Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: يحبس

عَكَّ 

(عَكَّ) الْعَيْنُ وَالْكَافُ أُصُولٌ صَحِيحَةٌ ثَلَاثَةٌ: أَحَدُهَا اشْتِدَادُ الْحَرِّ، وَالْآخَرُ الْحَبْسُ، وَالْآخَرُ جِنْسٌ مِنَ الضَّرْبِ.

فَالْأَوَّلُ الْعَكَّةُ: الْحَرُّ، فَوْرَةٌ شَدِيدَةٌ فِي الْقَيْظِ، وَذَلِكَ أَشَدُّ مَا يَكُونُ مِنَ الْحَرِّ حِينَ تَرْكُدُ الرِّيحُ. وَيُقَالُ: أَكَّةٌ بِالْهَمْزَةِ. قَالَ الْفَرَّاءُ: هَذِهِ أَرْضٌ عَكَّةٌ وَعُكَّةٌ. قَالَ:

بِبَلْدَةِ عُكَّةٍ لَزِجٍ نِدَاهَا قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: عَكَّ يَوْمُنَا، إِذَا سَكَنَتْ رِيحُهُ وَاشْتَدَّ حَرُّهُ. قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: الْعُكَّةُ: شِدَّةُ الْحَرِّ مَعَ لَثَقٍ وَاحْتِبَاسِ رِيحٍ. قَالَ الْخَلِيلُ: الْعُكَّةُ أَيْضًا: رَمْلَةٌ حَمِيَتْ عَلَيْهَا الشَّمْسُ.

قَالَ أَبُو زَيْدٍ: الْعُكَّةُ: بِلَّةٌ تَكُونُ بِقُرْبِ الْبَحْرِ، طَلٌّ وَنَدًى يُصِيبُ بِاللَّيْلِ; وَهَذَا لَا يَكُونُ إِلَّا مَعَ حَرٍّ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: " إِذَا طَلَعَتِ الْعُذْرَةُ، فَعُكَّةٌ بُكْرَةٌ، عَلَى أَهْلِ الْبَصْرَةِ، وَلَيْسَ بِعُمَانَ بُسْرَةٌ، وَلَا لِأَكَّارٍ بِهَا بَذْرَةٌ ". قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: يَوْمٌ عَكٌّ أَكٌّ: شَدِيدُ الْحَرِّ. وَتَقُولُ الْعَرَبُ فِي أَسْجَاعِهَا: " إِذَا طَلَعَ السِّمَاكُ، ذَهَبَتِ الْعِكَاكُ، وَقَلَّ عَلَى الْمَاءِ اللِّكَاكُ ". وَيَوْمٌ ذُو عَكِيكٍ، أَيْ حَارٌّ. قَالَ طَرَفَةُ:

تَطْرُدُ الْقُرَّ بِحَرٍّ سَاخِنٍ ... وَعَكِيكَ الْقَيْظِ إِنْ جَاءَ بِقُرٍّ

وَأَمَّا الْأَصْلُ الْآخَرُ فَقَالَ الْفَرَّاءُ: إِبِلٌ مَعْكُوكَةٌ، أَيْ مَحْبُوسَةٌ. وَعُكَّ فُلَانٌ حُبِسَ. قَالَ رُؤْبَةُ:

يَا ابْنَ الرَّفِيعِ حَسَبًا وَبُنْكَا ... مَاذَا تَرَى رَأْيَ أَخٍ قَدْ عُكَّا وَمِنَ الْبَابِ عَكَكْتُهُ بِكَذَا أَعُكُّهُ عَكًّا، أَيْ مَاطَلْتُهُ. وَمِنْهُ عَكَّنِي فُلَانٌ بِالْقَوْلِ، إِذَا رَدَّدَهُ عَلَيْكَ حَتَّى يُتْعِبَكَ.

وَمِنَ الْبَابِ: الْعُكَّةُ لِلسَّمْنِ: أَصْغَرُ مِنَ الْقِرْبَةِ، وَالْجَمْعُ عُكَكٌ وَعِكَاكٌ. وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ السَّمْنَ يُجْمَعُ فِيهَا كَمَا يُحْبَسُ الشَّيْءُ.

وَمِنَ الْبَابِ: الْعَكَوَّكُ: الْقَصِيرُ الْمُلَزَّزُ الْخَلْقِ، أَيِ الْقَصِيرُ. قَالَ:

عَكَوَّكًا إِذَا مَشَى دِرْحَايَهْ

وَإِنَّمَا سُمِّيَ بِذَلِكَ تَشْبِيهًا بِعُكَّةِ السَّمْنِ. وَالْعَكَوَّكَانُ، مِثْلُ الْعَكَوَّكِ. قَالَ:

عَكَوَّكَانُ وَوَآةٌ نَهْدَهُ

وَمِنَ الْبَابِ الْمِعَكُّ مِنَ الْخَيْلِ: الَّذِي يَجْرِي قَلِيلًا ثُمَّ يَحْتَاجُ إِلَى الضَّرْبِ، وَهُوَ مِنْ الِاحْتِبَاسِ.

وَأَمَّا الْأَصْلُ الثَّالِثُ فَقَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: عَكَّهُ بِالسَّوْطِ، أَيْ ضَرَبَهُ. وَ [يُقَالُ] : عَكَّهُ وَصَكَّهُ. وَمِنَ الْبَابِ عَكَّتْهُ الْحُمَّى، أَيْ كَسَرَتْهُ. قَالَ:

وَهَمٍّ تَأْخُذُ النُّجَوَاءُ مِنْهُ ... تَعُكُّ بِصَالِبٍ أَوْ بِالْمُلَالِ

وَمُمْكِنٌ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْبَابِ الْأَوَّلِ، كَأَنَّهَا ذُكِرَتْ بِذَلِكَ لِحَرِّهَا. وَيُقَالُ فِي بَابِ الضَّرْبِ: عَكَّهُ بِالْحُجَّةِ، إِذَا قَهَرَهُ بِهَا. وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْبَابِ أَنَّ عُكَّةَ الْعِشَارِ: لَوْنٌ يَعْلُوهَا مِنْ صُهْبَةٍ فِي وَقْتٍ أَوْ رُمْكَةٍ فِي وَقْتٍ. وَأَنَّ فُلَانًا قَالَ: ائْتَزَرَ فُلَانٌ إِزْرَةً عَكَّى وَكَّى. وَكُلُّ هَذَا مِمَّا لَا مَعْنَى لَهُ وَلَا مُعَرَّجَ عَلَيْهِ.

وَقَدْ ذُكِرَ عَنِ الْخَلِيلِ بَعْضُ مَا يُقَارِبُ هَذَا: أَنَّ الْعَكَنْكَعَ: الذَّكَرُ الْخَبِيثُ مِنَ السَّعَالِي. وَأَنْشَدَ:

كَأَنَّهَا وَهُوَ إِذَا اسْتَبَّا مَعًا ... غُولٌ تُدَاهِي شَرِسًا عَكَنْكَعَا

وَهَذَا قَرِيبٌ فِي الضَّعْفِ مِنَ الَّذِي قَبْلَهُ. وَأَرَى كِتَابَ الْخَلِيلِ إِنَّمَا تَطَامَنَ قَلِيلًا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ لِمِثْلِ هَذِهِ الْحِكَايَاتِ.

قَيَدَ 

(قَيَدَ) الْقَافُ وَالْيَاءُ وَالدَّالُ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ، وَهِيَ الْقَيْدُ، وَهُوَ مَعْرُوفٌ، ثُمَّ يُسْتَعَارُ فِي كُلِّ شَيْءٍ يُحْبَسُ. يُقَالُ: قَيَّدْتُهُ أُقَيِّدُهُ تَقْيِيدًا. وَيُقَالُ: فَرَسٌ قَيْدُ الْأَوَابِدِ، أَيْ فَكَأَنَّ الْوَحْشَ مِنْ سُرْعَةِ إِدْرَاكِهِ لَهَا مُقَيَّدَةٌ. قَالَ:

وَقَدْ أَغْتَدِي وَالطَّيْرُ فِي وُكْنَاتِهَا ... بِمُنْجَرِدٍ قَيْدِ الْأَوَابِدِ هَيْكَلِ

وَالْمُقَيَّدُ: مَوْضِعُ الْقَيْدِ مِنَ الْفَرَسِ.

قَصَرَ 

(قَصَرَ) الْقَافُ وَالصَّادُ وَالرَّاءُ أَصْلَانِ صَحِيحَانِ، أَحَدُهُمَا يَدُلُّ عَلَى أَلَّا يَبْلُغَ الشَّيْءُ مَدَاهُ وَنِهَايَتَهُ، وَالْآخَرُ عَلَى الْحَبْسِ. وَالْأَصْلَانِ مُتَقَارِبَانِ.

فَالْأَوَّلُ الْقِصَرُ: خِلَافُ الطُّولِ. يَقُولُ: هُوَ قَصِيرٌ بَيِّنُ الْقِصَرِ. وَيُقَالُ: قَصَّرْتُ الثَّوْبَ وَالْحَبْلَ تَقْصِيرًا. وَالْقَصْرُ: قَصْرُ الصَّلَاةِ: وَهُوَ أَلَّا يُتِمَّ لِأَجْلِ السَّفَرِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ. وَالْقُصَيْرَى: أَسْفَلُ الْأَضْلَاعِ، وَهِيَ الْوَاهِنَةُ. وَالْقُصَيْرَى: أَفْعَى، سُمِّيَتْ لِقِصَرِهَا. وَيُقَالُ أَقْصَرَتِ الشَّاةُ، إِذَا أَسَنَّتْ حَتَّى تَقْصُرَ أَطْرَافُ أَسْنَانِهَا. وَأَقْصَرَتِ الْمَرْأَةُ: وَلَدَتْ أَوْلَادًا قِصَارًا. وَيُقَالُ: قَصَّرْتُ فِي الْأَمْرِ تَقْصِيرًا، إِذَا تَوَانَيْتُ، وَقَصَرْتُ عَنْهُ قُصُورًا: عَجَزْتُ. وَأَقْصَرْتُ عَنْهُ إِذَا نُزِعْتَ عَنْهُ وَأَنْتَ قَادِرٌ عَلَيْهِ. قَالَ:

لَوْلَا عَلَائِقُ مِنْ نَعَمٍ عَلِقْتُ بِهَا ... لَأَقْصَرَ الْقَلْبُ مِنِّي أَيَّ إِقْصَارِ

وَكُلُّ هَذَا قِيَاسُهُ وَاحِدٌ، وَهُوَ أَلَّا يَبْلُغَ مَدَى الشَّيْءِ وَنِهَايَتَهُ. وَالْأَصْلُ الْآخَرُ، وَقَدْ قُلْنَا إِنَّهُمَا مُتَقَارِبَانِ: الْقَصْرُ: الْحَبْسُ، يُقَالُ: قَصَرْتُهُ إِذَا حَبَسْتُهُ، وَهُوَ مَقْصُورٌ، أَيْ مَحْبُوسٌ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ} [الرحمن: 72] . وَامْرَأَةٌ قَاصِرَةُ الطَّرْفِ: لَا تَمُدُّهُ إِلَى غَيْرِ بَعْلِهَا، كَأَنَّهَا تَحْبِسُ طَرْفَهَا حَبْسًا. قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ: فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ. وَمِنَ الْبَابِ: قُصَارَاكَ أَنْ تَفْعَلَ كَذَا وَقَصْرُكَ، كَأَنَّهُ يُرَادُ مَا اقْتَصَرْتَ عَلَيْهِ وَحَبَسْتَ نَفْسَكَ عَلَيْهِ. وَالْمَقَاصِرُ: جُمَعُ مَقْصُورَةٍ، وَكُلُّ نَاحِيَةٍ مِنَ الدَّارِ الْكَبِيرَةِ إِذَا أُحِيطَ عَلَيْهَا فَهِيَ مَقْصُورَةٌ. وَهَذَا جَائِزٌ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْقِيَاسِ الْأَوَّلِ. وَيَقُولُونَ: فَرَسٌ قَصِيرٌ: مُقَرَّبَةٌ مُدْنَاةٌ لَا تُتْرَكُ تَرُودُ، لِنَفَاسَتِهَا عِنْدَ أَهْلِهَا. قَالَ:

