Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: كذاب

القُرَيَّة

القُرَيَّة:
بالضم ثم الفتح، تصغير القرية: محلتان ببغداد إحداهما حريم في دار الخلافة وهي كبيرة فيها محالّ وسوق كبير. والقريّة أيضا: محلة كبيرة جدّا كالمدينة من الجانب الغربي من بغداد مقابل مشرعة سوق المدرسة النظامية وفي مواضع أخر، قال ابن الكلبي:
القريّة تصغير قرية مكان في جبلي طيّء مشهور، قال امرؤ القيس:
أبت أجأ أن تسلم العام ربّها، ... فمن شاء فلينهض لها من مقاتل
تبيت لبوني بالقريّة أمّنا، وأسرحها غبّا بأكناف حائل بنو ثعل جيرانها وحماتها، وتمنع من أبطال سعد ونائل
والقريّة: موضع بنواحي المدينة، ذكره ابن هرمة فقال:
انظر لعلّك أن ترى بسويقة ... أو بالقريّة دون مفضى عاقل
أظعان سودة كالأشاء غواديا ... يسلكن بين أبارق وخمائل
والقريّة: من أشهر قرى اليمامة لم تدخل في صلح خالد ابن الوليد، رضي الله عنه، يوم قتل مسيلمة الــكذاب، وقال الحفصي: قريّة بني سدوس باليمامة بها قصر بناه الجنّ لسليمان بن داود، عليه السّلام، وهو من صخر كله، قال الحطيئة:
إن اليمامة شرّ ساكنها ... أهل القريّة من بني ذهل
قوم أباد الله غابرهم ... فجميعهم كالحمر الطّحل

غُرُورٌ

غُرُورٌ:
بضم أوله، وتكرير الراء، وهي الأباطيل.
كأنه جمع غرّ مصدر غررته غرّا، وهو أحسن من أن يجعل مصدر غررته غرورا، لأن المتعدّي من الأفعال لا تكاد تقع مصادرها على فعول إلا شاذّا، والغرور في قوله تعالى: وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ 31: 33، هو ما تقدّم، وقيل: ما اغترّ به من متاع الدنيا، وقرئ بالفتح، وليس كلامنا فيه، والغرور: جبل بدمخ في ديار عمرو بن كلاب، وفي كتاب الأصمعي:
غرور جبل ماؤه الثلماء، وقال أبو زياد: الغرورة ماء لبني عمرو بن كلاب وهي حذاء جبل يسمّى غرورا، وأنشد للسري بن حاتم يقول:
تلبّث عن بهيّة حادياها ... قليلا ثم قاما يحدوان
كأنهما وقد طلعا غرورا ... جناحا طائر يتقلّبان
والغرور أيضا: ثنية باليمامة وهي ثنية الأحبسى، ومنها طلع خالد بن الوليد، رضي الله عنه، على مسيلمة الــكذّاب، قال امرؤ القيس:
عفا شطب من أهله فغرور ... فموبولة، إنّ الديار تدور

الغَرْقَدَةُ

الغَرْقَدَةُ:
قال الأصمعي: فوق الثّلبوت من أرض نجد ماءة يقال لها الغرقدة لنفر من بني نمير بن صعصعة ثم من بني هوازن من قيس عيلان، وقال نصر:
لنفر من بني عمير بن نصر بن قعين تحت ماءة الخربة لبني الــكذّاب من غنم بن دودان.

الغَبْرَاء

الغَبْرَاء:
بالمدّ، وهي من الأرض الحمراء، والغبراء:
الأرض نفسها، والوطأة الغبراء: الدارسة، والغبراء:
من قرى اليمامة بها بنو الحارث بن مسلمة بن عبيد لم تدخل في صلح خالد بن الوليد، رضي الله عنه، أيام مسيلمة الــكذّاب، قال الشاعر:
يا هل بصوت وبالغبراء من أحد
وقال أبو محمد الأسود: الغبراء أرض لبني امرئ القيس من أرض اليمامة، قال قيس بن يزيد السعدي:
ألا ابلغ بني الحرّان أن قد حويتم ... بغبراء نهبا فيه صمّاء مؤيد
ألم يك بالسّكن الذي صفت ظلّة ... وفي الحيّ عنهم بالزّعيقاء مقعد
وغبراء الخبيبة في شعر عبيد بن الأبرص حيث قال:
أمن منزل عاف ومن رسم أطلال ... بكيت، وهل يبكي من الشوق أمثالي؟
ديارهم إذ هم جميع، فأصبحت ... بسابس إلّا الوحش في البلد الخالي
فان يك غبراء الخبيبة أصبحت ... خلت منهم واستبدلت غير ابدال
فقدما أرى الحيّ الجميع بغبطة ... بها، والليالي لا تدوم على حال

غَبَاغِبُ

غَبَاغِبُ:
جمع غبغب، وهو الغبب المتدلّي في رقاب البقر والشاء، وللديك أيضا غبغب: وهي قرية في أول عمل حوران من نواحي دمشق بينهما ستة فراسخ، قال الحافظ أبو القاسم: عبد الله بن أحمد ابن محمد بن إبراهيم بن الليث بن شعبة بن البحتري ابن إبراهيم بن زياد بن الليث بن شعبة بن فراص بن جالس أبو القاسم ويقال أبو محمد التميمي المعلّم الغباغبي، حدث عن الحسن بن يزيد القطّان وضرار ابن سهل الضراري ويحيى بن إسحاق بن سافري، روى عنه عبد الوهاب الكلابي، وكان كذّابــا، قال أبو الحسن الرازي: أبو القاسم الغباغبي كان معلّما على باب الجابية، سمعت منه، ومات سنة 525.

عَقْرَباء

عَقْرَباء:
بلفظ العقرب من الحشرات ذات السموم، والألف الممدودة فيه لتأنيث البقعة أو الأرض كأنها لكثرة عقاربها سميت بذلك، وعقرباء: منزل من أرض اليمامة في طريق النباج قريب من قرقرى وهو من أعمال العرض، وهو لقوم من بني عامر ابن ربيعة كان لمحمد بن عطاء أحد فرسان ربيعة المذكورين، وخرج إليها مسيلمة لما بلغه سرى خالد إلى اليمامة فنزل بها في طرف اليمامة ودون الأموال وجعل ريف اليمامة وراء ظهره، فلما انقضت الحرب وقتل مسيلمة، قتله وحشي مولى جبير بن مطعم قاتل حمزة، قال ضرار بن الأزور:
ولو سئلت عنّا جنوب لأخبرت ... عشيّة سالت عقرباء وملهم
وسال بفرع الواد حتى ترقرقت ... حجارته فيه من القوم بالدّم [1]
عشيّة لا تغني الرماح مكانها ... ولا النّبل إلا المشرفيّ المصمّم
فان تبتغي الكفّار غير مليّة ... جنوب فانّي تابع الدين مسلم
أجاهد إذ كان الجهاد غنيمة، ... ولله بالمرء المجاهد أعلم
وكان للمسلمين مع مسيلمة الــكذاب عنده وقائع.
وعقرباء أيضا: اسم مدينة الجولان، وهي كورة من كور دمشق كان ينزلها ملوك غسّان.

الرب

الرَّبُّ: هو المالك أصله التربية وهو إنشاء الشيء حالاً فحالاً إلى حد التمام. والربُّ مطلقاً لا يطلق إلى على الله سبحانه وتعالى، وعلى غيره بالإضافة نحو ربِّ الدار.
الرب
التحقيق اللغوي
مادة كلمة (الرب) : الراء والباء المضعَّفة
قال ابن فارس في (مقاييس اللغة) 2/381: - 382 مادة (رب) : "الراء والياء يدل على أصول، فالأول: إصلاح الشيء والقيام عليه، فالرب: المالك، والخالق، والصاحب، والرب: المصلح للشيء..
والأصل الآخر: لزوم الشيء والإقامة عليه، وهو مناسب للأصل الأول..،
والأصل الثالث: ضم الشيء للشيء وهو أيضاً مناسب لما قبله: ومتى أنعم النظر كان الباب كله قياساً واحداً.." اهـ، ومعناها الأصلي الأساسي: التربية، ثم تتشعب عنه معاني التصرف والتعهد والاستصلاح والإتمام والتكميل، ومن ذلك كله تنشأ في الكلمة معاني العلو والرئاسة والتملك والسيادة. ودونك أمثلة لاستعمال الكلمة في لغة العرب بتلك المعاني المختلفة: (1)
(1) التربية والتنشئة والإنماء:
يقولون (ربَّ الولد) أي ربّاه حتى أدرك فـ (الرّبيب) هو الصبي الذي تربيه و (الربيبة) الصبية. وكذلك تطلق الكلمتان على الطفل الذي يربى في بيت زوج أمه و (الربيبة) أيضاً الحاضنة ويقال (الرّابة) لامرأة الأب غير الأم، فإنها وإن لم تكن أم الولد، تقوم بتربيته وتنشئته. و (الراب) كذلك زوج الأم. (المربب) أو (المربى) هو الدواء الذي يختزن ويدّخر. و (رَبَّ يُربُّ ربَّاً) من باب نصر معناه الإضافة والزيادة والإتمام، فيقولون (ربَّ النعمة) : أي زاد في الإحسان وأمعن فيه.
(2) الجمع والحشد والتهيئة:
يقولون: (فلان يرب الناس) أي يجمعهم أو يجتمع عليه الناس، ويسمون مكان جمعهم (بالمرّبّ) و (التربُّب) هو الانضمام والتجمّع.
(3) التعهد والاستصلاح والرعاية والكفالة:
يقولون (رب ضيعة) أي تعهدّها وراقب أمرها. قال صفوان بن أمية لأبي سفيان: لأن يربني رجل من قريش أحب إلي من أن يربني رجل من هوازن، أي يكفلني ويجعلني تحت رعايته وعنايته. وقال علقمة بن عبدة:
وكنت امرءاً أفضت إليك ربابتي ... ... وقبلك ربتني فضيعت ربوب (2)
أي انتهى إليك الآن أمر ربابتي وكفالتي بعد أن رباني قبلك ربوب فلم يتعهدوني ولم يصلحوا شأني. ويقول الفرزدق:
كانوا كسالئة حمقاء إذ حقنت ... ... سلاءها في أديم غير مربوب (3) أي الأديم الذي لم يليّن ولم يدبغ. ويقال (فلان يربب صنعته عند فلان) أي يشتغل عنده بصناعته ويتمرن عليها ويكسب على يده المهارة فيها.
(4) العلاء والسيادة والرئاسة وتنفيذ الأمر والتصرف:
يقولون (قد ربّ فلان قومه) : أي ساسهم وجعلهم ينقادون له. و (ربيت القوم) أي حكمتهم وسدتهم، ويقول لبيد بن ربيعة:
وأهلكن يوماً رب كندة وابنه ... وربَّ معد بين خبث وعرعر (1)
والمراد برب كندة ههنا سيد كندة ورئيسهم. وفي هذا المعنى يقول النابغة الذبياني:
تخُبٌّ إلى لانعمان حتى تناله ... فدىً لك من ربٍ تليدي وطارفي (2)
(5) التملك:
قد جاء في الحديث أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً "أرب غنم أم رب ابل؟، أي أمالك غنم أنت أم مالك ابل؟ وفي هذا المعنى يقال لصاحب البيت (رب الدار) وصاحب الناقة: (رب الناقة) ومالك الضيعة: (رب الضيعة) وتأتي كلمة الرب بمعنى السيد أيضاً فتستعمل بمعنى ضد العبد أو الخادم.
هذا بيان ما يتشعب من كلمة (الرب) من المعاني. وقد أخطأوا لعمر الله حين حصروا هذه الكلمة في معنى المربي والمنشئ، ورددوا في تفسير (الربوبية) هذه الجملة (هو إنشاء الشيء حالاً فحالاً إلى حد التمام) . والحق أن ذلك إنما هو معنى واحد من معاني الكلمة المتعددة الواسعة. وبإنعام النظر في سعة هذه الكلمة واستعراض معانيها المتشعبة يتبين أن كلمة (الرب) مشتملة على جميع ما يأتي بيانه من المعاني:
المربي الكفيل بقضاء الحاجات، والقائم بأمر التربية والتنشئة.
الكفيل والرقيب، والمتكفل بالتعهد وإصلاح الحال.
السيد الرئيس الذي يكون في قومه كالقطب يجتمعون حوله. السيد المطاع، والرئيس وصاحب السلطة النافذ الحكم، والمعترف له بالعلاء والسيادة، والمالك لصلاحيات التصرف.
الملك والسيد.



استعمال كلمة (الرب) في القرآن
وقد جاءت كلمة (الرب) في القرآن بجميع ما ذكرناه آنفاً من معانيها. ففي بعض المواضع أريد بها معنى أو معنيان من تلك المعاني. وفي الأخرى أريد بها أكثر من ذلك. وفي الثالثة جاءت الكلمة مشتملة على المعاني الخمسة بأجمعها في آن واحد. وها نحن نبين ذلك بأمثلة من آي الذكر الحكيم.

بالمعنى الأول
(قال معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي) (1) (يوسف: 23)

بالمعنى الثاني وباشتراك شيء من تصور المعنى الأول.
(فإنهم عدوٌ لي إلا رب العالمين. الذي خلقني فهو يهدين والذي هو يطعمني ويسقين. وإذا مرضت فهو يشفين) (الشعراء: 77-80)
(وما بكم من نعمة فمن الله، ثم إذا مسكم الضر فإليه تجأرون، ثم إذا كشف الضر عنكم إذا فريق منكم بربهم يشركون) (النحل: 53-54)
(قل أغير الله أبغي رباً وهو ربُّ كل شيء) (الأنعام: 164)
(ربُّ المشرق والمغرب لا إله إلا هو فاتخذه وكيلاً) (المزمل: 9)

بالمعنى الثالث (هو ربكم وإليه ترجعون) (هود: 34)
(ثم إلى ربكم مرجعكم) (الزمر: 7)
(قل يجمع بيننا ربنا) (سبأ: 26)
(وما من دابةً في الأرض ولا طائرٍ يطير بجناحيه إلا أممٌ أمثالكم، ما فرطنا في الكتاب من شيء ثم إلى ربّهم يُحشرون) (الأنعام: 38)
(ونفخ في الصور فإذا هم من الأجداث إلى ربّهم ينسلون) (يس: 51)

بالمعنى الرابع وباشتراك بعض تصور المعنى الثالث.
(اتّخذوا أحبارهم ورُهبانهم أرباباً من دون الله) (التوبة: 31)
(ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله) (آل عمران: 64)
والمراد بالأرباب في كلتا الآيتين الذين تتخذهم الأمم والطوائف هداتها ومرشديها على الإطلاق. فتذعن لأمرهم ونهيهم، وتتبع شرعهم وقانونهم، وتؤمن بما يحلون وما يحرمون بغير أن يكون قد أنزل الله تعالى به من سلطان، وتحسبهم فوق ذلك أحقاء بأن يأمروا وينهوا من عند أنفسهم.
(أما أحدكما فيسقي ربه خمراً) .. (وقال للذي ظنّ أنه ناجٍ منهما اذكرني عند ربك فأنساه الشيطان ذكر ربه) .. (فلما جاءه الرّسول قال ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطّعن أيديهنّ إنّ ربي بكيدهنّ عليم) (يوسف: 41، 42، 50)
قد كرر يوسف عليه السلام في خطابه لأهل مصر في هذه الآيات تسمية عزيز مصر بكلمة (ربهم) فذلك لأن أهل مصر بما كانوا يؤمنون بمكانته المركزية وبسلطته العليا، ويعتقدون أنه مالك الأمر والنهي، فقد كان هو ربهم في واقع الأمر، وبخلاف ذلك لم يُرد يوسف عليه السلام بكلمة (الرب) عندما تكلم بها بالنسبة لنفسه إلا الله تعالى فإنه لم يكن يعتقد فرعون، بل الله وحده المسيطر القاهر ومالك الأمر والنهي.

بالمعنى الخامس:
(فليعبدوا ربّ هذا البيت الذي أطعمهم من جوعٍ وآمنهم من خوفٍ) (قريش: 3-4)
(سبحان ربك ربِّ العزة عما يصفون) (الصافات: 180)
(فسبحان الله ربِّ العرش عما يصفون) (الأنبياء: 22)
(قل من ربُّ السماوات السبع وربُّ العرش العظيم) (المؤمنون: 86) (رب السماوات والأرض وما بينهما وربُّ المشارق) (الصافات: 5)
(وأنه هو رب الشِّعرى) (النجم: 49)



تصورات الأمم الضالة في باب الربوبية
ومما تقدم من شواهد آيات القرآن، تتجلى معاني كلمة (الرب) كالشمس ليس دونهما غمام. فالآن يجمل بنا أن ننظر ماذا كانت تصورات الأمم الضالة في باب الربوبية، ولماذا جاء القرآن ينقضها ويرفضها، وما الذي يدعو إليه القرآن الكريم؟ ولعل من الأجدر بنا في هذا الصدد أن نتناول كل أمة من الأمم الضالة التي ذكرها القرآن منفصلة بعضها عن بعض، فنبحث في عقائدها وأفكارها حتى يستبين الأمر ويخلص من كل لبس أو إبهام.

