Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: غدا

المَرْداتُ

المَرْداتُ:
هو المرداء الذي قبله سواء في المعنى إلا أن أبا عمرو رواه هكذا، قال عامر بن الطفيل:
وإنك لو رأيت، أميم، قومي ... غداة قراقر لنعمت عينا
وهنّ خوارج من حيّ كلب ... وقد شفي الحزازة واشتفينا
وقد صبّحن يوم عويرضات ... قبيل الشرق باليمن الحصينا
وبالمردات قد لاقين غنما ... ومن أهل اليمامة ما بغينا

مُشَرِّقٌ

مُشَرِّقٌ:
بضم أوله، وفتح ثانيه، وتشديد الراء وكسرها:
واد بين العذيب وعين شمس في عدوتيه الدنيا منهما إلى العذيب والقصوى منهما من العذيب ومن عين شمس، دفن فيهما شهداء يوم القادسية من المسلمين، وقد قال شاعر في نقل سعد إياهم إلى هنالك:
جزى الله أقواما بجنب مشرّق ... غداة دعا الرحمن من كان داعيا
جنانا من الفردوس والمنزل الذي ... يحلّ به م الخير من كان باقيا
قال: ودفن شهداء ليلة الهرير من ليالي القادسية وقتلى يوم القادسية وهو آخر أيام القادسية حول قديس من وراء العقيق وكانوا ألفين وخمسمائة بحيال مشرّق ودفن شهداء ما كان قبل ليلة الهرير على مشرّق.

المَضِبيقُ

المَضِبيقُ:
قرية في لحف آرة بين مكة والمدينة، أغارت بنو عامر ورئيسهم علقمة بن علاثة على زيد الخيل الطائي فالتقوا بالمضيق فأسرهم زيد الخيل عن آخرهم وكان فيهم الحطيئة فشكا إليه الضايقة فمنّ عليه، فقال الحطيئة:
إلّا يكن مالي ثوابا فإنه ... سيأتي شيائي زيدا ابن مهلهل
فما نلتنا غدرا ولكن صبحتنا ... غداة التقينا في المضيق بأخيل
كريم تفادى الخيل من وقعاته ... تفادي خشاش الطير من وقع أجدل
والمضيق فيما قيل: موضع مدينة الزّبّاء بنت عمرو ابن ظرب بن حسّان بن أذينة السميدع بن هوير العمليقي قاتلة جذيمة، قالوا: وهي بين بلاد الخانوقة وقرقيسيا على الفرات.

مَعُونَةُ

مَعُونَةُ:
بئر معونة: بين أرض عامر وحرّة بني سليم، ذكرت في الآبار، وهي بفتح الميم، وضم العين، وواو ساكنة، ونون بعدها هاء، والمعونة مفعولة في قياس من جعلها من العون، وقال آخرون: المعونة فعولة من الماعون، وقيل: هو مفعلة من العون مثل مغوثة من الغوث والمضوفة من أضاف إذا أشفق والمشورة من أشار يشير، قال حسّان يرثي من قتل بها من أصحاب رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، وكان أبو براء عامر بن مالك قدم على رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، المدينة وقال له: لو أنفذت من أصحابك إلى نجد من يدعو أهله إلى ملّتك لرجوت أن يسلموا وما كنت أخاف عليهم العدوّ، فقال: هم في جواري، فبعث معه أربعين رجلا فلما حصلوا بئر معونة استنفر عليهم عامر بن الطفيل بني سليم وغيرهم فقتلوهم، فقال حسان بن ثابت يرثيهم:
على قتلى معونة فاستهلّي ... بدمع العين سحّا غير نزر
على خيل الرسول غداة لاقوا ... ولاقتهم مناياهم بقدر
في أبيات ...

نَشَاسْتَجُ

نَشَاسْتَجُ:
ضيعة أو نهر بالكوفة كانت لطلحة بن عبيد الله التيمي أحد العشرة المبشرة، وكانت عظيمة كثيرة الدخل، اشتراها من أهل الكوفة المقيمين
بالحجاز بمال كان له بخيبر وعمرها فعظم دخلها حتى قال سعيد بن العاص وقيل له إن طلحة بن عبيد الله جواد: إن من له مثل نشاستج لحقيق أن يكون جوادا، والله لو أن لي مثله لأعاشك الله به عيشا رغدا، قال الواقدي عن إسحاق بن يحيى عن موسى بن طلحة قال: أول من أقطع بالعراق عثمان بن عفان، رضي الله عنه، قطائع مما كان من صوافي آل كسرى ومما جلا عنه أهله فقطع لطلحة بن عبيد الله النشاستج، وقيل: بل أعطاه إياها عوضا عن مال كان له بحضرموت.

