Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: عكر

فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ

{فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ}
وسأله عن معنى قوله تعالى: {فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ}
قال: الفجور والزنا. واستشهد له بقول الأعشى:
حافظ للفرج راضٍ بالتقى. . . ليس ممن قلبُهُ فيه مرضْ
(تق، ك، ط)
= الكلمة من آية الأحزاب 32:
{يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا}
معها ثلاث وعشرون مرة، في مرض في القلب، ومرض في القلوب - يأتي في المسألة 179 -
يكون بالنفاق والارتياب والرجس والكفر والضغن من أفعال القلوب.
تأويلها في المسألة بالفجور والزنا، فيه أن الفجور مما يُعَلَن ويُجاهَر به، والزنا اقتراف للفاحشة يوجب الحد. وليس من أفعال القلوب.
والأقرب أن يكون طمع شهوة، وإن لم يبلغ حد الفجور المعلن والزنا المقترف. وقد أسند الطبري عن قتادة والسدى، أنه شك ونفاق. وعن عكرمة أنه شهوة. وحكى القرطبي القولين في تأويله بالنفاق، والتشوف لفجور. وقال: وهو أصوب، وليس للتفاق مدخل إلى هذه الآية.

أَمْشَاجٍ

{أَمْشَاجٍ}
قال: فأخبرني عن قول الله - عز وجل-: {أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ} ما الأمشاج؟ قال: ماء الرجل وماء المرأة إذا اجتمعا في الرحم كان مشيجا. قال: وهل كانت العرب تعرف ذلك؟ قال نعم، أما سمعت بقول أبي ذؤيب الهذلى: كأن النَّصْل والفُوقَينِ منه. . . خلال الريشِ سِيطَ به مَشِيجُ
فجالتْ فالتمستُ به حَشَاها. . . فخرَّ كأنه خَوطْ هديج
(ظ) واقتصر في (طب، تق، ك، ط) على البيت الأول وفيه محل الشاهد
= الكلمة من آية الإنسان 2:
{إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا}
وحيدة في القرآن صيغة ومادة.
فسره الفراء في معاني القرآن، بالأخلاط، ماء الرجل وماء المرأة والدم والعلقة. ويقال للشيء من هذا إذا خلط: مشيج وممشوج كخليط ومخلوط. نقله القرطبي وحكى معه عن المبرد: واحد الأمشاج مشج وهو هنا اختلاط النطفة بالدم. ومثله في (خلق الإنسان) وفيه عن ابن الأعرابي: يكون مشيج من لونين فهو مشج ومشيج. وفي رواية عن ابن عباس عند القرطبي "الأمشاج الحمرة في البياض والبياض في الحمرة" قال: وهذا قول يختاره كثير من أهل اللغة.
وفسره البخاري بمثل ما نقلنا عن الفراء. قال ابن حجر في الفتح: هو قول الفراء، قاله في {أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ} وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عكرمة قال: من الرجل الجلدُ والعظم ومن المرأة الشعرُ والدم. ومن طريق الحسن: من نطفة مُشِجتْ بدم المرأة وهو دم الحيض. ومن طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: مختلفة الألوان: ومن طريق ابن جريح عن مجاهد: أحمر وأسود. وأخرج سعيد بن منصور عن ابن مسعود قال: الأمشاج العروق.
ولا يخرج عن هذه الأقوال ما في التفاسير الموسعة كالطبري والقرطبي وابن كثير والبحر المحيط. والله أعلم.

حَرَّةُ سُلَيْمٍ

حَرَّةُ سُلَيْمٍ:
هو سليم بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان، قال أبو منصور: حرة النار لبني سليم وتسمى أم صبّار، وفيها معدن الدّهنج، وهو حجر أخضر يحفر عنه كسائر المعادن، وقال أبو منصور: حرة ليلى وحرة شوران وحرة بني سليم في عالية نجد، وأنشد لبشر بن أبي خازم:
معالية لا همّ إلا محجّر، ... وحرة ليلى السهل منها فلوبها

الخَصاصةُ

الخَصاصةُ:
بلفظ التي تذكر في قوله تعالى: ولو كان بهم خصاصة: بليد في ديار بني زبيد وبني الحارث ابن كعب بين الحجاز وتهامة، فتح في أيام أبي بكر الصدّيق، رضي الله عنه، سنة 12 للهجرة على يدي عكرمة بن أبي جهل، وأما الخصاصة في لغة العرب والآية فقالوا هي الخلّة والحاجة، وذو الخصاصة ذو الفقر، وأصله من الخصاص، وهو كل خلل أو خرق يكون في منخل أو باب أو سحاب أو برقع، والواحدة خصاصة، وبعض يجعل الخصاص للضيّق والواسع، حتى قالوا لخروق المصفاة خصاص.

