Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: مقتل

الطَّفُّ

الطَّفُّ:
بالفتح، والفاء مشددة، وهو في اللغة ما أشرف من أرض العرب على ريف العراق، قال الأصمعي: وإنما سمي طفّا لأنه دان من الريف،
من قولهم: خذ ما طفّ لك واستطفّ أي ما دنا وأمكن، وقال أبو سعيد: سمي الطف لأنه مشرف على العراق من أطفّ على الشيء بمعنى أطلّ، والطف:
طف الفرات أي الشاطئ، والطف: أرض من ضاحية الكوفة في طريق البرية فيها كان مقتل الحسين ابن علي، رضي الله عنه، وهي أرض بادية قريبة من الريف فيها عدة عيون ماء جارية، منها: الصيد والقطقطانة والرّهيمة وعين جمل وذواتها، وهي عيون كانت للموكلين بالمسالح التي كانت وراء خندق سابور الذي حفره بينه وبين العرب وغيرهم، وذلك أن سابور أقطعهم أرضها يعتملونها من غير أن يلزمهم خراجا، فلما كان يوم ذي قار ونصر الله العرب بنبيه، صلّى الله عليه وسلّم، غلبت العرب على طائفة من تلك العيون وبقي بعضها في أيدي الأعاجم، ثم لما قدم المسلمون الحيرة وهربت الأعاجم بعد ما طمّت عامة ما كان في أيديها منها وبقي ما في أيدي العرب فأسلموا عليه وصار ما عمروه من الأرض عشرا، ولما انقضى أمر القادسية والمدائن وقع ما جلا عنه الأعاجم من أرض تلك العيون إلى المسلمين وأقطعوه فصارت عشرية أيضا، وقال الأقيشر الأسدي من قصيدة:
انّي يذكّرني هندا وجارتها ... بالطفّ صوت حمامات على نيق
بنات ماء معا بيض جآجئها، ... حمر مناقرها صفر الحماليق
أيدي السّقاة بهن الدهر معملة، ... كأنما لونها رجع المخاريق
أفنى تلادي وما جمّعت من نشب ... قرع القواقيز أفواه الأباريق
وكان مجرى عيون الطفّ وأعراضها مجرى أعراض المدينة وقرى نجد، وكانت صدقتها إلى عمال المدينة، فلما ولي إسحاق بن إبراهيم بن مصعد السواد للمتوكل ضمها إلى ما في يده فتولى عماله عشرها وصيّرها سواديّة، فهي على ذلك إلى اليوم، ثم استخرجت فيها عيون إسلامية يجري ما عمر بها من الأرضين هذا المجرى، قالوا: وسميت عين جمل لأن جملا مات عندها في حدثان استخراجها فسمّيت بذلك، وقيل: إن المستخرج لها كان يقال له جمل، وسميت عين الصيد لكثرة السمك الذي كان بها، قال أبو دهبل الجمحي يرثي الحسين بن علي، رضي الله عنه، ومن قتل معه بالطفّ:
مررت على أبيات آل محمد، ... فلم أرها أمثالها يوم حلّت
فلا يبعد الله الديار وأهلها، ... وإن أصبحت منهم برغمي تخلّت
ألا إنّ قتلى الطفّ من آل هاشم ... أذلّت رقاب المسلمين فذلّت
وكانوا غياثا ثم أضحوا رزيّة، ... ألا عظمت تلك الرزايا وجلّت!
وجا فارس الأشقين بعد برأسه ... وقد نهلت منه الرماح وعلّت
وقال أيضا:
تبيت سكارى من أميّة نوّما، ... وبالطفّ قتلى ما ينام حميمها
وما أفسد الإسلام إلا عصابة ... تأمّر نوكاها فدام نعيمها
فصارت قناة الدين في كفّ ظالم، ... إذا اعوجّ منها جانب لا يقيمها

طَمَارِ

طَمَارِ:
بوزن حذام وقطام، معدول عن طامر من طمر إذا وثب عاليا، وطمار: المكان المرتفع، يقال: انصبّ عليه من طمار مثل قطام، عن الأصمعي وينشد:
فان كنت ما تدرين ما الموت فانظري ... إلى هانئ في السوق وابن عقيل
إلى بطل قد عقّر السيف وجهه، ... وآخر يهوي من طمار قتيل
وكان عبيد الله بن زياد قد أمر بإلقاء مسلم بن عقيل ابن أبي طالب من سطح عال قبل مقتل الحسين بن عليّ، رضي الله عنهما، قال ابن السكيت: من طمار أو طمار، بالفتح أو الكسر، جعله مما لا ينصرف أيضا هذا هو المشهور، وقال نصر: طمار قصر بالكوفة، فجعله علما، قال: وطمار جبل،
وقيل: طمار اسم سور دمشق، ولعله نقله، وابنا طمار: ثنيتان، وقيل: جبلان معروفان.

