمل.

هدي

هـ د ي

هو هادٍ من الهداة. وهداه للسبيل وإلى السبيل والسبيل هدايةً وهدًى. وهداه من الضلالة فاهتدى. وهدى هدي فلان: سار سيرته. وفي الحديث: " واهدو هديَ عمّار " وما أحسن هديه!، ورأى هديض أمره وهدية أمره: جهته. واستهديته فهداني. وهو لا يتهدّى لذلك، وتركه على مهيديته: على جهته وحالته التي كان عليها. وجاء يهادي بين اثنين ويتهادى.

ومن المجاز: هداه: تقدّمه كما يتقدّم الهادي المهديّ: وجاءت الخيل يهديها فرس أشقر. واقتنص هاديات البقر وهواديها: متقدّماتها. وضرب هاديته: عنقه. وأقبلت هوادي الخيل. وانتصب هادي الفلق. قال ذو الرمة:

حتى إذا ما جلا عن وجهه فلقٌ ... هاديه في أخريات الليل منتصب

وتوكأ على الهادية وهي العصا. وأصابه هادي السهم: نصله. قال ذو الرمة:

يمشي بزرقٍ هدت قضباً مصدّرة ... ملس المنون حداها الريش والعقب

ومنه: أهدى له وإليه هديّة لأنها تقدّم أمام الحاجة في مهدًى: في طبق. واستهدى صدّيقه. " وتهادوا تحابّوا " ورجل وامرأة مهداء. وفلان يهدّى للناس إذا كان كثير الهدايا. قال أبو خراش:

لقد علمت أم الأديبر أنني ... أقول لها هدّي ولا تذخري لحمى

وأهدى إلى الحرم هدياً وهديّاً: وهدى العروس إلى زوجها هداءً وأهداها إليه، لغة تميم هديتها بمعنى دللتها، ولغة قيس أهديتها: جعلتها هديّة.

هدي


هَدَى(n. ac. هَدْي
هِدْيَةهُدًى [ ]هِدَايَة [] )
a. Guided, directed, led aright.
b. [acc. & La
or
Ila], Guided, led, conducted to; presented, offered
brought to.
c. Was rightly guided; found his way.

هَدَّيَa. see I (b)
هَاْدَيَa. Made a present to.
b. Dined, eat with.
c. Swaggered; reeled.

أَهْدَيَa. see I (b)
تَهَدَّيَa. see I (c)
تَهَاْدَيَa. Made presents to each other.
b. Swaggered; reeled.

إِهْتَدَيَa. see I (b) (c).
c. [La], Reached, attained.
d. Outstripped.
e. see X (a)
إِسْتَهْدَيَa. Asked for guidance.
b. Asked for ( a gift ).
هَدْيa. Guidance, direction.
b. Way, manner, fashion; conduct, principles; character
disposition.
c. see 25 (b)
هَِدْيَة [هَدْيَة]
a. see 1 (b) & 25
(b).
هَدَاة []
a. Instrument.

هُدًىa. Enlightenment.
b. see 23t
أَهْدَى []
a. Better guide.

مِهْدًى []
a. Tray, salver.

هَادٍ ( pl.
reg. &
هُدَاة [] ).
a. Guide, leader, conductor, director.
b. Point, head.
c. (pl.
هَوَادٍ
[هَوَاْدِيُ]), Neck.
هَادِيَة [] ( pl.
reg. &
هَوَاْدِيُ)
a. fem. of
هَاْدِيb. Stick, staff, rod.
c. Reef, rock.

هِدَآء []
a. Weak, stupid.

هِدَايَة []
a. Guidance.
b. The right way; the way of salvation.

هَدِيّa. Bride.
b. Offering, sacrifice, victim.
c. Captive.

هَدِيَّة [] (pl.
هَدَايَا)
a. Gift, present.
b. see 25 (a) (b).
هَدُوّ []
a. see 21 (a)
هَوَادٍ []
a. Commencement, beginning.
b. Leading, foremost (camels).
مِهْدَآء []
a. Generous, liberal.

مَهْدِيّ [ N. P.
a. I], Guided, enlightened.
b. [art.], The Mahdi.
إِهْدَآء [ N.
Ac.
a. IV], Sacrifice, offering.

مُهْدَاة مَهْدِيَّة
a. Bride.

الهَادِيَات
a. The foremost animals of a herd.

مُهَيْدِيَة
a. State, condition.

هُدَيّا
a. The same thing.
b. The same way.

هُوَ عَلَى هُدًى
a. He is in the right way.

أُنْظُر هَُِدْيَةَ أَمْرِكَ
a. Consider the circumstances of your case.
(هـ د ي) : (الْهَدْيُ) السِّيرَةُ السَّوِيَّةُ (وَالْهُدَى) بِالضَّمِّ خِلَافُ الضَّلَالَةِ (وَمِنْهُ) حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ " - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - «عَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَاتِ فَإِنَّهَا مِنْ سُنَنِ الْهُدَى» وَرِوَايَةُ مَنْ رَوَى بِفَتْحِ الْهَاءِ وَسُكُونِ الدَّالِ لَا تَحُسُّ (وَفِي) حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ «فَخَرَجَ يُهَادَى بَيْنَ اثْنَيْنِ» أَيْ يَمْشِي بَيْنَهُمَا مُعْتَمِدًا عَلَيْهِمَا لِضَعْفِهِ (وَالْهَدْيُ) مَا يُهْدَى إلَى الْحَرَمِ مِنْ شَاةٍ أَوْ بَقَرَةٍ أَوْ بَعِيرٍ الْوَاحِدَةُ هَدْيَةٌ كَمَا يُقَالُ جَدْيٌ فِي جَدْيَةِ السَّرْجِ وَيُقَالُ (هَدِيٌّ) بِالتَّشْدِيدِ عَلَى فَعِيلٍ الْوَاحِدَةُ هَدِيَّةٌ كَمَطِيَّةٍ وَمَطِيٍّ وَمَطَايَا.
هدي
الهدية: ما أهديت من طريف ولطف، والجميع الهدايا، ولغة أهل المدينة: الهداوى. والمهدى: الطبق الذي تهدى عليه الهدايا. وفلان يهدي للناس: أي كثير الهدايا إليهم. والإهداء: أن تهدي شعراً في مدح أوهجاء. والهدي: العروس. والهداء: هداؤها إلى بيت زوجها. والهدي - يخفف ويثقل -: ما أهدى الإنسان إلى مكة من النعم. وكل ما يهديه من مال أومتاع فهو هدى، وجمعه هدي. والهدى: نقيض الضلالة. والدليل يهدي القوم.
وهديت لك: أي بينت لك. والهادي: العنق. والهادية: العصا. وغرة كل شهر: هاديتها. وكل شيء قاد شيئاً فهو هاديه. واهتدى الفرس الخيل: صار في أوائلها. ومنه هوادي الخيل، وهداها يهديها: تقدمها. والهداء: الجرل الضعيف البليد. والتهادي: مشي النساء والإبل الثقال في تمايل يميناً وشمالاً. ورجل هاد: وديع ساكن. وخذ في هديتك: أي فيما كنت فيه. وهو على مُهَيْدِيَتِهِ: أي حاله. وليس لهذا الأمر هدية ولا قبلة: أي وجه وقصد. وفعل به مهيدياتها وهدياها: أي مثلها.
هـ د ي : هَدَيْتُهُ الطَّرِيقَ أَهْدِيهِ هِدَايَةً هَذِهِ لُغَةُ الْحِجَازِ وَلُغَةُ غَيْرِهِمْ يَتَعَدَّى بِالْحَرْفِ فَيُقَالُ هَدَيْتُهُ إلَى الطَّرِيقِ وَلِلطَّرِيقِ وَهَدَاهُ اللَّهُ إلَى الْإِيمَانِ هُدًى وَالْهُدَى الْبَيَانُ وَاهْتَدَى إلَى الطَّرِيقِ وَهَدَيْتُ الْعَرُوسَ إلَى بَعْلِهَا هِدَاءً بِالْكَسْرِ وَالْمَدِّ فَهِيَ هَدِيٌّ وَهَدِيَّةٌ وَيُبْنَى لِلْمَفْعُولِ فَيُقَالُ هُدِيَتْ فَهِيَ مَهْدِيَّةٌ وَأَهْدَيْتُهَا بِالْأَلِفِ لُغَةُ قَيْسِ عَيْلَانَ فَهِيَ مُهْدَاةٌ.

وَالْهَدْيُ مَا يُهْدَى إلَى الْحَرَمِ مِنْ النَّعَمِ يُثَقَّلُ وَيُخَفَّفُ الْوَاحِدَةُ هَدِيَّةٌ بِالتَّثْقِيلِ وَالتَّخْفِيفِ أَيْضًا وَقِيلَ الْمُثَقَّلُ جَمْعُ الْمُخَفَّفِ وَأَهْدَيْتُ لِلرَّجُلِ كَذَا بِالْأَلِفِ بَعَثْتُ بِهِ إلَيْهِ إكْرَامًا فَهُوَ هَدِيَّةٌ بِالتَّثْقِيلِ لَا غَيْرُ وَأَهْدَيْتُ الْهَدْيَ إلَى الْحَرَمِ سُقْتُهُ وَتَهَادَى الْقَوْمُ أَهْدَى بَعْضُهُمْ إلَى بَعْضٍ وَالْهَدْيُ مِثَالُ فَلْسٍ السِّيرَةُ يُقَالُ مَا أَحْسَنَ هَدْيَهُ.

وَعَرَفَ هَدْيَ أَمْرِهِ أَيْ جِهَتَهُ وَخَرَجَ يُهَادَى بَيْنَ اثْنَيْنِ مُهَادَاةً بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ يَمْشِي بَيْنَهُمَا مُعْتَمِدًا عَلَيْهِمَا لِضَعْفِهِ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ وَكُلُّ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِأَحَدٍ فَهُوَ يُهَادِيهِ وَتَهَادَى تَهَادِيًا مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ إذَا مَشَى وَحْدَهُ مَشْيًا غَيْرَ قَوِيٍّ مُتَمَايِلًا وَقَدْ يُقَالُ تَهَادَى بَيْنَ اثْنَيْنِ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ وَمَعْنَاهُ يَعْتَمِدُ هُوَ عَلَيْهِمَا فِي مَشْيِهِ وَهَدَأَ الْقَوْمُ وَالصَّوْتُ يَهْدَأُ مَهْمُوزٌ بِفَتْحَتَيْنِ هُدُوءًا سَكَنَ وَيَتَعَدَّى بِالْهَمْزَةِ فَيُقَالُ أَهْدَأْتُهُ. 
هـ د ي: (الْهُدَى) الرَّشَادُ وَالدَّلَالَةُ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ. يُقَالُ: (هَدَاهُ) اللَّهُ لِلدِّينِ يَهْدِيهِ (هُدًى) . وَقَوْلُهُ - تَعَالَى -: {أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ} [السجدة: 26] قَالَ أَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ: مَعْنَاهُ أَوَلَمْ يُبَيِّنْ لَهُمْ. وَ (هَدَيْتُهُ) الطَّرِيقَ وَالْبَيْتَ (هِدَايَةً) عَرَّفْتُهُ هَذِهِ لُغَةُ أَهْلِ الْحِجَازِ. وَغَيْرُهُمْ يَقُولُ: هَدَيْتُهُ إِلَى الطَّرِيقِ وَإِلَى الدَّارِ. قُلْتُ: قَدْ وَرَدَ (هَدَى) فِي الْكِتَابِ الْعَزِيزِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: مُعَدًّى بِنَفْسِهِ كَقَوْلِهِ - تَعَالَى -: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة: 6] وَقَوْلِهِ تَعَالَى -: {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ} [البلد: 10] . وَمُعَدًّى بِاللَّامِ كَقَوْلِهِ - تَعَالَى -: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا} [الأعراف: 43] وَقَوْلِهِ - تَعَالَى -: {قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ} [يونس: 35] . وَمُعَدًّى بِإِلَى كَقَوْلِهِ - تَعَالَى -: {وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ} . قَالَ: وَهَدَى وَ (اهْتَدَى) بِمَعْنًى. وَقَوْلُهُ - تَعَالَى -: إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ قَالَ الْفَرَّاءُ: مَعْنَاهُ لَا يَهْتَدِي. وَ (الْهَدْيُ) مَا يُهْدَى إِلَى الْحَرَمِ مِنَ النَّعَمِ، يُقَالُ: مَا لِي هَدْيٌ إِنْ كَانَ كَذَا وَهُوَ يَمِينٌ. وَ (الْهَدِيُّ) أَيْضًا عَلَى فَعِيلٍ مِثْلُهُ. وَقُرِئَ: « {حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة: 196] » مُخَفَّفًا وَمُشَدَّدًا وَالْوَاحِدَةُ (هَدْيَةٌ) وَ (هَدِيَّةٌ) . وَيُقَالُ: مَا أَحْسَنَ (هَدْيَتَهُ) بِكَسْرِ الْهَاءِ وَفَتْحِهَا أَيْ سِيرَتَهُ وَالْجَمْعُ (هَدْيٌ) مِثْلُ تَمْرَةٍ وَتَمْرٍ. وَيُقَالُ: هَدَى هَدْيَ فُلَانٍ أَيْ سَارَ سِيرَتَهُ. وَفِي الْحَدِيثِ: «وَاهْدُوا هَدْيَ عَمَّارٍ» ، وَ (الْهَادِي) الْعُنُقُ. وَ (الْهَدِيَّةُ) وَاحِدَةُ (الْهَدَايَا) يُقَالُ: (أَهْدَى) لَهُ وَإِلَيْهِ. وَ (الْتَهَادِي) أَنْ يُهْدِيَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ. وَفِي الْحَدِيثِ: «تَهَادَوْا تَحَابُّوا» . 
الْهَاء وَالدَّال وَالْيَاء

الهُدَى: ضد الضَّلال، أُنْثَى، وَقد حكى فِيهَا التَّذْكِير. قَالَ اللحياني: الهُدَى مُذَكّر. قَالَ: وَقَالَ الْكسَائي: بعض بني أَسد يؤنثه، يَقُول: هَذِه هُدىً مُسْتَقِيمَة، قَالَ أَبُو إِسْحَاق: قَوْله: عز وَجل: (قُلْ إنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الهُدَى) أَي الصِّرَاط الَّذِي دَعَا إِلَيْهِ هُوَ طَرِيق الْحق، وَقَوله: (إنَّ عَلَيْنا لَلْهُدَى) أَي إِن علينا أَن نبين طَرِيق الهُدَى من طَرِيق الضَّلال، وَقد هَداه هُدىً، وهَدْياً، وهِدايَةً، وهِدْيَةً، وهَداهُ للدّين هُدىً، وَقَوله عز وَجل: (الَّذي أعْطَى كُلَّ شيءٍ خَلْقَه ثمَّ هَدَى) مَعْنَاهُ: خلق كل شَيْء على الْهَيْئَة الَّتِي بهَا ينْتَفع وَالَّتِي هِيَ أصلح الْخلق لَهُ، ثمَّ هداه لمعيشته، وَقيل: ثمَّ هداه لموْضِع مَا يكون مِنْهُ الْوَلَد، وَالْأول أبين.

وَقد تَهَدَّى إِلَى الشَّيْء، واهتدَى.

وَقَوله تَعَالَى: (ويَزيدُ اللهُ الَّذِينَ اهتَدَوْا هُدىً) قيل: بالناسخ والمنسوخ، وَقيل: بِأَن يَجْعَل جزاءهم أَن يزيدهم فِي يقينهم هُدىً، كَمَا أضلّ الْفَاسِق بِفِسْقِهِ، وَوضع الهُدَى مَوضِع الاهتداء.

وَقَوله تَعَالَى: (وإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وآمَنَ وعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى) قَالَ الزّجاج: مَعْنَاهُ تَابَ من ذَنبه، وآمن بربه ثمَّ اهتدَى، أَي أَقَامَ على الْأَيْمَان.

وَقَوله تَعَالَى: (أَمَّنْ لَا يَهدِّي) بالتقاء الساكنين فِيمَن قَرَأَ بِهِ، فَإِن ابْن جني قَالَ: لَا يَخْلُو من أحد أَمريْن، إِمَّا أَن تكون الْهَاء مسكنة الْبَتَّةَ، فَتكون الْهَاء من يَهْتَدِي مختلسة الْحَرَكَة، وَإِمَّا أَن تكون الدَّال مُشَدّدَة فَتكون الْهَاء مَفْتُوحَة بحركة التَّاء المنقولة أليها، أَو مَكْسُورَة لسكونها وَسُكُون الدَّال الأولى، وَقَوله أنْشدهُ ابْن الْأَعرَابِي:

إنْ مَضَى الحَوْلُ ولمْ آتِكُمُ ... بِعَنَاجٍ تَهتَدِي أحْوَى طِمِرّْ

فقد يجوز أَن يُرِيد: تهتدي بأحوى، ثمَّ حذف الْحَرْف وأوصل الْفِعْل، وَقد يجوز أَن يكون معنى تهتدي هُنَا تطلب أَن يَهْدِيَها، كَمَا حَكَاهُ سِيبَوَيْهٍ من قَوْلهم: اخترجته فِي معنى استخرجته، أَي طلبت مِنْهُ أَن يخرج.

وَقَالَ بَعضهم: هداه الله الطَّرِيق، وهداه للطريق، وَإِلَى الطَّرِيق هِدايَةً، وَفِي التَّنْزِيل: (وهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ) وَفِيه (اهْدِنا الصِّراطَ المُسْتَقِيم) وَفِيه (وإنَّك لتَهْدِي إِلَى صِراطٍ مُسْتَقيمٍ) وَفِيه (وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ القَوْلِ وهُدُوا إِلَى صِراطِ الحَميدِ) .

وَحكى ابْن الْأَعرَابِي: رجل هَدُوٌّ، على مِثَال عَدو، كَأَنَّهُ من الْهِدَايَة، وَلم يحكها يَعْقُوب فِي الْأَلْفَاظ الَّتِي حصرها كحسو وفسو. وهَدَيْتُ الضَّالة هِدايَةً.

والهُدَى: النَّهَار، قَالَ ابْن مقبل:

حَتَّى استَبْنتُ الهُدَى والبيدُ هاجِمَةٌ ... يَخْشَعْنَ فِي الآلِ غُلْفاً أَو يُصَلِّينَا

وَقد أَنْعَمت شرح الهُدَى من جِهَة الْإِعْرَاب فِي الْكتاب الْمُخَصّص.

وَفُلَان لَا يَهْدِي الطَّرِيق، وَلَا يَهتَدِي، وَلَا يَهَدِّي وَلَا يَهِدِّي، وَقد قرئَ: (أمَّنْ لَا يَهَدِّي) و (لَا يَهِدِّي) .

وَذهب على هِدْيَتِه، أَي على قَصده فِي الْكَلَام وَغَيره.

وَخذ فِي هِدْيَتِك، أَي فِيمَا كنت فِيهِ.

وَنظر فلَان هِديَةَ أمره، أَي جِهَة أمره.

وضل هِدْيَتَه وهُدْيَتَه، أَي لوجهه، قَالَ:

نَبَذَ الجِوارَ وضَلَّ هِدْيَةَ رَوْقِهِ ... لمَّا اخْتَلَلْتُ فُؤادَهُ بالمطْرَدِ

وَهُوَ على مُهَيْديَتِه، أَي حَاله، حَكَاهُ ثَعْلَب، وَلَا مكبر لَهَا.

وَلَك هُدَيَّا هَذِه الفعلة، أَي مثلهَا، وَلَك عِنْدِي مثلهَا هُدَيَّاها، أَي مثلهَا، وَرمى بِسَهْم ثمَّ رمى بآخر هُدَيَّاه، أَي مثله.

وَفُلَان يَهْدِي هَدْىَ فلَان: يفعل مثل فعله.

وَمَا احسن هَدْيَه، أَي سمته وسكونه.

وَفُلَان حسن الهَدْىِ والهِدْيَةِ، أَي الطَّرِيقَة وكل مُتَقَدم هادٍ.

والهادِي: الْعُنُق، لتقدمه، قَالَ الْمفضل النكري:

جَمُومُ الشَّدِّ شائِلَةُ الذُّنابَي ... وهادِيها كَأَنْ جِذْعٌ سَحُوقُ وَالْجمع هَوادٍ.

وهَوادِي اللَّيْل: أَوَائِله، لتقدمها كتقدم الْأَعْنَاق، قَالَ سكين بن نَضرة البَجلِيّ:

دَفَعْتُ بِكَفِّي الليلَ عَنهُ وقدْ بدَتْ ... هَوادِي ظَلامِ الليلِ فالظِّلُّ غامِرُهْ

وهَوادِي الْخَيل: أعناقها، لِأَنَّهَا أول شَيْء من أجسادها، وَقد تكون الهَوادِي أول رعيل يطلع مِنْهَا، لِأَنَّهَا الْمُتَقَدّمَة.

والهادِيَة: الْمُتَقَدّمَة من الْإِبِل.

والهادِي: الدَّلِيل، لِأَنَّهُ يقدم الْقَوْم.

والهَدِيَّةُ: مَا أتحفت بِهِ، وَفِي التَّنْزِيل: (وإِنِّي مُرْسِلَةٌ إلَيِهمْ بِهَدِيَّةٍ) قَالَ الزّجاج: جَاءَ فِي التَّفْسِير إِنَّهَا أَهْدَت إِلَى سُلَيْمَان لبنة ذهب، وَقيل: لبن ذهب فِي حَرِير، فَأمر سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام بلبنة الذَّهَب فطرحت تَحت الدَّوَابّ حَيْثُ تبول عَلَيْهَا وتروث، فصغر فِي أَعينهم مَا جَاءُوا بِهِ. وَقد ذكر أَن الهدِيَّةَ كَانَت غير هَذَا، إِلَّا أَن قَول سُلَيْمَان (أَتُمِدُّونَنِ بِمالٍ) يدل على أَن الْهَدِيَّة كَانَت مَالا، وَالْجمع هَدَايا، وهَداوَي، وهَداوِي وهَداوٍ، الْأَخِيرَة عَن ثَعْلَب.

أما هَدايا فعلى الْقيَاس، أَصْلهَا هَدِائُي، ثمَّ كرهت الضمة على الْيَاء فأسكنت، فَقيل: هَدائِي، ثمَّ قلبت الْيَاء ألفا اسْتِخْفَافًا لمَكَان الْجمع فَقيل: هَداءَا، كَمَا أبدلوها فِي مداري وَلَا حرف عِلّة هُنَاكَ إِلَّا الْيَاء، ثمَّ كَرهُوا همزَة بَين أَلفَيْنِ، لِأَن الْألف بِمَنْزِلَة الْهمزَة، إِذْ لَيْسَ حرف أقرب إِلَيْهَا مِنْهَا فيصوروها ثَلَاث همزات، فأبدلوا من الْهمزَة يَاء لخفتها، وَلِأَنَّهُ لَيْسَ حرف بعد الْألف أقرب إِلَى الْهمزَة من الْيَاء، وَلَا سَبِيل إِلَى الْألف لِاجْتِمَاع ثَلَاث ألفات، فلزمت الْيَاء بَدَلا.

وَمن قَالَ هَداوَي أبدل الْهمزَة واوا، لأَنهم قد يبدلونها مِنْهَا كثيرا، كبوس وأومن، هَذَا كُله مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ، وزدته أَنا إيضاحا.

وَأما هَدَاوِي فنادر.

وَأما هَدَاوٍ فعلى أَنهم حذفوا الْيَاء من هَداوِي حذفا، ثمَّ عوض مِنْهَا التَّنْوِين.

وأهْدَى الهَدِيَّةَ، وهَدَّاها.

والمِهْدَى: الْإِنَاء الَّذِي يُهْدَى فِيهِ. قَالَ: مِهداكَ أَلأَمُ مِهْديً حينَ تَنْسُبُهُ ... فُقَيرَةٌ أوْ قَبيحُ العضْدِ مَكسورُ

وَامْرَأَة مِهْداءٌ: كَثِيرَة الإهداءِ، قَالَ الْكُمَيْت:

وَإِذا الخُرَّدُ اغْبَرَرْنَ مِنَ المَحْ ... لِ وصارَتْ مِهْداؤُهُنَّ عَفيرَا

وَكَذَلِكَ الرجل.

والهِداءُ: أَن تَجِيء هَذِه بطعامها وَهَذِه بطعامها فتأكلا فِي مَوضِع وَاحِد.

والهَدِىُّ، والهَدِيَّةُ: الْعَرُوس، قَالَ أَبُو ذُؤَيْب:

بِرَقْمٍ ووَشْىٍ كَمَا نَمنَمَتْ ... بِميشَمِها المُزْدَهاةُ الهَدِىُّ

وهدَى العَروسَ إِلَى بَعْلهَا هِداءً، وأهْداها واهْتَداها، الْأَخِيرَة عَن أبي عَليّ وَأنْشد:

كَذبْتُمْ وبَيتِ اللهِ لَا تَهْتَدُونها

والهَدِيُّ الْأَسير، قَالَ المتلمس:

كَطُرَيْفَةَ بنِ العَبْدِ كانَ هَدِيَّهُمْ ... ضَرَبُوا صَمِيمَ قَذالِه بِمُهَنَّدِ

والهَدْيُ: مَا أُهْديَ إِلَى مَكَّة من النَّعَمِ، وَهُوَ الهَدِيُّ، قَالَ الفرزدق:

حَلَفْتُ بِرَبّ مَكَّةَ والمُصَلَّى ... وأعناقِ الهَدِيِّ مُقَلَّداتِ

والواحدة هَدِيَّةٌ، قَالَ سَاعِدَة بن جؤية:

إنِّي وأيْديهِم وكُلِّ هَدِيَّةٍ ... مِمَّا تَثُجُّ لهُ تَرِائبُ تَثْعَبُ

وَقَالَ ثَعْلَب: الهَدْيُ، بِالتَّخْفِيفِ، لُغَة أهل الْحجاز، والهَدِيُّ، بالتثقيل، لُغَة بني تَمِيم، وَقد قرى بِالْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا (حَتَّى يَبْلُغَ الهَدْيُ مَحِلَّه) و (الهَدِيُّ) .

وَفُلَان هَدْىُ بني فلَان وهَدِيُّهم، أَي جارهم، يحرم عَلَيْهِم مِنْهُ مَا يحرم من الهَدْيِ، وَقيل: الهَدْيُ والهَدِيُّ: الرجل ذُو الْحُرْمَة يَأْتِي الْقَوْم يستجيرهم أَو يَأْخُذ مِنْهُم عهدا فَهُوَ مَا لم يجر هَدِيٌّ. فَإِذا أَخذ الْعَهْد مِنْهُم فَهُوَ جَار لَهُم، قَالَ زُهَيْر:

فَلَمْ أرَ مَعْشراً أسَرُوا هَدِياًّ ... ولمْ أرَ جارَ بَيْتٍ يُستَباءُ

والهِداءُ: الرجل الضَّعِيف البليد.

والهَدْيُ: السّكُون.

والتَّهادِي: مشي النِّسَاء وَالْإِبِل الثقال، وَهُوَ مشي فِي تمايل وَسُكُون.

وجئتك بعد هَدْيٍ من اللَّيْل، وهَدِيٍّ لُغَة فِي هَدْءٍ، الْأَخِيرَة عَن ثَعْلَب.
هـدي
هدَى يَهدي، اهْدِ، هُدًى وهَدْيًا وهِدايةً، فهو هادٍ، والمفعول مَهدِيّ
• هدَى الحائرَ: أرشده ودلَّه، وفَّقه، عكسه أضلّه " {وَوَجَدَكَ ضَالاًّ فَهَدَى} " ° هداه: تقدّمه كما يتقدَّم الهادي المهديَّ.
• هدَى فلانًا الطَّريقَ/ هدَاه إلى الطَّريق/ هدَاه للطَّريق/ هدَى له الطَّريقَ: عرَّفه إيّاه، وبيَّنه له، ساقه ووجَّهه "هداه الله إلى الإيمان/ للإيمان- {وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} ".
• هدَى العروسَ إلى زوجها: زفَّها إليه.
• هدَى هَدْيَ فلانٍ: سار سيرَه، استرشد به "وَاهْدُوا بِهَدْيِ عَمَّار [حديث] ". 

أهدى يُهدي، أهْدِ، إهداءً، فهو مُهْدٍ، والمفعول مُهدًى
• أهدى معلِّمَه هديَّةً/ أهدى إلى مُعلِّمه هديَّةً/ أهدى لمعلِّمه هديَّةً: قدَّمها، أعطاها له إكرامًا وحُبًّا "أهدى إلى عروس/ لعروسه ساعة ذهبيّة- وإذا امرؤٌ أهدى إليك صنيعة ... من جَاهه فكأنها من ماله".
• أهدى العروسَ إلى زوجها: زفَّها إليه.
• أهدى الهَدْيَ إلى الحرم: سَاقَهُ.
• أهدى الشَّيءَ: فَرَّقَهُ "أهدى ملابسَه القديمة/ التَّمرَ".
• أهدى تحيَّاتِه: أرسلَها. 

استهدى يستهدي، اسْتَهْدِ، استهداءً، فهو مُستهدٍ، والمفعول مُستهدًى (للمتعدِّي)
• استهدى الشَّخصُ: طلب الهُدى، أي الرَّشاد "اسْتَهْدَى أباه طريقةَ العمل- استهدى الضّالُّ الطريقَ".
• استهدى الشَّيءَ: طلب أن يُهدَى إليه "استهداه التُّحفةَ فأبَى". 

اهتدى/ اهتدى إلى/ اهتدى بـ يهتدي ويَهِدِّي (على غير قياس)، اهْتَدِ، اهتداءً، فهو مُهتدٍ، والمفعول مُهتدًي (للمتعدِّي)
• اهتدى الشَّخصُ: عرَف طريق الهداية، عرف واستبان طريق الحقّ، استجاب للإرشاد والحقّ وأقام على الطّاعة "اهتدى إلى الصَّواب- {مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ} - {أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لاَ يَهِدِّي إلاَّ أَنْ يُهْدَى} - {فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} ".

• اهتدى العاصي: طلب الهداية أو أقام عليها " {نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لاَ يَهْتَدُونَ} ".
• اهتدى الرَّجلُ امرأتَه: أمالها إليه.
• اهتدى الفرسُ الخيلَ: صار في أوائلها.
• اهتدى العروسَ إلى بعلها: زفَّها إليه.
• اهتدى إلى الطَّريق: عرَفها "اهتدى إلى المسجد".
• اهتدى بتعاليم الإسلام: استرشد بها "اهتدى بآراء أستاذه- يهتدي في حكمه بالمظاهر- {وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ} ". 

تهادى يتهادَى، تَهادَ، تهاديًا، فهو مُتهادٍ
• تهادى الحبيبان: تبادلا الهدايا "يتهادى النَّاسُ في الأعياد- وَتَهَادَوْا تَحَابُّوا [حديث] ".
• تهادى المريضُ: مشى بين شخصين معتمدًا عليهما بسبب ضعفه.
• تهادت المرأةُ: مشت وهي تتمايل مشيًا غير قويّ "جاءت تتهادَى بقوامها اللَّدن". 

تهدَّى يَتهدَّى، تَهَدِّ، تَهدّيًا، فهو مُتهدٍّ
• تهدَّى فلانٌ: استرشدَ. 

هادى يهادي، هادِ، مُهاداةً وهِداءً، فهو مُهادٍ، والمفعول مُهادًى (للمتعدِّي)
• هادى القومُ: مال بعضُهم إلى بعض " {إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَالَّذِينَ هَادَوْا} [ق] ".
• هادى فلانٌ صديقَهُ: أعطى كلٌّ منهما هديَّة إلى الآخر.
• هادى المرضُ فلانًا: جعله يتمايل في مشيته "خَرَجَ أي: الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم فِي مَرَضِهِ يُهادَى بَيْنَ رَجُلَيْنِ [حديث] ".
• هادى خصمَه: هادنه "هادى العَدُوَّ حين عرف ما لديه من قوَّةٍ".
• هاداه الشِّعْرَ: هاجاه. 

إهداء [مفرد]:
1 - مصدر أهدى.
2 - عبارة تُكتب في صفحة مستقلة في أول الكتاب يسجّل فيها المؤلف الاعتراف بجميل وليّ نعمته أو التعبير عن الحُبّ والوفاء لفرد أو جماعة أو مكان أو فكرة ° الإهداء غير الرَّسميّ: إهداء الكتاب أو الأثر الفنيّ إلى شخص ما تقديرًا له أو اعترافًا بفضله.
3 - ملاحظة تسبق عملاً أدبيًّا أو فنيًّا آخر تهديه إلى شخص ما. 

استهداء [مفرد]: مصدر استهدى. 

اهتداء [مفرد]: مصدر اهتدى/ اهتدى إلى/ اهتدى بـ. 

تهادٍ [مفرد]:
1 - مصدر تهادى.
2 - جَرْي معتدل للفرس. 

مُهْتَدٍ [مفرد]:
1 - اسم فاعل من اهتدى/ اهتدى إلى/ اهتدى بـ.
2 - من هداه اللهُ إلى الإسلام "كثر عدد المهتدين في إفريقيا". 

مِهْداء [مفرد]: مؤ مِهْداء ومِهْداءَة:
1 - صيغة مبالغة من أهدى.
2 - الذي من عادته أن يُهدى "رجل مِهْداء- امرأة مِهْداء/ مِهْداءَة". 

هادٍ [مفرد]: ج هادون وهُداة وهوادٍ، مؤ هادية، ج مؤ هاديات وهوادٍ:
1 - اسم فاعل من هدَى.
2 - دليل، مرشد، متقدِّم "العلماء هُداة الناس إلى طريق الخير- {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} ".
• الهادي:
1 - اسم من أسماء الله الحسنى، ومعناه: المُبيِّن للخلق طريق الحقّ، الهادي جميع المخلوقات إلى جلب مصالحها ودفع مضارِّها " {وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا} ".
2 - أوّل الشِّيء "طلعت هوادي الخيل/ اللَّيل".
3 - العنق.
4 - العصا.
• المحيط الهادي: (جغ) أكبر مساحة مائية على سطح الأرض، يحيط بأمريكا وآسيا وأستراليا، مساحته نصف مساحة مجموع المحيطات الأخرى. 

هادِيَة [مفرد]: ج هاديات وهوادٍ:
1 - مؤنَّث هادٍ.
2 - متقدِّمة من كل شيء "نازلات في سيرها صاعداتٌ ... كالهوادي يهزّهنَّ الحداءُ" ° الإشارة الهادية: إشارة مثبتة على مدخل طريق سكَّة حديد لتشير إلى إمكانيّة دخول القطارات أو عدم دخولها.
3 - عَصا.
4 - صخرة ناتئة في الماء.
5 - عنق. 

هِداء [مفرد]: مصدر هادى. 

هِداية [مفرد]:
1 - مصدر هدَى: إرشاد ودلالة على ما يوصل إلى المطلوب ° منار الهداية: شخص يوزّع المعرفة أو الإلهام والوحي على الآخرين.
2 - رسالة "هِدَايةُ الأمّة". 

هُدًى [مفرد]: مصدر هدَى: "*فهل تفرد يومًا بالهدى جيل*- {قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الْهُدَى} " ° سار على غير هُدًى: كيفما اتّفق.
• الهُدَى:
1 - النَّهار "*حتى استبنت الهدى والبيد هاجمة*".
2 - الطاَّعة " {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ} ".
3 - الطَّريق، الشَّريعة " {قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الْهُدَى} - {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} ". 

هَدْي [مفرد]:
1 - مصدر هدَى.
2 - ما يُساق إلى البيت الحرام من الأنعام للتَّصدُّق بلحمه بعد ذبحه " {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} - {وَلاَ تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} ".
3 - سيرة وهيئة وطريقة "سار على هديه- فلان حسن الهَدْى". 

هَدْيَة [مفرد]: ج هَدَيات وهَدْيات وهَدْي: قصد ووجهة "لا تعدل من هديتك الصَّالحة" ° خُذْ على هَدْيتك: امض في كلامك- ضلَّ هَدْيَته: ترك وجهه الذي كان يريده- فلانٌ يذهب على هَدْيته: على قَصْدِه، يمضي في كلامه- نظَر في هَدْية أمره: تفكَّر وتدبَّر. 

هُدْيَة [مفرد]: ج هُدُيات وهُدْيات: هَدْيَة. 

هِدْيَة [مفرد]: ج هِدْيات: هَدْيَة. 

هَدِيّ [مفرد]
• الهَدِيُّ:
1 - الأسير.
2 - ما يُهدى أو يُساق إلى مكَّة من النَّعم وغيره من مال أو متاع " {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدِيِّ} [ق] ".
3 - الرَّجل المحترم "هو هَدِيّ في قومه".
4 - العروس. 

هَدِيَّة [مفرد]: ج هَدِيّات وهَدايا:
1 - ما يُقدَّم لشخصٍ من الأشياء إكرامًا له وحُبًّا فيه أو لمناسبة سارّة عنده "هَدِيَّة العيد- إن الهدايا لها حظ إذا وردت ... أحظى من الابن عند الوالد الحَدِبِ- {وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ} ".
2 - (فق) تقديم عين إلى شخص ما على سبيل التمليك بلا عوض. 
هدي
: (ي (} الهُدَى، بِضَم الهاءِ وفَتْحِ الَّدالِ) ؛ ضَبَطَه هَذَا لأنَّه من أوْزانِه المَشْهورَةِ؛ (الرَّشادُ والدَّلالَةُ) بلُطْفٍ إِلَى مَا يُوصِل إِلَى المَطْلوبِ، أُنْثَى (و) قد (يُذَكَّرُ) ؛ كَمَا فِي الصِّحاح، وأنْشَدَ ابنُ برِّي ليزِيد بن خَذَّاقٍ:
وَلَقَد أَضَاءَ لكَ الطرِيقُ وَأنْهَجَتْ
سُبُلُ المَكارِمِ {والهُدَى تُعْدِي قَالَ ابنُ جنِّي: قَالَ اللَّحْياني: الهُدَى مُذَكَّر، قالَ: وقالَ الكِسائي: بعضُ بَني أَسَدٍ تُؤنِّثُه تقولُ: هَذَا} هُدًى مُسْتَقيمةٌ.
(و) {الهُدَى: (النَّهارُ) ؛ وَمِنْه قولُ ابْن مُقْبل:
حَتَّى اسْتَبَنْتُ الهُدَى والبِيدُ هاجِمةٌ
يخْشَعْنَ فِي الآلِ غُلْفاً أَو يُصَلِّيناوقد (} هَداهُ) اللهاُ للدِّيْن {يَهْدِيه (} هُدًى {وهَدْياً} وهِدايَةً! وهِدْيَةً، بكسرهما) : أَي (أَرْشَدَهُ) .
قَالَ الرَّاغبُ: {هِدايَةُ اللهاِ، عزَّ وجلَّ، للإِنْسانِ على أرْبَعَةِ أَوْجُهٍ:
الأوَّل:} الهِدايَةُ الَّتِي عَمّ بجنْسِها كلّ مُكَلَّف مِن العَقْلِ والفطْنَةِ والمَعارِفِ الضَّرُرويَّةِ، بل عَمّ بهَا كُلَّ شيءٍ حَسَب احْتِمالِه كَمَا قالَ، عزَّ وجلَّ: {الَّذِي أَعْطَى كلَّ شيءٍ خلقه ثمَّ {هَدَى} .
الثَّاني:} الهِدايَةُ الَّتِي تُجْعَل للناسِ بدُعائِه إيَّاهم على أَلْسِنَةِ الأنْبياءِ كإنْزالِ الفُرْقانِ ونَحْو ذلكَ، وَهُوَ المَقْصودُ بقولهِ، عزَّ وجلِّ: {وجَعَلْنا مِنْهُم أَئِمَّة {يَهْدُونَ بأمْرِنا} .
الثَّالث: التَّوفِيقُ الَّذِي يَخْتَص بِهِ مَنِ اهْتَدَى، وَهُوَ المَعْنيُّ بقولِه، عزَّ وجلَّ: {وَالَّذين} اهْتَدَوا زادَهُم {هُدًى} {وَمن يُؤْمِن بااِ يَهْد قَلْبه} .
الَّــرابع:} الهدايةُ فِي الآخِرَةِ إِلَى الجنَّةِ المَعْنِيُّ بقولِه، عزَّ وجلَّ: {ونَزَعْنا مَا فِي صُدُورِهم مِن غلَ} ، إِلَى قولهِ، {الحَمْدِ الَّذِي {هَدَانا لهَذَا} وَهَذِه} الهِدَاياتُ الأرْبَع مُتَرتِّبَة، فإنَّ مَنْ لم يَحْصَل لَهُ الأُوْلى لم يَحْصَل لَهُ الثانِيَة، بل لَا يَصحّ تَكْلِيفه، ومَنْ لم يَحْصَل لَهُ الثانِيَة لَا يَحْصَل لَهُ الثالِثَة والــرَّابعَــة، ومَنْ حصلَ لَهُ الــرَّابِع فقد حَصَل لَهُ الثَّلاث الَّتِي قَبْله، ومَنْ حصلَ لَهُ الثالِث فقد حَصَل لَهُ اللَّذان قَبْله، ثمَّ لَا يَنْعَكِس، فقد يَحْصَل الأوَّل وَلَا يَحْصَل الثَّاني، ويَحْصَل الثَّانِي وَلَا يَحْصَل الثَّالِث، انتَهَى المَقْصود مِنْهُ.
( {فَهَدَى) لازِمٌ متعدَ، (} واهْتَدَى) ؛ وَمِنْه قولهُ تَعَالَى: {ويَزِيدُ ااُ الَّذين {اهْتَدَوْا هُدًى} ، أَي يَزِيدُهم فِي يَقِينِهم هُدًى كَمَا أَضَلَّ الفاسِقَ بفسْقِهووضَعَ الهُدَى مَوْضِعَ الاهْتِداءِ؛ وَقَوله تَعَالَى: {وإنِّي لَغَفّارٌ لمَنْ تابَ وآمَنَ وعَمِلِ صالِحاً ثمَّ} اهْتَدَى} ؛ قَالَ الزجَّاج: أَي أَقامَ على الإِيمانِ، {وهَدَى} واهْتَدَى بمعْنًى واحِدٍ.
( {وهَداهُ اللهاُ الطَّرِيقَ) } هِدايَةً: أَي عَرَّفَهُ.
قَالَ الجَوْهرِي: هَذِه لُغَةُ الحِجازِ.
قالَ ابنُ برِّي: فيُعدَّى إِلَى مَفْعولَيْن.
(و) {هَداهُ (لَهُ) } هِدايَةً: دَلَّه عَلَيْهِ وبَيَّنَه لَهُ؛ وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {أَوَ لَم {يَهْدِ لَهُم} ؛ قَالَ أَبو عَمْرو بنُ العَلاء: أَي أَوَ لم يُبَيِّن لَهُم، نقلَهُ الجَوْهرِي وَهِي لُغَة أَهْلِ الغَوْر.
قالَ: (و) غَيْرِ أَهْل الحجازِ يقولونَ:} هَداهُ (إِلَيْهِ) ؛ حَكَاها الأخْفَش، أَي أَرْشَدَهُ إِلَيْهِ.
قالَ ابنُ برِّي: فيُعَدَّى بحرْفِ الجرِّ كأَرْشَدَ.
(ورجُلٌ هَدُوٌّ، كعَدُوَ) ، أَي ( {هادٍ) ؛ حَكَاها ابنُ الأعْرابي، وَلم يَحْكِها يَعْقوب فِي الألْفاظِ الَّتِي حَصَرها كحَسُوَ وفَسُوَ.
(وَهُوَ لَا} يَهْدي الطَّريقَ وَلَا {يَهْتَدِي وَلَا} يَهَدِّي) ، بفَتْح الياءِ والهاءِ وكَسْر الدالِ المُشدَّدةِ، (وَلَا يِهِدِّي) ، بكسْر الياءِ وفَتْحها مَعًا مَعَ كسْرِ الهاءِ والدالِ المشدَّدةِ؛ وَمِنْه قولهُ تَعَالَى: {أَمَّنْ لَا {يَهِدِّي إلاَّ أَنْ} يُهْدَى} ، بالْتِقاءِ السَّاكِنينِ فيمَنْ قَرَأ بِهِ؛ قالَ ابنُ جنِّي: هُوَ لَا يَخْلُو مِن أَحَدِ أَمْرَيْن: إمَّا أَنْ تكونَ الهاءُ مُسَكنةً البَتَّة فتكونَ التاءُ مِن {يَهْتَدِي مُخْتَلِسَة الحَرَكَة، وإمَّا أَنْ تكونَ الدالُ مَشدَّدَةً فتكونَ الهاءُ مَفْتوحةً بحرَكَةِ التاءِ المَنْقولَةِ إِلَيْهَا أَو مَكْسُورَةً لسُكونِها أَو سكونِ الدالِ الأُوْلى.
وَقَالَ الزجَّاج: وقُرِىءَ: أَمَّنْ لَا} يَهْدْى بإسْكانِ الهاءِ والدالِ، قالَ: وَهِي قِراءَةٌ شاذَّةٌ وَهِي مَرْوِيَّة، قالَ: وقالَ أبَو عَمْرٍ و: أَمَّنْ لَا {يَهَدى، بَفَتْحَ الهاءِ، والأصْل لَا} يَهْتَدِي.
وقرَأَ عاصِمٌ: بكسْرِ الهاءِ بمعْنَى يَهْتَدِي أَيْضاً؛ ومَنْ قَرَأَ بسُكونِ الهاءِ مَعْناهُ {يَهْتَدِي أيْضاً، فإنَّ} هَدَى {واهْتَدَى بمعْنًى.
(وَهُوَ على} مُهَيْدِيَتِه) : أَي (حالِهِ) ؛ حَكَاها ثَعْلَب، (وَلَا مُكَبَّرَ لَها) ، ورَواهُ الجَوْهرِي عَن الأصْمعي بالهَمْزِ، وَقد تقدَّمَ للمصنِّفِ هُنَاكَ.
(ولَكَ) عنْدِي (! هُدَيَّاها، مُصَغَّرَةً) ، أَي (مِثْلُها) ، يقالُ: رَمَى بسَهْمٍ ثمَّ رَمَى بآخرَ {هُدَيَّاهُ أَي مِثْلِه.
(} وهَدْيَةُ الأمْرِ مُثَلَّثْةً جِهَتُه) . يقالُ: نَظَرَ فلانٌ {هَدْيَةَ أَمْره، أَي جِهَةَ أَمْرِه؛ وضَلَّ} هِدْيَتَه {وهُدْيَتَه، أَي لوَجْهِه؛ قالَ ابنُ أَحْمر:
نَبَذَ الجُوارَ وضَلَّ} هِدْيَةَ رَوْقِه
لمَّا اخْتَلَسْتُ فُؤادَه بالمِطْرَدِأَي تَرَكَ وَجْهَه الَّذِي كانَ يُرِيدُه وسَقَطَ لما أَنْ صَرَعْتُه، وضلَّ الموضِعَ الَّذِي كانَ يَقْصِدُه مِن الدَّهَشِ برَوْقِه؛ واقْتَصَرَ الجَوْهرِي على الكَسْر، وَالضَّم عَن الصَّاغاني.
( {والهَدْيُ،} والهَدْيَةُ، ويُكْسَرُ: الطَّريقةُ والسِّيرةُ) . يقالُ: فلانٌ {يَهْدِي} هَدْيَ فلانٍ، أَي يَفْعَلُ مِثْلَ فِعْلِه ويَسِيرُ سِيرَتَه. وَفِي الحديثِ: ( {واهْدُوا} بهَدْي عَمَّارٍ، أَي سِيرُوا بسِيرَتِه وتَهَيَّأُوا بهَيْئَتِه.
وَمَا أَحْسَنَ {هَدْيَه: أَي سَمْتَه وسُكونَه.
وَهُوَ حَسَنُ الهَدْي والهِدْيةِ: أَي الطَّريقَةِ والسِّيرةِ؛ وَمَا أَحْسَنَ} هِدْيَتَه {وهَدْيَهُ.
وَقَالَ أَبو عدنان: فلانٌ حَسَنُ} الهَدْي، وَهُوَ حُسْنُ المَذْهب فِي أُمُورِه كُلّها؛ وَقَالَ زيادُ بنُ زَيْدٍ العَدويُّ:
ويُخْبِرُني عَن غائبِ المَرْءِ {هَدْيُه
كفى} الهَدْيُ عمَّا غَيَّبَ المَرْءُ مُخْبِراوقال عِمْرانُ بنُ حِطَّان:
وَمَا كُنْتُ فِي! هَدْيٍ عليَّ غَضاضةٌ
وَمَا كُنْتُ فِي مَخْزاتِه أَتَقَنَّعُ وقيلَ: {هَدْيٌ} وهَدْيَةٌ، مِثْلُ تَمْرٍ وتَمْرَةٍ.
(و) مِن المجازِ: ( {الهادِي: المُتقدِّمُ) مِن كلِّ شيءٍ، (وَبِه) سُمِّي (العُنُقُ) } هادِياً لتَقدُّمِه على سائِرِ البَدَنِ؛ قَالَ المُفَضَّل اليَشْكري:
جَمُومُ الشَّدِّ شائِلةُ الذُّنابَى
{وهادِيها كأَنْ جِذْعٌ سَحُوقُ (والجَمْعُ:} الهوادِي) (9. يقالُ: أَقْبَلَتْ {هَوادِي الخَيْلِ إِذا بَدَتْ أَعْناقُها.
(و) مِن المجازِ: الهَوادِي (من الَّليلِ: أَوائِلُه) لتَقَدُّمِها كتَقَدُّمِ الأعْناقِ؛ قالَ سُكَيْن بن نَضْرةَ البَجَلِيُّ:
دَفَعْتُ بكَفِّي الليلَ عَنهُ وَقد بَدَتْ
هَوادِي ظَلام الليلِ فالظِّلُّ غامِرُهْ (و) يقالُ: الهَوادِي (مِن الإبلِ: أَوَّلُ رَعِيلٍ يَطْلُعُ مِنْهَا) ، لأنَّها المُتَقدِّمَةُ، وَقد} هَدَتْ {تهْدِي إِذا تَقَدَّمَتْ.
(و) مِن المجازِ: (} الهَدِيَّةُ، كغَنِيَّةٍ: مَا أُتْحِفَ بِهِ) .
قَالَ شيْخُنا: ورُبَّما أَشْعَر اشْتراط الإتْحافِ مَا شَرَطه بَعْض مِن الإكْرامِ.
وَفِي الأساس: سُمِّيَت {هَدِيَّةً لأنَّها تقدّمٌ أَمامَ الحاجَةِ.
(ج} هَدايَا) ، على القِياسِ أَصْلُها! هَدائِي، ثمَّ كُرِهَتِ الضمَّةُ على الياءِ فقيلَ هَدائيْ ثمَّ قُلِبَت الياءُ أَلفاً اسْتِخْفافاً لمَكانِ الجَمْع فقيلَ هَداآ، ثمَّ كَرِهوا هَمْزَةً بينَ أَلِفَيْن فصَوَّرُوها ثلاثَ هَمْزاتِ فأَبْدَلوا مِن الهَمْزةِ يَاء لخفَّتِها (و) مَنْ قالَ ( {هَدَاوَى) أَبْدَلَ الهَمْزةَ واواً، هَذَا كُلّه مَذْهَبُ سِيبَوَيْه. (وتُكْسَرُ الواوُ) وَهُوَ نادِرٌ. (و) أَمَّا (} هَداوٍ) فعلى أنَّهم حَذَفُوا الياءَ مِن هَداوِي حَذْفاً ثمَّ عوِّض مِنْهَا التَّنْوين.
وقالَ أَبو زِيْدٍ: {الهَداوَى لُغَة عُلْيا مَعَدَ، وسُفْلاها} الهَدايَا.
( {وأَهْدَى) لَهُ (} الهديَّةَ) وَإِلَيْهِ ( {وهَدَّى) ، بالتَّشْديدِ، كُلُّه بمعْنى، وَمِنْه قولهُ:
أَقُول لَهَا} هَدِّي وَلَا تذخري لحمي قَالَ الْبَاهِلِيّ: {هَدّى على التكثير، أَي مرّة بعد مرّة،} وأَهْدَى إِذا كَانَ مرّة وَاحِدَة. وَأما الحَدِيث: من {هَدّى زقاقا كَانَ لَهُ مثل عتق رَقَبَة " فيروى بِالتَّخْفِيفِ من} هِدايَةِ الطَّرِيق، أَي: من عرف ضَالًّا أَو ضريرا طَرِيقه، وربوى بِالتَّشْدِيدِ، وَله مَعْنيانِ: أَحدهمَا الْمُبَالغَة من {الهِدَايَةِ، وَالثَّانِي: من} الهَدِيَّةِ، أَي من تصدق بزقاق من النّخل، وَهُوَ السِّكَّة والصف من أشجاره. ( {والمِهْدَى) بِالْكَسْرِ مَقْصُور: (الْإِنَاء) الَّذِي} يُهْدَى فِيهِ) . قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: وَلَا يُسمى الطَّبَق {مِهْدًى إِلَّا وَفِيه مَا} يُهْدَى. نَقله الْجَوْهَرِي، قَالَ الشَّاعِر:
مهداك ألام مهدى حِين تنسبه فقيرة أَو قَبِيح الْعَضُد مكسور (و) ! المِهْدَى: (الْمَرْأَة الْكَثِيرَة {الإِهْداءِ) هَكَذَا فِي النّسخ، وَالصَّوَاب} المِهْدَاءُ، بِالْمدِّ فِي هَذَا الْمَعْنى، فَفِي التَّهْذِيب: امْرَأَة {مِهْدَاءُ بِالْمدِّ: إِذا كَانَت} تُهْدِي لجاراتها. وَفِي الْمُحكم: إِذا كَانَت كَثِيرَة {الإهداءِ، قَالَ الْكُمَيْت وَإِذا الخرد اغبرن من الْمحل وَصَارَت} مِهْداؤُهُنَّ عفبرا ( {والِهدَاءُ) ككساء، وَمُقْتَضى إِطْلَاقه الْفَتْح: أَن تَجِيء هَذِه بِطَعَام وَهَذِه بطام فتأكلا مَعًا فِي مَكَان وَاحِد، وَقد} هادَتْ {تُهادِي} هِداءً. (و) {الهَدِيُّ، (كغَنِيَ: الأسيرُ) ؛ وَمِنْه قولُ المُتَلَمِّس يَذْكُرُ طرفَةَ ومَقْتَل عَمْرو بن هِنْد إيَّاه:
كطُرَيْفَةَ بنِ العَبْدِ كَانَ} هَدِيَّهُمْ
ضَرَبُوا صَمِيمَ قَذالِه بمُهَنَّدِ (و) أَيْضاً: (العَرُوسُ) ، سُمِّيَت بِهِ لأنَّها كالأسِيرِ عنْدَ زَوْجِها، أَو لكَوْنِها {تُهْدَى إِلَى زَوْجِها؛ قالَ أَبو ذؤيبٍ:
بِرَقْمٍ ووَشْيٍ كَمَا نَمْنَمَتْ
بمِشْيَتِها المُزْدهاةُ} الهَدِيّ وأَنْشَدَ ابنُ برِّي:
أَلا يَا دارَ عَبْلَةَ بالطَّوِيّ
كرَجْع الوَشْم فِي كَفِّ الهَدِيِّ ( {كالهَدِيَّةِ) ، بالهاءِ.
(} وهَداها إِلَى بَعْلِها) {هِداءً (} وأَهْداها) ، وَهَذِه عَن الفرَّاء، ( {وهَدَّاها) ، بالتَّشْديدِ، (} واهْتَدَاها) : زَفَّها إِلَيْهِ: الأخيرَةُ عَن أبي عليَ وأَنْشَدَ:
كذَبْتُمْ وبَيْتِ اللهاِ لَا {تَهْتَدُونَها وَقَالَ الزَّمَخْشري: أَهْداها إِلَيْهِ لُغَةُ تَمِيم.
وَقَالَ ابنُ بُزُرْجَ:} اهْتَدَى الرَّجُلُ امرَأَتَه إِذا جَمَعَها إِلَيْهِ وضَمَّها.
(و) {الهَدِيُّ: (مَا} أُهْدِيَ إِلَى مكةَ) مِن النَّعَم؛ كَمَا فِي الصِّحاح، زادَ غيرُهُ: ليُنْحَرَ.
وقالَ اللّيْثُ: مِن النَّعَم وغيرِهِ مِن مالٍ أَو مَتاعٍ، والعَرَبُ تُسَمِّي الإبلِ {هَدِيًّا، ويقولونَ: كم عَدِيُّ بَني فلانٍ، يَعْنُونَ الإبِلَ؛ وَمِنْه الحديثُ: (هَلَكَ} الهَدِيُّ وماتَ الوَدِيُّ) ، أَي هَلَكَتِ الإِبِلُ ويَبِسَتِ النَّخِيلُ فأُطْلِق على جمِيعِ الإبِلِ وَإِن لم تَكُنْ {هَدِيًّا تَسْمِية الشَّيْء ببعضِه.
(كالهَدْي) ، بِفَتْح فَسُكُون؛ وَمِنْه قولُه تَعَالَى: {حَتَّى يَبْلغَ الهَدْيءُ مَحِلَّه} ؛ قُرِىءَ بالتّخْفيفِ والتَّشْديدِ، والواحِدَةُ هَدْيَةٌ} وهَدِيَّةٌ؛ كَمَا فِي الصِّحاح.
قَالَ ابنُ برِّي: الَّذِي قَرَأَه بالتَّشْديدِ هُوَ الأَعْرجُ وشاهِدُه قولُ الفَرَزْدق:
حَلَفْتُ بِرَبِّ مَكَّةَ والمُصَلَّى
وأَعْناقِ {الهَدِيِّ مُقَلَّداتِ وشاهِدُ الهَدِيَّةِ قولُ ساعِدَةَ بنِ جُؤَيَّة:
إنِّي وأَيْدِيهم وكلّ} هَدِيَّة
مِمَّا تَثِجُّ لَهُ تَرائِبُ تَثْعَبُ وقالَ ثَعْلَب: الهَدْيُ بالتَّخْفيفِ لُغَةُ أهْل لحجاز، وبالتّثْقيلِ على فَعِيلٍ لُغَة بَني تمِيمٍ وسُفْلى قَيْسٍ، وَقد قُرِىءَ بالوَجْهَيْن جمِيعاً: {حَتَّى يَبْلغَ {الهَدْيُ مَحلَّه} .
وقوْلُه (فيهمَا) لَا يَظْهَر لَهُ وَجْه، وكأَنَّه سَقَطَ مِن العِبارَةِ شيءٌ، وَهُوَ بَعْد قولِه إِلَى مكَّةَ والرَّجُل ذُو الحُرْمَة} كالهَدْي فيهمَا، فإنّه رُوِي فِيهِ التَّخْفيفُ والتَّشْديدُ، فتأَمَّل.
(و) {الهِداءُ، (ككِساءٍ: الضَّعيفُ البَلِيدُ) مِن الرِّجالِ؛ كَذَا فِي المُحْكم.
وَقَالَ الأصْمعي: رجُلٌ} هِدانٌ {وهِداءٌ للثَّقِيلِ الوَخْمِ؛ وأَنْشَدَ للرَّاعي:
} هِداءٌ أَخُو وَطْبٍ وصاحِبُ عُلْبةٍ
يَرى المَجْدَ أَو يَلْقى خِلاءً وأَمْرُعا (و) مِن المجازِ: ( {الهادِي: النَّصْلُ) مِن السَّهْمِ لتَقدُّمِه.
(و) أَيْضاً: (الرَّاكِسُ) ، وَهُوَ الثَّوْرُ فِي وَسَطِ البَيْدرِ تَدُورُ عَلَيْهِ الثِّيرانُ فِي الدِّياسَةِ؛ كَذَا فِي الصِّحاح.
(و) أَيْضاً: (الأسَدُ) لجَرَاءَتِهِ وتقدُّمِه.
(} والهادِيَةُ: العَصا) ؛ وَهُوَ مجازٌ، سُمِّيَت بذلكَ لأنَّ الرَّجلَ يُمْسكُها فَهِيَ {تَهْدِيه أَي تَتَقدَّمُه؛ وَقد يكونُ مِن} الهِدايَةِ لأنَّها تدلُّ على الطَّريقِ؛ قَالَ الأعْشى:
إِذا كانَ {هادِي الفَتَى فِي البِلا
دِ صَدْرَ القَناةِ أَطاعَ الأمِيراذَكَر أنَّ عَصاهُ تَهْدِيه.
(و) } هَادِيَةُ الضَّحْل: (الصَّخْرةُ) المَلْساءُ (اَّلناتِئةُ) ؛ كَذَا فِي النّسخ، وَفِي التكملةِ: النابِئَةَ؛ (فِي الماءِ) ، ويقالُ لَهَا أَتانُ الضَّحْل أَيْضاً؛ وَمِنْه قولُ أَبي ذؤَيْب:
فَمَا فَضْلةٌ مِن أَذْرِعاتٍ هَوَتْ بهَا
مُذَكَّرةٌ عَنْسٌ {كهادِيَةِ الضَّحْلِ (} والهَداةُ: الأداةُ) زِنَةً ومعْنًى، والهاءُ مُنْقلِبَة عَن الهَمْزةِ، حكَاهُ اللَّحْياني عَن العَرَبِ.
( {والتَّهْدِيَةُ: التَّفْرِيقُ) ؛ وَبِه فُسِّر أَيْضاً قولهُ:
أَقولُ لَهَا} هَدِّي وَلَا تَذْخَري لَحْمي ( {والمَهْدِيَّةُ) ، كمَرْمِيَّةٍ: (د بالمَغْربِ) بَيْنه وبينَ القيروان من جهَةِ الجَنُوبِ مَرْحَلَتانِ اخْتَطَّه} المَهْدِيُّ الفاطِمِيُّ المُخْتَلفُ فِي نَسَبِه فِي سَنَة 303؛ وَقد نُسِبَ إِلَيْهِ جماعَةٌ مِن المحدِّثِين والفُقَهاءِ والأُدباءَ مِن كلِّ فَنَ.
(وسَمَّوْا {هَدِيَّةً كغَنِيَّةٍ وكسُمَيَّةٍ) . فمِنَ الأوَّلِ: يزيدُ بنُ هَدِيَّةَ عَن ابنِ وهبٍ؛} وهَدِيَّةُ بنُ عبدِ الوَهابِ المَرْوَزِيُّ شيخٌ لابنِ ماجَه؛ وَفِي بَني تمِيمٍ: هَدِيَّةُ بنُ مرَّةَ فِي أَجْدادِ أَبي حاتِمِ بنِ حبَّان، وعُمَرُ بنُ هَدِيَّةَ الضرَّاب عَن ابنِ بَيَان ماتَ سَنَة 571، وعبدُ الرحمانِ بنُ أَحمدَ بنِ هَدِيَّةَ عَن عبدِ الوهابِ الأنْماطي.
{وهَدِيَّةُ فِي النِّساءِ عِدَّةٌ.
ومحمدُ بنُ مَنْصور بنِ هَدِيَّةَ الفَوّيُّ شيْخُنا العالِمُ الصالِحُ حدَّثَ ببَلَدِه وكانَ مُفِيداً تُوفي سَنَة 1182 ببَلَدِه تقْرِيباً.
وَمن الثَّانِي: محمدُ بنُ} هُدَيَّةَ الصَّدفيُّ عَن عبدِ اللهاِ بنِ عَمْرٍ و. وعبدُ اللهاِ ويوسفُ ابْنَا عُثْمان بنِ محمدِ بنِ حَسَنٍ الدّقَّاق يُعْرَفُ كلٌّ مِنْهُمَا بِسبْطِ {هُدَيَّةً.
(و) مِن المجازِ: (} اهْتَدَى الفرسُ الخَيْلَ) : إِذا (صارَ فِي أَوائِلِها) وتَقَدَّمَها.
( {وتهادَتِ المرأَةُ: تَمايَلَتْ فِي مِشْيتها) من غيرِ أَن يُماشِيَها أَحَدٌ؛ قَالَ الأعْشى:
إِذا مَا تَأتَّى تُريدُ القِيام
} تَهادَى كَمَا قد رأَيْتَ البَهِيرا (وكلُّ مَنْ فَعَلَ ذلكَ بأَحَدٍ فَهُوَ {يُهادِيه) ؛ قَالَ ذُو الرُّمّة:
} يُهادِينَ جَمَّاء المَرافِقِ وَعْثةً
كَلِيلة حَجْمِ الكَفِّ رَيَّا المُخَلْخَل ِومنه {تَهادَى بينَ رَجُلَيْن: إِذا مَشَى بَيْنهما مُعْتمِداً عَلَيْهِمَا من ضَعْفٍ.
وممَّا يُسْتدركُ عَلَيْهِ:
} الهادِي: مِن أَسْماءِ اللهاِ تَعَالَى، هُوَ الَّذِي بَصَّرَعِبادَه وعَرَّفَهم طَرِيقَ مَعْرفَتِه حَتَّى أَقَرُّوا برُبُوبِيَّتِه، {وهَدَى كلّ مَخْلوقٍ إِلَى مَا لَا بُدَّ مِنْهُ فِي بقائِهِ ودَوامِ وُجُودِه.
} والهادِي: الدَّليلُ لأنَّه يتقدَّمُ القوْمَ ويَتْبَعُونَه، أَو لكوْنِه يَهْدِيهم الطَّريقَ.
والهادِي: العَصا؛ وَمِنْه قولُ الأعْشى:
إِذا كانَ {هادِي الفَتَى فِي البِلا
دِ صَدْرَ القَناةِ أَطاعَ الأمِيراوالهادِي: ذُو السّكُون.
وأَيْضاً: لَقَبُ مُوسَى العبَّاسي.
والهادِي لدِينِ اللهاِ: أَحدُ أَئِمَّةِ الزَّيدِيَّة، وَإِلَيْهِ نُسِبَتِ} الهَدَوِيَّة. {والمَهْدِيُّ: الَّذِي قد} هَداهُ اللهاُ إلىّ الحقِّ، وَقد اسْتُعْمِل فِي الأسْماءِ حَتَّى صارَ كالأسْماءِ الغالِبَةِ، وَبِه سُمِّي {المَهْدِي الَّذِي بُشِّر بِهِ أَنَّه يَجِيءُ فِي آخرِ الزَّمان، جَعَلَنا اللهاُ مِن أَنْصارِه.
وَهُوَ أَيْضاً لَقَبُ محمدِ بنِ عبدِ الله العبَّاس الخَلِيفَة.
وَالَّذِي نُسِبَتْ إِلَيْهِ} المَهْدِيَّة: هُوَ المَهْدِيُّ الفاطِمِيُّ، تقدَّمَت الإشارَةُ إِلَيْهِ.
وَفِي أَئمَّةِ الزَّيدِيَّة مَنْ لُقِّبَ بذلكَ كَثيرٌ.
قَالَ ياقوتُ: وَفِي اشْتِقاقِ المَهْدِي عنْدِي ثلاثَةُ أَوْجُهٍ:.
أَحَدُها: أَنْ يكونَ مِن {الهُدى يَعْني أَنَّه} مُهْتدٍ فِي نَفْسِه لَا أنَّه هَدِيَّةُ غيرِه، وَلَو كانَ كذلكَ لكانَ بضمِّ الميمِ ولَيْسَ الضَّم وَالْفَتْح للتَّعْديةِ وغَيْر التَّعْديةِ.
وَالثَّانِي: أَنَّه اسْمُ مَفْعولٍ مِن {هَدَى} يَهْدِي، فعلى هَذَا أَصْلُه {مَهْدَويّ أَدْغَموا الْوَاو فِي الياءِ خُروجاً مِن الثقلِ ثمَّ كُسِرَتِ، الدالُ.
وَالثَّالِث: أنْ يكونَ مَنْسوباً إِلَى المَهْد تَشْبيهاً لَهُ بعِيسَى، عَلَيْهِ السّلام، فإنَّه تكلَّمَ فِي المَهْدِ، فَضِيلَة اخْتُصَّ بهَا، وأنَّه يأْتي فِي آخرِ الزمانِ} فيَهْدِي الناسَ مِن الضلالةِ.
قُلْت: وَمن هُنَا تَكْنيتهم بأَبي {مَهْدِي لمَنْ كانَ اسْمَه عيسَى.
} والمَهْدِيَّةُ مدينَةٌ قُرْبَ سلا اخْتَطَّها عبدُ المُؤْمِن بنُ عليَ وَهِي غَيْرِ الَّتِي تقدَّمَتْ.
! والهُدَيَّةُ، كسُمَيَّة: ماءٌ باليَمامَةِ مِن مِياهِ أَبي بكْرِ بنِ كِلابٍ وَإِلَيْهِ يُضافُ رَمْل {الهُدَيَّة، عَن أَبي زيادٍ الكِلابي، قالَهُ ياقوت.
} وتَهَدَّى إِلَى الشيءِ: {اهْتَدَى.
} واهْتَدَى: أَقامَ على {الهِدايَةِ؛ وأيْضاً طَلَبَ} الهِدايَةَ، كَمَا حَكَى سِيبَوَيْه، قَوْلهم: اخْتَرَجَهُ فِي مَعْنى اسْتَخْرَجَهُ أَي طَلَبَ مِنْهُ أَنْ يَخْرُجَ؛ وَبِه فُسِّر قولُ الشاعرِ أنْشَدَه ابنُ الأعْرابي:
إنْ مَضَى الحَوْلُ وَلم آتِكُمْ
بعَناجَ {تَهْتدِي أَحْوَى طِمِرّ} والهُدَى إخْراجُ شيءٍ إِلَى شيءٍ؛ وأَيْضاً: الطاعَةُ والوَرَعُ؛ وأَيْضاً: {الهادِي؛ وَمِنْه قولهُ تَعَالَى: {أَو أَجِدُ على النَّارِ} هُدًى} ، أَي {هادِياً؛ والطَّريقُ يُسَمَّى} هُدًى؛ وَمِنْه قولُ الشمَّاخ:
قد وكَّلَتْ {بالهُدى إنْسانَ ساهِمةٍ
كأَنَّه مِنْ تمامِ الظِّمْءِ مَسْمولُوذَهَبَ على} هِدْيَتِه: أَي على قَصْدِه فِي الكَلامِ وغيرِهِ.
وخُذْ فِي {هِدْيَتِك: أَي فيمَا كنتَ فِيهِ مِن الحديثِ والعَمَلِ وَلَا تَعْدِل عَنهُ؛ وَكَذَا خُذْ فِي قِدْيَتِك؛ عَن أَبي زيْدٍ وَقد تقدَّمَ.
} وهَدَتِ الخَيْلُ {تَهْدِي: تقدَّمَتْ؛ قالَ عَبيدٌ يذْكُرُ الخَيْل:
وغَداةَ صَبَّحْنَ الجِفارَ عَوابِساً
} تَهْدي أَوائِلَهُنَّ شُعْثٌ شُزَّبُأَي يَتَقَدَّمُهنَّ.
وَفِي الصِّحاح:: {هَداهُ تقدَّمَهُ؛ قالَ طَرفَةُ:
للفَتَى عَقْلٌ يَعِيشُ بِهِ
حيثُ} تَهْدي ساقَهُ قَدَمُهْ وتُسَمَّى رَقَبَة الشاةِ: {هادِيَةَ.
} وهادِياتُ الوَحْش: أَوائِلُها؛ قَالَ امرؤُ القَيْس:
كأَنَّ دِماءَ {الهادِياتِ بنَحْرِه
عُصارَة حِتَّاءٍ بشَيْبٍ مُرَجَّلِ وَهُوَ} يُهادِيه الشِّعْرَ. {وهادَاني فلانٌ الشِّعْرَ} وهادَيْتُه: مِثْلُ هاجَاني وهاجَيْتَه.
{واسْتَهْداهُ: طَلَبَ مِنْهُ} الهِدايَةَ.
{واسْتَهْدَى صَدَيقه: طلبَ مِنْهُ} الهَدِيَّة.
{والتَّهادِي:} المُهادَاةُ؛ وَمِنْه الحديثُ: ( {تَهادَوْا تَحابُّوا) .
ورجُلٌ} مِهْداءٌ، بالمدِّ: من عادَتِه أَنْ {يُهْدِيَ؛ نقلَهُ الجَوْهرِي.
} وهَدَّاءُ، ككتَّانٍ: كثيرُ {الهَديةِ للناسِ؛ كَمَا فِي الأساسِ، وأَيْضاً: كثيرُ} الهِدايَةِ للناسِ.
{والمَهْدِيَّةُ: العَرُوسُ وَقد} هُدِيَتْ إِلَى بَعْلِها {هِداءً؛ وأنْشَدَ الجَوْهرِي لزهيرٍ:
فإنْ تَكُنِ النِّساءُ مُخَبَّآتٍ
فحُقَّ لكلِّ مُحْصِنةٍ} هِدَاءُ ويقالُ: مَالِي {هَدْيٌ إنْ كانَ كَذَا، وَهِي يمِينٌ؛ نقلَهُ الجَوْهري.
} وأَهْدَيْت إِلَى الْحرم، إهْداءً: أَرْسَلْتُ.
وَعَلِيهِ {هَدْيةٌ: أَي بَدَنَةٌ.
} والهَدْيُ {والهَدِيُّ، بالتّخْفيفِ والتَّشّديدِ: الرَّجلُ ذُو الحُرْمَة يأْتي القَوْمَ يَسْتَجِيرُ بهم، أَو يأْخُذُ مِنْهُم عَهْداً، فَهُوَ، مَا لم يَجْرَأْ ويأْخذِ العَهْدَ،} هَدِيُّ، فَإِذا أَخَذَ العَهْدَ مِنْهُم فَهُوَ حينَئِذٍ جارٌ لَهُم، قَالَ زهيرٌ:
فلَمْ أَرَ مَعْشَراً أَسَرُوا! هَدِيًّا
وَلم أَرَ جارَ بَيْتٍ يُسْتَباءُ قَالَ الأصْمعي فِي تَفْسيرِ هَذَا لبَيْتِ: هُوَ الرَّجُلُ الَّذِي لَهُ حُرْمَةٌ كحُرْمةِ {هَدِيِّ البَيْتِ.
وَقَالَ غيرُهُ: فلانٌ} هَدْيُ فلانٍ وهَدِيُّهم، أَي جارُهم يَحْرم عَلَيْهِم مِنْهُ مَا يَحْرُم مِن {الهَدْي، قالَ:
} هَدِيُّكُمُ خَيْرٌ أَباً مِن أَبِيكُمُ
أَبَرُّ وأَوْفَى بالجِوارِ وأَحْمَد {ُوالهَدْيُ السُّكونُ؛ قالَ الأخْطل:
وَمَا} هَدَى {هَدْيَ مَهْزُومٍ وَلَا نَكَلا يقولُ: لم يُسْرِعْ إسْراعَ المنْهَزِمِ ولكنْ على سُكونٍ وهَدْيٍ حَسَنٍ.
} والتَّهادِي: مَشْيُ النِّساءِ والإِبِلِ الثِّقالِ، وَهُوَ مَشْيٌ فِي تَمَايلٍ وسُكونٍ.
{والمُهادَاةُ المُهادَنَةُ.
وجِئْتُه بَعْد} هَدِيَ مِن اللّيْل، أَي بعْدَ هَدْءٍ؛ عَن ثَعْلب.
{والمُهْتَدِي باللهِ العبَّاسي: مِن الخُلَفاءِ.
} والهدَةُ، بتَخْفيفِ الدالِ: موْضِعٌ بمَرِّ الظَّهْرانِ وَهُوَ مَمْدرةُ أَهْلِ مكَّةَ.
ويقالُ لَهُ أَيْضاً: {الهداةُ بزيادَةِ ألفٍ.
وقولهُ تَعَالَى: {إنَّ اللهِ لَا} يهدي كَيْد الخائِنِينَ} ، أَي لَا يَنْفُذُه وَلَا يُصْلحُهُ؛ قالَهُ ابْن القطَّاع.

هدي: من أَسماء الله تعالى سبحانه: الهادي؛ قال ابن الأَثير: هو الذي

بَصَّرَ عِبادَه وعرَّفَهم طَريقَ معرفته حتى أَقرُّوا برُبُوبيَّته، وهَدى

كل مخلوق إِلى ما لا بُدَّ له منه في بَقائه ودَوام وجُوده. ابن سيده:

الهُدى ضدّ الضلال وهو الرَّشادُ، والدلالة أُنثى، وقد حكي فيها التذكير؛

وأَنشد ابن بري ليزيد بن خَذَّاقٍ:

ولقد أَضاءَ لك الطرِيقُ وأَنْهَجَتْ

سُبُلُ المَكارِمِ، والهُدَى تُعْدِي

قال ابن جني: قال اللحياني الهُدَى مذكر، قال: وقال الكسائي بعض بني

أَسد يؤنثه، يقول: هذه هُدًى مستقيمة. قال أَبو إِسحق: قوله عز وجل: قل إِن

هُدَى الله هو الهُدَى؛ أَي الصِّراط الذي دَعا إِليه هو طَرِيقُ الحقّ.

وقوله تعالى: إِنَّ علينا لَلْهُدَى؛ أَي إِنَّ علينا أَنْ نُبَيِّنَ

طريقَ الهُدَى من طَرِيق الضَّلال. وقد هَداه هُدًى وهَدْياً وهِدايةً

وهِديةً وهَداه للدِّين هُدًى وهَداه يَهْدِيه في الدِّين هُدًى. وقال قتادة

في قوله عز وجل: وأَما ثَمُودُ فهَدَيْناهُم؛ أَي بَيَّنَّا لهم طَرِيقَ

الهُدى وطريق الضلالة فاسْتَحَبُّوا أَي آثرُوا الضلالة على الهُدَى.