حَنَانًا

{حَنَانًا}
قال: فأخبرني عن قول الله - عز وجل - {وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا} ما الحنان؟
قال: الرحمة. قال: وهل كانت العرب تعرف ذلك؟ قال: نعم، أما سمعت يقول طرفة بن العبد وهو يقول للنعمان بن المنذر:
أبا منذرٍ أفنيت فاستبق بعضَنا. . . حناَنيْكَ بعض الشر أهون من بعضِ
(ظ، تق، ك، ط)
= الكلمة من آية مريم 13:
{يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا (12) وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا}
وحيدة في القرآن صيغة ومادة.
وأما الرحمة - في تفسيرها بالمسألة - فكثير الورود في القرآن الكريم، نكرة ومعرفة و"المرحمة" والفعل الثلاثي ماضياً ومضارعاً وأمراً، ورحماء و"أرحم الراحمين" والرحمن والرحيم من الأسكماء الحسنى.
ومن المادة جاءت الأرحام اثنتى عشرة مرة، و"أقرب رحماً" في آية الكهف.
ومعنى الكلمة بالآية: الرحمة، عند أبي عبيدة والفراء. وفيما نقل الطبري فيها من اختلاف أهل التأويل: القول بأن
"حناناً" الرحمة، والتعطف والمحبة، وأسند عن ابن جريح عن عمرو بن دينار، أنه سمع عكرمة عن ابن عباس قال: لا والله ما أدري ما حناناً. وقال الطبري: وللعرب فيها لغتان: حنانك وحنانيك، واختلفوا في حنانيك: هل هو تثنية حنان، أو كقولهم: حواليك؟ واصل الحنان من قولهم: حَنّ إلى كذا، ارتاح إليه واشتاق، وتحنن: تعطف عليه ورَقَّ (سورة مريم) .
وفي إعراب القرآن لأبي جعفر النحاس وفي جامع القرطبي أنه من حنين الناقة. وأنشدوا في حنانيك بيت طرفة، وفي حنان قول امرئ القيس:
* حنانك ذا الحنان *
وحكى القرطبي فيها قول جمهرة المفسرين: الحنان الشفقة والرحمة والمحبة، وهو من أفعال القلوب.
وفي الرحمة ملحظ من التسامح واللطف والعفو، إذا كانت من الله سبحانه وتعالى: ذي الرحمة، الرحمن الرحيم، أرحم الراحمين، فإذا كانت من الناس فبملحظ من القربى والرحم، والتراحم بين أولى الأرحام، والأخوة في الدين: والوجهان في آية الإسراء 245: في الإحسان بالوالدين:
{وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا}
صدق الله العظيم.

سَلْمُقَانُ

سَلْمُقَانُ:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، وبضم الميم وتفتح، وقاف، وآخره نون، والعجم يقولونه سلمكان، بالكاف: من قرى سرخس، قد نسب إليها بعض الرّواة، وهو عكرمة بن طارق السلمقاني كان على قضاء الجانب الشرقي ببغداد أيّام المأمون، يروي عن مالك بن أنس وجرير بن حازم وغيرهما، وكان من أصحاب القاضي أبي يوسف، روى عنه مزاحم ابن سعيد المروزي، وعزل عن القضاء سنة 214.

مَقْرَى

مَقْرَى:
بالفتح ثم السكون، وراء، وألف مقصورة تكتب ياء لمجيئها رابعة: قرية بالشام من نواحي
دمشق، هكذا وجدناه مضبوطا بخط أبي الحسن علي ابن عبيد الكوفي المتقن الخط والضبط وكذا نقله ابن عدي في كتابه، والمحدثون وأهل دمشق على ضم الميم، قال البحتري يمدح خمارويه:
أما كان في يوم الثنيّة منظر ... ومستمع ينبي عن البطشة الكبرى
وعطف أبي الجيش الجواد بكرّة ... مدافعة عن دير مرّان أو مقرى
قال ابن سميفع: في الطبقة الأولى ذو قربات جابر ابن أرذ، بالتحريك وآخره ذال معجمة، المقريّ، وأمّ بكر بن أرذ المقريّة روت عن زوجها عوسجة ابن أبي ثوبان وهي أمّ أم الهجرس بنت عوسجة وأم الهجرس أم صفوان بن عمرو، وقال توفيق بن محمد النحوي:
سقى الحيا أربعا تحيا النفوس بها ... ما بين مقرى إلى باب الفراديس
قال الحافظ الدمشقي: راشد بن سعد المقريّ ويقال الحرّاني الحمصي، حدث عن ثوبان مولى رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، ومعاوية بن أبي سفيان وأبي أمامة الباهلي ويعلى بن مرّة وعمرو بن العاص وعبد الله ابن بشر السلمي المازني وأبي الدرداء والمقدام بن معدي كرب وغيرهم، روى عنه ثور بن يزيد الكلاعي وحريز بن عثمان الرحبي ومعاوية بن صالح الحضرمي وشهد مع معاوية صفّين وذهبت عينه يومئذ، قال يحيى بن معين: راشد بن سعد ثقة، وشريح بن عبيد بن عبد بن عريب أبو الصّلت وأبو الصواب المقري الحضرمي الحمصي، حدث عن معاوية وفضالة ابن عبيد وأبي ذرّ الغفاري وأبي زهير ويقال أبي النمير وعقبة بن عامر وعقبة بن عبد السلام وبشير بن عكرمة وأبي أمامة والحارث بن الحارث والمقدام بن معدي كرب وأبي الدرداء والعرباض بن سارية وأبي مالك الأشعري وثوبان مولى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، والمقداد بن الأسود الكندي وعبد الرحمن ابن جبير بن نفير وكثير بن مرّة وأبي راشد وأبي رهيم السماعي وشراحيل بن معشر العبسي ويزيد بن حمير وأبي طيبة الكلاعي وأبي بحرية وغيرهم، سئل محمد بن عوف فقيل له: هل سمع شريح بن عبيد من أبي الدرداء؟ فقال: لا، فقيل له: فهل سمع من أحد من أصحاب رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم؟
فقال: ما أظن ذلك لأنه لا يقول في شيء سمعت، وهو ثقة.