عَقْرَما

عَقْرَما:
بفتح أوله، وسكون ثانيه، وفتح الراء، والقصر، مرتجلا لا أدري ما هو: موضع باليمن، قال ابن الكلبي في جمهرة النسب لبني الحارث بن كعب مازن وهو عيص البأس يريد أصل البأس كما قالوا جذل الطعان، منهم أسلم بن مالك بن مازن كان رئيسا قتله جعفر بعقرما موضع باليمن، وأنشد أبو النّدى لرجل من جعفر فقال:
جدعتم بأفعى بالذّهاب أنوفنا ... فملنا بأنفكم فأصبح أصلما
فمن كان محزونا بــمقتل مالك ... فإنّا تركناه صريعا بعقرما

الغَوْر

الغَوْر:
بالفتح ثم السكون، وآخره راء، والغور:
المنخفض من الأرض، وقال الزّجّاج: الغور أصله ما تداخل وما هبط، فمن ذلك غور تهامة يقال للرجل: قد أغار إذا دخل تهامة، وغور كل شيء:
قعره، وكلّ ما وصفنا به تهامة فهو من صفة الغور لأنهما اسمان لمسمّى واحد، قال أعرابيّ
أراني ساكنا من بعد نجد ... بلاد الغور والبلد التهام
فربّتما مشيت بحرّ نجد ... وربّتما ضربت به الخيا
وربّتما رأيت بحرّ نجد ... على اللأواء أخلاقا كراما
أليس اليوم آخر عهد نجد؟ ... بلى فاقروا على نجد السلاما
قال الأزهري: الغور تهامة وما يلي اليمن، وقال الأصمعي: ما بين ذات عرق إلى البحر غور تهامة، وطرف تهامة: من قبل الحجاز مدارج العرج وأولها من قبل نجد مدارج ذات عرق، والمدارج:
الثنايا الغلاظ، وقال الباهلي: كلّ ما انحدر سيله مغرّبا عن تهامة فهو غور، وقال الأصمعي: يقال غار الرجل يغور إذا سار في بلاد الغور، وهكذا قال الكسائي وأنشد قول جرير:
يا أمّ طلحة ما رأينا مثلكم ... في المنجدين ولا بغور الغائر
لو كان من أغار لكان مغيرا، فلما قال الغائر دلّ على أنه من غار يغور، وسئل الكسائي عن قول الأعشى:
نبيّ يرى ما لا ترون، وذكره ... أغار، لعمري، في البلاد وأنجدا
فقال: ليس هذا من الغور وإنما هو من أغار إذا أسرع، وكذلك قال الأصمعي، وروى ابن الأنباري أن الأصمعي كان يروي هذا البيت:
نبيّ يرى ما لا ترون، وذكره ... لعمري غار في البلاد وأنجدا
وروي عن ابن الأعرابي أنه قال: غار القوم وأغاروا إذا انحدروا نحو الغور، قال: والعرب تقول: ما أدري أغار فلان أم أنجد أي ما أدري أتى الغور أم أتى نجدا، وكذلك قال الفراء واحتج بقول الأعشى.
والغور: غور الأردنّ بالشام بين البيت المقدّس ودمشق، وهو منخفض عن أرض دمشق وأرض البيت المقدس ولذلك سمي الغور، طوله مسيرة ثلاثة أيام، وعرضه نحو يوم، فيه نهر الأردنّ وبلاد وقرى كثيرة، وعلى طرفه طبرية وبحيرتها ومنها مأخذ مياهها، وأشهر بلاده بيسان بعد طبرية، وهو وخم شديد الحر غير طيب الماء وأكثر ما يزرع فيه قصب السكر، ومن قراه أريحا مدينة الجبّارين، وفي طرفه الغربي البحيرة المنتنة وفي طرفه الشرقي بحيرة طبرية. وغور العماد: موضع في ديار بني سليم. والغور أيضا غور ملح: ماء لبني العدوية، قال الهيش بن شراحيل المازني مازن بني عمرو بن تميم:
فان قتلت أخي، إذ حمّ مقتلــه، ... فلست أول عبد ربّه قتلا
لقيته طيّبا نفسا بميتته ... لما رأى الموت لا نكسا ولا وكلا
وقد دعوتك يوم الغور من ملح ... إلى النزال فلم تنزل كما نزلا
فلا عدمت امرأ هالتك خيفته ... حتى حسبت المنايا تسبق الأجلا
ولا أسنّة قوم أرشدوك بها ... سبل الفرار فلم تعدل بها سبلا
وكان الهيش من قتّال بني مازن وشجعانها وشعرائها، والأيام والأحاديث في الغور كثيرة، وقالت ماجدة البكرية:
ألا يا جبال الغور خلّين بيننا ... وبين الصّبا يجري علينا شنينها
لقد طال ما جالت ذراكنّ بيننا ... وبين ذرى نجد فما نستبينها
وقال جميل:
يغور، إذا غارت، فؤادي وإن تكن ... بنجد يهم منّي الفؤاد إلى نجد
أتيت بني سعد صحيحا مسلّما، ... وكان سقام القلب حبّ بني سعد
وقال الأحوص:
وإنك إن تنزح بك الدار آتكم ... وشيكا، وإن يصعد بك العيس أصعد
وإن غرت غرنا حيث كنت وغرتم، ... أو أنجدت أنجدنا مع المتنجّد
متى تنزلي عينا بأرض وتلعة ... أزرك ويكثر حيث كنت تردّدي

