Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: وبئ

الْملح

(الْملح) الْمَادَّة الَّتِي تجْعَل لماء الْبَحْر طعمه الْخَاص وَيُمكن الْحُصُول عَلَيْهِ من طَبَقَات الأَرْض الملحية أَو من الملاحات البحرية الَّتِي تتكون بعد تبخر المَاء ويستخدم الْملح بِوَجْه خَاص فِي تطييب الطَّعَام وَحفظه و (فِي علم الكيمياء) مركب يحصل من حُلُول مَعْدن مَكَان الهيدروجين فِي أحد الحوامض (مج) (وَهُوَ مؤنث وَقد يذكر) (ج) أملاح وَيُقَال مَاء ملح خلاف العذب وبئــر ملحة لَيست عذبة وَيُقَال (فلَان ملحه على رُكْبَتَيْهِ) لَا وَفَاء لَهُ أَو سيء الْخلق يغْضب من أدنى شَيْء وسمك ملح مقدد وَالْحسن (من الملاحة) وَالْحُرْمَة والذمام يُقَال بَينهمَا ملح أَو ملحة

(الْملح) الْملح من الْأَخْبَار

العادي

(العادي) الْعَدو (ج) عداة وعاديا اللَّوْح طرفاه
(العادي) الْعَتِيق يُقَال مجد عادي وبئــر عَادِية (كَأَنَّهُ مَنْسُوب إِلَى عَاد قوم هود) وَالْأَمر الَّذِي جرت الْعَادة بِهِ (ج) عاديات

خَبْرٌ

خَبْرٌ:
بفتح أوله، وتسكين ثانيه، وآخره راء، والخبر في لغة العرب السدر والأراك، وأنشدوا:
فجادتك أنواء الربيع، فهلّلت ... عليك رياض من سلام ومن خبر
والخبر: موضع على ستة أميال من مسجد سعد بن أبي وقاص، فيها بركة للخلفاء وبركة لأم جعفر وبئــران رشاؤهما خمسون ذراعا وهما قليلتا الماء عذبتان، وفيها قصور على طريق الحاج، وكان الخبر من مناقع المياه ما خبّر المسيل في الرؤوس فيخوض الناس إليه، كذا قال أبو منصور. وخبر: علم لبليدة قرب شيراز من أرض فارس، بها قبر السعيد أخي الحسن ابن أبي الحسن البصري، ينسب إليها جماعة من أهل العلم، منهم: الفضل بن حماد الخبري صاحب المسند الكبير، حدث عن سعيد بن أبي مريم وسعيد بن عفير وغيرهما، وأبو العباس الفضل بن يحيى بن إبراهيم الخبري ابن بنت الفضل بن حماد أبو حكيم، وله كتاب في الفرائض كبير سماه التلخيص، وله تصنيف مثله، قال ابن طاهر: فأما الحسن بن الحسين بن عليّ ابن محمد الخبري فلقب بذلك وهو شيرازيّ، وعبد الله بن إبراهيم الخبري الفرضي الأديب جد محمد بن ناصر السلّامي لأمه.

شِبَامُ

شِبَامُ:
بكسر أوّله، خشبة تعرض في فم الجدي لئلا يرتضع، والشّبم: البرد، قال أحمد بن محمد ابن إسحاق الهمذاني: بصنعاء شبام وهو جبل عظيم فيه شجر وعيون وشرب صنعاء منه، وبينها وبينه يوم وليلة، وهو جبل صعب المرتقى ليس إليه إلّا طريق واحد وفيه غيران وكهوف عظيمة جدّا ويسكنه ولد يعفر ولهم فيه حصون عجيبة هائلة، وذروته واسعة فيها ضياع كثيرة وكروم ونخيل، والطريق إلى تلك الضياع على دار الملك، وللجبل باب واحد مفتاحه عند الملك، فمن أراد النزول إلى السهل في حاجة دخل على الملك فأعلمه ذلك فيأمر بفتح الباب، وحول الضياع والكروم جبال شاهقة لا مسلك فيها ولا يعلم أحد ما وراءها، ومياه هذا الجبل تصبّ إلى سدّ هناك فإذا امتلأ السدّ ماء فتح فيجري إلى صنعاء ومخاليفها، وبينه وبين صنعاء ثمانية فراسخ، قال الشاعر:
ما زال ذا الزمن الخبيث يديرني حتى بنى لي خيمة بشبام وحدّثني بعض من يوثق بروايته من أهل شبام أن في اليمن أربعة مواضع اسمها شبام: شبام كوكبان غربي صنعاء وبينهما يوم، قال: وهي مدينة في الجبل المذكور آنفا ومنها كان هذا المخبّر، وشبام سخيم بالخاء المعجمة والتصغير: قبليّ صنعاء بشرق بينه وبين صنعاء نحو ثلاثة فراسخ، وشبام حراز، بتقديم الراء على الزاي وحاء مهملة: وهو غربي صنعاء نحو الجنوب بينهما مسيرة يومين، وشبام حضرموت:
وهي إحدى مدينتي حضرموت والأخرى تريم، قال: وشاهدت هذه جميعها، قال عمارة اليمني في تاريخه: وكان حسين بن أبي سلامة وهو عبد نوبيّ وزر لأبي الجيش بن زياد صاحب اليمن أنشأ الجوامع الكبار والمنائر الطوال من حضرموت إلى مكّة، وطول المسافة التي بنى فيها ستون يوما، وحفر الآبار الروية والقلب العادية، فأوّلها شبام وتريم مدينة حضرموت، واتصلت عمارة الجوامع منها إلى عدن، والمسافة عشرون مرحلة، في كلّ مرحلة منها جامع ومئذنة وبئــر، وبقي مستوليا على اليمن ثلاثين سنة ومات سنة 432، وذكر له فضائل وجوامع في كل بلدة من اليمن عدن والحرة والجند، قلت: وهي في الأرض منسوبة إلى قبيلة من اليمن، وهذه المذكورة بطون منها، وقال ابن الكلبي: ولد أسعد بن جشم ابن حاشد بن جشم بن خيران بن نوف بن همدان عبد الله وهو شبام بطن وشبام جبل سكنه عبد الله، منهم: حنظلة بن عبد الله الشبامي قتل مع الحسين، رضي الله عنه، وقال الحازمي: شبام جبل باليمن نزله أبو بطن من همدان فنسب إليه، وبالكوفة طائفة من شبام، منهم: عبد الجبار بن العبّاس الشبامي الهمداني من أهل الكوفة، يروي عن عوف ابن أبي حجيف وعطاء بن السائب، وكان غاليا في التشيّع وتفرد بروايات المقلوبات عن الثقات، روى عنه عون بن أبي زيادة والكوفيون، ووجدت في كتاب ابن أبي الدمينة: شبام أقيان أيضا وهو أقيان ابن حمير.