مِخْلافُ السُّحُولِ

مِخْلافُ السُّحُولِ:
بن سوادة وساكنه معهم شرعب ابن سهل ووحاظة بن سعد وبطون الكلاع وجبإ الذي ينسب إليه جبأ المعافر وبعْدان وريمان والسلف بن زرعة، وبه من البلدان تــعكر وريمة ومذيخرة ومن أسفلها جبال نخلة وأشراف حبيش من وادي الملح.

عُقْدَةُ

عُقْدَةُ:
بضم أوله، وسكون ثانيه، قال ابن الأعرابي:
العقدة من المرعى هي الجنبة ما كان فيها من مرعى عام أوّل فهي عقدة وعروة، والجنبة: اسم لنبوت كثيرة، وأصله جانب الشجر الذي له سوق كبار والتي لا أرومة لها، وما بين ذلك كالشيح والنّصيّ والعرفج والصّليّان، وقد يضطرّ المال إلى الشجر فسمي عقدة، قال:
خصبت لها عقد البراق حنينها ... من عكرها علجانها وعرادها
وعقدة: أرض بعينها كثيرة النخل لا تصرف. وعقدة الأنصاف: اسم موضع آخر، وهو جمع ناصفة، وهو كل أرض رحبة يكون بها شجر، فان لم يكن بها شجر فليست بناصفة، وقد تجمع على نواصف، وهو القياس، قال طرفة:
خلايا سفين بالنواصف من دد
وقال عبد مناف بن ربع الهذلي:
وإنّ بعقدة الأنصاف منكم ... غلاما خرّ في علق شنين
ويروى الأنصاب، بالباء. وعقدة الجوف: موضع آخر في سماوة كلب بين الشام والعراق، ذكره المتنبي في قوله:
إلى عقدة الجوف حتى شفت ... بماء الجراويّ بعض الصّدى
وقد مر تفسير الجوف في موضعه. وعقدة: مدينة في طرف المفازة قرب يزد من نواحي فارس.

عَقَبَة

عَقَبَة:
بالتحريك، وهو الجبل الطويل يعرض للطريق فيأخذ فيه، وهو طويل صعب إلى صعود الجبل، والعقبة: منزل في طريق مكة بعد واقصة وقبل القاع لمن يريد مكة، وهو ماء لبني عكرمة من بكر ابن وائل. وعقبة السير: بالثغور قرب الحدث وهي عقبة ضيقة طويلة. والعقبة: وراء نهر عيسى قريبة من دجلة بغداد محلة، ينسب إليها أبو احمد حمزة ابن محمد بن العباس بن الفضل بن الحارث الدهقان العقبي، سمع العباس بن محمد الدوري وأحمد بن عبد الجبّار العطاردي وكان ثقة، روى عنه الدارقطني وابن رزقويه وغيرهما، ومات سنة 347 في ذي القعدة. وعقبة الطين: موضع بفارس. وعقبة الرّكاب قرب نهاوند، قال سيف: لما توجّه المسلمون إلى نهاوند وقد ازدحمت ركابهم في هذه العقبة سمّوها عقبة الركاب، قال ابن الفقيه: بنهاوند قصب يتخذ منه ذريرة وهو هذا الحنوط فما دام بنهاوند أو شيء من رساتيقها فهو والخشب بمنزلة لا رائحة له، فإذا حمل منها وجاوز العقبة التي يقال لها عقبة الركاب فاحت رائحته وزالت الخشبيّة عنه، قال: وهو الصحيح لا يتمارى فيه أحد، وفي كتاب الفتوح للبلاذري: كان مسلمة بن عبد الملك لما غزا عمّورية حمل معه نساءه وحمل ناس ممن معه نساءهم فلم تزل بنو أميّة تفعل ذلك إرادة الجدّ في القتال للغيرة على الحرم، فلما صار في عقبة بغراس عند الطريق المستدقّة التي تشرف على الوادي سقط محمل فيه امرأة إلى الحضيض فأمر مسلمة أن تمشي سائر النساء فمشين فسميت تلك العقبة عقبة النساء إلى الآن، وقد كان المعتصم بنى على جدّ تلك الطريق حائطا من حجارة وبنى الجسر الذي على طريق أذنة من المصيصة، وأما العقبة التي بويع فيها النبي، صلى الله عليه وسلّم، بمكة فهي عقبة بين منى ومكة بينها وبين مكة نحو ميلين وعندها مسجد ومنها ترمى جمرة العقبة، وكان من حديثها أن النبي، صلى الله عليه وسلّم، كان في بدء أمره يوافي الموسم بسوق عكاظ وذي المجاز ومجنّة ويتتبّع القبائل في رحالها يدعوهم إلى أن يمنعوه ليبلّغ رسالات ربه فلا يجد أحدا ينصره حتى إذا كانت سنة إحدى عشرة من النّبوّة لقي ستة نفر من الأوس عند هذه العقبة فدعاهم، صلى الله عليه وسلّم، إلى الإسلام وعرض عليهم أن يمنعوه فقالوا: هذا والله النبيّ الذي تعدنا به اليهود يجدونه مكتوبا في توراتهم، فآمنوا به وصدّقوه، وهم: أسعد بن زرارة وقطبة بن عامر بن حديدة ومعاذ بن عفراء وجابر بن عبد الله بن رئاب وعوف ابن عفراء وعقبة بن عامر، فانصرفوا إلى المدينة وذكروا أمر رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، فأجابهم ناس وفشا فيهم الإسلام، ثم لما كانت سنة اثنتي عشرة من النبوّة وافى الموسم منهم اثنا عشر رجلا هؤلاء الستة وستة أخر أبو الهيثم بن التّيّهان وعبادة بن الصامت وعويم بن أبي ساعدة ورافع بن مالك وذكوان بن عبد القيس وأبو عبد الرحمن بن ثعلبة فآمنوا وأسلموا، فلما كانت سنة ثلاث عشرة من النبوّة أتى منهم سبعون رجلا وامرأتان أمّ عامر وأمّ منيع ورئيسهم البراء بن معرور ويطول تعدادهم إلا أنك إذا رأيت في الأنصار من يقال له بدريّ فهو منسوب إلى أنه شهد مع رسول الله، صلى الله عليه وسلّم، غزاة بدر، وإذا قيل عقبيّ فهو منسوب إلى
مبايعة النبي، صلّى الله عليه وسلّم، في هذا الموضع.