رَزِيقٌ

رَزِيقٌ:
بفتح أوّله، وكسر ثانيه، وياء مثناة من تحت، وآخره قاف: نهر بمرو عليه قبر بريدة الأسلمي صاحب رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، وذكره الحازمي بتقديم الزاي على الراء وهو خطأ منه فإنّي رأيت أهل مرو يسمّونه كما ذكرناه وكذا أثبته السمعاني في كتاب النسب له بتقديم الراء المهملة وكذا ذكره العمراني أيضا بتقديم المهملة، وقال الحازمي: الزريق نهر بمرو وعليه محلّة كبيرة وفيها كانت دار أحمد بن حنبل وهو الآن خارجها وليس عليه عمارة، وينسب إليه أحمد بن عيسى الجمّال المروزي الرزيقي من كبار أصحاب ابن المبارك، وحدث عن نفر من المراوزة عن الفضل بن موسى ويحيى بن واضح، قال ابن الفقيه: وبمرو الرزيق والماجان وهما نهران كبيران حسنان منهما سقي أكثر ضياعهم ورساتيقهم، وأنشد لعليّ بن الجهم:
جاوز النّهرين والنّهروانا، ... أجلولا يؤمّ أم حلوانا؟
ما أظنّ النّوى يسوّغه القر ... ب ولم تمخض المطيّ البطانا
نشطت عقلها فهبّت هبوب ال ... رّيح خرقاء تخبط البلدانا
أوردتنا حلوان ظهرا وقرمي ... سين ليلا وصبّحت همذانا
أنظرتنا إذا مررنا بمرو ... ووردنا الرزيق والماجانا
إن نجيء ديار جهم وإدري ... س بخير ونسأل الإخوانا
وكان مقتل يزدجرد بن شهريار بن كسرى ملك الفرس في طاحونة على الرزيق، فقال أبو نجيد نافع ابن الأسود التميمي:
ونحن قتلنا يزدجرد ببعجة ... من الرّعب إذ ولّى الفرار وغارا
غداة لقيناهم بمرو نخالهم ... نمورا على تلك الجبال وبارا
قتلناهم في حربة طحنت بهم ... غداة الرّزيق إذ أراد حوارا
ضممنا عليهم جانبيهم بصادق ... من الطّعن ما دام النهار نهارا
فو الله لولا الله لا شيء غيره ... لعادت عليهم بالرزيق بوارا

قِضَةُ

قِضَةُ:
بكسر أوله وتخفيف ثانيه، قال صاحب كتاب العين: القضة أرض منخفضة ترابها رمل وإلى جانبها متن مرتفع، وجمعها القضون، قال أبو منصور: القضة، بتخفيف الضاد، ليست من حدّ المضاعف لأن لامه معتلة فهو من باب قضى، وهي شجرة من شجر الحمض معروفة، وقال ابن السكيت:
القضة نبت يجمع القضين والقضون، وإذا جمعته على مثال البرى قلت القضى، وأما الأرض التي ترابها رمل فهي القضّة، بالتشديد، وجمعها قضّات، قال أبو المنذر: قضة، بكسر القاف وبعدها ضاد معجمة مخففة، عقبة بعارض اليمامة، وعارض: جبل، وهي من قبل مهب الشمال، بينها وبين اليمامة وصمر ماء لبني أسد ثلاثة أيام، وأنشد غيره:
قد وقعت في قضّة من شرج، ... ثم استقلّت مثل شدق العلج
يصف دلوا، والعلج: الحمار الوحشي، يعني الدّلو أنها وقعت في ماء قليل على حصى في بئر فلم تمتلئ والماء يتحرك فيها كأنها شدق حمار، وقال الجميح واسمه منقذ بن الطماح بن قيس بن طريف:
وإن يكن حادث يخشى فذو علق ... تظلّ تزجره من خشية الذيب
وإن يكن أهلها حلّوا على قضة، ... فإنّ أهلي الألى حلّوا بملحوب
لما رأت إبلي قلّت حلوبتها، ... وكل عام عليها عام تجنيب
أبقى الحوادث منها، وهي تتبعها ... والحقّ، صرمة راع غير مغلوب
وبقضة كانت وقعة بكر وتغلب العظمى في مقتل كليب، والجاهلية تسميها حرب البسوس، وفيه كان يوم التحالق فكانت الدّبرة لبكر بن وائل على تغلب فتفرقوا من ذلك اليوم، وبعد تلك الوقعة كانت الوقائع التي جرّها قتل كليب بن ربيعة حين قتله جسّاس بن مرة فشتتهم أخوه المهلهل في البلاد، فقال الأخنس بن شهاب التغلبي وكان رئيسا شاعرا:
لكل أناس من معدّ عمارة ... عروض إليها يلجؤون وجانب
لكيز لها البحران والسّيف دونها ... وإن يأتها بأس من الهند كارب
تطاير عن أعجاز حوش كأنها ... جهام هراق ماءه فهو آئب
وبكر لها برّ العراق، وإن تخف ... يحل دونها من اليمامة حاجب
وصارت تميم بين قفّ ورملة ... لها من جبال منتأى ومذاهب
وكلب لها خبت فرملة عالج ... إلى الحرّة الرجلاء حيث تحارب
وغسان جنّ غيرهم في بيوتهم ... تجالد عنهم حسّر وكتائب
وبهراء حيّ قد علمنا مكانهم، ... لهم شرك حول الرّصافة لاحب
وغارت إياد في السواد ودونها ... برازيق عجم تبتغي من تضارب
ونحن أناس لا حصون بأرضنا ... مع الغيث ما نلفى ومن هو عازب
ترى رائدات الخيل حول بيوتنا ... كمعزى الحجاز أعوزتها الزرائب
أرى كلّ قوم قاربوا قيد فحلهم، ... ونحن خلعنا قيده فهو سارب

