Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: معلوم

الْحسن من الحَدِيث

الْحسن من الحَدِيث: مَا يكون رَاوِيه مَشْهُورا بِالصّدقِ وَالْأَمَانَة من غير أَن يبلغ دَرَجَة الحَدِيث الصَّحِيح لكَونه قاصرا فِي الْحِفْظ والوثوق وَهُوَ مَعَ ذَلِك يرْتَفع عَن حَال من دونه. الْحساب: فِي اللُّغَة (شمردن) . وَعلم الْحساب علم يستعلم مِنْهُ اسْتِخْرَاج المجهولات العددية من مَعْلُومَــات مَخْصُوصَة عددية اثْنَيْنِ أَو أَكثر.
وَاعْلَم أَن الْحساب نَوْعَانِ يَنْقَسِم إِلَى هوائي يستعلم مِنْهُ اسْتِخْرَاج المجهولات بِلَا مدخلية الْخَوَارِج وَغير هوائي يحْتَاج فِيهِ إِلَى اسْتِعْمَالهَا كأكثر الْقَوَاعِد الْمَذْكُورَة فِي خُلَاصَة الْحساب وَغَيرهَا من الرسائل الْمَشْهُورَة وَيُسمى الثَّانِي بِحِسَاب التخت وَالتُّرَاب وَيُسمى الأول بِالْعَمَلِ على التَّشْبِيه والتعريف يشملهما ونظري يبْحَث فِيهِ عَن ثُبُوت الْأَعْرَاض الذاتية للعدد وسلبها عَنهُ وَهُوَ الْمُسَمّى بالارتماطيقي وموضوعه الْعدَد الْحَاصِل فِي الْمَادَّة والمقارن بهَا لَا الْعدَد مُطلقًا وَمَا قيل إِن الحاسب كَمَا يبْحَث عَن الْعدَد الْمُقَارن للمادة فِي الْخَارِج كَذَلِك يبْحَث عَن الْعدَد المفارق للمادة بعروض الْعدَد بالمجردات كالعقول الْعشْرَة والنفوس الفلكية والإنسانية وَذَات الْوَاجِب تَعَالَى إِن قُلْنَا إِن الْوَاحِد عدد كَمَا سَيَجِيءُ تَحْقِيقه فِي الْعدَد فَالْجَوَاب عَنهُ أَن مَوضِع الْحساب لَيْسَ الْعدَد مُطلقًا بل من حَيْثُ حُصُوله فِي الْمَادَّة والبحث عَن الْعدَد فِي هَذَا الْفَنّ لَيْسَ على وَجه يَشْمَل المجردات لعدم تعلق غَرَض الحاسب بِهِ وغايته عدم الخطاء فِي الْحساب.

الْحَيَوَان

(الْحَيَوَان) الْحَيَاة
الْحَيَوَان: جَوْهَر جسم نَام حساس متحرك بالإرادة وَهَذَانِ الأخيران فصلان لَهُ. فَإِن قلت. لَا يجوز أَن يكون لشَيْء وَاحِد فصلان قريبان لِأَن الْفَصْل الْقَرِيب هُوَ الَّذِي يعين الْجِنْس ويحصله بِحَيْثُ لَا يحْتَاج فِي تَحْصِيله إِلَى أَمر آخر فَمثل هَذَا الْفَصْل لَو كَانَ مُتَعَددًا فَإِن لم يتَحَصَّل بِأَحَدِهِمَا الْجِنْس فَلَا يكون فصلا قَرِيبا وَهَذَا خلف فَكيف يكون الحساس والمتحرك بالإرادة فصلين قريبين للحيوان. قلت: قد يُؤْخَذ الْفَصْل من مبادئ مُتعَدِّدَة وَحِينَئِذٍ يكون الْفَصْل مجموعها وكل مِنْهَا جُزْء الْفَصْل التَّام وَقد يكون لَهُ مبدأ وَاحِد يُؤْخَذ مِنْهُ كالناطق فَذَلِك المبدأ هُوَ الْفَصْل فِي الْحَقِيقَة وَلَكِن إِذا لم يكن الْفَصْل الْحَقِيقِيّ مَعْلُومــا بماهية إِلَّا بِاعْتِبَار عوارضه فَيدل عَلَيْهِ بأقوى عوارضه وَيُوضَع مَكَانَهُ وَيُطلق عَلَيْهِ اسْم الْفَصْل تسامحا يَعْنِي رُبمَا لَا يدل على المبدأ الْحَقِيقِيّ إِلَّا بِعرْض ذاتي لَهُ فيشتق للفصل اسْم من ذَلِك الْعرض كالناطق الْمُشْتَقّ من النُّطْق الدَّال على مبدأ فصل الْإِنْسَان وَإِن كَانَ لذَلِك المبدأ أَعْرَاض مترتبة فيشتق مِمَّا هُوَ أقرب كالنطق بِالنِّسْبَةِ إِلَى مبدأ فصل الْإِنْسَان دون التَّعَجُّب والضحك فَإِنَّهُمَا يترتبان على النُّطْق أَي إِدْرَاك الكليات. وَإِن وجد لذَلِك المبدأ عرضان ذاتيان يشْتَبه تقدم أَحدهمَا على الآخر فقد يشتق لَهُ عَن كل وَاحِد مِنْهُمَا اسْم وَيجْعَل الْمَجْمُوع قَائِما مقَام الْفَصْل الْحَقِيقِيّ كالحساس والمتحرك بالإرادة فَإِن مبدأ الْفَصْل الْحَقِيقِيّ هُوَ النَّفس الحيوانية الَّتِي هِيَ معروضة الْحس وَالْحَرَكَة وَقد اشْتبهَ تقدم أَحدهمَا على الآخر فاشتق عَن كل مِنْهُمَا للفصل الْحَقِيقِيّ اسْم وَجعل الْمَجْمُوع قَائِما مقَام الْفَصْل الْحَقِيقِيّ فَلَيْسَ الْفَصْل التَّام للحيوان إِلَّا وَاحِدًا لَا تعدد فِي ذَاته.
وَلما ظهر من هَا هُنَا أَنهم يتسامحون فِي إِطْلَاق الْفَصْل على النَّاطِق مثلا وَأَن النَّاطِق لَيْسَ ذاتيا للْإنْسَان وَكَذَا الحساس والمتحرك بالإرادة للحيوان انْدفع مَا اسْتشْكل أَن الْإِدْرَاك مثلا من الْأَعْرَاض فَلَا يجوز أَن يكون فصلا للْإنْسَان الْجَوْهَر فَإِن الْمركب من الْجَوْهَر وَالْعرض لَيْسَ بجوهر وخلاصة الدّفع أَن مُرَادهم بِأَن النَّاطِق فصل الْإِنْسَان والحساس والمتحرك بالإرادة فصلان للحيوان أَن مبدأ النَّاطِق فصل وَأَن مبدأ الحساس والمتحرك بالإرادة فصل ويطلقون اسْم الْفَصْل عَلَيْهَا مجَازًا ومسامحة. هَذَا مَا ذكرنَا فِي الْحَوَاشِي على حَوَاشِي عبد الله اليزدي على تَهْذِيب الْمنطق وَهُنَاكَ تحقيقات أخر تركناها خوفًا من الْأَطْنَاب.

الْخَاص

الْخَاص: فِي أصُول الْفِقْه كل لفظ وضع لمسمى مَعْلُوم على الِانْفِرَاد وَالْمرَاد بِالْمُسَمّى مَا وضع اللَّفْظ لَهُ عينا كَانَ أَو معنى عرضا وبالانفراد اخْتِصَاص اللَّفْظ بذلك الْمُسَمّى.

الدَّلِيل

(الدَّلِيل) المرشد (ج) أَدِلَّة وأدلاء وَمَا يسْتَدلّ بِهِ (ج) أَدِلَّة
الدَّلِيل: فِي اللُّغَة المرشد وَمَا بِهِ الْإِرْشَاد. وَفِي الِاصْطِلَاح قد يُطلق مرادفا للبرهان فَهُوَ الْقيَاس الْمركب من مقدمتين يقينيتين. وَقد يُطلق مرادفا للْقِيَاس فَهُوَ حجَّة مؤلفة من قضيتين يلْزم عَنْهَا لذاتها مَطْلُوب نَظَرِي وإطلاقه بِهَذَا الْمَعْنى قَلِيل. وَقد يُطلق مرادفا للحجة فَهُوَ مَعْلُوم تصديقي موصل إِلَى مَجْهُول تصديقي وَمَا يذكر لإِزَالَة الخفاء فِي البديهي يُسمى تَنْبِيها. وَقد يُقَال الدَّلِيل على مَا يلْزم من الْعلم بِهِ الْعلم بِشَيْء آخر وَهُوَ الْمَدْلُول وَالْمرَاد بِالْعلمِ بِشَيْء آخر الْعلم اليقيني لِأَن مَا يلْزم من الْعلم بِهِ الظَّن بِشَيْء آخر لَا يُسمى دَلِيلا بل إِمَارَة.
ثمَّ اعْلَم أَن الدَّلِيل تحقيقي وإلزامي. (وَالدَّلِيل التحقيقي) مَا يكون فِي نفس الْأَمر وَمُسلمًا عِنْد الْخَصْمَيْنِ. (وَالدَّلِيل الإلزامي) مَا لَيْسَ كَذَلِك فَيُقَال هَذَا عنْدكُمْ لَا عِنْدِي. وَالدَّلِيل عِنْد أَرْبَاب الْأُصُول مَا يُمكن التَّوَصُّل بِصَحِيح النّظر فِيهِ إِلَى مَطْلُوب جزئي فعلي هَذَا الدَّلِيل على وجود الصَّانِع هُوَ الْعَالم لِأَنَّهُ شَيْء إِذا صحّح النّظر فِي أَحْوَاله أَي إِذا رتب أَحْوَاله على قانون النّظر يُمكن التَّوَصُّل إِلَى الْعلم بِوُجُود الصَّانِع.
ثمَّ الدَّلِيل إِمَّا مُفِيد لمُجَرّد التَّصْدِيق بِثُبُوت الْأَكْبَر للأصغر مَعَ قطع النّظر عَن الْخَارِج سَوَاء كَانَ الْوسط معلولا أَو لَا. وَهُوَ دَلِيل اني. وَإِمَّا مُفِيد لثُبُوت الْأَكْبَر لَهُ بِحَسب الْوَاقِع يَعْنِي أَن تِلْكَ الْوَاسِطَة كَمَا تكون عِلّة لثُبُوت الْأَصْغَر فِي الذِّهْن كَذَلِك تكون عِلّة لثُبُوته لَهُ فِي نفس الْأَمر. وَهُوَ دَلِيل لمي. وَوجه التَّسْمِيَة فِي أُمَّهَات المطالب.

