Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: مدام

غَرَوَ 

(غَرَوَ) الْغَيْنُ وَالرَّاءُ وَالْحَرْفُ الْمُعْتَلُّ أَصْلٌ صَحِيحٌ، وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى الْإِعْجَابِ وَالْعَجَبِ لِحُسْنِ الشَّيْءِ. مِنْ ذَلِكَ الْغَرِيُّ، وَهُوَ الْحَسَنُ. يُقَالُ مِنْهُ رَجُلٌ غَرٍ. ثُمَّ سُمِّيَ الْعَجَبُ غَرْوًا. وَمِنْهُ: أَغْرَيْتُهُ بِالشَّيْءِ الَّذِي تُلْصَقُ بِهِ الْأَشْيَاءُ. وَيُقَالُ: غَارَتِ الْعَيْنُ بِالدَّمْعِ غِرَاءً، إِذَا لَجَّتْ فِي الْبُكَاءِ. وَغَرِيَتْ بِالدَّمْعِ. وَقَالَ الشَّاعِرُ: إِذَا قُلْتُ أَسْلُو غَارَتِ الْعَيْنُ بِالْبُكَا ... غِرَاءً وَمَدَّتْهَا مَدَامِــعُ حُفَّلُ

غَوِيَ 

(غَوِيَ) الْغَيْنُ وَالْوَاوُ وَالْحَرْفُ الْمُعْتَلُّ بَعْدَهُمَا أَصْلَانِ: أَحَدُهُمَا يَدُلُّ عَلَى خِلَافِ الرُّشْدِ وَإِظْلَامِ الْأَمْرِ، وَالْآخَرُ عَلَى فَسَادٍ فِي شَيْءٍ.

فَالْأَوَّلُ الْغَيُّ، وَهُوَ خِلَافُ الرُّشْدِ، وَالْجَهْلُ بِالْأَمْرِ، وَالِانْهِمَاكُ فِي الْبَاطِلِ. يُقَالُ غَوَى يَغْوِي غَيًّا. قَالَ:

فَمَنْ يَلْقَ خَيْرًا يَحْمَدُ النَّاسُ أَمْرَهُ ... وَمَنْ يَغْوَ لَا يَعْدَمْ عَلَى الْغَيِّ لَائِمَا

وَذَلِكَ عِنْدَنَا مُشْتَقٌّ مِنَ الْغَيَايَةِ، وَهِيَ الْغُبْرَةُ وَالظُّلْمَةُ تَغْشَيَانِ، كَأَنَّ ذَا الْغَيِّ قَدْ غَشِيَهُ مَا لَا يَرَى مَعَهُ سَبِيلَ حَقٍّ. وَيُقَالُ: تَغَايَا الْقَوْمُ فَوْقَ رَأْسِ فُلَانٍ بِالسُّيُوفِ، كَأَنَّهُمْ أَظَلُّوهُ بِهَا. وَيُقَالُ: وَقَعَ الْقَوْمُ فِي أَغْوِيَّةٍ، أَيْ دَاهِيَةٍ وَأَمْرٍ مُظْلِمٍ. وَالتَّغَاوِي: التَّجَمُّعُ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ فِي سَبِيلِ رُشْدٍ. وَالْمُغَوَّاةُ: حُفْرَةُ الصَّائِدِ، وَالْجَمْعُ مُغَوَّيَاتٌ. وَفِي الْحَدِيثِ: " «يُحِبُّونَ أَنْ يَكُونُوا مُغَوَّيَاتٍ» "، يُرَادُ أَنَّهُمْ يَحْتَجِنُونَ الْأَمْوَالَ، كَالصَّائِدِ الَّذِي يَصِيدُ.

فَأَمَّا الْغَايَةُ فَهِيَ الرَّايَةُ، وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا تُظِلُّ مَنْ تَحْتَهَا. قَالَ:

قَدْ بِتُّ سَامِرَهَا وَغَايَةِ تَاجِرٍ ... وَافَيْتُ إِذْ رُفِعَتْ وَعَزَّ مُدَامُــهَا

ثُمَّ سُمِّيَتْ نِهَايَةُ الشَّيْءِ غَايَةً. وَهَذَا مِنَ الْمَحْمُولِ عَلَى غَيْرِهِ، إِنِّمَا سُمِّيَتْ غَايَةً بِغَايَةِ الْحَرْبِ، وَهِيَ الرَّايَةُ، لِأَنَّهُ يُنْتَهَى إِلَيْهَا كَمَا يَرْجِعُ الْقَوْمُ إِلَى رَايَتِهِمْ فِي الْحَرْبِ.