القَيْرَوَان

القَيْرَوَان:
قال الأزهري: القيروان معرّب وهو بالفارسية كاروان، وقد تكلمت به العرب قديما، قال امرؤ القيس:
وغارة ذات قيروان ... كأنّ أسرابها الرّعال
والقيروان في الإقليم الثالث، طولها إحدى وثلاثون درجة، وعرضها ثلاثون درجة وأربعون دقيقة: وهذه مدينة عظيمة بإفريقية غبرت دهرا وليس بالغرب مدينة أجلّ منها إلى أن قدمت العرب إفريقية وأخربت البلاد فانتقل أهلها عنها فليس بها اليوم إلا صعلوك لا يطمع فيه، وهي مدينة مصرّت في الإسلام في أيام معاوية، رضي الله عنه، وكان من حديث تمصيرها ما ذكره جماعة كثيرة من أهل السير، قالوا:
عزل معاوية بن أبي سفيان معاوية بن حديج الكندي عن إفريقية واقتصر به على ولاية مصر وولى إفريقية عقبة بن نافع بن عبد قيس بن لقيط بن عامر بن أمية بن عائش بن ظرب بن الحارث بن فهر بن مالك بن النضر ابن كنانة، وكان مولده في أيام النبي، صلى الله عليه وسلم، وقال ابن الكلبي: هو عبد الرحمن بن عدي ابن نافع بن قيس القرشي سنة 48، وكان مقيما بنواحي برقة وزويلة منذ ولاية عمرو بن العاص له فجمع إليه من أسلم من البربر وضمهم إلى الجيش الوارد من قبل معاوية، وكان جيش معاوية عشرة آلاف، وسار إلى إفريقية ونازل مدنها فافتتحها عنوة ووضع السيف في أهلها وأسلم على يده خلق من البربر وفشا فيهم دين الله حتى اتّصل ببلاد السودان فجمع عقبة حينئذ أصحابه وقال: إن أهل هذه البلاد قوم لا خلاق لهم، إذا عضّهم السيف أسلموا وإذا رجع المسلمون عنهم عادوا إلى عادتهم ودينهم، ولست أرى نزول المسلمين بين أظهرهم رأيا، وقد رأيت أن أبني ههنا مدينة يسكنها المسلمون، فاستصوبوا رأيه فجاؤوا إلى موضع القيروان وهي في طرف البرّ وهي أجمة عظيمة وغيضة لا يشقها الحيّات من تشابك أشجارها، وقال: إنما اخترت هذا الموضع لبعده من البحر لئلا تطرقها مراكب الروم فتهلكها وهي في وسط البلاد، ثم أمر أصحابه بالبناء فقالوا: هذه غياض كثيرة السباع والهوام فنخاف على أنفسنا هنا، وكان عقبة مستجاب الدعوة فجمع من كان في عسكره من الصحابة وكانوا ثمانية عشر ونادى: أيتها الحشرات والسباع نحن أصحاب رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، فارحلوا عنّا فإنّا نازلون فمن وجدناه بعد قتلناه، فنظر الناس يومئذ إلى أمر هائل، كان السبع يحمل أشباله والذئب يحمل أجراءه والحيّة تحمل أولادها وهم خارجون أسرابا أسرابا فحمل ذلك كثيرا من البربر على الإسلام، ثم اختطّ دارا للإمارة واختطّ الناس حوله وأقاموا بعد ذلك أربعين عاما لا يرون فيها حيّة ولا عقربا، واختطّ جامعها فتحير في قبلته فبقي مهموما فبات ليلة فسمع قائلا يقول: في غد ادخل الجامع فإنك تسمع تكبيرا فاتبعه فأيّ موضع انقطع الصوت فهناك القبلة التي رضيها الله للمسلمين بهذه الأرض، فلما أصبح سمع الصوت ووضع القبلة واقتدى بها بقية المساجد وعمّر الناس المدينة فاستقامت في سنة 55 للهجرة، وقد ذكرت بقية خبر عقبة ومقتلــه في كتابي المسمّى بالمبدإ والمآل، وكان مقتلــه في سنة 63 بعد أن فتح جميع بلاد المغرب، وينسب إلى القيروان قيروانيّ وقيرويّ، فمن جملة من ينسب إليها قيروانيّ:
محمد بن أبي بكر عتيق محمد بن أبي نصر هبة الله بن علي بن مالك أبو عبيد الله التميمي القيرواني المتكلم الثغري المعروف بابن أبي كدية، درس علم الأصول بالقيروان على أبي عبد الله الحسين بن حاتم الأزدي صاحب القاضي أبي بكر الباقلاني وعلى غيره، وكان يذكر أنه سمع أبا عبد الله القضاعي بمصر، قرأ عليه نصر الله بن محمد بصور وكان يقرئ الكلام في النظامية ببغداد وأقام بالعراق إلى أن مات، وكان صلبا في الاعتقاد، ومات ببغداد في ثامن عشر ذي الحجّة سنة 512 ودفن مع أبي الحسن الأشعري في تربته بمشرعة الروايا خارج الكرخ.