تَرَاهَا عِنْدَ قُبَّتِنَا قَصِيرًا ... وَنَبْذُلُهَا إِذَا بَاقَتْ بَؤُوقُ

وَجَارِيَةٌ قَصِيرَةٌ وَقَصُورَةٌ مِنْ هَذَا. وَالتِّقْصَارُ: قِلَادَةٌ شَبِيهَةٌ بِالْمِخْنَقَةِ، وَكَأَنَّهَا حُبِسَتْ فِي الْعُنُقِ. قَالَ:

وَلَهَا ظَبْيٌ يُؤَرِّثُهَا ... جَاعِلٌ فِي الْجِيدِ تِقْصَارَا

وَمِنَ الْبَابِ: قَصْرُ الظَّلَامِ، وَهُوَ اخْتِلَاطُهُ. وَقَدْ أَقْبَلَتْ مَقَاصِرُ الظَّلَامِ، وَذَلِكَ عِنْدَ الْعَشِيِّ. وَقَدْ يُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ هَذَا عَلَى الْقِيَاسِ فَيُقَالُ: إِنَّ الظَّلَامَ يَحْبِسُ عَنِ التَّصَرُّفِ. وَيُقَالُ: أَقَصَرْنَا، إِذَا دَخَلْنَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ. وَيُقَالُ لِذَلِكَ الْوَقْتِ الْمَقْصَرَةُ، وَالْجَمْعُ مَقَاصِرُ. قَالَ: فَبَعَثْتُهَا تَقِصُ الْمَقَاصِرَ ... بَعْدَمَا كَرَبَتْ حَيَاةُ النَّارِ لِلْمُتَنَوِّرِ

وَمِمَّا شَذَّ عَنْ هَذَا الْبَابِ الْقَصَرُ: جَمْعُ قَصَرَةٍ، وَهِيَ أَصْلُ الْعُنُقِ، وَأَصْلُ الشَّجَرَةِ، وَمُسْتَغْلَظُهَا. وَقُرِئَتْ: {إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ} [المرسلات: 32] . وَالْقَصَرُ: دَاءٌ يَأْخُذُ فِي الْقِصَرِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

مَجَّ 

(مَجَّ) الْمِيمُ وَالْجِيمُ كَلِمَتَانِ إِحْدَاهُمَا تَخْلِيطٌ فِي شَيْءٍ، وَالثَّانِيَةُ رَمْيٌ لِلشَّيْءِ بِسُرْعَةٍ.

فَالْأُولَى الْمَجْمَجَةُ: تَخْلِيطٌ فِيمَا يُكْتَبُ. وَمَجْمَجَ فِي أَخْبَارِهِ: لَمْ يَشْفِ وَلَمْ يُفْصِحْ.

وَالْأُخْرَى مَجَّ الشَّرَابَ مِنْ فِيهِ: رَمَى بِهِ. وَالشَّرَابُ مُجَاجُ الْعِنَبِ. وَالْمَطَرُ مُجَاجُ الْمُزْنِ. وَالْعَسَلُ مُجَاجُ النَّحْلِ. وَهُوَ هَرِمٌ مَاجٌّ: يَمُجُّ رِيقَهُ وَلَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَحْبِسَــهُ مِنْ كِبَرِهِ. وَمِنْ بَابِ السُّرْعَةِ أَمَجَّ فِي الْبِلَادِ إِمِّجَاجًا: ذَهَبَ. وَأَمَجَّ الرَّجُلُ: أَسْرَعَ فِي عَدْوِهِ. 

نَضَدَ 

(نَضَدَ) النُّونُ وَالضَّادُ وَالدَّالُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى ضَمِّ شَيْءٍ إِلَى شَيْءٍ فِي اتِّسَاقٍ وَجَمْعٍ، مُنْتَصِبًا أَوْ عَرِيضًا. وَنَضَدْتُ الشَّيْءَ بَعْضَهُ إِلَى بَعْضٍ مُتَّسِقًا أَوْ مِنْ فَوْقٍ. وَالنَّضَدُ: الْمَنْضُودُ مِنَ الثِّيَابِ. قَالَ النَّابِغَةُ:

خَلَّتْ سَبِيلَ أَتِيٍّ كَانَ يَحْبِسُــهُ ... وَرَفَّعَتْهُ إِلَى السَّجْفَيْنِ فَالنَّضَدِ

وَالنَّضَدُ: السَّرِيرُ يُنْضَدُ عَلَيْهِ الْمَتَاعُ. وَأَنْضَادُ الْجِبَالِ: جَنَادِلُ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ. وَالنَّضَدُ مِنَ السَّحَابِ كَالصَّبِيرِ، يَكُونُ بَعْضُهُ إِلَى بَعْضٍ، وَالْجَمْعُ أَنْضَادٌ. وَأَنْضَادُ الْقَوْمِ: جَمَاعَاتُهُمْ وَعَدَدُهُمْ. وَنَضَدُ الرَّجُلِ: أَعْمَامُهُ وَأَخْوَالُهُ الَّذِينَ يَتَجَمَّعُونَ لِنُصْرَتِهِ. وَالنَّضَدُ: الشَّرَفُ. وَنَضَائِدُ الدِّيبَاجِ: جَمْعُ نَضِيدَةٍ، وَهِيَ الْوِسَادَةُ وَمَا حُشِيَ مِنَ الْمَتَاعِ. قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وَمَا نُضِدَ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ فَهُوَ نَضِيدٌ.

وَزَعَ 

(وَزَعَ) الْوَاوُ وَالزَّاءُ وَالْعَيْنُ: بِنَاءٌ مَوْضُوعٌ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ. وَوَزَعْتُهُ عَنِ الْأَمْرِ: كَفَفْتُهُ. قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ: {فَهُمْ يُوزَعُونَ} [النمل: 17] ، أَيْ يُحْبَسُ أَوَّلُهُمْ عَلَى آخِرِهِمْ. وَجَمْعُ الْوَازِعِ وَزَعَةٌ. وَفِي بَعْضِ الْكَلَامِ: " مَا يَزَعُ السُّلْطَانُ أَكْثَرُ مِمَّا يَزَعُ الْقُرْآنُ "، أَيْ إِنَّ النَّاسَ لِلسُّلْطَانِ أَخْوَفُ.

وَبِنَاءٌ آخَرُ، يُقَالُ: أَوْزَعَ اللَّهُ فُلَانًا الشُّكْرَ: أَلْهَمَهُ إِيَّاهُ. وَيُقَالُ هُوَ مَنْ أُوزِعَ بِالشَّيْءِ، إِذَا أُولِعَ بِهِ، كَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُولِعُهُ بِشُكْرِهِ. وَبِهَا أَوْزَاعٌ مِنَ النَّاسِ، أَيْ جَمَاعَاتٌ.

خَرع

(خَ ر ع)

خَرِع الشَّيْء خَرَعا وخَراعَة، فَهُوَ خَرِع، وخَريع، وتَخَرَّع وانْخَرَعَ: استرخى وَضعف وَلِأَن.

والخَرِع: الخوار.

والخَريع: الْمُرِيب، لِأَن الْمُرِيب خَائِف، فَكَأَنَّهُ خوُّار. قَالَ الرَّاعِي:

خَرِيٌع مَتى يَمْشيِ الخبيثُ بأرْضه ... فَإِن الحَلال لَا محالةَ ذائقُهْ

والخَرَع: لين المفاصل. وشفة خريعٌ: لينَة.

وانخَرعت أَعْضَاء الْبَعِير، وتَخَرَّعت: زَالَت عَن موَاضعهَا، قَالَ العجاج:

ومَنْ هَمَزْنا عِزَّهُ تَخَرَّعا

وانخرع الرجل: ضعف وانكسر. وانْخرَعْتُ لَهُ: لنت.

والخَريع: الْغُصْن فِي بعض اللُّغَات، لنعمته وتثنيه. والخَريع من النِّسَاء: الناعمة. وَالْجمع: خُرُع وخَرائع. حَكَاهُمَا ابْن الْأَعرَابِي. وَقيل: الخَريع والخَريعة: المتكسرة، الَّتِي لَا ترد يَد لامس، كَأَنَّهَا تَنْخَرع لَهُ. قَالَ يصف رَاحِلَته:

تَمْشِي أمامَ العِيسِ وهْي فِيها ... مَشْيَ الخَريعِ ترَكَتْ بَنيِها

وكل سريع الانكسار خريع. وَقيل: الخَريع: الناعمة مَعَ فجور. وَقيل: الخريع: الماجنة المتبرجة. والخَرَاعة: الدعارة.

وَرجل مُخَرَّع: ذَاهِب فِي الْبَاطِل وخَرَع الْجلد وَالثَّوْب يَخْرَعُه خَرْعا، فانْخَرَع: شقَّه. وخَرَع أذُن الشَّاة خَرْعا: كَذَلِك. وَقيل: هُوَ شقها فِي الْوسط.

واخترع الشَّيْء: اقتطعه واختزله. وَهُوَ من ذَلِك، لِأَن الشق قطع. وَفِي الحَدِيث: " يُنْفَق على المُغيبة من مَال زَوجهَا، مَا لم تَخْتَرع ماَله ". وَقَالَ أَبُو سعيد: الاختراع هَاهُنَا: الْخِيَانَة، وَلَيْسَ بِخَارِج من معنى الْقطع. حكى ذَلِك الْهَرَوِيّ فِي الغريبين. واختَرَع الشَّيْء: ارتجله، وَالِاسْم: الخِرْعة.

والخُراع: دَاء يُصِيب الْبَعِير، فَيسْقط مَيتا، وَلم يخص ابْن الْأَعرَابِي بَعِيرًا وَلَا غَيره، إِنَّمَا قَالَ: الخُراع: أَن يكون صَحِيحا، فَيَقَع مَيتا. والخُراع: الْجُنُون. وَقد خرع فيهمَا.

وَامْرَأَة خِرْوَعَة: رخصَة، مُشْتَقّ من ذَلِك.

والخَريع والخِرِّيع: العصفر. وَقيل: شَجَرَة.

والخِرْوَع: شجر لين مسترخ، يحمل مثل بيض الطير، يُسمى سمسما هنديا، مُشْتَقّ من التَّخَرُّع. وَقيل: الخِرْوَع: كل نَبَات قصف رَيَّان، من شجر أَو عشب.