وَالْأَصْلُ الْآخَرُ: قَوْلُهُمْ: غَوِيَ الْفَصِيلُ، إِذَا أَكْثَرَ مِنْ شُرْبِ اللَّبَنِ فَفَسَدَ جَوْفُهُ. وَالْمَصْدَرُ الْغَوَى. قَالَ:

مُعَطَّفَةُ الْأَثْنَاءِ لَيْسَ فَصِيلُهَا ... بِرَازِئِهَا دَرًّا وَلَا مَيِّتٍ غَوَى

عَهِمَ 

(عَهِمَ) الْعَيْنُ وَالْهَاءُ وَالْمِيمُ قَرِيبٌ مِنَ الَّذِي قَبْلَهُ، وَلَيْسَ بِبَعِيدٍ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْإِبْدَالِ. قَالَ الْخَلِيلُ: الْعَيْهَامَةُ: النَّاقَةُ الْمَاضِيَةُ. وَأَنْشَدَ:

وَرَدْتُ بِعَيْهَامَةٍ حُرَّةٍ فَعَبَّتْ ... يَمِينًا وَعَبَّتْ شِمَالًا

وَيَقُولُونَ: إِنَّهَا كَامِلَةُ الْخَلْقِ أَيْضًا. قَالَ:

مُسْتَرْعَفَاتٌ بِخِدَبٍّ عَيْهَامُ ... مُدَامَــجِ الْخَلْقِ دِرَفْسٍ مِسْعَامْ

قَالَ أَبُو زَيْدٍ: نَاقَةٌ عَيْهَمَةٌ: نَجِيبَةٌ سَرِيعَةٌ. وَيَقُولُونَ: إِنَّهَا تَعْطَشُ سَرِيعًا، وَالْجَمْعُ عَيَاهِيمُ. قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

هَيْهَاتَ خَرْقَاءُ إِلَّا أَنْ يُقَرِّبَهَا ... ذُو الْعَرْشِ وَالشَّعْشَعَانَاتُ الْعَيَاهِيمُ

وَأَنْشَدَ أَبُو عَمْرٍو:

عَيْهَمَةٌ يَنْتَحِي فِي الْأَرْضِ مَنْسِمُهَا ... كَمَا انْتَحَى فِي أَدِيمِ الصِّرْفِ إِزْمِيلُ قَالَ أَبُو عَمْرٍو: عَيْهَمَتُهَا: سُرْعَتُهَا. وَرُبَّمَا قَالُوا: عُيَاهِمَةٌ عَلَى وَزْنِ عُذَافِرَةٌ. وَمِمَّا شَذَّ عَنْ هَذَا الْأَصْلِ: عَيْهَمٌ: اسْمُ مَوْضِعٍ. قَالَ:

وَلِلْعِرَاقِيِّ ثَنَايَا عَيْهَمِ

وَيَقُولُونَ: الْعَيْهُومُ: أَصْلُ شَجَرَةٍ. وَيَقُولُونَ هُوَ الْأَدِيمُ الْأَحْمَرُ. قَالَ أَبُو دُوَادٍ:

فَتَعَفَّتْ بَعْدَ الرَّبَابِ زَمَانًا ... فَهِيَ قَفْرٌ كَأَنَّهَا عَيْهُومُ

فَأَمَّا قَوْلُ الْقَائِلِ:

وَقَدْ أُثِيرُ الْعَيْهَمَانَ الرَّاقِدَا

فَيَقُولُونَ: إِنَّهُ الَّذِي لَا يُدْلِجُ، يُقَامُ عَلَى ظَهْرِ الطَّرِيقِ.

