Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: مقت

كَهَمَ

(كَهَمَ)
(س) فِي حَدِيثِ أُسَامَةَ «فَجعل يَتَكَهَّم بِهِمْ» التَّكَهُّم: التَّعَرّض للشَّرّ والاقِتحام فِيهِ. وَرُبَّمَا يَجْرِي مَجْرى السُّخْرية، ولعلَّه- إِنْ كَانَ مَحْفُوظًا- مَقْلُوبٌ مِنَ التَّهَكُّم، وَهُوَ الاسْتِهْزاء.
(س) وَفِي مَقْتَــل أَبِي جَهْلٍ «إنَّ سَيفَك كَهامٌ» أَيْ كَلِيلٌ لَا يَقْطع.

كَثُرَ

(كَثُرَ)
(هـ) فِيهِ «لَا قَطْع فِي ثَمر وَلاَ كَثَرٍ» الكَثَر بفَتْحَتَين: جُمَّار النَّخْل، وَهُوَ شَحْمُه الَّذِي وسَط النَّخْلة.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ قَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ «نعْم المالُ أرْبَعُون، والكُثْرُ ستُّون» الكُثْر بالضَّم:
الكَثِير، كالقُلّ، فِي الْقَلِيلِ.
وَفِيهِ «إِنَّكُمْ لمعَ خَلِيقَتَيْنِ مَا كانَتَا مَعَ شَيء إِلَّا كَثَرَتاه» أَيْ غَلَبتاه بالكَثرة وكانَتَا أَكْثَر مِنْهُ. يُقَال: كاثَرْتُه فكَثَرْتُه إِذَا غَلَبْتَه وكُنْتَ أَكْثَرَ مِنْهُ.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ مَقْتَــلِ الْحُسَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «مَا رَأينا مَكْثُوراً أجْرَأَ مَقْدَماً مِنْه» المَكْثُور: المَغْلُوب، وَهُوَ الَّذِي تَكاثَر عَلَيْهِ النَّاسُ فَقَهَروه: أَيْ مَا رأيْنا مَقْهُوراً أجْرأَ إقْدَامّاً مِنْهُ.
وَفِي حَدِيثِ الْإِفْكِ «وَلَهَا ضَرَائر إلاَّ كَثَّرْنَ فِيهَا» أَيْ كَثَّرن القَوْل فِيهَا، والعَيْب لَهَا.
وَفِيهِ أَيْضًا «وَكَانَ حَسَّان ممَّنْ كَثَّر عَلَيْهَا» ويُرْوَى بِالْبَاءِ المُوَحَّدة، وَقَدْ تَقَدَّمَ.
وَفِي حَدِيثِ قَزَعَة «أتيْت أبَا سَعيد وَهُوَ مَكْثُور عَلَيْهِ» يُقَالُ: رجُل مَكْثُور عَلَيْهِ، إِذَا كَثرت عَلَيْهِ الْحُقُوقُ والمُطالَبات، أرادَ أَنَّهُ كَانَ عِنده جَمْع مِنَ النَّاسِ يَسْألونه عَنْ أَشْيَاءَ، فكأنَّهم كَانَ لَهُمْ عَلَيْهِ حُقُوقٌ فَهُمْ يَطلُبُونها.

كَبَسَ

(كَبَسَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ عَقِيل «إِنَّ قُريشاً قَالَتْ لِأَبِي طَالِبٍ: إِنَّ ابنَ أخِيك قَدْ آذَانَا فانْهَهُ، فَقَالَ: يَا عَقِيل ائْتِنِي بمُحَمَّد، قَالَ: فانْطَلَقْت إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فاسْتَخْرَجْتُه مِنْ كِبْسٍ» الكِبْسُ بِالْكَسْرِ: بَيْت صَغِيرٌ.
ويُرْوَى بالنُّون، مِنَ الكِناس، وَهُوَ بَيْت الظَّبْيِ.
وَفِي حَدِيثِ الْقِيَامَةِ «فوجَدوا رجَالاً قَدْ أكَلَتْهُم النارُ إلاَّ صُورة أحَدِهم يُعْرف بها، فاكْتَبَسوا، فأُلْقُوا عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ» أَيْ أدْخَلوا رُءُوسَهُمْ فِي ثِيَابِهِمْ. يُقَالُ: كَبَس الرجُلُ رَأْسَهُ في ثوبه إذا أخْفاه.
[هُـ] وَمِنْهُ حَدِيثُ مَقْتــل حَمْزَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «قَالَ وَحْشٍي: فكمِنْتُ لَهُ إِلَى صَخْرة وَهُوَ مُكَبِّسٌ، لَهُ كَتِيتٌ» أَيْ يَقْتحم النَّاسَ فَيُكَبِّسُهم.
وَفِيهِ «أَنَّ رجُلاً جَاءَ بكَبَائِسَ مِنْ هَذِهِ النَّخل» هِيَ جَمْع كِبَاسَة، وَهُوَ العِذْق التَّام بشَماريخه وَرُطَبه.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ «كبائسُ اللُّؤْلُؤِ الرَّطْبِ» .
كَبَسَ البِئْرَ والنَّهْرَ يَكْبِسُهما: طَمَّهُما بالتُّرابِ،
وذلك التُّرابُ: كِبْسٌ، بالكسر،
وـ رأسَهُ في ثَوْبِهِ: أخْفَاهُ، وأدْخَلَهُ فيه، وغارٌّ في أصْلِ الجبَلِ،
وـ دارَهُ: هَجَمَ عليه، واحْتَاطَ.
والكِبْسُ، بالكسر: الرأسُ الكبيرُ، وبيتٌ من طينٍ، والأصْلُ.
وهو في كِبْسِ غِنًى: في أصلِهِ.
والأكْبَسُ: الفَرْجُ الناتِئُ، ومن أقْبَلَتْ هامَتُهُ وأدْبَرَتْ جَبْهَتُهُ. وكغُرَابٍ: الذَّكَرُ الضَّخْمُ، والعظيمُ الرأسِ، ومن يَكْبِسُ رأسَهُ في ثِيَابِهِ ويَنَامُ، وابنُ جعفَرِ بنِ ثَعْلَبَةَ. وعليُّ بنُ قُسَيْمِ بنِ كُباسٍ: محدِّثٌ.
والكِبَاسَةُ، بالكسر: العِذْقُ الكبيرُ.
والكَبيسُ: ضَرْبٌ من التَّمْرِ، وحَلْيٌ مُجَوَّفٌ مَحْشُوٌّ طِيباً.
والسَّنَةُ الكَبِيسَةُ: التي يُسْتَرَقُ منها يومٌ، وذلك في كل أربعِ سِنِينَ.
وكزُبَيْرٍ: ع. وكجُهَيْنَةَ: عَيْنٌ في طَرَفِ بَرِّيَّةِ السَّماوَةِ قُرْبَ هِيْتَ.
والكابوسُ: ما يَقَعُ على الإِنسانِ بالليل، لا يَقْدِرُ معه أن يَتَحَرَّكَ، مُقَدِّمَةٌ للصَّرْعِ، وضَرْبٌ من الجماعِ.
وقد كَبَسَهَا يَكْبِسُهَا: جامَعَهَا مرَّةً.
والأرْنَبَةُ الكابِسَةُ: المُقْبِلَةُ على الشَّفَةِ العُلْيَا.
وجاء كابِساً، أي: شادّاً. وعابِسٌ كابِسٌ: إتْبَاعٌ.
والجِبالُ الكُبَّسُ، كرُكَّعٍ: الصِّلابُ الشِّدَادُ.
والمُكَبِّسُ، كمُحَدِّثٍ: المُطْرِقُ، أو من يَقْتَحِمُ الناسَ فَيَكْبِسُهُمْ، وفرسُ عُتَيْبَةَ بنِ الحارِثِ، وفرسُ عَمْرِو بنِ صُحارٍ. وكابِسُ بنُ ربيعَةَ: تابِعِيٌّ، وكان يُشَبَّهُ برسولِ اللهِ، صلى الله عليه وسلم.

