Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: مدون

مَدَدَ

(مَدَدَ)
(هـ س) فِيهِ «سُبحان اللهِ مِدَادَ كَلِمَاتِهِ» أَيْ مِثْلَ عَدَدِهَا. وَقِيلَ: قَدْر مَا يُوازِيها فِي الْكَثْرَةِ، عِيَار كيْل، أَوْ وَزْن، أَوْ عَدَدٍ، أَوْ مَا أشْبَهه مِنْ وجُوه الحَصْر وَالتَّقْدِيرِ.
وَهَذَا تَمثيل يُراد بِهِ التَّقريب، لِأَنَّ الكلامَ لَا يَدْخل فِي الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ، وَإِنَّمَا يَدْخل فِي الْعَدَدِ.
والمِدَاد: مَصْدَرٌ كالمَدَدِ. يُقَالُ: مَدَدْتُ الشيءَ مَدّاً ومِدَاداً، وَهُوَ مَا يُكَثَّر بِهِ ويُزاد.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ الْحَوْضِ «يَنْبَعِث فِيهِ مِيزابان، مِدَادُهُمَا أنْهار الْجَنَّةِ» أَيْ يَمُدّهُما أنهارُها.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ «هُمْ أَصْلُ الْعَرَبِ ومَادَّة الإسلام» أى الذين يعينونهم ويكثّرون جُيوشَهم، ويُتَقوّى بِزَكَاةِ أَمْوَالِهِمْ. وكلُّ مَا أعَنْت بِهِ قَوْمًا فِي حَرْب أَوْ غَيْرِهِ فَهُوَ مَادَّةٌ لَهُمْ.
(س) وَفِيهِ «إِنَّ المؤذِّن يُغْفَر لَهُ مَدَّ صَوْته» المَدُّ: القَدْرُ، يُرِيدُ بِهِ قَدْر الذُّنُوبِ: أَيْ يُغْفَر لَهُ ذَلِكَ إِلَى مُنْتَهى مَدّ صَوْته، وَهُوَ تَمْثِيلٌ لسَعَة المَغْفِرة، كَقَوْلِهِ الْآخَرِ «لَوْ لَقِيتَني بِقُراب الأرضِ خَطايا لَقِيتُك بِهَا مَغْفِرَةً» .
ويُروى «مَدَى صَوْتِهِ» وَسَيَجِيءُ.
(س) وَفِي حَدِيثِ فَضْلِ الصَّحَابَةِ «مَا أدْرَك مُدّ أحدِهم وَلَا نَصِيفَه» المُدّ فِي الْأَصْلِ: ربُع الصَّاعِ، وَإِنَّمَا قَدّرَه بِهِ؛ لِأَنَّهُ أقَلّ مَا كَانُوا يَتَصدّقون بِهِ فِي الْعَادَةِ.
ويُروى بِفَتْحِ الْمِيمِ، وَهُوَ الْغَايَةُ.
وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُ «المُدّ» بِالضَّمِّ فِي الْحَدِيثِ، وَهُوَ رِطْلٌ وثُلُث بِالْعِرَاقِيِّ، عِنْدَ الشافعيِّ وأهلِ الْحِجَازِ، وَهُوَ رِطلان عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وأهلِ العِراق.
وَقِيلَ: إِنَّ أصلَ المُدّ مُقدَّرٌ بِأَنْ يَمُدّ الرَّجُلَ يَدَيْهِ فيَملأ كَفّيه طَعَامًا.
وَفِي حَدِيثِ الرَّمْي «مَنْبِلُه والمُمِدّ بِهِ» أَيِ الَّذِي يَقُومُ عِنْدَ الرَّامِي فيُناوله سَهْماً بَعْدَ سَهْمٍ، أَوْ يَرُدّ عَلَيْهِ النَّبْلَ مِنَ الهَدَف. يُقَالُ: أَمَدَّهُ يُمِدُّهُ فَهُوَ مُمِدّ.
(س) وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ «قَائِلُ كَلِمة الزُّور وَالَّذِي يَمُدُّ بحَبْلها فِي الْإِثْمِ سَواءٌ» مَثَّل قَائِلَهَا بِالْمَائِحِ الَّذِي يَمْلأ الدَّلوَ فِي أسْفل الْبِئْرِ، وحاكِيها بِالْمَاتِحِ الَّذِي يَجْذِب الْحَبْلَ على رأس البئر ويَمُدّه، ولهذا يقال: الرواية أحدُ الكاذِبَيْن.
وَفِي حَدِيثِ أُويس «كَانَ عُمر إِذَا أَتَى أَمْدَاد أهلِ الْيَمَنِ سَأَلَهُمْ: أفِيكُم أويس ابن عَامِرٍ؟» الأَمْدَاد: جَمْعُ مَدَد، وَهُمُ الْأَعْوَانُ والأنْصار الَّذِينَ كَانُوا يَــمُدّون الْمُسْلِمِينَ فِي الْجِهَادِ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عَوف بْنِ مَالِكٍ «خَرجْت مَعَ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ فِي غَزْوة مُؤتة، ورافَقَني مَدَدِيّ من اليمن» هو منسوب إلى المَدَد. (هـ) وَفِي حَدِيثِ عُثْمَانَ «قَالَ لِبَعْضِ عُمَّالِه: بَلَغَنِي أَنَّكَ تَزوّجت امْرَأَةً مَدِيدَة» أَيْ طَوِيلَةً.
وَفِيهِ «المُدَّة الَّتِي مَادَّ فِيهَا رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا سُفيان» المُدَّة: طَائِفَةٌ مِنَ الزَّمَانِ، تقَع عَلَى الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ. ومَادٌّ فِيهَا: أَيْ أطالَها، وَهِيَ فاعَل، مِنَ المَدّ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «إِنْ شَاءُوا مَادَدْنَاهُمْ» .
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «وأَمَدُّهَا خَواصِرَ» أَيْ أوْسَعها وأتَمها.

ي

ي
1 [كلمة وظيفيَّة]: الحرف الثَّامن والعشرون من حروف الهجاء، وهو صوتٌ غاريّ (من الغار ومقدّم اللّسان)، بين الشِّدَّة والرَّخاوة، مُرقَّق. 

ي2 [كلمة وظيفيَّة]:
1 - ضمير رفع متَّصل للمفردة المؤنَّثة المخاطبة "تكتبين- اكتبي".
2 - ضمير نصب للمفرد المتكلِّم، وغالبا ما يسبقه نون الوقاية، وقد يأتي بدونها "أعلمني- {لَعَلِّي أَبْلُغُ الأَسْبَابَ} ".
3 - ضمير جرّ للمفرد المتكلِّم "بي- قلمي في جيبي- *ليلاي منكن أم ليلى من البشر*: قصدَ بالإضافة إلى المعرفة إزالة الغموض".
4 - حرف مضارعة للغائب، يُفتح وجوبا إن كان الفعل غير رباعي، ويضمّ إن كان رباعيًّا "يَحْدُث: مضارع حدَث الثلاثيّ- يُحدِث: مضارع أحدث الثلاثيّ المزيد بالهمزة".
5 - حرف يكون علامة على التثنية في النصب والجرِّ، ويفتح ما قبله وجوبا "قرأت الكتابَيْنِ- احتفظت بالكتابَيْنِ".
6 - حرف يكون علامة على جمع المذكَّر السالم في حالتي النصب والجرِّ، ويكسر ما قبله وجوبا "ترتقي المدرسة بالمعلِّمِينَ- رأيت المعلِّمينَ".
7 - حرف يدلّ على التصغير "قُلَيم: تصغير قَلَم".
8 - حرف يكون للنِّسبة إذا كان مشدّدًا "مصرِيّ".
9 - حرف للإطلاق والإشباع.
10 - حرف يكون علامة على الجرّ في الأسماء الخمسة "تحدثت مع أخيك". 
ي:
ي: تحريف يا (الملابس عند العرب، 26، عدد 2).
الياء: حرف ينبه به من يكون بمسمع من المنبه ليقبل على الخطاب. وقال ابن الكمال. أصله لنداء البعيد، وأما نداء الداعي المتضرع لربه يقوله يا رب مع علمه بأنه أقرب إليه من حبل الوريد فلهضم نفسه استحقارا لها، واستبعادا من مظان القربى والزلفى.

ي


ي
a. Ya . The twenty-eighth letter of the alphabet. Its numerical value is Ten
(يُ2ُ3).
ي
a. My ( contracted in the vocative into
( يَ2ِ3َ).
b. ( after verbs or preps. ), Me.
يَا (a. vocative particle ), Ho! Oh!
يَا زَيْدُ أَقْبِل
a. Oh, Zaid come here!

يَا لَهُ رَجُلًا
a. omicron, what a man!

يَا لَيْتَ
a. Would that!
الياءُ: حرفُ هِجاءٍ من المَهْموسةِ، وهي التي بين الشَّديدةِ والرِخْوةِ، ومن المُنْفَتِحةِ، ومن المُنْخَفِضَةِ، ومن المُصْمَتَةِ،
يقال: يَيَّيْتُ ياءً: كتَبْتُها، وتأتي على ثلاثةِ أوْجُهٍ: تكونُ ضميرَاً للمُؤَنَّثَةِ: كتَقُومِينَ وقُومِي، وحَرْفَ إنْكارٍ، نحوُ: أزَيْدَنِيهِ، وحَرْفَ تَذْكارٍ، نحوُ: قَدِي.
(الْيَاءُ) حَرْفٌ مِنْ حُرُوفِ الْمُعْجَمِ. وَهِيَ مِنْ حُرُوفِ الزِّيَادَاتِ وَمِنْ حَرْفِ الْمَدِّ اللَّيِّنِ. وَقَدْ يُكَنَّى بِهَا عَنِ الْمُتَكَلِّمِ الْمَجْرُورِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى كَقَوْلِكَ: ثَوْبِي وَغُلَامِي. إِنْ شِئْتَ فَتَحْتَهَا وَإِنْ شِئْتَ سَكَّنْتَهَا. وَلَكَ أَنْ تَحْذِفَهَا فِي النِّدَاءِ خَاصَّةً، تَقُولُ: يَا قَوْمِ وَيَا عِبَادِ بِالْكَسْرِ فَإِنْ جَاءَتْ بَعْدَ الْأَلِفِ فَتَحْتَ لَا غَيْرُ نَحْوُ عَصَايَ وَرَحَايَ وَكَذَا إِنْ جَاءَتْ بَعْدَ يَاءِ الْجَمْعِ كَقَوْلِهِ - تَعَالَى -: {وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ} [إبراهيم: 22] وَكَسَرَهَا بَعْضُ الْقُرَّاءِ وَلَيْسَ بِوَجْهٍ. وَقَدْ يُكَنَّى بِهَا عَنِ الْمُتَكَلِّمِ الْمَنْصُوبِ مِثْلُ نَصَرَنِي وَأَكْرَمَنِي وَنَحْوِهِمَا. وَقَدْ تَكُونُ عَلَامَةً لِلتَّأْنِيثِ كَقَوْلِكَ: افْعَلِي وَأَنْتِ تَفْعَلِينَ. وَتُنْسَبُ الْقَصِيدَةُ الَّتِي قَوَافِيهَا عَلَى الْيَاءِ يَاوِيَّةً. وَ (يَا) حَرْفٌ يُنَادَى بِهِ الْقَرِيبُ وَالْبَعِيدُ وَقَوْلُ الرَّاجِزِ:

يَا لَكَ مِنْ قُبَّرَةٍ بِمَعْمَرِ
هِيَ كَلِمَةُ تَعَجُّبٍ. وَقَوْلُهُ - تَعَالَى -: «أَلَا يَا اسْجُدُوا لِلَّهِ» بِالتَّخْفِيفِ مَعْنَاهُ ألَا يَا هَؤُلَاءِ اسْجُدُوا فَحَذَفَ فِيهِ الْمُنَادَى اكْتِفَاءً بِحَرْفِ النِّدَاءِ كَمَا حَذَفَ حَرْفَ النِّدَاءِ اكْتِفَاءً بِالْمُنَادَى فِي قَوْلِهِ - تَعَالَى -: {يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا} [يوسف: 29] لِأَنَّ الْمُرَادَ مَعْلُومٌ. وَقِيلَ: إِنَّ يَا هَاهُنَا لِلتَّنْبِيهِ كَأَنَّهُ قَالَ: أَلَا اسْجُدُوا فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ يَا لِلتَّنْبِيهِ سَقَطَتْ أَلِفُ اسْجُدُوا لِأَنَّهَا أَلِفُ وَصْلٍ وَسَقَطَتْ أَلِفُ يَا لِاجْتِمَاعِ السَّاكِنَيْنِ الْأَلِفِ وَالسِّينِ. وَنَظِيرُهُ قَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ:

