Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: نجار

البَقَّمُ

البَقَّمُ، مُشَدَّدَةَ القافِ: خَشَبٌ شَجَرُهُ عِظامٌ، ووَرَقُهُ كَوَرَقِ اللَّوْزِ، وساقُهُ أحْمَرُ، يُصْبَغُ بطَبيخِهِ، ويُلْحِمُ الجِراحاتِ، ويَقْطَعُ الدَّمَ المُنْبَعِثَ من أيِّ عُضْوٍ كان، ويُجَفَّفُ القُروحَ، وأصْلُه سَمُّ ساعَةٍ.
والبُقَّمُ، كسُكَّرٍ: شجرةُ جَوْزِ ماثِلٍ. وكثُمامةٍ: الصُّوفُ يُغْزَلُ لُبُّها ويَبْقَى سائرُها، وما سَقَطَ من النادِفِ ممَّا لا يُقْدَرُ على غَزْلِه، وما يُطَيِّرُه الــنَّجَّارُ، والقليلُ العَقْلِ الضعيفُ الرأي.
والبُقْمُ، بالضم وبضمتين: بَطْنٌ من العَرَبِ.
وباقُومُ الرومِيُّ الــنَّجَّارُ: مَوْلَى سعيدِ بنِ العاصِ صانِعُ المِنْبَرِ الشَّرِيف.
وبَقِمَ البعيرُ، كفرِحَ: عَرَضَ له داءٌ من أكْلِ العُنْظُوانِ.
وتَبَقَّمَ الغَنَمُ: ثَقُلَ عليها أولادُها في بُطونِها، فلم تَثُرْ.

الْآلَة

(الْآلَة)
أَدَاة الطَّرب وعمود الْخَيْمَة وَالْحَالة والشدة والآلة الحدباء سَرِير الْمَيِّت وأداة الْعَمَل البسيطة وَفِي علم الْحِيَل (الميكانيكا) جهاز يُؤَدِّي عملا بتحويل القوى المحركة الْمُخْتَلفَة كالحرارة والبخار والكهربا إِلَى قوى آلية مثل الْآلَات الَّتِي تحرّك السفن وَالَّتِي تجر الْقطر وَالَّتِي تدير الروافع وَغَيرهَا وتنسب كل آلَة إِلَى الْقُوَّة الَّتِي تحركها فَيُقَال الْآلَة البخارية والآلة الكهربائية وَآلَة التَّنْبِيه بوق فِي السيارة يُنَبه السائر أَو الغافل (ج) آل وآلات
الْآلَة: هِيَ الْوَاسِطَة بَين الْفَاعِل ومنفعله فِي وُصُول أَثَره إِلَيْهِ كالمنشار للــنجار والقيد الْأَخير لإِخْرَاج الْعلَّة المتوسطة كَمَا بَين الْجد وَابْن الابْن فَإِنَّهَا وَاسِطَة بَين فاعلها ومنفعلها إِلَّا أَنَّهَا لَيست بِوَاسِطَة بَينهمَا فِي وُصُول أثر الْعلَّة الْبَعِيدَة إِلَى الْمَعْلُول لِأَن أثر الْعلَّة الْبَعِيدَة لَا يصل إِلَى الْمَعْلُول فضلا عَن أَن يتوسط فِي ذَلِك شَيْء آخر وَإِنَّمَا الْوَاصِل إِلَيْهِ أثر الْعلَّة المتوسطة لِأَنَّهُ الصَّادِر مِنْهَا وَهِي من الْعلَّة الْبَعِيدَة وَإِنَّمَا كَانَ الْمنطق آلَة لما سَيَأْتِي فِيهِ إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَاسم الْآلَة عِنْد عُلَمَاء الصّرْف كل اسْم اشتق من فعل لما يستعان بِهِ فِي ذَلِك الْفِعْل كالمفتاح فَإِنَّهُ اسْم لما يفتح بِهِ والمكحلة اسْم لما يكحل بِهِ.

النجارية

الــنجارية: أصحاب أبي الحسن الــنجار.
وافقوا أهل السنة في خلق الأفعال والمعتزلة في نفس الصفات والرؤية.
الــنجارية: أَصْحَاب مُحَمَّد بن الْحسن الــنجار يوافقون الْمُعْتَزلَة فِي نفي الصِّفَات الوجودية وحدوث الْكَلَام وَنفي الرُّؤْيَة لأهل السّنة فِي خلق الْأَفْعَال وَأَن الِاسْتِطَاعَة مَعَ الْفِعْل.

الجسم

الجسم: ما له طول وعرض وعمق، ولا تخرج أجزاء الجسم عن كونها أجساما وإن قطع وجزىء بخلاف الشخص فإنه يخرج عن كونه شخصا بتجزئته، كذا عبر عنه الراغب.
الجسم:
[في الانكليزية] Body ،organism ،huge body
[ في الفرنسية] Corps ،organisme ،corps corpulent

بالكسر وسكون السين المهملة بالفارسية:
تن وكلّ شيء عظيم الخلقة كما في المنتخب.
وعند أهل الرّمل اسم لعنصر الأرض. وهو ثمانية أنواع من التراب، كما سيأتي في لفظ مطلوب. إذن يقولون: تراب انكيس للجسم الأوّل إلى تراب العتبة الداخل الذي هو الجسم السّابع. وعند الحكماء يطلق بالاشتراك اللفظي على معنيين أحدهما ما يسمّى جسما طبيعيا لكونه يبحث عنه في العلم الطبيعي، وعرّف بأنه جوهر يمكن أن يفرض فيه أبعاد ثلاثة متقاطعة على زوايا قائمة. وإنّما اعتبر في حده الفرض دون الوجود لأنّ الأبعاد المتقاطعة على الزوايا القائمة ربما لم تكن موجودة فيه بالفعل كما في الكرة والأسطوانة والمخروط المستديرين، وإن كانت موجودة فيه بالفعل كما في المكعّب مثلا فليست جسميته باعتبار تلك الأبعاد الموجودة فيه لأنها قد تزول مع بقاء الجسمية الطبعية بعينها. واكتفى بإمكان الفرض لأنّ مناط الجسمية ليس هو فرض الأبعاد بالفعل حتى يخرج الجسم عن كونه جسما طبعيا لعدم فرض الأبعاد فيه، بل مناطها مجرد إمكان الفرض سواء فرض أو لم يفرض. ولا يرد الجواهر المجردة لأنّا لا نسلّم أنّه يمكن فرض الأبعاد فيها، بل الفرض محال، كالمفروض على قياس ما قيل في الجزئي والكلي. وتصوير فرض الأبعاد المتقاطعة أن تفرض في الجسم بعدا ما كيف اتفق وهو الطول، ثم بعدا آخر في أيّ جهة شئت من الجهتين الباقيتين مقاطعا له بقائمة وهو العرض، ثم بعدا ثالثا مقاطعا لهما على زوايا قائمة وهو العمق، وهذا البعد الثالث لا يوجد في السطح، فإنّه يمكن أن يفرض فيه بعدان متقاطعان على قوائم، ولا يمكن أن يفرض فيه بعد ثالث مقاطع للأولين إلّا على حادة ومنفرجة. وليس قيد التقاطع على زوايا قوائم لإخراج السطح كما توهّمه بعضهم، لأنّ السطح عرض فخرج بقيد الجوهر، بل لأجل أن يكون القابل للأبعاد الثلاثة خاصة للجسم فإنّه بدون هذا القيد لا يكون خاصة له.
فإن قيل كيف يكون خاصة للجسم الطبعي مع أنّ التعليمي مشارك له فيه؟. أجيب بأنّ الجسم الطبعي تعرض له الأبعاد الثلاثة المتقاطعة على قوائم فتكون خاصة له، والتعليمي غير خارج عنه تلك الأبعاد الثلاثة لأنها مقوّمة له.
وبالجملة فهذا حدّ رسميّ للجسم لا حدّ ذاتي، سواء قلنا إنّ الجوهر جنس للجواهر أو لازم لها، لأن القابل للأبعاد الثلاثة إلى آخره من اللوازم الخاصة لا من الذاتيات، لأنه إمّا أمر عدمي فلا يصلح أن يكون فصلا ذاتيا للجسم الذي هو من الحقائق الخارجية، وإمّا وجودي، ولا شكّ في قيامه بالجسم فيكون عرضا، والعرض لا يقوّم الجوهر، فلا يصح كونه فصلا أيضا. كيف والجسم معلوم بداهة لا بمعنى أنه محسوس صرف لأنّ إدراك الحواس مختص بسطوحه وظواهره، بل بمعنى أنّ الحسّ أدرك بعض أعراضه كسطحه، وهو من مقولة الكمّ ولونه وهو من مقولة الكيف وأدّى ذلك إلى العقل، فحكم العقل بعد ذلك بوجود ذات الجسم حكما ضروريا غير مفتقر إلى تركيب قياسي.