الليث: لغة أَهل الغَوْرِ هَدَيْتُ لك في معنى بَيَّنْتُ لك. وقوله تعالى:

أَوَلم يَهْدِ لهم؛ قال أَبو عمرو بن العلاء: أَوَلم يُبَيِّنْ لهم. وفي

الحديث: أَنه قال لعليّ سَلِ اللهَ الهُدَى، وفي رواية: قل اللهم اهْدِني

وسَدِّدْني واذكر بالهُدَى هِدايَتك الطريقَ وبالسَّدادِ تَسْدِيدَك

السَّهْمَ؛ والمعنى إِذا سأَلتَ الله الهُدَى فأَخْطِر بقَلْبك هِدايةَ

الطَّريق وسَلِ الله الاستقامة فيه كما تتَحَرَّاه في سُلوك الطريق، لأَنَّ

سالكَ الفَلاة يَلزم الجادّةَ ولا يُفارِقُها خوفاً من الضلال، وكذلك

الرَّامِي إِذا رَمَى شيئاً سَدَّد السَّهم نحوه ليُصِيبه، فأَخْطِر ذلك بقلبك

ليكون ما تَنْويه مِنَ الدُّعاء على شاكلة ما تستعمله في الرمي. وقوله عز

وجل: الذي أَعْطَى كلَّ شيء خَلْقَه ثم هَدَى؛ معناه خَلَق كلَّ شيء على

الهيئة التي بها يُنْتَفَعُ والتي هي أَصْلَحُ الخَلْقِ له ثم هداه

لمَعِيشته، وقيل: ثم هَداه لموضعِ ما يكون منه الولد، والأَوَّل أَبين

وأَوضح، وقد هُدِيَ فاهْتَدَى. الزجاج في قوله تعالى: قُلِ اللهُ يَهْدِي

للحقِّ؛ يقال: هَدَيْتُ للحَقِّ وهَدَيْت إِلى الحق بمعنًى واحد، لأَنَّ

هَدَيْت يَتَعدَّى إِلى المَهْدِيّين، والحقُّ يَتَعَدَّى بحرف جر، المعنى: قل

الله يهدي مَن يشاء للحق. وفي الحديث: سُنَّة الخُلفاء الرَّاشِدِين

المَهْدِيّينَ؛ المَهْدِيُّ: الذي قد هَداه الله إِلى الحق، وقد اسْتُعْمِل

في الأَسماء حتى صار كالأَسماء الغالبة، وبه سُمي المهْدِيُّ الذي بَشَّر

به النبيُّ،صلى الله عليه وسلم، أَنه يجيء في آخر الزمان، ويريد

بالخلفاء المهديين أَبا بكر وعمر وعثمان وعليّاً، رضوان الله عليهم، وإِن كان

عامّاً في كل من سار سِيرَتَهم، وقد تَهَدَّى إِلى الشيء واهْتَدَى. وقوله

تعالى: ويَزِيدُ الله الذين اهْتَدَوْا هُدًى؛ قيل: بالناسخ والمنسوخ،

وقيل: بأَن يَجْعَلَ جزاءهم أَن يزيدهم في يقينهم هُدًى كما أَضَلَّ

الفاسِق بفسقه، ووضع الهُدَى مَوْضِعَ الاهْتداء. وقوله تعالى: وإِني لَغَفّار

لمن تابَ وآمَنَ وعَمِل صالحاً ثمَّ اهْتَدَى؛ قال الزجاج: تابَ مِنْ

ذنبه وآمن برَبِّهِ ثم اهْتدى أَي أَقامَ على الإِيمان، وهَدَى واهْتَدَى

بمعنى. وقوله تعالى: إِنَّ الله لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ؛ قال الفراء: يريد

لا يَهْتدِي. وقوله تعالى: أَمْ مَنْ لا يَهَدِّي إِلاَّ أَنْ يُهْدَى،

بالتقاء الساكنين فيمن قرأَ به، فإِن ابن جني قال: لا يخلو من أَحد

أَمرين: إِما أَن تكون الهاء مسكنة البتة فتكون التاء من يَهْتَدِي مختلسة

الحركة، وإِما أَن تكون الدال مشدَّدة فتكون الهاء مفتوحة بحركة التاء

المنقولة إِليها أَو مكسورة لسكونها وسكون الدال الأُولى، قال الفراء: معنى

قوله تعالى: أَمْ مَنْ لا يَهَدِّي إِلاَّ أَنْ يُهْدَى؛ يقول: يَعْبُدون

ما لا يَقْدِر أَن يَنتقل عن مكانه إِلا أَن يَنْقُلُوه، قال الزجاج:

وقرئ أَمْ مَن لا يَهْدْي، بإسكان الهاء والدال، قال: وهي قراءة شاذة وهي

مروية، قال: وقرأَ أَبو عمرو أَمْ مَن لا يَهَدِّي، بفتح الهاء، والأَصل لا

يَهْتَدِي. وقرأَ عاصم: أم مَنْ لا يَهِدِّي، بكسر الهاء، بمعنى

يَهْتَدِي أَيضاً، ومن قرأَ أَمْ من لا يَهْدِي خفيفة، فمعناه يَهْتَدِي أَيضاً.

يقال: هَدَيْتُه فَهَدَى أَي اهْتَدَى؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:

إِنْ مَضَى الحَوْلُ ولم آتِكُمُ

بِعَناجٍ تَهتدِي أَحْوَى طِمِرّْ

فقد يجوز أَن يريد تهتدي بأَحوى، ثم حذف الحرف وأَوصل الفعل، وقد يجوز

أَن يكون معنى تهتدي هنا تَطْلُب أَن يَهْدِيها، كما حكاه سيبويه من قولهم

اخْتَرَجْتُه في معنى استخرجته أَي طلبت منه أَن يَخْرُج. وقال بعضهم:

هداه اللهُ الطريقَ، وهي لغة أَهل الحجاز، وهَداه للطَّريقِ وإِلى الطريقِ

هِدايةً وهَداه يَهْدِيه هِدايةً إِذا دَلَّه على الطريق. وهَدَيْتُه

الطَّريقَ والبيتَ هِداية أَي عرَّفته، لغة أَهل الحجاز، وغيرهم يقول:

هديته إِلى الطريق وإِلى الدار؛ حكاها الأَخفش. قال ابن بري: يقال هديته

الطريق بمعنى عرّفته فيُعَدَّى إلى مفعولين، ويقال: هديته إِلى الطريق

وللطريق على معنى أَرشَدْته إِليها فيُعدَّى بحرف الجر كأَرْشَدْتُ، قال:

ويقال: هَدَيْتُ له الطريقَ على معنى بَيَّنْتُ له الطريق، وعليه قوله سبحانه

وتعالى: أَوَلمْ يَهْدِ لهم، وهَدَيْناه النَّجْدَيْن، وفيه: اهْدِنا

الصِّراطَ المستقيم، معنى طَلَب الهُدَى منه تعالى، وقد هَداهُم أَنهم قد

رَغِبُوا منه تعالى التثبيت على الهدى، وفيه: وهُدُوا إِلى الطَّيِّب من

القَوْل وهُدُوا إِلى صِراطِ الحَميد، وفيه: وإِنك لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ

مُسْتَقِيم. وأَمّا هَدَيْتُ العَرُوس إِلى زوجها فلا بدّ فيه من اللام

لأَنه بمعنى زَفَفْتها إِليه، وأَمَّا أَهْدَيْتُ إِلى البيت هَدْياً فلا

يكون إِلا بالأَلف لأَنه بمعنى أَرْسَلْتُ فلذلك جاء على أَفْعَلْتُ. وفي

حديث محمد بن كعب: بلغني أَن عبد الله بن أَبي سَلِيط قال لعبد الرحمن بن

زَيْدِ بن حارِثةَ، وقد أَخَّر صلاة الظهر: أَكانوا يُصَلُّون هذه

الصلاة السَّاعةَ؟ قال: لا واللهِ، فَما هَدَى مِمّا رَجَعَ أَي فما بَيِّنَ

وما جاء بحُجَّةٍ مِمّا أَجاب، إِنما قال لا واللهِ وسَكَتَ، والمَرْجُوعُ

الجواب فلم يجيءْ بجواب فيه بيان ولا حجة لما فعل من تأْخير الصلاة.

وهَدَى: بمعنى بيَّنَ في لغة أَهل الغَوْر، يقولون: هَدَيْتُ لك بمعنى

بَيَّنْتُ لك. ويقال بلغتهم نزلت: أَوَلم يَهْدِ لهم. وحكى ابن الأَعرابي:

رَجُل هَدُوٌّ على مثال عدُوٍّ، كأَنه من الهِداية، ولم يَحكها يعقوب في

الأَلفاظ التي حصرها كحَسُوٍّ وفَسُوٍّ.

وهَدَيْت الضالَّةَ هِدايةً.

والهُدى: النَّهارُ؛ قال ابن مقبل:

حتى اسْتَبَنْتُ الهُدى، والبِيدُ هاجِمةٌ

يخْشَعْنَ في الآلِ غُلْفاً، أَو يُصَلِّينا

والهُدى: إِخراج شيء إِلى شيء. والهُدى أَيضاً: الطاعةُ والوَرَعُ.

والهُدى: الهادي في قوله عز وجل: أَو أَجِدُ على النارِ هُدًى؛ والطريقُ

يسمَّى هُدًى؛ ومنه قول الشماخ:

قد وكَّلْتْ بالهُدى إِنسانَ ساهِمةٍ،

كأَنه مِنْ تمامِ الظِّمْءِ مَسْمولُ

وفلان لا يَهْدي الطريقَ ولا يَهْتَدي ولا يَهَدِّي ولا يَهِدِّي، وذهب

على هِدْيَتِه أَي على قَصْده في الكلام وغيره. وخذ في هِدْيَتِك أَي

فيما كنت فيه من الحديث والعَمَل ولا تَعْدِل عنه. الأَزهري: أَبو زيد في

باب الهاء والقاف: يقال للرجل إِذا حَدَّث بحديث ثم عَدل عنه قبل أَن

يَفْرُغ إِلى غيره: خذ على هِدْيَتِك، بالكسر، وقِدْيَتِك أَي خذ فيما كنت فيه

ولا تَعْدِل عنه، وقال: كذا أَخبرني أَبو بكر عن شمر، وقيده في كتابه

المسموع من شمر: خذ في هِدْيَتِك وقِدْيَتِك أَي خذ فيما كنت فيه، بالقاف.

ونَظَرَ فلان هِدْيةَ أَمرِه أَي جِهةَ أَمرِه. وضلَّ هِدْيَتَه

وهُدْيَتَه أَي لوَجْهِه؛ قال عمرو بن أَحمر الباهليّ:

نَبَذَ الجُؤارَ وضَلَّ هِدْيَةَ رَوْقِه،

لمَّا اخْتَلَلْتُ فؤادَه بالمِطْرَدِ

أَي ترَك وجهَه الذي كان يُرِيدُه وسقَط لما أَنْ صَرَعْتُه، وضلَّ

الموضعَ الذي كان يَقْصِدُ له برَوْقِه من الدَّهَش. ويقال: فلان يَذْهَب على

هِدْيَتِه أِي على قَصْدِه. ويقال: هَدَيْتُ أَي قصدْتُ. وهو على

مُهَيْدِيَتِه أَي حاله؛ حكاها ثعلب، ولا مكبر لها. ولك هُدَيّا هذه الفَعْلةِ

أَي مِثلُها، ولك عندي هُدَيَّاها أَي مثلُها. ورمى بسهم ثم رمى بآخرَ

هُدَيَّاهُ أَي مثلِه أَو قَصْدَه. ابن شميل: اسْتَبَقَ رجلان فلما سبق

أَحدُهما صاحبَه تَبالحا فقال له المَسْبُوق: لم تَسْبِقْني فقال السابقُ:

فأَنت على هُدَيَّاها أَي أُعاوِدُك ثانيةً وأَنت على بُدْأَتِكَ أَي

أُعاوِدك؛ وتبالحا: وتَجاحَدا، وقال: فَعل به هُدَيَّاها أَي مِثلَها. وفلان

يَهْدي هَدْيَ فلان: يفعل مثل فعله ويَسِير سِيرَته. وفي الحديث:

واهْدُوا بهَدْي عَمَّارٍ أَي سِيرُوا بسِيرَتِه وتَهَيَّأُوا بهَيْئَتِه. وما

أَحسن هَدْيَه أَي سَمْتَه وسكونه. وفلان حسَنُ الهَدْي والهِدْيةِ أَي

الطريقة والسِّيرة. وما أَحْسَنَ هِدْيَتَهُ وهَدْيَه أَيضاً، بالفتح، أَي

سِيرَته، والجمع هَدْيٌ مثل تَمْرة وتَمْرٍ. وما أَشبه هَدْيَه بهَدْي

فلان أَي سَمْتَه. أَبو عدنان: فلان حَسَنُ الهَدْي وهو حُسْنُ المذهب في

أُموره كلها؛ وقال زيادةُ بن زيد العدوي:

ويُخْبِرُني عن غائبِ المَرْءِ هَدْيُه،

كفى الهَدْيُ عما غَيَّبَ المَرْءُ مُخْبِرا

وهَدى هَدْيَ فلان أَي سارَ سَيْره. الفراء: يقال ليس لهذا الأَمر

هِدْيةٌ ولا قِبْلةٌ ولا دِبْرةٌ ولا وِجْهةٌ. وفي حديث عبد الله بن مسعود:

إِن أَحسَنَ الهَدْيِ هَدْيُ محمدٍ أَي أَحسَنَ الطريقِ والهِداية والطريقة

والنحو والهيئة، وفي حديثه الآخر: كنا نَنْظُر إِلى هَدْيهِ ودَلِّه؛

أَبو عبيد: وأَحدهما قريب المعنى من الآخر؛ وقال عِمْرانُ بنِ حطَّانَ:

وما كُنتُ في هَدْيٍ عليَّ غَضاضةٌ،

وما كُنْتُ في مَخْزاتِه أَتَقَنَّعُ

(* قوله« في مخزته» الذي في التهذيب: من مخزاته.)

وفي الحديث: الهَدْيُ الصالح والسَّمْتُ الصالِحُ جزء من خمسة وعشرين

جُزءاً من النبوَّة؛ ابن الأَثير: الهَدْيُ السِّيرةُ والهَيْئة والطريقة،

ومعنى الحديث أَن هذه الحالَ من شمائل الأَنبياء من جملة خصالهم وأَنها

جُزْء معلوم من أَجْزاء أَفْعالهم، وليس المعنى أَن النبوّة تتجزأ، ولا

أَنَ من جمع هذه الخِلال كان فيه جزء من النُّبُوّة، فإِن النبوّةَ غير

مُكْتَسبة ولا مُجْتَلَبةٍ بالأَسباب، وإِنما هي كرامةٌ من الله تعالى،

ويجوز أَن يكون أَراد بالنبوّة ما جاءت به النبوّة ودعت إِليه، وتَخْصيصُ هذا

العدد ما يستأْثر النبي،صلى الله عليه وسلم، بمعرفته.

وكلُّ متقدِّم هادٍ. والهادي: العُنُقُ لتقدّمه؛ قال المفضل النُّكْري:

جَمُومُ الشَّدِّ شائلةُ الذُّنابي،

وهادِيها كأَنْ جِذْعٌ سَحُوقُ

والجمع هَوادٍ. وفي حديث النبي،صلى الله عليه وسلم: أَنه بَعَثَ إِلى

ضُباعةَ وذَبَحت شاةً فطَلَب منها فقالت ما بَقِيَ منها إِلا الرَّقَبَةُ

فبَعَثَ إِليها أَن أَرْسِلي بها فإِنها هادِةُ الشايةِ. والهادِيةُ

والهادي: العنُقُ لأَنها تَتَقَدَّم على البدَن ولأَنها تَهْدي الجَسَد.

الأَصمعي: الهادِيةُ من كل شيء أَوَّلُه وما تقَدَّمَ منه، ولهذا قيل:

أَقْبَلَتْ هَوادي الخيلِ إِذا بَدَتْ أَعْناقُها. وفي الحديث: طَلَعَتْ هَوادي

الخيل يعني أَوائِلَها. وهَوادي الليل: أَوائله لتقدمها كتقدُّم

الأَعناق؛ قال سُكَيْن بن نَضْرةَ البَجَليّ:

دَفَعْتُ بِكَفِّي الليلَ عنه وقد بَدَتْ

هَوادي ظَلامِ الليلِ، فالظُّلُّ غامِرُهُ

وهوادي الخيل: أَعْناقُها لأَنها أَولُ شيء من أَجْسادِها، وقد تكون

الهوادي أَولَ رَعيل يَطْلُع منها لأَنها المُتَقَدِّمة. ويقال: قد هَدَت

تَهْدي إِذا تَقَدَّمتْ؛ وقال عَبيد يذكر الخيل:

وغَداةَ صَبَّحْنَ الجِفارَ عَوابِساً،

تَهْدي أَوائلَهُنَّ شُعْثٌ شُزَّبُ

أَي يَتَقَدَّمُهن؛وقال الأَعشى وذكر عَشاه وأَنَّ عَصاه تَهْدِيه:

إِذا كان هادي الفَتى في البلا

دِ، صَدْرَ القَناةِ، أَطاع الأَمِيرا

وقد يكون إِنما سَمَّى العَصا هادِياً لأَنه يُمْسِكها فهي تَهْديه

تتقدَّمه، وقد يكون من الهِدايةِ لأَنها تَدُلُّه على الطريق، وكذلك الدليلُ

يسمى هادِياً لأَنه يَتَقَدَّم القومَ ويتبعونه، ويكون أَن يَهْدِيَهم

للطريقِ. وهادِياتُ الوَحْشِ: أَوائلُها، وهي هَوادِيها. والهادِيةُ:

المتقدِّمة من الإِبل. والهادِي: الدليل لأَنه يَقْدُمُ القومَ. وهَداه أَي

تَقَدَّمه؛ قال طرفة:

لِلْفَتَى عَقْلٌ يَعِيشُ به،

حيثُ تَهْدي ساقَه قَدَمُهْ

وهادي السهمِ: نَصْلُه؛ وقول امرئ القيس:

كأَنَّ دِماء الهادِياتِ بنَحْرِه

عُصارة حِنَّاءٍ بشَيْبٍ مُرَجَّلِ

يعني به أَوائلَ الوَحْشِ. ويقال: هو يُهادِيه الشِّعرَ، وهاداني فلان

الشِّعرَ وهادَيْتُه أَي هاجاني وهاجَيْتُه. والهَدِيَّةُ: ما أَتْحَفْتَ

به، يقال: أَهْدَيْتُ له وإِليه. وفي التنزيل العزيز: وإِني مُرْسِلة

إِليهم بهَدِيَّةٍ؛ قال الزجاج: جاء في التفسير أَنها أَهْدَتْ إِلى

سُلَيْمَانَ لَبِنة ذهب، وقيل: لَبِنَ ذهب في حرير، فأَمر سليمان، عليه السلام،

بلَبِنة الذهب فطُرحت تحت الدوابِّ حيث تَبولُ عليها وتَرُوت، فصَغُر في

أَعينهم ما جاؤُوا به، وقد ذكر أَن الهدية كانت غير هذا، إِلا أَن قول

سليمان: أَتُمِدُّونَنِي بمال؟ يدل على أَن الهدية كانت مالاً.

والتَّهادِي: أَن يُهْدي بعضُهم إِلى بعض. وفي الحديث: تَهادُوا تَحابُّوا، والجمع

هَدايا وهَداوَى، وهي لغة أَهل المدينة، وهَداوِي وهَداوٍ؛ الأَخيرة عن

ثعلب، أَما هَدايا فعلى القياس أَصلها هَدائي، ثم كُرهت الضمة على الياء

فأُسكنت فقيل هَدائىْ، ثم قلبت الياء أَلفاً استخفافاً لمكان الجمع فقيل

هَداءا، كما أَبدلوها في مَدارَى ولا حرف علة هناك إِلا الياء، ثم كرهوا

همزة بين أَلفين لأَن الهمزة بمنزلة الأَلف، إِذ ليس حرف أَقرب إِليها

منها، فصوروها ثلاث همزات فأَبدلوا من الهمزة ياء لخفتها ولأَنه ليس حرف بعد

الأَلف أَقرب إِلى الهمزة من الياء، ولا سبيل إِلى الأَلف لاجتماع ثلاث

أَلفات فلزمت الياء بدلاً، ومن قال هَداوَى أَبدل الهمزة واواً لأَنهم قد

يبدلونها منها كثيراً كبُوس وأُومِن؛ هذا كله مذهب سيبويه، قال ابن سيده:

وزِدْته أَنا إيضاحاً، وأَما هَداوي فنادر، وأَما هَداوٍ فعلى أَنهم

حذفوا الياء من هَداوي حذفاً ثم عوض منها التنوين. أَبو زيد: الهَداوي لغة

عُلْيا مَعَدٍّ، وسُفْلاها الهَدايا. ويقال: أَهْدَى وهَدَّى بمعنًى

ومنه:أَقولُ لها هَدِّي ولا تَذْخَري لَحْمي

(* قوله« أقول لها إلخ» صدره كما في الاساس: لقد علمت أم الاديبر أنني)

وأَهْدَى الهَدِيَّةَ إِهْداءً وهَدّاها.

والمِهْدى، بالقصر وكسر الميم: الإِناء الذي يُهْدَى فيه مثل الطَّبَقِ

ونحوه؛ قال:

مِهْداكَ أَلأَمُ مِهْدًى حِينَ تَنْسُبُه،

فُقَيْرةٌ أَو قَبيحُ العَضْدِ مَكْسُورُ

ولا يقال للطَّبَقِ مِهْدًى إِلاَّ وفيه ما يُهْدَى. وامرأَة مِهْداءٌ،

بالمد، إِذا كانت تُهْدي لجاراتها. وفي المحكم: إِذا كانت كثيرة

الإِهْداء؛ قال الكميت:

وإِذا الخُرَّدُ اغْبَرَرْنَ مِنَ المَحْـ

لِ، وصارَتْ مِهْداؤُهُنَّ عَفِيرا

(* قوله« اغبررن» كذا في الأصل والمحكم هنا، ووقع في مادة ع ف ر: اعتررن

خطأ.)

وكذلك الرجل مِهْداءٌ: من عادته أَن يُهْدِيَ. وفي الحديث: مَنْ هَدَى

زُقاقاً كان له مِثْلُ عِتْقِ رَقَبةٍ؛ هو من هِدايةِ الطريقِ أَي من

عَرَّف ضالاًّ أَو ضَرِيراً طَرِيقَه، ويروى بتشديد الدال إما للمبالغة من

الهِداية، أَو من الهَدِيَّةِ أَي من تصدَّق بزُقاق من النخل، وهو

السِّكَّةُ والصَّفُّ من أَشجاره، والهِداءُ: أَن تجيءَ هذه بطعامِها وهذه

بطعامها فتأْكُلا في موضع واحد. والهَدِيُّ والهِدِيَّةُ: العَرُوس؛ قال أَبو

ذؤيب:

برَقْمٍ ووَشْيٍ كما نَمْنَمَتْ

بمِشْيَتِها المُزْدهاةُ الهَدِيّ

والهِداء: مصدر قولك هَدَى العَرُوسَ. وهَدَى العروسَ إِلى بَعْلِها

هِداء وأَهْداها واهْتَداها؛ الأَخيرة عن أَبي علي؛ وأَنشد:

كذَبْتُمْ وبَيتِ اللهِ لا تَهْتَدُونَها

وقد هُدِيَتْ إِليه؛ قال زهير:

فإِنْ تَكُنِ النِّساءُ مُخَبَّآتٍ،

فحُقَّ لكلِّ مُحْصِنةٍ هِداء

ابن بُزُرْج: واهْتَدَى الرجلُ امرأَتَه إِذا جَمَعَها إِليه وضَمَّها،

وهي مَهْدِيَّةٌ وهَدِيٌّ أَيضاً، على فَعِيلٍ؛ وأَنشد ابن بري:

أَلا يا دارَ عَبْلةَ بالطَّوِيّ،

كرَجْعِ الوَشْمِ في كَفِّ الهَدِيّ

والهَدِيُّ: الأَسيرُ؛ قال المتلمس يذكر طَرفة ومَقْتل عَمرو بن هِند

إِياه:

كطُرَيْفةَ بنِ العَبْدِ كان هَدِيَّهُمْ،

ضَرَبُوا صَمِيمَ قَذالِه بِمُهَنَّدِ

قال: وأَظن المرأَة إِنما سميت هَدِيًّا لأَنها كالأَسِير عند زوجها؛

قال الشاعر:

كرجع الوشم في كف الهديّ

قال: ويجوز أَن يكون سميت هَدِيًّا لأَنها تُهْدَى إِلى زوجها، فهي

هَدِيٌّ، فَعِيلٌ بمعنى مفعول. والهَدْيُ: ما أُهْدِيَ إِلى مكة من النَّعَم.

وفي التنزيل العزيز: حتى يبلغ الهَدْيُ مَحِلَّه، وقرئ: حتى يبلغ

الهَدِيُّ مَحِلَّه، بالتخفيف والتشديد، الواحدة هَدْيةٌ وهَدِيَّةٌ؛ قال ابن

بري: الذي قرأَه بالتشديد الأَعرج وشاهده قول الفرزدق:

حَلَفْتُ برَبِّ مَكَّةَ والمُصَلَّى،

وأَعْناقِ الهَدِيِّ مُقَلَّداتِ

وشاهد الهَدِيَّةِ قولُ ساعدةَ بن جُؤَيَّة:

إني وأَيْدِيهم وكلّ هَدِيَّة

مما تَثِجُّ له تَرائِبُ تَثْعَبُ

وقال ثعلب: الهَدْيُ، بالتخفيف، لغة أَهل الحجاز، والهَدِيُّ، بالتثقيل

على فَعِيل، لغة بني تميم وسُفْلى قيس، وقد قرئ بالوجهين جميعاً: حتى

يَبْلُغَ الهَدي محله. ويقال: مالي هَدْيٌ إِن كان كذا، وهي يمين.

وأَهْدَيْتُ الهَدْيَ إِلى بيت اللهِ إِهْداء. وعليه هَدْيةٌ أَي بَدَنة. الليث

وغيره: ما يُهْدى إِلى مكة من النَّعَم وغيره من مال أَو متاعٍ فهو هَدْيٌ

وهَدِيٌّ، والعرب تسمي الإِبل هَدِيًّا، ويقولون: كم هَدِيُّ بني فلان؛

يعنون الإِبل، سميت هَدِيّاً لأنها تُهْدَى إِلى البيت. غيره: وفي حديث

طَهْفةَ في صِفة السَّنةِ هَلَكَ الهَدِيُّ ومات الوَديُّ؛ الهَدِيُّ،

بالتشديد: كالهَدْي بالتخفيف، وهو ما يُهْدى إِلى البَيْتِ الحَرام من النعم

لتُنْحَر فأُطلق على جميع الإِبل وإِن لم تكن هَدِيّاً تسمية للشيء ببعضه،

أَراد هَلَكَتِ الإِبل ويَبِسَتِ النَّخِيل. وفي حديث الجمعة: فكأَنَّما

أَهْدى دَجاجةً وكأَنما أَهْدى بَيْضةً؛ الدَّجاجةُ والبَيضةُ ليستا من

الهَدْيِ وإِنما هو من الإِبل والبقر، وفي الغنم خلاف، فهو محمول على حكم

ما تُقدَّمه من الكلام، لأَنه لما قال أَهْدى بدنةً وأَهْدى بقرةً وشاة

أَتْبَعه بالدَّجاجة والبيضة، كما تقول أَكلت طَعاماً وشَراباً والأَكل

يختص بالطعام دون الشراب؛ ومثله قول الشاعر:

مُتَقَلِّداً سَيفاً ورُمْحاً

والتَّقَلُّدُ بالسيف دون الرمح. وفلانٌ هَدْيُ بني فلان وهَدِيُّهمْ

أَي جارُهم يَحرم عليهم منه ما يَحْرُم من الهَدْي، وقيل: الهَدْيُ

والهَدِيُّ الرجل ذو الحرمة يأْتي القوم يَسْتَجِير بهم أَو يأْخذ منهم

عَهْداً، فهو، ما لم يُجَرْ أَو يأْخذِ العهدَ، هَدِيٌّ، فإِذا أَخَذ العهدَ

منهم فهو حينئذ جارٌ لهم؛ قال زهير:

فلَمْ أَرَ مَعْشَراً أَسَرُوا هِدِيّاً،

ولمْ أَرَ جارَ بَيْتٍ يُسْتَباءُ

وقال الأَصمعي في تفسير هذا البيت: هو الرَّجل الذي له حُرمة كحُرمة

هَدِيِّ البيت، ويُسْتَباء: من البَواء أَي القَوَدِ أَي أَتاهم يَسْتَجير

بهم فقَتلُوه برجل منهم؛ وقال غيره في قِرْواشٍ:

هَدِيُّكُمُ خَيْرٌ أَباً مِنْ أَبِيكُمُ،

أَبَرُّ وأُوْفى بالجِوارِ وأَحْمَدُ

ورجل هِدانٌ وهِداءٌ: للثَّقِيل الوَخْمِ؛ قال الأَصمعي: لا أَدري

أَيّهما سمعت أَكثر؛ قال الراعي:

هِداءٌ أَخُو وَطْبٍ وصاحِبُ عُلْبةٍ

يَرى المَجْدَ أَن يَلْقى خِلاءً وأَمْرُعا

(* قوله« خلاء» ضبط في الأصل والتهذيب بكسر الخاء.)

ابن سيده: الهِداء الرجل الضعيف البَليد. والهَدْيُ: السُّكون؛ قال

الأَخطل:

وما هَدى هَدْيَ مَهْزُومٍ وما نَكَلا

يقول: لم يُسْرِعْ إِسْراعَ المُنْهَزم ولكن على سكون وهَدْيٍ حَسَنٍ.

والتَّهادي: مَشْيُ النِّساء والإِبل الثِّقال، وهو مشي في تَمايُل

وسكون. وجاء فلان يُهادَى بين اثنين إِذا كان يمشي بينهما معتمداً عليهما من

ضعفه وتَمايُله. وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، خرج في مرضه

الذي مات فيه يُهادى بين رَجُلَيْن؛ أَبو عبيد: معناه أَنه كان يمشي

بينهما يعتمد عليهما من ضَعْفِه وتَمايُلِه، وكذلك كلُّ مَن فعل بأَحد فهو

يُهاديه؛ قال ذو الرمة:

يُهادينَ جَمَّاء المَرافِقِ وَعْثةً،

كَلِيلةَ جَحْمِ الكَعْبِ رَيَّا المُخَلْخَلِ

وإِذا فَعلت ذلك المرأَة وتَمايَلَتْ في مِشْيتها من غير أَن يُماشِيها

أَحد قيل: تَهادى؛ قال الأَعشى:

إِذا ما تأَتَّى تُريدُ القِيام،

تَهادى كما قد رأَيتَ البَهِيرا

وجئتُكَ بَعْدَ هَدْءٍ مِن الليلِ، وهَدِيٍّ لغة في هَدْءٍ؛ الأَخيرة عن

ثعلب. والهادي: الراكِسُ، وهو الثَّوْرُ في وسط البَيْدَر يَدُور عليه

الثِّيرانُ في الدِّراسة؛ وقول أَبي ذؤيب:

فما فَضْلةٌ من أَذْرِعاتٍ هَوَتْ بها

مُذَكَّرةٌ عنْسٌ كهادِيةِ الضَّحْلِ

أَراد بهادِيةِ الضَّحْلِ أَتانَ الضَّحْلِ، وهي الصخرة المَلْساء.

والهادِيةُ: الصخرة النابتةُ في الماء.

حشو

الحشو: هو في اللغة ما تملأ به الوسادة، وفي الاصطلاح: عبارة عن الزائد الذي لا طائل تحته.

الحشو في العروض: هو الأجزاء المذكورة بين الصدر والعروض، وبين الابتداء والضرب من البيت، مثلًا: إذا كان البيت مركبًا من مفاعيلن ثماني مرات، فمفاعيلن الأول صدر، والثاني والثالث حشو، والــرابع عروض، والخامس ابتداء، والسادس والسابع حشو، والثامن ضرب، وإذا كان مركبًا من مفاعيلن أربع مرات، فمفاعيلن الأول صدر، والثاني عروض، والثالث ابتداء، والــرابع ضرب، فلا يوجد فيه الحشو.
(ح ش و) : (الْحَشْوُ) مَصْدَرُ حَشَى الْوِسَادَةَ فَسُمِّيَ بِهِ الثَّوْبُ الْمَحْشُوُّ (وَمِنْهُ) قَوْلُهُ وَيُنْزَعُ عَنْهُ الْحَشْوُ (وَاحْتَشَتْ) الْحَائِضُ بِالْكُرْسُفِ إذَا أَدْخَلَتْهُ فِي الْفَرْجِ (وَقَوْلُهُ) احْتَشَى كُرْسُفًا عَلَى حَذْفِ الْبَاءِ أَوْ عَلَى التَّضْمِينِ (وَقَوْلُهُ) خُذْ مِنْ (حَوَاشِي) أَمْوَالِهِمْ أَيْ مِنْ عُرْضِهَا يَعْنِي مِنْ جَانِبٍ مِنْ جَوَانِبِهَا مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارٍ وَهِيَ فِي الْأَصْلِ جَمْعُ حَاشِيَةِ الثَّوْبِ وَغَيْرِهِ لِجَانِبِهِ.

حشو


حَشَا(n. ac. حَشْو)
a. Filled, crammed, stuffed, padded; wadded.
b. Hit, hurt in the entrails.

حَاْشَوَa. Gave (him) the refuse of.
إِحْتَشَوَa. Pass. of I (a).
حَشْوa. Stuffing; padding; wadding.
b. Digression; redundancy.

حَشْوِيّ [] (pl.
حَشْوِيَّة)
a. Bombastical.

حُِشْوَة [حِشْوَة]
a. Intestines, entrails, bowels, guts.
b. Thicket, jungle.

حَشَا (pl.
أَحْشآء [] )
a. see 2t (a)
مَحْشَاة [] (pl.
مَحَاشي [] )
a. Rectum.

حَاشِيَة []
a. The refuse or worthless portion of a flock.

حَشِيَّة [] (pl.
حَشَايَا)
a. Mattress, bed.
b. Padded, wadded garment; woman's bustle.

مَحْشِىّ
a. Stuffed vegetables (dish).
ح ش و : الْحَشَا مَقْصُورٌ الْمِعَى وَالْجَمْعُ أَحْشَاءٌ مِثْلُ: سَبَبٍ وَأَسْبَابٍ وَالْحَشَا النَّاحِيَةُ وَالْحُشْوَةُ بِضَمِّ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا الْأَمْعَاءُ أَيْضًا وَأَخْرَجْتُ حِشْوَةَ الشَّاةِ أَيْ جَوْفَهَا وَحَشَوْتُ الْوِسَادَةَ وَغَيْرَهَا بِالْقُطْنِ أَحْشُو حَشْوًا فَهُوَ مَحْشُوٌّ وَحَاشِيَةُ الثَّوْبِ جَانِبُهُ وَالْجَمْعُ الْحَوَاشِي وَحَاشِيَةُ النَّسَبِ كَأَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْهُ وَهُوَ الَّذِي يَكُونُ عَلَى جَانِبِهِ كَالْعَمِّ وَابْنِهِ وَحَاشِيَةُ الْمَالِ جَانِبٌ مِنْهُ غَيْرُ مُعَيَّنٍ وَحَاشَى فُلَانٍ بِالْجَرِّ وَالنَّصْبِ أَيْضًا كَلِمَةُ اسْتِثْنَاءٍ تَمْنَعُ الْعَامِلَ مِنْ تَنَاوُلِهِ. 
ح شوحشوت الوسادة، وغيرها حشواً. وطرح له حشية، ولهم حشايا. وهي الفرش المحشوة. وأخرج القصاب حشوة الشاة وهي ما في بطنها. وضربه فانتثرت حشوته. واحتشى من الطعام. واحتشت المستحاضة بالكرسف. وطعنة كحاشية البرد. وضم حاشيتي الرداء. وأنا في حشا فلان أي في كنفه وذراه، وفلان خيرهم حشاً. قال الكميت:

لتزور خير العالمي ... ن حشاً لمختبط وزائر

وامرأة ضامرة الحشا، ونساء ضوامر الأحشاء.

وأساءوا حاشي فلان، وحاشى فلاناً. وأنا أحاشيك من كذا. قال:

وما أحاشي من الأقوام من أحد

ومن المجاز: عيش رقيق الحواشي، وكلام رقيق الحواشي. وأعطاه من حشو الإبل وحاشيتها وحواشيها. وأرسل بنو فلان رائداً فانتهى إلى أرض قد شبعت حاشيتاها، وهما ابن المخاض وابن اللبون. وهو من حشو بني فلان، وحشوتهم. قال الراعي:

أتت دونها الأحلاف أحلاف مذقحج ... وأفناء كعب حشوها وصميمها

وهو من العامة والحشوة. واحتشت الرمانة بالحب، وعن بعض العرب: رأيت أززاً كأزز الرمانة المحتشية. قال أبو النجم:

إلى ابن مروان حشوت الأرجلا ... من الغريريات عيساً بزلا

وصدنا محشية الكلاب، وهي الأرنب تتعب كلاب الصائد، حتى يأخذها الحشا وهو الربو. قال:

ألا قبح الإله طليق سلمى ... وصاحبه محشية الكلاب
حشو: حشو: هي حشي في لغة العمة (فوك، بوشر) والمصدر نفسه من حشاية (فوك). ويقال حشي ب، ففي النويري (الأندلس ص479) مثلاً في كلامه عن جثة ميت: حَشِي بعاقاقير.
وحشى: أشبع، وملأ جوفه طعاماً.
وحشى روحه: امتلأ طعاماً. امتلأت معدته امتلاء شديدا (بوشر).
وحشي: ادخل نفسه فيما لا يعنيه (بوشر).
وحشى: ذيَّل تأليفاً: دس نصوصا في كتاب (بوشر).
وحشى في: ضم إلى، جمع إلى (بوشر).
وحشى قطنا: بطنه بالقطن (بوشر).
حشى الحساب: زاد في النفقة (بوشر).
حشى حاله في أمر غيره: سابقه ونافسه وجاراه (بوشر).
حشّى في: دس نصوصا في كتاب (بوشر) أحشى: تعني في لغة العامة حشى بمعنى ملأ (فوك).
وأحشى: أودع في برميل. صب شراباً في برميل بواسطة القمع (ألكالا).
تحشَّى: حشى بمعنى ملأ (معجم المتفرقات).
انحشى: باشرا أمراً. وتورط في قضية (بوشر).
وانحشى: تدثر، تغطى بما يدفئ (بوشر).
احتشى به وفيه: تدخل فيه، دس أنفه فيه (بوشر).
حشاً: ما انضمت عليه الظلوع والقلب والرئة والكبد. وتستعمل في الغالب مجازا لأن الحشا مركز العواطف والانفعالات والتأثر، يقال مثلً: طَأْمِن حشاك أي أطمئن وسكَّن من روعك وأهدأ. (كوزج مختارات ص 108).
وبَرِّد حشاك: أي قلبك وأطرد الهم عنه بالشراب والحب (الحريري ص123).
حَشَّى ويجمع على أحشية: ويطلق غالباً على كل ما يحشى ويطلق خاصة على الخبز المحشو بالسكر واللوز ونحو ذلك، ففي معجم المنصوري: احشية جمع حَشِّى بمعنى مَحْشُوّ وهو كل ما يُحْشَى بغيره والمراد به هنا ما حُشِيَ من الخبز بالسكر واللوز ونحو ذلك.
حَشْو: يعني غالباً كل ما حشي وأدخل في غيره. أنظر كوزج مختارات (121).
وكان على لين أن لا يفسر هذه الكلمة بكلمة، قطن، بل بما معناه ((قطن مندوف، سبيخة)) (أنظر حشى). وفي معجم بوشر. حَشَوة قطن دلالة على الواحدة من الحشو بهذا المعنى.
والثياب ذوات الحشو: الثياب المبطنة (المحشوة) بالقطن المندوف (المقري 2: 88). ويقال مجازا في الكلام عن النساء: الغَدْرُ حَشْوُ ثيابِهِن (ألف ليلة 1: 6) وفي المطبوع منها: حشو وهو خطأ.
وحَشْو: لحم مفروم مخردل (بوشر) وعند رولاند اسم الوحدة منه حشوة بهذا أي لحم مفروم. وحَشو: ضرب من الخبز يتخذ من الدقيق والعسل والسمسم والافاوية. (معجم الأسبانية ص59).
وحَشْو: كلام مسهب مطول (مملوك 1، 2: 105) انظر حشوي.
حَشْوَة: انظر المادة السابقة.
حَشْوِيّ وحَشَوي: حاول كاترمير (مملوك 1، 2: 105) أن يبرهن أن هذه الكلمة من يتكلم بها بكلام فضل لا خير فيه. ويظهر إنها تعني بهذا المعنى في بعض العبارات التي نقلها غير أنها لا تعني هذا المعنى في عبارات أخرى. لئن الحشوية أو أهل الحشو فيها إنما هي اسم طائفة. والرأي مختلف حول اصل هذا الاسم وحول أراء التي تقول بها وتعتقدها انظر معجم الادريسي.
وقد ذكر فوك كلمة حَشَوى في مادة ( Ora) وهي من الأصل حشى.
حَشاء: حَشَّاء التِبْنِ: من يحشو بالتبن مُصَبِر، مقشش (بوشر).
حاشية: حشو، خارج عن الصدد، خارج عن الموضوع، استطراد. والحاشية في الشعر الحشو لإقامة الوزن والقافية (بوشر) ولمعرفة معان أخرى لهذه الكلمة انظر مادة حشى.
أحشائي: نسبة إلى الأحشاء (بوشر) تَحشٍ (بالعامية تحشى): حشو، استطراد، خروج الكلام عن الصدد (بوشر).
مَحْشُوٌ: مُبَطَّن (المعجم اللاتيني العربي) وفيه: ( Diploide) ثوب مُبَطَّن مَحْشُو.
ومَحْشُو: نسيج مبطن. ففي كتاب ابن القوطية (ص17و): خرج إليه كلب من دار تجاور مقبرة قُرِيْش على بنيقة محشوّ مَرْوي كان يلبسه فخرقه. إن استعمال ضمير المذكر يدعو إلى العجب في مخطوطة صحيحة مثل هذه ولعل المؤلف قد فكر بكلمة محشو بالمعنى الذيسيلأتي بدل أن يفكر ب ((بنيقة)).
ومحشو: رداء مبطن (المعجم اللاتيني العربي) وفيه ( Vel clamis sagum mantum) ( لحاف ومَحْشُو).
مَحْشِيَّ: ما حشي باللحم والأرز من الطعام (انظر مادة ( Cuisine) عند برجرن، محيط المحيط).
ورَق محشي: ورق عنب أو ورق خس أو ورق كرنب يلف بخليط من الأرز واللحم المفروم (لين عادات 1: 217).
مُحْشى: ضرب من الخبز يتخذ من الدقيق والعسل والسمسم والأفاوية (ألكالا) وهو يكتبها ( Mohaxi) غير أن هذه ما يقوله أهل غرناطة للفظة ( mohxa) وهو اسم مفعول من أفعل في لغة العامة. وهو عندهم يدل معنى حسَّى.
مَحْشِيَة: تطلق في الأندلس على المِحْشاة وهو ضرب من القمصان أو الجلابيب أو كساء يرتدي به. (معجم البيان ص32 رقم 2 معجم الأسبانية ص163).
باب الحاء والشين و (وا ي) معهما ح ش و، ح وش، وح ش، وش ح، ش ي ح، ش ح ومستعملات

حشو: الحَشْوُ: ما حَشَوْتَ به فراشاً وغيره. والحَشْيَّةُ: الفراش المَحْشُوّ. واحتَشَيْتُ: بمعنى امتلأت. وتقول: انحَشَى صوتٌ في صوتٍ، وانحشَى حرفٌ في حرفٍ. والاحتِشاءُ: احتِشاءُ الرّجل ذي الإبْرِدة. والمُسْتَحاضةُ تحتشي [بالكُرْسُف] والحَشْوُ: صغارُ الإِبل، وحَشْوُها: حاشيتها أيضاً. قال:»

يعصوصِبُ الحشوُ، إذا افتدى بها وحاشيتا الثّوبِ: جانباهُ الطّويلان في طرفيهما الهُدْبُ. وحاشية السّراب: كلّ ناحية منه، وهنّ الحواشي. والحشو من الكلام: الفَضْلُ الذي لا يُعْتَمَدُ عليه. والحَشْوُ من النّاس: من لا يُعْتَدُّ به. والحَشَا: ما دون الحجاب ممّا في البطن كله من الطّحِال والكَرِش والكبد، وما تَبِع ذلك حشاً كلُّه. والحشا: ظاهرُ البَطْن وهو الخَصْر. وحشوته [سهماً] إذا أصبت حشاه. وحَشَأْته بالعصا حشأً- مهموزا-: إذا ضربت بها بطنه، وفرّقوا بينهما بالهَمْز. وحشَأْتُ النّار: غَشْيتُها. وقول العرب: حشياء رابية: منتفخة من بهر ونحوه. وحشياء: ضخمة الأحشاء.

حوش: المحاش: كأنّه مِفْعل من الحَوْش، وهم قومٌ لفيفٌ أُشابة. قال النابغة:

اجمعْ مِحاشَك يا يزيدُ فإنّي ... أعددتُ يَربُوعاً لكم وتَميما

والحُوْشُ: بلاد الجنّ، لا يمرُّ بها أحدٌ من النّاس. ورجل حُوشيٌّ: لا يُخالطُ النّاسَ. وليلٌ حُوشيٌّ: مُظِلمٌ هائِل، وهذه سَنَةٌ مَحْوشٌ: يابسة. قال:

وطولُ مَحْشِ الزَّمَنِ المحوش وحُشْنا اليّدَ وأحشناها: أي: أخذناها من حواليها لنصرفها إلى الحبائل التي نصبت لها. واحتوش القومُ فلاناً وتحاوَشُوه: جعلوه وسطهم. وما أَنْحاشُ من شيءٍ، أي: ما أكثرتُ له. والتّحويش: التّحويل. وحاشا: كلمةُ استثناء، وربّما ضمّ إليها لام الصّفة. قال الله تعالى: قُلْنَ حاشَ لِلَّهِ* . وقال النابغة:

وما أُحاشي من الأَقْوامِ مِنْ أَحَدِ

والحائش: جماعةُ النّخل، لا واحد له.

وحش: الوَحْشُ: كلّ ما لا يُستأنس من دوابّ البَرِّ، فهو وحشيّ. تقول: هذا حمارُ وحشٍ. وحمارٌ وحشيّ، وكل شيء يستوحش عن النّاس فهو وحشيّ. وفي بعض الكلام: إذا أقبل اللّيل استأنس كل وحشي، واستوحش كل إنْسيّ. ويقال للجائع: قد توحّش، أي: خلا بطنُه. ويقال للمحتمي لشرب الدّواء: قد توحش، وللمكان إذا ذهب عنه الإنس: قد أوحش، وطللٌ مُوحش. قال:

لسَلْمَى مُوحشاً طَلَلُ ... يلوح كأنّه خِلَلُ

ودارُ مُوحِشَة. قال:  معالمها حِشُونا

على قياس (سنون) وبالنّصب والجدّ: حِشِينَ، قال:

فأَمْسَتْ بعدَ ساكِنِها حِشِينا

والوَحْشِيُّ والإنْسيّ شِقّا كلّ شيء فإِنسيّ القَدَمِ ما أقبل [منها] على القَدَم الأُخْرى، ووَحْشِيُّها ما خالف إنّسِيَّها. ووحشيّ القَوْس الأعجمية ظهرها، وإنسِيُّها بطنها المُقْبِل عليك. ووحشيّ كلّ دابّة: شِقْها الأَيْمن والِإنسيّ الأَيْسَر. وإذا كان بيدك شيء فرميت به عنك بعيداً قلت: وحّشت.

وشح: الوَشْحُ من الوِشاح، والجمع: الوُشُحُ. والوِشاح: من حَلْيِ النّساء: كِرْسانِ من لؤلؤٍ وجوهر منظومان، مُخَالَفٌ بينهما، معطوف أحدهما على الآخر [تتوشّح به المرأة] . وشاةٌ مُوَشَحة، وطائر مُوَشَّح إذا كان لهما خُطَّتان، من كلّ جانب خُطَّة كالوِشاح قال الطرماح يصف الديك:

وَنَبِّهْ ذا العِفاءِ الموشَّحِ

شيح: الشِّيحُ: نبات. والشّيِح: ضرب من برود اليمن. والمُشَيَّح: المُخطَّط، وبالسّين أيضاً. والشّيِاح: الحذار. ورجلٌ شائحٌ: حَذِرٌ. ومُشِيحٌ: أي: حازم حذر. قال:

شايحنَ منه أَيَّما شِياحِ

ويقال: شائح، أي قاتل. وأشاح الفَرَس بذنَبِه، أي: أرخاه. وأشاح فلان بوجهه عن وَهَج النّار، أو عن أذى إذا نحّاه. قال النابغة:

تُشِيحُ على الفلاةِ فتَعْتَلِيها ... بِبَوْعِ القَدْرِ إذ قَلِقَ الوَضِينُ

أي: تُدِيمُ السَّير، والبَوْع: المداومة، وناقة شيحانة مداومة في الرّسل. قال الحطيئة: شيحانة خلقت خلق المصاعيب والشَّيْحانُ: الطَّويلُ .

شحى: شحَى فلان فاه شَحْياً، واللجام يَشْحَى فم الفرس شحياً. قال:

كأنّ فاها واللِّجام شاحِيَه

ويقال: أقبلت الخيل شَواحيَ وشاحِياتٍ. أي: فاتحاتٍ أفواهَها .
حشو
حشا يَحشُو، احْشُ، حَشْوًا، فهو حاشٍ، والمفعول مَحْشُوّ
• حشا الشَّيءَ: ملأه عن آخره "حشا ضِرسَه عند الطبيب- حشا الجنديُّ سلاحَه: ملأه بالذَّخيرة". 

تحاشى/ تحاشى عن يتحاشى، تحاشَ، تَحاشيًا، فهو مُتحاشٍ، والمفعول مُتحاشًى
• تحاشاه/ تحاشى عنه:
1 - تجنَّبه، هرب منه "تحاشى الملاكمُ ضربات خصمه- غادرت المكان لكي أتحاشى الجدالَ معه- تحاشى الوقوعَ في أيدي الأعداء".
2 - ابتعد عنه، تنزّه "تحاشى عن الأسئلة المحرجة- تحاشى الوقوعَ في الخطأ". 

حاشى يحاشى، حاشِ، مُحاشاةً، فهو مُحاشٍ، والمفعول مُحاشًى
• حاشاه من أصدقائه: استثناه منهم "سبَّهم وماحاشى منهم أحدًا". 

حشَّى يحشِّي، حَشِّ، تَحشيةً، فهو مُحَشٍّ، والمفعول مُحَشًّى
• حشَّى الكتابَ: جعل له حاشية/ هامشًا "حشَّى كتابًا بحاشية شَرْحٍ: علَّق عليه".
• حشَّى الثَّوبَ: جعل له حاشية، وهي الجانب منه "حشّى السَّتائرَ". 

احْتشاء [مفرد]:
1 - (طب) داءٌ يَسدُّ مجرى الدَّم "عانى من احتشاء".
2 - (طب) جُلْطة دمويَّة تسدّ شريانًا "احتشاء عضلة القلب". 

تَحْشِيَة [مفرد]: ج تحشيات (لغير المصدر):
1 - مصدر حشَّى.
2 - تعليق على نصٍّ في هامشه أو بعد نهايته بملاحظاتٍ تفسيريَّة أو تاريخيَّة ونحوها يضيفها مؤلّف النَّص أو محقّقه "علَّق على الكتاب بتحشيات مفيدة للقارئ". 

حاشا [كلمة وظيفيَّة]: (انظر: ح ا ش ا - حاشا). 

حاشية [مفرد]: ج حاشيات وحَواشٍ
• الحاشية من كلِّ شيءٍ: جانبه وطرفه.
• الحاشية: الأهل والخاصّة، البطانة "حاشية الرَّجل/ الملك".
• حاشية كتابٍ: ما عُلِّق على الكتاب من زيادات وإيضاح "حاشية على هامش نَصٍّ- حاشية في رسالة" ° رَجُل رقيق الحواشي: لطيفُ الصُّحبة- عيش رقيق الحواشي: عيش ناعم رغْد- كلامٌ رقيق الحواشي: خفيف رشيق ليِّن. 

حشًا [مفرد]: ج أحشاءُ: حشى، ما دون الحجاب الحاجز ممّا يلي البطن، كالكبد والمعدة والأمعاء وغيرها "التهبت أحشاؤه من العطش- يتكوّن الولدُ في أحشاء أمّه: موضع نموّ الجنين في جسم الأمّ، رَحِمٌ- لطيف الحشا: دقيق الخَصْر" ° أنا في حشا فلان: في كنفه- طاوي الحشا: جوعان- فلانٌ يسكن الحشا: بالغ المحبَّة- في أحشائه: في داخله. 

حَشو [مفرد]:
1 - مصدر حشا.
2 - تكرار المعنى بأسلوبٍ آخر، وهو ممّا لا داعيَ له ° كلامٌ حشو: فضلة لا فائدة منها.
3 - ما حُشِيَ به الشّيءُ "حَشْو وسادة/ ضرس".
4 - (بغ) زيادة اللَّفظ على المعنى زيادة متعيّنة لغير فائدة.
• الحَشْوُ من بيت الشِّعر: (عر) أجزاؤه غير عروضه وضربه. 

حَشوة/ حُشوة/ حِشوة [مفرد]:
1 - جميع ما في البطن عدا الشَّحْم، أمعاء البطن "أخرجت حشوة الشَّاة".
2 - لحم مفروم للحشو.
3 - ما يُحشى به اللِّحافُ وغيره كالصوف أو القطن "أخلى الوسادةَ من حشوتها". 

حَشِيَّة [مفرد]: ج حَشِيَّات وحَشايا: فراشٌ يُتّكأ أو يُنام عليه محشوٌّ بالرِّيش أو بالقطن أو بنحوهما "حشايا الملوك والسّلاطين". 

مَحْشُوّ [مفرد]: ج محشوَّات، مؤ محشوَّة ومَحشيَّة:
1 - اسم مفعول من حشا.
2 - خضرواتٌ كالفلفل والباذنجان والقرع تُخلى من بذورها وتحشى بخليط من اللّحم المفروم والأرز والخضروات ذات النَّكهة كالبقدونس، أو تُلفّ إذا كانت ورقَ عنبٍ أو كرنبًا أو نحوهما، والشائع: محشيّ. 

حشو

1 حَشَا, (S, Mgh, Msb, TA,) aor. ـْ (Msb, TA,) inf. n. حَشْوٌ, (S, Mgh, Msb, K,) He filled, (K, TA,) or stuffed, (KL, PS,) a pillow, or cushion, [and a garment, (see حَشْوٌ, below,)] &c., (S, Mgh, * Msb, K,) with a thing, (K,) with cotton, (Msb, TA,) and the like. (TA.) [And He stuffed a lamb, or a fowl, and a vegetable, &c., with rice &c.] b2: Hence, حَشَا الغَيْظَ, aor. and inf. n. as above, (tropical:) [He stuffed wrath into a man's bosom: see an ex. in a verse cited in the first paragraph of art. حظل:] and حُشِىَ الرَّجُلُ غَيْظًا وَ كِبْرًا (tropical:) [The man was stuffed with wrath and pride], and حُشِىَ الرَّجُلُ بِالنَّفْسِ and حُشِىَ النَّفْسَ (assumed tropical:) [The man was stuffed with pride, or self-magnification, or with disdain, or scorn]. (TA.) b3: [Hence also,] صِغَارُ الإِبِلِ تَحْشُو الكِبَارَ (assumed tropical:) The young camels enter, or occupy the spaces, among the old ones. (TA.) b4: [رَسَمَ كِتَابًا وَ لَمْ يَحْشُهُ, a phrase occurring in the 1st نَوْع of the Mz, means (assumed tropical:) He sketched out a book, and did not fill it up.] b5: حَشَاهُ [also signifies He foisted it into a thing. b6: And] He hit, or hurt, his حَشًا [q. v., like حَشَأَهُ]. (K.) Yousay, حَشَاهُ سَهْمًا, inf. n. as above, He hit, or hurt, his حَشًا [with an arrow]. (TA.) 3 مَا أَجَلَّهُ وَ لَا حَاشَاهُ He gave him not a جَلِيلَة [i. e. a she-camel that had brought forth once] nor حَاشِيَة [i. e. small, or young, camels]: (K:) or ↓ مَا أَجَلَّنِى وَ لَا أَحْشَانِى He gave me not a she-camel that had brought forth once nor gave he me a young, or small, camel. (S in art. جل.) 4 أَحْشَوَ see 3.5 تَحَشَّوَ see 8. b2: تحشّى فِى بَنِى فُلَانٍ (assumed tropical:) He became received among the sons of such a one, and harboured, protected, or lodged, by them. (TA in art. حشى [but belonging to the present art.].) 7 إِنْحَشَوَ see 8. b2: انحشى صَوْتٌ فِى صَوْتٍ [app. (assumed tropical:) A sound became blended in a sound], and حَرْفٌ فِى

حَرْفٍ [a letter in a letter]: mentioned by Az. (TA in art. حشى [but app. belonging to the present art.].) 8 احتشى It (a thing) became filled [or stuffed; as also ↓ انحشى]. (K.) And in like manner you say of a man, احتشى مِنَ الطَّعَامِ He became filled [or stuffed] with food. (TA.) And اِحْتَشَتِ الرُّمَّانَةُ بِالحَبِّ The pomegranate became filled with the grains, or seeds. (TA.) b2: اِحْتَشَتْ She (a مُسْتَحَاضَة) stuffed her vulva (نَفْسَهَا) with the [rags termed] مَفَارِم [in the CK, erroneously, مَقَارِم], (K, TA,) and the like: and in a similar sense احتشى is used as said of a man having the [disorder termed] إِبْرِدَة. (TA.) And اِحْتَشَتْ بِالكُرْسُفِ (S, Mgh, TA) and الكُرْسُفَ (Mgh, TA) She (a حَائِض, S, Mgh) stuffed her vulva with cotton, (Mgh, TA,) to arrest the blood. (S.) b3: اِحْتَشَتْ حَشِيَّةً and بِحَشِيَّةٍ She (a woman) wore a حَشِيَّة; (IAar, K;) as also ↓ تَحَشَّتْ [alone]. (Az, TA in art. حشى.) A poet says, لَا تَحْتَشِى إِلَّا الصَّمِيمَ الصَّادِقَا [She will not wear any stuffing but that which is genuine and true]: meaning that she will not wear حَشَايَا because the largeness of her posteriors renders it needless for her to do so. (IAar, TA.) حِشَةٌ, pl. حِشُونَ: see وَحْشٌ.

حَشًا The contents of the belly: (K:) or a bowel, or an intestine, into which the food passes from the stomach; syn. مِعًى: (Msb:) pl. أَحْشَآءٌ: (Msb, K:) and ↓ حُشْوَةٌ and ↓ حِشْوَةٌ signify the bowels, or intestines; [like أَحْشَآءٌ;] syn. أَمْعَآءٌ: (Msb:) or these are called البَطْنِ ↓ حُشْوَةُ and ↓ حِشْوَتُهُ: (S, TA:) or حشوة signifies all that is in the belly except the fat; so accord. to Az and Esh-Sháfi'ee: or, accord. to As, the place of the food, comprising the أَحْشَآء and the أَقْصَاب: (TA:) [see also مَحْشًى:] الحَشَا is the name of all the places of the food: (Zj in his “Khalk el-Insán:”) [see also, for other meanings, its dial. var. حَشًى, in art. حشى:] the word belongs to this art. and to art. حشى; the dual being حَشَوَانِ and حَشَيَانِ. (TA.) A2: A side, (Msb, TA,) region, quarter, or tract. (Msb.) You say, أَنَا فِى حَشَا فُلَانٍ I am in the quarter and protection of such a one: pl. as above. (Har p. 61.) [See, again, حَشًى, in art. حشى.]

حَشْوٌ, like the inf. n., (TA,) Stuffing; (PS;) [i. e.] what is put into a pillow, or cushion, &c.: (K, TA:) and [hence] cotton: and the seeds used for seasoning food, [and the rice &c.,] with which the belly of a lamb is stuffed: pl. ↓ مَحَاشٍ, deviating from rule. (TA.) b2: (tropical:) The soul of a man. (K, TA.) b3: (assumed tropical:) [A parenthesis;] a redundant part, or portion, of speech, or of a sentence, (K, TA,) upon which nothing is syntactically dependent. (TA. [See Har pp. 85 and 86.]) b4: (assumed tropical:) [A digression.] b5: (assumed tropical:) The portion of either hemistich of a verse that is comprised between the first and last foot. (KT, &c.) b6: (assumed tropical:) Small, or young, camels, (S, K,) among which are no great, or old, ones; (S, TA;) as also ↓ حَاشِيَةٌ: (S, K:) so called because they enter, or occupy the spaces, among the latter; or because they go against the sides of the latter: (TA:) accord. to ISk, (S,) ↓ الحَاشِيَتَانِ signifies [the camel termed] اِبْنُ المَخَاضِ and [that termed] اِبْنُ اللَّبُونِ: (S, and K in art. حشى:) the pl. [of حَاشِيَةٌ] is ↓ حَوَاشٍ. (TA.) It is said in a trad. respecting the poorrate, أَمْوَالِهِمْ ↓ حُذْ مِنْ حَوَاشِى, i. e., accord. to IAth, (assumed tropical:) Take thou of the small, or young, of their camels; such as those termed ابن المخاض and ابن اللبون. (TA. [But see another explanation of this saying voce حَاشِيَةٌ in art. حشى.]) b7: and حَشْوٌ and ↓ حَاشِيَةٌ signify also (assumed tropical:) The like of mankind; (S;) [i. e.] حَاشِيَةٌ signifies (tropical:) the lower or lowest, baser or basest, meaner or meanest, sort, or the rabble, or refuse, of mankind, or of the people; (TA in art. حشى, and Har p. 61;) as also حَشْوٌ [which is of frequent occurrence in this sense]; (KL;) and ↓ حِشْوَةٌ; (S, TA;) such as servants and the like. (Har ubi suprà, in explanation of حاشية. [See also this word in art. حشى.]) You say, ↓ جَآءَ فُلَانٌ مَعَ حَاشِيَتِهِ (assumed tropical:) Such a one came with those who were in his quarter and protection: but this may be from حَشًا signifying “a region, quarter, or tract;” servants and followers being in the quarter and protection of their master. (Har ubi suprà.) And فُلَانٌ بَنِى فُلَانٍ ↓ مِنْ حِشْوَةِ (assumed tropical:) Such a one is of the lower or lowest, &c., of the sons of such a one. (S.) b8: See also حُشْوَةٌ.

A2: Also A stuffed garment. (Mgh.) أَرْضٌ حَشَاةٌ (tropical:) Black land, in which is no good. (K, TA.) حُشْوَةٌ and حِشْوَةٌ: for each, see حَشًا, in two places: b2: and for the latter, see also حَشْوٌ, in two places. b3: You say also, مَا أَكْثَرَ حُشْوَةَ أَرْضِهِ and حِشْوَةَ ارضه, i. e. ↓ حَشْوَهَا and دَغَلَهَا [app. meaning (tropical:) How many are the thickets, or the like, that obstruct the tracts of his land!]. (Lh, K, TA.) حَشِىٌّ Herbage that has become dry in its lower part, and rotten: (IAar, K:) or dry: (As, S, K:) like خَشِىٌّ [q. v.]. (S, TA.) حَشِيَّةٌ A stuffed bed: (K:) pl. حَشَايَا. (TA.) ['Antarah says that a saddle was to him what the حَشِيَّة, or stuffed bed, is to others: see EM p. 229.] b2: Also, (K,) and ↓ مِحْشًى, (S, K,) A pillow, (K,) or the like, (S,) with which a woman makes her posteriors (S, K) or her body (K) to appear large: (S, K:) pl. of the former as above; (TA;) and of the latter مَحَاشٍ. (S, TA. [In the S, it is only said of the former that it is the sing. of حَشَايَا.]) b3: [Also the former, The pad of a رَحْل (or camel's saddle): see مِرْبَطَةٌ.]

حَاشِيَةٌ, and its dual and pl.: see حَشْوٌ, in six places. b2: See also art. حشى.

مَحْشًى The place of the food in the belly. (K.) [See also حَشًا, and مَحْشَاةٌ.]

مِحْشًى: see حَشِيَّةٌ.

مَحْشَاةٌ [The rectum;] the lowest of the places of the food, (As, TA,) [i. e.] the portion of the intestines which is the lowest of the places of the food, (IAth, TA,) leading [immediately] to the place of egress; (As, TA;) in a beast, i. q. مَبْعَرٌ: (TA: [explained in the K in art. حش, to which it does not belong:]) pl. مَحَاشٍ. (IAth, TA.) Hence, إِيَّاكُمْ وَ إِتْيَانَ النِّسَآءِ فِى مَحَاشِيهِنَّ فَإِنَّ كُلَّ مَحْشَاةٍ حَرَامٌ. (TA.) مِحْشَاةٌ A coarse [garment of the kind called]

كِسَآء, (As, S, TA,) that abrades the skin: (TA:) pl. مَحَاشٍ. (As, S.) [But accord. to some, a garment of this kind is called مِحْشَأٌ or مِحْشَآءٌ.]

مَحْشُوٌّ and مَحْشِىٌّ Filled, or stuffed..]

مَحَاشٍ pl. of مِحْشًى, (S, TA,) and of مَحْشَاةٌ, (IAth, TA,) and of مِحْشَاةٌ, (As, S,) and irreg. pl. of حَشْوٌ, q. v. (TA.)
حشو
الحَشْوُ: ما حَشَوْتَ به الفِراشَ وغيرَه، والحَشِيَّةُ: الفِرَاشُ المَحْشُوُّ، وجَمْعُه: حَشَاوى، على الأصْلِ.
واحْتَشَيْتُ: في معنى امْتَلْأتُ. وانْحَشَى صَوْتٌ في صَوْتٍ. والمُسْتَحَاضَةُ تَحْتَشي. والمَحَاشُ - مَفْعَلٌ من الحَشْوِ -: قَوْمٌ لَفِيْفٌ.
والحَشْوُ صِغَار الإبِلِ، وحاشَيْتُها. والحاشِيُّ: - على فاعُوْلٍ -: حَشْوُ الإبِلِ، والفَرْدُ حاشِيَّةٌ. وما أحْشَاني وما أجَلَّني: أي ما أعْطاني حاشِيَةً من الإبِلِ. والحاشِيَتانِ: ابنُ المَخَاضِ وابنُ اللَّبُوْنِ. وفي المَثَلِ لمَنْ يكونُ ذا مَهَانَةٍ ثُمَّ يَنْتَقِلُ إلى العِزِّ: " غَلَبَتْ جِلَّتها حَوَاشِيها ". والحَشْوُ من الكَلام: الفَضَلُ الذي لا يُعْتَمَدُ عليه. ورَجُلٌ حُشَاوَةٌ وقَوْمٌ كذلك: وهم الأنْذَالُ؛ والحِشْوَةُ أيضاً. وهو الضَّعِيْفُ أيضاً. وحاشِيَتا الثَّوْبِ: جانِباه. وحاشِيَةُ السَّرَابِ: كُلُّ ناحِيَةٍ منه، والجَميعُ: الحَوَاشي.
والحَشى: الطَّرَفُ من الأطْرافِ. والنّاحِيَةُ. والذَّرى. وما دُوْنَ الحِجابِ مِمّا في البَطْنِ كالكَبِدِ والطِّحَالِ والكَرِشِ. وهو أيضاً: ظاهِرُ البَطْنِ وهو الخَصْرُ، والجَميعُ: أحْشَاء. وحَشىً رابِيَةً: مُنْتَفِتَخةٌ من بُهْرٍ ونَحْوِه. والعَرَبُ تُسَمِّي الأرْنَبَ مُحْشِيَةَ الكِلابِ، لأنَّها تُتْعِبُها حتّى تَرْبُوَ. وحَشَأْتُه بالسَّهْمِ: أصَبْتَ حَشَاه، والحَشِيُّ: الذي يَشْتَكي حَشَاه. والحَشْيَانُ: الذي به الرَّبْوُ، امْرَأةٌ حَشْيَانَةٌ وحَشِيَّةٌ، والجَميعُ: أحْشَاءٌ.
وحَشَوْتُه: أصَبْتَ حَشَاه. والمِحْشَأٌ: كِسَاءٌ يُشْتَمَلُ به، والجَميعُ: المَحَاشِيءُ.
وحَشَأْتُه بالعَصَا حَشْأ: ضَرَبْتَه بها. وحَشَأْتُ النّارَ: حَشَشْتَها والمَرْأةَ: نَكَحْتَها. والحَشَأةُ: الحَرَّةُ، والجَميعُ: الحَشَئاءُ، والحُشَّةُ مِثْلُها. وحُشْوَةُ الشّاةِ وحِشْوَتُها - بالضَّمِّ والكَسْر -. والحَشِيُّ: اليابِسُ. وفَعَلُوا ذلك وحَشَاكَ: أي غَيْرَكَ وخَلاكَ، وحَشِيَ كذا وحاشاه. وشَتَمْتُهم فما تَحَشَّيْتُ منهم ولا حاشَيْتُ منهم أحَداً: أي ما بالَيْتُ. وحاشَيْتُ عن فلانٍ وَحشَيْتُه: إذا نَزَّهْتَه ودافَعْتَ عنه بمعنىً. والحُشْوِيُّ: المَسْدُودُ المَذاهِبِ لا يَهْتَدي إلى الأُمور.
الْحَاء والشين وَالْوَاو

حَشا الوسادة وَغَيرهَا حَشواً: ملأها. وَاسم ذَلِك الشَّيْء الحَشْوُ، على لفظ الْمصدر.

والحَشِيَّةُ: الْفراش المَحْشُوُّ.

والحشِيَّةُ: مرفقة أَو مصدعة أَو نَحْوهَا تعظم بهَا الْمَرْأَة بدنهَا أَو عجيزتها لتظن مبدنة أَو عجزاء، وَهُوَ من ذَلِك، أنْشد ثَعْلَب:

إِذا مَا الزُّلُّ ضاعَفْنَ الحشايَا ... كَفَاها أَن يُلاثَ بهَا الإزارُ

واحتَشَت الْمَرْأَة الحَشِيَّة واحتَشَت بهَا، كِلَاهُمَا: لبستها، عَن ابْن الْأَعرَابِي وَأنْشد:

لَا تَحْتَشي إِلَّا الصمِيمَ الصادِقا

يَعْنِي إِنَّهَا لَا تلبس الحشايا لِأَن عظم عجيزتها يغنيها عَن ذَلِك، وَأنْشد فِي التَّعَدِّي بِالْبَاء:

كَانَت إِذا الزُّلُّ احتَشَيْن بالنقَبْ

تُلقى الحشايا مَالهَا فِيهَا أَرَبْ

والاحتِشاءُ: الامتلاء.

واحتَشَت الْمُسْتَحَاضَة: حشَتْ نَفسهَا بالفارم وَنَحْوهَا، وَكَذَلِكَ الرجل ذُو الأبردة. وحَشْوُ الرجل: نَفسه، على الْمثل. وَقد حُشِىَ بهَا وحَشِيَها، قَالَ يزِيد بن الحكم الثَّقَفِيّ:

وَمَا بَرِحَتْ نَفْسٌ لجوُجٌ حُشِيَتها ... تُذيبُك حَتَّى قيل: هَل أَنْت مُكتَوِى؟

وحُشِىَ الرجل غيظا وكبرا، كِلَاهُمَا على الْمثل، قَالَ المرار:

وحَشَوْتُ الغيظَ فِي أضلاعِه ... فَهُوَ يَمْشي حَظَلاناً كالنَّقِرْ

وَأنْشد ثَعْلَب:

وَلَا تأنفَا أَن تسألا وتُسَلِّما ... فَمَا حُشِىَ الإنسانُ شراًّ من الكِبْرِ

وحَشْوُ الْبَيْت من الشّعْر: أجزاؤه غير عروضه وضربه، وَهُوَ من ذَلِك.

والحَشْوُ من الْكَلَام: الْفضل وَمَا لَا يعْتد بِهِ، وَكَذَلِكَ هُوَ من النَّاس.

وحَشْوُ الْإِبِل وحاشِيَتُها: صغارها، وَقيل: صغارها الَّتِي لَا كبار فِيهَا.

وأتيته فَمَا أجلَّني وَلَا أحْشاني: أَي فَمَا أَعْطَانِي جليلة وَلَا حَاشِيَة.

وحاشِيَتَا الثَّوْب: جانباه اللَّذَان لَا هدب فيهمَا.

وعَيْشٌ رَقِيق الْحَوَاشِي: أَي ناعم.

وحِشْوَةُ الشَّاة وحُشْوَتُها: جوفها، وَقيل: حِشْوَةُ الْبَطن وحُشْوَتُه، مَا فِيهِ من كبد وطحال وَغير ذَلِك.

والمَحْشَي: مَوضِع الطَّعَام.

والحَشَا: مَا فِي الْبَطن. وتثنيته حَشَوانِ، وَقد تقدم فِي الْيَاء لِأَنَّهُ مِمَّا يثنى بِالْيَاءِ وَالْوَاو. وَالْجمع أحشاءٌ.

وحَشَوتُه: أصبت حَشاه.

وحِشْوَة النَّاس: رذالتهم. وَحكى الَّلحيانيّ: مَا اكثر حِشْوةَ أَرْضكُم وحُشْوَتَها، أَي حَشوها وَمَا فِيهَا من الدغل.

وَأَرْض حَشاةٌ: سَوْدَاء لَا خير فِيهَا. 

فلج

(فلج) الطَّعَام وَنَحْوه بَينهم مُبَالغَة فِي فلجه وَالْأَمر نظر فِيهِ بتدبر وَالْمَرْأَة أسنانها فرقت بَينهَا للزِّينَة
(فلج)
فلجا ظفر وَيُقَال فلج بحاجته وبحجته أحسن الإدلاء بهَا فغلب خَصمه وَيُقَال فلجت حجَّته وَالشَّيْء شقَّه نِصْفَيْنِ وَيُقَال فلج الحراث الأَرْض للزِّرَاعَة شقها وقلبها وَالطَّعَام وَنَحْوه بَينهم قسمه والوالي الْجِزْيَة على الْقَوْم فَرضهَا

(فلج) الرجل وَنَحْوه فلجا وفلجة تبَاعد مَا بَين سَاقيه أَو يَدَيْهِ أَو أَسْنَانه خلقَة وَيُقَال فلج ثغره وفلجت أَسْنَانه فَهُوَ أفلج وَهِي فلجاء (ج) فلج

(فلج) الرجل أَصَابَهُ دَاء الفالج فَهُوَ مفلوج
ف ل ج: (الْفَلْجُ) بِوَزْنِ الْفَلْسِ الظَّفَرُ وَالْفَوْزُ. وَ (فَلَجَ) عَلَى خَصْمِهِ مِنْ بَابِ نَصَرَ. وَفِي الْمَثَلِ: مَنْ يَأْتِ الْحَكَمَ وَحْدَهُ يَفْلُجُ. وَ (أَفْلَجَهُ) اللَّهُ عَلَيْهِ وَالِاسْمُ (الْفُلْجُ) بِالضَّمِّ. وَ (أَفْلَجَ) اللَّهُ حُجَّتَهُ قَوَّمَهَا وَأَظْهَرَهَا. وَ (الْفَلَجُ) فِي الْأَسْنَانِ بِفَتْحَتَيْنِ تَبَاعُدُ مَا بَيْنَ الثَّنَايَا وَالرَّبَاعِيَاتِ وَبَابُهُ طَرِبَ. وَرَجُلٌ (أَفْلَجُ) الْأَسْنَانِ وَامْرَأَةٌ (فَلْجَاءُ) الْأَسْنَانِ. وَ (الْفَالِجُ) رِيحٌ. وَقَدْ (فُلِجَ) الرَّجُلُ بِضَمِّ الْفَاءِ فَهُوَ (مَفْلُوجٌ) . 
(ف ل ج) : (الْفَلَجُ) بِالْفَتْحِ خُمْسَا الْكُرِّ الْمُعَدَّل عَنْ شَيْخِنَا أَبِي عَلِيٍّ وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى هُوَ أَكْبَرُ مِنْ الْفِلْجِ (وَفِي التَّهْذِيب) الْفَلِجُ نِصْفُ الْكُرِّ الْكَبِير (وَالْفِلْجُ) الْمِكْيَالُ الَّذِي يُقَالُ لَهُ بِالسُّرْيَانِيَّةِ فَالَغَا (وَمِنْهُ) حَدِيثُ عُمَرَ أَنَّهُ بَعَثَ حُذَيْفَةَ وَابْنَ حُنَيْفٍ إلَى السَّوَادِ فَفَلَجَا الْجِزْيَةَ عَلَى أَهْلِهِ أَيْ فَرَضَاهَا وَقَسَمَاهَا وَإِنَّمَا أَخَذُوا الْقِسْمَةَ مِنْ هَذَا الْمِكْيَال لِأَنَّ خَرَاجَهُ كَانَ طَعَامًا وَقِيلَ (الْفَلْجُ) الْقِسْمَةُ (عَنْ شِمْرٍ) يُقَالُ فَلَّجْتُ الْمَالَ بَيْنَهُمْ أَيْ قَسَّمْتُهُ وَفَلَجْتُ الشَّيْءَ فَلْجَيْن أَيْ شَقَقْتُهُ نِصْفَيْنِ (وَمِنْهُ) الْفَالِجُ فِي مَصْدَر الْمَفْلُوج لِأَنَّهُ ذَهَابُ النِّصْفِ عَنْ ابْنَ دُرَيْدٍ (وَالْأَفْلَجُ) الْمُتَبَاعِدُ مَا بَيْنَ الرِّجْلَيْنِ (وَأَمَّا الْمُفَلَّجُ الْأَسْنَان) فَلَا يُقَال إلَّا أَفْلَجُ الْأَسْنَانِ.