مَقَدُ

مَقَدُ:
بالتحريك، اختلف فيه فقال الأزهري حكاية عن الليث: المقديّ من الخمر منسوبة إلى قرية بالشام، وأنشد في تخفيف الدال:
مقديّا أحلّه الله للنا ... س شرابا وما تحلّ الشّمول
وقال عدي بن الرقاع وقد شدد الدال:
غشيت بعفر أو برجلتها ربعا ... رمادا وأحجارا بقين بها سفعا
فما رمتها حتى غدا اليوم نصفه، ... وحتى سرت عيناي كلتاهما دمعا
أسرّ هموما لو تغلغل بعضها ... إلى حجر صلد تركن به صدعا
أميد كأنّي شارب لعبت به ... عقار ثوت في سجنها حججا سبعا
مقدّيّة صهباء تشخن شربها ... إذا ما أرادوا أن يروحوا بها صرعى
عصارة كرم من حديجاء لم تكن ... منابتها مستحدثات ولا قرعا
وقال شمر: سمعت أبا عبيدة يروي عن أبي عمرو:
المقديّ ضرب من الشراب، بتخفيف الدال، قال:
والصحيح عندي أن الدال مشددة، قال: وسمعت رجاء بن سلمة يقول المقدّي، بتشديد الدال، الطّلاء المنصّف مشبّه بما قدّ بنصفين، ويصدّقه قول عمرو ابن معدي كرب:
وقد تركوا ابن كبشة مسلحبّا ... وهم شغلوه عن شرب المقدّي
وقيل: مقديّة قرية بناحية دمشق من أعمال أذرعات، ينسب إليها الأسود بن مروان المقدي، يروي عن سليمان بن عبد الرحمن ابن بنت شرحبيل الدمشقي، أثنى عليه أبو القاسم الطبراني ووثقه وروى عنه، وقال الحازمي: مقدّ قرية بحمص مذكورة بجودة الخمر، وقال أبو القاسم الطيّب بن علي التميمي اللغوي: المقدّي من قرية مقدّ، وقال أبو منصور:
أنبأنا السعدي أنبأنا ابن عفّان عن ابن نمير عن الأعمش عن منذر الثوري قال: رأيت محمد بن علي يشرب الطلاء المقدّيّ الأصفر كان يرزقه إياه عبد الملك وكان في ضيافته يرزقه الطلاء وأرطالا من اللحم، ورواه ابن دريد بكسر الميم وفتحها وقال: المقدية ضرب من الثياب ولا أدري إلى ما تنسب، وقال نفطويه:
المقدّ، بتشديد الدال، قرية بالشام، وقال غيره:
هي في طرف حوران قرب أذرعات.

مَقْرٌ

مَقْرٌ:
بالفتح ثم السكون، وهو في اللغة إنقاع السمك الملح في الماء: موضع قرب فرات بادقلا من ناحية البرّ من جهة الحيرة، كانت بها وقعة للمسلمين وأميرهم خالد بن الوليد في أيام أبي بكر، رضي الله عنه، فقال عاصم بن عمرو:
ألم ترنا غداة المقر فئنا ... بأنهار وساكنها جهارا
قتلناهم بها ثم انكفأنا ... إلى فم الفرات بما استجارا
لقينا من بني الأحرار فيها ... فوارس ما يريدون الفرارا

مُكْرَانُ

مُكْرَانُ:
بالضم ثم السكون، وراء، وآخره نون أعجمية، وأكثر ما تجيء في شعر العرب مشددة الكاف، واشتقاقها في العربية أن تكون جمع ما كر مثل فارس وفرسان، ويجوز أن تكون مكران جمع مكر مثل وغد ووغدان وبطن وبطنان، قال حمزة: قد أضيفت نواح إلى القمر لأن القمر هو المؤثر في الخصب فكل مدينة ذات خصب أضيفت إليه، وذكر عدّة مواضع ثم قال: وماه كرمان هو الذي اختصروه فقالوا مكران، ومكران:
اسم لسيف البحر، وقد شدّد كافه الحكم بن عمرو التغلبي وكان قد افتتحها في أيام عمر فقال:
لقد شبع الأرامل، غير فخر، ... بفيء جاءهم من مكّران
أتاهم بعد مسغبة وجهد ... وقد صفر الشتاء من الدخان
فإني لا يذمّ الجيش فعلي، ... ولا سيفي يذمّ ولا سناني
غداة أرفّع الأوباش رفعا ... إلى السند العريضة والمدان
ومهران لنا فيما أردنا ... مطيع غير مسترخي الهوان
وفي كتاب أحمد بن يحيى بن جابر: ولّى زياد بن أبي سفيان في أيام معاوية سنان بن سلمة المحبّق الهذلي وكان فاضلا متألّها وهو أول من أحلف الجند بطلاق نسائهم أن لا يهربوا فأتى الثغر وفتح مكران عنوة ومصّرها وأقام بها وضبط البلاد، وفيه قيل:
رأيت هذيلا أمعنت في يمينها ... طلاق نساء ما تسوق لها مهرا
لهان عليّ حلفة ابن محبّق ... إذا رفعت أعناقها حلّقا صفرا
وقال ابن الكلبي: كان الذي فتح مكران حكيم بن جبلة العبدي ثم استعمل زياد على الثغر راشد بن عمرو الجديدي الأزدي فأتى مكران ثم غزا القيقان فظفر ثم غزا السند فقتل وقام بأمر الناس سنان بن سلمة فولّاه زياد ابن أبيه الثغر وقام به سنتين، وقال أعشى همدان في مكران:
وأنت تسير إلى مكّران ... فقد شحط الورد والمصدر
ولم تك من حاجتي مكّران ... ولا الغزو فيها ولا المتجر
وحدّثت عنها ولم آتها، ... فما زلت من ذكرها أخبر
بأنّ الكثير بها جائع، ... وأنّ القليل بها معور
وهذا نظم قول حكيم بن جبلة العبدي وكان عثمان بن عفّان، رضي الله عنه، أمر عبد الله بن عامر أن يوجه رجلا إلى ثغر السند يعلم له علمه فوجّه حكيم بن جبلة فلما رجع أوفده إلى عثمان فسأله عن حال البلاد فقال: يا أمير المؤمنين قد عرفتها وخبرتها، فقال:
صفها لي، فقال: ماؤها وشل وتمرها دقل ولصّها بطل، إن قلّ الجيش فيها ضاعوا وإن كثروا جاعوا، فقال عثمان: أخابر أم ساجع؟ فقال: بل خابر، فلم يغزها أحد في أيامه وأول ما غزيت في أيام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، كما ذكرنا، قال أهل السير: سميت مكران بمكران بن فارك بن سام ابن نوح، عليه السّلام، أخي كرمان لأنه نزلها واستوطنها لما تبلبلت الألسن في بابل، وهي ولاية واسعة تشتمل على مدن وقرى وهي معدن الفانيذ ومنها ينقل إلى جميع البلدان وأجوده الماسكاني أحد مدنها، وهذه الولاية بين كرمان من غربيّها وسجستان شماليها والبحر جنوبيها والهند في شرقيها، قال الإصطخري: مكران ناحية واسعة عريضة والغالب عليها المفاوز والضرّ والقحط، والمتغلب عليها في حدود سنة 340 رجل يعرف بعيسى بن معدان ويسمّى بلسانهم مهرا ومقامه بمدينة كيز وهي مدينة نحو من النصف من ملتان وبها نخل كثير وهي فرضة مكران، فأكبر مدينة بمكران القيربون وبها بيد وقصر فيد ودرك وفهلفهرة كلها صغار وهي جروم ولها رساتيق تسمى الخروج ومدينتها رأسك ورستاق يسمى جربان، وبها فانيذ وقصب سكر ونخيل، وعامّة الفانيذ الذي يحمل إلى الآفاق منها إلا شيء يسير يحمل من ناحية ماسكان، وطول عمل مكران من التيز إلى قصدار نحو اثنتي عشرة مرحلة، وإياها عنى عمرو بن معدي كرب بقوله:
قوم هم ضربوا الجبابر إذ بغوا ... بالمشرفيّة من بني ساسان
حتى استبيح قرى السواد وفارس ... والسهل والأجبال من مكران