ألَا يَا اسْلَمِي يَا دَارَ مَيَّ عَلَى الْبِلَى ... وَلَازَالَ مُنْهَلًّا بِجَرْعَائِكِ الْقَطْرُ 
الياءُ: حرفُ هِجاءٍ من المَهْموسَةِ وَهِي الَّتِي بينَ الشَّديدةِ والرِّخْوةِ) ؛
قولُه: مِن المَهْموسَةِ سَهْوٌ مِن قَلَم النَّاسخِ نَبَّه عَلَيْهِ غَالب المحشين؛ ولكنْ هَكَذَا وُجِدَ فِي التكملةِ.
ثمَّ قالَ:) (ومِن المُنْفَتِحةِ ومِن المُنْخَفِضَةِ (ومِن المُصْمَتَةِ) ، قالَ: وَقد ذَكَرَ الجَوْهرِي المَهْموسَة، وذَكَرْت بَقِيّتَها فِي مواضِعِها.
وَفِي البصائِرِ للمصنِّفِ: الياءُ حَرفُ هِجاءٍ شَجَريّ مَخْرجُه مِن مفْتَتَحِ الفمِ جِوَار مَخْرجِ الصَّادِ، والنِّسْبَةُ إِلَيْهِ يائِيٌّ وياوِيٌّ ويَوِيٌّ.
(يقالُ: يَيّت يَاء) حَسَنَةً وحَسْناءَ: أَي (كَتَبْتُها) .
(وَفِي البصائِرِ للمصنِّفِ: الفِعْلُ مِنْهُ يابَيْتُ، والأصْلُ يَيَّيْتُ اجْتَمَعَتْ أَرْبعُ يَاءَاتٍ مُتَوالِيَة قَلَبُوا الياءَيْن المُتَوسِّطَتَيْن أَلَفاً وهَمْزةً طَلَباً للتَّخْفيفِ. (قُلْتُ: ومَشَى المصنِّفُ فِي كتابِه هَذَا على رأْيِ الكِسائي فإنَّه أَجازَ يَيَّيْتُ يَاء.
(وتأْتي على ثلاثَةِ أَوْجُهٍ:
(تكونُ ضَميراً للمُؤَنَّثِ كتَقُومِينَ) ، للمُخاطبَةِ، (وقُومِي) للأَمْرِ. وَفِي الصِّحاحِ: وَقد تكونُ عَلامَةَ التَّأْنيثِ كقولِكَ: إفْعَلي وأَنتِ تَفْعَلِينَ.
وسَيَأتي للمصنِّفِ تِكْرارَ ذِكْر هَذَا الوَجْه.
(وحَرْفَ إنْكارٍ: نَحْو أَزَيْدَنِيهِ) ؛ وَفِي التهذيبِ: وَمِنْهَا يَاء الاستنكار، كقولِكَ: مَرَرْتُ بالحَسَن، فيقولُ المُجِيبُ مُسْتَنْكِراً لقولهِ: ألحَسَنِيهْ، مدَّ النونِ بياءٍ وأَلْحَقَ بهَا هاءَ الوَقْفِ.
(وحَرْفَ تَذْكارٍ نحوُ: قَدِي) ، وَمِنْه قَوْله:
قدني من نصرالخبيبين قدي وق مَرَّ فِي الَّدالِ.
(يَا: (وَيَا: حَرْفٌ لنِداءِ البَعِيدِ) ؛ وإيَّاه أَلغَزَ الحَرِيرِي فِي مَقامَاتِه فَقَالَ: وَمَا العَامِل الَّذِي يَتَّصِل آخِرُه بأَوَّلِه ويَعْمَل مَعْكوسُه مِثْلَ عَمَل وَهُوَ يَاء ومَعْكوسُها، أَي وكِلْتاهُما مِن حُروفِ النِّداءِ، وعَمَلُها فِي الاسمِ المُنادَى على حُكْمٍ واحِدٍ، وَإِن كانتْ يَا أَجْمَل فِي الكَلامِ وأَكْثَر فِي الاسْتِعمالِ، وَقد اخْتارَ بعضُهم أَن يُنادِي بأَي القَرِيب فَقَط كالهَمْزةِ انتَهَى؛ وَقَالَ ابنُ الحاجِبِ فِي الكافِيَةِ: حُروفُ النِّداءِ خَمْسةٌ: يَا وأيا وهيا وأَي والهَمْز للقَرِيبِ؛ وَقَالَ الزَّمَخْشري فِي المُفَصَّل: يَا وأَيا وهيا للبَعِيدِ أَو لمَنْ هُوَ بمنْزِلَةِ البَعيدِ مِن نائِمٍ أَو ساهٍ؛ وَإِلَيْهِ يُشِيرُ قَوْل المصنِّفِ؛ (حَقِيقَةً أَوْ حُكماً وَقد يُنادَى بهَا القَرِيبُ تَوْكيداً) ؛ ومِن ذلكَ قولُ الدَّاعِي: يَا الله يَا رَبّ، وَقد يكونُ ذلكَ هضماً لنَفْسِ الدَّاعِي لكَمالِ تَقْصِيرِه وبُعْده عَن مَظانَّ القبولِ، وَهَذَا لَا يَتَمَخض إلاَّ على مَا مَشَى عَلَيْهِ المصنِّفُ، كَوْنه لنِداءِ البَعِيدِ. وأَمَّا على قوْلِ ابنِ الحاجبِ القَائِل بالأعميّةِ فَلَا يحتاجُ إِلَى ذلِكَ؛ (وَهِي مُشْتَرَكةٌ بينَهما) ، أَي بينَ البَعِيدِ والقرِيبِ، (أَو بَيْنَهما وبينَ المُتَوسِّطِ) ؛ وَقَالَ ابنُ كَيْسان: فِي حُروفِ النِّداءِ ثمانِيَةُ أَوْجُهٍ: يَا زَيْدُ ووا زَيْدُ وأَزَيْدُ وأَيا زَيْدُ وهَيا زَيْدُ وأَيْ زَيْدُ وآزَيْدُ وآي زَيْدُ، ولكلَ شواهِدُ مَرَّ ذِكْرُها؛
(وَهِي أَكْثَرُ حُروفِ النِّداءِ اسْتِعْمالاً، وَلِهَذَا لَا يُقَدَّرُ عنْدَ الحذْفِ سِواها، نحوُ) قَوْله تَعَالَى: {يُوسُفُ أَعْرِضْ عَن هَذَا} ، أَي يَا يُوسُفُ.
قالَ الأزْهرِي: ورُبَّما قَالُوا: فلانٌ بِلا حَرْفِ النِّداءِ، أَي يَا فُلانِ.
(وَلَا يُنادَى اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى، والاسْمُ المُستغاثُ، وأَيُّها وأَيَّتُها إلاَّ بهَا وَلَا المَنْدوبُ إلاَّ بهَا أَوْ بِوَا) ، كَمَا تقدَّمَ.
وَفِي اللُّبابِ: وَلَا يجوزُ حَذْف حَرْف النِّداءِ إلاَّ مِن اسْم الجِنْسِ واسْمِ الإشارَةِ والمُسْتغاثِ والمَنْدوبِ لمَا فِي الأوَّلَيْنِ مِن وُجُوهِ الحَذْفِ، وَفِي الثانيين مِن التَّخْفِيفِ المُنافى لمقْتَضاهُما نحوُ: يُوسُفُ أَعْرِضْ عَن هَذَا، وأَيُّها الرَّجُلُ، ومِثْل أَصْبح لَيْل، وافْتَد مَخْنُوق، وأَعْور عَيْنك، وَالْحجر شَاذ وَالْتزم حَذْفه فِي اللَّهُمَّ لوُقُوعِ الميمِ خَلَفاً عَنهُ.
(وَإِذا وَلِيَ يَا مَا ليسَ بمُضافٍ كالفِعْلِ فِي) قَوْله تَعَالَى: {أَلاَ يَا اسْجُدوا} ، بالتَّخْفِيفِ فِي قِراءَةِ مَنْ قَرَأَ لَهُ؛ (وقولُه) ، أَي الشمَّاخ:
(أَلاَ يَا اسْقِياني قبلَ غارةِ سِنْجالِ) وَقبل منا غادياتٍ وأوجالِ ويُرْوَى أَلاَ يَا اصْبِحاني، ويُرْوَى: وآجالِ وسِنْجالِ، مَوْضِع؛ ذُكِرَ فِي مَوْضِعه؛
(والحَرْفِ فِي نحوِ) قَوْله تَعَالَى: 2 {يَا لَيْتَني كُنْتُ مَعَهم} ، والْحَدِيث: ((يَا رُبَّ كاسِيَةٍ فِي الدُّنْيا عاريَةٌ يومَ القِيامَةِ) ؛ قد ذُكِرَ فِي المُعْتل.
(والجُمْلَةِ الإسْمِيَّةِ نحوُ) قولِ الشَّاعرِ:
(يَا لَعْنَةُ اللَّهِ والأَقْوامِ كُلِّهِمِ (والصالِحِينَ على سَمْعانَ مِنْ جارِ) (فَهِيَ) فِي كلِّ مَا ذُكِرَ (للنِّداءِ، والمُنادَى مَحْذوفٌ) عنْدَ الدَّلالةِ.
قَالَ الجَوْهري: وأَمَّا قولُه تَعَالَى: {ألاَ يَا اسْجُدوا للَّهِ} بالتَّخْفيفِ، فالمَعْنى أَلا يَا هَؤُلاء اسْجُدوا، فحُذِفَ المُنادَى اكْتِفاء بحرّفِ النِّداءِ كَمَا حُذِفَ حِرْفُ النِّداءِ اكْتِفاءً بالمُنادَى فِي قولِه تَعَالَى: {يُوسَفُ أَعْرِضْ عَن هَذَا} إِذْ كانَ المُرادُ مَعْلوماً؛ وَقَالَ بعضُهم: إنَّ يَا فِي هَذَا المَوْضِعِ إنَّما هُوَ للتَّنْبيهِ كأَنَّه قَالَ: أَلاَ اسْجُدُوا، فلمَّا أُدْخل عَلَيْهِ يَا للتَّنْبيهِ سَقَطَتِ الألفُ الَّتِي فِي اسْجُدُوا لأنَّها أَلفُ وَصْلٍ، وذَهَبتِ الألفُ الَّتِي فِي يَا لاجْتِماعِ السَّاكِنَيْنِ لأنَّها والسِّين ساكِنَتانِ، انتَهَى.
وكَذلكَ القَوْلُ فِي بَقِيَّة الأَمْثِلةِ الَّتِي ذَكَرَها المصنِّفُ من تَقْديرِ المُنادَى: أَلا يَا خَلِيليَّ اسْقِياني، وَيَا قَوْم لَيْتَني، ورُبّ.
(أَو لمُجَرَّدِ التَّنْبيهِ لٍ ئَلاَّ يَلْزَمَ الإجْحافُ بحَذْفِ الجُملٍ ةِ كُلِّها) ؛ وَهُوَ إشارَةٌ إِلَى مَا ذَكَرَه الجَوْهرِي مِن القولِ الثَّانِي فِي الآيةِ.
(أَو إنْ وَلِيَها دُعاءٌ أَو أَمْرٌ فللنِّداءِ) ؛ كَقَوْل ذِي الرُّمَّة:
ألاَ أيا اسْلَمِي يَا دارَ مَيَّ على البِلى (وإلاَّ فللتَّنْبيهِ) . قَالَ شيْخُنا: وَهَذَا القَوْلُ هُوَ المُختارُ مِن الثلاثَةِ لوُجُوهٍ ذَكَرَها شُرَّاح التَّسْهيل. ثمَّ اعْلَم أنَّ المصنِّفٍ ذَكَرَ حَرْفَ النِّداءِ واسْتَطْرَدَ لبعضِ أَحْكامِ المُنادَى مَعَ إخْلالٍ بِأَكْثَرَها وَنحن نلمُّ بهَا بالقَوْلِ المُوجَزِ.
قَالَ صاحِبُ اللّبابِ: إِذا قلْتَ يَا عبْدَ اللَّهِ، فالأصْلُ: يَا إيَّاك أَعْنِي، نَصَّ عَلَيْهِ سِيبَوَيْهٍ، فأُقِيم المُظْهَر مَقام المُضْمَر تَنْبيهاً للمُخاطَبِ أنَّ القَصْدَ يتوجَّه إِلَيْهِ لَا غَيْر، ثمَّ حَذْف الفِعْلِ لازِماً لِنيابَةِ يَا عَنهُ، ولمَا فِي الحذْفِ من رَفْعِ اللّبْسِ بالخَبَرِ؛ وحُكِي يَا إيَّاك، وَقد قَالُوا أَيْضاً يَا أَنْتَ نَظَرٌ إِلَى اللّفْظِ؛ قالَ الشاعرُ:
يَا أَقْرَع بن جابِسِ يَا أَنْتاأَنْتَ الَّذِي طعلَّقْتَ عامَ جِعْتاوقيل: إنَّما نصبَ أيا لأنَّه مُضافٌ وَلَا يَجوزُ نَصْبُ أَنتَ لأنَّه مُفْردٌ ثمَّ إنَّه يَنْتَصِب لَفْظاً كالمُضافِ والمُضارِعِ لَهُ، وَهُوَ مَا تَعَلَّق بشيءٍ هُوَ مِن تمامِ مَعْناه نَحْو: يَا خَيْراً مَن زَيْدٍ وَيَا ضارِباً زَيْداً وَيَا مَضْرُوباً غُلامُه وَيَا حَسَناً وَجْهَ الأخِ وَيَا ثلاثَةَ وثَلاثِيْن اسْمِ رَجُلٍ، وانْتَصَب الأوَّل للنِّداءِ وَالثَّانِي ثباتاً على المِنْهاج الأوَّل الَّذِي قَبْل التَّسْميةِ، أَعْنِي مُتابَعَةَ المَعْطوفِ عَلَيْهِ فِي الإعْرابِ وَإِن لم يَكُنْ فِيهِ مَعْنى عَطْفٍ على الحَقِيقَةِ؛ والنَّكِرَةُ إمَّا مَوْصُوفَة نَحْو: يَا رَجُلاً صالِحاً، وعَوْد الضَّميرِ مِن الوَصْفِ على لَفْظِ الغيبةِ لَا غَيْر نَحْو:

يَا لَيْلة سَرَقْتها من عُمْري أَو غَيْر مَوْصوفَةٍ كقَوْلِ الأعْمى لمَنْ لَا يَضْبِطه: يَا بَصيراً خُذْ بِيَدِي، ءَو مَحلاًّ كالمُفْردِ المَعْرفَةِ مُبْهماً أَو غَيْرَ مُبْهمٍ فإنَّه يُبْنى على مَا يُرْفَعُ بِهِ نَحْو: يَا زَيْد، وَيَا رَجُلَ، وَيَا أَيّها الرَّجُل، وَيَا زَيْدَانِ، وَيَا زَيْدُونَ، لوُقُوعِه مَوْقِع ضَمِيرِ الخِطابِ، وَلم يُبْنَ المُضافُ لأنَّه إنَّما وَقَعَ مَوْقِعَه مَعَ قَيْدِ الإضافَةِ، فَلَو بُنيْ وَحْدُه كانَ تَقْديماً للحُكْم على العِلَّةِ ونِدَاء العَلَم بَعْد تَنْكِيرِه على رأْيٍ، وأمَّا قولُه
سَلامُ اللَّهِ يَا مَطَر عَلَيْهَا فقَبِيحٌ بَعِيدٌ عَن القِياسِ شَبَّهه ببابِ مَا لَا يَنْصرفُ أَو الدَّاخِل عَلَيْهِ اللاّم الجارَّة للاسْتِغاثَةِ أَو التَّعَجُّبِ، واللاّم مَفْتوحَة بخِلافِ مَا عُطِفَ عَلَيْهِ فَرْقاً بينَ المَدْعُوِّ والمَدْعُو إِلَيْهِ، والفَتْحة بِهِ أَوْلى مِنْهَا بالمُدْعُو إِلَيْهِ كَقَوْل عُمَر بنِ الخطَّابِ رَضِيَ الله تَعَالَى عَنهُ: (يَا للَّهِ للمُسْلِمِين وَيَا للْعَجَبِ) ، وقولُهم يَا للبَهِيتَةِ وَيَا للفَلِيتَةِ وَيَا للعَضِيهَةِ على تَرْكِ المَدْعُوِّ، ويَدْخلُ الضَّمِير نحوُ: فيَا لَكَ مِن لَيْلٍ. و:
يَا لَكِ مِن قُبَّرةٍ بمَعْمَرِ أَو الألِف للاستغَاثَةِ فلالام أَو النُّدْبَة فإنَّه يُفْتَح نَحْو يَا زَيْداهْ والهاءُ للوَقْفِ خاصَّةً وَلَا يَجوزُ تَحْرِيكُه إِلَّا لضَرُورَةٍ نَحْو:
يَا رَبّ يَا رَبَّاه إيَّاك أَسَلْ أَو مَا كانَ مَبْنيّاً قَبْل النِّداءِ تحْقِيقاً أَو تَقْديراً نَحْو: يَا خَمْسَةَ عَشَرَ وَيَا حذامَ وَيَا لكَاعَ، ويجوزُ وَصْفُ المُنادَى المَعْرِفَة مُطْلقاً على الأعْرفِ خِلافاً للأصْمعي لأنَّه وَإِن وَقَعَ مَوْقِعَ مَا لَا يُوصَفُ لم يَجْرِ مَجْراه فِي كلِّ حالٍ وَلم يَصْرِفُوه عَن حُكْمِ الغيبةِ رأْساً لجوازِ عَوْدِ الضَّميرِ إِلَيْهِ بلَفْظِ الغَيبةِ واسْتَثْنى بعضُهم النَّكِرَةَ المُتَعرفَةَ بالنِّداءِ مِثْلُ يَا رَجُلُ فإنَّه ليسَ ممَّا يُوصَفُ. وَقد حَكَى يُونُس: يَا فَاسِق الخَبِيث، وليسَ بقِياسٍ، والعِلَّة اسْتِطالَتهم إيَّاه بوَصْفِه مَعَ مَا ذُكِرَ فِي امْتِناعِ بِناءِ المُضافِ، وأمَّا الْعلم فَلَمَّا لم يَكُنْ مُفِيدا مِن الألْفاظِ وَلَا مَعْنى لَهُ إلاَّ الإشَارَة لم يُسْتَطَل، فَإِذا انْتَهَيْتَ إِلَى الظَّرِيفِ مِن قولِكَ يَا زَيْد الظَّرِيف كأنَّك قلْتَ يَا ظَرِيفُ، فالمُفْرد مِنْهُ أَو مَا هُوَ فِي حُكْم المُفْردِ إِذا كانَ جارِياً على مَضْمومٍ غَيْر مُبْهمٍ جازَ فِيهِ النَّصْبُ حَمْلاً على المَوْضِعِ؛ مِنْهُ قولُه:
فَمَا كَعْب بن مَامَةَ وَابْن سُعْدى
بأَكْرَم مِنْكَ يَا عمر الجَوادَافالرَّفْعُ حَمْلاً على اللَّفْظِ لأنَّ الضمَّ لاطِّردِه هُنَا أَشْبَه الرَّفْع؛ وعَلى هَذَا: زَيْد الكَرِيم الخيم، رَفْعاً ونَصْباً، وَإِذا كانَ مُضافاً أَو لمُضافٍ فالنّصْب ليسَ إلاَّ، نَحْو: يَا زَيْد ذَا الجمةِ وَيَا عَبْدُ اللَّهِ الظَّريف، وَكَذَا سائِرُ التَّوابِعِ إلاَّ البَدَل، وَنَحْو: زَيْد وعَمْرو مِن المَعْطوفاتِ، فإنَّ حُكْمَهما حُكْمُ المُنادَى بعَيْنهِ مُطْلقاً كسائِرِ التَّوابِعِ مُضافَةً، تَقول: يَا زَيْد زَيْد، وَيَا زَيْدُ صاحِب عَمْرو، إِذا أبْدَلْتَ، وَيَا زَيْد وعَمرٍ و، وَيَا زَيْد وعَبْد الله، تَقول: يَا تَمِيم أَجْمَعِين وأَجْمَعُون وكُلّهم أَو كُلّكم، وَيَا غُلام بِشْر أَو بِشْر وأَبا عَبْدِ اللَّهِ، وَجَاز فِي قولِه:
إنِّي وأَسْطارٍ سُطرنَ سطراً
لقائِلٍ يَا نصرُ نصرٌ نصراأَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ، وَيَا عَمْرو والْحَارث. ويختارُ الخَليلُ فِي المَعْطوفِ الرَّفْعَ، وأَبو عَمْرٍ والنَّصْبَ، وأَبو العبَّاس الرَّفْعَ فيمَا يصحُّ نَزْع اللاَّمِ عَنهُ كالحَسَنِ والنَّصْبَ فيمَا لَا يصحُّ كالنجم والصّعْق، وكَذلكَ الرَّجُل حيثُ لم يسوغوا يَا زَيْد ورَجُل، كأَنَّهم كَرِهوا بِناءَهُ مِن غَيْرِ عَلامَة تَعْريفٍ بخِلافِ العلمِ. وَإِذا وُصِفَ المَضْمومُ بابنٍ وَهُوَ بَيْنَ عَلَمَيْن بُني المُنادَى مَعَه على الفَتْح إتْباعاً لحَرَكَةِ الأوَّل حَرَكَة الثَّانِي، وتَنْزِيلاً لَهُما مَنْزلَة كلمةٍ واحِدَةٍ بِخلافِ مَا إِذا لم يَقَعْ، وَكَذَا فِي غَيْرِ النِّداءِ فيُحْذَفُ التَّنْوين مِن المَوْصُوفِ بابنٍ بينَ عَلَمَيْن نَحْو يَا زَيْد بن عَمْرو وَيَا زَيْد ابْن أَخِي، وَهَذَا زَيْد بن عَمْرو وزَيْد ابْن أَخِي، وجَوَّزُوا فِي الوَصْفِ التَّنْوين فِي الضَّرُورَةِ نَحْو:
جَارِيَة من قيس بن ثَعْلَبَة وَلَا يُنادَى مَا فِيهِ الألِف واللاّم كَراهَة اجْتِماع عَلامَتي التَّعْريفِ، بل يتَوَسَّل إِلَيْهِ بالمُبْهم نَحْو: يَا أَيّها الرَّجُل، وَيَا هَذَا الرَّجُل، وأَيّهذا الرّجُل، وَلَا يسوغُ فِي الوصْفِ هُنَا إلاَّ الرَّفْع لأنَّه المَقْصودُ بالنِّداءِ، وَكَذَا فِي تَوابِعِه لأنَّها تَوابِعُ مُعْربٍ، ويدلُّ على إعْرابِه نَحْو:
يَا أَيُّها الجاهِلُ ذُو التنزي وَلِهَذَا وَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أنْ يكونَ بمنْزِلَةِ غَيْرِه مِن الأسْماءِ المُسْتَقلّةِ بأَنْفُسِها فجازَ فِي وَصْفِه النَّصْب نَحْو: يَا هَذَا الطَّوِيل، وَيَنْبَغي أَنْ لَا يكون الوَصْفُ فِي هَذَا اسْمَ جِنْسٍ وَلَكِن مُشْتَقّاً لأنَّه لَا يُوصَفُ باسْمِ الجِنْسِ إلاَّ وَهُوَ غيْرُ مَعْلومٍ بتَمامِه وَلَا مُسْتقلٌّ بِنَفْسِه، وَقَالُوا: يَا ألله خاصَّةً حيثُ تَمحضت اللاَّمُ للتَّعْوِيضِ مُضْمحلاً عَنْهَا مَعْنى التَّعْريفِ اسْتِغْناءً بالتَّعْريفِ النُّدائِي، وَقد شَذَّ:
مِن أجْلِكِ يَا الَّتِي تَيَّمَتِ قَلْبي
وأَنتِ بَخِيْلةٌ بالوَصْلِ عَنِّيوأَبْعد مِنْهُ قَوْله:
فيا الغُلامانِ اللَّذَان فَرَّا
إيَّا كُما أَنْ تَكْسَبا ناشِراوإذا كُرِّر المُنادَى فِي حالِ الإضافَةِ جازَ فِيهِ نَصْب الاسْمَيْن على حَذْفِ المُضاف إِلَيْهِ مِن الأوَّل، أَو على إقْحامِ الثَّانِي بينَ المُضافِ والمُضافِ إِلَيْهِ وضَمّ الأوَّل، نَحْو:
يَا تَيْم تَيْم عَدِيّ لَا أَبَا لَكُم وَإِذا أُضِيفَ المُنادَى إِلَى ياءِ المُتَكلِّم جازَ إسْكانُ الياءِ وفَتْحُه كَمَا فِي غَيْرِ النِّداءِ وحذفه اجْتِزاء بالكسْرةِ إِذا كانَ قَبْله كَسْرة، وَهُوَ فِي غَيْر النِّداءِ قَليلٌ، وإبْدالُه أَلفاً وَلَا يَكادُ يُوجَدُ فِي غَيْر النِّداءِ نَحْو: يَا رَبًّا تَجاوَز عنِّي، وَعَلِيهِ يُحْمَلُ الحديثُ أنْفِقْ بِلالاً، فيمَنَ رَوَى) ، وتاء تَأْنِيث فِي يَا أَبَتِ وَيَا أَمَتِ خاصَّةً، وجازَ فِيهِ الحَرَكات الثَّلاث، وحَكَى يُونُسُ يَا أَب وَيَا أُم، والوَقْف عَلَيْهِ بالهاءِ عنْد أَصْحابِنا، وجازَ الألفَ دونَ الياءِ نَحْو:
يَا أَبا عَلَّكَ أَو عَساكَا وقولُها:
يَا أَمتا أبصرني راكبٌ
يَسيرُ فِي مُسْحَنْفرٍ لاحبِويا ابنَ أُمِّ وَيَا ابنَ عَمِّ خاصَّةً مِثْلُ بابِ يَا غُلام. وجازَ الفَتْح كخَمْسَةَ عَشَرَ تَجْعَلُ الاسْمَيْن اسْماً واحِداً. انتَهَى مَا أَوْرَدَه صاحِبُ اللُّبابِ. وإنَّما ذَكَرْته بكَمالِه لتَمامِ الفائِدَةِ؛ وَهُوَ تاجُ الدِّيْن محمدُ بنُ محمدِ ين أَحمدَ المَعْروفُ بالفاضِلِ، رَحِمَه الله تَعَالَى، وعَلى كتابِه هَذَا شُرُوحٌ عِدَّة.
وَقَالَ الجَوْهري: الياءُ مِن حُروفِ الزِّياداتِ، وَهِي مِن حُروفِ المَدِّ واللِّينِ، وَقد يُكنى بهَا عَن المُتَكلِّمِ المَجْرورِ، ذكرا كانَ أَو أُنْثى، نَحْو قولِكَ ثَوْبي وغُلامِي، وإنْ شِئتَ فَتَحْتَها، وإنْ شِئْتَ سَكَّنْت، ولكَ أَن تَحْذِفَها فِي النِّداءِ خاصَّةً، تَقول: يَا قوْمكِ وَيَا عِبادِ، بالكسْر، فإنْ جاءَتْ بعْدَ الألفِ فتحْتَ لَا غَيْرُ نَحْو عَصايَ ورَحايَ، وكَذلكَ إِن جاءَتْ بعْدَ ياءِ الجَمْعِ كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَمَا أَنتُم بمُصْرِخيّ} ، وأَصْلُه بمُصْرِخِيني، سقطَتِ النونُ للإضافَةِ، فاجْتَمَعَ السَّاكنانِ فحرِّكَتِ الثانيةُ بالفَتْح لأنَّها ياءُ المُتَكلِّم رُدَّتْ إِلَى أَصْلِها، وكَسَرَها بعضُ القُرَّاءِ تَوَهُّماً أَنَّ السَّاكنَ إِذا حُرِّكَ حُرِّك إِلَى الكَسْر، وليسَ بالوَجْه، وَقد يُكْنى بهَا عَن المُتَكلِّم المَنْصوبِ إلاَّ أنَّه لَا بُدَّ مِن أَنْ تُزادَ قَبْلها نُونُ وِقايَةٍ للفِعْلِ ليَسْلَم مِن الجَرِّ، كقولِكَ: ضَرَبَني، وَقد زِيدَتْ فِي المَجْرورِ فِي أَسْماءٍ مَخْصُوصةٍ لَا يُقاسُ عليا نَحْو مِنِّي وعَنِّي ولَدُنِّي وقَطْني، وإنَّما فَعَلُوا ذلكَ ليَسْلَم السُّكون الَّذِي بُنيَ الاسْمُ عَلَيْهِ، انتَهَى.كذلكَ حرفُ الاسْتفهام وحرفُ النَّفْي، وإنَّما تُدْخِلُها على الجُمْلةِ المُسْتَقلةِ، فَتَقول: مَا قامَ زَيْدٌ وَهل زيدٌ أَخُوكَ، فَلَمَّا قَوِيَتْ يَا فِي نَفْسِها وأَوْغَلَتْ فِي شَبَهِ الفِعْل تولَّتْ بنفْسِها العَمَلَ، انتَهَى.
وَفِي التهذيبِ: (ولِليَاءاتِ أَلْقابٌ تُعْرَفُ بهَا) كأَلْقابِ الألِفاتِ، فَمِنْهَا:
(ياءُ التَّأْنيثِ) : تكونُ فِي الأفْعالِ وَفِي الأسْماءِ، فَفِي الأفْعالِ (كاضْرِبي) وتَضْرِبينَ وَلم تَضْرِبي، وَهَذَا القسْمُ قد ذَكَرَه المصنِّفُ فِي أَوَّلِ التَّرْكيبِ ومَثَّلَ هُنا بتَقُومِين وقومِي وهُما واحِدٌ، وَهَذَا غَيْرُ مَقْبولٍ عنْدَ أَرْبابِ التَّصْنيفِ لَا سيَّما عنْدَ مُراعاةِ الاخْتِصارِ مِنْهُم؛ (و) فِي الأسماءِ مِثْل (يَا حُبْلَى وعَطْشَى وجمادى) ، يقالُ: هُما حُبْلَيانِ وَعطْشَيانِ وجُمادَيانِ وَمَا أَشْبهها؛ (و) مِن هَذَا القسْم ياءُ (ذِكْرَى وَيُسمى.
(و) مِنْهَا: (ياءُ التَّثْنيةِ وياءُ الجَمْعِ) ، كَقَوْلِك: رأَيْتُ الزَّيْدَيْنِ والزَّيدِيَن، ورأَيْتُ الصالِحَيْن والصَّالِحِينَ والمُسْلِمَيْن والمُسْلِمِين.
(و) مِنْهَا:) ياءُ (الصِّلَةِ فِي القَوافِي) ، كَقَوْلِه:
يَا دَارَ مَيَّة بالعَلْياءِ فالسَّنَدِي فوَصَلَ كَسْرة الَّدالِ بالياءِ، والخليلُ يُسَمِّيها ياءَ التَّرنُّم يَمْدُّ بهَا القوافِي، والعربُ تَصِلُ الكَسْرةَ بالياءِ، أَنْشَدَ الفرَّاء:
لَا عَهْدَ لي بنِيضالِ
أَصْبَحْتُ كالشَّنِّ البالِي أَرادَ: بنِضالِ؛ وقالَ:
على عَجَلٍ منِّي أُطَأْطِيءُ شِيمالي أَرَادَ شِمالي فَوَصَلَ الكَسْرةَ بالياءِ.
(و) مِنْهَا:) (ياءُ المُحَوَّلَةِ كالمِيزانِ) والميعادِ وقيلَ: ودُعِيَ ومُحِيَ فِي الأصْلِ واوٌ فقُلِبَتْ يَاء لكَسْرةِ مَا قبْلَها.
(و) مِنْهَا: (ياءُ الاسْتِنْكارِ: كقولِ المُسْتَنْكِرِ: أَبِحَسَنيهِ) ؛ كَذَا فِي النسخِ وَفِي بعضِها ألْحَسَنيهِ؛ (للقائِلِ مَرَرْتُ بالحَسَنِ) ، فمدَّ النونَ بياءٍ وأَلْحَقَ بهَا هاءَ الوَقْفِ؛ وَهَذَا القسْمُ أَيْضاً قد مَرَّ للمصنِّفِ فِي أَوَّلِ التركيبِ وجَعَلَه هُنَاكَ حَرْفَ إنْكارٍ ومثَّلَه بأَزَيْدنِيهِ وهُما واحِدٌ فَفِيهِ تِكْرارٌ لَا يِخْفى.
(و) مِنْهَا: (ياءُ التَّعابِي) ، كَقَوْلِك: مَرَرْتُ بالحَسَني ثمَّ تقولُ أَخي بَني فلانٍ، وَقد فُسِّرتْ فِي الألفاتِ.
(و) مِنْهَا: (ياءُ المُنادَى) ، كنِدائِهم: يَا بِّشْر، يــمدُّونَ أَلفَ يَا ويُشَدِّدونَ باءَ بشْر وَمِنْهُم مَنْ يمدُّ الكَسْرةَ حَتَّى تَصِيرَ يَاء فيقولُ يَا بيشْر فيَجْمَع بينَ ساكِنَيْن، وَيَقُولُونَ: يَا مُنْذير ويُريدُون يَا مُنْذِر، وَمِنْهُم مَنْ يقولُ يَا بِشِير بِكَسْرِ الشِّين ويتبعُها الياءَ يمدُّها بهَا، كلُّ ذلكَ قد يقالُ.
(و) مِنْهَا: (الياءُ الفاصِلَةُ فِي الأبْنِيةِ) ، مثلُ يَاء صَيْقَلٍ، وياء بَيْطارٍ وعَيْهرةٍ وَمَا أَشْبَهها. (و) مِنْهَا: (ياءُ الهَمْزةِ فِي الخَطِّ) مَرَّةً، (وَفِي اللّفْظِ) أُخْرى؛ فأَمَّا الخَطّ فمِثْلُ يَاء قائِمٍ وسائِلٍ صُوِّرَتِ الهَمْزةُ يَاء وكذلكَ مِن شُرَكائِهم وأُولئِكَ وَمَا أَشْبهها؛ وأَمَّا اللّفْظ فقولُهم فِي جَمْع الخَطِيئةِ خَطَايا، وَفِي جَمْع المِرآةِ مَرَايا، اجْتَمَعَتْ لَهُم هَمْزتانِ فكَتَبُوهُما وجَعَلوا إحْدَاهما أَلفاً.
(و) مِنْهَا: (ياءُ التَّصْغيرِ) ، كَقَوْلِك فِي تَصْغيرِ عمر عُمَيْر، وَفِي تَصْغيرِ رَجُل رُيْل، وَفِي تَصْغيرِ ذَاذَيَّا، وَفِي تَصْغيرِ شَيْخ شُوَيْخ.
(و) مِنْهَا: (الياءُ المُبْدلَةُ مِن لامِ الفِعْل كالخامِي والسادِي فِي الخامِسِ والسادِسِ) ، يفصلون ذلكَ فِي القوافِي وغَيْرِ القوافِي؛ قَالَ الشاعرُ:
إِذا مَا عُدَّ أَرْبعةٌ فِسالٌ
فزَوْجُكِ خامِسٌ وأَبُوك سادِي (و) مِن ذَلِك: (ياءُ الثَّعالِي) والضَّفادِي، (أَي الثَّعالِب والضَّفادِع؛ قالَ:
ولِضَفادِي جَمّة نَقانِقُ (و) مِنْهَا: (الياءُ السَّاكِنَةُ تُتْرَكُ على حالِها فِي مَوْضِعِ الجَزْمِ) ، فِي بعضِ اللّغاتِ؛ وأَنْشَدَ الفرَّاء:
(أَلم يأْتِيكَ والأنبْاءُ تَنْميبما لاقَتْ لَبُونُ بَني زِيادِ؟ فأَثْبَتَ الياءَ فِي يأْتِيكَ وَهِي فِي موضِعِ جَزْمٍ؛ ومثْلُه قَوْله:
هُزِّي إِلَيْك الجِذْعَ يَجْنِيكِ الجَنَى كَانَ الوَجْهُ أَنْ يقولَ يَجْنِكِ بِلا ياءٍ، وَقد فَعَلُوا مثلَ ذلكَ فِي الواوِ؛ وأنْشَدَ الفرَّاء:
هَجَوْتَ زَبَّانَ ثمَّ جِئْتَ مُعْتَذِراً من هَجْو زَبَّانَ لم تَهْجُو وَلم تَدَع (و) مِنْهَا: (ياءُ نِداءِ مَا لَا يُجيبُ تَشْبِيها بِمَنْ يَعْقِلُ) ؛ ونَصّ التّهْذيبِ: تَنْبيهاً لمَنْ يَعْقِلُ مِن ذلكَ وَهُوَ الصَّوابُ؛ كَقَوْلِه تَعَالَى: {يَا حَسْرَةً على العِبادِ} ؛ وَقَوله تَعَالَى: {يَا وَيْلَتَا أَأَلِدُ وأَنا عَجوزٌ} ، والمَعْنى أَنَّ اسْتِهْزاءَ العِبادِ بالرُّسُلِ صارَ حَسْرةً عَلَيْهِم فنُودِيَتْ تلْكَ الحَسْرةُ تَنْبيهاً للمُتَحَسِّرينَ، المَعْنى يَا حَسْرَةً على العِبادِ أَينَ أَنتِ فَهَذَا أَوانُكِ، وكذلكَ مَا أَشْبَهه.
(و) مِنْهَا: (ياءُ الجَزْمِ المُرْسَلِ) ، كَقَوْلِك: (أقْصِ الأمْرَ، وتُحْذَفُ لأنَّ قَبْلَها كَسْرةً تَخْلُفُها) ، أَي تخلُفُ مِنْهَا.
(و) مِنْهَا: (ياءُ الجَزْمِ المُنْبَسِطِ) ، كَقَوْلِك: (رأَيْتُ عَبْدَيِ اللَّهِ) ، ومَرَرْتُ بِعَبْدَيِ اللَّهِ، (لم تَسْقُطْ لأنَّه لَا خَلَفَ عَنْهَا) ، أَي لم تَكُنْ قَبْل الياءِ كَسْرَة وتكونُ عِوَضاً مِنْهَا فَلم تَسْقُط وكُسِرتْ لإلْتِقاءِ الساكنين.
وَقد خَتَمَ المصنِّفُ كتابَهُ بقولِه: لَا خَلَفَ عَنْهَا؛ والظاهِرُ أنَّه قَصَدَ بذلكَ التَّفاؤُل كَمَا فَعَلَه الجَوْهرِي، رَحِمَه اللَّهُ تَعَالَى، حيثُ خَتَم كتابَه بقولِ ذِي الرُّمَّة:
أَلا يَا أسْلَمِي يَا دارَ مَيَّ على البلى
وَلَا زالَ مُنْهلاًّ بجَرْعائِكِ القَطْرُفإنَّه قَصَدَ ذلكَ تَقُاؤلاً بِهِ. وتَبِعَه صاحِبُ اللِّسانِ فختَمَ كتابَهُ أَيْضاً بِمَا خَتَم بِهِ الجَوْهرِي رَجاءَ ذلكَ التَّفاؤُل، وَقد خَتَمْنا نحنُ أَيْضاً كتابَنا تَفاؤُلاً. والحمدُ للَّهِ رَبّ العالمينَ حَمْداً يفوقُ حَمْد الحامدِين، وصلَّى الله على سيِّدنا ومَوْلانا محمدٍ وعَلى آلِهِ وصَحْبِهِ أَجْمعين.
وممَّا يُسْتدركُ عَلَيْهِ:
ياءُ الإشْباعِ فِي المَصادِرِ والنُّعوتِ، كَقَوْلِك: كاذَبْتُه كِيذَاباً وضارَبْتُه ضِيرَاباً، أَرادَ كِذاباً وضِراباً. وَقَالَ الفرَّاء: أَرادُوا الألِفَ الَّتِي فِي ضارَبْتُه فِي المصْدرِ فجعَلُوها يَاء لكَسْرةِ مَا قَبْلها.
وَمِنْهَا: ياءُ الإعْرابِ فِي الأسْماءِ نَحْو: رعبِّ اغْفِر لي ولأَبي، وَلَا أَمْلِك إلاَّ نَفْسِي وأَخِي.
وَمِنْهَا: ياءُ الاسْتِقْبالِ فِي حالِ الإخْبارِ، نَحْو يَدْخُلُ ويَخْرجُ.
وَمِنْهَا: ياءُ الإضافَةِ: كغُلامِي، وتكونُ مُخَّفَّفةً.
وَمِنْهَا: ياءُ النَّسَبِ، وتكونُ مُشدّدةً كقُرَشِيَ وعربيَ. وَمِنْهَا: الياءُ المُبَدَلَةُ، قد تكونُ عَن أَلِفٍ كحملاقٍ وحمليقٍ، أَو عَن ثاءٍ كالثالِي فِي الثالِثِ، أَو عَن راءٍ كقِيراطٍ فِي قرّاطٍ، أَو عَن صادٍ كقَصَّيتُ أَظْفارِي والأصْلُ قَصعصْت، أَو عَن ضادٍ كتَقَضّي البازِي والأصْل تَقَضَّض، أَو عَن كافٍ كالمكاكِي فِي جَمْع مَكّوكٍ، أَو عَن لامٍ نَحْو أَمْلَيت فِي أَمْلَلْت، أَو عَن ميمٍ نَحْو دِيماسٍ فِي دِمّاسٍ، أَو عَن نونٍ كدِينارٍ فِي دِنارٍ، أَو عَن هاءٍ كدَهْدَيْت الحَجعر فِي دَهْدَهْته.
وَمِنْهَا: ياآتٌ تدلُّ على أَفْعالٍ، بَعْدها فِي أَوائِلِها ياآتٌ؛ وأَنْشَدَ بَعضُهم:
مَا للظَّلِيمِ عَال كيفَ لايا
يَنْقَدُّ عَنهُ جِلْدُه إذايا يُذْرى التُّرابُ خَلْفَه إذْرايا أَرادَ: كيفَ لَا يَنْقُدُّ جِلْدُه إِذا يخذْى الترابُ خَلْفَه.
وَقَالَ ابنُ السّكِّيت: إِذا كانتِ الياءُ زائِدَةً فِي حرفٍ رُباعيَ أَو خُماسيَ أَو ثلاثيَ، فالرُّباعيُّ كالقَهْقَري لخَوْزلي وثَوْرٌ جَعلْبَى، فَإِذا ثَنَّتْه العربُ أَسقَطَتِ الياءُ فَقَالُوا: الخَوْزلانِ والقَهْقَرانِ، وَلم يُثْبِتوا الياءَ اسْتِثْقالاً، وَفِي الثلاثيِّ إِذا حُرِّكَتْ حُروفُه كُلّها مثل الجَمَزَى والوَثَبَى، ثمَّ ثَنَّوْه فَقَالُوا: الجَمَزانِ والوَثَبانِ، ورأَيْتُ الجَمَزَيْن والوَثَبَيْن.
قَالَ الفرَّاءُ: مَا لم تَجْتَمعْ فِيهِ ياآنِ كُتِبَ بالياءِ للتّأْنيثِ، فَإِذا اجْتَمَعَ الياآنِ كُتِبَتْ إحْدَاهما أَلفاً لثِقِلهما.
(سقط: من منتصف الصفحة (572) حَتَّى نِهَايَة الْكتاب.)

