Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: يلون

الإقليم السابع

الإقليم السابع:
أوله حيث يكون النهار في الاستواء سبعة أقدام ونصفا وعشرا وسدس عشر قدم، كما هو في الإقليم السادس، لأن آخره أول هذا، وآخره حيث يكون الظلّ نصف النهار في الاستواء ثمانية أقدام ونصفا ونصف عشر قدم، وليس فيه كثير عمران، إنما هو في المشرق غياض وجبال يأوي إليها فرق من الترك كالمستوحشين، ويمرّ على جبال باشغرد، وحدود البجناكية، وبلدي سرار، وبلغار، والروس، والصقالبة، والبلغرية، وينتهي إلى البحر المحيط، وقليل من وراء هذا الإقليم من الأمم مثل أيسو، وورانك، ويورة، وأمثالهم، ووقع في طرفه الأدنى الذي يلي الجنوب، حيث وقع الطرف الأقصى الشمالي من الإقليم الخامس، وطرفه الأقصى في الإقليم السادس الذي يليه، وذلك سمت خوارزم، وطرابزندة شرقا وغربا، ووقع في طرفه الأقصى الذي يلي الشمال، في أقاصي أراضي الصقالبة شرقا وأطراف الترك الذين يلون خوارزم في الشمال، ووقع في وسطه في اللان، ولم يقع فيه مدن معروفة فتذكر، وأطول نهار هؤلاء في أول الإقليم خمس عشرة ساعة ونصف وربع ساعة، وأوسطه ست عشرة ساعة وآخره ست عشرة ساعة وربع، وطول وسطه من المشرق إلى المغرب ستة آلاف ميل وسبعمائة وثمانون ميلا وأربع وخمسون دقيقة، وعرضه مائة وخمسة وثمانون ميلا وعشرون دقيقة، وتكسيره ألف ألف ميل ومائتا ألف ميل وأربعة وعشرون ألف ميل وثمانمائة وأربعة وعشرون ميلا وتسع وأربعون دقيقة، وهو على رأي الفرس للقمر، وعلى رأي الروم للمريخ، واسمه بالفارسية ماه، وله من البروج السرطان، وآخر هذا الإقليم هو آخر العمارة، ليس وراءه إلا قوم لا يعبأ بهم، وهم في ضيق العيش وقلّة الرياضة بالوحش أشبه، والله الموفق للصواب.

خُراسَانُ

خُراسَانُ:
بلاد واسعة، أول حدودها مما يلي العراق أزاذوار قصبة جوين وبيهق، وآخر حدودها مما يلي الهند طخارستان وغزنة وسجستان وكرمان، وليس ذلك منها إنما هو أطراف حدودها، وتشتمل على أمّهات من البلاد منها نيسابور وهراة ومرو، وهي كانت قصبتها، وبلخ وطالقان ونسا وأبيورد وسرخس وما يتخلل ذلك من المدن التي دون نهر جيحون، ومن الناس من يدخل أعمال خوارزم فيها ويعدّ ما وراء النهر منها وليس الأمر كذلك، وقد فتحت أكثر هذه البلاد عنوة وصلحا، ونذكر ما يعرف من ذلك في مواضعها، وذلك في سنة 31 في أيام عثمان، رضي الله عنه، بإمارة عبد الله بن عامر ابن كريز، وقد اختلف في تسميتها بذلك فقال دغفل النسابة: خرج خراسان وهيطل ابنا عالم بن سام بن نوح، عليهما السلام، لما تبلبلت الألسن ببابل فنزل كل واحد منهما في البلد المنسوب إليه، يريد أن هيطل نزل في البلد المعروف بالهياطلة، وهو ما وراء نهر جيحون، ونزل خراسان في هذه البلاد التي ذكرناها دون النهر فسمّيت كل بقعة بالذي نزلها، وقيل: خر اسم للشمس بالفارسية الدّريّة وأسان كأنه أصل الشيء ومكانه، وقيل: معناه كل سهلا لأن معنى خر كل وأسان سهل، والله أعلم، وأما النسبة إليها ففيها لغات، في كتاب العين: الخرسي منسوب إلى خراسان، ومثله الخراسي والخراساني ويجمع على الخراسين بتخفيف ياء النسبة كقولك الأشعرين، وأنشد:
لا تكرمن من بعدها خرسيّا
ويقال: هم خرسان كما يقال سودان وبيضان، ومنه قول بشار في البيت:
من خرسان لا تعاب
يعني بناته، وقال البلاذري: خراسان أربعة أرباع، فالربع الأول إيران شهر وهي نيسابور وقهستان والطّبسان وهراة ويوشنج وباذغيس وطوس واسمها طابران، والربع الثاني مرو الشاهجان وسرخس ونسا وأبيورد ومرو الروذ والطالقان وخوارزم وآمل وهما على نهر جيحون، والربع الثالث، وهو غربي النهر وبينه وبين النهر ثمانية فراسخ، الفارياب والجوزجان وطخارستان العليا وخست واندرابة والباميان وبغلان ووالج، وهي مدينة مزاحم بن بسطام، ورستاق بيل وبذخشان، وهو مدخل الناس إلى تبّت، ومن اندرابة مدخل الناس إلى كابل، والترمذ، وهو في شرقي بلخ، والصغانيان وطخارستان السّفلى وخلم وسمنجان، والربع الرابع ما وراء النهر بخارى والشاش والطّراربند والصّغد، وهو كسّ، ونسف والروبستان وأشروسنة وسنام، قلعة المقنع، وفرغانة وسمرقند، قال المؤلف: فالصحيح في تحديد خراسان ما ذهبنا إليه أوّلا وإنما ذكر البلاذري هذا لأن جميع ما ذكره من البلاد كان مضموما إلى والي خراسان وكان اسم خراسان يجمعها، فأما ما وراء النهر فهي بلاد الهياطلة ولاية برأسها وكذلك سجستان ولاية برأسها ذات نخيل، لا عمل بينها وبين خراسان، وقد روي عن شريك بن عبد الله أنه قال:
خراسان كنانة الله إذا غضب على قوم رماهم بهم، وفي حديث آخر: ما خرجت من خراسان راية في جاهلية وإسلام فردّت حتى تبلغ منتهاها، وقال ابن قتيبة: أهل خراسان أهل الدعوة وأنصار الدولة ولم يزالوا في أكثر ملك العجم لقاحا لا يؤدّون إلى أحد إتاوة ولا خراجا، وكانت ملوك العجم قبل ملوك الطوائف تنزل بلخ حتى نزلوا بابل ثم نزل أردشير بن بابك فارس فصارت دار ملكهم وصار بخراسان ملوك الهياطلة، وهم الذين قتلوا فيروز بن يزدجرد بن بهرام ملك فارس، وكان غزاهم فكادوه بمكيدة في طريقه حتى سلك سبيلا معطشة يعني مهلكة، ثم خرجوا إليه فأسروه وأكثر أصحابه معه، فسألهم أن يمنّوا عليه وعلى من أسر معه من أصحابه وأعطاهم موثقا من الله وعهدا مؤكّدا لا يغزوهم أبدا ولا يجوز حدودهم، ونصب حجرا بينه وبينهم صيره الحدّ الذي حلف عليه وأشهد الله عز وجل على ذلك ومن حضره من أهله وخاصة أساورته، فمنّوا عليه وأطلقوه ومن أراد ممن أسر معه، فلما عاد إلى مملكته دخلته الأنفة والحميّة مما أصابه وعاد لغزوهم ناكثا لأيمانه غادرا بذمته وجعل الحجر الذي كان نصبه وجعله الحدّ الذي حلف أنه لا يجوزه محمولا أمامه في مسيره يتأول به أنه لا يتقدّمه ولا يجوزه، فلما صار إلى بلدهم ناشدوه الله وأذكروه به فأبى إلا لجاجا ونكثا فواقعوه وقتلوه وحماته وكماته واستباحوا أكثرهم فلم يفلت منهم إلّا الشريد، وهم قتلوا كسرى بن قباذ، ثم أتى الإسلام فكانوا فيه أحسن الأمم رغبة وأشدّهم إليه مسارعة منّا من الله عليهم وتفضّلا لهم، فأسلموا طوعا ودخلوا فيه سلما وصالحوا عن بلادهم صلحا، فخفّ خراجهم وقلّت نوائبهم ولم يجر عليهم سباء ولم تسفك فيما بينهم دماء، وبقوا على ذلك طول أيام بني أميّة إلى أن أساعوا السيرة واشتغلوا باللّذات عن الواجبات، فانبعث عليهم جنود من أهل خراسان مع أبي مسلم الخراساني ونزع عن قلوبهم الرحمة وباعد عنهم الرأفة حتى أزالوا ملكهم عن آخرهم رأيا وأحنكهم سنّا وأطولهم باعا فسلّموه إلى بني العباس، وأنفذ عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، الأحنف بن
قيس في سنة 18 فدخلها وتملّك مدنها فبدأ بالطّبسين ثم هراة ومرو الشاهجان ونيسابور في مدّة يسيرة، وهرب منه يزدجرد بن شهريار ملك الفرس إلى خاقان ملك الترك بما وراء النهر، فقال ربعي بن عامر في ذلك:
ونحن وردنا، من هراة، مناهلا ... رواء من المروين، إن كنت جاهلا
وبلخ ونيسابور قد شقيت بنا، ... وطوس ومرو قد أزرنا القنابلا
أنخنا عليها، كورة بعد كورة، ... نفضّهم حتى احتوينا المناهلا
فلله عينا من رأى مثلنا معا، ... غداة أزرنا الخيل تركا وكابلا
وبقي المسلمون على ذلك إلى أن مات عمر، رضي الله عنه، وولي عثمان، فلما كان لسنتين من ولايته ثرا بنو كنازا، وهم أخوال كسرى، بنيسابور وألجئوا عبد الرحمن بن سمرة وعمّاله إلى مرو الروذ وثنّى أهل مرو الشاهجان وثلّث نيزك التركي فاستولى على بلخ وألجأ من بها من المسلمين إلى مرو الروذ وعليها عبد الرحمن بن سمرة، فكتب ابن سمرة إلى عثمان بخلع أهل خراسان فقال أسيد بن المتشمّس المرّيّ:
ألا أبلغا عثمان عني رسالة، ... فقد لقيت عنّا خراسان بالغدر
فأذك، هداك الله، حربا مقيمة ... بمروي خراسان العريضة في الدّهر
ولا تفترز عنّا، فإن عدوّنا ... لآل كنازاء الممدّين بالجسر
فأرسل إلى ابن عامر عبد الله بن بشر في جند أهل البصرة، فخرج ابن عامر في الجنود حتى تولّج خراسان من جهة يزد والطّبسين وبثّ الجنود في كورها وساروا نحو هراة فافتتح البلاد في مدّة يسيرة وأعاد عمال المسلمين عليها، وقال أسيد بن المتشمّس بعد استرداد خراسان:
ألا أبلغا عثمان عنّي رسالة، ... لقد لقيت منّا خراسان ناطحا
رميناهم بالخيل من كلّ جانب، ... فولّوا سراعا واستقادوا النوائحا
غداة رأوا خيل العراب مغيرة، ... تقرّب منهم أسدهنّ الكوالحا
تنادوا إلينا واستجاروا بعهدنا، ... وعادوا كلابا في الديار نوابحا
وكان محمد بن عليّ بن عبد الله بن العباس قال لدعاته حين أراد توجيههم إلى الأمصار: أما الكوفة وسوادها فهناك شيعة عليّ وولده والبصرة وسوادها فعثمانية تدين بالكفّ، وأما الجزيرة فحرورية مارقة وأعراب كأعلاج ومسلمون أخلاقهم كأخلاق النصارى، وأما الشام فليس يعرفون إلا آل أبي سفيان، وطاعة بني مروان عداوة راسخة وجهل متراكم، وأما مكة والمدينة فغلب عليهما أبو بكر وعمر، ولكن عليكم بأهل خراسان فإن هناك العدد الكثير والجلد الظاهر وهناك صدور سليمة وقلوب فارغة لم تتقسّمها الأهواء ولم تتوزعها النّحل ولم يقدم عليهم فساد، وهم جند لهم أبدان وأجسام ومناكب وكواهل وهامات ولحى وشوارب وأصوات هائلة ولغات فخمة تخرج من أجواف منكرة، فلما بلغ الله إرادته من بني أمية وبني العباس أقام أهل خراسان مع خلفائهم على أحسن حال وهم أشدّ طاعة وأكثر تعظيما للسلطان وهو أحمد سيرة في رعيته
يتزين عندهم بالجميل ويستتر منهم بالقبيح إلى أن كان ما كان من قضاء الله ورأي الخلفاء الراشدين في الاستبدال بهم وتصيير التدبير لغيرهم فاختلّت الدولة وكان من أمرها ما هو مشهور من قبل الخلفاء في زمن المتوكل وهلمّ جرّا ما جرى من أمر الديلم والسلجوقية وغير ذلك، وقال قحطبة بن شبيب لأهل خراسان: قال لي محمد ابن عليّ بن عبد الله أبى الله أن تكون شيعتنا إلا أهل خراسان لا ننصر إلا بهم ولا ينصرون إلّا بنا، إنه يخرج من خراسان سبعون ألف سيف مشهور، قلوبهم كزبر الحديد، أسماؤهم الكنى وأنسابهم القرى، يطــيلون شعورهم كالغيلان، جعابهم تضرب كعابهم، يطوون ملك بني أمية طيّا ويزفّون الملك إلينا زفّا، وأنشد لعصابة الجرجاني:
الدار داران: إيوان وغمدان، ... والملك ملكان: ساسان وقحطان
والناس فارس والإقليم بابل وال ... إسلام مكة والدنيا خراسان
والجانبان العلندان، اللذا خشنا ... منها، بخارى وبلخ الشاه داران
قد ميز الناس أفواجا ورتّبهم، ... فمرزبان وبطريق ودهقان
وقال العباس بن الأحنف:
قالوا خراسان أدنى ما يراد بكم ... ثم القفول، فها جئنا خراسانا
ما أقدر الله أن يدني على شحط ... سكان دجلة من سكان سيحانا
عين الزمان أصابتنا، فلا نظرت، ... وعذّبت بفنون الهجر ألوانا
وقال مالك بن الرّيب بعد ما ذكرناه في ابرشهر:
لعمري لئن غالت خراسان هامتي، ... لقد كنت عن بابي خراسان نائيا
ألا ليت شعري! هل أبيتنّ ليلة ... بجنب الغضا أزجي القلاص النّواجيا؟
فليت الغضا لم يقطع الركب عرضه، ... وليت الغضا ماشى الركاب لياليا
ألم ترني بعت الضلالة بالهدى، ... وأصبحت في جيش ابن عفّان غازيا؟
وما بعد هذه الأبيات في الطّبسين قال عكرمة وقد خرج من خراسان: الحمد لله الذي أخرجنا منها ليطوي خراسان طيّ الأديم حتى يقوّم الحمار الذي كان فيها بخمسة دراهم بخمسين بل بخمسمائة.
وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه قال: إن الدّجّال يخرج من المشرق من أرض يقال لها خراسان يتبعه قوم كأنّ وجوههم المجان المطرقة، وقد طعن قوم في أهل خراسان وزعموا أنهم بخلاء، وهو بهت لهم ومن أين لغيرهم مثل البرامكة والقحاطبة والطاهرية والسامانية وعلي بن هشام وغيرهم ممن لا نظير لهم في جميع الأمم، وقد نذكر عنهم شيئا مما ادعي عليهم والردّ في ترجمة مرو الشاهجان إن شاء الله. فأما العلم فهم فرسانه وساداته وأعيانه، ومن أين لغيرهم مثل محمد بن إسماعيل البخاري ومثل مسلم بن الحجاج القشيري وأبي عيسى الترمذي وإسحاق ابن راهويه وأحمد بن حنبل وأبي حامد الغزّالي والجويني إمام الحرمين والحاكم أبي عبد الله النيسابوري وغيرهم من أهل الحديث والفقه، ومثل الأزهري والجوهري وعبد الله بن المبارك، وكان يعدّ من أجواد الزّهاد والأدباء، والفارابي صاحب ديوان
الأدب والهروي وعبد القاهر الجرجاني وأبي القاسم الزمخشري، هؤلاء من أهل الأدب والنظم والنثر الذين يفوت حصرهم ويعجز البليغ عن عدّهم، وممن ينسب إلى خراسان عطاء الخراساني، وهو عطاء بن أبي مسلم، واسم أبي مسلم ميسرة، ويقال عبد الله ابن أيوب أبو ذؤيب، ويقال أبو عثمان، ويقال أبو محمد، ويقال أبو صالح من أهل سمرقند، ويقال من أهل بلخ مولى المهلّب بن أبي صفرة الأزدي، سكن الشام، وروى عن ابن عمر وابن عباس وعبد الله بن مسعود وكعب بن عجرة ومعاذ بن جبل مرسلا، وروى عن أنس وسعيد بن المسيّب وسعيد بن جبير وأبي مسلم الخولاني وعكرمة مولى ابن عباس وأبي إدريس الخولاني ونافع مولى ابن عمر وعروة بن الزبير وسعيد العقبري والزّهري ونعيم بن سلامة الفلسطيني وعطاء بن أبي رباح وأبي نصرة المنذر بن مالك العبدي وجماعة يطول ذكرهم، روى عنه ابنه عثمان والضحاك بن مزاحم الهلالي وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر والأوزاعي ومالك بن أنس ومعمر وشعبة وحماد بن سلمة وسفيان الثوري والوضين وكثير غير هؤلاء، وقال ابنه عثمان: ولد أبي سنة خمسين من التاريخ، قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: لما مات العبادلة: عبد الله بن عباس وعبد الله ابن الزبير وعبد الله بن عمرو بن العاص صار الفقه في جميع البلدان إلى الموالي، فصار فقيه أهل مكة عطاء بن أبي رباح وفقيه أهل اليمن طاووس وفقيه أهل اليمامة يحيى بن أبي كثير وفقيه أهل البصرة الحسن البصري وفقيه أهل الكوفة النخعي وفقيه أهل الشام مكحول وفقيه أهل خراسان عطاء الخراساني إلا المدينة فإن الله تعالى خصها بقرشيّ، فكان فقيه أهل المدينة غير مدافع سعيد بن المسيّب، وقال أحمد ابن حنبل: عطاء الخراساني ثقة، وقال يعقوب بن شيبة: عطاء الخراساني مشهور، له فضل وعلم، معروف بالفتوى والجهاد، روى عنه مالك بن أنس، وكان مالك ممن ينتقي الرجال، وابن جريج وحماد ابن سلمة والمشيخة، وهو ثقة ثبت.