قَضَبَ

(قَضَبَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا «رَأَتْ ثَوْباً مَصَلَّباً فَقَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَآهُ فِي ثَوْبٍ قَضَبَه» أَيْ قَطَعه. والقَضْب: القَطْع. وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ.
وَفِي مَقْتــل الْحُسَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «فجَعل ابْنُ زِيَادٍ يَقْرَعُ فَمَهُ بقَضِيب» أَرَادَ بالقَضِيب:
السَّيفَ الَّلطيف الدَّقيق. وَقِيلَ: أَرَادَ العُود.

قَرَعَ

(قَرَعَ)
(هـ) فِيهِ «لَمَّا أَتَى عَلَى مُحَسِّر قَرَعَ ناقتَه» أَيْ ضرَبها بسَوْطه.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ خِطْبة خَدِيجَةَ «قَالَ وَرَقَة بْنُ نَوفَل: هُوَ الفَحْلُ لَا يُقْرَع أنفهُ» أَيْ أَنَّهُ كُفْءٌ كَريم لَا يُرَد. وَقَدْ تَقَدَّمَ أصلُه فِي الْقَافِ وَالدَّالِ وَالْعَيْنِ.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ «أَنَّهُ أخَذَ قَدح سَوِيق فشَرِبَه حَتَّى قَرَع القَدَحُ جَبِينَه» أَيْ ضَرَبه، يَعْنِي أَنَّهُ شَرِب جَمِيعَ مَا فِيهِ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أقْسم لَتَقْرَعَنَّ بِهَا أَبَا هُرَيْرَةَ» أَيْ لتَفْجأنَّه بذكْرها، كالصَّك لَهُ والضَّرب.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الرَّدْع. يُقَالُ: قَرَع الرُجُل: إِذَا ارْتَدَعَ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَقْرَعْتُه إِذَا قَهَرَته بِكَلَامِكَ، فَتَكُونُ التَّاءُ مَضْمُومَةً وَالرَّاءُ مَكْسُورَةً. وهُما فِي الْأُولَى مَفْتُوحَتَانِ.
وَفِي حَدِيثِ عبد الملك وذكر سَيْف الزُّبير فقال: بهنَّ فُلُولٌ مِنْ قِراعِ الكتائبِ
أَيْ قِتَالِ الجُيوش ومُحارَبَتها.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ عَلْقمة «أَنَّهُ كَانَ يُقَرِّع غنَمه ويَحْلِبُ ويَعْلِفُ» أَيْ يُنْزِي عَلَيْهَا الْفُحُولَ.
هَكَذَا ذَكَرَهُ الْهَرَوِيُّ بِالْقَافِ، وَالزَّمَخْشَرِيُّ.
وَقَالَ أَبُو مُوسَى: هُوَ بِالْفَاءِ، وَهُوَ مِنْ هَفَوات الْهَرَوِيِّ.
قُلْتُ: إِنْ كَانَ مِنْ حيثُ إِنَّ الْحَدِيثَ لَمْ يُرْوَ إِلَّا بِالْفَاءِ فَيَجُوزُ، فَإِنَّ أَبَا مُوسَى عارفٌ بطُرُق الرِّوَايَةِ. وَأَمَّا مِنْ حَيْثُ الُلغَة فَلَا يَمْتنع، فَإِنَّهُ يُقَالُ: قَرَع الفحلُ الناقةَ إِذَا ضرَبها. وأَقْرَعْتُه أَنَا.
والقَرِيع: فَحْل الْإِبِلِ. والقَرْع فِي الْأَصْلِ: الضَّرب. وَمَعَ هَذَا فَقَدَ ذَكَرَهُ الحرْبي فِي غَرِيبِهِ بِالْقَافِ، وَشَرَحَهُ بِذَلِكَ. وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْأَزْهَرِيُّ فِي «التَّهْذِيبِ» لفْظاً وشَرحاً.
وَمِنْهُ حَدِيثُ هِشَامٍ، يَصِفُ نَاقَةً «إِنَّهَا لَمِقْراع» هِيَ الَّتِي تُلْقَح فِي أَوَّلِ قَرْعَة يَقْرَعُها الفَحْل.
وَفِيهِ «أَنَّهُ ركِب حِمَارَ سَعد بْنِ عُبادة وَكَانَ قَطوفاً، فَردّه وَهُوَ هِمْلاج قَرِيعٌ مَا يُسَايَرُ» أَيْ فارِهٌ مُخْتار.
قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَلَوْ رُوِي «فَريغ » يَعْنِي بِالْفَاءِ وَالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ لَكَانَ مُطابِقاً لِفَراغٍ، وَهُوَ الواسِع الَمْشي. قَالَ: وَمَا آمَنُ أَنْ يَكُونَ تَصْحيفاً.
وَفِي حَدِيثِ مَسْرُوقٍ «إِنَّكَ قَرِيع القُرّاء» أَيْ رئيسُهم. والقَرِيع: المُخْتار. واقْتَرَعْتُ الْإِبِلَ إِذَا اخْتَرتَها.
وَمِنْهُ قِيلَ لفحْل الْإِبِلِ «قَرِيعٌ» .
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ «يُقْتَرَع مِنْكُمْ وكُلُّكم مُنْتَهى» أَيْ يُخْتارُ مِنْكُمْ.
(هـ) وَفِيهِ «يَجيء كَنْزُ أَحَدِكِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شُجاعاً أَقْرَع» الأَقْرَع: الذي لا شَعْر على رَأْسِهِ، يُريد حَيةً قَدْ تَمَعَّطَ جلْد رأسِه، لِكثرة سَمِّه وطُول عُمْره.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «قَرِع أهلُ الْمَسْجِدِ حِينَ أُصِيبَ أَصْحَابُ النَّهْر » أَيْ قَلّ أهلُه، كَمَا يَقْرع الرأسُ إِذَا قَلَّ شَعْرُه، تَشْبِيهًا بالقَرْعة، أَوْ هُوَ مِنْ قَوْلهم: قَرِع المُراح إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ إِبِلٌ.
[هـ] وَفِي الْمَثَلِ «نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ قَرَع الْفِنَاءِ وصَفَر الْإِنَاءِ» أَيْ خُلُوِّ الدِيار مِنْ سُكانها، وَالْآنِيَةِ مِنْ مُسْتَوْدَعاتها.
(هـ) وَمِنْهُ حديث عمر «إن اعْتَمرتُم في أشْهُر الحج قَرِعَ حَجُّكم» أَيْ خَلَت أيَّام الْحَجِّ مِنَ النَّاسِ واجْتَزَأوا بالعُمْرة.
[هـ] وَفِيهِ «لَا تُحْدِثوا فِي القَرَع فإِنه مُصَلَّى الخافِين» القَرَع بِالتَّحْرِيكِ: هُوَ أَنْ يَكُونَ فِي الْأَرْضِ ذَاتِ الكَلأ مواضِعُ لَا نباتَ بِهَا، كالقَرَع فِي الرَّأْسِ، والخافُون: الجِنُّ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ «أَنَّ أعْرابياً سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الصُّلَيْعَاءِ والقُرَيْعاء» القُرَيْعاء: أَرْضٌ لعنَها اللَّهُ، إِذَا أنْبَتَت أَوْ زُرِع فِيهَا نَبَت فِي حافَتَيْها، وَلَمْ يَنْبُت فِي مَتْنِها شَيْءٌ.
وَفِيهِ «نَهَى عَنِ الصَّلَاةِ عَلَى قَارِعة الطَّرِيقِ» . هِيَ وِسَطه. وَقِيلَ: أَعْلَاهُ. وَالْمُرَادُ بِهِ هَاهُنَا نَفْس الطَّرِيقِ وَوَجْهه.
(هـ) وَفِيهِ «مَن لَمْ يَغْزُ وَلَمْ يَجِّهز غَازِيًا أَصَابَهُ اللَّهُ بِقَارِعَةٍ» أَيْ بِدَاهِيَةٍ تُهلِكُه. يُقَالُ:
قَرَعَه أمْرٌ إِذَا أَتَاهُ فَجْأة، وجَمْعُها: قَوَارِعُ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «فِي ذِكْرِ قَوَارِع القُرآن» وَهِيَ الْآيَاتُ الَّتِي مَن قَرأها أمِن شَرَّ الشَّيْطَانِ، كَآيَةِ الكُرْسيّ وَنَحْوِهَا، كَأَنَّهَا تَدْهاه وتُهْلِكُه.
