Ibn Manẓūr, Lisān al-ʿArab (d. 1311 CE) لسان العرب لابن منظور

Search results for: سيد

نعم

نعم: النَّعِيمُ والنُّعْمى والنَّعْماء والنِّعْمة، كله: الخَفْض

والدَّعةُ والمالُ، وهو ضد البَأْساء والبُؤْسى. وقوله عز وجل: ومَنْ

يُبَدِّلْ نِعْمَةَ الله من بَعْدِ ما جاءته؛ يعني في هذا الموضع حُجَجَ الله

الدالَّةَ على أَمر النبي، صلى الله عليه وسلم. وقوله تعالى: ثم

لَتُسْأَلُنَّ يومئذ عن النعيم؛ أي تُسْأَلون يوم القيامة عن كل ما استمتعتم به في

الدنيا، وجمعُ النِّعْمةِ نِعَمٌ وأََنْعُمٌ كشِدَّةٍ وأَشُدٍّ؛ حكاه

سيبويه؛ وقال النابغة:

فلن أَذْكُرَ النُّعْمان إلا بصالحٍ،

فإنَّ له عندي يُدِيّاً وأَنْعُما

والنُّعْم، بالضم: خلافُ البُؤْس. يقال: يومٌ نُعْمٌ ويومٌ بؤُْْسٌ،

والجمع أَنْعُمٌ وأَبْؤُسٌ. ونَعُم الشيءُ نُعومةً أي صار ناعِما لَيِّناً،

وكذلك نَعِمَ يَنْعَم مثل حَذِرَ يَحْذَر، وفيه لغة ثالثة مركبة بينهما:

نَعِمَ يَنْعُمُ مثل فَضِلَ يَفْضُلُ، ولغة رابعة: نَعِمَ يَنْعِم،

بالكسر فيهما، وهو شاذ. والتنَعُّم: الترفُّه، والاسم النِّعْمة. ونَعِمَ

الرجل يَنْعَم نَعْمةً، فهو نَعِمٌ بيّن المَنْعَم، ويجوز تَنَعَّم، فهو

ناعِمٌ، ونَعِمَ يَنْعُم؛ قال ابن جني: نَعِمَ في الأصل ماضي يَنْعَمُ،

ويَنْعُم في الأصل مضارعُ نَعُم، ثم تداخلت اللغتان فاستضاف من يقول نَعِمَ

لغة من يقول يَنْعُم، فحدث هنالك لغةٌ ثالثة، فإن قلت: فكان يجب، على هذا،

أَن يستضيف من يقول نَعُم مضارعَ من يقول نَعِم فيتركب من هذا لغةٌ ثالثة

وهي نَعُم يَنْعَم، قيل: منع من هذا أَن فَعُل لا يختلف مضارعُه أَبداً،

وليس كذلك نَعِمَ، فإن نَعِمَ قد يأَْتي فيه يَنْعِمُ ويَنعَم، فاحتمل

خِلاف مضارعِه، وفَعُل لا يحتمل مضارعُه الخلافَ، فإن قلت: فما بالهُم

كسروا عينَ يَنْعِم وليس في ماضيه إلا نَعِمَ ونَعُم وكلُّ واحدٍ مِنْ فَعِل

وفَعُل ليس له حَظٌّ في باب يَفْعِل؟ قيل: هذا طريقُه غير طريق ما قبله،

فإما أن يكون يَنْعِم، بكسر العين، جاء على ماضٍ وزنه فعَل غير أَنهم لم

يَنْطِقوا به استغناءٍ عنه بنَعِم ونَعُم، كما اسْتَغْنَوْا بتَرَك عن

وَذَرَ ووَدَعَ، وكما استغنَوْا بمَلامِحَ عن تكسير لَمْحةٍ، أَو يكون

فَعِل في هذا داخلاً على فَعُل، أَعني أَن تُكسَر عينُ مضارع نَعُم كما

ضُمَّت عينُ مضارع فَعِل، وكذلك تَنَعَّم وتَناعَم وناعَم ونَعَّمه وناعَمَه.

ونَعَّمَ أَولادَه: رَفَّهَهم. والنَّعْمةُ، بالفتح: التَّنْعِيمُ.

يقال: نَعَّمَه الله وناعَمه فتَنَعَّم. وفي الحديث: كيف أَنْعَمُ وصاحبُ

القَرْنِ قد الْتَقَمه؟ أي كيف أَتَنَعَّم، من النَّعْمة، بالفتح، وهي

المسرّة والفرح والترفُّه. وفي حديث أَبي مريم: دخلتُ على معاوية فقال: ما

أَنْعَمَنا بك؟ أَي ما الذي أَعْمَلَكَ إلينا وأَقْدَمَك علينا، وإنما يقال

ذلك لمن يُفرَح بلقائه، كأنه قال: ما الذي أَسرّنا وأَفرَحَنا وأَقَرَّ

أَعيُنَنا بلقائك ورؤيتك.

والناعِمةُ والمُناعِمةُ والمُنَعَّمةُ: الحَسنةُ العيشِ والغِذاءِ

المُتْرَفةُ؛ ومنه الحديث: إنها لَطَيْرٌ ناعِمةٌ أي سِمانٌ مُتْرَفةٌ؛ قال

وقوله:

ما أَنْعَمَ العَيْشَ، لو أَنَّ الفَتى حَجَرٌ،

تنْبُو الحوادِثُ عنه، وهو مَلْمومُ

إنما هو على النسب لأَنا لم نسمعهم قالوا نَعِم العيشُ، ونظيره ما حكاه

سيبويه من قولهم: هو أَحْنكُ الشاتين وأَحْنَكُ البَعيرين في أَنه استعمل

منه فعل التعجب، وإن لم يك منه فِعْلٌ، فتَفهَّمْ.

ورجل مِنْعامٌ أي مِفْضالٌ. ونَبْتٌ ناعِمٌ ومُناعِمٌ ومُتناعِمٌ سواء؛

قال الأَعشى:

وتَضْحَك عن غُرِّ الثَّنايا، كأَنه

ذرى أُقْحُوانٍ، نَبْتُه مُتناعِمُ

والتَّنْعيمةُ: شجرةٌ ناعمةُ الورَق ورقُها كوَرَق السِّلْق، ولا تنبت

إلى على ماء، ولا ثمرَ لها وهي خضراء غليظةُ الساقِ. وثوبٌ ناعِمٌ:

ليِّنٌ؛ ومنه قول بعض الوُصَّاف: وعليهم الثيابُ الناعمةُ؛ وقال:

ونَحْمي بها حَوْماً رُكاماً ونِسْوَةً،

عليهنَّ قَزٌّ ناعِمٌ وحَريرُ

وكلامٌ مُنَعَّمٌ كذلك.