الهوبجة

(الهوبجة) الأَرْض المرتفعة فِيهَا حَصى والموضع المنخفض من الأَرْض وحفرة صَغِيرَة تحفر فِي مناقع المَاء يســيلون المَاء إِلَيْهَا فيشربون مِنْهَا ومنتهى الْوَادي حَيْثُ تدفع دوافعه

دَيرُ بَوَنَّا

دَيرُ بَوَنَّا:
بفتح أوله وثانيه، وتشديد النون، مقصور: بجانب غوطة دمشق في أنزه مكان، وهو من أقدم أبنية النصارى، يقال إنه بني على عهد المسيح، عليه السلام، أو بعده بقليل، وهو صغير ورهبانه قلــيلون، اجتاز به الوليد بن يزيد فرأى حسنه فأقام به يوما في لهو ومجون وشرب، وقال فيه:
حبّذا ليلتي بدير بونّا، ... حيث نسقي شرابنا ونغنّى
كيف ما دارت الزجاجة درنا، ... يحسب الجاهلون أنّا جننّا
ومررنا بنسوة عطرات، ... وغناء وقهوة، فنزلنا
وجعلنا خليفة الله فطرو ... س مجونا، والمستشار يحنّا
فأخذنا قربانهم ثم كفّر ... نا لصلبان ديرهم، فكفرنا
واشتهرنا للناس حيث يقولو ... ن، إذا خبّروا بما قد فعلنا
وفيه يقول أبو صالح عبد الملك بن سعيد الدمشقي:
تملّيت طيب العيش في دير باونّا، ... بندمان صدق كمّلوا الظّرف والحسنا
خطبت إلى قسّ به بنت كرمة ... معتّقة قد صيّروا خدرها دنّا

فَامِيَةُ

فَامِيَةُ:
بعد الألف ميم ثم ياء مثناة من تحت خفيفة:
مدينة كبيرة وكورة من سواحل حمص، وقد يقال لها أفامية، بالهمزة في أوله، وقد ذكرت في موضعها، وذكر قوم أن الأصل في فامية ثانية بالثاء المثلثة والنون، وذاك أنها ثاني مدينة بنيت في الأرض بعد الطوفان، قال البلاذري: سار أبو عبيدة في سنة 17 بعد افتتاح شيزر إلى فامية فتلقّاه أهلها بالصلح فصالحهم على الجزية والخراج، وقال العساكريّ:
عبد القدّوس بن الريّان بن إسماعيل البهراني قاضي فامية سمع بدمشق محمد بن عائذ وبغيرها عبيد بن جنّاد، روى عنه أبو الطيب محمد بن أحمد بن حمدان الرّسعني الورّاق، وفامية أيضا: قرية من قرى واسط بناحية فم الصّلح، ينسب إليها أبو عبد الله عمر بن إدريس الصلحي ثم الفامي، حدث عن أبي مسلم الكجّي، روى عنه أبو العلاء محمد بن يعقوب الواسطي، سكن بغداد وحدث بها، وذكر أحمد ابن أبي طاهر أنه رفع إلى المأمون أن رجلا من الرعية لزم بلجام رجل من الجند يطالبه بحقّ له فقنّعه بالسوط فصاح الفاميّ: وا عمراه ذهب العدل منذ ذهبت! فرفع ذلك إلى المأمون فأمر بإحضارهما، فقال للجنديّ: ما لك وله؟ فقال: إن هذا رجل كنت أعامله وفضل له عليّ شيء من النفقة فلقيني على الجسر فطالبني فقلت إني أريد دار السلطان فإذا رجعت وفيتك، فقال: لو جاء السلطان ما تركتك، فلما ذكر الخلافة يا أمير المؤمنين لم أتمالك أن فعلت ما فعلت، فقال للرجل: ما تقول فيما يقول؟ فقال:
كذب عليّ وقال الباطل، فقال الجنديّ: إن لي جماعة يشهدون إن أمر أمير المؤمنين بإحضارهم أحضرتهم، فقال المأمون: ممن أنت؟ قال: من أهل فامية، فقال: أما عمر بن الخطاب فكان يقول من كان جاره نبطيّا واحتاج إلى ثمنه فليبعه، فان كنت انما طلبت سيرة عمر فهذا حكمه في أهل فامية، ثم أمر له بألف درهم وأطلقه، وهذه فامية التي عند واسط بغير شكّ، قال عيسى بن سعدان الحلبي شاعر معاصر يذكر فامية:
يا دار علوة ما جيدي بمنعطف ... إلى سواك، ولا قلبي بمنجذب
ويا قرى الشام من لــيلون لا بخلت ... على بلادكم هطّالة السّحب
ما مرّ برقك مجتازا على بصري ... إلّا وذكّرني الدارين من حلب
ليت العواصم من شرقيّ فامية ... أهدت إليّ نسيم البان والغرب
ما كان أطيب أيّامي بقربهم ... حتى رمتني عوادي الدهر من كشب
وقد اختلف في أبي جعفر أحمد بن محمد بن حميد المقرئي الفامي الملقّب بالفيل فقيل هو منسوب إلى الصنعة وقيل إلى البلدة، أخذ عرضا عن أبي جعفر عمرو بن الصّبّاح بن صبيح الضرير الكوفي عن أبي عمر حفص بن سليمان بن المغيرة البزّاز الأسدي عن عاصم بن أبي النّجود الأسدي، وأخذ أيضا عن يحيى ابن هاشم بن أبي كبير الغسّاني السمسار عن حمزة بن حبيب الزّيّات، وسمع عليّ بن عاصم بن عليّ بن عاصم وآخرين، روى عنه أبو بكر محمد بن خلف ابن حيّان ووكيع القاضي البغدادي خليفة عبدان على قضاء الأهواز وأبو بكر أحمد بن موسى بن مجاهد البغدادي وأبو عبد الله محمد بن جعفر بن أبي
أميّة الكوفي وأحمد بن عبد الرحمن بن البحتري الدّقّاق المعروف بالوليّ، وقال: الوليّ هذا هو من فامية وكان يلقّب فيلا لعظم خلقته، توفي سنة 287، وقرأ على عمرو بن الصّبّاح في سنة 218، وقال غيره: 220، ومات عمرو هذا سنة 221، وكان يتولى فامية رجل كرديّ يقال له أبو الحجر المؤمل بن المصبّح نحو أربعين سنة من قبل الخليفة، فلما حضر القرمطيّ في سنة 290 بالشام مال إليه وأغراه بأهل المعرّة حتى قتلهم قتلا ذريعا، فلما قتل القرمطيّ أسرى إلى هذا الكردي إبراهيم وأنجو ابنا يوسف القصصي فأوقعا به فهرب منهما حتى ألقى نفسه في بحيرة أفامية فأقام بها أيّاما وقتل ابنه، فقال فيه بعض شعراء المعرّة:
توهّم الحرب شطرنجا يقلّبها ... للقمر ينقل منه الرّخّ والشّاها
جازت هزيمته أنهار فامية ... إلى البحيرة حتى غطّ في ماها

فِزْرَانِيا

فِزْرَانِيا:
بكسر أوله، وسكون ثانيه، وراء، وبعد الألف نون مكسورة، وياء آخر الحروف: قرية من قرى نهر الملك من ضواحي بغداد، وأكثر ما يتلفظ بها أهلها بغير الألف فيقولون فزرينيا كأنهم يمــيلون الألف فترجع ياء، ينسب إليها محمد بن أحمد بن هبة الله بن ثعلبة الفزراني يلقب بالبهجة، كان قارئا نحويّا، صحب أبا محمد بن الخشّاب وسمع من أبي بكر المبارك بن الحسن الشّهرزوري وغيرهما وروى الحديث، ومات في السابع والعشرين من صفر سنة 603، ومولده سنة 530.

كَنْعانُ

كَنْعانُ:
بالفتح ثم السكون، وعين مهملة، وآخره نون، قال ابن الكلبي: ولد لنوح سام وحام ويافث [1]- في هذه الأبيات إقواء.
وشالوما وهو كنعان وهو الذي غرق ودال لا عقب له، ثم قال: الشام منازل الكنعانيين، وأما الأزهري فقال: كنعان بن سام بن نوح إليه ينسب الكنعانيون وكانوا يتكلمون بلغة تضارع العربية، وهذا مستقيم حسن: وهو من أرض الشام، قال بعضهم: كان بين موضع يعقوب بن كنعان ويوسف بمصر مائة فرسخ، وكان مقام يعقوب بأرض نابلس وبه الجبّ الذي ألقي يوسف فيه معروف بين سنجل ونابلس عن يمين الطريق، وكان مقام يعقوب، عليه السّلام، في قرية يقال لها ســيلون، وقال أبو زيد: كان مقام يعقوب بالأردنّ، وكل هذا متقارب، وهو عجميّ وله في العربية مخارج، يجوز أن يكون من قولهم: أكنع به أي أحلف، أو من الكنوع وهو الذل، أو من الكنع وهو النقصان، أو من الكانع وهو السائل الخاضع، أو من الكنيع وهو المائل عن القصد، أو من الأكنع والكنيع وهو الذي تشنّجت يده وغير ذلك.

المَعْمَلُ

المَعْمَلُ:
بوزن معمر إلا أن آخره لام: قرية من أعمال مكة، قال أبو منصور: لبني هاشم في وادي بيشة ملك يقال له المعمل، وكان أول أمر المعمل أنه كان بنى من بيشة بين سلول وخثعم فيحفر السلوليون ويضعون فيه الفسيل فيجيء الخثعميون وينتزعون ذلك الفسيل ويهدمون ما حفر السلوليون ويفعل مثل ذلك الخثعميون فيزيلون الفسيل ولا يزال بينهم قتال وضرب فكان ذلك المكان يسمّى مطلوبا، فلما رأى ذلك العجير السلولي الشاعر تخوّف أن يقع بين الناس شرّ هو أعظم من ذلك فأخذ من طينه ومائه ثم ارتحل حتى لحق بهشام بن عبد الملك ووصف له صفته وأتاه بمائه وطينه، وماؤه عذب، فقال له هشام: كم بين الشمس وبين هذا الماء؟ قال: أبعد ما يكون بعده، قال: فأين هذا الطين؟ قال: في الماء، وأخبره بماء جوف بيشة، وبيشة من أعمال مكة مما يلي بلاد اليمن من مكة على خمس مراحل، وأخبره بما في بيشة والأودية التي معها من النخل والفسيل وأخبره أن ذلك يحتمل نقل عشرة آلاف فسيلة في يوم واحد، فأرسل هشام إلى أمير مكة أن يشتري مائتي زنجيّ ويجعل مع كل زنجيّ امرأته ثم يحملهم حتى يضعهم بمطلوب وينقل إليهم الفسيل فيضعونه بمطلوب، فلما رأى الناس ذلك قالوا: إن مطلوبا معمل يعمل فيه، فذهب اسمه المعمل إلى اليوم، قال العجير السلولي:
لا نوم للعين إلا وهي ساهرة ... حتى أصيب بغيظ أهل مطلوب
إن تشتموني فقد بدّلت أيكتكم ... زرق الدجاج وتجفاف اليعاقيب
قد كنت أخبرتكم أن سوف يعمرها ... بنو أميّة وعدا غير مكذوب
الأيكة: جماعة الأراك، وذلك أنه نزع ووضع مكانه الفسيل.

المَعْمُورَةُ

المَعْمُورَةُ:
اسم لمدينة المصيصة نفسها، وذلك أنها قد خربت بمجاورة العدوّ، فلما ولي المنصور شحنها بثمانمائة رجل، فلما دخلت سنة 139 أمر بعمران المصيصة وكان حائطها قد تشعّث بالزلازل وأهلها قلــيلون في داخل المدينة، فبنى سورها وسكنها أهلها في سنة 140 وسماها المعمورة وبنى فيها مسجدا جامعا.

أوشم

(أوشم) فلَان يفعل كَذَا أَخذ وَفِي الْأَمر نظر فِيهِ وَفِي عرض فلَان عابه وسبه والفتاة بَدَأَ ثديها ينتأ وَالْإِبِل صادفت مرعى موشما وَالسَّمَاء بدا مِنْهَا برق والبرق لمع لمعا خفِيا وَالْأَرْض ظهر شَيْء من نباتها والنبت ظهر أَوله وَالْكَرم ابْتَدَأَ يلون وَتمّ نضجه ولان وطاب والشيب فِي الرَّأْس كثر وانتشر

الأرجوحة

(الأرجوحة) مَا تترجح براكبها وَهِي حَبل يشد رأساه فِي مَكَان مُرْتَفع وَيقْعد فِيهِ الصّبيان وَاحِدًا بعد وَاحِد ويمــيلون بِهِ فَيَجِيء وَيذْهب مُعَلّقا فِي الْهَوَاء وَيُقَال للفلاة أرجوحة كَأَنَّمَا ترجح من سَار فِيهَا أَو تطوح بِهِ (ج) أراجيح