وَابْن الخَرِع: أحد فرسَان الْعَرَب وشعرائها.
خَرع
الخَرْعُ، كالمَنْعِ: الشَّقُّ. يُقَالُ: خَرَعْتُه فانْخَرَعَ، كَمَا فِي الصّحاح.
والخَرَعُ، بالتَّحْرِيكِ: سِمَةٌ فِي أُذُنِ الشَّاةِ، عَن ابْنِ عَبّادٍ، وَقد خَرَعَهَا يَخْرَعُها خَرْعاً مِن حَدِّ مَنَعَ، أَيْ شَقَّهَا. وقِيلَ: هُوَ شَقُّهَا فِي الوَسَطِ، وذلِكَ أَنْ يُقِطَع أَعْلَى أُذُنِهَا فِي طُولِهَا فتَصِير الأُذُنُ ثَلاثَ قِطَعٍ، فتَسْتَرْخِي الوُسْطَى عَلَى المَحَارَةِ، وهِيَ مَخْرُوعَةٌ.
والخَرَعُ أَيْضاً: لِينُ المَفَاصِلِ، عَن ابْنِ دُرَيْدٍ. والرَّخاوَةُ فِي الشَّيْءِ. مَصْدَرَهُ الخَرَاعَةُ، بالفَتْح، والخُرُوعُ والخُرْعُ بضَمِّهمَا، كذَا فِي النُّسَخِ، والصَّوابُ: والخَروعَةُ والخَرَعُ، الأُولَى مَع الخَرَاعَةِ نَقَلَهَا ابنُ دُرَيْدٍ، والأَخِيرَةُ عَن ابْنِ عَبّادٍ. وقَدْ خَرُعَ الشَّيْءُ، ككَرُمَ.
وقالَ شَمِرٌ: الخَرَعُ: هُوَ الدَّهَشُ، كَمَا فِي الصّحاح. ومِنْهُ قَوْلُ أَبِي طالِبٍ لَمّا أَدْرَكَهُ المَوْتُ: لَوْلا رَهْبَةُ أَنْ تَقَولَ قُرَيْشٌ: دَهَرَه الخَرَعُ لَفَعَلْتُ. وَفِي أُخْرَى: لَقُلْتُهَا. ويُرْوَى الجَزَع بالجِيمِ والزّاي، وَهُوَ الخَوْفُ. قالَ ثَعْلَبٌ: إِنّما هُوَ الخَرَعُ، بالخَاءِ والرّاءِ.
وخَرَعَ الرَّجُلُ كفَرِحَ: ضَعُفَ، ومِنْهُ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيّ: لَوْ يَسْمَعُ أحَدُكُمْ ضَغْطَةَ القَبْرِ لخَرِعَ أَوْ لجَزِعَ قَالَ ابنُ الأَثِيرِ: أَيْ دَهِشَ وضَعُفَ، فَهُوَ خَرِعٌ، ككَتِفٍ، كَما فِي الصّحاح. زادَ فِي العُبَابِ: وكُلُّ ضَعِيفٍ رِخْوٍ خَرِعٌ. وزادَ أَبُو عَمْروٍ: خَرِيعٌ بمَعْنَى ضَعِيفٍ. وقالَ رُؤْبَةُ: لَا خَرَعَ العَظْمِ وَلَا مُوَصَّمَاً وأَنْشَدَ الصّاغَانِيّ:
(ولاتَكُ مِنْ أَخْدانِ كُلِّ يَرَاعَة ... خَرِيعِ كسَقْبِ البانِ جُوفٌ مَكاسِرُهْ)
وقِيلَ فِي تَفْسِيرِ حَدِيثِ أِبِي سَعِيدٍ المُتَقَدِّم لَخَرِعَ، أَي انْكَسَرَ، عَن اللَّيْثِ وخَرِعَتِ النَّخْلَةُ: ذَهَبَ كَرَبُهَا، كَمَا فِي الصّحاح.
والخَرِيعُ، كأَمِيرٍ: المِشْفَرُ المُتَدَلِّي، أَي مِشْفَرُ البَعِيرِ، كَمَا فِي الصّحاح، وأَنْشَدَ لِلطِّرِمّاحِ:)
(خَرِيعَ النَّعْوِ مُضْطَرِبَ النَّوَاحِي ... كَأَخْلاقِ الغَرِيفَةِ ذِي غُضُونِ)
هكَذَا هُوَ فِي الصّحاح. وهكَذَا وُجِدَ بخَطِّ الأَزْهَريّ أَيْضاً، وصَوَابُ إِنْشَادِه: ذَا غُضُونٍ، لأَنَّهُ صِفَةُ خَرِيعٍ. وقَبْلَه:
(تمرُّ على الوِرَاكِ إِذا المَطَايَا ... تَقَايَسَتِ النِّجادَ من الوَجِينِ)
وسَيَأَتِي ذِكرُ ذلِكَ فِي غ ر ف.
وقَالَ ابنُ فارِسٍ: سَرَقَةُ مِنْ عُتَيْبَةَ ابنِ مِرْداسٍ، حَيْثُ قَالَ:
(تَكُفّ شَبَاً الأَنْيابِ عَنْهَا بمِشْفَرٍ ... خَرِيعٍ كسِبْتِ الأَحْوريّ المُخَصَّرِ)
والخَرِيعُ: النّاقَةُ الَّتِي بِهَا خُرَاعٌ، بالضَّمِّ، وَهُوَ داءٌ يُصِيبُ البَعِيرَ فيَسْقُطُ مَيِّتاً، ولَمْ يَخُصَّ ابنُ الأَعْرَابِيّ بِهِ بَعِيراً وَلَا غَيْرَهُ، إِنَّمَا قالَ: الخَرَاعُ: أَنْ يَكُونَ صَحِيحاً فيَقَعَ مَيِّتاً.
والخَرِيعُ: المَرْأَةُ الفَاجَرِةُ. قَالَ الجَوْهَرِيُّ: وأَنْكَرَهُ الأَصْمَعِيُّ. أَوْ هِيَ الَّتِي تَتَثَنَّى لِيناً، وهُوَ قَوْلُ الأَصْمَعِيّ الَّذِي نَقَلَهُ الجَوْهَرِيّ، إِلاّ أَنَّ قَوْلَ الراجِزِ يُؤَيِّدُ القَوْلَ الأَوّل: إِذا الخَرِيجُ العَنْقَفَيرُ الحُذّمَهْ يَؤُرُّهَا فَحْلٌ شَدِيدُ الصُّمَمَهْ وكَذَا قَوْلُ كُثَيِّرٍ الآتِي ذِكْرُهُ فِي المُسْتَدْرَكَات، الخَرِيعَةِ، والخَرُوع كَسَفِينَةٍ وصَبُورٍ، وهَاتَان عَن ابنِ عَبّاد. والخِرُوَعُ، كدِرْهَمٍ: نَبْتٌ مَعْرُوفٌ لَا يَرْعَى. قَالَ الجَوْهَرِيُّ: ولَمْ يَجِيءْ علَى هَذَا الوَزْنِ إِلاّ حَرْفانِ: خِرْوَعٌ، وعِتْوَدٌ، وَهُوَ اسْمُ وَادٍ. قُلْتُ: وزِيدَ: ذِرْوَدٌ: اسْمُ جَبَلٍ، وعِتْوَرٌ: اسْمُ وَادٍ، ولَيْسَ بتَصْحِيفِ عِتْوَد، كَمَا مَرَّ البَحْثُ فِيهِ. وجِدْوَلٌ لُغَةٌ فِي الجَدْوَلِ. وقِيلَ: خِرْوَعٌ مُلْحَقٌ بدِرْهمٍ. وَقَالَ شَيْخُنا: إِنْ كانَ خِرْوَعاً علَى رَأْيِ مَن يَجْعَلَهُ رُبَاعِيّاً ويُلْحِقُهُ بدِرْهَمٍ فالتَّمْثِيلُ ظَاهِرٌ، وَفِيه: أَنَّ ذِكْرَهُ هُنَا يَخَالِفُهُ، وإِنْ قَصَدَ أَنَّهُ فِعْوَلٌ والواوُ زَائِدَةٌ كَمَا اقْتَضاهُ ذِكْرُه هُنَا، فالتَّمْثِيلُ بِهِ لَا يَخْلُو عَنْ نَظَرٍ انتَهَى. وقِيلَ: سُمِّيَ الخِرْوَعَ لرَخاوَتِهِ، وَهِي شَجَرَةٌ تَحْمِلُ حَبّاً كَأَنَّهُ بَيْضُ العَصافِيرِ يُسَمَّى السِّمْسِمَ الهِنْدِيّ، مُشْتَقٌّ مِن الخَرَع قَالَ ابنُ جَزْلة: أَجْودهُ البَحْريُّ، وخاصِّيَّتُه إِسْهالُ البَلْغِم، ويَنْفَعُ مِن القُولَنْجِ والفَالِجُ واللَّقْوَة، والبَلْغَمِ، وقَدْرُ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ إِلَى مِثْقَالٍ.
والخِرِّيع، كسِكَّيتٍ: العُصْفُر، عَن ابْنِ الأَعْرَابِيّ وابنِ دُرَيْد والدِّينَوَرِيّ، كَمَا فِي العُبَاب. وزادَ)
الأَخِيرُ فِي ضَبْطِهِ: كَأَمِيرٍ، وهكَذَا ضَبَطَهُ ابنُ جَزْلَةَ أَيْضاً، أَو القِرْطِمُ، عَن ابنِ عَبّادٍ.
والخُرَاع، كغُرَاب: جُنونُ النّاقِةَ، عَن الكِسَائِيّ: وَقَالَ شَمِر: الجُنُونُ، والطَّوَفَانُ، والثَّوَلُ، والخُرَاعُ، وَاحِدٌ.
وَقيل: الخُرَاعُ: انْقِطَاعٌ فِي ظَهْرِهَا تُصْبِحُ مِنْهُ بَارِكَةً لَا تَقُومُ، ولَمْ يَخُصَّ بِهِ ابنُ الأَعْرَابِيّ بَعيراً وَلَا غَيْرَهُ، كَمَا تَقَدَّمَ. وحَكَى ابنُ بَرِّيّ عَن ابْنِ الأَعْرَابِيّ أَنَّ الخُرَاعَ يُصِيبُ الإِبِلَ إِذَا رَعَتِ النَّدِىَّ فِي الدِّمَنِ والحُشُوشِ. وأَنْشَدَ لِرَجُلٍ هَجَا رَجُلاً بالجَهْلِ، وقِلَّةِ المَعْرِفَةِ:
(أَبُوكَ الَّذِي أُخْبِرْتُ يَحْبِسُ خَيْلَهُ ... حِذَارَ النَّدَى حَتَّى يَجِفَّ لَها البَقْلُ)
وَصَفَهُ بالجَهْلِ، لأَنَّ الخَيْلَ لَا يَضَرُّهَا النَّدَى، إِنّمَا يَضَرُّ الإِبِلَ والغَنَمَ.
وخُرْعُونُ، بالضَّمِّ، وَهُوَ فِي التَّكْمِلَةَ مَفْتُوحٌ ضَبْطاً بالقَلَمِ ويَدُلُّ لَهُ أَيْضاً إِطْلاقُ العُبَابِ: ة، بِسَمَرْقَنْدَ.
والخَرِعُ، ككَتِفٍ: لَقَبُ عَمْرِو ابنِ عَبْس بنِ وَدِيعَةَ بنِ عَبْدِ اللهِ بن لُؤَيِّ بنِ عَمْرِو بنِ الحارِثِ بنِ تَيْم ابنِ عَبْدِ مَنَاةَ بنِ أُدِّ بنِ طابِخَةَ بن إِلْياسِ بن مُضَرَ، جَدّ عَوْفِ بنِ عَطِيَّةَ الشّاعِر الْفَارِس.
وقالَ ابنُ عَبّادٍ: رَجُلٌ مُخَرَّعٌ، كمُعَظَّم: كَثِيرُ الاخْتِلافِ فِي أَخْلاقِهِ. وقَالَ ابنُ فارِسٍ: المُخَرَّعُ: المُخْتَلِفُ الأَخْلاقِ، وَفِيه نَظَرٌ، كَمَا فِي العُبَابِ. قُلْتُ: ولَعَلَّ صَوَابَهُ المُجَزَّعُ، بالجِيم والزّاي.
واخْتَرَعَهُ، أَيّ الشَّيْءَ: شَقَّهُ واقْتَطَعَهُ واخْتَزَلَهُ. وَفِي الصّحاح: اشْتَقَّهُ ويُقَالُ: أَنْشَأَهُ وابْتَدَأَهُ، هكَذَا فِي النُّسَخِ. والَّذِي فِي الصّحاح والعُبَاب: وابْتَدَعَهُ.
وَفِي الأَسَاسِ: اخْتَرَعَ بَاطِلاً: اخترقَهُ. واخْتَرَعَ اللهُ الأَشْيَاءِ: ابْتَدَعَها بِلا سَبَبٍ.
واخْتَرَعَ فُلاناً: إِذا خَانَهُ وأَخَذَ مِن مالِهِ، كاخْتَزَعَهُ، بالزّاي. ومِنْهُ الحَدِيثُ يُنْفَقُ على المُغِيبَةِ مِن مالِ زَوْجِهَا مَا لَمْ تَخْتَرِعْ مالَهُ، أَيْ مَا لَمْ تَقْتَطِعْهُ وتَأَخُذْهُ. وقالَ أَبُو سَعِيدٍ: الاخْتِرَاعُ هُنَا الخِيانَةُ، ولَيْسَ بِخَارِجٍ عَن مَعْنَى القَطْع، وحَكَى ذلِكَ الهَرَوِيّ فِي الغَريبَيْن.
واخْتَرَعَهُ: اسْتَهْلَكَهُ، عَن ابْنِ شُمَيْلٍ. وقالَ ابنُ عَبّادٍ: اخْتَرَعَ الدَّابَّةَ، إِذا تَسَخَّرَهَا لِغَيْرِهِ أَيّاماً ثُمّ رَدَّهَا.
وانْخَرَعَ: لُغَةٌ فِي انْخَلَعَ. وَفِي الصّحاح: انْخَرَعَتْ كَتِفُهُ لُغَةٌ فِي انْخَلَعَتْ.
وقالَ اللَّيْثُ: انْخَرَعَ الرَّجُلُ: انْكَسَرَ وضَعُف. وانْخَرَعَتِ القَناةُ انْشَقَّتْ وتَفَتَّتَتْ.
وممّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْه: كُلُّ نَبَاتٍ قَصِيفٍ رَيَّانَ مِنْ شَجَرٍ أَو عَشْبٍ فَهُوَ خِرْوَعٌ، كدِرْهَمٍ. قالَ عَدِيُّ)
بنُ زَيْدٍ يَصِفُ بَقَرَ الوَحْشِ:
(والخُنْسُ يُزْجِينَ فِي طَوَائِفِهِ ... يَقْرِ مْنَ خِرْوَعٍ رَيّانَ أَثْمارَاً)
قَالَ الصّاغَانِيّ: يُرِيدُ النَّبَاتَ الخَوّارَ مِنْ نَعْمَتِه وريَّه. فأَمَّا الخِرْوَعُ المَعْرُوفُ فَلَا يَرْعَاهُ شَيْءُ، كَمَا تَقَدَّم. وقالَ الأَصْمَعِيُّ: وكُلُّ نَبْتٍ ضَعِيفٍ يَتَثَنَّى: خِرْوَعٌ، أَيَّ نَبْت كانَ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيّ وأَنْشَد:
(تُلاعِبُ مَثْنَى حَضْرَميٍّ كأَنَّهُ ... تَعَمُّجُ شَيْطَانٍ بذِي خِرْوَعٍ قَفْر)
والخَرِيعُ، كأَمِيرٍ: المَرْأَةُ الحَسْنَاءُ. وقِيلَ: هِيَ الشّابَّةُ الناعِمَةُ. وقِيلَ: هِيَ الماجِنَةُ المِرِحَةُ.
والجَمْعُ خُرُوعٌ وخَرَائِعُ، حَكَاهُمَا ابنُ الأَعْرَابِيّ. وقِيلَ: الخَرِيع والخَرِيعَةُ: الَّتِي لَا تَرُدُّ يَدَ لاَمِس، كأَنَّهَا تَتَخَرَّعُ لَهُ. قالَ يَصِفُ رَاحِلَتَهُ: تَمْشِي أَمامَ العِيسِ وهْي فيهَا مَشْىَ الخَرِيعِ تَرَكَتْ بَنِيهَا وكُلُّ سَرِيعِ الإِنْكِسَارِ: خَرِيعٌ، وَقَالَ كُثَيِّرٌ:
(وفِيهِنَّ أَشْبَاهُ المَهَا رَعِتِ المَلاَ ... نَوَاعِمُ بِيضٌ فِي الهَوَى غَيْرُ خُرَّعِ)
أَرَادَ غَيْرَ فَوَاجِرَ، لأَنِّهُ إِنَّمَا نَفَى عَنْهَا المَقَابِحَ لَا المَحَاسِنَ. وفِي هَذَا القَوْلِ رَدٌّ عَلَى الأَصْمَعِيّ.
وتَخَرَّع الرّجُلُ: اسْتَرْخَى وضَعُفَ ولاَنَ. وَفِي فُلاَنٍ خَرَعٌ، مُحَرَّكَةً، أَي جُبْنٌ وخَوَرٌ، وَهُوَ مَجاز. وشَفَةٌ خَرِيعٌ، كأَمِيرٍ: لَيِّنَةٌ.
ونْخَرَعَتْ أَعْضَاءُ البَعِيرِ، وتَخَرَّعَتْ: زالَتْ عَنْ مَوْضِعِهَا. قالَ العَجّاج: ومَنْ هَمَزْنا عِزَّةُ تَخَرَّعاً والخَرِع، ككَتِفٍ: الفَصِيل الضَّعِيف. وقِيلَ: هُوَ الصَّغِيرُ الَّذِي يَرْضَعُ.
وانْخَرَعْتُ لَهُ: لِنْتُ. والخَرِيعُ: الغُصْنُ، فِي بَعْضِ اللُّغَاتِ لِنَعْمَتِهِ وتَثَنِّيهِ.
وغُصْنٌ خَرِعٌ: نَاعِمٌ لَيِّنٌ. قَالَ الرّاعِي يَذْكُرُ مَاء: مُعَانِقاً ساقَ رَيَّا سَاقُهَا خَرِعُ والخَرَاوِيعُ مِن النِّسَاءِ: الحِسَانُ. وامْرَأَةُ خِرْوَعَةٌ: حَسَنَةٌ رَخْصَةٌ لَيِّنَةٌ. وعَيْشٌ خِرْوَعٌ، وشَبَابٌ خِرْوَعٌ: أَي نَاعِمٌ. وَهُوَ مَجَازٌ. وقالَ أَبو النَّجْمِ: فَهْيَ تَمَطَّي فِي شَبَابٍ خِرْوَعِ)
والخَرِيعُ: المُرِيبُ، لأَنَّ المُرِيبَ خائِفٌ، فكَأَنَّهُ خَوّارٌ. قَالَ:
(خَرِيعٌ مَتَى يَمْشِ الخَبِيثُ بِأَرْضِهِ ... فإِنَّ الحَلاَلَ لَا مَحَالَةَ ذَائِقُهْ) والخَرَاعَةُ: لُغَةٌ فِي الخَلاَعَةِ، وَهِي الدَّعارَةُ، قالَ ابنُ بَرِّيّ: شَاهِدُهُ قَوْلُ ثَعْلَبَةَ بنِ أَوْسِ الكِلابِيّ: إِنْ تَشْبِهِينِي تُشْبِهِي مُخَرَّعَاً خَرَاعَةً مِنِّي ودِيناً أَخْضَعَاً لاَ تَصْلُحُ الخَوْدُ عَلَيْهِنَّ مَعَاً ورَجُلٌ مُخَرَّعُ، كمُعَظَّمٍ: ذاهِبٌ فِي الباطِلِ. ويُقَالُ: اخْتَرَعَ عُوداً من الشَّجَرَةِ، إِذا كَسَرَهَا.
واخَتَرَعَ الشَّيْءَ: ارْتَجَلَهُ، والاسْمُ الخِرْعَةُ، بالكَسْرِ. وقالَ ابنُ الأَعْرَابِيّ: خَرِعَ الرَّجُلُ، كفَرِحَ: إِذا اسْتَرَخَى رَأْيُه بَعْدَ قُوَّةٍ، وضَعُفَ جِسْمُه بَعْدَ صَلاَبَةٍ. وخُرِعَ الرَّجُلُ والبَعِيرُ، كعُنِيَ: إِذا وَقَعَ أَوْ جُنَّ. ونَاقَةٌ مَخْرُوعَةُ: أَصابَهَا الخُرَاعُ، وهُوَ مَرَضٌ يُفَاجِئُها. وثَوْبٌ مُخَرَّعٌ، كمُعَظَّمٍ: مَصْبُوغٌ بالعُصْفُرِ.