قَرَعَ البابَ، كمَنَعَ: دقَّهُ، وفي المثَلِ: "من قَرَعَ باباً وَلجَّ ولَجَ"،
وـ رأسَه بالعَصا: ضربَهُ،
وـ الشارِبُ جَبْهَتَه بالإِناء: اشْتَفَّ ما فيه،
وـ الفَحْلُ الناقَةَ قَرْعاً وقِراعاً، بالكسر،
وـ الثَّوْرُ قِراعاً: ضَرَبا،
وـ فلانٌ سِنَّهُ: حَرَقَهُ نَدَماً.
وقَرَعَهُم، كنَصَرَ: غَلَبَهُم بالقُرْعة.
و"إن العَصا قُرِعَتْ لذي الحِلْمِ"، أي إنَّ الحَليمَ إذا نُبِّهَ انْتَبَهَ. وأوَّلُ مَن قُرِعَتْ له العَصا: عامِرُ بنُ الظَّرِبِ، أو قيسُ بنُ خالِدٍ، أو عَمْرُو بنُ حُمَمَةَ، أو عَمْرُو بنُ مالكٍ، لمَّا طَعَنَ عامِرٌ في السّنِّ، أو بَلَغَ ثَلاثَ مئَةِ سنةٍ، أنْكَرَ من عَقْلِه شيئاً، فقال لبَنِيه: إذا رأيْتُموني خَرَجْتُ من كلامِي وأخَذْتُ في غيرِه، فاقْرَعُوا لي المِجَنَّ بالعَصا.
والمَقْرُوعُ: المُخْتارُ للفِحْلَةِ، والسَّيِّدُ، ولَقَبُ عبد شَمْسِ بنِ سعدٍ،
وـ بعيرُ ـ: وُسِمَ بالقَرْعة، بالفتح: لِسمَةٍ لهم على أيْبَسِ الساقِ،
وبعيرٌ ـ: وُسِمَ بالقُرْعَةِ، بالضم: لسِمَةٍ على وَسَطِ أنْفِهِ.
والقَرْعُ: حَمْلُ اليَقْطِينِ، واحدتُه: بهاءٍ، والشاهُ بنُ قَرْعٍ: روى عن الفُضَيلِ بنِ عياضٍ، وبالضم: أودِيَةٌ بالشأْمِ. وكزُفَرَ: قَلْعَةٌ باليَمن، وبالتحريك: السَّبَقُ، والنَّدَبُ، أي: الخَطَرُ يُسْتَبَقُ عليه.
(والقُرْعةُ، بالضم: م، وخِيارُ المالِ، والجِرابُ، أو الواسعُ الصغيرُ، ج: قُرَعٌ، وبالتحريك: الحَجَفَةُ والجِرابُ، وتَحْريكُهُ أفصحُ) ، وبَثْرٌ أبيضُ يَخْرُجُ بالفِصال، ودَواؤُه المِلْحُ وجُبَابُ ألْبانِ الإِبِلِ، والحَجَفَةُ والجِرابُ الصغيرُ أو الواسِعُ الأَسْفَلِ، يُلْقَى فيه الطَّعامُ، والمُراحُ الخالي من الإِبِلِ. وكأميرٍ: الفَصِيلُ، ج: كسَكْرَى، وفَحْلُ الإِبِلِ لأَنَّهُ مُقْتَــرَعٌ لِلفِحْلَةِ، أي مُخْتارٌ، والمُقارِعُ، والغالِبُ، والمَغْلُوبُ، وسيفُ عُمَيْرَةَ بنِ هاجِرٍ، والسَّيِّدُ،
كالقِرِّيعِ، كسِكِّيتٍ، ومحدِّثٌ روى عن عِكْرِمَةَ، (ووهِم الذَّهَبِيُّ، فَضَبَطَهُ بالضم) . وكزبيرٍ: أبو بَطنٍ من تَميمٍ، رَهْطِ بَني أنْفِ الناقَةِ، وجَدٌّ لأبي الكَنُودِ ثَعْلَبَةَ الحَمْراوِيِّ الصَحابِيِّ، (واسْمُ أبي زِيادٍ الصَحابِيِّ) .
وقَرِعَ، كفرِح: قُمِرَ في النِّضالِ، وذَهَبَ شَعَرُ رأسِه، وهو أقْرَعُ، وهي قَرْعاءُ، ج: قُرْعٌ وقُرْعانٌ، بضمِّهما، وذلك الموضِعُ قَرَعَةٌ، محركةً،
وـ فُلانٌ: قَبِلَ المَشُورَةَ، فهو قَرِعٌ، ككتِفٍ،
وـ الفِناءُ: خَلا من الغاشِيَةِ، قَرْعاً، ويُحَرَّكُ،
وـ الحَجُّ: خَلَتْ أيامُهُ من الناسِ. وككتِفٍ: من لا يَنامُ، والفاسِدُ من الأَظْفارِ.
والأقْرَعانِ: الأقْرَعُ بنُ حابِسٍ الصحابِيُّ، وأخُوهُ مَرْثَدٌ.
وألْفٌ أقْرَعُ: تامٌّ.
ومكانٌ، وتُرْسٌ أقْرَعُ: صُلْبٌ، ج: قُرْعٌ، بالضم.
وعُودٌ أقْرَعُ: قُرِعَ من لِحائِهِ.
وقِدْحٌ أقْرَعُ: حُكَّ بالحَصَى حتى بَدَتْ سَفاسِقُهُ، أي: طَرائِقُهُ.
والأقْرَعُ: السيفُ الجَيِّدُ الحَدِيدِ،
وـ من الحَيَّاتِ: المُتمَعِّطُ شَعَرُ رأسهِ لِكَثْرَةِ سُمِّهِ.
ورِياضٌ قُرْعٌ، بالضم: بِلا كَلأٍَ.
والقَرْعاءُ: مَنْهَلٌ بطَرِيقِ مَكَّةَ بين القَادِسِيَّةِ والعَقَبَةِ، ورَوْضَةٌ رَعَتْها الماشِيَةُ، والشديدَةُ، والداهيةُ، وساحَةُ الدَّارِ، وأعْلَى الطَّرِيقِ، والفاسِدَةُ من الأصابعِ.
والقارِعَةُ: القِيامَةُ، وسَرِيَّةٌ للنبيِّ، صلى الله عليه وسلم، قيل: ومنه: {تُصيبُهُم بما صَنَعوا قارِعَةٌ} ، أو معناها: داهيةٌ تَفْجَؤُهُم.
وقَوارِعُ القرآنِ: الآياتُ التي من قَرَأها أمِنَ من الشياطينِ والإِنْسِ والجِنِّ، كأَنها تَقْرَعُ الشيطانَ،
ونَعُوذُ بالله من قَوارِعِ فلانٍ، أي: من قَوارِصِ لِسانِهِ. وكصَبورٍ: الرَّكِيَّةُ القليلَةُ الماءِ، أي: التي تُحْفَرُ في الجَبَلِ من أعلاها إلى أسْفَلِها.
والقَريعَةُ، كَسفينَةٍ: خِيارُ المالِ، وناقةٌ يُكثِرُ الفَحْلُ ضِرَابَها، ويُبْطِئُ لِقاحُها، وسَقْفُ البَيْتِ. وكشَدَّادٍ: طائِرٌ يَقْرَعُ العُودَ الصُّلْبَ بِمِنْقارِهِ فَيدخُلُ فيه، ج: قَرَّاعاتٌ، وفَرَسُ غَزَالَةَ السَّكونِيِّ، والصُّلْبُ الشديدُ، وبهاءٍ: الاسْتُ، واليَسيرُ من الكَلأَِ.
وقَرْعونُ، كحَمْدونٍ: ة بين بَعْلَبَكَّ ودِمَشْقَ. وكَمِنْبَرٍ: وِعاءٌ يُجْمَعُ فيه التمرُ، وبهاءٍ: السَّوْطُ، وكُلُّ ما قَرَعْتَ به.
والمِقْراعُ بالكسر: الناقَةُ تُلْقَحُ في أَوَّلِ قَرْعَةٍ يَقْرَعُها الفَحْلُ، وفأسٌ يُكسرُ بها الحجارَةُ،
وأقْرَعَه: أعطاهُ خِيارَ المالِ، أو فَحْلاً يَقْرَعُ إبِلَهُ،
وـ إلى الحَقِّ: رجَعَ، وذَلَّ، وامْتَنَعَ، ضِدٌّ، وكَفَّ،
كانْقَرَعَ فيهما، وأطاقَ ولم يَقْبَلِ المَشُورَةَ،
وـ فلاناً: كفَّهُ،
وـ بينهم: ضَرَبَ القُرْعَةَ،
وـ المُسافِرُ: دَنَا من مَنْزِلِهِ،
وـ الدابَّةَ: كَبَحَها بِلِجَامِهَا،
وـ دارَهُ آجُرّاً: فَرَشَهَا به،
وـ الشَّرُّ: دَامَ،
وـ الغائِصُ والمائِحُ: انْتَهَيَا إلى الأرضِ،
وـ الحَميرُ: صَكَّ بعضُها بعضاً بحَوافِرِها.
والمُقْرَعُ، كمُحْكَمٍ: الذي قد أُقْرِعَ فَرَفَعَ رأْسَه. وكمُحَدِّثةٍ: الشديدةُ.
والتَّقْريعُ: التَّعْنيفُ والتَّثْريبُ، ومُعَالَجَةُ الفَصيلِ من القَرَعِ، وإنْزاءُ الفَحْل.
وقَرَّعَ القومَ تَقْريعاً: أقْلَقَهُم،
وـ الحَلوبَةُ رأسَ فَصِيلِها: وذلك إذا كانت كثيرَة اللَّبَنِ، فإذا رَضِعَ الفَصِيلُ خِلْفاً قَطَرَ اللَّبَنُ من الخِلْفِ الآخَرِ، فَقَرَعَ رأسَه قَرْعاً.
واسْتَقْرَعَهُ: طَلَبَ منه فَحْلاً،
وـ الناقةُ: أرادتِ الفَحْلَ،
وـ الحافِرُ: اشْتَدَّ،
وـ الكَرِشُ: ذَهَبَ خَمَلُها.
والاقْتِراعُ: الاخْتيارُ، وإيقادُ النارِ.
وضَرْبُ القُرْعةِ، كالتَّقارُعِ.
والمُقارَعَةُ: المُساهَمَةُ، وأن تأخُذَ الناقةَ الصَّعْبَةَ فَتُرْبِضَها للفَحْلِ فَيَبْسُرَها، وأن يَقْرَعَ الأبْطالُ بعضُهم بعضاً.
وبِتُّ أتَقَرَّعُ، وأنْقَرِعُ، أي: أتَقَلَّبُ لا أنامُ. (وعُمَرُ بنُ محمدِ بنِ قُرْعَةَ، بالضم: محدِّثٌ مُؤَدِّبٌ) .