عَرشَانُ

عَرشَانُ:
بلد تحت التّــعكر باليمن، بها كان يسكن الفقيه علي بن أبي بكر وكان محدّثا، صنف كتابا في الحديث سماه شروط الساعة ذكر فيه ما حدث باليمن من الخسف والرجف، يروي ملاحم، وابنه القاضي صفيّ الدين أحمد بن علي قاضي اليمن في أيام سيف الإسلام بن أيوب، صنف كتابا فيمن دخل اليمن من الصحابة والتابعين، رضي الله عنهم، وشرع في كتاب طبقات النحويين ولم يتمّه، وكان مشاركا في النحو واللغة والطب والتواريخ، مات في ذي جبلة وقبره في عرشان مشهور، وكان يظهر الشماتة بموت الفقيه مسعود فرأى في المنام قارئا يقرأ:
ألم نهلك الأولين ثم نتبعهم الآخرين، فعاش بعده ستة أشهر، ومات في حدود سنة 590.

الشَّهَارسُوج

الشَّهَارسُوج:
هو فارسيّ معناه بالعربية أربع جهات:
محلة بالبصرة يقال لها چهارسوج بجلة، بفتح الباء الموحدة، وسكون الجيم، وبجلة: بنت مالك بن فهم الأزدي وهي أمّ ولد مالك بن ثعلبة بن بهثة بن سليم بن منصور بن عكرمة، قال ابن الكلبي: والناس يقولون چهارسوج بجيلة، قال: وبنو بجلة فيه مع أخوالهم الأزد.

سَيْرٌ

سَيْرٌ:
بلد باليمن في شرقي الجند، منه الفقيه يحيى ابن أبي الخير بن سالم السّيري ثمّ العمراني، درّس الفقه بذي أشرق بلدة فوق ذي جبلة وصنف بها كتبا، منها كتاب البيان في الفقه، جمع فيه بين المهذّب والزوائد ومسائل الدرر ومذاهب المخالفين وشرح فيه ما أشكل من مسائل المهذّب وحذا فيه حذو المهذّب وصنّف الزوائد وهو نحو مجلّدين قصد فيه ذكر المسائل التي في المهذّب وزاد فيه شيئا من مسائل الدرر، ثمّ وصل الوسيط إلى اليمن بعد تصنيفه المهذب طالعه فوجد فيه مسائل زائدة جمعها في كتاب سمّاه غرائب الوسيط، وصنف كتابا صغيرا ذكر فيه مشكلات المهذّب ولم يتعرّض فيه لشيء من تخطئة أبي إسحاق بل أحال الخطأ على الناسخ، وصنف كتابا سمّاه الانتصار في الردّ على جعفر بن أبي يحيى من الزيدية، ومات في ذي السّفال جنوبي التّــعكر، وقبره هناك، وابنه طاهر بن يحيى، صنّف كتابا شرح فيه اللمع لأبي إسحاق الشيرازي وكتابا سمّاه كسر مفتاح القدر ردّ فيه على جعفر بن يحيى الزيدي.

زَنْبَرُ

زَنْبَرُ:
بوزن عنبر: محلّة بمصر، عن العمراني، وإليها فيما أحسب ينسب أبو بكر أحمد بن مسعود بن عمرو ابن إدريس بن عكرمة الزّنبري مصريّ، روى عن الربيع بن سليمان ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم، روى عنه أبو ذرّ عمّار بن محمد بن مخلد التميمي وأبو القاسم الطبراني، ومات سنة 333.