قِيقَانُ

قِيقَانُ:
بالكسر، وأهل الشام يسمون الغراب قاقا ويجمعونه قيقان، وتلّ القيقان: بظاهر مدينة حلب معروف عندهم. وقيقان: بلاد قرب طبرستان، وفي كتاب الفتوح: في سنة 38 وأول سنة 39 في خلافة أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب، رضي الله عنه، توجّه إلى ثغر السند الحارث بن مرّة العبدي متطوّعا بإذن عليّ، رضي الله عنه، فظفر وأصاب مغنما وسبيا وقسم في يوم واحد ألف رأس ثم إنه قتل ومن معه بأرض القيقان إلا قليلا، وكان مقتلــه في سنة 42، قال: والقيقان من بلاد السند مما يلي خراسان، ثم غزاهم المهلب في سنة 44 ولقي المهلب ببلاد القيقان ثمانية عشر فارسا من الترك على خيل محذوفة فقاتلوه فقتلوا جميعا، فقال المهلب: ما جعل هؤلاء الأعاجم أولى بالتشمير منّا، فحذف الخيل فكان أول من حذفها من المسلمين، ثم ولّى عبد الله ابن عامر في سنة 45 في زمن معاوية عبد الله بن سوّار العبدي، ويقال بل ولّاه معاوية من قبله ثغر الهند، فغزا القيقان فأصاب مغنما ثم وفد إلى معاوية وأهدي إليه خيلا قيقانية وأقام عنده ثم رجع وغزا القيقان فاستجاش الترك فقتلوه، وفيه قيل:
وابن سوّار على عدّانه ... موقد النار وقتّال السّغب
وكان سخيّا لم يوقد أحد نارا غير ناره، فرأى ذات ليلة نارا فقال: ما هذه؟ فقالوا: امرأة نفساء يعمل لها خبيص، فأمر بأن يطعم الناس الخبيص ثلاثا، قال خليفة بن خيّاط: في سنة 47 غزا عبد الله بن سوّار العبدي القيقان فجمع الترك فقتل عبد الله بن سوّار وعامّة ذلك الجيش وغلب المشركون على القيقان.
قَيْقَانُ:
حصن باليمن من أعمال صنعاء بيد ابن الهرش.

كَرْبَلاءُ

كَرْبَلاءُ:
بالمدّ: وهو الموضع الذي قتل فيه الحسين ابن عليّ، رضي الله عنه، في طرف البرّيّة عند الكوفة، فأما اشتقاقه فالكربلة رخاوة في القدمين، يقال:
جاء يمشي مكربلا، فيجوز على هذا أن تكون أرض هذا الموضع رخوة فسمّيت بذلك، ويقال:
كربلت الحنطة إذا هذّبتها ونقيتها، وينشد في صفة الحنطة:
يحملن حمراء رسوبا للثقل ... قد غربلت وكربلت من القصل
فيجوز على هذا أن تكون هذه الأرض منقاة من الحصى والدّغل فسمّيت بذلك، والكربل: اسم نبت الحمّاض، وقال أبو وجرة يصف عهون الهودج:
وثامر كربل وعميم دفلى ... عليها والندى سبط يمور
فيجوز أن يكون هذا الصنف من النبت يكثر نبته هناك فسمّى به، وقد روي أن الحسين، رضي الله عنه، لما انتهى إلى هذه الأرض قال لبعض أصحابه:
ما تسمّى هذه القرية؟ وأشار إلى العقر، فقال له:
اسمها العقر، فقال الحسين: نعوذ بالله من العقر! ثم قال: فما اسم هذه الأرض التي نحن فيها؟ قالوا:
كربلاء، فقال: أرض كرب وبلاء! وأراد الخروج منها فمنع كما هو مذكور في مقتلــه حتى كان منه ما كان، ورثته زوجته عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل فقالت:
وا حسينا! فلا نسيت حسينا ... أقصدته أسنّة الأعداء
غادروه بكربلاء صريعا، ... لا سقى الغيث بعده كربلاء [1]
ونزل خالد عند فتحه الحيرة كربلاء فشكا إليه عبد الله بن وثيمة البصري الذّبّان فقال رجل من أشجع في ذلك:
لقد حبست في كربلاء مطيّتي ... وفي العين حتى عاد غثّا سمينها
إذا رحلت من منزل رجعت له، ... لعمري وأيها إنني لأهينها
ويمنعها من ماء كلّ شريعة ... رفاق من الذّبّان زرق عيونها

اللُّقَاطَةُ

اللُّقَاطَةُ:
موضع قريب من الحاجر من منازل بني فزارة قتل فيه مالك بن زهير أخو قيس الرأي بن زهير ملك بني عبس دسّ عليه حذيفة بن بدر من قتله عوضا عن أخيه عوف بن بدر ولذلك اهتاجت حرب داحس والغبراء، وفيه قال الربيع بن زياد في الحماسة:
أفبعد مقتل مالك بن زهير ... ترجو النساء عواقب الأطهار؟

المِهْرَاسُ

المِهْرَاسُ:
بكسر أوله، وسكون ثانيه، وآخره سين مهملة، المهراس: موضعان أحدهما موضع باليمامة كان من منازل الأعشى، وفيه يقول:
شاقتك من قبلة أطلالها ... بالشطّ فالوتر إلى حاجر
فركن مهراس إلى مارد ... فقاع منفوحة ذي الحائر
قالوا: كان الأعشى ينزل هذا الشقّ من اليمامة، والمهراس: حجر مستطيل يتوضأ منه، وفي حديث أبي هريرة أن النبي، صلّى الله عليه وسلّم، قال: إذا أراد أحدكم الوضوء فليفرغ على يديه من إنائه ثلاثا، فقال له قين الأشجعي: فإذا أتينا مهراسكم كيف نصنع؟ أراد بالمهراس هذا الحجر المنقور الذي لا يقلّه الرجال، والمهراس فيما ذكره المبرّد: ماء بجبل أحد، وروي أن النبي، صلّى الله عليه وسلّم، عطش يوم أحد فجاءه عليّ، رضي الله عنه، وفي درقته ماء من المهراس فعافه وغسل به الدم عن وجهه. قال عبيد الله الفقير إليه: ويجوز أن يكون جاءه بماء من الحجر المنقور المسمّى بالمهراس، ويجوز أن يكون علما لهذا الحجر سمي به لثقله لما أنه يقع على الشيء فيهرسه، وليس كل حجر منقور مستطيل مهراسا، والله أعلم، وقال سديف بن ميمون يذكر حمزة وكان دفن بالمهراس:
لا تقيلن عبد شمس عثارا، ... واقطعن كل رقلة وغراس
أقصهم أيها الخليفة واحسم ... عنك بالسيف شأفة الأرجاس
واذكرن مقتل الحسين وزيد ... وقتيلا بجانب المهراس
هو حمزة بن عبد المطلب.