العَمودُ

العَمودُ: م، ج: أعْمِدَةٌ وعَمَدٌ وعُمُدٌ، والسَّيِّدُ،
كالعَميدِ،
وـ من السَّيفِ: شَطِيبَتُهُ التي في مَتْنِه، ورَئيسُ العَسْكَرِ،
كالعِمادِ، بالكسر،
والعُمْدَةِ والعُمْدانِ، بضمهما،
وـ من البَطْنِ: عِرْقٌ يَمْتَدُّ من لَدُنِ الرُّهابَةِ إلى دُوَيْنِ السُّرَّةِ،
أو عَمُودُ البَطْنِ: الظَّهْرُ،
وـ من الكَبِدِ: عِرْقٌ يُسقيها،
وـ من السِّنانِ: ما تَوَسَّطَ شَفْرَتَيْهِ من غيرِهِ،
وـ من الأُذُنِ: مُعْظَمُها وقِوامُها، والحَزِينُ الشَّديدُ الحُزْنِ،
وـ من الظَّليمِ: رِجْلاهُ،
وـ من البِئْرِ: قائِمتَاهُ عليهما المَحَالَةُ.
وعَمودُ السَّحْرِ: الوَتينُ.
والعِمادُ: الأَبْنِيَةُ الرَّفيعَةُ، جَمْعُ عِمادَةٍ، ويُؤَنَّثُ.
وهو طَويلُ العِمادِ: مَنْزِلُهُ مُعْلَمٌ لزائِرِيه.
وعَمَدَهُ: أقامَهُ بِعِمادٍ،
كأَعْمَدَهُ فانْعَمَدَ،
وـ للشَّيءِ: قَصَدَهُ،
كـ تَعَمَّدَهُ،
وـ فلاناً: أضْناهُ، وأوجَعَه، وفَدَحَهُ، وأسْقَطَهُ، وضَرَبَهُ بالعَمُودِ، وضَرَبَ عَمودَ بَطْنِهِ، وأحْزَنَهُ. وكفَرِحَ: غَضِبَ،
وـ به: لَزِمَهُ،
وـ البَعيرُ: انْفَضَخَ داخِلُ سَنامِهِ من الرُّكُوبِ، وظاهِرُهُ صحيحٌ،
وـ الثَّرى: بَلَّلهُ المَطَرُ حتى إذا قَبَضْتَ عليه تَعَقَّدَ لِنُدُوَّتِهِ،
وـ ألْيتاهُ من الرُّكوبِ: ورِمَتا، واخْتَلَجَتَا.
وهو عَمِدُ الثَّرى، ككَتِفٍ، أي: كثيرُ المَعْروفِ.
وأنا أعْمَدُ منه، أي: أتَعَجَّبُ.
ومَعْمودٌ وعميدٌ ومُعَمَّدٌ، كمُعَظَّمٍ: هَدَّهٌ العِشْقُ.
والعُمْدَةُ، بالضم: ما يُعْتَمَدُ عليه، أي: يُتَّكَأُ ويُتَّكَلُ.
والعُمُدُّ، كعُتُلٍّ،
والعُمُدَّانِيُّ: الشَّابُّ المُمْتَلِئُ شَباباً، وهي بِهاءٍ.
والمَعْمُودِيَّةُ: ماءٌ للنَّصارى يَغْمسونَ فيه وَلَدَهُمْ مُعْتَقِدينَ أنه تَطْهيرٌ له، كالخِتانِ لغيرِهِم.
واستقاموا على عَمودِ رأيِهِم، أي: على وجْهٍ يَعْتَــمِدونَ عليه.
وفَعَلْتُهُ عَمْداً على عَيْنٍ،
وعَمْدَ عَيْنٍ، أي: بِجِدٍّ ويَقينٍ.
ووَادِي عَمْدٍ: بحَضْرَمَوْتَ.
وعَمَّدْتُ السَّيْلَ تَعْميداً: سَدَدْتُ جِرْيَتَهُ بِتُرابٍ ونحوِهِ حتى يَجْتَمِعَ في موضِع.
واعْتَمَدَ لَيْلَتَهُ: رَكِبَ يَسْرِي فيها.
والمُعْمَدُ، كمُكْرَمٍ: الطَّويلُ،
كالعُمُدَّانِ، كجُلُبَّانٍ.
وخِباءٌ مُعَمَّدٌ، كمُعَظَّمٍ: مَنْصوبٌ بالعِمادِ.
ووَشْيٌ مُعَمَّدٌ: ضَرْبٌ منه.
وأهلُ العِمادِ: أهل الأَخْبِيَةِ، أو العالِيَةِ الرَّفيعَةِ.
وغَوْرُ العِمادِ: ع لِبَنِي سُلَيْمٍ.
وعِمادُ الشَّبى: ع بِمِصْرَ.
والعِمادِيَّةُ: قَلْعَةٌ شَمالِيَّ المَوْصِلِ.
وعمودُ غَرْيَفَةَ، غِرْيَفَةَ: جَبَلٌ في أرضِ غَنِيٍّ.
وعَمودُ المُحَدَّثِ: ماءٌ لمُحارِبٍ.
وعَمودُ سَوادِمَةَ: أطوَلُ جَبَلٍ بالمَغْرِبِ.
وعَمودُ الحَفيرَةِ: ع.
وعَمودُ البانِ،
وعَمودُ السَّفْحِ: جَبَلانِ طَويلانِ لا يَرْقاهُما إلاَّ طَائِرٌ.
وعَمودُ الكَوْدِ: ماءٌ لِبَنِي جَعْفَرٍ.

سهرب

سهرب
: (وَمِمَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ:
سُهْربٌ بِالضَّمِّ: جَدُّ أَبي على الحَسَن بن حَــمْدُون بْن الوَلِيد بن غَسَّان النَّيْسَابُورِيّ الأَدِيب، مَوْلَى عَبْدِ القَيْس رَوَى وحَدَّث.

بيلٌ

بيلٌ، بالكسر: ناحيةٌ بالرَّيِّ، منها: عبدُ اللهِ بنُ الحَسَنِ،
وة بسَرَخْسَ، منها: عِصامُ بنُ الوَضَّاحِ، ومحمدُ بنُ أحمدَ بنِ عَمْرَوَيْهِ، ومحمدُ بنُ حَــمْدُونَ بنِ خالِدٍ،
(وة بالسِنْدِ) .

امم

[امم] نه فيه: اتقوا الخمر فإنها "أم" الخبائث أي تجمع كل خبيث، فلانأم الخير أي يجمع كل خير، وفيه أتى "أم" منزلته أي امرأته، أو من يدبر أمر بيته من النساء و"أم كلبة" الحمى. وفيه: لم يضره "أم الصبيان" أي الريح التي"لبإمام" مبين أي طريق واضح، والنبي والكتاب. ومنه: أحصيناه في "إمام" مبين. نه: "إمالا" فلا تبايعوا حتى يبدو صلاح الثمرا هو كلمة ترد في المحاورات، وأصلها إن وما فأدغمت وقد أمالت العرب لا إمالة خفيفة، والعوام يشبعون إمالتها فتصير ألفها ياء، وهو خطأ، ومعناه إن لم تفعل هذا فليكن هذا. ن: "أمالا" فاذهبي حتى تلدي بكسر همزة وتشديد ميم أي إذا أبيت أن تستري على نفسك وترجعي عن قولك فاذهبي حتى تلدي. ومنه: "إمالا" فسل فلانة بكسر همزة وفتح لام وبإمالة خفيفة، وعند بعض إمالي بكسر لام ولعله إمالة. و"أما" أنت طلقت امرأتك طلقة مرة أو مرتين بهمزة مفتوحة أي أن كنت فحذف الفعل، وعوض ما، وفتح أن. قوله أمرني بهذا أي بالرجعة. ك: "أما" والله حتى تموت أما حرف غيري فلا أعلم حاله.

الأبدال

(الأبدال) الزهاد و (عِنْد الصُّوفِيَّة) لقب يطلقونه على رجال الطَّبَقَة من مَرَاتِب السلوك عِنْدهم
الأبدال: جمع بدل، وهم طائفة من الأولياء، قال أبو البقاء: كأنهم أرادوا أنهم أبدال الأنبياء وخلفاؤهم، وهم عند القوم سبعة لا يزيدون ولا ينقصون، يحفظ الله بهم الأقاليم السبعة، لكل بلد إقليم فيه ولايته، منهم واحد على قدم الخليل وله الإقليم الأول، والثاني على قدم الكليم والثالث على قدم هارون والرابع على قدم إدريس والخامس على قدم يوسف والسادس على قدم عيسى على ترتيب الأقاليم. وهم عارفون بما أودع الله تعالى في الكواكب السيارة من الأسرار والحركات والمنازل وغيرها، ولهم من الأسماء أسماء الصفات، وكل واحد بحسب ما يعطيه حقيقة ذلك الاسم الإلهي من الشمول والإحاطة ومنه يكون تلقيه.
الأبدال:
[في الانكليزية] Substituted
[ في الفرنسية] Substitues
بفتح الألف جمع البدل والبديل وكذا البدلاء بالضمّ على ما عرفت. ومولوي عبد الغفور
في حاشية نفحات الأنس للجامي إنّ لفظ الأبدال في اصطلاح الصوفية هو لفظ مشترك، فهو يطلق تارة على جماعة بدّلوا صفاتهم الذميمة بالصفات الحميدة وليس عددهم محصورا، وتارة يطلق على عدد معيّن؛ وعلى هذا فبعضهم يطلق هذا الاصطلاح على أربعين شخصا لهم أوصاف مشتركة، وبعضهم يطلق اسم الأبدال على سبعة رجال، ومن هؤلاء قوم، على أنّ الأبدال هم غير الأوتاد، بينما يقول آخرون: إن الأوتاد هم من جملة الأبدال. واثنان من الأبدال هما إمامان وهما وزيرا القطب والآخر هو القطب. وهؤلاء السّبعة إنما يقال لهم الأبدال لأنهم إذا ذهب واحد حلّ محله الذي يليه في الرتبة، وينال رتبته. ويقول قوم: إنّ تسمية هؤلاء بالأبدال لأنّ الحق جل وعلا أعطاهم قوة بحيث يتنقّلون حيث يشاءون، وإذا أرادوا أمكنهم وضع صورتهم في موضع، فإنهم يضعون شخصا على مثالهم بدلا عنهم. وإذا اكتشف بعضهم الأشخاص المتشابهين فبدون إرادتهم لا يقولون لهم أبدالا، وإنّ كثيرا من الأولياء هم هكذا. انتهى.
وفي بعض التفاسير سئل أبو سعيد عن الأوتاد والأبدال أيهما أفضل فقال الأوتاد.
فقيل كيف. فقال لأنّ الأبدال ينقلبون من حال إلى حال ويبدلون من مقام إلى مقام.
والأوتاد بلغ بهم النهاية وثبتت أركانهم فهم الذين بهم قوام العالم وهم في مقام التمكين.

وفي مرآة الأسرار يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«بدلاء أمّتي سبعة». بدلاء في سبعة أقاليم يبقون. فذلك الذي في الإقليم الأول على قلب إبراهيم عليه السلام واسمه عبد الحي، والثاني على قلب موسى عليه السلام واسمه عبد العليم، والثالث على قلب هارون عليه السلام واسمه عبد المريد، والرابع اسمه عبد القادر وهو على قلب إدريس عليه السلام، والذي في الاقليم الخامس على قلب يوسف عليه السلام واسمه عبد القاهر، والذي في السادس هو على قلب عيسى عليه السلام واسمه عبد السميع، وأمّا الذي في السابع فهو على قلب آدم واسمه عبد البصير.
وهؤلاء السبعة هم أبدال الخضر ووظيفتهم معاونة الخلق، وكلهم عارفون بالمعارف والأسرار الإلهية التي في الكواكب السبعة التي جعل الله فيها التأثير في مجريات الأمور. وإن اثنين من الأبدال السبعة المذكورين أي عبد القاهر وعبد القادر، عند نزول مصيبة أو نازلة على قوم أو ولاية، فإنهم يسمّون، والسبب في قهر وعذاب إحدى الولايات أو بعض الأقوام بسبب قيامهم بذلك الأمر. وإذا مات أحد هؤلاء السبعة فإنه ينصّب مكانه أحد الصوفية من عالم الناسوت، ويدعى باسم ذلك الذي مات، أي محبوب ثلاثمائة وسبعة وخمسين رجلا من الأبدال، وكلّهم من سكان الجبال. وطعامهم ورق السّلم وبقية الأشجار وجرار الصحراء، وهم ملتزمون بكمال المعرفة، وهم لا يسيرون ولا يطيرون. وإنّ منهم ثلاثمائة على قلب آدم.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله خلق ثلاثمائة نفس قلوبهم على قلب آدم. وله أربعون على قلب موسى. وله سبعة قلوبهم على قلب إبراهيم. وله خمسة قلوبهم على قلب جبرائيل. وله ثلاثة قلوبهم على قلب ميكائيل. وله واحد قلبه على قلب محمد» عليه الصلاة والسلام. فإذا مات يحلّ محلّه واحد من الثلاثة، وإذا مات واحد من الثلاثة يحلّ محله واحد من الخمسة، وإذا مات أحد الخمسة يحلّ محلّه أحد السبعة، وإذا مات أحد السبعة قام مقامه أحد الأربعين، وإذا مات واحد من الأربعين يرتقي مكانه واحد من الثلاثمائة، وإذا مات أحد الثلاثمائة يحلّ مكانه رجل من زهّاد الصوفية. وإنّ هؤلاء البدلاء حسب الترتيب المذكور يستــمدّون الفيوضات الإلهية من القطب الذي قلبه على قلب إسرافيل وهو محبوب الأربعمائة وأربعة البدلاء؛ وقد ذكرنا منهم ثلاثمائة وأربعة وستين، وثمة أربعون آخرون كما قال عليه الصلاة والسلام «بدلاء أمتي أربعون رجلا اثنا عشر بالشام وثمان وعشرون بالعراق».

ويقول في «لطائف أشرفي»: إنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قد قسّم العالم إلى قسمين: نصف شرقي ونصف غربي، ومن العراق النصف الشرقي كما أن بلاد خراسان والهند والتركستان وسائر بلاد الشرق داخلة في العراق، ومن الشام النصف الغربي ويشمل الشام ومصر وسائر بلاد الغرب. وهكذا تغمر فيوضات هؤلاء الأربعين المذكورين على جميع العالم، ويدعى أكثر هؤلاء الأبدال بالأبدال الأبرار.

الحمد

الحمد: اللغوي: الوصف بفضيلة على فضيلة على جهة التعظيم باللسان فقط.
الحمد:
[في الانكليزية] Praise ،thanking
[ في الفرنسية] Reconnaissance ،louange ،remerciement
بالفتح وسكون الميم في اللغة هو الوصف بالجميل على الجميل الاختياري على قصد التعظيم، ونقيضه الذمّ. وهذا أولى مما قيل هو الوصف بالجميل على جهة التعظيم والتبجيل، لأنّ الحمد لا يتحقّق إلّا بعد أمور ثلاثة:
الوصف بالجميل وهو المحمود به، وكونه على الجميل الاختياري أعنى المحمود عليه، وكونه على قصد التعظيم. والتعريف الأول مشتمل على جميع هذه الأمور بخلاف التعريف الثاني فإنّه لا يشتمل المحمود عليه إن جعل الباء صلة للوصف كما هو الظاهر، أو المحمود به إن جعل الباء للسببية.
فإن قيل إذا وصف المنعم بالشجاعة ونحوها لأجل إنعامه كانت الشجاعة محمودا بها والإنعام محمودا عليه. وأمّا إذا وصف الشجاع بالشجاعة لشجاعته لم يكن هناك محمود عليه مع أنّ هذا الوصف حمد قطعا. قلت تلك الشجاعة من حيث إنّها كان الوصف بها كانت محمودا بها، ومن حيث قيامها بمحلها كانت محمودا عليها، فهما متغايران هنا بالاعتبار.
ولذا يقال وصفته بالشجاعة لكونه شجاعا. ثم الوصف يتبادر منه ذكر ما يدلّ على صفة الكمال فيكون قولا مخصوصا فصار مورد الحمد اللسان وحده. ولمّا لم يقيد الوصف بكونه في مقابلة النعمة ظهر أنّ الحمد قد يكون واقعا بإزاء النعمة وقد لا يكون. وبقيد الجميل المحمود به يخرج الوصف على الجميل بما ليس بجميل. وبقيد الجميل المحمود عليه يخرج الوصف على غير الجميل. وفي قيد الاختياري إشارة إلى أنّ الحمد أخصّ من المدح. والبعض اعتبر قيد الاختياري في جميع المحمود به وهو غير مشهور، فإنّه يعمّ الاختياري وغيره على الأظهر.
وعلى هذا قيل الحمد هو الثناء باللسان على الجميل الاختياري من إنعام أو غيره. والمدح هو الثناء باللسان على الجميل مطلقا. يقال مدحت اللؤلؤ على صفائها ولا يقال حمدتها على ذلك فالحمد يختص بالفاعل المختار دون المدح فإنّه يقع على الحي وغيره. وبالجملة فالممدوح عليه كالممدوح به لا يجب أن يكون اختياريا، بخلاف المحمود عليه فإنّه يجب كونه اختياريا. ومنهم من منع صحّة المدح على ما ليس اختياريا وجعل مثال اللؤلؤ مصنوعا.
وتوضيحه ما ذكره السّيد السّند في حاشية إيساغوجي من أنّ من يقول بكون الجميل الاختياري مأخوذا في الحمد إنّما يقول بكونه مأخوذا فيه بحسب العقل، ولا فرق فيه بين الحمد والمدح، صرّح به صاحب الكشاف حيث قال: وكلّ ذي لب إذا رجع إلى بصيرته لا يخفى عليه أنّ الإنسان لا يمدح بغير فعله. وقد نفى الله تعالى على الذين أنزل فيهم ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا الآية. ثم سأل كيف ذلك وأنّ العرب يمدح بالجمال وحسن الوجه؟
وأجاب بأنّ الذي يسوّغ ذلك أنّ حسن المنظر يشعر عن مخبر مرضي وأخلاق محمودة. ثم نقل عن علماء البيان تخطئة المادح على غير الاختياري وجعله غلطا، وهو مخالف للمعقول، وقصر المدح على الجميل الاختياري. وهذا صريح في أنّ أخذ الاختياري في الحمد إنّما هو بحسب العقل وأنّه لا فرق فيه بين الحمد والمدح انتهى. وأيضا صريح في أنّ الحمد والمدح مترادفان، وهذا هو الأشهر كما قيل.
وقيل ترادفهما باعتبار عدم اختصاصهما بالاختياري. فالحمد أيضا غير مختصّ بالاختياري كالمدح، واختاره السيّد السّند في حاشية إيساغوجي، واستدل عليه بقوله تعالى عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً وبالحديث المأثور «وابعثه المقام المحمود الذي وعدته».