خِضْرِمَةُ

خِضْرِمَةُ:
بكسر أوله، وسكون ثانيه، وكسر رائه، الخضرمة ومخضوراء: ماءتان لبني سلول.
والخضرمة: بلد بأرض اليمامة لربيعة، وقال الحازمي:
جوّ اليمامة قصبة اليمامة، ويقال لبلدها خضرمة، بكسر الخاء والراء، وينسب إليها نفر، منهم:
خصيف بن عبد الرحمن الخضرمي وأخوه خصّاف، وفي كتاب دمشق: خصيف بن عبد الرحمن ويقال ابن يزيد أبو عون الجزري الحرّاني الخضرمي مولى بني أمية أخوه خصّاف، وكانا توأمين، وخصيف أكبرهما، حدّث عن أنس بن مالك وسعيد بن جبير ومجاهد وأبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود ومقسم بن عكرمة مولى ابن عباس وعمر بن عبد العزيز، روى عنه عبد الله بن أبي نجيح المكي ومحمد بن إسحاق صاحب المغازي وابن جريج وإسرائيل بن يونس وسفيان الثوري وعتاب بن بشير ومعمر بن سليمان الرّقّي ومروان بن حيّان الرقي وشريك بن عبد الله القاضي ومحمد بن فضيل وابن غزوان وغير هؤلاء كثير، وقدم على عمر بن عبد العزيز، وقال يحيى ابن معين: خصيف ثقة، وقال أحمد بن حنبل:
خصيف ليس بحجة في الحديث، وعباس بن الحسن الخضرمي، يروي عن الزهري، حدث عنه ابن جريج، قال أبو بكر المقري الأصبهاني، وهو محمد بن إبراهيم العاصمي: سألت أبا عروبة عن العباس بن الحسن الخضرمي فقال: كان لا شيء، وفي رجله خيط، والله أعلم.

زَرْجِين

زَرْجِين:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، والجيم مكسورة ثمّ ياء مثناة من تحت، وآخره نون: محلّة كبيرة بمرو، نسب إليها طائفة من أهل العلم، منهم:
رزين بن أبي رزين السرّاج الزرجيني، روى عن عكرمة مولى ابن عبّاس، رضي الله عنه، روى عنه عبد الله بن المبارك.

رَهْوَةُ

رَهْوَةُ:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، وفتح الواو، والرّهو الكركيّ، ويقال: طير من طيور الماء يشبه الكركي، والرهو مشي في سكون، وقوله تعالى: وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْواً 44: 24، أي ساكنا، وقيل يبسا، وقيل مفلوقا، ورهوة واحدة ما ذكرناه، وقال أبو عبيد: الرهوة الارتفاع والانحدار، قال أبو العبّاس النّميري:
دلّيت رجليّ في رهوة
فهذا انحدار، وقال عمرو بن كلثوم:
نصبنا مثل رهوة ذات حدّ ... محافظة، وكنّا السّابقينا
فهذا ارتفاع، وقال أبو عبيد: الرهوة الجوبة تكون في محلّة القوم يسيل إليها ماء المطر، وقال أبو معبد:
الرّهوة ما اطمأنّ وارتفع ما حوله، قال: والرهوة شبه تلّ يكون في متون الأرض على رؤوس الجبال ومساقط الطيور الصقور والعقبان: وهو طريق بالطائف، وقيل: هو جبل في شعر خفاف بن ندبة، وقيل: عقبة في مكان معروف، وقال أبو ذؤيب:
فإن تمس في قبر برهوة ثاويا، ... أنيسك أصداء القبور تصيح
ولا لك جيران ولا لك ناصر، ... ولا لطف يبكي عليك نصيح
وقال الأصمعي: رهوة في أرض بني جشم ونصر ابني معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة، والرهوة: صحراء قرب خلاط، قال أحمد بن يحيى بن جابر: كان مالك بن عبد الله الخثعمي ويقال له الصوائف الفلسطيني غزا بلاد الروم
سنة 146 في أيّام المنصور فغنم غنائم كثيرة ثمّ قفل، فلمّا كان من درب الحدث على خمسة عشر ميلا بموضع يقال له الرهوة فأقام ثلاثا فباع الغنائم وقسم سهام الغنيمة فسمّيت رهوة مالك به.