تصحَّب

تصحَّب: له: تعصَّب له (محيط المحيط).
تصاحب. تصاحب مع: تحادث، تكلم معه (فوك، بوشر) والعامة تقول: تصاحب معه أي صار صديقه (محيط المحيط).
اصطحب: استمر، بقي. ففي كرتاس (ص108): كان ذلك مصطحبا بطول أيامهم. وفي (ص222) منه: لم تزل الأنواء مصطحبة لا يقلع المطر ليلاً ولا نهاراً. وهذا هو الصواب وانظر ص287 من الترجمة).
استصحب: لازم، وتستعمل مجازاً في مثل قولهم: استصحبوا الدعة والعافية (ابن جبير ص48) واستصحاب حالة العزّ (الخطيب ص182 ق).
صَحْب - صُحْبة: مع، ففي ألف ليلة (1: 29): فأكل صحبه، هذا إذا كانت كتابة الكلمة صحيحة.
صَحْبَة: مشاركة في حيلة، تواطؤ لخداع الجمهور (ألكالا).
صُحْبَة. وزير الصحبة: وزير يعين ليصحب السلطان في رحلاته وغزواته ويتولى مؤقتاً كل أعمال الوزير، في عاصمة الدولة يصرف أمورها. وعمله هذا يسمى وزارة الصحبة. ولما كانت الأعمال في مدة رحلات السلطان وغزواته يجب أن تصرف بسرعة دون أن يكون في هذه السرعة ما يضر بإدارة الدولة فقد اختير موظفون من كل المراتب يقيمون مع السلطان لتصريف الأمور وقتياً بصورة لم تكن تصرف إلا ببطء من قبل الموظفين المقيمين في القاهرة أو دمشق، لذلك نجد الناظر بالصحبة وهو المفتش المقيم لدى السلطان، ويسمى عمله: نَظَر الصحبة، مشّد الصحبة، ومستوفي الصحبة هو الذي يتولى وظيفة رئيس الحسابات في حاشية السلطان (مملوك 1، 2: 139).
كَمرَ الصحبة: أنظرها في مادة كمر.
صحبة زهر: باقة زهر، شدَّة زهر. (بوشر، همبرت ص50).
صحبة الــمُدام (ألف ليلة 2: 21): يطلق هذا الاسم على باقة زهر توضع في شمعدان وسط القناني والكؤوس (لين ترجمة ألف ليلة 2: 242 رقم 110) ويجب أن نقرأ مثل هذا في طبعة برسل (9: 259) فالنص فيه: ثم أحضروا الطعام فأكلوا وشربوا واحضروا صحبته الــمدام، وهو خطأ.
صحبة: شمعدان، مشكاة متعددة الفروع. (لين 1: 1).
صاحب: يجمع على صَحَبة وأصاحب (الزوزني شرح البيت الثالث من معلقة امرئ القيس).
صاحب: من يمسك الطفل في جَرن المعموديَّة من يعّمد الطفل أو من عمّده (ألكالا).
صاحب: ساكن، ففي كليلة ودمنة (ص268): صاحب تلك الغيضة.
صاحب: تلميذ، مريد (بوشر).
الصاحبان عند الحنفية: أبو يوسف ومحمد صاحبا أبي حنيفة وتلميذاه (محيط المحيط).
صاحب: إقطاعي، صاحب إقطاع (العقد الصقلي ص9، 11، أماري مخطوطات) صاحب: من يعكف على شيء ويتعاطاه ويج من عليه. ففي النويري (الأندلس ص491: صاحب أكل وشرب ونكاح.
أصحاب الخمس مائة: الذين أرادوا أن يكسبوا الخمس مائة دينار التي وعد بها الخليفة المحاربين الذين يقاتلون أحد الأبطال (عباد 1: 304).
صاحب: مشاور، مستشار. ففي حيان (ص9 و) في كلامه عن إبراهيم بن الحجَّاج: وكان له رجال أكابر لسواره (لشواره) يسميهم الأصحاب.
أصحاب: عند قبائل البدو هم الذين أقسموا على التحالف في الهجوم والدفاع (برقون 2: 112).
صاحب: بمعنى وزير إذا كان يتعاكى الكتابة ويقول المقريزي (دي ساسي طرائف 2: 59): إن هذا اللقب لم يطلق على أيّ وزير من وزراء العباسين أو من وزراء الفاطميين، ومع ذلك فقد أطلق على الربيع وزير المنصور الخليفة العباسي في طرائف فريتاج (من 60) ولعل هذا مفارقة تاريخية. وما يزال الوزير في مراكش في أيامنا هذه يسمى بهذا اللقب (ريشاردسن مراكش 1: 64).
الصاحب: في إمارة سان جان دارك هو صاحب الديوان والضامن له (ابن جبير ص306).
صاحب الأرض: لقب أبي عثمان وزير هشام الأول (النويري الأندلس ص448).
أصحاب البغال في الجيش يظهر أنهم الذين يركبون البغال، ففي حيان (ص89 و): وأصيب من أصحاب السلطان غرموم بن رشيد العريف في ثلاثة من أصحاب البغال ونفر من الرجالة.
صاحب الاحباس: مفتش الأوقاف (عباد 1: 95 رقم114) وفي كتاب الخطيب (ص51 ق): روى عن أبي عبد الله ابن صاحب الاحباس.
صاحب الأحكام: لقب يطلق في الأندلس على شخص يجمع بين القضاء وكتابة العدل.
(معجم الأسبانية ص366 - 367) وفي كتاب ابن عبد الملك (ص25 ق) ترجمة رجل من غرناطة يدعى أبو عبد الله ابن صاحب الأحكام، وفيه (ص32) في كلامه عن رجل من دانية: وكان فقيها صاحب الأحكام.
صاحب الخريطة: مدير الخزانة (مارمول 2: 245).
صاحب الخُمس: (أماري ص168، 435): مدير الأراضي التي أصبحت في البلاد المفتوحة ملكاً للدولة (انظرها في مادة خُمْس).
صاحب الساقِيَة في الأندلس هو من يتولى الإشراف على ريّ الحقول .. ومنها أخذت كلمة الجمع الأسبانية Zabacequias.
صاحب السُوق: مفتش السوق (معجم الأسبانية ص367).
صاحب اللَيْل: كان أحد الأسماء التي يطلقها أهل الأندلس على صاحب المدينة (انظر الكلمة) أو صاحب الشرطة (المقري 1: 134).
صاحب المَدِيِنة: كان الاسم الذي يطلقه أهل الأندلس على رئيس الشرطة ولقبه الرسمي صاحب الشرطة، ويتكرر ذكره في صورة zavalmedina وصور أخرى في الوثائق الأسبانية حتى القرن الثالث عشر ليطلق على حاكم يتولى إدارة المدينة المدنية (معجم الأسبانية ص367) ويقول مارمول (2: 245) إن صاحب تونس كان قاضي المدينة أي القاضي الأول في هذه المدينة.
صاحب الإنزال: رقيب المساكن وهو ضابط يتولى تهيئة المساكن لمن يجيئون إلى البلاط. (هوجتلايت ص104).
صاحبة: مؤنث صاحب وهي المرأة التي عمَّدت طفلنا (ألكالا).
مَصْحُوب: ذو جنة. من مسه الشيطان (فوك).
مُصاحَب: قولهم أمضى مصاحباً بالمعنى الفرد الذي ذكره لبن في ماد مصحوب أي مصحوباً بالسلطة موجود في ابن خلكان (9: 8، 13).
مُصَاحِب: ذو جنة، من ميه الشيطان (ألكالا).
واو المصاحبة: عند النحاة هي التي بمعنى مع كقولهم سرت والنيل، أي مع النيل. (محيط المحيط).
استصحاب: انظر معنى هذه الكلمة في الفقه الإسلامي دي سلان (المقدمة 3: 7 رقم 3).