سَعْدٌ

سَعْدٌ:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه: وهو موضع معروف قريب من المدينة، بينهما ثلاثة أميال، كانت غزاة ذات الرقاع قريبة منه، قال نصر: سعد جبل بالحجاز بينه وبين الكيد ثلاثون ميلا وعنده قصر ومنازل وسوق وماء عذب على جادّة طريق كان يسلك من فيد إلى المدينة، قال: والكديد على ثلاثة أميال من المدينة، قال نصيب:
وهل مثل أيّام بنعف سويقة ... عوائد أيّام كما كنّ بالسّعد؟
تمنّيت أنّا من أولئك والمنى ... على عهد عاد ما نعيد ولا نبدي
ودير سعد: بين بلاد غطفان والشام. وحمّام سعد:
في طريق حاجّ الكوفة. ومسجد سعد: على ستة أميال من الزّبيدية بين القرعاء والمغيثة في طريق حاج الكوفة فيه بركة وبئــر رشاؤها خمس وثمانون قامة ماؤها غليظ تشربه الإبل والمضطر، ينسب إلى سعد ابن أبي وقّاص، قال ابن الكلبي: وكان لمالك وملكان ابني كنانة بساحل جدّة وبتلك الناحية صنم يقال له سعد، وكان صخرة طويلة، فأقبل رجل منهم بإبل له ليقفها عليه يتبرك بذلك فيها، فلمّا أدناها منه نفرت منه فذهبت في كلّ وجه وتفرّقت عنه، فأسف وتناول حجرا فرماه به وقال: لا بارك الله فيك إلها أنفرت عليّ إبلي! ثمّ انصرف عنه وهو يقول:
أتينا إلى سعد ليجمع شملنا، ... فشتتنا سعد فلا نحن من سعد
وهل سعد إلّا سخرة بتنوفة ... من الأرض لا تدعو لغيّ ولا رشد؟

السِّبَاعُ

السِّبَاعُ:
جمع سبع، ذات السّباع: موضع، ووادي السباع إذا رحلت من بركة أم جعفر في طريق مكّة جئت إليه، بينه وبين الزبيدية ثلاثة أميال، كان فيه بركة وحصن وبئــران رشاؤهما نيف وأربعون قامة وماؤهما عذب.