عَصَا

عَصَا
من (ع ص و) ما يتخذ من خشب وغيره للاعتماد عليه في المشي أو الضرب به أو الهشّ به على الأغنام.
(عَصَا)
(هـ س) فِيهِ «لَا تَرْفَعْ عَصَاك عَنْ أهْلِك» أَيْ لَا تَدَعْ تأدِيبَهم وجَمْعَهم عَلَى طاعةِ اللَّهِ تَعَالَى. يُقَالُ: شَقَّ العَصَا: أَيْ فارَقَ الْجَمَاعَةَ، وَلم يُرِد الضَّرْب بالعَصَا، ولكنَّه جَعَله مَثَلًا.
وَقِيلَ: أرادَ لَا تَغْفُل عَنْ أَدَبهم ومَنْعِهم مِنَ الفَسَاد.
[هـ] وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «إِنَّ الخَوارِجَ شقُّوا عَصَا الْمُسْلِمِينَ وفرّقُوا جَمَاعَتهم» .
[هـ] وَمِنْهُ حَدِيثُ صِلَة «إيَّاكَ وقَتِيلَ العَصَا» أَيْ إياكَ أَنْ تَكُونَ قَاتِلًا أَوْ مَقْتُــولا فِي شَقّ عَصَا الْمُسْلِمِينَ.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي جَهْمٍ «فَإِنَّهُ لَا يَضَعُ عَصَاه عَنْ عَاتِقِهِ» أَرَادَ: أَنَّهُ يُؤَدِّبُ أهْلَه بالضَّرب. وَقِيلَ: أرادَ بِهِ كثْرةَ الأسْفارِ. يُقَالُ: رَفع عَصَاه إِذَا سَارَ، وألقَى عَصَاه إِذَا نَزَل وَأَقَامَ.
وَفِيهِ «أَنَّهُ حرَّم شجَر المدينةِ إِلَّا عَصَا حَدِيدة» أَيْ عَصاً تصلحُ أَنْ تكونَ نِصَاباً لآلةٍ من الحَديد. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «ألاَ إنَّ قَتيلَ الخَطإِ قَتِيلُ السَّوط والعَصَا» لأنَّهُما ليسَا مِنْ آلاتِ القَتْل، فَإِذَا ضُرِب بِهِمَا أَحَدٌ فماتَ كَانَ قَتْلُه خَطَأ.
(هـ) وَفِيهِ «لَوْلَا أنَّا نَعْصِي اللَّهَ مَا عَصَانَا» أَيْ لَمْ يَمْتَنِع عَنْ إجَابَتِنا إِذَا دَعَوناه، فجعَل الجوابَ بمَنْزلة الخِطَاب فسمَّاه عِصْيَاناً، كقوله تعالى: وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ.
وَفِيهِ «أَنَّهُ غَيَّر اسمَ العَاصِي» إِنَّمَا غَيَّره لأنَّ شِعَارَ المُؤْمِن الطَّاعَة والعِصْيَان ضِدُّها.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «إنَّ رجُلا قَالَ: مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدَ رَشَد، وَمن يَعْصِهِما فَقَدْ غوَى.
فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بِئْسَ الْخَطِيبُ أَنْتَ. قُلْ: وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ غَوَى» إِنَّمَا ذَمَّهُ لِأَنَّهُ جَمَعَ فِي الضَّمير بينَ اللَّهِ وبينَ رَسُولِهِ فِي قَوْلِهِ: وَمَنْ يَعْصِهما، فأمرَه أنْ يَأْتِيَ بالمُظْهر ليتَرَتَّب اسمُ اللَّهِ تَعَالَى فِي الذِّكر قبلَ اسْمِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَفِيهِ دليلٌ عَلَى أنَّ الواوَ تُفيد التَّرتيبَ.
وَفِيهِ «لَمْ يكُنْ أسْلَمَ مِنْ عُصَاة قُرَيْشٍ أحدٌ غيرُ مُطيع بْنِ الأسْود» يريدُ مَنْ كَانَ اسمُه العَاصِي.