مَلَلٌ

مَلَلٌ:
بالتحريك، ولامين، بلفظ الملل من الملال:
وهو اسم موضع في طريق مكة بين الحرمين، قال ابن السكيت في قول كثير:
سقيا لعزّة خلّة، سقيا لها ... إذ نحن بالهضبات من أملال!
قال: أراد ملل وهو منزل على طريق المدينة إلى مكة على ثمانية وعشرين ميلا من المدينة. وملل: واد ينحدر من ورقان جبل مزينة حتى يصب في الفرش فرش سويقة وهو مبتدأ ملك بني الحسن بن علي بن أبي طالب وبني جعفر بن أبي طالب ثم ينحدر من الفرش حتى يصبّ في إضم، وإضم واد يسيل حتى يفرغ في البحر، فأعلى إضم القناة التي تمرّ دوين المدينة، قال ابن الكلبي: لما صدر تبّع عن المدينة
يريد مكة بعد قتال أهلها نزل ملل وقد أعيا وملّ فسمّاها ملل، وقيل لكثير: لم سمي ملل مللا؟
فقال: ملّ المقام، وقيل: فالروحاء؟ قال:
لانفراجها وروحها، قيل: فالسقيا؟ قال: لأنهم سقوا بها عذبا، قيل: فالأبواء؟ قال: تبوأوا بها المنزل، قيل: فالجحفة؟ قال: جحفهم بها السيل، قيل:
فالعرج؟ قال: يعرج بها الطريق، قيل: فقديد؟
ففكر ساعة ثم قال: ذهب به سيله قدّا، وقيل:
إنما سمي ملل لأن الماشي إليه من المدينة لا يبلغه إلا بعد جهد وملل، قال أبو حنيفة الدينوري: الملل مكان مستو ينبت العرفط والسّيال والسّمر يكون نحوا من ميل أو فرسخ، وإذا أنبت العرفط وحده فهو وهط كما يقال، وإذا أنبت الطلح وحده فهو غول وجمعه غيلان، وإذا أنبت النّصيّ والصّلّيان وكان نحوا من ميلين قيل لمعة، وبين ملل والمدينة ليلتان، وفي أخبار نصيب: كانت بملل امرأة ينزل بها الناس فنزل بها أبو عبيدة بن عبد الله بن زمعة فقال نصيب:
ألا حيّ قبل البين أمّ حبيب، ... وإن لم تكن منّا غدا بقريب
لئن لم يكن حبيّك حبّا صدقته ... فما أحد عندي إذا بحبيب
تهام أصابت قلبه ملليّة ... غريب الهوى، يا ويح كل غريب!
وقرأت في كتاب النوادر الممتعة لابن جني: أخبرني أبو الفتوح علي بن الحسين الكاتب، يعني الأصبهاني، عن أبي دلف هاشم بن محمد الخزاعي رفعه إلى رجل من أهل العراق أنه نزل مللا فسأله عنه فخبر باسمه، فقال: قبح الله الذي يقول على ملل:
يا لهف نفسي على ملل
أي شيء كان يتشوّق من هذه وإنما هي حرّة سوداء! قال: فقالت له صبية تلفظ النّوى: بأبي أنت وأمي إنه كان والله له بها شجن ليس لك!

مُلَيْحٌ

مُلَيْحٌ:
تصغير الملح: واد بالطائف مرّ به النبي، صلى الله عليه وسلم، عند انصرافه من حنين إلى الطائف، ذكره أبو ذؤيب في قوله:
كأنّ ارتجاز الخثعميّات وسطهم ... نوائح يشفعن البكا بالأرامل
غداة المليح يوم نحن كأننا ... غواشي مضرّ تحت ريح ووابل

مَوْضُوعٌ

مَوْضُوعٌ:
موضع في قول البعيث الجهني:
ونحن وقعنا في مزينة وقعة ... غداة التقينا بين غيق وعيهما
ونحن جلبنا يوم قدس أوارة ... قبائل خيل تترك الجوّ أقتما
ونحن بموضوع حمينا ديارنا ... بأسيافنا والسّبي أن يتقسما