فلج


فَلَجَ(n. ac.
فَلْج
فُلُوْج)
a. Succeeded, was successful.
b. ['Ala], Triumphed, prevailed over, overcame, vanquished.
c.(n. ac. فَلْج), Split, divided, parted.
d. [acc. & Bain], Distributed, shared amongst.
e. Furrowed, tilled, ploughed (land).
f. [Bi
or
Fī], Established (arguments).
g. [pass.], Was afflicted with hemiplegy.
فَلِجَ(n. ac. فَلَج
فَلَجَة)
a. Had the teeth, the feet &c. wide apart.
b. see supra
(g)
فَلَّجَa. see I (c) (e).
فَاْلَجَa. Competed, contended with.

أَفْلَجَa. see I (a) (b).
c. [acc. & 'Ala], Made to triumph, prevail over.
d. Established, made good (argument).

تَفَلَّجَa. Was cracked.

إِنْفَلَجَ
a. [ coll. ]
see I (g)
فَلْج
(pl.
فُلُوْج)
a. Division; half; protion, share, part.
b. see 3
فِلْجa. A certain measure of capacity. —
فُلْج فُلْجَة
Success; victory; triumph.
فَلَجa. Wideness of the teeth &c.
b. (pl.
أَفْلَاْج), Rivulet, streamlet, rill.
أَفْلَجُa. Wide-toothed.
b. Deformed, malformed.

فَاْلِجa. Successful; winning; victorious; triumphant; winner;
victor, vanquisher.
b. Dividing, halving &c.
c. Hemiplegy, partial paralysis.
d. Two-humped camel.

فَلُّوْجa. Writer.

فِلْجَاْنa. see فِنْجَان

N. P.
فَلڤجَ
(pl.
مَفَاْلِيْجُ)
a. Hemiplegic, paralysed; paralytic.

N. P.
فَلَّجَa. see 14 (a)
فَالَج
a. see 2
فَيْلَج
a. Cocoon ( of the silk-worm ).
ف ل ج

فلجت على خصمك، وفلجت حجّتك. وخرج لك سهمٌ فالج أي فائز. والله أفلجك عليه وأظفرك. قال الطّرماح:

وأفلجهم في كلّ يوم كريهة ... كرام الفحول واعتيام الحواصن

ولمن الفلج والفلج. وتقول: قضي لك الفلج، فقضى لي الثّلج. واستفلج فلان بأمره بالجيم والحاء إذا ملكه، ومنه قول الكافي في الطلاق: استفلجي بأمرك. وتعال أفالجك أموراً من الحقّ أي أسابقك إلى الفلج لأيّنا يكون. وفلجت فلانة بقلبي: ذهبت به. قال أبو ذؤيب:

وسعدى بألباب الرجال فلوج

وأنا منه فالج بن خلاوة أي بريء يخال. وتقول: فلان يدعى عليّ فودين وعلاوه، وأنا منها فالج بن خلاوه، أي ألفين وخمسمائة. وفي أسنانه فلج وتفليج، وثغر أفلج ومفلج. واستقيت الماء من الفلج وهو الجدول. وفلجوا الجزية بينهم: فسموها. وفلج بين أعشرائك لا تختلط أي فرق بينها وهي أنصباء الجزور. ويقال لقاسمها: المفلج. واكتمل بالفج والفالج وهو مكيال ضخم. وفلج الرجل فهو مفلوج، وقوم مفاليج. وتقول: فلان اكتال الفالج بالفالج أي أخذ منه النصيب الأوفر.
(فلج) - في حديث أَبي هريرة - رضي الله عنه -: "الفالِج دَاءُ الأَنْبِياء" هو دَاءٌ معروف يُرْخِي نِصْفَ البَدَن في الغَالِب، واشتِقاقُه من الفَلْج وهو النِّصف من كلِّ شيءٍ؛ ومنه البَعيرُ ذو الفَالِج، وهو ذو السَّنَامَينْ.
- ومنه الحديث: "أَنَّ فَالجاً تَردَّى في بِئر"
ولا يكون السَّنَامَان إلَّا مُخْتَلِفَي المَيْل. وأمر مُفَلَّج:
ليس بمُسْتَقِيم على وَجهِه، وفي المَثَل: "أنَا مِنْه فَالِجُ بن خَلَاوَة ": أىِ برِيءٌ. - وفي حديث علي - رضي الله عنه -: "أَيُّنا فَلَج فَلَجَ أَصحابَه"
والفُلج والفَلْج: الظَّفَر بالشَّيءِ والغَلَبَة عليه، وقد أَفْلَجَنِي الله عزّ وجلَّ.
- في الحديث: "لَعَن اللَّهُ الوَاشِمَاتِ، والمُسْتَوشِماتِ والمُتَفَلِّجات "
وهُنَّ اللَّاتي يُعالْجِنَ أَسنانَهن حتى يكون لها تَحدُّدٌ وأُشُرٌ.
يقال: ثَغْر أَفلَج؛ إذا كان مُتباعِدَ الثَّنَايا والرّبَاعيات، وتَفلَّجت قَدمُه: تَشقَّقَت.
وفَلُّوجَة : من قُرَى سواد الكوفة يجيء ذِكرُها في الحديث. مَعنَاها الأَرضُ المُصْلَحَة للزَّرع؛ لِتفَلُّجِها بالغَرسِ والزَّرع: أي تَشَقُّقِها.
فلج وَقَالَ [أَبُو عبيد -] : فِي حَدِيث عمر حِين بعث حُذَيْفَة وَابْن حُنَيْف إِلَى السوَاد فَفَلَجَا الْجِزْيَة على أَهله. قَالَ الْأَصْمَعِي: قَوْله: فَلَجَا يَعْنِي قسما الْجِزْيَة عَلَيْهِم. قَالَ: وأصل ذَلِك من الفِلْج وَهُوَ الْمِكْيَال الَّذِي يُقَال لَهُ الفالج قَالَ: وَأَصله سرياني يُقَال لَهُ بالسُّرْيَانيَّة: فالغا فَعرِّب فَقيل [لَهُ -] : فالج وفِلْج قَالَ الْجَعْدِي يصف الْخمر: [المنسرح]

اُلْقِيَ فِيهَا فِلْجانِ من مِسْك دا ... رِينَ وفلج من فلفل ضرم يَعْنِي حرارة طعم الفلفل. وَإِنَّمَا سمى الْقِسْمَة بالفلج لِأَن خراجهم كَانَ طَعَاما. قَالَ أَبُو عبيد: فَهَذَا الفِلْج فَأَما الفُلْج بِضَم الْفَاء فَهُوَ أَن يَفْلُجَ الرجلُ أصحابَه يعلوهم ويفوتهم. يُقَال مِنْهُ: قد فلج يفلُج [فَلْجا وفُلْجا -] . وَأما الفَلَج بِفَتْح الْفَاء وَاللَّام فَهُوَ النَّهر قَالَ الْأَعْشَى: [الطَّوِيل]

فَمَا فَلَجٌ يجْرِي إِلَى جنب صعنبي ... لَهُ مَشْرَع سهل إِلَى كل مَوردِ

والفَلَج أَيْضا فِي الْأَسْنَان من الرجل الأفلج وهُوَ المتباعد مَا بَين الثنايا والرباعيات.
ف ل ج : فَلَجْتُ الْمَالَ فَلْجًا مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَفُلُوجًا قَسَمْتُهُ بِالْفِلْجِ بِالْكَسْرِ وَهُوَ مِكْيَالٌ مَعْرُوفٌ وَفَلَجْتُ الشَّيْءَ شَقَقْتُهُ فِلْجَيْنِ أَيْ نِصْفَيْنِ وَالْفَيْلَجُ وِزَانُ زَيْنَبَ مَا يُتَّخَذُ مِنْهُ الْقَزُّ وَهُوَ مُعَرَّبٌ وَالْأَصْلُ فَيْلَقٌ كَمَا قِيلَ كَوْسَجٌ وَالْأَصْلُ كَوْسَقٌ وَمِنْهُمْ مِنْ يُورِدُهُ عَلَى الْأَصْلِ وَيَقُولُ الْفَيْلَقُ وَفَلَجَ فُلُوجًا مِنْ بَابِ قَعَدَ ظَفِرَ بِمَا طَلَبَ وَفَلَجَ بِحُجَّتِهِ أَثْبَتَهَا وَأَفْلَجَ اللَّهُ حُجَّتَهُ بِالْأَلِفِ أَظْهَرَهَا.

وَالْفَالِجُ مَرَضٌ يَحْدُثُ فِي أَحَدِ شِقَّيْ الْبَدَنِ طُولًا فَيُبْطِلُ إحْسَاسَهُ وَحَرَكَتَهُ وَرُبَّمَا كَانَ فِي الشِّقَّيْنِ وَيَحْدُثُ بَغْتَةً.
وَفِي كُتُبِ الطِّبِّ أَنَّهُ فِي السَّابِعِ خَطَرٌ فَإِذَا جَاوَزَ السَّابِعَ انْقَضَتْ حِدَّتُهُ فَإِذَا جَاوَزَ الــرَّابِعَ عَشَرَ صَارَ مَرَضًا مُزْمِنًا وَمِنْ أَجْلِ خَطَرِهِ فِي الْأُسْبُوعِ الْأَوَّلِ عُدَّ مِنْ الْأَمْرَاضِ الْحَادَّةِ وَمِنْ أَجْلِ لُزُومِهِ وَدَوَامِهِ بَعْدَ الــرَّابِعَ عَشَرَ عُدَّ مِنْ الْأَمْرَاضِ الْمُزْمِنَةِ وَلِهَذَا يَقُولُ الْفُقَهَاءُ أَوَّلُ الْفَالِجِ خَطَرٌ وَفُلِجَ الشَّخْصُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ فَهُوَ مَفْلُوجٌ إذَا أَصَابَهُ الْفَالِجُ. 
فلج: الفَلَجُ: الماءُ الجارِي من العَيْنِ ونَحْوِه. وهو في الأسْنَانِ: تَبَاعُدُ ما بَيْنَ الثَّنَايَا والرَّباعِيَاتِ، وصاحِبُه أفْلَجُ، فإنْ تَكَلَّفَ ذلك فهو التَّفْلِجُ. وهو في الرِّجْلَيْنِ: تَبَاعُدُ القَدَمَيْنِ أُخُراً، وتَفَلَّجَتْ قَدَمُه: أي تَشَقَّقَتْ. وهي الفُلُوْجُ، الواحِدُ فَلْجٌ وفِلْجٌ. والفُلْجُ: الظَّفْرُ بمَنْ تُخَاصِمُه، فَلَجَتْ حُجَّتُكَ، وأفْلَجَهَا اللهُ. وحَجِيْجٌ فَلْيْجٌ علة الإِتْبَاعِ: وهو الذي يَحَاجُّ خَصْمَه ويُفْلِجُه. ويُقال: خَصَمْتُ وأفْلَجْتُ: بمعنى فَلَجْتُ. وفَلَجْتُكَ على الخَصْمِ وأفْلَجْتُكَ عليه. وأمْرٌ مُفْلِجٌ: ليس بمُسْتَقِيمٍ على جِهَتِه. وفَلَجْتُ الشَّيْءَ: قَسَمْتَه وفلج بين غنمك أي فرق بينها. وكُلُّ شَيْءٍ فَرَّجْتَ بَيْنَه فهو فَلِيْجٌ. وفلْجٌ: وادٍ بِطَرِيْقِ ال [َصْرَةِ إلى مَكَّةَ. وفَلُّوْجَةُ: من قُرى سَوَادِ الكُوءفَةِ. والفَلُّوْجَةُ: الأرْضُ المُصْلَحَةُ للزَّرْعِ، وهي الفَلاَلِيْجُ. والفالِجُ: الجَمَلُ ذو السَّنَامَيْنِ الضَّخْمُ. ومِكْيَالٌ ضَخْمٌ، وهو الفِلْجُ أيضاً. والقامِرُ. ورِيْحٌ تَأْخُذُ الإِنسانَ يَرْتَعِشُ منها، وصاحِبُه مَفْلُوْجٌ. والفَلاَئِجُ من الأوْبَارِ: المُتَكَبِّبَةُ، ويُقال: هي جَمْعُ الفَلِيْجَةِ وهي نِصْفُ جِزَّةٍ من صُوْفٍ. والفَلِيْجُ: البِجَادُ الضَّيِّقُ، والواسِعُ أيضاً. وشِقَّةٌ من شِقَقِ البَيْتِ، وجَمْعُه فُلُجٌ. وفي المَثَلِ:: أنَا منه فالِجُ ابنُ خَلاَوَةَ " أي أنَا منه بَرِيْءٌ.
فلج: فلج أو فلج؟ في ألف ليلة (برسل 22810): في الكلام عن رجل تظاهر بالجنون: فلج يديه ولا أدري كيف أترجمها. وفي طبعة ماكن: أشاح بيديه، أي ترك يديه مدلاة.
أفلج: شل، أصاب بالفالج. (فوك)، في ابن البيطار (1: 202): فإن النوم عليه يفلج ويفسد نسبة الأعضاء الطبيعية.
أفلج: روع، أخاف، أرعب. (فوك) .. معناه الحقيقي: شل، أصابه بالفالج، كما يقال الرعب يشل كل القوى.
انفلج: انقسم، تجزأ، انشق. (أبو الوليد ص572).
انفلج: أصيب بالفالج. (فوك).
انفلج: ارتعب، تروع. (الكالا) والمعنى الحقيقي أصيب بالفالج. (انظر: أفلج) وفي ألف ليلة (1: 826): إني رأيت إنسانا في هذه الليلة لو رأيته ولو في المنام لانفلجت عليه. وقد ترجمها لين إلى الإنجليزية بما معناه: (أنت لابد من أن تصاب بالفالج من الدهشة والعجب منه).
فلجة: أنظر فليجة.
فلجة: سنا، سنى. نبات مسهل. (كاتتيه 1: 109).
فليج. فليجة الثغر (ألف ليلة 1: 116): التي تباعدت أسنانها.
فليجة. (فلجة: قماش تصنع منه الخيام). (دوماس عادات ص270، كاريت جغرافية ص219، بارت ص222، وفيه: فلدشة، وعند اسبينا (مجلة الشرق والجزائر 13: 156): فليج أو قماش لصناعة الخيام. وفي غدامس (ص137): فليج، ربطات من القماش تصنع منها الخيام. وهي فليجة عند يونج فان رود نبورج. وهي فلجة عند هلو. ويذكر بوسييه كلمة فليج للمفرد وفلجة للجمع.
فالج: يظهر أنها الكلمة المبتورة من الكلمة اليونانية فالجيا، ومعناها: شلل شقي. (فوك) وهو يذكر فوالج جمعا لها (بوشر). وسكتة دماغية، داء النقطة. (برجرن).
فالج: انظر عن هذا المكيال ما قاله أبو الوليد ص260، 572).
مفلوج: مصاب بالفالج، مشلول. (لين، فوك، بوشر، برجرن).
مفلوج: مستسق، مصاب بداء الاستسقاء. (المعجم اللاتيني- العربي).
[فلج] فيه: كان "مفلج" الأسنان، وروى: أفلج، الفلج بالتحريك فرجة ما بين الثنايا والرباعيات، والفرق فرجة ما بين الثنيتين. ط: "أفلج" الثنيتين، استعمل الفلج موضع الفرق، قوله: إذا تكلم ربي كالنور يخرج من بين ثناياه، ضمير يخرج لما دل عليه تكلم، أو للنور على أن كافه زائدة ولا تشبيه فيه بل معجزة، وعلى الأول تشبيه ووجهه البيان والظهور كما شبهت الحجة بالنور. نه: ومنه: لعن الله "المتفلجات" للحسن، أي نساء يفعلنه بأسنانهن للتحسين. ن: هي من تبرد ما بين أسنانها، وتفعله العجوز إظهارا للصغر، لأن هذه الفرجة تكون للصغائر فإذا عجزت كبرت سنها وتوحشت، قوله: للحسن - يشير إلى أنه لو فعله لعلاج أو عيب لا بأس به، وهذا لا يدل على أن كل تغير حرام إذ المغيرات ليست صفة مستقلة في الدم بل قيد للمتفلجات. ج: والمتفلجة من تكلف على ذلك بصناعة وهو محبوب إلى العرب. نه: وفيه: إن المسلم ما لم يغش دناءة يخشع لها إذا ذكرت وتغرى به لئام الناس كالياسر "الفالج"، الياسر المقامر، والفالج: الغالب في قماره، فلجه وفلج عليه - إذا غلبه، والاسم الفلج - بالضم. ش: هو بضم فاء وسكون لام. نه: ومنه ح: أينا "فلج فلج" أصحابه. غ: وأفلجه الله. نه: وح: فأخذت سهمي "الفالج"، أي القامر الغالب، ويجوز أن يكون السهم الذي سبق به في النضال. وح: بايعته صلى الله عليه وسلم وخاصمت إليه "فأفلجني"، أي حكم لي وغلبني على خصمي. وفيه: "ففلجا" الجزية على أهله، أي قسماها، من الفلج والفالج وهو مكيال معروف وأصله سرياني، وسمى القسمة بالفلج لأن خراجهم كان طعاما. و "فلج" بفتحتين قرية من ناحية اليمامة وموضع باليمن وهو بسكون اللام واد بين البصرة وحمى ضرية. وفيه: إن "فالجا" تردى في بئر، هو البعير ذو السنامين، سمي به لأن سناميه يختلف ميلهما. وفيه: "الفالج" داء الأنبياء، هو داء معروف يرخى بعض البدن.
فلج
فلَجَ يفلِج، فَلْجًا، فهو فالج، والمفعول مَفْلوج
 • فلَج الشَّيءَ: شَقَّه وقسَّمه "فلَج الأرضَ: شقَّها وقلَّبها تمهيدًا لزرعها". 

فُلِجَ يُفلَج، فَلْجًا، والمفعول مَفْلوج
• فُلِج الرَّجلُ: أُصيب بالشَّلل النِّصفيّ "فُلج أبوه- انهارت المؤسسة عندما فلِج مديرُها". 

تفلَّجَ يتفلَّج، تفلُّجًا، فهو مُتفلِّج
• تفلَّج الشَّيءُ: تشقَّق "تفلَّجت الأرض/ قدمه".
• تفلَّجت الأسنانُ: تباعد ما بينها خِلْقةً. 

فلَّجَ يفلِّج، تفليجًا، فهو مُفلِّج، والمفعول مُفلَّج
• فلَّج أنبوبًا: وسَّع فوهته.
• فلَّج الشَّيءَ: قسَّمه.
• فلَّجت أسنانهَا: فرَّقت بينها للزِّينة. 

أفلجُ [مفرد]: مَن تباعدَ ما بين قدميه أو يديه أو أسنانه. 

فالِج [مفرد]: ج فَوالِج:
1 - اسم فاعل من فلَجَ.
2 - (طب) شلل نصفيّ؛ شلل يصيب أحد شقيّ الجسْم طولاً فيُبْطل إحساسَه وحركتَه "أُصيب بالفالج فصار قعيد المنزل". 

فَلْج [مفرد]: مصدر فُلِجَ وفلَجَ. 

فَلَج [مفرد]:
1 - تباعُدُ ما بين الأسنان خِلقة "في أسنانه فَلَج".
2 - (جو) خاصّيّة ميل بعض المعادن والصخور إلى الانشقاق إلى صفائح متقاربة ومتوازية. 
فلج نأنأ بطن غور قَالَ أَبُو عبيد: فالياسرون هم الَّذِي يتقامرون على الجَزور وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا فِي أهل الشّرف مِنْهُم والثروةِ والجدةِ وَكَانُوا يفتخرون بِهِ قَالَ الْأَعْشَى يمدح قوما: [السَّرِيع]

المُطعِمُو الضيفِ إِذا مَا شَتَوا ... والجاعلو القُوتِ على الياسرِ ... وَقَالَ طرفَة: [الرمل]

فهُمُ أيسارُ لُقْمَان إِذا ... أغْلَتِ الشتوةُ أبداء الجُزُر ... وَهُوَ كثير فِي أشعارهم فَأَرَادَ عليّ بقوله: كالياسرِ الفالجِ ينْتَظر فَوزةً من قِداحه أَو دَاعِي الله فَمَا عِنْد الله خير للأبرار يَقُول: هُوَ بَين خيرتين 4 / ب إِمَّا صَار إِلَى مَا يحب من الدُّنْيَا / فَهُوَ بِمَنْزِلَة المعلّى وَغَيره من القِداح الَّتِي لَهَا حظوظ أَو بِمَنْزِلَة الَّتِي لَا حظوظ لَهَا يَعْنِي الْمَوْت فَيحرم ذَلِك فِي الدُّنْيَا وَمَا عِنْد الله خير لَهُ. والفالج: القامر يُقَال: قد فَلَجَ عَلَيْهِم وفَلَجَهم قَالَ الراجز فِي الفالج: [الرجز]

لمّا رأيتُ فالجا قد فَلجَا ... وَمِمَّا يبين ذَلِك أَنه أَرَادَ بالحرمان فِي الدُّنْيَا المَنيح حَدِيث يرْوى عَن جَابر ابْن عبد الله قَالَ: كنتُ مَنِيحَ أَصْحَابِي يومَ بدر. [قَالَ -] : وَكَانَ أَصْحَاب الحاديث يحملون هَذَا على استقاء المَاء لَهُم وَلَيْسَ هَذَا من استقاء المَاء فِي شَيْء إِنَّمَا أَرَادَ بِهِ أنّه لم يَأْخُذ سَهْما من الْغَنِيمَة يَوْمئِذٍ لصغره وَقَالَ العجاج يذكر فرسا سبق خيلا: [الرجز]

قطعهَا بنفسٍ مريّح ... عطفَ الْمُعَلَّى صكّ بالمنيح ... يَعْنِي أَنه سبقها كَمَا قَمَر المُعلَّى المنيحَ قَالَ الْكُمَيْت: [الوافر]

فَمهْلًا يَا قضاعَ فَلَا تَكُونِي ... مَنِيحا فِي قداح يَدَيْ مُجيلِ ... يَعْنِي فِي انتسابهم إِلَى الْيمن وتركهم النّسَب الأول. 
[فلج] فلج: اسم موضع بين البصرة وضرية، مذكر مصروف. قال الشاعر : وإنَّ الَّذِي حانت بفَلْجٍ دماؤهم * هُمُ القومُ كُلُّ القوم يا أم خالد والفلج أيضا: نهر صغير. وقال:

فصبحا عينا روى وفلجا * والفلج أيضاً: الظَفَرُ والفَوْزُ. وقد فَلَجَ الرجل على خَصْمِه يَفْلِجُ فلْجاً. وفي المثل: " من يَأتِ الحَكَم وَحْدَه يَفْلُجْ ". وأفْلَجَه الله عليه. والاسمُ الفُلْجُ بالضم. وأفْلَجَ الله حجته: قومها وأظهرها. والفلج، بالكسر: مكيال معروف. قال الجَعْديُّ يصف الخمر: أُلْقي فيها فِلْجانِ من مِسْكِ دا * رينَ وفِلْجٌ من عَنْبَرٍ ضرم والفلج بالتحريك: لغة في الفلج، وهو نهر صغير. قال عبيد: أو فلج ببطن واد * للماء من تحته قسيب ولو روى: " في بطون واد "، لاستقام وزن البيت. والجمع أفلاج. والفَلَجُ أيضاً في الأسنان: تباعُدُ ما بين الثنايا والرَباعيات. رجلٌ أفْلَجُ الأسنان، وامرأةٌ فلجاء الأسنان. قال ابن دريد: لا بدَّ من ذكر الأسنان. والأفْلَجُ أيضاً من الرجال: البعيد ما بين الثَدْيين . ورجل مُفَلَّجُ الثنايا، أي مُنْفَرِجُها، وهو خلاف المُتَراصّ الأسنان. والسهم الفالِجُ: الفائز. والقَفيزُ الفالج مثل الفلج، وهو مكيال، عن أبى عبيد. والفالج: ريح. وقد فُلِجَ الرجل فهو مفلوج، قال ابن دريد: لأنه ذهب نِصفُه. قال: ومنه قيل لشقة البيت: فليجة. والفالج: الجمل الضَخم ذو السنامين يُحْمَل من السند للفحلة. وفلجت الشئ بينهم أفلجه بالكسر فلجا، إذا قسمته. وفلجت الشئ فلجين، أي شققته نِصفين، وهي الفُلوجُ، الواحد فَلْجٌ وفِلجٌ. وفَلَجْتُ الجِزْية على القوم، إذا فرضتها عليهم. قال أبو عبيد: هو مأخوذ من القفيز الفالج. وفالج: اسم رجل، وهو فالج بن خلاوة الاشجعى. ومنه قولهم: " أنا من هذا الامر فالج ابن خلاوة " أي برئ وبمعزل منه. وذلك أنه قيل لفالج يوم الرقم لما قتل أنيس الاسرى: أتنصر أنيسا؟ قال: إنى منه برئ! وفلجت الارض للزراعة. وكل شئ شققته فقد فلجته. والفَلُّوجة: الأرض المُصْلَحَةُ للزَرع، والجمع فلاليج. ومنه سمى موضع في الفرات فلوجة. والفليجة: شقة من شقق الخِباء. قال عُمر بن لَجَأٍ: تَمَشَّى غَيْرَ مُشْتَمِلٍ بِثَوبٍ سوى خَلِّ الفَليجَةِ بالخِلالِ وتَفلّجتْ قدمُه: تشققت.
(ف ل ج)

فِلْجُ كل شَيْء: نصفه.

وفَلَج الشَّيْء بَينهمَا فَلْجا: قسمه نِصْفَيْنِ.

والفَلْج، والفالِج: الْبَعِير ذُو السنامين، وَهُوَ الَّذِي بَين البختي والعربي؛ سمي بذلك لِأَن سنامه نِصْفَانِ.

والفالِج: ريح تَأْخُذ الْإِنْسَان فتذهب بشقه.

وَقد فُلِج فالِجا، وَهُوَ أحد مَا جَاءَ من المصادر على مِثَال فَاعل.

والفَلَج: باعد مَا بَين الشَّيْئَيْنِ.

وفَلَجُ الْأَسْنَان: تبَاعد نبتتها.

فَلِجَ فَلَجا، وَهُوَ أفلج.

وثغر مُفَلَّج: أفلج.

وفَلَجُ السَّاقَيْن: تبَاعد مَا بَينهمَا.

وَرجل أفلجُ السَّاقَيْن: متباعد مَا بَينهمَا.

والفَلَج: انقلاب الْقدَم على الوحشي وَزَوَال الكعب.

وَقيل: الأَفلج: الَّذِي اعوجاجه فِي يَدَيْهِ، فَإِن كَانَ فِي رجلَيْهِ فَهُوَ أَفحج. وَهن أفلج: متباعد الإسكتين.

وَفرس أفلج: متباعد الحرقفتين.

وَيُقَال من ذَلِك كُله: فَلِج فَلَجا، وفَلَجة، عَن اللحياني.

وَأمر مُفَلَّج: لَيْسَ على استقامة.

والفَلِيجة: الْقطعَة من البجاد.

والفلِيجة، أَيْضا: شقة من شقق الخباء، قَالَ الْأَصْمَعِي: لَا ادري أَيْن هِيَ!؟ قَالَ عمر بن لَجأ:

تَمشَّى غير مُشْتَمل بِثَوْب ... سَوى خَلّ الفليجة بالخِلال

وَقَول سلمى بن المقعد الْهُذلِيّ:

لظلَّت عَلَيْهِ أمُّ شبْل كَأَنَّهَا ... إِذا شيعت مِنْهُ فَلِيج ممدَّدُ

يجوز أَن يكون أَرَادَ: فليجة ممددة فَحذف، وَيجوز أَن يكون مِمَّا يُقَال بِالْهَاءِ وَبِغير الْهَاء. وَيجوز أَن يكون من الْجمع الَّذِي لَا يُفَارق واحده إِلَّا بِالْهَاءِ.

وفَلَج الْقَوْم، وعَلى الْقَوْم يَفْلُج ويَفْلِجُ فَلْجا، وأفلج: فَازَ.

وفَلَج سَهْمه وأفْلَج: فَازَ.

وفَلَج بحجته، وَفِي حجَّته يَفْلُج فَلْجا، وفُلْجاً، وفَلَجا، وفلوجا: كَذَلِك.

وأفلجه على خَصمه: غَلبه وفضله.

وفالَج فلَانا ففَلَجه يَفْلُجه: خاصمه فخصمه وغلبه.

وأَفلج الله حجَّته: اظهرها.

وَالِاسْم من جَمِيع ذَلِك: الفُلْج، والفَلَج، يُقَال: لمن الفُلْج والفَلَج.

وَرجل فالِج فِي حجَّته، وفلج، كَمَا يُقَال: بَالغ وَبلغ، وثابت وَثَبت.

وَأَنا من هَذَا الْأَمر فالج بن خلاوة: أَي برِئ.

والفَلَج: النَّهر.

وَقيل: هُوَ النَّهر الصَّغِير. وَقيل: هُوَ المَاء الْجَارِي من الْعين، قَالَ عبيد:

أَو فَلَج بِبَطن وادٍ ... للمء من تَحْتَهُ قَسِيب

وَالْجمع: أفلاج، قَالَ امْرُؤ الْقَيْس:

بعينَيَّ ظُعْن الحَيِّ لمَّا تحملوا ... لَدَى جانبِ الأفلاج من جَنْب تَيْمَرا

وَقد يُوصف بِهِ فَيُقَال: مَاء فَلَج، وَعين فَلَج.

والفُلُج: الساقية الَّتِي تجْرِي إِلَى جَمِيع الْحَائِط.

والفُلْجان: سواقي الزَّرْع.

والفَلَجات: الْمزَارِع، قَالَ:

ذَرُوا فَلَجاتِ الشَّام قد حَال دونهَا ... طِعانٌ كأَبوال الْمَخَاض الْأَوْرَاك

وَقد تقدم ذَلِك بِالْحَاء.

والفَلَج: الصُّبْح، قَالَ حميد بن ثورا:

عَن القراميص باعلى لاحِبٍ ... معبَّدٍ من عهد عادٍ كالفَلَج

وانفلج الصُّبْح: كانبلج، وَقد تقدم ذَلِك فِي الْحَاء.

والفَلُّوجة: الأَرْض الطّيبَة الْبَيْضَاء المستخرجة للزِّرَاعَة.

والفالِج والفِلْج: مكيال ضخم.

وَقيل: هُوَ القفيز، وَأَصله بالسُّرْيَانيَّة: فالغا، فعرب، قَالَ الْجَعْدِي:

أُلقِى فِيهَا فِلْجان من مِسْك دَار ... ين وفِلْج من فُلْفُل ضَرِم قَالَ سِيبَوَيْهٍ: الفُلُجّ: الصِّنْف من النَّاس، يُقَال: النَّاس فُلُجَّان: أَي صنفان من دَاخل وخارج.

قَالَ السيرافي: الفُلُجْ الَّذِي هُوَ الصِّنْف، والصنف: مُشْتَقّ من الفِلْج الَّذِي هُوَ القفير، فالفِلْج على هَذَا القَوْل عَرَبِيّ؛ لِأَن سِيبَوَيْهٍ إِنَّمَا حكى الفُلُجّ على انه عَرَبِيّ غير مُشْتَقّ من هَذَا الأعجمي.

وفَلْج: مَوضِع بَين الْبَصْرَة وضرمة، مُذَكّر.

وَقيل: هُوَ وَاد بطرِيق الْبَصْرَة إِلَى مَكَّة، ببطنه منَازِل للْحَاج.

والإفليج: مَوضِع.

والفَلُّوجة: قَرْيَة من قرى السوَاد.

وفَلُّوج: مَوضِع.

والفَلَج: أَرض لبني جعدة وَغَيرهم من قيس من نجد.

وفالِج: اسْم، وَقَوله:

من كَانَ أَشرك فِي تفرّق فالج ... فَلَبُونُه جَرِبتْ مَعًا وأغدَّتِ

يجوز أَن يكون اسْم حَيّ، وَأَن يكون اسْم رجل.

فلج: فِلْجُ كلِّ شَيءٍ: نِصْفُه.

وفَلَج الشيءً بينهما يَفْلِجُه، بالكسر، فَلْجاً: قَسَمَه بنِصْفَيْنِ.

والفَلْجُ: القَسْمُ. وفي حديث عمر: أَنه بَعَثَ حُذَيْفَةَ وعثمانَ بنَ

حُنَيفٍ إِلى السّوادِ فَفَلَجَا الجِزْيةَ على أَهْلِهِ؛ الأَصمعي:

يعني قَسَماها، وأَصْلُه من الفِلْج، وهو المِكْيَالُ الذي يقال له

الفالِجُ، قال: وإِنما سميت القِسْمةُ بالفَلْجِ لأَن خراجهم كان

طعاماً.شمر: فَلَّجْتُ المالَ بينهم أَي قَسَمْتُه؛ وقال أَبو دواد:

فَفَرِيقٌ يُفَلِّجُ اللَّحْمَ نِيئاً،

وفَرِيقٌ لِطابِخِيهِ قُتارُ

وهو يُفَلِّج الأَمر أَي ينظر فيه ويُقَسِّمُه ويُدَبِّرهُ. الجوهري:

فَلَجْتُ الشيء بينهم أَفْلِجُه، بالكسر، فَلْجاً إِذا قسمته. وفَلَجْتُ

الشيء فلِْجَيْنِ أَي شَقَقْتُه نِصفين، وهي الفُلُوجُ؛ الواحد فَلْجٌ

وفِلْجٌ. وفَلَجْتُ الجِزْيَةَ على القوم إِذا فرضتها عليهم؛ قال أَبو عبيد:

هو مأْخوذ من القَفِيز الفالِجِ. وفَلَجْتُ الأَرضَ للزراعة؛ وكل شيء

شَقَقْتَه، فقد فَلَجْتَه.

والفَلُّوجَةُ: الأَرض المُصْلَحَةُ لِلزَّرْع، والجمع فَلالِيجُ، ومنه

سمي موضعٌ في الفُرات فَلُّوجةَ. وتَفَلَّجَتْ قدَمه: تَشَقَّقَتْ.

والفَلْجُ والفَالِجُ: البعير ذُو السنامَين، وهو الذي بين البُخْتيِّ

والعَرَبيِّ، سمي بذلك لأَن سنامه نِصفان، والجمع الفَوالِجُ. وفي الصحاح:

الفَالِجُ الجمل الضخم ذو السنامين يحمل من السِّنْدِ لِلْفِحْلَة. وفي

الحديث: أَنَّ فالِجاً تَرَدَّى في بئر، هو البعير ذو السنامين، سمي بذلك

لأَن سناميه يختلف مَيْلُهما.

والفالِجُ: رِيحٌ يأْخذ الإِنسان فيذهب بشقِّه، وقد فُلِجَ فَالِجاً،

فهو مَفْلُوجٌ؛ قال ابن دريد: لأَنه ذهب نصفه، قال: ومنه قيل لشُقَّةِ

البيت فَلِيجَةٌ. وفي حديث أَبي هريرة: الفالِجُ داءُ الأَنبياء؛ هو داءٌ

معروف يُرَخِّي بعضَ البدن؛ قال ابن سيده: وهو أَحد ما جاء من المصادر على

مثال فاعل. والمَفْلُوجُ: صاحب الفالِجِ، وقد فُلِجَ.

والفَلَجُ: الفَحَجُ في السَّاقَينِ، وقال: وأَّصل الفَلْجِ النِّصفُ من

كل شيءٍ، ومنه يقال: ضَرَبَه الفالِجُ في السَّاقَينِ، ومنه قولهم:

كُرٌّ بالفالج وهو نصف الكُرِّ الكبير.

وأَمْرٌ مُفَلَّجٌ: ليس بِمُسْتقِيمٍ على جهتِهِ.

والفَلَجُ: تباعُدُ القَدَمَينِ أُخُراً. ابن سيده: الفَلَجُ تَباعُدُ

ما بين السَّاقَيْنِ. وفَلَجُ الأَسنان: تباعُدٌ بينها؛ فَلِجَ فَلَجاً،

وهو أَفْلَجُ، وثَغْرٌ مُفَلَّجٌ أَفْلَجُ، والفَلَجُ بين الأَسنان. ورجل

أَفْلَجُ إِذا كان في أَسْنانِه تَفَرُّقٌ، وهو التفليج أَيضاً. التهذيب:

والفَلَجُ في الأَسنان تباعد ما بين الثّنايا والرَّباعِيات خِلْقةً،

فإِن تُكُلِّفَ، فهو التفليجُ.

ورجل أَفْلَجُ الأَسنانِ وامرأَة فَلْجاءُ الأَسنانِ، قال ابن دريد: لا

بد من ذكر الأَسنان، والأَفلج أَيضاً من الرجال: البعيد ما بين الثديين.

ورجل مُفَلَّجُ الثنايا أَي مُنْفَرِجُها، وهو خلاف المُتراصِّ

الأَسنان، وفي صفته، صلى الله عليه وسلم: أَنه كان مُفَلَّجَ الأَسنانِ، وفي

رواية: أَفْلَجَ الأَسنانِ. وفي الحديث: أَنه لَعَنَ المُتَفَلِّجاتِ

للحُسْنِ، أَي النساءَ اللاتي يَفْعَلْنَ ذلك بأَسنانهن رغبة في التحسين.

وفَلَجُ الساقَيْنِ: تباعد ما بينهما. والفَلَجُ: انقِلابُ القدم على

الوَحْشِيّ وزوال الكَعْبِ.

وقيل: الأَفْلَجُ الذي اعْوِجاجُه في يَدَيْهِ، فإِن كان في رجليه، فهو

أَفْحَجُ. وَهَنٌ أَفْلَجُ: متباعِدُ الأَسْكَتَيْنِ. وفَرسٌ أَفْلَجُ:

مُتَبَاعِدُ الحَرْقَفَتَيْنِ، ويقال من ذلك كله: فَلِجَ فَلَجاً

وفَلَجةً، عن اللحياني. وأَمْرٌ مُفَلَّجٌ: ليس على اسْتِقامةٍ.

والفِلْجةُ: القِطْعةُ من البِجادِ. والفَلِيجةُ أَيضاً: شُقَّة من

شُقَقِ الخِباء، قال الأَصمعي: لا أَدري أَين تكون هي؟ قال عمرو بن

لَجَإٍ:تَمَشَّى غيرَ مُشْتمِلٍ بِثَوْبٍ،

سِوى خَلِّ الفَلِيجةِ بالخِلالِ

قال ابن سيده: وقول سلمى بن المُقْعَد الهُذَليِّ:

لَظَلَّتْ عليه أُّمُّ شِبْلٍ كأَنَّها،

إِذا شَبِعَتْ منه، فَلِيجٌ مُمَدَّدُ

يجوز أَن يكون أَراد فَلِيجَةً مُمَدَّدَةً، فحذف، ويجوز أَن يكون مما

يقال بالهاء وغير الهاء، ويجوز أَن يكون من الجمع الذي لا يفارق واحده

إِلا بالهاء.

والفَلْجُ: الظَّفَرُ والفَوْزُ؛ وقد فَلَجَ الرجلُ على خَصْمِه

يَفْلُجُ فَلْجاً. وفي المثل: مَنْ يَأْتِ الحَكَمَ وَحْدَه يَفْلُجْ.

وأَفْلَجَه الله عليه فَلْجاً وفُلُوجاً، وفَلَجَ القومَ وعلى القومِ

يَفْلُجُ ويَفْلِجُ فَلْجاً وأَفْلَجَ: فازَ. وفَلَجَ سَهْمُه وأَفْلَجَ:

فاز. وهو الفُلْجُ، بالضم. والسهْمُ الفالِجُ: الفائِزٌ. وفَلَجَ

بحُجَّتِه وفي حجته يَفْلُجُ فُلْجاً وفَلْجاً وفَلَجاً وفُلُوجاً، كذلك؛

وأَفْلَجَه على خَصْمِه: غَلَّبَه وفَضَّلَه.

وفالَجَ فلاناً فَفَلَجَه يَفْلُجُه: خاصَمه فخصَمَه وغَلَبَه.

وأَفْلَجَ اللهُ حجته: أَظْهَرها وقَوَّمَها، والاسم من جميع ذلك الفُلْجُ

والفَلَجُ، يقال: لمن الفُلْجُ والفَلَجُ؟ ورجل فالِجٌ في حُجَّته وفَلْجٌ، كما

يقال: بالِغٌ وبَلْغٌ، وثابتٌ وثَبْتٌ. والفَلْجُ: أَن يَفْلُجَ الرجلُ

أَصحابَه يَعْلُوهم ويَفُوتُهُمْ.

وأَنا من هذا الأَمر فالِجُ بنُ خَلاوةَ أَي بِريءٌ؛ فالِجٌ: اسم رجل،

وهو فالج بن خَلاوةَ الأَشجعي؛ وذلك أَنه قيل لفالج بن خَلاوةَ يوم

الرَّقَمِ لما قَتَلَ أُنَيْسٌ الأَسْرى: أَتَنْصُرُ أُنَيْساً؟ فقال: إِنِّي

منه بريء.

أَبو زيد: يقال للرجل إِذا وقع في أَمر قد كان منه بمعزل: كنتَ من هذا

فالِجَ بنَ خَلاوةَ يا فتى. الأَصمعي: أَنا من هذا فالج بن خلاوة أَي أَنا

منه بريء؛ ومثله: لا ناقةَ لي في هذا ولا جَمَلَ؛ رواه شمر لابن هانئ،

عنه.

والفَلَجُ، بالتحريك: النهر، وقيل: النهر الصغير، وقيل: هو الماء

الجاري؛ قال عبيد:

أَو فَلَجٌ بِبَطْنِ وادٍ

للماءِ، من تَحْتِه، قَسِيبُ

الجوهري: ولو روي في بُطونِ وادٍ، لاستقامَ وزن البيت، والجمع أَفْلاجٌ؛

وقال الأَعشى:

فما فَلَجٌ يَسْقِي جَداوِلَ صَعْنَبَى،

له مَشْرَعٌ سَهْلٌ إِلى كلِّ مَوْرِدِ

الجوهري: والفَلْج نهر صغير؛ قال العجاج:

فَصَبِّحا عَيْناً رِوًى وفَلْجا

قال: والفَلَجُ؛ بالتحريك، لغة فيه؛ قال ابن بري: صواب إِنشاده:

تَذَكَّرا عَيْناً رِوًى وفَلَجا

بتحريك اللام؛ وبعده:

فَراحَ يَحْدُوها وباتَ نَيْرَجا

النَّيْرَجُ: السريعة؛ ويروى:

تَذَكَّرا عَيْناً رَواءً فَلَجا

يصف حماراً وأُتُناً. والماءٌ الرِّوي: العَذْبُ، وكذلك الرَّواءُ،

والجمع أَفْلاجٌ؛ قال امرؤ القيس:

بِعَيْنَيَّ ظُعْنُ الحَيِّ، لمَّا تَحَمَّلُوا

لَدى جانِبِ الإَفْلاجِ، منْ جَنْبِ تَيْمَرا

وقد يوصف به، فيقال: ماء فَلَجٌ وعين فَلَج، وقيل: الفَلَجُ الماء

الجاري من العين؛ قاله الليث وأَنشد:

تذكَْرا عيناً رَواءً فَلَجا

وأَنشد أَبو نصر:

تذكَّرا عيناً رِوًى وفَلَجا

والرِّوى: الكثير. والفُلُجُ: الساقِيةُ التي تَجْري إِلى جميع الحائطِ.

والفُلْجانُ: سواقي الزَّرْع. والفَلَجاتُ: المَزارِعُ؛ قال:

دَعُوا فَلَجاتِ الشامِ، قدْ حال دُونَها

طِعانٌ، كأَفْواهِ المخاضِ الأَوارِكِ

وهو مذكور في الحاء.

والفَلُّوجةُ: الأَرض الطيِّبَةُ البَيْضاءُ المُسْتَخْرَجةُ للزراعةِ.

والفَلَجُ: الصبح؛ قال حميد بن ثور:

عن القَرامِيصِ بأَعْلى لاحِبٍ

مُعَبَّدٍ، من عَهْدِ عادٍ، كالفَلَجْ

وانْفَلَجَ الصبْحُ: كانْبَلَجَ.

والفالِجُ والفِلْجُ: مِكيالٌ ضخم معروف؛ وقيل: هو القَفِيز، وأَصله

بالسُّرْيانية فالغاء، فعُرِّب؛ قال الجعدي يصف الخمر:

أُلْقِيَ فيها فِلْجانِ مِنْ مِسْكِ دا

رِينَ، وفِلْجٌ مِنْ فُلْفُلٍ ضَرِمِ

قال سيبويه: الفَِلْج الصِّنْفُ من الناس؛ يقال: الناسُ فِلْجانِ أَي

صِنْفانِ من داخلٍ وخارج؛ قال السيرافي: الفَِلْجُ هو الصِّنْفُ والنِّصْفُ

مشتق من الفِلْجِ الذي هو القَفِيزُ، فالفِلج على هذا القول عربي، لأَن

سيبويه إِنما حكى الفلج على أَنه عربي، غير مشتقّ من هذا الأَعجمي؛ وقول

ابن طفيل:

تَوَضَّحْنَ في عَلْياء قَفْرٍ كأَنَّها

مَهارِقُ فَلُّوجٍ، يُعارِضْنَ تاليَا

ابن جنبة: الفَلُّوجُ الكاتِبُ. والفَلْجُ والفُلْجُ: القَمْرُ. وفي

حديث علي، رضي الله عنه: إِن المُسْلِم، ما لم يَغْشَ دناءةً يَخْشَعُ لها

إِذا ذُكِرَتْ وتُغْري به لِئامَ الناس، كالياسِرِ الفالِجِ؛ الياسِرُ:

المُقامِرُ؛ والفالِجُ: الغالبُ في قِمارِه. وقد فَلَجَ أَصحابَه وعلى

أَصحابِه إِذا غَلَبَهم. وفي الحديث: أَيُّنا فَلَجَ فَلَجَ أَصحابه. وفي

حديث سعد: فأَخذْتُ سَهْمي الفالِجَ أَي القامِرَ الغالبَ، قال: ويجوز أَن

يكون السهمَ الذي سبق به النِّضال. وفي حديث مَعْنِ ابن يزيدَ: بايعت رسول

الله، صلى الله عليه وسلم، وخاصَمْتُ إِليه فَأَفْلَجَني أَي حَكَمَ لي

وغَلَّبَني على خَصْمِي.

وفَلالِيجُ السَّوادِ: قُراها، الواحدة فَلُّوجةٌ.

وفَلْجٌ: اسم بلد، ومنه قيل لطريق يأْخذ من طريق البصرة إِلى اليمامة:

طريقُ بَطْنِ فَلْجٍ. ابن سيده: وفَلْجٌ موضع بين البَصْرةِ وضَرِيَّةَ

مذكر، وقيل: هو واد بطريق البصرة إِلى مكة، ببطنه مَنازِلُ للحاجّ، مصروف؛

قال الأَشْهَبُ بن رُمَيْلَة:

وإِنَّ الذي حانَتْ بِفَلْجٍ دِماؤُهُمْ

هُمُ القَوْمُ، كُلُّ القَوْمِ، يا أُمَّ خالِدِ

قال ابن بري: النحويون يستشهدون بهذا البيت على حذف النون من الذين

لضرورة الشعر، والأَصل فيه وإِن الذين؛ كما جاء في بيت الأَخطل:

أَبَني كُلَيْبٍ، إِنَّ عَمَّيَّ اللَّذا

قَتَلا المُلُوكَ، وفَكَّكا الأَغْلالا

أَراد اللذان، فحذف النون ضرورة. والإِفْلِيجُ: موضع. والفَلُّوجةُ:

قَرْيَةٌ من قُرى السَّوادِ. وفَلُّوجٌ: موضع. والفَلَجُ: أَرض لبني

جَعْدَةَ وغيرهم من قَيْسٍ من نَجْدٍ. وفي الحديث ذكر فَلَجٍ؛ هو بفتحتين، قرية

عظيمة من ناحية اليمامة وموضع باليمن من مساكن عادٍ؛ وهو بسكون اللام،

وادٍ بين البَصْرةِ وحِمَى ضَرِيَّةَ. وفالِجٌ: اسم؛ قال الشاعر:

مَنْ كانَ أَشْرَكَ في تَفَرُّقِ فالِجٍ،

فَلَبُونُه جَرِبَتْ مَعاً وأَغَدَّتِ

فلج

1 فَلَجَ, aor. ـُ (S, M, O, L, Msb, K,) and فَلِجَ, (K,) or the latter only [when the verb is trans. as] in فَلَجَ القَوْمَ, (TA,) inf. n. فَلْجٌ, (S, O, K,) or فُلُوجٌ, (Msb,) or both, and, accord. to Kr, فُلْجٌ and فَلَجٌ, but it is said in the L that these two are simple substs: (TA;) and ↓ افلج, inf. n. إِفْلَاجٌ; (K, TA;) the latter verb authorized by AO and Ktr and others, but omitted by Th in the Fs; (TA;) He succeeded; succeeded in an enterprise or a contest; overcame, conquered, or gained a victory: (S, O, K, &c.:) or he attained his object; gained what he sought. (Msb.) One says, مَنْ يَأْتِ الحَكَمَ وَحْدهُ يَفْلُجْ [He who comes to the judge by himself will succeed, or overcome, or gain his cause]: a proverb. (S, O.) And فَلَجَ عَلَى خَصْمِهِ, (S, O,) and ↓ افلج, (TA,) He (a man) succeeded against, or overcame, his adversary; (S, O, TA;) and got before him, or got precedence of him. (TA.) And فَلَجَ بِحُجَّتِهِ, (Msb, TA,) and فِى حُجَّتِهِ, (TA,) He established, (Msb,) or he overcame by and in, (TA,) his argument, plea, allegation, or proof. (Msb, TA.) And فَلَجَتْ حُجَّتُهُ [His argument, &c., was successful]. (A.) And فَلَجَ سَهْمُهُ, and ↓ افلج, His arrow was successful. (O, TA.) And فَلَجَتْ بِقَلْبِى

She (a woman) took away [or captivated] my heart. (A, TA.) b2: And فَلَجَ القَوْمَ, in which case only one says يَفْلُجُ and يَفْلِجُ, and فَلَجَ

أَصْحَابَهَ, He (a man) succeeded against, or overcame, the people, or party, and his companions. (TA.) b3: فَلَجَ, aor. ـِ (S, M, O, L, K,) and فَلُجَ, (K,) or the former only, (MF. TA,) inf. n. فَلْجٌ, He divided a thing; parted it; divided it in parts or shares; or distributed it: (S, O, K;) as also ↓ فلّج, inf. n. تَفْلِيجٌ: (O, K:) he divided property, (Mgh, TA,) or running water: (TA:) and he divided a thing in halves. (M, L, Msb, TA.) One says, فَلَجَتُ الشَّىْءَ بَيْنَهُمْ I divided, parted, or distributed, the thing between them, or among them. (S, O.) And فَلَجَ الشَّىْءَ بَيْنَهُمَا He divided the thing between them two in halves. (M, L, TA.) And فَلَجْتُ أَلْفًا, aor. ـِ inf. n. فَلْجٌ and فُلُوجٌ, I divided, parted, or distributed, a thousand [dirhems] by means of the فِلْج, a well-known measure of capacity. (Msb.) b4: And فَلَجْتُ الشَّىْءَ, (S, Msb, K, *) aor. in this case and in other cases following فَلُجَ and فَلِجَ, (K,) or فَلُجَ only, (TA,) [but it is implied in the S and O and Msb that it is فَلِجَ,] inf. n. فَلْجٌ, (K,) I split the thing, clave it, or divided it lengthwise: (S, O:) or I split the thing, &c., into two halves: (Msb, K:) or فَلَجْتُ الشَّىْءَ فَلْجَيْنِ has this latter meaning. (S, O.) b5: And فَلَجْتُ الأَرْضَ لِلزِّرَاعَةِ, (S, O, K, *) inf. n. فَلْجٌ, (K,) [like فَلَحْتُهَا,] I furrowed, or ploughed, the land for sowing. (S, O, K.) b6: And هُوَ يَفْلُجُ الأَمْرَ He looks into, and divides, or distributes, and manages, the thing, or affair. (L, TA.) b7: And فَلَجَ, inf. n. فَلْجٌ, He imposed the [tax called] جِزُيَة. (K.) One says, فَلَجَ الجِزْيَةَ عَلَى القَوْمِ, (T, S, Mgh, * O, &c.,) and فَلَجَ القَوْمَ, (TA,) He imposed the جزية upon the people, or party; (T, S, Mgh, O, &c.:) he di(??) the جزية among the people, or party, (??) upon each person his portion: (As, Mgh; *) and فَلَجَ الجِزْيَةَ بَيْنَهُمْ: (A:) [said to be] from فِلْجٌ, or فَالِجٌ, (As, Mgh,) or القَفِيزُالفَالِجُ; (A'Obeyd, S, O;) signifying a certain measure of capacity; because the جزيه used to he paid in wheat, or corn: (As, Mgh:) or the verb in this sense (??) arabicized word. (Shifá el-Ghaleel.) A2: فَلِجَ, aor. ـَ inf. n. فَلَجٌ and فَلَجَةٌ, He had what is termed فَلَجٌ, meaning [as expl. below, i. e.] width. between the teeth, and feet [or legs, and arms], &c. (Lh, TA.) b2: فَلِجَ, (Th, S, O, Msb, K,) inf. n. فَالِجٌ, one of the [few] inf. as. of the measure فَاعِلٌ; (ISd, TA;) and فَلِجَ, aor. ـَ mentioned by IKtt and Es-Sarakustee and others; (MF, TA;) but the former alone is mentioned by Th in the Fs, and by other celebrated lexicologists; (TA;) [and vulg. ↓ انفج;] He had the disease termed الفَالِجُ [expl. below]. (Th, S, O. Msb, K.) 2 فَلَّجَ see 1, former half: b2: and see also فَلَجٌ, in two places.3 فالجهُ He contended with him, trying which of them should succeed, or overcome. (TA.) Hence one says, (TA,) أُفَالِجُكَ أُمُورًا مِنَ الحَقِّ I will contend with thee, trying which of us shall succeed, to accomplish affairs of right. (A, TA.) 4 افلج as intrans.: see 1, former half, in three places.

A2: افلجهُ اللّٰهُ عَلَيْهِ God made him to succeed against him; to overcome him, conquer him, or gain the victory over him: (S, O, K: *) and made him to excel him. (TA.) b2: And خَاصَيْتُ فَأَفْلَجَنَى I contended in an altercation, disputed, or litigated, and he decided in my favour, and judged me to have prevailed against, or overcome, my adversary. (TA, from a trad.) b3: And افلج اللّٰهُ حُجَّتَهُ, (S, O, Msb,) or بُرْهَانَهُ, (K, *) God made his argument, plea, allegation, or proof, right, and manifest, or clear: (S, O, K: *) or established it. (Msb.) 5 تفلّجت قَدَمُهُ His foot became cracked, or chapped. (S, O, K.) [See also مُتَفَلِّح, in art. فلح.] b2: [And تفلّجت said of a woman, She made open spaces between her front teeth: see the part. n., voce أَفْلَجُ.]7 انفلج الصُّبْحُ i. q. انبلج [The daybreak shone, or shone brightly]. (TA.) A2: See also 1, last sentence.10 استفلج فُلَانٌ بِأَمْرِهِ Such a one mastered, or became master of, his affair: and so استفلح, with ح. (A, TA.) [See the latter verb.]

فَلْجٌ an inf. n. of فَلَجَ [q. v.]. (S, O, K, &c.) b2: And [probably as such] i. q. قَمْرٌ [app. as meaning An overcoming in a game of hazard]; as also ↓ فُلْجٌ. (L.) A2: See also فَالِجٌ, in two places.

A3: Also, and ↓ فِلْجٌ, (S, O, K,) and ↓ فُلُجٌّ, [q. v.,] (Seer, L,) [or perhaps this is a mistranscription for فَلْجٌ or فِلْجٌ,] The half of a thing: (S, O, K:) pl. of the first and second فُلُوجٌ. (S, O.) One says, هُمَا فَلْجَانِ They two are two halves. (K.) b2: And one says, فِى رِجْلِهِ فُلُوجٌ, [pl. of فَلْجٌ,] In his foot are fissures, or cracks; as also فُلُوحٌ. (S in art. فلح.) b3: See also فَلَجٌ.

فُلْجٌ (S, O, K) and ↓ فَلَجٌ (L) and ↓ فُلْجَةٌ, (O, K,) substs., (or, accord. to some, the first and second are inf. ns., TA,) Success; success in an enterprise or a contest; conquest; or victory. (S, O, L, K.) One says, لِمَنَ الفُلْجُ and ↓ الفَلَجُ To whom belongs success, or the conquest, or victory? (Lh, L.) b2: See also فَلْجٌ.

فِلْجٌ: see فَلْجٌ. b2: Also, (S, O, Msb, K,) and ↓ فَالِجٌ, (TA,) or قَفِيزٌ فَالِجٌ, (AO, S, O,) A certain measure of capacity, (AO, S, O, Msb, K,) well known, (Msb, K,) with which things are divided, (TA,) of large size, said to be the same as the قَفِيز [q. v.]; and ↓ فَالِجٌ is said to be an arabicized word, from the Syriac فالغا: (L: [but see فُلُجٌّ:]) it is said that the ↓ فَالِج [thus in my copy of the Mgh, but it is there strangely added that it is “ with fet-h,” as though فَالَج,] is two fifths of what is termed الكُرُّ المُعَدَّلُ, [see art. كر,] and, by 'Alee Ibn-'Eesà, that it is larger than the فِلْج: in the T, the ↓ فَالِج is said to be the half of the great كُرّ; and the فِلْج is the measure of capacity that is called in Syriac فَالَغَا. (Mgh.) فَلَجٌ: see فُلْجٌ, in two places.

A2: It is also an inf. n. of فَلِجَ [q. v.]: (Lh, TA:) and signifies Distance, or width, between the teeth; (K;) as also ↓ تَفْلِيجٌ: (TA:) or, between the medial and lateral incisors, (T, S, O,) when natural; and تَفْلِيجٌ, distance, or width, between those teeth when it is the effect of art. (T.) فَلَجٌ in all the teeth is disapproved, and not at all beautiful; but it is esteemed goodly when only between the two middle teeth. (TA.) b2: Also Distance, or width, between the feet, (Lth, O, K, TA,) in the posterior direction: (O, TA:) or, between the shanks; like فَحَجٌ: (ISd, TA:) or crookedness, or curvature, [or a bowing outwards,] of the arms. (TA. [See أَفْلَجُ.]) And The turning over of the foot upon the outer side, and displacement of the heel; in a neuter sense. (L.) A3: Also, (S, K,) and, accord. to the S, فَلْجٌ, but this is a mistake, (IB, K,) A river: (A'Obeyd, TA:) or a small river: (S, O, K:) a rivulet, or streamlet; syn. جَدْوَلٌ: (A:) or a running spring of water: or running water: (R, TA:) or a large well: (Ibn-Kunáseh, TA:) pl. أَفْلَاجٌ (S, O) and فَلَجَاتٌ (R, TA) [or فُلْجَانٌ, for] فُلْجَانٌ signifies rivulets, streamlets, or small channels, for the irrigation of seed-produce: and ↓ فُلُجٌ, with two dammehs, signifies a rivulet, streamlet, or small channel, for irrigation, running to every part of a garden. (L.) b2: فَلَجٌ is also sometimes used as an epithet: one says مَآءٌ فَلَجٌ meaning Running water: and عَيْنٌ فَلَجٌ a running spring of water. (L.) A4: And الفَلَجُ signifies The daybreak. (TA.) فَلِجٌ [part. n. of فَلِجَ]: see an ex. voce أَفْلَجُ.

فُلُجٌ: see فَلَجٌ, last sentence but two. b2: It is also a pl. of فَلِيجٌ [q. v. voce فَلِيجَةٌ].

فَلْجَةٌ: see فَلِيجَةٌ.

فُلْجَةٌ: see فُلْجٌ.

فَلَجَاتٌ Fields, or lands, sown, or for sowing. (TA. [See also فَلَحَةٌ, in art. فلح.]) b2: See also فَلَجٌ, last sentence but two.

فُلُجٌّ, [thus in the L,] accord. to Sb, A sort of men: one says, النَّاسُ فُلُجَّانِ The people, or men, are two sorts; [for ex.,] consisting of entering and going out: [but I think it most probable that فُلُجٌّ and فُلُجَّانِ are mistranscriptions for فِلْجٌ and فِلْجَانِ, for] Seer says that فلج signifying “ a half ” and “ a sort ” is derived from فِلْجٌ syn. with قَفِيزٌ: thus he makes فِلْجٌ an Arabic word. (L.) See also فَلْجٌ.

فِلْجَانٌ, [said to be] from فِلْجٌ signifying “ a certain measure of capacity,” [but app. from the Pers\. فِنْجَان,] A [small porcelain or earthenware] cup out of which coffee &c. is drunk; commonly pronounced by the vulgar فِنْجَان and فِنْجَال [from the Pers\. پِنْگَان and پِنْگَال, and also called ↓ فِلْجَانَةٌ, vulgarly فِنْجَانَة; and ↓ فِيَالَجَة: (see سَوْمَلَةٌ:) pl. فَلَاجِينُ and فَنَاجِينُ and فَنَاجِيلُ]. (TA.) فِلْجَانَةٌ: see the next preceding paragraph.

فَلِيجٌ: see the paragraph here following.

فَليِجَةٌ One of the oblong pieces of cloth of a tent: (TA:) or, of a [tent of the kind called]

خِبَآء: (As, S, O, K:) As says, I know not in what part it is: (TA:) ↓ فَلِيجٌ appears to be used for it by poetic license; or the word may be one of those pronounced with and without ة; or without ة it may be a pl. [or coll. gen. n.] of which the sing. [or n. un.] is with ة: (M, TA:) [or] فَلِيجٌ signifies a single oblong piece of a بِجَاد [q. v.]; and its pl. is فُلُجٌ: (L and TA in art. بجد:) and [in like manner] ↓ فَلْجَةٌ signifies a piece of a بِجَاد. (TA in the present art.) b2: See also فَلِيحَةٌ, with ح.

فَلُّوجٌ A writer. (Ibn-Jembeh, O, K.) and A manager and reckoner: from the phrase هُوَ يَفْلُجُ الأَمْرَ, expl. above. (TA.) فَلُّوجَةٌ Land that is put into a right, or proper, state for sowing; (S, O, K;) good, clear, land prepared for sowing: (TA:) pl. فَلَالِيجُ. (S, O, K.) And [hence, app.,] Any one town, or village, of the Sawád: (O, K: *) pl. as above. (O.) رَجُلٌ فَالِجٌ فِى حُجَّتِهِ A man who succeeds, or overcomes, in his argument, plea, allegation, or the like; as also ↓ فَلْجٌ. (TA.) And السَّهْمُ الفَالِجُ The arrow that is successful: (S, O, K:) the winning arrow in the game called المَيْسِر: or it may mean the arrow that is successful in a contest at archery. (TA.) A2: See also فِلْجٌ, in four places. b2: فَالِجٌ (S, O, L, K) and ↓ فَلْجٌ (L) also signify A large, or bulky, camel, with two humps, that is brought from Es-Sind for the purpose of covering: (S, O, * K:) or a camel with two humps, between the Bukhtee (البُخْتِىّ) and the Arabian: so called because his hump is divided in halves, or because his two humps have different inclinations: (L:) pl. of the former فَوَالِجُ. (S, M, K; all in art. صر.) b3: And الفَالِجُ signifies [Palsy, or paralysis, whether partial or general; hemiplegia or paraplegia:] a disease arising from a flaccidity in one of the lateral halves of the body; (A;) or a flaccidity in one of the lateral halves of the body, (K, TA,) arising suddenly, (TA,) occasioned by an efflux of a phlegmatic humour, and causing the passages of the spirit to become obstructed; (K, TA;) this being its first effect; it deprives the patient of his senses and his motion; and is sometimes in one member: (TA:) or a flatus (رِيحٌ S, O, L, TA) which attacks a man, and deprives him [of the use] of one lateral half of the body; (thus in the L, and the like is said in the 'Eyn; TA;) whence it is thus called: (IDrd, S, O:) or a disease that arises in one of the lateral halves of the body, occasioning the loss of the senses and of motion, and sometimes in both lateral halves, and sudden in its attack; on the seventh [day] it is dangerous; but when it has passed the seventh, its acuteness ceases; and when it has passed the fourteenth, it becomes a chronic disease: (Msb:) it is called in a trad. of Aboo-Hureyreh دَآءُ الأَنْبِيَآءِ [the disease of the prophets]: and is said by Et-Tedmuree, in the Expos. of the Fs, to be a disease that attacks a man when the venters (بُطُون) of the brain become filled with certain moistures, or humours, occasioning the loss of sensation and of the motions of the members, and rendering the patient like a dead person, understanding nothing. (TA.) A3: أَنَا مِنْ هٰذَا الأَمْرِ فَالِجُ بْنُ خَلَاوَةَ, or كَفَالِجِ بْنِ خَلَاوَةَ, is a saying expl. in art. خلو.

فَيْلَجٌ [The cocoon of a silk-worm;] the thing from which قَزّ is obtained: an arabicized word; [from the Pers\. پِيلَهْ pélah; but said to be] originally فَيْلَق, and thus some pronounce it. (Msb,) فِيَالَجَةٌ: see فِلْجَانٌ. [فَيَالِجَة occurs in art. قز.

in the TA, as its pl.; being there expl. as meaning small cups (فَنَاجِين) in which wine (شَرَاب) is drunk: but I think that this may be taken from a mistranscription for فِيَالَجَة.]

أَفْلَجُ, (TA,) or أَفْلَجُ الأَسْنَانِ, (S, Mgh, O, K, TA,) applied to a man, and فَلْجَآءُ الأَسْنَانِ applied to a woman, (S, O,) for the teeth must be mentioned, (IDrd, S, O, K,) [but MF disputes this,] and الأَسْنَانِ ↓ مُفَلَّجُ, applied to a man, accord. to one reading of a trad., (TA,) Having the teeth separate, one from another: (TA:) or, distant, or wide apart, one from another: (Mgh, * K:) or having the medial and lateral incisors distant, one from another, or wide apart. (S, O.) [See also أَفْرَقُ.] And الثَّنَايَا ↓ مُفَلَّجُ A man having an interstice between the middle pair of teeth; (S, O, K;) as also الثَّنَايَا ↓ فَلِجُ; (A;) contr. of مُتَرَاصُّ الثَّنَايَا. (S, O.) And ↓ مُتَفَلِّجَةٌ A woman that makes open spaces between her front teeth, for the purpose of improving their appearance. (L, from a trad., in which a curse is pronounced against her who does this.) And ثَغْرٌ أَفْلَجُ Front teeth that are separate, or distant, or wide apart, one from another; and ↓ مُفَلَّجٌ signifies the same [app. when they are rendered so artificially: see فَلَجٌ]. (TA.) b2: And أَفْلَجُ applied to a man, Having a crookedness, or curvature, [or bowing outwards,] in the arms: when it is in the legs, the person is termed أَفْحَجُ: (L:) or wide between the arms: (O, K:) or wide between the paps; (S, L;) which last explanation is said in the K to be erroneous; but he who is wide between the paps is also wide between the arms. (MF.) b3: هِنٌ أَفْلَجُ A vulva, of a woman, whereof the labia majora are wide apart. (L.) b4: فَرَسٌ أَفْلَجُ A horse having the prominent parts of the haunch-bones wide apart. (IDrd, O, L.) أَفْلَجِىٌّ Having the fingers wide apart. (Freytag, from the Deewán of the Hudhalees.)]

مُفْلَجٌ [Rendered] successful, or victorious; and safe, or secure. (KL.) [See also its verb.]