إن قيل: هذا الحدّ صادق على الهيولى التي هي جزء الجسم المطلق لكونها قابلة للأبعاد. قلنا: ليست قابلة لها بالذات بل بواسطة الصورة الجسمية، والمتبادر من الحدّ إمكان فرض الأبعاد نظرا إلى ذات الجوهر فلا يتناول ما يكون بواسطة. فإن قلت: فالحد صادق على الصورة الجسمية فقط. قلنا: لا بأس بذلك لأن الجسم في بادئ الرأي هو هذا الجوهر الممتد في الجهات، أعني الصورة الجسمية. وأما أنّ هذا الجوهر قائم بجوهر آخر فممّا لا يثبت إلّا بأنظار دقيقة في أحوال هذا الجوهر الممتدّ المعلوم وجوده بالضرورة، فالمقصود هاهنا تعريفه.
وثانيهما ما يسمّى جسما تعليميا إذ يبحث عنه في العلوم التعليمية أي الرياضية ويسمّى ثخنا أيضا كما سبق، وعرّفوه بأنه كمّ قابل للأبعاد الثلاثة المتقاطعة على الزوايا القائمة.
والقيد الأخير للاحتراز عن السطح لدخوله في الجنس الذي هو الكمّ. قيل الفرق بين الطبيعي والتعليمي ظاهر، فإنّ الشمعة الواحدة مثلا يمكن تشكيلها بأشكال مختلفة تختلف مساحة سطوحها فيتعدد الجسم التعليمي. وأما الجسم الطبيعي ففي جميع الأشكال أمر واحد، ولو أريد جمع المعنيين في رسم يقال هو القابل لفرض الأبعاد المتقاطعة على الزوايا القائمة ولا يذكر الجوهر ولا الكم. التقسيم
الحكماء قسّموا الجسم الطبيعي تارة إلى مركّب يتألف من أجسام مختلفة الحقائق كالحيوان وإلى بسيط وهو ما لا يتألف منها كالماء، وقسّموا المركّب إلى تام وغير تام والبسيط إلى فلكي وعنصري وتارة إلى مؤلّف يتركّب من الأجسام سواء كانت مختلفة كالحيوان أو غير مختلفة كالسرير المركّب من القطع الخشبية المتشابهة في الماهية وإلى مفرد لا يتركب منها. قال في العلمي حاشية شرح هداية الحكمة والنسبة بين هذه الأقسام أنّ المركب مباين للبسيط الذي هو أعمّ مطلقا من المفرد، إذ ما لا يتركّب من أجسام مختلفة الحقائق قد لا يتركّب من أجسام أصلا، وقد يتركّب من أجسام غير مختلفة الحقائق.
وبالجملة فالمركب مباين للبسيط وللمفرد أيضا، فإنّ مباين الأعمّ مباين الأخصّ والمركّب أخصّ مطلقا من المؤلّف، إذ كلّ ما يتركّب من أجسام مختلفة الحقائق مؤلّف من الأجسام بلا عكس كلي، والبسيط أعمّ من وجه من المؤلّف لتصادقهما في الماء مثلا وتفارقهما في المفرد المباين للمؤلّف وفي المركب.
وأما عند المتكلمين فعند الأشاعرة منهم هو المتحيز القابل للقسمة في جهة واحدة أو أكثر. فأقلّ ما يتركّب منه الجسم جوهران فردان أي مجموعهما لا كلّ واحد منهما. وقال القاضي: الجسم هو كلّ واحد من الجوهرين لأنّ الجسم هو الذي قام به التأليف اتفاقا، والتأليف عرض لا يقوم بجزءين على أصول أصحابنا لامتناع قيام العرض الواحد الشخصي بالكثير، فوجب أن يقوم بكل من الجوهرين المؤلّفين على حدة، فهما جسمان لا جسم واحد، وليس هذا نزاعا لفظيا راجعا إلى أنّ لفظ الجسم يطلق على ما هو مؤلّف في نفسه أي فيما بين أجزائه الداخلة فيه، أو يطلق على ما هو مؤلّف مع غيره كما توهّمه الآمدي، بل هو نزاع في أمر معنوي هو أنه هل يوجد ثمة أي في الجسم أمر موجود غير الأجزاء هو الاتصال والتأليف كما يثبته المعتزلة، أو لا يوجد؟ فجمهور الأشاعرة ذهبوا إلى الأول فقالوا: الجسم هو مجموع الجزءين، والقاضي إلى الثاني، فحكم أنّ كلّ واحد منهما جسم.
وقالت المعتزلة الجسم هو الطويل العريض العميق. واعترض عليه الحكماء بأنّ الجسم ليس جسما بما فيه من الأبعاد بالفعل. وأيضا إذا أخذنا شمعة وجعلنا طولها شبرا وعرضها شبرا ثم جعلنا طولها ذراعا وعرضها إصبعين مثلا فقد زال ما كان، وجسميتها باقية بعينها، وهذا غير وارد لأنه مبني على إثبات الكمية المتصلة. وأما على الجزء وتركّب الجسم منه كما هو مذهب المتكلّمين فلم يحدث في الشمعة شيء لم يكن ولم يزل عنها شيء قد كان، بل انقلب الأجزاء الموجودة من الطول إلى العرض أو بالعكس.
أو نقول المراد أنه يمكن أن يفرض فيه طول وعرض وعمق، كما يقال الجسم هو المنقسم والمراد قبوله للقسمة. ثم اختلف المعتزلة بعد اتفاقهم على ذلك الحدّ في أقل ما يتركّب منه الجسم من الجواهر الفردة. فقال النّظّام لا يتألف الجسم إلّا من أجزاء غير متناهية. وقال الجبّائي يتألف الجسم من أجزاء ثمانية بأن يوضع جزءان فيحصل الطول وجزءان آخران على جنبه فيحصل العرض، وأربعة أخرى فوق تلك الأربعة فيحصل العمق. وقال العلّاف من ستة بأن يوضع ثلاثة على ثلاثة. والحق أنه يمكن من أربعة أجزاء بأن يوضع جزءان وبجنب أحدهما ثالث وفوقه جزء آخر وبذلك يتحصل الأبعاد الثلاثة. وعلى جميع التقادير فالمركّب من جزءين أو ثلاثة ليس جوهرا فردا ولا جسما عندهم، سواء جوّزوا التأليف أم لا.
وبالجملة فالمنقسم في جهة واحدة يسمّونه خطا وفي جهتين سطحا، وهما واسطتان بين الجوهر الفرد والجسم عندهم، وداخلتان في الجسم عند الأشاعرة، والنزاع لفظي وقيل معنوي. ووجه التطبيق بين القولين على ما ذكره المولوي عبد الحكيم في حاشية شرح المطالع أنّ المراد إنّ ما يسمّيه كل أحد بالجسم ويطلقه هل يكفي في حصوله الانقسام مطلقا أو الانقسام في الجهات الثلاث؟ فالنزاع لفظي، بمعنى أنه نزاع في ما يطلق عليه لفظ الجسم، وليس لفظيا بمعنى أن يكون النزاع راجعا إلى مجرد اللفظ والاصطلاح لا في المعنى انتهى.
وما عرفه به بعض المتكلّمين كقول الصالحية من المعتزلة الجسم هو القائم بنفسه، وقول بعض الكرّامية هو الموجود، وقول هشام هو الشيء فباطل لانتقاض الأوّل بالباري تعالى والجوهر الفرد، وانتقاض الثاني بهما وبالعرض أيضا، وانتقاض الثالث بالثلاثة أيضا على أنّ هذه الأقوال لا تساعد عليها اللغة، فإنّه يقال زيد أجسم من عمرو أي أكثر ضخامة وانبساط أبعاد وتأليف أجزاء. فلفظ الجسم بحسب اللغة ينبئ عن التركيب والتأليف، وليس في هذه الأقوال إنباء عن ذلك. وأما ما ذهب إليه الــنّجّار والنّظّام من المعتزلة من أنّ الجسم مجموع أعراض مجتمعة، وأنّ الجواهر مطلقا أعراض مجتمعة فبطلانه أظهر.
فائدة: قال المتكلّمون الأجسام متجانسة بالذات أي متوافقة الحقيقة لتركّبها من الجواهر الفردة، وأنها متماثلة لا اختلاف فيها، وإنّما يعرض الاختلاف لا في ذاتها، بل بما يحصل فيها من الأعراض بفعل القادر المختار.
هذا ما قد أجمعوا عليه إلّا النّظّام، فإنّه يجعل الأجسام نفس الأعراض، والأعراض مختلفة بالحقيقة، فتكون الأجسام على رأيه أيضا كذلك. وقال الحكماء بأنها مختلفة الماهيات.
فائدة: الجسم المركّب لا شك في أنّ أجزاءه المختلفة موجودة فيه بالفعل ومتناهية.
وأما الجسم البسيط فقد اختلف فيه. فذهب جمهور الحكماء إلى أنه غير متألّف من أجزاء بالفعل بل بالقوة، فإنّه متصل واحد في نفسه كما هو عند الحسّ، لكنه قابل لانقسامات غير متناهية، على معنى أنه لا تنتهي القسمة إلى حدّ لا يكون قابلا للقسمة، وهذا كقول المتكلمين أنّ الله تعالى قادر على المقدورات الغير المتناهية مع قولهم بأنّ حدوث ما لا نهاية محال. فكما أنّ مرادهم أنّ قادريته تعالى لا تنتهي إلا حدّ إلّا ويصح منه الإيجاد بعد ذلك، فكذلك الجسم لا يتناهى في القسمة إلى حدّ إلّا ويتميّز فيه طرف عن طرف فيكون قابلا للقسمة الوهمية. وذهب بعض قدماء الحكماء وأكثر المتكلّمين من المحدثين إلى أنّه مركّب من أجزاء لا تتجزأ موجودة فيه بالفعل متناهية. وذهب بعض قدماء الحكماء كأنكسافراطيس والنّظّام من المعتزلة إلى أنّه مؤلّف من أجزاء لا تتجزأ موجودة بالفعل غير متناهية. وذهب البعض كمحمد الشهرستاني والرازي إلى أنّه متصل واحد في نفسه كما هو عند الحسّ قابل لانقسامات متناهية. وذهب ديمقراطيس وأصحابه إلى أنّه مركّب من بسائط صغار متشابهة الطّبع، كلّ واحد منها لا ينقسم فكّا أي بالفعل، بل وهما ونحوه، وتألّفها إنما يكون بالتّماسّ والتجاور لا بالتداخل كما هو مذهب المتكلمين. وذهب بعض القدماء من الحكماء إلى أنّه مؤلّف من أجزاء موجودة بالفعل متناهية قابلة للانقسام كالخطوط، وهو مذهب أبي البركات البغدادي، فإنّهم ذهبوا إلى تركّب الجسم من السطوح والسطوح من الخطوط والخطوط من النقط.
فائدة: اختلف في حدوث الأجسام وقدمها فقال الملّيّون كلهم من المسلمين واليهود والنصارى والمجوس إلى أنها محدثة بذواتها وصفاتها وهو الحق. وذهب أرسطو ومن تبعه كالفارابي وابن سينا إلى أنها قديمة بذواتها وصفاتها. قالوا الأجسام إمّا فلكيات أو عنصريات. أمّا الفلكيات فإنها قديمة بموادّها وصورها الجسمية والنوعية وأعراضها المعينة من الأشكال والمقادير إلّا الحركات والأوضاع المشخّصة فإنها حادثة قطعا. وأمّا مطلق الحركة والوضع فقديمة أيضا وأمّا العنصريات فقديمة بموادّها وبصورها الجسمية بنوعها لأنّ المادة لا تخلو عن الصورة الجسمية التي هي طبيعة واحدة نوعية لا تختلف إلّا بأمور خارجة عن حقيقتها فيكون نوعها مستمر الوجود بتعاقب أفرادها أزلا وأبدا، وقديمة بصورها النوعية بجنسها لأنّ مادّتها لا يجوز خلوها عن صورها النوعية بأسرها، بل لا بدّ أن تكون معها واحدة منها، لكن هذه متشاركة في جنسها دون ماهيتها النوعية، فيكون جنسها مستمر الوجود بتعاقب أنواعها. نعم الصورة المشخّصة فيهما أي في الصورة الجسمية والنوعية والأعراض المختصة المعينة محدثة، ولا امتناع في حدوث بعض الصور النوعية. وذهب من تقدّم أرسطو من الحكماء إلى أنها قديمة بذواتها محدثة بصفاتها، وهؤلاء قد اختلفوا في تلك الذوات القديمة.
فمنهم من قال إنّه جسم واختلف فيه، فقيل إنه الماء، ومنه إبداع الجواهر كلها من السماء والأرض وما بينهما، وقيل الأرض وحصل البواقي بالتلطيف، وقيل النار وحصل البواقي بالتكثيف، وقيل البخار وحصلت العناصر بعضها بالتلطيف وبعضها بالتكثيف، وقيل الخليط من كلّ شيء لحم وخبز وغير ذلك. فإذا اجتمع من جنس منها شيء له قدر محسوس ظن أنّه قد حدث ولم يحدث، إنما حدث الصورة التي أوجبها الاجتماع ويجئ في لفظ العنصر أيضا.
ومنهم من قال إنه ليس بجسم، واختلف فيه ما هو. فقالت الثنوية من المجوس النور والظلمة وتولّد العالم من امتزاجهما. وقال الحرمانيون منهم القائلون بالقدماء الخمسة النفس والهيولى وقد عشقت النفس بالهيولى لتوقّف كمالاتها على الهيولى فحصل من اختلاطها المكوّنات. وقيل هي الوحدة فإنها تحيّزت وصارت نقطا واجتمعت النقط خطا والخطوط سطحا والسطوح جسما. وقد يقال أكثر هذه الكلمات رموز لا يفهم من ظواهرها مقاصدهم. وذهب جالينوس إلى التوقّف. حكي أنّه قال في مرضه الذي مات فيه لبعض تلامذته أكتب عني أني ما علمت أنّ العالم قديم أو محدث وأن النفس الناطقة هي المزاج أو غيره. وأما القول بأنها حادثة بذواتها وقديمة بصفاتها فلم يقل به أحد لأنّه ضروري البطلان.
فائدة: الأجسام باقية خلافا للنّظّام فإنه ذهب إلى أنها متجددة آنا فآنا كالأعراض. وإن شئت توضيح تلك المباحث فارجع إلى شرح المواقف وشرح الطوالع.