والنِّعْمةُ: اليدُ البَيْضاء الصاحلة والصَّنيعةُ والمِنَّة وما

أُنْعِم به عليك. ونِعْمةُ الله، بكسر النون: مَنُّه وما أَعطاه الله العبدَ

مما لا يُمْكن غيره أَن يُعْطيَه إياه كالسَّمْع والبصَر، والجمعُ منهما

نِعَمٌ وأَنْعُمٌ؛ قال ابن جني: جاء ذلك على حذف التاء فصار كقولهم ذِئْبٌ

وأَذْؤب ونِطْع وأَنْطُع، ومثله كثير، ونِعِماتٌ ونِعَماتٌ، الإتباعُ

لأَهل الحجاز، وحكاه اللحياني قال: وقرأَ بعضهم: أَن الفُلْكَ تجرِي في

البَحْرِ بنِعَمات الله، بفتح العين وكسرِها، قال: ويجوز بِنِعْمات الله،

بإسكان العين، فأَما الكسرُ

(* قوله «فأما الكسر إلخ» عبارة التهذيب: فأما

الكسر فعلى من جمع كسرة كسرات، ومن أسكن فهو أجود الأوجه على من جمع

الكسرة كسات ومن قرأ إلخ) فعلى مَنْ جمعَ كِسْرَةً كِسِرات، ومَنْ قرأَ

بِنِعَمات فإن الفتح أخفُّ الحركات، وهو أَكثر في الكلام من نِعِمات الله،

بالكسر. وقوله عز وجل: وأَسْبَغَ عليكم نِعَمَه ظاهرةً وباطنةً

(* قوله وقوله

عز وجل وأسبغ عليكم نعمة ظاهرة وباطنة إلى قوله وقرأ بعضهم» هكذا في

الأصل بتوسيط عبارة الجوهري بينهما). قال الجوهري: والنُّعْمى كالنِّعْمة،

فإن فتحتَ النون مددتَ فقلت النَّعْماء، والنَّعيمُ مثلُه. وفلانٌ واسعُ

النِّعْمةِ أي واسعُ المالِ. وقرأَ بعضهم: وأَسْبَغَ عليكم نِعْمَةً، فمن

قرأَ نِعَمَه أَراد جميعَ ما أَنعم به عليهم؛ قال الفراء: قرأَها ابن

عباس

(* قوله «قرأها ابن عباس إلخ» كذا بالأصل) نِعَمَه، وهو وَجْهٌ جيِّد

لأَنه قد قال شاكراً لأَنعُمِه، فهذا جمع النِّعْم وهو دليل على أَن

نِعَمَه جائز، ومَنْ قرأَ نِعْمةً أَراد ما أُعطوه من توحيده؛ هذا قول الزجاج،

وأَنْعَمها اللهُ عليه وأَنْعَم بها عليه؛ قال ابن عباس: النِّعمةُ

الظاهرةُ الإسلامُ، والباطنةُ سَتْرُ الذنوب. وقوله تعالى: وإذْ تقولُ للذي

أَنْعَم اللهُ عليه وأَنْعَمْت عليه أَمْسِكْ عليكَ زوْجَك؛ قال الزجاج:

معنى إنْعامِ الله عليه هِدايتُه إلى الإسلام، ومعنى إنْعام النبي، صلى

الله عليه وسلم، عليه إعْتاقُه إياه من الرِّقِّ. وقوله تعالى: وأَمّا

بِنِعْمةِ ربِّك فحدِّثْ؛ فسره ثعلب فقال: اذْكُر الإسلامَ واذكر ما أَبْلاكَ

به ربُّك. وقوله تعالى: ما أَنتَ بِنِعْمةِ ربِّك بمَجْنونٍ؛ يقول: ما

أَنت بإنْعامِ الله عليك وحَمْدِكَ إياه على نِعْمتِه بمجنون. وقوله

تعالى: يَعْرِفون نِعمةَ الله ثم يُنْكِرونها؛ قال الزجاج: معناه يعرفون أَن

أمرَ النبي، صلى الله عليه وسلم، حقٌّ ثم يُنْكِرون ذلك. والنِّعمةُ،

بالكسر: اسمٌ من أَنْعَم اللهُ عليه يُنْعِمُ إنعاماً ونِعْمةً، أُقيم الاسمُ

مُقامَ الإنْعام، كقولك: أَنْفَقْتُ عليه إنْفاقاً ونَفَقَةً بمعنى

واحد. وأَنْعَم: أَفْضل وزاد. وفي الحديث: إن أَهلَ الجنة ليَتراءوْنَ أَهلَ

عِلِّيِّين كما تَرَوْنَ الكوكبَ الدُّرِّيَّ في أُفُقِ السماء، وإنَّ

أبا بكر وعُمَر منهم وأَنْعَما أي زادا وفَضَلا، رضي الله عنهما. ويقال: قد

أَحْسَنْتَ إليَّ وأَنْعَمْتَ أي زدت عليَّ الإحسانَ، وقيل: معناه صارا

إلى النعيم ودخَلا فيه كما يقال أَشْمَلَ إذا ذخل في الشِّمالِ، ومعنى

قولهم: أَنْعَمْتَ على فلانٍ أي أَصَرْتَ إليه نِعْمةً. وتقول: أَنْعَم

اللهُ عليك، من النِّعْمة. وأَنْعَمَ اللهُ صَباحَك، من النُّعُومةِ.

وقولهُم: عِمْ صباحاً كلمةُ تحيّةٍ، كأَنه محذوف من نَعِم يَنْعِم، بالكسر، كما

تقول: كُلْ من أَكلَ يأْكلُ، فحذف منه الألف والنونَ استخفافاً. ونَعِمَ

اللهُ بك عَيْناً، ونَعَم، ونَعِمَك اللهُ عَيْناً، وأَنْعَم اللهُ بك

عَيْناً: أَقرَّ بك عينَ من تحبّه، وفي الصحاح: أي أَقرَّ اللهُ عينَك بمن

تحبُّه؛ أَنشد ثعلب:

أَنْعَم اللهُ بالرسولِ وبالمُرْ

سِلِ، والحاملِ الرسالَة عَيْنا

الرسولُ هنا: الرسالةُ، ولا يكون الرسولَ لأَنه قد قال والحامل الرسالة،

وحاملُ الرسالةِ هو الرسولُ، فإن لم يُقَل هذا دخل في القسمة تداخُلٌ،

وهو عيب. قال الجوهري: ونَعِمَ اللهُ بكَ عَيْناً نُعْمةً مثل نَزِهَ

نُزْهةً. وفي حديث مطرّف: لا تقُلْ نَعِمَ اللهُ بكَ عَيْناً فإن الله لا

يَنْعَم بأَحدٍ عَيْناً، ولكن قال أَنْعَمَ اللهُ بك عَيْناً؛ قال الزمخشري:

الذي منَع منه مُطرّفٌ صحيحٌ فصيحٌ في كلامهم، وعَيْناً نصبٌ على

التمييز من الكاف، والباء للتعدية، والمعنى نَعَّمَكَ اللهُ عَيْناً أي نَعَّم

عينَك وأَقَرَّها، وقد يحذفون الجارّ ويُوصِلون الفعل فيقولون نَعِمَك

اللهُ عَيْناً، وأَمَّا أَنْعَمَ اللهُ بك عَيْناً فالباء فيه زائدة لأَن

الهمزة كافية في التعدية، تقول: نَعِمَ زيدٌ عيناً وأَنْعَمه اللهُ عيناً،

ويجوز أَن يكون من أَنْعَمَ إذا دخل في النَّعيم فيُعدَّى بالباء، قال:

ولعل مُطرِّفاً خُيِّلَ إليه أَنَّ انتصاب المميِّز في هذا الكلام عن

الفاعل فاستعظمه، تعالى اللهُ أن يوصف بالحواس علوّاً كبيراً، كما يقولون

نَعِمْتُ بهذا الأمرِ عَيْناً، والباء للتعدية، فحَسِبَ أن الأَمر في

نَعِمَ اللهُ بك عيناً كذلك، ونزلوا منزلاً يَنْعِمُهم ويَنْعَمُهم بمعنى

واحد؛ عن ثعلب، أي يُقِرُّ أَعْيُنَهم ويَحْمَدونه، وزاد اللحياني:

ويَنْعُمُهم عيناً، وزاد الأَزهري: ويُنْعمُهم، وقال أَربع لغات. ونُعْمةُ العين:

قُرَّتُها، والعرب تقول: نَعْمَ ونُعْمَ عينٍ ونُعْمةَ عينٍ ونَعْمةَ

عينٍ ونِعْمةَ عينٍ ونُعْمى عينٍ ونَعامَ عينٍ ونُعامَ عينٍ ونَعامةَ عينٍ

ونَعِيمَ عينٍ ونُعامى عينٍ أي أفعلُ ذلك كرامةً لك وإنْعاماً بعَينِك وما

أَشبهه؛ قال سيبويه: نصبوا كلَّ ذلك على إضمار الفعل المتروك إظهارهُ.