مُفَلَّجٌ: see أَفْلَجُ, in three places. b2: أَمْرٌ مُفَلَّجٌ An affair not rightly disposed or directed. (O, K.) مَفْلُوجٌ Having the disease termed الفَالِجٌ. (S, Mgh, O, Msb, K.) مُتَفَلِّجَةٌ: see أَفْلَجُ.
فلج
: (الفَلْجُ) بفتحٍ فسكونٍ (: الظَّفَرُ والفَوْز) ، هاذا هُوَ الْمَنْقُول فِيهِ، (كالإِفْلاجِ) رُبَاعيًّاً. صَرَّحَ بِهِ ابنُ القَطّاع فِي الأَفْعَال، والسَّرَقُسْطيّ، وصاحِبُ الواعِي، وثابتٌ، وأَبو عُبَيْدَةَ، وقُطْربٌ فِي فَعَلْت وأَفْعَلت، وغيرُهم. واقتصرَ ثعلبٌ فِي الفَصِيح على الثلاثيّ، ومُقْتَضَى كلامِه أَن يكون الرباعيُّ مِنْهُ غيرَ فصيحٍ. وَلم يُتَابَعْ على ذالك. يُقَال: فَلَجَ الرَّجلُ على خَصْمِه وأَفْلَجَ إِذا عَلاهُم وفاتَهم. وكذالك فَلَجَ الرّجُلُ أَصحابَه. وفَلَجَ بحُجَّته، وَفِي حُجَّتِه، يَفْلُجُ فَلْجاً وفُلْجاً وفَلَجاً وفُلُوجاً، كذالك. وفَلَجَ سَهْمُه وأَفْلَجَ فازَ. وأَفْلَجَه اللَّهُ عَلَيْه فَلْجاً وفُلُوجاً.
(وَالِاسْم) للمصدر من كلّ ذالك الفُلْجُ، (بالضّمّ) فالسكون، (كالفُلْجَة) بِزِيَادَة الهاءِ. وهاذا الّذي ذكرَه المصنِّف من الضّمّ فِي اسْم الْمصدر هُوَ الْمَعْرُوف فِي قواعِد اللُّغويّين والصَّرفيّين. وحكَى بعضٌ فِيهِ الفَلَجَ، محرَّكَةً، فَهُوَ مُسْتَدْرك عَلَيْهِ.
قَالَ الزَّمَخْشَريّ فِي شرخ مقاماته: الفُلْجُ والفَلَجُ كالرُّشْد والرَّشَد: الظَّفَر. ومِثْلُه فِي (الأَساس) . ونَقَلَه شُرّاحُ الفَصِيح.
وَفِي (اللِّسَان) : والاسمُ من جَمِيع ذالك الفُلْجُ والفَلَجُ، يُقَال: لِمَن الفُلْجُ والفَلَجُ؟ .
قلت: هُوَ نَص عِبارةِ اللِّحْيَانيّ فِي النَّوادر. وَقَالَ كُراع فِي المُجرَّد: يُقَال فِي الْمصدر من فَلَجَ: الفُلْج، بضمّ الفاءِ وتسكين الّلام، والفَلَجُ، بِفَتْح الفاءِ واللاّم.
قلت: وَقد أَنكرَه الدَّمَامِينيّ، وتَبِعَه غيرُ واحِدٍ، وَلم يُعوَّل عَلَيْهِ.
(و) الفَلْجُ: القَسْمُ، فِي (الصّحاح) : فَلَجْتُ الشْيءَ أَفْلِجْه، بِالْكَسْرِ، فَلْجاً: إِذا قَسَمْته.
وَفِي (الْمُحكم) و (اللِّسَان) : فَلَجَ الشَّيْءَ بَينهمَا يَفْلِجُه، بِالْكَسْرِ، فَلْجاً: قَسَمَه بِنصْفَيْن. وَهُوَ التَّفْريق و (التَّقْسِيم، كالتَّفْليجِ) ، وَمِنْهُم من خَصَّه بِالْمَالِ، باللاَّمِ، وَآخَرُونَ بالماءَ الجارِي؛ والكلُّ صحيحٌ. قَالَ شَمِرٌ: فَلَّجْتُ المالَ بَينهم: أَي قَسَمْته. وَقَالَ أَبو دُواد:
فَفريقٌ يُفْلِّجُ اللَّحْمَ نيئاً
وفَرِيقٌ لِطَابِخِيهِ قُتَارُ
وَهُوَ يُفَلِّجُ الأَمْرَ، أَي يَنظر فِيهِ ويُقَسِّمه ويُدَبِّره؛ كَذَا فِي (اللِّسَان) و (الْمِصْبَاح) ، وسيأْتي القولُ الثَّانِي.
(و) الفَلْجُ أَيضاً: (الشَّقُّ نِصْفَيْنِ) يُقَال: فَلَجْت الشيْءَ فِلْجَيْن، أَي شَقَقْته نِصْفَيْن، وَهِي الفُلُوجُ، الوَاحِد فَلْج وفِلْجٌ.
(و) الفَلْجُ: (شَقُّ الأَرْضِ للزِّراعَة) ، يُقَال؛ فَلَجْت الأَرْضَ للزِّراعَة، وكلُّ شَيْءٍ شَقَقْتَه فقد فَلَجْتَه.
(و) الفَلْجُ (فِي الجِزْيَة: فَرْضُهَا) ، وَفِي نُسخة شَيخنَا الَّتِي شَرَحَ عَلَيْهَا (والجِزْيَةَ: فَرَضَهَا) ثمّ نقلَ عَن شفاءِ الغليل: أَنه مُعَرَّب. وَفِي حَدِيث عُمَرَ (أَنه بَعثَ حُذيفَةَ وعُثْمَانَ بنَ حُنَيْفٍ إِلى السَّوَادِ ففَلَجَا الجِزْيَةَ على أَهْلِهَا) فَسَّرَه الأَصمعيّ فَقَالَ: أَي قَسَماها، وأَصلُه من الفِلْج، وَهُوَ المِكْيَالُ الَّذِي يُقَال لَهُ: الفَالِجُ. قَالَ: وإِنّمَا سُمِّيَت القِسْمَةُ بالفَلْجِ لأَنّ خَرَاجَهُم كَانَ طَعَاما.
وَفِي (الأَساس) : وفَلَجُوا الجِزْيَةَ بينَهُم قَسَمُوهَا. وفَلِّجْ بَين أَعْشِرائِك لَا تَخْتَلِطْ، أَي فَرِّقُ. وَفِي (الْمُحكم) و (التَّهْذِيب) و (اللِّسَان) فَلَجْتُ الجِزْيَةَ على القَوْمِ: إِذا فَرَضْتَهَا عَلَيْهِم. قَالَ أَبو عُبيد: هُوَ مأْخُوذٌ من القَفيزِ الفالِجِ.
وفَلَجَ القَوْمَ، وعَلَى القَوْمِ، (يَفْلُجُ ويَفْلِج) ، بالضّمّ وَالْكَسْر، فَلْجاً، وَاقْتصر الجماهيرُ على أَن الفِعْل الثلاثيَّ مِنْهُ كنَصَرَ لَا غيرُ، وَبِه صَرَّحَ فِي (الصّحاح) وَغَيره، قَالَه شيخُنَا.
ثمَّ إِن هاذا الَّذِي ذَكرْناه من الوَجُهَيْن إِنما هُوَ فِي: فَلَج القَوْمَ: إِذا ظَفِرَ بهم. والمصنِّف يدَّعي أَنه (فِي الكُلّ) من فَلَجَ: إِذا ظَفِرَ، وفَلَجَ: إِذا قَسَمَ، وفَلَجَ: إِذا شَقّ، وفَلَج: إِذا فَرَض. وَلم يُصَرِّحْ بذالك أَربابُ الأَفعال. فالمعروف فِي فَلَجَ: إِذا قَسَمَ، أَنه من حَدِّ ضرَب لَا غيرُ، وَمَا عَدَاهَا كنَصَرَ لَا غَيْرُ، فلتُرَاجَعْ فِي مَظَلِّهَا. ثمَّ إِنه لم يتعرَّض لتَعْدِيَتِه بنفْسِه أَو بأَحَدِ الحُرُوف. فالمشهورُ الَّذِي عَلَيْهِ الجمهورُ أَنه يتَعَدَّى بَعَلَى، وَاقْتصر عَلَيْهِ فِي الفصيح ونَظْمه. وصَرَّحَ ابنُ القَطَّاع بتعْدِيَته بنفْسه، وتابَعَه جماعةٌ.
(و) عَن ابْن سَيّده: الفَلْجُ: (: ع، بَين البَصْرَة و) حِمَى (ضَرِيَّةَ) مُذكَّر. وَقيل: هُوَ وَادٍ بطريقِ البَصْرةِ إِلى مكَّة، ببطْنِه منازلُ للحَّاجِّ، مَصْرُوفٌ. قَالَ الأَشْهَبُ بن رُمَيْلَة:
وإِنّ الّذي حَانَتْ بفَلْجٍ دِمَاؤُهمْ
هُمُ القَوْمُ كلُّ القَوْمِ يَا مَّ خالدِ
وَقيل: هُوَ بَلدٌ. وَمِنْه قِيل. لطريقٍ مأْخَذُهُ من البَصرَةِ إِلى اليمامَةِ: طريقُ بَطْنِ فَلْجٍ. قَالَ ابْن بَرّيّ: النّحويّون يستشهدون بهاذا الْبَيْت على حذف النّون من (الَّذين) لضَرُورَة الشِّعْر، والأَصل فِيهِ: (وإِنّ الّذِين) فحذَفَ النّونَ ضَرُورَة.
(و) الفِلْج، (الكسْر: مِكْيَالٌ) ضَخْمٌ (م) ، أَي مَعْرُوف يُقْسَم بِهِ وَيُقَال لَهُ: الفَالِجُ. وقِيل: هُوَ القَفِيزُ. وأَصلُه بالسُّرْيَانِيَّة: (فالغَاءُ) فعُرِّبَ. قَالَ الجَعْدِيّ يَصف الخَمْر.
أُلْقِيَ فِيهَا فِلْجَانِ من مِسْكِ دَا
رِينَ وفِلْجٌ مِن فُلْفُلٍ ضَرِمِ
قلت: وَمن هُنَا يُؤْخَذ قَوْلهم للظَّرْف المُعَدِّ لشُرْبِ القَهْوَةِ وغيرَهَا (فِلْجَان) والعَامّة تَقول: فِنْجَان، وفِنْجَال، وَلَا يصحّانِ.
(و) الفِلْج من كل شْيءِ: (النِّصْفُ) ، وَقد فَلَجَه: جعلَه نِصْفَين. (ويُفْتَح) فِي هاذه، (و) يُقَال: (هُمَا فِلْجَانِ) . وَقَالَ سِيبويه: الفِلْج: الصِّنْف من النَّاس، يُقَال: الناسُ فَلْجَانِ: أَي صِنْفَانِ من داخلٍ وخارجٍ. وَقَالَ السِّيرَافيّ من داخلٍ وخارجٍ. وَقَالَ السِّيرَافيّ الفِلْج: الّذي هُوَ النِّصْف والصِّنْف مُشْتَقّ من الفِلْج الّذي هُوَ القَفيز، فالفلْج على هاذا القَوْل عربيّ، لأَن سِيبَوَيْهٍ إِنما حَكَى الفلْج على أَنه عربيّ، غير مشتقّ من هاذا الأَعجميّ: كَذَا فِي اللِّسَان.
(و) الفَلَجُ، (بِالتَّحْرِيكِ: تَبَاعُدُ مَا بَين القَدَمَيْنِ) أُخُراً. وَقيل: الفَلَجُ اعْوجاجُ اليَدَيْنِ، وَهُوَ أَفْلَجُ، فإِن كَانَ فِي الرِّجْلَيْن فَهُوَ أَفْحَجُ، (و) قَالَ ابْن سَيّده: الفَلَجُ: (تَبَاعُدُ) مَا بَين السّاقَيْنِ، وَهُوَ الفَحَجُ، وَهُوَ أَيضاً تَبَاعُدخ (مَا بينَ الأَسنانِ) ، فَلِجَ فَلَجاً وَهُوَ أَفْلَجُ، وثَغْرٌ مُفَلَّجُ أَفْلَجُ، ورجُلٌ أَفْلَجُ: إِذا كَانَ فِي أَسنانِه تَفرُّقٌ، وَهُوَ التَّفْليجُ أَيضاً. وَفِي التّهذيب والصّحاح: الفَلَجُ فِي الأَسنانِ: تَباعُدُ مَا بينَ الثَّنَايَا والرَّبَاعِيَاتِ خِلْقَةً، فإِنْ تُكُلِّفَ فَهُوَ التَّفْلِيج. (وَهُوَ أَفْلَجُ الأَسنانِ) وامرأَةٌ فَلْجَاءُ الأَسنانِ. قَالَ ابْن دُريد: (لَا بُدَّ من ذِكْر الأَسنانِ) ، نَقله الجوهَرِيّ. وَقد جاءَ فِي وَصْفه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (كَانَ أَفْلَجَ الثَّنِيَّتَيْنِ) ، وَفِي روايةٍ: (مُفَلَّجَ الأَسنانِ) ، كَمَا فِي الشَّمائل. وَفِي الشِّفَاءِ (كَانَ أَفْلَجَ أَبْلَجَ) قَالَ شَيخنَا: وإِذا عَرفتَ هاذا، ظهرَ لَك أَن مَا قالَه ابنُ دُرَيْدٍ: إِنْ أَراد لَا بُد من ذكر الأَسنان وَمَا بمعناها كالثَّنَايَا كَانَ على طريقِ التَّوْصِيف، أَو لأَخفّ الأَمرِ، ولَّكنه غيرُ مسلَّم أَيضاً، لمَا ذَكَره أَهلُ اللّغَة من أَن فِي الجمهرة أُموراً غير مُسلَّمة. وَبِمَا ذُكِرَ تَبَيَّن أَنه لَا اعتراضَ على مَا فِي الشّفاءِ، وَلَا يَأْبَاه كونُ أَفلَجَ لَهُ معنى آخَرُ، لأَن القَرِينَةَ مُصَحِّحةٌ للاستعمال. انْتهى. ثمَّ إِن الفَلَجَ فِي الأَسنان إِن كَانَ المرادُ تَبَاعُدَ مَا بَينهَا وتَفْرِيقَها كلَّهَا فَهُوَ مذمومٌ، لَيْسَ من الحُسْنِ فِي شَيْءٍ، وإِنما يَحْسُن بَين الثنايا، لتفصيلِه بَين مَا ارْتَصَّ من بَقِيَّة الأَسنان وتَنَفُّسِ المتكلِّم الفَصِيح مِنْهُ، فَلْيُحَقَّقْ كلامُ ابنُ دُرَيْدٍ فِي الجمهرةِ.
وَفِي (الأَساس) : استَقَيْتُ الماءَ من الفَلَجِ: أَي الجَدْوَلِ.
قَالَ السُّهَيْليّ فِي (الرَّوْض) : الفَلَجُ: العَيْنُ الجارِيَةُ، والماءُ الجارِي، يُقَال ماءٌ فَلَجٌ، وعَيْنٌ فَلَجٌ، وَالْجمع فَلَجَاتٌ وَقَالَ ابْن السِّيد فِي الفَرق: الفَلَج: الجارِي من الْعين. والفَلَج: البِئْرُ الْكَبِيرَة، عَن ابْن كُنَاسة. وماءٌ فَلَجٌ: جارٍ. وَذكره أَبو حنيفَة الدِّينَوريّ بالحاءِ الْمُهْملَة، وَقَالَ فِي مَوضِع آخَر: سُمِّيَ الماءُ الْجَارِي فَلَجاً، لأَنه قد حَفَر فِي الأَرضِ وفَرَّقَ بينَ جانِبَيْهَا، مأْخُوذٌ من فَلَجِ الأَسنان، قلتُ: فَهُوَ إِذنْ من الْمجَاز.
(و) فِي (اللِّسَان) : الفَلَج، بالتَّحْرِيك (: النَّهْرُ) ، عَن أَبي عُبَيْدٍ. وَقيل: هُوَ النَّهْرُ (الصَّغِيرُ) ، وَقيل: هُوَ الماءُ الجَارِي. قَالَ عَبِيدٌ:
أَو فَلَج ببَطْنِ وادٍ
للماءِ من تَحْتِه قَسِيبُ
قَالَ الجوهريّ: (وَلَو رُوِيَ: (فِي بطُون وادٍ) ، لاسْتَقَامَ وَزْنُ البيتِ. والجمعُ أَفلاجٌ. وَقَالَ الأَعشى:
فَمَا فَلَجٌ يَسْقِي جَدَاوِلَ صَعْنَبَى
لَهُ مَشْرَعٌ سَهْلٌ إِلى كُلِّ مَوُرِدِ
(وغَلِطَ الجوهَريّ فِي تسكين لامه) . نَصُّه فِي صحاحه: والفَلْج: نَهرٌ صغيرٌ. قَالَ العَجّاج:
فَصَبَّحَا عَيْناً رِوًى وفَلْجَا قَالَ: والفَلَجُ، بِالتَّحْرِيكِ، لُغَة فِيهِ. قَالَ ابْن بَرِّيّ: صوابُ إِنشادِه:
تَذَكَّرَا عَيْناً رِوًى وفَلَجَا
بتحريك اللَّام. وَبعده:
فرَاحَ يَحْدُوهَا وبَاتَ نَيْرَجَا
وَالْجمع أَفْلاَجٌ. قَالَ امْرُؤ القَيْس:
بعَيْنَيّ ظُعْنُ الحَيِّ لمَّا تَحَمَّلوا
لَدَى جانِبِ الأَفْلاَجِ مِن جَنْب تَيْمَرَا
وَقد يُوصَف بِهِ، فَيُقَال: ماءٌ فَلَجٌ، وعَيْنٌ فَلَجٌ. وَقيل: الفَلَج: المَاءُ الجارِي من العَين؛ قَالَه اللّيث. وَقَالَ ياقوت فِي مُعْجم الْبلدَانِ: الفَلَجُ: مدينةٌ بأَرضِ اليَمَامة لبنِي جَعْدَةَ وقُشَيْرٍ ابْنَيْ كَعْبِ بن رَبيعَةَ بنِ عامِرِ بنِ صَعْصَعةَ، كَمَا أَن حَجْراً مدينةٌ لبني رَبِيعَةَ بنِ نِزارِ بنِ مَعَدّ بنِ عَدْنَانَ، قَالَ الجَعْدي:
نَحْنُ بنُو جَعْدَةَ أَصحابُ الفَلَجْ
قلت: وأَنشد ابنُ هِشَام فِي (المُغْني) قَول الرّاجز:
نَحن بَنو ضَبَّةَ أَصحابُ الفَلَجْ
قَالَ البَدْرُ الدَّمامِينيّ فِي شرْحه: إِنّ التحريكَ غيرُ مَعْرُوف، وإِنه وقعَ للرَاجز على جِهة الضَّرُورَة والإِتباع للفَتْحة. قَالَ شيخُنا: وَهَذَا مِنْهُ قُصورٌ وعدمُ اطّلاع، واغترارٌ بِمَا فِي (القَامُوس) و (الصّحاح) من الِاقْتِصَار الّذي يُنافي دَعْوَى الإِحاطَةِ والاتّساع، ثمَّ قَالَ: وَمَا قَاله الدّمامينيّ مَبْنيٌ على شَرْح الفَلْج بالظَّفَرِ، وشَرَحه غيرُهُ بأَنه اسمُ مَوضعٍ. انْتهى.
و (الأَفْلَج: البَعيدُ مَا بَين اليَدَيْنِ) .
وَفِي (اللِّسَان) : وَقيل الأَفلجُ: الّذي اعْوِجاجُه فِي يَدَيْه، فإِن كَانَ فِي رِجْليه فَهُوَ أَفْحَجُ.
(وغَلِطَ الجوهريّ فِي قَوْله: البعيدُ مَا بَين الثَّدْيَيْنِ) .
وَفِي (اللِّسَان) : الأَفلجُ أَيضاً من الرِّجَال: البَعيدُ مَا بَين الثَّدْيَينِ. قَالَ شيخُنا: وَقد تَعَقَّبوه بأَنّ الْمَعْنى واحدٌ، وَهُوَ الْمَقْصُود من التَّعْبِير، وَقَالُوا: يَلزمُ عادَةً من تَبَاعُدِ مَا بَين الثَّدْيَين تباعُدُ مَا بَيْن اليَدَينِ، والثَّدْيُ عامٌّ فِي الرِّجال والنِّسَاءِ، كَمَا تقدّم، فَلَا غلطَ.
(و) الفَلْجُ والفَالِجُ: البَعِيرُ ذُو السَّنامَيْن، وَهُوَ الّذي بَين البُخْتِيّ والعَرَبيّ، سُمِّي بذِّلك لأَن سَنامه نِصْفَانِ، وَالْجمع الفَوَالِجُ. وَفِي (الصّحَاح) (الفالِجُ: الجَمَلُ الضَّخْمُ ذُو السَّنامَيْن يُحْمَل من السِّنْدِ) البلادِ المعروفةِ (للفِحْلَةِ) ، بِالْكَسْرِ. وَقد ورد فِي الحَدِيث: (أَنّ فالِجاً تَردَّى فِي بِئرٍ) . وَقيل: سُمِّيَ بذالك لأَن سَنَامَيْه يَخْتلِف مَيْلُهما.
والفَلْج والفُلْج: القَمْر.
والفَالِجُ فِي حَدِيث عليّ رَضِي الله عَنهُ: اللَّهُن المُسْلِمَ مَا لَمْ يَغْشَ دَنَاءَةً يَخْشَعُ لَهَا إِذا ذُكِرَتْ وتُغْرِي بِهِ لِئَام النّاسِ كاليَاسِرِ الفالِجِ) اليَاسِرُ المُقَامِرُ (و) عنهُ الفالِجُ: (الفائزُ من السِّهَام) . سَهْمٌ فَالِجٌ: فائزٌ. وَقد فَلَجَ أَصحابَه وعَلى أَصحابه، إِذا غَلَبَهُم. وَفِي حديثٍ آخَرَ: (أَيُّنَا فَلَجَ أَصحابَه) . وَفِي حَدِيث سعدٍ: (فأَخذْتُ سَهْمي الفالِجَ) : أَي القامِرَ الغالِبَ. قَالَ: وَيجوز أَن يكون السّهْمَ الّذي سَبَقَ بِهِ فِي النِّضَال.
(و) الفالجُ: مَرَضٌ من الأَمراضِ يَتَكوَّنُ من (اسْتِرْخَاءِ) أَحدِ شِقَّيِ البَدَنِ طُولاً؛ هاذا نَصُّ الزَّمَخْشَريّ فِي (الأَسَاس) . وَزَاد فِي شَرْحِ نَظْمِ الفصيح: فيَبحطُلُ إِحساسُه وحَرَكَتُه، وَرُبمَا كَانَ فِي عُضْوٍ وَفِي (اللِّسَان) هُوَ رِيحٌ يأْخُذُ الإِنسانَ فَيَذْهَب بشِقِّه. ومثلُه قَول الخَليل فِي كتاب العَين. وَقد يَعْرِض ذالك (لأَحَدِ شِقَّيِ البَدَنِ) ويَحْدُث بَغْتَةً (لانْصِبابِ خِلْطٍ بَلْغَمِيّ) ، فأَوّلُ مَا يُورِث أَنه (تَنْسَدّ مِنْهُ مَسَالِكُ الرُّوحِ) ، وَهُوَ حاصلُ كلامِ الأَطباءِ. وَفِي حَدِيث أَبي هُرَيْرَةَ رَضِي الله عَنهُ: (الفالِجُ داءُ الأَنبياءِ) : وَقَالَ التَّدْمُريّ فِي (شرح الفصيح) : الفالِج: داءٌ يُصيب الإِنسانَ عِنْد امتلاءِ بُطُون الدِّماغ من بعضِ الرُّطوبات، فيَبْطُل مِنْهُ الحِسُّ وحَركاتُ الأَعضاءِ، ويَبْقَى العَليلُ كالمَيْتِ لَا يَعْقِل شَيْئا.
والمَفْلُوجُ: صاحبُ الفالِج.
وَقد (فُلِجَ كعُنِيَ) اقْتصر عَلَيْهِ ثعلبٌ فِي الفَصِيح، وتَبعَه المشاهيرُ من الأَئمّة، زَاد شيخُنَا: وبَقِيَ على المصنّف أَنه يُقَال: فَلِجَ، بِالْكَسْرِ، كعَلِمَ؛ حكاهَا ابنُ القَطَّاع والسَّرَقُسْطِيّ وغيرُهُمَا (فَهُوَ مَفْلُوجٌ) ، قَالَ ابْن دُرَيْد: لأَنّه ذَهَبَ نِصْفُه. وَقَالَ ابْن سَيّده: فُلِجَ فالِجاً، أَحَدُ مَا جاءَ من المصادرِ على مِثَالِ فاعِلٍ.
(و) بِلَا لامٍ: (ابنُ خلاوَةَ) الأَشْجَعِيّ، اسمُ رَجلٍ، (و) كَانَ فِي قِصَّته أَنه (قِيلَ لَهُ يَوْمَ الرَّقَم) محرّكةً من أَيّامهم الْمَشْهُورَة (لمّا قَتَلَ أُنَيْسٌ الأَسْرَى) ، هاكذا فِي نسختنا، وَفِي بَعْضهَا: لمّا قتلَ أَنيسٌ الأَسَديّ، وَلَا يصحّ (: أَتَنْصُر أُنَيْساً؟ فَقَالَ: إِنه مِنْهُ بَرِيءٌ. ومَنه قولُ المُتَبَرِّىءِ من الأَمْر) : فُلانٌ يَدَّعِي عَلَيَّ فَوْدَيْن وغِلاوَةً و (أَنا مِنْهُ فالِجُ بنُ خَلاَوَة) : أَي أَنا مِنْهُ بَرِىءٌ؛ قَالَه الأَصمعيُّ، وَعَن أَبي زيدٍ: يُقَال للرجل إِذا وَقَعَ فِي أَمْرٍ قدْ كَانَ مِنْهُ بمَعْزِلٍ: كنتَ من هذَا فالِجَ بنَ خَلاَوَةَ، يَا فَتى. وَفِي (اللّسَان) : ومثلُه قَول الأَصمعيّ: لَا نَاقَةَ لي فِي هاذا وَلَا جَمَلَ؛ رَوَاهُ شَمهرٌ لابنِ هانِىءٍ، عَنهُ.
(والفَلُّوجَةُ، كسَفُّودَة: القَرْيَةُ من السَّوَادِ و) هِيَ أَيضاً (الأَرضُ المُصْلَحَةُ) الطّيِّبَةُ البيضاءُ المُسْتَخْرَجَةُ (للزَّرْع) ، و (ج فَلالِيجُ. و) مِنْهُ سْمِّيَ (ع) : مَوْضِعٌ (بالعِراق) فَلُّوجَة. وَفِي (اللِّسَان) : (بالفُرات) بدل: (العِراق) .
(و) قَالَ ابْن دُريد فِي المفلوجِ: سُمِّيَ بِهِ لأَنه ذَهَب نِصْفُه.
وَمِنْه قيلَ:
الفَلِيجَةُ، (كسَفِينَة) ، وَهُوَ (شُقَّةٌ من شُقَق) البَيتِ. وَقَالَ الأَصمعيّ: من شُقَقِ (الخِبَاءِ) . قَالَ: وَلَا أَدرِي أَين تكون هِيَ. قَالَ عُمَر بن لَجَإٍ:
تَمَشَّى غَيرَ مُشْتَمِل بثَوْبٍ
سِوَى خَلِّ الفَلِيجَةِ بالخِلاَلِ
وَفِي (المُحْكَم) : وَقَول سَلْمَى بن المُقْعَد الهُذَليّ:
لَظَلَّتْ عَلَيْهِ أُمُّ شِبْل كأَنَّها
إِذا شَبِعَتْ مِنْهُ فَلِيجٌ مُمَدَّدُ
يجوز أَن يكون أَراد: فَلِيجَةً ممدَّدَةً، فحذَف، وَيجوز أَن يكون ممّا يُقَال بالهاءِ وَبِغير الهاءِ، وَيجوز أَن يكون من الْجمع الَّذِي لَا يُفَارقُ واحِدَه إِلاّ بالهاءِ.
(و) فِي قَول ابْن طُفَيْل.
تَوَضَّحْنَ فِي عَلْيَاءَ قَفْرٍ كأَنّها
مَهَارِقُ فَلُّوجٍ يُعَارِضْنَ تالِيَا
قَالَ ابنُ جَنْبَةَ: هُوَ (كالتَّنُّورِ: الكاتِبُ) قلت: ويُطْلَق على المدبِّر الحاسِبِ، من قَوْلِهم: هُوَ يُفلِّج الأَمْرَ، أَي ينظر فِيهِ ويُقَسِّمه ويدَبِّره.
(و) فَلُّوجٌ: (ع) .
(و) يُقَال: (أَمْرٌ مُفَلَّجٌ، كمُعَظَّم: غيرُ مُستقيمٍ) على جِهَته (ورَجلٌ مُفَلَّجُ الثَّنَايَا) وفَلِجُها أَي (مُتَفَرِّجُها) ، الأَخيرة من الأَساس؛ هَكَذَا فِي النّسخ، وَفِي بَعْضهَا: مُنْفَرِجُها، من بابِ الانفعال، وَهُوَ خلافُ المُتَراصّ الأَسنانِ. وَفِي صِفته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَنه كَانَ مُفَلَّجَ الأَسْنَانِ) ، وَفِي روايةٍ: (أَفْلَجَ الأَسنانِ) ، وَفِي أُخْرَى: (أَفْلَجَ الثَّنِيَّتَيْن) .
(وإِفْلِيجِ، كإِزْمِيل: ع) .
(وفُلْجَةُ) ، بالتسكين (: ع بَين مَكَّةَ والبَصرَةِ) ، وَقيل: هُوَ الفَلَج، المتقدّم ذِكْرُه.
(و) فِي الْمثل: (مَنْ يَأْتِ الحَكَمَ وَحْدَه يَفْلُجْ) . و (أَفْلَجَه) اللَّهُ عَلَيْهِ فَلْجاً وفُلُوجاً: (أَظْفَره) وغَلَّبَه وفَضَّلَه. (و) أَفْلَجَ اللَّهُ (بُرْهَانَه: قَوَّمَه وأَظْهَرَه) . وَالِاسْم من جَمِيع ذالك الفُلْجُ والفَلَجُ، يُقَال: لِمَن الفُلْجُ والفَلَجُ؟ وَفِي حَدِيث مَعْنِ بن يَزِيد: (يابَعْتُ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وسلموخاصمتُ (إِليه) فَأَفْلَجَني) أَي حَكَمَ لي وغَلَّبَني على خَصْمي.
(وتَفَلَّجَتْ قَدَمُه) : إِذا (تَشَقَّقتْ) .
وَمِمَّا يسْتَدرك عَلَيْهِ من هاذه المادّة:
امرأَة مُتفلِّجَة: وَهِي الّتي تَفعل ذالك بأَسنانها رَغْبَةً فِي التَّحسين. وَمِنْه الحَدِيث (أَنه لَعَنَ المُفتَفلِّجاتِ للحُسْن) .
والفَلَج، محَرَّكةً: انْقِلابُ القَدَم على الوَحْشِيّ وزَوَالُ الكَعْب.
وَهن أَفلج: مُتَبَاعِدَ الاسْكتيْن. وفَرَسٌ أَفْلَجُ: متباعِدُ الحَرْقَفتَين. وَيُقَال من ذالك كلّه: فَلِجَ فَلَجاً وفَلَجَةً، عَن اللَّحْيَانيّ:
والفِلْجَةُ: القِطْعَة من البِجَادِ.
وتَعَالَ: أُفَالِجْك أُموراً من الحَقِّ، (أَي) أُسَابِقك إِلى الفَلَج لأَيِّنا يكون، من فالَجَ فُلاناً ففَلَجه يَفْلُجه: خاصَمَه فخَصَمَه وغَلَبَه.
ورجلٌ فالِجٌ فِي حُجَّتِه وفَلْجٌ، كَمَا يُقَال بالِغٌ وبَلْغٌ، وثابِتٌ وثَبْتٌ.
والفُلُجُ، بضمّتين: السّاقِيَةُ الّتي تَجْرِي إِلى جَميعِ الحائطِ.
والفُلْجَانِ: سَوَاقِي الزَّرْعِ.
والفَلَجَاتُ: المَزَارِعُ. قَالَ:
دَعُوا فَلَجَاتِ الشَّأْمِ قدْ حالَ دُونَهَا
طِعَانٌ كأَفْوَاهِ المَخَاضِ الأَوَراكِ
وَهُوَ مَذْكُور فِي الحاءِ.
والفَلَج: الصُّبْح. قَالَ حُميدُ بنُ ثَوْرٍ:
عَن القراميصِ بأَعْلَى لَا حِبٍ
مُعبَّد من عَهْدِ عَاد كالفَلَجْ وانْفَلَجَ الصُّبْحُ كانْبَلَجَ.
واسْتَفْلَجَ فُلانٌ بأَمْرِه بِالْجِيم والحاءِ مَلَكَه.
وفَلجَتْ فُلاَنَةُ بقَلْبي: ذَهَبَتْ بِهِ، وهاذه وَمَا قبلهَا من الأَساس.
وَفِي الحَدِيث ذِكْرُ فَلَجَ، وَهُوَ محرَّكةً: قَريةٌ عظيمةٌ من ناحيةِ اليَمامة، ومَوضعٌ باليَمن من مساكنِ عادٍ؛ كَذَا فِي أَنساب أَبي عِبيدٍ البَكْرِيّ. قلت: وَمن الأَخير ابنُ المُهَاجِر؛ ذَكَرَ ذالك الهَمْدَانيُّ فِي أَسماءِ الشُّهُور والأَيّام.
وفَالُوجَةُ: قَرْيَةٌ بِفِلَسْطِينع.
وفَالِجٌ: اسْمٌ. قَالَ الشّاعِر:
مَنْ كَانَ أَشْرَكَ فِي تَفَرُّقِ فَالِجٍ
فَلَبُونُه جَرِبَتْ مَعاً وأَغَدَّتِ
وفالجانُ: قريةٌ بتُونسَ.

لا

لا
ربما تأتي قبل الفعل لإثبات ضده كقوله:
{لا يُحِبُّ اَلظَلِمِينَ} .
أي يبغضهم :
ومنه قوله تعالى:
{لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ} .
أي يبطل ما علموه ، ويعلموا خلافه: وهو أن يعلموا أنهم لا يقدرون . والدليل على معنى الإثبات ما جاء من قوله:
{وأنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ} .

لا: الليث: لا حَرْفٌ يُنْفَى به ويُجْحَد به، وقد تجيء زائدة مع اليمين

كقولك لا أُقْسِمُ بالله. قال أَبو إِسحق في قول الله عز وجل: لا

أُقْسِمُ بيومِ القيامة، وأَشْكالِها في القرآن: لا اختلاف بين الناس أَن

معناه أُقْسِمُ بيوم القيامة، واختلفوا في تفسير لا فقال بعضهم لا لَغْوٌ،

وإِن كانت في أَوَّل السُّورة، لأَن القرآن كله كالسورة الواحدة لأَنه متصل

بعضه ببعض؛ وقال الفرّاء: لا ردٌّ لكلام تقدَّم كأَنه قيل ليس الأَمر

كما ذكرتم؛ قال الفراء: وكان كثير من النحويين يقولون لا صِلةٌ، قال: ولا

يبتدأُ بجحد ثم يجعل صلة يراد به الطرح، لأَنَّ هذا لو جاز لم يُعْرف خَبر

فيه جَحْد من خبر لا جَحْد فيه، ولكن القرآن العزيز نزل بالردّ على

الذين أَنْكَروا البَعْثَ والجنةَ والنار، فجاء الإِقْسامُ بالردّ عليهم في

كثير من الكلام المُبْتدإ منه وغير المبتدإ كقولك في الكلام لا واللهِ لا

أَفعل ذلك، جعلوا لا، وإِن رأَيتَها مُبتدأَةً، ردًّا لكلامٍ قد مَضَى،

فلو أُلْغِيَتْ لا مِمّا يُنْوَى به الجوابُ لم يكن بين اليمين التي تكون

جواباً واليمين التي تستأْنف فرق. وقال الليث: العرب تَطرح لا وهي

مَنْوِيّة كقولك واللهِ أضْرِبُكَ، تُريد والله لا أَضْرِبُكَ؛ وأَنشد:

وآلَيْتُ آسَى على هالِكِ،

وأَسْأَلُ نائحةً ما لَها

أَراد: لا آسَى ولا أَسأَلُ. قال أَبو منصور: وأَفادَنِي المُنْذري عن

اليزِيدي عن أَبي زيد في قول الله عز وجل: يُبَيِّن اللهُ لكم أَن

تَضِلُّوا؛ قال: مَخافَة أَن تَضِلُّوا وحِذارَ أَن تَضِلوا، ولو كان يُبَيّنُ

الله لكم أَنْ لا تَضِلوا لكان صواباً، قال أَبو منصور: وكذلك أَنْ لا

تَضِلَّ وأَنْ تَضِلَّ بمعنى واحد. قال: ومما جاء في القرآن العزيز مِن هذا

قوله عز وجل: إِنَّ اللهَ يُمْسِكُ السمواتِ والأَرضَ أَنْ تَزُولا؛ يريد

أَن لا تزولا، وكذلك قوله عز وجل: أَن تَحْبَطَ أَعمالُكم وأَنتم لا

تَشْعُرون؛ أَي أَن لا تَحْبَطَ، وقوله تعالى: أَن تقولوا إِنما أُنْزِلَ

الكتابُ على طائفَتَيْنِ مِن قَبْلنا؛ معناه أَن لا تقولوا، قال: وقولك

أَسأَلُك بالله أَنْ لا تقولَه وأَنْ تَقُولَه، فأَمَّا أَنْ لا تقولَه

فجاءَت لا لأَنك لم تُرد أَن يَقُوله، وقولك أَسأَلك بالله أَن تقوله سأَلتك

هذا فيها معنى النَّهْي، أَلا ترى أَنك تقول في الكلام والله أَقول ذلك

أَبداً، والله لا أَقول ذلك أَبداً؟ لا ههنا طَرْحُها وإِدْخالُها سواء

وذلك أَن الكلام له إِباء وإِنْعامٌ، فإِذا كان من الكلام ما يجيء من باب

الإِنعام موافقاً للإٍباء كان سَواء وما لم يكن لم يكن، أَلا ترى أَنك

تقول آتِيكَ غَداً وأَقومُ معك فلا يكون إِلا على معنى الإِنعام؟ فإذا قلت

واللهِ أَقولُ ذلك على معنى واللهِ لا أَقول ذلك صَلَحَ، وذلك لأَنَّ

الإِنْعام واللهِ لأَقُولَنَّه واللهِ لأَذْهَبَنَّ معك لا يكون واللهِ أَذهب

معك وأَنت تريد أَن تفعل، قال: واعلم أَنَّ لا لا تكون صِلةً إِلاَّ في

معنى الإِباء ولا تكون في معنى الإِنعام. التهذيب: قال الفراء والعرب

تجعل لا صلة إِذا اتصلت بجَحْدٍ قبلَها؛ قال الشاعر:

ما كانَ يَرْضَى رسولُ اللهِ دِيْنَهُمُ،

والأَطْيَبانِ أَبو بَكْرٍ ولا عُمَر

أَرادَ: والطَّيِّبانِ أَبو بكر وعمر. وقال في قوله تعالى: لِئلاَّ

يَعْلَمَ أَهْلُ الكتابِ أَنْ لا يَقْدِرُونَ على شيء من فَضْلِ اللهِ؛ قال:

العرب تقول لا صِلةً في كلّ كلام دخَل في أَوَّله جَحْدٌ أَو في آخره جحد

غير مُصرَّح، فهذا مما دخَل آخِرَه الجَحْدُ فجُعلت لا في أَوَّله

صِلةً، قال: وأَما الجَحْدُ السابق الذي لم يصرَّحْ به فقولك ما مَنَعَكَ أَن

لا تَسْجُد، وقوله: وما يُشْعِرُكُمْ أَنها إِذا جاءت لا يُؤْمِنون،

وقوله عز وجل: وحَرامٌ على قَرْيةٍ أَهْلَكْناها أَنهم لا يَرْجِعُون؛ وفي

الحَرام معنى جَحْدٍ ومَنْعٍ، وفي قوله وما يُشْعركم مثله، فلذلك جُعِلت لا

بعده صِلةً معناها السُّقوط من الكلام، قال: وقد قال بعضُ مَن لا يَعرف

العربية، قال: وأُراه عَرْضَ بأَبِي عُبيدة، إِن معنى غير في قول الله عز

وجل: غير المغضوب عليهم، معنى سِوَى وإِنَّ لا صلةٌ في الكلام؛ واحتج

بقوله:

في بئْرِ لا حُورٍ سرى وما شَعَرْ

بإِفْكِه، حَتَّى رَأَى الصُّبْحَ جَشَرْ

قال: وهذا جائز لأَن المعنى وقَعَ فيما لا يتبيَّنْ فيه عَمَلَه، فهو

جَحْدُ محض لأَنه أَراد في بئرِ ما لا يُحِيرُ عليه شيئاً، كأَنك قلت إِلى

غير رُشْد توجَّه وما يَدْرِي. وقال الفراء: معنى غير في قوله غير

المغضوب معنى لا، ولذلك زِدْتَ عليها لا كما تقول فلان غيرُ مُحْسِنٍ ولا

مُجْمِلٍ، فإِذا كانت غير بمعنى سِوَى لم يجز أَن تَكُرّ عليه، أَلا ترَى أَنه

لا يجوز أَن تقول عندي سِوَى عبدِ الله ولا زيدٍ؟ وروي عن ثعلب أَنه سمع

ابن الأَعرابي قال في قوله:

في بئر لا حُورٍ سرى وما شَعَر

أَراد: حُؤُورٍ أَي رُجُوع، المعنى أَنه وقع في بئرِ هَلَكةٍ لا رُجُوعَ

فيها وما شَعَرَ بذلك كقولك وَقع في هَلَكَةٍ وما شَعَرَ بذلك، قال:

ويجيء لا بمعنى غير؛ قال الله عز وجل: وقِفُوهُمْ إِنَّهم مسؤُولون ما لكم

لا تَناصَرُون؛ في موضع نصب على الحال، المعنى ما لكم غيرَ مُتناصِرين؛

قاله الزجاج؛ وقال أَبو عبيد: أَنشد الأَصمعي لساعدة الهذلي:

أَفَعَنْك لا بَرْقٌ كأَنَّ وَمِيضَه

غابٌ تَسَنَّمه ضِرامٌ مُثْقَبُ

قال: يريد أَمِنك بَرْقٌ، ولا صلة. قال أَبو منصور: وهذا يخالف ما قاله

الفراء إِن لا لا تكون صلة إِلا مع حرف نفي تقدَّمه؛ وأَنشد الباهلي

للشماخ:

إِذا ما أَدْلَجْتْ وضَعَتْ يَداها،

لَها الإِدْلاج لَيْلَه لا هُجُوعِ

أَي عَمِلَتْ يَداها عَمَلَ الليلةِ التي لا يُهْجَعُ فيها، يعني الناقة

ونَفَى بلا الهُجُوعَ ولم يُعْمِلْ، وترك هُجُوع مجروراً على ما كان

عليه من الإِضافة؛ قال: ومثله قول رؤبة:

لقد عرَفْتُ حِينَ لا اعْتِرافِ

نَفى بلا وترَكَه مجروراً؛ ومثله:

أَمْسَى بِبَلْدَةِ لا عَمٍّ ولا خال

وقال المبرد في قوله عز وجل: غَيْرِ المَغْضوبِ عليهم ولا الضالِّين؛

إِنما جاز أَن تقع لا في قوله ولا الضَّالين لأَن معنى غير متضمن معنى

النَّفْي، والنحويون يُجيزون أَنتَ زيداً غَيْرُ ضارِبٍ لأَنه في معنى قولك

أَنتَ زيداً لا ضارِبٌ، ولا يجيزون أَنت زيداً مِثْلُ ضارِب لأَن زيداً من

صلة ضارِبٍ فلا تتقدَّم عليه، قال: فجاءت لا تُشَدِّد من هذا النفي الذي

تضمنه غيرُ لأَنها تُقارِبُ الداخلة، أَلا ترى أَنك تقول جاءَني زيد

وعمرو، فيقول السامع ما جاءَك زيد وعَمرو؟ فجائز أَن يكون جاءَه أَحدُهما،

فإِذا قال ما جاءَني زيد ولا عمرو فقد تَبَيَّن أَنه لم يأْت واحد منهما.

وقوله تعالى: ولا تَسْتَوي الحَسَنةُ ولا السَّيِّئةُ؛ يقارب ما ذكرناه

وإِن لم يَكُنْه. غيره: لا حرفُ جَحْد وأَصل ألفها ياء، عند قطرب، حكاية

عن بعضهم أَنه قال لا أَفعل ذلك فأَمال لا. الجوهري: لا حرف نفي لقولك

يَفْعَل ولم يقع الفعل، إِذا قال هو يَفْعَلُ غَداً قلت لا يَفْعَلُ غداً،

وقد يكون ضدّاً لبَلَى ونَعَمْ، وقد يكون للنَّهْي كقولك لا تَقُمْ ولا

يَقُمْ زيد، يُنهى به كلُّ مَنْهِيٍّ من غائب وحاضِر، وقد يكون لَغْواً؛

قال العجاج:

في بِئرِ لا حُورٍ سَرَى وما شَعَرْ

وفي التنزيل العزيز: ما مَنَعَك أَن لا تَسْجُد؛ أَي ما منعك أَن

تسْجُد، وقد يكون حرفَ عطف لإِخراج الثاني مما دخل فيه الأَول كقولك رأَيت

زيداً لا عَمراً، فإَن أَدْخَلْتَ عليها الواو خَرَجَتْ من أَن تكون حَرْفَ

عطفٍ كقولك لم يقم زيد ولا عمرو، لأَن حُروف النسق لا يَدخل بعضُها على

بعض، فتكون الواو للعطف ولا إِنما هي لتأْكيد النفي؛ وقد تُزاد فيها التاء

فيقال لاتَ؛ قال أَبو زبيد:

طَلَبُوا صُلْحَنا ولاتَ أَوانٍ

وإِذا استقبلها الأَلف واللام ذهبت أَلفه كما قال:

أَبَى جُودُه لا البُخْلَ، واستَعْجلتْ نَعَمْ

بهِ مِنْ فَتًى، لا يَمْنَعُ الجُوعَ قاتِلَهْ

قال: وذكر يونس أَن أَبا عمرو بن العلاء كان يجرّ البُخل ويجعل لا

مُضافة إِليه لأَنَّ لا قد تكون للجُود والبُخْلِ، أَلا ترى أَنه لو قيل له

امْنَعِ الحَقَّ فقال لا كان جُوداً منه؟ فأَمَّا إِنْ جَعَلْتَها لغواً

نصَبْتَ البُخل بالفعل وإِن شئت نصَبْتَه على البدل؛ قال أَبو عمرو: أَراد

أَبَى جُودُه لا التي تُبَخِّلُ الإِنسان كأَنه إِذا قيل له لا تُسْرِفُ

ولا تُبَذِّرْ أَبَى جُوده قولَ لا هذه، واستعجلت نعم فقال نَغَم

أَفْعلُ ولا أَترك الجُودَ؛ قال: حكى ذلك الزجاج لأَبي عمرو ثم قال: وفيه قولان

آخران على رواية مَن روى أَبَى جُودُه لا البُخْل: أَحدهما معناه أَبَى

جُوده البُخْلَ وتَجعل لا صِلةً كقوله تعالى: ما منَعك أَن لا تَسْجُدَ،

ومعناه ما منعكَ أَن تسجُدَ، قال: والقول الثاني وهو حَسَن، قال: أرى أَن

يكون لا غيرَ لَغْوٍ وأَن يكون البُخل منصوباً بدلاً من لا، المعنى: أبي

جُودُه لا التي هي للبُخْل، فكأَنك قلت أَبَى جُوده البُخْلَ وعَجَّلَتْ

به نَعَمْ. قال ابن بري في معنى البيت: أَي لا يَمْنَعُ الجُوعَ

الطُّعْمَ الذي يَقْتُله؛ قال: ومن خفض البُخْلَ فعلى الإِضافةِ، ومَن نصب

جَعَله نعتاً للا، ولا في البيت اسمٌ، وهو مفعول لأَبَى، وإِنما أَضاف لا إِلى

البُخل لأَنَّ لا قد تكون للجُود كقول القائل: أَتَمْنَعُني من عَطائك،

فيقول المسؤول: لا، ولا هنا جُودٌ. قال: وقوله وإِن شئت نصبته على البدل،

قال: يعني البخل تنصبه على البدل من لا لأَن لا هي البُخل في المعنى،

فلا يكون لَغْواً على هذا القول.

لا الناهية: هي التي يطلب بها ترك الفعل وإسناد الفعل إليها مجازًا؛ لأن الناهي هو المتكلم بواسطتها.
لا: تكونُ نافِيَةً، وهي على خَمْسَةِ أوْجُهٍ: عامِلَةٌ عَمَلَ إنَّ، وعَمَلَ ليس، ولا تَعْمَلُ إلا في النَّكِراتِ، كقولِهِ:
مَنْ صَدَّ عن نِيرانِها ... فأَنَا ابنُ قَيْسٍ لا بَراح
وتكونُ عاطِفةً بِشَرْطِ أن يَتَقَدَّمَها إثْباتٌ: كجاءَ زَيْدَ لا عَمْرٌو، أو أمْرٌ: كاضْرِبْ زَيْداً لا عمْراً، وأن يَتَغَايَرَ مُتعاطِفاها، فلا يجوزُ: جاءَنِي رجلٌ لا زَيْدٌ، لأنه يَصْدُقُ على زيدٍ اسمُ الرَّجُلِ، وتكونُ جَوَاباً مُناقضاً لِنَعَمْ، وتُحْذَفُ الجُمَلُ بعدَها كثيراً، وتُعْرَضُ بين الخافِضِ والمَخْفوضِ، نحوُ: جِئْتُ بِلا زادٍ، وغَضِبْتُ من لا شيءٍ، وتكونُ مَوْضوعةً لِطَلَبِ التَّرْكِ، وتَخْتَصُّ بالدُّخولِ على المُضارِعِ، وتَقْتَضِي جَزْمَهُ واسْتِقْبالَه: {لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وعَدُوَّكُمْ أوْلِياءَ} وتكونُ زائِدةً: {ما مَنَعَكَ إذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا ألاَّ تَتَّبِعَني} ، {ما مَنَعَكَ أنْ لا تَسْجُدَ} ، {لِئَلاَّ يَعْلَمَ أهلُ الكِتابِ} .
ل ا: لَا حَرْفُ نَفْيٍ لِقَوْلِكَ يَفْعَلُ وَلَمْ يَقَعِ الْفِعْلُ. إِذَا قَالَ: هُوَ يَفْعَلُ غَدًا قُلْتَ: لَا يَفْعَلُ غَدًا. وَقَدْ يَكُونُ ضِدًّا لِبِلَى وَنَعَمْ. وَقَدْ يَكُونُ لِلنَّهْيِ كَقَوْلِكَ: لَا تَقُمْ وَلَا يَقُمْ زَيْدٌ يُنْهَى بِهِ كُلُّ مَنْهِيٍّ مِنْ غَائِبٍ وَحَاضِرٍ. وَقَدْ يَكُونُ لَغْوًا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ} [الأعراف: 12] أَيْ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ. وَقَدْ يَكُونُ حَرْفَ عَطْفٍ لِإِخْرَاجِ الثَّانِي مِمَّا دَخَلَ فِيهِ الْأَوَّلُ كَقَوْلِكَ: رَأَيْتُ زَيْدًا لَا عَمْرًا، فَإِنْ أَدْخَلَتْ عَلَيْهَا الْوَاوَ خَرَجَتْ مِنْ أَنْ تَكُونَ حَرْفَ عَطْفٍ كَقَوْلِكَ: لَمْ يَقُمْ زَيْدٌ وَلَا عَمْرٌو لِأَنَّ حُرُوفَ الْعَطْفِ لَا يَدْخُلُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ فَتَكُونُ الْوَاوُ لِلْعَطْفِ وَلَا لِتَأْكِيدِ النَّفْيِ. وَقَدْ تُزَادُ فِيهَا التَّاءُ فَيُقَالُ: لَاتَ كَمَا سَبَقَ فِي [ل ي ت] وَإِذَا اسْتَقْبَلَهَا الْأَلِفُ وَاللَّامُ ذَهَبَتْ أَلِفُهَا لَفْظًا كَقَوْلِكَ: الْجِدُّ يَرْفَعُ لَا الْجَدُّ. 
لا: لا: حرف يُنْفَى به ويُجْحَد، وقد تَجيءُ زائدةً، وإنّما تَزيدها العَرَبُ مع اليَمين، كقولك: لا أُقْسِمُ باللَّه لأُكْرِمَنّك، إنّما تُريد: أُقْسِمُ باللَّه.. وقد تَطْرَحُها العَرَبُ وهي مَنْويّة، كقولك، واللَّهِ أَضْرِبُك، تريد: واللَّه لا أضربك، قالت الخنساء :

فآليتُ آسَى على هالك ... وأسأل باكية مالها

أي: آلت لا آسَى، ولا أسأل. فإِذا قلت: لا واللَّه أكرمُك كان أبين، فإِنْ قلت: لا واللَّه لا أكرمك كان المعنى واحداً. وفي القرآن: ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ ، وفي قراءة أخرى: أَنْ تَسْجُدَ والمعنى واحد.. وتقول: أَتَيْتُك لتغضبَ عليّ أيْ: لئلاّ تَغْضَبَ عليّ. وقال ذو الرّمّة :

كأنّهنّ خوافي أَجْدلٍ قَرِمٍ ... ولَّى ليسبقَه بالأَمْعَزِ الخَرَبُ

أي: لئلاّ يسبقه، وقال:

ما كان يَرْضَى رسولُ الله فعلهم والطيبان أبو بكرِ ولا عُمَرُ 

صار (لا) صلة زائدة، لأنّ معناه: والطّيّبان أبو بكر وعمر. ولو قلت: كان يرضى رسول الله فعلهم والطبيان أبو بكر ولا عمر لكان مُحالاً، لأنّ الكلام في الأوّل واجبٌ حَسَنٌ، لأنّه جحود، وفي الثّاني متناقض. وأمّا قَوْلًه: فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ ف (لا) بمعنى (لم) كأنّه قال: فلم يَقْتَحِمِ العَقَبة. ومثله قوله عز وجل: فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى  ، إلاّ أنّ (لا) بهذا المعنى إذا كُرِّرت أَفْصَحُ منها إذا لم تُكَرَّرْ، وقد قال أميّة :

وأيُّ عبدٍ لك لا ألما

أي: لم تُلْمِمْ. [وإذا جعلتَ (لا) اسماً قلت ] : هذه لاءٌ مكتوبة، فتَمُدُّها لِتَتِمَّ الكلمة اسماً، ولو صَغّرت قلت: هذه لُوَيّة مَكتوبَةٌ إذا كانت صغيرة الكِتْبة غير جليلة.
لا
لا [كلمة وظيفيَّة]:
1 - حرف نفي يكون جوابًا، عكس نَعَم "هل جاء الطبيب؟ فتقول: لا".
2 - حرف يدخل على الجملة الاسميّة؛ فينصب المبتدأ ويرفع الخبر، وتسمَّى لا النافية للجنس "لا شكّ في صدقك- {لاَ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ} " ° لا أبا لك/ لا أَب لك: تعبير يُقال للمبالغة في المدح لاعتماده في حياته على ذاته لا على والده- لا جرمَ: لابدّ أو حقًّا- لا ناقَةَ له فيه ولا جَمَل [مثل]: لا شأن له فيه.
3 - حرف يعمل عمل ليس، وتسمَّى (لا) النافية للوحدة "لا ولدٌ واقفًا".
4 - حرف نفي وعطف بشرط أن يتقدّمه إثبات "جاء محمدٌ لا عليٌ".
5 - حرف جزم يفيد النهي أو الدّعاء، يختصّ بالدخول على المضارع مع معنى الاستقبال، وتسمَّى (لا) الناهية " {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلاَ تَقْهَرْ. وَأَمَّا السَّائِلَ فَلاَ تَنْهَرْ} - {وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ} ".
6 - حرف يفيد الدُّعاء بالخير أو بالشرّ إذا دخل على الماضي ولم يتكرّر "لا عدمناك- لا رحمه الله- لا فُضَّ فوك".
7 - سابقة تلحق صدر الكلمة لتدلّ على الفقد أو الانقطاع أو الكفّ أو التلاشي، وتدخل في تركيب عدد من الكلمات "لا شعور/ لا مبالاة/ لاسلكيّة/ لا إنسانيّ/ لا أدريّة/ لا فقاريّة/ لا عقلانيّة/ لا نهاية/ لا مركزيّة/ لا نهائيّ".
8 - حرف زائد للتقوية والتأكيد " {وَلاَ تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلاَ السَّيِّئَةُ}: لا تستوي الحسنة والسيئة".
9 - حرف نفي غير عامل " {فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِم وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} ".
10 - حرف نفي يعترض بين الجارّ والمجرور "جئت بلا زاد". 

لاءات [جمع]: مف لا: عبارات نفي مبدوءة بـ (لا) "أصدر المؤتمر ثلاث لاءات حاسمة". 
[لا] لا: حرف نفى لقولك يفعل ولم يقع الفعل، إذا قال هو يفعل غدا . وقد يكون ضدا لبلى ونعم. وقد يكون للنهى، كقولك: لا تقم ولا يقم زيد، ينهى به كل منهى من غائب أو حاضر. وقد يكون لغوا. قال العجاج:

في بئر لا حور سرى وما شعر  وقال تعالى: (ما منعك أن لا تسجد) أي ما منعك أن تسجد. وقد يكون حرف عطف لاخراج الثاني مما دخل فيه الاول، كقولك: رأيت زيدا لا عمرا. فإن أدخلت عليها الواو خرجت من أن تكون حرف عطف، كقولك: لم يقم زيد ولا عمرو ; لان حروف النسق لا يدخل بعضها على بعض، فتكون الواو للعطف ولا إنما هي لتوكيد النفى. وقد تزاد فيه التاء فيقال: لات، وقد ذكرناه في باب التاء. وإذا استقبلها الالف واللام ذهبت ألفه، كما قال: أبى جوده لا البخل واستعجلت نعم * به من فتى لا يمنع الجوع قاتله وذكر يونس أن أبا عمرو بن العلاء كان يجر البخل ويجعل لا مضافة إليه، لان لا قد تكون للجود وللبخل، ألا ترى أنه لو قيل له امنع الحق فقال لا، كان جودا منه. فأما إن جعلتها لغوا نصبت البخل بالفعل , وإن شئت نصبته على البدل. وقولهم: إما لى فافعل كذا، بالامالة، أصله إن لا، وما صلة، ومعناه إن لا يكون ذلك الامر فافعل كذا. وأما قول الكميت: كلا وكذا تغميضة ثم هجتم * لدى حين أن كانوا إلى النوم أفقرا فيقول: كان نومهم في القلة والسرعة كقول القائل: لا وذا. و (لو) : حرف تمن، وهو لامتناع الثاني من أجل امتناع الأوَّل، تقول: لَوْ جِئتني لأكرمتك. وهو خلافُ إنْ التي للجزاء، لانها توقع الثاني من أجل وجود الاول. وأما (لولا) فمركبة من معنى إنْ ولَوْ، وذلك أنْ لولا يمنع الثاني من أجل وجود الأول، تقول: لولا زيدٌ لهلكنا، أي امتنع وقوع الهلاك من أجل وجود زيد هناك. وقد تكون بمعنى هَلاَّ، كقول الشاعر : تَعُدَّونَ عَقْرَ النيبِ أفضلَ مجدِكم * بنى ضَوْطرى لولا الكَمِيَّ المقنعا وهو كثير في القرآن. وإن جعلت لو اسماً شدَّدته فقلت قد أكثرتَ من اللو ; لان حروف المعاني والاسماء الناقصة إذا صيرت أسماء تامة، بإدخال الالف واللام عليها أو بإعرابها، شدد ما هو منها على حرفين ; لانه يزاد في آخره حرف من جنسه فيدغم ويصرف، إلا الالف فإنك تزيد عليها مثلها فتمدها، لانها تنقلب عند التحريك لاجتماع الساكنين همزة، فتقول في لا: كتبت لاء جيدة. قال أبو زبيد: ليتَ شعري وأين منِّيَ لَيْتٌ * إنَّ لَيْتاً وإنَّ لوًّا عَناءُ
لا
«لَا» يستعمل للعدم المحض. نحو: زيد لا عالم، وذلك يدلّ على كونه جاهلا، وذلك يكون للنّفي، ويستعمل في الأزمنة الثّلاثة، ومع الاسم والفعل غير أنه إذا نفي به الماضي، فإمّا أن لا يؤتى بعده بالفعل، نحو أن يقال لك: هل خرجت؟ فتقول: لَا، وتقديره: لا خرجت.
ويكون قلّما يذكر بعده الفعل الماضي إلا إذا فصل بينهما بشيء. نحو: لا رجلا ضربت ولا امرأة، أو يكون عطفا. نحو: لا خرجت ولَا ركبت، أو عند تكريره. نحو: فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى [القيامة/ 31] أو عند الدّعاء. نحو قولهم: لا كان، ولا أفلح، ونحو ذلك. فممّا نفي به المستقبل قوله: لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ [سبأ/ 3] وفي أخرى: وَما يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ [يونس/ 61] وقد يجيء «لَا» داخلا على كلام مثبت، ويكون هو نافيا لكلام محذوف وقد حمل على ذلك قوله: لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ [القيامة/ 1] ، فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ [المعارج/ 40] ، فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ [الواقعة/ 75] ، فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ [النساء/ 65] وعلى ذلك قول الشاعر: لا وأبيك ابنة العامريّ
وقد حمل على ذلك قول عمر رضي الله عنه- وقد أفطر يوما في رمضان فظنّ أنّ الشمس قد غربت ثم طلعت-: لا، نقضيه ما تجانفنا لإثم فيه، وذلك أنّ قائلا قال له قد أثمنا فقال لا، نقضيه. فقوله: «لَا» ردّ لكلامه قد أثمنا، ثم استأنف فقال: نقضيه . وقد يكون لَا للنّهي نحو: لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ [الحجرات/ 11] ، وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ [الحجرات/ 11] ، وعلى هذا النّحو: يا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطانُ [الأعراف/ 27] ، وعلى ذلك: لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمانُ وَجُنُودُهُ [النمل/ 18] ، وقوله: وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ [البقرة/ 83] فنفي قيل تقديره: إنهم لا يعبدون، وعلى هذا: وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ لا تَسْفِكُونَ دِماءَكُمْ [البقرة/ 84] وقوله:
ما لَكُمْ لا تُقاتِلُونَ [النساء/ 75] يصحّ أن يكون «لا تقاتلون» في موضع الحال : ما لكم غير مقاتلين. ويجعل «لَا» مبنيّا مع النّكرة بعده فيقصد به النّفي. نحو: فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ [البقرة/ 197] ، [وقد يكرّر الكلام في المتضادّين ويراد إثبات الأمر فيهما جميعا. نحو أن يقال: ليس زيد بمقيم ولا ظاعن. أي: يكون تارة كذا وتارة كذا، وقد يقال ذلك ويراد إثبات حالة بينهما. نحو أن يقال: ليس بأبيض ولا أسود] ، وإنما يراد إثبات حالة أخرى له، وقوله: لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ [النور/ 35] .
فقد قيل معناه: إنها شرقيّة وغربيّة . وقيل معناه:
مصونة عن الإفراط والتّفريط. وقد يذكر «لَا» ويراد به سلب المعنى دون إثبات شيء، ويقال له الاسم غير المحصّل. نحو: لا إنسان، إذا قصدت سلب الإنسانيّة، وعلى هذا قول العامّة:
لا حدّ. أي: لا أحد.

لا التي تكون للتبرئة: النحويون يجعلون لها وجوهاً في نصب المُفرد

والمُكَرَّر وتنوين ما يُنوَّنُ وما لا يُنوَّن، والاخْتِيارُ عند جميعهم

أَن يُنصَب بها ما لا تُعادُ فيه كقوله عز وجل: أَلم ذلك الكتابُ لا

رَيْبَ فيه؛ أَجمع القراء على نصبه. وقال ابن بُزرْج: لا صلاةَ لا رُكُوعَ

فيها، جاء بالتبرئة مرتين، وإِذا أَعَدْتَ لا كقوله لابَيْعَ لا بَيْعَ فيه

ولا خُلَّة ولا شفاعة فأَنتَ بالخيار، إِن شئت نصبت بلا تنوين، وإِن شئت

رَفَعْتَ ونوَّنْتَ، وفيها لُغاتٌ كثيرة سوى ما ذكرتُ جائزةٌ عندهم.

وقال الليث: تقول هذه لاء مَكْتوبةٌ فتَمُدُّها لتَتِمَّ الكلمة اسماً، ولو

صغرت لقلت هذه لُوَيَّةٌ مكتوبة إِذا كانت صغيرة الكِتْبة غيرَ جَليلةٍ.

وحكى ثعلب: لَوَّيْت لاء حَسَنَةً عَمِلْتها، ومدَّ لا لأَنه قد صيَّرَها

اسماً، والاسمُ لا يكون على حرفين وَضْعاً، واخْتارَ الأَلف من بين حروف

المَدِّ واللين لمكان الفَتْحة، قال: وإِذا نسبت إِليها قلت لَوَوِيٌّ

(* قوله« لووي إلخ» كذا في الأصل وتأمله مع قول ابن مالك:

وضاعف الثاني من ثنائي * ثانيه ذو لين كلا ولائي)

وقصِيدةٌ لَوَوِيَّةٌ: قافِيَتُها لا. وأَما قول الله عز وجل: فلا

اقْتَحَمَ العَقَبةَ، فلا بمعنى فَلَمْ كأَنه قال فلم يَقْتَحِمِ العَقَبةَ،

ومثله: فلا صَدَّقَ ولا صَلَّى، إِلاَّ أَنَّ لا بهذا المعنى إِذا

كُرِّرَتْ أَسْوَغُ وأَفْصَحُ منها إِذا لم تُكَرَّرْ؛ وقد قال الشاعر:

إِنْ تَغْفِرِ اللهمَّ تَغْفِرْ جَمَّا،

وأَيُّ عَبْدٍ لَكَ لا أَلَمَّا؟

وقال بعضهم في قوله: فلا اقْتَحَمَ العَقَبةَ؛ معناها فما، وقيل:

فَهَلاَّ، وقال الزجاج: المعنى فلم يَقْتَحِم العقبةَ كما قال فلا صَدَّق ولا

صَلَّى ولم يذكر لا ههنا إِلاَّ مرة واحدة، وقلَّما تتَكَلَّم العرب في

مثل هذا المكان إِلاَّ بلا مَرَّتَيْنِ أَو أَكثر، لا تكاد تقول لا

جِئْتَني تُريد ما جِئْتَني ولا نري صلح

(*قوله «نري صلح» كذا في الأصل بلا نقط

مرموزاً له في الهامش بعلامة وقفة.) والمعنى في فلا اقْتَحَمَ موجود لأَن

لا ثابتة كلها في الكلام، لأَن قوله ثم كان من الذين آمنوا يَدُلُّ على

معنى فلا اقْتَحَمَ ولا آمَنَ، قال: ونحوَ ذلك قال الفراء، قال الليث:

وقد يُرْدَفُ أَلا بِلا فيقال أَلا لا؛ وأَنشد: فقامَ

يَذُودُ الناسَ عنها بسَيْفِه

وقال: أَلا لا من سَبيلٍ إِلى هِنْدِ

ويقال للرجل: هل كان كذا وكذا؟ فيقال: أَلا لا ؛ جَعَلَ أَلا تَنْبيهاً

ولا نفياً. وقال الليث في لي قال: هما حَرْفانِ مُتباينان قُرِنا

واللامُ لامُ الملكِ والياء ياء الإضافة؛ وأَما قول الكميت:

كَلا وكَذا تَغْمِيضةً ثمَّ هِجْتُمُ

لَدى حين أَنْ كانُوا إِلى النَّوْمِ، أَفْقَرا

فيقول: كانَ نَوْمُهم في القِلَّةِ كقول القائل لا وذا، والعرب إِذا

أَرادوا تَقْلِيل مُدَّة فِعْلٍ أَو ظهور شيء خَفِيَ قالوا كان فِعْلُه

كَلا، وربما كَرَّروا فقالوا كلا ولا؛ ومن ذلك قول ذي الرمة:

أَصابَ خَصاصةً فبَدا كَليلاً

كلا، وانْغَلَّ سائرُه انْغِلالا

وقال آخر:

يكونُ نُزولُ القَوْمِ فيها كَلا ولا

[لا] ن: "لا" وقرة عيني! هي زائدة أو نافية لمحذوف، أي لا شيء غير ما أقول. وكذا ح: "لا" أريد أن أخبركم عن نبيكم، لا زائدة، أو المعنى: لا أريد الخبر عنه بل أعظكم من عند نفسي، لكني الآن أزيدكم على ما أردت بحديثه صلى الله عليه وسلم. وح: "لا" وهو يدافعه الأخبثان، أي لا صلاة لمصل وهو يدافعه، وروى برك "لا" فهو مبتدأ ويدافعه خبره، والجملة معطوفة على أخرى، وفيه حذف أي لا صلاة حين يدافعه. وح: "لا" إنا ظننا، أي لا مانع إلا توهم أن البعض قائم فنزعجه. وح: "لا" عليكم أن لا تفعلوا، أي ما عليكم ضرر في ترك العزل، فإن ما قدر يكون وما لا فلا، فلا فائدة في العزل ولا ضرر في تركه. ك: أي ليس عدم الفعل واجبًا عليكم، وقيل: "لا" زائدة، أي لا بأس عليكم في فعله، قوله: نصيب سبيًا، أي نجامع الإماء المسبية. ن: "لا" إلا بالمعروف، أي لا حرج، ثم ابتدأ فقال: إلا بالمعروف، أو معناه: لا حرج إذا لم تنفقي إلا بالمعروف. وح: "لا" ها الله إذا لا نعمد إلى أسد، صوابه: ذا- بلا ألف، أي هذا يميني، وها- بالمد والقصر، ويلزم الجر بعدها لأنها بمعنى واو القسم، ونعمد- بنون التكلم، وكذا فنعطيك. ط: لا- نفي لكلام الرجل، ولا يعمد- جواب القسم، أي لا يقصد النبي صلى الله عليه وسلم إلى أسد قتال فيأخذ سلبه، فيعطيك- بالنصب،أي لا كافي لك غير نفسك، وقد يذكر للذم وللتعجب ودفعًا للعين. وح "لا" واستغفر الله، أي استغفر الله إن كان الأمر على خلاف ذلك، وهو إن لم يكن يمينًا لكن شابهه حيث أكد الكلام وقرره. وح: "لا" هو حرام، أي لا تبيعوها فإن بيعه حرام، وأما الانتفاع به حلال عند الشافعي وأصحابه خلافًا للجمهور. وح: "لا" يكسب عبد مال حرام فيتصدق به فيقبل، هما بالرفع عطفًا على يكسب أي لا يكون اجتماع الكسب والتصدق سببًا للقبول. وح: ابسط يدك فلأبايعك، اللام مقحمة، أو الفاء مقحمة واللام للتعليل للأمر، ويحتمل كون اللام مفتوحة بتقدير: فإني أبايعك، والفاء جزائية. وح: "فلا" عليه أن يموت يهوديًا أو نصرانيًا، أي لا يتفاوت حال موته يهوديًا أو نصرانيًا بل هي سواء في كفران النعمة، وهو تشديد.
باب لي
(لا) - قوله تَبارك وتعالى: {فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى}
: أي لَم يَتصدَّق، ولم يُصَلِّ، وأكثَر مَا تجىء مكررة
- في الحديث: "لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ "
: أي لَم يُؤمِنْ. ومنه قَول عُمَر - رضي الله عنه -: "وأَىُّ عَبدٍ لكَ لَا ألَمَّا "
: أي لم يُلِمَّ بالذّنب.
وقد تَجِيءُ "لاَ" زَائِدة نحو قوله تعالى: {لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ}
: أىَ ليَعْلَم أهل الكتاب، وهي من حُروُف العَطْفِ، وتُزادُ فيها التَّاء فيخفض بها، كقَول الشاعِرِ:
* طَلَبُوا صُلْحَنَا ولاتَ أَوَانٍ * - في حديث أبى قَتادةَ وغَيْره: "إِمَّا لا فلا تَفعَلُوا"
فالعَربُ تُمِيل هذه اللام؛ وقد تُكْتَب بالياء فيُغْلَط فيه، فيظنُّونَها لى التي هي قَرِينَةُ لك، وليس كذلك، ذكره الميداني.
- في حديث بَريرَةَ - رَضى الله عنها - مِن طَرِيق هِشَام بن عُرْوةَ: "اشْتَرِطى لَهُم الوَلَاءَ "
قيل: إنّ هذه اللَّفظَةَ غِيرُ محْفُوظَةٍ، ولَوْ صَحَّتْ لَكانَ معناهَا: لا تُبالِى بقَولِهم لا أَن تَشْتَرِطِيهِ لَهُم، فَيكُون خلفاً لِمَوعودِ شَرْطٍ، وَكان المُزَنيّ يتأوّله فيقُول: [معناه] : اشْتَرطِى عليهم، كمَا قالَ تعالى: {لَهُمُ اللَّعْنَةُ} : أي عليهم.
ولِلَّام وُجُوهٌ صُنِّفَ فيها كُتُبٌ مُفرَدةٌ:
قال الطحاوىُّ: هذه اللَّفْظَة لم نَجِدْها إلَّا في رِوَاية مَالِك وجَرِير بن عبد الحَميدِ، عن هِشَام بن عُرْوَة، ويزيد بن رُومَان، عن عُرْوَةَ. وقيل: هو كقَولَه تعالى: {وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} : أي عليها. وهو قول عبد الملِكِ بن هِشَام النّحوى. قال مُحمَّد بن العَبَّاس: فَذَكَرتُ ذلك لأَحمَدَ بن أبى عِمْرَان، فَقال: قد كَان مُحمّد بن شُجَاع يحمل ذلك على الوَعِيد الذي ظاهِرُه الأَمرُ وباطنه النَّهى.
- ومنه قوله تعالَى: {وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ ..} الآية. وَقولُه تعالى {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} ؛ وقال: أَلا تَراه قد أَتْبَع ذلك صُعُودَ المِنبَر وخُطبتَه بِقَوله: "مَا بَال رِجَالٍ يَشتَرِطُون .. " الحديث، ثم أتبع ذلك بِقَوله عليه الصّلاة وَالسّلام: "إنما الوَلَاءُ لمن أعْتِق" وَذكر أبو بكرٍ الأثرم؛ أنّه سَأل أحمدَ بنَ حَنبَل - رحمه الله -: عن وجهه، فقال: نُرى - والله أعلَم -: أنَّ هذا كَانَ [قَدْ ] تَقدَّم مِن النبىّ - صلّى الله عليه وسلّم - القولُ فيه، فتقدَّم هؤلاء على نَهى النَّبىِّ - صلَّى الله عليه وسلّم - فقالَ: اشتَرِطى لهم. قال: قلتُ له: فَكأنّه عندك، لمّا تقَدَّمُوا على نَهْىِ النَّبِىّ - صلّى الله عليه وسلّم [وخلافِه ]. كان هذا تَغلِيظاً مِن النّبىّ - صلّى الله عليه وَسلم وغَضَباً، فقال: هكَذَا هو عِندنا - والله تعالى أعلم.
أخبرنا هِبَة الله السَّيِّدى [إجازَةً ]، أنا أبو بكر البَيْهَقِى، أنا الحاكم أبو عبد الله، أخبرني أبو أحمد بن أبى الحسَن، أنا عبد الرحمَنِ - يعنى - ابن محمد، ثنا أبى، ثنا حَرمَلة، سمعتُ الشافعىَّ - رحمه الله - يقول: في حديث النّبىّ - صلَّى الله عليه وسلّم - حَيثُ قال: اشتَرطِى لهم الوَلاء. معناه: اشترطى عليهم الولاء. قال الله - عزّ وجلّ - {أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ}
: أي عليهم اللَّعْنة.
قال الحاكِمُ: ثنا الأصَمُّ، أنا الرّبيع، قال الشّافِعى: حَدِيثُ يحيى بن مَعين ، عن عَمْرَة، عن عائشةَ: أثبَتُ من حديث هِشَامٍ، وأَحسِبُه غلط في قوله: "واشتَرِطى لهم الوَلاءَ". وأحْسِبُ حديث عَمْرَةَ: أنَّ عائشة كانت شرطت لهم بِغَير أمْرِ النَّبى - صلّى الله عليه وسلّم -، وهي تَرى ذلك يَجوز، فأَعْلَمها رسولُ الله - صلّى الله عليه وسلّم - أَنَّها إن أَعتَقتْها فالوَلَاء لها، وقال: لا يَمْنَعَنْك عنها مَا تقدَّم من شرطِكِ، ولا أَرَى أنّه أَمرَها أن تشتَرِط لهم ما لا يَجوُز.
لَا
: (! لَا: تكونُ نافِيَةً) ، أَي حَرْفٌ يُنْفَى بِهِ ويُجْحَدُ بِهِ، وأَصْلُ ألِفِها ياءٌ عنْدَ قُطْرب حِكايَةً عَن بعضِهم أَنَّه قالَ: لَا أَفْعَلُ ذلكَ فأمالَ لَا.
وقالَ اللَّيْثُ: يقالُ: هَذِه لَا مَكْتُوبةٌ، فتَمُدُّها لتتم الكَلِمة اسْماً، وَلَو صَغَّرْتَ لقُلْتَ: هَذِه لُوَيَّةٌ مَكْتوبَةٌ إِذا كانتْ صَغِيرَة الكتبةِ غَيْر جَلِيلةٍ.
وحكَى ثَعْلب لَوَّيْتُ لاءً حَسَنَةً عَمِلْتُها، ومَدَّلا لأنَّه قد صَيَّرها اسْماً، والاسْمُ لَا يكونُ على حَرْفَيْن وضعا، واخْتَار الألِفَ مِن بينِ حُروفِ المَدِّ واللِّين لمَكانِ الفَتْحةِ؛ قالَ: وَإِذا نَسَبْتَ إِلَيْهَا قلْتَ: لَوَوِيٌّ. وقَصِيدَةٌ لَوَوِيَّةٌ: قافِيَتُها لَا.
(وَهِي على خَمْسةِ أَوْجُهٍ) .
الأوَّل: (عامِلَةٌ عَمَلَ إنَّ) ، وإنَّما يَظْهَرُ نَصْب اسْمِها إِذا كانَ خافِضاً نَحْو: لَا صاحِبَ جُودٍ مَمْقوتٌ، وَمِنْه قولُ المُتَنبِّي:
فَلَا ثَوْبَ مَجْدٍ غَيْرُ ثَوْبِ ابنِ أَحْمد
على أَحَدٍ إلاَّ بلُؤْمٍ مُرقع أَو رافِعاً نَحْو: لَا حَسَناً فِعْلُه مَذْمومٌ؛ أَو ناصِباً لَا طالِعاً جَبَلاً حاضِرٌ؛ وَمِنْه لَا خَيْرَ مِن زيْدٍ عنْدَنا؛ وقولُ المتنبِّي:
قفَا قَليلاً بهَا عليّ فَلَا
أَقَلّ مِن نَظْرةٍ أُزوَّدُها (و) الثَّاني: عامِلَةٌ (عَمَلَ ليسَ) ، وَهُوَ نَفْيُ غَيْر الْعَام نَحْو: لَا رَجُلَ فِي الدَّارِ وَلَا امْرأَةً، والفَرْقُ بينَ نَفْي الْعَام ونَفْي غَيْر الْعَام أنَّ نَفْيَ العامِ نَفْيٌ للجِنْسِ تقولُ: لَا رَجُل فِي الدارِ أَي ليسَ فِيهَا مِن جِنْسِه أَحَدٌ؛ ونَفْيَ غَيْر الْعَام نَفْيٌ للجُزْءِ فإنَّ قوْلَكَ: لَا رَجُل فِي الدَّارِ! وَلَا امْرأَة، يَجوزُ أَنْ يكونَ فِي الدَّارِ رَجُلانِ أَو رِجالٌ وامْرأَتانِ أَو نِساءٌ. (وَلَا تَعْمَلُ إلاَّ فِي النّكِراتِ كقولهِ) ، أَي الشَّاعِر وَهُوَ سعْدُ بنُ ناشبٍ، وقيلَ سعْدُ بنُ مالِكٍ يُعَرِّضُ بالحارِثِ بنِ عبَّادٍ اليَشْكُري وَكَانَ قد اعْتَزَلَ حَرْبَ تَغْلب وبَكْر ابْنَي وائِلٍ:
(مَنْ صَدَّ عَن نِيرانَها (فأَنَا ابنُ قَيْسٍ لَا بَراح) والقَصِيدَةُ مَرْفوعَةٌ وفيهَا يقولُ: بِئْسَ الخِلائِفُ بَعدنَا
أَولادُ يَشْكُر واللّقاحِوأَرادَ باللّقاحِ بَني حنيفَةَ وتقدَّمَ للمصنِّفِ فِي الحاءِ. وقَوْلُهم: لَا بَراح مَنْصوبٌ كقَوْلهم: لَا رَيْبَ، ويَجوزُ رَفْعه فتكونُ لَا بِمَنْزِلَة ليسَ.
قُلْتُ: وَهَذِه عِنْدَهم تُسَمَّى لَا التَّبْرِئةِ، وَلها وُجُوهٌ فِي نَصْبِ الْمُفْرد والمُبكَرَّ وتَنْوِين مَا يُنَوَّن وَمَا لَا يُنَوَّن كَمَا سَيَأتي؛ والاخْتِيارُ عنْدَ جمِيعِ النّحويِّين أَن يُنْصَبَ بهَا مَا لَا يُعادُ فِيهِ كَقَوْلِه، عزَّ وجلَّ: {ألم، ذلكَ الكِتابُ لَا رَيْبَ فِيهِ} ، أَجْمع القُراءُ على نَصْبِه.
وَفِي المِصْباح: وجاءَتْ بمعْنَى ليسَ نَحْو: لَا فِيهَا غُول، أَي ليسَ فِيهَا؛ وَمِنْه قولُهم: لَا هَاء الله ذَا، أَي ليسَ واللهاِ ذَا، والمعَنْى لَا يكونُ هَذَا الأَمْر.
(و) الثَّالثُ: أنْ (تكونَ عاطِفَةً بشَرْطِ أَنْ يَتَقَدَّمَها إثْباتٌ: كجاءَ زَيْدٌ لَا عَمْرٌ و؛ أَو أمْرٌ: كاضْرِبْ زَيْداً لَا عَمْراً) ؛ أَو نِداءٌ نَحْو: يَا ابنَ أَخي لَا ابنَ عَمِّي. (و) بشَرْطِ (أَن يَتَغايَرَ مُتَعاطِفاها فَلَا يجوزُ جاءَني رجُلٌ لَا زَيْدٌ لأنَّه يَصْدُقُ على زيدٍ اسْمُ الرَّجُلِ) بخِلافِ جاءَني رجُلٌ لَا امْرأَة، وبشَرْط أَنْ لَا تَقْتَرِن بعاطِفٍ. فَهِيَ شُروطٌ ثلاثَةٌ ذكرَ مِنْهَا الشَّرْطَيْن وأغفلَ عَن الثالثِ، وَقد ذَكَرَه الجَوْهرِي وغيرُه كَمَا سَيَأْتي.
وَفِي المِصْباح: وتكونُ عاطِفَةً بعْدَ الأَمْرِ والدُّعاءِ والإِيجابِ، نَحْو: أَكْرِمْ زَيْداً لَا عَمْراً، واللهُمَّ اغْفِرْ لزَيْد، لَا عَمْرٍ و، وقامَ زَيْدٌ لَا عَمْرٌ و، وَلَا يجوزُ ظُهور فِعْل ماضٍ بعْدَها لئَلاَّ يلتبسُ بالدُّعاءِ، فَلَا يقالُ قامَ زَيْدٌ لَا قامَ عَمْرو. وَقَالَ ابنُ الدهان: وَلَا تَقَعُ بعْدَ كَلام مَنْفيَ لأنَّها تَنْفي عَن الثَّانِي مَا وَجَبَ للأوَّلِ، فَإِذا كانَ الأوَّلُ مَنْفيّاً فَمَاذَا يَنْفي، انتَهَى.
وَفِي الصِّحاح: وَقد تكونُ حَرْفَ عَطْفٍ لإخْراجِ الثَّانِي ممَّا دخلَ فِيهِ الأوَّل كقَوْلكَ: رَأَيْت زَيْداً لَا عَمْراً، فإنْ أَدْخَلْت عَلَيْهَا الْوَاو خَرَجَتْ مِن أَنْ تكونَ حَرْف عَطْفٍ كقَوْلكَ: لم يَقُمْ زَيْدٌ وَلَا عَمرو، لأنَّ حُرُوفَ النِّسَق لَا يَدْخلُ بعضُها على بعضٍ، فتكونُ الواوُ للعطْفِ وَلَا إنَّما هِيَ لتَوْكيدِ النَّفْي، انتَهَى.
وَفِي المِصْباح: قَالَ ابنُ السَّراج وتَبِعَه ابنُ جنِّي: مَعْنى لَا العاطِفَة التَّحْقيق للأَوّل والنَّفْي عَن الثَّانِي فتقولُ قامَ زَيْدٌ لَا عَمْرو، واضْرِبْ زَيْداً لَا عَمْراً، ولذلكَ لَا يجوزُ وُقُوعُها بعْدَ حُروفِ الاسْتِثْناءِ فَلَا يقالُ قامَ القَوْمُ إلاَّ زَيْداً وَلَا عَمْراً، وشبْه ذلكَ، وذلكَ أَنَّها للإخْراجِ مماَّ دَخَلَ فِيهِ الأوَّل، والأوّل هُنَا مَنْفيٌّ، ولأنَّ الواوَ للعَطْفِ وَلَا للعَطْفِ وَلَا يَجْتَمِعُ حَرْفانِ بمعْنًى واحِدٍ، قالَ: والنَّفْي فِي جَمِيعِ العربِيَّةِ متّسقٌ بِلاَ إلاَّ فِي الاسْتِثْناءِ، وَهَذَا القسْمُ داخِلٌ فِي عُمومِ قَوْلهم لَا يَجوزُ وُقُوعها بعْدَ كَلامٍ مَنْفيَ. قالَ السّهيلي: ومِن شَرْط العَطْف أَن لَا يصدق المَعْطوف عَلَيْهِ على المَعْطوف فَلَا يَجوزُ قامَ رجُلٌ لَا زَيْدٌ، وَلَا قامَتِ امرأَةٌ لَا هِنْد، وَقد نَصّوا على جَوازِ اضْربْ رجُلاً لَا زَيْداً فيحتاجُ إِلَى الفَرْقِ، انتَهَى الغَرَض مِنْهُ، وللحافِظِ تَقِيّ الدِّيْن السّبكي فِي هَذِه المَسْأَلةِ رِسَالَة بالخُصوصِ سَمَّاها نَيْل العُلا فِي العَطْفِ! بِلا، وَهِي جَوابٌ عَن سؤالٍ لولدِه القاضِي بَهاء الدِّيْن أَبي حامِدٍ أَحْمد بن عليَ السَّبكي وَقد قَرَأَها الصَّلاح الصَّفدي على التَّقي فِي دِمَشْق سَنَة 753، وحَضَرَ القِراءَةَ جُمْلةٌ مِن الفُضَلاءِ وَفِي آخِرها حَضَرَه القاضِي تَاج الدِّيْن عَبْدُ الوَهاب وَلَدُ المصنِّف، وفيهَا يقولُ الصَّفدي مقرظاً:
يَا مَنْ غَدا فِي العِلْم ذَا همةٍ
عَظِيمة بالفَضْلِ تملا الملالم تَرْقَ فِي النَّحْوِ إِلَى رتْبَةٍ
سامِيَةٍ إلاَّ بنَيْلِ العُلاوسأَخْتَصِرُ لكَ السَّؤالَ والجَوابَ، وأَذْكر مِنْهُمَا مَا يَتَعلَّقُ بِهِ الغَرَض:
قالَ يُخاطِبُ وَلَدَه: سَأَلْتَ أَكْرَمَك اللهاُ عَن قامَ رجُلٌ لَا زَيْد، هَل يصحُّ هَذَا التَّرْكِيب، وأنَّ الشَّيْخ أَبَا حيَّان جَزَمَ بامْتِناعِهِامْتَنَع جاءَ رَجُل لَا زَيْد كَمَا قَالُوهُ فَهَل يَمْتَنِع ذلكَ فِي العامِّ والخاصِ مِثْل قامَ الناسُ لَا زَيْد، وكيفَ يمنعُ أَحدٌ مَعَ تَصْريح ابنِ مالِكٍ وغيرِه بغيَّةِ قامَ الناسُ وزَيْدٌ، ولأيِّ شيءٍ يَمْتَنع العَطْف بِلا فِي نَحْو مَا قامَ إلاَّ زَيْدٌ لَا عَمْرو، وَهُوَ عَطْفٌ على مُوجبٍ لأنَّ زَيْداً مُوجبٌ وتعْلِيلهم بِأَنَّهُ يلْزمُ نَفْيه مَرَّتَيْن ضَعِيف لأنَّ الإطْنابَ قد يَقْتَضِي مِثْلَ ذلكَ لَا سيَّما والنَّفْي الأوَّل عامٌّ والنَّفْي الثَّانِي خاصٌّ، فأَسْوأُ دَرَجاتِه أَنْ يكونَ مِثْل مَا قامَ الناسُ وَلَا زَيْد؛ هَذَا جُمْلةَ مَا تضمَّنَه كتابك فِي ذلكَ، بارَكَ اللهاُ فِيك.
والجَوابُ: أَمَّا الشَّرْط الَّذِي ذَكَره أَبو حيَّان فِي العَطْفِ بِلا، فقد ذَكَرَه أَيْضاً أَبو الحَسَنِ الأبدي فِي شَرح الجَزُوليَّة فقالَ: لَا يُعْطَفُ بِلا إلاَّ بشَرْطٍ وَهُوَ أَنْ يكونَ الكَلامُ الَّذِي قَبْلها يتضَمَّنُ بمفْهومِ الخِطابِ نَفْي الفِعْل عمَّا بَعْدَها، فيكونُ الأوَّل لَا يَتَناوَلُ الثَّانِي نَحْو قَوْله جاءَني رجُلٌ لَا امْرَأَة، وجاءَني عالِمٌ لَا جاهِلٌ، وَلَو قُلْتَ: مَرَرْتُ برجُلٍ لَا عَاقِل لم يجزْ لأنَّه ليسَ فِي مَفْهومِ الكَلامِ الأوَّل يَنْفِي الفِعْلَ عَن الثَّانِي، وَهِي لَا تَدْخُل إلاَّ لتَأْكيدِ النَّفْي فإنْ أَرَدْتَ ذلكَ المَعْنى جِئْتَ بغَيْر فتقولُ: مَرَرْتُ برَجُلٍ غَيْر عَاقِلَ وغَيْر زَيْد، ومَرَرْت بِزَيْدٍ لَا عَمْرو، لأنَّ الأوَّل لَا يَتَناوَلُ الثَّانِي.
وَقد تضمَّنَ كلامُ الأبدي هَذَا زِيادَةً على مَا قالَهُ السَّهيلي وأَبو حيَّان، وَهِي قَوْله: إنَّها لَا تَدْخُل إلاَّ لتَأْكِيدِ المنَّفْي، وَإِذا ثَبَتَ أَنَّ لَا لَا تَدْخُلُ إلاَّ لتَأْكيدِ النَّفْي اتَّضَحَ اشْتِراط الشَّرْط المَذْكُور، لأَنَّ مَفْهوم الخِطابِ اقْتَضَى فِي قولِكَ قامَ رجُلٌ نَفْيَ المَرْأَةِ فدَخَلَتْ لَا للتَّصْريحِ بِمَا اقْتضاهُ المَفْهُوم، وكذلكَ قامَ زَيْدٌ لَا عَمْرو، أمَّا قامَ رجُلٌ لَا زَيْد فَلم يَقْتضِ المَفْهوم نَفْي زَيْد فلذلكَ لم يجزْ العَطْفُ! بِلا لأنَّها لَا تكونُ لتَأْكِيدِ نَفْي بل لتأَسِيسِه، وَهِي وَإِن كانَ يُؤْتَى بهَا لتَأْسِيسِ النَّفْي فكذلكَ فِي نَفْيٍ يقصدُ تَأْكِيدُه بهَا بخِلافِ غيرِها مِن أَدَواتِ النَّفي كلَمْ وَمَا، وَهُوَ كَلامٌ حَسَنٌ.
وأَيْضاً تَمْثِيل ابْن السَّراج فإنَّه قالَ فِي كتابِ الأُصول: وَهِي تَقَعُ لإخْراجِ الثَّانِي ممَّا دَخَلَ فِيهِ الأوَّل، وذلكَ قَوْله: ضَرَبْت زيْداً لَا عَمْراً، ومَرَرْتُ برجُلٍ لَا امْرأَةٍ، وجاءَني زَيْدٌ لَا عَمْرو، فانْظُرْ أَمْثِلَته لم يَذْكُر فِيهَا إلاَّ مَا اقْتَضاهُ الشَّرْطُ المَذْكُور.
وأيْضاً تَمْثِيل جَماعَة مِن النُّحاة مِنْهُم ابْن الشَّجَري فِي الأمالِي قالَ: إنَّها تكونُ عاطِفَةً فتَشْركُ مَا بَعْدَها فِي إعْرابِ مَا قَبْلها وتَنْفي عَن الثَّانِي مَا ثَبَتَ للأوَّل كَقَوْلِك: خَرَجَ زَيْدٌ لَا بكر، ولَقِيتُ أَخاكَ لَا أَباكَ، ومَرَرْتُ بحَمِيكَ لَا أَبِيكَ، وَلم يَذْكُر أَحدٌ مِن النّحاةِ فِي أَمْثلتِه مَا كونُ الأوَّل فِيهِ يحتملُ أَن يَنْدرجَ فِيهِ الثَّانِي، وخَطَرَ لي فِي سَبَبِ ذلكَ أَمْران: أَحَدُهما: أَنَّ العَطْفَ يَقْتَضِي المُغايَرَةَ، فَهَذِهِ القاعِدَةُ تَقْتَضِي أنَّه لَا بُدَّ فِي المَعْطوفِ أنْ يكونَ غَيْرَ المَعْطوفِ عَلَيْهِ، والمُغايَرَةُ عنْدَ الإطْلاقِ تَقْتَضِي المُبايَنَةَ لأنَّها المَفْهومُ مِنْهَا عنْدَ أَكْثَر الناسِ وإنْ كانَ التَّحْقيقُ أنَّ بينَ الأعَمِّ والأخَصِّ والعامِّ والخاصِّ والجُزْء، والكُلِّ مغايَرَةً، ولكنَّ المُغايَرَةَ عنْدَمَعَ إرادَةِ مَدْلُول رَجُل فِي احْتِمالِه لزَيْد وغَيْره لَا فائِدَةَ فِيهِ، ونقولُ أنَّه مُتنَاقِضٌ لأنَّه إِن أَرَدْتَ الإخبْارَ بنَفْي قِيامِ زَيْد وبالإخْبار بقِيامِ رجُلٍ المُحْتمل لَهُ ولغيْرِه كانَ مُتَناقِضاً، وَإِن أَرَدْتَ الإخْبارَ بقِيامِ رجُلٍ غَيْر زَيْد كَانَ طَرِيقُك أَنْ تقولَ غَيْر زَيْد، فَإِن قُلْتَ لَا بمعْنَى غَيْر لم تَكُنْ عاطِفَةً، ونحنُ إنَّما نَتَكلَّمُ على العَاطِفَةِ، والفَرْقُ بَيْنهما أنَّ الَّتِي بمعْنَى غَيْر مُقَيّدَةٌ للأُولى مُبَيِّنَةٌ لوَصْفِه، والعاطِفَة مُبَيِّنة حُكماً جَدِيداً لغَيْرِه، فَهَذَا هُوَ الَّذِي خَطَرَ لي فِي ذلكَ وَبِه يُتَبَيَّنُ أنَّه لَا فَرْقَ بينَ قَوْلك قامَ رَجُلٌ لَا زَيْد، وقَوْلك قامَ زَيْدٌ لَا رَجُل، كِلاهُما مُمْتَنِعٌ إلاَّ أَن يُرادَ بالرَّجُلِ غَيْرُ زَيْدٍ فحينَئِذٍ يصحُّ فيهمَا إنْ كانَ يصحُّ وَضْع لَا فِي هَذَا المَوْضِع مَوْضِع غَيْر وَفِيه نَظَرٌ وتَفْصيلٌ سنَذْكُره، وإلاَّ فنَعْدلُ عَنْهَا إِلَى صِيغَةِ غَيْر إِذا أُرِيدَ ذلكَ المَعْنى.
وبَيْنَ العَطْفِ ومَعْنى غَيْر فَرْقٌ، وَهُوَ أنَّ العَطْفَ يَقْتضِي النَّفْيَ عَن الثَّانِي بالمَنْطوقِ وَلَا تعرض لَهُ للأوَّل إلاَّ بتَأْكِيدِ مَا دَلَّ عَلَيْهِ بالمَفْهوم إنْ سَلِم، ومَعْنى غَيْر يَقْتَضِي تَقْييِد الأوَّل وَلَا تعرض لَهُ للثَّانِي إلاَّ بالمَفْهومِ إِن جَعَلْتها صِفَةً، وإنْ جَعَلْتها اسْتِثْناءً فحُكْمُه حُكْم الاسْتِثْناء فِي أَنَّ الدَّلالَةَ هَل هِيَ بالمَنْطوقِ أَو بالمَفْهومِ وَفِيه بَحْثْ.
والتَّفْصِيلُ الَّذِي وَعَدْنا بِهِ هُوَ أنَّه يَجوزُ قامَ رجُلٌ غَيْر زَيْد، وامْررْ برَجُلٍ غَيْر عاقِلٍ، وَهَذَا رَجُل لَا امْرأَة، وَرَأَيْت طَويلا لَا قَصِيرا. وَلَا يجوز: هَذَا رجل غير زيد،! وَلَا: رَأَيْتُ طَويلاً غَيْر قَصِيرٍ، فإنْ كَانَا عَلَمْين جازَ فِيهِ لَا وغَيْر، وهذانِ الوَجْهانِ اللذانِ خَطَرَا لي زائِدَانِ على مَا قالَهُ السّهيلي والأبدي مِن مَفْهومِ الخِطابِ لأنَّه إنَّما يَأْتي على القَوْلِ بمَفْهومِ اللّقَبِ وَهُوَ ضَعِيفٌ عنْدَ الأُصُوليِّين، وَمَا ذَكَرْته يأْتي عَلَيْهِ وعَلى غَيْرِه على أنَّ الَّذِي قَالَاه أَيْضاً وَجْه حَسَن يَصِيرُ مَعَه العَطْف فِي حُكْمِ المُبَيّن لمعْنَى الأَول مِن انْفِرادِه بذلِكَ الحُكْم وَحْده والتَّصْريح بعَدَمِ مُشارَكَة الثَّانِي لَهُ فِيهِ وإلاَّ لكانَ فِي حُكْم كَلامٍ آخر مُسْتَقِل، وليسَ هُوَ المَسْأَلةُ وَهُوَ مطردٌ أَيْضاً فِي قوْلكَ قامَ رجُلٌ لَا زَيْد وَقَامَ زيدٌ لَا رَجُل، لأنَّ كُلاًّ مِنْهُمَا عنْدَ الأُصُولِيِّين لَهُ حُكْم اللّقَب، وَهَذَا الوَجْه مَعَ الوَجْهَيْن اللذينِ خَطَرَا لي إنَّما هُوَ فِي لَفْظَةٍ لَا خاصَّة لاخْتِصاصِها بسَعَةِ النَّفْي ونَفْي المُسْتَقْبَل على خِلافٍ فِيهِ وَوضع الكَلام فِي عَطْفِ المُفْرداتِ لَا عَطْف الجُمَل، فَلَو جِئْتَ مَكانَها بِمَا أَو لم أَو ليسَ وجَعَلْته كَلاماً مُسْتَقلاَّ لم يَأْتِ المَسْأَلة وَلم يَمْتَنع.
وأَمَّا قولُ البَيانيين فِي قَصْرِ المَوْصُوف إفْراداً زَيْد كاتِبٌ لَا شاعِرٌ فصَحِيح لَا مُنافَاة بَيْنه وبَيْنَ مَا قُلْناه، وقَوْلُهم عَدَم تَنافِي الوَصْفَيْن مَعْناه أنَّه يُمْكِنُ صِدْقهما على ذاتٍ واحِدَةٍ كالعالِمِ والجاهِلِ، فإنَّ الوَصْفَ بأحَدِما يَنْفي الوَصْفَ بالآخرِ لاسْتِحالَةِ اجْتماعِهما، وأَمَّا شَاعِرٌ وكاتِبٌ فالوَصْفُ بأحدِهما لَا يَنْفِي الوَصْفَ بالآخرِ لإِمْكانِ اجْتماعِهما فِي شاعِرٍ كَاتِب فإنَّه يَجِيءُ نَفْي الآخر إِذا أُرِيدَ قَصْر المَوْصُوف على أَحَدِهما بِمَا تَفْهمُه القَرائنُ وسِياقُ الكَلام؛ فَلَا يقالُ مَعَ هَذَا كيفَ يَجْتَمِعُ كَلامُ البَيانِيِّين مَعَ كَلامِ السَّهيلي والشَّيْخ لظُهورِ إمْكانِ اجْتِماعِهما، وأَمَّا قَوْلك قامَ رَجُلٌ وزَيْد فتَرْكِيبٌ صَحِيحٌ ومَعْناهُ قامَ رَجُل غَيْر زَيْد وزَيْد، واسْتَفَدْنا التَّقْييد مِن العَطْفِ لمَا قَدَّمْناه مِن أنَّ العَطْفَ يَقْتَضِي المُغايَرَة، فَهَذَا المُتكلِّمُأنَّ النَّفْيَ الأوَّل عامٌّ وَالثَّانِي خاصٌّ صَحِيحٌ لكنَّه ليسَ مِثْل جاءَ زَيْدٌ لَا عَمْرو، لمَا ذَكَرْنا أَنَّ النَّفْيَ فِي غَيْرِ زَيْدٍ مَفْهومٌ وَفِي عَمْرٍ ومَنْطوقٌ، وَفِي الناسِ المُسْتَثْنى مِنْهُ مَنْطوقٌ فخَالَفَ ذلِكَ الْبَاب، وقَوْلُك فأَسْوأُ دَرَجاتِه أنْ يكونَ مِثْل مَا قامَ النَّاس وَلَا زَيْد مَمْنُوع وليسَ مِثْله، لأنَّ العَطْفَ فِي وَلَا زَيْد ليسَ بِلا بل بالواوِ، وللعَطْفِ بِلا حُكْم يخصّه ليسَ للواوِ، وليسَ فِيهِ قوْلنا مَا قامَ الناسُ وَلَا زَيْد أَكْثَر مِن خاصّ بَعْدَ عَام. هَذَا مَا قدَّرَه اللهاُ لي مِن كتابَتِي جَوَابا للولدِ بارَكَ اللهاُ فِيهِ، واللهاُ أَعْلم.
قُلْتُ: هَذَا خلاصَةُ السُّؤالِ والجَوابِ نقَلْتُهما مِن نسخةٍ سَقِيمةٍ فليَكُنِ النَّاظِرُ فيمَا ذَكَرْت على أهبةِ التأَمّل فِي سِياقِ الألفاظِ فعَسَى أَن يَجِدَ فِيهِ نَقْصاً أَو مُخالفَةً.
ثمَّ قَالَ المصنِّفُ: (وتكونُ جَواباً مُناقضاً لنَعَمْ) وبَلَى، ونَصُّ الجَوْهرِي: وَقد تكونُ ضِدّاً لبَلَى ونَعَم؛ (وتُحْذَفُ الجُمَلُ بعدَها كثيرا وتُعْرَضُ بينَ الخافِضِ والمَخْفوضِ نحوُ: جِئْتُ بِلا زادٍ، وغَضِبْتُ من لَا شيءٍ) ، وحينَئِذٍ تكونُ بمعْنَى غَيْر لأنَّ المَعْنى جِئْتُ بغَيْرِ زادٍ بغيرِ شيءٍ يُغْضَبُ مِنْهُ، كَمَا فِي المِصْباح. وَعَلِيهِ حَمَلَ بعضُهم قولَه تَعَالَى: {وَلَا الضَّالِّين} على بَحْثٍ فِيهِ.
وَقَالَ المبرِّدُ: إنَّما جازَ أَن تَقَعَ لَا فِي قولِه: {وَلَا الضَّالِّين} ، لأنَّ مَعْنى غَيْر مُتَضمِّنٌ مَعْنى النَّفْي، فجاءَتْ لَا تُشَدِّدُ مِن هَذَا النَّفْي الَّذِي تضمنه غَيْرُ لأنَّها تُقارِبُ الدَّاخِلَة، أَلا تَرى أنَّك تقولُ جاءَني زَيْدٌ وعَمْرو، فيقولُ السَّامِعُ: مَا جاءَكَ زَيْد وعَمْرو؟ فجازَ أَن يكونَ جاءَهُ أَحدُهما، فَإِذا قالَ مَا جاءَني زَيْد وَلَا عَمْرو فقد بيَّن أنَّه لم يَأْتِه واحِدٌ مِنْهُمَا، انْتهى.
وَإِذا جُعِل غَيْر بمعْنَى سِوَى فِي الآيةِ كانتْ لَا صِلَةً فِي الكَلام، كَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَبو عبيدَةَ، فتأَمَّل.
(و) الَّــرابعُ: أنْ (تكونَ مَوْضوعةً لطَلَبِ الترْكِ) . قَالَ شيْخُنا: هَذَا مِن عَدَمِ مَعْرفةِ اصْطِلاحِ فإنَّ مُرادَه لَا الناِهيَة، انتَهَى.
قُلْتُ: يبعدُ هَذَا الظَّنَّ على المصنِّفِ وكأنَّه أَرادَ التَّفَنّنَ فِي التَّعْبيرِ.
وَفِي الصِّحاح: وَقد تكونُ للنَّهْي كَقَوْلِك: لَا تَقُمْ وَلَا يَقُمْ زَيْد، يُنْهى بِهِ كلُّ مَنْهيَ مِن غائِبٍ وحاضِرٍ.
(وتَخْتَصُّ بالدُّخولِ على المُضارِعِ وتَقْتَضِي جَزْمَهُ واسْتِقْبالَه) نَحْو: قَوْله تَعَالَى: {لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وعَدُوَّكُم أَوْلياءَ} قَالَ صاحِبُ المِصْباح: لَا تكونُ للنَّهْي على مُقَابلةِ الأمْرِ لأنَّه يقالُ اضْرِبْ زَيْداً، فتقولُ: لَا تَضْرِبْه، ويقالُ اضْرِبْ زَيْداً وعَمْراً، فتقولُ: لَا تَضْرِبْ زَيْداً وَلَا عَمْراً بتَكْرِيرِها لأنَّه جوابٌ عَن اثْنَيْن فكَانَ مُطابقاً لمَا بُني عَلَيْهِ مِن حكْمِ الكَلامِ السابِقِ، فإنَّ قَوْلك اضْرِبْ زَيْداً وعَمْراً جُمْلتانِ فِي الأصْلِ، قَالَ ابنُ السَّراج: لَوْ قُلْت لَا تَضْرِبْ زَيْداً وعَمْراً لم يَكُنْ هَذَا نَهْياً عَن الاثْنَيْن على الحَقِيقَةِ لأنَّه لَوْ ضُرِبَ أَحدُهما لم يكُنْ مُخالِفاً، لأنَّ النَّهْيَ لَا يَشْملُهما، فَإِذا أَرَدْتَ الانْتهاءَ عَنْهُمَا جمِيعاً فنَهْيُ ذلكَ لَا تَضْرِبْ زَيْداً وَلَا عَمْراً فمَجِيئها هُنَا لانْتِظامِ النَّهْي بأَسْرِه وخُرُوجها إخْلال بِهِ، انتَهَى.
قَالَ صاحِبُ المِصْباح: ووَجْهُ ذلكَ أنَّ الأصْلَ لَا تَضْرِبْ زَيْداً وَلَا تَضْرِبْ عَمْراً لكنَّهم حذَفُوا الفِعْلَ الثَّانِي اتِّساعاً لدَلالَةِ المعْنى عَلَيْهِ، لأنَّ لَا النَّاهية لَا تَدْخُلُ إلاَّ على فِعْلٍ، فالجُمْلةُ الثانِيَةُ مُسْتقلةٌ بنَفْسِها مَقْصودَةٌ بالنَّهْي كالجُمْلةِ الأُولى، وَقد يَظْهَرُ الفِعْل وتُحْذَفُ لَا لفَهْم المَعْنى أَيْضاً نَحْو: لَا تَضْرِبْ زَيْداً وتَشْتم عَمْراً، وَمِنْه: لَا تأْكُلِ السَّمَك وتَشْرَب اللَّبَنَ، أَي لَا تَفْعَل واحِداً مِنْهُمَا؛ وَهَذَا بخِلافِ لَا تَضْربْ زَيْداً وعَمْراً حيثُ كانَ الظاهِرُ أَنَّ النَّهْي لَا يَشْملُهما لجَوازِ إرادَةِ الجَمْعِ بَيْنهما، وبالجُمْلةِ فالفَرْقُ غامِضٌ وَهُوَ أنَّ العامِلَ فِي لَا تأْكُلِ السَّمك وتَشْرب اللّبن مُتَعينٌ وَهُوَ لَا، وَقد يجوز حَذْف العامِلِ لقَرِينَةٍ، والعامِلُ فِي لَا تَضْرِب زَيْداً وعَمْراً غَيْرُ مُتَعّين إِذْ يَجوزُ أَنْ تكونَ الْوَاو بمعْنَى مَعَ فوَجَب إثْبات لَا رفْعاً للَّبْسِ؛ وَقَالَ بعضُ المُتَأخِّرين: يجوزُ فِي الشِّعْر لَا تَضْرِبْ زَيْداً وعَمْراً على إرادَةِ وَلَا عَمْراً؛ قالَ: وتكونُ لنَفْي الفِعْل، فَإِذا دَخَلَتْ على المُسْتَقْبل عَمَّتْ جَمِيعَ الأزْمِنَةِ إلاَّ إِذا خصَّ بقَيْدٍ ونَحْوِه، نَحْو: واللهاِ لَا أَقُومُ، وَإِذا دَخَلَتْ على الماضِي نَحْو: واللهاِ لَا قُمْت، قَلَبَتْ مَعْناه إِلَى الاسْتِقْبالِ وصارَ مَعْناه واللهاِ لَا أَقُومُ فإنْ أُريدَ الماضِي قيلَ واللهاِ مَا قُمْت، وَهَذَا كَمَا تَقْلِبُ لم مَعْنى المُسْتَقْبل إِلَى الماضِي نَحْو: لم أقُمْ، والمَعْنى مَا قُمْت.
(و) الْخَامِس: أَن (تكونَ زائِدَةً) للتَّأْكِيدِ، كَقَوْلِه تَعَالَى: {مَا مَنَعَكَ إذْ رَأَيْتَهُم ضَلُّوا أَلاَّ تَتَّبِعَن} ، أَي أَن تَتَّبِعَني وَقَالَ الفرَّاء: العَرَبُ تقولُ لَا صِلَة فِي كلَ كَلامٍ دَخَلَ فِي أَوَّله جَحْدٌ أَو فِي آخرهِ جَحْدٌ غَيْر مُصَرَّح، فالجَحْدُ السابقُ الَّذِي لم يُصَرَّح بِهِ كقَوْلهِ تَعَالَى: {مَا مَنَعَك أنْ لَا تَسْجُدَ} ، أَي أنْ تَسْجُدَ.
وَقَالَ السّهيلي: أَي من السُّجودِ إِذْ لَو كانتْ غَيْر زائِدَةٍ لكانَ التَّقْديرُ مَا مَنَعَك مِن عَدَمِ السُّجودِ فيَقْتَضِي أنَّه سَجَدوا لأَمْرٍ بخِلافِه؛ وَقَوله تَعَالَى: {وَمَا يُشْعِرُكُم أَنَّها إِذا جاءَتْ لَا يُؤْمِنُون} ، أَي يُؤْمِنُون.
ومِثالُ مَا دَخَلَ الجَحْدُ آخِرَه قَوْله تَعَالَى: {لئَلاَّ يَعْلَمَ أَهْلُ الكِتابِ} أَلاَّ يَقْدِرُونَ على شيءٍ مِن فَضْلِ اللهاِ قالَ: وأَمَّا قولهُ، عزَّ وجلَّ: {وحَرامٌ على قَرْيةٍ أهْلَكْناها أَنَّهم لَا يَرْجِعُونَ} ؛ فلأَنَّ فِي الحَرامِ مَعْنى جَحْدٍ ومَنْعٍ؛ قالَ: وَفِي قولهِ تَعَالَى: {وَمَا يُشْعِرُكُم} مِثْله، فلذلكَ جُعِلت بعْدَه صِلةً مَعْناها السُّقُوط مِن الكَلام.
وَقَالَ الجَوْهرِي: وَقد تكونُ لَا لَغْواً؛ وأَنْشَدَ للعجَّاج: فِي بئْرِ لَا حُورٍ سرى وَمَا شَعَرْ
بإفْكِه حَتَّى رَأَى الصُّبْحَ جَشَرْوقال أَبو عبيدَةَ: إنَّ غَيْر فِي قولهِ تَعَالَى: {غَيْر المَغْضُوبِ عَلَيْهِم} ، بمعْنَى سِوَى. وإنَّ لَا فِي {وَلَا الضَّالِّين} صِلَةٌ، واحْتَجَّ بقولِ العجَّاج هَذَا.
قَالَ الفرَّاء: وَهَذَا جائِزٌ لأنَّ المَعْنى وقَعَ فيمَا لَا يتبيَّن فِيهِ عَمَلَه، فَهُوَ جَحْدٌ محْضٌ لأنَّه أَرادَ فِي بئْرِ مَاء لَا يُحِيرُ عَلَيْهِ شَيْئا، كأَنَّك قلْتَ إِلَى غَيْر رُشْدٍ توَجَّه وَمَا يَدْرِي؛ قالَ: وغَيْر فِي الآيةِ بمعْنَى لَا، ولذلكَ زِدْتَ عَلَيْهَا كَمَا تَقول فلانٌ غيرُ مُحْسِنٍ وَلَا مُجْمِلٍ، فَإِذا كَانَت غَيْر بمعْنَى سِوَى لم يجزْ أَن يكُرَّ عَلَيْهِ، أَلا تَرَى أنَّه لَا يَجوزُ أَن يقولَ: عِنْدِي سِوَى عبدِ اللهاِ وَلَا زيدٍ؟ .
ورَوَى ثَعْلَب أَنَّه سَمِعَ ابنَ الأعْرابي يقولُ فِي قولِ العجَّاج: أَرادَ حُؤُورٍ أَي رُجُوع، المَعْنى أنَّه وَقَعَ فِي بئْرِ هَلَكةٍ لَا رجُوعَ فِيهَا وَمَا شَعَرَ بذلكَ.
وقولهُ تَعَالَى: {وَلَا تَسْتَوِي الحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئةُ} ؛ قالَ المبرِّدُ: لَا صِلَةٌ، أَي والسَّيِّئَة؛ وقولُ الشاعرِ أَنْشَدَه الفرَّاء:
مَا كَانَ يَرْضَى رسولُ اللهاِ دِينَهُمُ
والأطْيَبانِ أَبو بَكْرٍ وَلَا عُمَرُ قالَ: أَرادَ وعُمَر، وَلَا صِلَةٌ، وَقد اتَّصَلَتْ بجَحْدٍ قَبْلها؛ وأنْشَدَ أَبو عبيدَةَ للشمَّاخ:
أعايش مَا لأَهْلِك لَا أَرَاهُمُ
يُضَيّعونَ الهِجَانَ مَعَ المضيّعِقال: لَا صِلَةٌ، والمَعْنى أَراهُم يُضَيِّعُونَ السّوامَ، وَقد غَلَّطُوه فِي ذلِكَ لأنَّه ظَنَّ أنَّه أَنْكَر عَلَيْهِم فَسادَ المالِ، وليسَ الأَمْرُ كَمَا ظَنَّ لأنَّ امْرأَتَه قالتْ لَهُ: لمَ تُشدِّدُ على نَفْسِك فِي العَيْشِ وتُكْرِم الإِبِلَ؟ فقالَ لَهَا: مَالِي أَرَى أَهْلَكِ يَتَعهَّدُونَ أَمْوالَهم وَلَا يُضَيِّعُونَها وأَنْتِ تَأْمُرِيني بإضاعَةِ المالِ؟ .
وَقَالَ أَبو عبيدٍ: أَنْشَدَ الأصْمعي لساعِدَةَ الهُذَلي:
أَفَعَنْكَ لَا بَرْقٌ كأَنَّ ومِيضَه
غابٌ تَسَنّمه ضِرامٌ مُثْقَبُقالَ يريدُ أمنك بَرْقٌ وَلَا صِلَةٌ.
وَقَالَ الأزْهري: وَهَذَا يُخالِفُ مَا قالَهُ الفرَّاءُ: إنَّ لَا لَا تكونُ صِلَةً إلاَّ مَعَ حَرْفِ نَفْي تقدَّمه.
وممَّا يُسْتدركُ عَلَيْهِ:
قد تَأْتي لَا جَواباً للاسْتِفْهامِ، يقالُ: هَل قامَ زَيْدٌ؟ فَيُقَال: لَا.
وتكونُ عاطِفَةً بعْدَ الأمْرِ والدُّعاءِ، نَحْو: أَكْرِمْ زَيْداً لَا عَمْراً، واللهُمَّ اغْفِرْ لزَيْدٍ لَا عَمْرو، وَلَا يَجوزُ ظُهورُ فِعْلٍ ماضٍ بَعْدَها لئَلاَّ يلتبسُ بالدُّعاء، فَلَا يقالُ: قامَ زَيْدٌ لَا قامَ عَمْرو.
وتكونُ عِوَضاً مِن حَرْفِ البَيانِ والقصَّة ومِن إحْدَى النُّونَيْن فِي أَنَّ إِذا خُفّف نَحْو قَوْله تَعَالَى: {أَفلا يَرونَ أَنْ لَا يرجعَ إِلَيْهِم قَوْلاً} .
وتكونُ للدُّعاءِ نَحْو: لَا سلم: وَمِنْه {وَلَا تحمل علينا إصْراً} ؛ وتَجْزمُ الفِعْلَ فِي الدُّعاءِ جَزْمه فِي النَّهْي.
وتكونُ مهيئةً نَحْو: لَوْلا زَيْد لكانَ كَذَا، لأنَّ لَو كانتْ تَلِي الفِعْل فلمَّا دَخَلَتْ لَا مَعهَا غَيَّرَتْ مَعْناها وَوليت الِاسْم.
وتَجِيءُ بمعْنَى غَيْر، كَقَوْلِه تَعَالَى: {مالكُم لَا تَناصَرُونَ} ، فإنَّه فِي مَوْضِع نَصْبٍ على الحالِ، المَعْنى مالَكُم غَيْر مُتناصِرِينَ، قالَهُ الزجَّاج.
وَقد تُزادُ فِيهَا التاءُ فيُقالُ لاتَ، وَقد مَرَّ للمصنِّفِ فِي التَّاءِ.
قَالَ أَبو زَيْدٍ: التاءُ فِيهَا صِلَةٌ، والعَرَبُ تَصِلُ هَذِه التَّاء فِي كَلامِها وتَنْزِعُها؛ والأصْلُ فِيهَا لَا، والمَعْنى لَيْسَ، وَيَقُولُونَ: مَا أَسْتَطِيعُ وَمَا أَسْطِيعُ، وَيَقُولُونَ ثُمَّتَ فِي مَوْضِع ثُمَّ، ورُبَّتَ فِي موضِع رُبَّ، وَيَا وَيْلَتنا وَيَا وَيْلنا.
وذَكَرَ أَبو الهَيْثم عَن نَصيرِ الرَّازِي أنَّه قالَ فِي قولِهم: لاتَ هَنّا أَي ليسَ حينَ ذلكَ، وإنَّما هُوَ لَا هَنَّا فأَنَّثَ لَا فقيلَ لاَةَ ثمَّ أُضِيفَ فتحوَّلَت الهاءُ تَاء، كَمَا أَنَّثُوا رُبَّ رُبَّتَ وثُمَّ ثُمَّتَ، قالَ: وَهَذَا قولُ الكِسائي: ويُنْصَبُ بهَا لأنَّها فِي مَعْنى ليسَ؛ وأَنْشَدَ الفرَّاء:
تَذَكَّر حُبَّ لَيْلى لاتَ حِينا قالَ: ومِن العَرَبِ مَنْ يَخْفِضُ بلاتَ، وأَنْشَدَ: طَلَبُوا صُلْحَنا ولاتَ أَوانٍ
فأَجْبنا أَنْ ليسَ حِينَ بَقاءِونقلَ شَمِرٌ الإجْماعَ مِن البَصْرِيِّين والكُوفيِّين أَنَّ هَذِه التَّاءَ هاءٌ وُصِلَتْ بِلا لغَيْرِ مَعْنًى حادِثٍ.
وتأْتي لَا بمَعْنى ليسَ؛ وَمِنْه حديثُ العَزْل عَن النِّساءِ فَقَالَ: (لَا عَلَيْكم أَنْ لَا تَفْعَلُوا، أَي ليسَ عَلَيْكم) .
وَقَالَ ابنُ الأعْرابي: لاوَى فلانٌ فلَانا: إِذا خالَفَهُ.
وَقَالَ الفرَّاءُ: لاوَيْتُ قُلْت لَا.
قَالَ ابنُ الأعْرابي: يقالُ لَوْلَيْتُ بِهَذَا المَعْنى.
قُلْت: وَمِنْه قولُ العامَّة: إنَّ اللهاَ لَا يُحبُّ العَبْدَ اللاَّوي أَي الَّذِي يُكْثرُ قَوْلَ لَا فِي كِلامِه.
قَالَ اللّيْث: وَقد يُرْدَفُ أَلا بِلا فيُقال أَلا لَا؛ وأَنْشَدَ:
فقامَ يذُودُ الناسَ عَنْهَا بسَيْفِه
وَقَالَ أَلالا مِن سَبِيلٍ إِلَى هِنْدٍ ويقالُ للرَّجُلِ: هَل كانَ كَذَا وَكَذَا؟ فيُقالُ: أَلالا، جعلَ أَلا تَنْبِيهاً وَلَا نَفْياً؛ وأَمَّا قولُ الكُمَيْت:
كَلا وكَذا تَغْمِيضةً ثمَّ هِجْتُمْ
لَدَى حِين أَنْ كانُوا إِلَى النَّوْمِ أَفْقَرافيقولُ: كأَنَّ نَوْمَهم فِي القلَّةِ كقولِ القائِلِ لاوذا، والعَرَبُ إِذا أَرادُوا تَقْلِيلَ مُدَّة فِعْلٍ أَو ظُهورِ شيءٍ خَفِيٍ قَالُوا: كانَ فِعْلُه كَلا، ورُبَّما كَرَّرُوا فَقَالُوا: كَلا وَلَا؛ ومِنَ الأوَّل قولُ ذِي الرُّمّة:
أَصابَ خَصاصَةً فبَدا كَليلاً
كَلا وانْفَلَّ سائِرُه انْفِلالاومِن الثَّانِي قولُ الآخرِ:
يكونُ نُزولُ القَوْمِ فِيهَا كَلا وَلَا ومِن سَجَعاتِ الحَرِيرِي: فَلم يَكُنْ إلاَّ كَلا وَلَا، إشارَة إِلَى تَقْلِيلِ المدَّةِ ومنهَا فِي الحمصيةِ بُورِكَ فِيك مِن طَلا كَمَا بُورِكَ فِي لَا وَلَا، إشارَة إِلَى قولهِ تَعَالَى: {لَا شَرْقِيَّة وَلَا غَرْبِيَّة} .
وَيَقُولُونَ: إمّا نَعَم مُرِيحَة وإمَّا لَا مُرِيحَة، وَيَقُولُونَ: لَا إحْدَى الرَّاحَتَيْن، وَفِي قولِ الأبوصيري يَمْدَحُ النَّبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
نَبِيِّنا الآمِرُ الناهِي فَلَا أَحَد
أَبَرّ فِي قوْلِ لَا مِنْهُ وَلَا نَعَموقال آخَرُ:
لَوْلا التَّشَهُّدُ كانتْ لاءهُ نَعَمُ فمدَّها.
مهمة.
اخْتُلِفَ فِي لَا فِي مَواضِع مِن التَّنْزيلِ هَل هِيَ نافِيَةٌ أَو زائِدَةٌ:
الأوَّل: قولهُ تَعَالَى: {لَا أُقْسِمُ بيَوْم القِيامَةِ} ، قَالَ اللَّيْث: تأْتي لَا زائِدَة مَعَ اليَمِين كقَوْلِكَ لَا أُقْسِمُ باللهاِ. وَقَالَ الزجَّاج: لَا اخْتِلافَ بينَ الناسِ أَنَّ مَعْنَى قَوْله تَعَالَى: {لَا أُقْسِمُ بيَوْم القِيامَةِ} وأشْكالِه فِي القُرْآنَ مَعْناهُ أَقْسِم، واخْتَلَفُوا فِي تَفْسِيرِ لَا فقالَ بعضٌ: لَا لَغْوٌ، وَإِن كَانَت فِي أَوَّل السُّورَةِ، لأنَّ القُرْآنِ كُلّه كالسُورَةِ الواحِدَةِ لأنَّه مُتَّصِلٌ بَعْضه ببعضٍ، وقالَ الفرَّاء: لَا رَدٌّ لكَلامٍ تقدَّمَ، كأنَّه قيلَ ليسَ الأَمْرُ كَمَا ذَكَرْتُم فَجَعلهَا نافِيَةً وَكَانَ يُنْكِرُ على مَنْ يقولُ إنَّها صِلَةٌ، وَكَانَ يقولُ لَا يبتدأُ بجَحْدٍ ثمَّ يجعلُ صِلَةً يُرادُ بِهِ الطَّرْح، لأنَّ هَذَا لَو جازَ لم يُعْرَف خَبَرٌ فِيهِ جَحْد مِن خَبَرٍ لَا جَحْدَ فِيهِ، ولكنَّ القُرْآنَ نزلَ بالرَّدِّ على الَّذين أَنْكَروا البَعْثَ والجنَّةَ والنارَ، فجاءَ الإقْسامُ بالرَّدِّ عَلَيْهِم فِي كثيرٍ مِن الكَلامِ المُبْتدأِ مِنْهُ وغَيْر المُبْتدأ كقَوْلكَ فِي الكَلامِ لَا واللهاِ لَا أَفْعَل ذَلِك، جَعَلُوا لَا، وَإِن رأَيْتَها مُبْتدأَةً، رَدًّا لكَلامٍ قد مَضَى، فَلَو أُلْغِيَتْ لَا ممَّا يُنْوَى بِهِ الجوابُ لم يَكُنْ بينَ اليَمِينِ الَّتِي تكونُ جَواباً وباليمين الَّتِي تُسْتَأْنفُ فَرْقٌ، انتَهَى.
وَقَالَ التَّقيُّ السَّبكي فِي رِسالَتِه المَذْكورَةِ عنْدَ قولِ الأَبدِي إنَّ لَا لَا تَدْخُلُ إلاَّ لتَأْكِيدِ النَّفْي مُعْتذراً عَنهُ فِي هَذِه المَقالَة بِما نَصَّه: ولعلَّ مُرادَه أنَّها لَا تَدْخُل فِي أثْناءِ الكَلامِ إلاَّ للنَّفْي المُؤَكّد بخِلافِ مَا إِذا جاءَتْ فِي أَوَّلِ الكَلامِ قد يُرادُ بهَا أَصْلُ النَّفْي كَقَوْلِه: لَا أُقْسِمُ وَمَا أَشْبَهه، انتَهَى.
فَهَذَا مَيْلٌ مِنْهُ إِلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الفرَّاء. وَمِنْهُم مَنْ قَالَ إنَّها لمجَرَّدِ التَّوْكيدِ وتَقْوِيَةِ الكَلامِ، فتأَمَّل.
الثَّاني: قولهُ تَعَالَى: {قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبّكُم عَلَيْكم أَنْ لَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئا} ؛ فقيلَ: لَا نافِيَة، وَقيل: ناهِيَة، وَقيل: زائِدَةٌ، والجَمْيعُ مُحْتَمل، وَمَا خَبَرِيَّة بمعْنَى الَّذِي مَنْصُوبَة بأَتْلُ، و {حَرَّم رَبّكُم} صِلَةٌ، و {عَلَيْكم} مُتَعَلِّقٌ بحَرَّمَ.
الثَّالث: قوْلُه تَعَالَى: {وَمَا يُشْعِرُكُم أنَّها إِذا جاءَتْ لَا يُؤْمِنُون} ، فيمَنْ فَتَح الهَمْزَةَ، فقالَ الخليلُ والفارِسِيُّ: لَا زائِدَةٌ وإلاَّ لكانَ عُذراً لَهُم، أَي للكُفَّار؛ ورَدَّه الزجَّاجُ وقالَ: إنَّها نافِيَةٌ فِي قراءَةِ الكَسْرِ، فيجبُ ذلكَ فِي قِراءَةِ الفَتْح، وَقيل: نافِيَةٌ وحُذِفَ المَعْطوفُ أَي أَو أنَّهمُ يُؤْمِنُون. وقالَ الخليلُ مَرَّة: أَنّ بمعْنَى لعلَّ وَهِي لُغَةٌ فِيهِ.
الَّــرابع: قولُه تَعَالَى: {وحَرامٌ على قَرْيةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهم لَا يَرْجِعُون} ؛ قيلَ زائِدَة، والمَعْنى مُمْتَنِعٌ على أَهْلِ قَرْيةٍ قَدَّرْنا إهْلاكَهم لكُفْرِهم أَنَّهم يَرْجِعُون عَن الكُفْرِ إِلَى القِيامَةِ، وَهَذَا قَرِيبٌ مِن تَقْريرِ الفرَّاء الَّذِي تقدَّم؛ وَقيل: نافِيَةٌ، والمَعْنى مُمْتَنِعٌ عَلَيْهِم أَنَّهم لَا يَرْجِعُون إِلَى الآخِرَة.
الْخَامِس: قولهُ تَعَالَى: {وَلَا يَأْمُركُم أَنْ تَتَّخِذُوا المَلائِكَةَ والنَّبيِّين أَرْباباً} ، قُرىءَ فِي السَّبْع برَفْع {يَأْمركُم} ونَصْبِه، فمَنْ رَفَعَه قَطَعَه عمَّا قَبْلَه، وفاعِلُه ضَمِيرُه تَعَالَى أَو ضَمِيرُ الرَّسُولِ، وَلَا على هَذِه نافِيَةٌ لَا غَيْر؛ ومَنْ نَصَبَه فَهُوَ مَعْطوفٌ على {يُؤْتِيه ااُ الكِتابَ} ، وعَلى هَذَا لَا زائِدَةٌ مُؤَكِّدَةٌ لمعْنَى النَّفْي.
السَّادس: قولُه تَعَالَى: {فَلَا اقْتَحَمَ العَقَبةَ} ، قيل: لَا بمعْنَى لم، ومِثْله فِي: {فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى} ، إلاَّ لَا بِهَذَا المَعْنى إِذا كُرِّرَتْ أَسْوَغُ وأَفْصَحُ مِنْهَا إِذا لم تُكَرَّرْ؛ وَقد قالَ الشاعرُ:
وأَيُّ عَبْدٍ لَكَ لَا أَلَمَّا؟ وَقَالَ بعضُهم: لَا فِي الآيةِ بمعْنَى مَا، وقيلَ: فَلَا بمعْنَى فهَلاَّ؛ ورَجَّح الزجَّاجُ الأوَّل.
مهمة وفيهَا فَوَائِد:
الأُولى: قولُ الشاعرِ:
أَبَى جُودُه لَا البُخْلَ واسْتَعْجلتْ نَعَمْ
بهِ مِنْ فَتًى لَا يَمْنَعُ الجُوعَ قاتِلَهْذَكَرَ يونُسُ أَنَّ أَبا عَمْرو بنَ العَلاءِ كانَ يجرُّ البُخْل ويَجْعَل لَا مُضافَةً إِلَيْهِ، لأنَّ لَا قد تكونُ للجُودِ وللبُخْلِ، أَلا تَرى أَنه لَو قيلَ لَهُ امْنَعِ الحَقَّ فقالَ: لَا كانَ جُوداً مِنْهُ؟ فأَمَّا إنْ جَعَلْتها لَغْواً نصبْتَ البُخْلَ بالفِعْل وإنْ شِئْتَ نصبْتَه على البَدَلِ؛ قَالَ أَبو عَمْرو: أَرادَ أَبى جُودُه لَا الَّتِي تُبَخِّلُ الإِنْسانَ كأنَّه إِذا قيلَ لَا تُسْرِفْ وَلَا تُبَدِّرْ أَبى جُودُه قولَ لَا هَذِه، واسْتَعْجَلَتْ بهِ نَعَمْ فقالَ: نَعَمْ أَفْعَلْ وَلَا أَتْركُ الجُودَ.
قَالَ الزجَّاجُ: وَفِيه قولانِ آخَرانِ على رِوايَةِ مَنْ رَوَى أَبَى جُودُه لَا البُخْل بنَصْبِ اللامِ: أَحَدُهما مَعْناه أَبَى جُودُه البُخْلَ وتَجْعل لَا صِلَةً؛ وَالثَّانِي: أَنْ تكونَ لَا غَيْرَ لَغْوٍ ويكونُ البُخْلُ مَنْصوباً بَدَلاً مِن لَا، المَعْنى أَبَى جُودُه لَا الَّتِي هِيَ للبُخْلِ، فكأَنَّك قُلْتَ أَبَى جُودُه البُخْلَ وعَجَّلَتْ بهِ نَعَم.
وَقَالَ ابنُ برِّي: مَنْ خَفَضَ البُخْل فعَلَى الإضافَةِ، ومَنْ نَصَبَ جَعَلَه نَعْتاً للا، وَلَا فِي البَيْتِ اسْمٌ، وَهُوَ مَفْعولٌ لأَبَى، وإنَّما أَضافَ لَا إِلَى البُخْل لأنَّ لَا قد تكونُ للجُودِ، قَالَ: وقولهُ إنْ شِئْتَ نصبْتَه على البَدَلِ قَالَ: يَعْني البُخْل تَنْصبُه على البَدَلِ مِن لَا لأنَّ لَا هِيَ البُخْل فِي المَعْنى، فَلَا تكونُ لَغْواً على هَذَا القَوْلِ.
الثَّانِيَة: قَالَ اللّيْثُ: العَرَبُ تَطْرحُ لَا وَهِي مَنْوِيَّة كقولِكَ: واللهاِ أَضْربُكَ، تُريدُ واللهاِ لَا أَضْرِبُك؛ وأَنْشَدَ:
وآلَيْتُ آسَى على هالِكٍ
وأَسْأَلُ نائحةً مالَهاأَرادَ لَا آسَى وَلَا أَسْأَل.
قَالَ الأزْهري: وأفادَ ابنُ المُنْذرِي عَن اليَزِيدِي عَن أَبي زيدٍ فِي قولهِ تَعَالَى: {يُبَيِّن ااُ لكُم أَن تَضِلُّوا} ، قَالَ: مَخَافَة أَن تَضِلُّوا وحِذارِ أَن تَضِلُّوا، وَلَو كانَ أَنْ لَا تَضِلُّوا لكانَ صَواباً؛ قَالَ الأزْهرِي: وكَذلكَ أَن لَا تَضِلَّ وأَنْ تَضِلَّ بمعْنًى واحِدٍ، قَالَ: وممَّا جاءَ فِي القُرْآنِ مِن هَذَا: {أَنْ تَزُولا} ، يُريدُ أَنْ لَا تَزُولا، وكَذلكَ قولهُ تَعَالَى: {أَن تَحْبَطَ أَعْمالُكُم وأَنْتُم لَا تَشْعُرونَ} ، أَي أَنْ لَا تَحْبَطَ؛ وقولُه تَعَالَى: {أَن تَقُولُوا إنَّما أُنْزِلَ الكِتابُ على طائِفَتَيْن مِن قَبْلنا} ؛ مَعْناه أَنْ لَا تَقولُوا.
الثَّالثة: أَنْ لَا إِذا كانتْ لنَفْي الجِنْس جازَ حَذْفُ الاسْم لقَرِينَةٍ نَحْو: لَا عَلَيْك، أَي لَا بَأَسَ عَلَيْك، وَقد يُحْذَفُ الخَبَرُ إِذا كانَ مَعْلوماً نَحْو: لَا بَأْسَ.
الــرَّابِعَــة: أَنْشَدَ الباهِلي للشمَّاخ:
إِذا مَا أدَلَجَتْ وضَعَتْ يَدَاها
لَها الإدْلاجُ لَيْلَة لَا هُجُوعِأَي عَمِلَتْ يَداها عَمَلَ الليلةِ الَّتِي لَا تهْجَعُ فِيهَا، يَعْني الناقَةَ، ونَفَى بِلا الهُجُوعَ وَلم يُعْمِلْ، وتَرَكَ هُجُوع مَجْروراً على مَا كانَ عَلَيْهِ مِن الإضافَةِ؛ ومِثْلُه قولُ رُؤْبة:
لقد عرَفْتُ حِينَ لَا اعْتِرافِ نَفَى بِلا وتَرَكَه مَجْروراً؛ ومِثْلُه:
أَمْسَى ببَلْدَةِ لَا عَمَ وَلَا خالِ الخامِسةُ: قد تُحْذَفُ أَلفُ لَا تَخْفيفاً كقِراءَةِ مَنْ قَرَأَ: {واتَّقُوا فِتْنَةً لتصِيبَنَّ الَّذين ظَلَمُوا} ؛ خَرَّجَ على حَذْفِ أَلفِ لَا، والقِراءَةُ العامَّة لَا تصِيبَنَّ، وَهَذَا كَمَا قَالُوا أَم واللهاِ فِي أَما واللهاِ.
السَّادسة: المَنْفِيُّ بِلا قد يكونُ وُجُوداً لاسْمٍ نَحْو: لَا إلَه إلاَّ الله، والمَعْنى لَا إلَه مَوْجودٌ أَو مَعْلومٌ إلاَّ اللهاُ، وَقد يكونُ النَّفْي بِلا نَفْي الصِّحَّة وَعَلِيهِ حَمَلَ الفُقهاءُ: (لَا نِكاحَ إلاَّ بوَلِيَ) ، وَقد يكونُ لنَفْي الفائِدِةٍ والانْتِفاعِ والشّبَه ونحوِه، نَحْو: لَا وَلَدَ لي وَلَا مالَ، أَي لَا وَلَدَ يشْبُهني فِي خُلْقٍ أَو كَرَمٍ وَلَا مالَ أَنْتَفِعُ بِهِ؛ وَقد يكونُ لنَفْي الكَمالِ، وَمِنْه: لَا وُضوءَ لمَنْ لم يُسَمِّ اللهاَ، وَمَا يَحْتمل المَعْنَيَيْن فالوَجْه تَقْديرُ نَفْي الصحَّةِ لانَّ نَفْيها أَقْرَبُ إِلَى الحَقِيقَةِ وَهِي نَفْي الوُجودِ، ولأنَّ فِي العَمَلِ بِهِ وَفاء بالعَمَلِ بالمَعْنى الآخر دون عكس.
السَّابعة: قَالَ ابنُ بُزُوْجَ: لَا صَلاةَ لَا رُكوعَ فِيهَا، جَاءَ بالتَّبْرِئةِ مَرَّتَيْن، وَإِذا أَعَدْتَ لَا كَقَوْلِه: {لَا بَيْعَ فِيهِ وَلَا خُلَّة وَلَا شَفاعَةَ} فأَنْتَ بالخِيارِ إنْ شِئْتَ نَصَبْتَ بِلا تَنْوينٍ، وَإِن شِئْتَ رفعْتَ ونَوَّنْتَ، وفيهَا لُغاتٌ كثيرَةٌ سِوَى مَا ذَكَرْنا.
الثَّامنة: يقولونَ: الْقَ زَيْداً وإلاَّ فَلَا، مَعْناه وإلاَّ تَلْقَ زَيْداً فدَعْ؛ قالَ الشاعرُ:
فطَلِّقْها فلَسْتَ لَهَا بكُفْؤ
وإلاَّ يَعْلُ مَفْرِقَكَ الحُسامُفأَضْمَرَ فِيهِ وإلاَّ تُطَلِّقْها يَعْلُ، وغَيْر البَيانِ أَحْسَن.
وسَيَأْتي قَوْلهم إمَّا لَا فافْعَل قرِيباً فِي بَحْثِ مَا.

حَضَارَة

حَضَارَة
الجذر: ح ض ر

مثال: بَلَغَت الحضارة الإسلامية أوجها في القرن الــرابع الهجري
الرأي: مرفوضة
السبب: لأنها لم ترد في المعاجم القديمة بهذا المعنى.
المعنى: مظاهر الرقي العلمي والفني والأدبي والاجتماعي في الحضر

الصواب والرتبة: -بلغت الحضارة الإسلامية أوجها في القرن الــرابع الهجري [فصيحة]
التعليق: الحضارة في الأصل: الإقامة في الحضر، ثم شاع استخدامها في العصر الحديث للدلالة على مظاهر الرقي العلمي والفني والأدبي والاجتماعي كما ذكر المعجم الوسيط، وأضاف أنها مجمعية.
حَضَارَة
من (ح ض ر) الإقامة في الحضر ومظاهر الرقي اللقي والفني والأدبي والاجتماعي.

لوم

لوم

1 لَامَ, inf. n. لَوْمٌ, He blamed, censured, or reprehended, syn. عَذَلَ, (S, M, Msb, K,) a person, (S, Msb,) عَلَى كَذَا [for such a thing]. (S.) 4 أَلَامَ He did a thing for which he should be blamed. (S in art. جنف, and L and TA in art. ريب.) 5 تَلَوَّمَ i. q. تَكَلَّفَ اللَّوْمَ. (Ham, p. 356.) لَائِمَةٌ A thing for which the doer is blamed. (TA.)
لوم: {اللوامة}: الملامة. {مليم}: أتى بما يلام عليه.
(ل و م) : (التَّلَوُّمُ) الِانْتِظَارُ وَمِنْهُ " أَصْبَحُوا مُفْطِرِينَ مُتَلَوِّمِينَ " أَيْ مُنْتَظِرِينَ.
بَاب اللوم

لمته وعذلته وفندته وقرعته وأنبته وعاتبته وعنفته ولحيته
(لوم) - في حَديث علىّ - رضي الله عنه -: "إذَا أجْنَب في السَّفر تَلَوَّم ما بَيْنَه وبَيْنَ آخِر الوَقْتِ"
: أي انْتَظر، والتَلَوُّم: التَّمكُّث. وقيل: مِن اللُّومَةِ؛ وهي الحاجَة؛ لأنَّه انتظارُ قَضَاءِ اللُّومَةِ. وَتَلوَّم أَيضاً: أَسْرعَ وَجاوز الحَدَّ. وهو من الأَضداد.
- في حديث: "فَتَلاَوَمُوا بَيْنَهُم"
: أي لاَم بَعْضُهم بَعْضاً .
- في حديث: "بئسَ الشَّابُّ المُتَلَوِّم "
يجوز أن يكون مِن اللُّومَةِ؛ وهي الحاجة: أي المُنْتَظر لِقَضائِها، كالمُتَحَوّج مِن الحاجة، أَو المُتَعرِّض للاَّئمةِ في الفِعْل السَّيَّئُ.
ل و م

رجل لوّام ولوّامة ولومة، ولامه على فعله. وأنت ألوم من فلان: أحق بأن تلام، وهو ملوم وملوّم ومليم ومستليم، وقد ليم ولوّم: أكثر لومه، وألام واستلام: استحق اللوم. واستلام إلى ضيفه إذا لم يحسن إليه. قال القطاميّ:

ومن يكن استلام إلى ثويّ ... فقد أكرمت يا زفر المتاعا

أي الزاد وما يمتذع به الضيف. وتلوّم نفسه: استزادها. وأنحى عليه باللائمة وباللوائم وباللّوماء. وتلوّم على الأمر: تلبّث عليه، وتلوذم عليّ قليلاً. قال عنترة:

فوقفت فيها ناقتي وكأنها ... فدن لأقضي حاجة المتلوم
ل و م: (اللَّوْمُ) الْعَذْلُ تَقُولُ: (لَامَهُ) عَلَى كَذَا مِنْ بَابِ قَالَ، وَ (لَوْمَةً) أَيْضًا فَهُوَ (مَلُومٌ) . وَ (لَوَّمَهُ) أَيْضًا مُشَدَّدٌ لِلْمُبَالَغَةِ. وَ (اللُّوَّمُ) جَمْعُ (لَائِمٍ) كَرَاكِعٍ وَرُكَّعٍ. وَ (اللَّائِمَةُ) الْمَلَامَةُ يُقَالُ: مَا زِلْتُ أَتَجَرَّعُ فِيكَ (اللَّوَائِمَ) . وَ (الْمَلَاوِمُ) جَمْعُ (مَلَامَةٍ) . وَ (أَلَامَ) الرَّجُلُ أَتَى مَا يُلَامُ عَلَيْهِ. وَفِي الْمَثَلِ: رُبَّ لَائِمٍ (مُلِيمٌ) . أَبُو عُبَيْدَةَ: (أَلَامَهُ) بِمَعْنَى لَامَهُ. وَ (تَلَاوَمُوا) أَيْ لَامَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا. وَرَجُلٌ (لُومَةٌ) يَلُومُهُ النَّاسُ وَ (لُوَمَةٌ) بِفَتْحِ الْوَاوِ يَلُومُ النَّاسَ. وَ (التَّلَوُّمُ) الِانْتِظَارُ
وَالتَّمَكُّثُ. 
لوم
اللَّوْمُ: عذل الإنسان بنسبته إلى ما فيه لوم.
يقال: لُمْتُهُ فهو مَلُومٌ. قال تعالى: فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ
[إبراهيم/ 22] ، فَذلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ
[يوسف/ 32] ، وَلا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ
[المائدة/ 54] ، فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ
[المؤمنون/ 6] ، فإنه ذكر اللّوم تنبيها على أنه إذا لم يُلَامُوا لم يفعل بهم ما فوق اللّوم. وأَلَامَ: استحقّ اللّوم. قال تعالى:
َبَذْناهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ
[الذاريات/ 40] والتَّلاوُمُ: أن يلوم بعضهم بعضا. قال تعالى: فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَلاوَمُونَ
[القلم/ 30] ، وقوله: وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ
[القيامة/ 2] قيل: هي النّفس التي اكتسبت بعض الفضيلة، فتلوم صاحبها إذا ارتكب مكروها، فهي دون النّفس المطمئنة ، وقيل: بل هي النّفس التي قد اطمأنّت في ذاتها، وترشّحت لتأديب غيرها، فهي فوق النّفس المطمئنة، ويقال: رجل لُوَمَةٌ: يَلُومُ الناسَ، ولُومَةٌ: يَلُومُهُ الناسُ، نحو سخرة وسخرة، وهزأة وهزأة، واللَّوْمَةُ: الْمَلَامَةُ، واللَّائِمَةُ: الأمر الذي يُلَامُ عليه الإنسان.
[لوم] نه: فيه: وكانت العرب "تلوم" بإسلامهم الفتح، أي تنتظر، وحذف إحدى تائيه. ج: التلوم: المكث والانتظار. نه: ح: إذا أجنب في السفر "تلوم" ما بينه وبين آخر الوقت، أي انتظر. وفيه: بئس لعمر الله عمل الشيخ المتوسم والشاب "المتلوم"، أي المتعرض للأئمة في الفعل السيئ، ويجوز أن يكون من اللومة: الحاجة، أي المنتظر لقضائها. وفيه: "فتلاوموا" بينهم، أي لام بعضهم بعضًا، مفاعلة من لامه: عنفه. ومنه: "فتلاومنا". وح ابن أم مكتوم: ولي قائد لا "يلاومني"، روى بواو وأصله الهمزة، من الملاءمة: الموافقة، ويخفف بالياء ولا وجه للواو إلا أن يكون من اللوم ولا وجه له. فيه: "لو ما" أبقيت، أي هلا أبقيت. ط: "وهو "مليم"" من ألام- إذا فعل ما يلام عليه، واللوم- بضم لام: ضد الكرم. غ "النفس "اللوامة"" كل نفس تلوم صاحبها، المذنب على الذنب والمطيع على ترك الاستكثار من العمل الصالح. ط أتاه الله مغلولًا يوم القيامة يده إلى عنقه أولها "ملامة"، إشارة إلى أن من تصدى للولاية فالغالب أن يكون غرا غير مجرب للأمور ينظر إلى ملاذها ظاهرًا ويلومه أصدقاؤه، ثم إذا باشرها ويلحقه تبعاته يندم، يده- مرفوع بمغلول، وإلى عنقه- حال، ويوم القيامة- متعلق بمغلولًا، أو مبتدأ وإلى عنقه- خبره، ويوم القيامة- ظرف لأتاه. 
لوم: لوم: المصدر لَوام (فوك).
لاوم: في (محيط المحيط) (لاءم الشيء فلاناً وافقه. يقال هذا طعام لا يلائمني. أي لا يوافقني. والعامة تقول لايمه ولاومه).
تلوّم ب؛ توقف في مكان ما: تلوم بغرناطة بعد حصول والده بالمنكّب أياماً لتتيم حاجاته (البربرية 1: 388، 5 حيان بسّام 1: 222).
تلوّم على فلان: جامله، وراعى جانبه وعامله دون أن يسيء إليه ففي (محمد بن الحارث 219): فأتاه القاضي يحيى بن يزيد فقال له يا لئيم عبد الرحمن ظفر ببناتك وكرائمك فتلوّم عليهن حتى نقلن إلى دارك ولم يعرض لهن وأنت .. الخ.
استلوم: خضع لتأنيب فلان له (دي سلان) (البربرية 2: 255).
لام: المعنى المجازي لحرف اللام هو لحية كل جانب من جانبي الوجه أي لحية العارضة (الجريدة الآسيوية 1839: 1: 174 والمقري 1: 323، 16، 573، 2، 11).
لام التعريف: (بوشر).
الريا اللامي: في (محيط المحيط) عند الأطباء شريان كبير إذا بلغ آخر الفقار انقسم مع الوريد الذي يصحبه قسمين على هيئة اللام اليوناني هكذا 8. العظم اللامي: في (محيط المحيط): العظم اللامي عظم مثلث عند الحنجرة وقدّامها يشبه حرف اللام اليوناني أيضاً.
ملام: لوم (بوشر).
الملامية: (اتهام النفس ولومها) مذهب صوفي يربط بين الورع الداخلي والإباحة الخارجية (انظر المعجم الفارسي لفلرز والتعريفات 248 طبعة فلوجل). والملامي= الملامتي (عند فريتاج).
ل و م : لَامَهُ لَوْمًا مِنْ بَابِ قَالَ عَذَلَهُ فَهُوَ مَلُومٌ عَلَى النَّقْصِ وَالْفَاعِلُ لَائِمٌ وَالْجَمْعُ لُوَّمٌ مِثْلُ رَاكِعٍ وَرُكَّعٍ وَأَلَامَهُ بِالْأَلِفِ لُغَةٌ فَهُوَ مُلَامٌ وَالْفَاعِلُ مُلِيمٌ وَالِاسْمُ الْمَلَامَةُ وَالْجَمْعُ مَلَاوِمُ وَاللَّائِمَةُ مِثْلُ الْمَلَامَةِ وَأَلَامَ الرَّجُلُ إلَامَةً فَعَلَ مَا يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ اللَّوْمَ وَتَلَوَّمَ تَلَوُّمًا تَمَكَّثَ.

وَاللَّأْمَةُ بِهَمْزَةٍ سَاكِنَةٍ وَيَجُوزُ تَخْفِيفُهَا الدِّرْعُ وَالْجَمْعُ لَأْمٌ مِثْلُ تَمْرَةٍ وَتَمْرٍ وَلُؤْمٌ مِثْلُ غُرَفٍ لَكِنَّهُ غَيْرُ قِيَاسٍ.

وَاسْتَلْأَمَ لَبِسَ لَأْمَتَهُ.

وَلَؤُمَ بِضَمِّ
الْهَمْزَةِ لُؤْمًا فَهُوَ لَئِيمٌ يُقَالُ ذَلِكَ لِلشَّحِيحِ وَالدَّنِيءِ النَّفْسِ وَالْمَهِينِ وَنَحْوِهِمْ لِأَنَّ اللُّؤْمَ ضِدُّ الْكَرَمِ.

وَلَأَمْتُ الْخَرْقَ مِنْ بَابِ نَفَعَ أَصْلَحْتُهُ فَالْتَأَمَ وَإِذَا اتَّفَقَ شَيْئَانِ فَقَدْ الْتَأَمَا وَلَاءَمْتُ بَيْنَ الْقَوْمِ مُلَاءَمَةً مِثْلُ صَالَحْتُ مُصَالَحَةً وَزْنًا وَمَعْنًى. 
(لوم) - قوله تعالى: {فتَقْعُدَ مَلُوماً}
: أي تُلَام على إتلافِ مَالِك. وقيل: يَلُومُكَ من لا تُعْطِيهِ.
- وَمِنه حَدِيث ابن عبَّاسٍ - رَضىَ الله عنهما -: "فَتَلاَوَمْنَا"
: أي لَامَ بَعضُنَا بَعْضًا.
- في الحديث : "وَلِى قَائِدٌ لا يُلاوِمُنِى"
كذا رُوِى، وأصْلُه الهَمْزُ "لا يُلائِمُنى": أي لا يُسَاعِدُني وَلا يُوافِقُنى. - قوله تعالى: {لَوْ مَا تَأْتِينَا}
: أي هَلَّا تَأتِينَا.
- وكذلك في حديث عُمَر - رَضيَ الله عنه -: "لَوْ مَا أَبْقَيْتَ"
: أي هَلاَّ .
وَمِثله: لَوْلَا، وَأَنشَدَ:
* بَنى ضَوْطرَىْ لولَا الكَمِىَّ المُقَنَّعَا *
وَلولَا : كَلِمَةُ أُمْنِيَّةٍ، فإذَا رَأيْتَ لها جَوَاباً فهىِ التي تَكُون لِأَمرٍ يَقَعُ بِوقُوِع غَيره، كقَوله تعالى: {فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ}
وقيل: في قَوله تعالى: {فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ}
: إنَّها بمعنَى لو ، وكذلك قولُه تعالى: {فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ}

لوم


لَامَ (و)(n. ac. لَوْم
لَوْمَةمَلَام []
مَلَامَة [] )
a. [acc. & 'Ala
or
Fī], Blamed, rebuked, reprehended, reproached
censured, scolded for; improbated, reprobated; expostulated
with.
لَوَّمَa. see I
لَاْوَمَa. Reproached.

أَلْوَمَa. see Ib. Deserved blame; did wrong.

تَلَوَّمَ
a. [Fī], Was slow over.
تَلَاْوَمَa. Reproached, blamed each other.

إِنْلَوَمَ
a. [ coll. ]
see VIII
إِلْتَوَمَa. Was blamed, censured &c.

إِسْتَلْوَمَ
a. [Ila], Incurred the blame &c. of.
لَوْمa. Blame; expostulation; reprehension, improbation
disapprobation; deprecation.
b. Terror.

لَام (pl.
لَامَات)
a. see 1 (b)b. Person, individuality.
c. Relationship.
d. see 3t (a)
لَوْمَة []
a. Fault, defect; misdeed, offence.
لَامَة []
a. see 1t
لَوْمَى []
a. see see 1 (a)
لَامِيّ []
a. Relating to the letter ل

لُوْمَة []
a. Blamed &c.
b. Accused, defendant.
c. Delay.

لَوَمa. Censoriousness; carping; hyper-criticism.

لُوَمَة []
a. Censorious; critical, hyper-critical, carping
captious.
b. Censurer, critic; faultfinder.

مَلَام [] (pl.
مَلَاْوِمُ)
a. see 17t
مَلَامَة [] (pl.
مَلَاْوِمُ)
a. Blame, rebuke, reproach, censure, remonstrance
reprimand, stricture; animadversion; criticism.

لَائِم [] (pl.
لُوَّم []
لُيَّم []
لُوَّام [] )
a. Blamer, rebuker.

لَائِمَة [] (pl.
لَوَائِم [] )
a. fem. of
لَاْوِمb. see 17t
لَوَّام []
a. see 9t
لَوْمَآء []
a. see 1 (a)
مَلُوْم [ N. P.
a. I], مُلِيْم
[ N. Ag.
IV]
see 3t (a)
مُلَام [ N. P.
a. IV], Blameworthy, reprehensible.

تَلَوَّم [ N.
Ac.
a. V], Delay.

لَامِيَّة العَجَم
لَامِيَّة العَرَب
a. Two poems, of which the rhymes end always in
ل

لِيْمَ بِهِ
a. It has been cut off.
لوم: اللَّوْمُ: المَلاَمَةُ، ورَجُلٌ مُلِيْمٌ. والمُلِيْمُ: الذي اسْتَحَقَّ اللَّوْمَ. واللَّوْمَاءُ: المَلاَمَةُ. واللاّمَةُ: أمْرٌ تُلاَمُ عَلَيْه.
وتَلَوَّمْتُ نَفْسي: اسْتَزَدْتُها.
ولامَني فالْتَمْتُ: أي قَبِلْتُ.
واسْتَلاَمَ إلَيَّ: أي صَنَعَ ما يَنْبَغِي أنْ ألُوْمَه. والمُسْتَلِيْمُ: المُسْتَوْجِبُ لِلَّوْمِ.
ولُمْتُه وأَلَمْتُه. وقَوْلُ أكْثَمَ: " رُبَّ لائمٍ مُلِيْم " أي اللَّوْمُ على مَنْ يَلُوْمُ المُمْسِكَ لِمَالِه.
ويُقالُ في المَلُوْمِ: مَلِيْمٌ.
واللَّوّامَةُ: النَّفْسُ الكَذُوْبُ.
واللاّمُ: القُرْبُ. والحَرْفُ أيضاً. وشَخْصُ الإِنْسَانِ غَيْرُ مَهْمُوزٍ. والظِّلُّ.
واللُّوْمَةُ: الحاجَةُ. ومنه التَّلَوُّمُ: وهو انْتِظَارُ قَضَاءِ اللُّوْمَةِ.
واللُّوْمَةُ: جَمِيْعُ أدَاةِ الفَدّانِ.
واللُّمَةُ من النّاسِ: الجَمَاعَةُ، والجَمِيْعُ اللُّمُوْنَ. وهُمُ الأصْحَابُ أيضاً.
وهو لُمَتي: أي مُوَافِقٌ لي. ولُمَةُ الرَّجُلِ من النِّسَاءِ: مِثْلُه في السِّنِّ. وهي الإِسْوَةُ أيضاً، وجَمْعُه لُمَاتٌ.
واللُّمَةُ في المِحْرَاثِ: ما يَجُرُّه الثَّوْرُ.
واللِّيْمُ بوَزْنِ الفِيْلِ: شَبِيْهُ الرَّجُلِ في قَدِّه وخَلْقِه.
واللِّيْمُ: الصُّلْحُ أيضاً، وكذلك اللُّوْمُ.
واسْتَلَمْتُ الحَجَرَ: بمَعْنى اسْتَلأَمْتُ بالهَمْزِ؛ لأنَّه من المُلاَءَمَةِ.
وتَلَوَّمَ الإِنْسَانُ: أسْرَعَ وجاوَزَ الحَدَّ.
والمُتَلَوِّمُ أيضاً: المُتَثَبِّتُ المُتَمَكِّثُ، ولَعَلَّه من الأضْدَادِ.
وكَوَيْتُه المُتَلَوَّمَةَ: إذا أصَابَ مكانَ الدّاءِ بالتَّلَمُّسِ.
[ل وم] اللَّوْمُ واللَّوْمَاءُ واللَّوْمَى واللائِمَةُ العَذْلُ لامَهُ لَوْمًا وَمَلامًا وَمَلامَةً وهُوَ مَلُومٌ وَمَلِيْمٌ حَكَاهُا سيبَويْهِ قالَ وَإِنَّمَا عَدَلُوا إِلى اليَاءِ والكَسْرةِ اسْتِثْقَالاً لِلْوَاوِ مَعَ الضَّمَّةِ وَألامَهُ وَلَؤَمَهُ قالَ مَعْقِلُ بنُ خُوَيْلِدٍ

(حَمِدْتُ اللهَ إِذْ أَمْسَى رُبَيْعٌ ... بِدَارِ الهَوْنِ مَلْحِيًا مُلامًا)

وَقَالَ عَنْتَرَةُ

(رَبِذٍ يَدَاهُ بِالقِدَاحِ إِذَا شَتَا ... هُنَّاكِ غَايَاتِ التِّجَارِ مُلَوَّمِ)

أَي يَكْرُمُ كَرَمًا يُلامُ مِنْ أَجْلِهِ وَقَوْمٌ لُوَّامٌ وَلُوَّمٌ وَلُيَّمٌ غُيِّرَتِ الوَاوُ لِقُرْبِهَا منَ الطَّرَفِ وَأَلامَ الرَّجُلَ أَتَى مَا يُلامُ عَلَيهِ قَالَ سيبويهِ أُلاَمُ صَارَ ذَا لائِمَةٍ وَلامَهُ أَخْبَرَ بَأَمْرِه وَاسْتَلامَ إِليهِم أَتَى إِليهِم مَا يَلُومُونَهُ قَالَ القُطَامِيُّ

(فَمَنْ يَكنِ اسْتَلاَمَ إِلَى ثَوِيٍّ ... فَقَدْ أَكْرَمْتَ يَا زُفَرُ المَتَاعَا)

وَرَجُلٌ لَوَمَةٌ لَوَّامٌ يَطَّرِدُ عَلَيهِ بَابٌ وَتَلاوَمَ الرَّجُلاَنِ وَلاَوَمَتْهُ لُمْتُهُ وَلامَنِي وَجَاءَ بِلَوْمَةٍ أَي مَا يُلاَمُ عَلَيْهِ وَتَلَوَّمَ فِي الأَمْرِ تَمَكَّثَ وَانْتَظَرَ وَلِيَ فِيهِ لُوْمَةٌ أَي تَلَوُّمٌ وَلِيْمَ بِالرَّجُلِ قُطِعَ واللَّوْمَةُ الشُّهْدَةُ واللامَةُ واللامُ واللَّوْمُ الهَوْلُ واللامُ الشَّدِيدُ مِن كُلِّ شَيءٍ وَأُرَاهُ قَدْ تَقَدَّمَ في الهَمْزِ واللامُ حَرْفُ هِجَاءٍ وَهُوَ حَرْفٌ مَجْهُورٌ يَكُونُ أَصْلاً وَبَدَلاً وزائدًا وَإِنَّمَا قَضَيْتَ عَلَى أَنَّ عَيْنَهَا مُنْقَلِبَةٌ عَنْ وَاوٍ كَمَا قَدَّمْتُهُ فِي أَخَوَاتِهَا مِمَّا عَيْنُهُ أَلِفٌ
لوم
لامَ يَلوم، لُمْ، لَوْمًا، فهو لائم، والمفعول مَلوم
• لامَه: عذَله، كدَّره بكلامٍ لما قام به من عمل أو قول غير مُلائمين، أنّبَه ووبّخه وآخَذَه "لامه على عدم احترام المواعيد- لا تأخذه لَوْمَةُ لائمٍ في الحقّ- لا تَلُمْ كفِّي إذا
 السَّيف نبا ... صحَّ منّي العزمُ والدّهرُ أبى- {قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ} ". 