نَجْدٌ

نَجْدٌ:
بفتح أوله، وسكون ثانيه، قال النضر:
النجد قفاف الأرض وصلابها وما غلظ منها وأشرف، والجماعة النجاد، ولا يكون إلا قفّا أو صلابة من
الأرض في ارتفاع من الجبل معترضا بين يديك يردّ طرفك عما وراءه، يقال: اعل هاتيك النجاد وهذاك النجاد بوجه، وقال: ليس بالتشديد الارتفاع، وقال الأصمعي: هي نجود عدّة، منها: نجد برق واد باليمامة ونجد خال ونجد عفر ونجد كبكب ونجد مريع، ويقال: فلان من أهل نجد، وفي لغة هذيل والحجاز: من أهل النّجد، قال أبو ذؤيب:
في عانة بجنوب السّيّ مشربها ... غور ومصدرها عن مائها نجد
قال: وكل ما ارتفع عن تهامة فهو نجد، فهي ترعى بنجد وتشرب بتهامة، وقال الأصمعي: سمعت الأعراب تقول: إذا خلّفت عجلزا مصعدا فقد أنجدت، وعجلز فوق القريتين، قال: وما ارتفع عن بطن الرمّة، والرمة واد معلوم ذكر في موضعه، فهو نجد إلى ثنايا ذات عرق، قال: وسمعت الباهلي يقول: كل ما وراء الخندق الذي خندقه كسرى، وقد ذكر في موضعه، فهو نجد إلى أن تميل إلى الحرّة فإذا ملت إليها فأنت بالحجاز، وقيل: نجد إذا جاوزت عذيبا إلى أن تجاوز فيد وما يليها، وقيل: نجد هو اسم للأرض العريضة التي أعلاها تهامة واليمن وأسفلها العراق والشام، قال السكري:
حد نجد ذات عرق من ناحية الحجاز كما تدور الجبال معها إلى جبال المدينة، وما وراء ذات عرق من الجبال إلى تهامة فهو حجاز كله، فإذا انقطعت الجبال من نحو تهامة فما وراءها إلى البحر فهو الغور، والغور وتهامة واحد، ويقال إن نجدا كلها من عمل اليمامة، وقال عمارة بن عقيل: ما سال من ذات عرق مقبلا فهو نجد إلى أن يقطعه العراق، وحدّ نجد أسافل الحجاز وهودج وغيره، وما سال من ذات عرق موليا إلى المغرب فهو الحجاز إلى أن يقطعه تهامة، وحجاز يحجز أي يقطع بين تهامة وبين نجد، والذي قرأته في كتاب جزيرة العرب الذي رواه ابن دريد عن عبد الرحمن عن عمه: وما ارتفع عن بطن الرمّة يخفّف ويثقّل فهو نجد، والرمة فضاء يدفع فيه أودية كثيرة، وتقول العرب عن لسان الرمة:
كلّ بنيّ فإنه يحسيني ... إلا الجريب فإنه يرويني
والجريب: واد عظيم يصبّ في الرمة، قال: وكان موضع مملكة حجر الكندي بنجد ما بين طميّة وهي هضبة بنجد إلى حمى ضريّة إلى دارة جلجل من العقيق إلى بطن نخلة الشامية إلى حزنة إلى اللقط إلى أفيح إلى عماية إلى عمايتين إلى بطن الجريب إلى ملحوب إلى مليحيب، فما ارتفع من بطن الرمة فهو نجد إلى ثنايا ذات عرق، وعرق هو الجبل المشرف على ذات عرق، وقال العتبي: حدثنا الرياشي عن الأصمعي قال: العرب تقول إذا خلّفت عجلزا مصعدا حتى تنحدر إلى ثنايا ذات عرق فإذا فعلت ذلك فقد أتهمت إلى البحر، وإذا عرضت لك الحرار وأنت تنجد فتلك الحجاز، تقول: احتجزنا الحجاز، فإذا تصوّبت من ثنايا العرج فقد استقبلت الأراك والمرج وشجر تهامة، فإذا تجاوزت بلاد فزارة فأنت بالجناب إلى أرض كلب، ولم يذكر الشعراء موضعا أكثر مما ذكروا نجدا وتشوّقوا إليها من الأعراب المتضمّرة، وسأورد منه ههنا بعض ما يحضرني، قال أعرابيّ:
أكرّر طرفي نحو نجد وإنني ... إليه، وإن لم يدرك الطرف، أنظر
حنينا إلى أرض كأنّ ترابها ... إذا مطرت عود ومسك وعنبر
بلاد كأنّ الأقحوان بروضة ... ونور الأقاحي وشي برد محبّر
أحنّ إلى أرض الحجاز وحاجتي ... خيام بنجد دونها الطرف يقصر
وما نظري من نحو نجد بنافعي، ... أجل لا، ولكني إلى ذاك أنظر
أفي كل يوم نظرة ثم عبرة ... لعينيك مجرى مائها يتحدّر
متى يستريح القلب إمّا مجاور ... بحرب وإمّا نازح يتذكّر
وقال أعرابيّ آخر:
فيا حبّذا نجد وطيب ترابه ... إذا هضبته بالعشيّ هواضبه
وريح صبا نجد إذا ما تنسّمت ... ضحى أو سرت جنح الظلام جنائبه
بأجرع ممراع كأنّ رياحه ... سحاب من الكافور، والمسك شائبه
وأشهد لا أنساه ما عشت ساعة، ... وما انجاب ليل عن نهار يعاقبه
ولا زال هذا القلب مسكن لوعة ... بذكراه حتى يترك الماء شاربه
وقال أعرابيّ آخر:
خليليّ هل بالشام عين حزينة ... تبكّي على نجد لعلّي أعينها
وهل بائع نفسا بنفس أو الأسى ... إليها فأجلاها بذاك حنينها
وأسلمها الباكون إلا حمامة ... مطوّقة قد بان عنها قرينها
تجاوبها أخرى على خيزرانة ... يكاد يدنّيها من الأرض لينها
نظرت بعيني مؤنسين فلم أكد ... أرى من سهيل نظرة أستبينها
فكذّبت نفسي ثم راجعت نظرة، ... فهيّج لي شوقا لنجد يقينها
وقال أعرابيّ آخر:
سقى الله نجدا من ربيع وصيّف، ... وماذا ترجّي من ربيع سقى نجدا؟
بلى إنه قد كان للعيس مرّة ... وركنا، وللبيضاء منزلة حمدا
وقال اعرابيّ آخر:
ومن فرط إشفاقي عليك يسرّني ... سلوّك عني خوف أن تجدي وجدي
وأشفق من طيف الخيال، إذا سرى، ... مخافة أن يدري به ساكنو نجد
وأرضى بأن تفديك نفسي من الرّدى، ... ولكنني أخشى بكاءك من بعدي
مذاهب شتّى للمحبين في الهوى، ... ولي مذهب فيهم أقول به وحدي
وقال أعرابيّ آخر:
ألا حبّذا نجد وطيب ترابه، ... وغلظة دنيا أهل نجد ودينها!
نظرت بأعلى الجلهتين فلم أكد ... أرى من سهيل لمحة أستبينها
وقال أعرابيّ آخر:
رأيت بروقا داعيات إلى الهوى، ... فبشّرت نفسي أن نجدا أشيمها
إذا ذكر الأوطان عندي ذكرته، ... وبشّرت نفسي أن نجدا أقيمها
ألا حبّذا نجد ومجرى جنوبه ... إذا طاب من برد العشيّ نسيمها!
أجدّك لا ينسيك نجدا وأهله ... عياطل دنيا قد تولّى نعيمها
وقال اعرابيّ آخر:
ألا أيها البرق الذي بات يرتقي ... ويجلو ذرى الظلماء ذكّرتني نجدا
ألم تر أنّ الليل يقصر طوله ... بنجد وتزداد الرياح به بردا؟
وقال أعرابيّ من بني طهيّة:
سمعت رحيل القافلين فشاقني، ... فقلت اقرؤوا مني السلام على دعد
أحنّ إلى نجد وإني لآيس ... طوال الليالي من قفول إلى نجد
تعزّ فلا نجد ولا دعد فاعترف ... بهجر إلى يوم القيامة والوعد
وقال نوح بن جرير بن الخطفى:
ألا قد أرى أنّ المنايا تصيبني، ... فما لي عنهنّ انصراف ولا بدّ
أذا العرش لا تجعل ببــغداد ميتتي، ... ولكن بنجد، حبّذا بلدا نجد!
بلاد نات عنها البراغيث، والتقى ... بها العين والآرام والعفر والرّبد
وقال اعرابيّ آخر:
ألا هل لمحزون ببــغداد نازح ... إذا ما بكى جهد البكاء مجيب؟
كأني ببــغداد، وإن كنت آمنا، ... طريد دم نائي المحلّ غريب
فيا لائمي في حبّ نجد وأهله، ... أصابك بالأمر المهمّ مصيب
وقال أعرابيّ آخر:
تبدّلت من نجد وممن يحلّه ... محلة جند، ما الأعاريب والجند؟
وأصبحت في أرض البنود وقد أرى ... زمانا بأرض لا يقال لها بند
البنود: بأرض الروم كالأجناد بأرض الشام والكور بالعراق والطساسيج لأهل الأهواز والرساتيق لأهل الجبال والمخاليف لأهل اليمن، وقال أعرابيّ آخر:
لعمريّ لمكّاء يغنّي بقفرة ... بعلياء من نجد علا ثم شرّقا
أحبّ إلينا من هديل حمامة، ... ومن صوت ديك هاجه الليل أبلقا
وقال عبد الرحمن بن دارة:
خليليّ إن حانت بحمص منيّتي ... فلا تدفناني وارفعاني إلى نجد
وأدخل على عبد الملك بن مروان عشرة من الخوارج فأمر بضرب رقابهم وكان يوم غيم ومطر ورعد وبرق، فضربت رقاب تسعة منهم وقدم العاشر ليضرب عنقه فبرقت برقة فأنشأ يقول:
تألّق البرق نجديّا فقلت له: ... يا ايها البرق إني عنك مشغول
بذلّة العقل حيران بمعتكف ... في كفه كحباب الماء مسلول
فقال له عبد الملك: ما أحسبك إلا وقد حننت إلى وطنك وأهلك وقد كنت عاشقا؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين، قال: لو سبق شعرك قتل أصحابك لوهبناهم لك، خلّوا سبيله، فخلوه، وقدم بعض أهل هجر إلى بــغداد فاستوبأها فقال:
أرى الريف يدنو كلّ يوم وليلة، ... وأزداد من نجد وصاحبه بعدا
ألا إن بــغدادا بلاد بغيضة ... إليّ، وإن كانت معيشتها رغدا
بلاد تهبّ الريح فيها مريضة، ... وتزداد خبثا حين تمطر أو تندى