الدّور

(الدّور) الطَّبَقَة من الشَّيْء الْمدَار بعضه فَوق بعضه يُقَال انْفَسَخ دور عمَامَته و (عِنْد المناطقة) توقف كل من الشَّيْئَيْنِ على الآخر والنوبة (ج) أدوار
الدّور: بِالضَّمِّ جمع الدَّار. وبالفتح الزَّمَان والعهد وَالْحَرَكَة وَالْحَرَكَة على المركز ودور كأس الشَّرَاب وَقِرَاءَة الْقُرْآن الْمجِيد على ظهر الْقلب بِأَن يقْرَأ السَّامع مَا قَرَأَ الْقَارئ كَمَا هُوَ الْمَشْهُور بَين الْحفاظ. وسألني بعض الأحباب عِنْد اجْتِمَاع الْحفاظ مَا يَفْعَلُونَ قلت الدّور قَالَ الدّور بَاطِل قلت هَذَا الدّور جَائِز فِي الأدوار.
والدور عِنْد أَرْبَاب الْمَعْقُول توقف كل وَاحِد من الشَّيْئَيْنِ على الآخر وَيلْزمهُ توقف الشَّيْء على مَا يتَوَقَّف عَلَيْهِ كَمَا هُوَ الْمَشْهُور بَين الْعلمَاء فَهَذَا تَعْرِيف باللازم وَإِنَّمَا اخْتَارُوا تَعْرِيفه باللازم لأَنهم إِنَّمَا احتاجوا إِلَى تَعْرِيفه لإِثْبَات تقدم الشَّيْء على نَفسه فِيمَا هم فِيهِ. وَهَذَا التَّعْرِيف الرسمي أظهر استلزاما لذَلِك التَّقَدُّم الْبَاطِل الَّذِي احتاجوا فِي إِثْبَات مطالبهم إِلَى ذَلِك الْإِثْبَات بِأَنَّهُ لَو لم يكن الْمُدَّعِي ثَابتا لثبت نقيضه لَكِن النقيض بَاطِل لِأَن الْمُدَّعِي ثَابت فثبوت الْمُدَّعِي مَوْقُوف على بطلَان نقيضه الْمَوْقُوف على ثُبُوت الْمُدَّعِي فَيلْزم الدّور وَهُوَ بَاطِل لاستلزامه ذَلِك التَّقَدُّم الْبَاطِل.
ثمَّ اعْلَم أَن الْفَاضِل الْعَلامَة الرَّازِيّ قَالَ فِي شرح الشمسية والدور هُوَ توقف الشَّيْء على مَا يتَوَقَّف عَلَيْهِ من جِهَة وَاحِدَة أَو بمرتبة كَمَا يتَوَقَّف (أ) على (ب) وَبِالْعَكْسِ أَو بمراتب كَمَا يتَوَقَّف (أ) على (ب) و (ب) على (ج) و (ج) على (أ) .
وللناظرين فِي هَذَا الْمقَام توجيهات وتحقيقات فِي أَن قَوْله إِمَّا بمرتبة أَو بمراتب مُتَعَلق بقوله توقف أَو بقوله يتَوَقَّف. وَمَا المُرَاد بالمرتبة فاستمع لما أَقُول مَا هُوَ الْحق فِي تَحْقِيق هَذَا الْمقَام. حَتَّى ينْدَفع عَنْك جَمِيع الأوهام. إِن قَوْله بمرتبة أَو بمراتب مُتَعَلق بقوله يتَوَقَّف. وَالْمرَاد بتوقف الشَّيْء هُوَ التَّوَقُّف الْمُتَبَادر أَعنِي التَّوَقُّف بِلَا وَاسِطَة. وَالْمرَاد بالمرتبة هِيَ مرتبَة الْعلية ودرجتها وَإِضَافَة الْمرتبَة إِلَى الْعلية بَيَانِيَّة. فالمرتبة الْوَاحِدَة هِيَ الْعلية الْوَاحِدَة والتوقف الْوَاحِد.
فَاعْلَم أَن الدّور هُوَ توقف شَيْء بِالذَّاتِ وَبِغير الْوَاسِطَة على أَمر يتَوَقَّف ذَلِك الْأَمر على ذَلِك الشَّيْء ثمَّ هُوَ على نَوْعَيْنِ: (مُصَرح) و (مُضْمر) لِأَن توقف ذَلِك الْأَمر على ذَلِك الشَّيْء إِن كَانَ بمرتبة وَاحِدَة أَي بعلية وَاحِدَة وَتوقف وَاحِد بِأَن لَا يَتَخَلَّل بَينهمَا ثَالِث حَتَّى يتكثر الْعلية والتوقف فالدور (مُصَرح) لاستلزامه تقدم الشَّيْء على نَفسه صَرَاحَة وَإِلَّا أَي وَإِن كَانَ ذَلِك التَّوَقُّف بمراتب الْعلية والتوقف بِأَن يَتَخَلَّل هُنَاكَ ثَالِث فَصَاعِدا فيتكثر حِينَئِذٍ الْعلية والتوقف (فمضمر) لخفاء ذَلِك الاستلزام. فالدور الْمُصَرّح هُوَ توقف شَيْء بِلَا وَاسِطَة على أَمر يتَوَقَّف ذَلِك الْأَمر أَيْضا بِلَا وَاسِطَة على ذَلِك الشَّيْء فَيكون ذَلِك الْأَمر متوقفا على ذَلِك الشَّيْء بعلية وَاحِدَة وَتوقف وَاحِد مثل توقف (أ) على (ب) و (ب) على (أ) والدور الْمُضمر هُوَ توقف شَيْء بِلَا وَاسِطَة على أَمر يتَوَقَّف ذَلِك الْأَمر بتخلل أَمر ثَالِث فَصَاعِدا على ذَلِك الشَّيْء مثل توقف (أ) على (ب) و (ب) على (ج) و (ج) على (أ) بمراتب الْعلية أَي بعلتين وتوقفين لِأَنَّهُ إِذا توقف (ب) على (ج) فَحصل عَلَيْهِ وَاحِدَة وَتوقف وَاحِد ثمَّ إِذا توقف (ج) على (أ) حصل عَلَيْهِ أُخْرَى وَتوقف آخر.
ثمَّ اعْلَم أَن اتِّحَاد جهتي التَّوَقُّف شَرط فِي الدّور فَمَعَ اخْتِلَافهمَا لَا يتَحَقَّق الدّور وَمن هَا هُنَا ينْحل كثير من المغالطات. وَعَلَيْك أَن تحفظ أَن الْمحَال هُوَ دور التَّقَدُّم لاستلزام تقدم الشَّيْء على نَفسه. وَأما دور الْمَعِيَّة فَلَيْسَ بمحال بل جَائِز وَاقع لِأَنَّهُ لَا يَقْتَضِي إِلَّا حصولهما مَعًا فِي الْخَارِج أَو الذِّهْن كتوقف تلفظ الْحُرُوف على الْحَرَكَة وَبِالْعَكْسِ وَتوقف تعقل الْأُبُوَّة على الْبُنُوَّة وَبِالْعَكْسِ. ثمَّ اعْلَم أَن الدّور نوع من التسلسل ويستلزمه وَبَيَانه كَمَا قرر الْمُحَقق السَّيِّد السَّنَد الشريف الشريف قدس سره فِي حَوَاشِي شرح الْمطَالع أَن نقُول إِذا توقف (أ) على (ب) و (ب) على (أ) كَانَ (أ) مثلا مَوْقُوفا على نَفسه وَهَذَا وَإِن كَانَ محالا لكنه ثَابت على تَقْدِير الدّور وَلَا شكّ أَن الْمَوْقُوف غير الْمَوْقُوف عَلَيْهِ لنَفس (أ) غير (أ) فهناك شَيْئَانِ (أ) وَنَفسه وَقد توقف الأول على الثَّانِي وَلنَا مُقَدّمَة صَادِقَة هِيَ أَن نفس (أ) لَيست إِلَّا (أ) وَحِينَئِذٍ يتَوَقَّف نفس (أ) على (ب) و (ب) على نفس (أ) فَيتَوَقَّف نفس (أ) على نَفسهَا أَعنِي نفس (أ) فيتغايران ثمَّ نقُول إِن نفس نفس (أ) لَيست إِلَّا (أ) فَيلْزم أَن يتَوَقَّف على (ب) و (ب) على نفس (أ) وَهَكَذَا نسوق الْكَلَام حَتَّى يَتَرَتَّب نفوس غير متناهية. ثمَّ رد عَلَيْهِ بِأَن قَوْلنَا الْمَوْقُوف غير الْمَوْقُوف عَلَيْهِ وَإِن كَانَ صَادِقا فِي نفس الْأَمر فَهُوَ غير صَادِق على تَقْدِير الدّور. وَإِن سلم صدقه على تَقْدِير الدّور فَلَا شكّ أَنه يسْتَلْزم قَوْلنَا نفس (آ) مغائرة (لآ) فَلَا يُجَامع صدقه صدق قَوْلنَا نفس (آ) لَيست إِلَّا (آ) انْتهى.
وَحَاصِل الرَّد أَنه يلْزم فِي بَيَان اللُّزُوم اعْتِبَار مقدمتين متنافيتين: إِحْدَاهمَا: أَن الْمَوْقُوف عين الْمَوْقُوف عَلَيْهِ لكَونه دورا. وثانيتهما: للتغاير بَينهمَا ليوجد توقفات غير متناهية وَلِهَذَا مَال السَّيِّد السَّنَد فِي تِلْكَ الْحَوَاشِي إِلَى لُزُوم ترَتّب النُّفُوس الْغَيْر المتناهية وَللَّه در النَّاظِم.
(ساقيا دركردش ساغر تعلل تابكي ... )

(دورجون باعاشقان افتد تسلسل بايدش ... )
الدّور:
[في الانكليزية] Cycle ،period ،cyclical
[ في الفرنسية] Cycle ،periode ،cyclique
بالفتح لغة الحركة وعود الشيء إلى ما كان عليه كما في بحر الجواهر. والدور والدورة عند المهندسين وأهل الهيئة والمنجمين هو أن يعود كل نقطة من الكرة إلى الوضع الذي فارقته، وبهذا المعنى يقال الفلك الأعظم تتم دورته في قريب من اليوم بليلته والشمس تتم دورتها في ثلاثمائة وخمسة وستين يوما وكسر، والزحل يتم دورته في ثلاثين سنة ونحو ذلك. وأمّا ما يقال دور الفلك في الموضع الفلاني دولابي وفي الموضع الفلاني رحوي مثلا، فالمراد بالدور فيه الحركة كما لا يخفى هكذا يستفاد مما ذكره عبد العلي البرجندي في حاشية شرح الملخص للقاضي. وفي بحر الجواهر الدورة عبارة عن حركة القمر من مقارنة جزء من أجزاء فلك البروج الذي فيه الشمس إلى رجوعه إلى الجزء الذي فيه الشمس انتهى. أقول هذا إنّما يصلح تعريفا لدورة القمر بالقياس إلى الشمس فيكون أخصّ من التفسير الأول، لا بالقياس إلى الجزء الذي كان فيه الشمس كما لا يخفى، إذ القمر بهذه الحركة عاد إلى الموضع الذي فارقه وهو مقارنة الشمس، وإن لم تقع هذه المقارنة الثانية في الجزء الذي وقعت المقارنة الأولى فيه. ودور الكبيسة والدور العشري والدور الاثنا عشري والدور الستيني والدور الرابع عند المنجمين قد سبقت في لفظ التاريخ. وقد ذكر في زيج ألغ بيگى: وأمّا الأدوار فهكذا: وضعوا دورا ومدّته أربعة آلاف وخمسمائة وتسعين سنة بقدر عطايا عظماء الكواكب: فالشمس ألف وأربعمائة وواحد وستون سنة، والزهرة ألف ومائة وواحد وخمسون سنة ولعطارد أربعمائة وثمانون سنة، والقمر خمسمائة وعشرون سنة، وزحل مائتان وخمس وستون سنة، والمشتري أربعمائة وتسع وعشرون سنة، والمريخ مائتان وثمانون سنة. وحين تنقضي هذه المدّة ترجع النوبة للشمس. وفي مبدأ التاريخ الملكي: لقد مرت خمسمائة وثمانون سنة من سني الشمس، انتهى كلامه.

ويقول في كشف اللغات: إنّ دور القمر هو الدّور الأخير لجميع النجوم، وكلّ نجم له دور مدّته سبعة آلاف سنة: منها ألف سنة عمل ذلك النجم، وستة آلاف سنة يشاركه ستة نجوم أخرى.
وآدم عليه السلام كان في دور القمر. انتهى.
أقول إطلاق لفظ الدور على ما ذكرت بناء على أنّ فيه عودا إلى الحالة السابقية كما لا يخفى وكذا الحال في دور الحمّيات إلّا أنّ الدور في الدور القمري بمعنى العهد والزمان. ويقول في مدار الأفاضل: الدّور بالفتح معروف ويقال له: العهد والزّمان وكلّ كوكب دورته ألف سنة، والدور الأخير هو قمري حيث بعث فيه خاتم النبيين.
والدور عند الحكماء والمتكلّمين والصوفيّة توقّف كل من الشيئين على الآخر إمّا بمرتبة ويسمّى دورا مصرحا وصريحا وظاهرا كقولك الشمس كوكب نهاري والنهار زمان كون الشمس طالعة، وإمّا بأكثر من مرتبة ويسمّى دورا مضمرا وخفيا كقولك الحركة خروج الشيء من القوة إلى الفعل بالتدريج، والتدريج وقوع الشيء في زمان، والزمان مقدار الحركة والدور المضمر أفحش إذ في المصرّح يلزم تقدم الشيء على نفسه بمرتبتين. وفي المضمر بمراتب، فمراتب التقدّم تزيد على مراتب الدور بواحد دائما. وفي العضدي التوقّف ينقسم إلى توقف تقدم كما للمعلول على العلة والمشروط على الشرط، والتوقف من الطرفين بهذا المعنى دور ومحال ضرورة استلزامه تقدّم الشيء على نفسه وإلى توقّف معية كتوقف كون هذا ابنا لذلك على كون ذلك أبا له، وبالعكس. وهذا التوقّف لا يمتنع من الطرفين وليس دورا مطلقا وإن كان يعبّر عنه بدور المعية مجازا، فالمعتبر في الدور الحقيقي هو توقف التقدم انتهى.
اعلم أنّ الدور هو توقّف كلّ واحد من الشيئين على الآخر فالدور العلمي هو توقّف العلم بكون كل الــمعلومــين على العلم بالآخر والإضافي المعي هو تلازم الشيئين في الوجود بحيث لا يكون أحدهما إلّا مع الآخر والدور المساوي كتوقّف كل من المتضايفين على الآخر وهذا ليس بمحال، وإنّما المحال الدور التوقّفي التقدّمي وهو توقف الشيء بمرتبة أو بمراتب على ما يتوقف عليه بمرتبة أو بمراتب. فإذا كان التوقّف في كل واحد من الشيئين بمرتبة واحدة كان الدور مصرحا وإن كان أحدهما أو كلاهما بمراتب كان الدور مضمرا. مثال التوقّف بمرتبة كتعريف الشمس بأنّه كوكب نهاري، ثم تعريف النهار بأنه زمان طلوع الشمس. [فوق الأفق] ومثال التوقّف بمراتب كتعريف الاثنين بأنه زوج أول، ثم تعريف الزوج بالمنقسم بمتساويين، ثم تعريف المتساويين بأنه الاثنان. والدور يكون في التصوّرات والتصديقات، والمصادرة مخصوصة بالتصديقات. والمصادرة كون المدّعى عين الدليل أي كون الدليل عين الدعوى، أو كون كون الدعوى جزء الدليل أي إحدى مقدّمتي الدليل، أو عين ما يتوقّف عليه الدليل، أو عين ما يتوقّف عليه مقدمة الدليل أو جزء ما يتوقّف عليه مقدمة الدليل هكذا في كليات أبي البقاء.
فائدة:
قالوا الدور يستلزم التسلسل. بيان ذلك أن نقول إذا توقّف آعلى ب وب على آكان آمثلا موقوفا على نفسه، وهذه وإن كان محالا لكنه ثابت على تقدير الدور. ولا شكّ أنّ الموقوف عليه غير الموقوف، فنفس آغير آ، فهناك شيئان آونفسه، وقد توقّف الأول على الثاني. ولنا مقدمة صادقة هي أنّ نفس آليست إلّا آوحينئذ يتوقّف نفس آعلى ب وب على آ، فيتوقّف نفس نفس آعلى نفسها يعني على نفس نفس آفتتغايران لما مرّ. ثم نقول إنّ نفس نفس آليست إلا آفيلزم أن يتوقّف على ب، وب على نفس نفس آ، وهكذا نسوق الكلام حتى تترتّب نفوس غير متناهية في كلّ واحد من جانبي الدور. وفيه بحث وهو أنّ توقّف الشيء على الشيء في الواقع يستلزم المغايرة لا توقف الشيء على الشيء على تقدير تحقّق الدور، واللازم هاهنا هو هذا، فلا يصح قوله. فنفس آغير آوالجواب أنّ تحقّق الدور يستلزم توقّف الشيء على نفسه في الواقع، إذ من الــمعلوم أنّه إن تحقّق الدور في الواقع تحقّق توقّف الشيء على نفسه في الواقع، وتوقّف الشيء على الشيء في نفس الأمر مطلقا يستلزم المغايرة بينهما في الواقع إذ من البيّن أنّه إن تحقّق توقّف الشيء على نفسه في الواقع فتحقّقت المغايرة بينهما في الواقع، فتحقّق الدور في الواقع يستلزم المغايرة بين الشيء ونفسه في الواقع.
نعم يتجه أنّه لا يمكن الجمع بين صدق ما لزم من الدور وبين ما هو في نفس الأمر. فصدق قولنا نفس آمغايرة لا لا يجامع صدق قولنا نفس آليست إلا آ، هكذا في حواشي شرح المطالع.
والدور في الحمّيات عند الأطباء عبارة عن مجموع النوبة عن ابتداء أخذها إلى زمان تركها وزمان تركها أي مجموع النوبة وزمان الترك. وقد يطلق الدور على زمان النوبة من ابتداء أخذها إلى زمان تركها. والنوبة عندهم زمان أخذ الحمى. قالوا دور المواظبة أي البلغمية أربعة وعشرون ساعة، ومدّة نوبتها اثنتا عشرة ساعة، ودور السوداوية ثمانية وأربعون ساعة ومدة نوبتها أربع وعشرون ساعة، كذا في بحر الجواهر.