قوم نوح عليه السلام
إن أقدم أمة في التاريخ يذكرها القرآن هي أمة نوح عليه السلام، ويتضح مما جاء فيه عن هؤلاء القوم أنهم لم يكونوا جاحدين بوجود الله تعالى، فقد روى القرآن نفسه قولهم الآتي في ردّهم على دعوة نوح عليه السلام:
(ما هذا إلا بشرٌ مثلكم يريدُ أن يتفضل عليكم، ولو شاء الله لأنزل ملائكة) ... (المؤمنون: 24)
وكذلك لم يكونوا يجحدون كون الله تعالى خالق هذا العالم، وبكونه رباً بالمعنى الأول والثاني، فإنه لما قال لهم نوح عليه السلام
(هو ربكم وإليه ترجعون) (هود: 34)
و (استغفروا ربكم إنه، كان غفاراً) و (ألم تروا كيف خلق الله سبع سماوات طباقاً وجعل القمر فيهن نوراً وجعل الشمس سراجاً والله أنبتكم من الأرض نباتاً) (نوح: 10، 15، 16، 17)
لم يقم أحد منهم يرد على نوح قوله ويقول: ليس الله بربنا، أوليس الله بخالق الأرض والسماء ولا بخالقنا نحن، أو ليس هو الذي يقوم بتدبير الأمر في السماوات والأرض.
ثم إنهم لم يكونوا جاحدين أن الله إلهٌ لهم. ولذلك دعاهم نوح عليه السلام بقوله: (ما لكم من إله غيره) فإن القوم لو كانوا كافرين بألوهية الله تعالى، إذاً لكانت دعوة نوح إياهم غير تلك الدعوة وكان قوله عليه السلام حينئذ من مثل "يا قوم! اتخذوا الله إلهاً) . فالسؤال الذي يخالج نفس الباحث في هذا المقام هو: أي شيء كان إذاً موضوع النزاع بينهم وبين نبيهم نوح عليه السلام. وإننا إذاً أرسلنا النظر لأجل ذلك في آيات القرآن وتتبعناها، تبين لنا أنه لم يكن موضوع النزاع بين الجانبين إلا أمرين اثنين: أولهما أن نوحاً عليه السلام كان يقول لقومه: إن الله الذي هو رب العالمين والذي تؤمنون بأنه هو الذي قد خلقكم وخلق هذا العالم جميعاً، وهو الذي يقضي حاجاتكم، هو في الحقيقة إلهكم الواحد الأحد ولا إله إلا هو، وليس لأحد من دونه أن يقضي لكم الحاجات ويكشف عنكم الضر ويسمع دعواكم ويغيثكم، ومن ثم يجب عليكم ألا تعبدوا إلا إياه ولا تخضعوا إلا له وحده.
(يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره) (الأعراف: 59)
(ولكني رسولٌ من رب العالمين أبلغكم رسالات ربي) (الأعراف: 61-62)
وكان قومه بخلاف ذلك مصرين على قولهم بأن الله هو رب العالمين دون ريب. إلا أن هناك آلهة أخرى لها أيضاً بعض الدخل في تدبير نظام هذا العالم، وتتعلق بهم حاجاتنا، فلا بد أن نؤمن بهم كذلك آلهة لنا مع الله:
(وقالوا لا تذرنُّ آلهتكم ولا تذرنّ وداً ولا سواعاً ولا يغوث ويعوق ونسراً) (نوح: 23) وثانيهما أن القوم لم يكونوا يؤمنون بربوبية الله تعالى إلا من حيث إنه خالقهم، جميعاً ومالك الأرض والسماوات، ومدبر أمر هذا العالم، ولم يكونوا يقولون بأنه وحده هو الحقيق – كذلك- بأن يكون له الحكم والسلطة القاهرة في أمور الأخلاق والاجتماع والمدنية والسياسة وسائر شؤون الحياة الإنسانية، وبأنه وحده أيضاً هادي السبيل وواضع الشرع ومالك الأمر والنهي، وبأنه وحده يجب كذلك أن يتبع. بل كانوا قد اتخذوا رؤساءهم وأحبارهم أرباباً من دون اله في جميع تلك الشؤون. وكان يدعوهم نوح عليه السلام – بخلاف ذلك إلى ألا يجعلوا الربوبية يتقسمها أرباب متفرقة بل عليهم أن يتخذوا الله تعالى وحده رباً بجميع ما تشتمل عليه كلمة (الرب) من المعاني وأن يتبعوه ويطيعوه فيما يبلغهم من أوامر الله تعالى وشيعته نائباً عنهن فكان يقول لهم:
(إني لكم رسولٌ أمين. فاتقوا الله واطيعون) (الشعراء: 107- 108)

عاد قوم هود
ويذكر القرآن بعد قوم نوح عاداً قوم هود عليه السلام. ومعلوم أن هذه الأمة أيضاً لم تكن جاحدة بوجود الله تعالى، وكذلك لم تكن تكفر بكونه إلهاً. بل كانت تؤمن بربوبية الله تعالى بالمعاني التي كان يؤمن بها قوم نوح عليه السلام. أما النزاع بينها وبين نبيها هود عله السلام فلم يكن إلا حول الأمرين الاثنين اللذين كان حولهما نزاع بين نوح عليه السلام وقومه يدل على ذلك ما يأتي من النصوص القرآنية دلالة واضحة:
(وإلى عادٍ أخاهم هوداً، قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره) (الأعراف: 65)
(قالوا أجئتنا لنعبد الله وحده ونذر ما كان يعبد آباؤنا) (الأعراف: 70)
(قالوا لو شاء ربنا لأنزل ملائكةً) ... (فصلت: 11)
(وتلك عادٌ جحدوا بآيات ربهم وعصوا رسله واتبعوا أمرَ كل جبّارٍ عنيد) (هود: 59)

ثمود قوم صالح ويأتي بعد ذلك ثمود الذين كانوا أطغى الأمم وأعصاها بعد عاد وهذه الأمة أيضاً كان ضلالها كضلال قومي نوح وهود من حيث الأصل والمبدأ فما كانوا جاحدين بوجود الله تعالى ولا كافرين بكونه إلهاً ورباً للخلق أجمعين. وكذلك ما كانوا يستنكفون عن عبادته والخضوع بين يديه، بل الذي كانوا يجحدونه هو أن الله تعالى هو الإله الواحد، وأنه لا يستحق العبادة إلا هو، وأن الربوبية خاصة له دون غيره بجميع معانيها. فإنهم كانوا مصرين على إيمانهم بآلهة أخرى مع الله وعلى اعتقادهم أن أولئك يسمعون الدعاء، ويكشفون الضر ويقضون الحاجات، وكانوا يأبون إلا أن يتبعوا رؤساءهم وأحبارهم في حياتهم الخلقية والمدنية، ويستمدوا منهم بدلاً من الله تعالى شرعهم وقانون حياتهم. وهذا هو الذي أفضى بهم في آخر الأمر إلى أن يصبحوا أمة مفسدة، فأخذهم من الله عذاب أليم ويبين كل ذلك ما يأتي من آيات القرآن الحكيم.
(فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عادٍ وثمود إذ جاءتهم الرسل من بين أيديهم ومن خلفهم ألا تعبدوا إلا الله قالوا لو شاء ربنا لأنزل ملائكة فإنا بما أرسلتم به كافرون) (حم: السجدة 13-14)
(وإلى ثمود أخاهم صالحاً، قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره) (هود: 61)
(قالوا يا صالح قد كنت فينا مرجوّاً قبل هذا أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا)
(إذ قال لهم أخوهم صالحٌ ألا تتقون. إني لكم رسولٌ أمين. فاتقوا الله وأطيعون) (الشعراء: 151-144)
(ولا تطيعوا أمر المسرفين الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون) (الشعراء: 151-152)

قوم إبراهيم ونمورد ويتلو ثمود قوم إبراهيم عليه السلام. ومما يجعل أمر هذه الأمة أخطر وأجدر بالبحث، أن قد شاع خطأ بين الناس عن ملكها نمرود، أنه كان يكفر بالله تعالى ويدعي الألوهية. والحق أنه كان يؤمن بوجود الله تعالى ويعتقد بأنه خالق هذا العالم ومدبر أمره، ولم يكن يدعي الربوبية إلا بالمعنى الثالث والرابع والخامس. وكذلك قد فشا بين الناس خطأ أن قوم إبراهيم عليه السلام هؤلاء ما كانوا يعرفون الله ولا يؤمنون بألوهيته وربوبيته. إنما الواقع أن أمر هؤلاء القوم لم يكن يختلف في شيء عن أمر قوم نوح وعاد وثمود. فقد كانوا يؤمنون بالله ويعرفون أنه هو الرب وخالق الأرض والسماوات ومدبر أمر هذا العالم، وما كانوا يستنكفون عن عبادته كذلك. وأما غيّهم وضلالهم فهو أنهم كانوا يعتقدون أن الأجرام الفلكية شريكة مع الله في الربوبية بالمعنى الأول والثاني ولذلك كانوا يشركونها بالله تعالى في الألوهية. وأما الربوبية بالمعنى الثالث والرابع والخامس فكانوا قد جعلوها خاصة لملوكهم وجبابرتهم. وقد جاءت نصوص القرآن في ذلك من الوضوح والجلاء بحيث يتعجب المرء: كيف لم يدرك الناس هذه الحقيقة وقصروا عن فهمها؟. وهيا بنا ننظر قبل كل شيء في الحادث الذي حدث لإبراهيم – عليه السلام- عند أول ما بلغ الرشد؛ والذي يصف فيه القرآن كيفية سعي إبراهيم وراء الوصول إلى الحق:
(فلما جن عليه الليل رأى كوكباً، قال هذا ربي؛ فلما أفل، قال لا أحب الآفلين. فلما رأى القمر بازغاً، قال هذا ربي، فلما أفلَ قال لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين. فلما رأى الشمس بازغة، قال هذا ربي، هذا أكبر؛ فلما أفلت قال يا قوم إني بريءٌ مما تشركون. إني وجهتُ وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفاً وما أنا من المشركين) (الأنعام: 76-79)
فيتبين واضحاً من الآيات المخطوط تحتها أن المجتمع الذي نشأ فيه إبراهيم عليه السلام، كان يوجد عنده تصور فاطر السماوات والأرض وتصوُّر كونه رباً منفصلاً عن تصوّر ربوبية السيارات السماوية. ولا عجب في ذلك، فقد كان القوم من ذرية المسلمين الذين كانوا قد آمنوا بنوح عليه السلام، وكان الدين الإسلامي لم يزل يحيا وُيجدد فيمن داناهم في القرب والقرابة من أمم عاد وثمود، على أيدي الرسل الكرام الذين توالوا عليها كما قال عزّ وجل: (جاءتهم الرسل من بين أيديهم ومن خلفهم) . فعلى ذلك كان إبراهيم عليه السلام أخذ تصور كون الله رباً وفاطراً للسماوات والأرض عن بيئته التي نشأ فيها. وأما التساؤل الذي كان يخالج نفسه فهو عن مبلغ الحق والصحة فيما شاع بين قومه من تصوّر كون الشمس والقمر والسيارات الأخرى شريكة مع الله في نظام الربوبية حتى أشركوها بالله تعالى في العبادة (1) .فجدّ إبراهيم عليه السلام في البحث عن جوابه قبل أن يصطفيه الله تعالى للنبوة، حتى أصبح نظام طلوع السيارات السماوية وأفولها هادياً له إلى الحق الواقع وهو أنه لا رب إلا فاطر السماوات والأرض. ولأجل ذلك تراه يقول عند أفول القمر: لئن لم يهدني ربي لأخافنَّ أن أبقى عاجزاً عن الوصول إلى الحق وانخدع بهذه المظاهر التي لا يزال ينخدع بها ملايين من الناس من حولي. ثم لما اصطفاه الله تعالى لمنصب النبوة
أخذ في دعوة قومه إلى الله، فإنك ترى بالتأمل في الكلمات التي كان يعرض بها دعوته على قومه أن ما قلناه آنفاً يزداد وضوحاً وتبياناً:
(وكيف أخاف ما أشركتم ولا تخافون أنكم أشركتم بالله ما لم ينزّل به عليكم سلطاناً) (الأنعام – 81)
(وأعتزلكم وما تدعون من دون الله) (مريم – 48)
(قال بل ربكم رب السماوات والأرض الذي فطرهنّ) (الأنبياء – 56)
(قال أفتعبدون من دون الله ما لا ينفعكم شيئاً ولا يضركم) (الأنبياء – 66)
(إذ قال لأبيه وقومه ماذا تعبدون. أأفكاً آلهةً دون الله تريدون. فما ظنّكم بربِّ العالمين) (الصافات: 85- 87)
(إنّا بُرآءُ منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبداً حتى تؤمنوا بالله وحده) (الممتحنة: 4)
فيتجلى من جميع الأقوال لإبراهيم عليه السلام أنه ما كان يخاطب بها قوماً لا يعرفون الله تعالى ويجحدون بكونه إله الناس ورب العالمين أو أذهانهم خالية من كل ذلك، بل كان بين يديه قوم يشركون بالله تعالى آلهة أخرى في الربوبية بمعناها الأول والثاني وفي الألوهية. ولذلك لا ترى في القرآن الكريم قولاً واحداً لإبراهيم عليه السلام قد قصد به إقناع أمته بوجود الله تعالى وبكونه إلهاً ورباً للعالمين، بل الذي تراه يدعو أمته إليه في كل ما يقول هو أن الله سبحانه وتعالى هو وحده الرب والإله.
ثم لنستعرض أمر نمرود. فالذي جرى بينه وبين إبراهيم عليه السلام من الحوار، قصه القرآن في ما يأتي من الآيات:
(ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه أن آتاه الله الملك إذ قال إبراهيم ربي الذي يحيي ويميت قال أنا أحيي وأميت قال إبراهيم فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فات بها من المغرب فبهت الذي كفر) (البقرة – 258)
أنه ليتضح جلياً من هذا الحوار بين النبي وبين نمرود أنه لم يكن النزاع بينهما في وجود الله تعالى أو عدمه وإنما كان في أنه من ذا يعتقده إبراهيم عليه السلام رباً؟ كان نمرود من أمة كانت تؤمن بوجود لله تعالى، ثم لم يكن مصاباً بالجنون واختلال العقل حتى يقول هذا القول السخيف البين الحمق: "إني فاطر السماوات والأرض ومدبر سير الشمس والقمر" فالحق أنه لم تكن دعواه أنه هو الله ورب السماوات والأرض وغنما كانت أنه رب المملكة التي كان إبراهيم –عليه السلام- أحد أفراد رعيتها. ثم أنه لم يكن يدعي الربوبية لتلك المملكة بمعناها الأول والثاني، فإنه كان يعتقد بربوبية الشمس والقمر وسائر السيارات بهذين المعنيين، بل كان يدعي الربوبية لمملكته بالمعنى الثالث والرابع والخامس. وبعبارة أخرى كانت دعواه أنه مالك تلك المملكة، وأن جميع أهاليها عبيد له، وأن سلطته المركزية أساس لاجتماعهم، وأمره قانون حياتهم. وتدل كلمات (أن آتاه الله الملك) دلالة صريحة على أن دعواه للربوبية كان أساسها التبجح بالملكية. فلما بلغه أن قد ظهر بين رعيته رجل يقال له إبراهيم، لا يقول بربوبية الشمس والقمر ولا السيارات الأخرى في دائرة ما فوق الطبيعة، ولا هو يؤمن بربوبية صاحب العرش في دائرة السياسة والمدنية، استغرب الأمر جداً فدعا إبراهيم عليه السلام فسأله: من ذا الذي تعتقده رباً؟ فقال إبراهيم عليه السلام بادئ ذي بدء: "ربي الذي يحيي ويميت يقدر على إماتة الناس وإحيائهم! " فلم يدرك نمرود غور الأمر فحاول أن يبرهن على ربوبيته بقوله: "وأنا أيضاً أملك الموت والحياة، فأقتل من أشاء وأحقن دم من أريد! .." هنالك بين له إبراهيم عليه السلام أنه لا رب عنده إلا الله الذي لا رب سواه بجميع معاني الكلمة، وأنى يكون لأحد غيره شرك في الربوبية وهو لا سلطان له على الشمس في طلوعها وغروبها؟! وكان نمرود رجلاً فطناً، فما أن سمع من إبراهيم عليه السلام هذا الدليل القاطع
حتى تجلت له الحقيقة، وتفطن لأن دعواه للربوبية في ملكوت الله تعالى بين السموات والأرض إن هي إلا زعم باطل وادعاء فارغ فبهت ولم ينبس ببنت شفة. إلا انه قد كان بلغ منه حب الذات واتباع هوى النفس وإيثار مصالح العشيرة، مبلغاً لم يسمح له بأن ينزل عن ملكيته المستبدة ويئوب إلى طاعة الله ورسوله، مع أنه قد تبين له الحق والرشد. فعلى ذلك قد أعقب الله تعالى هذا الحوار بين النبي ونمرود بقوله: (والله لا يهدي القوم الظالمين) والمراد أن نمرود لما لم يرض أن يتخذ الطريق الذي كان ينبغي له أن يتخذه بعدما تبين له الحق، بل آثر أن يظلم الخلق ويظلم نفسه معهم، بالإصرار على ملكيته المستبدة الغاشمة لم يؤته الله تعالى نوراً من هدايته، ولم يكن من سنة الله أن يهدي إلى سبيل الرشد من كان لا يطلب الهداية من تلقاء نفسه.