رُوس

رُوس:
بضم أوّله، وسكون ثانيه، وسين مهملة، ويقال لهم رسّ، بغير واو، أمّة من الأمم بلادهم متاخمة للصقالبة والترك ولهم لغة برأسها ودين وشريعة لا يشاركهم فيها أحد، قال المقدسي: هم في جزيرة وبئــة يحيط بها بحيرة وهي حصن لهم ممّن أرادهم، وجملتهم على التقدير مائة ألف إنسان، وليس لهم زرع ولا ضرع، والصقالبة يغيرون عليهم ويأخذون أموالهم، وإذا ولد لأحدهم مولود ألقى إليه سيفا وقال له: ليس لك إلّا ما تكسبه بسيفك، وإذا حكم ملكهم بين خصمين بشيء ولم يرضيا به قال لهما:
تحاكما بسيفيكما، فأيّ السيفين كان أحدّ كانت الغلبة له، وهم الذين استولوا على برذعة سنة فانتهكوها حتى ردّها الله منهم وأبادهم، وقرأت في رسالة أحمد بن فضلان بن العباس بن راشد بن حمّاد مولى محمد بن سليمان رسول المقتدر إلى ملك الصقالبة حكى فيها ما عاينه منذ انفصل عن بغداد إلى أن عاد إليها فحكيت ما ذكره على وجهه استعجابا به، قال: ورأيت الروسيّة وقد وافوا بتجاراتهم فنزلوا على نهر إتل فلم أر أتمّ أبدانا منهم كأنّهم النخل شقر حمر لا يلبسون القراطق ولا الخفاتين ولكن يلبس الرجل منهم كساء يشتمل به على أحد شقّيه ويخرج إحدى يديه منه، ومع كلّ واحد منهم سيف وسكّين وفأس لا تفارقه، وسيوفهم صفائح مشطبة أفرنجية، ومن حدّ ظفر الواحد منهم إلى عنقه محضر شجر وصور وغير ذلك، وكلّ امرأة
منهم على ثديها حقة مشدودة إمّا من حديد وإمّا من نحاس وإمّا من فضة وإمّا من ذهب على قدر مال زوجها ومقداره، في كل حقة حلقة فيها سكين مشدودة على الثدي أيضا، وفي أعناقهنّ أطواق ذهب وفضة لأنّ الرجل إذا ملك عشرة آلاف درهم صاغ لامرأته طوقا وإن ملك عشرين ألفا صاغ لها طوقين وكلّما زاد عشرة آلاف درهم يزيد لها طوقا آخر، فربّما كان في عنق الواحدة منهن أطواق كثيرة، وأجلّ الحلي عندهم الخرز الأخضر من الخزف الذي يكون على السفن يبالغون فيه ويشترون الخرزة منه بدرهم وينظمونه عقدا لنسائهم، وهم أقذر خلق الله لا يستنجون من غائط ولا يغتسلون من جنابة كأنّهم الحمير الضالة، يجيئون من بلدهم فيرسون سفنهم بإتل، وهو نهر كبير، ويبنون على شاطئه بيوتا كبارا من الخشب ويجتمع في البيت الواحد العشرة والعشرون والأقل والأكثر، ولكلّ واحد منهم سرير يجلس عليه ومعه جواريه الرّوقة للتجار، فينكح الواحد جاريته ورفيقه ينظر إليه، وربّما اجتمعت الجماعة منهم على هذه الحالة بعضهم بحذاء بعض، وربّما يدخل التاجر عليهم ليشتري من بعضهم جارية فيصادفه ينكحها فلا يزول عنها حتى يقضي أربه، ولا بدّ لهم في كلّ يوم بالغداة أن تأتي الجارية ومعها قصعة كبيرة فيها ماء فتقدمها إلى مولاها فيغسل فيها وجهه ويديه وشعر رأسه، فيغسله ويسرحه بالمشط في القصعة ثمّ يمتخط ويبصق فيها ولا يدع شيئا من القذر إلّا فعله في ذلك الماء فإذا فرغ ممّا يحتاج إليه حملت الجارية القصعة إلى الذي يليه فيفعل مثل ما فعل صاحبه، ولا تزال ترفعها من واحد إلى واحد حتى تديرها على جميع من في البيت، وكل واحد منهم يمتخط ويبصق فيها ويغسل وجهه وشعره فيها، وساعة موافاة سفنهم إلى هذا المرسى يخرج كل واحد منهم ومعه خبز ولحم ولبن وبصل ونبيذ حتى يوافي خشبة طويلة منصوبة لها وجه يشبه وجه الإنسان وحولها صور صغار وخلف تلك الصور خشب طوال قد نصبت في الأرض فيوافي إلى الصورة الكبيرة ويسجد لها ثمّ يقول: يا ربّ قد جئت من بعد ومعي من الجواري كذا وكذا رأسا ومن السمور كذا وكذا جلدا، حتى يذكر جميع ما قدم معه من تجارته ثمّ يقول: وقد جئتك بهذه الهدية، ثمّ يترك ما معه بين يدي الخشبة ويقول: أريد أن ترزقني تاجرا معه دنانير ودراهم فيشتري مني كلّ ما أريد ولا يخالفني في جميع ما أقول، ثمّ ينصرف، فإن تعسر عليه بيعه وطالت أيّامه عاد بهدية أخرى ثانية وثالثة، فإن تعذّر عليه ما يريد حمل إلى صورة من تلك الصور الصغار هدية وسألها الشفاعة وقال: هؤلاء نساء ربنا وبناته، ولا يزال إلى صورة صورة يسألها ويستشفع بها ويتضرّع بين يديها فربّما تسهّل له البيع فباع فيقول: قد قضى ربي حاجتي وأحتاج أن أكافئه، فيعمد إلى عدّة من البقر والغنم على ذلك ويقتلها ويتصدّق ببعض اللحم ويحمل الباقي فيطرحه بين يدي تلك الخشبة الكبيرة والصغار التي حولها ويعلق رؤوس البقر والغنم على ذلك الخشب المنصوب في الأرض، فإذا كان اللّيل وافت الكلاب فأكلت ذلك فيقول الذي فعله: قد رضي عني ربي وأكل هديتي، وإذا مرض منهم الواحد ضربوا له خيمة ناحية عنهم وطرحوه فيها وجعلوا معه شيئا من الخبز والماء ولا يقربونه ولا يكلّمونه بل لا يتعاهدونه في كل أيّامه لا سيما إن كان ضعيفا أو كان مملوكا، فإن برأ وقام رجع إليهم وإن مات أحرقوه وإن كان مملوكا تركوه على حاله تأكله الكلاب وجوارح
الطير، وإذا أصابوا سارقا أو لصّا جاءوا به إلى شجرة طويلة غليظة وشدوا في عنقه حبلا وثيقا وعلّقوه فيها ويبقى معلّقا حتى يتقطّع من المكث إمّا بالرياح أو الأمطار، وكان يقال لي: إنّهم كانوا يفعلون برؤسائهم عند الموت أمورا أقلّها الحرق، فكنت أحب أن أقف على ذلك حتى بلغني موت رجل منهم جليل فجعلوه في قبره وسقّفوا عليه عشرة أيّام حتى فرغوا من قطع ثيابه وخياطتها، وذلك أن الرجل الفقير منهم يعملون له سفينة صغيرة ويجعلونه فيها ويحرقونها، والغنيّ يجمعون ماله ويجعلونه ثلاثة أثلاث: فثلث لأهله وثلث يقطعون له به ثيابا وثلث يشترون به نبيذا يشربونه يوم تقتل جاريته نفسها وتحرق مع مولاها، وهم مستهترون بالخمر يشربونها ليلا ونهارا، وربّما مات الواحد منهم والقدح في يده، وإذا مات الرئيس منهم قال أهله لجواريه وغلمانه:
من منكم يموت معه؟ فيقول بعضهم: أنا، فإذا قال ذلك فقد وجب عليه لا يستوي له أن يرجع أبدا، ولو أراد ذلك ما ترك، وأكثر ما يفعل هذا الجواري، فلمّا مات ذلك الرجل الذي قدمت ذكره قالوا لجواريه: من يموت معه؟ فقالت إحداهن:
أنا، فوكلوا بها جاريتين تحفظانها وتكونان معها حيث ما سلكت حتى إنّهما ربّما غسلتا رجليها بأيديهما، وأخذوا في شأنه وقطع الثياب له وإصلاح ما يحتاج إليه والجارية في كل يوم تشرب وتغنّي فارحة مستبشرة، فلمّا كان اليوم الذي يحرق فيه هو والجارية حضرت إلى النهر الذي فيه سفينته فإذا هي قد أخرجت وجعل لها أربعة أركان من خشب الخلنج وغيره وجعل حولها أيضا مثل الأناس الكبار من الخشب ثمّ مدت حتى جعلت على ذلك الخشب وأقبلوا يذهبون ويجيئون ويتكلّمون بكلام لا أفهمه وهو بعد في قبره لم يخرجوه ثمّ جاءوا بسرير فجعلوه على السفينة وغشّوه بالمضرّبات الديباج الرومي والمساند الديباج الرومي ثمّ جاءت امرأة عجوز يقولون لها ملك الموت ففرشت على السرير الذي ذكرناه، وهي وليت خياطته وإصلاحه، وهي تقتل الجواري، ورأيتها حوّاء نيّرة ضخمة مكفهرّة، فلمّا وافوا قبره نحّوا التراب عن الخشب ونحّوا الخشب واستخرجوه في الإزار الذي مات فيه فرأيته قد اسودّ لبرد البلد، وقد كانوا جعلوا معه في قبره نبيذا وفاكهة وطنبورا فأخرجوا جميع ذلك وإذا هو لم يتغير منه شيء غير لونه، فألبسوه سراويل ورانا وخفّا وقرطقا وخفتان ديباج له أزرار ذهب وجعلوا على رأسه قلنسوة من ديباج سمور وحملوه حتى أدخلوه القبة التي على السفينة وأجلسوه على المضرّبة وأسندوه بالمساند وجاءوا بالنبيذ والفواكه والريحان فجعلوه معه وجاءوا بخبز ولحم وبصل فطرحوه بين يديه وجاءوا بكلب فقطعوه نصفين وألقوه في السفينة ثمّ جاءوا بجميع سلاحه فجعلوه إلى جانبه ثمّ أخذوا دابّتين فأجروهما حتى عرقتا ثمّ قطعوهما بالسيوف وألقوا لحمهما في السفينة ثمّ جاءوا ببقرتين فقطعوهما أيضا وألقوهما في السفينة ثمّ أحضروا ديكا ودجاجة فقتلوهما وطرحوهما فيها والجارية التي تقتل ذاهبة وجائية تدخل قبّة قبة من قبابهم فيجامعها واحد واحد، وكلّ واحد يقول لها: قولي لمولاك إنّما فعلت هذا من محبتك، فلمّا كان وقت العصر من يوم الجمعة جاءوا بالجارية إلى شيء عملوه مثل ملبن الباب فوضعت رجلها على أكفّ الرجال وأشرفت على ذلك الملبن وتكلّمت بكلام لها، فأنزلوها ثمّ أصعدوها ثانية ففعلت كفعلها في المرّة الأولى ثمّ أنزلوها وأصعدوها ثالثة ففعلت فعلها في المرّتين ثمّ
دفعوا لها دجاجة فقطعت رأسها ورمت به فأخذوا الدجاجة وألقوها في السفينة، فسألت الترجمان عن فعلها فقال: قالت في المرّة الأولى هو ذا أرى أبي وأمّي، وقالت في المرّة الثانية: هو ذا أرى جميع قرابتي الموتى قعودا، وقالت في المرّة الثالثة: هو ذا أرى مولاي قاعدا في الجنة والجنة حسنة خضراء ومعه الرجال والغلمان وهو يدعوني فاذهبوا بي إليه، فمرّوا بها نحو السفينة فنزعت سوارين كانا معها فدفعتهما إلى المرأة العجوز التي تسمى ملك الموت وهي التي تقتلها، ونزعت خلخالين كانا عليها ودفعتهما إلى الجاريتين اللتين كانتا تخدمانها وهما ابنتا المعروفة بملك الموت، ثمّ أصعدوها إلى السفينة ولم يدخلوها إلى القبة وجاء الرجال ومعهم التراس والخشب ودفعوا إليها قدحا من نبيذ فغنّت عليه وشربته، فقال لي الترجمان: إنّها تودّع صواحباتها بذلك، ثمّ دفع إليها قدح آخر فأخذته وطولت الغناء والعجوز تستحثها على شربه والدخول إلى القبة التي فيها مولاها، فرأيتها وقد تبلّدت وأرادت الدخول إلى القبة فأدخلت رأسها بين القبة والسفينة فأخذت العجوز رأسها وأدخلتها القبة ودخلت معها العجوز وأخذ الرجال يضربون بالخشب على التراس لئلا يسمع صوت صياحها فيجزع غيرها من الجواري فلا يطلبن الموت مع مواليهنّ، ثمّ دخل القبّة ستة رجال فجامعوا بأسرهم الجارية ثمّ أضجعوها إلى جنب مولاها الميت وأمسك اثنان رجليها واثنان يديها وجعلت العجوز التي تسمى ملك الموت في عنقها حبلا مخالفا ودفعته إلى اثنين ليجذباه وأقبلت ومعها خنجر عظيم عريض النصل فأقبلت تدخله بين أضلاعها موضعا موضعا وتخرجه والرجلان يخنقانها بالحبل حتى ماتت، ثمّ وافى أقرب الناس إلى ذلك الميت فأخذ خشبة فأشعلها بالنار ثمّ مشى القهقرى نحو قفاه إلى السفينة والخشبة في يده الواحدة ويده الأخرى على استه وهو عريان حتى أحرق ذلك الخشب الذي قد عبوه تحت السفينة من بعد ما وضعوا الجارية التي قتلوها في جنب مولاها، ثمّ وافى الناس بالخشب والحطب ومع كلّ واحد خشبة وقد ألهب رأسها فيلقيها في ذلك الخشب فتأخذ النار في الحطب ثمّ في السفينة ثمّ في القبّة والرجل والجارية وجميع ما فيها، ثمّ هبت ريح عظيمة هائلة فاشتدّ لهب النار واضطرم تسعّرها، وكان إلى جانبي رجل من الروسية فسمعته يكلم الترجمان الذي معه، فسألته عمّا قال له، فقال:
إنّه يقول أنتم معاشر العرب حمقى لأنكم تعمدون إلى أحبّ الناس إليكم وأكرمهم عليكم فتطرحونه في التراب فتأكله الهوام والدود ونحن نحرقه بالنار في لحظة فيدخل الجنة من وقته وساعته، ثمّ ضحك ضحكا مفرطا وقال: من محبة ربّه له قد بعث الريح حتى تأخذه في ساعته، فما مضت على الحقيقة ساعة حتى صارت السفينة والحطب والرجل الميت والجارية رمادا رمددا، ثمّ بنوا على موضع السفينة، وكانوا أخرجوها من النهر، شبيها بالتل المدوّر ونصبوا في وسطه خشبة كبيرة وكتبوا عليها اسم الرجل واسم ملك الروس وانصرفوا، قال:
ومن رسم ملوك الروس أن يكون معه في قصره أربعمائة رجل من صناديد أصحابه وأهل الثقة عنده فهم يموتون بموته ويقتلون دونه، ومع كلّ واحد منهم جارية تخدمه وتغسل رأسه وتصنع له ما يأكل ويشرب وجارية أخرى يطؤها، وهؤلاء الأربعمائة يجلسون تحت سريره، وسريره عظيم مرصّع بنفيس الجواهر، ويجلس معه على السرير أربعون جارية لفراشه، وربّما وطئ الواحدة منهن بحضرة أصحابه
الذين ذكرنا، ولا ينزل عن سريره، فإذا أراد قضاء حاجة قضاها في طشت، وإذا أراد الركوب قدموا دابته إلى السرير فركبها منه، وإذا أراد النزول قدم دابّته حتى يكون نزوله عليه، وله خليفة يسوس الجيوش ويواقع الأعداء ويخلفه في رعيته، هذا ما نقلته من رسالة ابن فضلان حرفا حرفا وعليه عهدة ما حكاه، والله أعلم بصحته، وأمّا الآن فالمشهور من دينهم دين النصرانيّة.