الجهاد

الجهاد
قوبل الدين الجديد بأعنف مظاهر المعارضة، واجتمع أعداؤه يريدون القضاء عليه، ويحاولون بكل ما أوتوا من قوة أن يخنقوه في مهده، وأن يبيدوا فكرته ومبادئه، ولم يقفوا عند حد الجدل اللسانى، أو المعارضة القولية، بل تعدوا ذلك إلى أشد ألوان الإيذاء، فحملوا بقسوة على من اعتنق هذا الدين الجديد، حتى أصبح مقامهم في وطنهم عبئا لا يحتمل، وجحيما لا يطاق، ففروا بدينهم إلى المدينة، وضحوا في سبيل عقيدتهم بأموالهم. وأهليهم، فكان من الطبيعى أن يسمح لمعتنقى هذا الدين الذى اتخذ شعاره: ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ (النحل 125). أن يعدوا العدة للدفاع عن أنفسهم، والدفاع عن عقيدتهم، حتى يتدبر الناس أمرها في حرية وأمن، ويتدبروا ما فيها من الحق والصواب، فيعتنقوها عن اقتناع، ويدخلوها مطمئنين، لا يخافون، وقد بين القرآن ذلك في قوله: أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ (الحج 39، 40). وإن أحق ما يعطاه المظلوم من الحقوق الدفاع عن النفس، ليعيش آمنا في سربه، مطمئنّا إلى حياته، لا يخشى أحدا على نفسه ولا عقيدته، والجهاد هو الذى يدفع شرّة العدو، ويحول بينه وبين الاعتداء والتعدى، فَقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْساً وَأَشَدُّ تَنْكِيلًا (النساء 84).
وإذا كان للجهاد، هذا الأثر القوى في تأمين الجماعة الناشئة على نفسها وعقيدتها، فلا جرم كان له مكانه الممتاز بين مبادئ هذا الدين وقواعده، حتى إنه لينكر أن يسوى به غيره مما لا يبلغ قدره وقيمته، فيقول: أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَعِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيها نَعِيمٌ مُقِيمٌ خالِدِينَ فِيها أَبَداً إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (التوبة 19 - 22).
ويقول: لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً (النساء 95).
أرأيت هذا التكرير وما يحمله من معانى التوكيد، مثبتا في النفس فضل الجهاد وقدره وقيمته.
والقرآن يعترف بأن الجهاد فريضة ثقيلة على النفوس، لا تتقبله في يسر، ولا تنقاد إليه في سهولة، فهو يعلم ما لغريزة حب الذات من أثر قوى في حياة الإنسان وتوجيه أفعاله، ولذلك تحدث في صراحة، مقررا موقف النفس الإنسانية، من تلك الفريضة الشاقة، التى يعرض المرء فيها حياته لخطر الموت، وقد طبعت النفوس على بغضه وكراهيته، فقال كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (البقرة 216). ويقرر في صراحة أن نفوس المسلمين قد رغبت في أن تظفر بتجارة المكيين الآئبة من الشام، والتى يستطيعون الاستيلاء عليها من غير أن يريقوا دماءهم في قتال مرير مع القرشيين، إذ يقول: وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّها لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ وَيَقْطَعَ دابِرَ الْكافِرِينَ (الأنفال 7).
وإذا كانت النفس الإنسانية تجد الجهاد فريضة شاقة، فقد جمع القرآن حولها من المغريات ما يدفع إلى قبولها قبولا حسنا، بل إلى حبها والرغبة فيها.
وإذا كان أول ما يثنى المرء عن الجهاد هو حبه للحياة وبغضه للموت، فقد أكد القرآن مرارا أن هذا الذى يقتل في سبيل الله حىّ عند ربه يرزق، وإن كنا لا نشعر بحياته ولا نحس بها، فقال: وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (آل عمران 169 - 171). وإذا كان من يقتل في سبيل الله حيا يرزق، ويظفر بحياة سعيدة، فرحا بما أنعم الله به عليه، ولا يمسه خوف، ولا يدركه حزن، فلا معنى للإحجام عن الجهاد، حرصا على حياة لا تنقطع بالموت في ميدان القتال، ولا تنتهى بالاستشهاد، بل يستأنف صاحبها حياة أخرى آمنة، خالصة مما يشوب حياة الدنيا من القلق والمخاوف والأحزان.
ويمضى بعدئذ، غارسا في نفوسهم أن الموت قدر مقدور، لا يستطيع المرء تجنبه أو الهرب منه، فلا معنى إذا لتجنب الجهاد الذى لا يدنى الأجل، إذا كان في العمر فسحة، إذ الأجل لا يتقدم ولا يتأخر، فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ (الأعراف 34). فيقول: قُلْ لَنْ يُصِيبَنا إِلَّا ما كَتَبَ اللَّهُ لَنا هُوَ مَوْلانا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (الأعراف 34). ويقول: يَقُولُونَ لَوْ كانَ لَنا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ ما قُتِلْنا هاهُنا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلى مَضاجِعِهِمْ (آل عمران 154). ويرد على أولئك الذين يزعمون الجهاد مجلبة للموت ردّا رفيقا حازما في قوله: وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا قاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتالًا لَاتَّبَعْناكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمانِ يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما يَكْتُمُونَ الَّذِينَ قالُوا لِإِخْوانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطاعُونا ما قُتِلُوا قُلْ فَادْرَؤُا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (آل عمران 167، 168). وإذا كان المرء يموت عند انقضاء أجله، فلا معنى كذلك للفرار من ميدان القتال خوفا من الموت إذ لا
شىء يحول بينهم وبينه إن كان أجلهم قد دنا، قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذاً لا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرادَ بِكُمْ سُوءاً أَوْ أَرادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً (الأحزاب 16، 17).
وإذا كانت الدنيا زائلة لا محالة والموت قادما لا ريب فيه، وإذا كان الباقى الدائم هو الدار الآخرة والجهاد وسيلة من وسائل السعادة في هذه الدار- كان العاقل الحازم هو هذا الذى يقبل على الجهاد بنفس راضية، مؤثرا ما يبقى على ما يزول قال سبحانه: فَلْيُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا بِالْآخِرَةِ وَمَنْ يُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً (النساء 74). ويرد على هؤلاء الذين اعترضوا على فرض القتال بقوله: وَقالُوا رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتالَ لَوْلا أَخَّرْتَنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتاعُ الدُّنْيا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقى وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ (النساء 77، 78).
ويثير فيهم النخوة الإنسانية، وشهامة الرجولة، حينما يمثل لهم واجبهم المقدس إزاء إنقاذ قوم ضعاف يسامون الذل، ويقاسون الظلم، على أيدى قرية ظالم أهلها، فلا يجدون ملجأ يتجهون إليه سوى الله، يرجونه ويطلبون نصرته، أليس هؤلاء الضعاف أجدر الناس بأن يهب من لديهم نخوة لإنقاذهم من أيدى ظالميهم؟ قال سبحانه: وَما لَكُمْ لا تُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْ هذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُها وَاجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً (النساء 75).
ويمثلهم وأعداءهم معسكرين، أحدهما ينصر الله، وثانيهما ينصر الشيطان، أحدهما يدافع عن الحق، وثانيهما يدافع عن الباطل والغواية، والدفاع عن الحق من عمل الإنسان الكامل، أما الباطل فلا يلبث أن ينهار في سرعة، لأنه هشّ ضعيف، الَّذِينَ آمَنُوا يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقاتِلُوا أَوْلِياءَ الشَّيْطانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطانِ كانَ ضَعِيفاً (النساء 76).
أما جزاء الجهاد فقد أعد الله للمجاهد مغفرة منه ورحمة خيرا مما يتكالب الناس على جمعه في هذه الحياة، وهيأ له جنات تجرى من تحتها الأنهار، فقد عقد معه عقد بيع وشراء، يقاتل في سبيله، فيقتل ويقتل، وله في مقابل ذلك جنة الخلد، ذلك عهد قد أكد الله تحقيقه في قوله: إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بايَعْتُمْ بِهِ وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (التوبة 111). وأكّد القرآن هذا، وكرره في مواضع عدة، فقال مرة: فَالَّذِينَ هاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ثَواباً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوابِ (آل عمران 195). وقال أخرى حاثا على الجهاد مغريا به: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَمَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (الصف 10 - 12).
ويشجعهم على تتبع أعدائهم بلا تباطؤ ولا وهن، مبينا لهم أن أعداءهم ليسوا بأسعد حالا منهم، فهم يتألمون مثلهم ثمّ هم يمتازون عليهم بأن لهم آمالا في الله، ورجاء في ثوابه وجنته، ما ليس لدى أعدائهم، ولذا كانوا أجدر منهم بالصبر، وأحق منهم بالإقدام، فيقول: وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَما تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ ما لا يَرْجُونَ وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً (النساء 104).
تلك هى المغريات التى بثها القرآن هنا وهناك، يحث بها على الجهاد، ويوطن النفس على الرغبة فيه والإقبال عليه، وأنت تراها مغريات طبيعية تدفع النفس إلى الإقدام على مواطن الخطر غير هيابة ولا وجلة، مؤمنة بأنه لن يصيبها إلا ما كتب الله لها، فلا الخوف بمنجّ من الردى، ولا الإحجام بمؤخر للأجل، مؤملة خير الآمال في حياة سعيدة قادمة، لا يعكر صوفها خوف ولا حزن.
وإذا كان الله قد حث النفس الإنسانية على الجهاد، وحببه إليها، فقد حذرها من الفرار من ميدان القتال تحذيرا كله رهبة وخوف، وإن الفرار يوم الزحف لجدير أن يظفر بهذا التهديد، لأنه يوهن القوى، ويفت في العضد، ويسلم إلى الانحدار، والهزيمة، فلا غرابة أن نسمع هذا الزجر العنيف في قوله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (الأنفال 15، 16).
ويشير القرآن إلى أن الإعداد للحرب وسيلة من وسائل تجنّبها، وهو من أجل ذلك يحث على إعداد العدة واتخاذ الأهبة، حتى يرهب العدو ويحذر، فيكون ذلك مدعاة إلى العيش في أمن وسلام، ويدعو القرآن إلى البذل في سبيل هذا الإعداد، حتى ليتكفل بوفاء النفقة لمن أنفق من غير ظلم ولا إجحاف به، والقرآن بتقرير هذا المبدأ عليم بالنفس الإنسانية التى يردعها الخوف فيثنيها عن الاعتداء، قال سبحانه: وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ (الأنفال 60).
وبهذه القوة التى أمرنا القرآن بإعدادها نرهب العدو، ونستطيع القضاء عليه، إذا هو حاول الهجوم، أو نقض عهدا كان قد أبرمه معنا، وبها نقلّم أظافره، فلا نغتر بما قد يبديه من خضوع، يخفى وراءه رغبة في الانقضاض إن واتته الفرصة، أو وجد عندنا غفلة، وبهذه القوة يشعر العدو بخشونة ملمسنا، وأننا لسنا لقمة سائغة الازدراء،
فالقتال مباح حتى يأمن سرب الجماعة، ويهدأ بالها، فلا تخشى هجوما ولا مباغتة، ولكن من غير أن تحملنا القوة على الزّهو فنعتدى، وبهذه القوة نقابل الاعتداء بمثله، من غير أن نظهر وهنا ولا استكانة يظنها العدو ضعفا، وبها نقضى على أسباب الفتنة، حتى تصبح حرّيّة العبادة مكفولة، وحرية العقيدة، موطدة الأركان، واستمع إلى هذه المبادئ القوية مصوغة في أسلوب قوى في قوله: وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ حَتَّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلا عُدْوانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ (البقرة 190 - 193).
وإِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ الَّذِينَ عاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لا يَتَّقُونَ فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (الأنفال 55 - 57)، وكَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ إِلَّا الَّذِينَ عاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ فَمَا اسْتَقامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلا ذِمَّةً يُرْضُونَكُمْ بِأَفْواهِهِمْ وَتَأْبى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فاسِقُونَ اشْتَرَوْا بِآياتِ اللَّهِ ثَمَناً قَلِيلًا فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِهِ إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلا ذِمَّةً وَأُولئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ أَلا تُقاتِلُونَ قَوْماً نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْراجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَؤُكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلى مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (التوبة 7 - 15). يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَــكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (التوبة 123). فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمالَكُمْ (محمد 35).
ولم يدع القرآن بابا لتقوية الروح المعنوية لدى المسلمين إلا سلكه، ففضلا عن المغريات التى أسلفنا الحديث عنها، يؤكد لهم مرارا أن الله معهم، وأنه وعد من ينصره بالنصر المؤزر، ويطمئنهم بأنه يمدهم بالملائكة يساعدونهم ويشدون عضدهم، ويخبرهم بأنه ينزل السكينة على قلوبهم، والأمن على أفئدتهم، ويربط على قلوبهم ويثبت أقدامهم، وهو يعلم ما للإيمان الصادق، وما للروح المعنوية القوية من أثر بالغ في صدق الدفاع والنصر، ولهذا جعل المؤمن الصابر الصادق يساوى فى المعركة عشرة رجال، ثم رأى أن هذا الجندى المثالى قليل الوجود، فجعل المؤمن الواحد يساوى اثنين، فللقوة المعنوية أثرها الذى لا ينكر في ميدان القتال، واستمع إليه يقول: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (الأنفال 65).
ويقرر القرآن ما للرعب الذى يلقيه في قلوب أعدائهم من الأثر فيما يلحقهم من الهزائم، وفي كل ذلك تثبيت لقلوب المؤمنين، وتقوية لروحهم المعنوية.
هذا، ومن أهم ما عنى به القرآن وهو يصف القتال الناجح- وصفه المقاتلين يتقدمون إلى العدو في صفوف ملتحمة متجمعة، لا ثغرة للعدو ينفذ منها، ولا جبان بين الصفوف يتقدم في خوف ووهن، وذلك حين يقول: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ (الصف 4). وفي كلمة البنيان والرصّ ما يصور لك صفوف المجاهدين يتقدمون في قوة وحزم، يملأ قلوبهم الإيمان، ويحدوهم اليقين.
كما عنى بالحديث عن الجند الخائن، وأن الخير في تطهير الجيش منهم، فهم آفة يبثون الضعف، ويبذرون بذور الوهن في النفس، ويقودون الجيش إلى الانهيار والهزيمة، وقد أطال القرآن في وصف هؤلاء الجند وتهديدهم وتحذير الرسول من صحبتهم، فقال مرة: وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيداً وَلَئِنْ أَصابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً (النساء 72، 73). ويصفهم مهددا منذرا فى قوله: فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجاهِدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقالُوا لا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كانُوا يَفْقَهُونَ فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيراً جَزاءً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلى طائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَداً وَلَنْ تُقاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُوا مَعَ الْخالِفِينَ وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَماتُوا وَهُمْ فاسِقُونَ وَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَأَوْلادُهُمْ إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِها فِي الدُّنْيا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كافِرُونَ وَإِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُوا بِاللَّهِ وَجاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُولُوا الطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقالُوا ذَرْنا نَكُنْ مَعَ الْقاعِدِينَ رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوالِفِ وَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ (التوبة 81 - 87). ويبين أن الخير في عدم استصحابهم، فيقول: لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ ما زادُوكُمْ إِلَّا خَبالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (المائدة 47). وهذه النذر القوية تؤذن بما للجهاد من أثر في صيانة الدين، والتمكين له في الأرض.
الجهاد:
[في الانكليزية] Effort ،holywar ،struggle against the desires
[ في الفرنسية] Effort ،guerre sainte ،lutte contre les desirs
بالكسر في اللغة بذل ما في الوسع من القول والفعل كما قال ابن الأثير. وفي الشريعة قتال الكفار ونحوه من ضربهم ونهب أموالهم وهدم معابدهم وكسر أصنامهم وغيرها كذا في جامع الرموز. ومثله في فتح القدير حيث قال:
الجهاد غلب في عرف الشرع على جهاد الكفار وهو دعوتهم إلى الدين الحق وقتالهم إن لم يقبلوا، وهو في اللغة أعمّ من هذا انتهى.
والسّير أشمل من الجهاد كما في البرجندي.
وعند الصوفية هو الجهاد الأصغر. والجهاد الأكبر عندهم هو المجاهدة مع النفس الأمّارة كذا في كشف اللغات.

أسْكِيم

أسْكِيم: (يونانية) قلنسوة الآباء اليونانيين (برجرن). ويقول فانسليب في كتابه الأقباط ما معناه: ((الأسكيم أو الثوب الملائكي ويسمى باليونانية Skhèma وقلــيلون هم الذين يلبسونه فليس الجميع لهم طاقة كما يقولون لتوخى أعمال التوبة التي توجبها القوانين الكنسية على من يلبسه، لأنه يتحتم على لابسه أن يسجد على الأرض مصلبا ذراعيه ثلاثمائة مرة في كل ليلة قبل أن ينام فضلا عن الصيامات وسائر الاماتات التي هي من خصائص لبسه)).