قوم لوط عليه السلام
ويعقب قوم إبراهيم في القرآن قوم لوط، الذين بعث لهدايتهم وإصلاح فسادهم لوط بن أخي إبراهيم عليهما السلام -. ويدلنا القرآن الكريم أن هؤلاء أيضاً ما كانوا متنكرين لوجود الله تعالى ولا كانوا يجحدون بأنه هو الخالق والرب بالمعنى الأول والثاني. أما الذي كانوا يأبونه ولا يقبلونه فهو الاعتقاد بأن الله هو الرب المعنى الثالث والرابع والخامس، والإذعان لسلطة النبي من حيث كونه نائباً من عند الله أميناً. ذلك بأنهم كانوا يبتغون أن يكونوا أحراراً مطلقي الحرية يتبعون ما يشاؤون من أهوائهم ورغباتهم وتلك كانت جريمتهم الكبيرة التي ذاقوا من جرائها أليم العذاب. ويؤيد ذلك ما يأتي من النصوص القرآنية:
(إذ قال لهم أخوهم لوط ألا تتقون إني لكم رسولٌ أمينٌ. فاتقوا الله وأطيعون. وما أسألكم عليه من أجر إنْ أجري إلا على رب العالمين. أتأتون الذُّكران من العالمين. وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم بل أنتم قومٌ عادون) (الشعراء: 161 – 166) وبديهي أن مثل هذا القول لم يكن ليخاطب به إلا قوم لا يجدون بوجود الله تعالى وبكونه خالقاً ورباً لهذا العالم؟ فأنت ترى أنهم لا يجيبون لوطاً عليه السلام بقول من مثل: "ما الله؟ " من أين له أن يكون خالقاً للعالم؟ " أو "أنى له أن يكون ربنا ورب الخلق أجمعين؟ " بل تراهم يقولون:
(لئن لم تنته يا لوط لتكوننّ من المخرجين) (الشعراء: 167)
وقد ذكر القرآن الكريم هذا الحديث في موضع آخر بالكلمات الآتية:
(ولوطاً إذ قال لقومه إنكم لتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين. أإنكم لتأتون الرجال وتقطعون السبيل وتأتون في ناديكم المنكر فما كان جواب قومه إلا أن قالوا ائتنا بعذاب الله إن كنت من الصادقين) (العنكبوت: 28-29)
أفيجوز أن يكون هذا جواب قوم ينكرون وجود الله تعالى؟. لا والله ومن ذلك يتبين أن جريمتهم الحقيقية لم تكن إنكار ألوهية الله تعالى وربوبيته، بل كانت جريمتهم أنهم على إيمانهم بالله تعالى إلهاً ورباً فيما فوق العالم الطبيعي، كانوا يأبون أن يطيعوه ويتبعوا قانونه في شؤونه الخلقية والمدنية والاجتماعية، يمتنعون من أن يهتدوا بهدي نبيه لوط عليه السلام.

قوم شعيب عليه السلام ولنذكر في الكتاب بعد ذلك أهل مدين وأصحاب الأيكة الذين بعث إليهم شعيب عليه السلام. ومما نعرف عن أمرهم أنهم كانوا من ذرية إبراهيم عليه السلام. إذن لا حاجة إلى أن نبحث فيهم: هل كانوا يؤمنون بوجود الله تعالى وبكونه إلهاً ورباً أم لا؟ إنهم كانوا في حقيقة الأمر أمة نشأت على الإسلام في بداية أمرها، ثم أخذت بالفساد بما أصاب عقائدها من الانحلال وأعمالها من السوء. ويبدو مما جاء عنهم في القرآن كأن القوم كانوا بعد ذلك كله يدّعون لأنفسهم الإيمان، فإنك ترى شعيباً عليه السلام يكرر لهم القول: يا قوم اعملوا كذا وكذا إن كنتم مؤمنين وفي خطاب شعيب عليه السلام لقومه وأجوبة القوم له دلالة واضحة على أنهم كانوا قوماً يؤمنون بالله وينزلونه منزلة الرب والمعبود. ولكنهم كانوا قد تورطوا في نوعين من الضلال: أحدهما أنهم كانوا أصبحوا يعتقدون الألوهية والربوبية في آلهة أخرى مع الله تعالى، فلم تعد عبادتهم خالصة لوجه الله، والآخر أنهم كانوا يعتقدون أن ربوبية الله لا مدخل لها في شؤون الحياة الإنسانية من الأخلاق والاجتماع والاقتصاد والمدنية والسياسة، وعلى ذلك كانوا يزعمون أنهم مطلقوا العنان في حياتهم المدنية ولم أن يتصرفوا في شؤونهم كيف يشاؤون، ويصدق ذلك ما يأتي من الآيات:
(وإلى مدين أخاهم شعيباً، قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره قد جاءتكم بينةٌ من ربكم فأوفوا الكيل والميزان ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها ذلكم خيرٌ لكم إن كنتم مؤمنين) (الأعراف: 85)
(وإنْ كان طائفة منكم آمنوا بالذي أرسلتُ به وطائفةٌ لم يؤمنوا فاصبروا حتى يحكم الله بيننا وهو خيرُ الحاكمين) (الأعراف: 87) (ويا قوم أوفوا المكيال والميزان بالقسط ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين. بقية الله خيرٌ لكم إن كنتم مؤمنين وما أنا عليكم بحفيظ. قالوا يا شعيب أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاءُ إنكَ لأنت الحليم الرشيد) (هود: 85-87)
والعبارات الأخيرة المخطوط تحتها خصوصية الدلالة على ضلالهم الحقيقي في باب الربوبية والألوهية.

فرعون وآله
وهيا بنا ننظر الآن في قصة فرعون وآله، فمن قد شاع عنهم في الناس من الأخطاء والأكاذيب أكثر مما شاع فيهم عن نمرود وقومه. فالظن الشائع أن فرعون لم يكن منكراً لوجود الله تعالى فحسب، بل كان يدعي الألوهية لنفسه أيضاً. ومعناه أن قد بلغت منه السفاهة أنه كان يجاهر على رؤوس الناس بدعوى أنه فاطر السماوات والأرض، وكانت أمته من البله والحماقة أنها كانت تؤمن بدعواه تلك. والحق الواقع الذي يشهد به القرآن والتاريخ هو أن فرعون لم يكن يختلف ضلاله في باب الألوهية والربوبية عن ضلال نمرود، ولا كان يختلف ضلال آله عن ضلال قوم نمرود. وإنما الفرق بين هؤلاء وأولئك أنه قد كان نشأ في آل فرعون لبعض الأسباب السياسية عناد وتعصب وطني شديد على بني إسرائيل، فكانوا لمجرد هذا العناد يمتنعون من الإيمان بألوهية الله وربوبيته، وإن كانت قلوبهم تعترف بها شأن أكثر الملحدين الماديين في عصرنا هذا.
وبيان هذا الإجمال أنه لما استتبت ليوسف عليه السلام السلطة على مصر، استفرغ جهده في نشر الإسلام وتعاليمه بينهم. ورسم على أرضه من ذلك أثراً محكماً لم يقدر على محوه أحد إلى القرون. وأهل مصر وإن لم يكونوا إذ ذاك قد آمنوا بدين الله عن بكرة أبيهم، إلا أنه لا يمكن أن يكون قد بقي فيهم من لم يعرف وجود الله تعالى ولم يعلم أنه هو فاطر السماوات والأرض. وليس الأمر يقف عند هذا بل الحق أن كان تم للتعاليم الإسلامية من النفوذ والتأثير في كل مصري ما جعله – على الأقل – يعتقد بأن الله إله الآلهة رب الأرباب فيما فوق العالم الطبيعي ولم يبق في تلك الأرض من يكفر بألوهية الله تعالى. وأما الذين كانوا قد أقاموا على الكفر، فكانوا يجعلون مع الله شركاء في الألوهية والربوبية. وكانت تأثيرات الإسلام المختلفة هذه في نفوس أهل مصر باقية إلى الزمن الذي بعث فيه موسى عليه السلام (1) . والدليل على ذلك تلك الخطبة التي ألقاها أمير من الأقباط في مجلس فرعون. وذلك أن
فرعون حينما أبدى إرادته في قتل موسى عليه السلام، لم يصبر عليه هذا الأمير القبطي من أمراء مجلسه، وكان قد أسلم وأخفى إسلامه، ولم يلبث أن قام يخطب:
(أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم وإن يك كاذبا فعليه كذبه وإن يك صادقاً يصبكم بعض الذي يعدكم إن الله لا يهدي من هو مسرفٌ كذاب. يا قوم لكم الملك اليوم ظاهرين في الأرض فمن ينصرنا من بأس الله إن جاءنا) .
(يا قوم إني أخاف عليكم مثل يوم الأحزاب. مثل داب قوم نوحٍ وعادٍ وثمود والذين من بعدهم) .
(ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات فما زلتم في شك مما جاءكم به حتى إذا هلك قلتم لن يبعث الله من بعده رسولاً) .. (ويا قوم ما لي أدعوكم إلى النجاة وتدعونني إلى النار. تدعونني لكفر بالله وأشرك به ما ليس لي به علمٌ وأنا أدعوكم إلى العزيز الغفار) . (غافر – 28 – 31 – 34 – 41- 42)
وتشهد هذه الخطبة من أولها إلى آخرها بأنه لم يزل أثر شخصية النبي يوسف عليه السلام باقياً في نفوس القوم إلى ذلك الحين، وقد مضت على عهده قرون متعددة. وبفضل ما علمهم هذا النبي الجليل، لم يكونوا قد بلغوا من الجهالة ألا يعلموا شيئاً عن وجود الله تعالى، أو ألا يعرفوا أنه الرب والإله، وأن سيطرته وسلطته غالبة على قوى الطبية في هذا العالم، وأن غضبه مما يخاف ويتقى. ويتضح أيضاً من آخر هذه الخطبة أن أمة فرعون لم تكن تجحد بألوهية الله وربوبيته جحوداً باتاً، وإنما كان ضلالها كضلال الأمم الأخرى مما ذكرناه آنفاً – أي كانت هذه الأمة أيضاً تشرك بالله تعالى في صفتي الألوهية والربوبية وتجعل له فيهما أنداداً.
أما مثار الشبهة في أمر فرعون فهو سؤاله لموسى عليه السلام (وما رب العالمين) حينما سمع منه: (إنا رسول رب العالمين!) ثم قوله لصاحبه هامان: (ابن لي صرحاً لعلي أبلغ الأسباب أسباب السموات فأطلع إلى إله موسى) ووعيده لموسى عليه السلام: (لئن اتخذت إلهاً غيري لأجعلنك من المسجونين) ، وإعلانه لقومه: (أنا ربكم الأعلى) وقوله لملئه: (لا أعلم لكم من إله غيري) . – فمثل هذه الكلمات التي قالها فرعون قد خيلت إلى الناس أنه كان ينكر وجود الله تعالى وكان فارغ الذهن من تصور رب العالمين، ويزعم لنفسه أنه الإله الواحد، ولكن الواقع الحق أنه لم يكن يدعي ذلك كله إلا بدافع من العصبية الوطنية. وذلك أنه لم يكن الأمر في زمن النبي يوسف عليه السلام قد وقف على أن شاعت تعاليم الإسلام في ربوع مصر بفضل شخصيته القوية الجليلة، بل جاوز ذلك إلى أن تمكن لبني إسرائيل نفوذ بالغ في الأرض مصر تبعاً لما تهيأ ليوسف عليه السلام من السلطة والكلمة النافذة في حكومة مصر. فبقيت سلطة بني إسرائيل مخيمة على القطر المصري إلى ثلاثمائة سنة أو أربعمائة. ثم أخذ يخالج صدور المصريين من العواطف الوطنية والقومية ما جعلهم يتعصبون على بني إسرائيل، واشتد الأمر حتى الغوا سلطة الإسرائيليين ونفوذهم إلغاء. فتولى الأمر بعدهم الأسر المصرية الوطنية وتتابعت في الحكم. وهؤلاء الملوك الجدد لما أمسكوا زمام الأمر لم يقتصروا على إخضاع بني إسرائيل وكسر شوكتهم، بل تعدوه إلى أن حاولوا محو كل أثر من آثار العهد اليوسفي في مصر وإحياء تقاليد ديانتهم الجاهلية. فلما بعث إليهم في تلك الآونة موسى عليه السلام، خافوا على غلبتهم وسلطتهم أن تنتقل من أيديهم إلى أيدي بني إسرائيل مرة أخرى. فلم يكن يبعث فرعون إلا هذا العناد واللجاج على أن يسأل موسى عليه السلام ساخطاً متبرماً: وما رب العالمين؟ ومن يمكن أن يكون إلهاً غيري؟ وهو في الحقيقة لم يكن جاهلاً وجود رب العالمين. وتتضح هذه
الحقيقة كأوضح ما يكون مما جاء في القرآن الكريم من أحاديثه وأحاديث ملئه وخطب موسى عليه السلام. فيقول فرعون – مثلا – تأكيداً لقوله إن موسى عليه السلام ليس برسول الله.
(فلولا ألقي عليه أسورةٌ من ذهب أو جاء معه الملائكة مقترنين) (الزخرف: 53)
أفكان لرجل فارغ الذهن من وجود الله تعالى والملائكة أن يقول هذا القول وفي موضع آخر يقص القرآن الحوار الآتي بين فرعون وبين النبي موسى عليه السلام:
(فقال له فرعون إني لأظنك يا موسى مسحوراً. قال لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السماوات والأرض بصائر وإني لأظنك يا فرعون مبثوراً) (بني إسرائيل: 101-102)
وفي محل آخر يظهر الله تعالى ما في صدور قوم فرعون بقوله:
(فلما جاءتهم آياتنا مبصرةً قالوا هذا سحرٌ مبينٌ وجحدوا واستيقنتها أنفسهم ظلماً وعلواً) (النمل: 13-14)
ويصور لنا القرآن نادياً آخر جمع موسى عليه السلام وآل فرعون بهذه الآية:
(قال لهم موسى ويلكم لا تفتروا على الله كذباً فيسحتكم بعذابٍ وقد خاب من افترى. فتنازعوا أمرهم بينهم وأسروا النجوى قالوا إن هذان لساحران يريدان أن يخرجاكم من أرضكم بسحرهما بطريقتكم المثلى) (طه: 61-63)
والظاهر أنه لم يكن قام النزاع ونشأ الأخذ والرد بينهم وبين نبيهم موسى عليه السلام حين أنذرهم عذاب الله ونبههم على سوء مآل ما كانوا يفترون، إلا لأنهم قد كان في قلوبهم ولاشك بقية من أثر عظمة الله تعالى وجلاله وهيبته ولكن حاكمهم الوطنيين لما أنذروهم بخطر الانقلاب السياسي العظيم، وحذروهم عاقبة اتباعهم لموسى وهارون، وهي عودة غلبة الإسرائيليين على أبناء مصر، قست قلوبهم واتفقوا جميعاً على مقاومة النبيين. وبعد ما قد تبين لنا من هذه الحقيقة، من السهل علينا أن نبحث: ماذا كان مثار النزاع بين موسى عليه السلام وفرعون، وماذا كانت حقيقة ضلاله وضلال قومهن وبأي معاني كلمة (الرب) كان فرعون يدعي لنفسه الألوهية والربوبية. فتعال نتأمل لهذا الغرض ما يأتي من الآيات بالتدريج.
1- إن الذين كانوا يلحون من ملأ فرعون على حسم دعوة موسى عليه الصلاة والسلام واستئصالها من أرض مصر، يخاطبون فرعون لبعض المناسبات ويسألونه:
(أتذرُ موسى وقومه ليفسدوا في الأرض ويذركم وآلهتكَ) (الأعراف: 127)
وبخلاف ذلك يناديهم الذي كان قد آمن بموسى عليه السلام:
(تدعونني لأكفر بالله وأشرك به ما ليس لي به علمٌ) (المؤمن: 42)
فإذا نظرنا في هاتين الآيتين وأضفنا إليهما ما قد زودنا به التاريخ وآثار الأمم القديمة أخيراً من المعلومات عن أهالي مصر زمن فرعون، يتجلى لنا أن كلاً من فرعون وآله كانوا يشركون بالله تعالى في المعنى الأول والثاني لكلمة (الرب) ويجعلون معه شركاء من الأصنام ويعبدونها. والظاهر أن فرعون لو كان يدعي لنفسه الربوبية فيما فوق العالم الطبيعي، أي لو كان يدعي أنه هو الغالب المتصرف في نظام الأسباب في هذا العالم، وأنه لا إله ولا رب غيره في السماوات والأرض، ولم يعبد الآلهة الأخرى أبداً (1)
(2) أما كلمات فرعون هذه التي قد وردت في القرآن:
(يا أيها الملأ ما علمتُ لكم من إله غيري) (القصص: 38)
(لئن اتّخذت إلهاً غيري لأجعلنّك من المسجونين) (الشعراء: 29)
فليس المراد بذلك أن فرعون كان ينفي جميع ما سواه من الآلهة. وإنما كان غرضه الحقيقي من ذلك رد دعوة موسى عليها لسلام وإبطالها. ولما كان موسى عليه السلام – يدعو إلى إله لا تنحصر ربوبيته في دائرة ما فوق الطبيعة فحسب، بل هو كذلك مالك الأمر والنهي، وذو القوة والسلطة القاهرة بالمعاني السياسية والمدنية، قال فرعون لقومه: يا قوم لا أعلم لكم مثل ذلك الإله غيري، وتهدد موسى عليه السلام، أنه إن اتخذ من دونه إلهاً ليلقينّه في السجن.
ومما يعلم كذلك من هذه الآيات، وتؤيده شواهد التاريخ وآثار الأمم القديمة، أن فراعنة مصر لم يكونوا يدعون لأنفسهم مجرد الحاكمية المطلقة، بل كانوا يدعون كذلك نوعاً من القداسة والتنزه بانتسابهم إلى الآلهة والأصنام، حرصاً منهم على أن يتغلغل نفوذهم في نفوس الرعية ويستحكم استيلاؤهم على أرواحهم. ولم تكن الفراعنة منفردة بهذا الادعاء، بل الحق أن الأسر الملكية ما زالت في أكثر أقطار العالم تحاول الشركة – قليلاً أو كثيراً – في الألوهية والربوبية في دائرة ما فوق الطبيعة، علاوة على ما كانت تتولاه من الحاكمية السياسية، وما زالت لأجل ذلك تفرض على الرعية أن تقوم بين يديها بشيء من شعائر العبودية، على أن دعواهم تلك للألوهية السماوية لم تكن هي المقصودة بذاتها في الحقيقة، وإنما كانوا يتذرعون بها إلى تأثيل حاكميتهم السياسية. ومن ذلك نرى أنه ما زالت الأسر الملكية في مصر وغيرها من الأقطار الجاهلية تذهب ألوهيتها بذهاب سلطانها السياسي، وقد بقيت الألوهية تتبع العرش في تنقله من أيد إلى أخرى. (3) ولم تكن دعوى فرعون الأصلية الغالبة المتصرفة في نظام السنن الطبيعية، بل بالألوهية السياسية! فكان يزعم أنه الرب الأعلى لأرض مصر ومن فيها بالمعنى الثالث والرابع والخامس لكلمة (الرَّب) ويقول إني أنا مالك القطر المصري وما فيه من الغنى والثروة وأنا الحقيق بالحاكمية المطلقة فيه، وشخصيتي المركزية هي الأساس لمدينة مصر واجتماعها، وإذن لا يجرينَّ فيها إلاّ شريعتي وقانوني. وكان أساس دعوى فرعون بعبارة القرآن:
(ونادى فرعون في قومه قال يا قوم أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي أفلا تبصرون) (الزخرف – 51)
وهذا الأساس نفسه هو الذي كانت تقوم عليه دعوى نمرود للربوبية.
و (حاجَّ إبراهيم في ربّه أن آتاه الله الملك) (البقرة: 258)
وهو كذلك الأساس الذي رفع عليه فرعون المعاصر ليوسف عليه السلام بنيان ربوبيته على أهل مملكته.
(4) أمّا دعوة موسى عليه السلام التي كانت سبب النزاع بينه وبين فرعون وآله، فهي في الحقيقة أنه لا إله ولا ربَّ بجميع معاني كلمة (الرب) إلا الله رب العالمين، وهو وحده الإله والرّب فيما فوق العالم الطبيعي، كما أنه هو الإله والرب بالمعاني السياسية والاجتماعية، لأجل ذلك يجب ألا نخلص العبادة إلا له، ولا نتبع في شؤون الحياة المختلفة إلا شرعه وقانونه، وانه – أي موسى عليه السلام – قد بعثه الله تعالى بالآيات البينات وسيُنزل الله تعالى أمره ونهيه لعباده بما يوحي إليه؛ لذلك يجب أن تكون أزمّة أمور عباده بيده، لا بيد فرعون. ومن هنا كان فرعون ورؤساء حكومته يُعلون أصواتهم المرّة بعد المرّة بأن موسى وهارون – عليهما السلام – قد جاءا يسلبان أرض مصر. وأرادا أن يذهبا بنظمنا الدينية والمدنية ليستبدلا بها ما يشاءان من النظم والقواعد.
(ولقد أرسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين. إلى فرعون وملئه فاتبعوا أمر فرعون وما أمر فرعون برشيد) (هود: 96-97) (ولقد فتنا قبلهم قوم فرعون وجاءهم رسولٌ كريم. أن أدُّوا إليَّ عبادَ الله إني لكم رسول أمين. وان لا تعلوا على الله إني آتيكم بسلطان مبين) (الدخان: 17-19)
(إنا أرسلنا إليكم رسولاً شاهداً عليكم كما أرسلنا إلى فرعون رسولاً فعصى فرعون الرسول فأذناه أخذاً وبيلاً) (المزملَّ: 15-16)
(قال فمن ربكما يا موسى. قال ربّنا الذي أعطى كل شيءٍ خلقه ثم هدى) (طه: 49-50)
(قال فرعون وما رب العالمين. قال رب السماوات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين. قال لمنّ حوله ألا تستمعون. قال ربكم ورب آبائكم الأولين. قال إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون. قال رب المشرق والمغرب وما بينهما إن كنتم تعقلون. قال لئن اتخذت إلهاً غيري لأجعلنّك من المسجونين) (الشعراء: 23-29)
(قال أجئتنا لتخرجنا من أرضنا بسحرك يا موسى) (طه: 57)
(وقال فرعون ذروني أقتل موسى وليدع ربّه إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد) (غافر: 26)
(قالوا إن هذان لساحران يريدان أن يخرجاكم من أرضكم بسحرهما ويذهبا بطريقتكم المثلى) ... (طه – 63)
وبإنعام النظر في هذه الآيات بالتدريج الذي قد سردناها به، يتجلى أن الضلال الذي تعاقبت فيه الأمم المختلفة من أقدم العصور، كان هو عينه قد غشت وادي النيل ظلماته، وأن الدعوة التي قام بها جميع الأنبياء منذ الأبد، كانت هي نفسها يدعو بها موسى وهارون عليهما السلام.