وفي الحديث: إذا سَمِعتَ قولاً حسَناً فَرُوَيْداً بصاحبه، فإن وافقَ قولٌ

عَملاً فنَعْمَ ونُعْمةَ عينٍ آخِه وأَوْدِدْه أي إذا سمعت رجُلاً

يتكلّم في العلم بما تستحسنه فهو كالداعي لك إلى مودّتِه وإخائه، فلا تَعْجَلْ

حتى تختبر فعلَه، فإن رأَيته حسنَ العمل فأَجِبْه إلى إخائه ومودّتهِ،

وقل له نَعْمَ ونُعْمة عين أَي قُرَّةَ عينٍ، يعني أُقِرُّ عينَك بطاعتك

واتّباع أمرك. ونَعِمَ العُودُ: اخضرَّ ونَضَرَ؛ أنشد سيبويه:

واعْوَجَّ عُودُك من لَحْوٍ ومن قِدَمٍ،

لا يَنْعَمُ العُودُ حتى يَنْعَم الورَقُ

(* قوله «من لحو» في المحكم: من لحق، واللحق الضمر).

وقال الفرزدق:

وكُوم تَنْعَمُ الأَضيْاف عَيْناً،

وتُصْبِحُ في مَبارِكِها ثِقالا

يُرْوَى الأَضيافُ والأَضيافَ، فمن قال الأَضيافُ، بالرفع، أراد تَنْعَم

الأَضيافُ عيناً بهن لأَنهم يشربون من أَلبانِها، ومن قال تَنْعَم

الأَضيافَ، فمعناه تَنْعَم هذه الكُومُ بالأَضيافِ عيناً، فحذفَ وأَوصل فنَصب

الأَضيافَ أي أن هذه الكومَ تُسَرُّ بالأَضيافِ كسُرورِ الأَضيافِ بها،

لأنها قد جرت منهم على عادة مأَلوفة معروفة فهي تأْنَسُ بالعادة، وقيل:

إنما تأْنس بهم لكثرة الأَلبان، فهي لذلك لا تخاف أن تُعْقَر ولا تُنْحَر،

ولو كانت قليلة الأَلبان لما نَعِمَت بهم عيناً لأنها كانت تخاف العَقْرَ

والنحر. وحكى اللحياني: يا نُعْمَ عَيْني أَي يا قُرَّة عيني؛ وأَنشد عن

الكسائي:

صَبَّحكَ اللهُ بخَيْرٍ باكرِ،

بنُعْمِ عينٍ وشَبابٍ فاخِرِ

قال: ونَعْمةُ العيش حُسْنُه وغَضارَتُه، والمذكر منه نَعْمٌ، ويجمع

أَنْعُماً.

والنَّعامةُ: معروفةٌ، هذا الطائرُ، تكون للذكر والأُنثى، والجمع

نَعاماتٌ ونَعائمُ ونَعامٌ، وقد يقع النَّعامُ على الواحد؛ قال أبو

كَثْوة:ولَّى نَعامُ بني صَفْوانَ زَوْزَأَةً،

لَمَّا رأَى أَسَداً بالغابِ قد وَثَبَا

والنَّعامُ أَيضاً، بغير هاء، الذكرُ منها الظليمُ، والنعامةُ الأُنثى.

قال الأَزهري: وجائز أَن يقال للذكر نَعامة بالهاء، وقيل النَّعام اسمُ

جنس مثل حَمامٍ وحَمامةٍ وجرادٍ وجرادةٍ، والعرب تقول: أَصَمُّ مِن

نَعامةٍ، وذلك أنها لا تَلْوي على شيء إذا جفَلت، ويقولون: أَشمُّ مِن هَيْق

لأَنه يَشُمّ الريح؛ قال الراجز:

أَشمُّ من هَيْقٍ وأَهْدَى من جَمَلْ

ويقولون: أَمْوَقُ من نعامةٍ وأَشْرَدُ من نَعامةٍ؛ ومُوقها: تركُها

بيضَها وحَضْنُها بيضَ غيرها، ويقولون: أَجبن من نَعامةٍ وأَعْدى من

نَعامةٍ. ويقال: ركب فلانٌ جَناحَيْ نَعامةٍ إذا جدَّ في أَمره. ويقال

للمُنْهزِمين: أَضْحَوْا نَعاماً؛ ومنه قول بشر:

فأَما بنو عامرٍ بالنِّسار

فكانوا، غَداةَ لَقُونا، نَعامَا

وتقول العرب للقوم إذا ظَعَنوا مسرعين: خَفَّتْ نَعامَتُهم وشالَتْ

نَعامَتُهم، وخَفَّتْ نَعامَتُهم أَي استَمر بهم السيرُ. ويقال للعَذارَى:

كأنهن بَيْضُ نَعامٍ. ويقال للفَرَس: له ساقا نَعامةٍ لِقِصَرِ ساقَيْه،

وله جُؤجُؤُ نَعامةٍ لارتفاع جُؤْجُؤها. ومن أَمثالهم: مَن يَجْمع بين

الأَرْوَى والنَّعام؟ وذلك أن مَساكنَ الأَرْوَى شَعَفُ الجبال ومساكن النعام

السُّهولةُ، فهما لا يجتمعان أَبداً. ويقال لمن يُكْثِرُ عِلَلَه عليك:

ما أَنت إلا نَعامةٌ؛ يَعْنون قوله:

ومِثْلُ نَعامةٍ تُدْعَى بعيراً،

تُعاظِمُه إذا ما قيل: طِيري

وإنْ قيل: احْمِلي، قالت: فإنِّي

من الطَّيْر المُرِبَّة بالوُكور

ويقولون للذي يَرْجِع خائباً: جاء كالنَّعامة، لأَن الأَعراب يقولون إن

النعامة ذهَبَتْ تَطْلُبُ قَرْنَينِ فقطعوا أُذُنيها فجاءت بلا أُذُنين؛

وفي ذلك يقول بعضهم:

أو كالنَّعامةِ، إذ غَدَتْ من بَيْتِها

لتُصاغَ أُذْناها بغير أَذِينِ

فاجْتُثَّتِ الأُذُنان منها، فانْتَهَتْ

هَيْماءَ لَيْسَتْ من ذوات قُرونِ

ومن أَمثالهم: أنْتَ كصاحبة النَّعامة، وكان من قصتها أَنها وجَدتْ

نَعامةً قد غَصَّتْ بصُعْرورٍ فأَخذتْها وربَطتْها بخِمارِها إلى شجرة، ثم

دنَتْ من الحيّ فهتَفَتْ: من كان يحُفُّنا ويَرُفُّنا فلْيَتَّرِكْ

وقَوَّضَتْ بَيْتَها لتَحْمِل على النَّعامةِ، فانتَهتْ إليها وقد أَساغَتْ

غُصَّتَها وأَفْلَتَتْ، وبَقِيَت المرأَةُ لا صَيْدَها أَحْرَزَتْ ولا

نصيبَها من الحيّ حَفِظتْ؛ يقال ذلك عند المَزْريَةِ على من يَثق بغير

الثِّقةِ. والنَّعامة: الخشبة المعترضة على الزُّرنُوقَيْنِ تُعَلَّق منهما

القامة، وهي البَكَرة، فإن كان الزَّرانيق من خَشَبٍ فهي دِعَمٌ؛ وقال أَبو

الوليد الكِلابي: إذا كانتا من خَشَب فهما النَّعامتان، قال: والمعترضة

عليهما هي العَجَلة والغَرْب مُعَلَّقٌ بها، قال الأزهري: وتكون

النَّعامتانِ خَشَبتين يُضَمُّ طرَفاهما الأَعْليان ويُرْكَز طرفاهما الأَسفلان في

الأرض، أحدهما من هذا الجانب، والآخر من ذاك الجنب، يُصْقَعان بحَبْل

يُمدّ طرفا الحبل إلى وتِدَيْنِ مُثْبَتيْنِ في الأرض أو حجرين ضخمين،

وتُعَلَّقُ القامة بين شُعْبتي النَّعامتين، والنَّعامتانِ: المَنارتانِ

اللتان عليهما الخشبة المعترِضة؛ وقال اللحياني: النَّعامتان الخشبتان اللتان

على زُرْنوقَي البئر، الواحدة نَعامة، وقيل: النَّعامة خشبة تجعل على فم

البئر تَقوم عليها السَّواقي. والنَّعامة: صخرة ناشزة في البئر.

والنَّعامة: كلُّ بناء كالظُّلَّة، أو عَلَم يُهْتَدَى به من أَعلام المفاوز،

وقيل: كل بناء على الجبل كالظُّلَّة والعَلَم، والجمع نَعامٌ؛ قال أَبو ذؤيب

يصف طرق المفازة:

بِهنَّ نَعامٌ بَناها الرجا

لُ، تَحْسَب آرامَهُن الصُّروحا

(* قوله «بناها» هكذا بتأنيث الضمير في الأصل ومثله في المحكم هنا،

والذي في مادة نفض تذكيره، ومثله في الصحاح في هذه المادة وتلك).

وروى الجوهري عجزه:

تُلْقِي النَّقائِضُ فيه السَّريحا

قال: والنَّفائضُ من الإبل؛ وقال آخر:

لا شيءَ في رَيْدِها إلا نَعامَتُها،

منها هَزِيمٌ ومنها قائمٌ باقِي

والمشهور من شعره:

لا ظِلَّ في رَيْدِها

وشرحه ابن بري فقال: النَّعامة ما نُصب من خشب يَسْتَظِلُّ به الربيئة،

والهَزيم: المتكسر؛ وبعد هذا البيت:

بادَرْتُ قُلَّتَها صَحْبي، وما كَسِلوا

حتى نَمَيْتُ إليها قَبْلَ إشْراق

والنَّعامة: الجِلْدة التي تغطي الدماغ، والنَّعامة من الفرس: دماغُه.

والنَّعامة: باطن القدم. والنَّعامة: الطريق. والنَّعامة: جماعة القوم.

وشالَتْ نَعامَتُهم: تفرقت كَلِمَتُهم وذهب عزُّهم ودَرَسَتْ طريقتُهم

وولَّوْا، وقيل: تَحَوَّلوا عن دارهم، وقيل: قَلَّ خَيْرُهم وولَّتْ

أُمورُهم؛ قال ذو الإصْبَع العَدْوانيّ:

أَزْرَى بنا أَننا شالَتْ نَعامتُنا،

فخالني دونه بل خِلْتُه دوني

ويقال للقوم إذا ارْتَحَلوا عن منزلهم أو تَفَرَّقوا: قد شالت نعامتهم.

وفي حديث ابن ذي يَزَنَ: أتى هِرَقْلاً وقد شالَتْ نَعامَتُهم: النعامة

الجماعة أَي تفرقوا؛ وأَنشد ابن بري لأبي الصَّلْت الثَّقَفِيِّ:

اشْرَبْ هنِيئاً فقد شالَتْ نَعامتُهم،

وأَسْبِلِ اليَوْمَ في بُرْدَيْكَ إسْبالا

وأَنشد لآخر:

إني قَضَيْتُ قضاءً غيرَ ذي جَنَفٍ،

لَمَّا سَمِعْتُ ولمّا جاءَني الخَبَرُ

أَنَّ الفَرَزْدَق قد شالَتْ نعامَتُه،

وعَضَّه حَيَّةٌ من قَومِهَِ ذَكَرُ

والنَّعامة: الظُّلْمة. والنَّعامة: الجهل، يقال: سكَنَتْ نَعامتُه؛ قال

المَرّار الفَقْعَسِيّ:

ولو أَنيّ حَدَوْتُ به ارْفَأَنَّتْ

نَعامتُه، وأَبْغَضَ ما أَقولُ

اللحياني: يقال للإنسان إنه لخَفيفُ النعامة إذا كان ضعيف العقل.

وأَراكةٌ نَعامةٌ: طويلة. وابن النعامة: الطريق، وقيل: عِرْقٌ في الرِّجْل؛ قال

الأَزهري: قال الفراء سمعته من العرب، وقيل: ابن النَّعامة عَظْم الساق،

وقيل: صدر القدم، وقيل: ما تحت القدم؛ قال عنترة:

فيكونُ مَرْكبَكِ القَعودُ ورَحْلُه،

وابنُ النَّعامةِ، عند ذلك، مَرْكَبِي

فُسِّر بكل ذلك، وقيل: ابن النَّعامة فَرَسُه، وقيل: رِجْلاه؛ قال

الأزهري: زعموا أَن ابن النعامة من الطرق كأَنه مركب النَّعامة من قوله:

وابن النعامة، يوم ذلك، مَرْكَبي

وابن النَعامة: الساقي الذي يكون على البئر. والنعامة: الرجْل.

والنعامة: الساق. والنَّعامة: الفَيْجُ المستعجِل. والنَّعامة: الفَرَح.

والنَّعامة: الإكرام. والنَّعامة: المحَجَّة الواضحة. قال أَبو عبيدة في

قوله:وابن النعامة، عند ذلك، مركبي

قال: هو اسم لشدة الحَرْب وليس ثَمَّ امرأَة، وإنما ذلك كقولهم: به داء

الظَّبْي، وجاؤوا على بَكْرة أَبيهم، وليس ثم داء ولا بَكرة. قال ابن

بري: وهذا البيت، أَعني فيكون مركبكِ، لِخُزَزَ بن لَوْذان السَّدوسيّ؛

وقبله:

كذَبَ العَتيقُ وماءُ شَنٍّ بارِدٍ،

إنْ كنتِ شائلَتي غَبُوقاً فاذْهَبي

لا تَذْكُرِي مُهْرِي وما أَطعَمْتُه،

فيكونَ لَوْنُكِ مِثلَ لَوْنِ الأَجْرَبِ

إني لأَخْشَى أن تقولَ حَليلَتي:

هذا غُبارٌ ساطِعٌ فَتَلَبَّبِ

إن الرجالَ لَهمْ إلَيْكِ وسيلَةٌ،

إنْ يأْخذوكِ تَكَحِّلي وتَخَضِّبي

ويكون مَرْكَبَكِ القَلوصُ ورَحلهُ،

وابنُ النَّعامة، يوم ذلك، مَرْكَبِي

وقال: هكذا ذكره ابن خالويه وأَبو محمد الأَسود، وقال: ابنُ النَّعامة

فرس خُزَزَ بن لَوْذان السَّدوسي، والنعامة أُمُّه فرس الحرث بن عَبَّاد،

قال: وتروى الأبيات أَيضا لعنترة، قال: والنَّعامة خَطٌّ في باطن

الرِّجْل، ورأَيت أبا الفرج الأَصبهاني قد شرح هذا البيت في كتابه

(* قوله «في

كتابه» هو الأغاني كما بهامش الأصل)، وإن لم يكن الغرض في هذا الكتاب

النقل عنه لكنه أَقرب إلى الصحة لأنه قال: إن نهاية غرض الرجال منكِ إذا

أَخذوك الكُحْل والخِضابُ للتمتع بك، ومتى أَخذوك أَنت حملوك على الرحل

والقَعود وأَسَروني أَنا، فيكون القَعود مَرْكَبك ويكون ابن النعامة مَرْكَبي

أَنا، وقال: ابنُ النَّعامة رِجْلاه أو ظلُّه الذي يمشي فيه، وهذا أَقرب

إلى التفسير من كونه يصف المرأَة برُكوب القَعود ويصف نفسه بركوب الفرس،

اللهم إلا أَن يكون راكب الفرس منهزماً مولياً هارباً، وليس في ذلك من

الفخر ما يقوله عن نفسه، فأَيُّ حالة أَسوأُ من إسلام حليلته وهرَبه عنها

راكباً أو راجلاً؟ فكونُه يَسْتَهوِل أَخْذَها وحملَها وأَسْرَه هو

ومشيَه هو الأمر الذي يَحْذَرُه ويَسْتهوِله.

والنَّعَم: واحد الأَنعْام وهي المال الراعية؛ قال ابن سيده: النَّعَم

الإبل والشاء، يذكر ويؤنث، والنَّعْم لغة فيه؛ عن ثعلب؛ وأَنشد:

وأَشْطانُ النَّعامِ مُرَكَّزاتٌ،

وحَوْمُ النَّعْمِ والحَلَقُ الحُلول

والجمع أَنعامٌ، وأَناعيمُ جمع الجمع؛ قال ذو الرمة:

دانى له القيدُ في دَيْمومةٍ قُذُفٍ

قَيْنَيْهِ، وانْحَسَرَتْ عنه الأَناعِيمُ

وقال ابن الأَعرابي: النعم الإبل خاصة، والأَنعام الإبل والبقر والغنم.

وقوله تعالى: فجَزاءٌ مثْلُ ما قَتَلَ من النَّعَم يحكم به ذَوَا عَدْلٍ

منكم؛ قال: ينظر إلى الذي قُتل ما هو فتؤخذ قيمته دارهم فيُتصدق بها؛ قال

الأَزهري: دخل في النعم ههنا الإبلُ والبقرُ والغنم. وقوله عز وجل:

والذين كفروا يتمتعون ويأْكلون كما تأْكل الأَنْعامُ؛ قال ثعلب: لا يذكرون

الله تعالى على طعامهم ولا يُسمُّون كما أَن الأَنْعام لا تفعل ذلك، وأما

قول الله عز وجَل: وإنَّ لكم في الأَنعام لَعِبْرةً نُسْقِيكم مما في

بطونه؛ فإن الفراء قال: الأَنْعام ههنا بمعنى النَّعَم، والنَّعَم تذكر

وتؤنث، ولذلك قال الله عز وجل: مما في بطونه، وقال في موضع آخر: مما في

بطونها، وقال الفراء: النَّعَم ذكر لا يؤَنث، ويجمع على نُعْمانٍ مثل حَمَل

وحُمْلانٍ، والعرب إذا أَفردت النَّعَم لم يريدوا بها إلا الإبل، فإذا قالوا

الأنعام أَرادوا بها الإبل والبقر والغنم، قال الله عز وجل: ومن

الأَنْعام حَمولةً وفَرْشاً كلوا مما رزقكم الله (الآية) ثم قال: ثمانية أَزواج؛

أي خلق منها ثمانية أَزواج، وكان الكسائي يقول في قوله تعالى: نسقيكم

مما في بطونه؛ قال: أَراد في بطون ما ذكرنا؛ ومثله قوله:

مِثْل الفراخ نُتِفَتْ حَواصِلُهْ

أي حواصل ما ذكرنا؛ وقال آخر في تذكير النَّعَم:

في كلّ عامٍ نَعَمٌ يَحْوونَهُ،

يُلْقِحُه قَوْمٌ ويَنْتِجونَهُ

ومن العرب من يقول للإبل إذا ذُكِرت

(* قوله «إذا ذكرت» الذي في

التهذيب: كثرت) الأَنعام والأَناعيم.

والنُّعامى، بالضم على فُعالى: من أَسماء ريح الجنوب لأَنها أَبلُّ

الرياح وأَرْطَبُها؛ قال أَبو ذؤيب:

مَرَتْه النُّعامى فلم يَعْتَرِفْ،

خِلافَ النُّعامى من الشَّأْمِ، ريحا

وروى اللحياني عن أَبي صَفْوان قال: هي ريح تجيء بين الجنوب والصَّبا.

والنَّعامُ والنَّعائمُ: من منازل القمر ثمانيةُ كواكبَ: أَربعة صادرٌ،

وأَربعة واردٌ؛ قال الجوهري: كأنها سرير مُعْوجّ؛ قال ابن سيده: أَربعةٌ

في المجرّة وتسمى الواردةَ وأَربعة خارجة تسمَّى الصادرةَ. قال الأَزهري:

النعائمُ منزلةٌ من منازل القمر، والعرب تسمّيها النَّعامَ الصادرَ، وهي

أَربعة كواكب مُربَّعة في طرف المَجَرَّة وهي شاميّة، ويقال لها

النَّعام؛ أَنشد ثعلب:

باضَ النَّعامُ به فنَفَّر أَهلَه،

إلا المُقِيمَ على الدّوَى المُتَأَفِّنِ

النَّعامُ ههنا: النَّعائمُ من النجوم، وقد ذكر مستوفى في ترجمة بيض.

ونُعاماكَ: بمعنى قُصاراكَ. وأَنْعَم أن يُحْسِنَ أَو يُسِيءَ: زاد.

وأَنْعَم فيه: بالَغ؛ قال:

سَمِين الضَّواحي لم تَُؤَرِّقْه، لَيْلةً،

وأَنْعَمَ، أبكارُ الهُمومِ وعُونُها

الضَّواحي: ما بدا من جَسدِه، لم تُؤرّقْه ليلةً أَبكارُ الهموم

وعُونُها، وأَنْعَمَ أي وزاد على هذه الصفة، وأَبكار الهموم: ما فجَأَك،

وعُونُها: ما كان هَمّاً بعدَ هَمّ، وحَرْبٌ عَوانٌ إذا كانت بعد حَرْب كانت

قبلها. وفَعَل كذا وأَنْعَمَ أي زاد. وفي حديث صلاة الظهر: فأَبردَ

بالظُّهْرِ وأَنْعَمَ أي أَطال الإبْرادَ وأَخَّر الصلاة؛ ومنه قولهم: أَنْعَمَ

النظرَ في الشيءِ إذا أَطالَ الفِكْرةَ فيه؛ وقوله:

فوَرَدَتْ والشمسُ لمَّا تُنْعِمِ

من ذلك أَيضاً أَي لم تُبالِغْ في الطلوع.