الرِّقاعُ

الرِّقاعُ:
بكسر أوّله، وآخره عين مهملة، جمع رقعة، وهو ذو الرّقاع، غزاه النبيّ، صلّى الله عليه وسلّم، قيل: هي اسم شجرة في موضع الغزوة سميت بها، وقيل: لأن أقدامهم نقبت من المشي فلفوا عليها الخرق، وهكذا فسرها مسلم بن الحجاج في كتابه، وقيل: بل سميت برقاع كانت في ألويتهم، وقيل: ذات الرقاع جبل فيه سواد وبياض وحمرة فكأنّها رقاع في الجبل، والأصحّ أنّه موضع لقول دعثور:
حتى إذا كنّا بذات الرّقاع
وكانت هذه الغزوة سنة أربع للهجرة، وقال محمد بن موسى الخوارزمي: من مهاجرة النبيّ، صلّى الله عليه وسلّم، إلى غزاة ذات الرقاع أربع سنين وثمانية أيّام ثمّ بعد شهرين غزا دومة الجندل، وفي ذات الرقاع صلى النبيّ، صلى الله عليه وسلم، صلاة الخوف، وفيها كانت قصة دعثور المحاربي، وقال الواقدي:
ذات الرقاع قريبة من النّخيل بين السعد والشّقرة وبئــر أرما على ثلاثة أيّام من المدينة، وهي بئر جاهليّة، وقال: إنّما سميت بذات الرقاع لأنّه كان في تلك الأرض بقع حمر وبيض وسود، وقال ابن إسحق: رقّعوا راياتهم ذوات الرقاع، قال الأصمعي يذكر بلاد بني بكر بن كلاب بنجد فقال:
ذات الرقاع، وقال نصر: ذوات الرقاع مصانع
بنجد تمسك الماء لبني أبي بكر بن كلاب، ووادي الرقاع بنجد أيضا.