اليهود والنصارى وتطلع علينا بعد آل فرعون بنو إسرائيل والأمم الأخرى التي دانت باليهودية والنصرانية. وهؤلاء لا مجال للظن فيهم أن يكونوا منكرين لوجود إله العالم، أو يكونوا لا يعتقدون بألوهيته وربوبيّته فإن القرآن نفسه يشهد بكونهم أهل الكتاب. وأما السؤال الذي ينشأ في ذهن الباحث عن أمرهم فهو أنه ما هو على التحديد الخطأ في عقيدتهم ومنهج عملهم في باب الربوبية – الذي قد عدهم القرآن من أجله من القوم الضالين؟ والجواب المجمل على السؤال تجده في القرآن نفسه في آيته الكريمة:
(قل يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق ولا تتبعوا أهواء قومٍ قد ضلوا من قبلُ وأضلوا كثيراً وضلّوا عن سواء السبيل) (المائدة – 77)
فيعلم من هذه الآية أن ضلال اليهود والنصارى هو من حيث الأصل والأساس نفس الضلال الذي ارتطمت فيه الأمم المتقدمة، وتدلنا هذه الآية أيضاً أن ضلالهم هذا كان آتياً من غلوّهم في الدين. وها نحن نرى بعد ذلك كيف يفصل القرآن هذا الإجمال:
(وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله) (التوبة: 30)
(لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم. وقال المسيح يا بني إسرائيل اعبدوا الله ربي وربكم) (المائدة – 72)
(لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد) . (وإذ قال الله يا عيسى بن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق) (المائدة: 73، 116)
(ما كان لبشرٍ أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عباداً لي من دون الله ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلِّمون الكتاب وبما كنتم تدرسون. ولا يأمرَكم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أرباباً، أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون) (آل عمران: 79-80) فكان ضلال أهل الكتاب حسب ما تجل عليه هذه الآيات: أولاً أنهم بالغوا في تعظيم النفوس المقدسة كالأنبياء والأولياء والملائكة التي تستحق التكريم والتعظيم لمكانتها الدينية، فرفعوها من مكانتها الحقيقية إلى مقام الألوهية وجعلوها شركاء مع الله ودخلاء في تدبير أمر هذا العالم، ثم عبدوها واستغاثوا بها واعتقدوا أن لها نصيباً في الألوهية والربوبية الميمنتين على ما فوق العالم الطبيعي، وزعموا أنها تملك لهم المغفرة والإعانة والحفظ. وثانياً أنهم:
(اتّخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله) (التوبة – 31)
أي أن الذين لم تكن وظيفتهم في الدين سوى أن يعلموا الناس أحكام الشريعة الإلهية، ويزكوهم حسب مرضاة الله، تدرج بهم هؤلاء حتى أنزلوهم بحيث يحلون لهم ما يشاؤون ويحرمون عليهم ما يشاؤون، ويأمرونهم وينهونهم حسب ما تشاء أهواؤهم بدون سند من كتاب الله، ويسنون لهم من السنن ما تشتهي أنفسهم. كذلك وقع هؤلاء في نفس النوعين من الضلال الأساسي الخطير اللذين قد وقع فيهما قبلهم أمم نوح وإبراهيم وعاد وثمود وأهل مدين وغيرهم من الأمم، فأشركوا بالله الملائكة وعبادة المقربين – كما أشرك أولئك – في الربوبية المهيمنة على ما فوق العالم الطبيعي، وجعلوا الربوبية بمعانيها السياسية والمدنية – كما جعل أولئك – للإنسان بدلاً من الله رب السماوات. وراحوا يستمدون مبادئ المدنية والاجتماع والأخلاق والسياسة وأحكامها جميعاً من بني آدم، مستغنيين في ذلك عن السلطان المنزل من عند الله تعالى. وأفضى بهم الغي إلى أن قال فيهم القرآن:
(ألم تر إلى الذين أتوا نصيباً من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت) (النساء: 51)
(قل هل أنبئكم بشرٍ من ذلك مثوبة عند الله من لعنهُ الله وغضبَ عليه وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت. أولئك شرٌّ مكاناً وأضل عن سواء السبيل) (المائدة: 60) (الجبتُ) كلمة جامعة شاملة لجميع أنواع الأوهام والخرافات من السحر والتمائم والشعوذة والتكهّن واستكشاف الغيب والتشاؤم والتفاؤل والتأثيرات الخارجة عن القوانين الطبيعية. والمراد من (الطاغوت) كل فرد أو طائفة أو إدارة تبغي وتتمرد على الله، وتجاوز حدود العبودية وتدعي لنفسها الألوهية والربوبية. فلما وقعت اليهود والنصارى في ما تقدم ذكره من النوعين من الضلال، كانت نتيجة أولها أن أخذت جميع أنواع الأوهام مأخذها من قلوبهم وعقولهم، وأما الثاني فاستدرجهم من عبادة العلماء والمشايخ والصوفية والزهاد إلى عبادة الجبابرة وطاعة الظالمين الذين كانوا قد بغوا على الله علانية!