الرَّقيمُ

الرَّقيمُ:
بفتح أوّله، وكسر ثانيه، وهو الذي جاء ذكره في القرآن، والرّقم والترقيم: تعجيم الكتاب ونقطة وتبين حروفه، وكتاب رقيم أي مرقوم، فعيل بمعنى مفعول، قال الشاعر:
سأرقم في الماء القراح إليكم، ... على بعدكم، إن كان للماء راقم
وبقرب البلقاء من أطراف الشام موضع يقال له الرقيم، يزعم بعضهم أن به أهل الكهف، والصحيح أنّهم ببلاد الروم كما نذكره، وهذا الرقيم أراد كثيّر بقوله، وكان يزيد بن عبد الملك ينزله، وقد ذكرته الشعراء:
أمير المؤمنين إليك نهوي ... على البخت الصّلادم والعجوم
إذا اتخذت وجوه القوم نصبا ... أجيج الواهجات من السّموم
فكم غادرن دونك من جهيض ... ومن نعل مطرّحة جذيم
يزرن، على تنائيه، يزيدا ... بأكناف الموقّر والرّقيم
تهنّئه الوفود إذا أتوه ... بنصر الله والملك العظيم
قال الفرّاء في قوله تعالى: أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا من آياتِنا عَجَباً 18: 9، قالوا: هو لوح رصاص كتبت فيه أنسابهم وأسماؤهم ودينهم ومما هربوا، وقيل: الرقيم اسم القرية التي كانوا فيها، وقيل: إنّه اسم الجبل الذي فيه الكهف، وروى عكرمة عن ابن عبّاس، رضي الله عنه، أنّه قال: ما أدري ما الرقيم أكتاب أم بنيان، وروى غيره عن ابن عبّاس: أصحاب الرقيم سبعة، وأسماؤهم:
يمليخا، مكسملينا، مشلينا، مرطونس، دبريوس، سرابيون، افستطيوس، واسم كلبهم قطمير، واسم ملكهم دقيانوس، واسم مدينتهم التي خرجوا منها أفسس ورستاقها الرّسّ، واسم الكهف الرقيم، وكان فوقهم القبطيّ دون الكرديّ، وقد قيل غير ذلك في أسمائهم، والكهف المذكور الذي فيه أصحاب الكهف بين عمورية ونيقية، وبينه وبين طرسوس عشرة أيام أو أحد عشر يوما، وكان الواثق قد وجّه محمد بن موسى المنجّم إلى بلاد الرّوم للنظر إلى أصحاب الكهف والرقيم، قال: فوصلنا إلى بلد الروم فإذا هو جبل صغير قدر أسفله أقلّ من ألف ذراع وله سرب من وجه الأرض فتدخل السرب فتمرّ في خسف من الأرض مقدار ثلاثمائة خطوة فيخرجك إلى رواق في الجبل على أساطين منقورة وفيه عدّة أبيات، منها: بيت مرتفع العتبة مقدار قامة عليها باب حجارة فيه الموتى ورجل موكل بهم يحفظهم معه خصيّان، وإذا هو يحيدنا عن أن نراهم ونفتّشهم ويزعم أنّه لا يأمن أن يصيب من التمس ذلك آفة في بدنه، يريد التمويه ليدوم كسبه، فقلت: دعني أنظر إليهم وأنت بريء، فصعدت بمشقّة عظيمة غليظة مع غلام من غلماني فنظرت إليهم وإذا هم في مسوح شعر تتفتت في اليد، وإذا أجسادهم مطليّة بالصبر والمرّ والكافور ليحفظها، وإذا جلودهم لاصقة بعظامهم، غير أني أمررت يدي على صدر أحدهم فوجدت خشونة شعره وقوّة ثيابه، ثمّ أحضرنا المتوكّل بهم طعاما وسألنا أن نأكل منه، فلمّا أخذناه منه ذقناه وقد أنكرت أنفسنا وتهوّعنا وكأن الخبيث أراد قتلنا أو قتل بعضنا ليصحّ له ما كان يموّه به عند الملك أنّه فعل بنا هذا الفعل أصحاب الرقيم، فقلنا له: إنّا ظننا أنهم أحياء يشبهون الموتى وليس هؤلاء كذلك، فتركناه وانصرفنا، قال غيرهم: إن بالبلقاء بأرض العرب من نواحي دمشق موضعا يزعمون أنّه الكهف والرقيم قرب عمّان، وذكروا أن عمّان هي مدينة دقيانوس، وقيل: هي في أفسس من بلاد الروم قرب أبلستين، قيل: هي مدينة دقيانوس، وفي برّ الأندلس موضع يقال له جنان الورد به الكهف والرقيم، وبه قوم موتى لا يبلون كما ذكر أهلها، وقيل: إن طليطلة هي مدينة دقيانوس، وذكر عليّ ابن يحيى أنّه لما قفل من غزاته دخل ذلك الموضع فرآهم في مغارة يصعد إليها من الأرض بسلّم مقدار ثلاثمائة ذراع، قال: فرأيتهم ثلاثة عشر رجلا وفيهم غلام أمرد عليهم جباب صوف وأكسية صوف وعليهم خفاف ونعال، فتناولت شعرات من جبهة أحدهم فمددتها فما منعني منها شيء، والصحيح أن أصحاب الكهف سبعة وإنّما الروم زادوا الباقي من عظماء أهل دينهم وعالجوا أجسادهم بالصبر وغيره على ما عرفوه، وروي عن عبادة بن الصامت قال:
بعثني أبو بكر الصديق، رضي الله عنه، سنة استخلف إلى ملك الروم أدعوه إلى الإسلام أو أوذنه بحرب، قال: فسرت حتى دخلت بلد الروم فلمّا دنوت إلى قسطنطينية لاح لنا جبل أحمر قيل
إن فيه أصحاب الكهف والرقيم، ودفعنا فيه إلى دير وسألنا أهل الدير عنهم فأوقفونا على سرب في الجبل، فقلنا لهم: إنّا نريد أن ننظر إليهم، فقالوا: أعطونا شيئا، فوهبنا لهم دينارا، فدخلوا ودخلنا معهم في ذلك السرب وكان عليه باب حديد ففتحوه فانتهينا إلى بيت عظيم محفور في الجبل فيه ثلاثة عشر رجلا مضطجعين على ظهورهم كأنهم رقود وعلى كل واحد منهم جبّة غبراء وكساء أغبر قد غطوا بها رؤوسهم إلى أرجلهم، فلم ندر ما ثيابهم أمن صوف أو وبر أم غير ذلك إلّا أنّها كانت أصلب من الديباج وإذا هي تقعقع من الصفاقة والجودة، ورأينا على أكثرهم خفافا إلى أنصاف سوقهم وبعضهم منتعلين بنعال مخصوفة، ولخفافهم ونعالهم من جودة الخرز ولين الجلود ما لم ير مثله، فكشفنا عن وجوههم رجلا بعد رجل فإذا بهم من ظهور الدم وصفاء الألوان كأفضل ما يكون للأحياء وإذا الشيب قد وخط بعضهم وبعضهم شبّان سود الشعور وبعضهم موفورة شعورهم وبعضهم مطمومة وهم على زي المسلمين، فانتهينا إلى آخرهم فإذا هو مضروب الوجه بالسيف وكأنّه في ذلك اليوم ضرب، فسألنا أولئك الذين أدخلونا إليهم عن حالهم فأخبرونا أنّهم يدخلون إليهم في كل يوم عيد لهم يجتمع أهل تلك البلاد من سائر المدن والقرى إلى باب هذا الكهف فنقيمهم أيّاما من غير أن يمسّهم أحد فننفض جبابهم وأكسيتهم من التراب ونقلّم أظافيرهم ونقصّ شواربهم ثمّ نضجعهم بعد ذلك على هيئتهم التي ترونها، فسألناهم من هم وما أمرهم ومنذ كم هم بذلك المكان، فذكروا أنّهم يجدون في كتبهم أنّهم بمكانهم ذلك من قبل مبعث المسيح، عليه السلام، بأربعمائة سنة وأنّهم كانوا أنبياء بعثوا بعصر واحد وأنّهم لا يعرفون من أمرهم شيئا غير هذا، قال عبد الله الفقير إليه: هذا ما نقلته من كتب الثقات، والله أعلم بصحته.