ألامَ يُليم، ألِمْ، إلامةً، فهو مُلِيم، والمفعول مُلام (للمتعدِّي)
• ألام الشَّخصُ: أتى بما يستحقّ اللَّوْمَ عليه " {فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ} ".
• ألام الرَّجُلَ: لامه، كدّره بكلام لما قام به من عمل أو قول غير ملائمين. 

تلاومَ يتلاوم، تلاوُمًا، فهو مُتَلاوِم
• تلاوم القومُ: لام بعضُهم بعضًا، عاتب بعضهم بعضًا " {فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلاَوَمُونَ} ". 

لاومَ يلاوم، مُلاومَةً، فهو مُلاوِم، والمفعول مُلاوَم
• لاوم الشَّخصُ زميلَه: لام أحدُهما الآخرَ، عاتب أحدُهما الآخرَ. 

لوَّمَ يلوّم، تلويمًا، فهو مُلوِّم، والمفعول مُلوَّم
• لوَّمه أبوه: عذَله، وبّخه. 

إلامة [مفرد]: مصدر ألامَ. 

لائم [مفرد]: ج لائمون ولُوَّام ولُوَّم: اسم فاعل من لامَ ° لا يخشى في الحقّ لَوْمَة لائم. 

لائمة [مفرد]: ج لائمات ولَوَائِمُ:
1 - صيغة المؤنَّث لفاعل لامَ.
2 - لوم وعذل، عتاب "استحقّ اللائمةَ- أنحى عليه باللائمة: انهال عليه باللّوم والتوبيخ". 

لَوْم [مفرد]: مصدر لامَ ° ينزل عليه باللّوم والتقريع: أي يسلقه بلسانه. 

لَوْمَة [مفرد]: ج لَوْمات ولَوَمات:
1 - اسم مرَّة من لامَ: "تناهى عن فعْل السُّوء من لَوْمةٍ واحدة".
2 - ما يُلام أو يوبَّخ عليه الإنسانُ " {يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لاَئِمٍ} ". 

لَوَّام [مفرد]: صيغة مبالغة من لامَ: كثير اللَّوْم والعَذْل والعتاب ° النَّفْسُ اللَّوَّامة: التي تلوم صاحبها لَوْمًا شديدًا على ارتكاب الشَّرِّ أو التَّقصير في عمل الخير. 

مَلامة [مفرد]: ج ملامات (لغير المصدر) ومَلاوِمُ (لغير المصدر):
1 - مصدر ميميّ من لامَ.
2 - لائمة، لوم وعذل وعتاب. 

مَلوم [مفرد]:
1 - اسم مفعول من لامَ.
2 - مَنْ يأتي بما يلام أو يوبَّخ عليه، مستحقّ للّوْم " {فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنْتَ بِمَلُومٍ}: مستحقّ للّوم". 

مُليم [مفرد]: مَلوم، مذنب، مَنْ يأتي بما يلام أو يوبّخ عليه من قول أو فعل " {فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ} ". 
[لوم] اللَوْمُ: العَذْلُ. تقول: لامَهُ على كذا لَوْماً ولَوْمَةً، فهو مَلومٌ. ولَوَّمَهُ شدِّد للمبالغة. واللُوَّمُ: جمع لائم، مثل راكع وركع. واللائمة: الملامة، وكذلك اللومى على فُعْلى. يقال: ما زلت أتجرّع فيك اللَوائِمَ. والمَلاوِمُ: جمع المَلامَةِ. واللامَةُ: الأمر يُلامُ عليه. وألامَ الرجلُ، إذا أتى بما يُلامُ عليه. يقال لامَ فلانٌ غيرَ مُليمٍ. وفي المثل: " رُبَّ لائِمٍ مُليم ". قال الشاعر :

ومن يَخْذَلْ أخاه فقد ألاما * واسْتَلامَ الرجل إلى الناس، أي اسْتَذَمَّ. أبو عبيدة: يقال ألَمْتُهُ بمعنى لُمْتُهُ. وأنشد لمَعْقِل بن خويلد الهذَلي: حَمِدْتُ اللهَ أن أمْسى رَبيعٌ بدارِ الذُلِّ مَلْحِيًَّا مُلاما والمُلاوَمَةُ: أن تَلومَ رجلاً ويَلومُكَ. وتَلاوَموا: لامَ بعضُهم بعضاً. ورجلٌ لومَةٌ: يَلومُهُ الناس. ولُوَمَةٌ: يلوم الناس، مثل هزأة وهزأة. والتلوم: الانتظار والتمكث. ولامُ الإنسان: شَخصُه، غير مهموز. وقال الراجز: مَهْرِيَّة تَخْطُرُ في زمامها لم يبق منها السير غير لامها واللام من حروف الزيادات، وهى على ضربين: متحركة وساكنة. فأما الساكنة فعلى ضربين، وأما اللامات المتحركة فهى ثلاث: لام الامر ولام التوكيد ولام الاضافة. فأما لام الامر كقولك ليقم زيد، تأمر بها الغائب، وربما أمروا بها المخاطب. وقرئ: (فبذلك فلتفرحوا) بالتاء. وقد يجوز حذف لام الامر في الشعر فتعمل مضمرة، كقول متمم بن نويرة: على مثل أصحاب البعوضة فاخمشى لك الويل حر الوجه أو يبك من بكى أراد: ليبك، فحذف اللام. وكذلك لام أمر المواجه، قال الشاعر: قلت لبواب لديه دارها تئذن فإنى حمؤها وجارها أراد لتأذن فحذف اللام، وكسر التاء على لغة من يقول أنت تعلم. وأما لام التوكيد فعلى خمسة أضرب: منها لام الابتداء، كقولك لزيد أفضل من عمرو. ومنها التى تدخل في خبر إن المشددة والمخففة، كقوله تعالى: (إن ربك لبالمرصاد) ، وقوله سبحانه: (وإن كانت لكبيرة) . ومنها التى تكون جوابا للو ولولا، كقوله تعالى: (لولا أنتم لكنا مؤمنين) وقوله تعالى: (لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا) . ومنها التى تكون في الفعل المستقبل المؤكد بالنون، كقوله: (ليسجنن وليكونن من الصاغرين) . ومنها لام جواب القسم. وجميع لامات التوكيد تصلح أن تكون جوابا للقسم، كقوله تعالى: (وإن منكم لمن ليبطئن) ، فاللام الاولى للتوكيد، والثانية جواب، لان القسم جملة توصل بأخرى وهى المقسم عليه لتؤكد الثانية بالاولى. ويربطون بين الجملتين بحروف يسميها النحويون جواب القسم، وهى إن المكسورة المشددة، واللام المعترض بها، وهما بمعنى واحد، كقولك: والله إن زيدا خير منك، ووالله لزيد خير منك، وقولك: والله ليقومن ريد. إذا أدخلوا لام القسم على فعل مستقبل أدخلوا في آخره النون شديدة أو خفيفة لتأكيد الاستقبال وإخراجه عن الحال لا بد من ذلك. ومنها إن الخفيفة المكسورة وما، وهما بمعنى، كقولك: والله ما فعلت، ووالله إن فعلت بمعنى. ومنها لا، كقولك: والله لا أفعل. لا يتصل الحلف بالمحلوف إلا بأحد هذه الحروف الخمسة. وقد تحذف وهى مرادة. وأما لام الاضافة فعلى ثمانية أضرب: منها لام الملك كقولك: المال لزيد. ومنها لام الاختصاص، كقولك: أخ لزيد. ومنها لام الاستغاثة، كقوله الشاعر : يا للرجال ليوم الاربعاء أما ينفك يحدث لى بعد النهى طربا واللامان جميعا للجر، ولكنهم فتحوا الاولى وكسروا الثانية ليفرقوا بين المستغاث به والمستغاث له. وقد يحذفون المستغاث به ويبقون المستغاث له يقولون يا للماء يريدون يا قوم للماء، أي للماء أدعوكم. فإن عطفت على المستغاث به بلام أخرى كسرتها، لانك قد أمنت اللبس بالعطف كقول الشاعر :

يا للرجال وللشبان للعجب * وقول الشاعر مهلهل: يا لبكر أنشروا لى كليبا يا لبكر أين أين الفرار استغاثة. وقال بعضهم: أصله يا آل بكر فخفف بحذف الهمزة، كما قال جرير: قد كان حقا أن نقول لبارق يا آل بارق فيم سب جرير ومنها لام التعجب مفتوحة، كقولك: يا للعجب. والمعنى يا عجب احضر فهذا أوانك. ومنها لام العلة بمعنى كى، كقوله تعالى: (لتكونوا شهداء على الناس) ، وضربته ليتأدب، أي لكى يتأدب ولاجل التأدب. ومنها لام العاقبة كقول الشاعر فللموت تغذو الوالدات سخالها كما لخراب الدهر تبنى المساكن أي عاقبته ذلك. ومنها لام الجحد بعد ما كان ولم يكن، ولا تصحب إلا النفى، كقوله تعالى: (وما كان الله ليعذبهم) أي لان يعذبهم. ومنها لام التاريخ، كقولك: كتبت لثلاث ليال خلون، أي بعد ثلاث. قال الراعى: حتى وردن لتم خمس بائص جدا تعاوره الرياح وبيلا وأما اللامات الساكنة فعلى ضربين: أحدهما لام التعريف، فلسكونها أدخلت عليها ألف الوصل ليصح الابتداء بها، فإذا اتصلت بما قبلها سقطت الالف كقولك الرجل. والثانى لام الامر، إذا ابتدأت بها كانت مكسورة، وإن أدخلت عليها حرفا من حروف العطف جاز فيها الكسر والتسكين كقوله تعالى: (وليحكم أهل الانجيل) .
باب اللام والميم و (وا يء) معهما ل وم، م ل و، م ول، ول م، ل م ي، م ل ي، م ي ل، ل مء، لء م، م لء، ء ل م، ء م ل مستعملات

لوم: اللَّوْم: المَلامةُ، والفعْلُ: لامَ يَلومُ. ورَجُلٌ مَلُومٌ ومَليم: قد استحقّ اللَّوْم. واللَّوْماءُ: المَلامةُ، قال:

ألا يا جارتي غُضِّي ... عن اللَّوْماءِ والعَذْلِ

واللَّوْمةُ: الشَّهْدةُ. واللاّمة، بلا همزٍ، واللاّم: الهَوْلُ، قال :

ويَكادُ من لامٍ يَطيرُ فُؤادُها ... [إن صاح مكاء الضحى المتنكس] ملو: المُلاوةُ: مُلاوةُ العَيْش، تقول: إنّه لفي مُلاوةٍ من عَيْشٍ، أي: أُمْلِيَ له، ومن ذلك قيل: تملّى فلانٌ، واللَّهُ تبارك وتَعالى يُملي لمن يشاء فيؤجّله في الخفض والسّعة والأَمْن، قال:

مُلاوةً مُلِّئتها كأنِّي ... ضاربُ صَنْجَيْ نَشْوةٍ مُغَنِّي

والمَلَوان: اللّيلُ والنّهار. والمُلاوةُ: فلاة ذات حَرٍّ وسَرابٍ، وأَمْلَيْت الكتاب: لغة في أمللت.

مول: المال: معروفٌ. وجمعُهُ: أموال. وكانت أموال العرب: أنعامهم. ورجل مال، أي: ذو مال، والفِعْل: تَمَوَّل. والمَوْلةُ: اسمُ العَنْكَبُوت.

ولم: الوليمةُ: طعام يُتَّخَذ على عُرْسٍ، والفِعْل: أَوْلَمَ يُولِمُ.

لمي: اللَّمَى، مقصور: من الشَّفة اللَّمْياء، وهي اللّطيفة القليلة الدّم، والنّعت: أَلْمَى ولمياء. وكذلك: لثةٌ لمياء، قليلة اللّحْم والدّم، قال ذو الرّمّة :

لمياء في شفتيها حوة لعس ... وفي اللثات وفي أنيابها شنب ملي: المَلِيُّ: الهويُّ من الدّهر وهو الحين الطّويل من الزّمان، ولم أسمع منه فِعْلاً ولا جَمْعاً. والإملاءُ: هو الإملالُ على الكاتب.

ميل: المَيْلُ: مصدر مالَ يَميل، وهو مائل. والمَيَل: مصدر الأميل، مَيِل يَمْيَلُ مَيَلاً وهو أَمْيَل. والمَيْلاء منْ الرّمل: عُقْدَةٌ ضَخْمةٌ مُعْتَزِلة. والمِيلُ: مَنارٌ يُبْنَى للمُسافِر في أنْشاز الأَرْضِ وأَشْرافها. والمِيلُ أيضاً: المِكْحال. والأَمْيل من الرِّجال: الجبان، وهو في تفسير الأعْراب: الذي لا تُرْس معه.

لمأ : أَلْمَأَ اللِّصُّ على الشّيء فذهب به، أي: وقع عليه ووثب. والأَرْضُ إذا عهدتَ فيها حُفَراً، ثُمَّ رأيتها قد استوت قلت: تَلَمَّأت، قال:

وللأرض كم من صالح قد تَلَمَّأَتْ ... عليه فوارَتْهُ بلمّاعةٍ قَفْرِ

لأم: اللَّئِيمُ: مصدرُه اللُّؤْم والَّلآمةُ، والفِعْلُ: لؤم يلؤم. والَّلأْمةُ: الدِّرْعُ. تقول: استلأم الرَّجلُ، أي: لَبِسَ َلأْمَتهُ. والَّلأْمُ من كلّ شَيءٍ: الشّديدُ. وإذا اتّفق الشّيئان قيل: الْتَأَما. وأَْلأَمتُ الجُرْحَ بالدّواء. وأَْلأَمْتُ القُمْقُمَ أو الشّيء، إذا سَدَدْتَ صُدُوعَهُ. وريشٌ لُؤامٌ: إِذا كان رِيَش به السَّهْم فالْتَأَم الظَّهران ووافق بَعْضُه بعضاً، قال :

يقلب سهما راشه بمناكب ... ظهار لؤام فهو أَعْجَفُ شارِفُ

ملأ: الملأ: جماعةٌ من النّاس يجتمعون ليتشاوروا ويتحادثوا، والجميع: الأَمْلاء، قال:

وقال لها الأَمْلاءُ من كل مَعْشَرٍ ... وخيرُ أقاويلِ الرِّجالِ سَديدُها

ومالأتُ فلاناً على الأمر، أي: كنت معه في مشورته. والممالأَة: المعاونة: مالأت على فلان، أي: عاونت عليه. ويقال: ما كان هذا الأمرُ عن ملأٍ منّا، أي: عن تشاور واجتماع. والمَلْءُ: من الامتلاء، والمِلءُ: الاسم، ملأته فامتلأ، وهو ملآنٌ مملوءٌ مُمْتلِىءٌ مَلِيءٌ. وشاب مالىء العين حسنا، قال: بهَجْمةٍ تَمْلأُ عَيْنَ الحاسِدِ

والمُلأَةُ: ثِقَلٌ يأخذ في الرّأس كالزُّكام من امتلاء المَعِدةِ، فالرّجلُ منه مملوءٌ. والمُلأَة : كِظّةٌ من كثرة الأكل. والملأة: فلاة ذات حر وسراب، ويُجْمَعُ: مُلاً، مقصور. والمُلاءةُ: الرَّيْطةُ، والجميعُ: المُلاءُ. والمَلاءةُ: مصدر المليء [الغنيّ] الذي عنده ما يؤدّى، مَلْؤَ يَمْلُؤُ مَلاءَةً فهو مَليءٌ. وقَومٌ مُلآءٌ على فُعَلاء، ومن خَفَّفَ قال: مُلاءُ.

ألم: الأَلَمُ: الوَجَعُ، والمُؤْلم: المُوجِعُ. والفِعْلُ: أَلِمَ يَأْلَمُ أَلَماً فهو: أَلِمٌ. والمجاوز: آلَمَ يُؤلِمُ إيلاماً، فهو مؤلِمٌ.

أمل: الأَمَلُ: الرَّجاءُ، تقول: أَمَلْتُهُ آمُلُهُ، وأَمَّلْتُه أؤمّله تأميلا. والتَّأَمُّل: التَّثَبُّتُ في النّظر، قال :

تأمّلْ خليلي هل ترى من ظَعائنٍ ... تحمّلْنَ بالعَلْياءِ من فَوْق جُرْثُمِ

والأَمِيل: حَبْلٌ من الرَّمْلِ معتزل، على تقدير فَعِيل، قال يصف الثور: فانصاع مَذْعُوراً وما تَصَدّفا ... كالبَرْقِ يَجْتازُ أَمِيلاً أَعْرَفا

وقال بعضُهم: أراد: الأَمْيَل فخفّف.

لوم: اللَّومُ واللّوْماءُ واللَّوْمَى واللائمة: العَدْلُ. لامَه على

كذا يَلومُه لَوْماً ومَلاماً وملامةً ولوْمةً، فهو مَلُوم ومَلِيمٌ:

استحقَّ اللَّوْمَ؛ حكاها سيبويه، قال: وإنما عدلوا إلى الياء والكسرة

استثقالاً للواو مع الضَّمَّة. وألامَه ولَوَّمه وألَمْتُه: بمعنى لُمْتُه؛ قال

مَعْقِل بن خُوَيلد الهذليّ:

حَمِدْتُ اللهَ أن أَمسَى رَبِيعٌ،

بدارِ الهُونِ، مَلْحِيّاً مُلامَا

قال أبو عبيدة: لُمْتُ الرجلَ وأَلَمْتُه بمعنى واحد، وأنشد بيت مَعْقِل

أيضاً؛ وقال عنترة:

ربِذٍ يَداه بالقِداح إذا شَتَا،

هتّاكِ غاياتِ التِّجارِ مُلَوِّمِ

أي يُكْرَم كَرَماً يُلامُ من أَجله، ولَوّمَه شدّد للمبالغة.

واللُّوَّمُ: جمع اللائم مثل راكِعٍ ورُكَّعٍ. وقوم لُوّامٌ ولُوّمٌ ولُيَّمٌ:

غُيِّرت الواوُ لقربها من الطرف. وأَلامَ الرجلُ: أَتى ما يُلامُ عليه. قال

سيبويه: ألامَ صارَ ذا لائمة. ولامه: أخبر بأمره. واسْتلامَ الرجلُ إلى

الناس أي استَذَمَّ. واستَلامَ إليهم: أَتى إليهم ما يَلُومُونه عليه؛ قال

القطامي:

فمنْ يكن اسْتلامَ إلى نَوِيٍّ،

فقد أَكْرَمْتَ، يا زُفَر، المتاعا

التهذيب: أَلامَ الرجلُ، فهو مُليم إذا أَتى ذَنْباً يُلامُ عليه، قال

الله تعالى: فالْتَقَمه الحوتُ وهو مُليمٌ. وفي النوادر: لامَني فلانٌ

فالْتَمْتُ، ومَعّضَني فامْتَعَضْت، وعَذَلَني فاعْتَذَلْتُ، وحَضَّني

فاحْتَضَضت، وأَمَرني فأْتَمَرْت إذا قَبِلَ قولَه منه. ورجل لُومة: يَلُومُه

الناس. ولُوَمَة: يَلُومُ الناس مثل هُزْأَة وهُزَأَة. ورجل لُوَمَة:

لَوّام، يطرّد عليه بابٌ

(* هكذا بياض بالأصل) . . . ولاوَمْتُه: لُمْته

ولامَني. وتَلاوَمَ الرجُلان: لامَ كلُّ واحد منهما صاحبَه. وجاءَ

بلَوْمَةٍ أي ما يُلامُ عليه. والمُلاوَمة: أن تَلُوم رجلاً ويَلُومَك.

وتَلاوَمُوا: لام بعضهم بعضاً؛ وفي الحديث: فتَلاوَموا بينهم أي لامكَ بعضُهم

بعضاً، وهي مُفاعلة من لامَه يَلومه لَوماً إذا عذَلَه وعنَّفَه. وفي حديث

ابن عباس: فتَلاوَمْنا. وتَلَوَّمَ في الأمر: تمكَّث وانتظر. ولي فيه

لُومةٌ أَي تَلَوُّم، ابن بزرج: التَّلَوُّمُ التَّنَظُّر للأمر تُريده.

والتَّلَوُّم: الانتظار والتلبُّثُ. وفي حديث عمرو بن سَلَمة الجَرْميّ: وكانت

العرب تَلَوّمُ بإسلامهم الفتح أي تنتظر، وأراد تَتَلَوّم فحذف إحدى

التاءين تخفيفاً، وهو كثير في كلامهم. وفي حديث علي، عليه السلام: إذا

أجْنَبَ في السفَر تَلَوََّم ما بينه وبين آخر الوقت أي انتظر وتَلَوَّمَ على

الأمر يُريده. وتَلَوّم على لُوامَته أي حاجته. ويقال: قضى القومُ

لُواماتٍ لهم وهي الحاجات، واحدتها لُوَامة. وفي الحديث: بِئسَ، لَعَمْرُ

اللهِ، عَمَلُ الشيخ المتوسِّم والشبِّ المُتلومِّم أي المتعرِّض للأَئمةِ في

الفعل السيّء، ويجوز أن يكون من اللُّومة وهي الحاجة أي المنتظر

لقضائها.ولِيمَ بالرجل: قُطع. واللَّوْمةُ: الشَّهْدة.

واللامةُ واللامُ، بغير همز، واللَّوْمُ: الهَوْلُ؛ وأنشد للمتلمس:

ويكادُ من لامٍ يَطيرُ فُؤادُها

واللامُ: الشديد من كل شيء؛ قال ابن سيده: وأُراه قد تقدم في الهمز، قال

أبو الدقيش: اللامُ القُرْبُ، وقال أَبو خيرة: اللامُ من قول القائل

لامٍ، كما يقول الصائتُ أيا أيا إذا سمعت الناقة ذلك طارت من حِدّة قلبها؛

قال: وقول أبي الدقيش أَوفقُ لمعنى المتنكّس في البيت لأنه قال:

ويكادُ من لامٍ يطيرُ فؤادُها،

إذ مَرّ مُكّاءُ الضُّحى المُتَنَكِّسُ

قال أبو منصور: وحكى ابن الأعرابي أنه قال اللامُ الشخص في بيت المتلمس.

يقال: رأَيت لامَه أي شخصه. ابن الأعرابي: اللَّوَمُ كثرة اللَّوْم. قال

الفراء: ومن العرب من يقول المَلِيم بمعنى المَلوم؛ قال أبو منصور: من

قال مَلِيم بناه على لِيمَ. واللائِمةُ: المَلامة، وكذلك اللَّوْمى، على

فَعْلى. يقال: ما زلت أَتَجَرّعُ منك اللَّوائِمَ. والمَلاوِم: جمع

المَلامة. واللاّمةُ: الأمر يُلام عليه. يقال: لامَ فلانٌ غيرَ مُليم. وفي

المثل: رُبَّ لائم مُليم؛ قالته أُم عُمَير بن سلمى الحنفي تخاطب ولدها

عُمَيراً، وكان أسلم أخاه لرجل كلابيٍّ له عليه دَمٌ فقتله، فعاتبته أُمُّه في

ذلك وقالت:

تَعُدُّ مَعاذِراً لا عُذْرَ فيها،

ومن يَخْذُلْ أَخاه فقد أَلاما

قال ابن بري: وعُذْره الذي اعتذر به أن الكلابيّ التجأَ إلى قبر سلمى

أَبي عمير، فقال لها عمير:

قَتَلْنا أَخانا للوَفاءَِ بِجارِنا،

وكان أَبونا قد تُجِيرُ مَقابِرُهْ

وقال لبيد:

سَفَهاً عَذَلْتَ، ولُمْتَ غيرَ مُليم،

وهَداك قبلَ اليومِ غيرُ حَكيم

ولامُ الإنسان: شخصُه، غير مهموز؛ قال الراجز:

مَهْرِيّة تَخظُر في زِمامِها،

لم يُبْقِ منها السَّيْرُ غيرَ لامِها

وقوله في حديث ابن أُم مكتوم: ولي قائد لا يُلاوِمُني؛ قال ابن الأثير:

كذا جاء في رواية بالواو، وأَصله الهمز من المُلاءمة وهي المُوافقة؛

يقال: هو يُلائمُني بالهمز ثم يُخَفَّف فيصير ياء، قال: وأما الواو فلا وجه

لها إلا أن تكون يُفاعِلني من اللَّوْم ولا معنى له في هذا الحديث.

وقول عمر في حديثه: لوْما أَبقَيْتَ أي هلاَّ أَبقيت، وهي حرف من حروف

المعاني معناها التحضيض كقوله تعالى: لوما تأْتينا بالملائكة.

واللام: حرف هجاء وهو حرف مجهور، يكون أَصلاً وبدلاً وزائداً؛ قال ابن

سيده: وإنما قضيت على أن عينها منقلبة عن واو لما تقدم في أخواتها مما

عينه أَلف؛ قال الأزهري: قال النحويون لَوّمْت لاماً أي كتبته كما يقال

كَوَّفْت كافاً. قال الأزهري في باب لَفيف حرف اللام قال: نبدأ بالحروف التي

جاءت لمعانٍ من باب اللام لحاجة الناس إلى معرفتها، فمنها اللام التي

توصل بها الأسماء والأفعال، ولها فيها معانٍ كثيرة: فمنها لامُ المِلْك

كقولك: هذا المالُ لزيد، وهذا الفرس لمحَمد، ومن النحويين من يسمِّيها لامَ

الإضافة، سمّيت لامَ المِلْك لأنك إذا قلت إن هذا لِزيد عُلِمَ أنه

مِلْكُه، فإذا اتصلت هذه اللام بالمَكْنيِّ عنه نُصِبَت كقولك: هذا المالُ له

ولنا ولَك ولها ولهما ولهم، وإنما فتحت مع الكنايات لأن هذه اللامَ في

الأصل مفتوحة، وإنما كسرت مع الأسماء ليُفْصَل بين لام القسم وبين لام

الإضافة، ألا ترى أنك لو قلت إنّ هذا المالَ لِزيدٍ عُلِم أنه مِلكه؟ ولو قلت

إن هذا لَزيدٌ عُلم أن المشار إليه هو زيد فكُسِرت ليُفرق بينهما، وإذا

قلت: المالُ لَك، فتحت لأن اللبس قد زال، قال: وهذا قول الخليل ويونس

والبصريين. (لام كي): كقولك جئتُ لِتقومَ يا هذا، سمّيت لامَ كَيْ لأن معناها

جئتُ لكي تقوم، ومعناه معنى لام الإضافة أيضاً، وكذلك كُسِرت لأن المعنى

جئتُ لقيامك. وقال الفراء في قوله عز وجل: رَبَّنا لِيَضِلُّلوا عن

سبيلك؛ هي لام كَيْ، المعنى يا ربّ أَعْطيْتهم ما أَعطَيتَهم لِيضِلُّلوا عن

سبيلك؛ وقال أبو العباس أحمد بن يحيى: الاختيار أن تكون هذه اللام وما

أَشبهها بتأْويل الخفض، المعنى آتيتَهم ما آتيتَهم لضلالهم، وكذلك قوله:

فالتَقَطَه آلُ فهرْعون ليكونَ لهم؛ معناه لكونه لأنه قد آلت الحال إلى

ذلك، قال: والعرب تقول لامُ كي في معنى لام الخفض، ولام الخفض في معنى لام

كَي لِتقارُب المعنى؛ قال الله تعالى: يَحْلِفون لكم لِترضَوْا عنهم؛

المعنى لإعْراضِكم

(* قوله «يحلفون لكم لترضوا عنهم؛ المعنى لاعراصكم إلخ»

هكذا في الأصل). عنهم وهم لم يَحْلِفوا لكي تُعْرِضوا، وإنما حلفوا

لإعراضِهم عنهم؛ وأنشد:

سَمَوْتَ، ولم تَكُن أَهلاً لتَسْمو،

ولكِنَّ المُضَيَّعَ قد يُصابُ

أَراد: ما كنتَ أَهلا للسُمُوِّ. وقال أبو حاتم في قوله تعالى:

لِيَجّزِيَهم الله أَحسنَ ما كانوا يَعْملون؛ اللام في لِيَجْزيَهم لامُ اليمين

كأنه قال لَيَجْزِيَنّهم الله، فحذف النون، وكسروا اللام وكانت مفتوحة،

فأَشبهت في اللفظ لامَ كي فنصبوا بها كما نصبوا بلام كي، وكذلك قال في قوله

تعالى: لِيَغْفِرَ لك اللهُ ما تقدَّم من ذنبك وما تأَخر؛ المعنى

لَيَغْفِرنَّ اللهُ لك؛ قال ابن الأَنباري: هذا الذي قاله أبو حاتم غلط لأنَّ

لامَ القسم لا تُكسَر ولا ينصب بها، ولو جاز أن يكون معنى لِيَجزيَهم

الله لَيَجْزيَنَّهم الله لقُلْنا: والله ليقومَ زيد، بتأْويل والله

لَيَقُومَنَّ زيد، وهذا معدوم في كلام العرب، واحتج بأن العرب تقول في التعجب:

أَظْرِفْ بزَيْدٍ، فيجزومونه لشبَهِه بلفظ الأَمر، وليس هذا بمنزلة ذلك

لأن التعجب عدل إلى لفظ الأَمر، ولام اليمين لم توجد مكسورة قط في حال

ظهور اليمين ولا في حال إضمارها؛ واحتج مَن احتج لأبي حاتم بقوله:

إذا هو آلى حِلْفةً قلتُ مِثْلَها،

لِتُغْنِيَ عنِّي ذا أَتى بِك أَجْمَعا

قال: أَراد هو آلى حِلْفةً قلتُ مِثْلَها،

لِتُغْنِيَ عنّي ذا أَتى بِكَ أَجْمَعا

قال: أَراد لَتُغْنِيَنَّ، فأَسقط النون وكسر اللام؛ قال أَبو بكر: وهذه

رواية غير معروفة وإنما رواه الرواة:

إذا هو آلى حِلْفَةً قلتُ مِثلَها،

لِتُغْنِنَّ عنِّي ذا أَتى بِك أَجمَعا

قال: الفراء: أصله لِتُغْنِيَنّ فأسكن الياء على لغة الذين يقولون رأيت

قاضٍ ورامٍ، فلما سكنت سقطت لسكونها وسكون النون الأولى، قال: ومن العرب

من يقول اقْضِنٍَّ يا رجل، وابْكِنَّ يا رجل، والكلام الجيد: اقْضِيَنَّ

وابْكِيَنَّ؛ وأَنشد:

يا عَمْرُو، أَحْسِنْ نَوالَ الله بالرَّشَدِ،

واقْرَأ سلاماً على الأنقاءِ والثَّمدِ

وابْكِنَّ عَيْشاً تَوَلَّى بعد جِدَّتِه،

طابَتْ أَصائلُه في ذلك البَلدِ

قال أبو منصور: والقول ما قال ابن الأَنباري. قال أبو بكر: سأَلت أبا

العباس عن اللام في قوله عز وجل: لِيَغْفِرَ لك اللهُ، قال: هي لام كَيْ،

معناها إنا فتَحْنا لك فَتْحاً مُبِيناً لكي يجتمع لك مع المغفرة تمام

النعمة في الفتح، فلما انضم إلى المغفرة شيءٌ حادثٌ واقعٌ حسُنَ معنى كي،

وكذلك قوله: ليَجْزِيَ الذين آمنوا وعمِلوا الصالحاتِ، هي لامُ كي تتصل

بقوله: لا يعزُبُ عنه مثقال ذرّة، إلى قوله: في كتاب مبين أَحصاه عليهم لكيْ

يَجْزِيَ المُحْسِنَ بإحسانه والمُسِيءَ بإساءَته. (لام الأمر): وهو

كقولك لِيَضْرِبْ زيدٌ عمراً؛ وقال أبو إسحق: أَصلها نَصْبٌ، وإنما كسرت

ليفرق بينها وبين لام التوكيد ولا يبالىَ بشَبهِها بلام الجر، لأن لام الجر

لا تقع في الأفعال، وتقعُ لامُ التوكيد في الأفعال، ألا ترى أنك لو قلت

لِيعضْرِبْ، وأنت تأْمُر، لأَشبَهَ لامَ التوكيد إذا قلت إنك لَتَضْرِبُ

زيداً؟ وهذه اللام في الأَمر أَكثر ما اسْتُعْملت في غير المخاطب، وهي

تجزم الفعل، فإن جاءَت للمخاطب لم يُنْكَر. قال الله تعالى: فبذلك

فلْيَفرَحُوا هو خير؛ أكثرُ القُرّاء قرؤُوا: فلْيَفرَحوا، بالياء. وروي عن زيد بن

ثابت أنه قرأَ: فبذلك فلْتَفْرَحوا؛ يريد أَصحاب سيدنا رسول الله، صلى

الله عليه وسلم، هو خير مما يَجْمَعون؛ أي مما يجمع الكُفَّار؛ وقَوَّى

قراءةَ زيد قراءةُ أُبيّ فبذلك فافْرَحوا، وهو البِناء الذي خُلق للأَمر

إذا واجَهْتَ به؛ قال الفراء: وكان الكسائي يَعيب قولَهم فلْتَفْرَحوا لأنه

وجده قليلاً فجعله عَيْباً؛ قال أبو منصور: وقراءة يعقوب الحضرمي بالتاء

فلْتَفرَحوا، وهي جائزة. قال الجوهري: لامُ الأَمْرِ تأْمُر بها

الغائبَ، وربما أَمرُوا بها المخاطَبَ، وقرئ: فبذلك فلْتَفْرَحوا، بالتاء؛ قال:

وقد يجوز حَذْفُ لامِ الأَمر في الشعر فتعمل مضْمرة كقول مُتمِّم بن

نُوَيْرة:

على مِثْلِ أَصحابِ البَعوضةِ فاخْمُِشِي،

لكِ الوَيْلُ حُرَّ الوَجْهِ أو يَبكِ من بَكى

أراد: لِيَبْكِ، فحذف اللام، قال: وكذلك لامُ أَمرِ المُواجَهِ؛ قال

الشاعر:

قلتُ لبَوَّابٍ لَدَيْه دارُها:

تِئْذَنْ، فإني حَمْؤها وجارُها

أراد: لِتَأْذَن، فحذف اللامَ وكسرَ التاءَ على لغة من يقول أَنتَ

تِعْلَمُ؛ قال الأزهري: اللام التي للأَمْرِ في تأْويل الجزاء، من ذلك قولُه

عز وجل: اتَّبِعُوا سَبِيلَنا ولْنَحْمِلْ خَطاياكم؛ قال الفراء: هو أَمر

فيه تأْويلُ جَزاء كما أَن قوله: ادْخُلوا مساكنكم لا يَحْطِمَنَّكم،

نهيٌ في تأْويل الجزاء، وهو كثير في كلام العرب؛ وأَنشد:

فقلتُ: ادْعي وأدْعُ، فإنَّ أنْدَى

لِصَوْتٍ أن يُناديَ داعِيانِ

أي ادْعِي ولأَدْعُ، فكأَنه قال: إن دَعَوْتِ دَعَوْتُ، ونحو ذلك. قال

الزجاج: وزاد فقال: يُقْرأُ قوله ولنَحْمِلْ خطاياكم، بسكون اللام وكسرها،

وهو أَمر في تأْويل الشرط، المعنى إِن تتبَّعوا سَبيلَنا حمَلْنا

خطاياكم. (لام التوكيد): وهي تتصل بالأسماء والأفعال التي هي جواباتُ القسم

وجَوابُ إنَّ، فالأسماء كقولك: إن زيداً لَكَريمٌ وإنّ عمراً لَشُجاعٌ،

والأفعال كقولك: إه لَيَذُبُّ عنك وإنه ليَرْغَبُ في الصلاح، وفي القسَم:

واللّهِ لأصَلِّيَنَّ وربِّي لأصُومَنَّ، وقال اللّه تعالى: وإنَّ منكم

لَمَنْ لَيُبَطِّئنّ؛ أي مِمّنْ أَظهر الإِيمانَ لَمَنْ يُبَطِّئُ عن

القتال؛ قال الزجاج: اللامُ الأُولى التي في قوله لَمَنْ لامُ إنّ، واللام التي

في قوله ليُبَطِّئنّ لامُ القسَم، ومَنْ موصولة بالجالب للقسم، كأَنّ

هذا لو كان كلاماً لقلت: إنّ منكم لَمنْ أَحْلِف بالله واللّه ليُبَطِّئنّ،

قال: والنحويون مُجْمِعون على أنّ ما ومَنْ والذي لا يوصَلْنَ بالأمر

والنهي إلا بما يضمر معها من ذكر الخبر، وأََن لامَ القسَمِ إِِذا جاءت مع

هذه الحروف فلفظ القَسم وما أََشبَه لفظَه مضمرٌ معها. قال الجوهري: أما

لامُ التوكيد فعلى خمسة أَََضرب، منها لامُ الابتداء كقولك لَزيدٌ

أَََفضل من عمرٍٍو، ومنها اللام التي تدخل في خبر إنّ المشددة والمخففة كقوله

عز وجل: إِنَّ ربَّك لبِالمِرْصادِ، وقوله عز من قائلٍ: وإنْ كانت

لَكبيرةً؛ ومنها التي تكون جواباً لِلَوْ ولَوْلا كقوله تعالى: لولا أََنتم

لَكُنَّا مؤمنين، وقوله تعالى: لو تَزَيَّلُوا لعذّبنا الذين كفروا؛ ومنها

التي في الفعل المستقبل المؤكد بالنون كقوله تعالى: لَيُسْجَنَنّ

وليَكُونَن من الصاغرين؛ ومنها لام جواب القسم، وجميعُ لاماتِ التوكيد تصلح أَن

تكون جواباً للقسم كقوله تعالى: وإنّ منكم لَمَنْ لَيُبَطئَنّ؛ فاللام

الأُولى للتوكيد والثانية جواب، لأنّ المُقْسَم جُمْلةٌ توصل بأخرى، وهي

المُقْسَم عليه لتؤكِّدَ الثانيةُ بالأُولى، ويربطون بين الجملتين بحروف

يسميها النحويون جوابَ القسَم، وهي إنَّ المكسورة المشددة واللام المعترض

بها، وهما يمعنى واحد كقولك: والله إنّ زيداً خَيْرٌ منك، وواللّه لَزَيْدٌ

خيرٌ منك، وقولك: والله ليَقومَنّ زيدٌ، إذا أدخلوا لام القسم على فعل

مستقبل أَدخلوا في آخره النون شديدة أَو خفيفة لتأْكيد الاستقبال وإِخراجه

عن الحال، لا بدَّ من ذلك؛ ومنها إن الخفيفة المكسورة وما، وهما بمعنى

كقولك: واللّه ما فعَلتُ، وواللّه إنْ فعلتُ، بمعنى؛ ومنها لا كقولك:

واللّهِ لا أفعَلُ، لا يتصل الحَلِف بالمحلوف إلا بأَحد هذه الحروف الخمسة،

وقد تحذف وهي مُرادةٌ. قال الجوهري: واللام من حروف الزيادات، وهي على

ضربين: متحركة وساكنة، فأَما الساكنة فعلى ضربين: أَحدهما لام التعريف

ولسُكونِها أُدْخِلَتْ عليها ألفُ الوصل ليصح الابتداء بها، فإِذا اتصلت بما

قبلها سقَطت الأَلفُ كقولك الرجُل، والثاني لامُ الأمرِ إِذا ابْتَدَأتَها

كانت مكسورة، وإِن أَدخلت عليها حرفاً من حروف العطف جاز فيها الكسرُ

والتسكين كقوله تعالى: ولِيَحْكُم أَهل الإِنجيل؛ وأما اللاماتُ المتحركة

فهي ثلاثٌ: لامُ الأمر ولامُ التوكيد ولامُ الإِضافة. وقال في أَثناء

الترجمة: فأَما لامُ الإِضافةِ فعلى ثمانية أضْرُبٍ: منها لامُ المِلْك كقولك

المالُ لِزيدٍ، ومنها لامُ الاختصاص كقولك أخ لِزيدٍ، ومنها لام

الاستغاثة كقول الحرث بن حِلِّزة:

يا لَلرِّجالِ ليَوْمِ الأرْبِعاء، أما

يَنْفَكُّ يُحْدِث لي بعد النُّهَى طَرَبا؟

واللامان جميعاً للجرّ، ولكنهم فتحوا الأُولى وكسروا الثانية ليفرقوا

بين المستغاثِ به والمستغاثَ له، وقد يحذفون المستغاث به ويُبْقُون

المستغاثَ له، يقولون: يا لِلْماءِ، يريدون يا قومِ لِلْماء أَي للماء أَدعوكم،

فإن عطفتَ على المستغاثِ به بلامٍ أخرى كسرتها لأنك قد أمِنْتَ اللبس

بالعطف كقول الشاعر:

يا لَلرِّجالِ ولِلشُّبَّانِ للعَجَبِ

قال ابن بري: صواب إنشاده:

يا لَلْكُهُولِ ولِلشُّبَّانِ للعجب

والبيت بكماله:

يَبْكِيكَ ناءٍ بَعِيدُ الدارِ مُغْتَرِبٌ،

يا لَلْكهول وللشبّان للعجب

وقول مُهَلْهِل بن ربيعة واسمه عديّ:

يا لَبَكْرٍ أنشِروا لي كُلَيْباً،

يا لبَكرٍ أيْنَ أينَ الفِرارُ؟

استغاثة. وقال بعضهم: أَصله يا آلَ بكْرٍ فخفف بحذف الهمزة كما قال جرير

يخاطب بِشْر بن مَرْوانَ لما هجاه سُراقةُ البارِقيّ:

قد كان حَقّاً أَن نقولَ لبارِقٍ:

يا آلَ بارِقَ، فِيمَ سُبَّ جَرِيرُ؟

ومنها لام التعجب مفتوحة كقولك يا لَلْعَجَبِ، والمعنى يا عجبُ احْضُرْ

فهذا أوانُك، ومنها لامُ العلَّة بمعنى كَيْ كقوله تعالى: لِتَكونوا

شُهَداء على الناس؛ وضَرَبْتُه لِيتَأدَّب أَي لِكَيْ يتَأدَّبَ لأَجل

التأدُّبِ، ومنها لامُ العاقبة كقول الشاعر:

فلِلْمَوْتِ تَغْذُو الوالِداتُ سِخالَها،

كما لِخَرابِ الدُّورِ تُبْنَى المَساكِنُ

(* قوله «لخراب الدور» الذي في القاموس والجوهري: لخراب الدهر).

أي عاقبته ذلك؛ قال ابن بري: ومثله قول الآخر:

أموالُنا لِذَوِي المِيراثِ نَجْمَعُها،

ودُورُنا لِخَرابِ الدَّهْر نَبْنِيها

وهم لم يَبْنُوها للخراب ولكن مآلُها إلى ذلك؛ قال: ومثلُه ما قاله

شُتَيْم بن خُوَيْلِد الفَزاريّ يرثي أَولاد خالِدَة الفَزارِيَّةِ، وهم

كُرْدم وكُرَيْدِم ومُعَرِّض:

لا يُبْعِد اللّهُ رَبُّ البِلا

دِ والمِلْح ما ولَدَتْ خالِدَهْ

(* قوله «رب البلاد» تقدم في مادة ملح: رب العباد).

فأُقْسِمُ لو قَتَلوا خالدا،

لكُنْتُ لهم حَيَّةً راصِدَهْ

فإن يَكُنِ الموْتُ أفْناهُمُ،

فلِلْمَوْتِ ما تَلِدُ الوالِدَهْ

ولم تَلِدْهم أمُّهم للموت، وإنما مآلُهم وعاقبتُهم الموتُ؛ قال ابن

بري: وقيل إن هذا الشعر لِسِمَاك أَخي مالك بن عمرو العامليّ، وكان

مُعْتَقَلا هو وأخوه مالك عند بعض ملوك غسّان فقال:

فأبْلِغْ قُضاعةَ، إن جِئْتَهم،

وخُصَّ سَراةَ بَني ساعِدَهْ

وأبْلِغْ نِزاراً على نأْيِها،

بأَنَّ الرِّماحَ هي الهائدَهْ

فأُقسِمُ لو قَتَلوا مالِكاً،

لكنتُ لهم حَيَّةً راصِدَهْ

برَأسِ سَبيلٍ على مَرْقَبٍ،

ويوْماً على طُرُقٍ وارِدَهْ

فأُمَّ سِمَاكٍ فلا تَجْزَعِي،

فلِلْمَوتِ ما تَلِدُ الوالِدَهْ

ثم قُتِل سِماكٌ فقالت أمُّ سماك لأخيه مالِكٍ: قبَّح الله الحياة بعد

سماك فاخْرُج في الطلب بأخيك، فخرج فلَقِيَ قاتِلَ أَخيه في نَفَرٍ

يَسيرٍ فقتله. قال وفي التنزيل العزيز: فالتَقَطَه آلُ فرعَون ليكونَ لهم

عَدُوّاً وحَزَناً؛ ولم يلتقطوه لذلك وإنما مآله العداوَة، وفيه: ربَّنا

لِيَضِلُّوا عن سَبيلِك؛ ولم يُؤْتِهم الزِّينةَ والأَموالَ للضلال وإِنما

مآله الضلال، قال: ومثله: إِني أَراني أعْصِرُ خَمْراً؛ ومعلوم أَنه لم

يَعْصِر الخمرَ، فسماه خَمراً لأنَّ مآله إلى ذلك، قال: ومنها لام الجَحْد

بعد ما كان ولم يكن ولا تَصْحَب إلا النفي كقوله تعالى: وما كان اللهُ

لِيُعذِّبَهم، أي لأن يُعذِّبهم، ومنها لامُ التاريخ كقولهم: كَتَبْتُ

لِثلاث خَلَوْن أي بَعْد ثلاث؛ قال الراعي:

حتّى وَرَدْنَ لِتِمِّ خِمْسٍ بائِصٍ

جُدّاً، تَعَاوَره الرِّياحُ، وَبِيلا

البائصُ: البعيد الشاقُّ، والجُدّ: البئرْ وأَرادَ ماءَ جُدٍّ، قال:

ومنها اللامات التي تؤكِّد بها حروفُ المجازة ويُجاب بلام أُخرى توكيداً

كقولك: لئنْ فَعَلْتَ كذا لَتَنْدَمَنَّ، ولئن صَبَرْتَ لَترْبحنَّ. وفي

التنزيل العزيز: وإِذ أَخذَ اللّهُ ميثاق النبييّن لَمَا آتَيْتُكُم من

كِتابٍ وحِكمة ثم جاءكم رسول مَصدِّقٌ لِما معكم لَتُؤمِنُنَّ به

ولَتَنْصُرُنَّه «الآية»؛ روى المنذري عن أبي طالب النحوي أَنه قال: المعنى في قوله

لَمَا آتَيْتكم لَمَهْما آتيتكم أَي أَيُّ كِتابٍ آتيتُكم لتُؤمنُنَّ به

ولَتَنْصُرُنَّه، قال: وقال أحمد بن يحيى قال الأخفش: اللام التي في

لَمَا اسم

(* قوله «اللام التي في لما اسم إلخ» هكذا بالأصل، ولعل فيه سقطاً،

والأصل اللام التي في لما موطئة وما اسم موصول والذي بعدها إلخ). والذي

بعدها صلةٌ لها، واللام التي في لتؤمِنُنّ به ولتنصرنَّه لامُ القسم

كأَنه قال واللّه لتؤْمنن، يُؤَكّدُ في أَول الكلام وفي آخره، وتكون من

زائدة؛ وقال أَبو العباس: هذا كله غلط، اللام التي تدخل في أَوائل الخبر تُجاب

بجوابات الأَيمان، تقول: لَمَنْ قامَ لآتِينَّه، وإذا وقع في جوابها ما

ولا عُلِم أَن اللام ليست بتوكيد، لأنك تضَع مكانها ما ولا وليست

كالأُولى وهي جواب للأُولى، قال: وأَما قوله من كتاب فأَسْقط من، فهذا غلطٌ لأنّ

من التي تدخل وتخرج لا تقع إِلاَّ مواقع الأَسماء، وهذا خبرٌ، ولا تقع

في الخبر إِنما تقع في الجَحْد والاستفهام والجزاء، وهو جعل لَمَا بمنزلة

لَعَبْدُ اللّهِ واللّهِ لَقائمٌ فلم يجعله جزاء، قال: ومن اللامات التي

تصحب إنْ: فمرّةً تكون بمعنى إِلاَّ، ومرةً تكون صلة وتوكيداً كقول اللّه

عز وجل: إِن كان وَعْدُ ربّنا لَمَفْعولاً؛ فمَنْ جعل إنْ جحداً جعل

اللام بمنزلة إلاّ، المعنى ما كان وعدُ ربِّنا إِلا مفعولاً، ومن جعل إن

بمعنى قد جعل اللام تأكيداً، المعنى قد كان وعدُ ربنا لمفعولاً؛ ومثله قوله

تعالى: إن كِدْتع لَتُرْدِين، يجوز فيها المعنيان؛ التهذيب: «لامُ التعجب

ولام الاستغاثة» روى المنذري عن المبرد أنه قال: إذا اسْتُغِيث بواحدٍ

أو بجماعة فاللام مفتوحة، تقول: يا لَلرجالِ يا لَلْقوم يا لزيد، قال:

وكذلك إذا كنت تدعوهم، فأَما لام المدعوِّ إليه فإِنها تُكسَر، تقول: يا

لَلرِّجال لِلْعجب؛ قال الشاعر:

تَكَنَّفَني الوُشاةُ فأزْعَجوني،

فيا لَلنّاسِ لِلْواشي المُطاعِ

وتقول: يا للعجب إذا دعوت إليه كأَنك قلت يا لَلنَّاس لِلعجب، ولا يجوز

أَن تقول يا لَزيدٍ وهو مُقْبل عليك، إِنما تقول ذلك للبعيد، كما لا يجوز

أَن تقول يا قَوْماه وهم مُقبِلون، قال: فإن قلت يا لَزيدٍ ولِعَمْرو

كسرْتَ اللام في عَمْرو، وهو مدعوٌ، لأَنك إِنما فتحت اللام في زيد للفصل

بين المدعوّ والمدعوّ إليه، فلما عطفت على زيد استَغْنَيْتَ عن الفصل لأَن

المعطوف عليه مثل حاله؛ وقد تقدم قوله:

يا لَلكهولِ ولِلشُّبّانِ لِلعجب

والعرب تقول: يا لَلْعَضِيهةِ ويا لَلأَفيكة ويا لَلبَهيتة، وفي اللام

التي فيها وجهان: فإِن أردت الاستغاثة نصبتها، وإِن أَردت أَن تدعو إليها

بمعنى التعجب منه كسرتها، كأَنك أَردت: يا أَيها الرجلُ عْجَبْ

لِلْعَضيهة، ويا أيها الناس اعْجَبوا للأَفيكة. وقال ابن الأَنباري: لامُ

الاستغاثة مفتوحة، وهي في الأَصل لام خفْضٍ إِلا أَن الاستعمال فيها قد كثر مع

يا، فجُعِلا حرفاً واحداً؛ وأَنشد:

يا لَبَكرٍ أنشِروا لي كُلَيباً

قال: والدليل على أَنهم جعلوا اللام مع يا حرفاً واحداً

قول الفرزدق:

فخَيرٌ نَحْنُ عند الناس منكمْ،

إذا الداعي المُثَوِّبُ قال: يالا

وقولهم: لِم فعلتَ، معناه لأيِّ شيء فعلته؟ والأصل فيه لِما فعلت فجعلوا

ما في الاستفهام مع الخافض حرفاً واحداً واكتفَوْا بفتحة الميم من اإلف

فأسْقطوها، وكذلك قالوا: عَلامَ تركتَ وعَمَّ تُعْرِض وإلامَ تنظر

وحَتَّمَ عَناؤُك؟ وأنشد:

فحَتَّامَ حَتَّام العَناءُ المُطَوَّل

وفي التنزيل العزيز: فلِمَ قتَلْتُموهم؛ أراد لأي علَّة وبأيِّ حُجّة،

وفيه لغات: يقال لِمَ فعلتَ، ولِمْ فعلتَ، ولِما فعلت، ولِمَهْ فعلت،

بإدخال الهاء للسكت؛ وأنشد:

يا فَقْعَسِيُّ، لِمْ أَكَلْتَه لِمَهْ؟

لو خافَك اللهُ عليه حَرَّمَهْ

قال: ومن اللامات لامُ التعقيب للإضافة وهي تدخل مع الفعل الذي معناه

الاسم كقولك: فلانٌ عابرُ الرُّؤْيا وعابرٌ لِلرؤْيا، وفلان راهِبُ رَبِّه

وراهبٌ لرَبِّه. وفي التنزيل العزيز: والذين هم لربهم يَرهبون، وفيه: إن

كنتم للرؤْيا تَعْبُرون؛ قال أبو العباس ثعلب: إنما دخلت اللام

تَعْقِيباً للإضافة، المعنى هُمْ راهبون لربهم وراهِبُو ربِّهم، ثم أَدخلوا اللام

على هذا، والمعنى لأنها عَقَّبت للإضافة، قال: وتجيء اللام بمعنى إلى

وبمعنى أَجْل، قال الله تعالى: بأن رَبَّكَ أَوْحى لها؛ أي أَوحى إليها،

وقال تعالى: وهم لها سابقون؛ أي وهم إليها سابقون، وقيل في قوله تعالى:

وخَرُّوا له سُجَّداً؛ أي خَرُّوا من أَجلِه سُجَّداً كقولك أَكرمت فلاناً لك

أي من أَجْلِك. وقوله تعالى: فلذلك فادْعُ واسْتَقِمْ كما أُمِرْتَ؛

معناه فإلى ذلك فادْعُ؛ قاله الزجاج وغيره. وروى المنذري عن أبي العباس أنه

سئل عن قوله عز وجل: إن أحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لأَنفُسكم وإن

أَسأْتُمْ فلها؛ أي عليها

(* قوله «فلها أي عليها» هكذا بالأصل، ولعل فيه سقطاً،

والأصل: فقال أي عليها). جعل اللام بمعنى على؛ وقال ابن السكيت في قوله:

فلما تَفَرَّقْنا، كأنِّي ومالِكاً

لطولِ اجْتماعٍ لم نَبِتْ لَيْلةً مَعا

قال: معنى لطول اجتماع أي مع طول اجتماع، تقول: إذا مضى شيء فكأنه لم

يكن، قال: وتجيء اللام بمعنى بَعْد؛ ومنه قوله:

حتى وَرَدْنَ لِتِمِّ خِمْسٍ بائِص

أي بعْد خِمْسٍ؛ ومنه قولهم: لثلاث خَلَوْن من الشهر أي بعد ثلاث، قال:

ومن اللامات لام التعريف التي تصحبها الألف كقولك: القومُ خارجون والناس

طاعنون الحمارَ والفرس وما أشبهها، ومنها اللام الأصلية كقولك: لَحْمٌ

لَعِسٌ لَوْمٌ وما أَشبهها، ومنها اللام الزائدة في الأَسماء وفي الأفعال

كقولك: فَعْمَلٌ لِلْفَعْم، وهو الممتلئ، وناقة عَنْسَل للعَنْس

الصُّلبة، وفي الأَفعال كقولك قَصْمَله أي كسره، والأصل قَصَمه، وقد زادوها في

ذاك فقالوا ذلك، وفي أُولاك فقالوا أُولالِك، وأما اللام التي في لَقعد

فإنها دخلت تأْكيداً لِقَدْ فاتصلت بها كأَنها منها، وكذلك اللام التي في

لَما مخفّفة. قال الأزهري: ومن اللاَّماتِ ما رَوى ابنُ هانِئٍ عن أبي زيد

يقال: اليَضْرِبُك ورأَيت اليَضْرِبُك، يُريد الذي يضرِبُك، وهذا

الوَضَع الشعرَ، يريد الذي وضَع الشعر؛ قال: وأَنشدني المُفضَّل:

يقولُ الخَنا وابْغَضُ العْجْمِ ناطِقاً،

إلى ربِّنا، صَوتُ الحمارِ اليُجَدَّعُ

يريد الذي يُجدَّع؛ وقال أيضاً:

أَخِفْنَ اطِّنائي إن سَكَتُّ، وإنَّني

لَفي شُغُلٍ عن ذَحْلِا اليُتَتَبَّعُ

(* قوله «أخفن اطنائي إلخ» هكذا في الأصل هنا، وفيه في مادة تبع: اطناني

ان شكين، وذحلي بدل ذحلها).

يريد: الذي يُتتبَّع؛ وقال أبو عبيد في قول مُتمِّم:

وعَمْراً وحوناً بالمُشَقَّرِ ألْمَعا

(* قوله «وحوناً» كذا بالأصل).

قال: يعني اللَّذَيْنِ معاً فأَدْخل عليه الألف واللام صِلةً، والعرب

تقول: هو الحِصْنُ أن يُرامَ، وهو العَزيز أن يُضَامَ، والكريمُ أن

يُشتَمَ؛ معناه هو أَحْصَنُ من أن يُرامَ، وأعزُّ من أن يُضامَ، وأَكرمُ من أن

يُشْتَم، وكذلك هو البَخِيلُ أن يُرْغَبَ إليه أي هو أَبْخلُ من أَن

يُرْغَبَ إليه، وهو الشُّجاع أن يَثْبُتَ له قِرْنٌ. ويقال: هو صَدْقُ

المُبْتَذَلِ أي صَدْقٌ عند الابتِذال، وهو فَطِنُ الغَفْلةِ فَظِعُ المُشاهدة.

وقال ابن الأنباري: العرب تُدْخِل الألف واللام على الفِعْل المستقبل على

جهة الاختصاص والحكاية؛ وأنشد للفرزدق:

ما أَنتَ بالحَكَمِ التُّرْضَى حْكُومَتُه،

ولا الأَصِيلِ، ولا ذِي الرَّأْي والجَدَلِ

وأَنشد أَيضاً:

أَخفِنَ اطِّنائي إن سكتُّ، وإنني

لفي شغل عن ذحلها اليُتَتَبَّع

فأَدخل الأَلف واللام على يُتتبّع، وهو فعلٌ مستقبل لِما وَصَفْنا، قال:

ويدخلون الألف واللام على أَمْسِ وأُلى، قال: ودخولها على المَحْكِيَّات

لا يُقاس عليه؛ وأَنشد:

وإنِّي جَلَسْتُ اليومَ والأَمْسِ قَبْلَه

بِبابِك، حتى كادت الشمسُ تَغْرُبُ

فأََدخلهما على أََمْسِ وتركها على كسرها، وأَصل أَمْسِ أَمرٌ من

الإمْساء، وسمي الوقتُ بالأمرِ ولم يُغيَّر لفظُه، والله أَعلم.

لوم

(} اللَّوْمُ {واللَّوْمَاءُ) بِالمَدِّ كَمَا فِي التَّهْذِيبِ.
(} واللَّوْمَى) ، بِالقَصْرِ كَمَا فِي الصِّحاحِ، وضَبَطَه بَعْضٌ: بِالضَّمِّ، وهَكَذَا هُوَ فِي بَعْضِ نُسَخِ الصِّحاحِ.
( {واللاَّئِمَةُ) ، كَالنَّافلَةِ، والعَافِيَةِ:
(العَذْلُ) .
(و) تَقولُ: (} لاَمَ) عَلَيَّ كَذَا ( {لَوْمًا} ومَلامًا {ومَلامَةً) } ولَوْمَةً، وجَمْع {اللاَّئِمَةِ:} اللَّوَائِمِ، يُقال: مَا زِلْتُ أتَجَرَّعُ فيكَ {اللَّوائِمَ، وجَمْعُ} المَلاَمَةِ: {مَلاَوِمُ، كَمَا فِي الصِّحَاحِ.
(فَهُوَ} مَلِيمٌ) ، بِفَتْحِ المِيمِ، حَكَاهَا سِيبَوَيْهِ، ( {ومَلُومٌ) اسْتَحَقَّ} اللَّوْمَ، قَالَ سِيبَوَيْهِ: وإِنَّما عَدَلُوا إِلَى اليَاءِ والكَسْرَةِ اسْتِثْقَالاً للوَاوِ مَعَ الضَّمَّةِ.
( {وأَلاَمَه) } إِلاَمَةً بِمَعْنَى: {لاَمَهُ، قَالَه أَبُو عُبَيْدَةَ، وأنشَد لمَعْقِلِ بنِ خُوَيْلِدٍ الهُذَلِيِّ:
(حَمِدْتُ الله أَنْ أَمْسَى رَبِيعٌ ... بِدَارِ الهَوْنِ مُلْحِيًّا} مُلاَمَا)

أَي: {مَلُومًا. (} ولَوَّمَهُ) شُدِّدَ (للمُبَالَغَةِ) فَهُوَ:! مُلَوَّم كَمَا فِي الصِّحاحِ، قَالَ عَنْتَرَةُ: (رَبِذٍ يَدَاهُ بِالقِدَاحِ إِذَا شَتَا ... هَتَّاكِ غَايَاتِ التِّجار {مُلَوَّمِ)

أَي: يُكْرِمُ كَرَمًا} يُلاَمُ لأَجْلِه، ( {فَالْتَامَ هُوَ) .
قَالَ فِي النَّوَادِرِ:} لامَنِي فُلانٌ {فَالْتَمْتُ، ومَعَّضَنِي فَامْتَعَضْتُ وعَذَلنِي فَاعْتَذَلْتُ، وحَضَّنِي فاحْتَضَضْتُ، وأَمَرَنِي فَأْتَمَرْتُ إِذَا قِبَلَ قَولَه مِنْهُ. اه. فَهُوَ حِينَئِذٍ مُطاوِعُ} لاَمَ لاَ {أَلاَمَ} ولَوَّمَ كَمَا يَقْتَضِيهِ سِياقُ المُصَنِّفِ، وَلَو قَدَّمَه فِي الذِّكْرِ قَبْل قَولِه: {وأَلاَمَهُ كَانَ حَسَنًا.
(وقَومٌ} لُوَّامٌ) ، كَزُنَّارٍ، ( {ولُوَّمٌ) ، كَرَاكِعٍ، ورُكَّعٍ (} ولُيَّمٌ) بِاليَاءِ، غُيِّرت الوَاوُ لِقُرْبِها من الطَّرَفِ.
( {واللَّوَمُ، مُحَرَّكَةً: كَثْرَةُ العَذْلِ) ، عَن ابنِ الأَعْرابِيِّ.
(} ولاَوَمْتُه) {مُلاَوَمَةً (} لُمْتُهُ {ولاَمَنِي) ، وَفِي حَدِيثِ ابنِ أُمِّ مَكْتُوم: " ولِي قَائِدٌ لَا} يُلاوِمُني " , قَالَ ابنُ الأثِيرِ: كَذَا جَاءَ فِي رِوَايةٍ بِالوَاوِ، وأَصلُه الهَمْزُ، من المُلاءَمَةِ وَهِي المُوَافَقَةُ، ثُمَّ يُخَفَّفُ فَيَصِيرُ يَاءً، وأَمَّا الوَاوُ فَلَا وَجْهَ لَهَا.
( {وتَلاوَمْنَا كَذَلِك) كَمَا فِي الصِّحَاحِ أَيْ: كِلاهُمَا من بَابِ المُفَاعَلَةِ والتَّفَاعُلِ يَقْتَضِيَان التشارك.
(} وأَلامَ) الرَّجُلُ: (أَتَى مَا) ، وَفِي الصِّحاحِ: أَتَى بِمَا ( {يُلامُ عَلَيْه، يُقالُ:} لامَ فُلانٌ غَيْرَ {مُلِيمٍ، وَفِي المَثَلِ: ((رُبَّ} لائِمٍ {مُلِيمٌ)) قَالَتْ اُمُّ عُمَيْرِ بنِ سَلْمَى الحَنَفِيِّ تُخَاطِبُ وَلَدَها عُمَيْرًا:
(تَعُدُّ مَعَاذِرًا لاَ عُذْرَ فِيهَا ... ومَنْ يَخْذُلْ اَخَاهُ فَقَدْ} أَلامَا)

وقَالَ لُبِيدٌ:
(سَفَهًا عَذَلْتَ {ولُمْتَ غَيْرَ} مُلِيمِ ... وهَدَاكَ قَبْلِ اليَوْمِ غَيرُ حَكِيمِ)

وقَولُه تَعالَى: (فَالْتَقَمَهُ الحُوتُ وهُوَ {مُلِيم} ، قَالَ بعضُهم:} المُلِيمُ هُنَا بِمَعْنَى {مَلُوم، ونَقَلَه الفَرِّاء عَنِ العَرَبِ ايضًا: قَالَ الأزْهَرِيّ: مَنْ قَالَ:} مُلِيم بَنَاه عَلَى {لِيمَ.
(أَوْ) أَلامَ الرَّجُلُ: (صَارَ ذَا ل} لائِمَةٍ) ، قَالَه سِيبَوَيْهِ.
( {واسْتَلاَمَ إِلَيْهِم) : اسْتَذَمَّ، كَمَا فِي الصِّحاحِ، أَيْ: (أَتَاهُم بِمَا} يَلُومُونَه) عَلَيْه: قَالَ القُطَامِيّ:
(فَمَنْ يَكُنِ {اسْتلاَمَ إِلى نَوِيٍّ ... فَقَدْ أَكرمْتَ يَا زُفَرُ المَتَاعَا)

(ورجُلٌ} لُومَةٌ، بالضَّمِّ) أَي: ( {مَلُومٌ) } يَلُومُه النَّاسُ، (و) {لُوَمَةٌ (كَهُمْزَةٍ) ، أَيْ: (} لَوَّامٌ) {يَلُومُ النَّاسَ مِثْل: هُزْأَةٍ وهُزَأَةٍ كَمَا فِي الصِّحَاح، ويطَّرِد عَلَيه بَاب.
(وجَاءَ} بِلَوْمَةٍ، بِالفَتْحِ، {ولامَةٍ) ، أَيْ: (مَا} يُلامُ عَلَيْه) .
( {وتَلَوَّمَ فِي الأَمْرِ: تَمَكَّثَ وانْتَظَرَ) ، كَمَا فِي الصّحاح. وَقَالَ ابنُ بَزُرْج:} التَّلوُّمُ: التَّنَظُّرُ للأمْرِ تُرِيدُه. وَفِي حَدِيثِ عَمْرِو بنِ سَلَمَةَ الجَرْمِيِّ: " وكَانَتِ العَرَبُ {تَلَوَّمُ بإسْلامِهِم الفَتْحَ "، أَيْ تَنْتَظِرُ، وأَرَادَ} تَتَلَوَّمُ فَحَذَفَ إِحْدَى التَّاءَيْن تَخْفِيفًا. وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ الله عَنهُ: " إِذَا اَجْنَبَ فِي السَّفَرِ {تَلَوَّمَ مَا بَيْنَه وبَيْنَ آخِرِ الوَقْتِ "، اي: انْتَظَر. ونَقَلَ شَيْخُنا عَن الأنْدَلُسِيِّ شَارِحِ المُفَصَّل أَنَّ} التَّلَوُّمَ انْتِظَارُ مَنْ يَتَجَنَّبُ المَلاَمَةَ، فَتَفَعَّلَ بِمَعْنَى: تَجَنَّبَ.
(ولِيس فيهِ {لُوْمَةٌ، بِالضَّمِّ) ، أَيْ: (} تَلَوُّمٌ) ، أَيْ: تَلَبُّتٌ وانْتِظَارٌ.
( {ولِيمَ بِهِ) إِذَا (قُطِعَ) بِهِ فَهو} مَلِيمٌ.
(! واللَّوْمَةُ) ،، بِالفَتْحِ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى إِطْلاَقِه، وَفِي بَعْضِ النُّسَخ، بِالضَّمِّ: (الشَّهْدَةُ) . ومَرَّ لَهُ فِي ((ل أم)) اللِّئْمُ، بِالكَسْرِ: العَسَلُ. ( {واللاَّمُ: الهَوْلُ) ، قَالَ المُتَلَمِّسُ:
(ويَكَادُ مِنْ} لامٍ يَطِيرُ فُؤَادُهَا ... إِذَا مَرَّ مُكَّاءُ الضُّحَى المُتَنَكِّسُ)

( {كاللاَّمَةِ، واللَّوْمِ) .
(و) } اللاَّمُ (شَخْصُ الإِنْسَانِ) ، غَيْرُ مَهْمُوزَةٍ، نَقَلَه الجَوْهَرِيّ، وبِهِ فَسَّرَ ابنُ الأَعْرابِيّ قَولَ المُتَلَمِّسِ، وأَنْشَدَ الجَوْهَرِيّ لِلرَّاجِزِ:
(مَهْرِيَّة تَخْطُرُ فِي زِمَامِها ... )

(لم يُبْقِ مِنْهَا السَّيْرُ غَيْرَ {لاَمِها ... )

(و) قَالَ أَبُو الدُّقَيْشِ:} اللاَّمُ: (القُربُ) ، وبِهِ فَسَّرَ قَولَ المُتَلَمِّسِ أَيضًا.
(و) {اللاَّمُ: (الشَّدِيدُ من كُلِّ شَيْءٍ) . قَالَ ابنُ سِيدَه: وَأُرَاهُ قَدْ تَقَدَّمَ فِي الهَمْزِ.
(و) } اللاَّمُ: (حَرْفُ هِجَاءٍ) مَجْهُورٌ، يَكُونُ أَصلاً وبَدَلاً وزَائِدًا. قَالَ ابنُ سِيدَه: وإِنَّما قَضَيْتُ على أَنَّ عَيْنَهَا مُنْقَلِبَةٌ عَنْ وَاوٍ لِمَا تَقَدَّمَ فِي أَخَوَاتِهَا مِمَّا عَينُه أَلِفٌ.
( {وَلَوَّمَ} لامًا) إِذَا (كَتَبَهَا) . نَقَلَه الأزْهَرِيّ عَن النَّحْوِيِّين، كَمَا يُقالُ: كَوَّفَ كَافًا. وَفِي البَصَائِرِ: هِيَ مِنْ حُرُوفِ الذَّلاَقَة، مَخْرَجُها ذَلْقُ اللِّسَانِ جِوَارَ مَخْرَجِ النُّونِ.
(! واللاَّمُ تَرِدِ لِثَلاثِين مَعْنًى، مِنْهَا: العَامِلَةُ لِلجَرِّ، وتَرِدُ لاثْنَيْنِ وعِشْرِين مَعْنًى) .
الأولُ: (الاسْتِحْقَاقُ، نَحْو) قَوْلِهم: (الحَمْدُ لِلَّه) ؛ إِذْ هُوَ مُسْتَحِقٌّ لِلْحَمْدِ، أَيْ: مُسْتَوْجِبٌ لَهُ.
الثّاني: (الاخْتِصَاصُ) ، نَحْو (المِنْبَرُ لِلخَطٍ يبِ) ؛ إذْ هُوَ مُخْتَصٌّ بِهِ، وكَذَلِك: أَخٌ لِزَيد.
الثَّالِثُ: (التَّمْلِيكُ) ، نَحْو: (وَهَبْتُ لِزَيْدٍ) دَارًا، أَيْ: مَلَّكْتُه إِيَّاهَا، وَكَذَلِكَ: المَالُ لِزَيْدٍ. قَالَ الأزْهَرِيُّ: ((ومِنْ النَّحَوَيِّين مَنْ يُسَمِّيها: لاَمَ الإِضَافَةِ، سُمِّيَتْ لاَمَ المِلْكَ، لأَنك إِذا قُلْتَ: إِنَّ هَذَا لِزَيْدٍ عُلِمَ أَنَّه مِلْكُه، فَإِذا اتَّصَلْتْ هَذِه اللاَّمُ بالمَكْنِيِّ عَنهُ نُصِبَتْ، كَقَوْلِك: هَذَا المَالُ لَهُ ولَنَا ولَكَ ولَهَا ولَهُمَا ولَهُمْ ولَهُنَّ، وإِنَّمَا فُتِحَتْ مَعَ الكِنَايَات لأنَّ هَذِه اللاَّمَ فِي الأَصْلِ مَفْتُوحَةٌ، وإِنَّمَا كُسِرَتْ مَعَ الأسْمَاءِ لِيُفْصَلَ بَيْنَ لاَمِ القَسَمِ وبَيْن لاَمِ الإضَافَةِ، أَلاَ تَرَى أَنَّك لَو قُلْتَ: إنَّ هَذَا المَالَ لِزَيْدٍ، عُلِمَ أَنَّه مِلْكُه، وَلَو قُلْتَ: إِنَّ هَذَا لَزَيْدٌ عُلِمَ اَنَّ المَشَارَ إِلَيْه هُوَ زُيْدٌ، فَكُسِرَتْ ليُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا، وإِذَا قُلْتَ: المَالُ لَكَ، فَتَحْتَ؛ لأَنَّ اللَّبْسَ قَدْ زَالَ، قَالَ: وهَذَا قَولُ الخَلِيلِ ويُونُسَ والبَصْرِيِّينَ)) .
الــرَّابعُ: (شِبْهُ التَّمْلِيكِ) ، نَحْو قَوْلِه تَعالَى: {جعل لكم من أَنفسكُم أَزْوَاجًا} ، فَلَيْسَ فِيه التَّمْلِيكُ حَقِيقة، وإنّما هُوَ شِبْهُه.
والخَامِسُ: (التَّعْلِيلُ) ، نَحْو قَوْلِه تَعالَى: {لِتَكُونُوا شُهَدَاء على النَّاس} ، ومِنه أَيْضا قَوْلُ امْرِئِ القَيْسِ:
((ويَوْمَ عَقرتُ لِلعَذَارَى مَطِيَّتِي))

أَيْ: مِنْ أَجْلِ العَذَارَى، وكَذَا قَوْلُه تَعالَى: {وخروا لَهُ سجدا} اَيْ: مِن أَجْلِه، وأَكْرَمْتُ فُلانًا لَكَ، أَيْ: لأَجْلِك. وقَالَ الجَوْهَرِيُّ: وهِيَ لاَمُ العِلَّةِ بِمَعْنَى كَيْ، كَقَوْلِه تَعالَى: {لِتَكُونُوا شُهَدَاء على النَّاس} ، وضَرَبْتُه لِيَتَأَدَّبَ، أَيْ لِكَيْ يَتَأَدَّبَ، ولأَجْلِ اَنْ يَتَأَدَّبَ. وقَالَ الأزْهَرِيُّ: لاَمُ كَيْ كَقَوْلِكَ: جِئْتُ لِتَقُومَ يَا هَذَا، سُمِّيَتْ لاَمَ كَيْ لأَنَّ مَعْنَاهَا: لِكَيْ تَقُومَ، مَعْنَاه مَعْنَى لَام الإضَافَة أيْضًا؛ ولِذَلِك كُسِرَتْ، لأَنَّ المَعْنَى: جِئتُ لِقِيَامِك.
السَّادِسُ: (تَوْكِيدُ النَّفْي) ، نَحْو قَوْلِه تَعالَى: {وَمَا كَانَ الله ليطلعكم} قَالَ الجَوْهَرِيّ: هِيَ لاَمُ الجَحْدِ بَعْدَما كَانَ، ولَمْ يَكُنْ، وَلَا تَصْحَبُ إِلَّا النَّفْيَ كَقَوْلِه تَعالَى: {وَمَا كَانَ الله ليعذبهم} أَي: لِأَن يُعَذِّبَهُمْ.
السَّابِعُ: (مُوَافَقَةُ إِلَى) ، نَحْو قَولِه تَعالَى {بِأَن رَبك أوحى لَهَا} أَيْ: إِلَيْهَا، وكَذَلِكَ قَولُه تَعالَى: {وهم لَهَا سَابِقُونَ} أَيْ: إِلَيْهَا، وكَذَا قَولُه تَعالَى: {فَلذَلِك فَادع واستقم} ، مَعْنَاه: فَإِلى ذَلِك فادْعُ، قَالَه الزَّجَّاج وغيرُه. الثامنُ: (مُوافَقَةُ على) ، نَحْو قَوْله تَعَالَى: {ويخرون للأذقان يَبْكُونَ} أَيْ: عَلَى الأَذْقَان، وكَذّلِك قَولُه تَعالَى: {وَإِن أسأتم فلهَا} أَيْ: فَعَلَيْهَا، رَوَاهُ المُنْذَرِيُّ عَن أبِي العَبَّاس، وكَذَلِكَ قَوْلُه تَعالَى: {وتله للجبين} أَيْ: عَلَى الجَبِينِ.
التَّاسِعُ: (مُوَافَقَةُ فِي) ، نَحْو قَولِه تَعالَى: {وَنَضَع الموازين الْقسْط ليَوْم الْقِيَامَة} أَيْ: فِي يَوْمِ القِيَامَةِ، ومِنه قَولُ الشَّاعِر:
(تَوهّمتُ آياتٍ لَهَا فَعَرَفْتُها ... لِسِتَّةِ أَعْوَامٍ وذَا العَامُ سَابِعُ)

العَاشِرُ: (بِمَعْنَى: عِنْدَ) ، كَقَوْلِهم: (كَتَبْتُه لِخَمْسٍ خَلَوْنَ) ، أَيْ: عِنْدَ خَمْسٍ مَضَيْنَ أَو بَقِينَ، (وتُسَمَّى) أَيضًا: (! لاَمَ التَّارِيخِ) ، وبِذَلِكَ عَرَّفَها الجَوْهَرِيُّ، وَقَالَ: كَقَولِكَ: كَتَبْتُ لِثَلاثٍ خَلَوْنَ، أَي: بَعْد ثَلاثٍ، وأَنْشَدَ لِلرَّاعِي:
(حَتَّى وَرَدْنَ لِتَمِّ خِمْسٍ بَائِصٍ ... جُدًّا تَعَاوَرَه الرِّيَاحُ وَبِيلا)