الإرادة

الإرادة:
[في الانكليزية] Will
[ في الفرنسية] Volonte
هي في اللغة نزوع النفس وميلها إلى الفعل بحيث يحملها عليه. والنزوع الاشتياق، والميل المحبة والقصد، فعطف الميل على النزوع للتفسير. قيل وفائدته الإشارة إلى أنها ميل غير اختياري، ولا يشترط في الميل أن يكون عقيب اعتقاد النفع كما ذهب إليه المعتزلة، بل مجرد أن يكون حاملا على الفعل بحيث يستلزمه، لأنه مخصّص للوقوع في وقت ولا يحتاج إلى مخصّص آخر. وقوله بحيث متعلق بالميل، و [معنى] حمل الميل للنفس على الفعل جعلها متوجهة لإيقاعه. وتقال أيضا للقوة التي هي مبدأ النزوع، وهي الصفة القائمة بالحيوان التي هي مبدأ الميل إلى أحد طرفي المقدور.
والإرادة بالمعنى الأول أي بمعنى الميل الحامل على إيقاع الفعل وإيجاده تكون مع الفعل وتجامعه وأن تقدم عليه بالذات، وبالمعنى الثاني أي بمعنى القوة تكون قبل الفعل، وكلا المعنيين لا يتصوّر في إرادته تعالى. وقد يراد بالإرادة مجرد القصد عرفا، ومن هذا القبيل إرادة المعنى من اللفظ. وقال الإمام: لا حاجة إلى تعريف الإرادة لأنها ضرورية، فإنّ الإنسان يدرك بالبداهة التفرقة بين إرادته وعلمه وقدرته وألمه ولذّته.
وقال المتكلّمون إنها صفة تقتضي رجحان أحد طرفي الجائز على الآخر لا في الوقوع بل في الإيقاع، واحترز بالقيد الأخير عن القدرة، كذا ذكر الخفاجي في حاشية البيضاوي في تفسير قوله تعالى: ماذا أَرادَ اللَّهُ بِهذا مَثَلًا في أوائل سورة البقرة. وقال في شرح المواقف: الإرادة من الكيفيات النفسانية، فعند كثير من المعتزلة هي اعتقاد النفع أو ظنه. قالوا إن نسبة القدرة إلى طرفي الفعل على السوية، فإذا حصل اعتقاد النفع أو ظنه في أحد طرفيه ترجّح على الآخر عند القادر وأثّرت فيه قدرته.
وعند بعضهم الاعتقاد أو الظنّ هو المسمّى بالداعية. وأما الإرادة فهي ميل يتبع ذلك الاعتقاد أو الظنّ، كما أن الكراهة نفرة تتبع اعتقاد الضرر أو ظنه، فإنّا نجد من أنفسنا بعد اعتقاد أنّ الفعل الفلاني فيه جلب أو دفع ضرر ميلا إليه مترتبا على ذلك الاعتقاد، وهذا الميل مغاير للعلم بالنفع أو دفع الضرر ضرورة.
وأيضا فإن القادر كثيرا ما يعتقد النفع في فعل أو يظنه، ومع ذلك لا يريده ما لم يحصل له هذا الميل.
وأجيب عن ذلك بأنّا لا ندّعي أنّ الإرادة اعتقاد النفع أو ظنه مطلقا، بل هي اعتقاد نفع له أو لغيره ممن يؤثر خيره بحيث يمكن وصوله إلى أحدهما بلا ممانعة مانع من تعب أو معارضة. والميل المذكور إنما يحصل لمن لا يقدر على الفعل قدرة تامة، بخلاف القادر التام القدرة، إذ يكفيه العلم والاعتقاد على قياس الشوق إلى المحبوب، فإنه حاصل لمن ليس واصلا إليه دون الواصل إذ لا شوق له.
وعند الأشاعرة هي صفة مخصّصة لأحد طرفي المقدور بالوقوع في وقت معين، والميل المذكور ليس إرادة، فإن الإرادة بالاتفاق صفة مخصّصة لأحد المقدورين بالوقوع، وليست الإرادة مشروطة باعتقاد النفع أو بميل يتبعه، فإن الهارب من السبع إذا ظهر له طريقان متساويان في الإفضاء إلى النجاة فإنه يختار أحدهما بإرادته ولا يتوقف في ذلك الاختيار على ترجيح أحدهما لنفع يعتقده فيه ولا على ميل يتبعه انتهى. وفي البيضاوي والحق أنّ الإرادة ترجيح أحد مقدوريه على الآخر وتخصيصه بوجه دون وجه، أو معنى يوجب هذا الترجيح، وهي أعم من الاختيار، فإنه ميل مع تفضيل انتهى. أي تفضيل أحد الطرفين على الآخر كأنّ المختار ينظر إلى الطرفين والمريد ينظر إلى الطرف الذي يريده، كذا في شرح المقاصد. والمراد من الميل مجرّد الترجيح لا مقابل النفرة.

وقال الخفّاجي في حاشيته ما حاصله: إن هذا مذهب أهل السنّة، فهي صفة ذاتية قديمة وجودية زائدة على العلم ومغايرة له وللقدرة.
وقوله بوجه الخ، احتراز عن القدرة، فإنّها لا تخصّص الفعل ببعض الوجوه، بل هي موجدة للفعل مطلقا، وليس هذا معنى الاختيار كما توهم، بل الاختيار الميل أي الترجيح مع التفضيل، وهو أي التفضيل كونه أفضل عنده ممّا يقابله لأن الاختيار أصل وضعه افتعال من الخير. ولذا قيل: الاختيار في اللغة ترجيح الشيء وتخصيصه وتقديمه على غيره وهو أخصّ من الإرادة والمشيئة. نعم قد يستعمل المتكلمون الاختيار بمعنى الإرادة أيضا حيث يقولون إنه فاعل بالاختيار وفاعل مختار. ولذا قيل: لم يرد الاختيار بمعنى الإرادة في اللغة، بل هو معنى حادث، ويقابله الإيجاب عندهم، وهذا إمّا تفسير لإرادة الله تعالى أو لمطلق الإرادة الشاملة لإرادة الله تعالى؛ وعلى هذا لا يرد عليه اختيار أحد الطريقين المستويين، وأحد الرغيفين المتساويين للمضطر لأنّا لا نسلّم ثمّة أنّه اختيار على هذا، ولا حاجة إلى أن يقال إنه خارج عن أصله لقطع النظر عنه. وقد أورد على المصنّف أنّ الإرادة عند الأشاعرة الصفة المخصّصة لأحد طرفي المقدور وكونها نفس الترجيح لم يذهب إليه أحد. وأجيب بأنه تعريف لها باعتبار التعلّق، ولذا قيل: إنها على الأول مع الفعل وعلى الثاني قبله، أو أنه تعريف لإرادة العبد انتهى.
ثم اعلم أنّه قال الشيخ الأشعري وكثير من أصحابه: إرادة الشيء كراهة ضدّه بعينه، والحق أن الإرادة والكراهة متغايرتان، وحينئذ اختلفوا، فقال القاضي أبو بكر والغزالي: إنّ إرادة الشيء مع الشعور بضدّه يستلزم كون الضدّ مكروها عند ذلك المريد، فالإرادة مع الشعور بالضدّ مستلزمة لكراهة الضدّ، وقيل لا تستلزمها، كذا في شرح المواقف.
وعند السالكين هي استدامة الكدّ وترك الراحة كما في مجمع السلوك. قال الجنيد:
الإرادة أن يعتقد الإنسان الشيء ثم يعزم عليه ثم يريده. والإرادة بعد صدق النيّة، قال عليه الصلاة والسلام: «لكل امرئ ما نوى» كذا في خلاصة السلوك. وقيل الإرادة الإقبال بالكليّة على الحقّ والإعراض عن الخلق، وهي ابتداء المحبة كذا في بعض حواشي البيضاوي.