نِرْسِيَانُ

نِرْسِيَانُ:
ناحية بالعراق بين الكوفة وواسط، لها ذكر في الفتوح، ولعلها النّرس أو غيرها، والله أعلم، وقال عامر بن عمرو:
ضربنا حماة النّرسيان بكسكر ... غداة لقيناهم ببيض بواتر
وقرنا على الأيام والحرب لاقح ... بجرد حسان أو ببزل غوابر
وظلّت بلال النرسيان وتمره ... مباحا لمن بين الدبا والأصافر
أبحنا حمى قوم وكان حماهم ... حراما على من رامه بالعساكر

الشُّبَيْكُ

الشُّبَيْكُ:
آخره كاف، كأنّه تصغير شبك واحدة الشباك: وهي مواضع ليست بسباخ ولا تنبت كنحو شباك البصرة، وقال الأزهري: شباك البصرة ركايا كثيرة مفتوح بعضها في بعض، والشبيك: موضع في بلاد بني مازن، قال مالك بن الرّيب بعد ما أوردنا من قصيدته في مرو:
وقوما على بئر الشّبيك فأسمعا ... بها الوحش والبيض الحسان الروانيا
بأنّكما خلّفتماني بقفرة ... تهيل عليّ الرّيح فيها السّوافيا
ولا تنسيا عهدي، خليليّ، إنّني ... تقطّع أوصالي وتبلى عظاميا
ولن يعدم الوالون بيتا يجنّني، ... ولن يعدم الميراث بعدي المواليا
يقولون: لا تبعد، وهم يدفنونني ... وأين مكان البعد إلّا مكانيا؟
غداة غد، يا لهف نفسي على غد! ... إذا أدلجوا عنّي وخلّفت ثاويا
وأصبحت لا أنضو قلوصا بأنسع ... ولا أنتمي في غورها بالمثانيا
وأصبح مالي من طريف وتالد ... لغيري، وكان المال بالأمس ماليا
وبعد هذه الأبيات من هذه القصيدة ما نورده في رحا المثل.