رَجيعٌ

رَجيعٌ:
على فعيل، ورجيع الشيء: رديئه، والرجيع: الرّوث، والرجيع من الدوابّ: ما رجعته من سفر إلى سفر وهو الكالّ، وكل شيء يردّد فهو رجيع لأن معناه مرجوع، والرجيع:
هو الموضع الذي غدرت فيه عضل والقارة بالسبعة نفر الذين بعثهم رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، معهم، منهم: عاصم بن ثابت حميّ الدّبر وخبيب ابن عدي ومرثد بن أبي مرثد الغنوي، وهو ماء لهذيل، وقال ابن إسحاق والواقدي: الرجيع ماء لهذيل قرب الهدأة بين مكّة والطائف، وقد ذكره أبو ذؤيب فقال:
رأيت، وأهلي بوادي الرّجي ... ع من أرض قيلة، برقا مليحا
وبه بئر معاوية وليس ببئر معونة، بالنون، هذا غير ذاك، وذكر ابن إسحاق في غزاة خيبر أنّه، عليه الصلاة والسلام، حين خرج من المدينة إلى خيبر سلك على عصر فبني له فيها مسجد ثمّ على الصهباء ثم أقبل حتى نزل بواد يقال له الرجيع فنزل بينهم وبين غطفان ليحول بينهم وبين أن يمدوا أهل خيبر فعسكر به، وكان يروح لقتال خيبر منه، وخلّف الثقل بالرجيع والنساء والجرحى، وهذا غير الأوّل لأن ذاك قرب الطائف وخيبر من ناحية الشام خمسة أيام عن المدينة فيكون بين الرجيعين أكثر من خمسة عشر يوما، وبئــر معاوية قد ذكرت في الآبار، وقال حسان ابن ثابت:
أبلغ بني عمرو بأنّ أخاهم ... شراه امرؤ قد كان للشرّ لازما
شراه زهير بن الأغرّ وجامع، ... وكانا قديما يركبان المحارما
أجرتم فلمّا أن أجرتم غدرتم، ... وكنتم بأكناف الرّجيع لهاذما
فليت خبيبا لم تخنه أمانة، ... وليت خبيبا كان بالقوم عالما
وقال حسان بن ثابت أيضا:
صلّى الإله على الذين تتابعوا ... يوم الرّجيع فأكرموا وأثيبوا
رأس السريّة مرثد وأميرهم ... وابن البكير إمامهم وخبيب
وابن لطارق وابن دثنة منهم ... وافاه ثمّ حمامه المكتوب
والعاصم المقتول عند رجيعهم ... كسب المعالي، إنّه لكسوب
منع المقادة أن ينالوا ظهره ... حتى يجالد، إنّه لنجيب
إنّما ذكرت هذه القطعة وإن كانت ساقطة لأن ذكر أصحاب الرجيع جميعهم فيها.

دَثِينٌ

دَثِينٌ:
بفتح أوله، وكسر ثانيه، وياء مثناة من تحت، وآخره نون: اسم جبل، يقال: دثّن الطائر تدثينا
إذا طار وأسرع السقوط في مواضع متقاربة، قال القتال الكلابي:
سقى الله ما بين الشّطون وغمرة ... وبئــر دريرات وهضب دثين

خَيْسَقٌ

خَيْسَقٌ:
بفتح أوله، وسكون ثانيه، وسين مهملة، وآخره قاف: اسم لابة أي حرّة معروفة، وبئــر خيسق: بعيدة القعر، وفي كتاب العين: ناقة خسوق سيئة الخلق تخسق الأرض بمناسمها إذا مشت انقلب منسمها فخدّ في الأرض.