فائدة:
الإرادة مغايرة للشهوة، فإن الإنسان قد يريد شرب دواء كريه فيشربه ولا يشتهيه، بل يتنفّر عنه، وقد تجتمعان في شيء واحد فبينهما عموم من وجه. وكذا الحال بين الكراهة والنفرة إذ في الدواء المذكور وجدت النفرة دون الكراهة المقابلة للإرادة، وفي اللذيذ الحرام يوجد الكراهة من الزهاد دون النفرة الطبعية، وقد تجتمعان أيضا في حرام منفور عنه.

فائدة:
الإرادة غير التمنّي فإنها لا تتعلّق إلّا بمقدور مقارن لها عند أهل التحقيق، والتمنّي قد يتعلّق بالمحال الذاتي وبالماضي: وقد توهم جماعة أن التمني نوع من الإرادة حتى عرّفوه بأنه إرادة ما علم أنه لا يقع أو شكّ في وقوعه. واتفق المحققون من الأشاعرة والمعتزلة على أنهما متغايران.

فائدة:
الإرادة القديمة توجب المراد، أي إذا تعلّقت إرادة الله تعالى بفعل من أفعال نفسه لزم وجود ذلك الفعل وامتنع تخلّفه عن إرادته اتفاقا من الحكماء وأهل الملّة. وأمّا إذا تعلّقت بفعل غيره ففيه خلاف. المعتزلة القائلين بأن معنى الأمر هو الإرادة فإنّ الأمر لا يوجب وجود المأمور به كما في العصاة.
وأمّا الإرادة الحادثة فلا توجبه اتفاقا، يعني أنّ إرادة أحدنا إذا تعلّقت بفعل من أفعاله فإنها لا توجب ذلك المراد عند الأشاعرة، وإن كانت مقارنة له عندهم، ووافقهم في ذلك الجبائي وابنه وجماعة من المتأخرين من المعتزلة. وجوّز النّظام والعلّاف وجعفر بن حرب وطائفة من قدماء معتزلة البصرة إيجابها للمراد إذا كانت قصدا إلى الفعل، وهو أي القصد ما نجده من أنفسنا حال الإيجاد، لا عزما عليه، ليقدم العزم على الفعل، فلا يتصوّر إيجابه إياه؛ فهؤلاء أثبتوا إرادة متقدّمة على الفعل بأزمنة هي العزم ولم يجوّزوا كونها موجبة، وإرادة مقارنة له هي القصد وجوّزوا إيجابها إياه. وأمّا الأشاعرة فلم يجعلوا العزم من قبيل الإرادة، بل أمرا مغايرا لها.
اعلم أنّ العلماء اختلفوا في إرادته تعالى، فقال الحكماء: إرادته تعالى هي علمه بجميع الموجودات من الأزل إلى الأبد، وبأنه كيف ينبغي أن يكون نظام الوجود حتى يكون على الوجه الأكمل، وبكيفية صدوره عنه تعالى حتى يكون الموجود على وفق المعلوم على أحسن النّظام، من غير قصد وشوق، ويسمون هذا العلم عناية. قال ابن سينا: العناية هي إحاطة علم الأول تعالى بالكلّ وبما يجب أن يكون عليه الكلّ حتى يكون على أحسن النظام، فعلم الأول بكيفية الصواب في ترتيب وجود الكلّ منبع لفيضان الخير والجود في الكلّ من غير انبعاث قصد وطلب من الأول الحقّ. وقال أبو الحسين وجماعة من رؤساء المعتزلة كالنّظام والجاحظ والعلّاف وأبي القاسم البلخي وو محمود الخوارزمي: إرادته تعالى علمه بنفع في الفعل، وذلك كما يجده كلّ عاقل من نفسه إن ظنّه، أو اعتقاده لنفع في الفعل، يوجب الفعل؛ ويسميه أبو الحسين بالداعية، ولما استحال الظنّ والاعتقاد في حقّه تعالى انحصرت داعيته في العلم بالنفع. ونقل عن أبي الحسين وحده أنّه قال: الإرادة في الشاهد زائدة على الدّاعي، وهو الميل التّابع للاعتقاد أو الظنّ.

وقال الحسين الــنّجّار: كونه تعالى مريدا أمر عدميّ، وهو عدم كونه مكرها ومغلوبا، ويقرب منه ما قيل: هي كون القادر غير مكره ولا ساه.

وقال الكعبي: هي في فعله العلم بما فيه من المصلحة، وفي فعل غيره الأمر به.
وقال أصحابنا الأشاعرة ووافقهم جمهور معتزلة البصرة: إنها صفة مغايرة للعلم والقدرة، توجب تخصيص أحد المقدورين بالوقوع بأحد الأوقات، كذا في شرح المواقف. ويقرب منه ما قال الصوفية على ما وقع في الإنسان الكامل من أنّ الإرادة صفة تجلّي علم الحقّ على حسب المقتضى الذاتي، وذلك المقتضى هو الإرادة، وهي تخصيص الحقّ تعالى لمعلوماته بالوجود على حسب ما اقتضاه العلم، فهذا الوصف فيه يسمّى إرادة. والإرادة المخلوقة فينا هي عين إرادته تعالى، لكن بما نسبت إلينا، كان الحدوث اللازم لنا لازما لوصفنا، فقلنا بأنّ إرادتنا مخلوقة، وإلّا فهي بنسبتها إلى الله تعالى عين إرادته تعالى، وما منعها من إبراز الأشياء على حسب مطلوباتها إلّا نسبتها إلينا، وهذه النسبة هي المخلوقية، فإذا ارتفعت النسبة التي لها إلينا ونسبت إلى الحقّ على ما هي عليه انفعلت بها الأشياء، فافهم. كما أنّ وجودنا بنسبته إلينا مخلوق وبنسبته إليه تعالى قديم، وهذه النسبة هي الضرورية التي يعطيها الكشف والذوق، إذ العلم قائم مقام العين، فما ثم إلّا هذا فافهم.
واعلم أنّ الإرادة الإلهية المخصّصة للمخلوقات على كل حال وهيئة صادرة عن غير علّة ولا سبب، بل بمحض اختيار إلهي، لأن الإرادة حكم من أحكام العظمة ووصف من أوصاف الألوهية، فألوهيته وعظمته لنفسه لا لعلّة، وهذا بخلاف رأي الإمام محي الدين في الفتوحات، فإنه قال: لا يجوز أن يسمّى الله تعالى مختارا فإنه لا يفعل شيئا بالاختيار، بل يفعله على حسب ما يقتضيه العالم من نفسه، وما اقتضاه العالم من نفسه إلّا هذا الوجه الذي هو عليه، فلا يكون مختارا، انتهى.
واعلم أيضا أنّ الإرادة أي الإرادة الحادثة لها تسعة مظاهر في المخلوقات، المظهر الأول هو الميل، وهو انجذاب القلب إلى مطلوبه، فإذا قوي ودام سمّي ولعا وهو المظهر الثاني.
ثم إذا اشتدّ وزاد سمّي صبابة، وهو إذا أخذ القلب في الاسترسال فيمن يحبّ فكأنّه انصبّ الماء إذا أفرغ لا يجد بدّا من الانصباب، وهذا مظهر ثالث. ثم إذا تفرّغ له بالكليّة وتمكّن ذلك منه سمّي شغفا، وهو المظهر الرابع. ثم إذا استحكم في الفؤاد وأخذه من الأشياء سمّي هوى، وهو المظهر الخامس. ثم إذا استولى حكمه على الجسد سمّي غراما، وهو المظهر السادس. ثم إذا نمى وزالت العلل الموجبة للميل سمّي حبّا، وهو المظهر السابع. ثمّ إذا هاج حتى يفنى المحبّ عن نفسه سمّي ودّا، وهو المظهر الثامن. ثم إذا طفح حتى أفنى المحبّ والمحبوب سمّي عشقا، وهو المظهر التاسع. انتهى كلام الإنسان الكامل.
الإرادة: صفة توجب للحي حالاً يقع منه الفعل على وجه دون وجه.
الإرادة: صفة توجب للحي حالا يقع منه الفعل على وجه دون وجه ولا يتعلق دائما إلا بمعدوم فإنها صفة تخصص أمرا بحصوله ووجوده، ذكره ابن الكمال. وقال الراغب: في الأصل قوة مركبة من شهوة وحاجة وأمل، وجعلت اسما لنزوع النفس إلى الشيء مع الحكم بأنه ينبغي أن يفعل أولا ثم يستعمل مرة في المبدأ وهو نزوع النفس إلى الشيء، وتارة في المنتهى وهو الحكم فيه بأنه استعملت في الله أريد المنتهى دون المبدأ لتعاليه عن معنى النزوع، فمعنى أراد الله كذا حكم فيه أنه كذا وليس كذا، وقد يراد بالإرادة معنى الأمر نحو أريد منك كذا ومعنى القصد نحو {نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا} .
وعند الصوفية الإرادة ترك العادة، وهي بدء طريق السالكين وأول منازل القاصدين وقيل هو توديع الوسادة وأن يحمل من الوقت زاده وأن يألف سهاده وأن يهجر رقاده، وقيل: لوعة تهون كل روعة.

الفَتْنُ

الفَتْنُ، (بالفتح) : الفَنُّ، والخالُ،
ومنه: العَيْشُ فَتْنانِ، أي: لَوْنانِ، حُلْو ومُرٌّ، والإِحْراقُ،
ومنه: {على النَّارِ يُفْتَنُون} .
والفِتْنَةُ، بالكسر: الخِبْرَةُ،
كالمفْتُونِ،
ومنه: {بأَيِّكُمُ المَفْتُونُ} ، وإِعْجابُكَ بالشيءِ، وفَتَنَه يَفْتِنُه فَتْناً وفُتوناً وأفْتَنَه، والضلالُ، والإِثْمُ، والكُفْرُ، والفَضِيحَةُ، والعذَابُ، وإِذابَةُ الذَّهَبِ والفِضَّةِ، والإِضْلالُ، والجُنونُ، والمِحْنَةُ، والمالُ، والأَوْلادُ، واخْتِلافُ الناسِ في الآراء.
وفَتَنَه يَفْتِنُهُ: أوْقَعَهُ في الفِتْنَةِ،
كفَتَّنَه وأفْتَنَه، فهو مُفْتَنٌ ومَفْتُونٌ، ووَقَعَ فيها، لازِمٌ مُتَعَدٍّ،
كافْتَتَنَ فيهما،
وـ إلى النساءِ فُتوناً،
وفُتِنَ إليهِنَّ بالضم: أرادَ الفُجُورَ بِهِنَّ. وكأَميرٍ: الأرضُ الحَرَّةُ السَّوداءُ
ج: ككُتُبٍ.
والفَتَّانُ: اللِّصُّ، والشَّيْطانُ،
كالفاتِنِ، والصائغُ.
والفَتَّانانِ: الدِّرْهَمُ والدِّينارُ، ومُنْكَرٌ ونَكِيرٌ.
والفَيْتَنُ، كحَيْدَرٍ: الــنَّجَّارُ.
وفاتُونُ: خَبَّازُ فِرْعَوْنَ، قَتيلُ موسَى.
والفَتْنانِ: الغُدْوَةُ والعَشِيُّ.
والفِتانُ، ككِتابٍ: غِشاءٌ للرَّحْلِ من أدَمٍ. وكصاحِبٍ وزُبيرٍ: اسْمانِ.
والمَفْتونُ: المجنونُ.