نَزّاعَةُ الشَّوَى

نَزّاعَةُ الشَّوَى:
بالفتح ثم التشديد، وبعد الألف عين مهملة، من نزعت الشيء إذا قلعته، والشوى، بالشين المعجمة: اليدان والرجلان، وقحف الرأس وأطراف الشيء يقال لها شوى، وقيل: الشوى الشيء اليسير، وما كان غير مقتل فهو شوى، ونزاعة الشوى:
موضع بمكة عند شعب الصّفيّ، عن الحازمي.

النَّشّاش

النَّشّاش:
بالفتح ثم التشديد، وتكرير الشين، يقال سبخة نشاشة تنش من النزّ، والقدر تنش إذا أخذت تغلي، والنشاش: واد كثير الحمض كانت فيه وقعة بين بني عامر وبين أهل اليمامة، قال:
وبالنّشّاش مقتلــة ستبقى ... على النّشّاش ما بقي الليالي
وقال القحيف العقيلي:
تركنا على النّشّاش بكر بن وائل ... وقد نهلت منها السيوف وعلّت

وَجْهُ نَهارٍ

وَجْهُ نَهارٍ:
حكى ثعلب عن ابن الأعرابي في قول الربيع بن زياد الفزاري يوم قتل مالك بن زهير العبسي:
من كان مسرورا بــمقتل مالك ... فليأت نسوتنا بوجه نهار
قال وجه نهار موضع ولم يقله غيره، وقالوا: وجه النهار أوله.

رُويَانُ

رُويَانُ:
بضم أوّله، وسكون ثانيه، وياء مثناة من تحت، وآخره نون: مدينة كبيرة من جبال طبرستان وكورة واسعة، وهي أكبر مدينة في الجبال هناك، قالوا: أكبر مدن سهل طبرستان آمل وأكبر مدن جبالها رويان، ورويان في الإقليم الرابع، طولها ست وسبعون درجة وخمس وثلاثون دقيقة، وعرضها سبع وثلاثون درجة وعشر دقائق، وبين جيلان ورويان اثنا عشر فرسخا، وقد ذكر بعضهم أن رويان ليست من طبرستان وإنّما هي ولاية برأسها مفردة واسعة محيط بها جبال عظيمة وممالك كثيرة وأنهار مطّردة وبساتين متّسعة وعمارات متصلة، وكانت فيما مضى من مملكة الديلم فافتتحها عمرو بن العلاء صاحب الجوسق بالرّي وبنى فيها مدينة وجعل لها منبرا، وفيما بين جبال الرويان والديلم رساتيق وقرى، يخرج من القرية ما بين الأربعمائة رجل إلى الألف ويخرج من جميعها أكثر من خمسين ألف مقاتل، وخراجها على ما وظف عليها الرشيد أربعمائة ألف وخمسون ألف درهم، وفي بلاد الرويان مدينة يقال لها كجّة بها مستقر الوالي، وجبال الرويان متصلة بجبال الريّ وضياعها ومدخلها ممّا يلي الري، وأوّل من افتتحها سعيد بن العاصي في سنة 29 أو 30 وهو والي الكوفة لعثمان سار إليها فافتتحها، وقد نسب إلى هذا الموضع طائفة من العلماء، منهم:
أبو المحاسن عبد الواحد بن إسماعيل بن محمد بن أحمد الروياني الطبري القاضي الإمام أحد أئمة الشافعية ووجوه أهل عصره ورؤوس الفقهاء في أيّامه بيانا وإتقانا، وكان نظام الملك عليّ بن إسحاق يكرمه، تفقه على أبي عبد الله محمد بن بيان الفقيه الكازروني وصنف كتبا كثيرة، منها: كتاب التجربة وكتاب الشافي، وصنف في الفقه كتابا كبيرا عظيما سماه البحر، رأيت جماعة من فقهاء خراسان يفضلونه على كل ما صنف في مذهب الشافعي، وسمع الحديث من أبي الحسين عبد الغافر بن محمد الفارسي ومن شيخه ابن بيان الكازروني، روى عنه زاهر بن طاهر الشحامي وإسمعيل بن محمد بن الفضل الأصبهاني وغيرهما، وقتل بسبب التعصب شهيدا في مسجد الجامع بآمل طبرستان في محرم سنة 501 وقيل سنة 502، عن السلفي، ومولده سنة 415، وعبد الكريم بن شريح بن عبد الكريم بن أحمد بن محمد الروياني الطبري أبو معمر قاضي آمل طبرستان، إمام فاضل مناظر فقيه حسن الكلام، ورد نيسابور فأقام بها مدة وسمع ببسطام أبا الفضل محمد بن عليّ بن أحمد السهلكي، وبطبرستان الفضل بن أحمد بن محمد البصري وأبا جعفر محمد بن عليّ بن محمد المناديلي وأبا الحسين أحمد بن الحسين بن أبي خداش الطبري، وبساوة أبا عبد الله محمد بن أحمد ابن الحسن الكامخي، وبأصبهان أبا المظفر محمود بن جعفر الكوسج، وبنيسابور أبا بكر محمد بن إسماعيل التفليسي وفاطمة بنت أبي عثمان الصابوني وأبا نصر محمد بن أحمد الرامش إجازة ... [1] ، وفوّض إليه القضاء بآمل في رمضان سنة 531، وبندار بن عمر بن محمد ابن أحمد أبو سعيد التميمي الروياني، قدم دمشق وحدث بها وبغيرها عن أبي مطيع مكحول بن علي ابن موسى الخراساني وأبي منصور المظفر بن محمد النحوي الدينوري وأبي محمد عبد الله بن جعفر الجباري الحافظ وعلي بن شجاع بن محمد الصيقلي وأبي صالح شعيب بن صالح، روى عنه الفقيه نصر بن سهل بن بشر وأبو غالب عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن الشيرازي ومكي بن عبد السلام المقدسي وأبو الحسن عليّ بن طاهر النحوي، قال عبد العزيز النخشبي وسئل عنه فقال: لا تسمع منه فإنّه كذاب. ورويان أيضا: من قرى حلب قرب سبعين عندها مقتل آق سنقر جدّ بني زنكي أصحاب الموصل، وقال العمراني: بالريّ محلة تسمى رويان أيضا.