شخَخَ

(ش خَ خَ)

شَخَّ ببوله يَشُخُّ شَخًّا: مد بِهِ وَصَوت، وَقيل: دفع.

وشَخَّ الشَّيْخ ببوله يَشُخُّ شَخاًّ: لم يقدر أَن يحْبســهُ فغلبه، عَن ابْن الْأَعرَابِي، وَعم بِهِ كرَاع، فَقَالَ: شَخَّ ببوله شَخًّا: إِذا لم يقدر على حَبسه.

والشَّخُّ: صَوت الشخب إِذا خرج من الضَّرع.

والشَّخْشَخة: صَوت السِّلَاح والينبوت، كالخشخشة، وَهِي لُغَة ضَعِيفَة.

وشَخْشَخَتِ النَّاقة: رفعت صدرها وَهِي باركة.

جأى

(جأى)
عَلَيْهِ جأيا عض وَالشَّيْء جأوا وجأيا حَبسه وأمسكه وَفِي الْمثل (أَحمَق لَا يجأى مرغه) لَا يحبس لعابه يضْرب لمن لَا يكتم سره وغطاه وستره والسر كتمه وَالثَّوْب خاطه وَأَصْلحهُ والسقاء والنعل رقعهما وَالْقدر جعل لَهَا جئاوة وَالْغنم حفظهَا
ج أ ى: فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ «لِأَنْ أَطَّلِيَ (بِجِوَاءِ) قِدْرٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَطَّلِيَ بِالزَّعْفَرَانِ» وَهُوَ وِعَاءُ الْقِدْرِ أَوْ شَيْءٌ تُوضَعُ عَلَيْهِ مِنْ جَلْدٍ أَوْ خَصَفَةٍ. 
(جأى) - وفي حَدِيثِ يَأْجُوجَ ومَأْجُوج: "وتَجْأَى الأَرضُ من نَتْنِهم حين يَمُوتُون".
كذا رُوِي بالهَمْز، ولعَلَّه لُغَة، في قَولِهم: جَوِيَ الماءُ إذا نَتِنَ يَجْوَى، ويكون مَعْنَاه: تُنْتِن الأَرضُ من رِيحِ جِيَفِهم.
يقال: مَاءٌ جَوًى وجَوٍ، ومِياهٌ جَوًى أَيضا وجَوِيَّة: أي مُتَغَيِّرة وإن كان محفوظا بهَذا الَّلفْظ. فيُمكن أن يكون تُجْأَى على صِيغَة ما لَم يُسَمَّ فَاعِله، من قَولِهم: سَمِعتُ سِرًّا فما جَأَيتُه جَأْياً: أي ما كَتمتُه، ويكون مَعْناه: تَنْكَتِم الأَرضُ ويَسْتَتِر سِرُّها بكَثْرة جِيَفِهم لأنها تغطِّي وَجهَ الأرضِ، ويكون من قَولِهم: أصابَتْهم جَأوةٌ: أي سَنَةٌ شَدِيدَة،: أي لا تُنبِتُ الأَرضُ شيئا مِمَّا وَقَع على وَجهِها من جِيَفِهم، والله أعلم.