رحبَةُ مالك بن طَوْقٍ

رحبَةُ مالك بن طَوْقٍ:
بينها وبين دمشق ثمانية أيّام ومن حلب خمسة أيّام وإلى بغداد مائة فرسخ وإلى الرّقة نيف وعشرون فرسخا، وهي بين الرقة وبغداد على شاطئ الفرات أسفل من قرقيسيا، قال البلاذري:
لم يكن لها أثر قديم إنّما أحدثها مالك بن طوق بن عتّاب التغلبي في خلافة المأمون، قال صاحب الزيج:
طولها ستون درجة وربع، وعرضها ثلاث وثلاثون درجة، قد ذكر من لغة هذه اللفظة في الترجمة قبله ويزيد ههنا، قال النضر بن شميل: الرّحاب في الأودية، الواحدة رحبة، وهي مواضع متواطئة ليستنقع الماء فيها وما حولها مشرف عليها، وهي أسرع الأرض نباتا، تكون عند منتهى الوادي في وسطه وتكون في المكان المشرف ليستنقع الماء فيها، وإذا كانت في الأرض المستوية نزلها الناس وإذا كانت في بطن المسيل لم ينزلها الناس وإذا كانت في بطن الوادي فهي أقنة أي حفرة تمسك الماء ليست بالقعيرة جدّا وسعتها قدر غلوة، والناس ينزلون في ناحية منها، ولا تكون الرحاب في الرمل وتكون في بطون الأرض وظواهرها، وقد نسبت إلى مالك بن طوق كما ترى.
وفي التوراة في السفر الأوّل في الجزء الثاني: إن الرحبة بناها نمرود بن كوش، حدث أبو شجاع عمر ابن أبي الحسن محمد بن أبي محمد عبد الله البسطامي فيما أنبأنا عنه شيخنا أبو المظفر عبد الرحيم بن أبي سعد عبد الكريم بن أبي بكر محمد بن منصور السمعاني المروزي بإسناد له طويل أوصله إلى عليّ بن سعد الكاتب الرحبي رحبة مالك بن طوق قال: سألت أبي لم سميت هذه المدينة رحبة مالك بن طوق ومن كان هذا الرجل، فقال: يا بنيّ اعلم أن هارون الرشيد كان قد اجتاز في الفرات في حرّاقة حتى بلغ الشّذا ومعه ندماء له أحدهم يقال له مالك بن طوق، فلمّا قرب من الدواليب قال مالك بن طوق: يا أمير المؤمنين لو خرجت إلى الشطّ إلى أن تجوز هذه البقعة، فقال له هارون الرشيد: أحسبك تخاف هذه الدواليب، فقال مالك: يكفي الله أمير المؤمنين كلّ محذور ولكن إن رأى أمير المؤمنين ذلك رأيا وإلّا فالأمر له، فقال الرشيد: قد تطيرت بقولك، وقدّم السفينة وصعد الشطّ، فلمّا بلغت الحرّاقة موضع الدواليب دارت دورة ثمّ انقلبت بكلّ ما فيها، فعجب من ذلك هارون الرشيد وسجد لله شكرا وأمر بإخراج مال عظيم يفرّق على الفقراء في جميع المواضع وقال لمالك: وجبت لك عليّ حاجة فسل، فقال: يقطعني أمير المؤمنين في هذا الموضع أرضا أبنيها مدينة تنسب إليّ، فقال الرشيد: قد فعلت، وأمر أن يعان في بنائها بالمال والرجال، فلمّا عمرها واستوسقت له
أموره فيها وتحوّل الناس إليها أنفذ إليه الرشيد يطلب منه مالا فتعلّل عليه بعلّة ودافعه عن حمل المال ثمّ ثنّى الرسول إليه وكذلك راسله ثالثا وبلغ هارون الرشيد أنّه قد عصى عليه وتحصن فأنفذ إليه الجيوش إلى أن طالت بينهما المحاربة والوقائع ثمّ ظفر به صاحب الرشيد فحمله مكبّلا بالحديد فمكث في حبس الرشيد عشرة أيّام لم يسمع منه كلمة واحدة وكان إذا أراد شيئا أومأ برأسه ويده، فلمّا مضت له عشرة أيّام جلس الرشيد للناس وأمر بإخراجه فأخرج من الحبس إلى مجلس أمير المؤمنين والوزراء والحجّاب والأمراء بين يدي الرشيد، فلمّا مثل بين يديه قبّل الأرض ثمّ قام قائما لا يتكلّم ولا يقول شيئا ساعة تامة، قال: فدعا الرشيد النّطع والسيف وأمر بضرب عنقه، فقال له يحيى: ويلك يا مالك لم لا تتكلّم؟ فالتفت إلى الرشيد فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته! الحمد لله الذي خلق الإنسان من سلالة من طين. يا أمير المؤمنين جبر الله بك صدع الدين ولمّ بك شعث المسلمين وأخمد بك شهاب الباطل وأوضح بك سبل الحقّ! إن الذنوب تخرس الألسنة وتصدع الأفئدة. وايم الله لقد عظمت الجريرة فانقطعت الحجة فلم يبق إلّا عفوك أو انتقامك. ثمّ أنشأ يقول:
أرى الموت بين السيف والنطع كامنا ... يلاحظني من حيث ما أتلفّت
وأكثر ظني أنّك اليوم قاتلي، ... وأيّ امرئ ممّا قضى الله يفلت
وأيّ امرئ يدلي بعذر وحجّة ... وسيف المنايا بين عينيه مصلت؟
يعزّ على الأوس بن تغلب موقف ... يهزّ عليّ السيف فيه وأسكت
وما بي خوف أن أموت وإنّني ... لأعلم أن الموت شيء موقّت
ولكنّ خلفي صبية قد تركتهم ... وأكبادهم من خشية تتفتّت
كأنّي أراهم حين أنعى إليهم ... وقد خمّشوا تلك الوجوه وصوّتوا
فإن عشت عاشوا خافضين بغبطة ... أذود الرّدى عنهم، وإن متّ موّتوا
وكم قائل: لا يبعد الله داره، ... وآخر جذلان يسرّ ويشمت
قال: فبكى الرشيد بكاء تبسم ثمّ قال: لقد سكتّ على همّة وتكلّمت على علم وحكمة وقد وهبناك للصبية فارجع إلى مالك ولا تعاود فعالك، فقال:
سمعا لأمير المؤمنين وطاعة! ثمّ انصرف من عنده بالخلع والجوائز، وقد نسب إلى رحبة مالك جماعة، منهم: أبو عليّ الحسن بن قيس الرّحبي، روى عن عكرمة وعطاء، روى عنه سليمان التيمي، ومن المتأخرين أبو عبد الله محمد بن عليّ بن محمد بن الحسن الرحبي الفقيه الشافعي المعروف بابن المتفنّنة، تفقه على أبي منصور بن الرزاز البغدادي ودرّس ببلده وصنّف كتبا ومات بالرحبة سنة 577 وقد بلغ ثمانين سنة، وابنه أبو الثناء محمود، كان قد ورد الموصل وتولى بها نيابة القضاء عن القاضي أبي منصور المظفر بن عبد القاهر بن الحسن بن عليّ بن القاسم الشهرزوري وبقي مدّة ثمّ صرف عنها وعاد إلى الرحبة، وكان فقيها عالما، وكان أسد الدين شيركوه وليّ الرحبة يوسف ابن الملّاح الحلبي وآخر معه من بعض القرى فكتب إليه يحيى بن النقاش الرحبي:
كم لك في الرّحبة من لائم، ... يا أسد الدين، ومن لاح
دمّرتها من حيث دبّرتها ... برأي فلّاح وملّاح
وله فيه:
يا أسد الدين اغتنم أجرنا، ... وخلّص الرحبة من يوسف
تغزو إلى الكفر وتغزو به ... الإسلام، ما ذاك بهذا يفي

دَرْوَازَق

دَرْوَازَق:
بفتح أوله، وسكون ثانيه، وبعد الألف زاي، وآخره قاف، وأصله دروازه ماسرجستان، ودروازه بلسانهم يراد به باب المدينة: قرية على فرسخ من مرو عند الدّيوقان، وهي قرية قديمة نزل بها المسلمون لما قدموا مرو لفتحها، منها أبو المثيّب
عيسى بن عبيد بن أبي عبيد الكندي الدّروازقي، حدث عن عكرمة القرشي مولاهم والفرزدق بن جوّاس وغيرهما، روى عنه الفضل بن موسى الشيباني.
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.