راهِصٌ

راهِصٌ:
قال أبو زياد الكلابي: راهص من جبال أبي بكر بن كلاب، وأنشد أبو الندى:
رويت جريرا يوم أذرعة الهوى ... وبصرى وقادتك الرياح الجنائب
سقى الله نجدا من ربيع وصيّف، ... وخصّ بها أشرافها فالجوانب
إلى أجلى فالمطلبين فراهص، ... هناك الهوى لو أنّ شيئا يقارب
وفي كتاب الأصمعي: ولبني قريط بن عبد بن أبي بكر بن كلاب راهص أيضا، وهي حرّة سوداء، وهي آكام منقادة تسمّى نعل راهص ثمّ الجفر جفر البعر.
راهِطٌ:
بكسر الهاء، وطاء مهملة: موضع في الغوطة من دمشق في شرقيه بعد مرج عذراء إذا كنت في القصير طالبا لثنية العقاب تلقاء حمص فهو عن يمينك، وسمّاها كثيّر نقعاء راهط، قال:
أبوكم تلاقى يوم نقعاء راهط ... بني عبد شمس وهي تنفى وتقتل
راهط: اسم رجل من قضاعة، ويقال له مرج راهط، كانت به وقعة مشهورة بين قيس وتغلب، ولما كان سنة 65 مات يزيد بن معاوية وولي ابنه معاوية بن يزيد مائة يوم ثمّ ترك الأمر واعتزل وبايع الناس عبد الله بن الزبير، وكان مروان بن الحكم بن أبي العاصي بالشام فهمّ بالمسير إلى المدينة ومبايعة عبد الله ابن الزبير، فقدم عليه عبيد الله بن زياد فقال له:
استحييت لك من هذا الفعل إذ أصبحت شيخ قريش المشار إليه وتبايع عبد الله بن الزبير وأنت أولى بهذا الأمر منه؟ فقال له: لم يفت شيء، فبايعه وبايعه أهل الشام وخالف عليه الضحاك بن قيس الفهري وصار أهل الشام حزبين: حزب اجتمع إلى الضحاك بمرج راهط بغوطة دمشق كما ذكرنا، وحزب مع مروان بن الحكم ووقعت بينهما الواقعة المشهورة بمرج راهط قتل فيها الضحاك بن قيس واستقام الأمر لمروان، وقال زفر بن الحارث الكلابي وكان فرّ يومئذ عن ثلاثة بنين له وغلام فقتلوا:
لعمري لقد أبقت وقيعة راهط ... لمروان صدعا بيننا متنائيا
أريني سلاحي، لا أبا لك! إنّني ... أرى الحرب لا تزداد إلّا تماديا
أبعد ابن عمرو وابن معن تتابعا ... ومقتل همّام أمنّى الأمانيا
وتذهب كلب لم تنلها رماحنا، ... وتترك قتلى راهط هي ما هيا
فلم تر مني نبوة قبل هذه، ... فراري وتركي صاحبيّ ورائيا
عشية أجرى بالقرينين لا أرى ... من النّاس إلّا من عليّ ولا ليا
أيذهب يوم واحد إن أسأته ... بصالح أيّامي وحسن بلائيا؟
فلا صلح حتى تنحط الخيل بالقنا ... وتثأر من نسوان كلب نسائيا
فقد ينبت المرعى على دمن الثّرى ... وتبقى حزازات النفوس كما هيا
قال ابن السكيت: فراقد هضبة حمراء بالحرة بواد يقال له راهط.

أطنى

(أطنى) أطنأ أَو مَال إِلَى الطنى وَمَال إِلَى التُّهْمَة والريبة وَفِي فجوره مضى وَفُلَانًا أَصَابَهُ فِي غير مقتل وَالْمَرَض فلَانا أَصَابَهُ وَأبقى فِيهِ بَقِيَّة وَيُقَال حَيَّة لَا تطنئ يَمُوت لديغها من سَاعَته وضربة لَا تطنئ قاتلة وَالشَّجر أَو ثَمَر النّخل بَاعه