ذَرَفَ 

(ذَرَفَ) الذَّالُ وَالرَّاءُ وَالْفَاءُ ثَلَاثُ كَلِمَاتٍ، لَا يَنْقَاسُ. فَالْأُولَى ذَرَفَتِ الْعَيْنُ دَمْعَهَا. وَذَرَفَ الدَّمْعُ يَذْرِفُ ذَرْفًا. وَمَذَارِفُ الْعَيْنِ: مَدَامِــعُهَا. وَالثَّانِيَةُ ذَرَفَ يَذْرِفُ ذَرَفَانًا، وَذَلِكَ إِذَا مَشَى مَشْيًا ضَعِيفًا. وَالثَّالِثَةُ ذَرَّفَ عَلَى الْمِائَةِ، أَيْ زَادَ عَلَيْهَا.

راوَنْد

راوَنْد:
بفتح الواو، ونون ساكنة، وآخره دال مهملة: بليدة قرب قاشان وأصبهان، قال حمزة:
وأصلها راهاوند، ومعناه الخير المضاعف، قال بعضهم:
وراوند مدينة بالموصل قديمة بناها راوند الأكبر بن بيوراسف الضحاك، وذكر أن رجلين من بني أسد خرجا إلى أصبهان فآخيا دهقانا بها في موضع يقال له راوند ونادماه فمات أحدهما وبقي الأسدي الآخر والدهقان، فكانا ينادمان قبره ويشربان كأسين
ويصبّان على قبره كأسا، ثمّ مات الدهقان فكان الأسدي الغابر ينادم قبريهما ويترنم بهذا الشعر، وقال بعضهم: إن هذا الشعر لقسّ بن ساعدة الإيادي في خليلين كانا له وماتا، وقال آخرون: هذا الشعر لنصر بن غالب يرثي أوس بن خالد وأنيسا:
نديميّ هبّا طالما قد رقدتما، ... أجدّكما لا تقضيان كراكما
أجدّكما ما ترثيان لموجع ... حزين على قبريكما قد رثاكما
ألم تعلما ما لي براوند كلّها ... ولا بخزاق من صديق سواكما
جرى النوم بين العظم والجلد منكما ... كأنّكما ساقي عقار سقاكما
أصبّ على قبريكما من مدامــة، ... فإلّا تذوقاها تروّ ثراكما
ألم ترحماني أنّني صرت مفردا ... وأنّي مشتاق إلى أن أراكما
فإن كنتما لا تسمعان فما الذي ... خليليّ عن سمع الدّعاء نهاكما؟
أقيم على قبريكما لست بارحا ... طوال اللّيالي أو يجيب صداكما
وأبكيكما طول الحياة، وما الذي ... يردّ على ذي عولة إن بكاكما؟
وينسب إلى راوند زيد بن عليّ بن منصور بن عليّ بن منصور الراوندي أبو العلاء المعدّل من أهل الريّ، سمع أبا القاسم إسماعيل بن حمدون بن إبراهيم المزكّي الرازي وأبا نصر أحمد بن محمد بن صاعد القاضي وأبا محمد عبد الواحد بن الحسن بن الصفّار وأجازه السمعاني، وكان مولده في سنة 472.

القُفْصُ

القُفْصُ:
بالضم ثم السكون، وآخره صاد مهملة، جبال القفص: لغة في القفس المذكور قبل هذا، قال أبو الطيب:
لما أصار القفص أمس الخالي
وكان عضد الدولة قد غزا أهل القفص ونكى فيهم نكاية لم ينكها أحد فيهم وأفنى أكثرهم، والقفص أيضا: قرية مشهورة بين بغداد وعكبرا قريب من بغداد وكانت من مواطن اللهو ومعاهد النزه ومجالس الفرح، تنسب إليها الخمور الجيدة والحانات الكثيرة، وقد أكثر الشعراء من ذكرها فقال أبو نواس:
رددتني في الصّبا على عقبي، ... وسمت أهلي الرجوع في أدبي
لولا هواؤك ما اغتربت ولا ... حطّت ركابي بأرض مغترب
ولا تركت الــمدام بين قرى ال ... كرخ فبورى فالجوسق الخرب
وباطرنجى فالقفص ثم إلى ... قطربّل مرجعي ومنقلبي
ولا تخطّيت في الصلاة إلى ... تبّت يدا شيخنا أبي لهب
كان قد هوي غلاما من بني أبي لهب لما حج فقال هذه الأبيات، ونسب إليها أبو سعد أبا العباس أحمد بن الحسن بن أحمد بن سلمان القفصي الشيخ الصالح، سكن بغداد وسمع الحسن بن طلحة النعالي وغيره وذكره في شيوخه، قال: ومولده في سنة 466.