الصَّلَاة

(الصَّلَاة) الدُّعَاء يُقَال صلى صَلَاة وَلَا يُقَال تصلية وَالْعِبَادَة الْمَخْصُوصَة المبينة حُدُود أَوْقَاتهَا فِي الشَّرِيعَة وَالرَّحْمَة وَبَيت الْعِبَادَة للْيَهُود وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {وَلَوْلَا دفع الله النَّاس بَعضهم بِبَعْض لهدمت صوامع وَبيع وصلوات ومساجد يذكر فِيهَا اسْم الله كثيرا}
الصَّلَاة: فِي اللُّغَة الْغَالِبَة الدُّعَاء قَالَ الله تَعَالَى {وصل عَلَيْهِم} أَي ادْع لَهُم. وَقيل تَحْرِيك الصلوين وهما العظمان اللَّذَان عَلَيْهِمَا الركبتان وَالْمُصَلي أَيْضا يُحَرك صلويه فِي الرُّكُوع وَلِهَذَا نقلت إِلَى أَرْكَان مَخْصُوصَة وأذكار مَعْلُومَــة بشرائط محصورة فِي أَوْقَات مُعينَة مقدرَة فِي الشَّرْع. وَالدُّعَاء طلب الرَّحْمَة لَكِن إِذا أسندت إِلَى الله تَعَالَى بِأَن يُقَال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تجرد عَن معنى الطّلب وَيُرَاد بهَا الرَّحْمَة مجَازًا لِأَنَّهُ تَعَالَى منزه عَن الطّلب كَمَا جرد اسرى عَن اللَّيْل فِي قَوْله تَعَالَى {أسرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا} وَقَالُوا الصَّلَاة من الله تَعَالَى رَحْمَة وَمن الْمَلَائِكَة اسْتِغْفَار وَمن الْمُؤمنِينَ دُعَاء وحقيقتها رَاجِعَة إِلَى نزُول الرَّحْمَة فِي الْكل وعرفوها أَيْضا بإيصال الْخَيْر إِلَى الْغَيْر فعلى هَذَا لَا يرد مَا يرد على مَا قيل إِن الصَّلَاة بِمَعْنى الدُّعَاء من أَن الصَّلَاة الَّتِي بِمَعْنى الدُّعَاء إِذا اسْتعْملت بعلى لَا بُد وَأَن تكون بِمَعْنى الضَّرَر إِذْ الدُّعَاء الْمُسْتَعْمل بِاللَّامِ بِمَعْنى النَّفْع والمستعمل بعلى بِمَعْنى الضَّرَر وَطلب الضَّرَر على النَّبِي يُوجب الْكفْر والحرمان من شَفَاعَته. وَفِي غَايَة الْهِدَايَة وَجَوَابه أَولا بِأَن الْكَلِمَة المستعملة بتينك الحرفين كَذَلِك وَإِلَّا فَلَا وَالصَّلَاة لَا تسْتَعْمل إِلَّا بعلى وَفِيه أَن السَّلَام لَيْسَ كَذَلِك مَعَ أَنه مُسْتَعْمل بهما مثل قَوْله تَعَالَى {وَسَلام لَك من أَصْحَاب الْيَمين وَسَلام على الياسين} أَقُول يُمكن التَّخْصِيص بِأَن الدُّعَاء وَمَا فِي مَعْنَاهُ كَذَلِك لَا كل كلمة وَثَانِيا أَقُول لَا يلْزم كَون المترادفين متوافقين فِي الِاسْتِعْمَال كالأهل والآل فَالثَّانِي لَا يسْتَعْمل إِلَّا فِي ذَوي الشرافة وَلَا يسْتَعْمل مُضَافا إِلَى الزَّمَان وَالْمَكَان وَغير ذَلِك بِخِلَاف الأول.
وثالثا بِأَن هَذَا مَخْصُوص بِلَفْظ الدُّعَاء وَفِيه إِن شهد لَك وَشهد عَلَيْك وَحجَّة لَك وَحجَّة عَلَيْك وَغَضب لَك وَغَضب عَلَيْك كَذَلِك أَقُول هَذَا تَخْصِيص بِالْإِضَافَة إِلَى مَا فِي مَعْنَاهُ فَيكون تَخْصِيصًا إضافيا لَا حَقِيقِيًّا انْتهى. وَفِي آخر كنز الدقائق فِي مسَائِل شَتَّى وَلَا يصلى على غير الْأَنْبِيَاء وَالْمَلَائِكَة إِلَّا بطرِيق التبع.
وَالصَّلَاة فِي الشَّرْع عبارَة عَن الْأَفْعَال الْمَخْصُوصَة الْمَعْهُودَة مَعَ الشَّرَائِط والأركان الْمَخْصُوصَة الْمَذْكُورَة فِي الْفِقْه، فَإِن قلت، مَا الدَّلِيل على أَن الصَّلَاة الْمَفْرُوضَة خمس، قلت، قَوْله تَعَالَى {حَافظُوا على الصَّلَوَات وَالصَّلَاة الْوُسْطَى} لِأَنَّهُ يَقْتَضِي عددا لَهُ عدد وسط وواو الْجمع للْعَطْف الْمُقْتَضِي للمغايرة. وَأقله خمس ضَرُورَة. فَإِن قيل مَا السِّرّ فِي كَون الظّهْر وَالْعصر وَالْعشَاء أَربع رَكْعَات وَالصُّبْح رَكْعَتَيْنِ وَالْمغْرب ثَلَاثًا. قُلْنَا كل صَلَاة مِنْهَا صلاهَا نَبِي من الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام. فَإِن الْفجْر صَلَاة آدم عَلَيْهِ السَّلَام حِين خرج من الْجنَّة وأظلمت عَلَيْهِ الدُّنْيَا وجن عَلَيْهِ اللَّيْل فَلَمَّا انْشَقَّ الْفجْر صلى رَكْعَتَيْنِ. الاولى شكرا للنجاة من ظلمَة اللَّيْل. وَالثَّانيَِة شكرا لرجوع ضوء النَّهَار وَكَانَ مُتَطَوعا فَفرض علينا. وَالظّهْر صَلَاة إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام حِين أَمر بِذبح وَلَده إِسْمَاعِيل وَذَلِكَ عِنْد الزَّوَال. الرَّكْعَة الأولى شكرا لزوَال هم الْوَلَد، وَالثَّانيَِة لمجيء الْفِدَاء، وَالثَّالِثَة لرضى الله تَعَالَى، وَالرَّابِعَة شكرا لصبر وَلَده وَكَانَ مُتَطَوعا فَفرض علينا. وَالْعصر صَلَاة يُونُس عَلَيْهِ السَّلَام حِين نجاه الله تَعَالَى من أَربع ظلمات ظلمَة الذلة وظلمة الْبَحْر وظلمة الْحُوت وظلمة اللَّيْل وَكَانَ مُتَطَوعا فَفرض علينا. وَالْمغْرب صَلَاة عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام الرَّكْعَة الأولى لنفي الألوهية عَن نَفسه وَالثَّانيَِة لنفي الألوهية عَن أمه وَالثَّالِثَة لإِثْبَات الألوهية لله تَعَالَى. وَالْعشَاء صلاهَا مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام حِين خرج من المداين وضل الطَّرِيق وَكَانَ فِي غم الْمَرْأَة وغم عَدَاوَة فِرْعَوْن وغم أَخِيه هَارُون وغم أَوْلَاده وشكر الله تَعَالَى حِين أَنْجَاهُ من الْغَرق وَأغْرقَ عدوه فَلَمَّا أَنْجَاهُ من ذَلِك كُله وَنُودِيَ من شاطئ الْوَادي صلى أَرْبعا تَطَوّعا فَأمرنَا بذلك لينجينا الله تَعَالَى من الشَّيْطَان الرَّجِيم كَذَا فِي جَوَاهِر الْحَقَائِق قَالَ قَائِل:
(صَلَاة الْفجْر صلاهَا أَبونَا ... صَلَاة الظّهْر صلاهَا الْخَلِيل)

(صَلَاة الْعَصْر يُونُس ثمَّ عِيسَى ... على وَقت الْغُرُوب لَهُ دَلِيل)

(صَلَاة اللَّيْل صلاهَا كليم ... فَأوجب خَمْسَة رب جليل)

اعْلَم أَن الإِمَام الرَّازِيّ نقل فِي التَّفْسِير الْكَبِير اتِّفَاق الْمُتَكَلِّمين على أَن من عبد ودعا لأجل الْخَوْف من الْعقَاب. والطمع فِي الثَّوَاب لم تصح عِبَادَته وَلَا دعاؤه ذكر ذَلِك عِنْد قَوْله تَعَالَى {ادعوا ربكُم تضرعا وخفية} وَجزم فِي أَوَائِل تَفْسِير الْفَاتِحَة بِأَنَّهُ لَو قَالَ أُصَلِّي لثواب الله والهرب عَن عِقَابه فَسدتْ صلَاته انْتهى.
وَاعْلَم أَن المصنفين رَحِمهم الله تَعَالَى من أهل السّنة وَالْجَمَاعَة يصلونَ على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وعَلى آله الطيبين الطاهرين بِزِيَادَة كلمة (على) ردا للشيعة وَيَقُولُونَ وَالصَّلَاة على رَسُوله مُحَمَّد وعَلى آله مثلا بِخِلَاف الشِّيعَة فَإِنَّهُم يَقُولُونَ وَالصَّلَاة على رَسُوله مُحَمَّد وَآله مثلا بِدُونِ كلمة (على) وينقلون فِي ذَلِك حَدِيثا عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَيْثُ قَالُوا قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام من فصل بينى وَبَين آلى بعلى لم ينل شَفَاعَتِي وَفِي رِوَايَة فقد جفاني - وَقيل فِي الْجَواب إِن الحَدِيث بعد تَسْلِيم صِحَّته مَخْصُوص بِحَال تشهد الصَّلَاة الشَّرْعِيَّة وَقيل إِنَّه مَخْصُوص بِالْفَصْلِ بَين اسْمه الْمُقَدّس أَعنِي مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَبَين آله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام. وَفِيه أَنه وَقع كَذَلِك فِي الْأَدْعِيَة المأثورة وَقيل إِن الْفَصْل بِمَعْنى الْفرق أَي من فرق بيني وَبَين آلى بعلى أَي بِكَلِمَة على أَي فرق بَين الدُّعَاء لَهُم بِأَن يسْتَعْمل الدُّعَاء الَّذِي لنا بِاللَّامِ وَالدُّعَاء الَّذِي لَهُم بِكَلِمَة على وَحَاصِله أَن من صلى عَليّ وَلعن عَلَيْهِم نَعُوذ بِاللَّه من ذَلِك لم ينل شَفَاعَتِي - وَالْأولَى فِي الْجَواب بل التَّحْقِيق الْحقيق بِالصَّوَابِ أَن يُقَال إِن الحَدِيث الْمَذْكُور لَيْسَ بِصَحِيح الرِّوَايَة وَلِهَذَا وَقعت المناقشة فِيمَا بَين الشِّيعَة فِي صِحَّته أَيْضا وَمن يَقُول مِنْهُم بِصِحَّتِهِ يقْرَأ صُورَة حرف الْجَرّ اسْمه كرم الله وَجهه وَيحمل الْبَاء على السَّبَبِيَّة وَيَقُول إِن الْمَعْنى أَن من فصل بيني وَبَين آلى بِسَبَب عداوته وخصومته لعَلي كرم الله وَجهه فَلم ينل شَفَاعَتِي - وَإِن سلمنَا أَن الحَدِيث صَحِيح فَالْوَاجِب حمله على هَذَا إِذْ من المستبعد جدا أَن يحكم بالحرمان من شَفَاعَته عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام بِمُجَرَّد إِيرَاد كلمة على بَين النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام، وَآله الْكِرَام، والمحروم من شَفَاعَته عَلَيْهِ السَّلَام، إِنَّمَا هُوَ الْكَافِر وَوجه وجوب الصَّلَاة على النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام، وَآله الْعِظَام مَذْكُور فِي الْحَمد.
الصَّلَاة: عَن أَحْوَال السُّلْطَان الثَّانِي كتب فِي (مرْآة الاسكندري فِي تَارِيخ سلاطين كجرات) أَن شخصا مُسلما من أحد الْقرى أَتَى السُّلْطَان مَحْمُود وَقَالَ لَهُ أَنا أَبُو بَنَات وَلم أعد قَادِرًا على تَقْدِيم الْخَيْر لَهُنَّ وَفِي هَذِه اللَّيْلَة رَأَيْت جمال وَجه ذِي الْكَمَال مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْمَنَام وَقَالَ لي أَن مَا تريده هُوَ (تنكه) (أَي مائَة وَخَمْسَة وَعشْرين ألف) فَاذْهَبْ وخذها من السُّلْطَان مَحْمُود واعطه دَلِيلا على ذَلِك بِأَنَّهُ يُرْسل السَّلَام لنا يوميا مائَة ألف مرّة، فَقَالَ السُّلْطَان أَن الذَّهَب الَّذِي تريده سأعطيك إِيَّاه أما الدَّلِيل الَّذِي قلت عَنهُ فَلَيْسَ لَهُ وَاقع، فَقَالَ لَهُ: إِنِّي أَقُول مَا سمعته من حبيب الله. وللمصادفة فَإِن السُّلْطَان رأى فِي مَنَامه الْوَاقِعَة نَفسهَا فَأصْبح مَا قيل وَاقعا وَقَالَ لَهُ الرَّسُول فِي الْمَنَام إِن السَّلَام الْوَاحِد الَّذِي تَقوله كل يَوْم يعادل ثَوَاب مائَة ألف سَلام، وَهَذَا السَّلَام الْمُعظم هُوَ:
((اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد بِعَدَد أنفاس الْمَخْلُوقَات، وصل على مُحَمَّد بِعَدَد أشعار الموجودات، وصل على مُحَمَّد بِعَدَد حُرُوف اللَّوْح والدعوات، وصل على مُحَمَّد بِعَدَد البدايات والنهايات من الموجودات والمعدومات إِلَى أَبَد الآبد من أول أزمنته وأواسط عصره وَآخر بَقَائِهِ، وصل على مُحَمَّد بِعَدَد سكان الْأَرْضين وَالسَّمَوَات، وصل على خير خلقه مُحَمَّد وَآله أَجْمَعِينَ)) . وَفِي صباح تِلْكَ اللَّيْلَة استدعى السُّلْطَان ذَلِك الرجل وَأَعْطَاهُ كل مَا طلب وَزَاد عَلَيْهَا أَن ولاه وَظِيفَة. (انْتهى) . 

السّنة القمرية

السّنة القمرية: أَرْبَعَة وَخَمْسُونَ يَوْمًا وَثَلَاث مائَة يَوْم وَبَعض مَعْلُوم من يَوْم وَهُوَ عشرُون جُزْءا من أحد وَعشْرين جُزْءا من الْيَوْم فَيكون السّنة الشمسية زَائِدَة على القمرية بِأحد عشر يَوْمًا وجزء من أحد وَعشْرين جُزْءا من الْيَوْم. وَفِي عدَّة أَيَّام السّنة اخْتِلَاف سَيَجِيءُ فِي الْكسر إِن شَاءَ الله تَعَالَى.