قال: والحمل على الوصف المجازي وصفا له بوصف صاحبه كالكتاب الكريم والأسلوب الحكيم صرف عن الظاهر. ثم معنى الجميل الاختياري هو الصادر بالاختيار كما هو المشهور أو الصادر عن المختار وإن لم يكن مختارا فيه، كما قال به بعض المتأخرين. فعلى القول الثاني لا نقض بصفات الله تعالى لأنّ صفاته تعالى صادرة عن المختار وهو ذاته تعالى أي مستندة إليه، وإن لم تكن صادرة عنه بالاختيار. وكذا على القول الأول بأن يراد بالاختياري أعمّ من أن يكون اختياريا حقيقة أو بمنزلة الاختياري. والصفات المذكورة بمنزلة الأفعال الاختيارية لاستقلال الذات فيها وعدم احتياجه فيها إلى أمر خارج كما هو شأن الأفعال الاختيارية. وفيه أنّ ذات الواجب تعالى يحتاج في بعض الأفعال الاختيارية إلى خارج كإرزاق زيد مثلا فإنه يحتاج فيه إلى وجود زيد، فالأولى أن يقال المراد بالاختيار المعنى الأعم المشترك بين القادر والموجب وهو كون الفاعل بحيث إن شاء فعل وإن لم يشأ لم يفعل، فإنّه متّفق عليه بين المتكلّمين والحكماء في الواجب وغيره، لا كونه بحيث يصحّ منه الفعل والترك لأنّه مقابل للإيجاب، هكذا يستفاد مما ذكر صاحب الاطول وأبو الفتح في حاشية الحاشية الجلالية.
وبالقيد الأخير خرج الاستهزاء والسخرية إذ لا بدّ في الحمد أن يكون ذلك الوصف على قصد التعظيم بأن لا يكون هناك قرينة صارفة عن ذلك القصد لأنّه إذا عرى عن مطابقة الاعتقاد أو خالفه أفعال الجوارح ونحوها لم يكن حمدا حقيقة، بل كان من السخرية والاستهزاء. لا يقال فقد اعتبر في الحمد فعل الجنان والأركان أيضا لأنّا نقول إنّ كلّ واحد منهما شرط لكون فعل اللسان حمدا لا ركن منه. وفي أسرار الفاتحة المدح يكون قبل الإحسان وبعده، والحمد لا يكون إلّا بعده.
وأيضا قد يكون منهيا كما قال عليه السلام:
«احثوا التراب على وجوه المدّاحين».
والحمد مأمور به مطلقا. قال عليه السلام: «من لم يحمد الناس لم يحمد الله» انتهى. ولا يخفى ما فيه من المخالفة لما سبق عن عموم الحمد النعم الواصلة إلى الحامد وغيرها.
ثم اعلم أنّ القول المخصوص الذي يحــمدون به إنّما يريدون به إنشاء الحمد وإيجاد الوصف لا الإخبار به، فهو إنشاء لا خبر؛ وليس ذلك القول حمدا بخصوصه بل لأنّه دالّ على صفة الكمال ومظهر لها، أي لها مدخل تام في ذلك. ومن ثمّ أي من أجل أنّ لدلالته على صفة الكمال وإظهاره لها مدخلا تاما في كونه حمدا عبّر بعض المحقّقين من الصوفية عن إظهار الصفات الكمالية بالحمد تعبيرا عن اللازم بالملزوم مجازا حيث قال: حقيقة الحمد إظهار الصفات الكمالية، وذلك قد يكون بالقول وقد يكون بالفعل، وهذا أقوى لأنّ الأفعال التي هي آثار السخاوة تدلّ عليها دلالة قطعية، بخلاف دلالة الأقوال فإنّها وضعية قد يتخلّف عنها مدلولها. ومن هذا القبيل حمد الله وثناؤه على ذاته وذلك أنّه تعالى حين بسط بساط الوجود على ممكنات لا تحصى ووضع عليه موائد كرمه التي لا تتناهى فقد كشف عن صفات كماله وأظهرها بدلالات قطعية تفصيلية غير متناهية، فإنّ كل ذرة من ذرات الوجود تدلّ عليها، ولا يتصوّر في العبارات مثل ذلك. ومن ثمة قال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: «لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك».
والإحصاء يمكن أن يكون بمعنى العلم أو العدّ على سبيل الاستقصاء. وعلى كلا التقديرين الضمير المرفوع أعني أنت مبتدأ والكاف زائدة وكلمة ما موصولة أو موصوفة، واختيارها على كلمة من يأباها وأثنيت على نفسك صلتها أو صفتها كما في قوله:
أنا الذي سمّتني أمي حيدرة
وهذه الجملة خبر للمبتدإ، والمجموع تعليل لعدم علمه صلّى الله عليه وآله وسلّم ثناء عليه تعالى لأنّه إذا أثنى على نفسه كان ثناء غير متناه، فلا يعلم ولا يعدّ، بل لا مناسبة لشيء من العلم والعدّ المذكورين إلّا لله تعالى، أو بمعنى القدرة، والجملة استئنافية كأنه قيل من ثنى حق الثناء وتمامه، ويكون كلمة أنت تأكيد للضمير المجرور في عليك، وما موصولة أو موصوفة أو مصدرية، والمعنى أنّه لا أقدر على ثناء عليك مثل الثناء الذي أثنيت به، بحذف العائد إلى الموصول أو الموصوف، أو مثل ثنائك بجعل ما مصدرية. ومقصوده عليه السلام من هذا الكلام إظهار العجز عن مثل ثناء الله تعالى على ذاته وسلب المماثلة بين ثنائه قولا أو فعلا وبين ثنائه تعالى على ذاته.
اعلم أنّ الحمد في العرف هو الشكر في اللغة. وهو فعل يشعر بتعظيم المنعم بسبب كونه منعما. قال بعض الصوفية لسان الحمد ثلاث:
اللسان الإنساني واللسان الروحاني واللسان الرباني. أمّا اللسان الإنساني فهو للعوام وشكره به التحدّث لإنعام الله وإكرامه مع تصديق القلب بأداء الشكر. وأمّا اللسان الروحاني فهو للخواصّ وهو ذكر القلب لطائف اصطناع الحق في تربية الأحوال وتزكية الأفعال. وأما اللسان الرباني فهو للعارفين وهو حركة السرّ لقصد شكر الحق جل جلاله بعد إدراكه لطائف المعارف وغرائب الكواشف بنعت المشاهدة والغيبة في القربة واجتناء ثمرة الأنس وخوض الروح في نحو القدس وذوق الأسرار بمباشرة الأنوار.

العمود

العمود: يُطلق على كل وَاحِد من الخطين اللَّذين يقوم أَحدهمَا على الآخر بِحَيْثُ لَو أخرجَا على الاسْتقَامَة تحدث هُنَاكَ أَربع زَوَايَا مُتَسَاوِيَة.
(العمود) السَّيِّد الَّذِي يعْتَمد عَلَيْهِ فِي الْأُمُور و (من الإعصار) مَا يسطع فِي السَّمَاء وَمن الصُّبْح مَا تبلج من ضوئه وعمود الْبَطن الظّهْر يُقَال ضربه على عَمُود بَطْنه وعمود الْأَمر قوامه الَّذِي لَا يَسْتَقِيم إِلَّا بِهِ وَيُقَال استقاموا على عَمُود رَأْيهمْ على وَجه يعتــمدون عَلَيْهِ و (فِي الهندسة) كل قِطْعَة يزِيد طولهَا أَكثر من عشر مَرَّات على طول قطرها الْأَصْغَر وَتَكون متحملة لقُوَّة ضغط (مج) و (فِي الميكانيكا) عَمُود الإدارة سَاق مستديرة القطاع معدة لنقل الْحَرَكَة الدورانية (مج) والعمود (فِي الْمُنْشَآت) دعامة رأسية (مج) وعمود الْإِشَارَة عَمُود بأعلاه ذِرَاع يشار بهَا إِلَى أَن الطَّرِيق مَفْتُوح (محدثة) وعمود الشّعْر طَرِيقَته الموروثة عَن الْعَرَب فِي وَزنه وقافيته وأسلوبه وعمود الطَّعَام أوعية يركب بَعْضهَا فَوق بعض على شكل عَمُود (مج) وعمود الْمِيزَان مَا يعلق بطرفيه كفتاه (ج) أعمدة وَعمد وَعمد
العمود:
[في الانكليزية] Column ،vertical line
[ في الفرنسية] Colonne ،ligne verticale
بالفتح في اللغة بمعني ستون خانة وعند المهندسين هو الخطّ القائم على خط آخر بحيث يحدث عن جنبيه زاويتان متساويتان كذا في شرح أشكال التأسيس. وبعبارة أخرى العمود خط قائم على خط آخر بحيث لا يميل إلى جانب بل يقوم مستويا، وهذا هو العمود من الخط على الخط. وأمّا العمود من الخط على السطح فهو خط قائم على سطح مستو بحيث لا يميل إلى جانب بأن يحيط بقائمة مع كلّ خط يخرج في ذلك السطح من الفصل المشترك بين ذلك السطح وبين ذلك الخط. وأمّا العمود من السطح على السطح فهو سطح قائم على سطح آخر، بحيث لا يميل إلى جانب، بأن يكون بحيث لو أخرج كلّ عمود من الفصل المشترك بين السطحين على أحدهما لماسّ السطح الآخر بكلّه، بأن يقع كلّ ذلك الخط المخرج في ذلك السطح، والسطحان حينئذ متقاطعان على قوائم، وإن لم يماسّه بكلّه فالسطحان مائلان. هكذا يستفاد من ضابط قواعد الحساب. وعمد بفتحتين جمع عمود است.

التّحريف

التّحريف:
[في الانكليزية] Alteration
[ في الفرنسية] Alteration
في اللغة هو تغيير [الشيء] عن موضعه. وفي اصطلاح المحدّثين هو التصحيف، أي تغيير الحديث. وقيل بالفرق بينهما. وفي اصطلاح القرّاء تغير ألفاظ القرآن لمراعاة الصوت. وفي الاتقان ومن البدعة نوع أحدثه هؤلاء الذين يجتمعون فيقرءون كلهم بصوت واحد، فيقولون في قوله: أَفَلا تَعْقِلُونَ، بحذف الألف ويــمدّون ما لا يمدّ ليستقيم لهم الطريق الذي سلكوه، ينبغي أن يسمّى التحريف انتهى. وفي الدّقائق المحكمة بعد بيان مخارج الحروف هو أن يجتمعوا فيقرءون كلهم بصوت واحد، ويأتي بعضهم ببعض الكلمة والآخر ببعضها ويحافظون على مراعاة الأصوات خاصة. وفي اصطلاح أهل الجفر هو تكسير الزمام، وفي رسالة مرسومة بأنواع البسط يقول:

تكسير الزّمام: يعني: تحريف حروف الزّمام بهذا الطريق أي: حينما يكسرون فإنّهم يكتبون حرف آخر الزمام في أوّل السّطر، والحرف الأول للزّمام بدلا من الحرف الثاني، والحرف ما قبل الأخير للزمام بدلا من الحرف الثالث في أول السطر. والحرف الثاني من أول الزمام بدلا من الحرف الرابع. وهكذا على النحو إلى آخره. ثم يظهر هذا التحريف في كلّ سطر حتى يعود الترتيب إلى شكله الأول. وعلامة ذلك أن يأتي الحرف الأوّل للزمام في الأخير والحرف الثاني في الزمام حرفا أولا، فيصبح التكسير قد تمّ.
وإن أرادوا سطرا آخر فنفس ذلك السطر سيكون سطر الزمام الأول.
وما دام التحريف مستمرا في جميع أنواع البسط فإنّه يعود الزمام الأول ما عدا بسط التماذج حيث ينظر في هذا العمل: ما هي الحروف المطلوبة؟ وكم عددها؟ وحسب عدد الحروف المطلوب تحريفها يكون التحريف.

فمثلا: إذا كانت الحروف المطلوبة خمسة فالتحريف يكون لغاية خمسة أسطر. وإن كانت سبعة فسبعة وهكذا على المنوال. وفي بعض الصّور يبتدأ التحريف من الحرف الأول أي حرف الزمام الأول فيكتبونه في أول السطر الثاني والحرف الأخير في الثاني من السطر الثاني وهكذا يتمّون العمل لغايته.

السّرقة

السّرقة
[في الانكليزية] Theft
[ في الفرنسية] Vol
كالسّرق محركتين بكسر الراء مصدر سرق منه شيئا أي جاء مستترا إلى حرز فأخذ مال غيره. وعند الفقهاء هو نوعان لأنّه إمّا أن يكون ضررها بذي المال أو به وبعامة المسلمين.
فالأول يسمّى السّرقة الصغرى، والثاني السّرقة الكبرى، وهما مشتركان في التعريف وأكثر الشروط. فعرّفهما صاحب مختصر الوقاية بأخذ مكلّف خفية قدر عشرة دراهم مضروبة مملوكا محرزا بلا شبهة بمكان أو حافظ، أي أخذ مكلّف بطريق الظلم كما هو المتبادر من الإضافة، فاحترز بالمكلّف عن غيره، فلا يقطع الصبي والمجنون ولا غيرهما إذا كان معه أحدهما، وإن كان الآخذ الغير. وعند أبي يوسف يقطع الغير. ولا يقطع بأخذ المصحف والكتب وآلات اللهو لاحتمال أن يأخذه للقراءة والنهي عن المنكر، فمن الظن بطلان التعريف منعا. وقوله خفية احتراز عن الأخذ مكابرة فإنّه غصب كما إذا دخل نهارا أو بين العشاءين في دار بابها مفتوح أو ليلا، وكلّ من الصاحب والسارق عالم بالآخر، فلو علم أحدهما لا الآخر قطع كما لو دخل بعد العتمة وأخذ خفية أو مكابرة معه سلاح أو لا، والصاحب عالم به أو لا، ولو كابره نهارا فنقب البيت سرا وأخذ مغالبة لم يقطع. وقوله قدر عشرة دراهم أي بوزن سبعة يوم السرقة والقطع، فلو انتقص عن ذلك يوم القطع لنقصان العين قطع لأنّه مضمون على السارق فكأنه قائم، بخلاف ما انتقص للسّعر فإنّه لا يقطع لأنّه غير مضمون عليه. وعن محمد أنّه يقطع. وذكر الطحاوي أنّ المعتبر يوم الأخذ والمتبادر أن يكون الأخذ بمرة فلو أخرج من الحرز أقل من العشرة ثم دخل فيه وكمل لم يقطع. وقوله مضروبة احتراز عن أخذ تبر وزنه عشرة وقيمته أقل فإنّه حينئذ لا يقطع، فيقوّم بأعز نقد رائج بينهم، ولا يقطع بالشّك ولا بتقويم بعض المقومين. وقوله مملوكا احتراز عن أخذ غير المملوك. وقوله محرزا أي ممنوعا من وصول يد الغير إليه. وقوله بلا شبهة تنازع فيه مملوكا ومحرزا فلا قطع بأخذ الأعمى لجهله بمال غيره ولا بالأخذ من السّيّد والغنيمة وبيت المال.
وقوله بمكان أي بسبب موضع معدّ لحفظ الأموال كالدور والدكاكين والحانات والخيام والصناديق. والمذهب أنّ حرز كلّ شيء معتبر بحرز مثله حتى لا يقطع بأخذ لؤلؤ من اصطبل، بخلاف أخذ الدابة. وقوله حافظ أي بسبب شخص يحفظ فلا قطع بالأخذ عن الصبي والمجنون ولا يأخذ شاة أو بقرة أو غيرها من مرعى معها راع، ولا بأخذ المال من نائم إذا جعله تحت رأسه أو جنبه. أما إذا وضع بين يديه ثم نام ففيه خلاف، كذا في جامع الرموز

وفي الدرر: السرقة لغة أخذ الشيء من الغير خفية أيّ شيء كان. وشرعا أخذ مكلّف أي عاقل بالغ خفية قدر عشرة دراهم مضروبة جيدة محرزا بمكان أو حافظ، فقد زيدت على المعنى اللغوي أوصاف شرعا منها في السارق وهو كونه مكلفا، ومنها في المسروق وهو كونه مالا متقوّما مقدرا، ومنها في المسروق منه وهو كونه حرزا. ثم إنها إمّا صغرى وهي السرقة المشهورة وفيها مسارقة عين المالك أو من يقوم مقامه. وإمّا كبرى وهي قطع الطريق وفيها مسارقة عين الإمام لأنه المتصدي لحفظ الطريق بأعوانه انتهى.
وفي كليات أبي البقاء السرقة أخذ مال معتبر من حرز أجنبي لا شبهة فيه خفية وهو قاصد للحفظ في نومه أو غيبته. والطرّ أخذ مال الغير وهو حاضر يقظان قاصد حفظه وهو يأخذه منه بنوع غفلة وخدع، وفعل كلّ واحد منهما وإن كان شبيها بفعل الآخر، لكنّ اختلاف الاسم يدل على اختلاف المسمّى ظاهرا، فاشتبه الأمر أنّه دخل تحت لفظ السارق حتى يقطع كالسارق أم لا فنظرنا في السرقة فوجدناه جناية، لكن جناية الطرار أقوى لزيادة فعله على فعل السارق، حيث يأخذ من اليقظان فيثبت القطع بالطريق الأولى كثبوت حرمة الضرب بحرمة التأفيف، وهذا يسمّى بالدلالة عند الأصوليين. بخلاف النباش فإنّه يأخذ مالا لا حافظ له من حرز ناقص خفية فيكون فعله أدنى من فعل السارق، فلا يلحق به ولا يقطع عند أبي حنيفة ومحمد، خلافا لأبي يوسف رحمهم الله. وعند الشافعي يقطع يمين السارق بربع دينار حتى سأل الشاعر المعري للإمام محمد رحمه الله:
يد بخمس مئين عسجد فديت ما بالها قطعت بربع دينار فقال محمد في الجواب: [لمّا] كانت أمينة ثمينة فلما خانت هانت كذا في الجرجاني.
وعند الشعراء ويسمّى الأخذ أيضا هو أن ينسب الشاعر شعر الغير أو مضمونه إلى نفسه.
قالوا اتفاق القائلين إن كان في الغرض على العموم كالوصف بالشجاعة أو السخاء أو نحو ذلك فلا يعدّ سرقة ولا استعانة ولا أخذا ونحو ذلك، لتقرره في العقول والعادات. وإن كان اتفاقهم في وجه الدلالة على الغرض كالتشبيه والمجاز والكناية وكذكر هيئات تدلّ على الصفة لاختصاص تلك الهيئات بمن تثبت تلك الصفة له كوصف الجواد بالتهلل عند ورود السائلين، فإن اشترك الناس في معرفته أي معرفة وجه الدلالة على الغرض لاستقراره فيهما أي في العقول والعادة كتشبيه الشجاع بالأسد والجود بالبحر فهو كالأول، أي فالاتفاق في هذا النوع من وجه الدلالة على الغرض كالاتفاق في الغرض العام في أنّه لا يعدّ سرقة ولا أخذا، وإلّا أي وإن لم يشترك الناس في معرفته ولم يصل إليه كل أحد لكونه مما لا ينال إلّا بفكر صائب صادق جاز أن يدعى فيه السبق والزيادة بأن يحكم بين القائلين فيه بالتفاضل، وإنّ أحدهما فيه أكمل من الآخر، وإنّ الثاني زاد على الأول أو نقص عنه. وهذا ضربان خاصي في نفسه غريب لا ينال إلّا بفكر وعامي تصرف فيه بما أخرجه من الابتذال إلى الغرابة كما في التشبيه الغريب الخاصي والمبتذل العامي. وإذا تقرّر هذا فالسّرقة والأخذ نوعان، ظاهر وغير ظاهر. أمّا الظاهر فهو أن يؤخذ المعنى كله إمّا مع اللفظ كله أو بعضه، وإمّا وحده. فإن أخذ اللفظ كله من غير تغيير لنظمه فهو مذموم لأنّه سرقة محضة ويسمّى نسخا وانتحالا، كما حكي أنّ عبد الله بن الزبير دخل على معاوية فأنشد بيتين:
إذا أنت لم تنصف أخاك وجدته على طرف الهجران إن كان يعقل ويركب حدّ السّيف من أن تضيمه إذا لم يكن عن شفرة السّيف مزحل أي إذا لم تعط أخاك النصفة ولم توفّه حقوقه تجده هاجرا لك ومتبدلا بك إن كان به عقل وله معرفة. وأيضا تجده راكبا حدّ السيوف أي ويتحمّل شدائد تؤثر فيه تأثير السّيف مخافة أن يدخل عليه ظلمك أو بدلا من أن تظلمه متى لم يجد عن ركوب حدّ السيف مبعدا ومعدلا.
فقال له معاوية لقد شعرت بعدي يا أبا بكر، أي صرت شاعرا، ولم يفارق عبد الله المجلس حتى دخل معن بن أوس المزني الشاعر فأنشد قصيدته التي أولها:
لعمرك ما أدري وإنّي لأوجل على أيّنا تغدو المنية أول حتى أتمها وفيها هذان البيتان. فأقبل معاوية على عبد الله بن الزبير وقال له: ألم تخبرني أنّهما لك؟ فقال: اللفظ له والمعنى له، وبعد فهو أخي من الرضاعة وأنا أحقّ بشعره فقلته مخبرا عن حاله وحاكيا عن حالي هكذا في المطول وفي معناه أن يبدل بالكلمات كلها أو بعضها ما يرادفها، يعني أنه مذموم وسرقة محضة كما يقال في قول الحطيئة:
دع المكارم لا ترحل لبغيتها واقعد فإنّك أنت الطاعم الكاسي إنّه بدّل الكلمات وأبقى المعاني فقيل:
ذر المآثر لا تذهب لمطلبها واجلس فإنّك أنت الآكل اللابس وإن أخذ اللفظ كلّه مع تغيير نظمه أو أخذ بعض اللفظ لا كله سمّي هذا الأخذ إغارة ومسخا، وهو ثلاثة أقسام: لأنّ الثاني إمّا أن يكون أبلغ من الأول أو دونه أو مثله، فإن كان الثاني أبلغ لاختصاصه بفضيلة فممدوح ومقبول، وإن كان الثاني دونه فمذموم، وإن كان مثله فأبعد من الذمّ، والفضل للأول. وإنّما يكون أبعد من الذمّ إن لم يكن في الثاني دلالة على السرقة كاتفاق الوزن والقافية وإلّا فهو مذموم جدا. مثال الأول قول بشار:
من راقب الناس لم يظفر بحاجته وفاز بالطيّبات الفاتك اللهج أي الشجاع القتال وراقب بمعنى خاف.