أَي: بَعْد خِمْس، والبَائِصُ: البَعِيدُ الشَّاقّ، والجُدُّ: البِئْرُ، وأَرَادَ مَاءَ جُدٍّ. وَفِي المُحْتَسَب لابنِ جِنِّي: قَولُهم: كَتبْتُ لِخَمْسٍ خَلَوْن، أَي: عِنْد خَمْسٍ وَمَع خَمْسٍ.
الحَادِي عَشَرَ: (مُوَافَقَةُ بَعْدُ) ، نَحْو قَوِله تَعالَى: {أقِم الصَّلَاة لدلوك الشَّمْس} أَي: عِنْدَه. قَالَ ابنُ جِنِّي: وَمِنْه أَيضًا قَولُه تَعَالَى: {لَا يجليها لوَقْتهَا إِلَّا هُوَ} أَي: عِنْدَ وَقْتِها، وفَعَلْتُ هَذَا لأَوَّلِ وَقْتٍ، أَي: عِنْدَه ومَعَه.
الثَّانِي عَشَرَ: (مُوافَقَةُ مَعَ) ، كقَوْلِ الشَّاعِر:
((فَلَمَّا تَفَرَّقْنَا كأَنِّي ومَالِكًا ... لِطُولِ اجْتِماعٍ لم نَبِتْ لَيلَةً مَعَا))

أَي مَعَه، قَالَ ابنُ السِّكِيت: تَقُولُ: إِذا مَضَى شَيْءٌ فكَأَنَّه لَمْ يَكُنْ.
الثَّالِثَ عَشَرَ: (مُوافَقَةُ مِنْ) ، كَقَوْلِهِم: (سَمِعْتُ لَهُ صُراخًا) ، أَي: مِنْه.
الــرابعَ عَشَرَ: (التَّبْلِيغُ) ، نَحْو قَولِك: (قُلتُ لَهُ) ، أَي: بَلَّغْتُه.
الخامِسَ عَشَر: (مُوافَقَةُ عَنْ) ، كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَقَالَ الَّذين كفرُوا للَّذين آمنُوا لَو كَانَ خيرا مَا سبقُونَا إِلَيْهِ} ، أَي: عَن الّذِينَ آمَنُوا.
السّادِسَ عَشَرَ: (الصَّيْرُورَةُ، وَهِيَ لامُ العَاقِبَةِ! ولامُ المَآلِ) ، نَحوُ قَولِه تَعَالَى: {فالتقطه آل فِرْعَوْن ليَكُون لَهُم عدوا وحزنا} ، وَلم يَلْتَقِطُوه لِذَلكَ، وإنَّما مَآلُهُ العَدَوَاةُ، وكَذَلِك قَولُه تَعالَى: {رَبنَا ليضلوا عَن سَبِيلك} وَلم يُؤْتِهم الزِّينةَ والأَموالَ للضَّلاَلِ، وإِنَّمَا مَآلُه الضَّلالُ. وَقَالَ الفَرَّاءُ فِي قَولِه تَعَالَى: {ليضلوا} هِيَ لاَمُ كَيْ. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: هِيَ ومَا أَشْبَهَهَا بتَأْوِيلِ الخَفْضِ، أَي لِضَلاَلِهِم، قَالَ: والعَرَبُ تَقُولُ: لامُ كَيْ فِي مَعْنَى لامِ الخَفْضِ، ولامُ الخَفْضِ فِي مَعْنى لاَمِ كَيْ؛ لتَقَارُبِ المَعْنى، وسَمَّاها الجوهَرِيُّ لامَ العَاقِبةِ وأَنشَد
((فِللْمَوْتِ تَغْذُو الوَالِدَاتُ سِخَالَهَا ... كَمَا لِخَرابِ الدَّهْرِ تُبْنَى المَساكِنُ))

الصَّوَابُ ((لِخَرَابِ الدُّورِ)) كَمَا هُوَ نَصّ الصِّحَاح، أَي: عاقِبَتُه ذَلِكَ، قَالَ ابنُ بَرِّيٍّ: ومِثلُه قَولُ الآخَر:
(أَموالُنا لِذَوِي المِيرَاثِ نَجْمَعُها ... ودُورُنَا لِخَرَابِ الدَّهْرِ نَبْنِيها)

وهم لم يَبْنُوها للخَرَابِ، ولَكِن مآلُها إِلَى ذَلِكَ.
ومِثلُه قَولُ شُتَيْمِ بنِ خُوَيْلِدٍ الفَزارِيِّ:
(فإنْ يَكُنِ المَوتُ أَفْنَاهُمُ ... فلِلْمَوْت، مَا تَلِدُ الوَالِدَهْ)

أَي: مآلُهم المَوْتَ.
السَّابِعَ عَشَرَ: (القَسَمُ والتَّعَجُّبُ مَعًا، ويَخْتَصُّ باسْمِ اللهِ تَعالَى) ، كَقَوْلِ ساعِدَةَ ابنِ جُؤَيَّةَ الهُذَلِيّ:
((للهِ يَبْقَى عَلَى الأَيَّام ذُو حَيَدٍ)
أَوْ ذُو صَلودٍ مِنَ الأَوْعَالِ ذُو خَدَمِ)

والرِّواية: تالله، يُرِيدُ واللهِ، كَمَا قَرأتُ فِي دِيَوانِ شِعْره، فَحِينَئِذٍ لَا مَوْضِعَ لاستِدْلالِهِ؛ فَتَأَمَّلْ.
الثَّامِنَ عَشَرَ: (التَّعَجُّبُ المُجَرَّدُ عَنِ القَسَمِ، وتُسْتَعْمَلُ فِي) قَوْلِهِم: (لله دَرُّه) . قِيلَ: وَمِنْه قَولُه تَعَالَى: {لِإِيلَافِ قُرَيْش} أَي عَجَبًا من أُلْفَتِهم.
(و) تُسْتَعَمل (فِي النِّداءِ) بِحَذْف المُسْتَغَاث بِهِ وإبقاءِ المُسْتَغَاثِ لَه (نَحْو: يَا لِلمَاءِ، بِكَسْرِ اللَّامِ) ، يُرِيدُون يَا قَوْمِ لِلماءِ، أَي: لِلْمَاءِ أَدْعُوكُم، كَمَا فِي الصِّحاح، قَالَ: فَإِن عَطَفْتَ على المُسْتَغَاثُ بِهِ بِلاَمٍ أُخْرى كَسَرْتَها؛ لأَنَّك قد أَمِنْتَ اللَّبْسَ بالعَطْف كَقَوْل الشّاعر:
(يَبْكِيك نَاءٍ بَعِيدُ الدَّارِ مُغْتَرِبٌ ... يَا لَلْكُهُولِ ولِلشُّبَّان لِلْعَجَب)

هَكَذا أَنشدَه ابْن بَرِّيٍّ على الصَّواب.
(وأَمَّا قَوْلُه) ، أَي: الحَارِثِ بنِ حِلِّزَةَ اليَشْكُرِيّ:
((يَا لَلرِّجَالِ لِيَوْمِ الأَرْبِعَاءِ أَمَا ... يَنْفَكُّ يُحدِثُ لي بَعْدَ النُّهَى طَرَبَا))

فَسَمَّاهَا الجَوْهَرِيُّ لامَ الاستِغَاثَة، وَقَالَ: (فالَّلامَانِ جَمِيعًا للجَرِّ لَكِنَّهم فَتَحُوا الأُولّى) وكَسَرُوا الثَّانِيَةَ (فَرْقًا بَيْنَ المُسْتَغَاثِ بِهِ والمُسْتَغَاث لَهُ) ، وَقَالَ فِي قَوْلِ مُهلْهِلٍ:
(يَا لَبَكْرٍ أَنْشِرُوا لِي كُلَيْبًا ... يَا لَبَكْرٍ أَينَ أَيْنَ الفِرارُ؟ {)

إنّها لامُ استِغَاثَة، وَقَالَ بَعضُهم: أَصلُه: يَا آل بَكْرٍ، فَخَفَّفَ بحَذْفِ الهَمْزَة، كقَوْلِ جَرِير يُخاطِبُ بِشْرَ بنَ مَرْوَان لَمَّا هَجَاهُ سُرَاقَةُ البَارِقِيُّ:
(قَدْ كَانَ حَقًّا أَنْ تَقُولَ لِبَارِقٍ ... يَا آَلَ بَارِقَ فِيمَ سُبَّ جَرِيرُ؟)

التَّاسِعَ عَشَرَ: (التَّعْدِيَةُ) ، نَحْوُ قَولِك: (مَا أَضْرَبَ زَيْدًا لِعَمْرٍ و) .
الْعشْرُونَ: (التَّوكِيدُ، وَهِيَ} اللاَّمُ الزَّائِدَةُ) ، نَحْو قَولِه تَعالى: {نزاعة للشوى} ، وَقَوله تَعَالَى {يُرِيد الله ليبين لكم} .
الْحَادِي وَالْعشْرُونَ: (التَّبْيينُ) ، نَحْوُ قَوْلِك: (سَقْيًا لزَيْدٍ) ، وقَولِه تَعَالىَ: {وَقَالَت هيت لَك} فَهَذِهِ أَحَدٌ وعِشْرُونَ مَعْنًى، وسَقَط الثَّانِي والعِشْرُون سَهْوًا، أَو من النُّسَّاخ، وَهِي المُوَافِقَةُ لمِنْ كَقوْلِه تَعَالَى: {اقْترب للنَّاس حسابهم} أَي: مِنَ النَّاسِ، يُذْكَرُ بَعْد قَولِه: بمَعَنَى إِلَى، هَكَذا سَاقَه المُصَنِّف فِي البَصَائر، فهَؤُلاءِ أَقسامُ اللاَّمِ العَامِلةِ للجَرِّ.
(وأَمَّا) اللاَّمُ (العَامِلَةُ للجَزْمِ فنَحْوُ) قَولِه تَعالَى: {فليستجيبوا لي وليؤمنوا بِي} ، وَمن أَقْسَامِها: لاَمُ التَّهْدِيد، كَقولِه تَعالَى: {فَمن شَاءَ فليؤمن وَمن شَاءَ فليكفر} ، ولامُ التَّحَدِّي، كَقَوْلِه تَعالَى: {فليأتوا بِحَدِيث مثله} ، ولامُ التَّعْجِيزِ، نَحوُ قَولِه تَعالَى: {فليرتقوا فِي الْأَسْبَاب} ذَكَرها المُصَنِّف فِي البَصَائِر.
(وأَمَّا غَيْرُ العَامِلَةِ فَسَبْعٌ) . وَفِي الصِّحاح: وأَمَّا اللاَّماتُ المُتَحَرِّكَةُ فَهِيَ لامُ الأَمْرِ، ولامُ التَّوكِيدِ، ولامُ الإِضَافَةِ.
فأَمَّا لاَمُ التَّوكِيدِ فَعَلَى خَمْسَةِ أَضْرُبٍ: مِنْهَا (لامُ الابْتِدَاءِ) ، كَقْولِكَ: لَزَيدٌ أفضَلُ من عَمْرٍ و، وَهَذَا نَصُّ الصِّحاح، وَمِنْه قَولُه تَعَالَى: {وَإِن رَبك ليحكم بَينهم} . ومِنْهَا (الزَّائِدَةُ) . وَلم يَذْكُرْها الجَوْهَرِيّ فِي لامَاتِ التَّوْكيدِ (نَحْو) قَولِ الرَّاجِزِ:
(أُمُّ الحُلَيْسِ لَعَجُوزٌ شَهْرَبَهْ ... )
ومِنْها (لامُ الجَوابِ) لِلَوْ، ولِلَوْلاَ، كقَوْلِهِ تَعالَى: {لَوْلَا أَنْتُم لَكنا مُؤمنين}وَمِنْهَا: (لامُ أَلْ، ونَحْو) قَولِك: (الرَّجُل) ، وَمِنْهَا (اللاَّحِقَةُ لأَسماءِ الإِشَارَة كَمَا فِي تِلْك) ، وَمِنْهَا (لاَمُ التَّعَجُّبِ غَيرُ الجَّارَّة نَحْو) قَوْلِك: (لَظَرُفَ زَيْدٌ) ، فهَذِه الثَّلاثةُ لم يَذْكُرْهَا الجَوْهَرِيُّ فِي {لاَمَاتِ التَّوكِيدِ، وذَكَر مِنْهَا الّتي تَكُونُ فِي الفِعْلِ المُسْتَقْبل المُؤَكَّد بالنُّون كقَوْله تَعالَى: {ليسجنن وليكونن من الصاغرين} .
(} واللاَّمِيَّةُ: باليَمَنِ) كأَنَّهَا نُسِبَتْ إِلَى بَنِي لاَمٍ، مِنْ بَنِي طَيِّئ، ثمَّ خُفِّفَتْ. [] ومِمَّا يُسْتَدْرَك عَلَيْهِ:
{لاَمَه} يَلُومُه: أَخْبَرَه بأَمْرِه، عَن سِيبَوَيهِ.
{واللُّوَامَةُ، بالضَّمِّ: الحَاجَةُ، وَقد} تَلَوَّمَ على {لُوَامَتِه، أَيْ: حَاجَتِه، وقَضَى القَومُ} لُوَامَاتٍ لَهُم، أَي: حَاجَاتٍ.
{والمُتَلَوِّم: المُتَعَرِّضُ} لِلاَّئِمَةِ فِي الفِعْلِ السَّيِّئ.
وأَيضًا: المُنْتَظِرُ لِقَضَاءِ حَاجَتِه.
{واللاَّئِمَةُ: الحَالَةُ الَّتِي} يُلامُ فَاعِلُها بِسَبَبِها.
{وَتَلومَّ: تَتَبَّعَ الدَّاءَ ليَعْلَمَ مَكَانَه، قَالَه المَيْدَانِيُّ فِي شَرْحِ المَثَل: ((لأَكوِيَنَّهِ كِيَّةَ} المُتَلَوِّم)) ، يُضْرَبُ فِي التَّهْدِيدِ الشَّدِيدِ المُحَقَّقِ.
{واللاَّمِيُّ: صَمغُ شَجَرةٍ اَبيَضُ يُعْلَكُ.
والنَّفسُ} اللَّوَّامةُ هِيَ الَّتِي اكْتَسَبَتْ بَعضَ الفَضِيلةِ {فتَلُومُ صَاحِبَها إِذا ارتَكَبَتْ مَكْرُوهًا.
ورَجُلٌ} لَوَّامَةٌ: كَثِيرُ {اللَّوْمِ.
وَهُوَ} أَلْوَمُ مِنْ فُلانٍ: أَحَقُّ باَنْ {يُلاَمَ.
وَهُوَ} مُسْتَلِيمٌ: مُسْتَحِقٌّ {للَّوْمِ.
} واسْتَلامَ إِلَى ضَيْفِه: لم يُحْسِنْ إِليه.
! ولَوْمَا بمَعْنَى: هَلاَّ، وَهُوَ حَرْفٌ من حُروفِ المَعانِي مَعْناه التَّحْضِيضُ، كَقَوْلِه تَعالَى: {لَو مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ} ، وَقَالَ أَبُو حَاتِم: اللاَّمُ فِي قَوْلِه تَعالَى: {لِيَجْزِيَهُم الله أحسن مَا كَانُوا يعْملُونَ} إنَّها لاَمُ اليَمِينِ كَأَنَّه قَالَ: لَيَجْزِيَنَّهم الله، فَحَذَفَ النُّونَ، وكَسَرَ اللاَّمَ وكانَت مَفْتُوحَةً، فأَشْبَهَتْ فِي اللَّفظ لاَمَ كَيْ، فنَصَبُوا بهَا كَمَا نَصَبُوا بلاَمِ كَيْ، ورَدَّه ابنُ الأَنبارِيِّ وَقَالَ: لاَمُ القَسَمِ لَا تُكْسَرُ وَلَا يُنْصَبُ بِهَا، وأَيَّده الأَزْهَرِيُّ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: ((سأَلتُ أَبَا العَبَّاسِ عَن اللاَّمِ فِي قَوْله تَعَالَى: {ليغفر لَك الله} قَالَ: هِيَ لاَمُ كَيْ، أَي: لِكَي يَجْتَمِعَ لَكَ مَعَ المَغْفِرَةِ تَمامُ النِّعْمَة فِي الفَتْح، فَلَمَّا انْضَمَّ إِلَى المَغْفِرَةِ شَيءٌ حادِثٌ واقِعٌ حَسُنَ مَعْنَى كَي)) .
وَمن أَقْسَامِ {اللاَّمَاتِ:
} لاَمُ الأَمْرِ كَقَوْلِك: ليَضْرِبَ زَيدٌ عَمرًا، وإنَّما كُسِرَتْ ليُفَرَّقَ بَيْنَها وبَيْن لاَمِ التَّوكِيدِ، وَلَا يُبالَى بشَبَهِها بِلاَمِ الجَرِّ؛ لأَنَّ لاَمُ الجَرِّ لَا تَقَعُ فِي الأَفْعَالِ، وهَذِه اللاَّمُ أَكثرُ مَا استُعمِلَتْ فِي غَيرِ المُخَاطَبِ، وَهِي تَجْزِمُ الفِعْلَ، فَإِن جاءَت للمُخَاطِبِ لم يُنْكَر، قَالَ الله تَعالَى: {فبذلك فليفرحوا} ، [ورُوِيَ عَن زَيْدِ بنِ ثَابِتٍ أَنَّهُ قَرَأَ: {فَبِذَلِكَ فَلْتَفْرَحُوا} ] ، ويُقَوِّيه قِراءَةُ أُبَيٍّ (فَبِذَلِكَ فَافْرَحُوا) ، وقَرَأَ يَعْقُوبُ الحَضْرَمِيُّ أَيضًا بالتَّاء، وَهِي جَائِزة، وَكَانَ الكِسائِيُّ يَعِيبُ على هذِه القِراءة وَمِنْهَا: لاَمُ أَمْرِ المُوَاجَهِ، قَالَ الشَّاعر:
(قُلتُ لبَوَّابٍ لَدَيْه دَارُهَا ... تِئْذَنْ فإنِّي حَمْؤُها وجَارُها) أَرادَ لِتَأْذَنَ، فَحَذَفَ اللاَّمَ وكَسَرَ التَّاءَ كَمَا فِي الصِّحاح.
وَقَالَ الزَّجَّاجُ: قَولُه تَعالى: {ولنحمل خطاياكم} بسُكُونِ اللاَّمِ وكَسْرِها وَهُوَ أَمْرٌ فِي تَأْوِيل الشَّرط.
وَقَالَ الجوهَرِيُّ: اللاَّمُ السَّاكِنَةُ على ضَرْبَيْن.
أَحدُهما: لامُ التَّعْرِيفِ، ولِسُكونِهَا أُدْخِلَتْ عَلَيْهَا اَلِفُ الوَصْلِ؛ لِيَصِحَّ الابْتِداءُ بهَا، فَإِذا اتَّصَلْتْ بِمَا قَبْلَهَا سَقَطَتِ الأَلِفُ كَقَولك: الرَّجُلُ.
وَالثَّانِي: لاَمُ الأَمر، إِذا ابتَدَأْتَ بهَا كَانَت مَكْسُورَة، وإِنْ أَدْخَلْتَ عَلَيْهَا حَرْفًا من حُرُوفِ العَطْف جَازَ فِيهَا الكَسْرُ والتَّسْكينُ، كقَولِه تَعالَى: {وليحكم أهل الْإِنْجِيل} .
وَمِنْهَا اللاَّمَاتُ الَّتِي تُؤكَّدُ بهَا حُروفُ المُجَازَاةِ، ويجَابُ بلاَمٍ أُخْرى تَوْكِيدًا، كَقَوْلِكَ: لَئِنْ فَعَلْتَ كَذَا لَتَنْدَمَنَّ.
ومِنَ اللاَّمَاتِ الَّتِي تَصْحَبُ إِنْ فَمَرَّةً تَكونُ بِمَعْنَى إِلاَّ، ومَرَّةً تَكونُ صِلةً وتَوْكِيدًا كَقَوْلِه تَعالَى: {إِن كَانَ وعد رَبنَا لمفعولا} ، فَمَنْ جَعَلَ إِنْ جَحْدًا جَعَلَ اللاَّمَ بِمَنْزِلة إِلاَّ مَفْعُولاً، ومَنْ جَعَلَ إِنْ بِمَعْنَى قَدْ جَعَلَ اللاَّمَ تَأْكِيدًا، وَمثله قَولُه تَعالَى: {إِن كدت لتردين} ، يَجُوزُ فيهِ المَعْنَيَانِ.
ورَوَى المُنْذِرِيُّ عَن المُبَرِّد قَالَ: إِذا اسْتَغَثْتَ بِواحِدٍ أَو بجَمَاعةٍ! فاللاَّمُ مَفْتُوحَةٌ، وكَذَلِك إِذا كُنْتَ تَدْعُوهم، فأَمَّا لاَمُ المَدْعُوِّ إِلَيْهِ فإِنَّها تُكْسَرُ. ويَقُولُون: يَا لَلْعَضِيهَةِ، وَيَا لَلأَفِيكَةِ، فإِنْ أَردْتَ الاستِغَاثَةَ نَصَبْتَ اللاَّمَ، أَو الدُّعَاءَ بِمَعْنَى التَّعَجُّب مِنْهَا كَسَرْتَها، كأَنَّكَ أَردْتَ: يَا أَيُّها الرَّجلُ اعْجَبْ للعَضِيهَةِ، وَيَا أَيُّها النَّاس اعْجَبُوا للأَفِيكَة. وَقَالَ ابنُ الأَنبارِيّ: لاَمُ الاستِغَاثَةِ مَفْتُوحَةٌ، وَهِي فِي الأَصْلِ {لاَمُ خَفْضٍ إِلاّ أَنّ الاستِعْمَال فِيهَا قد كَثُرَ مَعَ يَا، فجُعِلاَ حَرْفًا واحِدًا.
ومِنَ} اللاَّمَاتِ {لاَمُ التَّعْقِيبِ للإضَافَةِ، وَهِي تَدْخُلُ مَعَ الفِعْلِ الّذي مَعْنَاه الاسْمُ، كقَوْلِك: فلانٌ عابِرٌ للرُّؤْيَا، وعَابِرُ الرُّؤْيا، وفلانٌ راهِبٌ رَبَّه، ورَاهِبٌ لِرَبِّه.
ومِنْها} اللاَّمُ الأصلِيَّةُ كَقَوْلِك: لَحْمٌ، لَعِسٌ، لَوْمٌ.
ومِنْهَا الزَّائِدَةُ فِي الأَسْمَاءِ وَفِي الأَفْعَالِ، كَقَوْلِك: فَعْمَلٌ للفَعْمِ، وَهُوَ المُمْتَلِئُ. وناقة عَنْسَلٌ للعَنْسِ الصُّلْبةِ. وَفِي الأَفعال كَقْولك: قَصْمَلَه، أَي: كَسَرَه، والأصلُ: قَصَمَه، وَقد زَادُوها فِي ذَاكَ، فَقَالُوا: ذَلِك، وَفِي أُولاَكَ، فَقَالُوا: أُولاَلِك.
وأَمَّا {اللاَّمُ الَّتِي فِي لَقَد فإنَّها دَخَلَت تأْكِيدًا لِقَدْ، فاتَّصَلَتْ بهَا كَأنَّها مِنْهَا.
وكَذَلِك اللاَّمُ الّتي فِي لَمَا مُخَفَّفَةً.
قالَ الأَزْهَرِيُّ: ومِنَ} اللاَّمَاتِ مَا رَوَىَ ابنُ هَانِئٍ عَن أَبِي زَيْدٍ، يُقالُ: رأيتُ اليَضْرِبُك، أَي: الَّذِي يَضْرِبُك، قَالَ: وأَنْشَدَنِي المُفَضَّلُ:
(يَقُولُ الخَنَا وأَبْغَضُ العُجْمِ نَاطِقًا ... إلَى رَبِّنَا صَوتُ الحِمَارِ اليُجَدَّعُ)

يُرِيدُ: الَّذي يُجَدَّعُ.
والعَرَبُ تَقُولُ: هُوَ الحِصْنُ أَنْ يُرَامَ، وَهُوَ العَزِيزُ أَنْ يُضَامَ، مَعْنَاه: أَحْصَنُ مِنْ أَنْ يُرَام، وأَعَزُّ مِنْ أَنْ يُضَام.
وَقَالَ ابنُ الأَنبارِيِّ: العَرَبُ تُدخِلُ الأَلِفَ واللاَّمَ على الفِعْلِ المُسْتَقْبَلِ على جِهَةِ الاخْتِصَاص والحِكَاية، وأَنْشَدَ للفَرَزْدَق:
(مَا اَنْتَ بالحَكَم التُّرْضَى حُكُومَتُه ... وَلَا الأَصِيلِ ولاَ ذِي الرَّأْيِ والجَدَلِ)

وَمن {اللاَّمَاتِ مَا هُوَ بمَعْنَى: لَقَد، نَحوُ قَوْله: لَهَانَ عَلَيْنَا، أَيْ: لَقَدْ هَانَ عَلَيْنا.
ولاَمُ التَّمَيِيزِ كَقَوْلِه تَعالَى: (لاَنْتُم أَشَدُّ رَهْبَةً) .
} ولاَمُ التَّفْضِيل كَقَوْلِه تَعالَى: {لأمة مُؤمنَة خير من مُشركَة} .
ولاَمُ المَدْح: {ولنعم دَار الْمُتَّقِينَ} .
ولاَمُ الذَّمِّ: {فلبئس مثوى المتكبرين} .
! واللاَّمُ المَنْقُولَةُ: {يَدْعُوا لَمَن ضَرَّه} واللاَّمُ المُقْحَمَةُ: {عَسى أَن يكون ردف لكم} اي: رَدِفَكُم، وبِمَا ذَكَرْنَا تَعْلَمُ مَا فِي كَلاَمِ المُصَنِّف من القُصُورِ.

الوتد

(الوتد) مَا رز فِي الأَرْض أَو الْحَائِط من خشب وَفِي أمثالهم (أذلّ من وتد) والهنية النَّاشِزَة فِي مقدم الْأذن وَمَا كَانَ فِي الْعرُوض من أَجزَاء التفاعيل على ثَلَاثَة أحرف وَهُوَ على ضَرْبَيْنِ أَحدهمَا حرفان متحركان يتلوهما سَاكن وَهُوَ الوتد المقرون نَحْو فعو وعلن وَالثَّانِي حرفان متحركان بَينهمَا سَاكن وَهُوَ الوتد المفروق نَحْو لات من مفعولات (ج) أوتاد وأوتاد الأَرْض الْجبَال وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {ألم نجْعَل الأَرْض مهادا وَالْجِبَال أوتادا} وأوتاد الْبِلَاد رؤساؤها وأوتاد الْفَم أَسْنَانه وأوتاد الصُّوفِيَّة أَرْبَعَة رجال مَنَازِلهمْ على منَازِل أَرْبَعَة أَرْكَان من الْعَالم شَرْقي وَغَرْبِيٌّ وشمالي وجنوبي مَعَ كل وَاحِد مِنْهُم مقَام تِلْكَ الْجِهَة
الوتد:
[في الانكليزية] Iambic ،declination ،ascension
[ في الفرنسية] Iambe ،descendant ،ascendant
بالفتح وسكون التاء المثناة الفوقانية، عند أهل العروض تطلق على سبيل الاشتراك على شيئين: أحدهما: وتد مجموع، وهو لفظة من ثلاثة حروف، الحرفان الأوّلان منهما متحرّكان والثالث ساكن مثل: دعا. والثاني: وتد مفروق، وهو لفظة من ثلاثة أحرف أوسطها ساكن، والطرفان متحرّكان مثل: رأس. هكذا في عروض سيفي وغيره. وأمّا عند أهل الهيئة فهو اسم جزء معيّن من أجزاء فلك البروج. والأوتاد أربعة. فالجزء الذي هو من منطقة البروج على الأفق الشرقي فذاك يقال له الوتد الأول والوتد الطالع. والجزء الذي على الأفق الغربي، في هذه الحالة يعني في حالة كون ذلك الجزء المسمّى بالوتد الأوّل على الأفق الشرقي، فذاك ما يقال له الوتد السابع والوتد الغارب. إذا، الوتد الأول والوتد السابع كلاهما متقابلان.
والجزء الذي يكون بينهما فوق الأرض فيقال له وتد السّماء والوتد العاشر. والجزء الذي يكون في نصف المسافة بينهما تحت الأرض فيقال له: الوتد الــرابع ووتد الأرض. فإذا كان برج وتد السّماء العاشر برج الطالع فيقال لتلك الأوتاد: الأوتاد القائمة. وإذا كان الحادي عشر من الطالع فيقال لها: الأوتاد المائلة. وإذا كان التاسع من الطالع فيقال لها الأوتاد الزائلة.
وكلام شارح التذكرة يوهم أنّ الأوتاد القائمة إنّما يقال لها قائمة إذا كان الجزء العاشر في منتصف المسافة بين الطالع والغارب. وذلك حين يكون قطب البروج على الأفق أو على دائرة نصف النهار بشرط أن لا يكون على سمت الرأس، كذا ذكر عبد العلي البرجندي في شرح العشرين بابا وقد مضى بيان ذلك في لفظ طالع. والأوتاد عند أهل الرّمل تطلق على عدد من المعاني فيقولون: الرّتبة (خانه) الأولى والــرابعــة والسابعة والعاشرة كلّ منها وتد. والرتبة الثانية والخامسة والثامنة والحادية عشرة يقال لكلّ منها: وتد مائل. والرتبة الثالثة والسادسة والتاسعة والثانية عشرة يقال لكلّ منها: وتد زائل، كما يقال: ساقط عن الوتد باعتبار أنّ كلّ واحد من هذه الرّتب ليس له نظر للطالع.
ويقال للثالثة عشرة والــرابعــة عشرة والخامسة عشرة والسادسة عشرة، لكلّ واحدة منها، وتد الوتد. هكذا في بعض الرسائل.

وما يقال في الانقلاب: وتد الوتد، لأنّ الأوتاد يضربونها في الشواهد. فالظّاهر هو أنّ هذا القول بناء على حذف المضاف، يعني أشكال الأوتاد تضرب في الشواهد. كما يحتمل أنّ إطلاق الأوتاد على الأشكال الواقعة في الأوتاد هو إطلاق مجازي من قبيل إطلاق اسم المحلّ على الحال. والله اعلم بحقيقة الحال.

وما يقال في سير النقطة: إنّ الرتبة الأولى والخامسة والتاسعة والثالثة عشرة هي نارية، والثانية والسادسة والعاشرة والــرابعــة عشرة هي هوائية، والثالثة والسابعة والحادية عشرة والخامسة عشرة هي مائية، والــرابعــة والثامنة والثانية عشرة والسادسة عشرة هي ترابية. وأنّ الرتبة الأولى من الرّتب النارية والهوائية والمائية والترابية هي: وتد ناري، ووتد هوائي، ووتد مائي، ووتد ترابي. إذا، فالرّتبة الأولى هي وتد ناري والثانية وتد هوائي والثالثة وتد مائي والــرابعــة وتد ترابي. وكذلك فالرتبة الثانية من رتب النار والهواء والماء والتراب هي وتد ناري مائل، ووتد هوائي مائل، ووتد مائي مائل، ووتد ترابي مائل. فحينئذ تكون الخامسة: وتد ناري مائل، والسادسة: وتد هوائي مائل، والسابعة وتد مائي مائل، والثامنة وتد ترابي مائل. وعلى هذا القياس تكون الثالثة من كل الرتب النارية والهوائية والمائية والترابية: وتد ناري زائل، ووتد هوائي زائل. ووتد مائي زائل، ووتد ترابي زائل.

وتكون الــرابعــة من الرتب المذكورة: وتد الوتد الناري، ووتد الوتد الهوائي، ووتد الوتد المائي، ووتد الوتد الترابي. وفائدة هذا أنّه يستعمل في الحساب. ويقولون: الوتد دليل الآحاد، والمائل دليل العشرات، والزائل دليل المئات، ووتد الوتد دليل الألوف.

وما يقال أيضا في سير النقطة: إذا كانت النقطة في عنصرها فهي وتد، أي أنّ لها قوة الوتد، وإذا كانت في الثانية من عنصرها فهي الوتد المائل. وإن كانت في عنصرها الثالث فهي وتد زائل. وإن كانت في عنصرها الــرابع فهي وتد الوتد. فمثلا: نقطة نارية في الرّتب النارية فهي وتد. وفي الرتب الهوائية فهي الوتد المائل، وفي الرّتب المائية فهي الوتد الزائل، وأمّا في الرّتب الترابية فوتد الوتد. وهكذا النقطة المائية في الرتب المائية وتد. وفي الرتب الترابية وتد مائل. وفي الرتب النارية فهي وتد زائل، وفي الرتب الهوائية فهي وتد الوتد. وعلى هذا القياس نقطة الهواء ونقطة التراب.

واعلم: أنّ النقطة المطلوبة إذا كانت في الوتد فهي جيّدة ودليل على العزّة والقيمة لذلك الشيء وشهرته في كلّ الآفاق. وأمّا إذا كانت في رتبة الوتد المائل فقيمتها وقدرها في حدود الوسط وشهرتها في بعض الآفاق. وأمّا إذا كانت في الوتد الزائل فهي دليل على انعدام القيمة والقدر والعزّة لذلك الشيء وعلى ضعف شهرته في جميع الآفاق.
وإذا كانت النقطة في الوتد تحقّق المطلوب بدون مانع، فيكون العمل عظيما. وأمّا في وتد الوتد فسيمدّه شخص آخر فيحصل المطلوب.
وأمّا في المائل فاحتمال الحصول ممكن، ولكنه في الزائل فدليل على عدم تحقّق شيء. والوتد أيضا دليل على الحال، يعني أنّ شيئا بالفعل سيوجد. والمائل دليل على المستقبل. يعني بعد هذا سيوجد. ويسأل عن المستقبل. والزائل ضعيف ويدلّ على الماضي يعني يسأل عن الماضي. وأمّا وتد الوتد فدليل على التوقّف، هذا كلّه خلاصة ما في (السرخاب). والأوتاد عند السالكين أربعة أشخاص من أولياء الله تعالى، وهم معيّنون لأركان العالم الأربعة. ففي المغرب: عبد العليم. وفي المشرق: عبد الحيّ. وفي الشمال: عبد المريد. وفي الجنوب: عبد القادر. وهم ببركتهم يحافظون على جملة الدنيا وعمارتها. كذا في كشف اللغات.

ومثله في مجمع السلوك حيث قال: ذكر في اصطلاح الصوفية أنّ الأوتاد هم الرجال الأربعة الذين على منازلهم الجهات الأربع من العالم، أي المشرق والمغرب والجنوب والشمال، بهم يحفظ الله تلك الجهات لكونهم محالّ نظره تعالى.

ويقول في مرآة الأسرار: أمّا الذي في المشرق فاسمه عبد الرحمن، والذي في المغرب فاسمه عبد الودود، والذي في الجنوب فاسمه عبد الرحيم، والذي في الشمال فاسمه عبد القدوس، فإذا مات أحدها حلّ محلّه أحد نوابه.
فأركان العالم الأربعة عامرة بوجود هؤلاء الأوتاد الأربعة، كما أنّ الجبال سبب في استقرار الأرض.

لبب

(لبب) الْحبّ جرى فِيهِ الدَّقِيق وَالرجل جَمِيع ثِيَابه عِنْد نَحره فِي الْخُصُومَة ثمَّ جَرّه وَيُقَال صرخَ إِلَيْهِم ولبب جعل ثَوْبه فِي عُنُقه ثمَّ قبض على تلبيب نَفسه وصرخ وَهَكَذَا يفعل منذرهم
(لبب) : كَلْبٌ تقُولُ: لَبَّبَ بالثَّوب: أَشارَ به.
(ل ب ب) : (التَّلْبِيَةُ) مَصْدَرُ لَبَّى إذَا قَالَ لَبَّيْكَ وَالتَّثْنِيَةُ لِلتَّكْرِيرِ وَانْتِصَابُهُ بِفِعْلٍ مُضْمَرٍ وَمَعْنَاهُ إلْبَابًا لَكَ بَعْدَ إلْبَابٍ أَيْ لُزُومًا لِطَاعَتِكَ بَعْدَ لُزُومٍ مِنْ أَلَبَّ بِالْمَكَانِ إذَا قَامَ (وَاللَّبَّةُ) الْمَنْحَرُ مِنْ الصَّدْرِ (وَلَبَبُ الدَّابَّةِ) مِنْ سُيُورِ السَّرْجِ مَا يَقَعُ عَلَى لَبَنِهِ (وَلَبَّبَ) خَصْمُهُ فَعَتَلَهُ إلَى الْقَاضِي أَيْ أَخَذَ تَلْبِيبَهُ بِالْفَتْحِ وَهُوَ مَا عَلَى مَوْضِعِ اللَّبَبِ مِنْ ثِيَابِهِ (وَفِي الْحَدِيثِ) «أَنَّهُ صَلَّى فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ مُتَلَبِّبًا» أَيْ مُتَحَزِّمًا وَأَمَّا قَوْلُهُ إذَا لَبَّبَ قَمِيصَهُ حَرِيرًا فَمِنْ اسْتِعْمَالِ الْفُقَهَاءِ وَمَعْنَاهُ خَاطَ الْحَرِيرَ عَلَى مَوْضِعِ اللَّبَبِ مِنْهُ (وَلُبَابَةُ) بِنْتُ الْحَارِثِ الْعَامِرِيَّةُ أُمُّ الْفَضْلِ زَوْجَةُ الْعَبَّاسِ عَمِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -.
(لبب) - في حديث صَفيَّة - رضي الله عنها -: "أَضْرِبُه كى يَلَبَّ" من اللُّبّ وهو العَقْلُ.
يُقَال: لَبِبْتُ ألَبُّ لُبًّا، ولَبُبتُ أَلَبّ: عَقَلتُ فهو لَبِيبٌ.
- في حدِيث عُمَر: "فلبَبْتُه"
: أي اخذتُ بِتَلْبِيبه، وجَعلتُ في عُنُقه حَبلاً أو نَحوَه
- وفي حديث عبد الله بن عَمْرٍو - رضي الله عنهما -: "أنه أَتى الطَّائفَ فإذا هو يَرَى التُّيُوسَ تَلِبُّ " من اللَّبلَبَةِ؛ وهي حِكايَةُ صَوْت التَّيّسِ عند السِّفَاد.
وأهلُ نَجْدٍ يقولون: لَبَّ يَلِبُّ، كفَرَّ يَفِرُّ.
- في الحديث : "لَبَّىْ يدَيْك"
جوابُ لَبَّيْكَ في حديث علقمة: إنّي أطيعُكَ وأتَصرّفُ بإرادَتك كالشىّءِ الذي تُصَرِّفُه بيدَيكَ.
قال يونس: هو لَبَّى قُلِبَتْ ألِفُه ياءً عند الإضافة إلى المُضمَرِ، كما فعل بعَلَيكَ وإليكَ. وقال سيبويه: إنّما هو لَبَّ.
لبب وَقَالَ أَبُو عبيد: فِي حَدِيث النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام أَنه لما خرج إِلَى مَكَّة عرض لَهُ رجل فَقَالَ: إِن كنت تُرِيدُ النِّسَاء الْبيض والنوق الْأدم فَعَلَيْك ببني مُدْلِج فَقَالَ: [إِن -] اللَّه منع من بني مُدلج لصلتهم الرَّحِم وطعنهم فِي ألباب الْإِبِل. وَبَعْضهمْ يرويهِ: فِي لَبّات [الْإِبِل -] . قَوْله: وطعنهم فِي ألباب الْإِبِل فقد يكون ألباب فِي مَعْنيين: أَحدهمَا أَن يكون أَرَادَ جمع اللب ولب كل شَيْء خالصه كَقَوْلِك: 75 / الف لب الطَّعَام / ولب النَّخْلَة وَغير ذَلِك يَقُول: فَإِنَّمَا ينحرون خَالص إبلهم وكرائمها. وَالْوَجْه الآخر أَن يكون أَرَادَ جمع اللبب وَهُوَ مَوضِع المنحر من كل شَيْء. ونرى أَن لبب الْفرس إِنَّمَا سمي بِهِ لهَذَا وَلِهَذَا قيل: لبّبت فلَانا إِذا جمعت ثِيَابه عِنْد صَدره ونحره ثمَّ جررته وَإِنَّمَا وَصفهم أَنهم أهل جود بِأَمْوَالِهِمْ وصلَة لأرحامهم. وَالَّذِي يُرَاد من هَذَا الحَدِيث أَن الْإِحْسَان والصلة يدفعان السوء وَالْمَكْرُوه. قَالَ أَبُو عبيد: وَإِن كَانَ الْمَحْفُوظ هُوَ لبات فان اللبة مَوضِع النَّحْر ثمَّ جمعهَا لبات.
ل ب ب: (أَلَبَّ) بِالْمَكَانِ (إِلْبَابًا) أَقَامَ بِهِ وَلَزِمَهُ. وَ (لَبَّ) لُغَةٌ فِيهِ. قَالَ الْفَرَّاءُ: وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ (لَبَّيْكَ) أَيْ أَنَا مُقِيمٌ عَلَى طَاعَتِكَ وَنُصِبَ عَلَى الْمَصْدَرِ كَقَوْلِكَ: حَمْدًا لِلَّهِ وَشُكْرًا. وَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يُقَالَ: لَبًّا لَكَ. وَثُنِّيَ عَلَى مَعْنَى التَّأْكِيدِ أَيْ إِلْبَابًا بِكَ بَعْدَ إِلْبَابٍ وَإِقَامَةً بَعْدَ إِقَامَةٍ. قَالَ الْخَلِيلُ: هُوَ مِنْ قَوْلِهِمْ: دَارُ فُلَانٍ تَلُبُّ دَارِي بِوَزْنِ تَرُدُّ أَيْ تُحَاذِيهَا أَيْ أَنَا مُوَاجِهُكَ بِمَا تُحِبُّ إِجَابَةً لَكَ. وَالْيَاءُ لِلتَّثْنِيَةِ وَفِيهَا دَلِيلٌ عَلَى النَّصْبِ لِلْمَصْدَرِ. وَ (اللُّبُّ) الْعَقْلُ وَجَمْعُهُ (أَلْبَابٌ) وَ (أَلُبٍّ) كَأَشُدٍّ. وَرُبَّمَا أَظْهَرُوا التَّضْعِيفَ لِضَرُورَةِ الشِّعْرِ فَقَالُوا: (أَلْبُبٍ) كَأَرْجُلٍ. وَ (اللَّبِيبُ) الْعَاقِلُ وَجَمْعُهُ (أَلِبَّاءُ) بِوَزْنِ أَشِدَّاءَ وَقَدْ (لَبِبْتَ) يَا رَجُلُ بِالْكَسْرِ (لَبَابَةً) بِالْفَتْحِ أَيْ صِرْتَ ذَا لُبٍّ. وَحَكَى يُونُسُ: (لَبُبْتَ) بِالضَّمِّ وَهُوَ نَادِرٌ لَا نَظِيرَ لَهُ فِي الْمُضَاعَفِ. وَخَالِصُ كُلِّ شَيْءٍ (لُبُّهُ) . وَالْحَسَبُ (اللُّبَابُ) بِالضَّمِّ الْخَالِصُ. وَ (اللَّبَّةُ) بِوَزْنِ الْحَبَّةِ الْمَنْحَرُ. 
ل ب ب

هو لبّ اللوز وغيره ولبابه. وفي حديث الحسن: " لباب البر بلعاب النحل " ورأيته يلب اللوز: يكسره ويستخرج لبه. وحبب البر ولبب: صار له حبّ ولب. وألبّ بالمكان وأربّ: أقام. وامرأة واضحة اللباب، وطعن في لبّة البعير وهي منحره وموضع قلادتها، وألببت الفرس: عرضت اللبب على لبته، وأخذ بتلبيبه وهو ما في موضع اللبب من ثيابه. ولبّبه فعتله. وصرخ إليهم ولبّب: جعل قوسه في عنقه ثم قبض على تلبيب نفسه وصرخ وهكذا يفعل صارخهم. قال:

إنا إذا الداعي اعترى ولبباً

وتلبب الرجل: تحزم. وفي الحديث: " إنه صلى في ثوب واحد متلبّباً به " وقال:

واستلأموا وتلّببوا ... إن التلبّب للمغير

ولبلبت الشاة بولدها إذا لحسته وألطفته بشفتيها وتعطّفت عليه، ومنه: اللّبلاب: لالتوائه على الغصوب.

ومن المجاز: هو ذو لب، وهو من أولي الألباب، وهو لبيب من الألباء، وقد لب يلب لبابةً. وأخذ لبابه: خالصه. وهو من لباب الإبل. ورجل لباب من قوم لباب. وحسب لباب. قال:

أليس بذي المكارم في قريش ... إذا عدّت وذي الحسب اللباب

وأقبل عليه بلبه وببنات ألببه وألببه بالفتح والضمّ، وأنا أحبك من بنات أببي أي من أصل نفسي. وأخذوا في لبب الرمل وهو ما بين يده من الرمل الرقيق إلى جلد الأرض. وهو بلبب الوادي، ولبّبوا واستلببوا: أخذوا فيه. وهو رخيّ اللبب: واسع الصدر. وهو في لببٍ رخيٍّ: في سعة حال. وذاك الأمر منه في لبب رخيّ: في بال واسع. ولبلبت به: أشفقت. قال:

ومنا إذا حزبتك الأمور ... عليك الملبلب والمشبل

وهو محبّ له بلبالب قلبه. ومررت بحيّ ذي لبالب وظباظب: ذي جلبتين جلبة الغنم وجلبة الإبل. قال:

وخصفاء في عام مياسير شاؤه ... لها حول أطناب البيوت لبالب

الخصفاء: غنم مختلطة من ضأن ومعز، والمياسير: من يسّرت الغنم إذا ولدت وكثرت ألبانها.
[لبب] نه: فيه: "لبيك" اللهم، من التلبية: إجابة المنادي، أي إجابتي لك يا رب، من لب بالمكان وألب- إذا أقام به، وألب عليه- إذا لم يفارقه، أو اتجاهي وقصدي إليك يا رب، نحو: داري تلب دارك، أي تواجهها، أو إخلاصي لك كحسب لباب أي خالص مخلص، ومنه لب الطعام ولبابه. ومنه ح علقمة قال للأسود: يا أبا عمر! قال: "لبيك" قال: لبي يديك، أي سلمت يداك وصحتا، وحقه: يداك، فقال: يديك، لمشاكلة: لبيك، وقيل: معناه أطيعك وأتصرف بإرادتك وأكون كشيء تصرفه بيديك كيف شئت. ط: ومنه: إلا "لبى" من على يمينه، أتى بمن إخراجًا إلى جملة ذوي العقول، منقطع الأرض من هنا وههنا أي إلى منتهى الأرض من جانب الشرق والغرب، أي يوافقه في التلبية كل شيء في الأرض. نه: وفيه: إن اللع منع مني بني مدلج لصلتهم الرحم وطعنهم في "ألباب" الإبل، هي جمع لب: خالص كل شيء، أراد خالص إبلهم وكرائمها، وقيل: جمع لبب وهو المنحر، وبه سمي لبب السرج، وروى: لبات الإبل جمع لبة: الهزمة التي فوق الصدر منحر الإبل. ومنه ح: أما تكون الذكاة إلا في الحلق و"اللبة". ط: الهمزة للاستفهام و"ما" نافية، سأل أن الذكاة منحصرة فيهما دائمًا، فأجاب: إلا في الضرورة. ك: هو بفتح لام فموحدة مشددة: موضع قلادة من الصدر. ومنه: فشق ما بين نحره إلى "لبته" وفرغ- بتشديد راء، ومنه: فانفجر من "لبته" وفي بعضها: من ليته: بكسر لام فتحتيه ساكنة: صفحة العنق، وروى: من ليلته. نه: وفيه: إنا حي من مذحج عباب سلفها و"لباب" شرفها، هو الخالص من كل شيء كاللب. فيه: إنه صلى في ثوب واحد "متلببًا" به، أي متحزمًا به عند صدره، تلبب بثوبه- إذا جمعه عليه. ومنه: إن رجلًا خاصم أباه عنده فأمر به "فلب"، لببته ولبيته- إذا جعلت في عنقه ثوبًا أو غيره وجررته به، وأخذت بتلبيب فلان- إذا جمعت عليه ثوبه الذي لبسه وقبضت عليه تجره، والتلبيب مجمع ما في موضع اللبب من ثياب الرجل. ومنه ح: أمر بإخراج المنافقين من المسجد فقام أبو أيوب إلى ابن وديعة "فلببه" بردائه ثم نتره نترًا شديدًا. ك: لببته بردائه- بالتشديد. ج: ومنه: تى بالموت "ملببًا" كأنه أخذ بتلابيبه، وهو استعارة. نه: وفي ح صفية أم الزبير: أضربه كي "يلب"، أي يصير ذا لب أي عقل، وجمعه ألباب، لب يلب كعض يعض، أي صار لبيبًا، وعند أهل نجد كفر يفر، ويقال: لبب- بالكسر، يلب- بالفتح، أي صار ذا لب، وحكى: لبب- بالضم، وهو نادر. وفيه: فإذا هو يرى التيوس "تلب" أو تنب على الغنم، هو حكاية صوت التيوس عند السفاد، لب يلب كفر يفر. ك: أذهب "للب" الرجل الحازم من إحداكن، "أذهب" من الإذهاب، واللب: العقل الخالص من الشوائب، والحازم: الضابط لأمره، وهو مبالغة فإنه إذا كان الضابط لأمره ينقاد لهن فغيره أولى. ط: ومن ناقصات- صفة محذوف، أي أحدًا من ناقصات، ومن إحداكن- متعلق بأذهب، قوله: أريتكن أكثر أهل النار- ضمير المتكلم والمخاطب وأكثر: ثلاث مفاعيل "أريت" والمفضل عليه لأكثر محذوف، وفيه أن كفران العشير كبيرة.
ل ب ب :
لُبُّ النَّخْلَةِ قَلْبُهَا وَلُبُّ الْجَوْزِ وَاللَّوْزِ وَنَحْوِهِمَا مَا فِي جَوْفِهِ وَالْجَمْعُ لُبُوبٌ وَاللُّبَابُ مِثْلُ غُرَابٍ لُغَةٌ فِيهِ وَلُبُّ كُلِّ شَيْءٍ خَالِصُهُ وَلُبَابُهُ مِثْلُهُ.

وَاللُّبُّ الْعَقْلُ وَالْجَمْعُ أَلْبَابٌ مِثْلُ قُفْلٍ وَأَقْفَالٍ وَلَبِبْتُ أَلِبُّ مِنْ بَابِ تَعِبَ وَفِي لُغَةٍ مِنْ بَابِ قَرُبَ وَلَا نَظِيرَ لَهُ فِي الْمُضَاعَفِ عَلَى هَذِهِ اللُّغَةِ لَبَابَةً بِالْفَتْحِ صِرْتُ ذَا لُبٍّ وَالْفَاعِلُ لَبِيبٌ وَالْجَمْعُ أَلِبَّاءُ مِثْلُ شَحِيحٍ وَأَشِحَّاءَ.

وَلَبَّةُ الْبَعِيرِ مَوْضِعُ نَحْرِهِ قَالَ الْفَارَابِيُّ اللَّبَّةُ الْمَنْحَرُ قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ مَنْ قَالَ إنَّهَا النُّقْرَةُ فِي الْحَلْقِ فَقَدْ غَلِطَ وَالْجَمْعُ لَبَّاتٌ مِثْلُ حَبَّةٍ وَحَبَّاتٍ.

وَاللَّبَبُ بِفَتْحَتَيْنِ مِنْ سُيُورِ السَّرْجِ مَا يَقَعُ عَلَى اللَّبَّةِ.

وَتَلَبَّبَ تَحَزَّمَ وَلَبَّبْتُهُ تَلْبِيبًا أَخَذْتُ مِنْ ثِيَابِهِ مَا يَقَعُ عَلَى مَوْضِعِ اللَّبَبِ.

وَأَلَبَّ بِالْمَكَانِ إلْبَابًا أَقَامَ وَلَبَّ لَبًّا مِنْ بَابِ قَتَلَ لُغَةٌ فِيهِ وَثُنِّيَ هَذَا الْمَصْدَرُ مُضَافًا إلَى كَافِ الْمُخَاطَبِ وَقِيلَ.

لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ أَيْ أَنَا مُلَازِمٌ طَاعَتَكَ لُزُومًا بَعْدَ لُزُومٍ وَعَنْ الْخَلِيلِ أَنَّهُمْ ثَنَّوْهُ عَلَى جِهَةِ التَّأْكِيدِ وَقَالَ اللَّبُّ الْإِقَامَةُ وَأَصْلُ لَبَّيْكَ لَبَّيْنَ لَك فَحُذِفَتْ النُّونُ لِلْإِضَافَةِ وَعَنْ يُونُسَ أَنَّهُ غَيْرُ مُثَنًّى بَلْ اسْمٌ مُفْرَدٌ يَتَّصِلُ بِهِ الضَّمِيرُ بِمَنْزِلَةِ عَلَى وَلَدَى إذَا اتَّصَلَ بِهِ الضَّمِيرُ وَأَنْكَرَهُ سِيبَوَيْهِ وَقَالَ لَوْ كَانَ مِثْلَ عَلَى وَلَدَى ثَبَتَتْ الْيَاءُ مَعَ الْمُضْمَرِ وَبَقِيَتْ الْأَلِفُ مَعَ الظَّاهِرِ وَحَكَى مِنْ كَلَامِهِمْ لَبَّى زَيْدٌ بِالْيَاءِ مَعَ الْإِضَافَةِ إلَى الظَّاهِرِ فَثُبُوتُ الْيَاءِ مَعَ الْإِضَافَةِ إلَى الظَّاهِرِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِثْلَ عَلَى وَلَدَى وَلَبَّى الرَّجُلُ تَلْبِيَةً إذَا قَالَ لَبَّيْكَ وَلَبَّى بِالْحَجِّ كَذَلِكَ قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ وَقَالَتْ الْعَرَبُ لَبَّأْتُ بِالْحَجِّ بِالْهَمْزِ وَلَيْسَ أَصْلُهُ الْهَمْزَ بَلْ الْيَاءَ.
وَقَالَ الْفَرَّاءُ: وَرُبَّمَا خَرَجَتْ بِهِمْ فَصَاحَتُهُمْ حَتَّى هَمَزُوا مَا لَيْسَ بِمَهْمُوزٍ فَقَالُوا لَبَّأْتُ بِالْحَجِّ وَرَثَأْتُ الْمَيِّتَ وَنَحْوَ ذَلِكَ كَمَا يَتْرُكُونَ الْهَمْزَ إلَى غَيْرِهِ فَصَاحَةً وَبَلَاغَةً. 
[لبب] ابن السكيت: ألَبَّ بالمكان، أي أقام به ولزِمه. وقال الخليل: لب لغة فيه. حكاها عنه أبو عبيد. قال الفراء: ومنه قولهم لَبَّيْكَ، أي أنا مقيم على طاعتك. ونُصب على المصدر كقولك حمداً لله وشكراً. وكان حقُّه أن يقال لبا لك. وثنى على معنى التأكيد، أي إلباباً بك بعد إلبابٍ، وإقامة بعد إقامة. قال الخليل: هو من قولهم دارُ فلان تَلُبُّ داري أي تُحاذيها، أي أنا مواجهك بما تحب، إجابة لك. والياء للتثنية، وفيها دليل على النصب للمصدر. ونحن نذكر حجته على يونس في باب المعتل إن شاء الله تعالى. واللب: العقل، والجمع الألباب، وقد جمع على ألب، كما جمع بؤس على أبؤس، ونعم على أنعم. قال أبو طالب:

قلبى إليه مُشْرِفُ الأَلُبِّ * وربَّما أظهروا التضعيف في ضرورة الشعر، كما قال الكميت: إليكمْ ذَوي آلِ النبيِّ تطلَّعَتْ * نوازِعُ من قلبي ظماء وألبب ويقال بنات ألبب: عروقٌ في القلب يكون منها الرِقَّة. وقيل لأعرابيَّة تعاتب ابناً لها: مالَكِ لا تَدعينَ عليه؟ قالت: " تَأْبى له بناتُ أَلْبُبي ". وقال المبرّد في قول الشاعر:

قد عَلِمَتْ منه بَناتُ أَلْبَبِه * يريد بناتِ أَعْقَلِ هذا الحيّ. فإنْ جمعتَ أَلْبُباً قلت أَلابِبُ، والتصغير أليبب، وهو أولى من قول من أعلها . واللبيب: العاقل، والجمع أَلِبَّاءُ. وقد لَبِبْتَ يا رجل بالكسر تَلَبُّ لَبابَةً، أي صرت ذا لُبٍّ. وحكى يونس بن حبيب: لببت بالضم، وهو نادر لا نظير له في المضاعف. ولب النخل: قلبها. وخالص كل شئ لبه. ولُبُّ الجَوْزِ واللوز ونحوِهما: ما في جوفه، والجمع اللُبوب. تقول منه: ألَبَّ الزرع، مثل أحبَّ، إذا دخل فيه الأكلُ. ولَبَّبَ الحَبُّ تلبيباً، أي صار له لُبٌّ. واللبيبة: ثوبٌ كالبَقيرة. ولبَّبْتُ الرجلَ تلبيباً، إذا جمعتَ ثيابه عند صدره ونحرِه في الخصومة ثم جررته. والحَسَبُ اللبابُ: الخالص، ومنه سميت المرأة لبابة. واللبة: المَنْحَرُ، والجمع اللَباتُ. وكذلك اللَبَبُ، وهو موضع القلادة من الصدر من كل شئ، والجمع الالباب. واللَبَبُ أيضاً: ما يشدُّ على صدر الدابَّة والناقة يمنع الرَحْل من الاستِئخار. تقول منه: أَلْبَبْتُ الدابة فهو ملبب. وهذا الحرف هكذا رواه ابن السكيت وغيره بإظهار التضعيف. قال ابن كيسان: هو غلط، وقياسه ملب، كما يقال مُحَبٌّ من أحببته. ومنه قولهم: فلان في لَبَبٍ رَخِيّ، إذا كان في حال واسعة. قال الأحمر: اللَّبَبُ: ما استرق من الرمل، لان معظمه العقنقل، فإذا نقص قيل كثيب، فإذا نقص قيل عوكل، فإذا نقص قيل سقط، فإذا نقص قيل عداب، فإذا نقص قيل لبب. قال ذو الرمّة: برَّاقَةُ الجيدِ واللَّبَّاتِ واضِحة * كأنها ظبية أفضى بها لبب واللبلاب: نبت يلتوى على الشجر. واللبلبة: الرقة على الولد،: يقال لبلبت الشاة على ولدها، إذا لحسته وأشبلت عليه حين تضعه. ولبالب الغنم: جلبتها وأصواتها. ورجلٌ لَبٌّ، أي لازمٌ للأمر، يقال رجلٌ لَبٌّ طَبٌّ. وأنشد أبو عمرو:

لَبًّا بأعجاز المَطِيِّ لاحقا * وامرأة لَبَّةٌ، قال أبو عبيد: أي قريبة من الناس لطيفة. ورجلٌ لبيب مثل لَبٍّ. قال المُضَرِّبُ ابن كعبٍ: فقلتُ لها فِيئي إليكِ فإنَّني * حرامٌ وإنِّي بعد ذاكَ لبيبُ أي مع ذاك مقيم. وقال بعضهم: أراد ملب من التلبية. ولببته لبا: ضربت لَبَّتَه. وتَلَبَّبَ الرجل، أي تحزم وتشمر.
لبب
لبَّ1/ لبَّ بـ لَبَبْتُ، يَلُبّ، الْبُبْ/ لُبَّ، لَبًّا ولُبُوبًا، فهو لابّ، والمفعول مَلْبوب
• لبَّ الشَّخصَ: ضربَ لبّتَه، وهي موضع القلادة من العنق.
• لبَّ اللّوْزَ ونحوَه: كسره واستخرج لُبَّه.
• لبَّ بالمكان: أقام به ولزمه. 

لبَّ2 لبَبْتُ، يَلِبّ، الْبِبْ/ لِبَّ، لَبًّا ولَبَابَةً، فهو لبيب
• لبَّ الشَّخصُ: صار ذا عقل، أدرك وميَّز "كلّ لبيب بالإشارة يفهم". 

تلبَّبَ يتلبَّب، تلبُّبًا، فهو مُتلبِّب
• تلبَّب الرَّجلان:
1 - أخذ كلٌّ منهما بلُبَّة صاحبه، جمع كلّ منهما ثوبَ الآخر إلى عنقه.
2 - لبسا السِّلاح "تلبَّبا للقتال". 

لبَّبَ يلبِّب، تلبيبًا، فهو مُلبِّب، والمفعول مُلبَّب
• لبَّب الشّخصَ: أخذ بتلبيبه، أي: جمع ثيابَه عند صدره ونحره في الخصومة وجرَّه. 

تَلْبيب [مفرد]: ج تلابيبُ (لغير المصدر):
1 - مصدر لبَّبَ.
2 - طوقُ الثَّوب "أخذ بتلابيبه: أمسكه من أعلى ثوبه كأنّه يريد ضربَه". 

لُباب [مفرد]: خالص كلّ شيء "فلانٌ لُبابُ قومه" ° لُباب الأمر: لُبُّه- هو لُباب قومه: أفضلهم.
• لُباب اللَّوزِ ونحوِه: الثَّمرة التي تُؤْكلُ وهي تحت القشرة.
• لُباب الخُبْزِ: داخله الطَّريّ غير المُنْضَج جيّدًا. 

لَبابة [مفرد]: مصدر لبَّ2. 

لَبّ [مفرد]: مصدر لبَّ1/ لبَّ بـ ولبَّ2. 

لُبّ1 [مفرد]: خالصُ كُلّ شيء، جوهره وحقيقته "تفهَّم لُبّ المشكلة- دخل في لُبّ الموضوع مباشرة: دخل في قلبه ووسطه".
• لُبُّ الأرض: (جو) النطاق الصخريّ المحيط بسطح الأرض من داخلها، قلب الأرض الكثيف الذي يتكوّن منه أغلب كتلتها. 

لُبّ2 [مفرد]: ج ألباب:
1 - عقل "مَلَك عليه لُبَّه- {فَاتَّقُوا اللهَ يَاأُولِي الأَلْبَابِ} - {وَمَا يَذَّكَّرُ إلاَّ أُولُو الأَلْبَابِ}: عقول سليمة مستنيرة بنور الله".
2 - (شر) جزء أوسط مركزيّ من جوف العضو، ويقابله قشرة. 

لُبّ3 [مفرد]: ج لُبُوب: ما في جوف بعض الفواكه من ثمرة تُؤكل "لبُّ الجَوْز/ اللّوز".
• لُبّ الثَّمرة: الطبقة الوسطى من جدار ثمرة فواكه، الجزء القاسي أو الليفيّ في قلب ثمرة يحتوي على البذور ° ثمرة لُبِّيَّة: ثمرة بسيطة غير منفتحة عند النضج، لبيَّة صالحة للأكل مثل الفراولة والعنب والعليق. 

لَبَّة [مفرد]: ج لَبَّات ولِباب: موضع القلادة من العنق. 

لَبَّيْكَ [كلمة وظيفيَّة]: (انظر: ل ب ب ي ك - لَبَّيْكَ). 

لُبوب [مفرد]: مصدر لبَّ1/ لبَّ بـ. 

لَبيب [مفرد]: ج أَلِبّاءُ: صفة مشبَّهة تدلّ على الثبوت من لبَّ2: عاقل، ذكيّ. 
[ل ب ب] لُبُّ كلِّ شيءٍ ولُبَابُهُ خالِصُهُ وَخِيارُهُ وقد غَلَبَ اللُّبُّ على ما يُؤْكلُ دَاخِلُه ويُرْمَى خارجُه من الثَّمرِ وشيءٌ لُبَابٌ خالصٌ ابنُ جِنِّي هو لُبابُ قَومِهِ وهُم لُبابُ قومِهم وهي لُبابُ قومِها قال جرير

(تُدَرِّي فوقَ مَتْنَيْها قُرونًا ... على بَشَرٍ وآنِسَةٍ لُبابُ)

قال ذو الرُّمَّةِ

(سِبَحْلاً أبا شرخَيْنِ أحْيا بَناتِهِ ... مَقَالِيتُها فهي اللُّبابُ الحَبَائِسُ)

واللُّبابُ طَحِينٌ مُرَقَّقٌ ولَبَبَ الحَبُّ جرى فيه الدَّقيقُ ولُبُّ كلِّ شيءٍ نَفْسُهُ وحَقِيقَتُهُ وربما سُمِّيَ سُمُّ الحيَّةِ لُبّا واللُّبُّ العَقْلُ والجمع أَلْبابٌ وأَلْبُبٌ قال الكُمَيْتُ(إِلَيْكُمْ ذَوِي آلِ النَّبيِّ تَطَلَّعَتْ ... نَوازِعُ من قَلْبي ظِمَاءٌ وألْبُبُ)

وقد لَبُبْتُ أَلُبُّ ولَبِبْتُ لُبّا وَلَبّا ولَبَابَةً وقيل لصَفِيَّةَ بِنْتِ عبد المطَّلِبِ وَضَرَبَتِ الزُّبَيْرَ لِمَ تَضْرِبينَهُ فقالت لِيَلَبْ وَيقودَ الجَيْشَ ذا الجَلَبْ ورواه بعضهم أضْرِبُه لكي يَلَبْ وَيقودَ الجيشَ ذا اللَّجَبْ ورجُلٌ مَلْبوبٌ مَوْصوفٌ باللَّبابَةِ ولَبِيبٌ ذو لُبٍّ من قوم أَلِبَّاءَ قال سيبويه لا يُكَسَّرُ على غير ذلك والأنثى لَبيبَةٌ واسْتَلَبَّهُ امْتَحَنَ لُبَّهُ وقد عَلِمَتْ ذاكَ بَناتُ ألْبَبِهِ يَعْنون لُبَّهُ وهو أَحَدُ ما شَذَّ عن المُضَاعَفِ فَجاءَ على الأصْلِ هذا مَذْهبُ سيبويه قال يَعنونَ لُبَّهُ واللَّبُّ اللَّطيفُ القَريبُ من النَّاسِ والأنثى لَبَّةٌ وجَمْعُها لِبَابٌ واللَّبُّ الحَادِي اللاَّزِمُ لِسَوْقِ الإبلِ لا يَفْتُرُ عنها ولا يُفارِقُها ورَجُلٌ لَبٌّ لازِمٌ لِضَيْعَتِهِ ولا يُفارقُها ولَبَّ بالمكانِ لَبّا وأَلَبَّ أَقامَ وأَلَبَّ على الأمْرِ لَزِمَهُ فلم يُفارِقْهُ وقَولُهم لَبَّيْكَ وَلَبَّيْهِ منه أي لُزومًا لِطاعَتِكَ قال

(إنك لو دَعَوْتَنِي ودُوني ... )

(زَوْراءُ ذَاتُ مَنْزَعٍ بَيُونِ ... )

(لَقُلْتُ لَبَّيْهِ لمَنْ يَدْعونِي ... )

أصلُه لَبِّبتُ فَعَّلْتُ من أَلَبَّ بالمكانِ فأُبْدِلَتِ الباءُ ياءً لأجْلِ التَّضْعيفِ قال سيبويه انْتَصَبَ لبَّيْكَ على الفِعْلِ كما انْتَصَبَ سبحانَ اللهِ قال وزعم يُونسُ أن لَبَّيْكَ اسم مُفْرَدٌ بِمَنْزِلةِ عَلَيْكَ ولكنه جاء على هذا اللَّفْظِ في حَدِّ الإضافَةِ وزعم الخليلُ أنَّها تَثنِيةٌ كأنهُ قال كُلَّما أجَبْتُكَ في شيءٍ فأنا في الآخَرِ لكَ مُجيبٌ قال سيبويه ويَدُلُّكَ على صِحَّةِ قولِ الخليل قول بعضِ العربِ لَبِّ يُجْرِيه مُجْرَى أَمْسِ وَغاقِ قال ويَدُلُّكَ على أن لَبَّيْكَ ليْسَتْ بِمَنْزِلَةِ عَلَيْكَ أنك إذا أظْهَرْتَ الاسمَ قُلْتَ لَبَّيْ زَيْدٍ وأنْشَدَ

(دَعَوْتُ لما نَابَنِي مِسْوَرًا ... فَلَبَّى فَلَبَّى يَدَيْ مِسْوَرِ)

فلو كان بِمَنْزِلَةِ على لَقُلْتَ فَلَبَّى يَدَيْ لأنك تقول على زيدٍ إذا أظهرت الاسمَ قال ابن جِنِّي الألِفُ في لَبَّى عند بَعْضِهم هي ياءُ التَّثْنِيَةِ في لبَّيْكَ لأنه اشْتَقَّ من الاسمِ المثَنَّى الذي هو الصوتُ مع حرف التَّثْنِيَةِ فِعْلاً فجموعه من حُروفِهِ كما قالوا مِنْ لا إِله إِلاّ اللهُ هَلَّلْتُ ونَحوُ ذلكَ فاشْتَقُّوا لَبَّيْتُ من لفظِ لَبَّيْكَ فجاءوا في لفظِ لَبَّيْتُ بالياءِ التي للتَّثْنِيَةِ في لَبَّيْكَ وهذا قول سيبويه وأمَّا يونسُ فَزَعَمَ أن لَبَّيْكَ اسمٌ مُفْرَدٌ وأصلُه عِنْدَه لَبَّبٌ وَزْنُه فَعْلَلٌ قال ولا يجوز أن تَحْمِلَهُ على فَعَّلِ لِقلَّةِ فَعَّلٍ في الكلام وكثرةِ فَعْلَلٍ فقَلَبَ الباءَ التي هي اللاَّمُ الثانيةُ من لَبَّبٍ ياءً هربا من التَّضْعيفِ فصار لَبَّيْ ثُمَّ أَبْدَلَ الياءَ ألفًا لِتَحرُّكها وانفتاحِ ما قبلها فصار لَبَّيْ ثمَّ إنَّه لمَّا وُصِلَتْ بالكافِ في لَبَّيْكَ وبالهاء في لَبَّيْهِ قلبتِ الألفُ ياءً كما قُلِبَتْ في إِلَي وَعَلَى وَلَدَى إذا وَصَلْتَها بالضَّميرِ فقلتَ إِلَيكَ وعليكَ ولدَيْكَ واحْتَجَّ سيبويه على يونسَ فقال لو كانت ياءُ لبيكَ بمنزلة ياءِ عليكَ وَلَدَيْكَ لَوَجَبَ متى أَضَفْتَها إلى المُظْهَرِ أن تُقِرَّها ألِفًا كما أنَّك إذا أَضَفْتَ عليك وأُخْتَيْها إلى المُظْهَرِ أَقْرَرْتَ أَلِفَها بِحالِها ولَكُنْتَ تقولُ على هذا لَبَّا زَيْدٍ ولَبَّا جَعْفَرٍ كما تقولُ إلى زَيْدٍ وعلى عمرو وَلَدَى خالدٍ وأنشدَ قولُه

(فَلَبَّيْ يَدَيْ مِسْوَرٍ ... )

قال فقوْلُه لَبَّيْ بالياء مع إضافَتِهِ إلى المُظْهَرِ يَدُلُّ على أنه اسمٌ مُثَنّى بِمَنْزِلَةِ غُلامَيْ زَيْدٍ وَلبَّاهُ قال لَبَّيكَ ولَبَّى بالحَجِّ كذلك وقول المُضَرِّبِ بنِ كَعْبٍ

(فقُلْتُ لها بَيْئِي إليكِ فإنني ... حرامٌ وإنِّي بعدَ ذاكِ لَبِيبُ) إنما أراد مُلَبٍّ بالحَجِّ وقولُه بعد ذاكِ مع ذاكِ أى وحكى ثَعْلَبٌ لَبَّأْتُ بالحَجِّ قال وكان يَنْبَغِى أن يكون لَبَّيْتُ بالحَجِّ ولكنَّ العربَ قد قالَتْه بالهَمْزِ وهو على غير القياسِ ولَبابِ لَبَابِ يراد به لا بأس بِلُغَةِ حِمْيَر وهو عندي مما تَقدَّم كأنَّه إذا نَفَى البَأْسَ عنه اسْتَحَبَّ مُلازَمَتَه واللّبَبُ مَعْروفٌ يكونُ للرَّحْلِ والسَّرْجِ يَمْنَعُهما منَ الاسْتِئْخارِ والجَمْعُ ألْبَابٌ قال سيبويه لم يُجاوِزُوا به هذا البِناءَ وأَلْبَبْتُ السَّرْجَ عَمِلْتُ له لَبَباً وألْبَبْتُ الفَرَسَ فهو مُلْبَبٌ جاء على الأصل وهو نادِرٌ جَعَلْتُ له لَبَبًا ولَبَبْتُه مُخَفَّفٌ كذلك عن ابن الأعرابي واللَّبَبُ الْبَالُ يُقالُ إنه لَرَخِيُّ اللَّبَبِ واللَّبَبُ منَ الرَّمْلِ ما اسْتَرَقَّ وانحدَرَ مِنْ مُعْظَمِهِ فصار بَيْنَ الجَلَدِ وغِلَظِ الأَرْضِ وقيل لَبَبُ الكَثِيبِ مُقَدَّمُه قال

(كأنَّها ظَبْيَةٌ أفْضَى بها لَبَبُ ... )

واللَّبَّةُ وَسطُ الصَّدْرِ والجمعُ لَبَّاتٌ ولِبَابٌ عن ثعلبٍ وحَكَى اللِّحيانيُّ إنها لحَسَنَةُ اللَّبَّاتِ كأنهم جعلوا كلَّ جُزءٍ منه لَبَّةً ثم جمعوا على هذا واللَّبَبُ كاللَّبَّةِ وأمَّا ما جاءَ في الحديثِ

إن الله مَنَعَ مِنِّي بَني مُدْلِجٍ لَصِلَتِهمُ الرَّحِمَ وطَعْنِهم في ألْبابِ الإِبِلِ قيل ألْبَابٌ جمعُ اللُّبِّ الذي هو الخالصُ من كلِّ شَيءٍ وقيلَ هو جمعُ اللَّبَبِ من الصَّدْرِ ورُوِيَ في لَبَّاتِها جَمْعِ لَبَّةٍ من الصدرِ أيضًا وهو الصَّحيحُ عندي ولَبَّهُ يَلُبُّهُ لَبّا ضَرَبَ لَبَّتَهُ ولَبَّةُ القِلاَدَةِ واسِطَتُها والمُتلَبٍّ بُ المُتَحَزِّمُ بالسِّلاحِ وغَيْرِه وكلُّ مُجَمِّعٍ لِثِيابِهِ مُتَلَبِّبٌ قال عَنتَرةُ

(إِنِّي أُحاذِرُ أنْ تَقولَ حَلِيلَتي ... هذا غُبارٌ ساطعٌ فَتَلبَّبِ)

واسم ما يُتَلَبَّبُ به اللَّبَابَةُ قال

(وَلقد شَهِدتُ الخَيْلَ يوم طِرادِها ... فَطَعَنْتُ تحتَ لَبابَةِ المُتَمَطِّرِ)

وتَلَبُّبُ المرأةِ بِمِنْطَقَتِها أن تَضَعَ أَحَدَ طَرَفَيْها على مَنْكِبها الأَيْمَنِ وتُخْرِجُ وَسَطَها من تحتِ يدِها اليُمْنَى فَتُغَطِّي بها صدرَها وتَرُدّ الطًّرفَ الآخَرَ على مَنْكِبِها الأيْسَرِ والتَّلْبيبُ من الإنسانِ ما في مَوْضِعِ اللَّبَبِ مِنْ ثيابه ولَبَّبَ الرَّجُلَ جَمعَ ثيابَه في عُنُقِهِ ثم قَبَضَهُ وأَخَذَ بِتَلْبيبِهِ كذلك وهو اسم كالتَمْتِينِ وتَلَيَّبَ الرَّجُلانِ أخذ كلُّ واحدٍ منهما بِلَبَّةِ صاحبِه والتَّلْبيبُ التَّرَدُّدُ هكذا يُحْكى ولا أَدْرِي ما هُوَ ودَارُه تُلِبُّ دَاري أي تَمْتَدُّ معها وألَبَّ لك الشَّيءُ عَرَضَ قال رُؤْبَةُ

(وإِنْ قَراً أو مَنْكِبًا أَلَبَّا ... )

واللّبْلَبَةُ لَحْسُ الشَّاةِ ولَدَها وقِيلَ هو أن تُخْرِجَ الشَّاةِ لِسانَهَا كأنَّها تَلْحَسُ وَلَدَها ويكونَ مِنْها صَوْتٌ كأنها تقولُ لَبْ لَبْ واللَّبْلَبَةُ عَطْفُكَ على الإنْسَانِ ومَعُونَتُه وقد لَبْلَبْتُ عليه قال الكُمَيْتُ

(ومِنَّا إذا حَزَبَتْكَ الأُمورُ ... عليكَ المُلَبْلِبُ والمُشْبِلُ)

واللَّبْلَبُ النَّحْرُ ولَبْلِبَ التَّيْسُ عند السِّفادِ نَبَّ وقد يقال ذلك للظَّبْيِ واللَّبَابَةُ من النَّباتِ الشَّيءُ القليلُ غَيرُ الواسِعِ حكاه أبو حنيفة واللَّبْلابُ حَشِيشَةٌ ولُبَابَةُ اسمُ امْرأَةٍ ولَبَّى ولِبَّى ولُبَّى مَوْضِعٌ قال

(أَسِيرُ وَما أَدْرِي لَعَلَّ مَنِيَّتي ... بِلَبَّى إِلى أَعْراقِها قَدْ تَدَلَّتِ)

لبب: لُبُّ كلِّ شيءٍ، ولُبابُه: خالِصُه وخِـيارُه، وقد غَلَبَ

اللُّبُّ على ما يؤكل داخلُه، ويُرْمى خارجُه من الثَّمر. ولُبُّ الجَوْز واللَّوز، ونحوهما: ما في جَوْفه، والجمعُ اللُّـبُوبُ؛ تقول منه: أَلَبَّ الزَّرْعُ، مثل أَحَبَّ، إِذا دَخَلَ فيه الأُكلُ.