هَنأ

(هَنأ) فلَانا بِالْأَمر تهنئة خاطبه راجيا أَن يكون هَذَا الْأَمر مبعث سرُور لَهُ وَقَالَ لَهُ ليهنئك هَذَا الْأَمر
(هَنأ) فلَانا هنئا أعطَاهُ طَعَاما أَو نَحوه وَالْقَوْم عالهم وَالطَّعَام ملحه وَالطَّعَام الرجل سَاغَ ولذ لَهُ وَالرجل غَيره نَصره وسره يُقَال ليهنئك الْوَلَد وبالأمر قَالَ لَهُ ليهنئك هَذَا الْأَمر وَالْإِبِل طلاها بالقطران
هَنأ
: ( {- الهَنِيءُ} والمَهْنَأُ: مَا أَتَاكَ بِلاَ مَشَقَّةٍ) اسمٌ كالمَثْنَي (وَقد {هَنِىءَ) الطعامُ} يَهْنَأُ ( {وهَنُؤَ) } يَهْنُؤُ ( {هَنَاءَةً) : صَارَ} هَنِيئًا، مثل فقِهَ وفَقُهَ.
( {- وهَنَأَنِي) الطعامُ (و) } هَنَأَ (لي الطَّعَامُ {يَهْنَأُ} ويَهْنِىءُ {ويَهنُؤُ} هِنْأً) بِالْكَسْرِ ( {وهَنْأً) بِالْفَتْح، وَلَا نظيرَ لَهُ فِي المهموز، قَالَه الأَخفشُ، وَيُقَال:} - هَنَأَني خُبْزُ فلَان أَي كَانَ {هَنِيئًا.
} وهَنِئْتُ الطَّعَامَ، بِالْكَسْرِ، أَي {تَهَنَّأْتُ بِهِ بغيرِ تَبِعَةٍ وَلَا مَشَقَّةٍ وَقد} هَنَأَنا اللَّهُ الطَّعامَ.
وَكَانَ طَعَاما {اسْتَهْنَأْنَاهُ، أَي اسْتَمْرَأْنَاهُ وَفِي حديثِ سُجودِ السَّهْوِ (} فَهَنَّاهُ ومَنَّاهُ) أَي ذَكَّرَه {- المَهَانِي والأَمانِي، والمُرادُ بِهِ مَا يَعْرِضُ للإِنسانِ فِي صَلاَتِهِ مِن ايحاديثِ النَّفْسِ وتَسْويلِ الشيطانِ.
وَلَك} المَهْنَأُ {والمَهْنَا، والجَمْعُ} المَهانِىءُ، بِالْهَمْز، هَذَا هُوَ الأَصلُ، وَقد يُخَفَّف، وَهُوَ فِي الحدِيثِ أَشْبَهُ، لأَجل مَنَّاه، وَفِي حَدِيث ابنِ مَسعودٍ فِي إِجابة صاحبِ (الرِّبا) (إِذا دَعَا إِنْساناً وأَكلَ طَعَامه (قَالَ) لَك المَهْنَأُ وعَليه الوِزْرُ) أَي يَكونُ أَكلُك لَه {هَنِيئًا لَا تُؤَاخَذُ بِهِ، ووِزْرُه على مَن كَسَبَه. وَفِي حَدِيث النَّخَعِيّ فِي طَعام العُمَّالِ الظَّلَمَةِ (لَك المَهْنَأُ وَعَلَيْهِم الوِزْرُ) .
(} وهَنَأَتْنِيهِ العَافِيَةُ) وَقل {تَهَنَّأْتُه، (وَهُوَ) طَعَامٌ (} - هَنِيءٌ) أَي (سَائغٌ وَمَا كَانَ {هَنِيئاً) أَي سائغاً (وَلَقَد} هَنُؤَ {هَنَاءَةً} وهَنَأَةً! وهَنْأً، كسَحَابَةٍ، وعَجَلَةٍ، وضَرْبٍ) وَفِي بعضُ النّسخ ضُبِط الأَخير بالكَسر، ومثلُه فِي (لِسَان الْعَرَب) قَالَ اللَّيْث: {هَنُؤَ الطعامُ} يَهْنُؤُ {هَنَاءَةً، ولغةٌ أُخرى} هَنَأَ {يَهْنِيءُ بِالْهَمْز.
(و) } التَّهْنِئَةُ: خِلافُ التَّعْزيَة، تَقول: ( {هَنَّأَه بالأَمْرِ) والوَلاَيَةِ} تَهْنِئَةً {وتَهْنِيئًا (} وهَنَأَهُ) هَنْأً إِذا (قَال لَه: {ليَهْنِئْكَ) ، والعربُ تَقول:} لِيَهْنِئْكَ الفَارِسُ. بجزم الْهمزَة، وليَهْنِيكَ الفارِسُ، بياء ساكِنةٍ، وَلَا يجوزُ {لِيَهْنِك كَمَا تَقول الْعَامَّة، أَي لأَن الياءَ بدل من الْهمزَة.
قلت: وَقد ورَد فِي (صَحِيح البُخارِي) فِي حديثِ تَوْبةِ كَعْبِ بن مالكٍ: يَقُولُونَ} ليَهْنِكَ تَوْبَةُ اللَّهِ عَلَيْك، ضَبطه الحافظُ ابنُ حَجَرٍ بكسرِ النُّون، وَزعم ابْن التِّين أَنه بِفَتْحِهَا، وصَوَّبه البَرماوي ونَظَّره الزَّرْكَشِي، فراجع فِي شَرْح الحافظِ العسقَلاني رَحمَه الله تَعَالَى.
( {وهَنَأَه} يَهْنَؤُه) {هَنْأً (و) } هَنَأَهُ ( {يَهْنِئُهُ) ويَهْنُؤُه هَنْأً، أَي (أَطْعَمَه وأَعْطَاهُ) ، لَفٌّ ونَشْرٌ مُرَّتب، (} كَأَهْنَأَهُ) راجِعٌ لأَعطاه، حَكَاهُ ابنُ الأَعرابيّ.
(و) هَنَأَ (الطَّعَامَ هَنْأً {وَهِنْأً} وهَنَاءَةً كسَحابةٍ، كَذَا هُوَ مضبوطٌ، وَفِي بعض النّسخ مكسورٌ مَقْصُور، أَي (أَصْلَحَهُ) .
(و) قَد هَنَأَ (الإِبِلَ {يَهْنَؤُها) } ويَهْنِئُها {ويَهْنُؤُهَا (مُثَلَّثَةُ النُّونِ) هَنَأً كجَبَلٍ، وهَنْأً كضَرْبٍ (: طَلاَهَا} بِالْهِنَاءِ، ككِتَابٍ، للقَطِرَانِ) أَو ضَرْبٍ مِنه، وأَنشد القالي:
وَإِنْ جَرِيْتَ بَوَاطِنُ حَالِبَيْهِ
فَإِنَّ العُرَّ يَشْفِيهِ الهِنَاءُ
قَالَ الزجَّاجُ: وَلم نجد فِيمَا لامُه هَمْزةٌ فَعَلْتُ أَفْعُلُ إِلاَّ {هَنَأْتُ} أَهْنُؤُ وقَرَأْتُ أَقْرُؤُ، والكسرُ نَقله الصَّاغَانِي (والاسْمُ {الهِنْءُ، بالكَسْرِ) وإِبلٌ} مَهْنُوءَةٌ. وَفِي حَدِيث ابنِ مَسْعُود (لأَنْ أُزَاحِمَ جَمَلاً قد {هُنِىءَ بِقَطِرَانٍ أَحَبُّ إِليَّ مِنْ أَنْ أُزَاحِمَ امرَأَةً عَطِرَةً) قَالَ الكسائيّ:} هُنِىءَ: طُلِيَ، والهِنَاءُ الاسمُ! والهَنْءُ الْمصدر، وَمن أَمثالِهم (لَيْسَ الهِنَاءُ بالدَّسِّ) الدَّسُّ: أَن يَطْلِيَ الطَّالِي مَسَاعِرَ الْبَعِير، وَهِي المَواضِعُ الَّتِي يُسْرِع إِليها الجَرَبُ من الآباط والأَرفاغِ ونَحْوِها، فَيُقَال دُسَّ البَعِيرُ فَهُوَ مَدْسُوسٌ، وسيأْتي، فإِذا عَمَّ جَسَدخ البعيرِ كُلُّه {بالهِناءِ فَذَلِك التَّدْجِيلُ، يُضرَب مثلا للَّذي لَا يُبالِغ فِي إِحكام الأَمْر، وَلَا يَسْتَوْثِقُ مِنْهُ، ويَرْضَى باليَسير مِنْهُ. وَفِي حَدِيث ابنِ عَبَّاس فِي مَال الْيَتِيم (إِن كُنْتَ تَهْنَأُ جَرْبَاها) أَي تُعَالِجُ جَرَبَ إِبله بالقَطَرانِ.
(و) هَنَأَ (فُلاناً: نَصَرَهُ) ، نَقله الصَّاغَانِي.
(} وَهنِئَتِ المَاشِيَةُ، كفَرِحَ) تَهْنَأُ (هَنَأً) مُحرَّكَةً (وهَنْأً) بِالسُّكُونِ (: أَصَابَتْ حَظًّا مِنَ البَقْلِ ولَمْ تَشْبَعْ) مِنْهُ (وَهِي إِبِلٌ هَنْأَي) كسَكْرَى.
(و) {هَنِىءَ (بِهِ: فَرِحَ، وَ) } هَنِئْتَ (الطَّعَامَ) بِالْكَسْرِ (: {تَهْنَأُ بِهِ) على صِيغَة الْمُضَارع من الثلاّثي، كَذَا هُوَ فِي النّسخ، وَالَّذِي فِي (لِسَان الْعَرَب) :} وهَنِئْتُ الطَعامَ بِالْكَسْرِ، أَي {تَهَنَّأْتُ بِهِ. .
(} والهِنَاءُ) كِكتَاب (: عِذْقُ النَّخْلَةِ) عَن أَبي حَنِيفة (لُغَةٌ فِي الإِهَانِ) وَالَّذِي صَرَّح بِهِ ابنُ جِنّي أَنه بالكَسر، كالمقلوب مِنْهُ، وإِليه مالَ أَبو عليَ الْفَارِسِي فِي (التَّذْكِرَة) .
( {وهُنَاءَةُ، كثُمَامَةً: اسْم) أَخي مُعاوِيةَ ابنِ عَمْرو بن مالكٍ أَخي} هُنَاءَة ونِوَاءٍ وفَرَاهِيدَ وجَذِيمَةَ الأَبرشِ.
( {والهَانىءُ: الخَادِمُ) ، وَفِي الحَدِيث أَنه قَالَ لأَبي الْهَيْثَم بن التَّيِّهَانِ (لَا أَرَى لَك} هَانِئاً) قَالَ الخَطَّابِيُّ: الْمَشْهُور فِي الرِّواية مَاهِناً أَي خَادِمًا، فإِن صَحَّ فيكونُ اسمَ فاعلٍ من هَنَأْتُ الرَّجُلَ {أَهْنَؤُه هَنْأً إِذا أَعطَيْتَه.
} وهانِىءٌ اسمُ رَجُلٍ، وهانِيءُ بنُ هانِيءٍ رَوى عَنْ عَلِيَ، (وأُمُّ هَانِيءٍ) فاخَتَةُ أَو هِنْدُ (بِنْتُ أَبِي طَالِبٍ) عَمِّ رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَقِيقَةُ عَلِيَ كَرَّم اللَّهُ وجْهَه، أُمُّهما فاطِمةُ بنتُ أَسَدِ بن هاشِمٍ، أَسلمتْ عامَ الفتْحِ، وَكَانَتتَحْتَ هُبَيْرَةَ بنِ وَهْبٍ، المخزوميِّ، فولَدَتْله عُمْراً، وَبِه كَانَ يُكْنَى، {وهانِئاً ويُوسُفَ وجَدْدَةَ، بَنِي هُبَيْرَة وَعَاشَتْ بعدَ عَلِيَ دَهْراً طَويلا، رَضِي الله عَنْهَا.
وَفِي المثَل (إِنَّمَا سُمِّيتَ هَانِئاً} لِتَهْنِىءَ {ولِتَهْنَأَ) أَي لِتُعْطِيَ، لُغتانِ، نقل ذَلِك عَن الفراءِ، وروى الفتحَ الكسائيُّ، وَقَالَ الأُمَوِيُّ:} لِتَهْنِىءَ، بِالْكَسْرِ ايي لِتُمْرِيءَ.
( {وَهَنَّأَهُ} تَهْنِئَة {ً وتَهْنيئاً) مثل هَنَأَه ثلاثياً، وَقد تقدم، وَهُوَ (ضِدُّ عَزَّاهُ) ، من التَّعْزِيَة خِلاَف} التَّهْنِئَة، وَكَانَ الأَنسبُ ذِكْرَ التهنئَة عِنْد هَنأَه بالأَمرِ، السَّابِق ذكره.
( {والمُهَنَّأُ، كمُعَظَّمٍ) ، قَالَ ابنُ السِّكّيت: يُقَال: هَذَا} مُهَنَّأٌ قد جاءَ، بِالْهَمْز، وَهُوَ (اسْم) رجل.
( {واسْتَهْنَأَ) الرجلَ (: اسْتَنْصَرَ) أَي طلب مِنْهُ النَّصْرَ، نَقله الصَّاغَانِي، (و) استهنأَه أَيضاً (: اسْتَعْطَى) ، أَي طلب مِنْهُ العطاءَ، أَنشد ثعلبٌ:
نُحْسِنُ} الهِنْءَ إِذا اسْتَهْنَأْتَنَا
وَدِفَاعاً عَنْكَ بالأَيْدِي الكِبَارِ
{واسْتَهْنَأَك: سَمَحَ لَك ببعضِ الحُقُوقِ، من تَذكرة أَبي عليَ. وَيُقَال: اسْتَهْنَأَ فُلانٌ بَنِي فلانٍ فَلَمْ} يُهْنِئُوه، أَي سأَلُهم فَلم يُعْطُوه، وَقَالَ عُرْوَةُ بن الوَرْدِ:
{ومُسْتَهْنِىءٍ زَيْدٌ أَبُوهُ فَلَمْ أَجِدْ
لَهُ مَدْفَعاً فَاقْنَيِ حَيَاءَكِ وَاصْبِرِي
} واستهنَأَ الطَّعَامَ: استمْرَأَه.
( {واهْتَنَأَ مَالَه) مثل} هَنَأَه ثلاثيًّا (: أَصْلَحَهُ) ، نَقله الصَّاغَانِي، (و) الِاسْم ( {الهِنْءُ، بِالْكَسْرِ) وَهُوَ (العَطَاءُ) قَالَ ابنُ الأَعرابيّ:} تَهَنَّأَ فلانٌ إِذا كَثُرَ عطَاؤخه، مأْخوذٌ من {الهِنْءِ، وَهُوَ العطاءُ الْكثير،} وهَنَأْتُ القَوْمَ، إِذا عُلْتَهم وكَفَيْتَهم وأَعطيتَهم، وَيُقَال {هَنَأَهُمْ شَهْرَيْن} ِ يَهْنَؤُهُمْ إِذا عَالَهمْ، وَمِنْه المَثَلُ (إِنَّمَا سُمِّيت هَانِئاً لِتَهْنَأَ) أَي لِتَعُولَ وتكْفِي، يُضْرَبُ لِمَنْ عُرِفَ بالإِحسانِ، فيُقال لَهُ: اجْرِ عَلَى عَادَتِك وَلَا تَقْطَعْهَا. {وهَنِئَتِ الإِبلُ من نَبْتٍ، أَي شَبِعَنْ. وأَكَلْنَا من هَذَا الطَّعام حَتَّى} هَنِئْنَا مِنْهُ، أَي شَبِعْنَا.
(و) الهِنْءُ، بِالْكَسْرِ أَيضاً (: الطَّائِفَةُ مِنَ اللَّيْلِ) يُقَال: مَضَى هِنْءٌ من اللَّيْل وَيُقَال أَيضاً: هِنْوٌ، بِالْوَاو، كَمَا سيأْتي للمصنّف فِي آخرِ الْكتاب.
( {- والهَنِيءُ والمَرِيءُ: نَهَرانِ) بالرَّقَّةِ أَجراهما بَعْضُ الْمُلُوك، وَقيل: هما (لِهِشَامِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ) المَرْوَانِيِّ، قَالَ جَرِيرٌ يمدَحُ بعضَ المَرْوَانِيَّةِ:
أُوتِيتَ مِنْ حَدَبِ الفُرَاتِ جَوَارِياً
مِنْهَا الهَنِيءُ وسَائِحٌ فِي قَرْقَرَى
قَرْقَرَى: قَرْيَةٌ بِاليَمامةِ فِيهَا سَيْحٌ لبَعض الْمُلُوك، قَالَ عَزَّ وجَلَّ {فَكُلُوهُ} هَنِيئاً مَّرِيئاً} (النِّسَاء: 4) قَالَ الزجّاج: تَقول: {- هَنَأَني الطَّعَام وَأَمرَنِي، فَإِذا لم يذكر} - هَنَأَني قلتَ: أَمْرَأَنِي. وَفِي الْمثل ( {تَهَنَّأَ فُلانٌ بِكَذَا وتَمَرَّأَ وتَغَبَّطَ وتَسَمَّنَ وتَخَيَّل وتَزَيَّنَ، بِمَعْنى واحدٍ. وَفِي الحَدِيث (خَيْرُ الناسِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذين يَلُونَــهُمْ، ثمَّ يَجِيءُ قَوْمٌ يَتَسَمَّنُون) مَعْنَاهُ يَتشَرَّفُونَ ويَتعَظَّمون ويَتَجَمَّلُونَ بِكَثْرَةِ المالِ فيَجمعُونَه وَلَا يُنْفِقونَ بِكَثْرَةِ المالِ فيَجمعُونَه وَلَا يُنْفِقونه. وَقَالَ سِيبويهِ: قَالُوا: هَنِيئاً مَرِيئاً، وَهِي من الصِّفات الَّتِي أُجْرِيَتْ مُجْرَى المصَادِرِ المَدْعُوِّ بهَا فِي نَصْبها على الفِعْلِ غيرِ المُستَعْمَلِ إِظهارُه، لِدَلاَلَته عَلَيْهِ، وانتصابه على فِعْلِ مِن غير لفْظِه، كأَنه ثَبَتَ لَهُ مَا ذُكِرَ لَهُ هَنِيئاً، وَقَالَ الأَزهري: قَالَ المُبرّد فِي قَول أَعشى باهِلَةَ:
أَصَبْتَ فِي حَرَمٍ مِنَّا أَخَاثقَةٍ
هِنْدَ بْنَ أَسْمَاءَ لاَ} يَهْنِىءْ لَكَ الظَّفَرُ
قَالَ: يُقَال: {هَنَأَهُ ذَلِك وهَنَأَ لَه ذَلِك، كَمَا يقغال هَنِيئاً لَهُ، وأَنشد للأَخْطَلِ:
إِلَي إِمَامٍ تُغَادِينَا فَوَاضُلُهُ
أَظْفَرَهُ اللَّهُ} فَلْيَهْنِىءْ لَهُ الظَّفَرُ
(! والهُنَيْئَةُ) بِالْهَمْز، جاءَ ذِكْرها (فِي صَحيح) الإِمام أَبي عبد الله مُحمد بن إِسماعيل (البُخَارِيّ) فِي بَاب مَا يَقُول بعد التَّكْبِير، عَن أَبي هُرَيْرةَ رَضِي اللَّهُ عَنهُ قَالَ: كَانَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وسلميَسْكُت بَين التَّكْبِيرِ وَبَين القراءَة إِسْكَاتَةً، قَالَ: أَحْسَبُه {هُنَيْئَةً (أَي شَيْءٌ يَسِيرٌ) قَالَ الْحَافِظ ابنُ حَجر فِي (فتح الْبَارِي) :} وهُنَيْئة بالنُّون بِلَفْظ التَّصغير، وَهُوَ عِنْد الأَكثر بتَشْديد الياءِ، وذَكر عِياضٌ والقُرطبيُّ أَن أَكثر رُوَاةِ مُسْلِمٍ قَالُوهُ بِالْهَمْز، وَقد وَقع فِي رِوَايَة الكَشْمَيْهَنِي: هُنَيْهَة. بقلْبِها هَاء، وَهِي رِواية إِسحاق والحُمَيْدِيّ فِي مُسْنَدَيْهما عَن جَرِير (وصَوَابه تَرْكُ الهَمْزَةِ) على مَا اخْتَارَهُ المصنّف تبعا للإِمام مُحيي الدِّين النَّوَويّ، فإِنه قَالَ: الهمزُ خَطَأٌ، وأَصلُه هَنْوَة، فَلَمَّا صُغِّرَتْ صارَت هُنَيْوَةً، فَاجْتمع واوٌ وياءٌ، سبقَتْ إِحداهما بِالسُّكُونِ، فقلبت الْوَاو يَاء، ثمَّ أُدْغِمتْ، والصحيحُ على مَا قَالَه شيخُنا ذِكْرُ الرِّوايتين على الصَّوَاب، وتَوْجِيهُ كُلِّ واحدةٍ بِمَا ذَكرُوهُ، وَقَالَ فِي المعتلّ بعد أَن ذَكر تَخطِئة النَّووي لرِوَايَة الْهَمْز مَا نصُّه: وتَعَقّبوه بأَنَّ ذَلِك لَا يمْنَع إِجازَة الْهمزَة فقد تُقْلَب الياءُ همزَة وَالْعَكْس. قلت: والوَجْهُ الَّذِي صَحَّ بِهِ إِبدالُها هَاء يصحُّ بِهِ إِبدالُها هَمزَةً، وَلَا سِيَّما بعد مَا صَحَّت الروايةُ، وَالله أَعلم.
(ويُذكَرُ) هُنَيْئّة (فِي هـ ن و) المعتل (إِن شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى) لأَنه مَوضِع ذِكْرِه، على مَا صَوَّبه، وسيأْتي الْكَلَام عَلَيْهِ إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
وَمِمَّا يسْتَدرك عَلَيْهِ:
{الهِنْءُ، من الأَزْدِ، بِالْكَسْرِ مهموزاً: أَبو قَبِيلَةٍ، هَكَذَا ضَبطه ابنُ خَطِيب الدَّهْشَة، وسيأْتي للمصنّف فِي المعتلِّ.