الشخصي لَا يحد

الشخصي لَا يحد: تَحْقِيق هَذَا الْمقَام يَقْتَضِي بسطا فِي الْكَلَام فاستمع أَولا أَن الشخصي على نَوْعَيْنِ حَقِيقِيّ وادعائي. الشخصي الْحَقِيقِيّ وَهُوَ الجزئي الْحَقِيقِيّ الَّذِي لَا يتَمَيَّز عَمَّا عداهُ إِلَّا بِالْإِشَارَةِ الحسية أَو الإبصار أَو تَعْبِيره بِالْعلمِ فَهُوَ يمْتَنع مَعْرفَته حَقِيقَة بِالْإِشَارَةِ وَنَحْوهَا. والشخصي الادعائي الَّذِي اخترعه واصطلح عَلَيْهِ الْعَلامَة التَّفْتَازَانِيّ رَحمَه الله هُوَ الَّذِي لَا يكون مُتَعَددًا فِي نَفسه ويتعدد بِتَعَدُّد الْمحَال كالقرآن من حَيْثُ هُوَ أَي من غير اعْتِبَار تعلقه بِالْمحل فَإِنَّهُ من هَذَا الِاعْتِبَار عبارَة عَن هَذَا الْمُؤلف الْمَخْصُوص الَّذِي لَا يخْتَلف باخْتلَاف المتلفظين للْقطع بِأَن مَا يقرأه كل وَاحِد منا هُوَ الْقُرْآن الْمنزل على نَبينَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِلِسَان جِبْرَائِيل عَلَيْهِ السَّلَام وَهَكَذَا كل كتاب أَو شعر أَو علم ينْسب إِلَى أحد فَإِنَّهُ اسْم لذَلِك الْمُؤلف الْمَخْصُوص سَوَاء قَرَأَهُ أَو علمه زيد أَو عمر أَو غَيرهمَا وَهَذَا هُوَ الْحق فَالْمُعْتَبر فِي جَمِيع ذَلِك هُوَ الْوحدَة فِي غير الْمحل أَي الْوحدَة فِي نَفسه بِالْمَعْنَى الْمَذْكُور لَا الْوحدَة بِاعْتِبَار الْمحل كَمَا قيل فَكل وَاحِد مِنْهَا شخصي ادعائي لِأَنَّهُ لما امْتنع معرفَة حَقِيقَته إِلَّا بِالْإِشَارَةِ إِلَيْهِ أَو الْقِرَاءَة من أَوله إِلَى آخِره أَو تَعْبِيره بِالْعلمِ كالشخصي الْحَقِيقِيّ صَار شخصيا مجَازًا أَو ادِّعَاء وَإِن كَانَ كليا لصدقه على المتعدد بِتَعَدُّد الْمحل.
وَمن هَذَا الْبَيَان عَظِيم الشَّأْن يظْهر أَن الشخصي حَقِيقِيًّا أَو ادعائيا لَا يجوز تحديده، وَإِن كنت فِي ريب مِمَّا ذكرنَا فَانْظُر إِلَى مَا نقُول إِن أتم أَقسَام الْحَد هُوَ الْحَد التَّام الْمُشْتَمل على مقومات الشَّيْء دون مشخصاته لِأَنَّهُ يكون مركبا من الْجِنْس والفصل وهما كليان لَا يفيدان التشخص. فالمعرف لَا يكون مُفِيدا لمعْرِفَة الشخصيات بل لَا بُد فِي مَعْرفَتهَا من الْإِشَارَة إِلَى المشخصات أَو نَحْوهَا فالشخصي لَا يُمكن تحديده، فَإِن قلت، لَا نسلم أَن الشخصي لَا يُمكن تحديده فَإِن الشخصي مركب اعتباري عَن مَجْمُوع الْمَاهِيّة والتشخص فَلم لَا يجوز أَن يحد بِمَا يُفِيد معرفَة الْأَمريْنِ. وقولكم الْحَد التَّام إِنَّمَا يشْتَمل على مقومات الشَّيْء دون مشخصاته مَمْنُوع لِأَن مَا ذكرْتُمْ إِنَّمَا هُوَ فِي الْمَاهِيّة المركبة من الْأَجْزَاء الْعَقْلِيَّة لَا فِي المركبة من الْأَجْزَاء الخارجية أَو مِنْهَا وَمن الْعَقْلِيَّة كالماهية الشخصية لما تقرر فِي الْحِكْمَة أَن الْمَاهِيّة المركبة من الْأَجْزَاء الخارجية إِذا حصلت أجزاؤها الخارجية بأسرها فِي الْعقل حصلت الْمَاهِيّة وَيكون القَوْل الدَّال على مَجْمُوع تِلْكَ الْأَجْزَاء حدا تَاما هُنَا إِذْ لَا معنى للتحديد التَّام إِلَّا تصور كنه الْمَاهِيّة.
قُلْنَا إِن ماهيته مَعْلُومَــة للسَّائِل فَهُوَ لَا يطْلب إِلَّا أمرا وَاحِدًا أَعنِي التشخص لَا أَمريْن والأجزاء الذهنية كليات لَا تفِيد التشخص وَإِنَّمَا تفيده الْإِشَارَة وَنَحْوهَا كَمَا لَا يخفى.
وَقد يسْتَدلّ على الْمُدَّعِي بِأَن الشخصي أَن يحد وَأدنى الْمَقْصُود من تحديده التميز عَمَّا عداهُ فَلَا يَخْلُو إِمَّا أَن يعرف بمقومات الْمَاهِيّة. فَالظَّاهِر أَن تَعْرِيفه بهَا لَا يكون مُخْتَصًّا بِهِ فَلَا يكون مُفِيدا للتميز الْمَذْكُور وَإِن ضم مَعَ تِلْكَ المقومات العرضيات المشخصة أَيْضا فَلَا يكون حدا لِأَنَّهُ لَا بُد وَأَن يكون صدقه على المحد ودائما غير مُمكن الزَّوَال عَنهُ والعرضيات لم يجب دوَام صدقهَا على معروضها لامكان زَوَالهَا وَفِيه نظر لِأَن شَرط دوَام صدق الْحَد على الْمَحْدُود فِي مُطلق الْحَد مَمْنُوع. وَأَيْضًا من الْإِعْرَاض مَا لَا يُمكن زَوَالهَا كاسمه الْعلم فَيجوز أَن يَنْضَم وَيُقَال فِي تَعْرِيف عَمْرو مثلا أَنه حَيَوَان نَاطِق أسمر اللَّوْن فِي عينه الْيُمْنَى نقطة حَمْرَاء وعَلى ذقنه نقطة سَوْدَاء يسكن فِي تِلْكَ المحله معشوق زيد ومنظوره وَيُقَال فِي تَعْرِيف زيد أَنه رجل كَذَا وَكَذَا واسْمه زيد وَبعد اللتيا واللتي فِي أَن الشخصي لَا يحد تَفْصِيل كَمَا قَالَ الْمُحَقق التَّفْتَازَانِيّ فِي التَّلْوِيح. وَالْحق أَن الشخصي يُمكن أَن يحد بِمَا يُفِيد امتيازه عَن جَمِيع مَا عداهُ بِحَسب الْوُجُود أَي بِأَن لَا يكون شَيْء من الموجودات بِحَيْثُ يصدق ذَلِك التَّعْرِيف عَلَيْهِ وَلَا بِمَا يُفِيد أَي وَلَا يُمكن أَن يحد بِمَا يُفِيد تَعْيِينه وتشخيصه بِحَيْثُ لَا يُمكن اشتراكه بَين كثيرين بِحَسب الْفِعْل فَإِن ذَلِك أَي التَّعْيِين والتشخيص إِنَّمَا يحصل بِالْإِشَارَةِ لَا غير أَي لَا بالتعريف فالحصر إضافي بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ فَلَا يُنَافِي قَوْله فِيمَا سبق بِالْإِشَارَةِ وَنَحْوهَا فَافْهَم. فَإِنَّهُ يُوضح مَا فِي التَّوْضِيح والتلويح ويشرق من أفق هَذَا الْبَيَان وَجه مَا هُوَ الْمَشْهُور من أَن التَّعْرِيف إِنَّمَا يكون للماهية لَا للفرد والأفراد أَي لَا للفرد الشخصي والأفراد الشخصية لَا مُطلقًا كَيفَ فَإِن الْإِنْسَان مثلا فَرد نَوْعي للحيوان وَيحد بِحَدّ حَقِيقِيّ وَلَيْسَ المُرَاد بالفرد النوعي النَّوْع بل مَا يُقَابل الشخصي أَعنِي الجزئي الْحَقِيقِيّ فَإِن الْحَيَوَان والجسم النامي والجسم والجوهر يحد كل وَاحِد مِنْهَا بِلَا إِنْكَار.
هَذَا أَوَان نصف لَيْلَة عَرَفَة وَالْحجاج مشتاقون إِلَى الْوُقُوف بِعَرَفَات. وعديم الْوُقُوف متجاوز عَن حد الْعُبُودِيَّة مفتاق إِلَى الْوُقُوف بتحديد الشخصي فَعَلَيهِ أَن يَتُوب إِلَى الله تَعَالَى من السَّيِّئَات. ويفتاق إِلَى الغفران والنجاة. أَيهَا الخلان الناظرون فِي هَذَا الْكتاب من كَانَ مُتَرَدّد البال، ومتشتت الْحَال، فِي نَفَقَة الْعِيَال، كَيفَ يَعْلُو مدارج التَّأْلِيف، وَكَيف يسمو معارج التصنيف، إِلَّا أَن شوقه الوافي يَسُوقهُ إِلَى هَذَا السُّوق فَيدْفَع جوعه ويجعله شبعان، وقصده الْكَافِي يجره إِلَى هَذَا اللصوق فيرفع عطشه ويصيره رَيَّان. ويفوض أطفاله وَعِيَاله إِلَى الرَّزَّاق ذِي الْقُوَّة المتين، وَهُوَ متكفل ومعين، فِي كل آن وزمان وَحين.
(نه شفيقي نه رفيقي نه أَمِيري نه فَقير ... )

(هيجكس برسش احوال من خسته نكرد ... )

(بس مراخانه آن منعم ورزاق جهان ... )

(كه در نعمت اَوْ باز وبكس بسته نكرد ... )

اللَّهُمَّ اغْفِر لي وَتب عَليّ إِنَّك أَنْت التواب الرَّحِيم.

الشّرْب

الشّرْب: بِالْكَسْرِ فِي اللُّغَة تصيب المَاء. وَفِي الشَّرْع نوبَة الِانْتِفَاع بِالْمَاءِ سقيا للمزارع أَو الدَّوَابّ. وبالضم إِيصَال الشي إِلَى جَوْفه بَغْتَة مرّة مِمَّا لَا يَتَأَتَّى فِيهِ المضع.
(الشّرْب) الْقَوْم يشربون ويجتمعون على الشَّرَاب

(الشّرْب) المَاء يشرب والنصيب مِنْهُ وَوقت الشّرْب وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {لَهَا شرب وَلكم شرب يَوْم مَعْلُوم} ومورد المَاء (ج) أشراب

الطُّهْر وَالطَّهَارَة

الطُّهْر وَالطَّهَارَة: فِي اللُّغَة النَّظَافَة وَهُوَ على نَوْعَيْنِ ظاهري وباطني وَالطَّهَارَة الظَّاهِرِيَّة فِي الشَّرْع عبارَة عَن غسل أَعْضَاء مَخْصُوصَة بِصفة مَخْصُوصَة وَهِي نَوْعَانِ الطَّهَارَة الْكُبْرَى وَهِي الْغسْل أَو نَائِبه وَهُوَ التَّيَمُّم للْغسْل وَالطَّهَارَة الصُّغْرَى وَهِي الْوضُوء أَو نَائِبه وَهُوَ التَّيَمُّم للْوُضُوء وَالطَّهَارَة الباطنية تَنْزِيه الْقلب وتصفيته عَن نَجَاسَة الْكفْر والنفاق وَسَائِر الْأَخْلَاق الذميمة الْبَاطِنَة.

وَالطُّهْر عِنْد الْفُقَهَاء: فِي بَاب الْحيض هُوَ الْفَاصِل بَين الدمين وَأقله عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى خَمْسَة عشر يَوْمًا كَمَا رُوِيَ عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ وَلَا يعرف ذَلِك إِلَّا سَمَاعا. وَالتَّفْصِيل فِي كتب الْفِقْه. وَلَا حد لأكْثر الطُّهْر لِأَنَّهُ قد يَمْتَد إِلَى سنة وسنتين فَصَاعِدا وَقد لَا ترى الْحيض أصلا فَلَا يُمكن تَقْدِيره فَحِينَئِذٍ تصلي وتصوم وَمَا يرى فَهُوَ الطُّهْر وَإِن استغرق لَكِن إِذا اسْتمرّ الدَّم فَإِن كَانَت مبتدئة فحيضها عشرَة وطهرها عشرُون. وَإِن كَانَت مُعْتَادَة فَإِن كَانَت ناسية أَيَّامهَا فتردت بَين الْحيض وَالطُّهْر وَالْخُرُوج من الْحيض فَإِنَّهَا تصلي بِالْغسْلِ لكل صَلَاة بِالشَّكِّ كَمَا قَالَ صَاحب نَام حق.
(هرزنى راكه كم شود أَيَّام ... غسل بايد بهر نمازمدام)