صَرَا

(صَرَا)
(هـ) فِي حَدِيثِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ «مَا يَصْرِينِي مِنْكَ أَيْ عَبْدِي» وَفِي رِوَايَةٍ:
«مَا يَصْرِيك منَيّ» أَيْ مَا يَقْطَعُ مسْأَلَتَك ويمنَعُك مِنْ سُؤالي: يُقَالُ صَرَيْتُ الشيءَ إِذَا قَطعْته وصَرَيْتُ الماءَ وصَرَّيْتُهُ إِذَا جَمَعتَه وحَبَسته.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «مَنِ اشتَرَى مُصَرَّاةً فَهُوَ بخَير النَّظَرين» المُصَرَّاة: النَاقَةُ أَوِ البقَرَةُ أَوِ الشَّاةُ يُصَرَّى اللّبنُ فِي ضَرْعها: أَيْ يُجْمَع ويُحْبَس. قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: ذَكَرَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ المُصَرَّاة وَفَسَّرَهَا أنَّها الَّتِي تُصَرُّ أخلافُها وَلَا تُحلَبُ أَيَّامًا حَتَّى يجتمعَ اللبنُ فِي ضَرْعها، فَإِذَا حلَبها المُشْتري اسْتَغْزَرَها. وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ: جائزٌ أَنْ تكونَ سُمّيَت مُصَرَّاة مِنْ صَرِّ أخلافِها، كَمَا ذُكِرَ، إِلَّا أَنَّهُمْ لَمَّا اجتمعَ لَهُمْ فِي الْكَلِمَةِ ثلاثُ رَاآتٍ قُلبت إحْدَاها يَاءً، كَمَا قَالُوا تَظنَّيتُ فِي تَظَنَّنْت. وَمِثْلُهُ تَقَضى الْبَازِي فِي تَقَضَّض، والتّصدِّي فِي تَصَدَّدَ. وكثيرٌ مِنْ أمْثَال ذلكَ أبدَلُوا مِنْ أَحَدِ الْأَحْرُفِ الْمُكَرَّرَةِ يَاءً كَرَاهِيَةً لِاجْتِمَاعِ الْأَمْثَالِ. قَالَ: وَجَائِزٌ أَنْ تكونَ سُمَيّت مُصَرَّاةً مِنَ الصَّرْيِ، وَهُوَ الجمعُ كَمَا سبقَ. وإِليه ذهبَ الأكثرُونَ.
وَقَدْ تَكَرَّرَتْ هَذِهِ اللفظةُ فِي الْأَحَادِيثِ، مِنْهَا، قولهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ «لَا تُصَرُّوا الْإِبِلَ والغَنم» فَإِنْ كَانَ مِنَ الصَّرَّ فَهُوَ بِفَتْحِ التَّاءِ وَضَمِّ الصَّادِ، وَإِنْ كَانَ مِنَ الصَّرْي فيكونُ بِضَمِّ التَّاءِ وَفَتْحِ الصَّادِ.
وَإِنَّمَا نَهَى عَنْهُ لِأَنَّهُ خِداعٌ وغِشٌّ. وَفِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى «أنَّ رجُلاً استَفْتاهُ فَقَالَ: امْرَأتِي صَرِيَ لبنُهَا فِي ثَدْيِها، فَدَعَتْ جَارِيَةً لَهَا فمصَّته، فَقَالَ: حَرِمتُ عَلَيْكَ» أَيِ اجْتَمَعَ فِي ثَدْيِها حَتَّى فَسَد طَعْمُه. وتحريمُها عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَرَى أَنَّ رَضَاع الْكَبِيرِ يُحرّم.
(هـ) وَفِيهِ «أَنَّهُ مَسح بِيَدِهِ النَّصْل الَّذِي بَقي فِي لَبَّةِ رَافِعِ بْنِ خَدِيج وتَفَل عَلَيْهِ فَلَمْ يَصِرْ» أَيْ لَمْ يَجْمع المِدَّة.
(س) وَفِي حَدِيثِ الإسْراء فِي فَرْضِ الصَّلاة «علمتُ أَنَّهَا أَمْرُ اللَّهِ صِرَّى» أَيْ حَتمٌ واجبٌ وعَزيمة وَجِدّ. وَقِيلَ هِيَ مُشْتَقَّة مِنْ صَرَى إِذَا قَطَع. وَقِيلَ هِيَ مُشْتقَّة مِنْ أَصْرَرْت عَلَى الشَّيْءِ إِذَا لَزِمْتَه، فَإِنْ كَانَ مِنْ هَذَا فَهُوَ مِنَ الصَّادِ وَالرَّاءِ المشدَّدة. وَقَالَ أَبُو مُوسَى: إِنَّهُ صِرِّيٌّ بِوَزْنِ جِنْيٍ.
وصِرِّيُّ العَزْم: أَيْ ثَابِتُهُ ومسْتَقِرُّة.
وَمِنَ الْأَوَّلِ حَدِيثُ أَبِي سَمّال الأسَدِي، وَقَدْ ضلَّت ناقتُه فَقَالَ «أَيْمُنُكَ لَئن لَمْ تردَّها علَيَّ لَا عَبَدْتُك، فأصابَها وَقَدْ تَعَلَق زِمَامُها بعَوسَجَة فَأَخَذَهَا وَقَالَ: عَلِمَ ربَيّ أَنَّهَا مِنّي صِرَّى» أي عَزِيمة قاطِعةٌ، ويمينٌ لازِمة.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ عَرْض نَفْسه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْقَبَائِلِ «وَإِنَّمَا نَزلْنَا الصَّرَيَيْنِ، اليَمَامةَ والسَّمَامَة» هُمَا تَثْنِيَةُ صَرَّى وَهُوَ الماءُ المجتمعُ. ويَرْوى الصِّيرَيْن.
وسيَجيءُ فِي موضِعِه.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ ابْنِ الزُّبير وَبِنَاءِ الْبَيْتِ «فأَمر بصَوَارٍ فنُصِبَت حولَ الْكَعْبَةِ» الصَّوَارِي جَمْعُ الصَّارِي، وَهُوَ دَقَل السَّفِينة الَّذِي يُنْصب فِي وَسَطِهَا قَائِمًا وَيَكُونُ عَلَيْهِ الشِّراع.

صرا

(صرا) - في كتاب النَّسائى في آخرِ حديث المِعْرَاج في فرْضَ الصّلاة: "فعلمت أَنَّه صِرِّيٌّ" .
على وزن جِرِّىّ وجِنِّىّ: أي حَتْم واجِبٌ، من قولهم: صَرَى: أي قَطَع، ثَبَّتَنىِ فيه بَعضُ أهلِ اللغة.
وقال الجَبَّان: وصَرَى: قَطَع صَرْيًا كأنه مقلوب صَارَه.
وقال أيضا في المضاعف: صِرِّىُّ العزم: ثابِتُهُ ومُسْتَقِرُّهُ.
ومنه قولُ الأَعرابىّ:
* صِرِّىَّ عَزْمٍ من أبى سَمَّالِ *
فإذاً يَحْتَمل البَابَينْ
[صرا] نه: في ح القيامة: ما "يصربني" منك أي عبدي! أي ما يقطع مسألتك ويمنعك من سؤالي، من صريت الشيء: قطعته، وصربته إذا جمعته وحبسته. ن: هو بفتح ياء وسكون صاد، أي ما يرضيك عني. ط: أي أي شيء يرضيك حتى تترك سؤالي؟ فكم مرة سألت وأجبتك وأخذت عهدك أن لا تعود ثم لا تفي به! قوله: أتستهزئ بي، ورد على الدهش من غاية السرور، ووجه الاستدراك في: لكني قادر على ما أشاء، أنه استبعد إعطاء مثلي الدنيا لعدم أهليته فقال: لكني أجعلك أهلًا له لأني قادر، وعبر بأحيي عن خلق تنببها على أنه حياة أبدية. نه: ومنه من اشترى "مصراة" فهو بخير النظرين، المصران ناقة أو بقرة أو شاة يصري اللبن في ضرعها أي يجمع ويحبس ولا تحلب أيامًا، قيل: هو إما من صر أخلافها فأبدل الراء الأخيرة ياء كتظنيت، أو من الصرى: الجمع، وعليه الأكثر. ومنه ح: لا "تصروا" إبل، فيفتح التاء ويضم الصاد إن كان من الصر، ويعكس إن كان من الصرى. ن: الثانية رواية مسلم، والأولى رواية غيره، وروى: لا تصر الإبل - بضم راء وحذف واو الجمع ورفع إبل، من الصر: ربط أخلافها لجمع اللبن. ك: وعليه فمصراة مبدلة الراء، فمن ابتاعها بعد أي بعد النهي أو بعد الصر. نه: وفي ح أبي موسى: امرأتي "صرى" لبنها في ثديها فمصته جارية لها فقال: حرمت عليك، أي اجتمع في ثديها حتى فسد طعمه، وتحريمها على مذهب تحريم إرضاع الكبير. وفيه: مسح بيده النصل الذي بقى في لبة ابن خديج وتفل عليه "فلم يصر"، أي لم يجمع المدة. وفي ح فرض الصلاة: علمت أنها أمر الله "صرى"، أي حتم واجب وعزيمة وجد، وقيل: هو من صرى إذا قطع، وقيل: من أصررت عليه لزمته، وعليه فهو من فتح الصاد والراء المشددة، وقيل: إنه صرى بوزن جنى، وصرى العزم ثابته ومستقره، ومن الأول ح أبي سمال وقد ضلت ناقته: أيمنك لئن لم تردها علي لا عبدتك! فأصابها وقال: علم ربي أنها مني "صرى"، أي عزيمة قاطعة ويمين لازمة. وفيه: وإنما نزلنا "الصريين" اليمامة والسمامة، تثنية صرى - وهو الماء المجتمع، ويروى: الصيرين - وسيجيء. وفي ح بناء البيت: فأمر "صوار" فنصبت حول الكعبة، هو جمع الصاري وهو دقل السفينة الذي ينصب وسطها قائمًا ويكون عليه الشراع.

الاستسقاء

الاستسقاء: طلب المطر عند الحاجة.
الاستسقاء: هو طلب المطر عند طول الانقطاع. وفي "الدار المختار": "هو شرعاً: طلب إنزال المطر بكيفية مخصوصة عند شدة الحاجة ودعاء واستغفارٌ".
الاستسقاء:
[في الانكليزية] Dropsy ،hydrocephalus
[ في الفرنسية] Hydropisie ،hydrocephalie
في اللغة طلب السّقي وإعطاء ما يشربه، والاسم السّقيا بالضم، وشرعا طلب إنزال المطر من الله تعالى على وجه مخصوص عند شدّة الحاجة بأن يحبس المطر عنهم ولم تكن لهم أودية وأنهار وآبار يشربون منها ويسقون مواشيهم وزروعهم، كذا في جامع الرموز. وعند الأطباء هو مرض ذو مادّة باردة غريبة تدخل في خلل الأعضاء فتربو بها الأعضاء، إمّا الظاهرة من الأعضاء كلها كما في اللحمي، وإمّا المواضع الخالية من النواحي التي فيها تدبير الغذاء والأخلاط كفضاء البطن التي فيها المعدة والكبد والأمعاء، وإمّا فضاء ما بين الشرب والصفاق، وأقسامه ثلاثة: اللحمي والزقّي والطّبلي المسمّى بالاستسقاء اليابس أيضا، لأنّ المادة الموجبة لها إمّا ذات قوام أو لا، الثاني الطّبلي، والأول إمّا أن تكون شاملة لجميع البدن وهو اللحمي، وإلّا فهو الزّقي. وبالجملة فالزقّي استسقاء تنصبّ فيه المائية إلى فضاء الجوف، سمّي به تشبيها لبطن صاحبه بالزقّ المملوء ماء، ولهذا يحسّ صاحبه خفخفة الماء عند الحركة.
واللحميّ استسقاء يغشو فيه الماء مع الدم إلى جملة الأعضاء فيحتبس في خلل اللحم فيربو، سمّي به لازدياد لحم صاحبه من حيث الظاهر بخلاف السّمن فإنه ازدياد حقيقة، وهذا تربّل يشبه الازدياد الحقيقي. والطبلي ما يغشو فيه المادة الريحية في فضاء الجوف مجففة فيها، ولا تخلو تلك المواضع مع الرياح عن قليل رطوبة أيضا. وأيضا الاستسقاء ينقسم إلى مفرد ومركّب، لأن تحقّقه إمّا أن يكون من نوعين فصاعدا أو لا، الثاني المفرد، والأول المركّب إمّا من اللحمي والزقّي، أو من اللحمي والطبلي، أو الزقي والطبلي، أو من الثلاثة، هكذا يستفاد من بحر الجواهر وحدود الأمراض.