ونِعْمَ: ضدُّ بِئْسَ ولا تَعْمَل من الأَسماء إلا فيما فيه الألفُ

واللام أو ما أُضيف إلى ما فيه الأَلف واللام، وهو مع ذلك دالٌّ على معنى

الجنس. قال أَبو إسحق: إذا قلت نِعْمَ الرجلُ زيدٌ أو نِعْمَ رجلاً زيدٌ،

فقد قلتَ: استحقّ زيدٌ المدحَ الذي يكون في سائر جنسه، فلم يجُزْ إذا كانت

تَسْتَوْفي مَدْحَ الأَجْناسِ أن تعمل في غير لفظ جنسٍ. وحكى سيبويه:

أَن من العرب من يقول نَعْمَ الرجلُ في نِعْمَ، كان أصله نَعِم ثم خفَّف

بإسكان الكسرة على لغة بكر من وائل، ولا تدخل عند سيبويه إلا على ما فيه

الأَلف واللام مُظَهَراً أو مضمراً، كقولك نِعْم الرجل زيد فهذا هو

المُظهَر، ونِعْمَ رجلاً زيدٌ فهذا هو المضمر. وقال ثعلب حكايةً عن العرب: نِعْم

بزيدٍ رجلاً ونِعْمَ زيدٌ رجلاً، وحكى أَيضاً: مررْت بقومٍ نِعْم قوماً،

ونِعْمَ بهم قوماً، ونَعِمُوا قوماً، ولا يتصل بها الضمير عند سيبويه

أَعني أَنَّك لا تقول الزيدان نِعْما رجلين، ولا الزيدون نِعْموا رجالاً؛

قال الأزهري: إذا كان مع نِعْم وبِئْسَ اسمُ جنس بغير أَلف ولام فهو نصبٌ

أَبداً، وإن كانت فيه الأَلفُ واللامُ فهو رفعٌ أَبداً، وذلك قولك نِعْم

رجلاً زيدٌ ونِعْم الرجلُ زيدٌ، ونَصَبتَ رجلاً على التمييز، ولا تَعْملُ

نِعْم وبئْس في اسمٍ علمٍ، إنما تَعْمَلانِ في اسم منكورٍ دالٍّ على

جنس، أو اسم فيه أَلف ولامٌ تدلّ على جنس. الجوهري: نِعْم وبئس فِعْلان

ماضيان لا يتصرَّفان تصرُّفَ سائر الأَفعال لأَنهما استُعملا للحال بمعنى

الماضي، فنِعْم مدحٌ وبئسَ ذمٌّ، وفيهما أَربع لغات: نَعِمَ بفتح أَوله وكسر

ثانيه، ثم تقول: نِعِمَ فتُتْبع الكسرة الكسرةَ، ثم تطرح الكسرة الثانية

فتقول: نِعْمَ بكسر النون وسكون العين، ولك أَن تطرح الكسرة من الثاني

وتترك الأَوَّل مفتوحاً فتقول: نَعْم الرجلُ بفتح النون وسكون العين،

وتقول: نِعْمَ الرجلُ زيدٌ ونِعم المرأَةُ هندٌ، وإن شئت قلت: نِعْمتِ

المرأَةُ هند، فالرجل فاعلُ نِعْمَ، وزيدٌ يرتفع من وجهين: أَحدهما أَن يكون

مبتدأ قدِّم عليه خبرُه، والثاني أن يكون خبر مبتدإِ محذوفٍ، وذلك أَنَّك

لمّا قلت نِعْم الرجل، قيل لك: مَنْ هو؟ أو قدَّرت أَنه قيل لك ذلك فقلت:

هو زيد وحذفت هو على عادة العرب في حذف المبتدإ، والخبر إذا عرف المحذوف

هو زيد، وإذا قلت نِعْم رجلاً فقد أَضمرت في نِعْمَ الرجلَ بالأَلف

واللام مرفوعاً وفسّرته بقولك رجلاً، لأن فاعِلَ نِعْم وبِئْسَ لا يكون إلا

معرفة بالأَلف واللام أو ما يضاف إلى ما فيه الأَلف واللام، ويراد به تعريف

الجنس لا تعريفُ العهد، أو نكرةً منصوبة ولا يليها علَمٌ ولا غيره ولا

يتصل بهما الضميرُ، لا تقول نِعْمَ زيدٌ ولا الزيدون نِعْموا، وإن أَدخلت

على نِعْم ما قلت: نِعْمَّا يَعِظكم به، تجمع بين الساكنين، وإن شئت حركت

العين بالكسر، وإن شئت فتحت النون مع كسر العين، وتقول غَسَلْت غَسْلاً

نِعِمّا، تكتفي بما مع نِعْم عن صلته أي نِعْم ما غَسَلْته، وقالوا: إن

فعلتَ ذلك فَبِها ونِعْمَتْ بتاءٍ ساكنة في الوقف والوصل لأَنها تاء

تأْنيث، كأَنَّهم أَرادوا نِعْمَت الفَعْلةُ أو الخَصْلة. وفي الحديث: مَن

توضَّأَ يومَ الجمعة فبها ونِعْمَت، ومَن اغْتَسل فالغُسْل أَفضل؛ قال ابن

الأثير: أَي ونِعْمَت الفَعْلةُ والخَصْلةُ هي، فحذف المخصوص بالمدح،

والباء في فبها متعلقة بفعل مضمر أي فبهذه الخَصْلةِ أو الفَعْلة، يعني

الوضوءَ، يُنالُ الفضلُ، وقيل: هو راجع إلى السُّنَّة أي فبالسَّنَّة أَخَذ

فأَضمر ذلك. قال الجوهري: تاءُ نِعْمَت ثابتةٌ في الوقف؛ قال ذو الرمة:

أَو حُرَّة عَيْطَل ثَبْجاء مُجْفَرة

دَعائمَ الزَّوْرِ، نِعْمَت زَوْرَقُ البَلدِ

وقالوا: نَعِم القومُ، كقولك نِعْم القومُ؛ قال طرفة:

ما أَقَلَّتْ قَدَمايَ إنَّهُمُ

نَعِمَ السَّاعون في الأَمْرِ المُبِرّْ

هكذا أَنشدوه نَعِمَ، بفتم النون وكسر العين، جاؤوا به على الأَصل ولم

يكثر استعماله عليه، وقد روي نِعِمَ، بكسرتين على الإتباع. ودقَقْتُه

دَقّاً نِعِمّا أي نِعْمَ الدقُّ. قال الأَزهري: ودقَقْت دواءً فأَنْعَمْت

دَقَّه أي بالَغْت وزِدت. ويقال: ناعِمْ حَبْلَك وغيرهَ أَي أَحكمِه.

ويقال: إنه رجل نِعِمّا الرجلُ وإنه لَنَعِيمٌ.

وتَنَعَّمَه بالمكان: طلَبه. ويقال: أَتيتُ أَرضاً فتَنَعَّمَتْني أي

وافقتني وأَقمتُ بها. وتَنَعَّمَ: مَشَى حافياً، قيل: هو مشتق من النَّعامة

التي هي الطريق وليس بقويّ. وقال اللحياني: تَنَعَّمَ الرجلُ قدميه أي

ابتذَلَهما. وأَنْعَمَ القومَ ونَعَّمهم: أتاهم مُتَنَعِّماً على قدميه

حافياً على غير دابّة؛ قال:

تَنَعَّمها من بَعْدِ يومٍ وليلةٍ،

فأَصْبَحَ بَعْدَ الأُنْسِ وهو بَطِينُ

وأَنْعَمَ الرجلُ إذا شيَّع صَديقَه حافياً خطوات. وقوله تعالى: إن

تُبْدوا الصَّدَقاتِ فنِعِمَّا هي، ومثلُه: إنَّ الله نِعِمّا يَعِظكم به؛

قرأَ أَبو جعفر وشيبة ونافع وعاصم وأَبو عمرو فنِعْمّا، بكسر النون وجزم

العين وتشديد الميم، وقرأَ حمزة والكسائي فنَعِمّا، بفتح النون وكسر العين،

وذكر أَبو عبيدة

(* قوله «وذكر أَبو عبيدة» هكذا في الأصل بالتاء، وفي

التهذيب وزاده على البيضاوي أبو عبيد بدونها) حديث النبي، صلى عليه وسلم،

حين قال لعمرو بن العاص: نِعْمّا بالمالِ الصالح للرجل الصالِح، وأَنه

يختار هذه القراءة لأَجل هذه الرواية؛ قال ابن الأَثير: أَصله نِعْمَ ما

فأَدْغم وشدَّد، وما غيرُ موصوفةٍ ولا موصولةٍ كأَنه قال نِعْمَ شيئاً

المالُ، والباء زائدة مثل زيادتها في: كَفَى بالله حسِبياً حسِيباً ومنه

الحديث: نِعْمَ المالُ الصالحُ للرجل الصالِح؛ قال ابن الأثير: وفي نِعْمَ

لغاتٌ، أَشهرُها كسرُ النون وسكون العين، ثم فتح النون وكسر العين، ثم

كسرُهما؛ وقال الزجاج: النحويون لا يجيزون مع إدغام الميم تسكينَ العين

ويقولون إن هذه الرواية في نِعْمّا ليست بمضبوطة، وروي عن عاصم أَنه قرأَ

فنِعِمَّا، بكسر النون والعين، وأَما أَبو عمرو فكأَنَّ مذهَبه في هذا كسرةٌ

خفيفةٌ مُخْتَلَسة، والأصل في نِعْمَ نَعِمَ نِعِمَ ثلاث لغات، وما في

تأْويل الشيء في نِعِمّا، المعنى نِعْمَ الشيءُ؛ قال الأزهري: إذا قلت

نِعْمَ ما فَعل أو بئس ما فَعل، فالمعنى نِعْمَ شيئاً وبئس شيئاً فعَل،

وكذلك قوله: إنَّ اللهَ نِعِمّا يَعِظُكم به؛ معناه نِعْمَ شيئاً يَعِظكم

به.والنُّعْمان: الدم، ولذلك قيل للشَّقِر شَقائق النُّعْمان. وشقائقُ

النُّعْمانِ: نباتٌ أَحمرُ يُشبَّه بالدم. ونُعْمانُ بنُ المنذر: مَلكُ العرب

نُسب إِليه الشَّقيق لأَنه حَماه؛ قال أَبو عبيدة: إن العرب كانت

تُسَمِّي مُلوكَ الحيرة النُّعْمانَ لأَنه كان آخِرَهم. أَبو عمرو: من أَسماء

الروضةِ الناعِمةُ والواضِعةُ والناصِفةُ والغَلْباء واللَّفّاءُ.

الفراء: قالت الدُّبَيْرِيّة حُقْتُ المَشْرَبةَ ونَعَمْتُها

(* قوله

«ونعمتها» كذا بالأصل بالتخفيف، وفي الصاغاني بالتشديد) ومَصَلْتها

(* قوله

«ومصلتها» كذا بالأصل والتهذيب، ولعلها وصلتها كما يدل عليه قوله بعد

والمصول) أي كَنسْتها، وهي المِحْوَقةُ. والمِنْعَمُ والمِصْوَلُ:

المِكْنَسة.

وأُنَيْعِمُ والأُنَيْعِمُ وناعِمةُ ونَعْمانُ، كلها: مواضع؛ قال ابن

بري: وقول الراعي:

صبا صَبْوةً مَن لَجَّ وهو لَجُوجُ،

وزايَلَه بالأَنْعَمينِ حُدوجُ

الأَنْعَمين: اسم موضع. قال ابن سيده: والأَنْعمان موضعٌ؛ قال أَبو

ذؤيب، وأَنشد ما نسبه ابن بري إلى الراعي:

صبا صبوةً بَلْ لجَّ، وهو لجوجُ،

وزالت له بالأَنعمين حدوجُ

وهما نَعْمانانِ: نَعْمانُ الأَراكِ بمكة وهو نَعْمانُ الأَكبرُ وهو

وادي عرفة، ونَعْمانُ الغَرْقَد بالمدينة وهو نَعْمانُ الأَصغرُ. ونَعْمانُ:

اسم جبل بين مكة والطائف. وفي حديث ابن جبير: خلقَ اللهُ آدمَ مِن

دَحْنا ومَسحَ ظهرَ آدمَ، عليه السلام، بِنَعْمان السَّحابِ؛ نَعْمانُ: جبل

بقرب عرفة وأَضافه إلى السحاب لأَنه رَكَد فوقه لعُلُوِّه. ونَعْمانُ،

بالفتح: وادٍ في طريق الطائف يخرج إلى عرفات؛ قال عبد الله ابن نُمَير

الثَّقَفِيّ:

تضَوَّعَ مِسْكاً بَطْنُ نَعْمانَ، أنْ مَشَتْ

به زَيْنَبٌ في نِسْوةٍ عَطرات

ويقال له نَعْمانُ الأَراكِ؛ وقال خُلَيْد:

أَمَا والرَّاقِصاتِ بذاتِ عِرْقٍ،

ومَن صَلَّى بِنَعْمانِ الأَراكِ

والتَّنْعيمُ: مكانٌ بين مكة والمدينة، وفي التهذيب: بقرب من مكة.

ومُسافِر بن نِعْمة بن كُرَير: من شُعرائهم؛ حكاه ابن الأَعرابي. وناعِمٌ

ونُعَيْمٌ ومُنَعَّم وأَنْعُمُ ونُعْمِيّ

(* قوله «ومنعم» هكذا ضبط في الأصل

والمحكم، وقال القاموس كمحدّث، وضبط في الصاغاني كمكرم. وقوله «وأنعم»

قال في القاموس بضم العين، وضبط في المحكم بفتحها. وقوله «ونعمى» قال في

القاموس كحبلى وضبط في الأصل والمحكم ككرسي) ونُعْمانُ ونُعَيمانُ

وتَنْعُمُ، كلهن: أَسماءٌ. والتَّناعِمُ: بَطْنٌ من العرب ينسبون إلى تَنْعُم بن

عَتِيك. وبَنو نَعامٍ: بطنٌ. ونَعامٌ: موضع. يقال: فلانٌ من أَهل بِرْكٍ

ونَعامٍ، وهما موضعان من أطراف اليَمن. والنَّعامةُ: فرسٌ مشهورة فارسُها

الحرث بن عبّاد؛ وفيها يقول:

قَرِّبا مَرْبَِطِ النَّعامةِ مِنّي،

لَقِحَتْ حَرْبُ وائلٍ عن حِيالِ

أي بَعْدَ حِيالٍ. والنَّعامةُ أَيضاً: فرسُ مُسافِع ابن عبد العُزّى.