بِضَم الْغَيْن الْمُعْجَمَة لَا بِفَتْحِهَا كَمَا زعم الجهلاء. وَالْقِيَاس أَن تَغْتَسِل لكل سَاعَة لَكِن سقط ذَلِك للْحَرج وَلَا يطَأ زَوجهَا بِالتَّحَرِّي لِأَنَّهُ لَا يجوز فِي بَاب الْفروج. وَقَالَ بعض مَشَايِخنَا يَطَأهَا بِالتَّحَرِّي لِأَنَّهُ حَقه فِي حَالَة الطُّهْر وزمانه غَالب. وَفِي الْمَبْسُوط إِذا كَانَت لَهَا أَيَّام مَعْلُومَــة فِي كل شهر فَانْقَطع عَنْهَا الدَّم أشهرا ثمَّ عَاد وَاسْتمرّ بهَا وَقد نسيت أَيَّامهَا فَإِنَّهَا تمسك عَن الصَّلَاة ثَلَاثَة أَيَّام من أول الِاسْتِمْرَار ثمَّ تَغْتَسِل لكل صَلَاة من سَبْعَة أَيَّام ثمَّ تتوضأ عشْرين يَوْمًا لوقت كل صَلَاة ويأتيها زَوجهَا وَإِن كَانَت عَالِمَة حافظة أَيَّام حَيْضهَا وطهرها فَيحْتَاج إِلَى نصب الْعَادة. وَاخْتلفُوا فِيهِ فَقَالَ أَبُو عصمَة سعيد بن معَاذ الْمروزِي وَأَبُو حَازِم عبد الحميد لَا يقدر طهرهَا بِشَيْء وَلَا تَنْقَضِي عدتهَا أبدا. وَقَالَت الْعَامَّة يقدر طهرهَا للضَّرُورَة والبلوى. ثمَّ اخْتلفُوا فَقَالَ مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الميداني يقدر بِسِتَّة أشهر إِلَّا سَاعَة.
الطُّهْر وَالطَّهَارَة: فقد جَاءَ فِي (الْكَنْز الْفَارِسِي) بقول (مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الميداني أَنه بعد مُضِيّ تِسْعَة عشر شهرا وَعشرَة أَيَّام إِلَّا أَربع سَاعَات من وُقُوع الطَّلَاق يُمكن للْمَرْأَة أَن تتَزَوَّج ثَانِيَة (انْتهى)) وَإِذا قلت لماذا تِسْعَة عشر شهرا وَعشرَة أَيَّام؟ فَإِن قَوْله ذَلِك هُوَ عدَّة تِلْكَ الْمَرْأَة، وَالْجَوَاب هُوَ أَن عدَّة الْمُطلقَة ثَلَاثَة حيضات وَبِمَا أَن كل حَيْضَة هِيَ عشرَة أَيَّام وَثَلَاثَة تَسَاوِي شهرا وكل طهر عِنْده هُوَ سِتَّة أشهر فمجموع الْأَطْهَار الثَّلَاثَة يصبح ثَمَانِيَة عشر شهرا، ويضاف إِلَيْهَا الشَّهْر الْمَفْرُوض للحيضات الثَّلَاثَة فَيُصْبِح الْمَجْمُوع تِسْعَة عشر شهرا، أما زِيَادَة الْأَيَّام الْعشْرَة فَيَعُود إِلَى احْتِمَال أَن يكون الطَّلَاق من زَوجهَا قد وَقع أثْنَاء الْحيض فَلَا تعد هَذِه الْحَيْضَة من الْعدة. فَمن بَاب الِاحْتِيَاط أضَاف عشرَة أَيَّام. وَإِذا قلت لماذا إِلَّا أَربع سَاعَات؟ فَيكون الْجَواب نقلل ثَلَاث سَاعَات من الْأَطْهَار الثَّلَاثَة، لِأَن الطُّهْر على مَذْهَبنَا مِقْدَاره سِتَّة أشهر إِلَّا سَاعَة وَاحِدَة، لِأَن الْعَادة نُقْصَان طهر غير الْحَامِل عَن الْحَامِل، وَأَقل مُدَّة الْحمل سِتَّة أشهر فانتقص عَن هَذَا شَيْء وَهُوَ السَّاعَة، أما إنقاص السَّاعَة الرَّابِعَة من أجل أَن الْعد للعدة يبْدَأ من بعد زمن التَّطْلِيق وَلَيْسَ من زمن التَّطْلِيق فَافْهَم واحفظ فَإِنَّهُ ينفعك هُنَاكَ.
الطُّهْر المتخلل بَين الدمين فِي الْمدَّة حيض ونفاس: هَذِه الْمَسْأَلَة وَاقعَة فِي أَكثر كتب الْفِقْه وَشرح الْوِقَايَة فِي هَذَا الْمقَام معركة آراء الطلباء بل مزال أَقْدَام الْفُضَلَاء وَقد وَقع أَوَان تكْرَار بعض الأحباب طول المباحثة فِي تَحْقِيقه فنقلت عَن الْأُسْتَاذ رَحمَه الله مَا سمح بِهِ خاطري فَاسْتَحْسَنَهُ وحرره بِعِبَارَة هَكَذَا إِن قَوْله (الطُّهْر) مُبْتَدأ مَوْصُوف و (المتخلل) صفته و (بَين) ظرف مُضَاف إِلَى (الدمين) مُتَعَلق بالمتخلل و (فِي الْمدَّة) ظرف مُسْتَقر حَال عَن الدمين وَالْمعْنَى أَن الطُّهْر المتخلل بَين الدمين حَال كَونهمَا واقعين فِي مُدَّة الْحيض حيض وَفِي مُدَّة النّفاس نِفَاس على رِوَايَة مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى بل على رِوَايَة مُحَمَّد عَن أبي يُوسُف كَمَا هُوَ التَّحْقِيق فمسألة الْمُتُون على مَا قَررنَا لَا تصدق إِلَّا على صُورَة وجد فِيهَا دمان فِي الْمدَّة وَأما إِذا خرج أحد الدمين عَن الْمدَّة فَلَا تصدق فَالْمَسْأَلَة الْوَاقِعَة فِي الْوِقَايَة مثلا مَا رَوَاهُ مُحَمَّد عَن أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى لَا غير بل مَا رَوَاهُ أَبُو يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى كَمَا مر فَبين قَول صَاحب الْوِقَايَة وَقَول شارحها وَهُوَ قَوْله وَاعْلَم أَن الطُّهْر الَّذِي يكون أقل من خَمْسَة عشر إِذا تخَلّل بَين الدمين إِلَى آخر الاختلافات عُمُوم وخصوص مُطلق أَعنِي قَول صَاحب الْوِقَايَة اخص وَقَول شارحها أَعم لِأَنَّهُ كل مَا صدق عَلَيْهِ تخَلّل الطُّهْر بَين الدمين فِي الْمدَّة صدق عَلَيْهِ تخَلّل الطُّهْر بَين الدمين وَلَا عكس فالطهر الَّذِي يكون أقل من خَمْسَة عشرَة إِذا تخَلّل بَين الدمين فَإِن كَانَ يَوْمًا أَو يَوْمَيْنِ أَو ثَلَاثَة أَيَّام أَو أَرْبَعَة أَو خَمْسَة أَو سِتَّة أَو سَبْعَة أَو ثَمَانِيَة فَهُوَ دَاخل تَحت مَسْأَلَة الْوِقَايَة وَأما إِذا كَانَ ذَلِك الطُّهْر تِسْعَة أَو عشرَة أَو أحد عشرَة أَو اثْنَا عشر أَو ثَلَاثَة عشر أَو أَرْبَعَة عشر فَلَا فالشارح إِنَّمَا ذكر مَا سوى مَسْأَلَة الْوِقَايَة للفائدة لَا لِأَن جَمِيع الاختلافات مندرجة تَحت مَسْأَلَة الْوِقَايَة بِأَن تكون مُشْتَمِلَة على رِوَايَة مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى وَغَيرهَا على مَا وهم حَتَّى يَقع الْخبط والصعوبة فِي تطبيق مَسْأَلَة الْوِقَايَة على جَمِيع الرِّوَايَات واندراجها فِيهَا.
قَالَ الشَّارِح: وَاعْلَم أَن الطُّهْر الَّذِي يكون أقل من خَمْسَة عشر إِذا تخَلّل بَين الدمين فَإِن كَانَ أقل من ثَلَاثَة أَيَّام لَا يفصل بَينهمَا بل هُوَ كَالدَّمِ المتوالي إِجْمَاعًا انْتهى (المُرَاد بِعَدَمِ الْفَصْل) أَن لَا يَجْعَل الطُّهْر طهرا بل يَجْعَل كأيام ترى فِيهَا الدَّم كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله بل هُوَ كَالدَّمِ المتوالي وَإِنَّمَا لَا يفصل الطُّهْر إِلَّا أقل من ثَلَاثَة لِأَن دون الثَّلَاث من الدَّم لَا حكم لَهُ فَكَذَا الطُّهْر. (صورته) امْرَأَة رَأَتْ يَوْمًا دَمًا وَيَوْما أَو يَوْمَيْنِ طهرا أَو يَوْمًا دَمًا فَهَذَا الطُّهْر مَعَ الدمين حيض بالِاتِّفَاقِ (فَإِن قيل) لَا يعلم من كَون ذَلِك الطُّهْر دَمًا مُتَوَلِّيًا أَنه حيض (قُلْنَا) لَا شكّ أَن الدَّم إِذا صلح للْحيض يكون حيضا وَإِذا لم يصلح فَهُوَ استحاضه وَالدَّم الصَّالح للْحيض مَا يكون أَكثر من يَوْمَيْنِ وَأَقل من أحد عشر يَوْمًا فَإِذا جعل ذَلِك الطُّهْر فِي هَذِه الصُّورَة دَمًا صَار الدَّم ثَلَاثَة أَيَّام على تَقْدِير كَون الطُّهْر يَوْمًا وَأَرْبَعَة أَيَّام على تَقْدِير كَونه يَوْمَيْنِ وَذَلِكَ الدَّم يصلح أَن يكون حيضا فَاعْتبر كَذَلِك.
قَالَ الشَّارِح: وَإِن كَانَ أَي الطُّهْر ثَلَاثَة أَيَّام أَو أَكثر وَهُوَ مَا بَين ثَلَاثَة وَخمْس عشر فَعِنْدَ أبي يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى وَهُوَ قَول أبي حنيفَة رَحمَه الله لَا يفصل أَي الطُّهْر بَين الدمين بل هُوَ كَالدَّمِ المتوالي لِأَن مَا دون خَمْسَة عشر طهر فَاسد فَيكون كَالدَّمِ. (صورته) رَأَتْ يَوْمَيْنِ دَمًا وَثَلَاثَة طهرا وَيَوْما مَا دَمًا أَو رَأَتْ يَوْمَيْنِ دَمًا وَأَرْبَعَة عشر طهرا وَيَوْما دَمًا لَا يفصل الطُّهْر عِنْد أبي يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى وَهُوَ قَول آخر لأبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى فأيام الْحيض على الأول سِتَّة وعَلى الثَّانِي عشرَة وَإِنَّمَا قَالَ آخر لِأَن القَوْل السَّابِق الَّذِي عَلَيْهِ الاجماع قَالَ بِهِ أَيْضا أَبُو حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى فَهَذَا القَوْل بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ قَول آخر وَإِنَّمَا قَالَ وَإِن كَانَ أَكثر من عشرَة بالوصل مَعَ أَنه كَانَ متفهما من قَوْله السَّابِق أَو أَكثر توضيحا للمراد ودفعا لتوهم أَن المُرَاد دفعا بِالْأَكْثَرِ الأول أَكثر من ثَلَاثَة أَيَّام فَقَط.
قَالَ الشَّارِح: فَيجوز بداية الْحيض وختمه بِالطُّهْرِ عطف على قَوْله لَا يفصل.
قَالَ الشَّارِح: على هَذَا القَوْل فَقَط أَي على قَول أبي يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى دون الْأَقْوَال الْخَمْسَة الْبَاقِيَة. (صورته) امْرَأَة عَادَتهَا فِي أول كل شهر خَمْسَة فرأت قبل أَيَّامهَا يَوْمًا دَمًا ثمَّ طهرت خمستها ثمَّ رَأَتْ يَوْمًا دَمًا فَعنده خمستها حيض إِذا جَاوز الْعشْرَة أما إِذا لم يتَجَاوَز فَيكون الْجَمِيع حيضا والأوضح فِي التَّصْوِير أَن يُقَال مُعْتَادَة بِعشْرَة حيضا وَعشْرين طهرا رَأَتْ تِسْعَة عشر طهرا ثمَّ يَوْمًا دَمًا ثمَّ عشرَة طهرا ثمَّ يَوْمًا دَمًا فالعشرة بَين الدمين حيض فَحِينَئِذٍ بداية الْحيض بِالطُّهْرِ وختمه أَيْضا بِهِ ظَاهر فطهر مِنْهُ أَن تصور الْبِدَايَة والختم مَعًا بِالطُّهْرِ لَا يُمكن إِلَّا فِيمَن لَهَا عَادَة مَعْرُوفَة.
قَالَ الشَّارِح: قد ذكر أَن الْفَتْوَى على هَذَا تيسيرا على الْمُفْتِي والمستفتي لِأَن فِي مَذْهَب مُحَمَّد وَغَيره تفاصيل يحرج الْمُفْتِي والمستفتي فِي ضَبطهَا والتيسير هُوَ اللَّائِق فِي الشَّرِيعَة لقَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام يسروا وَلَا تُعَسِّرُوا (فَإِن قلت) إِذا كَانَ الْفَتْوَى على قَول أبي يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى للتيسير وَمَعَ ذَلِك قد اجْتمع عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ فَكيف ذكر فِي الْمُتُون رِوَايَة مُحَمَّد وشارح الْوِقَايَة ذكرهَا فِي مُخْتَصر الْوِقَايَة أَيْضا (قلت) كَونهَا رِوَايَة مُحَمَّد وهم لِأَن الطُّهْر المتخلل بَين الدمين مُطلقًا حَال كَون الطُّهْر فِي مُدَّة الْحيض حيض على رِوَايَة أبي يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى سَوَاء كَانَ الدمَان فِي مُدَّة الْحيض أَو لَا (نعم) يجب تَقْيِيد الطُّهْر بالناقص.
قَالَ الشَّارِح: وَفِي رِوَايَة مُحَمَّد عَنهُ أَي عَن أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى لَا يفصل إِن أحَاط الدَّم بطرفيه فِي عشرَة أَو أقل. (صورته) امْرَأَة رَأَتْ يَوْمًا دَمًا وَثَمَانِية طهرا وَيَوْما دَمًا أَو رَأَتْ يَوْمًا دَمًا وَثَلَاثَة طهر أَو يَوْمًا دَمًا فالحيض على الصُّورَة الأولى عشرَة أَيَّام وعَلى الثَّانِيَة خَمْسَة أَيَّام.
قَالَ الشَّارِح: فِي رِوَايَة ابْن الْمُبَارك عَنهُ أَي عَن أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى يشْتَرط مَعَ ذَلِك أَي مَعَ اشْتِرَاط إحاطة الدَّم بطرفيه فِي عشرَة أَو أقل كَون الدمين نِصَابا يَعْنِي ثَلَاثَة أَيَّام ولياليها كمن رَأَتْ يَوْمًا دَمًا وَسَبْعَة طهرا ويومين دَمًا أَو رَأَتْ يَوْمًا دَمًا وَأَرْبَعَة طهرا ويومين دَمًا فالحيض على الصُّورَة الأولى عشرَة أَيَّام وعَلى الثَّانِيَة سَبْعَة أَيَّام.
قَالَ الشَّارِح: وَعند مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى يشْتَرط مَعَ هَذَا أَي يشْتَرط عِنْده مَعَ كَون الدمين نِصَابا كَون الطُّهْر مُسَاوِيا للدمين أَو أقل كمن رَأَتْ يَوْمًا دَمًا وَثَلَاثَة طهرا ويومين دَمًا وَرَأَتْ يَوْمًا دَمًا ويومين طهرا ويومين دَمًا فالحيض على الصُّورَة الأولى سِتَّة أَيَّام وعَلى الثَّانِيَة خَمْسَة أَيَّام.
قَالَ الشَّارِح: ثمَّ إِذا صَار دَمًا عِنْده. الضَّمِير الْمُسْتَتر فِي قَوْله صَار رَاجع إِلَى الطُّهْر المتخلل الْمسَاوِي للدمين أَو الْأَقَل وَالضَّمِير الْمَجْرُور فِي قَوْله عِنْده رَاجع إِلَى مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى.
قَالَ الشَّارِح: فَإِن وجد. شَرط مَعَ جَزَائِهِ جَزَاء لقَوْله إِذا صَار.
قَالَ الشَّارِح: فِي عشرَة. مُتَعَلق بقوله وجد. قَالَ الشَّارِح: هُوَ فِيهَا. جملَة وَقعت صفة لقَوْله عشرَة وَضمير هُوَ رَاجع إِلَى الطُّهْر وَضمير فِيهَا عَائِد إِلَى قَوْله عشرَة.
قَالَ الشَّارِح: طهر. مفعول مَا لم يسم فَاعله لقَوْله وجد. وَقَوله آخر صفة لقَوْله طهر.
قَالَ الشَّارِح: يغلب. جملَة وَقعت صفة ثَانِيَة لقَوْله طهر وَالضَّمِير الْمُسْتَتر فِي يغلب رَاجع إِلَى الطُّهْر الآخر.
قَالَ الشَّارِح: الدمين. مفعول بِهِ لقَوْله يغلب.
قَالَ الشَّارِح: المحيطين. صفة لقَوْله الدمين.
قَالَ الشَّارِح: بِهِ رَاجع. إِلَى الطُّهْر الاخر.
قَالَ الشَّارِح: لَكِن، عاطفة.
قَالَ الشَّارِح: يصير مَغْلُوبًا، مَعْطُوف على قَوْله يغلب وَالضَّمِير الْمُسْتَتر فِي قَوْله يصير رَاجع إِلَى الطُّهْر الآخر.
قَالَ الشَّارِح: إِن عدد ذَلِك الدَّم الْحكمِي دَمًا. مُتَعَلق بقوله يصير مَغْلُوبًا وَالْمرَاد بقوله ذَلِك الدَّم الْحكمِي الطُّهْر الْمَذْكُور أَي الطُّهْر الأول.
قَالَ الشَّارِح: فَإِنَّهُ يعد دَمًا. جَزَاء لقَوْله فَإِن وجد. وَالضَّمِير الْمَنْصُوب رَاجع إِلَى الطُّهْر الآخر وَكَذَا الضَّمِير الْمُسْتَتر فِي قَوْله يعد.
قَالَ الشَّارِح: حَتَّى يَجْعَل الطُّهْر الآخر حيضا أَيْضا مُتَعَلق بقوله يعد.
قَالَ الشَّارِح: إِلَّا فِي قَول أبي سُهَيْل. يَعْنِي أَنه لَا يعد ذَلِك الطُّهْر الآخر دَمًا (صورته) امْرَأَة رَأَتْ يَوْمَيْنِ دَمًا وَثَلَاثَة طهرا أَو يَوْمًا دَمًا وَثَلَاثَة طهرا وَيَوْما دَمًا فالحيض عِنْد مُحَمَّد الْعشْرَة كلهَا وَعند أبي سُهَيْل السِّتَّة الأول حيض.
قَالَ الشَّارِح: وَلَا فرق بَين كَون الطُّهْر الآخر مقدما على ذَلِك الطُّهْر أَو مُؤَخرا. يَعْنِي يجوز فِي الْمِثَال أَن يَجْعَل الثَّلَاثَة الأول دَمًا حكما. وَيجْعَل الثَّانِيَة كَذَلِك وَيجوز الْعَكْس أَيْضا. صورته امْرَأَة رَأَتْ يَوْمًا دَمًا وَثَلَاثَة طهرا وَيَوْما دَمًا وَثَلَاثَة طهرا ويومين دَمًا فَيجْعَل الطُّهْر الثَّانِي حيضا لكَونه مُسَاوِيا للدمين المحيطين بِهِ ثمَّ يَجْعَل الطُّهْر الأول أَيْضا حيضا لكَونه أقل من الدمين المحيطين وَيجْعَل الطُّهْر الثَّانِي دَمًا.
قَالَ الشَّارِح: وَعند الْحسن بن زِيَاد الطُّهْر الَّذِي يكون ثَلَاثَة أَو أَكثر يفصل مُطلقًا أَي سَوَاء كَانَ ذَلِك الطُّهْر مُسَاوِيا للدمين المحيطين بِهِ أَو أقل مِنْهُمَا أَو أَكثر. فَإِن رَأَتْ يَوْمًا دَمًا وَثَلَاثَة طهرا وَيَوْما دَمًا. أَو رَأَتْ يَوْمًا دَمًا وَأَرْبَعَة طهرا وَيَوْما دَمًا. فَفِي هَاتين الصُّورَتَيْنِ يفصل الطُّهْر عِنْده. وَإِن رَأَتْ يَوْمًا دَمًا وَيَوْما طهرا وَيَوْما دَمًا. أَو رَأَتْ يَوْمًا دَمًا ويومين طهرا وَيَوْما دَمًا. فالحيض على الصُّورَة الأولى عِنْده ثَلَاثَة أَيَّام وعَلى الثَّانِيَة أَرْبَعَة أَيَّام.