تُرْكِسْتَانُ

تُرْكِسْتَانُ:
هو اسم جامع لجميع بلاد الترك وفي الحديث: أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: الترك أول من يسلب أمتي ما خوّلوا وعن ابن عباس أنه قال: ليكوننّ الملك، أو قال الخلافة، في ولدي حتى يغلب على عزهم الحمر الوجوه الذين كأنّ وجوههم المجانّ المطرّقة وعن أبي هريرة، رضي الله عنه، أنه قال: لا تقوم الساعة حتى يجيء قوم عراض الوجوه صغار الأعين فطس الأنوف حتى يربطوا خيولهم بشاطئ دجلة وعن معاوية:
لا تبعثوا الرّابضين اتركوهم ما تركوكم الترك والحبشة وخبر آخر عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه قال: اتركوا الترك ما تركوكم. وقيل: إن الشاة لا تضع في بلاد الترك أقلّ من أربعة وربما وضعت خمسة أو ستة كما تضع الكلاب، وأما اثنين أو ثلاثة فإنما يكون نادرا، وهي كبار جدّا، ولها ألايا كبار تجرها على الأرض. وأوسع بلاد الترك بلاد التغزغز، وحدّهم الصين والتّبّت والخرلخ والكيماك والغزّ والجفر والبجناك والبذكش واذكس وخفشاق وخرخيز، وأول حدّهم من جهة المسلمين فاراب، قالوا: ومدائنهم المشهورة ست عشرة مدينة،
والتغزغز في الترك كالبادية، أصحاب عمد يرحلون ويحلّون، والبذكشية أهل بلاد وقرّى. وكان هشام بن عبد الملك بعث إلى ملك الترك يدعوه إلى الإسلام، قال الرسول: فدخلت عليه وهو يتخذ سرجا بيده فقال للترجمان: من هذا؟ فقال: رسول ملك العرب، قال: غلامي! قال: نعم، قال:
فأسر بي إلى بيت كثير اللحم قليل الخبز، ثم استدعاني وقال لي: ما بغيتك؟ فتلطّفت له وقلت: إن صاحبي يريد نصيحتك ويراك على ضلال ويحبّ لك الدخول في الإسلام، قال: وما الإسلام؟
فأخبرته بشرائطه وحظره وإباحته وفروضه وعبادته، فتركني أياما ثم ركب ذات يوم في عشرة أنفس مع كل واحد منهم لواء وأسر بحملي معه، فمضينا حتى صعد تلّا وحول التلّ غيضة، فلما طلعت الشمس أمر واحدا من أولئك أن ينشر لواءه ويليح به، ففعل، فوافى عشرة آلاف فارس مسلّح كلّهم يقول: جاه جاه، حتى وقفوا تحت التلّ وصعد مقدّمهم فكفّر للملك، فما زال يأمر واحدا واحدا أن ينشر لواءه ويليح به، فإذا فعل ذلك وافى عشرة آلاف فارس مسلّح فيقف تحت التلّ حتى نشر الألوية العشرة وصار تحت التلّ مائة ألف فارس مدجّج، ثم قال للترجمان: قل لهذا الرسول يعرّف صاحبه أن ليس في هؤلاء حجّام ولا إسكاف ولا خياط فإذا أسلموا والتزموا شروط الإسلام من أين يأكلون؟
ومن ملوك الترك كيماك دون ألفين، وهم بادية يبيعون الكلأ، فإذا ولد للرجل ولد ربّاه وعاله وقام بأمره حتى يحتلم ثم يدفع إليه قوسا وسهاما ويخرجه من منزله ويقول له: احتل لنفسك، ويصيّره بمنزلة الغريب الأجنبي ومنهم من يبيع ذكور ولده وإناثهم بما ينفقونه ومن سنتهم أن البنات البكور مكشفات الرؤوس، فإذا أراد الرجل أن يتزوّج ألقى على رأس إحداهن ثوبا فإذا فعل ذلك صارت زوجته لا يمنعها منه مانع وذكر تميم بن بحر المطّوّعي أن بلدهم شديد البرد، وإنما يسلك فيه ستة أشهر في السنة، وأنه سلك في بلاد خاقان التغزغزي على بريد أنفذه خاقان إليه وأنه كان يسير في اليوم والليلة ثلاث سكك بأشد سير وأحثه، فسار عشرين يوما في بواد فيها عيون وكلأ وليس فيها قرية ولا مدينة إلا أصحاب السكك، وهم نزول في خيام، وكان حمل معه زادا لعشرين يوما، ثم سافر بعد ذلك عشرين يوما في قرى متصلة وعمارات كثيرة، وأكثر أهلها عبدة نيران على مذهب المجوس، ومنهم زنادقة على مذهب ماني، وأنه بعد هذه الأيام وصل إلى مدينة الملك وذكر أنها مدينة حصينة عظيمة حولها رساتيق عامرة وقرى متصلة ولها اثنا عشر بابا من حديد مفرطة العظم، قال: وهي كثيرة الأهل والزحام والأسواق والتجارات، والغالب على أهلها مذهب الزنادقة، وذكر أنه حزر ما بعدها إلى بلاد الصين مسيرة ثلاثمائة فرسخ، قال: وأظنه أكثر من ذلك، قال: وعن يمين بلدة التغزغز بلاد الترك لا يخالطها غيرهم، وعن يسار التغزغز كيماك وأمامها بلاد الصين، وذكر أنه نظر قبل وصوله إلى المدينة خيمة الملك من ذهب وعلى رأس قصره تسعمائة رجل، وقد استفاض بين أهل المشرق أن مع الترك حصى يستمطرون به، ويجيئهم الثلج حين أرادوا.
وذكر أحمد بن محمد الهمذاني عن أبي العباس عيسى ابن محمد المروزي قال: لم نزل نسمع في البلاد التي من وراء النهر وغيرها من الكور الموازية لبلاد الترك الكفرة الغزّيّة والتغزغزية والخزلجية، وفيهم المملكة، ولهم في أنفسهم شأن عظيم ونكاية في الأعداء شديدة،