قُطْرَبُّلُ

قُطْرَبُّلُ:
بالضم ثم السكون ثم فتح الراء، وباء موحدة مشددة مضمومة، ولام، وقد روي بفتح أوله وطائه، وأما الباء فمشددة مضمومة في الروايتين، وهي كلمة أعجمية: اسم قرية بين بغداد وعكبرا ينسب إليها الخمر، وما زالت متنزها للبطالين وحانة للخمّارين، وقد أكثر الشعراء من ذكرها، وقيل:
هو اسم لطسّوج من طساسيج بغداد أي كورة، فما كان من شرقي الصراة فهو بادوريا وما كان من غربيها فهو قطربّل، وقال الببغاء يذكر قطربل وهي شمالي بغداد وكلواذى وهي جنوبيها:
كم للصبابة والصّبا من منزل ... ما بين كلواذى إلى قطربّل
جادته من ديم الــمدام سحابة ... أغنته عن صوب الحيا المتهلّل
غيث، إذا ما الرّاح أو مض برقه ... فرعوده حثّ الثقيل الأوّل
نطفت مواقع صوبه بسحابة ... تهمي على كرب الفؤاد فتنجلي
راضعت فيه الكأس أهيف ينثني ... نحوي بجيد رشا وعيني مغزل
فأتى، وقد نقش الشعاع بنانه ... بمموّج من نسجها ومبقّل
وكسا الخضاب بها بنانا يا له، ... لو انه من وقته لم ينصل
وقال جحظة البرمكي:
قد أسرفت في العذل مشغولة ... بعذل مشغول عن العذّل
تقول: هل أقصرت عن باطل ... أعرفه عن دينك الأوّل؟
فقلت: ما أحسبني مقصرا ... ما عصرت راح بقطربّل
وما استدار الصّدغ في ناعم ... مورّد كاللهب المشعل
قالت: فأين الملتقى بعد ذا؟ ... فقلت: بين الدّنّ والمبزل
وذكر أبو بكر الصّولي قال: حدثني أبو ينخت عن سليمان بن أبي نصر قال: لما انصرف أبو نواس من مصر اجتاز بحمص فرأى كثرة خمّاريها وشهرة الشراب بها وترك كتمان الشاربين لها شربها فأعجبه ذلك فأقام بها مدة مغتبقا ومصطبحا، وكان بها خمّار يهوديّ يقال له لاوى فقال لأبي نواس: كيف رأيت
مدينتنا هذه وحالنا فيها؟ فقال له: حدّثنا جماعة من رواتنا أن هذه هي الأرض المقدسة التي كتبها الله تعالى لبني إسرائيل، فقال له الخمّار: أيّما أفضل عندك هذه الأرض أم قطربّل؟ فقال: لولا صفاء شراب قطربّل وركوبها كاهل دجلة ما كانت إلّا بمنزلة حانة من حاناتها، ثم مرّ بعانة فسمع اصطخاب الماء في الجداول فقال: قد أذكرني هذا قول الأخطل:
من خمر عانة ينصاع الفؤاد لها ... بجدول صخب الآذيّ موّار
فأقام فيها ثلاثا يشرب من شرابها ثم قال: لولا قربها من قطربّل ومجاذبة الدواعي إليها لأقمت بها أكثر من ذلك، فلما دخل إلى الأنبار تسرّع إلى بغداد وقال: ما قضيت حق قطربّل إن أنا لم أبطئ بها، فعدل إليها فأقام ثلاثا حتى أتلف فضلة كانت معه من نفقته وباع رداء معلما من أردية مصر، وقال عند انصرافه من قطربّل:
طربت إلى قطربّل فأتيتها ... بألف من البيض الصحاح وعين
ثمانين دينارا جيادا أعدّها ... فأتلفتها حتى شربت بدين
رهنت قميصي للمجون وجبّتي، ... وبعت إزارا معلم الطّرفين
وقد كنت في قطربّل، إذ أتيتها، ... أرى أنني من أيسر الثّقلين
فروّحت منها معسرا غير موسر ... أقرطس في الإفلاس من مائتين
يقول لي الخمّار عند وداعه، ... وقد ألبستني الراح خفّ حنين:
ألا رح بزين يوم رحت مودّعا، ... وقد رحت منه يوم رحت بشين
قال: واجتمع الخمارون للسلام عليه فما شبهتهم وإياه وتعظيمهم له إلّا بخاصة الرشيد عند تسليمهم عليه في يوم حفل له، وقال الصولي ومن قوله:
أقرطس في الإفلاس من مائتين
أخذ أبو تمام قوله:
بأبي، وإن خشنت له بأبي، ... من ليس يعرف غيره أربي
قرطست عشرا في محبته ... في مثلها من سرعة الطّلب
ولقد أراني لو مددت يدي ... شهرين أرمي الأرض لم أصب
ولقطربّل أخبار وفيها أشعار يسعنا أن نجمع كتابا في أجلاد من أخبار الخلفاء والمجّان والشعراء والبطالين والمتفجّرين، ومقابل مدينة آمد بديار بكر قرية يقال لها قطربّل تباع فيها الخمر أيضا، قال فيها صديقنا محمد بن جعفر الرّبعي الحلّيّ الشاعر:
يقولون: ها قطربّل فوق دجلة، ... عدمتك ألفاظا بغير معان
أقلّب طرفي لا أرى القفص دونها، ... ولا النخل باد من قرى البردان