المشركون العرب
هذا ولنبحث الآن في المشركين العرب الذين بعث فيهم خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم، والذين كانوا أول من خاطبهم القرآن، من أي نوع كان ضلالهم في باب الألوهية والربوبية، هل كانوا يجهلون الله رب العالمين، أو كانوا ينكرون وجوده، فبعث إليهم النبي صلى الله عليه وسلم ليبث في قلوبهم الإيمان بوجود الذات الإلهية! وهل كانوا لا يعتقدون الله عز وجل إلهاً للعالمين ورباً، فأنزل الله القرآن ليقنعهم بألوهيته وربوبيته؟ وهل كانوا يأبون عبادة الله والخضوع له؟ أو كانوا لا يعتقدونه سميع الدعاء وقاضي الحاجة؟ وهل كانوا يزعمون أن اللات والعزّى ومناة وهبل والآلهة الأخرى هي في الحقيقة فاطرة هذا الكون ومالكته والرازقة فيه والقائمة على تدبيره وإدارته؟ أو كانوا يؤمنون بأن آلهتهم تلك مرجع القانون ومصدر الهداية والإرشاد في شؤون المدنية والأخلاق؟ كل واحد من هذه الأسئلة إذا راجعنا فيه القرآن فإنه يجيب عليه بالنفي؛ ويبين لنا أن المشركين العرب لم يكونوا قائلين بوجود الله تعالى فحسب، بل كانوا يعتقدونه مع ذلك خالق هذا العالم كله – حتى آلهتهم – ومالكه وربه الأعلى، وكانوا يذعنون له بالألوهية والربوبية. وكان الله هو الجناب الأعلى الأرفع الذي كانوا يدعونه ويبتهلون إليه في مآل الأمر عندما يمسهم الضر أو تصيبهم المصائب، ثم كانوا لا يمتنعون عن عبادته والخضوع له، ولم تكن عقيدتهم في آلهتهم وأصنامهم أنها قد خلقتهم وخلقت هذا الكون، وترزقهم جميعاً، ولا أنها تهديهم وترشدهم في شؤون حياتهم الخلقية والمدنية، فالآيات الآتية تشهد بما تقول:
(قلن لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون. سيقولون لله، قل أفلا تذكرون. قل من رب السماوات السبع ورب العرش العظيم. سيقولن الله، قل أفلا تتقون. قل من بيده ملكوت كل شيءٍ وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون. سيقولون لله، قل فأنى تسحرون، بل أتيناهم بالحق وإنهم لكاذبون) (المؤمنون: 84-90)
(هو الذي يسيركم في البر والبحر حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة وفرحوا بها جاءتها ريح عاصفٌ وجاءهم الموج من كل مكانٍ وظنوا أنهم أحيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين. فلما أنجاهم إذا هم يبغون في الأرض بغير الحق) (يونس: 22-23)
(وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه فلما نجاكم إلى البر أعرضتم وكان الإنسان كفوراً) (الإسراء: 67)
ويروي القرآن عقائدهم في آلهتهم بعبارتهم أنفسهم فيما يأتي:
(والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى) (الزمر: 3)
(ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله) (يونس: 18) ثم إنهم لم يكونوا يزعمون لآلهتهم شيئاً من مثل أنها تهديهم في شؤون حياتهم، فالله تعالى يأمر رسوله صلى الله لعيه وسلم في سورة يونس (قل هل من شركائكم من يهدي إلى الحق) الآية: 35 فيرميهم سؤاله هذا بالسكات، ولا يجيب أحد منهم عليه بنعم! عن اللات والعزى ومناة والآلهة الأخرى تهدينا سواء السبيل في العقيدة والعمل، وتعلمنا مبادئ العدالة والأمن والسلام في حياتنا الدنيا، وإننا نستمد من منبع علمها معرفة حقائق الكون الأساسية، فعند ذلك يقول الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم:
(قل الله يهدي للحق. أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يُهدى فمالكم كيف تحكمون) (يونس: 35)
ويبقى بعد هذه النصوص القرآنية أن نطلب جواب هذا السؤال: ماذا كان ضلالهم الحقيقي في باب الربوبية الذي بعث الله نبيه صلى الله عليه وسلم نرده إلى الصواب، وأنزل كتابه المجيد ليخرجهم من ظلماته إلى نور الهداية؟ وإذا تأملنا القرآن للتحقيق في هذه المسألة، نقف في عقائدهم وأعمالهم كذلك على النوعين من الضلال اللذين مازالا يلازمان الأمم الضالة منذ القدم.
فكانوا بجانب يشركون بالله آلهة وأرباباً من دونه في الألوهية والربوبية فيما فوق الطبيعة، ويعتقدون بأن الملائكة والنفوس الإنسانية المقدسة والسيارات السماوية – كل أولئك دخيلة بوجه من الوجوه في صلاحيات الحكم القائم فوق نظام العلل والأسباب. ولذلك لم يكونوا يرجعون إلى الله تعالى وحده في الدعاء والاستعانة وأداء شعائر العبودية، بل كانوا يرجعون كذلك في تلك الأمور كلها إلى آلهتهم المصنوعة الملفقة. وكانوا بجانب آخر يكادون لا يتصورون في باب الربوبية المدنية والسياسية أن الله تعالى هو الرب بهذه المعاني أيضاً. فكانوا قد اتخذوا أئمتهم الدينيين ورؤساءهم وكبراء عشائرهم أرباباً بتلك المعاني، ومنهم كانوا يتلقون القوانين لحياتهم.
أما النوع الأول من ضلالهم فيشهد به القرآن فيما يلي من الآيات: (ومن الناس من يعبد الله على حرفٍ فان أصابه خيرٌ اطمأن به وإن أصابته فتنةٌ انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة، ذلك هو الخسران المبين. يدعو من دون الله ما لا يضره وما لا ينفعه، ذلك هو الضلال البعيد يدعو لمن ضره أقرب من نفعه لبئس المولى ولبئس العشير) (الحج: 11-13) ...
(ويعبدون من دون الله مالا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله، قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السماوات ولا في (1) ، سبحانه وتعالى عما يشركون) (يونس: 18)
(قل أإنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أنداداً) (حم السجدة: 9)
(قل أتعبدون من دون الله مالا يملك لكم ضرّاً ولا نفعاً والله هو السميع العليم) (المائدة: 76)
(وإذا مسَّ الإنسان ضرٌ دعا ربه منيباً إليه ثم إذا خوّله نعمة منه نسي ما كان يدعو إليه من قبل وجعل لله أنداداً (2) ليضل عنه سبيله) (الزمر: 8)
(وما بكم من نعمة فمن الله ثم إذا مسّكم الضرّ فإليه تجأرون. ثم إذا كشف الضرّ عنكم إذا فريقٌ منكم بربهم يشركون. ليكفروا بما آتيناهم فتمتعوا فسوف تعلمون. ويجعلون لما لا يعلمون نصيباً (3) مما رزقناهم، تالله لتسئلنّ عما كنتم تفترون) (النحل: 53 –56)
وأما الآخر فشهادة القرآن ما يأتي:
(وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم ليردوهم وليلبسوا عليهم دينهم) (الأنعام: 137)
ومن الظاهر أنه ليس المراد بـ (شركاء) في هذه الآية: الآلهة والأصنام، بل المراد بهم أولئك القادة والزعماء الذين زينوا للعرب قتل أولادهم وجعلوه في أعينهم مكرمة. فأدخلوا تلك البدعة الشنعاء على دين إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام. وظاهر كذلك أن أولئك الزعماء لم يكن القوم قد اتخذوهم شركاء من حيث كانوا يعتقدون أن لهم السلطان فوق نظام الأسباب في هذا العالم، أو كانوا يعبدونهم ويدعونهم، بل كانوا قد جعلوهم شركاء مع الله في الألوهية والربوبية من حيث كانوا يسلمون بحقهم في أن يشرعوا لهم ما يشاؤون من النظم والقوانين لشؤونهم المدنية والاجتماعية، وأمورهم الخلقية والدينية.
(أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله) (الشورى: 21)
وسيأتي تفصيل معاني كلمة (الدين) في موضعه من هذه الرسالة، وهناك سنتبين سعة معاني هذه الآية وشمولها. على أنه يتضح في هذا المقام أن ما كان يتولاه أولئك الزعماء والرؤساء من وضع الحدود والقواعد التي هي بمثابة الدين بغير إذن من الله تعالى، وأن اعتقاد العرب بكونها مما يجب اتباعه والعمل به، كان هو عينه شركة مع الله من أولئك في ألوهيته وربوبيته، وإيماناً من هؤلاء بشركتهم تلك!

دعوة القرآن: أن هذا البحث الذي قد خضنا غماره في الصفحات السابقة بصدد تصورات الأمم الضالة وعقائدها، ليكشف القناع عن حقيقة أن جميع الأمم التي قد وصمها القرآن بالظلم والضلال وفساد العقيدة من لدن أعرق العصور في القدم إلى زمن نزول القرآن، لم تكن منها جاحدة بوجود الله تعالى ولا كانت تنكر كون الله رباً وإلهاً بالإطلاق. بل كان ضلالها الأصلي المشترك بين جميعها أنها كانت قد قسمت المعاني الخمسة لكلمة (الرب) التي قد حددناها في بداية هذا الباب – مستشهدين باللغة والقرآن – قسمين متباينين:
فأما المعاني التي تدل على أن (الرب) هو الكفيل بتربية الخلق وتعهده وقضاء حاجته وحفظه ورعايته بالطرق الخارجة عن النظام الطبيعي، فكانت لها عندهم دلالة أخرى مختلفة، وهم وإن كانوا لا يعتقدون إلا الله تعالى ربهم الأعلى بموجبها، إلا أنهم كانوا يشركون به في الربوبية الملائكة والجن والقوى الغيبية والنجوم والسيارات والأنبياء والأولياء والأئمة الروحانيين.
وأما المعنى الذي يدل على أن (الرب) هو مالك الأمر والنهي وصاحب السلطة العليا، ومصدر الهداية والإرشاد، ومرجع القانون والتشريع، وحاكم الدولة والمملكة وقطب الاجتماع والمدنية، فكانت له عندهم دلالة أخرى متباينة: وبموجب هذا المفهوم كانوا إما يعتقدون أن النفوس الإنسانية وحدهم رباً من دون الله، وإما يستسلمون لربوبية تلك النفوس في شؤون الأخلاق والمدنية والسياسة مع كونهم يؤمنون إيماناً نظرياً بأن الله هو الرب، هذا هو الضلال الذي مازالت تبعث لحسمه الرسل عليهم اللام من لدن فجر التاريخ، ولأجل ذلك بعث الله أخيراً محمداً صلى الله عليه وسلم. وكانت دعوتهم جميعاً أن الرب بجميع معاني الكلمة واحد ليس غير، وهو الله تقدست أسماؤه. والربوبية ما كانت لتقبل التجزئة ولم يكن جزء من أجزائها ليرجع إلى أحد من دون الله بوجه من الوجوه، وأن نظام هذا الكون مرتبط بأصله ومركزه وثيق الارتباط، قد خلفه الله الواحد الأحد، ويحكمه الفرد الصمد، ويملك كل السلطة والصلاحيات فيه الإله الفذّ الموحد! فلا يد لأحد غير الله في خلق هذا النظام ولا شريك مع الله في إدارته وتدبيره ولا قسيم له في ملكوته. وبما أن الله تعالى هو مالك السلطة المركزية، فإنه هو وحده ربكم في دائرة ما فوق الطبيعة، وربكم في شؤون المدنية والسياسة والأخلاق، ومعبودكم ووجهة ركوعكم وسجودكم، ومرجع دعائكم وعماد توكلكم، والمتكفل بقضاء حاجاتكم، وكذلك هو الملك، ومالك الملك، وهو الشارع والمقنن، وهو الآمر والناهي. وكل هاتين الدلالتين للربوبية اللتين قد فصلتم إحداهما عن الأخرى لجاهليتكم، هي في حقيقة الأمر قوام الألوهية وعمادها وخاصة إلهية الإله. لذلك لا يمكن فصل إحداهما عن الأخرى، كما لا يجوز أن يشرك مع الله أحد من خلقه باعتبار أيهما. وأما الأسلوب الذي يدعو به القرآن دعوته هذه فها هو ذا بعبارته:
(إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يغشي الليل والنهار يطلبه حثيثاً والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره، ألا له الخلق والأمر، تبارك الله رب العالمين) ... (الأعراف: 54)
(قل من يرزقكم من السماء والأرض، أمّن يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر فسيقولون الله، فقل أفلا تتقون. فذلكم الله ربكم الحق، فما بعد الحق إلا الضلال فأنى تصرفون) ... (يونس: 31-32)
(خلق السماوات والأرض بالحق يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى) .. (ذلكم الله ربكم له الملك لا إله إلا هو فأنى تصرفون) (الزمر: 5،6)
(الله الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصراً)
(ذلكم الله ربكم خالق كل شيء لا إله إلا هو فأنى تؤفكون) … (الله الذي جعل لكم الأرض قراراً والسماء بناءً وصوركم فأحسن صوركم ورزقكم من الطيبات، ذلكم الله ربكم فتبارك الله رب العالمين. هو الحي لا إله إلا هو فادعوه مخلصين له الدين) (غافر: 61، 62، 64، 65)
(والله خلقكم من تراب) … (يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وسخر الشمس والقمر كلٌ يجري لأجل مسمى، ذلكم الله ربكم له الملك والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير. إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم) (فاطر: 11 و 13-14)
(وله من في السماوات والأرض كل له قانتون) ..
(ضرب لكم مثلاً من أنفسكم هل لكم مما ملكت أيمانكم من شركاء فيما رزقناكم فأنتم فيه سواءٌ تخافونهم كخيفتكم أنفسكم كذلك نفصّل الآيات لقومٍ يعقلون. بل اتبع الذين ظلموا أهواءهم بغير علم) ..
(فأقم وجهك للدين حنيفاً فطرة الله التي فطر الناس عليها، لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكنّ أكثر الناس لا يعلمون) (الروم: 26 و 28 – 29،30) (وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسماوات مطوياتٌ بيمينه سبحانه وتعالى عما يُشركون) (الزمر: 67)
(فلله الحمد رب السماوات ورب الأرض رب العالمين. وله الكبرياءُ في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم) (الجاثية: 36-37)
(رب السماوات والأرض وما بينهما فاعبده واصطبر لعبادته هل تعلم له سميا) (مريم: 65)
(ولله غيب السماوات والأرض وإليه يرجع الأمر كله فاعبده وتوكل عليه) (هود: 123)
(رب المشرق والمغرب لا إله إلا هو فاتخذه وكيلا) (المزمل: 9)
(إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون وتقطعوا أمرهم بينهم كل إلينا راجعون) (الأنبياء: 92-93)
(اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء) (الأعراف: 3)
(قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواءٍ بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله) (آل عمران: 64)
(قل أعوذ برب الناس. ملك الناس. إله الناس) (الناس: 1-3)
(فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً) (الكهف:110)
فبقراءة هذه الآيات بالترتيب الذي سردناها به، يتبين للقارئ أن القرآن يجعل (الربوبية) مترادفة مع الحاكمية والملكية (Sovereignty) ويصف لنا (الرب) بأنه الحاكم المطلق لهذا الكون ومالكه وآمره الوحيد لا شريك له.
وبهذا الاعتبار هو ربنا ورب العالم بأجمعه ومريبنا وقاضي حاجاتنا.
وبهذا الاعتبار هو كفيلنا وحافظنا ووكلينا.
وطاعته بهذا الاعتبار هي الأساس الفطري الصحيح الذي يقوم عليه بنيان حياتنا الاجتماعية على الوجه الصحيح المرضي، والصلة بشخصيته المركزية تسلك شتى الأفراد والجماعات في نظام الأمة.
وبهذا الاعتبار هو حري بأن نعبده نحن وجميع خلائفه، ونطيعه ونقنت له.
وبهذا الاعتبار هو مالكنا ومالك كل شيء وسيدنا وحاكمنا. لقد كان العرب والشعوب الجاهلية في كل زمان اخطأوا - ولا يزالون يخطئون إلى هذا اليوم - بأنهم وزعوا هذا المفهوم الجامع الشامل للربوبية على خمسة أنواع من الربوبية، ثم ذهب بهم الظن والوهم أن تلك الأنواع المختلفة للربوبية قد ترجع إلى ذوات مختلفة ونفوس شتى، بل ذهبوا إلى أنها راجعة إليها بالفعل. فجاء القرآن فأثبت باستدلاله القوي المقنع أنه لا مجال أبداً في هذا النظام المركزي لأن يكون أمر من أمور الربوبية راجعاً - في قليل أو كثير- إلى غير من بيده السلطة العليا، وأن مركزية هذا النظام نفسها هي الدليل البيّن على أن جميع أنواع الربوبية مختصة بالله الواحد الأحد الذي أعطى هذا النظام خلقه.
ولذلك فإن من يظن جزءاً من أجزاء الربوبية راجعاً إلى أحد من دون الله، أو يرجعه إليه، بأي وجه من الوجوه، وهو يعيش في هذا النظام، فإنه يحارب الحقيقة ويصدف عن المواقع ويبغي على الحق، وباقي بيديه إلى التهلكة والخسران بما يتعب نفسه في مقاومة الحق الواقع.
(الرب) اسْم الله تَعَالَى وَلَا يُقَال الرب فِي غير الله إِلَّا بِالْإِضَافَة وَالْمَالِك وَالسَّيِّد والمربي والقيم والمنعم وَالْمُدبر والمصلح (ج) أَرْبَاب وربوب

(الرب) عصارة التَّمْر المطبوخة وَمَا يطْبخ من التَّمْر وَالْعِنَب وَرب السّمن وَالزَّيْت ثفله الْأسود (ج) ربوب ورباب