الْعدة

(الْعدة) مِقْدَار مَا يعد ومبلغه وَالْجَمَاعَة يُقَال عدَّة كتب وعدة رجال وعدة الْمُطلقَة والمتوفى عَنْهَا زَوجهَا مُدَّة حددها الشَّرْع تقضيها الْمَرْأَة دون زواج بعد طَلاقهَا أَو وَفَاة زَوجهَا عَنْهَا (ج) عدد

(الْعدة) الاستعداد وَمَا أعد لأمر يحدث (ج) عدد
الْعدة: فعلة بِالْكَسْرِ من الْعد. فِي الصِّحَاح أَن عدَّة الْمَرْأَة أَيَّام إقرائها. وَفِي الْكَافِي هِيَ تربص يلْزم الْمَرْأَة بِزَوَال النِّكَاح أَو شبهه المتأكدة بِالدُّخُولِ وَإِنَّمَا سمي بهَا لعَدهَا أَيَّام التَّرَبُّص. وَالْعدة تكون بِأحد ثَلَاثَة أُمُور بِالْحيضِ والشهور وَوضع الْحمل. فَعدَّة الْحرَّة للطَّلَاق بَائِنا أَو رَجْعِيًا أَو الْفَسْخ كَمَا فِي الْفرْقَة بِخِيَار الْبلُوغ وَملك أحد الزَّوْجَيْنِ صَاحبه ثَلَاثَة حيض إِن كَانَت حَائِضًا وَإِن لم تَحض كالصغيرة والآيسة فَثَلَاثَة أشهر. هَذَا إِذا كَانَت مَوْطُوءَة وَإِلَّا فَلَا عدَّة لَهَا وعدة الْحرَّة للْمَوْت سَوَاء كَانَت صَغِيرَة أَو كَبِيرَة كَافِرَة أَو مسلمة مَوْطُوءَة أَو غير مَوْطُوءَة أَرْبَعَة أشهر وَعشر لَيَال فَيتَنَاوَل مَا بإزائها من الْأَيَّام. وعدة الْأمة الَّتِي دخل بهَا زَوجهَا وَطَلقهَا حيضان وَإِن كَانَت حَائِضًا وَإِن لم تَحض فعدتها نصف ثَلَاثَة أشهر كَمَا لمَوْت زَوجهَا نصف مَا للْحرَّة عِنْد موت زَوجهَا شَهْرَان وَخمْس لَيَال مَوْطُوءَة أَو لَا. وعدة الْحَامِل حرَّة أَو أمة مُطلقَة أَو توفّي عَنْهَا زَوجهَا وضع حملهَا وعدة زَوْجَة الفار وَهُوَ الَّذِي طلق امْرَأَته فِي مرض مَوته أبعد الْأَجَليْنِ أَي عَلَيْهَا أَرْبَعَة أشهر وَعشر إِذا كَانَت أطول من الْعدة بِالْحيضِ وَعَلَيْهَا ثَلَاث حيض إِن كَانَت أطول من الْعدة بِالْأَشْهرِ وَيظْهر هَذَا فِي الممتدة الطُّهْر. فِي الْهِدَايَة هَذَا عِنْد أبي حنيفَة وَمُحَمّد رحمهمَا الله تَعَالَى وَقَالَ أَبُو يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى ثَلَاث حيض وَمَعْنَاهُ إِذا كَانَ الطَّلَاق بَائِنا أَو ثَلَاثًا أما إِذا كَانَ رَجْعِيًا فعلَيْهَا عدَّة الْوَفَاة بِالْإِجْمَاع.
وَاعْلَم أَن عليا كرم الله وَجهه وَابْن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ اخْتلفَا فِي عدَّة حَامِل مَاتَ زَوجهَا فَقَالَ عَليّ كرم الله وَجهه أَن تَعْتَد بأبعد الْأَجَليْنِ أَي أجل الْوَفَاة وَهُوَ أَرْبَعَة أشهر وَعشر وَأجل وضع الْحمل. وَقَالَ ابْن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَن عدَّة الحاملة الْمُتَوفَّى عَنْهَا زَوجهَا وضع الْحمل. فَإِن قيل، لم قَالَ عَليّ كرم الله وَجهه بأبعد الْأَجَليْنِ قيل تَوْفِيقًا بَين الْآيَتَيْنِ الأولى قَوْله تَعَالَى {وَالَّذين يتوفون مِنْكُم ويذرون أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ أَرْبَعَة أشهر وَعشرا} وَالثَّانِي قَوْله تَعَالَى {وَأولَات الْأَحْمَال أَجلهنَّ أَن يَضعن حَملهنَّ} . فَإِن قيل، لم قَالَ ابْن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ بِأَن عدَّة الْحَامِل الْمُتَوفَّى عَنْهَا زَوجهَا وضع الْحمل. قُلْنَا، قَالَ ابْن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ من شَاءَ باهلته أَن قَوْله تَعَالَى {وَأولَات الْأَحْمَال أَجلهنَّ أَن يَضعن حَملهنَّ} نزل بعد قَوْله تَعَالَى {وَالَّذين يتوفون مِنْكُم ويذرون أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفسِهِم أَرْبَعَة أشهر وَعشرا} وَهَذِه الْآيَة تدل على أَن الْعدة للحامل بِوَضْع الْحمل سَوَاء توفّي عَنْهَا زَوجهَا أَو طَلقهَا فَجعل ابْن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَوْله تَعَالَى {وَأولَات الْأَحْمَال} نَاسِخا لقَوْله يَتَرَبَّصْنَ فِي مِقْدَار مَا تنَاوله الْآيَتَانِ وَهُوَ مَا إِذا توفّي عَنْهَا زَوجهَا وَتَكون حَامِلا. وَلَا يخفى أَنه يفهم من هَا هُنَا أَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ ظن أَن عليا كرم الله وَجهه لم يعلم بِتَقْدِيم نزُول قَوْله تَعَالَى {وَالَّذين يتوفون مِنْكُم} الْآيَة وَتَأْخِير نزُول قَوْله تَعَالَى {وَأولَات الْأَحْمَال} الْآيَة. وَالتَّحْقِيق الْحقيق مَا أَشَارَ إِلَيْهِ أستاذ أبي مَوْلَانَا أَحْمد بن سُلَيْمَان الأحمد آبادي غفر الله ذنوبهما وَستر عيوبهما بقوله وَلنَا فِي هَذَا الْمقَام تَحْقِيق أنيق مَا يكْشف الغطاء عَن وَجه قوليهما وَيظْهر مَا هُوَ الْحق مِنْهُمَا. وَبَيَان ذَلِك أَن الْغَرَض وَالْحكمَة فِي عدَّة الْمُطلقَة ظُهُور بَرَاءَة رَحمهَا عَن شغله بِمَاء الْغَيْر وَالْحكمَة فِي تربص الْمُتَوفَّى عَنْهَا زَوجهَا فِي أَرْبَعَة أشهر وَعشر هِيَ رِعَايَة تَعْزِيَة الزَّوْج وَحفظ حرمته إِلَى تِلْكَ الْمدَّة تدل على ذَلِك أَن الْمُطلقَة إِذا كَانَت غير مدخولة لَا تَعْتَد أصلا كَمَا يفهم من قَوْله تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا نكحتم الْمُؤْمِنَات ثمَّ طلقتموهن من قبل أَن تمَسُّوهُنَّ فَمَا لكم عَلَيْهِنَّ من عدَّة تعتدونها فمتعوهن وسرحوهن سراحا جميلا} وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَيْسَ رَحمهَا مَشْغُولًا بِمَاء الْغَيْر. والمتوفى عَنْهَا زَوجهَا إِذا كَانَت غير مدخولة يجب عَلَيْهَا التَّرَبُّص إِلَى أَرْبَعَة أشهر وَعشر وَإِن كَانَ رَحمهَا غير مَشْغُول بِمَاء الْغَيْر كَمَا هُوَ مَذْكُور فِي كتب الْفِقْه. وَأَيْضًا يدل عَلَيْهِ عُمُوم قَوْله تَعَالَى {وَالَّذين يتوفون} من غير اسْتثِْنَاء لغير المدخولة كَمَا اسْتثْنى الْمُطلقَة الْغَيْر المدخولة من عُمُوم قَوْله تَعَالَى {والمطلقات يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ} بِمَا ذكرنَا من الْآيَة فَعلم من ذَلِك أَنه لَيْسَ الْحِكْمَة فِي ذَلِك التَّرَبُّص اسْتِبْرَاء الرَّحِم وَإِلَّا لم يجب عَلَيْهَا إِذا كَانَت غير مدخولة كَمَا لَا يجب على الْمُطلقَة الْغَيْر المدخولة فَلَا تكون الْآيَتَانِ متعارضتين إِذا لوحظت الْحِكْمَة المرعية فيهمَا وَلم يكن قَوْله تَعَالَى {وَأولَات الْأَحْمَال} نَاسِخا لقَوْله تَعَالَى {وَالَّذين يتوفون} مَعَ تَأَخّر نزُول ذَلِك عَن هَذَا لِأَن كلا من الْآيَتَيْنِ لغَرَض وَحِكْمَة على حِدة وَلَيْسَ أَحدهمَا منافيا للْآخر حَتَّى يكون نَاسِخا فِي مِقْدَاره المتناول وَيُؤَيّد مَا ذكرنَا من أَن الْحِكْمَة فِي الحكم الأول هُوَ ظُهُور بَرَاءَة الرَّحِم وَفِي الثَّانِي هُوَ فَقَط تَعْزِيَة الزَّوْج مَا أوردهُ صَاحب الْهِدَايَة فِي بَاب الْعدة من أَن الْعدة فِي الطَّلَاق وَجَبت للتعرف عَن بَرَاءَة الرَّحِم وَفِي بَاب النَّفَقَة من أَن احتباس الْمُتَوفَّى عَنْهَا زَوجهَا لَيْسَ لحق الزَّوْج بل لحق الشَّرْع فَإِن التَّرَبُّص عبَادَة فِيهَا. أَلا ترى أَن معنى التعرف عَن بَرَاءَة الرَّحِم لَيْسَ بمراعى فِيهِ حَتَّى لَا يشْتَرط فِيهَا الْحيض.
إِذا عرفت هَذَا فَنَقُول إِن أَمِير الْمُؤمنِينَ عليا كرم الله وَجهه إِنَّمَا أوجب فِي أبعد الْأَجَليْنِ لذَلِك لَا للتوفيق بَين الْآيَتَيْنِ وَالْجمع بَينهمَا احْتِيَاطًا لجَهَالَة التَّارِيخ كَمَا ذكره صَاحب التَّوْضِيح وَغَيره من شرَّاح الْهِدَايَة فَإِنَّهُ إِنَّمَا يحْتَاج إِلَيْهِ إِذا كَانَتَا متعارضتين وَأما إِذا كَانَ كل وَاحِد من الْحكمَيْنِ لغَرَض آخر فَلَا فَلَو انْقَضى أَرْبَعَة أشهر وَعشر وَلم تضع الْحمل فَلَا بُد أَن تصير إِلَى أَن تفرغ رَحمهَا عَن الشّغل بِمَاء الْغَيْر بالِاتِّفَاقِ وَلَو وضعت قبل انْقِضَاء أَرْبَعَة أشهر وَعشر فتربص إِلَى تِلْكَ الْمدَّة لأجل تَعْزِيَة الزَّوْج وَحفظ حرمته عِنْد عَليّ كرم الله وَجهه كَمَا عرفت. ثمَّ ابْن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ لما خَفِي عَلَيْهِ مَا هُوَ الْحِكْمَة فِي الْحكمَيْنِ وَاقْتصر نظره على ظَاهر الْآيَتَيْنِ وَظن أَن من حكم بأبعد الْأَجَليْنِ فَإِنَّمَا حكم بِوَاسِطَة جَهَالَة التَّارِيخ أنكر ذَلِك الحكم وبادر إِلَى المباهلة وَقَالَ من شَاءَ باهلته لما كَانَ تَأَخّر النُّزُول عِنْده مَعْلُومــا يقينيا وَلم يدر أَن شُمُول وَأولَات الْأَحْمَال الْمُطلقَة والمتوفى عَنْهَا زَوجهَا بِحَسب الْمَفْهُوم لَا يَقْتَضِي أَن تَنْقَضِي بِسَبَب وضع الْحمل عدتهَا الَّتِي وَجَبت عَلَيْهَا بِاعْتِبَار وَفَاة زَوجهَا كَيفَ وَالْحكمَة فِيهَا أَمر آخر لَا تعرف بَرَاءَة الرَّحِم فَلَا يكون قَوْله تَعَالَى {وَأولَات الْأَحْمَال} مَعَ تَأَخّر نُزُوله عَن قَوْله {وَالَّذين يتوفون} نَاسِخا فِي مِقْدَار مَا تنَاوله الْآيَتَانِ. هَذَا هُوَ التَّحْقِيق وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق انْتهى. هَذَا مَا حررناه فِي الأنموذج الْمُسَمّى بالتحقيقات.