قَتَتَ

(قَتَتَ)
(هـ) فِيهِ «لَا يَدْخُلُ الجَنة قَتَّات» هُوَ النَّمَّام. يُقَالُ: قَتَّ الْحَدِيثَ يَقُتُّه إِذَا زَوَّرَهُ وهَيَّأه وسَوّاه.
وَقِيلَ: النَّمَّام: الَّذِي يَكُونُ مَعَ القَوم يَتحدّثون فيَنِمُّ عَلَيْهِمْ. والقَتَّات: الَّذِي يَتَسَمَّع عَلَى الْقَوْمِ وَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ثُمَّ يَنِمُّ. والقَسَّاس: الَّذِي يَسْأل عَنِ الْأَخْبَارِ ثُمَّ يَنُمُّها.
(هـ) وَفِيهِ «أَنَّهُ ادّهَن بدُهن غيرِ مُقَتَّــت وَهُوَ مُحْرِم» أَيْ غيرُ مُطَيَّب، وَهُوَ الَّذِي يُطْبَخ فِيهِ الرَّياحين حَتَّى تَطِيبَ رِيحُه.
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ سَلَامٍ «فَإِنْ أهْدَى إِلَيْكَ حِمْل تِبْن أَوْ حِمْلَ قَتّ فَإِنَّهُ رِباً» القَتُّ: الفِصْفِصَة وَهِيَ الرَّطْبة، مِنْ عَلَف الدَّوابّ.

لَثِقَ

لَثِقَ يَوْمُنا، كفرِحَ: رَكَدَتْ رِيحُهُ وكَثُرَ نَداهُ.
وألْثَقَهُ: بلَّلَهُ ونَدَّاهُ فالْتَثَقَ.
وطائرٌ لَثِقٌ، ككتِفٍ: مُبْتَلٌّ.
ولَثَّقَهُ تَلْثيقاً: أفْسَدَهُ.
(لَثِقَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ الاستسقَاء «فلمَّا رَأَى لَثَقَ الثِّياب عَلَى النَّاسِ ضَحِكَ حَتَّى بَدت نَواجِذُه» اللَّثَقُ: الْبَلَل. يُقَالُ: لَثِقَ الطَّائِر، إِذَا ابْتَلَّ رِيشُه. وَيقال للْماء والطِّين:
لَثَقٌ، أَيْضًا.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ بالشَّام لَّما بَلَغَهُم مَقْتَــل عُثْمان بَكَوْا حَتَّى تَلَثَّقَ لُِحاهُم » أَيْ اخْضَلْت بالدُّموع.

فَطَرَ

(فَطَرَ)
(هـ) فِيهِ «كلُّ مولودٍ يُولد عَلَى الفِطْرَة» الفَطْرُ: الابْتداء والاخِتراع. والفِطْرَة:
الْحَالَةُ مِنْهُ، كالجِلْسة والرِّكْبة. وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يُولد عَلَى نَوْعٍ مِنَ الْجِبِلَّةِ وَالطَّبْعِ الْمُتَهَيِّئِ لِقَبُول الدِّين، فَلَوْ تُرِك عَلَيْهَا لاسْتَمرّ عَلَى لُزومها وَلَمْ يُفارقها إِلَى غَيْرِهَا، وَإِنَّمَا يَعْدل عَنْهُ مَن يَعْدِل لآفَةٍ مِنْ آفَاتِ البَشَر والتَّقْلِيد، ثُمَّ تمثَّل بِأَوْلَادِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فِي اتِّباعهم لِآبَائِهِمْ والمَيْل إِلَى أدْيانِهم عَنْ مُقْتَــضى الفِطْرَة السَّليمة.
وَقِيلَ: مَعْنَاهُ كُلُّ مَوْلُودٍ يُولد عَلَى مَعْرفة اللَّهِ والإقْرار بِهِ. فَلَا تَجِدُ أَحَدًا إلاَّ وَهُوَ يُقِرّ بِأَنَّ لَهُ صانِعا، وَإِنْ سَمَّاه بِغَيْرِ اسْمِهِ، أَوْ عَبد مَعَهُ غَيْرَهُ.
وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُ الفِطْرة فِي الْحَدِيثِ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ حُذيفة «عَلَى غَيِر فِطْرَة مُحَمَّدٍ» أرادَ دِينَ الْإِسْلَامِ الَّذِي هُوَ مَنْسوب إِلَيْهِ.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «عَشْرٌ مِنَ الفِطْرَة» أَيْ مِنَ السُّنَّة، يَعْنِي سُنَن الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ الَّتِي أُمِرنا أَنْ نَقتَدِيَ بِهِمْ [فِيهَا ] .
وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ «وجَبَّار الْقُلُوبِ عَلَى فِطَرَاتِها» أَيْ عَلَى خِلَقِها. جَمْع فِطَر، وفِطَرٌ جَمْعُ فِطْرَة، أَوْ هِيَ جَمْعُ فِطْرَة كَكِسْرة وكِسَرات، بِفَتْحِ طَاءِ الْجَمْعِ. يُقَالُ: فِطْرَات وفِطَرَات وفِطِرَات.
[هـ] وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ عَبّاس «قَالَ: مَا كُنْتُ أَدْرِي مَا فاطِرُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ
حَتَّى احْتَكم إِلَيَّ أعْرابِياَّن فِي بِئر، فَقَالَ أحَدُهما: أَنَا فَطَرْتُها» أَيِ ابْتَدَأتُ حَفْرها.
(س) وَفِيهِ «إِذَا أقْبَل اللَّيْلُ وأدْبَر النَّهَارُ فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائم» أَيْ دَخْلَ فِي وقْت الفِطْر وَجَازَ لَهُ أَنْ يُفْطِر. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَنَّهُ قَدْ صَارَ فِي حُكْم المُفْطِرِين وَإِنْ لَمْ يَأْكُلْ وَلَمْ يَشْرب.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أَفْطَرَ الحاجِمُ والمحْجُوم» أَيْ تَعرَّضا للإِفْطَار.
وَقِيلَ: حَانَ لَهُمَا أَنْ يُفْطِرَا. وَقِيلَ: هُوَ على جهة التَّغْليظ لهما والدُّعاء عليهما. وفيه «أنه قام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تَفَطَّرَتْ قَدَّمَاهُ» أَيْ تشقَّقَت. يُقَالُ:
تَفَطَّرَتْ وانْفَطَرَتْ بِمَعْنًى.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ «سُئل عَنِ المَذْي فَقَالَ: هُوَ الفَطْر» ويُروى بِالضَّمِّ، فَالْفَتْحُ مِنْ مَصْدَرِ: فَطَرَ نابُ الْبَعِيرِ فَطْراً إِذَا شَقَّ اللَّحْمَ وطَلَع، فشبَّه بِهِ خُروج المَذْي فِي قِلَّته، أَوْ هُوَ مَصْدَرٌ:
فَطَرْتُ النَّاقَةَ أَفْطُرُها: إذ حَلَبْتَها بِأَطْرَافِ الْأَصَابِعِ فَلَا يَخْرُجُ إلاَّ قَلِيلًا.
وَأَمَّا بِالضَّمِّ فَهُوَ اسْم مَا يَظْهر مِنَ اللَّبن عَلَى حلَمة الضَّرْع.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عَبْدِ الْمَلِكِ «كَيْفَ تَحْلُبها، مَصْراً أَمْ فَطْراً؟» هُوَ أَنْ يَحْلِبُهَا بأصبْعين وطَرَف الإبْهام. وَقِيلَ بالسَّبَّابة والإبْهام.
وَفِي حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ «ماءٌ نَمِيرٌ وحَيْسٌ فَطِير» أَيْ طَرِيّ قَريبٌ حَدِيثُ الْعَمَلِ.