حُلْوانُ

حُلْوانُ:
بالضم ثم السكون، والحلوان في اللغة الهبة، يقال: حلوت فلانا كذا مالا أحلوه حلوا وحلوانا إذا وهبت له شيئا على شيء يفعله غير الأجر، وفي الحديث: نهي عن حلوان الكاهن، والحلوان: أن يأخذ الرجل من مهر ابنته لنفسه. وحلوان في عدة مواضع: حلوان العراق، وهي في آخر حدود السواد مما يلي الجبال من بغداد، وقيل: إنها سميت بحلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة كان بعض الملوك أقطعه إياها فسميت به.
وفي كتاب الملحمة المنسوب إلى بطليموس: حلوان
طولها إحدى وسبعون درجة وخمس وأربعون دقيقة، وعرضها أربع وثلاثون درجة، بيت حياتها أول درجة من الأسد، طالعها الذراع اليماني تحت عشر درج من السرطان، يقابلها مثلها من الجدي، بيت ملكها من الحمل، عاقبتها مثلها من الميزان، وهي في الإقليم الرابع، وكانت مدينة كبيرة عامرة، قال أبو زيد: أما حلوان فإنها مدينة عامرة ليس بأرض العراق بعد الكوفة والبصرة وواسط وبغداد وسرّ من رأى أكبر منها، وأكثر ثمارها التين، وهي بقرب الجبل، وليس للعراق مدينة بقرب الجبل غيرها، وربما يسقط بها الثلج، وأما أعلى جبلها فإن الثلج يسقط به دائما، وهي وبئــة ردية الماء وكبريتيته، ينبت الدفلى على مياهها، وبها رمان ليس في الدنيا مثله وتين في غاية من الجودة ويسمونه لجودته شاه انجير أي ملك التين، وحواليها عدة عيون كبريتية ينتفع بها من عدة أدواء.
وأما فتحها فإن المسلمين لما فرغوا من جلولاء ضمّ هاشم بن عتبة بن أبي وقاص وكان عمه سعد قد سيّره على مقدمته إلى جرير بن عبد الله في خيل ورتبه بجلولاء، فنهض إلى حلوان فهرب يزدجرد إلى أصبهان وفتح جرير حلوان صلحا على أن كفّ عنهم وآمنهم على ديارهم وأموالهم ثم مضى نحو الدينور فلم يفتحها وفتح قرميسين على مثل ما فتح عليه حلوان وعاد إلى حلوان فأقام بها واليا إلى أن قدم عمار بن ياسر، فكتب إليه من الكوفة أن عمر قد أمره أن يمد به أبا موسى الأشعري بالأهواز، فسار حتى لحق بأبي موسى في سنة 19، قال الواقدي: بحلوان عقب لجرير بن عبد الله البجلي، وكان قد فتح حلوان في سنة 19، وفي كتاب سيف: في سنة 16، وقال القعقاع بن عمرو التميمي:
وهل تذكرون، إذ نزلنا وأنتم ... منازل كسرى، والأمور حوائل
فصرنا لكم ردءا بحلوان بعد ما ... نزلنا جميعا، والجميع نوازل
فنحن الأولى فزنا بحلوان بعد ما ... أرنّت، على كسرى، الإما والحلائل
وقال بعض المتأخرين يذم أهل حلوان:
ما إن رأيت جواميسا مقرّنة، ... إلا ذكرت ثناء عند حلوان
قوم، إذا ما أتى الأضياف دارهم ... لم ينزلوهم ودلوهم على الخان
وينسب إلى حلوان هذه خلق كثير من أهل العلم، منهم: أبو محمد الحسن بن عليّ الخلّال الحلواني، يروي عن يزيد بن هرون وعبد الرزاق وغيرهما، روى عنه البخاري ومسلم في صحيحيهما، توفي سنة 242، وقال أعرابيّ:
تلفّتّ من حلوان، والدمع غالب، ... إلى روض نجد، أين حلوان من نجد؟
لحصباء نجد، حين يضربها الندى، ... ألذّ وأشفى للعليل من الورد
ألا ليت شعري! هل أناس بكيتهم ... لفقدهم هل يبكينّهم فقدي؟
أداوي ببرد الماء حرّ صبابة، ... وما للحشا والقلب غيرك من برد
وأما نخلتا حلوان فأول من ذكرهما في شعره فيما علمنا مطيع بن إياس الليثي، وكان من أهل فلسطين من أصحاب الحجاج بن يوسف، ذكر أبو الفرج عن أبي الحسن الأسدي حدثنا حماد بن إسحاق عن أبيه
عن سعيد بن سلم قال: أخبرني مطيع بن إياس أنه كان مع سلم بن قتيبة بالرّيّ، فلما خرج إبراهيم بن الحسن كتب إليه المنصور يأمره باستخلاف رجل على عمله والقدوم عليه في خاصته على البريد، قال مطيع ابن إياس: وكانت لي جارية يقال لها جوذابة كنت أحبّها، فأمرني سلم بالخروج معه فاضطررت إلى بيع الجارية فبعتها وندمت على ذلك بعد خروجي وتتبعتها نفسي، فنزلنا حلوان فجلست على العقبة أنتظر ثقلي وعنان دابتي في يدي وأنا مستند إلى نخلة على العقبة وإلى جانبها نخلة أخرى فتذكرت الجارية واشتقت إليها فأنشدت أقول:
أسعداني يا نخلتي حلوان، ... وابكياني من ريب هذا الزمان
واعلما أن ريبه لم يزل يف ... رق بين الألّاف والجيران
ولعمري، لو ذقتما ألم الفر ... قة أبكاكما الذي أبكاني
أسعداني، وأيقنا أن نحسا ... سوف يأتيكما فتفترقان
كم رمتني صروف هذي الليالي ... بفراق الأحباب والخلّان
غير أني لم تلق نفسي كما لا ... قيت من فرقة ابنة الدهقان
جارة لي بالريّ تذهب همّي، ... ويسلّي دنوّها أحزاني
فجعتني الأيام، أغبط ما كن ... ت، بصدع للبين غير مدان
وبزعمي أن أصبحت لا تراها ال ... عين مني، وأصبحت لا تراني
وعن سعيد بن سلم عن مطيع قال: كانت لي بالرّيّ، جارية أيام مقامي بها مع سلم بن قتيبة، فكنت أتستر بها وأتعشق امرأة من بنات الدهاقين، وكنت نازلا إلى جنبها في دار لها، فلما خرجنا بعت الجارية وبقيت في نفسي علاقة من المرأة، فلما نزلنا بعقبة حلوان جلست مستندا إلى إحدى النخلتين اللتين على العقبة وقلت، وذكر الأبيات، فقال لي سلم: فيمن هذه الأبيات، أفي جاريتك؟ فاستحييت أن أصدقه فقلت:
نعم، فكتب من وقته إلى خليفته أن يبتاعها لي، فلم يلبث أن ورد كتابه بأني قد وجدتها وقد تداولها الرجال وقد بلغت خمسة آلاف درهم فإن أمرت أن أشتريها، فأخبرني بذلك سلم وقال: أيما أحب إليك هي أم خمسة آلاف درهم؟ فقلت: أما إن كانت قد تداولها الرجال فقد عزفت نفسي عنها، فأمر لي بخمسة آلاف درهم، فقلت: والله ما كان في نفسي منها شيء ولو كنت أحبها لم أبال إذا رجعت إلي بمن تداولها ولا أبالي لو ناكها أهل منى كلهم، وذكر المدائني أن المنصور اجتاز بنخلتي حلوان وكانت إحداهما على الطريق وكانت تضيّقه وتزدحم الأثقال عليه فأمر بقطعها، فأنشد قول مطيع:
واعلما إن بقيتما أن نحسا ... سوف يلقاكما فتفترقان
فقال: لا والله لا كنت ذلك النحس الذي يفرق بينهما! فانصرف وتركهما، وذكر أحمد بن إبراهيم عن أبيه عن جده إسمعيل بن داود أن المهدي قال:
أكثر الشعراء في ذكر نخلتي حلوان ولهممت بقطعهما فبلغ قولي المنصور فكتب إليّ: بلغني أنك هممت بقطع نخلتي حلوان ولا فائدة لك في قطعهما ولا ضرر عليك في بقائهما وأنا أعيذك بالله أن تكون النحس الذي يلقاهما فيفرق بينهما، يريد بيت مطيع، وعن أبي نمير عبد الله بن أيوب قال: لما خرج المهدي فصار بعقبة حلوان استطاب الموضع فتغدّى به ودعا بحسنة فقال لها: ما ترين طيب هذا الموضع! غنيني بحياتي حتى أشرب ههنا أقداحا، فأخذت محكّة كانت في يده فأوقعت على فخذه وغنته فقالت:
أيا نخلتي وادي بوانة حبّذا، ... إذا نام حرّاس النخيل، جناكما
فقال: أحسنت! لقد هممت بقطع هاتين النخلتين، يعني نخلتي حلوان، فمنعني منهما هذا الصوت، فقالت له حسنة: أعيذك بالله أن تكون النحس المفرق بينهما! وأنشدته بيت مطيع، فقال: أحسنت والله فيما فعلت إذ نبّهتني على هذا، والله لا أقطعهما أبدا ولأوكلن بهما من يحفظهما ويسقيهما أينما حييت! ثم أمر بأن يفعل ذلك، فلم تزالا في حياته على ما رسمه إلى أن مات، وذكر أحمد بن أبي طاهر عن عبد الله ابن أبي سعد عن محمد بن المفضل الهاشمي عن سلام الأبرش قال: لما خرج الرشيد إلى طوس هاج به الدم بحلوان فأشار عليه الطبيب بأكل جمّار، فأحضر دهقان حلوان وطلب منه، فأعلمه أن بلادهم ليس بها نخل ولكن على العقبة نخلتان، فأمر بقطع إحداهما، فلما نظر إلى النخلتين بعد أن انتهى إليهما فوجد إحداهما مقطوعة والأخرى قائمة وعلى القائمة مكتوب، وذكر البيت، فأعلم الرشيد وقال: لقد عز عليّ أن كنت نحسكما ولو كنت سمعت هذا البيت ما قطعت هذه النخلة ولو قتلني الدم، ومما قيل في نخلتي حلوان من الشعر قول حمّاد عجرد:
جعل الله سدرتي قصر شي ... رين فداء لنخلتي حلوان
جئت مستسعدا فلم تسع داني، ... ومطيع بكت له النخلتان
وروى حماد عن أبيه لبعض الشعراء في نخلتي حلوان:
أيها العاذلان لا تعذلاني، ... ودعاني من الملام دعاني
وابكيا لي، فإنني مستحقّ ... منكما بالبكاء أن تسعداني
إنني منكما بذلك أولى ... من مطيع بنخلتي حلوان
فهما تجهلان ما كان يشكو ... من هواه، وأنتما تعلمان
وقال فيهما أحمد بن إبراهيم الكاتب من قصيدة:
وكذاك الزمان ليس، وإن أل ... لف، يبقى عليه مؤتلفان
سلبت كفّه العزيز أخاه، ... ثم ثنّى بنخلتي حلوان
فكأنّ العزيز مذ كان فردا، ... وكأن لم تجاور النخلتان