فَيْحَانُ

فَيْحَانُ:
فعلان من فاحت رائحة الطيب تفيح فيحا، ويجوز أن يكون من الفيح وهو سطوع الحرّ، وفي الحديث: شدة الحر من فيح جهنم، ويجوز أن يكون من قولهم أفيح للواسع وفيّاح وفيحاء، وفيحان:
موضع في بلاد بني سعد، وقيل: واد، قال الراعي:
أو رعلة من قطا فيحان حلّأها ... من ماء يثربة الشّبّاك والرّصد
وقال أبو وجزة الحسين بن مطير الأسدي:
من كلّ بيضاء مخماص لها بشر ... كأنه بذكيّ المسك مغسول
فالخدّ من ذهب والثّغر من برد ... مفلّج واضح الأنياب مصقول
كأنه حين يستسقي الضجيع به ... بعد الكرى بــمدام الراح مشمول
ونشرها مثل ريّا روضة أنف ... لها بفيحان أنوار أكاليل

العَقَارُ

العَقَارُ:
بالفتح، قال إبراهيم الحربي في تفسير حديث فردّ النبيّ، صلّى الله عليه وسلّم، عليهم ذراريهم وعقار بيوتهم قال: أراد بعقار بيوتهم أراضيهم، وردّ ذلك الأزهري وقال: عقار بيوتهم ثيابهم وأدواتهم، قال: وعقار كل شيء خياره ويقال للنخل خاصة من بين المال عقار، والعقار: رملة قريبة من الدهناء، عن العمراني، وقال نصر: العقار موضع في ديار باهلة بأكناف اليمامة، وقيل: العقار رمل بالقريتين، وقال أبو عبيدة في قول الفرزدق:
أقول لصاحبيّ من التعزّي ... وقد نكّبن أكثبة العقار
أكثبة: جمع كثيب، والعقار: أرض ببلاد بني ضبّة.
أعيناني على زفرات قلب ... يحنّ برامتين إلى البوار
إذا ذكرت نوازله استهلت ... مدامــع مسبل العبرات جاري
وعقار أيضا: حصن باليمن، وقال أبو زياد: عقار الملح من مياه بني قشير، قال: وهو الذي ذكره الضبابي حين أجدّ ناقته إلى معاذ بن الأقرع القشيري فقال:
قلت لها بالرمل وهي تضبع ... رمل عقار، والعيون هجّع
بالسّلع ذات الحلقات الأربع: ... المعاذ أنت أم للأقرع؟

العُشّ

العُشّ:
بالضم، على لفظ عش الغراب وغيره على الشجر إذا كثف وضخم، وذو العش: من أودية العقيق من نواحي المدينة، قال القتّال الكلابي:
كأن سحيق الإثمد الجون أقبلت ... مدامــع عنجوج حدرن نوالها
تتبّع أفنان الأراك مقيلها ... بذي العش يعري جانبيه اختصالها
وما ذكره بعد الصّبا عامريّة ... على دبر ولّت وولّى وصالها
وقال ابن ميّادة:
وآخر عهد العين من أم جحدر ... بذي العشّ إذ ردّت عليها العرامس
عرامس ما ينطقن إلا تبغّما ... إذا ألقيت، تحت الرحال، الطنافس
وإني لأن ألقاك يا أمّ جحدر ... ويحتلّ أهلانا جميعا لآيس
وقال نصر: ذات العش في الطريق بين صنعاء ومكة على النجد دون طريق تهامة وهو منزل بين المكان المعروف بقبور الشهداء وبين كتنة، وقال ابن الحائك: العشّان من منازل خولان، وأنشد:
قد نال دون العش من سنواته ... ما لم تنل كفّ الرئيس الأشيب

صَهْرَجْتُ

صَهْرَجْتُ:
قريتان بمصر متاخمتان لمنية غمر شمالي القاهرة معروفتان بكثرة زراعة السكر وتعرف بمدينة صهرجت بن زيد، وهي على شعبة النيل، بينها وبين بنها ثمانية أميال، ينسب إليها أبو الفرج محمد بن الحسن البغدادي من فقهاء الشيعة، له كتاب سمّاه قبس المصباح لعلّه اختصره من مصباح المتهجد للطوسي، وله شعر وأدب، ذكره الشيخي في تاريخه، ومن شعره:
قم يا غلام إلى الــمدام فسقّني، ... وأخفف على النّدمان كلّ عقار
أوما ترى وجه الرّبيع ونوره ... يزهو على الأنوار بالنّوار
ورد كأمثال الخدود ونرجس ... ترنو نواظره إلى النّظّار
فاقدح بأقداح السرور سرورنا، ... واصرف بشرب الخمر داء خماري