سوى

السِّوى: هو الغير، وهو الأعيان من حيث تعيناتها.
(سوى) الشَّيْء قومه وعدله وَجعله سويا وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {الَّذِي خلقك فسواك فعدلك} وَبَينهمَا سَاوَى وَالطَّعَام وَنَحْوه أنضجه وَيُقَال سويت عَلَيْهِ الأَرْض وَبِه هلك فِيهَا وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {يَوْمئِذٍ يود الَّذين كفرُوا وعصوا الرَّسُول لَو تسوى بهم الأَرْض}
سوى: سَوى: ساوى، له ثمن. وقد ذكر سَوي الفعل الماضي في بيت ذكر في ألف ليلة (1: 50) انظر لين في مادة ساوى.
سَوِي: أثمر، أغّل، حصل على دخل (ألكالا).
سَوِي: ساوى أكثر، له ثمن أكثر (ألكالا).
سَوي: يسوى أي يصلح (محيط المحيط).
سَوًّى (بالتشديد). سوّى الرَقّ: صقله وجعله أملس لامعاً من كثرة دلكه كما يفعل المشارقة. (عباد 1: 154).
سَوَّى: عدّل، جعله مستوياً (بوشر).
سَوَّى: ضبط ودوزن الآلة الموسيقية (ألكالا) والمصدر منه تسوية. وفي حيان - بسام (3: 50 ف): فأخذت العود وقعدت تسوّيه.
سَوَّى: رتب، نظّم، هيّأ (البكري ص71). وفي رياض النفوس (ص35 و): وكانت المرأة سوَّت البيت وبخرته وأوقدت المصباح (ألف ليلة: 1: 80).
سَوَّى: طبخ الطعام. (لين، ألف ليلة 4: 20) سَوَّى: صنع، فعل (بوشر) وفي محيط المحيط: سوَّيت الشيء أي صنعته، وكيف أُسَوِي أي كيف أفعل.
ساوى الآلة الموسيقية: ضبطها ووزنها (ألكالا).
ساوى بينهم: اصلح (بوشر).
ساوى: وفق بين الآراء (ألكالا).
ساوى: أعزّ، وقّر، أكرم، اعتبر (ألكالا).
ساوى: ما قل وعادل. وساوى به وله: لحق به، وسادى بينهما: جعلهما يتماثلان ويتعادلان (معجم مسلم).
استوى قولهم استوى جالساً لم يفسره لين تفسيراً حسناً. ويستعمل حين يكون المرء مضطجعاً أو متكئاً فيستقيم ويعتدل في جلسته. ففي مختارات من تاريخ العرب (ص274) فلما دخل عليه وجده في صدر متكئاً فلم يقم له ولا استوى جالساً.
ويقال أيضاً: استوى قائماً أي قام مستقيماً معتدلاً (بوشر، كليلة ودمنة ص13).
استوى فلان لي خَصْماً: أي صار لي خصماً وتعين. (محيط المحيط).
استوى مع فلان: اصطلح معه (بوشر بربرية) استوى: نضج (محيط المحيط، همبرت ص51) برجون، هلو (وفيه اشتوى بالشين بدل السين). ألف ليلة: 3: 620 وفيها كان ناضجاً).
استوى: انظر المصدر والمفعول به فيما يلي.
سِيّ. سِيّما: تستعمل من غير لا قبلها وهو خطأ وقع فيه مؤلفون قدماء. تجده مثلاً في الزراعة النبطية لابن العوام (1: 115) وفي كتاب محمد بن الحارث (ص305): كان مبرَّاً من ذلك منزَّهاً سِيّما إنه لم يزل الغم يسري في قلبه الخ. وتجده عنده البيضاوي (1: 11). وهذا الاستعمال كثير عند الكتاب المتأخرين في مصر والمغرب، ففي النويري (الأندلس ص456): كان قد بلغه عن عامل اسمه ربيع إنه ظلم سيما أهل الذمّة. (ميرسنج ص26، المقدمة 1: 9، 70، 217، 2: 86).
سواة. على سواة: في محاذاة، في صف، يقال: بيته في سواة الجامع.
سواتَيْن: سيّان، سواء، لا يعبأ ولا يكترث بفعله، ليس بالجيد ولا بالرديء (بوشر).
سواة: بعد كل حساب، مع ذلك.
سواة: تساويا في سوء المعاملة عند الجدال (بوشر).
سَوَاء: بغية، مراد، مرام (فوك).
سَوَاء: جميعاً، سويّة، مُشاع، صحبة، رفقة، معاً، في نفس الوقت (بوشر) ويقال أيضاً: سوا بسوا (قصة عنتر ص36).
سَوَاء: استقامة، باستقامة، قبالة، تلقاء، تجاه، حذاء (بوشر).
سَوَاء: تماماً، بالضبط، بدقة (معجم الادريسي، دي يونج، تاريخ البربر 2: 3، 14.
شَرْعَ أنْ سَوَا: شَرْعاً سواء، جميعاً (فوك) عدّ ما بقى في كيسه ما اجاسوا أو ما طلع سوا. أي عدّ ما بقي في كيسع من الدراهم فلم يجد ما ينتفع به (بوشر).
سويّ: مستوي الخلق لا داء به ولا عيب، وهو مرادف صحيح (ابن بطوطة 4: 201، 291) وقد أسيئت ترجمتها.
وفي رياض النفوس (ص97 د): يا كذّاب هذا أنا صحيح سوي (ألف ليلة برسل 12: 352).
سَوِيّ: صفة نوع من التمر (زيشر 18: 550).
سَوِيّة: تثمين، تسعير، تقدير (ألكالا).
تَسَاو: مصالحة، طريقة للاتفاق، تسوية الخلاف (بوشر).
مُساويَة: مصالحة، توفيق، إصلاح، اتفاق لحل الخلاف في أمر من الأمور (بوشر).
اسْتِواء: مطابقة، موافقة، ملاءمة (بوشر).
استواء: اتفاق، تراض (هلو).
استواء: توافق الأصوات في الموسيقى (ألكالا).
استواء: نضج. يقال: استواء بلاغ الأثمار، بلوغ أو ثمار وقت نضجها (بوشر).
على غير استواء: منحرف المزاج، مريض (ألف ليلة 1: 588، 605).
مُسُتَوٍ ومُسْتَوي: سهل، مهاد، وكذلك مُسْتَواة (معجم الطرائف).
مُسْتوٍ: ناضج. ورجل مستو: عاقل، حكم (بوشر).

سو

ى1 سَوِىَ, aor. ـْ see 3, in two places.

A2: [Accord. to Golius, سَوَى, inf. n. سِوًى, signifies He intended, or proposed to himself: this he says as on the authority of the KL, in which only the inf. n. is mentioned with the explanation قصد وآهنگ كردن: and to this, Freytag adds the authority of Meyd; and also that the verb governs the thing which is its objective complement in the accus. case. In the S and other lexicons of good repute, I find the meaning of قَصَدَ assigned to اِسْتَوَى followed by إِلَى; but in none to سَوَى.]2 سوّاهُ, (S, M, &c.,) inf. n. تَسْوِيَةٌ, (K,) He made it equal, equable, uniform, even, level, flat, plane or plain; (S, * M, MA, Msb, K;) or equal in respect of elevation or of depression; (Er-Rághib, TA;) [and straight, right, direct, or rightly directed; (see its quasi-pass. 8;)] and ↓ اسواهُ signifies the same; (M, K;) namely, a place, (Msb, K,) or a thing, (S, M, Er-Rághib, TA,) or an uneven, or a crooked, thing. (Mgh.) It is said in a trad., فَأَمَرَ بِالخِرَبِ فَسُوِّيَتْ [And he gave orders respecting the ruins, and they were levelled]. (TA in art. خرب.) And in another trad., سَوَّيْنَا عَلَى رُقَيَّةَ, meaning We buried Ru-keiyeh, and made the earth of the grave even, or level, over her. (Mgh.) [Hence also,] سُوِّيتْ عَلَيْهِ الأَرْضُ: see 8. And hence the saying in the Kur [iv. 45], لُوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ, (TA,) i. e. That they were buried, and that the ground were made level over them; (S, * Bd;) بِ being here syn. with عَلَى: (TA in art. ب:) or the meaning is, that they became like the dust of the earth; (M, Jel;) thus expl. by Th; (M;) or that they had not been created, and that they and the earth were alike. (Bd.) [Hence also,] بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّىَ بَنَانَهُ, in the same [lxxv. 4], is said to mean [Yea: we are able] to make his hand like the foot of the camel, without fingers: or to make his fingers uniform, of one measure or size: (TA:) or the meaning is, we are able to put together the bones of his fingers [consistently] as they were. (Bd, Jel.) And بَيْنَ ↓ حَتَّى إِذَا سَاوَى

الصَّدَفَيْنِ, in the Kur [xviii. 95], means سَوَّى

بَيْنَهُمَا [i. e. Until, when he had made the space between the two sides of the mountains even, or level, by filling it up]. (TA.) b2: [Also He made it uniform, equal, or consimilar, with another thing.] One says, سَوَّيْتُهُ بِهِ, (M, K,) inf. n. as above; (K;) and به ↓ سَاوَيْتُهُ, (M, * TA, TK,) and به ↓ أَسْوَيْتُهُ; I made it uniform, or equal, with it; or like it: (M, K, TA:) and ↓ سَاوَيْتُ هٰذَا بِذَاكَ I raised this so as to make it equal in measure, or quantity, or amount, with that. (TA.) And سَوَّيْتُ بَيْنَهُمَا, and ↓ سَاوَيْتُ, (S, M, K,) I made them uniform, or equal, each with the other; or like each other. (M, K, TA.) b3: [and He made it symmetrical or symmetrically, by, or with, a just adaptation of its component parts; made it congruous or consistent in its several parts, or with congruity or consistency in its several parts: he made it, formed it, or fashioned it, in a suitable manner: he made it to be adapted, or so as to be adapted, to the exigencies, or requirements, of its case, or of wisdom: he made it complete, or in a complete manner; completed it, or completed its make: he made it right or good, or in a right or good manner; rectified it; adjusted it; or put it into a right, or good, state.] In the Kur xxxii. 8, it means He made him symmetrical [or symmetrically], by the fit, or suitable, formation of his members. (Bd,) And سَوَّيْتُهُ in the same, xv. 29 and xxxviii. 72, I made his creation symmetrical: (Bd:) or I completed him, or made him complete. (Jel.) And سَوَّى in the same, lxxxvii. 2, He made what He created congruous or consistent in the several parts. (Jel.) And الَّذِى خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ, in the same [lxxxii. 7], means [Who created thee,] and made thy creation to be adapted to the exigencies, or requirements, of wisdom. (TA.) وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا, in the same, [xci. 7, means By a soul and what made it to be adapted to its exigencies, i. e., to the performance of its functions, for it] is indicative of the faculties of the soul: this explanation is more proper than that which makes ما to mean [Him who, i. e.] God. (TA.) And رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا, in the same, lxxix. 28, means He hath raised high [its canopy, or] the measure of its elevation from the earth, or its thickness upwards, and made it symmetrical, or even, (Bd,) or completed it by adorning it with the stars, (Bd, TA, *) agreeably with what is said in the Kur xxxvii. 6, (TA,) and by means of the revolvings [thereof], &c.: from the saying next following. (Bd.) سوّى

فُلَانٌ أَمْرَهُ Such a one rectified, or adjusted, his affair; or put it into a right, or good, state. (Bd in lxxix. 28.) [Hence,] one says, سَوِّ وَلَا تُسَوِّئْ Rectify thou, and do not corrupt, or mar. (A and TA in art. سوأ.) [One says also, سوّى

الطَّعَامَ He cooked the food thoroughly: see 8 as its quasi-pass.] And سوّى فُلَانٌ مَنْصُوبَةً [Such a one framed a stratagem, or plot]. (TA in art. نصب.) A2: سَوَّى [as an intrans. verb, if not a mistranscription for سُوِّىَ], inf. n. as above: see 8.

A3: And سُوِّىَ, [app. for سُوِّئَ,] inf. n. as above, signifies It was, or became, altered [for the worse]; syn. غُيِّرَ. (TA.) 3 ساواهُ, (S, * M, * Msb,) inf. n. مُسَاوَاةٌ (M, Er-Rághib, Msb, TA) and سِوآءٌ, (M,) It was, or became, equal to it, (S, Er-Rághib, Msb, TA,) and like it, in measure, extent, size, bulk, quantity, or amount, and in value, (Msb, TA,) or in linear measure, and in weight, and in the measure of capacity, [as well as in value:] one says هٰذَا لِذٰلِكَ الثَّوْبِ ↓ الثَّوْبُ مُسَاوٍ [This garment, or piece of cloth, is equal in length and breadth to that garment, or piece of cloth]; and هٰذَا الثَّوْبُ لِذٰلِكَ الدِّرْهَمِ ↓ مُسَاوٍ [This garment, or piece of cloth, is equivalent to that dirhem]: and sometimes it means in mode, or manner of being: one says, لِذٰلِكَ السَّوَادِ ↓ هٰذَا السَّوَادُ [This blackness is equal in quality to this blackness]. Er-Rághib, TA.) It is said in a trad., سَاوَى الظِّلُّ التِّلَالَ The shade, or shadow, was like, in its extent, to the mounds, in their height. (TA.) [and ساوى الشَّىْءُ رَأْسَهُ means The thing equalled in height his head: see an ex. of the verb tropically used in this sense voce سِىٌّ.] One says also, هٰذَا يُسَاوِى دِرْهَمًا This is worth, or equal in its value to, a dirhem: and in a rare dial., one says, دِرْهَمًا ↓ سَوِىَ, aor. ـْ (Msb, TA;) which Az disallows, saying, one says ساواه, but not يَسْوَاهُ. (Msb.) And هٰذَا الشَّىْءُ لَا يُسَاوِى كَذَا This thing is not equivalent to [or is not worth] such a thing: (Fr, S:) or لَايُسَاوِى شَيْئًا [It (a garment, or some other thing, M) is not worth anything]: (M, K:) ↓ لا يَسْوَى is of a rare dial., (K,) unknown to Fr, (S,) disallowed by A'Obeyd, but mentioned by others: (M:) Az says that it is not of the language of the Arabs [of pure speech], (Msb, TA,) but is post-classical; and in like manner ↓ لا يُسْوِى is not correct Arabic: this last is with damm to the [first] ى: MF says that the generality of authorities disallow it, and the Fs expressly disallows it, but the expositors thereof say that it is correct and chaste, of the dial. of the people of El-Hijáz, though an instance of a verb of which the aor. only is used. (TA.) One says likewise, ساوى الرَّجُلُ قِرْنَهُ The man equalled his opponent, or competitor, in knowledge, or in courage. (TA.) b2: See also 6.

A2: And see 2, in four places, in the former half of the paragraph.4 اسوى as a trans. verb: see 2, in two places, in the former half of the paragraph. b2: لَايُسْوِى

in the sense of لَايُسَاوِى is not correct Arabic: see 3, in the latter part of the paragraph.

A2: As an intrans. verb: see 8. b2: Also He was like his son, or offspring, [in some copies of the K his father, which, as is said in the TA, is a mistake,] in make, (M, K,) or in symmetry, or justness of proportion; (Fr, TA;) or simply he was like his son, or offspring. (M.) [In this instance, and in all the senses here following that are mentioned in the K, the verb is erroneously written in the CK استوى.] b3: اسوى فِى المَرْأَةِ i. q. أَوْعَبَ, (M, K, TA,) i. e. He inserted the whole of his ذَكَر into the فَرْج [of the woman]. (TA.) A3: Also, [as though originally أَسْوَأَ,] He was, or became, base, abased, object, vile, despicable, or ignominious; syn. خَزِىَ; (M, K;) from السَّوْأَةُ. (TA.) b2: and He voided his ordure; syn. أَحْدَثَ; (Az, M, K;) [likewise] from السَّوْأَةُ, as meaning “ the anus. ” (Az, TA.) b3: And hence, in the opinion of Az, and thought by J to be originally أَسْوَأَ [as he says in the S], (TA,) [though trans.,] He dropped, left out, omitted, or neglected, (S, M, K,) and did so through inadvertence, (S, K,) a thing, (S,) or a letter, or word, of the Kur-án, (M, K,) or a verse thereof: (M:) mentioned by A'Obeyd: (S:) and in like manner, accord. to IAth, in reckoning, and in shooting, or casting: and Hr says that أَشْوَى, with ش, is allowable, as meaning أَسْقَطَ. (TA.) b4: Also He was, or became, affected with بَرَص [or leprosy, which is sometimes termed السُّوْءُ; so that the verb in this sense also seems to be originally أَسْوَأَ]. (TA.) b5: And He was, or became, restored to health, [or free from سُوْءٌ as meaning an evil affection, (as though the verb were in this sense likewise originally أَسْوَأَ, the incipient أ being privative, as it is in many other instances, like the Greek privative

α,)] after a disease, or malady. (TA.) A4: أَسْوَيْتُهُ بِهِ: see Q. Q. 1 in art. اسو.5 تَسَوَّىَ see 8.6 تَسَاوَيَا They two were, or became, equal, like each other, or alike; as also ↓ اِسْتَوَيَا. (M, K.) ↓ استوى has two and more agents assigned to it: one says, استوى زَيْدٌ وُعَمْرُو وَخَالِدٌ فِى هٰذَا [Zeyd and 'Amr and Khálid were equal, or alike, in this]; i. e. تَسَاوَوْا: whence the saying in the Kur [ix. 19], عِنْدَ اللّٰهِ ↓ لَا يَسْتَوُونَ [They will not be equal, or alike, in the sight of God]. (TA.) and one says, تَسَاوَوْا فِى المَالِ They were, or became, equal in respect of the property, none of them exceeding another; as also فِيهِ ↓ اِسْتَوَوْا. (Msb.) It is said in a trad., as some relate it, ↓ مَنْ سَاوَى

يَوْمَاهُ فَهُوَ مَغْبُونٌ, in which the meaning is said to be تَسَاوَى [i. e. He whose two days are alike, neither being distinguished above the other by any good done by him, is weak-minded]. (TA.) And in another it is said, لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا تَفَاضَلُوا فَإِذَا تَسَاوَوْا هَلَكُوا, (S, * TA,) i. e. [Men will not cease to be in a good state while they vie in excellence,] but when they cease from vying in excellent qualities and are content with defect [and thus become alike, they perish]: or when they become equal in ignorance: or when they form themselves into parties and divisions, and every one is alone in his opinion, and they do not agree to acknowledge one exemplar or chief or leader [so that they are all alike]: or, accord. to Az, when they are alike in evil, there being none among them possessed of good. (TA.) 8 استوى [seems, accord. to Bd, to signify primarily He sought, or desired, what was equal, equable, uniform, even, or the like: for he says (in ii. 27) that the primary meaning of الاِسْتِوَآءُ is طلَبُ السَّوَآءِ; app. indicating the sense in which السوآء is here used by what follows. b2: And hence, accord. to him, but I would rather say primarily, as being quasi-pass. of سَوَّاهُ,] It was, or became, equal, equable, uniform, even, level, flat, plane or plain, [or equal in respect of elevation or of depression, (see 2, first sentence,)] straight, right, direct, or rightly directed; syn. اِعْتَدَلَ (S, M, Msb, K, TA, and Ksh and Bd in ii. 27) فِى ذَاتِهِ, (TA,) said of a place, (Msb,) and اِسْتَقَامَ, said of a stick, or piece of wood, &c. (Ksh ubi suprà.) And ↓ سَوَّى, [if not a mistranscription for سُوِّىَ,] inf. n. تَسْوِيَةٌ, signifies the same as استوى [app. meaning as above], accord. to IAar; and so does ↓ أَسْوَى, as also أَوْسَى, formed from it by transposition. (TA.) One says, اِسْتَوَتْ بِهِ الأَرْضُ [lit. The earth, or ground, became equable, uniform, even, &c., with him, he having been buried in it], meaning he perished in the earth; as also ↓ تَسَوَّتْ, and عَلَيْهِ ↓ سُوِّيَتْ. (M, K.) And استوت أَرْضُهُمْ Their land became [even in its surface, being] affected with drought, or barrenness. (M, * TA.) And استوى المَآءُ وَالخَشَبَةَ, meaning مَعَ الخَشَبَةِ [i. e. The water became even, or level, with the piece of wood]. (TA.) See also 6, in four places. One says also, استوى المُعَوَّجُ [or المُعْوجُّ (as in the MA) i. e. The crooked, or uneven, became straight, or even]: (Mgh:) and استوى مِنِ اعُوِجَاجٍ [It became even from a state of unevenness]. (S.) فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ, in the Kur xlviii. last verse, means And has stood straight, or erect, (Bd,) or become strong, and stood straight, or erect, (Jel,) upon its stems. (Bd, Jel. [Golius erroneously assigns a similar meaning to استسوى, a verb which I do not anywhere find.]) And فَاسْتَوَى in the same, liii. 6, And he stood straight, or erect, in his proper form in which God created him: or was endowed by his strength with power over the affair appointed to him: (Bd:) or became firm, or steady. (Jel.) استوى said of a stick &c. means It stood up or erect: and was, or became, even, or straight: hence one says, استوى إِلَيْهِ كَالسَّهْمِ المُرْسَلِ He, or it, went towards him, or it, with an undeviating, a direct, or a straight, course, like the arrow hot forth: and hence, ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَآءِ is metaphorically said of God, in the Kur ii. 27 [and xli.