إن من الترك من يستمطر في السفارة وغيرها فيمطر ويحدث ما شاء من برد وثلج ونحو ذلك، فكنا بين منكر ومصدق، حتى رأيت داود بن منصور بن أبي علي الباذغيسي، وكان رجلا صالحا قد تولى خراسان، فحمد أمره بها، وقد خلا بابن ملك الترك الغزية، وكان يقال له بالقيق بن حيّويه، فقال له: بلغنا عن الترك أنهم يجلبون المطر والثلج متى شاءوا فما عندك في ذلك؟ فقال: الترك أحقر وأذلّ عند الله من أن يستطيعوا هذا الأمر، والذي بلغك حق ولكن له خبر أحدثك به: كان بعض أجدادي راغم أباه، وكان الملك في ذلك العصر قد شذّ عنه واتخذ لنفسه أصحابا من مواليه وغلمانه وغيرهم ممن يجب الصعلكة، وتوجه نحو شرق البلاد يغير على الناس ويصيد ما يظهر له ولأصحابه، فانتهى به المسير إلى بلد ذكر أهله أن لا منفذ لأحد وراءه، وهناك جبل، قالوا: إنّ الشمس تطلع من وراء هذا الجبل، وهي قريبة من الأرض جدّا، فلا تقع على شيء إلا أحرقته، قال: أو ليس هناك ساكن ولا وحش؟
قالوا: بلى، قال: فكيف يتهيأ لهم المقام على ما ذكرتم؟ قالوا: أما الناس فلهم أسراب تحت الأرض وغيران في الجبال، فإذا طلعت الشمس بادروا إليها واستكنوا فيها حتى ترتفع الشمس عنهم فيخرجون، وأما الوحوش فإنها تلتقط حصّى هناك قد ألهمت معرفته، فكلّ وحشيّة تأخذ حصاة بفيها وترفع رأسها إلى السماء فتظلّلها وتبرز عند ذلك غمامة تحجب بينها وبين الشمس، قال: فقصد جدي تلك الناحية فوجد الأمر على ما بلغه، فحمل هو وأصحابه على الوحوش حتى عرف الحصى والتقطه، فحملوا منه ما قدروا عليه إلى بلادهم، فهو معهم إلى الآن، فإذا أرادوا المطر حرّكوا منه شيئا يسيرا فينشأ الغيم فيوافي المطر، وإن أرادوا الثلج والبرد زادوا في تحريكه فيوافيهم الثلج والبرد، فهذه قصتهم، وليس ذلك من حيلة عندهم، ولكنه من قدرة الله تعالى.
قال أبو العباس: وسمعت إسماعيل بن أحمد الساماني أمير خراسان يقول: غزوت الترك في بعض السنين في نحو عشرين ألف رجل من المسلمين، فخرج إليّ منهم ستون ألفا في السلاح الشاك، فواقعتهم أياما، فإني ليوما في قتالهم إذ اجتمع إليّ خلق من غلمان الأتراك وغيرهم من الأتراك المستأمنة فقالوا لي: إن لنا في عسكر الكفرة قرابات وإخوانا، وقد أنذرونا بموافاة فلان، قال: وكان هذا الذي ذكروه كالكاهن عندهم، وكانوا يزعمون أنه ينشئ سحاب البرد والثلج وغير ذلك، فيقصد بها من يريد هلاكه، وقالوا: قد عزم أن يمطر على عسكرنا بردا عظاما لا يصيب البرد إنسانا إلا قتله، قال: فانتهرتهم وقلت لهم: ما خرج الكفر من قلوبكم بعد، وهل يستطيع هذا أحد من البشر؟ قالوا: قد أنذرناك وأنت أعلم غدا عند ارتفاع النهار فلما كان من الغد وارتفاع النهار نشأت سحابة عظيمة هائلة من رأس جبل كنت مستندا بعسكري إليه ثم لم تزل تنتشر وتزيد حتى أظلّت عسكري كله، فهالني سوادها وما رأيت منها وما سمعت فيها من الأصوات الهائلة وعلمت أنها فتنة، فنزلت عن دابّتي وصلّيت ركعتين وأهل العسكر يموج بعضهم في بعض وهم لا يشكّون في البلاء، فدعوت الله وعفرت وجهي في التراب وقلت:
اللهم أغثنا فإن عبادك يضعفون عن محنتك وأنا أعلم أن القدرة لك وأنه لا يملك الضرّ والنّفع الا أنت، اللهم إن هذه السحابة إن أمطرت علينا كانت فتنة للمسلمين وسطوة للمشركين، فاصرف عنا شرها
بحولك وقوتك يا ذا الجلال والحول والقوة قال:
وأكثرت الدعاء ووجهي على التراب رغبة ورهبة إلى الله تعالى وعلما أنه لا يأتي الخير إلا من عنده ولا يصرف السوء غيره، فبينما أنا كذلك إذ تبادر إليّ الغلمان وغيرهم من الجند يبشرونني بالسلامة وأخذوا بعضدي ينهضونني من سجدتي ويقولون: انظر أيها الأمير، فرفعت رأسي فإذا السحابة قد زالت عن عسكري وقصدت عسكر الترك تمطر عليهم بردا عظاما وإذا هم يموجون، وقد نفرت دوابهم وتقلّعت خيامهم، وما تقع بردة على واحد منهم إلا أوهنته أو قتلته، فقال أصحابي: نحمل عليهم؟ فقلت: لا، لأن عذاب الله أدهى وأمرّ، ولم يفلت منهم إلا القليل، وتركوا عسكرهم بجميع ما فيه وهربوا، فلما كان من الغد جئنا إلى معسكرهم فوجدنا فيه من الغنائم ما لا يوصف، فحملنا ذلك وحمدنا الله على السلامة وعلمنا أنه هو الذي سهل لنا ذلك وملكناه قلت: هذه أخبار سطرتها كما وجدتها، والله أعلم بصحتها.