جَأَى

(جَأَى)
(س) فِي حَدِيثِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ «وتَجْأَى الأرضُ مِنْ نَتْنهم حِينَ يَمُوتُونَ» هَكَذَا رُوِيَ مَهْمُوزًا. قِيلَ: لعلَّه لُغَة فِي قَوْلِهِمْ جَوِي الْمَاءُ يَجْوَى إِذَا أنْتَن، أَيْ تُنْتنُ الْأَرْضُ مِنْ جِيَفهم، وَإِنْ كَانَ الهمزُ فِيهِ مَحْفُوظًا، فيَحتمل أَنْ يَكُونَ مِنْ قَوْلِهِمْ كِتيبة جَأْوَاء: بَيِّنَةُ الجَأْي، وَهِيَ الَّتِي يعلُوها لَوْنُ السَّواد لِكَثْرَةِ الدُّروع، أَوْ مِنْ قَوْلِهِمْ سِقَاء لَا يَجْأَى شَيْئًا: أَيْ لَا يُمْسِكه، فَيَكُونُ الْمَعْنَى أَنَّ الْأَرْضَ تَقْذِف صدِيدَهم وجيفَهم فَلَا تَشْربُه وَلَا تُمْسِكُهَا كَمَا لَا يحْبِس هَذَا السِّقَاءُ، أَوْ مِنْ قَوْلِهِمْ: سمِعْت سِرًّا فَمَا جَأَيْتُهُ: أَيْ مَا كتمتُه، يَعْنِي أَنَّ الْأَرْضَ يسْتتر وجهُها مِنْ كَثْرَةِ جِيَفِهم.
وَفِي حَدِيثِ عَاتِكَةَ بِنْتِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ:
حَلَفْتُ لَئِنْ عُدْتُم لنَصْطَلِمَنَّكُم ... بِجَأْوَاء تُرْدِي حَافَتَيْهِ المقَانِبُ
أَيْ بِجَيْشٍ عَظِيمٍ تَجْتَمع مَقانِبُه مِنْ أَطْرَافِهِ وَنَوَاحِيهِ.

جَدَدَ

(جَدَدَ)
- فِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ «تباركَ اسْمُك وَتَعَالَى جَدُّكَ» أَيْ عَلاَ جَلاَلُك وعظَمَتُك.
والجَدّ: الحظُّ والسَّعادة والغنَى.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «وَلَا يَنْفَع ذَا الجَدّ مِنْكَ الجَدُّ» أَيْ لَا يَنْفَعُ ذَا الغِنَى مِنْكَ غِنَاه، وإنَّما ينفعُه الإيمانُ وَالطَّاعَةُ.
[هـ] وَمِنْهُ حَدِيثُ الْقِيَامَةِ «وَإِذَا أَصْحَابُ الجَدّ مَحْبُوسون» أَيْ ذوُو الْحَظِّ والغِنى.
(هـ) وَحَدِيثُ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «كَانَ الرَّجُلُ إِذَا قَرَأَ سُورَةَ الْبَقَرَةِ وَآلَ عِمْرَانَ جَدَّ فينَا» أَيْ عَظُم قدرُه وَصَارَ ذَا جَدّ.
وَفِي الْحَدِيثِ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا جَدَّ فِي السَّير جَمع بَيْنَ الصَّلاتَين» أَيْ إِذَا اهْتَّم بِهِ وَأَسْرَعَ فِيهِ. يُقَالُ جَدَّ يَجُدُّ ويَجِدُّ، بِالضَّمِّ وَالْكَسْرِ. وجَدَّ بِهِ الأمرُ وأَجَدّ. وجَدَّ فِيهِ وأَجَدَّ: إِذَا اجْتَهَدَ.
ومنه حديث أحُد «لئن أشهدنى الله معى النبي صلى الله عليه وسلم قتالَ المشركين ليَريَنَّ الله ما أُجِدُّ» أي مَا أجْتَهِد.
(هـ) وَفِيهِ «أَنَّهُ نَهى عَنْ جَدَادِ اللَّيْلِ» الجَدَاد بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ: صِرَام النَّخْلِ، وَهُوَ قَطْعُ ثَمَرَتِهَا. يُقَالُ جَدَّ الثَّمرةَ يَجُدُّهَا جَدّاً. وإنَّما نَهى عَنْ ذَلِكَ لِأَجْلِ الْمَسَاكِينِ حَتَّى يحضُروا فِي النَّهَارِ فيُتَصَدّق عَلَيْهِمْ مِنْهُ .
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أَنَّهُ أوصَى بِجَادّ مائةِ وسْق للأشْعَرَيّين، وبِجَادِّ مِائَةِ وسْق للشّيْبيّين» الجَادّ:
بِمَعْنَى المَجْدُود: أَيْ نخْل يُجَدّ مِنْهُ مَا يَبلغ مائةَ وسْق. (هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «قَالَ لِعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: إِنِّي كُنْتُ نَحَلْتُك جَادّ عشْرين وسْقاً» .
وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ «مَنْ رَبَطَ فَرَسًا فَلَهُ جَادّ مائةٍ وَخَمْسِينَ وسْقاً» كَانَ هَذَا فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ لعِزَّة الْخَيْلِ وَقِلَّتِهَا عِنْدَهُمْ.
(س) وَفِيهِ «لَا يَأخُذَنّ أحدُكم مَتَاعَ أَخِيهِ لاعِباً جَادّاً» أَيْ لَا يَأْخُذْهُ عَلَى سَبِيلِ الهزْل، ثُمَّ يَحْبِسُــه فيَصير ذَلِكَ جِدًّا. والجِدّ بِكَسْرِ الْجِيمِ: ضِدَّ الْهَزْلِ. يُقَالُ: جَدَّ يَجِدُّ جِدّاً.
وَمِنْهُ حَدِيثُ قُس.
أَجِدَّكُمَا لَا تَقْضيان كِرَاكُما
أَيْ أبِجِدٍّ مِنْكُمَا، وَهُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَصْدَرِ.
(س) وَفِي حَدِيثِ الْأَضَاحِيِّ «لَا يُضَحّي بِجَدَّاء» الجَدَّاء: مَا لَا لَبَنَ لَهَا مِنْ كُلِّ حَلُوبة، لآفَة أيْبَسَتْ ضَرْعها. وتَجَدَّدَ الضَّرعُ: ذَهَبَ لَبَنُهُ. والجَدَّاء مِنَ النِّسَاءِ: الصَّغِيرَةُ الثَّدْيِ.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي صِفَةِ امْرَأَةٍ «قَالَ: إِنَّهَا جَدَّاء» أَيْ صَغِيرَةُ الثَّديين.
(س) وَفِي حَدِيثِ أَبِي سُفْيَانَ «جُدَّ ثدْيا أُمِّكَ» أَيْ قُطِعا، مِنَ الجَدّ: الْقَطْعُ، وَهُوَ دُعَاءٌ عَلَيْهِ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا «كَانَ لَا يُبَالِي أَنْ يُصَلِّيَ فِي الْمَكَانِ الجَدَد» أَيِ المسْتَوِي مِنَ الْأَرْضِ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ أسْرِ عُقبة بْنِ أَبِي مُعَيط «فوَحِل بِهِ فَرسُه فِي جَدَد مِنَ الْأَرْضِ» .
(هـ) وَفِي حَدِيثِ ابْنِ سِيرِينَ «كَانَ يَخْتَارُ الصَّلَاةَ عَلَى الجُدّ إِنَّ قدَر عَلَيْهِ» الجُدّ بِالضَّمِّ:
شاطىء النَّهر. والجُدَّة أَيْضًا. وَبِهِ سُمِّيَتِ الْمَدِينَةُ الَّتِي عِنْدَ مَكَّةَ: جُدَّة.
(س) وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلاَم رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «وَإِذَا جَوَادّ مَنْهج عَنْ يَمِيني» الجَوَادّ:
الطُّرُق، وَاحِدُهَا جَادَّة، وَهِيَ سَواء الطَّرِيقِ ووسَطه. وَقِيلَ هِيَ الطَّريق الْأَعْظَمُ الَّتِي تجْمع الطُّرُق وَلَا بُدّ مِنَ الْمُرُورِ عَلَيْهَا. (س) وَفِيهِ «مَا عَلَى جَدِيد الْأَرْضِ» أَيْ وجْهها.
(س) وَفِي قصَّة حُنين «كإمْرار الحدِيد عَلَى الطّسْت الجَدِيد» وَصَفَ الطّسْت وَهِيَ مُؤَنَّثَةٌ، بالجدِيد وَهُوَ مُذكر، إِمَّا لِأَنَّ تَأْنِيثَهَا غَيْرُ حَقِيقِيٍّ فأوّلَه عَلَى الْإِنَاءِ وَالظَّرْفِ، أَوْ لأنَ فَعِيلًا يُوصَف بِهِ الْمُؤَنَّثُ بِلَا عَلامة تَأْنِيثٍ، كَمَا يُوصف بِهِ المُذَكَّر، نَحْوَ امْرَأَةِ قَتِيل، وكف خضيب. وكقوله تعالى إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ.