البِشْرُ

البِشْرُ:
بكسر أوله ثم السكون، وهو في الأصل حسن الملقى وطلاقة الوجه: وهو اسم جبل يمتد من عرض إلى الفرات من أرض الشام من جهة البادية، وفيه أربعة معادن: معدن القار والمغرة والطين الذي يعمل منه البواتق التي يسبك فيها الحديد، والرمل الذي في حلب يعمل منه الزجاج، وهو رمل أبيض كالاسفيداج، وهو من منازل بني تغلب بن وائل، قال عبيد الله بن قيس الرّقيّات:
أضحت رقيّة، دونها البشر ... فالرّقّة السوداء فالغمر
بل ليت شعري! كيف مرّ بها ... وبأهلها الأيام والدهر
قال أبو المنذر هشام: سمي بالبشر بن هلال بن عقبة رجل من النمر بن قاسط، وكان خفيرا لفارس قتله خالد بن الوليد في طريقه إلى الشام، وكان من حديث ذلك أن خالد بن الوليد لما وقع بالفرس بأرض العراق وكاتبه أبو بكر بالمسير إلى الشام نجدة لأبي عبيدة، سار إلى عين التمر، فتجمعت قبائل من ربيعة نصارى
لحرب خالد ومنعه من النفوذ، وكان الرئيس عليهم عقّة بن أبي عقّة قيس بن البشر بن هلال بن البشر بن قيس بن زهير بن عقّة بن جشم بن هلال بن ربيعة بن زيد مناة بن عوف بن سعد بن الخزرج بن تيم الله بن النمر بن قاسط، فأوقع بهم خالد وأسر عقّة وقتله وصلبه، فغضبت له ربيعة وتجمعت إلى الهذيل بن عمران، فنهاهم حرقوص بن النعمان عن مكاشفته فعصوه، فرجع إلى أهله وهو يقول:
ألا يا اسقياني قبل جيش أبي بكر، ... لعلّ منايانا قريب ولا ندري
ألا يا اسقياني بالزّجاج، وكرّرا ... علينا كميت اللّون صافية تجري
أظنّ خيول المسلمين وخالدا ... ستطرقكم، عند الصباح، على البشر
فهل لكم بالسّير قبل قتالهم، ... وقبل خروج المعصرات من الخدر
أريني سلاحي يا أميمة، إنّني ... أخاف بيات القوم، أو مطلع الفجر
فيقال: إن خالدا طرقهم وأعجلهم عن أخذ السلاح، وضرب عنق حرقوص فوقع رأسه في جفنة الخمر، والله أعلم. وكان بنو تغلب قد قتلت عمير بن الحباب السّلمي، فاتفق أن قدم الأخطل على عبد الملك بن مروان، والجحّاف بن حكيم السلمي جالس عنده، فأنشده:
ألا سائل الجحّاف: هل هو ثائر ... بقتلى أصيبت من سليم وعامر
فخرج الجحاف مغضبا يجر مطرفه، فقال عبد الملك للأخطل: ويحك أغضبته وأخلق به أن يجلب عليك وعلى قومك شرّا. فكتب الجحاف عهدا لنفسه من عبد الملك ودعا قومه للخروج معه، فلما حصل بالبشر قال لقومه: قصّتي كذا فقاتلوا عن أحسابكم أو موتوا. فأغاروا على بني تغلب بالبشر وقتلوا منهم مقتلــة عظيمة، ثم قال الجحاف يجيب الأخطل:
أيا مالك هل لمتني، إذ حضضتني ... على الثأر، أم هل لامني فيك لائمي؟
متى تدعني أخرى أجبك بمثلها، ... وأنت امرؤ بالحق لست بقائم
فقدم الأخطل على عبد الملك فلما مثل بين يديه أنشأ يقول:
لقد أوقع الجحّاف بالبشر وقعة ... إلى الله منها المشتكى والمعوّل
فإن لم تغيّرها قريش بعدلها ... يكن، عن قريش، مستماز ومرحل
فقال له عبد الملك: إلى أين يا ابن النصرانية؟ فقال:
إلى النار، فتبسم عبد الملك وقال: أولى لك، لو قلت غير ذلك لقتلتك. والبشر أيضا: جبل في أطراف نجد من جهة الشام، قال عطارد بن قرّان أحد اللصوص:
ولما رأيت البشر أعرض وانثنت ... لأعرافهم، من دون نجد، مناكب
كتمت الهوى من رهبة أن يلومني ... رفيقاي، وانهلّت دموع سواكب
وفي القلب من أروى هوى كلما نأت، ... وقد جعلت دارا بأروى تجانب
وكان الصّمّة بن عبد الله القشيري يهوى ابنة عمه، فتماكس أبوه وعمه في المهر ولجّ كل واحد منهما، فتركها الصّمّة وانصرف إلى الشام وكتب نفسه في
الجند وقال:
ألا يا خليليّ اللذين تواصيا ... بلومي، إلّا أن أطيع وأتبعا
قفا ودّعا نجدا ومن حلّ بالحمى، ... وقلّ لنجد عندنا أن تودّعا
ولما رأيت البشر قد حال دونها، ... وحالت بنات الشّوق يحننّ نزّعا
تلفّتّ نحو الحيّ، حتى وجدتني ... وجعت من الإصغاء ليتا وأخدعا
وأذكر أيام الحمى ثم أنثني ... على كبدي من خشية أن تصدّعا
وليست عشيّات الحمى برواجع ... عليك، ولكن خلّ عينيك تدمعا
وقال عبد الله بن الصّمّة:
ولما رأينا قلّة البشر أعرضت ... لنا، وطوال الرمل غيّبها البعد
وأعرض ركن من سواج، كأنه ... لعينيك في آل الضّحى، فرس ورد
أصاب سقيم القلب تتييم ما به، ... فخرّ ولم يملك أخو القوّة الجلد
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.