صاحَةُ

صاحَةُ:
قد تقدم تفسير الصاحة في الصاحات، والصاحة:
اسم جبل أحمر بالرّكاء والدخول، ويجوز أن يكون من الصّوح، بالفتح: جانب الجبل، وقيل: الصوح وجه الجبل القائم كأنه حائط صوح وصوح لغتان فيه، وقال نصر: صاحة هضاب حمر لباهلة بقرب عقيق المدينة، وهي أحد أوديتها الثلاثة، قال بشر
ابن أبي خازم:
ليالي تستبيك بذي غروب، ... كأنّ رضابه وهنا مدام
وأبلج مشرق الخدّين فخم، ... يسنّ على مراغمه القسام
تعرّض جابة المدرى خذول ... بصاحة في أسرّتها السّلام
وصاحبها غضيض الطرف أحوى، ... يضوع فؤادها منه بغام

شناصير

شناصير:
من نواحي المدينة، قال ابن هرمة الشاعر:
لو هاج صحبك شيئا من رواحلهم ... بذي شناصير أو بالنّعف من عظم
حتى يروا ربربا حورا مدامــعها ... وبالهوينا لصاد الوحش من أمم

سَمْسَمٌ

سَمْسَمٌ:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، وفتح ثالثه، قال ثعلب: السّمسم الثعلب، وسمسم: اسم موضع، وقال ابن السكيت: هي رملة معروفة، وقال البعيث:
مدامــن جوعان كأنّ عروقه ... مسارب حيّات تسرّين سمسما
ويروى: تشرّين سمسما يعني سمّا، وقال الحفصي: سمسم نقا بين القصيبة وبين البحر بالبحرين، قال رؤبة:
يا دار سلمى يا اسلمي ثمّ اسلمي ... بسمسم وعن يمين سمسم
وقال المرقّش الأكبر:
عامدات لخلّ سمسم ما ين ... ظرن صونا لحاجة المحزون

الزَّهراء

الزَّهراء:
ممدود تأنيث الأزهر، وهو الأبيض المشرق، والمؤنثة زهراء، والأزهر: النّير، ومنه سمي القمر الأزهر، والزهراء: مدينة صغيرة قرب قرطبة بالأندلس اختطّها عبد الرحمن الناصر بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن الحكم بن هشام ابن عبد الملك بن مروان بن الحكم الأموي، وهو يومئذ سلطان تلك البلاد في سنة 325، وعملها متنزها له وأنفق في عمارتها من الأموال ما تجاوز فيه عن حدّ الإسراف، وجلب إليها الرخام من أقطار البلاد وأهدى إليه ملوك بلاده من آلاتها ما لا يقدر قدره، وكان الناصر هذا قد قسّم جباية بلاده أثلاثا: ثلث لجنده، وثلث لبيت ماله، وثلث لنفقة الزهراء وعمارتها، وذكر بعضهم أن مبلغ النفقة عليها من الدراهم القاسمية، منسوبة إلى عامل دار ضربها وكانت فضة خالصة بالكيل القرطبي، ثمانون مديا وستة أقفزة وزائد أكيال، ووزن المدي ثمانية قناطير، والقنطار مائة رطل وثمانية وعشرون رطلا، والرطل اثنتا عشرة أوقية، والستة أقفزة نصف مدي، ومسافة ما بين الزهراء وقرطبة ستة أميال وخمسة أسداس ميل، وقد أكثر أهل قرطبة في وصفها وعظم النفقة عليها وقول الشعراء فيها وصنفوا في ذلك تصانيف، وقال أبو الوليد بن زيدون يذكر الزهراء ويتشوقها:
ألا هل إلى الزهراء أوبة نازح ... تقضّت مبانيها مدامــعه سفحا
مقاصر ملك أشرقت جنباتها ... فخلنا العشاء الجون أثناءها صبحا
يمثل قرطيها لي الوهم جهرة ... فقبّتها فالكوكب الرّحب فالسطحا
محلّ ارتياح يذكر الخلد طيبه ... إذا عزّ أن يصدى الفتى فيه أو يضحى
تعوّضت من شدو القيان خلالها ... صدى فلوات قد أطار الكرى صبحا
أجل إنّ ليلي فوق شاطئ نيطة ... لأقصر من ليلي بآنة فالبطحا
وقال أيضا:
إني ذكرتك بالزهراء مشتاقا، ... والأفق طلق ووجه الأرض قد راقا
وللنسيم اعتلال في أصائله، ... كأنّما رقّ لي فاعتلّ إشفاقا
والروض عن مائه الفضّيّ مبتسم، ... كما حللت عن اللّبّات أطواقا
يوم كأيّام لذّات لنا انصرمت، ... بتنا لها حين نام الدّهر سرّاقا
والزهراء أيضا: موضع آخر في قول مصعب بن الطفيل القشيري:
نظرت بزهراء المغابر نظرة ... ليرفع أجبالا بأكمة آلها
فلمّا رأى أن لا التفات وراءه ... بزهراء خلّى عبرة العين جالها