النَّهَمُ

النَّهَمُ، محرَّكةً،
والنَّهامَةُ، كسَحابَةٍ: إفْراطُ الشَّهْوَةِ في الطعامِ، وأن لا تَمْتَلِئ عَيْنُ الآكِلِ ولا يَشْبَعَ، نَهِمَ، كفَرِحَ، وعُنِيَ، فَهو نَهِمٌ ونَهِيمٌ ومَنْهُومٌ.
والنَّهْمَةُ: الحاجةُ، وبُلوغُ الهِمَّةِ والشهوةِ في الشيء.
وهو منْهومٌ، بكذا: مُولَعٌ به،
وقد نَهِمَ، كفَرِحَ.
ونَهَمَ، كضَرَبَ: نَحَمَ.
والنَّهْمُ والنَّهِيمُ: صَوْتٌ، وتَوَعُّدٌ، وزَجْرٌ، وقد نَهَمَ يَنْهِمُ.
ونَهْمَةُ الأَسَدِ والرجلِ: نَأْمَتُهُ.
ونَهَمَ إبلَهُ، كَمَنَعَ وضَرَبَ، نَهْماً ونَهِيماً ونَهْمَةً: زَجَرَها بصَوْتٍ.
وناقَةٌ مِنْهامٌ: تُطيعُ على الزَّجْرِ
ج: مَناهيمُ.
والنَّهامُ والنَّهامِيُّ، منْسوباً مُثَلَّثَيْنِ: الحَدَّادُ، والــنَّجَّارُ.
والمَنْهَمَةُ: موضِعُ النَّجْرِ.
أو النِّهامِيُّ، بالكسر: صاحِبُ الدَّيْرِ، ويُضَمُّ، والطريقُ السَّهْلُ.
ونِهْمٌ، بالكسر: ابنُ ربيعةَ، أبو بَطْنٍ، وبالضم: شَيْطَانٌ، أو صَنَمٌ لمُزَيْنَةَ،
وبه سَمَّوْا عَبدَ نُهْمٍ. وكزُفَرَ: ابنُ عبدِ اللهِ بنِ كعبِ بنِ رَبيعَةَ بنِ عامِرِ بن صَعْصَعَةَ. وكغُرابٍ: طائِرٌ، أو البومُ، والراهِبُ في الدَّيْرِ. وكشدَّادٍ: الأَسَدُ،
كالنَّهَّامَةِ، واللَّقَمُ الواضِحُ.
والنَّهْمُ: الحَذْفُ بالحَصا وغيره.
وناهَمَه: أخذَ معه في النَّهيمِ.

تاريخ بخارا

تاريخ بخارا
لأبي عبد الله: محمد بن أحمد بن محمد، المعروف: بغــنجار البخاري.
المتوفى: سنة اثنتي عشرة وأربعمائة.
ولأبي عبد الله: محمد بن أحمد بن سليمان البخاري.
المتوفى: سنة اثنتي عشرة وثلاثمائة.

البَرَمُ

البَرَمُ، محرَّكةً: مَنْ لا يَدْخُلُ معَ القَوْمِ في المَيْسِرِ.
وفي المَثَلِ: "أبَرَماً قَروناً"، أَي: ثَقيلٌ، ويأكُلُ مَعَ ذلك تَمْرَتَيْنِ تَمْرَتَيْنِ
ج: أبْرامٌ، والسآمَةُ، والضَّجَرُ،
وقد بَرِمَ به، كَفَرِحَ، وثَمَرُ العِضاهِ،
ومُجْتَنِيه: المُبْرِمُ، كمُحْسِنٍ، وحَبُّ العِنَبِ إذا كان مِثْلَ رُؤُوسِ الذَّرِّ،
وقد أبْرَمَ الكَرْمُ، وقِنانٌ من الجبالِ، وناقةٌ، وجَمْعُ البَرَمَةِ للْأَراكِ،
كالبِرامِ.
وأبْرَمَهُ فبَرِمَ، كفرِحَ،
وتَبَرَّمَ: أمَلَّهُ فَمَلَّ.
وأبْرَمَ الحَبْلَ: جَعَلَه طاقَيْنِ ثم فَتَلَهُ،
وـ الأَمرَ: أحْكَمَهُ،
كَبَرَمَه، بَرْماً.
والمَبَارِمُ: المَغَازِلُ التي يُبْرَمُ بها.
والبَرِيمُ، كأَميرٍ: الصُّبْحُ، وخَيْطانِ مُخْتَلِفَانِ أحْمَرُ وأبيضُ، تَشُدُّهُ المرأةُ على وَسَطِهَا وعَضُدها، وكُلُّ ما فيه لَوْنَانِ مُخْتَلِطَانِ، وحَبْلٌ للمرأةِ فيه لَوْنَانِ مُزَيَّنٌ بجَوْهَرٍ، والدَّمْعُ المُخْتَلِطُ بالإِثْمِدِ، ولَفيفُ القَوْمِ، والجيشُ لأَنَّ
فيه أخْلاطاً من الناسِ، (أَو لأَلوانِ شِعارِ القبائِلِ) ، والعُوذَةُ، وقَطيعُ الغنَمِ ضَأنٌ ومِعْزَى، والمُتَّهَمُ.
واشْوِ لَنا من بَريمِهَا، أي: كَبِدِها وسَنامِها يُقَدَّانِ طولاً ويُلَفَّانِ بِخَيْطٍ أَو غيرِهِ، سُمِّيا لبياضِ السَّنامِ وسَوادِ الكَبِدِ.
والبُرْمَةُ، بالضم: قِدْرٌ من حِجارَةٍ
ج: بُرْمٌ، بالضم. وكصُرَدٍ وجِبالٍ وكمُحْسِنٍ: صانِعُهَا، أو مَن يَقْتَلِعُ حِجارَتَها من الجِبالِ، والثقيلُ كأَنَّهُ يَقْتَطِعُ من جُلَسائِهِ شيئاً، والغَثُّ الحديثِ. وكمُكْرَمٍ: الثَّوْبُ المَفْتُولُ الغَزْلِ طاقَيْنِ، وجنْسٌ من الثِّيابِ.
والبَيْرَمُ: العَتَلَةُ، أو عَتَلَةُ الــنَّجَّارِ خاصَّةً، والكُحْلُ المُذَابُ،
كالبَرَم، محرَّكةً، والبِرْطيلُ، وكغُرابٍ: القُراد
ج: أبْرِمَةٌ.
وبَرِمَ بحُجَّتِهِ، كعَلِمَ: إذا نَواها فلم تَحْضُرْهُ.
وأبْرَمُ، كأَحْمَدَ: د، أو نَبْتٌ.
وبُرْمٌ، بالضم: ع، وبهاء: اسْمٌ.
وكسَحابٍ وقَطامِ: ع. وكجُهَيْنَةَ: اسْمٌ.
ومَبْرَمانُ: لَقَبُ أبي بَكْرٍ الأَزَمِيِّ.

الْفَاعِل

الْفَاعِل: عِنْد النُّحَاة اسْم أسْند إِلَيْهِ الْفِعْل الْمَعْلُوم أَو شبهه بالإصالة الْمُقدم عَلَيْهِ مثل ضرب زيد وَطَالَ زيد وَمَات زيد.
(الْفَاعِل) الْعَامِل والقادر والــنجار وَمن يسْتَأْجر لأعمال الْبناء والحفر وَنَحْوهمَا و (فِي اصْطِلَاح النُّحَاة) اسْم أسْند إِلَيْهِ فعل أُصَلِّي الصِّيغَة أَو شبه فعل مُتَقَدم عَلَيْهِ

النَّقْفُ

النَّقْفُ: كَسْرُ الهامَةِ عن الدِّماغِ، أو ضَرْبُها أَشَدَّ ضَرْبٍ، أو برُمْحٍ أو عَصاً، وثَقْبُ البَيْضَةِ، وشَقُّ الحَنْظَلِ عن الهَبيد،
كالإِنْقافِ والانْتِقافِ، وهو مَنْقُوفٌ وَنَقيفٌ، وبالكسر: الفَرْخُ حين يَخْرُجُ من البيضة، ويُفْتَحُ، وحينئذٍ يكونُ تَسْميَةً بالمَصْدَرِ، وبالضمِ: جمعُ النَّقيفِ من الجُذوعِ.
ورجلٌ نَقَّافٌ، كشَدَّادٍ وكِتابٍ: ذو تَدْبيرٍ ونَظَرٍ. وكشَدَّادٍ: سائِلٌ مُبْرِمٌ، أو حَريصٌ على السُّؤالِ، وهي: بهاءٍ، أو لِصٌّ يَنْتَقِفُ ما يَقْدِرُ عليه. وكمِصْباحٍ: مِنْقارُ الطائرِ، ونَوْعٌ من الوَزَغِ، أو عَظْمُ دُوَيْبَّةٍ بَحْرِيَّةٍ يُصْقَلُ به الوَرَقُ والثيابُ.
ونَحَتَ الــنَّجَّارُ العُودَ، وتَرَكَ فيه مَنْقَفاً، كَمَقْعَدٍ: إذا لم يُنْعِمْ نَحْتَهُ.
وجِذْعٌ نَقيفٌ ومَنْقوفٌ: أكَلَتْهُ الأرَضَةُ.
والمَنْقُوفُ: الرجُلُ الدَّقيقُ القَليلُ اللَّحْمِ، أو الضامِرُ الوَجهِ، أو المُصْفَرُّه، والجَمَلُ الخَفيفُ الأخْدَعَيْنِ، والضَّعيفُ.
وعَيْنانِ مَنْقوفَتانِ: مُحْمَرَّتانِ.
ونَقَفَ الشَّرابَ: صَفَّاهُ أو مَزَجَهُ.
والنَّقَفَةُ، مُحرَّكةً، في رأسِ الجَبَلِ: وُهَيْدَةٌ.
والأنْقوفَةُ، بالضم: ما تَنْزِعُهُ المرأةُ من مِغْزَلها إذا كَمَّلَتْ.
وجاءا في نِقافٍ واحِدٍ، بالكسر، أي: في نِقابٍ.
وأنْقَفْتُكَ المُخَّ: أعْطَيْتُكَ العَظْمَ تَسْتَخْرِجُ مُخَّهُ.
وأنْقَفَ الجَرادُ الوادِيَ: أكْثَرَ بَيْضَهُ فيه.
ورجُلٌ مُنْقَفُ العِظامِ، كمُكْرَمٍ: بادِيها.
والمُناقَفَةُ والنِّقافُ: المُضارَبَةُ بالسُّيوفِ على الرُّؤوسِ.
وانْتَقَفَهُ: اسْتَخْرَجَهُ.