فَزِعَ

(فَزِعَ)
(هـ) فِيهِ «أَنَّهُ قَالَ للأنْصار: إنَّكم لتَكْثُرون عِنْدَ الفَزَع، وتَقِلُّون عِنْدَ الطَّمَع» الفَزَع: الْخَوْفُ فِي الْأَصْلِ، فوُضِعَ مَوْضِع الْإِغَاثَةِ والنَّصْر، لأنَّ مَنْ شأنُه الإغاثةُ والدَّفْعُ عَنِ الْحَرِيمِ مُرَاقِبٌ حَذِرٌ.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «لَقَدْ فَزِعَ أهلُ الْمَدِينَةِ لَيْلا فرَكِبَ فرَساً لِأَبِي طلحة» أَيِ اسْتَغاثُوا. يُقَالُ: فَزِعْتُ إِلَيْهِ فأَفْزَعَنِي. أَيِ اسْتَغَثْت إِلَيْهِ فأغاثَني، وأَفْزَعْتُه إِذَا أغَثْتَه، وَإِذَا خَوّفْتَه.
وَمِنْهُ حَدِيثُ الْكُسُوفِ «فافْزَعُوا إِلَى الصَّلَاةِ» أي الْجَأُوا إِلَيْهَا، واسْتَغِيثُوا بِهَا عَلَى دَفْع الأمْرِ الحادِث.
وَمِنْهُ صِفَةُ عَلِيٍّ «فَإِذَا فُزِعَ فُزِعَ إِلَى ضَرِسٍ حَدِيد» أَيْ إِذَا اسْتُغِيثَ بِهِ الْتُجِئَ إِلَى ضَرِس، والتَّقْدير: فَإِذَا فُزِعَ إِلَيْهِ فُزِعَ إِلَى ضَرِس، فَحُذِف الجَارُ واسْتَتر الضَّمِيرُ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ الْمَخْزُومِيَّةِ «ففَزِعُوا إِلَى أُسَامة» أَيِ اسْتَغاثوا بِهِ.
وَفِيهِ «أَنَّهُ فَزِعَ مِنْ نوْمه مُحْمَرّاً وجْهُه» .
[هـ] وَفِي رِوَايَةٍ «أَنَّهُ نَامَ ففَزِعَ وَهُوَ يَضْحك» أَيْ هَبَّ وانْتَبه. يُقَالُ: فَزِعَ مِنْ نَوْمِهِ، وأَفْزَعْتُه أَنَا، وَكَأَنَّهُ مِنَ الفَزَع: الخَوْفِ، لِأَنَّ الَّذِي يُنَبَّه لَا يَخْلُو مِنْ فَزَعٍ مَا.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أَلَا أَفْزَعْتُمُونِي» أَيْ أنْبَهْتُموني.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ مَقتــل عُمَرَ «فَزِّعُوه بِالصَّلَاةِ» أَيْ نَبِّهُوه.
وَفِي حَدِيثِ فَضْلِ عثمان «قالت عائشة للنبي صلى الله عليه وسلّم: مَا لِي لَمْ أرَكَ فَزِعْتَ لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ كَمَا فَزِعْتَ لعُثْمان؟ فَقَالَ: إِنَّ عثمانَ رَجُلُ حَيِيٌّ» يُقَالُ: فَزِعْتُ لِمَجيء فُلان إِذَا تأهَّبْتَ لَهُ مُتَحوِّلا مِنْ حالٍ إِلَى حَالٍ، كَمَا يَنْتَقِل النَّائِمُ مِنْ حَالِ النَّوم إِلَى حَالِ اليَقظة.
وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ بِالرَّاءِ وَالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ، مِنَ الفَراغ وَالِاهْتِمَامِ، وَالْأَوَّلُ أَكْثَرُ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ مَعْدِيكرِب «قَالَ لَهُ الأْشَعث: لَأُضَرِّطَنَّك، فَقَالَ:
كَلاَّ إِنَّهَا لَعَزُومٌ مُفَزَّعَة» أَيْ صَحِيحَةٌ تَنْزِل بِهَا الأَفْزَاع. والمُفَزَّع: الَّذِي كُشِفَ عَنْهُ الفَزَع وأُزِيل .
وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ «وَذَكَرَ الوَحْي قَالَ: فَإِذَا جَاءَ فُزِّعَ عَنْ قلوبهم» أي كُشِف عنها الفَزَع. 