حَبْرٌ

(حَبْرٌ)
(هـ) فِي ذِكْرِ أَهْلِ الْجَنَّةِ «فَرَأَى مَا فِيهَا مِنَ الحَبْرَة والسُّرور» الحَبْرَة بِالْفَتْحِ:
النَّعْمة وسَعَة الْعَيْشِ، وَكَذَلِكَ الحُبُور.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ «آلُ عِمْرانَ غِنًى، والنِّساء مَحْبَرة» أى مظنّة الحُبُور والسُّرور.
(هـ) وَفِي ذِكْرِ أَهْلِ النَّارِ «يَخْرُج مِنَ النَّارِ رَجُل قَدْ ذَهَبَ حِبْرُه وسِبْرُه» الحِبْرُ بِالْكَسْرِ، وَقَدْ يُفتح: أَثَرُ الجَمَال والهَيئة الحسَنة.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى «لَوْ عَلِمْتُ أَنَّكَ تَسْمَعُ لِقِرَاءَتِي لحَبَّرْتُها لَكَ تَحْبِيرًا» يُرِيدُ تَحْسِينَ الصَّوْت وتَحْزِينَه. يُقَالُ حَبَّرت الشَّيْءَ تَحْبِيرًا إِذَا حَسَّنْتَه. وَفِي حَدِيثِ خَدِيجَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا «لمَّا تَزوّجَتْ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كسَتْ أَبَاها حُلة وخَلَّقَتْه، ونَحرَت جَزُورا، وَكَانَ قَدْ شَرِبَ، فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ: مَا هَذَا الحَبِيرُ، وهذا البعير، وَهَذَا العَقِير؟» الحَبِيرُ مِن البُرُود: مَا كَانَ مَوْشِيًّا مُخَطّطاً. يُقَالُ بُرْدُ حَبِير، وبُرْدُ حِبَرَة بِوَزْنِ عِنَبة: عَلَى الْوَصْفِ وَالْإِضَافَةِ، وَهُوَ بُرْد يمَانٍ، وَالْجَمْعُ حِبَرٌ وحِبَرَات.
وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمْنَا الْخَمِيرَ، وَأَلْبَسْنَا الحَبِير» .
(س هـ) وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ «حِين لَا ألْبَس الحَبِير» وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُهُ فِي الْحَدِيثِ.
[هـ] وَفِيهِ «سُمِّيَت سُورةُ الْمَائِدَةِ سُورَةَ الأَحْبَار» لِقَوْلِهِ تَعَالَى فِيهَا يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ
وَهُمُ الْعُلَمَاءُ، جَمْعُ حِبْر وحَبَر بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ. وَكَانَ يُقَالُ لِابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: الحَبْر وَالْبَحْرُ لِعِلْمه وسَعَتِه. وَفِي شِعْرِ جَرِيرٍ:
إِنَّ الْبَعِيثَ وعَبْدَ آلِ مُقاعِسٍ ... لَا يَقْرَآنِ بسورة الأَخْبَار
أَيْ لَا يَفِيَان بالعُهود، يَعْنِي قَوْلَهُ تَعَالَى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ.
(س) وَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «أنَّ الحُبَارَى لَتَمُوتُ هَزْلاً بِذَنْبِ بَنِي آدَمَ» يَعْنِي أَنَّ اللَّهَ يحبِس عَنْهَا القَطْر بعُقُوبة ذُنُوبِهِمْ، وَإِنَّمَا خصَّها بِالذِّكْرِ لِأَنَّهَا أبْعَد الطَّيْرِ نُجْعَة، فرُبَّما تُذْبح بِالْبَصْرَةِ ويوجَد فِي حَوْصَلَتِها الحَبَّة الْخَضْرَاءُ، وبَيْن البَصْرة وَبَيْنَ مَنابِتها مَسِيرة أَيَّامٍ.
(س) وَفِي حَدِيثِ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «كُلُّ شَيْءٍ يُحِبُّ ولَدَه حَتَّى الحُبَارَى» خَصَّها بِالذِّكْرِ لِأَنَّهَا يُضْرَب بِهَا المثَل فِي الْحُمْقِ، فَهِيَ عَلَى حُمْقها تُحِبُّ ولَدَها فتُطْعِمُه وتُعَلِّمه الطّيَران كَغَيْرِهَا مِنَ الْحَيَوَانِ.

حَطَمَ

(حَطَمَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ زوَاج فَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا «أَنَّهُ قَالَ لِعَلِيٍّ: أيْن دِرْعك الحَطَمِيَّة» هِيَ الَّتِي تَحْطِمُ السُّيُوفَ: أَيْ تَكْسِرُهَا. وَقِيلَ: هِيَ العَرِيضة الثَّقيلة. وَقِيلَ:
هِيَ مَنْسُوبَةٌ إِلَى بطْن مِنْ عَبْد القَيس يُقَالُ لَهُمْ حُطَمَة بْنُ مُحَارِبٍ كَانُوا يَعْمَلُونَ الدُّرُوعَ. وَهَذَا أشْبَه الْأَقْوَالِ.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «سمعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: شَرُّ الرِّعاء الحُطَمَة» هُوَ الْعَنِيفُ برعايَة الْإِبِلِ فِي السَّوْق وَالْإِيرَادِ والإصْدار، ويُلْقِي بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ، ويَعْسِفُها. ضَرَبه مَثَلا لِوَالي السُّوء. وَيُقَالُ أَيْضًا حُطَمٌ، بِلَا هَاءٍ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «كَانَتْ قُرَيْشٌ إِذَا رَأَتْهُ فِي حَرْبٍ قَالَتِ: احْذَروا الحُطَم احْذَرُوا القُطَمَ» . وَمِنْهُ قَوْلُ الْحَجَّاجِ فِي خُطْبَته
قَدْ لفَّها اللَّيلُ بِسَوّاقٍ حُطَمْ
أَيْ عَسُوف عَنِيفٍ. والحُطَم مِنْ أبنيِة الْمُبَالَغَةِ، وَهُوَ الَّذِي يكْثر مِنْهُ الحَطْم. وَمِنْهُ سُمّيت النَّارُ الحُطَمَة: لِأَنَّهَا تَحْطِم كُلَّ شَيْءٍ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «رَأَيْتُ جَهَنَّمَ يَحْطِم بَعْضُهَا بَعْضَهَا» .
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ سَوْدَة «أنَّها اسْتأذَنَت أَنْ تَدْفع مِن مِنًى قَبْلَ حَطْمَة النَّاسِ» أَيْ قَبْل أَنْ يزدحمُوا ويَحطِم بعضُهم بَعْضًا.
وَفِي حَدِيثِ تَوْبَةِ كعْب بْنِ مَالِكٍ «إذَنْ يَحْطِمكم الناسُ» أَيْ يَدُوسُونَكم ويَزْدحِمون عَلَيْكُمْ.
[هـ] وَمِنْهُ سُمي «حَطِيم مَكَّةَ» ، وَهُوَ مَا بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْبَابِ. وَقِيلَ: هُوَ الحِجْر المُخْرج مِنْهَا، سُمِّيَ بِهِ لِأَنَّ الْبَيْتَ رُفع وتُرِك هُوَ مَحْطُوما: وَقِيلَ لأنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ تطرَح فِيهِ مَا طَافَتْ بِهِ مِنَ الثِّيَابِ فَتَبْقى حتَّى تَنْحَطِم بِطُول الزَّمَانِ، فيكونُ فَعِيلًا بِمَعْنَى فاعل.
(هـ) وفي حديث عائشة «بَعْد ما حَطَمَه الناس» .
وفي رواية «بعد ما حَطَمْتُمُوه» يُقَالُ: حَطَم فُلاناً أهْلُه: إِذَا كَبِر فِيهِمْ، كأنَّهم بِمَا حَمَّلُوه مِنْ أَثْقَالِهِمْ صَيَّرُوه شَيْخًا مَحْطُومَا.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ هرِم بْنِ حِبَّان «أنَّه غَضب عَلَى رَجُلٍ فَجَعَلَ يَتَحَطَّم عَلَيْهِ غَيْظاً» أَيْ يتلظَّى ويَتَوقَّد، مَأْخُوذٌ مِنَ الحُطَمَة: النَّار.
(س) وَفِي حَدِيثِ جَعْفَرٍ «كُنَّا نَخْرج سَنة الحَطْمَة» هِيَ السَّنَةُ الشَّدِيدَةُ الجَدْب.
(س) وَفِي حَدِيثِ الْفَتْحِ «قَالَ لِلعَبَّاس: احْبِسْ أَبَا سُفيان عِنْدَ حَطْم الْجَبَلِ» هَكَذَا جَاءَتْ فِي كِتَابِ أَبِي مُوسَى وَقَالَ: حَطْم الْجَبَلِ: الموْضع الَّذِي حُطِم مِنْهُ: أَيْ ثُلِمَ فَبَقِيَ مُنْقَطِعا.
قَالَ: وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ عِنْدَ مَضِيق الْجَبَلِ، حَيْثُ يَزْحم بَعْضُهُمْ بَعْضًا. وَرَوَاهُ أَبُو نَصْر الحُمَيْدي فِي كِتَابِهِ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، وفسَّرها في غريبه فقال: الخطم والخطمة: زعن الْجَبَلِ، وَهُوَ الْأَنْفُ النَّادِرُ مِنْهُ. وَالَّذِي جَاءَ فِي كِتَابِ الْبُخَارِيِّ، وَهُوَ أخْرَج الْحَدِيثَ فِيمَا قَرَأْنَاهُ وَرَأَيْنَاهُ مِنْ نُسَخ كِتَابِهِ «عِنْدَ حَطْم الخَيل» هَكَذَا مَضْبُوطًا، فَإِنْ صحَّت الرَّواية بِهِ وَلَمْ يكُن تَحْرِيفًا مِنَ الكَتَبة فَيَكُونُ مَعْنَاهُ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ- أَنَّهُ يحْبسُــه فِي الْمَوْضِعِ المُتَضَايق الَّذِي تَتَحَطَّم فِيهِ الخَيْل. أَيْ يَدُوس بَعْضُهَا بَعْضًا، ويزحَم بَعْضُهَا بَعْضًا فَيَرَاهَا جميعَها، وتكْثُر فِي عَيْنِهِ بمُرورِها فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ الضَّيِّق. وَكَذَلِكَ أَرَادَ بِحَبْسِه عِنْدَ خَطْم الْجَبَلِ عَلَى مَا شَرَحَهُ الحُمَيْدي، فإنَّ الْأَنْفَ النَّادِر مِنَ الْجَبَلِ يضيِّق الْمَوْضِعَ الَّذِي يَخْرُج فِيهِ.

دَرَرَ

(دَرَرَ)
(س) فِيهِ «أَنَّهُ نَهَى عَنْ ذَبْح ذوَات الدَّرِّ» أَيْ ذَوَاتِ اللَّبَن. ويجوزُ أَنْ يَكُونَ مَصْدَرَ دَرَّ اللَّبَنُ إِذَا جَرى.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «لَا يُحْبَسُ دَرُّكُمْ» أَيْ ذَواتُ الدَّرِّ، أرادَ أنَّها لَا تُحْشَر إِلَى المُصَدِّق، وَلَا تُحْبَس عَنِ المَرْعَى إِلَى أَنْ تَجْتمع الماشِيَةُ ثُمَّ تُعَدَّ؛ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْإِضْرَارِ بِهَا.
وَفِي حَدِيثِ خُزَيْمَةَ «غاضَتْ لَهَا الدِّرَّةُ» هِيَ اللَّبن إِذَا كَثُر وسَال.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ «أَنَّهُ أوْصَى عُمَّالَه فَقَالَ: أَدِرُّوا لِقْحَةَ الْمُسْلِمِينَ» أَرَادَ فَيئَهُم وخَراجَهم، فَاسْتَعَارَ لَه اللِّقْحَةَ والدِّرَّةَ.
(س) وَفِي حَدِيثِ الِاسْتِسْقَاءِ «دِيَماً دِرَراً» هُوَ جَمْعُ دِرَّةٍ. يُقَالُ للسَّحاب دِرَّة: أَيْ صَبٌّ واندِفَاقٌ. وَقِيلَ الدِّرَرُ الدَّارُّ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: «دِيناً قِيَماً» أَيْ قَائِمًا.
(هـ) وَفِي صِفَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذكْر حاجِبَيْه «بَيْنَهما عِرْقٌ يُدِرُّهُ الغضب» أى يمتلىء دَمًا إذا غَضِبَ كما يَمتلِىء الضَّرعُ لبَنًا إِذَا دَرَّ.
(س) وَفِي حَدِيثِ أبِي قِلابَة «صَلَّيْتُ الظُّهرَ ثُمَّ ركِبْتُ حِمَارًا دَرِيراً» الدَّرِيرُ: السَّرِيعُ الْعَدْوِ مِنَ الدَّوَابِّ، المُكْتَنز الخَلْق.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ عَمْرٍو. قَالَ لِمُعَاوِيَةَ «تَلافيْتُ أمْرَك حَتَّى تركتُه مِثْلَ فَلكة الْمُدِرِّ» الْمُدِرُّ بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ: الغَزَّال. وَيُقَالُ للمِغْزل نفْسه الدَّرَارَة والْمِدَرَّة، ضَربه مَثَلًا لإحْكامِه أمْرَه بَعْدَ اسْتِرْخَائِهِ. وَقَالَ الْقُتَيْبِيُّ: أَرَادَ بِالْمُدِرِّ الْجَارِيَةَ إِذَا فَلَّك ثَدْيَاها ودَرَّ فِيهَا الْمَاءُ. يَقُولُ: كَانَ أمرُك مُسْتَرْخِياً فأقمتُه حَتَّى صَارَ كأنَّه حلمَةُ ثَدي قَدْ أَدَرَّ. والأوّلُ الوجْهُ.
(هـ) وَفِيهِ «كَمَا تَروْن الكَوكَبَ الدُّرِّيَّ فِي أُفُقِ السماءِ» أَيِ الشديدَ الإنارِة، كَأَنَّهُ نُسِبَ إِلَى الدُّرِّ، تَشْبِيهًا بصفائِه. وَقَالَ الفَرّاء: الكَوكبُ الدُّرِّيِّ عِنْدَ الْعَرَبِ هُوَ العظيمُ المقدارِ. وَقِيلَ هُوَ أحدُ الْكَوَاكِبِ الْخَمْسَةِ السيَّارةِ.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ الدَّجَّالِ «إحدَى عينَيْه كَأَنَّهَا كوكبٌ دُرِّيٌّ» .