وقول سلم:
من راقب الناس مات همّا وفاز باللذة الجسور أي شديد الجرأة فبيت سلم مأخوذ من بيت بشّار إلّا أنّه أجود سبكا وأخصر لفظا.

ومثال الثاني قول أبي تمام:
هيهات لا يأتي الزمان بمثله إنّ الزمان بمثله لبخيل فأخذ منه أبو الطيب المصراع الثاني فقال:
أعدى الزمان سخاؤه فسخا به ولقد يكون به الزمان بخيلا يعني تعلّم الزمان منه السخاء وسرت سخاوته إلى الزمان فأخرجه من العدم إلى الوجود، ولولا سخاؤه الذي استفاد منه لبخل به على الدنيا واستبقاه لنفسه، كذا ذكره ابن جني. وقال ابن فورة: هذا تأويل فاسد لأنّ سخاءه غير موجود قبل وجوده فلا يوصف بالعدوى إلى الزمان وإنّما المراد سخا الزمان بالممدوح عليّ وكان بخيلا به لا يجود به على أحد ومستبقيا لنفسه، فلما أعداه سخاءه أسعدني بضمي إليه وهدايتي له. فالمصراع الثاني مأخوذ من المصراع الثاني لأبي تمام كذا في المطول والمختصر. لكن مصراع أبي تمام أجود سبكا من مصراع أبي الطيّب لأنّ قوله ولقد يكون لم يصب محله إذ المعنى به هاهنا لقد كان أي على المضي. ومثال الثالث قول أبي تمام:
لو حار مرتاد المنية لم تجد إلا الفراق على النفوس دليلا الارتياد الطلب أي المنية الطالبة للنفوس لو تحيّرت في الطريق إلى إهلاكها ولم يمكنها التوصّل إليها لم يكن لها دليل عليها إلّا الفراق فأخذ منه أبو الطيب فقال:
لولا مفارقة الأحباب ما وجدت لها المنايا إلى أرواحنا سبلا وإن أخذ المعنى وحده سمّي ذلك الأخذ سلخا وإلماما، من ألمّ بالمنزل إذا نزل به، فكأنّه نزل من اللفظ إلى المعنى. وهو أيضا ثلاثة أقسام كذلك، أي مثل أقسام الإغارة والمسخ، لأنّ الثاني إمّا أبلغ من الأول أو دونه أو مثله. مثال الأول قول أبي تمام:
هو الصنع إن يعجل فخير وإن يرث فللرّيث في بعض المواضع أنفع ضمير هو عائد إلى حاضر في الذهن وهو مبتدأ وخبره الصنع، والشرطية ابتداء الكلام، يعني أنّ الشيء المعهود هو الإحسان فإن يعجل فهو خير وإن يبطأ فالبطء في بعض الأوقات وبعض المحال يكون أنفع من العجلة. وقول أبي الطيب:
ومن الخير بطء سيبك عني أسرع السّحب في المسير الجهام السيب العطاء والسحب جمع سحاب والجهام هو السحاب الذي لا ماء فيه. يقول وتأخير عطائك عني خير في حقي لأنّه يدل على كثرته كالسحب إنما يسرع منها ما كان جهاما لا ماء فيه، وما كان فيه الماء يكون بطيئا. ففي بيت أبي الطيب زيادة بيان لاشتماله على ضرب المثل فكان أبلغ. ومثال الثاني قول البحتري:
وإذا تألّق في النديّ كلامه المصقول خلت لسانه من عضبه يعني إذا لمع في المجلس كلامه المنقّح حسبت لسانه سيفه القاطع. وقول أبي الطيب:
كأنّ ألسنهم في النطق قد جعلت على رماحهم في الطعن خرصانا جمع خرص بمعنى سنان الرماح يعني أنّ ألسنتهم عند النطق في المضاء والنفاذ تشابه أسنّتهم عند الطعن، فكأنّ ألسنتهم جعلت أسنة رماحهم. فبيت البحتري أبلغ لما في لفظي تألق والمصقول من الاستعارة التخييلية، فإنّ التألّق والصقال من لوازم السيف، وتشبيه كلامه بالسيف استعارة بالكناية، وبيت أبي الطيب خال عنهما. ومثال الثالث قول أبي زياد:
ولم يك أكثر الفتيان مالا ولكن كان أرحبهم ذراعا يعني أن الممدوح ليس أكثر الناس مالا ولكن أوسعهم باعا أي سخي. وقول أشجع:
وليس بأوسعهم في الغنى ولكنّ معروفه أوسع فالبيتان متماثلان هكذا في المطوّل والمختصر.
وأمّا غير الظاهر فمنه أن يتشابه المعنيان أي معنى البيت الأول والثاني كقول جرير:
فلا يمنعك من إرب لحاهم سواء ذو العمامة والخمار أي لا يمنعك من الحاجة كون هؤلاء على صورة الرجال، لأنّ الرجال منهم والنساء في الضعف سواء. وقول أبي الطيب:
ومن في كفه منهم قناة كمن في كفه منهم خضاب ويجوز في تشابه المعنيين أن يكون أحد البيتين نسيبا والآخر مديحا أو هجاء أو افتخارا أو غير ذلك، فإنّ الشاعر الحاذق إذا قصد إلى المعنى المختلس لينظمه احتال في إخفائه فيغير لفظه ويصرفه عن نوعه من النسيب أو المديح أو غير ذلك، وعن وزنه وعن قافيته كقول البحتري:
سلبوا وأشرقت الدماء عليهم محمرّة فكأنّهم لم يسلبوا يعني أنّهم سلبوا عن ثيابهم ثم كانت الدماء المشرقة عليهم بمنزلة الثياب لهم، وقول أبي الطيب:
يبس النجيع عليه وهو مجرّد عن غمده فكأنّما هو مغمد يعني أنّ السيف جرد عن غمده فكأنّ الدم اليابس عليه بمنزلة الغمد له. فنقل أبو الطيب المعنى من القتلى إلى السيف، كذا في المطول والمختصر. ومنه أن يكون معنى الثاني أشمل من معنى الأول كقول جرير:
إذا غضبت عليك بنو تميم وجدت الناس كلهم غضابا وقول أبي نواس:
ليس من الله بمستنكر أن يجمع العالم في واحد فالأول يختص ببعض العالم وهم الناس وهذا يشملهم وغيرهم لأنّ العالم ما سوى الله تعالى مشتقّ من العلم بمعنى العلامة لأنّ كل ما سواه دليل وعلامة على وجوده تعالى. ومنه القلب وهو أن يكون معنى الثاني نقيضا لمعنى الأول كقول أبي الشيص:
أجد الملامة في هواك لذيذة حبّا لذكرك فليلمني اللّوّم وقول أبي الطيب:
أأحبه وأحب فيه ملامة إنّ الملامة فيه من أعدائه الاستفهام للإنكار الراجع إلى القيد الذي هو الحال وهو قوله وأحب فيه ملامة، وما يكون من عدو الحبيب يكون ملعونا مبغوضا لا محبوبا، وهو المراد من قوله إنّ الملامة الخ، فهذا المعنى نقيض لمعنى بيت أبي الشيص، والأحسن في هذا النوع أنّ يبيّن السبب كما في هذين البيتين، إلّا أن يكون ظاهرا. ومنه أن يؤخذ بعض المعنى ويضاف إليه ما يحسنه كقول الأفوه:
وترى الطير على آثارنا رأي عين ثقة أن تمار أي ترى أيها المخاطب الطيور تسير كائنة على آثارنا رؤية مشاهدة لا تخيّل لوثوقها على أن ستطعم من لحوم قتلانا. وقول أبي تمام:
قد ظلّلت عقبان أعلامه ضحى بعقبان طير في الدماء نواهل أقامت مع الرايات حتى كأنّها من الجيش إلّا أنها لم تقاتل أي أنّ تماثيل الطيور المعمولة على رءوس الأعلام قد صارت مظللة وقت الضحى بالطيور العقبان الشوارب في دماء القتلى لأنّه إذا خرج للغزو وتساير العقبان فوق راياته رجاء أن تأكل لحوم القتلى وتشرب دماءهم، فتلقي ظلالها عليها، ثم إذا أقام أقامت الطيور مع راياته وثوقا بأنها تطعم وتشرب حتى يظن أنها من الجيوش، لكنها لم تقاتل. فأخذ أبو تمام بعض معنى قول الأفوه من المصراع الأول لكن زاد عليه زيادات محسّنة بقوله ظللت، وبقوله في الدماء نواهل، وبقوله أقامت مع الرايات إلى آخر البيت، وبإيراد التجنيس بقوله عقبان أعلامه وعقبان طير هكذا في المطول وحواشيه. وأكثر هذه الأنواع المذكورة لغير الظاهر ونحوها مقبولة بل منها ما يخرجه حسن التصرّف من قبيل الاتباع إلى حيز الإبداع. وكلما كان أشد خفاء بحيث لا يعرف أنّ الثاني مأخوذ من الأول إلّا بعد إعمال روية ومزيد تأمل كان أقرب إلى القبول. هذا الذي ذكر كله في الظاهر وغيره من ادعاء سبق أحدهما واتباع الثاني وكونه مقبولا أو مردودا، وتسمية كلّ بالأسامي المذكورة إنّما يكون إذا علم أنّ الثاني أخذ من الأول بأن يعلم أنه كان يحفظ قول الأول حين نظم أو بأن يخبر هو عن نفسه أنّه أخذه منه، وإلّا فلا يحكم بذلك لجواز أن يكون الاتفاق من توارد الخواطر، أي مجيئه على سبيل الاتفاق من غير قصد إلى الأخذ، فإذا لم يعلم الأخذ قيل: قال فلان كذا وقد سبقه إليه فلان بكذا، هذا كله خلاصة ما في المطول. أمّا هاهنا فمن الضّروري معرفة الفرق بين السّرقة وتوارد الخواطر كي لا يختلط أحدهما بالآخر. إذن، فليعلم بأنّ توارد الخواطر هو أن يرد في كلام أحد الشعراء مصراع من الشعر أو مضمون كلام شاعر ما في شعر أو كلام شاعر آخر دون أن يكون ذلك قد خطر على بال قائله بأنّه من كلام شاعر آخر، وذلك كما حصل للشاعر أمير خسرو الدّهلوي الذي توارد خاطره مع بيت للشاعر نظامي كنجوي حيث قال:

ما ترجمته:
يا من أنت موصوف بإكرام العبد فمنك الربوبيّة ومنّا العبوديّة بينما قال النظامي الكنجوي ما ترجمته:
أمران أو عملان بالبهاء والبركة الربوبيّة منك ومنّا العبوديّة وكذلك وقع مثل هذا في ما نظمه الملّا عبد الرحمن الجامي في منظومته يوسف وزليخا، فقد اتفق له توارد الخاطر مع منظومة شيرين وخسرو لمولانا النظامي الگنجوي، كما في البيت التالي للملا الجامي وترجمته:
ليت أمّي لم تلدني ولو أنّي حين ولدت لم يرضعني أحد وقال النظامي ما ترجمته:
يا ليت أمي لم تلدني وليتها إذ ولدتني أطعمتني لكلب ومثال آخر من أقوال الملّا جامي وترجمته:
لقد خلقت المرأة من الجانب الأيسر ولم ير أحد الصدق والاستقامة من اليسار بينما يقول النظامي ما ترجمته:
يقولون إنّ المرأة من الجانب الأيسر برزت ولا يأتي أبدا من اليسار الاستقامة ومن هنا يزعم بعضهم أنّ مولانا الجامي وأمير خسرو الدهلوي قد أغارا على منزل النظامي الگنجوي ونهبوا ما فيه.
والحق أنّه قلما توجد قصة في كتبهما أو بعض أبيات يمكن اعتبارها بشيء من التصحيف أو التغيير من كلام الخواجه نظامي الذي كانت آثاره نصب عين كلّ واحد منهما. فلا عجب إذن أن تتفاعل تلك الآثار في حافظة كلّ منهما. ثم عند ما يكتبون شيئا بدون تعمّد أو قصد تفيض من قرائحهما. وعليه فلا يكون مثل هذا التوارد مذموما.
كما يمكن أيضا أن تكون ثمّة توأمة فكرية لدى هذين الأستاذين، أو ثمّة علاقة روحيّة بينهما. كما أنّه ليس عجيبا أن يكون هذان العلمان الكبيران سواء المتقدّم أو المتأخّر متصلين اتصالا قويّا بالله الذي يفيض عليهما من لدنه؛ فإذن العلوم القديمة سواء بمعانيهما ومضامينهما أو بألفاظهما على سبيل الإلهام وردت على قلوبهم، كما هو حال أكثر الأولياء في عالم الرؤيا، حيث يتلقّون شيئا واحدا ذا مضمون واحد. فلماذا إذن يكون التعجّب من حدوث ذلك في حال اليقظة. وبناء على هذا يكون من سوء الأدب نسبة هؤلاء الأكابر إلى السّرقة، وهو غلط محض، لأنّ السّرقة هي أن يورد الشاعر كلام غيره عن سابق علم وتصميم في ما ينظمه بزيادة أو نقصان أو تبديل في الوزن أو بتبديل بعض الألفاظ. هكذا في مخزن الفوائد.
ومن هذا القبيل ما ورد أنّ بعض الصحابة خاصة سيدنا عمر رضي الله عنه أنّه كان قد قال عدة أمور فوافقه القرآن عليها. والسّبب في ذلك والله أعلم عائد لصفاء عقيدته وقداسة قلبه ونورانية روحه، ففاض عليه من حضرة علام الغيوب كلمات وافقت التنزيل الإلهي. ذلك أنّ القرآن الكريم نزل من اللوح المحفوظ إلى السّماء الدنيا مرّة واحدة، ومن ثمّ نزل منجّما حسب النوازل والمصالح على رسول الله صلّى الله عليه وسلم، كما هو مدوّن في كتاب الإتقان في علوم القرآن للسيوطي.
عن ابن عمر أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: «إنّ الله جعل الحقّ على لسان عمر وقلبه». وعن أنس قال عمر: «وافقت ربي في ثلاث. قلت يا رسول الله لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى؟» فنزلت وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى. وقلت يا رسول الله إنّ نساءك يدخل عليهن البرّ والفاجر. فلو أمرتهن أن يحتجبن فنزلت آية الحجاب. واجتمع على رسول الله صلّى الله عليه وسلم نساؤه في الغيرة فقلت لهن عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن فنزلت كذلك». وعن عبد الرحمن بن أبي ليلى أن يهوديّا لقي عمر بن الخطاب فقال: «إنّ جبرئيل الذي يذكر صاحبكم عدو لنا فقال عمر: من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإنّ الله عدو للكافرين فنزلت كذلك».
وعن سعيد بن جبير أن سعد بن معاذ لما سمع ما قيل في عائشة رضي الله عنها قال:
سبحانك هذا بهتان عظيم، فنزلت كذلك انتهى من الاتقان.

علم آداب الأكل

علم آداب الأكل
وهل حل الطعام كسبا بعد حله في نفسه شرعا وغسل اليد قبل الطعام وبعده ووضع الطعام على السفرة لأنه أقرب إلى التواضع والجثو على الركبة عند الأكل وأن ينوي عند الأكل أن يقوى على الطاعة وأن يقنع بالحاضر وأن يجتهد في تكثير الأيدي على الطعام وأن يبدأ ببسم الله ويختم بحمد الله، ويلعق أصابعه، ويلقط فتات الطعام، ولا يبتدي به قبل من يستحق التقديم لكبر سنه أو فضله ولا يسكت بل يتكلم بالمعروف وحكايات الصالحين في الأطعمة وغيرها وهذا العلم مدون في كتب علم الحديث وذكره في مدينة العلوم وهكذا وهو من العلوم المتعلقة بالعادات.