غَرَرَ

(غَرَرَ)
(هـ) فِيهِ «أَنَّهُ جَعل فِي الجَنين غُرَّةً عبْداً أَوْ أمَة» الغُرَّة: العبْد نَفْسُه أَوِ الْأَمَةُ، وَأَصْلُ الغُرَّة: الْبَيَاضُ الَّذِي يَكُونُ فِي وجْه الفَرس، وَكَانَ أَبُو عَمْرِو بْنُ العَلاء يَقُولُ: الغُرَّة عبْدٌ أبيضُ أَوْ أمَةٌ بَيْضاء، وسُمِي غُرَّة لِبيَاضِه، فَلَا يُقبَل فِي الدِّية عبدٌ أسْودُ وَلَا جَارِيَةٌ سَوْداء. وَلَيْسَ ذَلِكَ شَرْطاً عِنْدَ الفُقهاء، وَإِنَّمَا الغُرَّة عِنْدَهُمْ مَا بَلغ ثمنُه نِصفَ عُشْر الدِّية مِنَ الْعَبِيدِ وَالْإِمَاءِ.
وَإِنَّمَا تَجِبُ الغُرَّة فِي الجَنين إِذَا سَقَط مَيِّتاً، فَإِنْ سَقَطَ حَيّاً ثُمَّ مَاتَ فَفِيهِ الدِّية كَامِلَةٌ.
وَقَدْ جَاءَ فِي بَعْضِ رِوايات الْحَدِيثِ «بغُرَّةٍ عَبْدٍ أَوْ أمَة أَوْ فَرَس أَوْ بَغْل» .
وَقِيلَ: إنَّ الفَرس والبَغْل غَلَطٌ مِنَ الراوي. وَفِي حَدِيثِ ذِي الْجَوْشَن «مَا كُنْتُ لأقيِضَه اليومَ بغُرَّة» سَمَّى الفَرس فِي هَذَا الْحَدِيثِ غُرَّة، وَأَكْثَرُ مَا يُطْلَقُ عَلَى الْعَبْدِ والأمَة. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بالغُرَّة النَّفيس مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ: مَا كُنْتُ لأَقِيضَه بِالشَّيْءِ النَّفيس المرْغُوب فِيهِ.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «غُرٌّ مُحَجَّلون مِنْ آثَارِ الْوُضُوءِ» الغُرُّ: جَمْعُ الأَغَرِّ، مِنَ الغُرَّة:
بياضِ الوجْه، يُريد بَياض وجُوهِهم بِنُورِ الوُضوء يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «فِي صَوْم الْأَيَّامِ الغُرِّ» أَيِ البِيضِ اللَّيَالِي بالقَمَر، وَهِيَ ثَالِثُ عشَر، وَرَابِعُ عَشَر، وَخَامِسُ عَشَر.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «إياكُم ومُشَارَّةَ الناسِ، فَإِنَّهَا تَدْفِنُ الغُرَّة وتُظْهر العُرَّة» الغُرَّة هَاهُنَا: الحَسَنُ والعَمل الصَّالِحُ، شبَّهه بغُرَّة الفَرس، وَكُلُّ شَيْءٍ تُرْفَع قيمتَهُ فَهُوَ غُرَّة.
[هـ] وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «عَلَيْكُمْ بِالْأَبْكَارِ فإنَّهنّ أَغَرُّ غُرَّةً» يَحْتَمِل أَنْ يَكُونَ مِنْ غُرَّة البَياض وصَفاء اللَّون ، ويَحْتَمل أَنْ يَكُونَ مِنْ حُسْن الخُلُق والعِشْرة، ويؤيدِّه الْحَدِيثُ الْآخَرُ:
[هـ] «عَلَيْكُمْ بِالْأَبْكَارِ فإنَّهنّ أَغَرُّ أَخْلَاقًا» أَيْ أنَّهنّ أبْعَدُ مِنْ فِطْنَة الشَّرّ وَمَعْرِفَتِهِ، مِنَ الغِرَّة: الغَفْلة.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «مَا أجِدُ لِمَا فعَل هَذَا فِي غُرَّة الْإِسْلَامِ مَثَلًا إِلَّا غَنَمًا وَرَدَتْ فرُمِيَ أَوَّلُهَا فَنَفر آخِرُها» غُرَّة الْإِسْلَامِ: أوّلُه، وغُرَّة كُلِّ شَيْءٍ: أوّلُه.
وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ «اقْتُلُوا الكَلْبَ الأسْود ذَا الغُرَّتَيْن» هُمَا النُّكْتَتان البَيْضَاوَان فَوْق عَيْنَيه.
(س [هـ] ) وَفِيهِ «المؤمِن غِرٌّ كَرِيمٌ» أَيْ لَيْسَ بِذِي نُكر، فَهُوَ يَنْخَدِع لانْقِيادِه وَلينِه، وَهُوَ ضِدُّ الخَبِّ. يُقَالُ: فَتىً غِرٌّ وفَتاةٌ غِرٌّ، وَقَدْ غَرِرْتَ تَغِرُّ غَرَارَة. يُريد أنَّ المؤمنَ المحمودَ مِنْ طَبْعه الغَرَارَة، وقِلةُ الفِطْنة للشَّرّ، وتركُ الْبَحْثِ عَنْهُ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْهُ جَهلا، وَلَكِنَّهُ كَرَمٌ وحُسْن خُلُق.
وَمِنْهُ حَدِيثُ الْجَنَّةِ «يَدْخُلُني غِرَّة النَّاسِ» أَيِ البُلْهُ الَّذِينَ لَمْ يُجَرّبوا الْأُمُورَ، فَهمُ قَليلُو الشَّرّ مُنْقادُون، فإنَّ مَنْ آثرَ الخُمول وإصْلاح نَفْسِه والتَّزوُّد لِمَعاده، ونَبذَ أمُور الدُّنْيَا فَلَيْسَ غِرّاً فِيمَا قَصَد لَهُ، وَلَا مَذْموما بِنَوْعٍ مِنَ الذَّم.
[هـ] وَمِنْهُ حَدِيثُ ظَبْيان «إنَّ مُلوك حِمْيَر مَلَكُوا مَعاقِلَ الْأَرْضِ وقَرارَها، ورُءوسَ المُلُوك وغِرَارَها» الغِرَار والأَغْرَار: جَمْعُ الغِرِّ.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ «إنَّك مَا أخَذْتَها بَيْضاء غَرِيرَة» هِيَ الشَّابَّة الْحَدِيثَةُ الَّتِي لَمْ تُجَرِّب الْأُمُورَ.
(س) وفيه «أنه قاتل محارب خَصَفة، فَرأوْا مِن الْمُسْلِمِينَ غِرَّة فصَلى صَلَاةَ الْخَوْفِ» الغِرَّة:
الغَفْلة: أَيْ كَانُوا غَافِلِينَ عَنْ حِفْظ مَقامِهم، وَمَا هُم فِيهِ مِنْ مُقابلة العَدُوّ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أَنَّهُ أَغَارَ عَلَى بَنِي المصْطَلِق وَهُمْ غَارُّون» أَيْ غافِلون.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ «كتَب إِلَى أَبِي عُبَيدة أَنْ لَا يُمْضِيَ أمْرَ اللَّهِ إلاَّ بَعِيدُ الغِرَّة حصَيف العُقْدة» أَيْ مَن بَعُد حفْظُه لغَفْلة الْمُسْلِمِينَ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ «لَا تَطْرُقوا النِّساءَ وَلَا تَغْتَرُّوهنَّ» أَيْ لَا تَدْخُلوا إِلَيْهِنَّ عَلَى غِرَّة.
يُقال: اغْتَرَرْتُ الرَّجُل إِذَا طَلَبْتَ غِرَّتَه، أَيْ غَفْلَته.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ سَارِقِ أَبِي بَكْرٍ «عَجِبْتُ مِنْ غِرَّتِه بِاللَّهِ عزَّ وجَلّ» أَيِ اغْتِرَارِه.
(هـ س) وَفِيهِ «أَنَّهُ نَهى عَنْ بَيْع الغَرَر» هُوَ مَا كَانَ لَهُ ظاهِر يَغُرُّ المشتَرِيَ، وباطِنٌ مَجْهُولٌ.
وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ: بَيْع الغَرَر: مَا كَانَ عَلَى غَيْر عُهْدَة وَلَا ثِقة، وتَدخُل فِيهِ الْبُيُوعُ الَّتِي لَا يُحيِط بِكُنْهِها المُتَبَايعان، مِنْ كُلِّ مَجْهول. وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ مُطَرِّف «إِنَّ لِي نَفْسا واحِدة، وَإِنِّي أكْره أَنْ أُغَرِّرَ بها» أَيْ أحْمِلها عَلَى غَيْرِ ثِقَة، وَبِهِ سُمّي الشَّيْطَانُ غَرُوراً، لِأَنَّهُ يَحْمِل الْإِنْسَانَ عَلَى مَحَابِّه، وورَاء ذَلِكَ مَا يَسُوء.
وَمِنْهُ حَدِيثُ الدُّعَاءِ «وتَعَاطى مَا نَهَيْتَ عَنْهُ تَغْرِيراً» أَيْ مُخَاطَرَة وغَفْلَة عَنْ عاقِبة أمْره.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «لأنْ أَغْتَرَّ بِهَذِهِ الْآيَةِ وَلَا أقاتِل، أحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أنْ أَغْتَرَّ بِهَذِهِ الْآيَةِ» يُريد قَوْلَهُ تعالى «فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي» وقوله «وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً» الْمَعْنَى أنْ أخاطِر بِتْركي مُقْتَــضى الأمْرِ بالأُولَى أحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أخاطِر بالدُّخول تَحت الْآيَةِ الأخْرى.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ «أيُّما رَجُل بايَعَ آخَرَ فإنَّه لَا يُؤمَّر واحِدٌ مِنْهُمَا تَغِرَّةَ أنْ يُقْتَلا» التَّغِرَّة: مصْدر غَرَّرْتُه إِذَا ألْقَيْتَه فِي الغَرَر، وَهِيَ مِنَ التَّغْرِير، كالتَّعِلَّة مِنَ التَّعْليل. وَفِي الْكَلَامِ مُضَافٌ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ: خَوْفَ تَغِرَّة أنْ يُقْتَلا: أَيْ خَوْفَ وقوعهما فِي الْقَتْلِ، فَحَذَفَ المُضاف الَّذِي هُوَ الخوْف، وَأَقَامَ المُضاف إِلَيْهِ الَّذِي هُوَ تَغِرَّة مُقامَه، وانْتَصب عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ لَهُ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ «أَنْ يُقْتَلا» بَدَلًا مِنْ «تَغِرَّة» وَيَكُونُ المُضاف مَحْذوفاَ كَالْأَوَّلِ.
ومَن أَضَافَ «تَغِرَّة» إلى «أن يُقْتَلا» فَمَعْنَاهُ خَوْفَ تَغِرَّته قَتْلَهما.
ومعْنى الْحَدِيثِ: أَنَّ البَيْعة حقُّها أنْ تَقَعَ صادِرة عَنِ الْمُشورة والاتِّفاق، فَإِذَا اسْتَبَدَّ رجُلان دُون الْجَمَاعَةِ فَبَايَعَ أحدهُما الآخَر، فَذَلِكَ تَظَاهُر مِنْهُمَا بِشَقّ العصَا واطِّراح الْجَمَاعَةِ، فَإِنْ عُقِد لِأحَدٍ بَيْعة فَلَا يَكُونُ المعقودُ لَه واحِداً مِنْهُمَا، ولِيَكُونا مَعزولَين مِنَ الطَّائِفَةِ الَّتِي تَتَّفق عَلَى تَمْييز الْإِمَامِ مِنْهَا، لِأَنَّهُ إِنْ عُقِد لواحدٍ منْهما وَقَدِ ارْتَكَبَا تِلك الفَعْلة الشَّنيعة الَّتِي أحْفَظَت الجَماعة، مِنَ التَّهاوُن بِهِمْ والاسْتغناء عَنْ رَأْيِهِمْ لَمْ يؤَمن أَنْ يُقْتَلا.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ «أَنَّهُ قَضى فِي وَلَدِ المَغْرُور بغُرَّة» هُوَ الرجُل يتَزوّج امْرأة عَلَى أَنَّهَا حُرة فتظْهر مَمْلوكة، فَيَغْرَم الزوجُ لموْلَى الأمَة غُرَّةً عَبْداً أَوْ أُمَّةً، ويَرجع بِهَا عَلَى مَن غَرَّه، وَيَكُونُ وَلَدُه حُرّاً.
(هـ) وَفِيهِ «لَا غِرَارَ فِي صَلاة وَلَا تَسْليم» الغِرَار: النُّقصان. وغِرَار النَّوم: قِلَّتُه. ويُريد بغِرَار الصَّلاة نُقْصانَ هَيْآتها وأركانِها. وغِرَار التَّسليم: أَنْ يَقُولَ المُجِيبُ: وعَلَيْك، وَلَا يَقُولُ: السَّلام.
وَقِيلَ: أَرَادَ بالغِرَار النَّوْم: أَيْ ليْسَ فِي الصَّلَاةِ نَوْمٌ.
«وَالتَّسْلِيمُ» يُرْوَى بالنَّصْب والجِرّ، فَمَنْ جَرَّه كَانَ معطُوفا عَلَى الصَّلَاةِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَمَنْ نَصَبَ كَانَ مَعْطُوفًا عَلَى الغِرَار، وَيَكُونُ الْمَعْنَى: لَا نَقْصَ وَلَا تَسْليمَ فِي صَلَاةٍ، لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الصَّلَاةِ بَغْير كَلَامِهَا لَا يَجُوزُ.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ «لَا تُغَارُّ التَّحيّة» أَيْ لَا يُنْقص السَّلَامُ.
وَحَدِيثُ الأوزاعيّ «كانوا يَرون بغِرَار النَّوْمِ بَأساً» أَيْ لَا ينْقُض قليلُ النَّوْمِ الوُضُوءَ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ تَصِف أَبَاهَا «فَقَالَتْ: رَدَّ نَشْر الْإِسْلَامِ عَلَى غَرِّهِ» أَيْ عَلَى طَيّهِ وكَسْرِه. يُقَالُ: اطْوِ الثَّوب عَلَى غَرِّهِ الْأَوَّلِ كَمَا كَانَ مَطْوِيّاً، أَرَادَتْ تَدْبِيرَهُ أمْرَ الرِّدّة ومُقابلة دَائِها بدَوَائها.
وَفِي حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ «كَانَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغُرُّ عَلِيًّا بِالْعِلْمِ» أَيْ يُلقمهُ إيَّاه. يُقَالُ:
غَرَّ الطَّائر فَرْخَه إِذَا زَقَّه.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ «مَن يُطِع اللَّهَ يَغُرُّه كَمَا يَغُرُّ الغُرَابُ بُجَّه أَيْ فرْخَه.
وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ، وذَكَر الحسَن والحُسين رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فَقَالَ: «إنَّما كَانَا يُغَرَّان العِلْمَ غَرّاً» .
وَفِي حَدِيثِ حَاطِبٍ «كنتُ غَرِيراً فِيهِمْ» أَيْ مُلْصَقاً مُلازماً لَهُمْ.
قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: هَكَذَا الرِّوَايَةُ. وَالصَّوَابُ مِنْ جِهَة العَربيَّة «كنتُ غَرِيّاً» أَيْ مُلْصَقا.
يُقَالُ: غَرِىَ فُلانٌ بِالشَّيْءِ إِذَا لَزِمَه. وَمِنْهُ الغِرَاء الَّذِي يُلْصَق بِهِ. قَالَ: وَذَكَرَهُ الْهَرَوِيُّ فِي الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ، وَقَالَ «كُنْتُ عَرِيرا» : أَيْ غرِيباً. وَهَذَا تَصْحِيفٌ مِنْهُ. قُلْتُ: أمَّا الْهَرَوِيُّ فَلَمْ يُصَحّف وَلَا شَرح إلاَّ الصَّحِيحَ، فإنَّ الْأَزْهَرِيَّ وَالْجَوْهَرِيَّ والخَطّابيّ وَالزَّمَخْشَرِيَّ ذكَرُوا هَذِهِ اللَّفْظة بالعَين الْمُهْمَلَةِ فِي تَصانِيفهم وشَرحُوها بالغَريب، وكَفاك بواحِدٍ مِنْهُمْ حُجَّةً لِلْهَرَوِيِّ فِيمَا رَوَى وشَرح.