10]; (Ksh;) meaning (tropical:) Then He directed himself by his will to the [heaven, or] elevated regions, (Ksh, Bd,) or upwards, (Ksh,) or to the heavenly bodies; (Bd;) syn. عَمَدَ, (Zj, M, K,) and قَصَدَ (Zj, S, M, K, and Ksh and Bd) بِإِرَادَتِةِ; (Ksh, Bd;) for when الاِسْتِوَآءُ is trans. by means of إِلَى

it imports the meaning of the directing of oneself, or, as in this case, of one's design: (TA;) you say of any one who has finished a work and has directed himself to another, قَدِ اسْتَوَى لَهُ and إِلَيْهِ: (Har p. 631:) or the meaning here is صَعِدَ, (Zj, M, K,) or صَعِدَ أَمْرُهُ [i. e. his command ascended]; (M;) and this is what is intended here by صَعِدَ: (TA:) or أَقْبَلَ عَلَيْهَا [i. e. He advanced to it, namely, the heaven]; (Fr, Th, M, K;) like as one says, كَانَ فُلَانٌ مُقْبِلًا عَلَى فُلَانٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَىَّ يُشَاتِمُنِى and إِلَىّض also, meaning أَقْبَلَ [i. e. Such a one was advancing against such a one, then he advanced against me, and to me, reviling me, or contending with me in reviling]: (TA:) or it means اِسْتَوْلَى, (M, K,) as some say: (M:) J says, [in the S,] but not explaining thereby the verse above cited, that it signifies also اِسْتَوْلَى and ظَهَرَ [as meaning He had, or gained, the mastery, or victory]: and hence the saying of El-Akhtal, cited by him [in the S,] قَدِ اسْتَوَى بِشْرٌ عَلَى العِرَاقِ مِنْ غَيْرِ سَيْفٍ وَدَمٍ مُهْرَاقِ [Bishr has gained the mastery over El-'Irák without sword and without shed blood]: Er-Rághib says that when this verb is trans. by means of عَلَى, it imports the meaning of الاِسْتِيلَآء; as in the saying in the Kur [xx. 4], اَلرَّحْمٰنُ عَلَى

الْعَرْشِ اسْتَوَى [which may be rendered, The Compassionate hath ascendancy over the empyrean so as to have everything in the universe equally within his grasp; agreeably with what here follows]: he then adds, it is said to mean that everything is alike in relation to Him in such manner that no one thing is nearer to Him than another thing, since He is not like the bodies that abide in one place exclusively of another place. (TA.) The saying لَمَّا اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ عَلَى البَيْدَآءِ means [When his riding-camel] ascended with him upon the desert: or stood up with him straight upon its legs. (Mgh.) and one says, استوى عَلَى ظَهْرِ دَابَّتِهِ, (S, TA,) or عَلَى الفَرَسِ, (Msb,) He was, or became, firm, or steady, [or he settled himself, or became firmly seated, or sat firmly,] upon the back of his beast, or upon the horse: (S, Msb, TA:) and استوى جَالِسًا [He became firm, or steady, sitting; or he settled himself in his sitting place; or sat firmly]. (Msb.) [استوى as quasi-pass. of سَوَّاهُ also signifies It was made, or became, symmetrical; congruous, or consistent in its several parts: was made, formed, or fashioned, in a suitable manner: was made, or became, adapted to the exigencies, or requirements, of its case, or of wisdom: was made, or became, complete: was made, or became, right, or good; became rectified, adjusted, or put into a right or good state. And hence,] استوى

الرَّجُلُ i. q. بَلَغَ أَشُدَّهُ [q. v.]; (M, K;) [generally meaning] The man [became full-grown, of full vigour, or mature, in body, or in body and intellect; i. e.] attained the utmost limit of [the period termed] his شَبَاب; (S;) or attained the utmost limit of his شَبَاب, and the completion of his make and of his intellect, by the completion of from twenty-eight to thirty [years]: (T, TA:) or attained to forty (T, M, K) years. (K.) and استوى الطَّعَامُ The food became thoroughly cooked. (Msb.) [خَطُّ الاِسْتِوَآءِ means The equinoctial line.]

سَىٌّ, [app. a dial. var. of سِىٌّ]: see لَا سِيَّمَا, in the next paragraph.

سِىٌّ, originally سِوْىٌ; and its dual: see سَوَآءٌ, in ten places, all except one in the latter half of the paragraph. b2: [Hence,] of him who is, or has become, in a state of wealth, or welfare, [or rather, of abundant wealth or welfare,] one says, هُوَ فِى سِىِّ رَأْسِهِ and رَأْسِهِ ↓ سَوَآءِ, (Fr, S,) or وَقَعَ فِى سِىِّ رَأْسِهِ [in the CK (erroneously) سَىِّ] and رأسه ↓ سَوَآءِ (M, K) and رأسه ↓ سِوَآءِ, (K,) or وَقَعَ رأسه ↓ مِنَ النِّعْمَةِ فِى سِوَآءِ, (Ks, M,) i. e. (assumed tropical:) [He is in, or has lighted upon, or come upon,] what is in the predicament of his head (حُكْمِ رَأْسِهِ) [in point of eminence, of wealth, or welfare]: or what covers his head [thereof]: (M, K:) or what equals his head [in eminence] (يُسَاوِى رَأْسَهُ), of wealth, or welfare: (T, TA:) or what has equalled his head [in eminence], of wealth, or welfare; i. e. what has accumulated upon him, and filled [or satisfied] him: (M:) or [what equals] the number of the hairs of his head, of wealth, or good; (A'Obeyd, S, K;) as some explain it. (A'Obeyd, S.) See also سِنٌّ, last sentence but one. b3: [Hence likewise,] لَا سِيَّمَا, (S, M, Msb, K,) also pronounced لا سِيَمَا, without teshdeed, (Msb, Mughnee, K,) and ↓ لا سَيَّمَا is a dial. var. thereof, (Msb,) a compound of سِىّ and مَا, denoting exception: (S:) one says, لَا سِيَّمَا زَيْدٍ, i. e. لَا مِثْلَ زَيْدٍ [lit. There is not the like of Zeyd; virtually, and generally, meaning above all Zeyd, or especially Zeyd]; مَا being redundant: and لا سيّما زَيْدٌ also; like as one says, دَعْ مَا زَيْدٌ: (M, K:) [J says,] with respect to the case of the noun following ما, there are two ways: you may make مَا to be in the place of الَّذِى, and mean that an inchoative is to be understood, [namely, هو or the like,] and put the noun that you mention in the nom. case as the enunciative; thus you may say, جَآءَنِى القَوْمُ لَا سِيَّمَا أَخُوكَ, meaning لَا سِىَّ الَّذِى

هُوَ أَخُوكَ [i. e. The people, or party, came to me, and there was not the like of him who is thy brother; or above all, or especially, he who is thy brother]: (S, TA: [thus in a copy of the S: in other copies of the same, and in the TA, for سِىَّ, سِيَّمَا:]) but this rendering is invalidated in such a phrase as وَلَا سِيَّمَا زَيْدٌ by the supression of the correlative of the noun in the nom. case where there is no lengthiness, and by the applying ما to denote a rational being: (Mughnee:) or you may put the noun after it in the gen. case, making ما redundant, and making سِىّ to govern the noun in that case because the meaning of سِىّ is مِثْل: [and this is the preferable way:] (Mughnee:) in both of these ways is recited the saying of Imra-el-Keys, أَلَا رُبَّ يُوْمٍ لَكَ مِنْهُنَّ صَالِحٍ وَلَا سِيَّمَا يَوْمٌ بِدَارَةِ جُلْجُلِ [Verily many a good day was there to thee by reason of them; but there was not the like of a day, or above all a day, or especially a day, at Dárat Juljul, a certain pool, where Imra-el-Keys surprised his beloved, 'Oneyzeh, with others, her companions, bathing: see EM pp. 9 and 10]: you say also, أَضْرِبُ القَوْمَ وَلَا سِيَّمَا أَخِيكَ, meaning وَلَا مِثْلَ ضَرْبِ أَخِيكَ [i. e. I will beat the people, or party, but there shall not be the like of the beating of thy brother]: and if you say, وَلَا سِيَّمَا أَخُوكَ, the meaning is, وَلَا مِثْلَ الَّذِى هُوَ أَخُوكَ [and there shall not be the like of him who is thy brother]: in the saying إِنَّ فُلَانًا كَرِيمٌ وَلَا سِيَّمَا إِنْ أَتَيْتَهُ قَاعِدًا, accord. to Akh, ما is a substitute for the affixed pronoun هُ, which is suppressed; the meaning being, وَلَا مِثْلَهُ إِنْ أَتَيْتَهُ قَاعِدًا [i. e. Verily such a one is generous, and there is not the like of him if thou come to him sitting]: (S, TA:) it is said in the Msb, [after explaining that ما in سيّما may be redundant, and the noun after it governed in the gen. case as the complement of a prefixed noun; and that ما may be used in the sense of الّذى, and the noun following put in the nom. case as the enunciative of the inchoative هو which is suppressed;] that, accord. to some, the noun following may be in the accus. case, as being preceded by an exceptive; [or, as a specificative; (Mughnee;) in which case we must regard ما as a substitute for the affixed pronoun هُ;] but that this is not a good way; [and in this case, accord. to the generality of the authorities, it must be an indeterminate noun, not, like زَيْدٌ, determinate: (Mughnee:)] also that سيّما should not be used without لا preceding it: and that it denotes the predominance of what follows it over what precedes it: but it is added that لا is sometimes suppressed [as is said in the Mughnee] because known to be meant, though this is rare. (TA.) One says also, لَاسِىَّ لِمَا فُلَانٌ (Lh, M, K) i. e. There is not the like of such a one: (TA:) and لَا سِيَّكَ مَا فُلَانٌ (Lh, M, K) i. e. Such a one is not the like of thee. (TA.) [In both of these instances, ما is obviously redundant. Other (similar) usages of سِىّ are mentioned voce سَوَآءٌ, to which reference has been made above.] b4: سِىٌّ also signifies A [desert such as is termed]

مُفَازَة; (S, M, K) because of the evenness of its routes, and its uniformity. (TA.) [Hence السِّىُّ is the name of a particular tract, said in the M to be a certain smooth place in the بَادِيَة.] b5: See also art. سيو.

سِيَّة: see سَوَآء, near the end of the paragraph.

سُوًى: see سَوَآءٌ, in seven places: b2: and see also سِوًى, in two places.

سِوًى: see سَوَاءٌ, in seven places. b2: Also, and likewise ↓ سُوًى, (Akh, S, Msb, Mughnee, K,) and ↓ سَوَآءٌ, (Akh, S, M, Mughnee, K,) and ↓ سِوَآءٌ, (Mughnee,) i. q. مَكَانٌ, (Mughnee,) or غَيْرٌ, (Akh, S, M, Msb, Mughnee, K,) accord. to different authorities: each used as an epithet, and as denoting exception, like غَيْر; accord. to Ez-Zejjájee and Ibn-Málik, used in the same sense and manner as غَيْر: but accord. to Sb and the generality of authorities, an adv. n. of place, always in the accus. case, except in instances of necessity: (Mughnee:) one says, عِنْدِى رَجُلٌ سِوَى زَيْدٍ, meaning بَدَلَ زَيْدٍ and مَكَانَ زَيْدٍ [i. e. I have with me a man instead of Zeyd and in the place of Zeyd]: (Ham p. 570, and TA: *) [but] one says [also] مَرَرْتُ بِرَجُلٍ سِوَاكَ and ↓ سُوَاكَ and ↓ سَوَائِكَ, meaning غَيْرِكَ [i. e. I passed by a man other than thee]: (S:) and ↓ جَآءَنِى سَوَاؤُكَ [and سِوَاك &c. Other than thou came to me], using it as an agent; and ↓ رَأَيْتُ سَوَآءَكَ [and سِوَاكَ &c. I saw other than thee], using it as an objective complement: and ↓ مَا جَآءَنِى أَحَدٌ سَوَآءَكَ [and سِوَاكَ &c. None except thou came to me]: and مَا جَآءَنِى أَحَدٌ

↓ سَوَاؤُكَ [and سِوَاكَ &c. None other than thou came to me]: (Mughnee:) and قَصَدْتُ القَوْمَ سِوَى

زَيْدٍ, meaning غَيْرَ زَيْدٍ [i. e. I betook myself to, or towards, the people, or party, others than Zeyd, which is virtually the same as except Zeyd]: (Msb:) and لَئِنْ فَعَلْتَ ذَاكَ وَأَنَا سِوَاكَ لَيَأْتِيَنَّكَ مِنِّى

مَا تَكْرَهُ, meaning [If thou do that] when I am in a land other than thy land, [what thou dislikest, or hatest, shall assuredly come to thee from me.] (Ibn-Buzurj, TA.) b3: The Arabs also said, عَقْلُكَ سِوَاكَ, meaning Thine intellect has departed from thee. (IAar, M.) A2: The strangest of the meanings of سِوَى, in this sense with the short alif and with kesr, is قَصْدٌ. (Mughnee.) سِوَى الشَّىْءِ means قَصْدُهُ [i. e. The tendency, or direction, of the thing]. (M.) And one says, قَصَدْتُ سِوَى

فُلَانٍ, meaning قَصَدْتُ قَصْدَهُ [i. e. I tended, or betook myself, in the direction of, or towards, such a one]. (S, K. * [In the CK, and in my MS. copy of the K, سَوَاهُ is erroneously put for سِوَاهُ.]) And hence, (Mughnee,) a poet says, (namely, Keys Ibn-El-Khateem, TA,) وَلَأَصْرِفَنَّ سِوَى حُذَيْفَةَ مِدْحَتِى