الْعَكْس المستوي

الْعَكْس المستوي: وَيُقَال لَهُ الْعَكْس الْمُسْتَقيم: أَيْضا وَهُوَ تَبْدِيل طرفِي الْقَضِيَّة ملفوظة كَانَت أَو معقولة مَعَ بَقَاء الصدْق والكيف وَإِنَّمَا سمي بهما لحُصُول الاسْتقَامَة والمساواة بَين الْقَضِيَّة وعكسها فِي الصدْق والكيف وكما أَن الْعَكْس المستوي والمستقيم يُطلق على الْمَعْنى المصدري الْمَذْكُور وَهُوَ التبديل المسطور كَذَلِك يُطلق على الْقَضِيَّة الْحَاصِلَة بالتبديل مجَازًا من قبيل إِطْلَاق الْخلق على الْمَخْلُوق أَي تَسْمِيَة الْمُتَعَلّق بِالْفَتْح باسم الْمُتَعَلّق بِالْكَسْرِ فَيعرف بِأَنَّهُ أخص قَضِيَّة لَازِمَة للقضية بطرِيق التبديل مُوَافقَة لَهَا فِي الكيف والصدق فَلَا بُد فِي إِثْبَات الْعَكْس من أَمريْن: أَحدهمَا أَن هَذِه الْقَضِيَّة لَازِمَة للْأَصْل وَذَلِكَ بالبرهان المنطبق على الْموَاد كلهَا، وَالثَّانِي أَن مَا هُوَ أخص من تِلْكَ الْقَضِيَّة لَيست لَازِمَة لذَلِك الأَصْل فَيظْهر ذَلِك بالتخلف فِي بعض الصُّور صرح بِهَذَا السَّيِّد السَّنَد الشريف الشريف قدس سره فِي حَوَاشِيه على شرح الشمسية وَمعنى بَقَاء الصدْق أَنه لَو فرض الأَصْل صَادِقا يجب صدق الْعَكْس مَعَه. وَحَاصِله لُزُوم الْعَكْس للْأَصْل وَمن ثمَّ يجوز أَن يكون الْعَكْس عَاما فَإِن قيل قَوْلنَا لَا شَيْء من الْجِسْم بممتد فِي الْجِهَات إِلَى غير النِّهَايَة صَادِق مَعَ أَن عَكسه وَهُوَ لَا شَيْء من الممتد فِيهَا بجسم كَاذِب فَعلم من هَا هُنَا أَن كَون الْعَكْس لَازِما للْأَصْل غير مُسلم. وَأَيْضًا كُلية قَوْلهم السالبة الْكُلية تنعكس كنفسها منقوضة بالخلف فِي القَوْل الْمَذْكُور قُلْنَا إِن قَوْلكُم لَا شَيْء من الْجِسْم بممتد فِي الْجِهَات إِلَى غير النِّهَايَة لَا يَخْلُو من أَن يكون قَضِيَّة خارجية أَو حَقِيقَة فَإِن أَخَذْتُم الْقَضِيَّة خارجية فعكسه صَادِق لِأَن السالبة تصدق عِنْد انْتِفَاء الْمَوْضُوع وَعَدَمه وموضوع الْعَكْس أَعنِي الممتد فِي الْجِهَات الثَّلَاث إِلَى غير النِّهَايَة مَعْدُوم مُنْتَفٍ لبُطْلَان لَا تناهي الأبعاد بالبراهين الْمَذْكُورَة فِي الْحِكْمَة. وَإِن أخذتموها حَقِيقِيَّة فَنَقُول صدقهَا مَمْنُوع لِأَن كل ممتد فِي الْجِهَات لَا إِلَى نِهَايَة جسم وَيجوز أَن يكون الْأَجْسَام المعدومة فِي الْخَارِج كَذَلِك. فَإِن الْبُرْهَان مَا دلّ إِلَّا على تناهي الْأَجْسَام الْمَوْجُودَة فِي الْخَارِج. وَأما على تناهي الْأَجْسَام الْمقدرَة فَلَا فَإِن قيل إِن قَوْلهم الْمُوجبَة مُطلقًا تنعكس جزئية بَاطِل لِأَنَّهُ لَو كَانَ كَذَلِك لانعكس قَوْلنَا كل شيخ كَانَ شَابًّا إِلَى قَوْلنَا بعض الشَّاب كَانَ شَيخا وَهُوَ كَاذِب مَعَ صدق الأَصْل إِذْ كلمة كَانَ للزمان الْمَاضِي فَهِيَ تَقْتَضِي سبق زمَان الشيخوخة فِي الْبَعْض على زمَان شبابه وَلَيْسَ كَذَلِك قُلْنَا إِن قَوْلكُم الْمَذْكُور ينعكس إِلَى قَوْلنَا بعض من كَانَ شَابًّا شيخ لَا إِلَى مَا ذكرْتُمْ حَتَّى يرد الْمَنْع.
وَحَاصِل الْجَواب أَن الناقض وَقع فِي الْغَلَط لِأَن كلمة كَانَ فِي القَوْل الْمَذْكُور دَاخل فِي الْمَحْمُول وَهُوَ ظن أَنَّهَا رابطة وَقس عَلَيْهِ كل مَا كَانَ النِّسْبَة فِيهِ مَحْمُولا حَتَّى لَا يرد أَن كل ملك على سَرِير وكل وتد فِي الْحَائِط وكل مَاض كَانَ مُسْتَقْبلا صَادِقَة وَلَا تصدق عكوسها أَعنِي بعض السرير على ملك وَبَعض الْحَائِط فِي الوتد وَبَعض من فِي الْمُسْتَقْبل كَانَ مَاضِيا. فَإنَّك إِذا لاحظت أَن النِّسْبَة فِيهَا دَاخِلَة فِي الْمَحْمُول انْكَشَفَ لَك أَن عكوسها بعض من على السرير ملك وَبَعض مَا فِي الْحَائِط وتد وَبَعض مَا كَانَ مُسْتَقْبلا مَاض فَإِن قيل قَوْلنَا بعض النَّوْع إِنْسَان صَادِق مَعَ كذب عَكسه وَهُوَ بعض الْإِنْسَان نوع فَقَوْلهم الْمُوجبَة مُطلقًا أَي كُلية أَو جزئية تنعكس جزئية مَمْنُوع قُلْنَا قَوْلكُم بعض النَّوْع إِنْسَان كَاذِب فَلَا بُد وَأَن يكون عَكسه كَاذِبًا الْبَتَّةَ فَإِن قيل لم كَانَ القَوْل الْمَذْكُور كَاذِبًا قُلْنَا الدَّلِيل على كذبه صدق نقيضه أَعنِي لَا شَيْء من النَّوْع بِإِنْسَان فَإِن قيل لم كَانَ نقيضه الْمَذْكُور صَادِقا قُلْنَا لصدق لَا شي من الْإِنْسَان بِنَوْع وَهُوَ ينعكس إِلَى لَا شَيْء من النَّوْع بِإِنْسَان فَيكون هَذَا الْعَكْس صَادِقا أَيْضا.
وَلَا ريب فِي أَن هَذَا الْعَكْس نقيض ذَلِك القَوْل أَعنِي بعض النَّوْع إِنْسَان فَيكون كَاذِبًا لِأَن صدق قَضِيَّة يسْتَلْزم كذب نقيضه - فَإِن قيل إِن القَوْل الْمَذْكُور يترا أَي أَن يكون صَادِقا إِذْ الْأَنْوَاع كَثِيرَة وَالْإِنْسَان بعض مِنْهَا فَيَنْبَغِي أَن يصدق بعض النَّوْع إِنْسَان أَي مَفْهُوم الْإِنْسَان نوع من الْأَنْوَاع قُلْنَا السِّرّ فِي كذبه أَن الْحمل فِيهِ حمل مُتَعَارَف وَهُوَ يُفِيد أَن الْمَوْضُوع من أَفْرَاد الْمَحْمُول أَو مَا هُوَ فَرد لأَحَدهمَا فَرد لآخر كَمَا حققناه فِي الْحمل. وَلَا شكّ أَن بعض النَّوْع لَيْسَ من أَفْرَاد الْإِنْسَان حَتَّى يَصح بعض النَّوْع إِنْسَان - نعم مَفْهُوم الْإِنْسَان نوع من الْأَنْوَاع لأفراده فضلا عَن إِفْرَاده فَثَبت من هَا هُنَا أَن قَوْلنَا لَا شَيْء من الْإِنْسَان بِنَوْع صَادِق فَكَذَا عَكسه فَيكون نقيضه وَهُوَ بعض النَّوْع إنْسَانا كَاذِبًا وَهَذَا مُرَاد مَا ذكره قَاضِي محب الله فِي سلم الْعُلُوم بقوله والسر فِيهِ أَن الْمُعْتَبر فِي الْحمل الْمُتَعَارف صدق مَفْهُوم الْمَحْمُول لَا نفس مَفْهُومه.
وَاعْلَم أَن السالبة الدائمة تنعكس كنفسها وَاعْترض عَلَيْهِ الإِمَام فِي الملخص أَن السالبة الدائمة لَا تنعكس كنفسها محتجا عَلَيْهِ بِأَن الْكِتَابَة غير ضَرُورِيَّة للْإنْسَان فِي وَقت مَا لصدق قَوْلنَا لَا شي من الْإِنْسَان بكاتب بالإمكان فِي وَقت وكل مَا هُوَ مُمكن فِي وَقت يكون مُمكنا فِي كل وَقت وَإِلَّا لزم الانقلاب من الْإِمْكَان إِلَى الِامْتِنَاع الذاتي فَإِن سلب الْكِتَابَة عَن الْإِنْسَان مُمكن فِي جَمِيع الْأَوْقَات والممكن لَا يلْزم من فرض وُقُوعه محَال فليفرض وُقُوعه حَتَّى يصدق لَا شَيْء من الْإِنْسَان بكاتب دَائِما فَلَو انعكست السالبة الدائمة لزم صدق لَا شَيْء من الْكَاتِب بِإِنْسَان دَائِما وَهُوَ محَال وَهَذَا الْمحَال لم يلْزم من فرض وُقُوع الْمُمكن فَهُوَ من الانعكاس فَيكون محالا وَالْجَوَاب أَن قَوْلكُم لَا شَيْء من الْإِنْسَان بكاتب دَائِما كَاذِب لِأَنَّهُ لَا يلْزم من دوَام إِمْكَان سلب الْكِتَابَة عَن أَفْرَاد الْإِنْسَان إِمْكَان دَوَامه حَتَّى يكون صَادِقا فَهُوَ كَاذِب مَعَ عَكسه فَإِن قيل لم لَا يلْزم من دوَام إِمْكَان الشَّيْء إِمْكَان دَوَامه قُلْنَا إِن بَينهمَا فرقا بَينا وَالْأول لَا يسْتَلْزم الثَّانِي فَإنَّا إِذا قُلْنَا إِمْكَانه دَائِم الَّذِي مضمونه دوَام الْإِمْكَان كَانَ الدَّوَام ظرفا لإمكانه فَيلْزم أَن يكون متصفا بالإمكان غير منفك عَنهُ الاتصاف بِهِ وقتا من الْأَوْقَات كَمَا هُوَ مُقْتَضى مَاهِيَّة الْمُمكن، وَإِذا قُلْنَا دَوَامه مُمكن الَّذِي مضمونه إِمْكَان الدَّوَام كَانَ الدَّوَام ظرفا لوُجُوده على معنى أَن وجوده الدَّائِم الَّذِي هُوَ غير منفك عَنهُ وقتا من الْأَوْقَات مُمكن وَمن الْــمَعْلُوم أَن الأول لَا يسْتَلْزم الثَّانِي لجَوَاز أَن يكون وجود الشَّيْء فِي الْجُمْلَة مُمكنا مستمرا دَائِما وَلَا يكون وجوده على وَجه الِاسْتِمْرَار والدوام مُمكنا بل مُمْتَنعا أَلا ترى أَن الْأُمُور الْغَيْر القارة كالزمان وَالْحَرَكَة إمكانها دَائِم ودوامها غير مُمكن لاقْتِضَاء ماهيتها التقضي وَعدم الِاجْتِمَاع وَقس عَلَيْهِ أزلية الْإِمْكَان وَإِمْكَان الأزلية فَإِن الأول غير الثَّانِي وَغير مُسْتَلْزم لَهُ وَالْحَاصِل أَن دوَام الْإِمْكَان لَازم لمفاد الممكنة الْعَامَّة وَإِمْكَان الدَّوَام لمفاد الدائمة الْمُطلقَة - وَقَالَ شَارِح التَّجْرِيد أَن القَوْل بِعَدَمِ التلازم حق لَا شُبْهَة فِيهِ مَشْهُور فِيمَا بَين الْقَوْم وَمَا قيل إِن إِمْكَانه إِذا كَانَ مستمرا أزلا لم يكن هُوَ فِي ذَاته مَانِعا من قبُول الْوُجُود فِي شَيْء من أَجزَاء الْأَزَل فَيكون عدم مَنعه فِيهِ أمرا مستمرا فِي جَمِيع الْأَجْزَاء فَإِذا نظر إِلَى ذَاته من حَيْثُ هُوَ لم يمْنَع من اتصافه بالوجود فِي شَيْء مِنْهَا بل جَازَ اتصافه بِهِ فِي كل مِنْهَا لَا بَدَلا فَقَط بل ومعا أَيْضا وَجَوَاز الاتصاف بِهِ فِي كل مِنْهَا مَعًا هُوَ إِمْكَان اتصافه بالوجود المستمر فِي جَمِيع الْأَزَل بِالنّظرِ إِلَى ذَاته فأزلية الْإِمْكَان مستلزمة لِإِمْكَان الأزلية فمدفوع بِأَن قَوْله لَا بَدَلا فَقَط بل ومعا أَيْضا مَمْنُوع كَمَا زعم شَارِح الْمطَالع وَالسَّيِّد السَّنَد قدس سره حَيْثُ قَالَا بِأَنَّهُمَا متلازمان. وَثَانِيها:

الْفَاعِل

الْفَاعِل: عِنْد النُّحَاة اسْم أسْند إِلَيْهِ الْفِعْل الْــمَعْلُوم أَو شبهه بالإصالة الْمُقدم عَلَيْهِ مثل ضرب زيد وَطَالَ زيد وَمَات زيد.
(الْفَاعِل) الْعَامِل والقادر والنجار وَمن يسْتَأْجر لأعمال الْبناء والحفر وَنَحْوهمَا و (فِي اصْطِلَاح النُّحَاة) اسْم أسْند إِلَيْهِ فعل أُصَلِّي الصِّيغَة أَو شبه فعل مُتَقَدم عَلَيْهِ

الْأَذَان

(الْأَذَان) النداء للصَّلَاة
الْأَذَان: كَالْكَلَامِ اسْم من التأذين أَي الْإِعْلَام. وَفِي الشَّرْع الْإِعْلَام بِوَقْت الصَّلَاة بِكَلِمَات مَعْلُومَــة مأثورة. وَهِي خمس عشرَة كلمة (فِي الزَّاهدِيّ) الْأَذَان أَن نقُول الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر - أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله - أشهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله - أشهد أَن مُحَمَّد رَسُول الله - حَيّ على الصَّلَاة حَيّ على الصَّلَاة حَيّ على الْفَلاح حَيّ على الْفَلاح - الله أكبر الله أكبر - لَا إِلَه إِلَّا الله. وَهُوَ خمس عشرَة كلمة. وَالْأَذَان عِنْد الشَّافِعِي رَحمَه الله تسع عشرَة كلمة بِزِيَادَة أَربع كَلِمَات بالترجيع وَهُوَ أَن يَقُول كلا من الشَّهَادَتَيْنِ مرَّتَيْنِ خَافِضًا صَوته ثمَّ كلا مِنْهُمَا مرَّتَيْنِ رَافعا صَوته ثمَّ الْأَصَح أَن الْأَذَان سنة مُؤَكدَة للفرائض الْخمس للْأَدَاء وَالْقَضَاء بِالْجَمَاعَة وللجمعة.