شَبَّبَ

(شَبَّبَ) الشَّاعِر ذكر أَيَّام اللَّهْو والشباب وبفلانة تغزل بهَا وَوصف حسنها
شَبَّبَ
: (} الشَّبَابُ: الفَتَاءُ) والحَدَاثَةُ ( {كالشَّبِيبَة. وَقد} شَبَّ) الغُلامُ ( {يَشِبُّ) } شَبَاباً، {وشُبُوباً،} وشَبِيباً،! وأَشَبَّهُ اللهُ، {وأَشَبَّ اللهُ قَرْنَه بمَعْنًى، والأَخِيرُ مَجَازٌ والقَرْنُ زِيَادَةٌ فِي الكَلَامِ.
وَقَالَ مُحَمَّد بنُ حَبيب: زَمَنُ الغُلُومِيَّة سَبْعَ عَشَرَةَ سَنَةً مُنْذُ يُولَدُ إِلى أَن يَسْتَكْمِلَها، ثمَّ زَمَنُ} الشَّبَابِيَّة مِنْهَا إِلَى أَنْ يَسْتَكْمِلَ إِحْدَى وخَمْسِينَ سنة، ثمَّ هُوَ شَيُخٌ إِلَى أَنْ يَمُوتَ.
وَقيل: {الشَّابُّ: البَالِغُ إِلَى أَنْ يُكَملِّ ثَلَاثِين. وَقيل: ابنُ سِتَّ عَشَرَةَ إِلى اثْنَتَيْن وثَلَاثِين، ثُمَّ هُوَ كَهْلٌ. انْتهى.
(و) } الشَّبَاب (جمع {شَابّ) ، قَالُوا: وَلَا نَظِير لَه (} كالشُّبَّان) بالضَّمِّ كفَارِس وفُرْسَان. وَقَالَ سِيبَوَيْه: أُجْرِي مُجْرَى الاسْم نَحْو حاجِر وحُجْرَان. {والشَّبَابُ: اسمٌ للجَمْع. قَالَ:
وَلَقَد غَدَوْتُ بسَابِحٍ مَرِحٍ
وَمَعِي شَبَابٌ كُلُّهمْ أَخْيَلْ
وزَعَم الخَلِيلُ أَنَّه سَمِعَ أَعْرَابِيًّا فَصِيحاً يَقُولُ: إِذَا بَلَغ الرجلُ سِتِّين فإِيّاه وإِيَّا} الشَّوَابِّ. وَمن جُموُعه {شَبَبَةٌ ككَتَبَةٍ. تَقُولُ: مررْتُ بِرِجَالٍ شَبَبَة أَي} شُبَّان. وَفِي حَدِيث بَدْرٍ: (لَمَّا بَرَزَ عُتْبَةُ وشَيْبَةُ والوَلِيدُ بَر إِلَيْهِم شَبَبَةٌ من الأَنْصَارِ) أَي شُبَّانٌ وَاحِدُهم شَابٌّ. . وَفِي حَدِيثِ ابنِ عُمَرَ: (كُنْتُ أَنَا وابْنُ الزُّبَيْرِ فِي شَبَبَة مَعَنَا) .
(و) الشَّبَابُ {والشَّبِيبَةْ: (أَوَّلُ الشيءِ) . يُقَال: فعَلَ ذَلِكَ فِي} شَبِيبَتِه. وسَقَى اللهُ عَصْرَ {الشَّبِيبَة وعُصُورَ} الشَّبَائِبِ. ومِنَ المَجَاز: لَقِيتُ فُلَاناً فِي شابِ النَّهَار، وقَدِم فِي شَبَاب الشَّهْر، أَي فِي أَوَّلِه. جِئتُك فِي شَبَابِ النَّهَارِ وبِشَبَاب نَهَارٍ، عَنِ اللِّحْيَانِيّ. أَي أَوَّلِهِ.
(و) الشِّبَابُ بالكَسْرِ: مَا {شُبَّ بِهِ أَي أُوقِد،} كالشَّبُوبِ) بالفَتْح.
قَالَ الجَوْهَرِيُّ: {الشَّبُوب (بِالْفَتْح) : مَا يُوقَدُ بِهِ النَّارُ (و) شَبَّ النَّارَ والحَرْبَ: أَوقدها} يَشُبُّها {شَبًّا} وشُبُوباً. {وشَبَبْتُها.} وَشَبَّةُ النَّارِ: اشْتِعَالها. ومِنَ المَجَازِ والكِنَايَة شَبَّتِ الحَرْبُ بَيْنَهُم، وتَقُولُ عِنْدَ إِحْيَاءِ النَّارِ:
{تشَبَّبى} تَشَبُّبَ النَّمِيمَه
جَاءَتْ بهَا تَمْراً إِلَى تَمِيمَه
وَهُوَ كَقَوْلهم: أَوْقَدَ بِالنَمِيمَة نَاراً. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَة: حُكِي عَنْ أَبِي عَمرو بْنِ العَلَاءِ أَنَّه قَالَ: ( {شُبَّت النارُ} وشَبَّتُ) هِي نَفْسُها ( {شَبًّا} وشُبُوباً، لَازِمٌ) و (مُتَعَدَ) . والمَصْدَرُ الأَوَّل للمُتعَدِّي والثَّانِي لِلَّازِم. قَالَ: (وَلَا يُقَالُ {شَابَّة بَلْ مَشْبُوبَة) .
(و) شَبَّ (الفَرَسُ} يَشِبُّ) بالكَسْرِ ( {ويَشُبُّ) بالضَّمِّ (} شِبَاباً {وشَبِيباً} وشُبُوباً) بِالضَّمِّ: (رَفَعَ يَدَيْهِ) جَمِيعًا كأَنَّها تَنْزُو نَزَوَانا، ولَعِبَ وقَمَّصَ، وكَذَلك إِذا حَرَن. تَقول: بَرِئْتُ إِلَيْك مِنْ {شِبَابه} وشَبِيبِه وعِضَاضِه وعَضِيضه قَالَ ذُو الرُّمَّة:
بِذِي لَجَبٍ تُعَارِضُهُ بُرُوقٌ
{شُبُوبَ البُلْق تَشْتَعَلُ اشْتِعَالا
بِذِي لجب يَعْنِي الرَّعْد، أَي كَمَا تَشِبُّ الخَيْلُ فيَسْتَبِينُ بَيَاضُ بَطْنِهَا.
(و) من الْمجَاز: شَبَّ (الخِمَارُ والشَّعَرُ لونَها) أَي (زَادَا فِي حُسْنِها و) بَصِيصِها و (أَظْهَرَا جَمَالَهَا) . وَيُقَال: شَبَّ لونَ المَرأَة خَمَارٌ أَسْوَدُ لَبِسَتْه أَي زَادَ فِي بياضِها ولَوْنِهَا فحَسَّنَها لأَن الضِّدَّ يَزِيدُ فِي ضِدِّه ويُبْدِي مَا خَفِي مِنْه، ولِذلِك قَالُوا:
وبِضِدهَا تَتَمَيَّز الأَشْيَاءُ
وَقَالَ رَجُلٌ جَاهِلِيٌّ مِنْ طَيِّء:
مُعْلَنْكِسٌ شَبَّ لَهَا لَوْنَها
كَمَا يَشُبُّ البَدْرَ لَوْنُ الظَّلَام
يقُول: كَمَا يَظْهَرُ لَوْنُ البَدْرِ فِي اللَّيْلَةِ المُظْلِمَة.
(و) مِنَ المَجَازِ: (} أَشَبَّ) الرجل بَنِينَ إِذَا (شَبَّ وَلَدُه) . ويُقَالُ: {أَشَبَّتْ فُلانَةُ أَوْلادَاً إِذا شَبَّ لَهَ أَوْلَادٌ.
(و) مِنَ المَجَازِ: (} الشَّبُوبُ) بالفتْح (المُحَسِّن للشَّيْءِ) . يُقَالُ: هَذَا! شَبُوبٌ لِهذَا أَي يَزِيدُ فِيهِ ويُحَسِّنُه. وَفِي الحَدِيث (أَنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْه وسَلَّم ائْتَزَرَ بِبُرْدَةٍ سَوْدَاءَ، فعل سَوادُهَا يَشَبُّ بياضَه، وجَعَلَ بياضُه يَشُبُّ سَوَادَهَا) . قَالَ شَمر: يَشُبّ أَيْ يَزْهَاه ويُحَسِّنُه ويُوقِدُه.
وَفِي رِوَايَة أَنَّه لَبِسَ مِدْرَعَةً سَوْدَاءَ، فَقَالَت عَائِشَةُ: مَا أَحْسَنَهَا عَلَيْكَ، يَشُبُّ سَوَادُهَا بَيَاضَك، وبَيَاضُك سَوَادَهَا) أَي تُحَسِّنُه ويُحَسِّنُها.
وَفِي حَدِيثِ أمِّ سَلَمَةَ (إِنَّه يَشُبُّ الوَجْهَ) أَي يُلوِّنــه ويُحَسِّنُه، أَي الصَّبِر.
وَفِي حَدِيثِ عُمَر رَضِي الله عَنْه فِي الجَوَاهِر الَّتي جَاءَتْه مِنْ فَتْح نَهَاوَنْد: (يَشّبّ بَعْضُهَا بَعْضاً) .
(و) {الشَّبُوبُ: (الفرسُ تَجُوز رِجلاه يدَيْه) ، وَهُوَ عَيْبٌ. وَقَالَ ثَعْلَب: هُوَ} الشَّبِيبُ.
(و) الشَّبُوبُ: (مَا تُوقَدُ بِهِ النَّارُ) وَقد تَقَدَّم هَذَا، فَهُوَ تكْرَار.
(والشَّابُّ من الثِّيرَانِ والغَنَم) {كالمِشَبِّ. قَالَ الشَّاعِرُ:
بمَوْرِكَتَيْن من صَلَوَيْ مِشَبَ
مِنَ الثِّيرَانِ عَقْدُهُمَا جَمِيلُ
(أَو) الشَّابُّ: (المُسِنّ، كالشَّبَبِ) مُحَرَّكَةً. عِبَارَة الجوهريّ:} الشَّبَبُ: المُسِنُّ من ثيرانِ الوَحشِ الَّذي انْتَهى أَسْنَانُه. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: الشَّبَبُ: الثَّورُ الَّذِي انْتَهَى شَبَاباً، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي انْتَهى تَمَامُه وَذَكَاؤُه مِنْهَا، وكَذَلك الشَّبُوبُ، الأُنْثَى شَبُوبُ أَيْضاً (والمِشَبُّ) بالكَسْرِ رُبمَا قَالُوا بِه. وقَال أَبُو عَمْرو: القَرْهَبُ: المُسِنُّ مِن الثِّيرَان، والشَّبُوبُ: الشَّابُّ. قَالَ أَبُو حَاتم وَابْن شُمَيْلٍ: إِذَا أَحَالَ وفُصِلَ فَهُوَ دَبَبٌ، والأُنْثَى دَبَبَةٌ، ثمَّ شَبَبٌ والأُنْثَى شَبَبَةٌ.
( {والشَّبُّ: الإِيقَادُ كالشُّبُوب) بالضَّمّ شَبَّ النَّارَ والحَرْبَ. وقَدْ تَقَدَّم.
(و) } الشَّبُّ: (ارتفَاعُ كُلِّ شَيْءٍ) . يُقَالُ: شَبَّ، إِذا رَفَعَ، وشَبَّ، إِذا أَلْهَبَ، حَكَاه أَبُو عَمْرو.
(و) الشَّبُّ: (حجَارَةٌ) يُتَّخَذ مِنْهَا (الزَّاجُ) وَمَا أَشْبَهَه. وأجوَدُه مَا جُلِبَ مِنَ اليَمَن؛ وَهُوَ شَبٌّ أَبْيَضُ لَهُ بَصِيصٌ شَدِيدٌ. قَالَ:
أَلَا لَيْتَ عَمِّي يَوْمَ فُرِّقَ بَيْنَنَا
سُقَى السَّمّ ممْزُوجاً بِشَبِّ يَمَانِي
ويروى {بِشَبَ يَمَانِي.
(و) الشَّبُّ: (دَوَاءٌ م) . ويُوجَدُ فِي بَعْضِ النُّسَخ دَاءٌ مَعْرُوفٌ وَهُو خَطَأٌ. (وَفِي حدِيث أَسْمَاءَ أَنَّها دَعَتْ بِمِرْكَن وشَبَ يَمَانٍ) . الشَّبُّ: حَجَر مَعْرُوفٌ يُشْبِه الزَّاجَ يُدْبَغُ بِه الجُلُودُ.
(و) شَبٌّ: (ع باليَمَن) وَهُوَ شَقٌّ فِي أَعْلَى جَبَل جُهَيْنَة بهَا، قَالَه الصَّاغَانِيُّ.
(ومحمدُ بنُ هِلَالِ بْنِ بِلَالٍ) ثِقَةٌ عَنْ أَبِي قُمَامَة جَبَلَة بْن مُحَمَّد أَوْرَدَه عَبْد الغَنِيّ. (وأَحْمَدُ بن القَاسِم) عَن الحَارِثِ بْنِ أَبِي سامة وعَنْه المُعَافى بْنِ زَكَرِيَّا الجَرِيرِيّ. (والحَسَنُ بْنُ) مُحَمَّده بْنِ (أَبِي ذَرَ البَصْرِيّ عَن مسبح بن حاتِم (} الشُّبِّيُّون: مُحَدِّثُونَ) .
(و) حَكَى ابنُ الأَعْرَابِيّ: رَجُلٌ شَبٌّ و (امرأَة شَبَّةٌ) أَي (شَابَّةٌ) .
(و) من الْمجَاز: ( {أشِبّ) لي الرجلُ} إِشْبَاباً، إِذَا رَفَعْتَ طَرْفَك فَرَأَيْتَهُ من غَيْر أَنْ تَرْجُوَه أَو تَحْتَسِبَ. قَالَه أَبو زَيْد. وَقَالَ المَيْدَانيّ: أَصْلُه مِنْ شَبَّ الغُلَامُ إِذَا تَرَعْرَع. قَالَ الهُذَلِيُّ:
حَتْى أُشِبَّ لَهَا رَامٍ بمُحْدَلَةٍ
نَبْعٍ وَبِيضٍ نَوَاحِيهِنّ كالسَّجَم
مِنَ المَجَازِ أَيْضاً: أُشِبَّ لِي كَذَا (أُتِيح) لي ( {كشُبّ بالضَّمِّ) أَي عَلَى مَا لَمْ يسَمَّ فَاعِلُه (فِيهما) أَي فِي المَعْنَيَيْن.
(و) فِي المَثَل: (أَعْيَيتنِي (من} شُبَّ إِلَى دُبَّ) بضَمِّهما ويُنَوَّنَان، أَيْ مِنْ أَنْ! شَبَبْتُ إِلَى أَنْ دَبَبْتُ عَلَى العَصَا. يَجْعَل ذَلِك بمَنْزِلَةِ الاسْمِ بإِدْخَال مِنْ عَلَيْهِ وإِنْ كَانَ فِي الأَصْل فِعْلاً. يُقَالُ ذلِكَ للرَّجُل والمَرْأَة كَمَا قِيل: نَهَى النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم عَن قِيلَ وقَالَ. ومَا زَال على خُلُق وَاحِدٍ من شُبَ إِلَى دُبَ. قَالَ:
قَاَتْ لَهَا أُخْتٌ لَهَا نَصَحت
رُدِّي فُؤَادَ الهائِم الصَّبِّ
قَالَتْ ولِمْ قَالَتْ أَذَاكَ وَقَدْ
علِّقْتُكُم شُبًّا إِلَى دُبِّ
وَقد تَقَدَّم مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ (فِي د ب ب) .
(و) مِنَ المَجَازِ: ( {التَّشْبِيبُ) وهُوَ فِي الأَصْل ذكْرُ أَيَّام الشَّبابِ واللَّهْوِ والغَزَل وَيَكُونُ فِي ابتداءِ القَصَائد، سُمِّي ابتداؤُها مُطْلَقاً وإِن لَمْ يَكُن فِيه ذكرُ الشَّبَاب.
وَفِي لِسَان الْعَرَب:} تَشْبِيبُ الشِّعْر: تَرْقِيقُ أَوله بِذكْر النِّسَاءِ: وَهُوَ من تَشْبِيبِ النَّار وتَأْرِيثِهَا. {وشَبَّبَ بالمَرأَة: قَالَ فِيهَا الغَزَلَ والنَّسِيبَ.} وَيتَشَبَّبُ بِهَا: يَنْسُبُ بِهَا.
{والتشْبِيبُ: (النَّسِيبُ بالنِّسَاء) أَي بِذِكْرِهِنِ. وَفِي حَدِيثِ عبْدِ الرَّحْمَن بْنِ أَبِي بَكْر (أَنَّه كَانَ} يُشَبَّبُ بِلَيْلَى بِنْتِ الجُودِيِّ فِي شِعْرِهِ) .
وَفِي الأَسَاسِ فِي بَابِ المَجَازِ: قَصِيدَةٌ حَسَنَةُ الشَّبَابِ أَي التَّشْبِيب. وَكَانَ جريرٌ أَرَقَّ النَّاس {شَبَاباً. قَالَ الأَخْفَش: الشَّبَابُ: قَطِيعَةٌ لجَرِير دونَ الشُّعَرَاء.} وشَبَّب قصيدتَه بِفُلَانَةَ، انْتَهى. وَفِي حَدِيث أُمِّ مَعْبد: (فَلَمَّا سَمِع حَسّان شِعْرَ الهَاتِف {شَبَّبَ يُجَاوِبه) أَي ابتدأَ فِي جَوَابِه، من تَشْبِيبِ الكُتُب، وَهُو الابْتِدَاء بهَا والأَخْذُ فِيهَا، ولَيْسَ من تَشْبِيبٍ بالنِّسَاءِ فِي الشّعْرِ.
(} والشِّبَابُ بِالْكَسْرِ: النَّشَاط) أَي نَشَاطُ الفَرَسِ (ورَفْعُ اليَدَيْنِ) مِنْهُ جَمِيعًا. ( {وأَشْبَبْتُه) أَنَا أَي الْفرس إِذا (هَيَّجْتُه) .
(و) } أَشبّ (الثورُ: أَسَنَّ، فَهُوَ {مُشِبٌّ) بِالضَّمِّ، وَمثله فِي التَّهْذِيب. (و) رُبمَا قَالُوا: إِنَّه (} مشبٌّ) بكَسْرِ الْمِيم، وهذَا هُوَ الصَّوَابُ. . وضُبِط فِي بَعْضِ النُّسَخ بِضَمَ ففَتْح. وناقَةٌ {مُشِبَّة، وَقد أَشَبَّت. قَالَ أُسَامَةُ الهُذَلِيّ:
أَقَامُوا صُدُورَ مُشِبَّاتِها
بَواذِخَ يَقْتَسِرونَ الصِّعَابَا
أَي أَقَامُوا هذِه الإِبِل على القَصْدِ. (والمُشِبّ) بالضَّم: (الأَسَدُ) الكَبِيرُ. (ونِسْوَةٌ) } شَوَابُّ. وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ: نِسْوَةٌ ( {شَبَائِبُ) فِي معنى (شَوَابَّ) . وأَنشد:
عَجَائِزاً يَطْلُبْنَ شَيْئاً ذَاهِبا
يَخْضِبْنَ بالحِنَّاءِ شَيْباً شَائِبَا
يَقُلْنَ كُنَّا مَرَّة} شَبَائِبَا
وَقَالَ الأَزْهَرِيّ: شَبَائِبُ جَمعُ شَبَّة لَا جَمْعُ شَابَّة مثل ضَرّة وضَرَائِر.
(و) عَن أَبي عَمرو؛ ( {شَبْشَبَ) الرجلُ إِذا (تَمَّمَ) .
(و) عَن ابْن الأَعْرَابِيّ: (} الشَّوْشَبُ) من أَسْمَاءِ (العَقْرَب) وسَيَأْتي. (و) الشَّوْشَبُ: (القَمْلُ) والأُنْثَى شَوْشَبَة.
وشَبَّذَا زَيْد أَي حَبَّذَا، كاه ثعْلَب.
(وشُبَّان كَرُمّان) سَيَأْتي ذِكْرُهُ (ي ش ب ن) بِنَاءً على أَنَّ نُونَه أَصْلِيّة وَهُوَ (لَقَبُ جَعْفَرِ بن حسن) بن فَرْقَد، هَكَذَا فِي النّسخ، والصَّوَاب جَعْفَر بْن جِسْرِ بْنِ فَرْقَد البَصْرِيّ، سمِعَ أَبَاه. وفَاتَه أَبُو جَعْفَر أَحْمَدُ بْنُ الحُسَيْنِ البَغْدَادِيّ المُؤَذِّن، يُعْرَف {بِشُبَّان شَيْخٌ لمُخَلد الباقرجيّ، هَكَذَا ضَبَطَه الحَافِظ. (و) } الشَّبَّانُ (بِالفَتْح) لَقَبُ (عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُحَمَّد) بن جَعْفَر بن المُؤْمِن، ويُعْرَفُ بابْنِ شَبَّان (العَطَّار) ، رَوَى عَن النجّاد. ( {وشَبَّةُ،} وشَبَّابٌ) كَكَتَّانٍ (وشَبِيبٌ) كأَمِيرٍ: (أَسْمَاءُ) رِجَال. (وشَبَابَةُ بنُ المُعْتَمِر) : شَيْخٌ كُوفِيٌّ عَن قَتَادَة.
(و) شَبَابَةُ (بْنُ سَوَّار، م) مَعْرُوف من رِجَالِ الصَّحِيحَيْن. وشَبَابَةُ: بطْنٌ من) بني (فَهْم) بْنِ مَالِك (نَزَلُوا السَّرَاةَ أَو الطَّائِفَ) سَمَّاهم أَبُو حَنِيفة فِي كِتَابِ النَّبات. وَفِي الصَّحاح: بَنُو شَبابَة: قَوْمٌ بالطَّائِف. قُلْتُ: ومِنْهُم هَانِىء بنُ المُتَوَكِّل مَوْلَى ابْنِ شَبَابة وغَيْره.
وَمن سَجَعَاتِ الأَسَاس: (كَانَ عَصْرُ شَبَابِي أَحْلَى مِنَ العَسَلِ الشَّبَابِي. نِسْبَةً إِلَى (بني) شَبَابَةَ مِنْ أَهْلِ الطَّائِفِ. .
(و) شَبَابٌ (كَسَحَابٍ: لقبُ خَلِيفَةَ بْنِ الخَيَّاط الحَافِظِ) العُصْفُرِيّ حَدَّثَ عَنِ الحُسِينِ العَطَّار المَصِيصِيّ وَغَيره. (وابُنُ شَبَابٍ: جَمَاعَةٌ) ، مِنْهُم الحَارِثُ بْنُ شَبَاب جَدُّ ذِي الإِصْبَع حُرْثَان بن مُحَرِّثٍ العَدْوَانِيّ الشَّاعر. ( {وشَبُّوبَةُ: اسْم جَمَاعَة. ومُحَمَّد بن عمر بن شَبُّوبَة} الشَّبُّوبيّ) نِسْبَة إِلى الجَدِّ، وَهُوَ (رَاوِي) الجَامع (الصحِيح عَن) الإِمَام مُحَمَّد بْنِ مَطَر (الفَرَبْرِيّ) ، وَعنهُ سَعِيد بْنِ أَبِي سَعِيد الصُّوفِيّ وغَيْره. وفَاتَه عبد الخَالق بْنُ أَبِي القَاسِم بْنِ مُحَمَّد بْن {شَبُّوبَة} الشَّبُّوبِيّ من شُيُوخ بن السَّمْعَانيّ. (ومُعَلَّى بنُ سَعِيد {الشَّبِيبيّ: مُحَدِّث) ، وَهُوَ رَاوي حِكَايَة الهِمْيان.
(و) } شُبَيْب (كزُبَيْرٍ بْنُ الحَكَم بْنِ مينَاءَ، فَرْدٌ) . قُلْتُ: وَهُوَ خَطَأٌ، وَالصَّوَاب شُبَيْثٌ آخِره ثاءُ مُثَلَّثَة، وَقد ذَكَرَه على الصَّوَاب فِي الثَّاءِ المُثَلَّثَة كَمَا سَيَأْتِي. ولَيْتَ شِعْرِي إِذَا كَانَ بِالمُوَحَّدة كَما وَهِم كَيفَ يَكُنُ فَرْداً فاعْرِفْ ذَلِكَ.
(وشَبٌّ) بِلَا لَام: (ع، بِالْيمن) وَقد تَقَدَّم، فَهُوَ تكْرَار مَعَ مَا قَبْلَه.
وَمِمَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْه:
مَا جَاءَ فِي حَدِيث شُرَيْح: (تَجُوزُ شهَادَةُ الصِّبْيَان عَلَى الكِبَار يُستشَبُّون) أَي يُسْتَشْهَدُ من شَبَّ وكبِرَ مِنْهُم إِذا بَلَغَ. كأَنَّه يَقُولُ: إِذَا تَحَمَّلُوهَا فِي الصِّبَا وأَدَّوْهَا فِي الكِبَرِ جَازَ.
ومِنَ المَجَازِ: رَجُلٌ {مَشْبُوبٌ جَمِيلٌ حَسَنُ الوَجْه كَأَنَّه أُوقِدَ. قَال ذُو الرُّمَّة:
إِذا الأَرْوَعُ} المَشْبُوبُ أَضْحَى كَأَنَّه
على الرَّحْلِ مِمَّا مَنَّه السيرُ أَحْمَقُ وَقَالَ العَجَّاج:
ومِنْ قُرَيْشٍ كُلُّ مَشْبُوبٍ أَغَرُّ
وَرجل مَشْبُوبٌ: إِذَا كانَ ذَكِيَّ الفُؤَادِ شَهْماً.
وَمن الْمجَاز: طَلَعَت {المَشْبُوبَتَان: الزُّهَرَتَان؛ وهما الزُّهَرَةُ والمُشْتَرِي لحُسْنِهما وإِشْرَاقهما، أَنْشَد ثَعْلَب:
وعَنْسٍ كأَلْوَاح الإِرَانِ نَسَأْتُهَا
إِذَا قِيلَ} للمَشْبُوبَتَيْنِ هُمَاهُمَا
وَفِي كِتَابِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيه وسَلَّم لِوَائِل بْن حُجْر: (إِلَى الأَقْيَال العَبَاهِلَة والأَرْوَاعِ {المَشَابِيب) أَي السَّادَة الرُّءُوسِ الزُّهْرِ الأَلْوَان، الحِسَانِ المَنَاظِر، وَاحِدُهُم مَشْبُوبٌ، كأَنَّمَا أُوقِدَتْ أَلْوَانُهم بِالنَّارِ. وَفِي حدِيثِ سُرَاقَة: (} اسْتَشِبُّوا عَلَى أَسْوُقِكِم فِي البَوْل) . يَقُول: استَوْفِزُوا عَلَيْهَا، وَلَا تُسِفُّوا من الأَرض، أَي وَلَا تَسْتَقِرُّوا بِجَمَيع أَبْدَانِكم وتَدْنوا مِنْهَا. هُوَ مِنْ شَبَّ الفَرَسُ إِذَا رَفَع يَدَيْهِ جَميعاً من الأَرْضِ.
وَفِي الأَساس، مِنَ المَجَازِ: وهُوَ مُشَبَّب الأَظَافِر؛ مُحَدَّدُهَا كَأَنَّها تَلْتَهِب لحِدَّتِها.
وعبدُ اللهِ بْنُ الشَّبَّاب، ككَتَّان: صَحَابِيٌّ. وكغُرَاب أُبو شَباب خَدِيجُ بنُ سَلامَة عَقَبِيّ، وَابْنه! شُبَاب وُلِد لَيْلَة العَقَبَة، وأُمُّه أُمُّ شُبَاب لَهَا صُحْبَةٌ أَيْضاً. وعُمَرُ بْنُ شَبَّة بنِ عُبَيْدَةَ النميريّ: مُحَدِّثٌ أَخْبَارِيُّ مَشْهُور. وشَبَابَةُ أَيضاً: بَطْنٌ مِنْ قَيْسٍ.