رَبَثَ

(رَبَثَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ «إِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ غَدَتِ الشَّيَاطِينُ بِرَايَاتِهَا فيأخُذُون الناسَ بِالرَّبَائِثِ فيُذكِّرونهم الحاجاتِ» أَيْ لِيُرَبِّثُوهُمْ بِهَا عَنِ الْجُمُعَةِ. يُقَالُ رَبَّثْتُهُ عَنِ الْأَمْرِ إِذَا حَبَسْتَهُ وثبّطنه. والرَّبَائِثُ جَمْعُ رَبِيثَةٍ وَهِيَ الْأَمْرُ الَّذِي يَحْبس الْإِنْسَانَ عَنْ مَهامِّه. وَقَدْ جَاءَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ «يَرْمُون الناسَ بِالتَّرَابِيثِ» قَالَ الخطَّابي: وليسَ بِشَيْءٍ.
قُلْتُ: يَجُوزُ- إِنْ صحَّت الرِّوَايَةُ- أَنْ يَكُونَ جَمْعَ تَرْبِيثَةٍ وَهِيَ المرَّة الواحِدة مِنَ التَّرْبِيثِ. تَقُول:
رَبَّثْتُهُ تَرْبِيثاً وتَرْبِيثَةً وَاحِدَةً، مِثْلَ قَدَّمْتُه تَقْديما وتَقْديمة وَاحِدَةً.

رَبَدَ

رَبَدَ رُبُوداً: أقامَ، وحَبَسَ. وكمِنْبَرٍ: المَحْبَسُ، والجَرينُ،
وع بالبَصْرَةِ.
والرُّبْدَةُ، بالضم: لَوْنٌ إلى الغُبْرَةِ، وقد ارْبَدَّ وارْبادَّ.
والرَّبْداءُ: المُنْكَرَةُ،
وـ من المَعَزِ: السَّوْداءُ المُنَقَّطَةُ بحُمْرَةٍ.
والأَرْبَدُ: حَيَّةٌ خَبيثَةٌ، والأَسَدُ،
كالمُتَرَبِّد، وابنُ ضابئٍ، وابنُ شُرَيْحٍ، وابنُ رَبيعةَ: شُعَراءُ.
وتَرَبَّدَ: تَغَيَّرَ،
وـ السماءُ: تَغَيَّمَتْ، وتَعَبَّسَ. وكصُرَدٍ: الفِرِنْدُ.
والرَّبيدُ: تَمْرٌ مُنَضَّدٌ نُضِحَ عليه الماءُ، وبهاءٍ: قِمَطْرُ المَحاضِرِ.
والرَّابِدُ: الخازِنُ.
والمُرَبَّدُ: المُوَلَّعُ بِسَوادٍ وبياضٍ. وقد ارْبَدَّ وارْبادَّ، كاحْمَرَّ واحْمارَّ. وأرْبَدَةُ، أو أرْبَدُ التَّميمِيُّ: تابِعيٌّ.
ومِرْبَدُ النَّعَمِ، كمِنْبَرٍ: ع قُرْبَ المدينةِ.
(رَبَدَ)
(هـ) فِيهِ «إنَّ مسجدَه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مِرْبَداً لِيَتيمَيْن» الْمِرْبَدُ: الْمَوْضِعُ الَّذِي تُحْبَس فِيهِ الْإِبِلُ وَالْغَنَمُ، وَبِهِ سُمِّيَ مِرْبَدَ الْمَدِينَةِ والبَصْرة. وَهُوَ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْبَاءِ، مِنْ رَبَدَ بِالْمَكَانِ إِذَا أَقَامَ فِيهِ. ورَبَدَهُ إِذَا حَبَسه.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «إِنَّهُ تَيَمَّم بِمِرْبَدِ النَّعَم» والْمِرْبَدُ أَيْضًا: الْمَوْضِعُ الَّذِي يُجْعَل فِيهِ التَّمر ليَنْشَف، كالبَيْدَر للحِنْطة. (هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «حَتَّى يَقُومَ أَبُو لُبابة يَسُدّ ثَعْلبَ مِرْبَده بإزارِه» يَعْنِي مَوْضِعَ تَمْره.
(س) وَفِي حَدِيثِ صَالِحِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ «إِنَّهُ كَانَ يَعْمل رَبَداً بِمَكَّةَ» الرَّبَدُ بِفَتْحِ الْبَاءِ: الطِين، والرَّبَّادُ: الطَّيَّان: أَيْ بِناء مِنْ طِينٍ كالسِّكْر، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الرَّبْدِ: الحبْس؛ لِأَنَّهُ يَحْبِس الْمَاءَ. ويُروَى بِالزَّايِ وَالنُّونِ. وَسَيَجِيءُ فِي مَوْضِعِهِ.
(هـ) وَفِيهِ «إِنَّهُ كَانَ إِذَا نَزل عَلَيْهِ الوحْيُ ارْبَدَّ وجْهُه» أَيْ تغيَّر إِلَى الغُبْرة. وَقِيلَ الرُّبْدَةُ:
لوْن بَيْنَ السَّواد والغُبْرة.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ حُذَيفة فِي الفِتَن «أيُّ قَلْبٍ أُشْرِبَها صَارَ مُرْبَدّاً» وَفِي رِوَايَةٍ «صَارَ مُرْبَادّاً» هُمَا مِنِ ارْبَدَّ وارْبَادَّ. وَيُرِيدُ ارْبِدَادَ الْقَلْبِ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى لَا الصُّورَةِ، فَإِنَّ لَوْنَ الْقَلْبِ إِلَى السَّوَادِ مَا هُوَ.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ عَمرو بْنِ الْعَاصِ «إِنَّهُ قَامَ مِنْ عِنْدِ عُمر مُرْبَدَّ الوَجْه فِي كلامٍ أُسْمِعَه» .

رَدَدَ

(رَدَدَ)
فِي صِفَتِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «لَيْسَ بِالطَّوِيلِ البائنِ وَلَا الْقَصِيرِ الْمُتَرَدِّدِ» أَيِ المُتنَاهِي فِي القِصَر، كَأَنَّهُ تَرَدَّدَ بَعْضُ خَلْقِهِ عَلَى بَعْضٍ، وَتَدَاخَلَتْ أَجْزَاؤُهُ.
وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ «مَن عَمِل عَمَلا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» أَيْ مَرْدُودٌ عَلَيْهِ. يُقَالُ أمْرٌ رَدٌّ؛ إِذَا كَانَ مُخَالِفًا لِمَا عَلَيْهِ أَهْلُ السُّنَّة، وَهُوَ مصدرٌّ وُصْف بِهِ.
(س هـ) وَفِيهِ «أَنَّهُ قَالَ لسُراقة بْنِ جُعْشُم: الاَ أدُلّك عَلَى أَفْضَلِ الصَّدَقة؟ ابْنَتُك مَرْدُودَةٌ عَلَيْكَ لَيْسَ لَهَا كاسِبٌ غيْرك» الْمَرْدُودَةُ: الَّتِي تُطَلّقُ وتُرَدُّ إِلَى بَيْتِ أَبِيهَا، وَأَرَادَ: ألاَ أدُلّك عَلَى أَفْضَلِ أَهْلِ الصَّدَقَةِ؟ فَحَذَفَ الْمُضَافَ.
(هـ س) وَمِنْهُ حَدِيثُ الزُّبَيْرِ فِي وصِيَّته بدَار وَقَفها «ولِلْمَرْدُودَةِ مِنْ بَنَاته أَنْ تَسْكُنها» لِأَنَّ المُطَلَّقة لَا مَسْكَن لَهَا عَلَى زَوْجِهَا. (س هـ) وَفِيهِ «رُدُّوا السائِل وَلَوْ بِظِلْفٍ مُحْرَقٍ» أَيْ أعْطُوه وَلَوْ ظِلْفا مُحْرقا، وَلَمْ يُرِدْ رَدَّ الحرْمان والمَنْع، كَقَوْلِكَ سَلَّم فَرَدَّ عَلَيْهِ: أَيْ أجَابه.
وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ «لَا تَرُدُّوا السَّائل وَلَوْ بظِلْفٍ مُحْرَقٍ» أَيْ لَا تَرُدُّوهُ رَدَّ حِرْمان بِلَا شَيْءٍ، ولوْ أَنَّهُ ظِلْف.
(س) وَفِي حَدِيثِ أَبِي إِدْرِيسَ الخوْلاني «قَالَ لِمُعَاوِيَةَ: إِنْ كَانَ دَاوَى مَرْضَاها، ورَدَّ أُولاها عَلَى أُخْراها» أَيْ إِذَا تَقَدَّمَت أوائلُها وتَباعَدَت عَنِ الأواخِر لَمْ يَدَعْها تَتَفَرَّق، ولكنْ يَحْبس المُتَقدّمة حَتَّى تَصِلَ إِلَيْهَا المتأخِّرةُ.
(س) وَفِي حَدِيثِ الْقِيَامَةِ والحَوْض «فَيُقَالُ إِنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ» أَيْ مُتَخلِّفين عَنْ بَعْضِ الْوَاجِبَاتِ، وَلَمْ يُردْ رِدَّة الكُفرِ، وَلِهَذَا قيَّده بأعْقابهم، لِأَنَّهُ لَمْ يَرْتَدَّ أحدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ بَعْدَهُ، وَإِنَّمَا ارْتَدَّ قَوْمٌ مِنَ جُفَاة الْأَعْرَابِ.
وَفِي حَدِيثِ الفِتن «وَيَكُونُ عِنْدَ ذَلِكم القِتال رَدَّة شَدِيدَةٌ» هُوَ بِالْفَتْحِ: أَيْ عَطْفة قَوِيَّةٌ.
(هـ س) وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ «لَا رِدِّيدَى فى الصّدقة» رِدِّيدَى بِالْكَسْرِ وَالتَّشْدِيدِ والقَصْر: مَصْدرٌ مِنْ رَدَّ يَرُدُّ، كَالْقِتِّيتَى وَالْخِصِّيصَى، الْمَعْنَى أَنَّ الصَّدقة لَا تُؤخذ فِي السَّنَة مَرتين، كَقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «لَا ثِنْىَ فِي الصَّدَقة» .
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.