زَوْرَةُ

زَوْرَةُ:
بلفظ واحدة الزيارة، ومعناه البعد والموضع المخصوص بالازورار كأنّه بلفظ الواحد منه، وهو زورة بن أبي أوفى: موضع بين الكوفة والشام، وقرأته بخط بعض أعيان أهل الأدب زورة، بضم الزاي، وقال: هو موضع بالكوفة، وأنشد قول طخيم بن الطّخماء الأسدي يمدح قوما من أهل الحيرة من بني امرئ القيس بن زيد مناة بن تميم رهط عدي بن زيد العبادي:
كأن لم يكن يوم بزورة صالح، ... وبالقصر ظلّ دائم وصديق
ولم أرد البطحاء يمزج ماءها ... شراب من البرّوقتين عتيق
معي كلّ فضفاض القميص كأنّه ... إذا ما سرت فيه الــمدام فنيق
بنو السّمط والجدّاء كل سميذع ... له في العروق الصالحات عروق
وإني وإن كانوا نصارى أحبّهم، ... ويرتاح قلبي نحوهم ويتوق
وقال في كتاب الآمدي:
كأن لم يكن بالقصر قصر مقاتل ... وزورة ظلّ ناعم وصديق

رُصَافَةُ قُرْطُبَةَ

رُصَافَةُ قُرْطُبَةَ:
وهي مدينة أنشأها عبد الرحمن ابن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان، وهو أوّل من ملك الأندلس من الأمويّة بعد زوال ملكهم، أنشأها وسماها الرصافة تشبيها، ونظر فيها إلى نخلة منفردة فقال:
تبدت لنا وسط الرصافة نخلة ... تناءت بأرض الغرب عن بلد النخل
فقلت: شبيهي بالتغرّب والنّوى ... وطول التنائي عن بنيّ وعن أهلي
نشأت بأرض أنت فيها غريبة، ... فمثلك في الإقصاء والمنتأى مثلي
سقتك غوادي المزن من صوبها الذي ... يسحّ ويستمري السّماكين بالوبل
وقال ابن الفرضي: هذه الأبيات لعبد الملك بن بشر ابن عبد الملك بن مروان، وكان قد دخل الأندلس أيّام عبد الملك بن مروان، وقال أبو الوليد بن زيدون يذكر رصافة قرطبة:
على المنعت السعديّ مني تحيّة ... زكت، وعلى وادي العقيق سلام
ولا زال نور في الرصافة ضاحكا ... بأرجائها تبكي عليه غمام
معاهد لهو لم نزل في ظلالها ... تدور علينا للسّرور مدام
زمان، رياض العيش خضر نواعم ... ترفّ وأمواه النّعيم جمام
تذكّرت أيّامي بها فتبادرت ... دموعي كما خان الفريد نظام
ومن أجلها أدعو لقرطبة المنى ... بسقي ضعيف الطلّ وهو رهام
محلّ نعمنا بالتّصابي خلاله ... فأسعدنا والحادثات نيام
وقد نسب إلى هذه الرصافة قوم من أهل العلم، منهم: يوسف بن مسعود الرصافي، وأبو عبد الله محمد بن عبد الملك بن ضيفون الرصافي، ذكرهما الحميدي، وقال أبو عامر العبدري وهو محمد بن سعدون: حدّثنا أبو عبد الله الحميدي الرصافي من رصافة قرطبة، فنسب الحميدي إلى الرصافة، وأنشدني مخلص بن إبراهيم الرعيني الغرناطي الأندلسي، والله المستعان على روايته، ومات في حلب سنة 622، قال: أنشدني أبو عبد الله محمد الرفاء الرصافي الشاعر من هذه الرصافة أعني رصافة قرطبة لنفسه:
سلي خميلتك الرّيّا بآية ما ... كانت ترفّ بها ريحانة الأدب
عن فتية نزلوا أعلى أسرّتها، ... عفت محاسنهم إلّا من الكتب
محافظين على العليا وربّتما ... هزّوا السجايا قليلا بابنة العنب
حتى إذا ما قضوا من كأسها وطرا ... وضاحكوها إلى حدّ من الطرب
راحوا رواحا وقد زيدت عمائمهم ... حملا ودارت على أبهى من الشهب
لا يظهر السكر حالا من ذوائبهم ... إلّا التفاف الصّبا في ألسن العذب

دير مِدْيانَ

دير مِدْيانَ:
على نهر كرخايا قرب بغداد، وكرخايا:
نهر يشق من المحوّل الكبير ويمرّ على العباسية ويشق الكرخ ويصب في دجلة، وكان قديما عامرا وكان الماء فيه جاريا ثم انقطعت جريته بالبثوق التي انفتحت في الفرات، وقد ذكر في بابه، وهو دير حسن نزه يقصده أهل اللهو، وفيه يقول الحسين الخليع:
حثّ الــمدام فإن الكأس مترعة ... بما يهيج دواعي الشوق أحيانا
إني طربت لرهبان مجاوبة، ... بالقدس بعد هدوّ الليل، رهبانا
فاستنفرت شجنا مني ذكرت به ... كرخ العراق وأحزانا وأشجانا
فقلت، والدمع من عينيّ منحدر، ... والشوق يقدح في الأحشاء نيرانا:
يا دير مديان لا عرّيت من سكن ... ما هجت من سقم يا دير مديانا
هل عند قسك من علم فيخبرني ... أن كيف يسعد وجه الصبر من بانا
سقيا ورعيا لكرخايا وساكنه ... بين الجنينة والروحاء من كانا
وروى غير الشابشتي هذا الشعر في دير مرّان وأنشده كذا، والصواب ما كتب لتقارب هذه الأمكنة المذكورة بعضها من بعض، والله أعلم.
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.