العَتَلَةُ

العَتَلَةُ، محرَّكةً: المَدَرَةُ الكبيرَةُ تَنْقَلِعُ من الأرضِ، وحَديدَةٌ كأَنَّها رأسُ فَأسٍ، أو العَصا الضَّخْمةُ من حَديدٍ، لها رَأسٌ مُفَلْطَحٌ، يُهْدَمُ بها الحائِطُ، وبَيْرَمُ الــنَّجَّارِ والمُجْتابِ، والناقةُ لا تُلْقَحُ، والهِراوَةُ الغليظَةُ، والقَوْسُ الفارِسِيَّةُ
ج: عتَلٌ. وبِلا لامٍ: عَتَلَةُ بنُ عبدٍ السُّلَمِيُّ غَيَّرَ النبي صلى الله عليه وسلم اسْمَه، وسَمَّاهُ: عُتْبَةَ.
والعُتُلُّ، بضمتينِ مُشَدَّدَةَ اللامِ: الأكولُ المَنيعُ الجافي الغليظُ، والرُّمْحُ الغليظُ، وكأَميرٍ: الأجيرُ والخادِمُ
ج: عُتَلاءُ.
وداءٌ عَتيلٌ: شديدٌ.
والعُنْتُلُ، كقُنْفُذٍ وجُنْدَبٍ: البَظْرُ.
وعَتَلَهُ يَعْتِلُه ويَعْتُلُه فانْعَتَلَ: جَرَّهُ عَنيفاً فَحَمَلَهُ.
وهو مِعْتَلٌ كمِنْبَرٍ: قَوِيٌّ على ذلك،
وـ الناقَةَ: قادَها.
وعَتِلَ إلى الشّرِّ، كفرِحَ،
فهو عَتِلٌ: أسْرَعَ،
وعَنْتَلَهُ: خَرَّقَهُ قِطَعاً،
ولا أتَعَتَّلُ معكَ: لا أبْرَحُ مكاني.
والعِتْوَل، كدِرْهَمٍ: مَن ليس عندَه غَناءٌ للنساءِ.
والظِباءُ العَناتِلُ: التي تَقْطَعُ الأَكِيلَةَ قِطَعَاً.

النَّفْعُ

النَّفْعُ، كالمَنْعِ: م، وقد انْتَفَعَ.
والاسمُ: المَنْفَعَةُ والنَّفاعُ والنَّفيعَةُ.
ورجلٌ نَفُوعٌ: نَفَّاعٌ، ج: نُفُعٌ، بالضم. ومَنْفَعَةُ بنُ كُلَيْبٍ: تابِعيٌّ، وأبو مَنْفَعَةَ الثَّقَفيُّ: صحابيٌّ، وليس مُصَحَّفَ أَبو مَنْقَعَةَ الأَنْمارِيُّ بالقافِ. ونافِعٌ: مَوْلىً للنبيِّ، صلى الله عليه وسلم، وآخَرُ: لابنِ عُمَرَ، رضي الله تعالى عنهما، وسِجْنٌ بَناهُ عليٌّ رضي الله تعالى عنه، ومِخْلافٌ باليَمنِ. وكزُبَيْرٍ: جبلٌ بمكةَ كان الحَارثُ المَخْزُوميُّ يَحْبِسُ فيه سُفَهاءَ قَوْمِه، ومَوْلىً للنبيِّ، صلى الله عليه وسلم، وكشَدّادٍ: اسمٌ.
والنُّفَيْعِيَّةُ، كحُسَيْنِيَّةٍ: ة بِسِــنْجارَ.
والنَّفْعَةُ: العَصا، فَعْلَةٌ، من النَّفْعِ، ج: نَفَعاتٌ، محرَّكةً.
وأَنْفَعَ: اتَّجَرَ فيها،
وـ بالكسرِ: يكونُ في جانِبَيِ المَزادةِ يُشَقُّ أَديمٌ؛ فَيُجْعَلُ في كلِّ جانِبٍ نِفْعَةٌ، ج: نِفْعٌ، بالكسر، وكعِنَبٍ.

الكِرْسُ

الكِرْسُ:
قرية من قرى اليمامة لم تدخل في صلح خالد في أيام مسيلمة الكذاب، وقال الحفصي: الكرس، بكسر الكاف، نخل لبني عدي، وقد أنشد أبو زياد الكلابي:
أشاقتك الديار بهضب حرس ... كخطّ معلّم ورقا بنقس
وقفت بها ضحى يومي وأمسي ... من الأطراف حتى كدت أعسي
وأظعان طلبت لأهل سلمى ... تباهي في الحرير وفي الدّمقس
كأنّ حمولهنّ مولّيات ... نخيل العرض أو نخل بكرس
الكِرْسُ، بالكسر: أبْياتٌ من الناسِ مُجْتَمِعَةٌ
ج: أكْرَاسٌ
جج: أكارِسُ وأكاريسُ، وما يُبْنَى لطُلْيَانِ المِعْزَى مثلَ بَيْتِ الحَمامِ.
وأكْرَسَهَا: أدْخَلَهَا فيه، والصَّاروجُ، والصوابُ باللامِ، ونَخْلٌ لِبَنِي عَدِيٍّ، والبَعَرُ، والبَوْلُ المُتَلَبِّدُ بعضُهُ على بعضٍ، وواحِدُ أكْراسِ القَلائِدِ والوُشُحِ ونحوِهَا.
قِلادَةٌ ذاتُ كِرْسَيْنِ وذاتُ أكْراسٍ: إذا ضَمَمْتَ بعضَها إلى بعضٍ.
والكَرَوَّسُ، كَعَمَلَّسٍ وقد تُضَمُّ الواوُ، والعظيمُ الرأسِ من الناسِ، والأسْوَدُ، والجملُ العظيمُ الفَرَاسِنِ، الغَلِيظُ القَوائِمِ.
وكَرْسَى، كَسَكْرَى: ع بينَ جَبَلَي سِــنْجَارَ.
والكُرْسِيُّ، بالضم وبالكسر: السَّريرُ، والعِلْمُ
ج: كَرَاسِيُّ،
وة بطَبَرِيَّةَ، جَمَعَ عيسَى عليه الصلاة والسلام الحَوارِيِّينَ فيها، وأنفَذَهُمْ إلى النَّواحِي.
والكُرَّاسَةُ، واحِدَةُ الكُرَّاسِ والكَراريسِ: الجُزْءُ من الصَّحيفةِ.
والكِرْيَاسُ: الكَنيفُ في أعلى السَّطحِ بِقَناةٍ من الأرضِ،
فِعْيَالٌ من الكِرْسِ: للبَوْلِ والبَعَرِ المُتَلَبِّدِ.
وأكْرَسَتِ الدابة: صارَتْ ذاتَ كِرْسٍ.
والقِلاَدَةُ المُكْرَسَةُ والمُكَرَّسَةُ: أن يُنْظَمَ اللُّؤْلُؤُ والخَرَزُ في خَيْطٍ، ثم يُضَمَّا بِفُصولٍ بِخَرَزٍ كبارٍ. وكمُعَظَّمٍ: التارُّ القصيرُ الكثيرُ اللَّحْمِ.
والتَّكْرِيسُ: تأسيسُ البِنَاء.
وانْكَرَسَ عليه: انْكَبَّ.
وـ في الشيء: دَخَلَ فيه مُنْكَبّاً.

السَّبْرُ

السَّبْرُ: امْتِحانُ غَوْرِ الجُرْحِ وغيرِهِ،
كالاسْتِبارِ، والأَسَدُ، والأَصلُ، واللَّوْنُ، والجَمَالُ، والهَيْئةُ الحَسَنَةُ، ويكسرُ في الأَرْبَعَةِ.
والمَسْبورُ: الحَسَنُها، وبالكسرِ: العَداوةُ، والسُّبَّةُ.
والسَّبْرَةُ، بالفتح: الغَداةُ البارِدةُ
ج: سَبَراتٌ. وسَبْرَةُ بنُ أبي سَبْرَةَ، وابنُ عَمْرٍو، وابنُ فاتِكٍ، وابنُ الفاكِهِ: صحابيُّونَ. وأبو بكرِ بنُ أبي سَبْرَةَ السَّبْرِيُّ: مُفْتي المدينةِ.
وسِبْرِتُ، (كزِبْرِجٍ) : د بالمَغْرِبِ.
والسَّابِرِيُّ: ثوبٌ رَقيقٌ جَيِّدٌ، ومنه:
عَرْضٌ سابِرِيٌّ، لأَنَّهُ يُرْغَبُ فيه بأَدْنَى عَرْضٍ، وتمرٌ طَيِّبٌ ودِرْعٌ دَقيقةُ النَّسجِ في إحكامٍ وسابور: مَلِكٌ، مُعَرَّبُ شَاهْبور، وكُورَةٌ بِفارِسَ مَدِينَتُها نَوْبَنْدَجانُ. وأحمدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ سابورَ، وعبدُ اللهِ بنُ محمدِ بنِ سابورَ الشِّيرازِيُّ: محدِّثانِ.
والسُّبْرُورُ: الفقير، وأرضٌ لا نباتَ بها.
والسِّبارُ، ككِتابٍ،
والمِسْبارُ: ما يُسْبَرُ به الجُرْحُ. وعبدُ المَلِكِ بنُ عبدِ الرحمنِ السِّبارِيُّ: حَدَّثَ بتاريخِ بُخارى عن مُؤَلِّفه غُــنْجارَ. وكصُرَدٍ وقُتْرَةٍ: طائرٌ. وكصُرَدٍ أو قُتْرَةٍ أو زُبَيْرٍ: بئرٌ عادِيَّةٌ لِتَيْمِ الرِّبابِ. وكَبَقَّمٍ: كثيِبٌ بينَ بَدْرٍ والمدينةِ. وكتَنُّومةٍ: جَريدةٌ من الأَلْواحِ يُكْتَبُ عليها، فإذا اسْتَغْنَوْا عنها، مَحَوْها.
والمُسْبَئِرُّ، كمُقْشَعِرٍّ: الذَّاهِبُ تَحْتَ اللَّيلِ.