[And I will surely turn towards Hodheyfeh my eulogy]. (S, Mughnee.) سَوَآءٌ [in some copies of the K erroneously written without ء] in its primary acceptation is an inf. n., [but without a proper verb, used as a simple subst.,] meaning Equality, equability, uniformity, or evenness; syn. اِسْتِوَآءٌ; (Mughnee;) as also ↓ سَوِيَّةٌ: (M, K:) or [rather] it is a subst., (S, and Ksh and Bd in ii. 5,) meaning اِسْتِوَآءٌ, (Ksh and Bd ibid.,) from اِسْتَوَى in the sense of اِعْتَدَلَ; (S;) and signifies [as above: and] equity, justice, or rectitude; syn. عَدْلٌ; (S, M, K;) as also ↓ سَوِيَّةً; (M;) and ↓ سِوًى and ↓ سُوًى, as well as سَوَآءٌ, accord. to Fr, are syn. with نَصَفٌ; and accord. to him, (TA,) and to Akh, (S, TA,) syn. with عَدْلٌ; (S, K, TA;) [but app., only syn. with عَدْلٌ and نَصَفٌ not as a subst. but as an epithet, like وَسَطٌ thus used, as will be shown by what follows, although] each said by Er-Rághib to be originally an inf. n. (TA.) One says, هُمَا مِنْ هٰذَا الأَمْرِ ↓ عَلَى سَوِيَّةً, meaning سَوَآءٍ [i. e. They two are on an equality, or on a par, in respect of this affair, or case]: (S, TA:) and ↓ هُمْ عَلَى سَوِيَّةٍ, meaning [likewise] اِسْتِوَآءٌ [i. e. They are on an equality, or on a par], (M, K,) فِى هٰذَا الأَمْرِ [in this affair, or case]. (M.) and ↓ قَسَمْتُ الشَّىْءَ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ, (S,) meaning بِالعَدْلِ [i. e. I divided the thing between them two with equity, justice, or rectitude]. (TA.) And it is said in the Kur [viii. 60], فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَآءٍ, meaning عَدْلٍ [as expl. in art. نبذ, q. v.]. (S, * TA.) [Hence,] لَيْلَةُ السَّوَآءِ The night of the thirteenth [of the lunar month; the first being that on which the new moon is first seen]; (As, S, K, TA;) in which the moon becomes equable or uniform (يَسْتَوِى) [in illumination]: (TA:) or the night of the fourteenth. (M, K.) b2: and i. q. وَسَطٌ [as meaning The middle, or midst, of a thing]; (S, M, Mughnee, K;) as also ↓ سُوًى and ↓ سِوًى. (Lh, M, K.) Hence, سَوَآءُ الشَّىْءِ The middle, or midst, of the thing; (S, M;) as also ↓ سُوَاهُ and ↓ سِوَاهُ. (Lh, M.) It is said in the Kur [xxxvii. 53,] فَرَآهُ فِى سَوَآءِ الْجَحِيمِ [And he shall see him] in the middle or midst [of the fire of Hell]. (S, * Mughnee, TA.) In like manner also one says سَوَآءُ السَّبِيلِ [The middle of the road]: or, accord. to Fr, it means the right direction of the road or way. (TA.) And one says, اِنْقَطَعَ سَوَائِى, meaning My waist [broke], or my middle. (TA.) And سَوَآءُ النَّهَارِ means The middle of the day. (M, K. [In some copies of the K, مُتَّسَعُهُ is erroneously put for مُنْتَصَفُهُ.]) b3: [Hence, perhaps, as being generally the middle or nearly so,] The summit of a mountain. (M, K.) And An [eminence, or a hill, or the like, such as is termed]

أَكَمَة: or a [stony tract such as is termed] حَرَّة: or the head of a حَرَّة. (M.) A2: It is also used as an epithet; (Mughnee;) and signifies Equal, equable, uniform, or even; syn. ↓ مُسْتَوٍ; (M, Mughnee, K;) applied in this sense to a place; (Mughnee;) as also, thus applied, ↓ سَوِىٌّ, and ↓ سِىٌّ; (M, K;) or these two signify, thus applied, [like سَوَآءٌ as expl. hereafter,] equidistant in respect of its two extremities. (TA.) And as syn. with ↓ مُسْتَوٍ, it is applied [to a fem. noun as well as to a sing., and] to one and more than one, because it is originally an inf. n.; whence the phrase لَيْسُوا سَوَآءً [They are not equal; in the Kur iii. 109]. (Mughnee.) Using it in this sense, one says أَرْضٌ سَوَآءٌ [An even land]: and دَارٌ سَوَآءٌ A house uniform (↓ مُسْتَوِيَةٌ) in respect of the [appertenances termed] مَرَافِق: and ثَوْبٌ سَوَآءٌ A garment, or piece of cloth, equal, or uniform, (↓ مُسْتَوٍ,) in its breadth and its length and its two lateral edges: but one does not say جَمَلٌ سَوَآءٌ, nor حَمَارٌ سَوَآءٌ, nor رَجُلٌ سَوَآءٌ: (M, TA:) though one says رَجُلٌ سَوَآءُ البَطْنِ A man whose belly is even with the breast: and سَوَآءُ القَدَمِ having no hollow to the sole of his foot. (TA.) One says also الخَلْقِ ↓ رَجُلٌ سَوِىٌّ, (S, M,) meaning ↓ مُسْتَوٍ

[i. e. A man uniform in make, or symmetrical; or full-grown, of full vigour, or mature in body, or in body and intellect: see 8]: (S:) and رَجُلٌ ↓ سَوِىٌّ A man equally free from excess and deficiency in his dispositions and his make: (Er-Rághib, TA:) or sound in limbs: (TA voce مِرَّةٌ, q. v.:) and ↓ غُلَامٌ سَوِىٌّ A boy, or young man, uniform in make, or symmetrical, (الخَلْقِ ↓ مُسْتَوِى,) without disease, and without fault, or defect: (Mgh:) and the fem. is سَوِيَّةٌ. (M.) Accord. to Er-Rághib, ↓ السَّوِىُّ signifies That which is preserved from excess and deficiency: and hence ↓ الصِّرَاطِ السَّوِىِّ [in Kur xx. last verse, as though meaning The road, or way that neither exceeds, nor falls short of, that which is right]; (Er-Rághib, TA;) the right, or direct, road: (Bd, Jel:) and some read السَّوَآءِ, meaning the middle, good, road: and السَّوْءِ (Ksh, Bd) i. e. the evil, or bad, road: (Bd:) and السُّوْءَى [i. e. most evil, or worst; fem. of أَسْوَأُ; for الصِّرَاطُ is fem. as well as masc.]: (Ksh, Bd:) [and] ↓ السُّوَىَ, of the measure فُعْلَى from السَّوَآءُ, [with which it is syn.,] or originally السُّوْءَى [mentioned above]: (K:) and ↓ السُّوَىِّ, (Ksh, Bd,) which is dim. of السَّوَآء, (Lth, TA,) [or] as dim. of السَّوْء [in which case it is for السُّوَىْءِ]. (Ksh, Bd.) b2: [Hence,] it signifies also Complete: (Mughnee:) you say, هٰذَا دِرْهَمٌ سَوَآءٌ (M, Mughnee) This is a complete dirhem; (Mughnee;) using the last word as an epithet: and سَوَآءً also, using it as an inf. n., as though you said اِسْتِوَآءً: and in like manner in the Kur xli. 9, some road سَوَآءً; and others, سَوَآءٍ. (M.) b3: And Equitable, just, or right; syn. عَدْلٌ: used in this sense in the saying in the Kur [iii. 57], تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَآءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ [Come ye to an equitable, or a just, or right, sentence, or proposition, between us and you]. (Az, TA.) b4: And Equidistant, or midway, (عَدْلٌ, and وَسَطٌ, S, or نَصَفٌ, Mughnee,) between two parties, (S,) or between two places; (Mughnee;) applied as an epithet to a place; as also ↓ سِوًى and ↓ سُوًى; (S, Mughnee;) of which three words the second (سِوًى) is the most chaste; (Mughnee;) or the last two signify equal (مُسْتَوٍ) in respect of its two extremities; and are used as epithets and as adv. ns.; originally, inf. ns. (Er-Rághib, TA.) ↓ مَكَانًا سِوًى and ↓ سُوًى, (M, K,) in the Kur xx. 60, accord. to different readings, means A place equidistant, or midway, (Ksh, Bd, Jel,) between us and thee, (Ksh, Bd,) or to the comer from each of the two extremities: (Jel:) or مَكَانٌ سِوًى and سُوًى means مُعْلَمٌ [i. e. a place marked], (so in a copy of the M and in one of the K,) or مَعْلَمٌ, (so in other copies of the K and in the TA,) which is for ذُو مَعْلَمٍ, meaning having a mark, or sign, by which one is guided, or directed, thereto. (MF, TA.) b5: [Also Equal, or alike, in any respect.] One says, مَرَرْتُ بِرَجُلٍ سَوَآءٍ وَالعَدَمُ, (M, Mughnee, K,) and وَالعَدَمُ ↓ سِوَآءٍ, (K,) and وَالعَدَمُ ↓ سِوًى, and وَالعَدَمُ ↓ سُوًى, (M, K,) meaning وُجُودُهُ وَعَدَمُهُ سَوَآءٌ [i. e. I passed by a man whose existence and whose non-existence are equal, or alike, to me, or in my opinion]: (M, K: *) and Sb mentions the phrase, سَوَآءٌ هُوَ وَالعَدَمُ [as meaning His existence and his nonexistence are equal, or alike, to me]. (M.) and سَوَآءٌ عَلَىَّ قُمْتَ أَوْ قَعَدْتَ [It is equal, or alike, to me, that thou stand or that thou sit, or whether thou stand or sit; or that thou stand or that thou sit is equal, or alike, to me: see Kur ii. 5, and the expositions thereof]. (S.) [And ↓ سِوًى is used as an adv. n., or as an inf. n. adverbially, meaning Alike: see an ex. in a verse cited voce سَبْتٌ.] b6: Also A like; a similar person or thing; (S, M, K;) and so ↓ سِىٌّ: [each used as masc. and fem.; and the former as sing. and dual and pl., though having proper dual and pl. forms:] the pl. of the former is أَسْوَآءٌ, (S, M, K,) and also, (S, * K,) but anomalous, (S,) or [rather] quasi-pl. ns., all anomalous, (M,) ↓ سَوَاسِيَةٌ (S, M, K) and ↓ سَوَاسٍ and ↓ سَوَاسِوَةٌ: (M, K:) and أَسْوَآءٌ is also pl. of ↓ سِىٌّ: (TA:) as to ↓ سَوَاسِيَةٌ, Akh says, سَوَآءٌ is of the measure فَعَالٌ, and سِيَةٌ may be of the measure فِعَةٌ or فِلَةٌ, the former of which is the more agreeable with analogy, the و being changed into ى in سِيَةٌ because of the kesreh before it, for it is originally سِوْيَةٌ; and it is from أَسْوَيْتُ الشَّىْءَ meaning “ I neglected the thing: ” [see 4:] (S:) accord. to Aboo-'Alee, the ى in سَوَاسِيَةٌ is changed from the و in سَوَاسِوَةٌ, in which latter some preserve it to show that it is the final radical: (M:) accord. to Fr, سَوَاسِيَةٌ has no sing., and relates only to equality in evil: (T, TA:) so in the saying, سَوَاسِيَةٌ كَأَسْنَانِ الحِمَارِ [Equals like the teeth of the ass]. (TA.) It requires two [or more nouns for its subjects]: you say, سَوَآءٌ زَيْدٌ وَعَمْرٌو, meaning ذَوَا سَوَآءٍ [i. e., lit., Two possessors of equality, or likeness, are Zeyd and 'Amr], (M, K,) because it is [originally] an inf. n.: (M:) and هُمَا فِى هٰذَا الأَمْرِ سَوَآءٌ [They two are in this affair, or case, likes]: (S:) and هُمَا سَوَاآنِ (S, M, K) and ↓ سِيَّانِ i. e. They two are likes: (S, M, Mgh, Msb, K:) and هُمْ سَوَآءٌ and أَسْوَآءٌ and ↓ سَوَاسِيَةٌ i. e. They are likes; (S; [the first and last of these three are mentioned in the Mgh as identical in meaning;]) or, accord. to Fr, the last means they are equals in evil, not in good: (T, TA:) and ↓ مَاهُوَ لَكَ بِسِىٍّ He is not a person like to thee: and مَاهُمْ لَكَ بِأَسْوَآءٍ [They are not persons like to thee]: (Lh, M:) and ↓ مَاهِىَ لَكَ بِسِىٍّ (Lh, M, K *) i. e. She is not a person like to thee: (TA:) and مَاهُنَّ لَكَ بِأَسْوَآءٍ [They (females) are not persons like to thee]: and لِمَنْ فَعَلَ ذَاكَ ↓ لَا سِىَّ [There is not a like to him who did that]: and إِذَا فَعَلْتَ ذَاكَ ↓ لَا سِيَّكَ [There is not the like of thee when thou doest that]: (Lh, M, K:) and فُلَانٍ ↓ لَا سِيَّةَ (K) [There is not the like of such a one: in the CK, فُلَانٌ: perhaps the right reading is فُلَانٌ ↓ لَا سِيَّكَ Such a one is not the like of thee]. سَوَآءٌ and ↓ سِيَّانِ should not be used with أَوْ in the place of وَ except by poetic license: one of the exceptions to this rule is the saying of Aboo-Dhu-eyb, وَكَانَ سِيَّانِ أَلَّا يَسْرَحُوا نَعَمًا أَوْ يَسْرَحُوهُ بِهَا وَاغْبَرَّتِ السُّوحُ [And they were two like cases that they should not send forth cattle to pasture or send him forth with them when the tracts were very dusty by reason of drought]. (M.) For two other exs. of سَوَآء, [as well as of its syn. سِىّ, and for لَا سِيَّمَا also,] see سِىٌّ. b7: See also سِوًى in six places.

سِوَآءٌ: see سِىٌّ, second sentence, in two places: and سَوَآءٌ also, in the latter half of the paragraph: b2: and see سِوًى. b3: بَعَثُوا بِالسِّوَآءِ وَاللِّوَآءِ means (assumed tropical:) They sent seeking, or demanding, aid, or succour. (K in art. لوى. [The proper signification of السِّوَآء in this instance I do not find explained.]) سَوِىٌّ: see سَوَآءٌ, in the former half of the paragraph, in six places.

سُوَىٌّ: see سَوَآءٌ, in the middle of the paragraph.

سَوِيَّةٌ: see سَوَآءٌ, in five places. b2: [Also fem. of سَوِىٌّ. b3: And hence, as a subst.,] A kind of vehicle of female slaves and of necessitous persons: (K:) or a [garment of the kind called] كِسَآء, stuffed with panic grass (ثُمَام), (S, M, K, and L in art. كرب,) or palm-fibres (لِيف), (M,) or the like, (S, M, and L ubi suprà,) resembling the بَرْذَعَة [q. v.], (S, and L ubi suprà,) which is put on the back of the camel, (M,) or on the back of the ass &c., (L ubi suprà,) and which is one of the vehicles of female slaves and of necessitous persons: (M:) and likewise such as is put upon the back of the camel, but in the form of a ring because of the hump, and [also] called حَوِيَّةٌ [q. v.]: pl. سَوَايَا. (S.) سَوَاسٍ and سَوَاسِوَةٌ and سَوَاسِيَةٌ: see سَوَآءٌ, in the latter half of the paragraph; the last of them in three places.

سَوَّآءٌ لَوَّآءٌ, each of the measure فَعَّالٌ, irregularly derived from اِسْتَوَى and اِلْتَوَى; a prov., applied to women, meaning Straight and bending, and collecting together and separating; not remaining in one state, or condition. (Meyd.) b2: and أَرْضٌ سَوَّآءٌ Land of which the earth, or dust, is like sand. (IAth, TA.) سَايَةٌ is [held by some to be] of the measure فَعْلَةُ from التَّسْوِيَةُ [inf. n. of سوّى]; (K;) mentioned by Az on the authority of Fr; but in copies of the T, فَعْلَةٌ from السَّوِيَّةُ. (TA.) One says, ضَرَبَ لِى سَايَةً, meaning He prepared for me a speech: (K:) or an evil speech, which he framed (سَوَّاهَا) against me to deceive me: mentioned by Az on the authority of Fr. (TA.) [See the same word in art. سوأ.]

أَسْوَى [More, and most, equal, equable, uniform, or even: and more, or most, equitable, &c.]. One says, هٰذَا المَكَانُ أَسْوَى هٰذِهِ الأَمْكِنَةِ i. e. [This place is] the most even [of these places]. (M.) تَسْوَآءٌ An even place; occurring in a trad.: the ت is augmentative. (TA.) مُسْوٍ [act. part. n. of 4]. One says in answer to him who asks, “How have ye entered upon the morning? ” (S,) or “ How have ye entered upon the evening? ” (M, TA,) مُسْوُونَ صَالِحُونَ [as enunciatives of نَحْنُ understood], (S, M,) or صَالِحِينَ ↓ مُسْتَوِينَ [as enunciatives of أَصْبَحْنَا or أَمْسَيْنَا understood, but I think that مُسْتَوِينَ is a mistranscription for مُسْوِينَ], meaning In a good, right, state, with respect to our children and our cattle. (S, M, TA.) مُسَاوٍ: see 3, in three places.

مُسْتَوٍ: see سَوَآءٌ, in the former half of the paragraph, in six places: and see also مُسْوٍ. [هِلَالٌ مُسْتَوٍ: see أَدْفَقُ.]

الصّباغ

(الصّباغ) مَا تلون بِهِ الثِّيَاب وَنَحْوهَا والإدام الْمَائِع وصباغ الدَّم (فِي الطِّبّ) الْمَادَّة الَّتِي تسبب لون الدَّم (ج) أصبغة (مج)
(الصّباغ) من عمله تلوين الثِّيَاب وَنَحْوهَا والــكذاب
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.