علم السحر

علم السحر
هو: علم يستفاد منه حصول ملكة نفسانية يقتدر بها على أفعال غريبة بأشياء خفية قاله في كشاف اصطلاحات الفنون.
وفي كشف الظنون: هو ما خفي سببه وصعب استنابطه لأكثر العقول.
وحقيقته: كل ما سحر العقول وانقادت إليه النفوس بخدعة وتعجب واستحسان فتميل إلى إصغاء الأقوال والأفعال الصادرة عن الساحر.
فعلى هذا التقدير هو: علم باحث عن معرفة الأحوال الفلكية وأوضاع الكواكب وعن ارتباط كل منها مع الأمور الأرضية من المواليد الثلاثة على وجه خاص ليظهر من ذلك الارتباط والامتزاج عللها وأسبابها وتركيب الساحر في أوقات المناسبة من الأوضاع الفلكية والأنظار الكوكبية بعض المواليد ببعض فيظهر ما جل أثره وخفي سببه من أوضاع عجيبة وأفعال غريبة تحيرت فيها العقول وعجزت عن حل خفاها أفكار الفحول.
أما منفعة هذا: العلم فالاحتراز عن عمله لأنه محرم شرعا إلا أن يكون لدفع ساحر يدعي النبوة فعند ذلك يفترض وجود شخص قادر لدفعه بالعمل ولذلك قال بعض العلماء:
إن تعلم السحر فرض كفاية وإباحة الأكثرون دون عمله إلا إذا تعين لدفع المتنبي.
واختلف الحكماء في طرق السحر:
فطريق الهند: بتصفية النفس وطريق النبط: بعمل العزائم في بعض الأوقات المناسبة.
وطريق اليونان: بتسخير روحانية الأفلاك والكواكب.
وطريق العبرانيين والقبط والعرب: بذكر بعض الأسماء المجهولة المعاني فكأنه قسم من العزائم زعموا أنهم سخروا الملائكة القاهرة للجن. فمن الكتب المؤلفة في هذا الفن: الإيضاح للأندلسي والبساطين لاستخدام الأنس وأرواح الجن والشياطين وبغية الناشد ومطلب القاصد على طريقة العبرانيين والجمهرة أيضا ورسائل أرسطو إلى الإسكندر وغاية الحكيم للمجريطي وكتاب طيماؤس وكتاب الوقوفات للكواكب على طريقة اليونانيين وكتاب سحر النبط لابن وحشية وكتاب العمي على طريقة العبرانيين ومرآة المعاني في إدراك العالم الإنساني على طريقة الهند انتهى ما في كشف الظنون
وفي تاريخ ابن خلدون علم السحر والطلسمات هو: علم بكيفية استعدادات تقتدر النفوس البشرية بها على التأثيرات في عالم العناصر إما بغير معين أو بمعين من الأمور السماوية والأول هو: السحر والثاني: هو الطلسمات.
ولما كانت هذه العلوم مهجورة عند الشرائع لما فيها من الضرر ولما يشترط فيها من الوجهة إلى غير الله من كوكب أو غيره كانت كتبها كالمفقود بين الناس إلا ما وجد في كتب الأمم الأقدمين فيما قبل نبوة موسى عليه السلام مثل: النبط والكلدانيين فإن جميع من تقدمه من الأنبياء لم يشرعوا الشرائع ولا جاؤوا بالأحكام إنما كانت كتبهم مواعظ توحيد الله وتذكير بالجنة والنار وكانت هذه العلوم في أهل بابل من السريانيين والكلدانيين وفي أهل مصر من القبط وغيرهم وكان لهم فيها التأليف والآثار ولم يترجم لنا من كتبهم فيها إلا القليل مثل:
الفلاحة النبطية من أوضاع أهل بابل فأخذ الناس منها هذا العلم وتفننوا فيه ووضعت بعد ذلك الأوضاع مثل: مصاحف الكواكب السبعة وكتاب طمطم الهندي في صور الدرج والكواكب وغيرهم.
ثم ظهر بالمشرق جابر بن حيان كبير السحرة في هذه الملة فتصفح كتب القوم واستخرج الصناعة وغاص على زبدتها واستخرجها ووضع فيها غيرها من التآليف وأكثر الكلام فيها وفي صناعة السيمياء لأنها من توابعها لأن إحالة الأجسام النوعية من صورة إلى أخرى إنما يكون بالقوة النفسية لا بالصناعة العملية فهو من قبيل السحر ثم جاء مسلمة بن أحمد المجريطي إمام أهل الأندلس في التعاليم والسحريات فلخص جميع تلك الكتب وهذبها وجمع طرقها في كتابه الذي سماه غاية الحكيم ولم يكتب أحد في هذا العلم بعده ولنقدم هنا مقدمة يتبين بها حقيقة السحر وذلك أن النفوس البشرية وإن كانت واحدة بالنوع فهي مختلفة بالخواص وهي أصناف كل صنف مختص بخاصية واحدة بالنوع لا توجد في الصنف الآخر وصارت تلك الخواص فطرة وجبلة لصنفها.
فنفوس الأنبياء عليهم السلام لها خاصية تستعد بها للمعرفة الربانية ومخاطبة الملائكة عليهم السلام عن الله - سبحانه وتعالى - كما مر وما يتبع ذلك من التأثير في الأكوان واستجلاب روحانية الكواكب للتصرف فيها والتأثير بقوة نفسانية أو شيطانية.
فأما تأثير الأنبياء فمدد إلهي وخاصية ربانية ونفوس الكهنة لها خاصية الاطلاع على المغيبات بقوى شيطانية وهكذا كل صنف مختص بخاصية لا توجد في الآخر.
والنفوس الساحرة على مراتب ثلاثة يأتي شرحها:
فأولها: المؤثرة بالهمة فقط من غير إله ولا معين وهذا هو الذي تسميه الفلاسفة: السحر.
والثاني: بمعين من مزاج الأفلاك أو العناصر أو خواص الأعداد ويسمونه: الطلسمات وهو أضعف رتبة من الأول. والثالث: تأثير في القوى المتخيلة يعمد صاحب هذا التأثير إلى القوى المتخيلة فيتصرف فيها بنوع من التصرف ويلقي فيها أنواعا من الخيالات والمحاكات وصورا مما يقصده من ذلك ثم ينزلها إلى الحسن من الرائين بقوة نفسه المؤثرة فيه فينظر الراؤون كأنها في الخارج وليس هناك شيء من ذلك كما يحكي عن بعضهم أنه يرى البساتين والأنهار والقصور وليس هناك شيء من ذلك ويسمى هذا عند الفلاسفة: الشعوذة أو الشعبذة هذا تفصيل مراتبه.
ثم هذه الخاصية تكون في الساحرة بالقوة شأن القوى البشرية كلها وإنما تخرج إلى الفعل بالرياضة ورياضة السحر كلها إنما تكون بالتوجه إلى الأفلاك والكواكب والعوالم العلوية والشياطين بأنواع التعظيم والعبادة والخضوع والتذلل فهي لذلك وجهه إلى غير الله وسجود له والوجهة إلى غير الله كفر فلهذا كان السحر كفرا والكفر من مواده وأسبابه كما رأيت ولهذا اختلف الفقهاء في قتل الساحر هل هو لكفره السابق على فعله أو لتصرفه بالإفساد وما ينشأ عنه من الفساد في الأكوان والكل حاصل منه.
ولما كانت المرتبتان الأوليان من السحر لهما حقيقة في الخارج والمرتبة الأخيرة الثالثة لا حقيقة لها اختلف العلماء في السحر هل هو حقيقة أو إنما هو تخييل؟
فالقائلون بأن له حقيقة: نظروا إلى المرتبتين الأوليين.
والقائلون بأن لا حقيقة له: نظروا إلى المرتبة الثالثة الأخيرة فليس بينهم اختلاف في نفس الأمر بل إنما جاء من قبل اشتباه هذه المراتب والله أعلم.
واعلم أن وجود السحر لا مرية فيه بين العقلاء من أجل التأثير الذي ذكرناه وقد نطق به القرآن قال الله تعالى: {وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} .
وسحر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى كان يخيل إليه أنه يفعل الشيء ولا يفعله وجعل سحره في مشط ومشاقة وجف طلعة ودفن في بئر ذروان فأنزل الله عز وجل عليه في المعوذتين {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ} .
قالت عائشة رضي الله عنها: فكان لا يقرأ على عقدة من تلك العقد التي سحر فيها إلا انحلت.
وأما وجود السحر في أهل بابل وهم الكلدانيون من النبط والسريانيون فكثير ونطق به القرآن وجاءت به الأخبار
وكان للسحر في بابل ومصر زمان بعثه موسى عليه السلام أسواق نافقة ولهذا كانت معجزة موسى من جنس ما يدعون ويتناغون فيه وبقي من آثار ذلك في البرابي بصعيد مصر شواهد دالة على ذلك ورأينا بالعيان من يصور صورة الشخص المسحور بخواص أشياء مقابلة لما نواه وحلوله موجودة بالمسحور وأمثال تلك المعاني من أسماء وصفات في التأليف والتفريق
ثم يتكلم على تلك الصورة التي أقامها مقام الشخص المسحور عينا أو معنى ثم ينفث من ريقه بعد اجتماعه في فيه بتكرير مخارج تلك الحروف من الكلام السوء ويعقد على ذلك المعنى في سبب أعده لذلك تفاؤلا بالعقد واللزام وأخذ العهد على من أشرك به من الجن في نفثه في فعله ذلك استشعارا للعزيمة ولتلك البنية والأسماء السيئة روح خبيثة تخرج منه مع النفخ متعلقة بريقه الخارج من فيه بالنفث فتنزل عنها أرواح خبيثة ويقع عن ذلك بالمسحور ما يحاوله الساحر.
وشاهدنا أيضا من المنتحلين للسحر عمله من يشير إلى كساء أو جلد ويتكلم عليه في سره فإذا هو مقطوع مترف ويشير إلى بطون الغنم كذلك في مراعيها بالبعج فإذا أمعاؤها ساقطة من بطونها إلى الأرض.
وسمعنا أن بأرض الهند لهذا العهد من يشير إلى إنسان فيتحتت قلبه ويقع ميتا وينقب عن قلبه فلا يوجد في حشاه ويشير إلى الرمانة وتفتح فلا يوجد من حبوبها شيء.
وكذلك سمعنا أن بأرض السودان وأرض الترك من يسحر السحاب فيمطر الأرض المخصوصة.
وكذلك رأينا من عمل الطلسمات عجائب في الأعداد المتحابة وهي رك رف د أحد العددين مائتان وعشرون والآخر مائتان وأربعة وثمانون.
ومعنى المتحابة: أن أجزاء كل واحد التي فيه من نصف وثلث وربع وسدس وخمس وأمثالها إذا جمع كان مساويا للعدد الآخر صاحبه فيسمى لأجل ذلك: المتحابة.
ونقل أصحاب الطلسمات: أن لتلك الأعداد أثرا في الإلفة بين المتحابين واجتماعهما إذا وضع لهما مثالان أحدهما بطالع الزهرة وهي في بيتها أو شرفها ناظرة إلى القمر نظر مودة وقبول ويجعل طالع الثاني سابع الأول ويضع على أحد التمثالين أحد العددين والآخر على الآخر ويقصد بالأكثر الذي يراد ائتلافه أعني المحبوب ما أدري الأكثر كمية أو الأكثر أجزاء فيكون لذلك من التأليف العظيم بين المتحابين ما لا يكاد ينفك أحدهما عن الآخر قاله صاحب الغاية وغيره من أئمة هذا الشأن وشهدت له التجربة.
وكذا طابع الأسد ويسمى أيضا: طابع الحصى وهو أن يرسم في قالب هذا الطابع صورة أسد شائلا ذنبه عاضا على حصاة قد قسمها بنصفين وبين يديه صورة حية منسابة من رجليه إلى قبالة وجهه فاغرة فاها إلى فيه وعلى ظهره صورة عقرب تدب ويتحين برسمه حلول الشمس بالوجه الأول أو الثالث من الأسد بشرط صلاح النيرين وسلامتهما من النحوس فإذا وجد ذلك وعثر عليه طبع في ذلك الوقت في مقدار المثقال فما دونه من الذهب وغمس بعد في الزعفران محلولا بماء الورد ورفع في خرقة حرير صفراء فإنهم يزعمون أن لممسكه من العز على السلاطين في مباشرتهم وخدمتهم وتسخيرهم له ما لا يعبر عنه وكذلك السلاطين فيه من القوة والعز على من تحت أيديهم ذكر ذلك أيضا أهل هذا الشأن في الغاية وغيرها وشهدت له التجرية.
وكذلك وفق المسدس المختص بالشمس ذكروا أنه يوضع عند حلول الشمس في شرفها وسلامتها من النحوس وسلامة القمر بطالع ملوكي يعتبر فيه نظر صاحب العاشر لصاحب الطالع نظر مودة وقبول ويصلح فيه ما يكون في مواليد الملوك من الأدلة الشريفة ويرفع خرقة حرير صفراء بعد أن يغمس في الطيب فزعموا أنه له أثرا في صحابة الملوك وخدمتهم ومعاشرتهم وأمثال ذلك كثيرة.
وكتاب الغاية لمسلمة بن أحمد المجريطي هو مدون هذه الصناعة وفيه استيفاؤها وكمال مسائلها. وذكر لنا1 أن الإمام الفخر بن الخطيب وضع كتابا في ذلك وسماه: بالسر المكتوم وإنه بالمشرق يتداوله أهله ونحن لم نقف عليه والإمام لم يكن من أئمة هذا الشأن فيما نظن ولعل الأمر بخلاف ذلك وبالمغرب صنف من هؤلاء المنتحلين لهذه الأعمال السحرية يعرفون بالبعاجين وهم الذين ذكرت أولا أنهم يشيرون إلى الكساء أو الجلد فيتخرق ويشيرون إلى بطون الغنم بالبعج فتنبعج ويسمى أحدهم لهذا العهد باسم: البعاج لأن أكثر ما ينتحل من السحر بعج الأنعام يرتب بذلك أهلها ليعطوه من فضلها وهم متسترون بذلك في الغاية خوفا على أنفسهم من الحكام لقيت منهم جماعة وشاهدت من أفعالهم هذه بذلك وأخبروني أن لهم وجهة ورياضة خاصة بدعوات كفرية وإشراك روحانيات الجن والكواكب سطرت فيها صحيفة عندهم تسمى الخزيرية يتدارسونها وإن بهذه الرياضة والوجهة يصلون إلى حصول هذه الأفعال لهم وإن التأثير الذي لهم إنما هو فيما سوى الإنسان الحر من المتاع والحيوان والرقيق يعبرون عن ذلك بقولهم: إنما انفعل فيما تمشي فيه الدراهم أي: ما يملك ويباع ويشترى من سائر الممتلكات هذا ما زعموه وسألت بعضهم فأخبرني به.
وأما أفعالهم فظاهرة موجودة وقفنا على الكثير منها وعاينتها من غير ريبة في ذلك هذا شأن السحر والطلسمات وآثارهما في العالم
فأما الفلاسفة ففرقوا بين السحر والطلسمات بعد أن أثبتوا أنهما جميعا أثر للنفس الإنسانية واستدلوا على وجود الأثر للنفس الإنسانية بأن لها آثارا في بدنها على غير المجرى الطبعي وأسبابه الجسمانية بل آثار عارضة من كيفيات الأرواح تارة كالسخونة الحادثة عن الفرح والسرور من جهة التصورات النفسانية أخرى كالذي يقع من قبل التوهم فإن الماشي على حرف حائط أو على حبل منتصب إذا قوي عنده توهم السقوط سقط بلا شك ولهذا تجد كثيرا من الناس يعودون أنفسهم ذلك حتى يذهب عنهم هذا الوهم فتجدهم يمشون على حرف الحائط والحبل المنتصب ولا يخافون السقوط فثبت أن ذلك من آثار النفس الإنسانية وتصورها للسقوط من أجل الوهم وإذا كان ذلك أثرا للنفس في بدنها من غير الأسباب الجسمانية الطبيعية فجائز أن يكون لها مثل هذا الأثر في غير بدنها إذ نسبتها إلى الأبدان في ذلك النوع من التأثير واحدة لأنها غير حالة في البدن ولا منطبعة فيه فثبت أنها مؤثرة في سائر الأجسام.
وأما التفرقة عندهم بين السحر والطلسمات فهو: أن السحر لا يحتاج الساحر فيه إلى معين وصاحب الطلسمات يستعين بروحانيات الكواكب وأسرار الأعداد وخواص الموجودات وأوضاع الفلك المؤثرة في عالم العناصر كما يقوله المنجمون.
ويقولون: السحر اتحاد روح بروح. والطلسم: اتحاد روح بجسم.
ومعناه عندهم: ربط الطبائع العلوية السماوية بالطبائع السفلية.
والطبائع العلوية هي: روحانيات الكواكب ولذلك يستعين صاحبه في غالب الأمر بالنجامة.
والساحر عندهم: غير مكتسب لسحره بل هو مفطور عندهم على تلك الجبلة المختصة بذلك النوع من التأثير.
والفرق عندهم بين المعجزة والسحر أن المعجزة إلهية تبعث في النفس ذلك التأثير فهو مؤيد بروح الله على فعله ذلك والساحر إنما يفعل ذلك من عند نفسه وبقوته النفسانية وبإمداد الشياطين في بعض الأحوال.
فبينهما الفرق في المعقولية والحقيقة والذات في نفس الأمر وإنما نستدل نحن على التفرقة بالعلامات الظاهرة وهي: وجود المعجزة لصاحب الخير وفي مقاصد الخير وللنفوس المتمحضة للخير والتحدي بها على دعوى النبوة والسحر إنما يوجد لصاحب الشر وفي أفعال الشر في الغالب من التفريق بين الزوجين وضرر الأعداء وأمثال ذلك وللنفوس المتمحضة للشر
هذا هو الفرق بينهما عند الحكماء الإلهيين وقد يوجد لبعض المتصوفة وأصحاب الكرامات تأثير أيضا في أحوال العالم وليس معدودا من جنس السحر وإنما هو بالإمداد الإلهي لأن طريقتهم ونحلتهم من آثار النبوة وتوابعها ولهم في المدد الإلهي حظ على قدر حالهم وإيمانهم وتمسكهم بكلمة الله وإذا اقتدر أحد منهم على أفعال الشر فلا يأتيها لأنه متقيد فيما يأتيه ويذره للأمر الإلهي فما لا يقع لهم فيه الإذن لا يأتونه بوجه ومن أتاه منهم فقد عدل عن طريق الحق وربما سلب حاله.
ولما كانت المعجزة بإمداد روح الله والقوى الإلهية فلذلك لا يعارضها شيء من السحر وانظر شأن سحرة فرعون مع موسى في معجزة العصا كيف تلقفت ما كانوا يأفكون وذهب سحرهم واضمحل كأن لم يكن وكذلك لما أنزل على النبي - صلى الله عليه وسلم - في المعوذتين {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ} قالت عائشة رضي الله عنها: فكان لا يقرؤها على عقدة من العقد التي سحر فيها إلا انحلت فالسحر لا يثبت مع اسم الله وذكره.
وقد نقل المؤرخون أن زركش كاويان وهي راية كسرى كان فيه الوفق المئيني العددي منسوجا بالذهب في أوضاع فلكية رصدت لذلك الوفق ووجدت الراية يوم قتل رستم بالقادسية واقعة على الأرض بعد انهزام أهل فارس وشتاتهم وهو الطلسمات والأوفاق مخصوص بالغلب في الحروب وإن الراية التي يكون فيها أو معها لا تنهزم أصلا إلا أن هذه عارضها المدد الإلهي من إيمان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتمسكهم بكلمة الله فانحل معها كل عقد سحري ولم يثبت وبطل ما كانوا يعملون.
وأما الشريعة فلم تفرق بين السحر والطلسمات وجعلتهما بابا واحدا محظورا لأن الأفعال إنما أباح لنا الشارع منها ما يهمنا في ديننا الذي فيه صلاح آخرتنا أو في معاشنا الذي فيه صلاح دنيانا وما لا يهمنا في شيء منهما فإن كان فيه ضرر ونوع ضرر كالسحر الحاصل ضرره بالوقوع يلحق به الطلسمات لأن أثرهما واحد وكالنجامة التي فيها نوع ضرر باعتقاد التأثير فتفسد العقيدة الإيمانية برد الأمور إلى غير الله تعالى فيكون حينئذ ذلك الفعل محظورا على نسبته في الضرر وإن لم يكن مهما علينا ولا فيه ضرر فلا أقل من أن تركه قربة إلى الله فإن من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه فجعلت الشريعة باب السحر والطلسمات والشعوذة بابا واحدا لما فيها من الضرر وخصته بالحظر والتحريم.
وأما الفرق عندهم بين المعجزة والسحر: فالذي ذكره المتكلمون أنه راجع إلى التحدي وهو دعوى وقوعها على وفق ما ادعاه قالوا: والساحر مصروف عن مثل هذا التحدي فلا يقع منه وقوع المعجزة على وفق دعوى الكاذب غير مقدور لأن دلالة المعجزة على الصدق عقلية لأن صفة نفسها التصديق فلو وقعت مع الكذب لاستحال الصادق كاذبا وهو محال فإذا لا تقع المعجزة مع الكاذب بإطلاق.
وأما الحكماء: فالفرق بينهما عندهم كما ذكرناه فرق ما بين الخير والشر في نهاية الطرفين فالساحر لا يصدر منه الخير ولا يستعمل في أسباب الخير وصاحب المعجزة لا يصدر منه الشر ولا يستعمل في أسباب الشر فكأنهما على طرفي النقيض في أصل فطرتهم والله يهدي من يشاء وهو القوي العزيز لا رب سواه.
ومن قبيل هذه التأثيرات النفسانية الإصابة بالعين وهو تأثير من نفس المعيان عندما يستحسن بعينه مدركا من الذوات أو الأحوال ويفرط في استحسانه وينشأ عن ذلك الاستحسان حينئذ أنه يروم معه سلب ذلك الشيء عمن اتصف به فيؤثر فساده وهو جبلة فطرية أعني هذه الإصابة بالعين.
والفرق بينها وبين التأثيرات وإن كان منها ما لا يكتسب أن صدورها راجع إلى اختيار فاعلها والفطري منها قوة صدروها لا نفس صدروها ولهذا قالوا: القاتل بالسحر أو بالكرامة يقتل والقاتل بالعين لا يقتل وما ذلك إلا لأنه ليس مما يريده ويقصده أو يتركه وإنما هو مجبور في صدوره عنه والله أعلم بما في الغيوب ومطلع على ما في السرائر انتهى كلام ابن خلدون ومن عينه نقلت هنا وفي كل موضع من هذا الكتاب والله تعالى الموفق للحق والصواب.