الثَّرَّةُ

الثَّرَّةُ من العُيونِ: الغَزيرَةُ،
كالثَّرَّارَةِ والثَّرْثارَةِ والثُّرْثُورَةِ، والناقةُ، (أو الشاةُ) الواسِعَةُ الإِحْليلِ، والغَزيرَةُ منهما،
كالثَّرورِ، ج: ثُرورٌ وثِرارٌ، والطَّعْنَةُ الكثيرَةُ الدَّمِ. وثَرَّ يَثُرُّ مُثَلَّثَ الآتِي ثَرّاً وثُرورَةً وثَرارَةً وثُروراً في الكُلِّ، والمرأةُ الكثيرةُ في الكلامِ،
كالثَّارَّةِ والثَّرْثارَةِ.
والثَّرُّ: التَّفْريقُ والتَّبْديدُ،
كالثَّرْثَرَةِ، والواسِعُ. والمِكْثارُ،
وـ مِن السَّحابِ: الكثيرُ الماءِ.
والثَّرْثارُ: المِهْذارُ، والصَّيَّاحُ، ونَهْرٌ، أو وادٍ كبيرٌ بينَ سِــنْجَارَ وتَكْريتَ.
والإِثْرارَةُ، بالكسر: الأَنْبِرْبارِيسُ.
والثُّرْثُورُ الكبيرُ والصَّغيرُ: نَهْرانِ بإِرْمينِيَّةَ.
وثَرَّرَ بالمكانِ تَثْريراً: نَدَّاهُ.
والثَّرْثَرَةُ: كَثْرَةُ الكَلامِ، وتَرْدِيدُهُ، والإِكْثارُ من الأَكْلِ، وتَخْليطُهُ.
وفَرَسٌ ثَرٌّ، ومُنْثَرٌّ: سَريعُ الرَّكْضِ.

النَّهيتُ

النَّهيتُ والنُّهاتُ: الزَّئيرُ، والزَّحِيرُ، وفِعْلُه: كضَرَبَ.
والنَّهَّاتُ: النَّهَّاقُ، والزَّحَّارُ، والأَسَدُ،
كالمُنْهِتِ، كمُحْسِنٍ ومِنْبَر، وفَرَسُ لاحِقِ بنِ الــنَّجَّارِ. والنَّاهِتُ: الحَلْقُ.

الْإِرَادَة

الْإِرَادَة: صفة توجب للحي حَالَة لأَجلهَا يَقع مِنْهُ الْفِعْل على وَجه دون وَجه. وَبِعِبَارَة أُخْرَى هِيَ صفة فِي الْحَيّ تخصص بعض الأضداد بالوقوع دون الْبَعْض وَفِي بعض الْأَوْقَات دون الْبَعْض مَعَ اسْتِوَاء نِسْبَة قدرَة ذَلِك الْحَيّ إِلَى الْكل. وَقَالَ الْعَلامَة التَّفْتَازَانِيّ رَحمَه الله هما أَي الْإِرَادَة والمشيئة عبارتان عَن صفة فِي الْحَيّ توجب تَخْصِيص أحد المقدورين فِي أحد الْأَوْقَات بالوقوع مَعَ اسْتِوَاء نِسْبَة الْقُدْرَة إِلَى الْكل وَكَون تعلق الْعلم تَابعا للوقوع. قَوْله (وَكَون تعلق الْعلم) مَعْطُوف على قَوْله تَخْصِيص أحد المقدورين وغرضه رَحمَه الله من هَذَا الْبَيَان ثَلَاثَة أُمُور أَحدهَا الرَّد على الكرامية الْقَائِلين بِأَن الْمَشِيئَة قديمَة والإرادة حَادِثَة قَائِمَة بِذَات الله تَعَالَى وَثَانِيها الرَّد على الــنجار وَكثير من معتزلة بَغْدَاد حَيْثُ زَعَمُوا أَن معنى إِرَادَة الله تَعَالَى فعله أَنه لَيْسَ بمكره وَلَا ساه وَلَا مغلوب أَي لَا مَجْنُون وَمعنى إِرَادَته فعل غَيره أَنه آمُر بِهِ يَعْنِي أَن مَا لَا يكون مَأْمُورا بِهِ لَا يكون مرادفا فالإرادة عِنْدهم عين الْأَمر وَثَالِثهَا إِثْبَات الْمُغَايرَة بَين الْإِرَادَة وَالْعلم ردا على الكعبي الْقَائِل بِأَن إِرَادَته تَعَالَى لفعله الْعلم بِهِ وعَلى الْمُحَقِّقين من الْمُعْتَزلَة وهم النظام والعلاف وَأَبُو الْقَاسِم الْبَلْخِي والجاحظ الْقَائِلين بِأَن الْإِرَادَة عين الْعلم بِمَا فِي الْفِعْل من الْمصلحَة. أما وَجه الرَّد الأول فَإِنَّهُمَا مُتَرَادِفَانِ فَقدم أَحدهمَا مُسْتَلْزم لقدم الآخر وحدوث أَحدهمَا لحدوث الآخر فَالْقَوْل بحدوث أَحدهمَا وَقدم الآخر لَيْسَ بِصَحِيح لَكِن لَا يخفى أَن لَهُم أَن يمنعوا الترادف. وَأما وَجه الرَّد الثَّانِي فَإِن الْإِرَادَة والمشيئة مترادفتان وَقد تقرر أَن المشيء لَا يتَخَلَّف عَن الْمَشِيئَة لقَوْله تَعَالَى {وَلَو شَاءَ رَبك لآمن من فِي الأَرْض كلهم جَمِيعًا} . فَالْمُرَاد أَيْضا لَا يتَخَلَّف عَن الْإِرَادَة وَأَنه تَعَالَى أَمر كل مُكَلّف بِالْإِيمَان وَلم يُوجد الْمَأْمُور بِهِ عَن الْبَعْض فَلَو كَانَ الْإِرَادَة والمشيئة عين الْأَمر لما تخلف الْمَأْمُور بِهِ عَن الْأَمر لِأَن المُرَاد لَا يتَخَلَّف عَن الْإِرَادَة.

وَالْجَوَاب: بِأَنا لَا نسلم عدم تخلف المشيء وَالْمرَاد عَن الْمَشِيئَة والإرادة لجَوَاز أَن يأول قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام مَا شَاءَ الله كَانَ وَمَا اشْتهر من السّلف وَالْخلف مَا شَاءَ الله كَانَ وَمَا لم يَشَأْ لم يكن. بِمَشِيئَة قسر عدُول عَن الظَّاهِر بِلَا ضَرُورَة نعم يرد الْمَنْع بِأَنا لَا نسلم اتِّحَاد الْمَشِيئَة والإرادة بِأَن المشيء لَا يَنْفَكّ عَن الْمَشِيئَة وَالْمرَاد يَنْفَكّ عَن الْإِرَادَة كَيفَ وتخلف المُرَاد عَن الْإِرَادَة جَائِز عِنْدهم لأَنهم يَقُولُونَ إِن الله تَعَالَى أَرَادَ إِيمَان الْكَافِر وطاعته لكنه لم يَقع. وَأما الثَّالِث أَي إِثْبَات أَن الْعلم غير الصّفة الَّتِي ترجح أحد المقدورين بالوقوع فَإِن الْعلم لَو كَانَ عين الْإِرَادَة فَلَا يَخْلُو إِمَّا أَن يكون مُرَجّح أحد الطَّرفَيْنِ الْعلم بِنَفس حَقِيقَة الْمَقْدُور أَو الْعلم بِوُقُوعِهِ ووجوده فِي الْخَارِج وَكِلَاهُمَا لَا يصير مُخَصّصا. أما الأول فَلِأَنَّهُ عَام شَامِل للْوَاقِع وَغَيره فَإِنَّهُ تَعَالَى يعلم الْمُمكن والممتنع وَالْوَاجِب فَلَا يكون مُخَصّصا لَهُ وَهُوَ ظَاهر. وَأما الثَّانِي فَلِأَن الْعلم بِوُقُوع الشَّيْء فرع وتابع لكَونه مِمَّا يَقع فِي الْحَال أَو فِي الِاسْتِقْبَال فَإِن الْمَعْلُوم هُوَ الأَصْل وَالْعلم صُورَة لَهُ وظل وحكاية عَنهُ سَوَاء كَانَ مقدما عَلَيْهِ وَهُوَ الْفعْلِيّ أَو مُؤَخرا عَنهُ وَهُوَ الانفعالي وَالصُّورَة والحكاية عَن الشَّيْء فرع ذَلِك الشَّيْء حَتَّى لَو لم يكن ذَلِك الشَّيْء بِتِلْكَ الْحَيْثِيَّة الَّتِي تعلّقت بِهِ الْعلم لَا يكون علما بل جهلا. وَإِذا كَانَ الْعلم بِوُقُوع الشَّيْء مِمَّا يَقع فَلَا يكون عين الْإِرَادَة الَّتِي كَون الشَّيْء مِمَّا يَقع فرع وتابع لَهُ.

فَإِن قيل: الْإِرَادَة من حَيْثُ هِيَ إِرَادَة نسبتها إِلَى الضدين وَإِلَى الْأَوْقَات سَوَاء إِذْ كَمَا يجوز تعلقهَا بِهَذَا الضِّدّ يجوز تعلقهَا بالضد الآخر وكما يجوز إِرَادَة وُقُوع وَاحِد مِنْهُمَا فِي وَقت يجوز إِرَادَة وُقُوعه فِي وَقت آخر فَيَعُود الْكَلَام فِيهَا فَيُقَال لَا بُد للتخصيص من مُخَصص مغائر للْعلم وَالْقُدْرَة والإرادة فَيثبت صفة رَابِعَة وَيلْزم التسلسل.

وَحَاصِل الِاعْتِرَاض: إِن تَسَاوِي نِسْبَة الْإِرَادَة إِلَى التعلقين يحْتَاج إِلَى مُخَصص آخر فيتسلسل وَإِن لم تتساو نسبتها فَيلْزم الْإِيجَاب.