أَشب

أَشب
: ( {أَشَبَه} يَأْشِبُهُ) {أَشْباً (: خَلَطَ) ، كَذَا فيي المُحْكَمِ، (و) أَشَبَ (فلَانا) أَشْباً (: عَابَه ولاَمَه، يَأْشِبُهُ) بالكَسْرِ (} وَيأْشُبُهُ) بالضَّمّ وَهَذِه عَن الأَخْفَشِ، وَقيل: قَذَفَهُ وَخَلَذَ عَلَيْهِ الكَذِبَ، {وأَشَبْتُه} آشِبُه: لُمْتُه، قَالَ أَبو ذُؤيب الهذليّ:
{- ويَأْشِبُنِي فِيهَا الَّذين يَلُونَــهَا
ولَوْ عَلِمُوا لمْ} - يَأْشِبُونِي بطَائِلِ
وَفِي الصِّحَاح: بباطِلِ، والأَوَّلُ أَصَحّ وَقيل: {أَشَبْتُه: عِبْتُه وَوَقَعْتُ فِيهِ،} وأَشَبَه بِشَرَ إِذا رَمعاهُ بعَلاَمَةِ مِنَ الشَّرِّ يُعْرَفُ بهَا، وَهَذِه عَن اللِّحْيَانيّ، وَقيل: رَمَاه وخَلَطَه، وَقَوْلهمْ بِالْفَارِسِيَّةِ: زُورُ {وآشُوبْ، تَرْجَمَهُ سِيبويهِ فَقَالَ: زُورٌ} وَأُشُوبٌ. قَالَهُ ابنُ المُكَرَّمِ. قُلْتُ أَمَّا زُورُ بالضَّمَّةِ المُمَالَةِ بمَعْنَى القُوَّة. {وآشُوبُ بالمدِّ بمَعْنَى رَفْع الصَّوْتِ والخصَامِ والاخْتلاَطِ.
(} وأَشِبَ الشَّجرُ، كفَرِحَ) {أَشَباً فهُو} أَشِبٌ (: الْتَفَّ، كَتَأَشَّبَ) وَقَالَ أَبُو حنِيفَةَ {الأَشَبُ: شِدَّةُ الْتِفَافِ الشَّجَرِ وكثْرَتُه حتَّى لاَ يُجَازَ فِيهِ، يُقَال فِيهِ: مَوْضِعٌ أَشِبٌ أَيْ كَثِيرُ الشَّجَرِ: وغَيْضَةٌ} أَشِبَةٌ، وعِيصٌ {أَشِبٌ أَي مُلْتَفٌّ،} وأَشبَتِ الغَيْضَةُ: بالكَسْرِ أَي الْتَفَّتْ، وعَدَدٌ {أَشِبٌ، وَمن المجازِ قَوْلُهُمْ: (عِيصُكَ مِنْكَ وإِنْ كَانَ} أَشِباً) أَي وإِنْ كَانَ ذَا شَوْك مُشْتَبِك غَيْرِ سَهْلٍ، كَذَا فِي الأَساس، وَقَوْلهمْ بِعِرْق ذِي أَشَبٍ أَي ذِي الْتِبَاس.
( {وأَشَّبْتُه) أَي الشَّرَّ بَينهم (} تَأْشِيباً) قَالَه الليثُ، {وأَشِبَ الكَلاَمُ بَينهم} أَشَباً: الْتَفَّ، كَمَا تقدم فِي الشَّجَر، وأَشَبَهُ هُوَ.
( {والأُشَابَةُ) مِنَ النَّاسِ (بالضَّمِّ) الأَخْلاَطُ) ، وَهُوَ مَجَاز، (و) } الأُشَابَةُ (مِن) وَفِي نُسْخَة: فِي (الكَسْبِ: مَا خَالَطَهُ الحَرَامُ) الَّذِي لَا خَيْرَ فِيهِ والسُّحْتُ، وَهُوَ مَجَازٌ، وَيُقَال: هاؤُلاَءِ أُشَابَةٌ، أَي لَيْسُوا مِن مَكَانٍ وَاحِدِ، (ج {الأَشَائِبُ) ، قَالَ النَّابِغَة الذبيانيّ:
وَثِقْتُ لَهُ بالنَّصْرِ إِذْ قِيلَ قَدْ غَزَتْ
قَبَائِلُ مِنْ غَسَّانَ غَيْرُ} أَشَائِبِ
بَنُو عَمِّهِ دُنْيَا وعَمْرُو بنُ عَامِرٍ
أُولائكَ قَوْمٌ بَأْسُهُمْ غَيْرُ كَاذِب
ويُقَالُ: بِهَا أَوْبَاشٌ مِنَ النَّاسِ {وأَوْشَابٌ، وهم الضُّرُوبُ المُتَفَرِّقُونَ، وَقَالَ ابنُ المُكَرَّمِ:} الأُشَابَةُ: أَخْلاَطُ النَّاسِ تَجْتَمعُ مِنْ كُلِّ أَوْبٍ.
وقَرَأْتُ فِي كتاب (مُعْجَم البُلْدَان) : {أُشَابَةُ: مَوْضِع بنجْد قَرِيبٌ منَ الرَّمْلِ.
(} والأَشَبَانِيُّ، مُحَرَّكَةً: الأَحْمَرُ جِدًّا) وَقيل: هُوَ بالبَاءِ المُوَحَّدَةِ بَدل النُّونِ، وَقد أَغْفَلَه كثيرٌ من الأَئمة واستبعدوه كَمَا قَالَه شيخُنا، قُلْتُ، وَهَذَا قد نَقله الصاغانيُّ.
وقرأْتُ فِي كتاب (الأَنْسَابِ) للبَلاَذُرِيّ عِنْدَ ذكْرِ ابنِ مَيَّادَةَ الشَّاعِرِ مَا نَصُّه: وَقَالَ سَمَاعَةُ بنُ أَشْوَلَ النَّعَامِيُّ مِنْ بَني أَسَدٍ.
لَعَلَّ ابْنُ أَشْبَانِيَّةِ عَارَضَتْ بِهِ
رِعَاءَ الشَّوِيِّ مِنْ مُرِيحٍ وعَازِبِ
{والأَشْبَانُ مِنَ الصَّقَالِبَةِ، ويروى: ابنَ فَرَّانِيَّةِ، انْتهى.
(} والتَّأْشِيبُ: التَّحْرِيشُ) بينَ القَوْم، مِن {أَشَّبْتُ الشَّرَّ بَينهم، وأَشَبَهُ هُوَ، وَقيل: أَشَّبْتُ القَوْمَ} تَأْشِيباً إِذا خَلطْتَ بَعْضَهُمْ بَعْضاً (وتَأْشَّبُوا: اخْتَلَطُوا أَوِ اجْتَمَعُوا، {كائْتَشَبُوا، فِيهمَا، و) } تَأَشَّبُوا (إِليه: انْضَمُّوا) {والتَأَشُّبُ هُوَ التَّجمُّعُ منْ هُنَا وَمن هُنَا. يُقَال: جَاءَ فلانٌ فيمَنْ تَأَشَّبَ إِليه أَي انْضَمَّ إِليه والْتَفَّ عَلَيْهِ. وَفِي الحَدِيث (أَنَّه قَرَأَ: {ياأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَىْء عَظِيمٌ} (الْحَج: 1) } فَتَأَشَّبَ أَصْحَابُه إِليهِ) أَيِ اجْتَمَعُوا إِليه وأَطَافُوا بِهِ. وَفِي حَدِيث العَبَّاس يَوْمَ حُنَيْنٍ (حَتَّى {تَأَشَّبُوا حَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وسلمأَي أَطَافُوا بِه.
(وهُوَ) أَيِ الرَّجُلُ} مَأْشُوبُ الحَسَبِ: غَيْرُ مَحْضٍ، قَالَه ابْن سِيدَه، وأَنْشَدَ البَلاَذُرِيّ للحَارثِ بنِ ظَالِم المُرِّيِّ:
أَنَا أَبُو لَيْلَى وسَيْفِي المَعْلُوبْ
ونَسَبِي فِي الحَيِّ غَيْرُ مَأْشُوبْ
و ( {مُؤْتَشَبٌ) أَي مَخْلُوطٌ، وَفِي نُسْخَةٍ} مُؤْشَب كَمُكْرَم (: غَيْرُ صَرْيحٍ فِي نَسَبِهِ) وَفِي حديثِ الأَعْشَى الحِرْمَازِيّ يُخَاطِبُ سيِّدنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وسلمفي شَأْن امْرَأَتِهِ:
وقَذَفَتْنِي بيْنَ عِيص {مُؤْتَشَبْ
وَهُنَّ ضَرُّ غَالِبٍ لِمَنْ غَلَبْ
} المُؤْتَشَبُ: المُلْتَفُّ، والعِيصُ: أَصْلُ الشَّجَر.
( {وأُشْبَةُ بالضَّمِّ: اسْمٌ) مِنْ أَسْمَاءِ (الذِّئْبِ. وَفِي حديثِ) عَبْدِ اللَّهِ (بْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ) رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ (إِنّي رَجُلٌ ضَرِيرٌ (بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَشَبٌ) رَضِيَ اللَّهُ عنهُ (إِنّي رَجُلٌ ضَرِيرٌ (بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَشَبٌ) فَرَخِّصْ لِي فِي كَذَا وَكَذَا) الأَشَبُ (مُحَرَّكَةً) : كَثْرَةُ الشَّجَرِ، يقالُ بَلْدَةٌ أَشِبَةٌ إِذا كَانَت ذَاتَ شَجرٍ، و (يُرِيدُ) هُنَا (النَّخِيلَ المُلْتَفَّةَ) .
ومِمَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ:
} آشَبُ كأَحْمَدَ: صُقْعٌ مِنْ نَاحِيَةِ طَالَقَانَ كَانَ الفَضْلُ بنُ يَحْيَى نَزَلَهُ، شَدِيدُ البَرْدِ عَظِيمُ الثُّلُوج، عَنْ نَصْرٍ.
{وآشِبُ بكَسْرِ الشِّينِ المُعْجَمَةِ كانَتْ مِنْ أَجَلّ قِلاَع الهَكّارِيّة ببلَد المَوْصِلِ، أَخْرَبَها زَنْكِي بن آثْسُنْقُر، وبَنَى عِوضها العِمَاديّة بِالْقربِ (مِنْهَا) فنُسب إِليه، كَذَا فِي (المعجم) .