ولَـبَّبَ الـحَبَّ تَلْبِـيباً: صار له لُبٌّ. ولُبُّ النَّخلةِ: قَلْبُها. وخالِصُ كلِّ شيءٍ: لُبُّه. الليث: لُبُّ كلِّ شيءٍ من الثمار داخلُه الذي يُطْرَحُ خارجُه، نحو لُبِّ الجَوْز واللَّوز. قال: ولُبُّ الرَّجُل: ما جُعِل في قَلْبه من العَقْل.

وشيءٌ لُبابٌ: خالِصٌ. ابن جني: هو لُبابُ قَومِه، وهم لُبابُ قومهم، وهي لُبابُ قَوْمها؛ قال جرير:

تُدَرِّي فوقَ مَتْنَيْها قُروناً * على بَشَرٍ، وآنِسَـةٌ لُبابُ

والـحَسَبُ: اللُّبابُ الخالصُ، ومنه سميت المرأَة لُبابَة. وفي الحديث: إِنـَّا حَيٌّ من مَذْحجٍ، عُبابُ سَلَفِها ولُبابُ شرَفِها. اللُّبابُ: الخالِصُ من كل شيءٍ، كاللُّبِّ. واللُّبابُ: طَحِـينٌ مُرَقَّقٌ. ولَبَّبَ الـحَبُّ: جَرَى فيه الدَّقيقُ. ولُبابُ القَمْح، ولُبابُ الفُسْتُقِ، ولُبابُ الإِبلِ: خِيارُها. ولُبابُ الـحَسَبِ: مَحْضُه. واللُّبابُ: الخالِصُ من كلِّ شيءٍ؛ قال ذو الرمة يصف فحلاً مِئناثاً:

سِـبَحْلاً أَبا شِرْخَينِ أَحْيا بَناتِه * مَقالِـيتُها، فهي اللُّبابُ الـحَبائسُ

وقال أَبو الحسن في الفالوذَج: لُبابُ القَمْحِ بِلُعابِ النَّحْل.

ولُبُّ كلِّ شيءٍ: نفسُه وحَقِـيقَتُه. وربما سمي سمُّ الحيةِ: لُبّاً.

واللُّبُّ: العَقْلُ، والجمع أَلبابٌ وأَلْـبُبٌ؛ قال الكُمَيْتُ:

إِليكُمْ، بني آلِ النبـيِّ، تَطَلَّعَتْ * نَوازِعُ من قَلْبي، ظِماءٌ، وأَلْـبُبُ

وقد جُمعَ على أَلُبٍّ، كما جُمِعَ بُؤْسٌ على أَبْؤُس، ونُعْم على

أَنْعُم؛ قال أَبو طالب:

قلْبي إِليه مُشْرِفُ الأَلُبِّ

واللَّبابةُ: مصدرُ اللَّبِـيب. وقد لَبُبْتُ أَلَبُّ، ولَبِـبْتَ تَلَبُّ، بالكسر، لُبّاً ولَبّاً ولَبابةً: صِرْتَ ذا لُبٍّ. وفي التهذيب: حكى لَبُبْتُ، بالضم، وهو نادر، لا نظير له في المضاعف. وقيل لِصَفِـيَّة بنت

عبدالمطَّلب، وضَرَبَت الزُّبَير: لم تَضْرِبينَهُ؟ فقالتْ: لِـيَلَبَّ، ويقودَ الجَيشَ ذا الجَلَب أَي يصير ذا لُبٍّ. ورواه بعضهم: أَضْرِبُه

لكيْ يَلَبَّ، ويَقودَ الجَيشَ ذا اللَّجَب. قال ابن الأَثير: هذه لغةُ

أَهلِ الـحِجاز؛ وأَهْلُ نَجْدٍ يقولون: لَبَّ يَلِبُّ بوزن فَرَّ يَفِرُّ.

ورجل ملبوبٌ: موصوف باللَّبابة.

ولَبيبٌ: عاقِلٌ ذو لُبٍّ، مِن قوم أَلِبَّاء؛ قال سيبويه: لا يُكَسَّرُ على غير ذلك، والأُنثى لبيبةٌ. الجوهري: رجلٌ لَبيبٌ، مثلُ لَبٍّ؛ قال الـمُضَرِّبُ ابن كَعْب:

فقلتُ لها: فِـيئي إِلَيكِ، فإِنَّني * حَرامٌ، وإِني بعد ذاكَ لَبِـيبُ

التهذيب: وقال حسان:

وجارِيَةٍ مَلْبُوبةٍ ومُنَجَّسٍ * وطارِقةٍ، في طَرْقِها، لم تُشَدِّدِ

واسْتَلَبَّهُ: امْتَحَنَ لُبَّهُ.

ويقال: بناتُ أَلْبُبٍ عُروق في القَلْبِ، يكون منها الرِّقَّةُ. وقيل

لأَعْرابيةٍ تُعاتِبُ ابْنَها: ما لَكِ لا تَدْعِـينَ عليه؟ قالت: تَـأْبى

له ذلك بناتُ أَلْبُـبـي. الأَصمعي قال: كان أَعرابيٌّ عنده امرأَة

فَبَرِمَ بها، فأَلقاها في بِئرٍ غَرَضاً بها، فمَرَّ بها نَفَرٌ فسَمِعوا

هَمْهَمَتَها من البئر، فاسْتَخْرجوها، وقالوا: من فَعَلَ هذا بك؟ فقالت: زوجي، فقالوا ادعِـي اللّهَ عليه، فقالَتْ: لا تُطاوعُني بناتُ أَلبُـبـي. قالوا: وبَناتُ أَلبُبٍ عُروقٌ متصلة بالقلب. ابن سيده: قد عَلِمَتْ بذلك بَناتُ أَلبُبِه؛ يَعْنونَ لُبَّه، وهو أَحدُ ما شَذَّ من الـمُضاعَف، فجاءَ على الأَصل؛ هذا مذهب سيبويه، قال يَعْنُونَ لُبَّه؛ وقال المبرد في قول الشاعر:

قد عَلِمَتْ ذاكَ بَناتُ أَلبَـبِهْ

يريدُ بَناتِ أَعْقَلِ هذا الـحَيِّ، فإِن جمعت أَلبُـباً، قلتَ: أَلابِبُ، والتصغير أُلَيبِـيبٌ، وهو أَولى من قول من أَعَلَّها.

واللَّبُّ: اللَّطِـيفُ القَريبُ من الناس، والأُنْثى: لَبَّةٌ، وجمعها

لِـبابٌ. واللَّبُّ: الحادِي اللاَّزم لسَوقِ الإِبل، لا يَفْتُر عنها

ولا يُفارِقُها. ورجلٌ لَبٌّ: لازمٌ لِصَنْعَتِهِ لا يفارقها. ويقال: رجلٌ

لَبٌّ طَبٌّ أَي لازِمٌ للأَمرِ؛ وأَنشد أَبو عمرو:

لَبّاً، بأَعْجازِ الـمَطِـيِّ، لاحقا

ولَبَّ بالمكان لَبّاً، وأَلَبَّ: أَقام به ولزمَه. وأَلَبَّ على الأَمرِ: لَزِمَه فلم يفارقْه.

وقولُهم: لَبَّيكَ ولَبَّيهِ، مِنه، أَي لُزوماً لطاعَتِكَ؛ وفي الصحاح: أَي أَنا مُقيمٌ على طاعَتك؛ قال:

إِنَّكَ لو دَعَوتَني، ودوني

زَوراءُ ذاتُ مَنْزَعٍ بَيُونِ،

لَقُلْتُ: لَبَّيْهِ، لـمَنْ يَدعُوني

أَصله لَبَّـبْت فعَّلْت، من أَلَبَّ بالمكان، فأُبدلت الباء ياءً لأَجلِ التضعيف. قال الخليل، هو من قولهم: دار فلان تُلِبُّ داري أَي تُحاذيها أَي أَنا مُواجِهُكَ بما تُحِبُّ إِجابةً لك، والياء للتثنية، وفيها

دليل على النصب للـمَصدر. وقال سيبويه: انْتَصَب لَبَّيْكَ، على الفِعْل، كما انْتَصَبَ سبحانَ اللّه. وفي الصحاح: نُصِبَ على المصدر، كقولك: حَمْداً للّه وشكراً، وكان حقه أَن يقال: لَبّاً لكَ، وثُنِّي على معنى التوكيد أَي إِلْباباً بك بعد إِلبابٍ، وإِقامةً بعد إِقامةٍ. قال الأَزهري: سمعت أَبا الفضل الـمُنْذِرِيَّ يقول: عُرضَ على أَبي العباس ما سمعتُ من أَبي طالب النحويّ في قولهم لَبَّيْكَ وسَعْدَيْكَ، قال: قال الفراء: معنى لَبَّيْكَ، إِجابةً لك بعد إِجابة؛ قال: ونصبه على المصدر.

قال: وقال الأَحْمَرُ: هو مأْخوذٌ من لَبَّ بالمكان، وأَلَبَّ به إِذا

أَقام؛ وأَنشد:

لَبَّ بأَرضٍ ما تَخَطَّاها الغَنَمْ

قال ومنه قول طُفَيْل:

رَدَدْنَ حُصَيْناً من عَدِيٍّ ورَهْطِهِ، * وتَيْمٌ تُلَبِّي في العُروجِ، وتَحْلُبُ

أَي تُلازمُها وتُقيمُ فيها؛ وقال أَبوالهيثم قوله:

وتيم تلبي في العروج، وتحلب

أَي تَحْلُبُ اللِّبَـأَ وتَشْرَبهُ؛ جعله من اللِّبـإِ، فترك همزه، ولم يجعله من لَبَّ بالمكان وأَلَبَّ. قال أَبو منصور: والذي قاله أَبو الهيثم أَصوبُ. لقوله بعده وتَحْلُبُ. قال وقال الأَحمر: كأَنَّ أَصْلَ لَبَّ

بك، لَبَّبَ بك، فاستثقلوا ثلاث باءَات، فقلبوا إِحداهن ياءً، كما

قالوا: تَظَنَّيْتُ، من الظَّنِّ. وحكى أَبو عبيد عن الخليل أَنه قال: أَصله من أَلبَبْتُ بالمكان، فإِذا دعا الرجلُ صاحبَه، أَجابه: لَبَّيْكَ أَي أَنا مقيم عندك، ثم وكد ذلك بلَبَّيكَ أَي إِقامةً بعد إِقامة. وحكي عن الخليل أَنه قال: هو مأْخوذ من قولهم: أُمٌّ لَبَّةٌ أَي مُحِـبَّة عاطفة؛ قال: فإِن كان كذلك، فمعناه إِقْبالاً إِليك ومَحَبَّـةً لك؛ وأَنشد:

وكُنْتُمْ كأُمٍّ لَبَّةٍ، طَعَنَ ابْنُها * إِليها، فما دَرَّتْ عليه بساعِدِ

قال، ويقال: هو مأْخوذ من قولهم: داري تَلُبُّ دارَك، ويكون معناه: اتِّجاهي إِليك وإِقبالي على أَمرك. وقال ابن الأَعرابي: اللَّبُّ الطاعةُ، وأَصله من الإِقامة. وقولهم: لَبَّيْكَ، اللَّبُّ واحدٌ، فإِذا ثنيت، قلت في الرفع: لَبَّانِ، وفي النصب والخفض: لَبَّينِ؛ وكان في الأَصل لَبَّيْنِكَ أَي أَطَعْتُكَ مرتين، ثم حُذِفَت النون للإِضافة أَي أَطَعْتُكَ طاعةً، مقيماً عندك إِقامةً بعد إِقامة. ابن سيده: قال سيبويه وزعم يونس أَن لَبَّيْكَ اسم مفرد، بمنزلة عَلَيكَ، ولكنه جاءَ على هذا اللفظ في حَدِّ الإِضافة، وزعم الخليل أَنها تثنية، كأَنه قال: كلما أَجَبْتُكَ في شيءٍ، فأَنا في الآخر لك مُجِـيبٌ. قال سيبويه: ويَدُلُّك على صحة قول الخليل قولُ بعض العرب: لَبِّ، يُجْريه مُجْرَى أَمْسِ وغاقِ؛ قال: ويَدُلُّك على أَن لبَّيكَ ليست بمنزلة عليك، أَنك إِذا أَظهرت الاسم، قلت:

لَبَّيْ زَيْدٍ؛ وأَنشد:

دَعَوْتُ لِـمَانا بَني مِسْوَراً، * فَلَبَّـى، فَلَبَّـيْ يَدَيْ مِسْوَرِ

فلو كان بمنزلة على لقلتَ: فَلَبَّى يَدَيْ، لأَنك لا تقول: عَلَيْ زَيدٍ إِذا أَظهرتَ الاسم. قال ابن جني: الأَلف في لَبَّـى عند بعضهم هي ياء التثنية في لَبَّيْكَ، لأَنهم اشتقوا من الاسم المبني الذي هو الصوت مع حرف التثنية فعلاً، فجمعوه من حروفه، كما قالوا مِن لا إِله إِلا اللّه: هَلَّلْتُ، ونحو ذلك، فاشتقوا لبَّيتُ من لفظ لبَّيكَ، فجاؤُوا في لفظ لبَّيْت بالياءِ التي للتثنية في لبَّيْكَ، وهذا قول سيبويه. قال: وأَما يونس فزعم أَن لبَّيْكَ اسم مفرد، وأَصله عنده لَبَّبٌ، وزنه فَعْلَل، قال: ولا يجوز أَن تَحْمِلَه على فَعَّلَ، لقلة فَعَّلَ في الكلام، وكثرة فَعْلَلَ، فقُلِـبَت الباء، التي هي اللام الثانية من لَبَّبٍ، ياءً، هَرباً من التضعيف، فصار لَبَّـيٌ، ثم أَبدل الياء أَلفاً لتحركها وانفتاح ما قبلها، فصار لَبَّـى، ثم إِنه لما وُصِلَتْ بالكاف في لبَّيْك، وبالهاءِ في لَبَّيْه، قُلِـبَت الأَلفُ ياء كما قُلِـبَتْ في إِلى وعَلى ولدَى إِذا وصلتها بالضمير، فقلت إِليك وعليك ولديك؛ واحتج سيبويه على يونس فقال: لو كانت ياءُ لَبَّيْكَ، بمنزلة ياء عليك ولديك، لوجب، مَتى أَضَفْتَها إِلى الـمُظْهَر، أَن تُقِرَّها أَلِفاً، كما أَنك إِذا أَضَفْتَ عليك وأُختيها إِلى الـمُظْهَرِ، أَقْرَرْتَ أَلفَها بحالها، ولكُنْتَ تقول على هذا: لَـبَّى زيدٍ، ولَـبَّى جَعْفَرٍ، كما تقول: إِلى زيدٍ، وعلى عمرو، ولدَى خالدٍ؛ وأَنشد قوله: فلَبَّيْ يَدَيْ مِسْوَرِ؛ قال: فقوله لَبَّيْ، بالياءِ مع إِضافته إِلى الـمُظْهَر، يدل على أَنه اسم مثنى، بمنزلة غلامَيْ زيدٍ، ولَبَّاهُ قالَ:

لَبَّيْكَ، ولَبَّـى بالـحَجِّ كذلك؛ وقولُ الـمُضَرِّبِ بن كعبٍ:

وإِني بعد ذاكَ لَبيبُ

إِنما أَراد مُلَبٍّ بالـحَج. وقوله بعد ذاك أَي مع ذاك. وحكى ثعلب:

لَبَّـأْتُ بالحج. قال: وكان ينبغي أَن يقول: لَبَّيْتُ بالحج. ولكن العرب قد قالته بالهمز، وهو على غير القياس. وفي حديث الإِهْلالِ بالحج: لَبَّيْكَ اللهمَّ لبَّيْكَ، هو من التَّلْبية، وهي إِجابةُ الـمُنادِي أَي إِجابَتي لك يا ربِّ، وهو مأْخوذٌ مما تقدم. وقيل: معناه إِخلاصِـي لك؛ مِن قولهم: حَسَبٌ لُبابٌ إِذا كان خالصاً مَحْضاً، ومنه لُبُّ الطَّعام ولُبابُه. وفي حديث عَلْقمة أَنه قال للأَسْوَدِ: يا أَبا عَمْرو. قال: لبَّيْكَ!قال: لبَّى يَدَيكَ. قال الخَطّابي: معناه سَلِمَتْ يداك وصَحَّتا، وإِنما ترك الإِعراب في قوله يديك، وكان حقه أَن يقول: يداك، لِـيَزْدَوِجَ يَدَيْكَ بلَبَّـيْكَ. وقال الزمخشري: معنى لَبَّى يَدَيْك أَي أُطيعُكَ، وأَتَصَرَّفُ بإِرادتك، وأَكونُ كالشيءِ الذي تُصَرِّفُه بيديك كيف شئت. ولَبابِ لَبَابِ يُريدُ به: لا بأْس، بلغة حمير. قال ابن سيده: وهو عندي مما تقدم، كأَنه إِذا نَفَى البأْسَ عنه اسْتَحَبَّ مُلازمَته.

واللَّبَبُ: معروف، وهو ما يُشدُّ على صَدْر الدابة أَو الناقة؛ قال ابن سيده وغيرُه: يكونُ للرَّحْل والسَّرْج يمنعهما من الاستئخار، والجمعُ أَلبابٌ؛ قال سيبويه: لم يجاوزوا به هذا البناءَ.

وأَلْبَبْتُ السَّرْجَ: عَمِلْتُ له لَبَـباً. وأَلْبَـبْتُ الفرسَ، فهو مُلْبَبٌ، جاءَ على الأَصل، وهو نادر: جَعَلْتُ له لَبَـباً. قال: وهذا الحرف هكذا رواه ابن السكيت، بإِظهار التضعيف. وقال ابن كَيْسان: هو غلط، وقياسُه مُلَبٌّ، كما يقال مُحَبٌّ، مِن

أَحْبَبْتُه، ومنه قولهم: فلان في لَبَبٍ رخِـيٍّ إِذا كان في حال واسعة؛ ولَبَبْتُهُ، مخفف، كذلك عن ابن الأَعرابي: واللَّبَبُ: البالُ، يقال: إِنه لَرَخِـيُّ اللَّبَبِ. التهذيب، يقال: فلانٌ في بالٍ رَخِـيٍّ ولَبَبٍ رَخِـيٍّ أَي في سَعَة وخِصْب وأَمْنٍ.

واللَّبَبُ من الرَّمْل: ما اسْتَرَقَّ وانحَدَرَ من مُعْظَمه، فصار بين

الجَلَد وغَلْظِ الأَرضِ؛ وقيل: لَبَبُ الكَثِـيبِ: مُقَدَّمُه؛ قال ذو

الرمة:

بَرَّاقةُ الجِـيدِ واللَّبَّاتِ واضحةٌ، * كأَنها ظَبْيَةٌ أَفْضَى بها لَبَبُ

قال الأَحمر: مُعْظَمُ الرمل العَقَنْقَلُ، فإِذا نَقَصَ قيل: كَثِيبٌ؛

فإِذا نقَص قيل: عَوْكَلٌ؛ فإِذا نقص قيل: سِقْطٌ؛ فإِذا نقص قيل:

عَدابٌ؛ فإِذا نقَص قيل: لَبَبٌ. التهذيب: واللَّبَبُ من الرمل ما كان قريباً من حَبْل الرَّمْل.

واللَّبَّةُ: وَسَطُ الصَّدْر والـمَنْحَر، والجمع لَبَّاتٌ ولِـبابٌ، عن ثعلب. وحكى اللحياني: إِنها لَـحَسنةُ اللَّبَّاتِ؛ كأَنهم جَعَلوا كلَّ جُزْءٍ منها لَبَّةً، ثم جَمَعُوا على هذا. واللَّبَبُ كاللَّبَّةِ: وهو موضع القلادة من الصدر من كل شيءٍ، والجمع الأَلْبابُ؛ وأَما ما جاءَ في الحديث: إِن اللّه منع مِنِّي بَني مُدْلِـجٍ لصلَتِهِم الرَّحِم، وطَعْنِهم في أَلْبابِ الإِبل، ورواه بعضهم: في لَبَّاتِ الإِبل. قال أَبو عبيد: من رواه في أَلباب الإِبلِ، فله معنيان: أَحدهما أَن يكون أَراد جمعَ اللُّبِّ، ولُبُّ كلِّ شيءٍ خالصُه، كأَنه أَراد خالصَ إِبلهم وكرائمها،

والمعنى الثاني أَنه أَراد جمعَ اللَّـبَب، وهو موضع الـمَنْحَر من كل شيءٍ. قال: ونُرَى أَن لَبَبَ الفرس إِنما سمي به، ولهذا قيل: لَبَّـبْتُ فلاناً إِذا جَمَعْتَ ثيابَه عند صَدْره ونحْره، ثم جَرَرْتَه؛ وإِن كان المحفوظُ اللَّبَّات، فهي جمعُ اللَّبَّةِ، وهي اللِّهْزِمةُ التي فوق الصدر، وفيها تُنْحَرُ الإِبل. قال ابن سيده: وهو الصحيح عندي.

ولَبَـبْتُه لَبّاً: ضَرَبْتُ لَبَّـتَه. وفي الحديث: أَما تكونُ الذكاةُ إِلاَّ في الـحَلْقِ واللَّبَّة. ولَبَّه يَلُبُّه لَبّاً: ضَرَبَ لَبَّتَه. ولَبَّةُ القلادة: واسطتُها.

(يتبع...)

(تابع... 1): لبب: لُبُّ كلِّ شيءٍ، ولُبابُه: خالِصُه وخِـيارُه، وقد غَلَبَ... ...

وتَلَبَّبَ الرجلُ: تَحَزَّم وتَشَمَّر. والـمُتَلَبِّبُ: الـمُتَحَزِّمُ بالسلاح وغيره. وكل مُجَمِّعٍ لثيابِه: مُتَلَبِّبٌ؛ قال عنترة:

إِني أُحاذِرُ أَن تَقولَ حَلِـيلَتي: * هذا غُبارٌ ساطِـعٌ، فَتَلَبَّبِ

واسم ما يُتَلَبَّبُ: اللَّبابَةُ؛ قال:

ولَقَدْ شَهِدْتُ الخَيْلَ يَومَ طِرادِها، * فطَعَنْتُ تَحْتَ لَبابةِ الـمُتَمَطِّر

وتَلَبُّب المرأَة بمِنْطَقَتِها: أَن تضع أَحد طرفيها على مَنكِـبها

الأَيسر، وتُخْرِجَ وسطَها من تحت يدها اليمنى، فتُغَطِّـيَ به صَدرَها، وتَرُدَّ الطَّرَفَ الآخر على مَنكِـبِها الأَيسر.

والتَّلْبيبُ من الإِنسان: ما في موضع اللَّبَبِ من ثيابه. ولَبَّبَ الرجلَ: جعل ثيابه في عُنقِه وصدره في الخصومة، ثم قَبَضَه وجَرَّه. وأَخَذَ بتَلْبـيبِه كذلك، وهو اسم كالتَّمْتِـينِ.

التهذيب، يقال: أَخَذ فلانٌ بتَلْبِـيبِ فلان إِذا جمَع عليه ثوبه الذي

هو لابسه عند صدره، وقَبَض عليه يَجُرُّه. وفي الحديث: فأَخَذْتُ

بتَلْبيبِه وجَرَرْتُه؛

يقال لَبَّبَه: أَخذَ بتَلْبيبِه وتَلابيبِه إِذا جمعتَ ثيابَه عند نَحْره وصَدْره، ثم جَرَرْته، وكذلك إِذا جعلتَ في عُنقه حَبْلاً أَو ثوباً، وأَمْسَكْتَه به. والـمُتَلَبَّبُ: موضعُ القِلادة. واللَّبَّة: موضعُ الذَّبْح، والتاء زائدة. وتَلَبَّبَ الرَّجُلانِ: أَخَذَ كلٌّ منهما بلَبَّةِ صاحِـبه.

وفي الحديث: أَنَّ النبي، صلى اللّه عليه وسلم، صَلَّى في ثوبٍ واحدٍ مُتَلَبِّـباً به. الـمُتَلَبِّبُ: الذي تَحَزَّم بثوبه عند صدره. وكلُّ من جَمَعَ ثوبه مُتَحَزِّماً، فقد تَلَبَّبَ به؛ قال أَبو ذؤيب:

وتَمِـيمَةٍ من قانِصٍ مُتَلَبِّبٍ، * في كَفِّه جَشْءٌ أَجَشُّ وأَقْطَعُ

ومن هذا قيل للذي لبس السلاحَ وتَشَمَّر للقتال: مُتَلَبِّبٌ؛ ومنه قول

الـمُتَنَخِّل:

واسْتَلأَموا وتَلَـبَّبوا، * إِنَّ التَّلَبُّبَ للـمُغِـير

وفي الحديث: أَن رجلاً خاصم أَباه عنده، فأَمَرَ به فلُبَّ له.

يقال: لَبَبْتُ الرجلَ ولَبَّبْتُه إِذا جعلتَ في عُنقه ثوباً أَو غيره،

وجَرَرْتَه به.

والتَّلْبيبُ: مَجْمَعُ ما في موضع اللَّبَب من ثياب الرجل. وفي الحديث: أَنه أَمر بإِخراج المنافقين من المسجد، فقام أَبو أَيُّوبَ إِلى رافع بن وَدِيعةَ، فلَبَّبَه بردائه، ثم نَتَره نَتْراً شديداً.

واللَّبيبةُ: ثوبٌ كالبَقِـيرة.

والتَّلْبيبُ: التَّرَدُّد. قال ابن سيده: هكذا حُكِيَ، ولا أَدرِي ما

هو. الليث: والصَّريخ إِذا أَنذر القومَ واسْتَصْرَخَ: لَبَّبَ، وذلك أَن

يَجْعل كِنانَته وقَوْسَه في عُنقه، ثم يَقْبِضَ على تَلْبيبِ نَفْسِه؛

وأَنشد:

إِنا إِذا الدَّاعي اعْتَزَى ولَبَّبا

ويقال: تَلْبيبُه تَرَدُّدُه. ودارُه تُلِبُّ داري أَي تَمتَدُّ معها.

وأَلَبَّ لك الشيءُ: عَرَضَ؛ قال رؤبة:

وإِن قَراً أَو مَنْكِبٌ أَلَبَّا

واللَّبْلَبةُ: لَحْسُ الشاة ولدَها، وقيل: هو أَن تُخْرِجَ الشاةُ لسانَها كأَنها تَلْحَسُ ولدَها، ويكون منها صوتٌ، كأَنها تَقول: لَبْ لَبْ.

واللَّبْلَبة: الرِّقَّة على الولد، ومنه: لَبْلَبَتِ الشاةُ على ولدها إِذا لَحِسَتْه، وأَشْبَلَتْ عليه حين تضَعُه. واللَّبْلَبة: فِعْلُ الشاةِ بولدها إِذا لَحِسَتْه بشفتها. التهذيب، أَبو عمرو: اللَّبْلَبَةُ التَّفَرُّق؛ وقال مُخَارِقُ بنُ شهاب في صفة تَيْسِ غَنَمِه:

وراحَتْ أُصَيْلاناً، كأَنَّ ضُروعَها * دِلاءٌ، وفيها واتِدُ القَرْن لَبْلَبُ

أَراد باللَّبْلَب: شَفَقَتَه على الـمِعْزى التي أُرْسِلَ فيها، فهو ذو

لَبْلَبةٍ عليها أَي ذو شَفَقةٍ.

ولَبالِبُ الغَنم: جَلَبَتُها وصَوتها. واللَّبْلَبَة: عَطْفُك على الإِنسان ومَعُونتُه. واللَّبْلَبة: الشَّفَقة على الإِنسان، وقد لَبْلَبْتُ عليه؛ قال الكميت:

ومِنَّا، إِذا حَزَبَتْكَ الأُمورُ، * علَيْكَ الـمُلَبْلِبُ والـمُشْبِلُ

وحُكيَ عن يونس أَنه قال: تقول العرب للرجل تَعْطِفُ عليه: لَبابِ، لَبابِ، بالكسر، مثل حَذامِ وقَطامِ.

واللَّبْلَبُ: النَّحْرُ. ولَبْلَبَ التَّيْسُ عند السِّفادِ: نَبَّ، وقد يقال ذلك للظبي. وفي حديث ابن عمرو: أَنه أَتى الطائفَ، فإِذا هو يَرى

التُّيوسَ تَلِبُّ، أَو

تَنِبُّ على الغَنم؛ قال: هو حكاية صوتِ التُّيوس عند السِّفادِ؛ لَبَّ يَلِبُّ، كَفَرَّ يَفِرُّ.

واللَّبابُ من النَّبات: الشيءُ القليل غير الواسع، حكاه أَبو حنيفة.

واللَّبْلابُ: حَشيشة. واللَّبْلابُ: نَبْتٌ يَلْتَوي على الشجر.

واللَّبْلابُ: بقلة معروفة يُتَداوَى بها.

ولُبابةُ: اسم امرأَة. ولَبَّى ولُبَّى ولِـبَّى: موضعٌ؛ قال:

أَسيرُ وما أَدْرِي، لَعَلَّ مَنِـيَّتي * بلَبَّـى، إِلى أَعْراقِها، قد تَدَلَّتِ

لبب
: ( {أَلَبَّ) بالمكانِ،} إِلْباباً: (أَقَام) بِهِ، ( {كَلَبَّ) ثُلاثِيّاً، نقلَها الجَوْهَرِيُّ، عَن أَبي عُبَيْدٍ، عَن الخَلِيل.
} وأَلَبَّ على الأَمْرِ: لَزِمَهُ فَلم يُفَارِقْه.
(وَمِنْه) قولُهم: ( {لَبَّيْكَ) ،} ولَبَّيْه: (أَيْ) : لُزُوماً لِطَاعَتِك. وَفِي الصَّحاح: أَي (أَنا مُقِيمٌ على طاعَتِك) ؛ قَالَ:
إِنَّكَ لَوْ دَعَوْتَنِي ودُونِي
زَوْرَاءُ ذاتُ مَنْزَع بَيُونِ
لَقُلْتُ {لَبَّيْهِ لمن يَدْعُونِي
أَصلُه:} لَبَّيْتُ، من أَلَبَّ بِالْمَكَانِ، فأُبدلت الباءُ يَاء لأَجْل التّضعيف. وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: انْتَصَبَ {لبَّيْكَ، على الفِعْل، كَمَا انتصبَ سُبْحَانَ اللَّهِ. وَفِي الصَّحاح: نُصِبَ على الْمصدر، كَقَوْلِك: حَمْداً لِلَّهِ وشُكْراً، وَكَانَ حقُّه أَنْ يُقال:} لَبّاً لَك، وثَنَّى على معنى التّوكيد، أَي: ( {إِلْباباً) بك (بَعْدَ} إِلْبابِ) ، وإِقامةً بعدَ إِقامةٍ. (و) قَالَ الأَزهريّ: سمِعْتُ أَبا الفَضْلِ المُنْذِرِيَّ يقولُ: عُرِضَ على أَبي العبّاس مَا سَمعْتُ من أَبي طَالب النحْوِيّ فِي قَوْلهم: لَبَّيْكَ وسَعْدَيْكَ، قَالَ: قالَ الفَراءُ: معنى لَبَّيْكَ (إِجابَةً) لَك (بَعْدَ إِجابَةِ) ؛ قَالَ: ونَصبه على المصْدر. قَالَ: وَقَالَ الأَحمرُ: هُوَ مأْخوذٌ من {لَبَّ بالمكانِ، وأَلَبَّ بِهِ. إِذا أَقامَ، وأَنشد:
لَبَّ بأَرْضٍ مَا تخَطَّاها الغَنَمْ
قَالَ: وَمِنْه قَول طُفَيْل:
رَدَدْنَ حُصَيْناً من عَدِيَ وَرهْطِهِ
وتَيْمٌ تُلَبِّي فِي العُرُوجِ وتَحْلُبُ
أَي: تُلازِمُها وتُقِيمُ فِيهَا. وقيلَ: مَعْنَاهُ: أَي تَحْلُبُ اللِّبَأَ وتَشْرَبُهُ، جعَلَه من اللِّبَإِ، فَترك الهمزَ، وَهُوَ قولُ أَبي الهَيْثَمِ. قَالَ أَبو مَنْصُور: وَهُوَ الصَّواب. وَحكى أَبُو عُبَيْدٍ، عَن الْخَلِيل أَنّه قَالَ: أَصله من: أَلْبَبْتُ بالمكانِ، فإِذا دَعَا الرَّجُلُ صاحبَهُ، أَجابَه: لَبَّيْكَ، أَي: أَنا مُقِيمٌ عندَك؛ ثُمَّ وَكّدَ ذالك بلَبَّيْك، أَي: إِقامةً بعدَ إِقامة. (أَو مَعْنَاهُ: اتِّجَاهِي) إِليك، (وقَصْدِي لَكَ) ، وإِقبالي على أَمْرِك. مأْخوذٌ (منْ) قَوْلهم: (دارِي تَلُبُّ دارَهُ، أَي: تُوَاجِهُها) وتُحاذيها ويكونُ حاصلُ الْمَعْنى: أَنا مُواجِهُك بِمَا تُحبّ إِجابةً لَك، والياءُ لِلتَّثْنيَة، قَالَه الخَليل، وفيهَا دَلِيل على النَّصب للمصدر. وَقَالَ الأَحمرُ: كَانَ أَصله لَبَّب بِكَ، فاستثقَلُوا ثلاثَ باءآت، فقلَبُوا إِحداهُنَّ يَاء، كَمَا قالُوا: تَظَنَّيْتُ، منَ الظنّ، (أَو مَعْنَاهُ: مَحَبَّتِي لَكَ) ، وإِقبالي إِليك، مأْخوذ (من) قَوْلهم: (امْرَأَةٌ} لَبَّةٌ) ، أَي: (مُحِبَّةٌ) عاطِفةٌ (لِزَوْجِها) ، هاكذا فِي سَائِر النُّسَخ. والّذي حُكِيَ عَن الْخَلِيل فِي هاذا القَوْل: أُمٌّ لَبَّةٌ، بدل امْرَأَة، ويدُلُّ على ذالك، مَا أَنشدَ:
وكنتم كَأُمَ لَبَّةِ طَعَنَ ابْنُها
إِلَيْهَا فَمَا دَرَّتْ عليهِ بساعِدِ
وَفِي حَدِيث الإِهلال بالحجّ: (لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ) هُوَ من التَّلْبِيَة، وَهِي إِجابةُ المُنَادِي، أَي: إِجابَتِي لَك يَا رَبِّ، وَهُوَ مأْخوذٌ ممَّا تقدَّم؛ (أَو مَعْنَاهُ: إِخلاصي لَكَ) مأْخوذٌ (مِنْ) قَوْلهم: (حَسَبٌ {لُبَابٌ) ، بالضَّمّ، أَي: (خالصٌ) مَحْضٌ، وَمِنْه:} لُبُّ الطَّعَام، {ولُبَابُهُ. وَفِي حديثِ عَلْقَمَةَ: (أَنّه قالَ للأَسْودِ: يَا أَبا عَمْرٍ و، قَالَ: لَبَّيْكَ، قَالَ: لَبَّى يَدَيْكَ) . قَالَ الخَطّابِيُّ: معناهُ: سَلِمَتْ يَدَاكَ وصَحَّتَا، وإِنَّمَا تَرَك الإِعرابَ فِي قَوْله: يَدَيْكَ، وَكَانَ حقُّه أَن يقولَ: يَداك، لِيَزْدَوِجَ يَدَيْكَ بلَبَّيْكَ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: معنى لَبَّى يَدَيك، أَي: أُطِيعُك، وأَتَصرَّفُ بإِرادَتِك، وأَكونُ كالشَّيْءِ الّذي تُصَرِّفُهُ بيَدَيْك كيفَ شِئْتَ.
(} واللَّبُّ) ، بالفَتْح: الحادِي (اللاّزِمُ) لِسَوْقِ الإِبِل، لَا يَفْتُرُ عَنْهَا وَلَا يُفارِقها.
وَرجل لَبٌّ: لازِمٌ لِصَنْعَتِه، لَا يُفَارِقُهَا ويُقَال: رجلٌ {لَبٌّ طَبٌّ، أَي: لازِمٌ للأَمْر. وأَنشد أَبو عَمْرو:
} لَبّاً بأَعْجَازِ المَطِيّ لاحِقاً
واللَّبُّ: (المُقِيمُ) بالأَمْر.
وَقَالَ ابْنُ الأَعْرَابيّ: اللَّبُّ: الطاعةُ: وأَصلُه من الإِقامَة. وَقَوْلهمْ: لَبَّيْكَ: اللَّبُّ واحدٌ، فإِذا ثَنَّيْت، قُلْتَ فِي الرّفع: لَبَّانِ، وَفِي النَّصْب والخَفْض: لَبَّيْنِ. وَكَانَ فِي الأَصل: لَبَّيْنِكَ، أَي أَطَعْتُك مرّتَيْن، ثمَّ حذفت النّون للإِضافة، أَي أَطعتُك طَاعَة، مُقيماً عِنْدَكَ إِقامةً بعدَ إِقامةٍ.
وَفِي المُحْكَم: قَالَ سِيبَوَيْهِ: وزعَمَ يُونُسُ أَنَّ لَبَّيْك اسْمٌ مُفْرد، بِمَنْزِلَة عَلَيْك، ولاكِنَّهُ جاءَ على هاذا اللَّفْظ فِي حَدِّ الإِضافَة. وزَعم الخليلُ أَنّها تَثْنِيَةٌ، كأَنّه قَالَ: كلّما أَجَبْتُك فِي شَيْءٍ، فأَنَا فِي الآخَرِ لَك مُجِيبٌ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: ويَدُلُّكَ على صِحَّة قولِ الخَلِيل قولُ بعضِ الْعَرَب: لَبِّ، يُجْرِيهِ مُجْرَى أَمْسِ وَغَاقِ. وَقَالَ ابْنُ جِنِّي: الأَلِفُ فِي لَبَّى عندَ بَعضهم، هِيَ ياءُ التَّثْنِيَة فِي: لَبَّيْكَ، لاِءَنّهم اشْتَقُّوا من الِاسْم المَبْنِيّ الّذي هُوَ الصَّوْت مَعَ حرف التّثنية فعْلاً، فجَمعوه من حُروفه، كَمَا قالُوا من لَا إِلللهه إِلاّ اللَّهُ: هَلَّلْتُ، وَنَحْو ذالك، فاشْتَقُّوا لَبَّيْتُ من لَفْظ لَبّيْكَ، فَجَاؤُوا فِي لفظ لَبَّيْت بِالْيَاءِ الّتِي للتّثنية فِي لَبَّيْك، وهاذا قَول سِيبَويهِ. قَالَ: وأَما قولُ يُونُسَ، فزَعَمَ أَن لَبَّيْكَ اسْمٌ مُفْرَد، وأَصلُه عندَهُ: {لَبَّبٌ، وزنُهُ فَعْلَلٌ، قَالَ: وَلَا يجوزُ أَن تَحْمِلَهُ على فَعَّلَ، لِقِلَّة فَعَّلَ فِي الْكَلَام، وكَثرة فَعْلَلَ، فَقلب الباءَ، الّتي هِيَ الّلام الثّانية من لَبَّبَ، يَاء، هَرَباً من التّضعيف، فَصَارَ لَبَّيٌ، ثُمَّ أَبدل الياءَ أَلفاً لِتَحَرُّكِها وانفتاح مَا قبلَها، فصارَ لَبَّى، ثمَّ إِنّه لَما وُصِلَتْ بِالْكَاف فِي لَبَّيْك، وبالهاء فِي لَبَّيْه، قُلِبت الأَلفُ يَاء، كَمَا قلبت فِي إِلَى وعَلَى ولَدَى، إِذا وَصَلْتَها بالضَّمير، فقلتَ: إِلَيْكَ، وعَلَيْكَ، ولَدَيْكَ. وَقد أَطال شيخُنا الْكَلَام فِي هَذَا المَبْحث، وَهُوَ مأْخوذٌ من لِسَان الْعَرَب، وَمن كتاب المُحْتَسِب لابْنِ جِنِّي، وغيرِهما؛ وَفِيمَا ذَكرْنَاهُ كفايةٌ.
(و) } اللُّبُّ، (بالضَّمِّ: السَّمُّ) . وَفِي لِسَان الْعَرَب، عَن أَبي الْحسن: وربّما سُمِّي سُمٌّ الحَيَّةِ {لُبّاً.
(و) اللُّبُّ: (خالِصُ كُلِّ شَيءٍ) ،} كاللُّبابِ، بالضَّمّ أَيضاً.
(ومِنَ النَّخْلِ) : جَوْفُهُ. وَقد غلب على مَا يُؤْكَلُ داخلُهُ ويُرْمَى خارِجُهُ من الثَّمَر.
(و) {لُبُّ (الجَوْزِ ونَحْوِه) كاللَّوْز وشِبْهِهِ: مَا فِي جَوْفِه، وَالْجمع} اللُّبُوبُ. ومثلُهُ قولُ اللَّيْث: {ولُبُّ النَّخلَةِ: (قَلْبُها) .
(و) من المَجاز: لُبُّ الرَّجُل: مَا جُعلَ فِي قلْبه من (العَقْل) ، سُمِّيَ بِه لاِءَنّه خُلاصَة الإِنسان، أَو أَنَّهُ لَا يُسمَّى ذالك إِلاّ إِذا خَلُصَ من الهَوَى وشوائبِ الأَوْهَام، فعلى هاذا هُوَ أَخَصُّ من العَقْل. كَذَا فِي كشف الكَشَّاف، فِي أَوائل البَقَرَة، نَقله شيخُنا. (ج:} أَلْبابٌ، {وأَلُبُّ) بالإِدْغام، وَهُوَ قَلِيل. قَالَ أَو طالبٍ:
قَلْبِي إِليهِ مُشْرِفُ} الأَلُبِّ
(و) قَالَ الجَوْهَرِيُّ. وربَّما أَظهروا التَّضْعيفَ فِي ضرورَة الشّعر، قَالَ الكُمَيْتُ:
إِلَيْكُمْ بَنِي آلِ النَّبِيِّ تَطَلَّعَت
نَوَازِعُ من قَلْبِي ظِماءٌ و ( {أَلْبُبُ)
(وَقد} لَبُبِتُ، بالكَسر وبالضّم) ، أَي: من بابِ: فَرِحَ وقَرُبَ، ( {تَلَبّ) بِالْفَتْح،} لُبّاً بالضَّمِّ {ولَبّاً، و (} لَبَابَةً) بِالْفَتْح فيهمَا: صرْتَ ذَا {لُبٍّ. وَفِي التّهذيب: حُكِيَ:} لَبُبْتَ، بالضَّمِّ، وَهُوَ نادِرٌ، لَا نظيرَ لَهُ فِي المضاعف.
وَقيل لِصَفِيَّةَ بنتِ عبدِ المُطَّلِب، وضَرَبَتِ الزُّبَيْرَ: لِمَ تَضْرِبِينَه؟ فَقَالَت: {لِيَلَبَّ، ويَقُودَ الجَيْشَ ذَا الجَلَبْ، أَي يصيرَ ذَا لُبَ وَرَوَاهُ بعضهُم أَضْرِبه لكَي} يَلَبَّ، ويَقُودَ الجَيْشَ ذَا اللَّجَب. قَالَ ابْنخ الأَثيرِ: هاذه لغةُ أَهلِ الحِجاز، وأَهلُ نَجْدِ يقولُونَ: لَبَّ يَلبُّ، بِوَزْن فَرَّ يَفِرّ.
(وَلَيْسَ فَعُلَ) بالضّمّ (يَفْعَلُ) بِالْفَتْح (سِوَى لَبُبْت، بالضَّمّ، تَلَبُّ بِالْفَتْح) ؛ فإِن الْقَاعِدَة أَنّ المضموم من الماضيات لَا يكونُ مضارِعُهُ إِلاّ مضموماً وشذّ هاذا الحَرْفُ وحدَهُ لَا نظيرَ لَهُ، وَهُوَ الّذي صرّح بِهِ شُرّاحُ اللاّمِيَّة والتَّسْهِيل وغَيْرُهم، وَحَكَاهُ الزَّجّاجُ عَن الْعَرَب، واليَزِيديُّ، وَنَقله ابْنُ القَطّاع فِي صَرْفه، زادَ: وَحكى اليَزِيدِيُّ أَيضاً: لَبِبْتَ تَلُبّ، بِكَسْر عين الْمَاضِي، وضَمِّها فِي الْمُسْتَقْبل. قَالَ: وَحَكَاهُ يُونُسُ بضَمِّهما جَمِيعًا. والأَعَمُّ: لَبِبَ، كفَرِحَ.
وَفِي المِصْباح مَا يقْضِي أَنّ الضَّمَّ، وإِن كَانَ فيهمَا مَعًا، قليلٌ، شاذٌّ فِي المضاعف، وَاقْتصر فِي: لَبَّ، على هاذا الْفِعْل، وَزَاد عَلَيْهِ فِي دَمم حَرْفَيْنِ آخَرَيْنِ، قَالَ: دَمَّ الرَّجُلُ، يَدمُّ، دَمَامَةً، من بابَيْ: ضَرَبَ وتَعِبَ، وَمن بابِ قَرُبَ لغةٌ، فيُقَال: دَمُمْتَ، تَدُمُّ، ومثلُهُ: لَبُبْتَ تَلُبُّ، وشَرُرْت تَشُرُّ من الشَّرّ، وَلَا يكادُ يُوجَدُ لَهَا رابعٌ فِي المضاعَفِ.
وصرّح غَيره بأَنّ الثّلاثةَ وَرَدَتْ بالضَّمّ فِي الْمَاضِي، والفتحِ فِي المُضَارع، على خلاف الأَصلِ، وَلَا رابعَ لَهَا. وَذكرهَا فِي الأَشباه والنظائر غيرُ وَاحِد. والأَكثرونَ اقتصرُوا على لَبُبَ، وبعضُهم عَلَيْهِ مَعَ دَمُمَ، وقالُوا: لَا ثالثَ لَهما. انْتهى.
قَالَ شيخُنا: دَمَّ نقلَها ابْنُ القَطّاع عَن الْخَلِيل، وشَرَّ: نَقَلَهَا ابْنُ هشامٍ فِي شرح الفصيح عَن قُطْرُبٍ، وَاقْتصر القَزّاز فِي الْجَامِع على: لَبَّ، ودَمَّ؛ وَقَالَ: لَا نظيرَ لَهما. وَزَاد ابْنُ خالَوَيْهِ: عَزُزَتِ الشّاة: قلّ لَبَنُهَا. فَتكون أَربعة. وقيّدَ الفَيُّومِيُّ بالمُضَاعَف، لاِءَنّه وَرَدَ فِي غير المُضَاعَف نظائرُه، وإِن كَانَت شاذَّة.
قَالَ ابْنُ القَطّاع فِي كتاب الأَبْنِيَة لَهُ: وأَمّا مَا كَانَ ماضيه على فَعُلَ، بالضَّمّ، فمضارعه يأْتي على يَفْعُلُ، بالضَّمّ، ككَرُمَ وشَرُفَ، مَا خلا حرْفاً وَاحِدًا، حَكَاهُ سِيبَوَيْه، وَهُوَ: كُدْتَ تَكادُ، بضمّ الْكَاف فِي الْمَاضِي، وَفتحهَا فِي الْمُضَارع، وَهُوَ شاذٌّ، والجَيِّدُ كِدْتَ تَكَادُ. وَحكى غيرُه: دُمْتَ تَدام، ومُتَّ تَماتُ، وجُدْتَ تَجاد. ثمَّ نقل لَبَّ عَن الزجّاج واليَزِيديّ كَمَا مَرَّ، ودَمَّ عَن الْخَلِيل، وعَزَّ عَن ابْنِ خالَوَيْهِ. وَلم يتعرّض لِشَرَّ الّذي فِي الْمِصْبَاح. انْتهى.
ويأْتي فِي فكك: وَلَقَد فَكُكْت، كعَلِمت وكَرُمت، فيستدرك على هاذه الأَلفاظ.
( {واللَّبَبُ) : مَوْضِعُ (المَنْحَرِ) من كُلّ شَيْءٍ، قيل: وَبِه سُمِّيَ لَبَبُ الفَرَس.
واللَّبَبُ: (} كاللَّبَّة، و) هُوَ (مَوْضِعُ القِلادَةِ من الصَّدْرِ) من كُل شَيْءٍ، أَو النُّقْرَة فوقَه، وَالْجمع {الأَلْبابُ. وَفِي لِسَان الْعَرَب:} اللَّبَّةُ وَسَطُ الصَّدْرِ والمَنْحَرِ، وَالْجمع {لَبّاتٌ} ولِبابٌ، عَن ثَعْلَب. وَحكى اللِّحْيَانيُّ: إِنَّهَا لَحَسَنَةُ اللَّبَّاتِ، كأَنّهم جعلُوا كلَّ جزءٍ مِنْهَا لَبَّةً، ثمَّ جمعُوا على هادا. وَقَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: هِيَ العِظَامُ الّتي فَوْقَ الصَّدْرِ وأَسفَلَ الحَلْقِ بَين التَّرْقُوَتَيْنِ، وفيهَا تُنْحَرُ الإِبِلُ. وَمن قَالَ: إِنها النُّقْرَةُ فِي الحَلْقِ، فقد غَلِطَ. انْتهى.
(و) من الْمجَاز: أَخَذَ فِي {لَبَبِ الرَّمْل، هُوَ: (مَا اسْتَرَقَّ مِنَ الرَّمْلِ) ، وانْحَدَرَ من مُعْظَمِهِ، فَصَارَ بَيْنَ الجَلَدِ وغَلْظِ الأَرْض.
وَقيل: لَبَبُ الكَثِيبُ: مُقَدَّمُهُ، قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
بَرَّاقَةُ الجِيدِ} واللَّبَّاتِ واضِحَةٌ
كَأَنَّهَا ظَبْيَةٌ أَفْضَى بِها لَبَبُ
قَالَ الأَحْمَرُ: مُعْظَمُ الرَّمْلِ: العَقَنْقَلُ، فإِذا نَقَصَ، قيل: كَثِيبٌ، فإِذا نَقَصَ، قِيلَ: عَوْكَلٌ، فإِذا نَقَصَ، قيل: سِقْطٌ، فإِذا نقص، قيلَ: عَدَابٌ، فإِذا نَقَصَ، قيلَ: لَبَبٌ.
وَفِي التَّهْذِيب: اللَّبَبُ من الرَّمْل: مَا كَانَ قَريباً من حَبْلِ الرَّمْل.
(و) اللَّبَبُ: معروفٌ، وَهُوَ (مَا يُشَدُّ فِي) ، وَفِي نسخةٍ: على (صَدْرِ الدّابَّةِ) ، أَو النّاقة، كَمَا فِي نُسْخَة بدل الدَّابّةِ. قَالَ ابْنُ سيدَهْ وغيرُهُ: يكون للرَّحْلِ والسَّرْج (لِيَمْنَعَ اسْتِئْخَارَ الرَّحْل) والسَّرْجِ، أَي: يَمْنَعُهُمَا من التّأْخير، (ج أَلْبابٌ) ، قَالَ سيبويهِ: لم يُجاوِزُوا بِهِ هاذا البِناءَ.
( {وأَلْبَبْتُ) السَّرْجَ: عَمِلْتُ لَهُ} لَبَباً، وأَلْبَبْتُ (الدّابَّةَ، فَهِيَ {مُلْبَبٌ) جاءَ على الأَصل، وَهُوَ نادرٌ: جعلتَ لَهُ لَبَباً. قالَ: وهاذا الحرفُ، هاكذا رَوَاهُ ابْنُ السِّكِّيتِ بِإِظْهَار التّضعيف. (و) قَالَ ابْنُ كَيْسَان: هُوَ غَلَطٌ وقياسُه (} مُلَبٌّ) ، كَمَا يُقَال مُحَبٌّ، من: أَحْبَبْتُهُ. (و) كذالك ( {لَبَبْتُهَا) ، أَي: الدّابَّةَ، (فَهِيَ} مَلْبُوبَةٌ) من الثُّلاثيّ، عَن ابْنِ الأَعْرَابِيّ.
(! واللَّبْلابُ) : حَشِيشَةٌ، و (نَبْتٌ) يَلْتَوِي على الشَّجَر. واللَّبْلابُ: بَقْلَةٌ مَعْرُوفَة، يُتداوَى بهَا.
( {واللَّبْلَبَةُ: الرِّقَّةُ على الوَلَد) ، وَمِنْه: لَبْلَبَةُ الشّاةِ، على مَا يأْتي.
واللَّبْلَبَةُ: الشَّفَقَةُ على الإِنسان، وَقد لَبْلَبْتُ عَلَيْهِ. واللَّبْلَبَة: عَطْفُكَ على الإِنْسَان، ومَعُونته؛ قَالَ الكُمَيْتُ:
ومِنَّا إِذا حَزَبَتْكَ الأُمُورُ
عَلَيْكَ} المُلَبْلِبُ والمُشْبِلُ
( {واللَّبِيبَةُ: ثَوْبٌ كالبَقِيرَةِ) ، وسيأْتي بيانُهَا فِي حرف الرّاءِ.
(واللَّبَابُ كسَحابٍ) ، وَفِي لِسَان الْعَرَب: اللَّبَابَةُ، بِزِيَادَة الْهَاء: (الكَلأُ) ، وَفِي أُخرى: من النَّبات: الشَّيْءُ (القَلِيلُ) غيرُ الواسِع، حَكَاهُ أَبو حنيفَة، قَالَ:
أَفْرِغْ لِشَوْلٍ وفُحُولٍ كُومِ
باتَتْ تَعشَّى اللَّيْلَ بالقَصِيمِ
لَبَابَةً من هَمِقٍ هَيْشُومِ
وَقَالَ ابْنُ الأَعْرَابِيّ: هِيَ لُبَايَةٌ، بالضَّمّ والياءِ التَّحْتيّة، وأَنشد الرَّجزَ، وَقَالَ: هِيَ شجرةُ الأُمْطِيّ الّذي يُعْمَلُ مِنْهُ العِلْكُ.
(و) لُبَاب، (كغُرَابٍ: جَبَلٌ لبَنِي جَذِيمَةَ) .
(و) فِي الحديثُ: (أَنَّ رجلا خاصَمَ أَباهُ عندَهُ، فَأَمَرَ بهِ فَلُبَّ لَهُ) يُقَال: (} لَبَّبَهُ {تَلْبِيباً) : إِذا (جَمَع ثِيابَهُ) الّتي عَلَيْهِ (عِنْدَ نَحْرِهِ) وصدرِه (فِي الخُصُومَة. ثُمّ جَرَّهُ) وقَبَضَهُ إِليه، وَكَذَلِكَ إِذا جعل فِي عُنُقِه حَبْلاً أَو ثَوْباً، وأَمْسَكه بِهِ. وَفِي الحَدِيث: (أَنّه أَمَرَ بإِخْراجِ المُنَافِقِينَ من الْمَسْجِد، فَقَامَ أَبُو أَيُّوبَ إِلى رافعِ بْنِ وَدِيعَةَ،} فلَبَّبَهُ برِدائِه، ثمَّ نَتَرَهُ نَتْراً شَدِيدا) .
(ولَبَّبَ الحَبُّ) تَلْبِيباً: (صارَ لَهُ {لُبٌّ) يُؤْكَلُ.
(واللَّبَّةُ: المَرْأَةُ اللَّطِيفَةُ) الحَسَنَة العِشْرةِ مَعَ زوجِها، وَقد تقدَّمَ.
} ولَبَّ اللَّوْزَ: كَسَرَهُ، واسْتَخْرَجَ قَلْبَهُ. (ولَبَّهُ) ، لَبّاً: إِذا (ضَرَبَ {لَبَّتَهُ) ، وَهِي اللِّهْزِمَةُ الّتِي فوقَ الصَّدر، وفيهَا تُنْحَرُ الإِبِلِ؛ وَقد سبَق. وَفِي الحَديثه: (أَما تَكُونُ الذَّكاةُ إِلاَّ فِي الحَلْقِ واللَّبَّةِ) .
(وتَلَبَّبَ) الرَّجُلُ، وَفِي الأَساس: لَبَّبَ: تَحَزَّم، و (تَشَمَّر) .
} والمُتَلَبِّبُ: المُتَحَزِّمُ بالسِّلاحِ وَغَيره.
وكُلُّ مُجَمِّعٍ لثيابِهِ، {مُتَلَبِّبٌ؛ قَالَ عَنْتَرَةُ:
إِنِّي أُحاذِرُ أَنْ تَقُولَ حَلِيلَتِي
هاذا غُبَارٌ ساطِعٌ،} فتَلَبَّبِ
والمُتَلَبَّبُ: مَوْضِعُ القِلادَةِ.
{وتَلَبَّبَ الرَّجُلانِ: أَخَذَ كلُّ مِنْهُمَا} بِلَبَّةِ صاحِبِه. وَفِي الحديثِ: (أَنّ النَّبِيَّ، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَلَّى فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ {مُتَلَبِّباً بِهِ) والمُتَلَبِّب: الّذِي تَحزَّم بِثَوْبِهِ عِنْد صَدره، قَالَ أَبو ذُؤَيْب:
ونَمِيمَة من قانِصٍ} مُتَلَبِّبٍ
فِي كَفِّه جَشْءٌ أَجَشُّ وأَقْطُعُ
وَمن هاذا قِيلَ للَّذي لبس السّلاحَ، وتَشمَّرَ للقِتَال: مُتَلَبِّبٌ: وَمِنْه قولُ المُنَخَّلِ:
واسْتَلأَمُوا {وتَلَبَّبُوا
إِنَّ} التَّلَبُّبَ لِلْمُغِير
( {واللَّبْلَبُ) } واللُّبْلُب، (كَسَبْسَبِ وبُلْبُلٍ: البَارُّ بِأَهْلِه، و) المُحْسِنُ إِلى (جِيرَانِهِ) ، والمُشْفِقُ عَلَيْهِم.
( {واللَّبْلَبَة: التَّفَرُّقُ) ، حَكَاهُ فِي التَّهذيب عَن أَبي عَمْرٍ و.
(و) } اللَّبْلَبَةُ: (حِكايَةُ صَوْت التَّيْسِ عِنْدَ السِّفادِ) ، يقالُ: لَبْلَبَ: إِذا نَبَّ؛ وَقد يُقالُ ذالك للظَّبْيِ. وَفِي حديثِ ابْن عَمْرٍ و (أَنَّه أَتَى الطَّائفَ، فإِذا هُوَ يَرَى التُّيُوسَ! تَلِبُّ، أَو تَنِبُّ، الَّتِى الغَنَم) . لَبَّ يَلِب كَفَرَّ يَفِرُّ.
(و) اللَّبْلَبَةُ: (أَنْ تُشْبِلَ الشّاةُ على وَلَدِهَا بَعْدَ الوَضْعِ) وَحين الوَضْع (وتَلْحسَهَا) بشَفَتَيْها، وَيكون مِنْهَا صَوت؛ كأَنّها تقولُ: {لَبْ} لَبْ.
) ، {والأُلْبُوبُ) ، بالضّم: (حَبُّ نَوَى النَّبِقِ) خاصَّةً، وَقد يُؤْكَلُ.
(والتَّلْبِيبُ: التَرَدُّدُ) ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَذَا حُكِيَ، وَلَا أَدْرِي مَا هُوَ.
(و) } التَّلْبِيبُ من الإِنسان: (مَا فِي مَوْضِعِ اللَّبَبِ من الثِّيَاب) .
وأَخَذَ {بتَلْبِيبِهِ: أَي لَبَبِهِ وَهُوَ (اسْمٌ كالتَّمْتينِ) . وَفِي التّهْذيب: يُقَال: أَخَذَ} بتَلْبِيبِ فُلانٍ: إِذا جَمَعَ عَلَيْهِ ثَوْبَهُ الَّذِي هُوَ لابسُهُ عندَ صدرِه، وقَبَضَ عَلَيْهِ يَجُرُّهُ. وَفِي الحَدِيث: (أَخَذْتُ بتَلْبِيبِه، وجَرَرْتُه) . وكذالك: أَخَذْتُ بتَلابِيبِه.
(و) أَلَبَّ الزَّرْعُ، مثلُ أَحَبَّ: إِذا دَخَلَ فيهِ الأُكْلُ.
( {أَلَبَّ لهُ الشَّيْءُ: عَرَضَ) ، قَالَ رُؤْبَةُ:
وإِنْ قَرَاً أَوْ مَنْكِبٌ} أَلَبّا
(و) عَن الأَصْمَعِيِّ، قَالَ: كَانَ أَعْرَابِيٌّ عندَهُ امْرَأَةٌ، فَبَرِمَ بهَا، فأَلْقاها فِي بِئْرٍ غَرَضاً بهَا، فمرّ بهَا نفر، فسَمِعُوا هَمْهَمَتَهَا من البِئر، فاستخرجُوها وَقَالُوا: منْ فَعَلَ هاذا بِكِ؟ فَقَالَت: زَوجي، فقالُوا: ادْعِي اللَّهَ عَلَيْهِ، فَقَالَت: لَا تُطاوِعُني بَنَاتُ {- أَلْبُبِي. قالُوا: (بَناتُ} أَلْبُبٍ، بضمّ الباءِ) المُوَحَّدة الأُولى، (و) قد (فَتَحَها) أَبو العَبَّاس (المُبَرّدُ) فِي قَول الشّاعر:
قَدْ عَلِمَتْ ذَاكَ بَنَاتُ! أَلْبَبِهْ
وَهِي (عُروقٌ فِي القَلْبِ) متّصلةٌ بِهِ، (تكونُ مِنْهَا الرَّقَّةُ) والشَّفَقَةُ. ولاكنْ يُقَالُ: لَيْسَ لنا فِي الْجمع أَفْعَل بالفَتح كأَحْمَدَ.
وَفِي المُحْكَم: قد عَلِمَتْ بذالِك بَنَاتُ {أَلْبُبِهِ، يَعْنُونَ لُبُّهُ، وَهُوَ أَحد مَا شَذَّ من المُضَاعَفَ، فجاءَ على الأَصل، هاذا مَذْهَب سِيبَوَيْهِ.
وَقَالَ المُبَرِّدُ فِي قَول الشَّاعر يُرِيدُ بَنَاتِ أَعْقَلَ هَذا الحَيِّ، فإِنْ جَمَعْتَ} أَلْبُباً، قلتَ: {أَلابِبُ، والتَّصْغيرُ} أُلَيْبِبٌ، وَهُوَ أَوْلَى من قولِ مَنْ أَعَلَّها.
(و) من المَجَاز: مررتُ بِحيَ ذِي لَبالِبَ، وظَبَاظِبَ. (لَبَالِبُ الغَنَم: جَلَبَتُهَا وصَوتُها) ، وظَبَاظِبُ الإِبِلِ، جَلَبَتُها، كَذَا فِي الأَساس.
(و) يُقَال: (رَجُلٌ لَبٌّ ولَبِيبٌ) ، أَي: (لازِمٌ للأَمْرِ) ، مُقِيمٌ عَلَيْهِ، لَا يَفْتُرُ عَنهُ.
واللَّبُّ، أَيضاً: اللَّطِيف القَرِيبُ من النّاس، والأُنثى لَبَّةٌ، وجمعُهَا لِبابٌ.
(و) من المَجَاز: رَجُلٌ ( {مَلْبُوبٌ) ، أَي: (مَوْصُوفٌ بالعَقْلِ) } واللُّبِّ. قَالَه اللَّيثُ. وَفِي التّهذيب: قَالَ حَسّانٌ:
وجارِيَة مَلْبُوبَة ومُنَجَّسٍ
وطارِقَةٍ فِي طَرْقِها لَمْ تَشَدَّدِ
(و) من المَجاز: ( {اللَّبِيبُ: العاقِلُ) ذُو لُبَ، وَمن أُولِي الأَلْبابِ، (ج} أَلِبَّاءُ) . قَالَ سِيبَوَيْهٍ: لَا يُكَسَّرُ على غير ذالك، والأُنْثَى {لَبيبَةٌ. وَقَالَ الجَوْهَرِي: رَجُلٌ} لَبِيبٌ، مثلُ لَبَ. قَالَ المُضَرِّب بْنُ كَعْب:
فَقُلْتُ لَهَا فِيئِي إِليك فإِنَّني
حَرامٌ وإِنّي بَعْدَ ذاكِ لَبِيبُ
قيل: إِنَّمَا أَراد:! مُلَبّ بِالْحَجِّ، وَقَوله: (بعدَ ذاكِ) ، أَي: مَعَ ذاكِ.
(و) حُكِيَ عَن يُونُسَ أَنّه قَالَ: تقولُ العربُ للرَّجُل تَعْطِفُ عَلَيْهِ: (لَبَابِ لَبَابِ) ، بِالْكَسْرِ (كَقَطَامِ) وحَذَامِ. وَقيل: إِنّه (أَي: لَا بأْسَ) بلُغةِ حِمْيَرَ. قَالَ ابنُ سِيدَه: وَهُوَ عِنْدِي مِمّا تقدّم، كأَنّه إِذا نَفَى البَأْسَ عَنهُ، اسْتَحَبَّ مُلازَمَتَهُ.
(ودَيْرُ {لَبَّى، كحَتَّى، مُثَلَّثَةَ اللاّم: ع بالمَوْصِل) ، قَالَ:
أَسِيرُ وَلَا أَدْرِي لَعَلَّ مَنِيَّتِي
} بِلَبَّى إِلى أَعْرَاقِها قَدْ تَدَلَّتِ
قلت: زَعَمَ المُصَنِّفُ التّثليثَ فِي هاذا الْموضع الّذِي بالمَوْصِل، والصَّحيح أَنّه بالكَسْرِ فَقَطْ كَمَا قيَّده الصّاغانيّ ونَصْرٌ، وَهُوَ بالقُرْب من بَلَدَ بَيْنَهُ وَبَين العقْر، وأَما لُبَّى، بالضَّم والتّشديد وَالْبَاء مُمَالةً، فإِنّه جَبَلٌ نَجْدِيّ، وبالفَتح: مَوضِع آخَرُ، فتأَمَّلْ.
(ولَبَبٌ) ، محرّكةً: (ع) نَقله الصّاغانيُّ.
(و) فِي التَّهْذِيب، فِي الثُّنَائيّ. فِي آخِرِ تَرْجَمَةِ لَبَب مَا نَصُّه: و (يُقَالُ لِلْمَاءِ الكَثِيرِ الَّذِي يَحْمِلُ مِنْهُ الفَتْحُ) .
وَفِي التَّهْذِيب: المِفْتَحُ، بِالْمِيم، (مَا يَسَعهُ فيَضِيقُ صُنْبُورُهُ) ، بالضَّمّ، هُوَ مِثْقَبُ الماءِ (عَنْهُ من كَثْرَتِه) أَي: الماءِ (فَيَسْتَدِيرُ الماءُ عندَ فَمِهِ، ويَصِيرُ كأَنَّه بُلْبُلُ آنِيَةٍ: لَولَبٌ) ، وَجمعه لوَاليبُ. قَالَ أَبو منصورٍ: وَلَا أَدْرِي أَعَرَبيّ هُوَ، أَم مُعَرَّب؟ غيرَ أَنّ أَهلَ العِراق أُولِعُوا باسْتِعْمَالِ اللَّوْلَبِ، وَقَالَ الجوهَرِيُّ فِي تَرْجَمَةِ لوب: وأَمّا المِرْوَدُ، ونَحْوُهُ، فَهُوَ المُلَوْلَبُ، على مُفَوْعَل، كَمَا سيأْتي وَقَالَ فِي تَرْجَمَةِ فولف: ومِمّا جاءَ على بِناءِ فَوْلَفٍ: لَوْلَبُ الماءِ.
ومِمّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ:
قَالَ ابْنُ جنِّي هُوَ لُبَابُ قَوْمِهِ، وهم لُبَابُ قَومهم، وَهِي لُبَابُ قَوْمِها؛ قَالَ جَرِير:
تُدَرِّي فَوْقَ مَتْنَيْها قُرُوناً
على بَشَرٍ وآنِسَةٌ لُبَابُ
والحَسَبُ اللُّبَابُ: الخالِصُ، وَمِنْه سُمِّيَتِ المَرْأَةُ لُبَابَةَ. وَفِي الحَدِيث: (إِنّا حَيٌّ من مَذْحِجٍ، عُبَابُ سَلَفِها، ولُبَابُ شَرَفِها) . اللُّبَابُ: الخالصُ من كُلِّ شَيْءٍ.
واللُّبابُ: طَحِينٌ مُرَقَّقُ.
ولَبَّبَ الحَبُّ: جَرَى فِيهِ الدَّقِيقُ.
ولُبَابُ القَمْحِ، ولُبَابُ الفُسْتُق. وَفِي الأَساس، من المَجَاز: لُبَابُ الإِبِلِ: خِيارُها، ولُبَابُ الحَسَب: مَحْضُهُ. انْتهى.
قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ فَحْلاً مِئْناناً:
مَقاليتُهَا فَهِيَ اللُّبَابُ الحَبَائِسُ
وَقَالَ أَبو الحَسَن فِي الفالُوذَجِ: لُبَابُ القَمْحِ، بِلُعابِ النَّحْلِ.
ولُبُّ كلِّ شَيْءٍ: نَفْسُه، وحَقِيقَتُهُ.
وامْرَأَةٌ واضِحةُ اللِّبَابِ.
{واسْتَلَبَّهُ: امْتَحَنَ لُبَّهُ.
وَمن المَجَاز: هُوَ بِلَبَبِ الوادِي،} ولَبَّبُوا، {واسْتَلَبُّوا: أَخَذُوا فِيهِ، كَذَا فِي الأَساس.
وَعَن ثعلبٍ: لَبَّأْتُ، قالته العربُ بِالْهَمْز، وَهُوَ على غيرِ القِيَاس، وَقد سبقتِ الإِشارةُ إِليه فِي حَلأَ.
وَمن المَجَاز: قَوْلهم: فُلانٌ فِي لَبَبٍ رَخِيَ: إِذا كَانَ فِي بَال، وسَعَة ورَخِيُّ اللَّبَب واسعُ الصَّدْر. وَفِي لبَبٍ رَخِيَ: فِي سَعَة، وخِصْبٍ، وأَمْنٍ. وَفِي الحَدِيث: (إِنَّ اللَّهَ مَنَعَ مِنِّي بَنِي مُدْلِج، لصِلَتِهِم الرَّحِمَ، وطعنِهِم فِي أَلْبابِ الإِبِل) . قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: على هاذه الرِّوايةِ لَهُ معنيانِ: أَحدُهما أَنْ يكونَ أَراد جمعَ اللُّبِّ بِمَعْنى الْخَالِص كأَنّه أَراد خالصَ إِبلهم وكَرَائمَهَا. والثّاني أَنّه أَرادَ جمعَ اللَّبَبِ، وَهُوَ مَوْضِعُ المَنْحَرِ من كُلِّ شَيْءٍ. وَرَوَاهُ بعضُهم: فِي لَبَّاتِ الإِبِلِ.
واسْمُ مَا} يُتَلَبَّبُ: {اللَّبَابَةُ، قَالَ عَنْتَرَةُ:
ولَقَدْ شَهِدْتُ الخَيْلَ يَوْمَ طِرَادِهَا
فطَعَنْتُ تَحْتَ} لَبَابَةِ المُتَمَطِّرِ وتَلَبُّبُ المرأَةِ بمِنْطَقَتِهَا: أَنْ تَضَعَ أَحَد طَرَفَيْهَا على مَنْكِبِهَا الأَيْسَرِ، وتُخْرِجَ وَسَطَها من تَحت يدهَا اليُمْنَى، فَتُغَطِّيَ بِهِ صَدْرَها، وتَرُدَّ الطَّرَفَ الآخَرَ على مَنْكِبِها الأَيْسَرِ.
وَعَن اللَّيْث: والصّرِيخُ إِذا أَنْذَرَ القَوْمَ، واستَصْرخَ: لَبَّبَ، وذالك أَن يَجعَلَ كِنَانَتَه وقَوْسَه فِي عُنُقِه، ثُمّ يَقْبِضَ على {تَلْبِيبِ نَفْسِه، وأَنشد:
إِنَّا إِذا الدَّاعي اعْتَزَى ولَبَّبا
ويُقَالُ:} تَلْبيبُهُ. تَرَدُّدُه، وَقد تقدَّم.
وَقَالَ مُخَارِقُ بْنُ شِهابٍ فِي صفة تَيْسِ غَنَمِه:
ورَاحَتْ أُصَيْلاناً كَأَنَّ ضَرُوعَها
دِلاءٌ وفِيهَا واتِدُ القَرْنِ لَبْلَبُ
أَراد {باللَّبْلَب: شَفَقَتَهُ على المِعْزَى الّتي أُرْسِلَ فِيهَا، فَهُوَ ذُو} لَبْلَبَة، أَي: ذُو شَفَقَة.
{- ولبّى بنُ سعدِ بْنِ شَطَن، ولبّى بنُ صبيرةَ بن عِنَبَةَ: بَطْنانِ من بني سامةَ بن لُؤَيَ، ذكره الأَميرُ عَن سَيّارٍ النَّسَّابةِ.
وَمن المَجَاز: هُوَ مُحِبٌّ لَهُ} بلَبَالِبِ قَلْبِهِ.
واللُّبُّ، بالضَّمّ فِي لُغَة الأَنْدَلُسِ والعُدْوَةِ: سَبُعٌ مَعْرُوف عِنْدهم، شَبِيهٌ بالذِّئب. قَالَ أَبو حَيّانَ فِي شَرح التَّسْهِيل: وَلَيْسَ يكون فِي غَيرهَا من البِلاد.
وأَبو {لُبَابَةَ: بِشْرُ بْنُ عبدِ المُنْذِرِ الأَنْصَارِيُّ، من النُّقَباءِ، وأَبو لبيبَةَ الأَشْهَليُّ: صَحَابِيّانِ.
} ولُبَابَةُ بنتُ عبدِ اللَّهِ بْنِ عَبّاسِ بْنِ عبدِ المُطَّلِب: هِيَ أُمُّ نَفيسة بنتِ زيدِ بْنِ الحَسَن بْنِ عليّ.

لبب


لَبَّ(n. ac. لَبّ)
a. [Bi], Remained, stayed in; kept to.
b. Hurt in the chest.
c. Put the breast-girth on (animal).
d. Faced, fronted.
e.
(n. ac.
لَبَب
لَبَاْبَة), Was intelligent; was brave.
f. I, Uttered a cry.
g. Shelled (almond).
لَبَّبَa. Seized by the collar, collared.
b. Went to & fro.
c. see IV (c) (e) & V (d).
أَلْبَبَa. see 1 (a) (c).
c. [La], Happened, occurred to; appeared to.
d. ['Ala], Kept to.
e. Was pulpy.

تَلَبَّبَa. Girded himself.
b. [La], Made ready for (fight).
c. Grappled each other.
d. Traversed (valley).
إِسْتَلْبَبَa. see V (d)b. Made trial of.

لَبّa. Service; obedience.
b. (pl.
لِبَاْب), Courteous, affable, polite; affectionate, kind; fond.
c. see 25 (b)
لَبَّةa. see 1 (b)b. (pl.
لِبَاْب
& reg.), Throat; thorax.
لُبّ
(pl.
لُبُوْب)
a. Heart; middle, inside; kernel; pith, pulp.
b. Fecula, farina.
c. Crumb.
d. (pl.
أَلُبّ
أَلْبُب

أَلْبَاب
a. Heart; spirit; understanding, intelligence, intellect
mind.
e. The best, choice, flower of; the essence, quintessence
substance of.
f. Poison.

لَبَب
(pl.
أَلْبَاْب)
a. see 1t (b)b. Breast-girth.
c. Sandy tract.

لَبَاْبa. Small quantity of herbage.

لَبَاْبَةa. see 22
لِبَاْبَةa. A coat of mail.

لُبَاْبa. Pure; stainless.
b. see 3 (e)c. Fine flour. —

لَبِيْب
(pl.
أَلْبِبَآءُ)
a. Intelligent, gifted; genius.
b. Assiduous, persevering.

لَبِيْبَةa. A certain garment.

N. P.
لَبڤبَa. Intelligent.
b. see
N. P.
أَلْبَبَ
N. P.
أَلْبَبَa. Girded, girt.

N. Ac.
لَبَّبَa. Collar; upper part of the dress.
مُلْبَب
a. see N. P.
أَلْبَبَ
أَلْبُوْب
a. Kernel of the lote-tree.

بَنَات أَلْبُب
a. The veins of the heart.
b. Heart-strings.

لَبَّيْكَ
a. At thy service!

لَبَابِ لَبَابِ
a. No harm! Have no fear!

لَوْلَب (pl.
لَوَالِب)
a. Spout; cock, tap; tube.
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.