الهيئة

الهيئة: الحالة الظاهرة وتهيأت للشيء أخذت له أهبته، وتفرغت له، وهيأته للأمر: أعددته فتهيأ. وتهايأ القوم: تهايئوا من الهيئة، جعلوا لكل واحد هيئة معلومــة. والمراد النوبة.
الهيئة:
[في الانكليزية] Form ،aspect ،appearance ،astronomy
[ في الفرنسية] Forme ،aspect ،apparence ،astronomie
بالفتح وسكون المثناة التحتانية هي صورة الشيء وشكله وحالته، والهيئة الفاضلة للأعضاء عند الأطباء هي أن تكون الأعضاء في تناسبها وهيئاتها وجميع أوصافها على الوجه الأكمل كذا في بحر الجواهر. وفي المطول في بحث فصاحة المتكلّم الهيئة والعرض متقاربا المفهوم إلّا أنّ العرض يقال باعتبار عروضه. والهيئة باعتبار حصوله وتطلق الهيئة أيضا على علم من العلوم المدوّنة، وقد سبق في المقدمة مع ذكر الهيئة المجسّمة وغير المجسّمة.

الْقُدْرَة

الْقُدْرَة: هِيَ الصّفة الَّتِي يتَمَكَّن الْحَيّ مَعهَا من الْفِعْل وَتَركه بالإرادة أَي كَون الْحَيّ بِحَيْثُ يَصح صُدُور الْفِعْل عَنهُ وَعدم صدوره بِالْقَصْدِ. قَالَ أفضل الْمُتَأَخِّرين الشَّيْخ عبد الْحَكِيم رَحمَه الله تَعَالَى إِن للقدرة مَعْنيين. أَحدهمَا: صِحَة الْفِعْل وَالتّرْك أَي يَصح مِنْهُ تَعَالَى الإيجاد وَالتّرْك وَلَيْسَ شَيْء مِنْهُمَا لَازِما لذاته تَعَالَى بِحَيْثُ يَسْتَحِيل الانفكاك عَنهُ وَإِلَى هَذَا ذهب المتكلمون. وَثَانِيهمَا: إِن شَاءَ فعل وَإِن لم يَشَاء لم يفعل وَهَذَا الْمَعْنى مُتَّفق عَلَيْهِ بَيْننَا وَبَين الْحُكَمَاء إِلَّا أَن الْحُكَمَاء ذَهَبُوا إِلَى أَن مَشِيئَة الْفِعْل الَّذِي هُوَ الْفَيْض والجود لَازِمَة لذاته تَعَالَى كلزوم الْعلم وَسَائِر الصِّفَات الكمالية زعما مِنْهُم إِن تَركه نقص فيستحيل انفكاكه عَنهُ فمقدم الشّرطِيَّة الأولى وَاجِب صدقه ومقدم الشّرطِيَّة الثَّانِيَة مُمْتَنع الصدْق. وكلتا الشرطيتين صادقتان فِي حَقه تَعَالَى. إِذْ صدق الشّرطِيَّة لَا يسْتَلْزم صدق طرفيها وَلَا يُنَافِي كذبهما. وَهَذَا الْمَعْنى لَا يُنَافِي الْإِيجَاب فَإِن دوَام الْفِعْل وَامْتِنَاع التّرْك بِسَبَب الْغَيْر لَا يُنَافِي الِاخْتِيَار بِالنِّسْبَةِ إِلَى ذَات الْمُخْتَار كَمَا أَن الْعَاقِل مَا دَامَ عَاقِلا يغمض عَيْنَيْهِ كلما قرب إبرة من عَيْنَيْهِ بِقصد الغمز فيهمَا من غير تخلف مَعَ أَنه يَفْعَله بِاخْتِيَارِهِ وَامْتِنَاع ترك الإغماض بِسَبَب كَونه عَالما بِضَرَر التّرْك لَا يُنَافِي الِاخْتِيَار انْتهى.
وَيفهم من هَا هُنَا معنى الْإِيجَاب فِي قَول الْحُكَمَاء أَن الْعقل الأول صادر عَنهُ تَعَالَى بِالْإِيجَابِ وَأَنه تَعَالَى فَاعل مُوجب فَلَا تظن أَن إِيجَابه تَعَالَى عِنْدهم كإيجاب النَّار حرق الْحَطب الْوَاقِع فِيهَا فَإِنَّهُ تَعَالَى قَادر على فعله وَتَركه عِنْدهم لَكِن لزم فعله وَامْتنع تَركه للْغَيْر وَهُوَ كَون الْفِعْل فيضا وجودا وَكَون التّرْك نقصا وبخلا وَهُوَ يتعالى عَن ذَلِك علوا كَبِيرا وَهَذَا اللُّزُوم والامتناع لَا يُنَافِي الْقُدْرَة عَلَيْهِمَا بِالنّظرِ إِلَى ذَاته تَعَالَى لَكِن قد يُقَال كَون الْقُدْرَة بِالْمَعْنَى الثَّانِي مُتَّفقا عَلَيْهِ مَحل بحث لِأَن مَشِيئَة الله تَعَالَى عِنْدهم عبارَة عَن علمه تَعَالَى بالأشياء على النظام الْأَكْمَل على مَا صرح بِهِ فِي المواقف فِي بحث إِرَادَة الْوَاجِب تَعَالَى فَمَعْنَى قَوْلهم إِن شَاءَ فعل وَإِن لم يَشَأْ لم يفعل إِن علم فعل وَإِن لم يعلم لم يفعل وَلما كَانَ الْعلم لَازِما لذاته كَانَ طرف الْفِعْل لَازِما لذاته وَهَذَا معنى أَن مقدم الشّرطِيَّة لَازم لَهُ.
وَعند الْمُتَكَلِّمين عبارَة عَن الْقَصْد فَمَعْنَى إِن شَاءَ فعل وَإِن لم يَشَأْ لم يفعل إِن قصد فعل وَإِن لم يقْصد لم يفعل وَلما لم يكن تعلق الْقَصْد لَازِما لذاته لم يكن شَيْء من الطَّرفَيْنِ لَازِما لذاته وَهَذَا معنى عدم لُزُوم الشّرطِيَّة الأولى فَلَا يكون الِاتِّفَاق بَين الْفَرِيقَيْنِ إِلَّا فِي اللَّفْظ. ثمَّ فِي تقدم الْقُدْرَة على الْفِعْل اخْتِلَاف. قَالَ الْمُعْتَزلَة إِنَّهَا مُقَدّمَة عَلَيْهِ وَاسْتَدَلُّوا على تقدمها بِوَجْهَيْنِ: الأول: إِنَّه لَو لم يتَحَقَّق قبل الْفِعْل لَكَانَ تَكْلِيف الْكَافِر بِالْإِيمَان تَكْلِيف الْعَاجِز وَلَا يجوز وُقُوعه بالِاتِّفَاقِ كَمَا قَالَ الله تَعَالَى: {لَا يُكَلف الله نفسا إِلَّا وسعهَا} . وَأجِيب عَنهُ بِأَن تَكْلِيف الْكَافِر فِي الْحَال بإيقاع الْإِيمَان فِي ثَانِي الْحَال أَعنِي وَقت حُصُول الْقُدْرَة وَهِي مَعَ الْفِعْل وَفِيه أَنه لَو اسْتمرّ على الْكفْر لم يتَحَقَّق الْقُدْرَة بِنَاء على أَنَّهَا مَعَ الْفِعْل والتالي بَاطِل فالمقدم مثله. الثَّانِي: إِن الْقُدْرَة تحْتَاج إِلَيْهَا فِي الْفِعْل وَمَعَ الْفِعْل لَا يبْقى الِاحْتِيَاج. وَيرد عَلَيْهِ أَن الْحُصُول لَا يُنَافِي الِاحْتِيَاج إِلَى الْعلَّة وَإِمَّا عندنَا فَهِيَ مَعَ الْفِعْل لِأَن المُرَاد بهَا الْقُدْرَة الْحَقِيقِيَّة وَهِي إِمَّا عِلّة تَامَّة للْفِعْل أَو شَرط وَهَذَا الْبَحْث يرجع إِلَى الِاسْتِطَاعَة.
ثمَّ اعْلَم أَن الْقُدْرَة الَّتِي يتَمَكَّن بهَا العَبْد وَعَلَيْهَا مدَار التَّكْلِيف هِيَ بِمَعْنى سَلامَة الْأَسْبَاب والآلات وَلها نَوْعَانِ: أَحدهمَا:
(الْقُدْرَة) الطَّاقَة وَالْقُوَّة على الشَّيْء والتمكن مِنْهُ والغنى والثراء يُقَال رجل ذُو قدرَة ذُو يسَار وغنى

(الْقُدْرَة) حد مَعْلُوم بَين كل نخلتين أَو شجرتين يُقَال غرس على الْقُدْرَة

القضاء

القضاء: إنفاذ المقدر، ذكره الحرالي. وعرفا: إلزام من له إلزام بحكم الشرع.وفي اصطلاح الصوفية: الحكم الكلي الإلهي في أعيان الموجودات على ما هي عليه في الأحوال الجارية في الأزل إلى الأبد. وفي المفردات: القضاء فصل الأمر قولا أو فعلا، ولكل منهما وجهان: إلهي وبشري. فمن الإلهي {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ} . أي أمر. وفي البشري {فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُم} . وقضاء الدين فصل الأمر فيه برده. والقضاء من الله أخص من القدر. ا. هـ. وفي اصطلاح الأصوليين: فعل كل -وقيل بعض- ما خرج وقت أدائه استدراكا لما سبق له مقتض للفعل. قال في المصباح. واستعمال الفقهاء القضاء في العبادة التي تفعل خارج وقتها المحدود شرعا والأداء فيما إذا فعلت في الوقت المحدود، مخالف للوضع اللغوي لكنه اصطلاحي للتمييز بين الوقتين واقتضى الأمر الوجوب دل عليه.
القضاء:
[في الانكليزية] Judgement ،decision ،sentence ،destiny ،accomplishment ،execution ،judgeship
[ في الفرنسية] Sentence ،jugement ،arret destin ،sort ،accomplissement ،execution juridiction
بالفتح وتخفيف الضاد المعجمة في اللغة يستعمل لمعان، الأمر قال الله تعالى وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ، والحكم قال الله تعالى فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ، والفعل مع الإحكام قال الله تعالى: فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ أي خلقهن مع الإحكام، والاعلام والتبيين قال تعالى وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَ، وإقامة الشيء مقام غيره- وأداء الواجب- والتقدير- والإتمام- والقتل وغيرها. والاصوليون يستعملونه في الإتيان بمثل الواجب ويقابله الأداء وقد سبق. والفقهاء يستعملونه في الإلزام كذا ذكر في الكافي. وفي الخزانة أنّ القضاء في اللغة بمعنى الإلزام وفي الشرع قول ملزم يصدر عن ولاية عامة. وقيل هو في الشرع فصل الخصومات وقطع المنازعات، ولا يخفى أنّ هذا صادق على الفصل والقطع الصادرين عن الخليفة، وكذا المذكور في الخزانة يصدق على القول الملزم الصادر عن الخليفة، كذا في البرجندي وقد مرّ أيضا في لفظ الديانة. ومن له القضاء يسمّى قاضيا، وقاضي القضاة هو المتصرّف في القضاء تقليدا وعزلا كذا في جامع الرموز. وفيه في كتاب الدعوى أنّ القضاء على نوعين: قضاء إلزام ويسمّى بقضاء الملك والاستحقاق أيضا، وقضاء ترك. والفرق بينهما من وجهين: الأول أنّه لو صار أحد مقضيا عليه في حادثة بهذا القضاء لا يصير مقضيا له في تلك الحادثة أبدا، بخلاف قضاء الترك فإنّه يصير المقضي عليه مقضيا له بعد إقامة البيّنة. والثاني أنّه لو ادّعى ثالث وأقام البيّنة قبلت في قضاء الترك وأمّا فيالإرادة والقول، فالإرادة قضاء والقول قدر. ثم القضاء قسمان قضاء محكم وقضاء مبرم ويجيء في لفظ اللوح. وقد مرّ بيان القضاء والقدر في لفظ الحكم أيضا.

الرّباعية

الرّباعية:
[في الانكليزية] Quatrain
[ في الفرنسية] Quatrain
عند المنطقيين هي القضيّة الموجّهة.
والتأنيث لموافقة الموصوف وهو القضية.
والرّباعي عند الشّعراء هو عبارة الدوبيت، وهو بيتان من الشعر متّفقان في الوزن والقافية. وليس من شرطه موافقة المصراع الثالث. ويقال لهذا النوع من الشعر الخصي والدوبيت والمصاريع الأربعة والأغنية. مثاله ما ترجمته:
أضع النار على قلبي وأملأه بالدم أيضا غير مبال بالورد ولا بالشراب الأحمر اللون وأدسّ يد القلب في وسط الحبيب مفتونا وأجعله ممنونا بلا شيء.
مثال آخر، وقد توافق المصراع الثالث أيضا مع البقية وترجمته:
معنا كالمخمور ومع الآخرين كالخمر مع الجميع كالربيع ومعنا كالشتاء كلّ هذا التراخي من (قلة) حظنا وإلّا فلست رخوا هكذا أيضا كذا في مجمع الصنائع. وقال في جامع الصنائع: القافية في المصراع الثالث ليس شرطا ولكنّه صناعة. وأصل وضعه هو على أن لا يأتي بالبيت الثاني خاليا من اللطيفة أو النكتة أو المثل. ومن استقراء هذا النوع من الشعر لدى المتقدمين والمتأخرين صار من الــمعلوم أنّ المصاريع الأربعة لا تكون إلّا على وزن بحر الهزج الأخرب أو الأخرم.

الخواص

الخواص: اسم جمع الخاصية بمعنى الأثر، يقال: ما خاصية ذلك الشيء؟ أي ما أثره الناشيء، ذكره السيد الشريف قال: وأما قول الأطباء هذا الدواء يعمل بالخاصية فقد عبروا بها عن السبب المجهول للأثر الــمعلوم.
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.