وحلوان أَيضاً:
قرية من أعمال مصر، بينها وبين الفسطاط نحو فرسخين من جهة الصعيد مشرفة على النيل، وبها دير ذكر في الديرة، وكان أول من اختطها عبد العزيز بن مروان لما ولي مصر، وضرب بها الدنانير، وكان له كل يوم ألف جفنة للناس حول داره، ولذلك قال الشاعر:
كلّ يوم كأنه عيد أضحى ... عند عبد العزيز، أو يوم فطر
وله ألف جفنة مترعات، ... كلّ يوم، يمدّها ألف قدر
وكان قد وقع بمصر طاعون في سنة 70 وواليها عبد العزيز فخرج هاربا من مصر، فلما وصل حلوان هذه استحسن موضعها فبنى بها دورا وقصورا واستوطنها وزرع بها بساتين وغرس كروما ونخلا، فلذلك يقول عبيد الله بن قيس الرّقيّات:
سقيا لحلوان ذي الكروم، وما ... صنّف من تينه ومن عنبه
نخل مواقير بالقناء من ال ... برنيّ، يهتز ثم في سربه
أسود، سكانه الحمام، فما ... تنفكّ غربانه على رطبه
وقال سعد بن شريح مولى نجيب يهجو حفص بن الوليد الحضرمي والي مصر ويمدح زبّان بن عبد العزيز ابن مروان:
يا باعث الخيل، تردي في أعنّتها، ... من المقطّم في أكناف حلوان
لا زال بغضي ينمّى في صدوركم، ... إن كان ذلك من حيّ لزبّان

وحلوان أيضا:
بليدة بقوهستان نيسابور، وهي آخر حدود خراسان مما يلي أصبهان.

آبَارُ الأعْرَاب

آبَارُ الأعْرَاب:
جمع بئر. يقال في جمعها آبار وبئــار وأبار: موضع بين الأجفر وفيد، على خمسة أميال من الأجفر. والآبار أيضا غير مضافة: كورة من كور واسط.

حارِمٌ

حارِمٌ:
بكسر الراء: حصن حصين وكورة جليلة تجاه أنطاكية، وهي الآن من أعمال حلب، وفيها أشجار كثيرة ومياه، وهي لذلك وبئــة، وهي فاعل من الحرمان أو من الحريم، كأنها لحصانتها يحرمها العدوّ وتكون حرما لمن فيها.
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.