سقِِي

(سقِِي) بَطْنه سقيا سقى فَهُوَ مسقي وَيُقَال سقِِي قلبه عَدَاوَة أشربها
سقِِي
: (ى} سَقاهُ {يَسْقِيه) } سَقْياً، ( {وسَقَّاهُ) ، بالتَّشْديدِ، (} وأَسْقاهُ) بمعْنىً واحِدٍ.
(أَو {سَقاهُ} وسَقَّاهُ بالشَّفَةِ، {وأسْقاهُ: دَلَّهُ على الماءِ) ؛ كَذَا فِي المُحْكم.
(أَو) } سَقاهُ لشَفَتِه؛ {وأَسْقَى: (سَقَى ماشِيَتَه أَو أَرْضَه) ؛ كَذَا فِي الصِّحاحِ؛ (أَو كِلاهُما) ، أَي سَقَى} وأَسْقَى (جَعَلَ لَهُ مَاء) أَو {سِقْياً} فسَقاهُ، ككَساةٍ، وأَسْقَى كأَلْبَس؛ قالَهُ سِيْبَوَيْه؛ كأَنَّه يذهَبُ إِلَى التَّسْويَةِ بينَ فَعَلْت وأَفْعلْت، وأنَّ أَفْعَلْت غيرُ مَنْقُولَةٍ مِن فَعَلْت لضَرْبٍ مِن المَعانِي كنَقْل أَدْخَلْت. وقالَ الراغبُ: {السَّقْي} والسّقْيا أَنْ تعْطِيه مَا يَشْرَبُ، {والإسْقاءُ أَنْ تَجْعَل لَهُ ذلكَ حَتَّى يَتناوَلَه كيفَ شاءَ؛ فالإسْقاءُ أَبْلَغ مِن} السّقْي.
(وَهُوَ {ساقٍ مِن) قوْمٍ (} سُقًّى) بضمٍ فتَشْديدٍ، ( {وسُقَّاءٍ) كرُمَّانٍ وَهَذِه مِن كتابِ أَيْمان عيمان.
(و) أَيْضاً (} سَقَّاءٌ) ، ككتّانٍ، (مِن) قَوْمٍ ( {سَقَّائِينَ) ، التَّشْديدُ للمُبالَغَةِ، (وَهِي} سَقَّاءَةٌ) بالتَّشْديدِ والهَمْز، ( {وسَقَّايَةٌ) بالياءِ مَعَ التَّشْديد.
وَمِنْه المَثَلُ:} اسْقِ رَقاشِ إنَّها {سَقَّايَة؛ يُضْرَبُ للمُحْسِن، أَي أَحْسِنوا إِلَيْهِ لإحْسانِهِ؛ نقلَهُ الجوهريُّ عَن أَبي عُبيدٍ.
(} والسَّقْيُ، كالسَّعْيِ: ع بدِمَشْقَ) بظاهِرِها.
(و) {السِّقْيُ) ، (بالكسْرِ: مَا} يُسْقَى) ، اسمٌ مِن {سَقاهُ} وأَسْقَاهُ، والجَمْعُ {أَسْقِيَةٌ؛ وَبِه فَسَّر الأصْمعيُّ قوْل أَبي ذُؤَيب:
والِ فُراسٍ صَوْبُ} أَسْقِيَةٍ كُحْلِ كَمَا فِي الصِّحاحِ.
وَفِي المُحْكم: السِّقْيُ مَا أَسْقاهُ إبِلَه.
(و) {السِّقْيُ: (الزَّرْعُ المَسْقِيُّ) بالماءِ.
قَالَ الرَّاغبُ: يقالُ للأرضِ الَّتِي} تُسْقَى {سِقيٌ لكوْنِها مَفْعولاً كالنَفضِ.
(} كالمَسْقَوِيِّ) ، كأَنَّه نُسِبَ إِلَى {مَسْقىً، كمَرْمىً، وَلَا يكونُ مَنْسوباً إِلَى} مَسْقيَ، كمَرْمِيَ، لأنَّه لَو كانَ لقالَ مَسْقيٌّ؛ كَذَا فِي المُحْكم.
وَفِي الصِّحاحِ: {المَسْقَوِيُّ من الزَّرْعِ مَا} يُسْقَى بالسِّيْحِ؛ والمَظْمَيُّ مَا! تَسْقِيه السَّماءُ.
قُلْتُ: والعامَّة تقولُ مَسْقاوِيٌّ.
(و) السِّقْيُ: (ماءٌ) أَصْفَرُ (يَقَعُ فِي البَطَنِ) وَلَا يكادُ يَبْرأُ؛ أَو يكونُ فِي نَفافيخَ بيض فِي شحْمِ البَطْنِ؛ (ويُفْتَحُ) .
قَالَ ابنُ سِيدَه: وأَنْكَرَ بعضُهم الكَسْر.
(و) السَّقْيُ: (جِلْدَةٌ فِيهَا ماءٌ أَصْفَرُ تَنْشَقُّ عَن رأْسِ الوَلَدِ) عِنْد خُرُوجِه؛ عَن ابنِ سِيدَه.
وَفِي التّهْذيب: هُوَ الماءُ الَّذِي يكونُ فِي المَشِيمةِ يخرُجُ على رأْسِ الوَلَدِ.
( {وسَقَى بَطْنُه} واسْتَسْقَى) بمعْنىً، أَي (اجْتَمَعَ فِيهِ ذلكَ) الماءُ، والاسْمُ {السِّقْي، كَمَا فِي الصِّحاحِ.
(} والسِّقايَةُ، بالكسْرِ والضَّمِّ: مَوْضِعُهُ) ؛ أَي {السِّقْي.
وَفِي التَّهْذيب: هُوَ المَوْضِعُ المُتَّخَذُ فِيهِ الشَّرابُ فِي المواسِمِ وغيرِها؛ (} كالمَسْقاةِ بالفتْحِ والكسْر) .
قالَ الجَوهرِيُّ: ومَنْ كَسَر المِيمَ جَعَلَها كالآلَةِ الَّتِي هِيَ {مِسْقاةُ الدِّيْك، والجَمْعُ} المَساقِي.
(و) {السِّقايَةُ: (الإناءُ} يُسْقَى بِهِ) ؛ وَبِه فُسِّر قَوْله تَعَالَى: {جَعَل {السِّقايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ} ، وَهُوَ المُسَمَّى بالصُّواعِ، وَهُوَ إناءٌ مِن فضَّةٍ كَانُوا يكِــيلُون بِهِ الطَّعامَ ويَشْربُ فِيهِ المَلِكُ أَيْضاً.
(} والسِّقاءُ، ككِساءٍ: جِلْدُ السَّخْلَةِ إِذا أَجْذَعَ) ؛ كَمَا فِي المُحْكَم.
قَالَ الجوهريُّ عَن ابنِ السِّكِّيت: (يكونُ للماءِ واللَّبَنِ) ، والوَطْبُ للَّبَنِ خاصَّةً، والنِّحْيُ للسَّمْنِ، والقِرْبَةُ للماءِ، اه.
وَقَالَ ابنُ سِيدَه: لَا يكونُ إلاَّ للماءِ؛ وأَنْشَدَ:
يَجُبْن بهَا عَرْضَ الفَلاةِ وَمَا لنا
عليهنَّ إلاَّ وخْدَهُنَّ {سِقاءُ لَا نَحْتاجُ إِلَى} سِقاءٍ للماءِ لأَنَّهنَّ يَرِدْنَ بِنَا الماءَ وقْت حاجَتِنا إِلَيْهِ؛ (ج) فِي القَلِيلِ ( {أَسْقِيَةٌ} وأَسْقِياتٌ؛ و) فِي الكثيرِ ( {أَساقٍ) .
وَفِي التَّهذيب:} الأساقِي جَمْعُ الجَمْع.
( {واسْتَسْقَى مِنْهُ: طَلَبَ} سِقْياً) ، أَي مَا يَشْربُ.
(و) أَيْضاً: (تَقَيَّأَ،! كاسْتَقَى فيهمَا) ؛ نقلَهُ ابنُ سِيدَه.
( {وسَقاهُ اللَّهُ الغَيْثَ: أَنْزَلَهُ لَهُ.
(و) مِن المجازِ:} سَقَى (زَيْدٌ عَمْراً) : إِذا (اغْتَابَهُ) غَيْبَةً خَبِيثةً وعابَهُ؛ عَن ابْن الأعرابيِّ.
( {كأَسْقَى فيهمَا) ، أَمَّا} سَقاهُ اللَّهُ الغَيْثَ {وأَسْقاهُ، فقد نقلَهُ الجوهريُّ قالَ: وَقد جَمَعَهما لبيدٌ فِي قَوْله:
سَقَى قومِي بَني مَجْدٍ} وأَسْقَى
نُمَيْراً والقَبائِلَ من هِلال ِوأَمَّا {أَسْقَى بمعْنَى اغْتابَ، عَن ابنِ الأعرابيِّ أَيْضاً، فأَنْشَدَ الجوهريُّ لِابْنِ أَحْمر:
وَلَا عِلْم لي مَا نَوْطةٌ مُسْتَكِنَّةٌ
وَلَا أَي من عادَيْتُ} أَسْقَى {سقائِيا وَفِي التَّهْذيب: هُوَ قَوْل أَبي عُبيدَةَ.
وأَنْكَرَه شَمِرٌ وقالَ: لَا أَعْرِفه بِهَذَا المَعْنى؛ قالَ: وسَمعْت ابنَ الْأَعرَابِي يقولُ مَعْناه لَا أَدْرِي مَنْ أَوْعى فيَّ الدَّاءَ.
(والاسْمُ) مِن} سَقاهُ اللَّهُ {وأَسْقاهُ: (} السُّقْيا، بالضَّمِّ) ؛ كَمَا فِي الصِّحاحِ.
(و) {السَّقِيُّ، (كغَنِيَ: السَّحابَةُ العَظيمةُ القَطْرِ) الشَّديدَةُ الوَقْع، (ج} أَسقِيَةٌ) ؛ وَبِه فَسَّر أَبو عبيد، بيتَ أَبي ذُؤَيْب: صَوْبُ أَسْقِيَةٍ؛ ويُرْوَى: أَرْمِيَّةٍ بمعْناهُ وَقد تقدَّمَ.
(و) {السَّقِيُّ: (البَرْدِيُّ) النَّاعِمُ، سُمِّي بذلكَ لنَباتِهِ فِي الماءِ أَو بقُرْبه.
قَالَ الأزْهريُّ: وَهِي لَا يفوتُها الماءُ؛ وَمِنْه قولُ امْرىءِ القَيْس:
وكَشْحِ لطِيف كالجَديلِ مُخَصَّر
وساقٍ كأُنْبُوب} السَّقِيِّ المُذَلَّل ِوالواحِدَةُ: {سَقِيَّةٌ؛ قالَ عبدُ اللَّهِ بنُ عَجْلان النَّهْديّ:
جَدِيدَة سِرْبالِ الشَّبابِ كأَنَّها
} سَقِيَّةُ بَرْدِيَ نَمَتْها عُيونُها (و) ! السَّقِيُّ أَيْضاً: (النَّخْلُ) ؛ وَبِه فُسِّر قولُ امْرىءِ القَيْسِ أَيْضاً، أَي كأُنْبوبِ النَّخْلِ {المُسْقيِّ، أَي كقَصَبِ النَّخْلِ، أَضافَهُ إِلَيْهِ لأنّه نبَت بينَ ظَهْرانِيه.
(} وسَقَّاهُ {تَسْقِيَةً،} وأَسْقاهُ: قَالَ لَهُ: {سَقاكَ اللَّهُ، أَو) قالَ: (} سَقْياً) لَهُ؛ وأَنْشَدَ الجوهريُّ لذِي الرُّمَّة:
فَمَا زِلْتُ {أُسْقِي رَبْعَها وأُخاطِبُهْ ووَجدْتُ فِي هامِشِ النسخةِ مَا نَصّه: هَذَا الإنْشادُ مُخْتَلّ، والصَّوابُ:
وَقَفْتُ على رَبْعٍ لمَيَّةَ ناقَتي
فَمَا زِلْتُ أَبْكِي عِنْدَه وأُخاطِبُهْوالشَّاهِدُ فِي البيتِ الَّذِي بَعْده:
} وأُسْقِيه حَتَّى كادَ ممَّا أُبِثُّه
تُكَلِّمُني أَحْجارُهُ ومَلاعِبُهْ ( {والسَّاقِيَةُ: النَّهْرُ الصَّغيرُ) مِن} سَواقِي الزَّرْعِ؛ نقَلُه الأزهريُّ.
والآن يطلِقُونَها على مَا {يُسْتَقى عَلَيْهَا بالسّوانِي؛ وَقد سَمَّى أَبو حيَّان تَفْسِيرَه الصَّغير بالساقِيَةِ.
(} والسُّقْيا، بالضَّمِّ: د باليَمَنِ.
(و) أَيْضاً: (ع بينَ المدينَةِ ووادِي الصَّفْراءِ) ، قيلَ: على يَوْمَين مِن المدينَةِ.
وقيلَ: ماءٌ فِي رأْسِ رَمْلَةٍ فِي ابْطِ الدَّهْناءِ.
وَفِي الحدِيثِ: (كانَ يَسْتَذِبُ لَهُ الماءَ مِن بيوتِ {السُّقْيا) .
وَفِي كتابِ القالِي: موْضِعٌ فِي بِلادِ عذْرَةَ يقالُ لَهُ سُقْيا الجزْلِ قَرِيب مِن وادِي الْقرى.
(} وأَسْقاهُ: وَهَبَ مِنْهُ) ؛ كَذَا فِي النُّسخِ والصَّوابُ وهَبَ لَهُ؛ ( {سِقاءً مَعْمولاً) ؛ كَمَا هُوَ نَصُّ الأزهريّ.
(أَو) } أَسْقاهُ (إهاباً) : أَعْطاهُ إيَّاهُ (ليَتَّخِذَهُ {سِقاءً) ؛ وَمِنْه حديثُ عُمَرَ قالَ لرَجُلٍ اسْتَفْتاهُ فِي ظَبْي قَتَلَهُ مُحْرماً: (خُذْ شَاة فتَصدَّقْ بلَحْمِها وأَسْقِ إهابَها) ، أَي أَعْطِه مَنْ يَتَّخذهُ} سِقاءً.
(و) مِن المجازِ: يقالُ للرَّجُل إِذا كُرِّرَ عَلَيْهِ مَا يَكْره: قد (! سُقِّيَ قَلْبُهُ عَداوَةً) ؛ وبالعَداوَةِ {تَسْقِيَةً؛ أَي (أُشْرِبَ.
(} وسُقَيَّةُ، كسُمَيَّةَ: بئْرٌ كانتْ بمكَّةَ، شَرَّفَها الله تَعَالَى) ، مِن أَبْيارِ الجاهِلِيَّةِ، جاءَ ذِكْرُها فِي السِّيَرِ.
(و) مِن المجازِ: ( {اسْتَقَى) إِذا (سَمِنَ) وتروَّى.
(} وتَسَقَّتِ الإِبِلُ الحَوْذانَ) : إِذا (أَكَلَتْهُ رَطْباً فسَمِنَتْ عَلَيْهِ) ؛ والحَوْذانُ نَبْتٌ.
(و) {تَسَقَّى (الشَّيءُ) : تَشَرَّب، كَمَا فِي الصَّحاحِ.
وَفِي المُحْكَم: أَي (قَبِلَ} السَّقْيَ وتَرَوَّى) ، هَكَذَا فِي النسخِ.
وَفِي المُحْكَم: وقيلَ: ثَرِيَ.
وأَنْشَدَ الجوهريُّ للمُتَنَّخل الهُذَلي:
مُجَدَّلٌ {يَتَسَقَّى جِلْدُهُ دَمَه
كَمَا تَقَطَّر جِذعُ الدَّومَةِ القُطُلُأَي يَتَشَرَّ بِهِ؛ ويُرْوى: يَتَكَسَّى مِنَ الكِسْوة.
وممَّا يُسْتدركُ عَلَيْهِ:
} السِّقيُ، بالكسْرِ: الحَظُّ مِن الشُّرْبِ.
يقالُ: كَمْ {سِقْيُ أَرْضِكَ.
} واسْتَقَى مِن النَّهْرِ والبِئْر: أَخَذَ مِن مائِهما.
{وسَقى العِرْقُ: أَمَدَّ فَلم يَنْقطِع.
} وسَقى الثَّوْبَ {وسَقَّاهُ: أْشْرَبَه صِبْغاً.
ورُبَّما قَالُوا لِمَا فِي بُطونِ الأنْعام} سَقى {وأَسْقى؛ وَبِهِمَا قُرىءَ قولُه تَعَالَى: {} نُسْقِيكُم ممَّا فِي بُطونِها} {والمُساقَاةُ: أنْ يَسْتَعْمِل رجُلٌ رجُلاً فِي نَخِيلٍ أَو كُرومٍ ليَقومَ بإصْلاحِها على أنْ يكونَ لَهُ سَهْمٌ مَعْلومٌ ممَّا تُغِلُّه؛ كَمَا فِي الصِّحاحِ.
قالَ الأزهريُّ: وأَهْلُ العِراقِ يُسَمُّونَها مُعامَلَة.
} والمَسْقى: وقْتُ {السَّقْيِ.
} والمِسْقاةُ: مَا يُتَّخَذُ للجِرارِ والكِيزانِ تُعَلَّقُ عَلَيْهِ.
{وأَسْقَيْته رَكِيَّتي: جَعَلْتها لَهُ، وجَدْولاً من نَهْرِي جَعَلْت لَهُ مِنْهُ} مَسْقىً وأَشْعَبْتُ لَهُ مِنْهُ.
{وتَساقَوْا: سَقَى كل واحِدٍ صاحِبَه بجِمامِ الإناءِ الَّذِي} يَسْقِيان فِيهِ؛ وأَنْشَدَ الجوهرِيُّ لطرفة:
{وتَساقَى القَوْمُ كأْساً مُرَّةً
وعَلى الخَيْلِ دِماءٌ كالشَّقِر} ْوأَسْقَيْت فِي القِرْبَة {وسَقَيْتُ فِيهَا، لُغتانِ؛ وأَنْشَدَ الجوهريُّ:
وَمَا شَنَّتا خَرْقاءَ واهٍ كلاهُما
} سَقَى فيهمَا مستعجِلٌ لم تَبلَّلابأَضْيَعَ من عَيْنيك للدّمع كلّما
تعرَّفْتَ دَارا أَو توهَّمْتَ مَنْزِلا {وسِقايَةُ الحاجِّ: مَا كانتْ قُرَيْش} تَسْقِيه للحُجَّاجِ مِن الزَّبيبِ المَنْبوذِ فِي الماءِ، وكانَ يَلِيها العبَّاسُ، رضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنهُ، فِي الجاهِلِيَّةِ والإسْلام.
{والاسْتِسْقَاءُ: اسْتِفْعالٌ مِن} السُّقْيا، أَي إنْزال الغَيْثِ على العِبادِ والبِلادِ.
ويقالُ: أبلغ السُّلطان الرَّاتع {مَسْقاتَه إِذا رَفَقَ برَعِيَّتِه ولأنَ لهُم فِي السِّياسةِ.
} والسَّقِيَّةُ، كغَنِيَّةٍ: النَّخْلُ {تُسْقَى بالدَّوالي.
} وسُقِيَ بَطْنُه، كعُنِي: لُغَةٌ فِي {سَقَى} واسْتَسْقَى؛ نقلَهُ ابنُ الأثيرِ.
وأَبو محمدٍ عبدُ اللَّهِ بنُ محمدِ بنِ عبدِ اللَّهِ الواسِطِيُّ عُرِفَ {بالسَّقّاءِ، مِن الحُفَّاظ، أَخَذَ عَنهُ الدَّارْقطْني.
وأَبو حَفْص عَمْرُو بنُ عليِّ بنِ بَحْر بنِ كنيزٍ} السّقَّاء الفَلاّس أَحَدُ الأَئِمَّة المَشْهُورين، ماتَ سَنَة 249.
{وساقِيَةُ مكى، وساقِيَةُ مُوسَى، وساقِيَةُ أَبي شعرَةَ، وساقِيَةُ مَحْفوظٍ: قُرىً بمِصْرَ.