قُلْنَا: نَخْتَار الشق الأول ونمنع لُزُوم الِاحْتِيَاج إِلَى مُخَصص آخر فَإِن الْإِرَادَة صفة من شَأْنهَا صِحَة الْفِعْل وَالتّرْك فَيصح تخصيصها مَعَ اسْتِوَاء نسبتها إِلَى الضدين من غير احْتِيَاج إِلَى مُخَصص قيل لَا نسلم وجود الصّفة الَّتِي من شَأْنهَا صِحَة الْفِعْل وَالتّرْك من غير مُخَصص بل هُوَ مُمْتَنع لاستلزام وجودهَا الْمحَال الَّذِي هُوَ تَرْجِيح أحد المتساويين بِلَا مُرَجّح.

وَقد أُجِيب: عَنهُ بِأَن اللَّازِم هُوَ تَرْجِيح أحد المتساويين أَي إيجاده من غير مُرَجّح أَي غير سَبَب دَاع إِلَى إيجاده وَهُوَ لَيْسَ بمحال بل هُوَ وَاقع فَإِن الهارب من السَّبع إِذا ظهر لَهُ طَرِيقَانِ متساويان فَإِنَّهُ يخْتَار أَحدهمَا من غير دَاع وباعث عَلَيْهِ وَكَذَا العطشان إِذا كَانَ عِنْده قدحا مَاء مستويان من جَمِيع الْوُجُوه فَإِنَّهُ يخْتَار أَحدهمَا أَيْضا إِنَّمَا الْمحَال هُوَ ترجح أحد المتساويين أَو وُقُوع أَحدهمَا من غير مُرَجّح أَي موقع وموجد وَهُوَ غير لَازم من كَون الْإِرَادَة مرجحة وَقَالَ أفضل الْمُتَأَخِّرين مَوْلَانَا عبد الْحَكِيم رَحمَه الله وَأَنت خَبِير بِأَن هَذَا الْجَواب لَا يجدي نفعا لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يجوز أَن يكون مُخَصص أحد المقدورين بالوقوع فِي وَقت معِين هِيَ الْقُدْرَة واستواء نسبتها إِلَى الطَّرفَيْنِ والأوقات إِنَّمَا يسْتَلْزم التَّرْجِيح بِلَا مُرَجّح لَا الترجح بِلَا مُرَجّح إِذا الْمُرَجح الموجد هُوَ الذَّات وَهُوَ مَوْجُود. وَالْفرق بِأَن كَون الْقُدْرَة مرجحة يسْتَلْزم التَّرْجِيح بِلَا مُرَجّح دون الْإِرَادَة مُشكل على إِنَّا نقُول قد صرح السَّيِّد الشريف رَحمَه الله فِي شرح المواقف فِي بحث الْإِمْكَان التَّرْجِيح بِلَا مُرَجّح يسْتَلْزم الترجح بِلَا مُرَجّح. هَذَا وَلَا مخلص عَن هَذَا الْإِيرَاد إِلَّا بِأَن يُقَال إِن تعلق الْإِرَادَة بترجيح أحد الطَّرفَيْنِ يحْتَاج إِلَى تعلق آخر مُخَصص لَهُ وَهَكَذَا إِلَى مَا لَا نِهَايَة لَهُ فالتسلسل فِيهَا لَيْسَ بمحال وَفِيه تَأمل انْتهى.

وَاعْلَم: أَن الْإِرَادَة فِي الْحَقِيقَة لَا تتَعَلَّق دَائِما إِلَّا بالمعدوم فَإِنَّهَا صفة تخصص أَمر إِمَّا بحصوله ووجوده كَمَا قَالَ الله تَعَالَى {إِنَّمَا أمره إِذا أَرَادَ شَيْئا أَن يَقُول لَهُ كن فَيكون} . والإرادة عِنْد أهل الْحَقَائِق طلب الْقرب الإلهي من المرشد الْمجَاز الَّذِي تَنْتَهِي سلسلته إِلَى النَّبِي الْكَرِيم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِوَاسِطَة خَليفَة من الْخُلَفَاء الرَّاشِدين رضوَان الله تَعَالَى عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ وتتمة هَذَا المرام فِي المريد إِن شَاءَ الله تَعَالَى.

الْكسْب

(الْكسْب) مَا اكْتسب يُقَال فلَان طيب الْكسْب

(الْكسْب) عصارة الدّهن وثفل بزور الْقطن والكتان والسمسم بعد عصرها (مو) (وَانْظُر الكزب)
الْكسْب: هُوَ الْفِعْل المفضي إِلَى اجتلاب نفع أَو دفع ضَرَر وَلَا يُوصف فعل الله تَعَالَى بِأَنَّهُ كسب لكَونه منزها عَن جلب نفع أَو دفع ضَرَر. وَأَيْضًا الْكسْب هُوَ مُبَاشرَة الْأَسْبَاب بِالِاخْتِيَارِ وَهُوَ المعني بقَوْلهمْ الْكسْب صرف العَبْد قدرته فَإِن قيل مَا الْفرق بَين الْكسْب والخلق قُلْنَا صرف العَبْد قدرته وإرادته إِلَى الْفِعْل وإيجاد الله تَعَالَى الْفِعْل عقيب ذَلِك الصّرْف خلق والمقدور الْوَاحِد دَاخل تَحت القدرتين لَكِن بجهتين مختلفتين فالفعل مَقْدُور الله تَعَالَى بِجِهَة الإيجاد ومقدور العَبْد بِجِهَة الْكسْب فَلَا يلْزم توارد العلتين المستقلتين على الْمَعْلُول الْوَاحِد الشخصي وَهُوَ محَال. وللمتكلمين فِي الْفرق بَينهمَا عِبَارَات مثل أَن الْكسْب يَقع بِآلَة والخلق لَا بِآلَة وَالْكَسْب مَقْدُور الكاسب يَقع فِيمَا هُوَ قَائِم بالكاسب كَمَا فِي الْحَرَكَة والسكون القائمين بالمتحرك والساكن فَكَانَ الْكسْب وَقع فِي ذَات الكاسب وَلِهَذَا قَالُوا إِن الْكسْب مَقْدُور وَقع فِي مَحل قدرته أَي قدرَة الْكسْب والخلق مَقْدُور لَكِن لَا يَقع فِي مَا هُوَ قَائِم بالخالق بل فِيمَا هُوَ غير قَائِم بِهِ فَإِن خلق الله تَعَالَى وإيجاده إِنَّمَا هُوَ وَاقع فِي زيد وَعَمْرو مثلا وهما ليسَا بقائمين بالخالق فالخلق غير وَاقع فِي الْخَالِق. وَمثل أَن الْكسْب لَا يَصح انْفِرَاد الْقَادِر بِهِ أَي لَا يَصح استقلاله فِي كَسبه بِأَن لَا يحْتَاج فِي كَسبه إِلَى أَمر بل العَبْد الكاسب يكون مُحْتَاجا فِيهِ إِلَى أُمُور كخلق الله تَعَالَى الْقُدْرَة عِنْد إِرَادَته الْفِعْل وَغير ذَلِك بِخِلَاف الْخلق فَإِنَّهُ يَصح انْفِرَاد الْقَادِر على الْخلق بِهِ وَعدم احْتِيَاجه فِي الْخلق إِلَى غَيره. وَتَحْقِيق صرف العَبْد قدرته فِي مَوْضِعه فاطلب هُنَاكَ. فَإِن قيل إِن العَبْد مُخْتَار فِي فعله أم مجبور قُلْنَا مُخْتَار لِأَنَّهُ يفعل بِالِاخْتِيَارِ بِوَاسِطَة الْكسْب الْمَذْكُور. فَإِن قيل ذَلِك الْكسْب فعل أم لَا وَلَا سَبِيل إِلَى الثَّانِي لِأَن كل فعل اخْتِيَاري مَخْلُوق الله تَعَالَى فَيلْزم الْجَبْر. أَقُول إِن الْكسْب فعل لَكِن لَيْسَ بمخلوق الله تَعَالَى وَلَا يلْزم بطلَان الْكُلية لِأَن المُرَاد بِالْفِعْلِ فِيهَا الْفِعْل الْمَوْجُود وَالْكَسْب من الْأُمُور اللاموجودة واللامعدومة أَو نقُول إِن المُرَاد من الْفِعْل فِي تِلْكَ الْكُلية مَا يصدر بعد الْكسْب وَالِاخْتِيَار وَيَتَرَتَّب عَلَيْهِمَا. نعم إِن الْكسْب مَخْلُوق الله تَعَالَى بِمَعْنى أَنه تَعَالَى خلق قدرَة يصرفهَا العَبْد إِلَى كل من الْأَفْعَال وَالتّرْك على سَبِيل الْبَدَل. ثمَّ صرفهَا إِلَى وَاحِد معِين فعل العَبْد فَهُوَ مَخْلُوق الله تَعَالَى بِمَعْنى استناده لَا على سَبِيل الْوُجُوب ليلزم الْجَبْر إِلَى موجودات هِيَ مخلوقة الله تَعَالَى لَا أَن الله تَعَالَى خلق هَذَا الصّرْف قصدا فَلَا يلْزم الْجَبْر كَمَا سَيَأْتِي فِي الْمُؤثر إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
وتفصيل هَذَا المرام فِي الْمُقدمَات الْأَرْبَع فِي التَّلْوِيح قَالُوا إِن الله تَعَالَى خَالق لأفعال الْعباد كلهَا اعْلَم أَن المُرَاد بالأفعال المفعولات لَا الْمَعْنى المصدري لِأَنَّهُ أَمر اعتباري لَا يتَعَلَّق بِهِ الْخلق وَلَا تحقق لَهُ فِي الْخَارِج وَإِلَّا لزم التسلسل فِي الإيقاعات وَأَيْضًا لَيْسَ المُرَاد بالمفعول الْجَوَاهِر لِأَنَّهُ لَيْسَ الْخلاف إِلَّا فِيمَا يُوجد بكسب العَبْد ويستند إِلَيْهِ من الْأَعْرَاض مثل الصَّلَاة وَالصَّوْم وَالسَّرِقَة وَالزِّنَا وَإِلَّا فالسرير مثلا أَيْضا مفعول بِالنِّسْبَةِ إِلَى الــنجار ومعموله لِأَنَّهُ تعلق بِهِ فعله وَعَمله لكنه مَخْلُوق الله تَعَالَى بالِاتِّفَاقِ.
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.