الشَّبَا

الشَّبَا:
بوزن العصا، وهو جمع شباة حدّ كلّ شيء، قال الأديبي: الشبا موضع بمصر، وقال أبو الحسن المهلّبي: شبا واد بالأثيل من أعراض المدينة فيه عين يقال لها خيف الشبا لبني جعفر بن إبراهيم من بني جعفر بن أبي طالب، قال كثيّر:
تمرّ السّنون الخاليات ولا أرى ... بصحن الشّبا أطلالهنّ تريم
يذكّرنيها كلّ ريح مريضة ... لها بالتّلاع القاويات نسيم
ولست ابنة الضّمريّ منك بناقم ... ذنوب العدى إنّي إذا لظلوم
وإنّي لذو وجد لئن عاد وصلها، وإنّي على ربّي إذا لكريم وقال خليلي: ما لها إذ لقيتها غدة الشّبا فيها عليك وجوم؟ فقلت له: إنّ المودّة بيننا على غير فحش، والصّفاء قديم وإنّي وإن أعرضت عنها تجلّدا على العهد فيما بيننا لمقيم وإنّ زمانا فرّق الدّهر بيننا وبينكم في صرفه لمشوم أبى الدّهر هذا، إن قلبك سالم صحيح وقلبي من هواك سليم
وقال أيضا:
وما أنس م الأشياء لا أنس ردّها ... غداة الشّبا أجمالها واحتمالها
قال: والشبا أيضا مدينة خربة بأوال يعني بأرض هجر والبحرين.

الشيع

(الشيع) المشارك فِي شَيْء مشَاع (ج) شيعاء
(الشيع) شيع الشَّيْء شبهه والمقارب لَهُ يُقَال آتِيك غَدا أَو شيعه أَي يَوْمًا يُقَارِبه وَيُقَال ثمنه شيع عشْرين درهما أَي مقارب لذالك

(الشيع) المخالط للنِّسَاء الَّذِي يتبعهن يُقَال هُوَ شيع النِّسَاء

أَشَرّ

أَشَرّ
الجذر: ش ر ر

مثال: لَمْ أرَ أشرَّ منه
الرأي: مرفوضة
السبب: لأن الشائع عن العرب حذف الهمزة من «خير» و «شرّ» عند التفضيل.

الصواب والرتبة: -لم أرَ شرًّا منه [فصيحة]-لم أرَ أشرَّ منه [صحيحة]
التعليق: استعملت «خير» و «شر» في التفضيل بحذف الهمزة فيهما لكثرة الاستعمال كما في قوله تعالى: {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ} الأنفال/22، ومن الجائز استعمال «أخير» و «أشر» بإثبات الهمزة، لأن لكل منهما فعلاً ثلاثيًّا يصح صوغ التفضيل من مصدره قياسًا. وأيضًا فاللفظان مسموعان بصيغة التفضيل ومن ذلك قراءة: {سَيَعْلَمُونَ غَدًا مَنِ الْكَذَّابُ الأَشَرُّ} القمر/26، وقول الشاعر:
بلال خير الناس وابن الأخير
وقد وردت الكلمة في «المصباح المنير» الذي اعتبرها - بالألف- أصلاً.

باكرًا

باكرًا
الجذر: ب ك ر

مثال: أَرَاكَ باكرًا
الرأي: مرفوضة
السبب: لأن «باكرًا» تعني «في الصباح» وهذا غير مراد.
المعنى: غدًا

الصواب والرتبة: -أَرَاك باكرًا [فصيحة]
التعليق: تعني «باكرًا» في المثال المذكور"صباح اليوم التالي، وهو معنى ذكرته المعاجم قديمها وحديثها.

رُبَّما ينطلق

رُبَّما ينطلق
الجذر: ر ب ب

مثال: رُبَّما ينطلق زيد
الرأي: مرفوضة
السبب: لدخول «رُبَّما» على المضارع.

الصواب والرتبة: -رُبَّما انطلق زيد [فصيحة]-رُبَّما ينطلق زيد [فصيحة]
التعليق: الغالب في «ربما» أن تدخل على الماضي، أما دخولها على المضارع الصريح فنادر لا يقاس عليه، إلا إن كان معنى المضارع محقق الوقوع قطعًا؛ فكأنه من حيث التحقق بمنزلة الماضي الذي وقع معناه، وصار أمرًا مقطوعًا به، كقوله تعالى في وصف الكفار يوم القيامة: {رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ} الحجر/2، حيث قرئت «رُبَّما» بتشديد الباء كذلك (وانظر: رُبَّ
... ألقاه غدًا).
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.