كَلَوْ

كَلَوْ
: (و ( {كِلاَ، بالكسْرِ: موضوعةٌ للدَّلالةِ على اثْنَيْنِ} ككِلْتا) .
(قالَ شيْخُنا: ظاهِرُه أَنَّهما بمعْنًى مُطْلقاً، وَقد تقرَّرَ أَن كِلاَ للمُذَكَّرَيْن {وكِلْتا للمُؤَنَّثَتَيْنِ، فَمَا هَذَا التَّشْبيهِ، انتَهَى.
وَقد رَدَّ عَلَيْهِ صاحِبُنا الفاضِلُ العلاَّمةُ الشَّهاب أحمدُ ابنُ الشَّيْخِ العلاَّمة أَحمدَ السجاعي الشافَعِيّ، حَفِظَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى، فقالَ: الإنْصافُ أنَّ مِثْلَ هَذَا لَا يعدُّ مِن سَقَطاتِ المصنِّفِ إِذْ المُشَبَّه لَا يُعْطَى حُكْم المُشَبَّه بِهِ مِن كلِّ وَجْه على التَّنزلِ وإرْخاءِ العَنانِ، وإلاَّ فالظاهِرُ أنَّ مرادَهُ أَنَّ كِلا ككِلْتا فِي اسْتِعْمالِه للمُثَنَّى كَمَا لَا يَخُفى، انتَهَى.
وَقد بَسَّطَ فِيهِ الجَوْهرِي وابنُ سِيدَه والأزْهرِي غايَةَ البسطِ فقالَ الجَوْهرِي: كِلا فِي تَأْكِيدِ الاثْنَيْن نَظِير كُلَ فِي المَجْمُوعِ، وَهُوَ اسْمٌ مُفْردٌ غَيْر مُثَنَّى؛ فَإِذا ولي اسْماً ظاهِراً كانَ فِي الرفْعِ والنَّصْبِ والخَفْضِ على حالةٍ واحِدَةٍ بالألفِ، تقولُ: رَأَيْتُ كِلا الرَّجُلَيْن، وجاءَنِي كِلا الرَّجُلين، ومَرَرْتُ} بكِلا الرَّجُلَين، فَإِذا اتَّصَل بمُضْمر قَلَبْت الألفَ يَاء فِي موضِعِ الجَرِّ والنَّصْبِ، فقُلْتُ: رَأَيْت {كِلَيْهِما، ومَرَرْت} بكِلَيْهما، كَمَا تقولُ عَلَيْهِمَا وَلَدَيْهما، وتَبْقى فِي الرفْع على حالِها.
وَقَالَ الفرَّاء: هُوَ مُثَنًّى وَهُوَ مَأْخُوذ مِن كلَ فخفِّفَتِ اللامُ وزِيدَتِ الألِفُ للتَّثْنِيَةِ، وكذلكَ! كِلْتا للمُؤَنَّث وَلَا يكونانِ إلاَّ مُضافَيْن.
(و) فِي المُحْكم: (لَا يَنْفَصِلانِ عَن الإضافَةِ) .
(قَالَ الجَوْهرِي: قالَ الفرَّاء: وَلَا يُتَكَلَّم مِنْهُمَا بواحِدٍ وَلَو تكلِّم بِهِ لقيلَ كِلٌّ وكِلْتٌ، واحْتَجَّ بقولِ الراجزِ يصفُ نَعامَةً:
فِي كِلْتِ رِجْلَيْها سُلامى واحِدَة {كِلْتاهما مقْرُونَةٌ بزائِدَهْأَرادَ فِي إحْدَى رِجْلَيْهَا فأَفْرَدَ، قالَ: وَهَذَا القولُ ضَعيفٌ عنْدَ أَهْلِ البَصْرةِ، لأنَّه لَو كانَ مُثنَّى لوجَبَ أَنْ تَنْقلبَ أَلفُه فِي النصْبِ والجرِّ يَاء مَعَ الاسْمِ الظاهِر، ولأنَّ معْنى كِلاَ مخالفٌ لمعْنَى كلَ، لِأَن كُلاًّ للإحاطَةِ} وكِلا يدلُّ على شيءٍ مَخْصوصٍ، وأمَّا هَذَا الرَّاجزُ فإنَّما حذَفَ الألفَ للضَّرورَةِ وقدَّرَ أنَّهَا زائِدَةٌ، وَمَا يكونُ ضَرُورَةً لَا يجوزُ أَنْ يُجْعَل حُجَّة، فثَبَتَ أنَّه اسْمٌ مفردٌ كمِعًى إلاَّ أنّه وُضِعَ ليدلَّ على التَّثْنِية، كَمَا أنَّ قَوْلهم نحنُ اسْمٌ مفردٌ وُضِعَ ليدلُّ على الاثْنَيْن فَمَا فَوْقَهما؛ يدلُّ على ذلكَ قولُ جريرٍ:
{كِلا يَومَيْ أُمامَةَ يَوْمُ صَدَوإنْ لم نَأْتِها إلاَّ لِمَاماأَنْشَدَنِيه أَبو عليَ فإنْ قالَ قائِلٌ فلِمَ صَارَ} كِلا بالياءِ فِي الجرِّ والنّصْبِ مَعَ المُضْمر ولزِمَتِ الألفُ مَعَ المظهرِ كَمَا لزمَتْ فِي الرَّفْع مَعَ المُضْمر؟ قيلَ لَهُ: قد كانَ مِن حقِّها أنْ تكونَ بالألفِ على كلِّ حالٍ مثْلُ عَصاً ومِعًى، إلاَّ أنَّها لما كَانَت لَا تَنْفكّ عَن الإضافَةِ شُبِّهَت بعَلَى وَإِلَى ولَدَى، فجعلَتْ بالياءِ مَعَ المُضْمرِ فِي النَّصْب والجرِّ لأنَّ على لَا تَقَعُ إلاَّ مَنْصوبة أَوْ مَجْرورةً وَلَا تُسْتَعْملُ مَرْفوعةً، فبَقِيَت كِلا فِي الرَّفْع على أَصْلِها فِي المُضْمِرِ، لأنّها لم تُشَبَّه بعَلَى فِي هَذِه الحالِ، وأمَّا! كِلْتا الَّتِي للتَّأْنِيثِ فإنَّ سِيبويه يقولُ أَلِفُها للتَّأْنِيثِ والتاءُ بدلٌ من لامِ الفِعْلِ، وَهِي وَاو، والأصْل كِلْوا، وإنَّما أُبْدِلَتْ تَاء لأنَّ فِي التاءِ علم التَّأْنِيثِ، والألِفُ فِي {كِلْتا قد تَصِير يَاء مَعَ المُضْمَر فيخرجُ عَن علم التَّأْنيثِ فصارَ فِي إبْدالِ الياءِ تَاء تأْكِيد للتّأْنِيثِ. وقالَ أَبو عُمر الجَرْمي: التاءُ مُلْحقةٌ، والألفُ لامُ الفِعْل، وتَقْديرُها عنْدَه فِعْتَلٌ، وَلَو كانَ الأمْرُ كَمَا زَعَمَ فِي النِّسْبَةِ إِلَيْهِ كِلْتَويٌّ، وَلما قَالُوا كِلَويٌّ وأسْقَطُوا التاءَ دلَّ أَنَّهم أَجْرُوها مُجْرَى التاءِ الَّتِي فِي أُخْتِ الَّتِي إِذا نَسَبْتَ إِلَيْهَا قُلْت أَخَوِيٌّ، انتَهَى نَصّ الجَوْهرِي.
قالَ ابنُ برِّي فِي هَذَا المَوْضِع:} كِلَويٌّ قياسٌ مِن النَّحْوِيِّين إِذا سَمِّيْتَ بهَا رجُلاً، وليسَ ذلكَ مَسْموعاً فيحتجُّ بِهِ على الجَرْمِي، انتَهَى.
وَقَالَ ابنُ سِيدَه فِي المُحْكم: كِلا كلمةٌ مَصُوغةٌ للدَّلالةِ على اثْنَيْن كَمَا أنَّ كُلاًّ مَصُوغةٌ للدَّلالةِ على جميعٍ، وليسَتْ {كِلا مِن لَفْظ كلَ، كلٌّ صَحِيحَةٌ} وكِلا مُعْتلةٌ، ويقالُ للاثْنَتَيْن! كِلْتا، وبهذه التَّاء حُكم على أنَّ ألِفَ كِلا مُنْقلبةٌ عَن واوٍ لأنَّ بدل التاءِ من الواوِ أَكْثَر مِن بدلِها من الياءِ؛ وقولُ سِيْبَوَيْه: جَعَلُوا كِلا كمِعًى، لم يرد أنَّ ألفَ كِلا مُنْقلبةٌ عَن ياءٍ كأَلِفِ مِعًى بدَلِيلِ قوْلِهم مِعْي، وإنَّما أرادَ أنَّ أَلِفَها كأَلِفِها فِي اللّفظِ، لَا أنَّ مَا انْقَلَبَتْ عَنهُ أَلِفَاهُما واحِد، فافْهَمْ. وَلَا دَلِيل لكَ فِي إمالَتِها على أنَّها من الياءِ لأنَّهم قد يُمِــيلُون بناتَ الواوِ.
قالَ ابنُ جنِّي: أمَّا كِلْتا فذهَبَ سِيبَوَيْهٍ إِلَى أنَّها فِعْلَى بمنْزِلَةِ الذِّكْرى والحِفْرَى، وأصْلُها كِلْوى، فأُبْدِلَتِ الواوُ تَاء كَمَا أُبْدِلَتْ فِي أُخْت وَبنت، وَالَّذِي يدلُّ على أنَّ لامَ كِلْتا مُعْتلةٌ قوْلُهم فِي مُذكّرِها كِلا، وكِلا فِعْلٌ ولامُه مُعْتَلة بمنْزِلةِ لامِ حِجاً ورِضاً، وهُمامن الواوِ، وَلذَا مثَّلها سِيبَوَيْهٍ بِمَا اعْتلَّت لامه فقالَ: هِيَ بمنْزلةِ شَرْوَى، وأمَّا أَبُو عُمر الجَرْمي فذَهَب إِلَى أنَّها فِعْتَلٌ، وخالَفَ سِيبَوَيْهٍ، ويشهدُ لفَسادِ هَذَا القوْلِ أنَّ التاءَ لَا تكونُ عَلامَةَ تَأْنِيثِ الواحِدِ إلاّ وقَبْلها فَتْحة كطَلْحة وحَمْزة وقَائِمَة وقاعِدَة، أَوْ أَنْ يكونَ قَبْلها أَلفٌ كسِعْلاة وعِزْهاة، وَلَام كِلْتا ساكِنَةٌ كَمَا تَرى، فَهَذَا وَجْه؛ وآخَرُ عَلامَةَ التَّأْنِيثِ لَا تكونُ أَبَداً وسَطاً إنَّما تكونُ آخِراً بِلَا مَحالَة؛ وكِلْتا اسْمٌ مُفْردٌ يفيدُ مَعْنى التَّثْنِيةِ بإجْماعِ البَصْرِيِّين، فَلَا يجوزُ أَن يكونَ علامَةَ تَأْنِيثِهِ التاءُ وَمَا قَبْلها ساكِنٌ، وأَيْضاً فإنَّ فِعْتَلاً مِثالٌ لَا يوجدُ فِي الكَلام، أَصْلاً فيُحْمَل هَذَا عَلَيْهِ؛ وَإِن سَمَّيت {بكِلْتا رجُلاً لم تَصْرِفْه فِي قولِ سِيبَوَيْهٍ مَعْرفةً ونَكِرَةً، لأنَّ أَلِفَها للتَّأْنِيثِ بمنزِلتِها فِي ذِكْرَى، وتَصْرفُه نَكِرةً فِي قولِ أَبي عُمرَ لأنَّ أَقْصَى أَحْوالِهِ عنْدَهُ أنْ يكونَ كقائمةٍ وقاعِدَةٍ وعَزَّة وحَمْزة؛ هَذَا نَصُّ ابنِ سِيدَه فِي المُحْكم، وَقد أَنْعَم فِي كتابِه المُخصَّص شَرْحه بأبْسطِ من هَذَا.
وَقَالَ الأزْهرِي: العَرَبُ إِذا أَضافَتْ كُلاًّ إِلَى اثْنَيْن لَيَّنَتْ لاَمَها وجَعَلَتْ مَعها أَلِفَ التثْنِيَةِ، ثمَّ سَوَّت بَيْنَها فِي الرفْعِ والنصْبِ والخَفْض، فجعلَتْ إعْرابَها بالألِفِ وأَضافَتْها إِلَى اثْنَيْن وأَخْبَرَتْ عَن واحِدٍ، فَقَالَت:} كِلا أَخَوَيْك كَانَ قائِماً، لَا كَانَا، وكِلا عَمَّيْك كانَ فَقِيها، وكِلْتا المَرْأَتَين كانتْ جميلَة، لَا كانَتَا جَمِيلَتَيْن: { {كِلْتا الجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلُها} . وَلم يَقُلْ آتَتَا؛ ومَرَرْتُ} بكِلا الرَّجُلَيْن، وجاءَنِي {كُلا الرَّجُلَيْن، يَسْتوي فِيهَا إِذا أَضَفْتها إِلَى ظاهِر الرَّفْع والنصْبُ والخَفْضُ، فَإِذا كنوا عَن مَخْفوضِها أَجْروها بِمَا يُصيبُها مِن الإعْرابِ. فَقَالُوا: أَخَوَاك مَرَرْت} بكِلَيْهِما، يَجْعلُونَ نَصْبَها وخَفْضَهَا بالياءِ، وأَخَواي جاءَني {كِلاهُما جَعَلُوا رَفْع الاثْنَيْن بالألِفِ؛ قالَ الأعْشَى فِي موْضِعِ الرَّفْعِ:
} كِلا أَبَوَيْكُمْ كانَ فَرْداً دِعامةً أَي كلّ واحدٍ مِنْهُمَا؛ وَكَذَا قالَ لبيدٌ:
وغَدَتْ كِلا الفَرْجَيْنِ تَحْسَبُ أَنَّهمَوْلى المَخافَةِ خَلْفَها وأَمامَهايَعْني: بَقَرَةً وَحْشِيَّةً، وأَرادَ كِلا فَرْجَيْها، فأَقَامَ الألِفَ واللامَ مُقام الكِنايَةِ، ثمَّ قالَ: تَحْسَبُ، أَي البَقَرة؛ أَنَّه، وَلم يَقُل أَنَّهما، مَوْلى المَخافَةِ، أَي وليُّ مَخافَتِها، ثمَّ تَرْجَم عَن كِلا الفَرْجَيْن فقالَ: خَلْفَها وأَمامَها؛ وَكَذَا تقولُ: كِلا الرَّجُلَيْن قائِمٌ وكِلْتا المرْأَتَيْنِ قائِمةٌ؛ قالَ:
كِلا الرَّجُلَيْنِ أَفَّاكٌ أَثِيم انتَهَى.
( {وكِلْوَةٌ، بالكسْر: د بالزَّنْجِ) .
(وممَّا يُسْتدركُ عَلَيْهِ:
} كَلا، بالفَتْح: قرْيةٌ بمِصْرَ من الغربيةِ وتُعدُّ مِن أَعْمال جَزِيرَة قويسنا، وتُعْرَف {بكَلاَ الْبَاب وَمِنْهَا الإِمَام أَبُو عبد الله} الكلائي صَاحب الْمَجْمُوع فِي الْفَرَائِض من الْقرن التَّاسِع وكَلاَ أَيْضا قَرْيَة أُخْرَى من أَعمال الدنجاوية.
{وكَلا الدَّيْن وغيرُه} كَلْوًا: تَأَخَّرَ؛ عَن ابْن القطَّاع.
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.