علم آداب الملوك

علم آداب الملوك
وهو معرفة الأخلاق، والملكات التي يجب أن يتحلى بها الملوك، لتنظم دولتهم، وسيأتي تفصيله في: علم السياسة.
علم آداب الملوك
هو معرفة الأخلاق والملكات التي يجب أن يتحلى بها الملوك لتنتظم دولتهم وسيأتي تفصيله في علم السياسة.
وفيه كتاب الشيج القاضي الفاضل علي بن محمد الشوكاني سماه: الدرر الفاخرة الشاملة على سعادة الدنيا والآخرة.
قال في: مدينة العلوم: علم آداب الملوك هي أحوال رسمها الأمراء والملوك بالتجارب والحدس والرأي مما ينبغي أن يفعله أو يجتنبه.
وكتاب نصيحة الملوك للإمام الغزالي نافع في هذا الباب
ومن الكتب المصنفة فيه سراج الملوك للإمام أبي بكر بن الوليد بن محمد القرشي الفهدي الأندلسي الطرطوسي نسبة إلى طرطوسة - بضم المهملتين - بالأندلس في آخر بلاد المسلمين وسلوان المطاع في عدوان لابن ظفر انتهى وقد طبع هذا الأخير بمصر القاهرة في هذا الزمان وانتشر خبره في الجوائب
علم آداب الوزراء
ذكره أبو الخير من فروع الحكمة العملية وهو مندرج في علم السياسة فلا حاجة إلى إفرازه وإن كان فيه تأليف مستقل ك الإشارة وأمثاله.
وفي مدينة العلوم: هو علم يتعرف منه آداب الوزارة من كيفية صحبة السلاطين ونصحية الرعايا وأن يذكر السلطان ما نسيه ويعينه على أمره بالخير ويردعه عما قصده من الجور وكتاب الإشارة إلى آداب الوزارة نافع في هذا الباب وفي كتاب نصيحة الملوك وسراج الملوك ما يكفي انتهى.
قلت: وفي كتاب الدرر الفاخرة المشتملة على سعادة الدنيا والآخرة للشيخ العلامة العالم الرباني القاضي علي بن محمد الشوكاني فصول تتعلق بآداب الوزارة أتى فيه بما يقضي حق المقام وقد وقفت عليه وانتفعت به في كتابي إكليل الكرامة1 في تبيان مقاصد الإمامة وبالله التوفيق.
علم الأدب
هو علم يحترز به عن الخطأ في كلام العرب لفظا وخطا قال أبو الخير:
اعلم أن فائدة التخاطب والمحاورات في إفادة العلوم واستفادتها لما لم تتبين للطالبين إلا بالألفاظ وأحوالها كان ضبط أحوالها مما اعتنى به العلماء فاستخرجوا من أحوالها علوما انقسم أنواعها إلى اثني عشر قسما وسموها بالعلوم الأدبية لتوقف أدب الدرس عليها بالذات وأدب النفس بالواسطة وبالعلوم العربية أيضا لبحثهم عن الألفاظ العربية فقط لوقوع شريعتنا التي هي أحسن الشرائع وأفضلها أو أعلاها وأولاها على أفضل اللغات وأكملها ذوقا ووجدانا انتهى.
واختلفوا في أقسامه فذكر ابن الأنباري في بعض تصانيفه أنها ثمانية.
وقسم الزمخشري في القسطاس إلى اثني عشر قسما كما أورده العلامة الجرجاني في شرح المفتاح.
وذكر القاضي زكريا في حاشية البيضاوي أنها أربعة عشر وعد منها: علم القرآن قال: وقد جمعت حدودها في مصنف سميته اللؤلؤ النظيم في روم التعلم والتعليم لكن يرد عليه أن موضوع العلوم الأدبية كلام العرب وموضوع القراءات كلام الله - سبحانه وتعالى -
ثم إن السيد والسعد تنازعا في الاشتقاق هل هو مستقل كما يقوله السيد أو من تتمة علم الصرف كما يقوله السعد.
وجعل السيد البديع من تتمة البيان والحق ما قاله السيد في الاشتقاق لتغاير الموضوع بالحيثية المعتبرة وللعلامة الحفيد مناقشته في التعريف والتقسيم أوردها في موضوعاته حيث قال:
وأما علم الأدب: فعلم يحترز به عن الخلل في كلام العرب لفظا أو كتابة وههنا بحثان
الأول: أن كلام العرب بظاهره لا يتناول القرآن وبعلم الأدب يحترز عن خلله أيضا إلا أن يقال المراد بكلام العرب بكلام يتكلم العرب على أسلوبه.
الثاني: أن السيد - رحمه الله - تعالى قال: لعلم الأدب أصول وفروع.
أما الأصول فالبحث فيها إما عن المفردات من حيث جواهرها وموادها وهيئاتها فعلم اللغة أو من حيث صورها وهيئاتها فقط فعلم الصرف ومن حيث انتساب بعضها ببعض الأصالة والفرعية فعلم الاشتقاق وأما عن المركبات على الإطلاق.
فأما باعتبار هيئاتها التركيبية وتأديتها لمعانيها الأصلية فعلم النحو.
وأما باعتبار إفادتها لمعان مغايرة لأصل المعنى فعلم المعاني.
وأما باعتبار كيفية تلك الإفادة في مراتب الوضوح فعلم البيان وعلم البديع ذيل لعلمي المعاني والبيان داخل تحتهما وليس علما برأسه وأما عن المركبات الموزونة فأما من حيث وزنها فعلم العروض
أو من حيث أواخرها فعلم القوافي.
وأما الفروع: فالبحث فيها إما أن يتعلق بنقوش الكتابة فعلم الخط أو يختص بالمنظوم فالعلم المسمى بقرض الشعر أو بالنثر فعلم الإنشاء من الرسائل أو من الخطب ولا يختص بشيء فعلم المحاضرات ومنه التواريخ.
قال الحفيد: هذا منظور فيه فأورد النظر بثمانية أوجه.
حاصلها أنه يدخل بعض العلوم في المقسم دون الأقسام ويخرج بعضها منه مع أنه مذكور فيه وإن جعل التاريخ واللغة علما مدونــا لمشكل إذ ليسا بمسائل كلية وجواب الأخير مذكور فيه ويمكن الجواب عن الجميع أيضا بعد التأمل الصادق.
وفي إرشاد القاصد للشيخ شمس الدين الأكفاني السخاوي: الأدب وهو علم يتعرف منه التفاهم عما في الضمائر بأدلة الألفاظ والكتابة.
وموضعه: اللفظ والخط من جهة دلالتها على المعاني ومنفعته: إظهار ما في نفس الإنسان من المقاصد وإيصاله إلى شخص آخر من النوع الإنساني حاضرا كان أو غائبا وهو حلية اللسان والبنان وبه تميز ظاهر الإنسان على سائر أنواع الحيوان.
وتنحصر مقاصده في عشرة علوم وهي: علم اللغة وعلم التصريف وعلم المعاني وعلم البيان وعلم البديع وعلم العروض وعلم القوافي وعلم النحو وعلم قوانين الكتابة وعلم قوانين القراءة وذلك لأن نظره:
إما في اللفظ أو الخط.
والأول: فإما في اللفظ المفرد أو المركب أو ما يعمهما.
وما نظره في المفرد: فاعتماده إما على السماع وهو اللغة أو على الحجة وهو التصريف.
وما نظره في المركب: فإما مطلقا أو مختصا بوزن.
والأول: إن تعلق بخواص تراكيب الكلام وأحكامه الإسنادية فعلم المعاني وإلا فعلم البيان.
والمختص بالوزن: فنظره إما في الصورة أو في المادة الثاني: علم البديع.
والأول: إن كان بمجرد الوزن فهو علم العروض وإلا فعلم القوافي وما يعم المفرد والمركب فهو علم النحو.
والثاني: فإن تعلق بصور الحروف فهو علم قوانين الكتابة.
وإن تعلق بالعلامات فعلم قوانين القراءة وهذه العلوم لا تختص بالعربية بل توجد في سائر لغات الأمم الفاضلة من اليونان وغيرهم.
واعلم أن هذه العلوم في العربية لم تؤخذ عن العرب قاطبة بل عن الفصحاء البلغاء منهم وهم الذين لم يخالطوا غيرهم كهذيل وكنانة بعض تميم وقيس وغيلان ومن يضاهيهم من عرب الحجاز وأوساط نجد.
فأما الذين أصابوا العجم في الأطراف فلم تعتبر لغاتهم وأحوالها في أصول هذه العلوم وهؤلاء كحمير وهمدان وخولان والأزد لمقاربتهم الحبشة والزنج وطي وغسان لمخالطتهم الروم والشام وعبد القيس لمجاورتهم أهل الجزيرة وفارس ثم أتى ذوو العقول السليمة والأذهان المستقيمة ورتبوا أصولها وهذبوا فصولها حتى تقررت على غاية لا يمكن المزيد عليها انتهى ما في كشاف واصطلاحات الفنون.
قال ابن جني: المولدون يستشهد بهم في المعاني كما يستشهد بالقدماء في الألفاظ
قال ابن رشيق: ما ذكره صحيح لأن المعاني اتسعت باتساع الناس في الدنيا وانتشار العرب بالإسلام في أقطار الأرض فإنهم حضروا الحواضر وتفننوا في المطاعم والملابس وعرفوا بالعيان ما دلتهم عليه بداهة عقولهم من فضل التشبيه وغيره انتهى.

دَيْرُ دَرْمالِسَ

دَيْرُ دَرْمالِسَ:
قال الشابشتي: هذا الدير في رقة باب الشمّاسيّة ببغداد قرب الدار المعزّيّة، وهو نزه كثير الأشجار والبساتين، بقربه أجمة قصب، وهو كبير آهل معمور بالقصف والتنزه والشرب، وأعياد النصارى ببغداد مقسومة على ديارات معروفة، منها:
أعياد الصوم الأحد الأول في دير العاصية، والثاني في دير الزّريقية، والثالث دير الزّندورد، والرابع دير درمالس هذا يجتمع إليه النصارى والمتفرجون، وفيه يقول أبو عبد الله أحمد بن حــمدون النديم:
يا دير درمالس ما أحسنك، ... ويا غزال الدير ما أفتنك!
لئن سكنت الدير يا سيدي، ... فإن في جوف الحشا مسكنك
ويحك يا قلب! أما تنتهي ... عن شدة الوجد لمن أحزنك؟
ارفق به بالله يا سيدي، ... فإنه من حتفه مكّنك

حِيزَانُ

حِيزَانُ:
بكسر أوله، وسكون ثانيه، وزاي، وألف، ونون، يجوز أن يكون جمع الحوز، وهو الشيء يحوزه ويحصله، نحو رأل ورئلان: وهو بلد فيه شجر وبساتين كثيرة ومياه غزيرة، وهي قرب إسعرت من ديار بكر، فيها الشاه بلوط والبندق، وليس الشاه بلوط في شيء من بلاد العراق والجزيرة والشام إلّا فيها، وقال نصر: إنّ حيزان، بفتح الحاء، من مدن أرمينية قريبة من شروان، فطول حيزان اثنتان وسبعون درجة وربع، وعرضها أربع وثلاثون درجة، من فتوح سلمان بن ربيعة، ينسب إليها أبو الحسن حــمدون بن علي الحيزاني، روى عن سليم بن أيوب الفقيه الشافعي، وروى عنه أبو بكر الشاشي الفقيه، قلت: والصواب الأول.

خُجَنْدَةُ

خُجَنْدَةُ:
بضم أوله، وفتح ثانيه، ونون ثم دال مهملة، في الإقليم الرابع، طولها اثنتان وتسعون درجة ونصف، وعرضها سبع وثلاثون درجة وسدس:
وهي بلدة مشهورة بما وراء النهر على شاطئ سيحون، بينها وبين سمرقند عشرة أيام مشرقا، وهي مدينة نزهة ليس بذلك الصّقع أنزه منها ولا أحسن فواكه، وفي وسطها نهر جار، والجبل متصل بها، وأنشد ابن الفقيه لرجل من أهلها:
ولم أر بلدة بإزاء شرق، ... ولا غرب، بأنزه من خجنده
هي الغرّاء تعجب من رآها، ... وهي بالفارسية دل مزنده
وكان سلم بن زياد لما ورد خراسان ليزيد بن معاوية ابن أبي سفيان أنفذ جيشا وهو نازل بالصغد إلى خجندة وفيهم أعشى همدان فهزموا، فقال الأعشى:
ليت خيلي يوم الخجندة لم ته ... زم، وغودرت في المكرّ سليبا
وقال الإصطخري: خجندة متاخمة لفرغانة وقد جعلناها في جملة فرغانة وإن كانت مفردة في الأعمال عنها، وهي في غربي نهر الشاش، وطولها أكثر من عرضها، تمتد أكثر من فرسخ، كلها دور وبساتين، وليس في عملها مدينة غير كند، وهي بساتين ودور مفترشة، ولها قرى يسيرة ومدينة وقهندز، وهي مدينة نزهة فيها فواكه تفضل على فواكه سائر النواحي، وفي أهلها جمال ومروءة، وهو بلد يضيق عما يمونهم من الزروع فيجلب إليها من سائر النواحي من فرغانة وأشر وسنة أكثر من سنة ما يقيم أودهم، تنحدر السفن إليهم في نهر الشاش، وهو نهر يعظم من أنهار تجتمع إليه من حدود الترك والإسلام، وعموده نهر يخرج من بلاد الترك في حد أوزكند ثم يجتمع إليه نهر خوشاب ونهر أوش وغير ذلك فيعظم ويمتد إلى أخسيكث ثم على خجندة ثم على بنكث ثم على بيسكند فيجري إلى فاراب فإذا جاوز صبران جرى في بريّة تكون على جانبيه الأتراك الغزية فيمتد على الأتراك الغزية الحديثة حتى يقع في بحيرة خوارزم، وينسب إليها جماعة وافرة من أهل العلم، منهم: أبو عمران موسى بن عبد الله المؤدب الخجندي، كان أديبا فاضلا صاحب حكم وأمثال مدونــة مروية، حدث عن أبي النضر محمد بن الحكم البزاز السمرقندي وغيره.

خَرَّتِيرُ

خَرَّتِيرُ:
بفتح أوله، وتشديد ثانيه وفتحه، ثم تاء مثناة من فوقها مكسورة، وياء مثناة من تحتها ساكنة، وآخره راء: من قرى دهستان، ينسب إليها أبو زيد حــمدون بن منصور الخرّتيري الدهستاني، روى عن أحمد بن جرير الباباني، روى عنه إبراهيم ابن سليمان القومسي.

الدَّخُول

الدَّخُول:
بفتح أوله في شعر امرئ القيس: اسم واد من أودية العليّة بأرض اليمامة، وقال الخارزنجي:
الدّخول بئر نميرة كثيرة المياه، وحكى نصر أن الدخول موضع في ديار بني أبي بكر بن كلاب، وقال أبو سعيد في شرح امرئ القيس: الدخول وحومل والمقراة وتوضح مواضع ما بين إمّرة وأسود العين، وقال: الدخول من مياه عمرو بن كلاب، وقال أبو زياد: إذا خرج عامل بني كلاب مصدّقا من المدينة فأول منزل ينزل عليه ويصدّق عليه أريكة ثم العناقة ثم مدعى ثم المصلوق ثم الرّنية ثم الحليف ثم يرد الدخول لبني عمرو بن كلاب فيصدّق عليه بطونا من عمرو بن كلاب وحلفائهم بني دوفن، قال أبو زياد:
ومن مياه بني العجلان الدخول، وفي شعر حذيفة بن أنس الهذلي:
فلو أسمع القوم الصّراخ لقوربت ... مصارعهم بين الدخول وعرعرا
عرعر: موضع بنعمان الأراك فهو غير الأول. وذات الدخول: هضبة في ديار بني سليم، وقال جحدر اللّصّ:
يا صاحبيّ، وباب السجن دونكما، ... هل تونسان بصحراء اللّوى نارا؟
لوى الدّخول إلى الجرعاء موقدها، ... والنار تبدي لذي الحاجات أذكارا
لو يتبع الحقّ فيما قد منيت به، ... أو يتبع العدل ما عمّرت دوّارا
إذا تحرّك باب السجن قام له ... قوم يــمدّون أعناقا وأبصارا

دِهْدايَه

دِهْدايَه:
بكسر أوله، وسكون ثانيه، ودال مهملة أخرى، وياء مثناة من تحت خفيفة، ومعناه بالفارسية قرية الداية: وهي قرية بينها وبين الدامغان مرحلة خفيفة مما يلي الغرب، وهي منزل القوافل، وهي للملاحدة مقابل قلعتهم المشهورة المعروفة بكردكوه، وبها يمسكون الحاج والقوافل فيأخذون من كل جمل ثمن دينار ويتبعونه بما يستــمدّون ويؤذون.
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.