عَيَلَ

(عَيَلَ)
(هـ) فِيهِ «إِنَّ اللَّهَ يُبْغِضُ العَائِل المُخْتَال» العَائِل: الفَقِير. وَقَدْ عَالَ يَعِيلُ عَيْلَة، إِذَا افْتَقًر. (س) وَمِنْهُ حَدِيثُ صِلَة «أمَّا أنَا فَلَا أَعِيلُ فِيهَا» أَيْ لَا أفْتقِر.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «مَا عَالَ مُقْتَــصِد وَلا يَعِيلُ» .
وَمِنْهُ حَدِيثُ الْإِيمَانِ «وتَرى العَالَةَ رُءُوسَ النَّاس» العَالَة: الفُقَرَاءُ، جَمْع عَائِل.
[هـ] وَمِنْهُ حَدِيثُ سَعْدٍ «خَيْرٌ منْ أنْ تَتْرُكَهُم عَالَةً يَتكَفَّفُون الناسَ» .
(هـ) وَفِيهِ «إنَّ مِنَ القَولِ عَيْلا» هُوَ عَرْضُك حديثَك وكَلامَك عَلَى مَن لَا يُريده، وليْس مِنْ شَأْنِهِ. يُقال: عِلْتُ الضّالّةَ أَعِيلُ عَيْلًا، إِذا لَمْ تَدْْر أيَّ جِهَة تَبْغيها، كَأَنَّهُ لَمْ يَهْتَدِ لِمَنْ يَطْلُب كلامَه، فَعَرَضه عَلَى مَنْ لَا يُريدُه.

تفسير: المنشي

تفسير: المنشي
هو: مولانا: محمد بن بدر الدين الصاروخاني.
المتوفى: بالمدينة، في حدود سنة 1000، ألف.
وهو تفسير وجيز: (كتفسير الجلالين).
أوله: (الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب... الخ).
أورد فيه: نخب الأقوال، وبين إعراب ما يقتضيه الحال.
مقتــصرا على: قراءة حفص، لشهرتها في البلاد الرومية.
وذكر أنه: شرع في وطنه أقحصار، في رمضان، سنة 981، إحدى وثمانين وتسعمائة، ولما أتم، وعرض على الموالي، فكتبوا له تقاريظ.
وأهداه إلى: السلطان: مراد خان، وتشرف بميامنه بمشيخة الحرم النبوي، سنة 82، اثنتين وثمانين، وجاور بها، إلى أن مات.
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.