وناعِمةُ: اسمُ امرأَةٍ طَبَخَت عُشْباً يقال له العُقّارُ رَجاءَ أَن

يذهب الطبخ بِغائلتِه فأَكلته فقَتلَها، فسمي العُقّارُ لذلك عُقّار

ناعِمةَ؛ رواه ابن سيده عن أبي حنيفة. ويَنْعَمُ: حَيٌّ من اليمن. ونَعَمْ

ونَعِمْ: كقولك بَلى، إلا أن نَعَمْ في جواب الواجب، وهي موقوفة الآخِر لأنها

حرف جاء لمعنى، وفي التنزيل: هلْ وجَدْتُمْ ما وعَدَ ربُّكم حَقّاً قالوا

نَعَمْ؛ قال الأزهري: إنما يُجاب به الاستفهامُ الذي لا جَحْدَ فيه،

قال: وقد يكون نَعَمْ تَصْديقاً ويكون عِدَةً، وربما ناقَضَ بَلى إذا قال:

ليس لك عندي ودِيعةٌ، فتقول: نَعَمْ تَصْديقٌ له وبَلى تكذيبٌ. وفي حديث

قتادة عن رجل من خثْعَم قال: دَفَعتُ إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، وهو

بِمِنىً فقلت: أنتَ الذي تزعُم أنك نَبيٌّ؟ فقال: نَعِمْ، وكسر العين؛ هي

لغة في نَعَمْ، وكسر العين؛ وهي لغة في نَغَمْ بالفتح التي للجواب، وقد

قرئَ بهما. وقال أَبو عثمان النَّهْديّ: أمرَنا أميرُ المؤمنين عمرُ،

رضي الله عنه، بأمر فقلنا: نَعَمْ، فقال: لا تقولوا نَعَمْ وقولوا نَعِمْ،

بكسر العين. وقال بعضُ ولد الزبير: ما كنت أَسمع أشياخَ قرَيش يقولون

إلاَّ نَعِمْ، بكسر العين. وفي حديث أبي سُفيان حين أَراد الخروج إلى أُحد:

كتبَ على سَهمٍ نَعَمْ، وعلى آخر لا، وأَجالهما عند هُبَل، فخرج سهمُ

نَعَمْ فخرج إلى أُحُد، فلما قال لِعُمر: أُعْلُ هُبَلُ، وقال عمر: اللهُ

أَعلى وأَجلُّ، قال أَبو سفيان: أنعَمتْ فَعالِ عنها أي اترك ذِكرَها فقد

صدقت في فَتْواها، وأَنعَمَتْ أَي أَجابت بنَعَمُْ؛ وقول الطائي:

تقول إنْ قلتُمُ لا: لا مُسَلِّمةً

لأَمرِكُمْ، ونَعَمْ إن قلتُمُ نَعَما

قال ابن جني: لا عيب فيه كما يَظنُّ قومٌ لأَنه لم يُقِرَّ نَعَمْ على

مكانها من الحرفية، لكنه نقَلها فجعلها اسماً فنصَبها، فيكون على حد قولك

قلتُ خَيراً أو قلت ضَيراً، ويجوز أن يكون قلتم نَعَما على موضعه من

الحرفية، فيفتح للإطلاق، كما حرَّك بعضُهم لالتقاء الساكنين بالفتح، فقال:

قُمَ الليلَ وبِعَ الثوبَ؛ واشتقَّ ابنُ جني نَعَمْ من النِّعْمة، وذلك أن

نعَمْ أَشرفُ الجوابين وأَسرُّهما للنفْس وأَجلَبُهما للحَمْد، ولا

بضِدِّها؛ ألا ترى إلى قوله:

وإذا قلتَ نَعَمْ، فاصْبِرْ لها

بنَجاحِ الوَعْد، إنَّ الخُلْف ذَمّْ

وقول الآخر أَنشده الفارسي:

أبى جُودُه لا البُخْلِ واسْتَعْجَلتْ به

نَعَمْ من فَتىً لا يَمْنَع الجُوع قاتِله

(* قوله «لا يمنع الجوع قاتله» هكذا في الأصل والصحاح، وفي المحكم:

الجوس قاتله، والجوس الجوع. والذي في مغني اللبيب: لا يمنع الجود قاتله، وكتب

عليه الدسوقي ما نصه: قوله لا يمنع الجود، فاعل يمنع عائد على الممدوح؛

والجود مفعول ثان؛ وقاتله مفعول أول، ويحتمل أن الجود فاعل يمنع أي جوده

لا يحرم قاتله أي فإذا أراد إنسان قتله فجوده لا يحرم ذلك الشخص بل يصله

اهـ. تقرير دردير).

يروى بنصب البخل وجرِّه، فمن نصبه فعلى ضربين: أحدهما أن يكون بدلاً من

لا لأن لا موضوعُها للبخل فكأَنه قال أَبى جودُه البخلَ، والآخر أن تكون

لا زائدة، والوجه الأَول أعني البدلَ أَحْسَن، لأنه قد ذكر بعدها نَعَمْ،

ونَعمْ لا تزاد، فكذلك ينبغي أَن تكون لا ههنا غير زائدة، والوجه الآخر

على الزيادة صحيح، ومَن جرَّه فقال لا البُخْلِ فبإضافة لا إليه، لأَنَّ

لا كما تكون للبُخْل فقد تكون للجُود أَيضاً، ألا ترى أَنه لو قال لك

الإنسان: لا تُطْعِمْ ولا تأْتِ المَكارمَ ولا تَقْرِ الضَّيْفَ، فقلتَ

أَنت: لا لكانت هذه اللفظة هنا للجُود، فلما كانت لا قد تصلح للأَمرين جميعاً

أُضيفَت إلى البُخْل لما في ذلك من التخصيص الفاصل بين الضدّين. ونَعَّم

الرجلَ: قال له نعَمْ فنَعِمَ بذلك بالاً، كما قالوا بَجَّلْتُه أي قلت

له بَجَلْ أي حَسْبُك؛ حكاه ابن جني. وأَنعَم له أي قال له نعَمْ.

ونَعامة: لَقَبُ بَيْهَسٍ؛ والنعامةُ: اسم فرس في قول لبيد:

تَكاثرَ قُرْزُلٌ والجَوْنُ فيها،

وتَحْجُل والنَّعامةُ والخَبالُ

(* قوله «وتحجل والخبال» هكذا في الأصل والصحاح، وفي القاموس في مادة

خبل بالموحدة، وأما اسم فرس لبيد المذكور في قوله:

تكاثر قرزل والجون فيها * وعجلى والنعامة والخيال

فبالمثناة التحتية، ووهم الجوهري كما وهم في عجلى وجعلها تحجل).

وأَبو نَعامة: كنية قَطَريّ بن الفُجاءةِ، ويكنى أَبا محمد أَيضاً؛ قال

ابن بري: أَبو نَعامة كُنْيَتُه في الحرب، وأَبو محمد كُنيته في السِّلم.

ونُعْم، بالضم: اسم امرأَة.

جهر

جهر: الجَهْرَةُ: ما ظَهَرَ. ورآه جَهْرَةً: لم يكن بينهما سِترٌ؛

ورأَيته جَهْرَةً وكلمتُه جَهْرَةً. وفي التنزيل العزيز: أَرِنا الله

جَهْرَةً؛ أَي غيرَ مُسْتَتِر عَنَّا بشيء. وقوله عز وجل: حتى نَرى اللهَ

جَهْرَةً؛ قال ابن عرفة: أَي غير محتَجب عنا، وقيل: أَي عياناً يكشف ما بيننا

وبينه. يقال: جَهَرْتُ الشيء إِذا كشفته. وجَهَرْتُه واجْتَهَرْته أَي

رأَيته بلا حجاب بيني وبينه. وقوله تعالى: بَغْتَةً أَو جَهْرَةً؛ هو أَن

يأْتيهم وهم يَرَوْنَهُ. والجَهْرُ: العلانية. وفي حديث عمر: أَنه كان

مِجْهَراً أَي صاحبَ جَهْرٍ ورَفْع لصوته.

يقال: جَهَرَ بالقول إِذ رفع به صوته، فهو جَهِيرٌ، وأَجْهَرَ، فهو

مُجْهِرٌ إِذا عرف بشدّة الصوت وجَهَرَ الشيءُ: عَلَنَ وبَدا؛ وجَهَرَ بكلامه

ودعائه وصوته وصلاته وقراءته يَجْهَرُ جَهْراً وجِهاراً، وأَجْهَرَ

بقراءته لغة. وأَجْهَرَ وجَهْوَرَ: أَعلن به وأَظهره، ويُعَدَّيانِ بغير حرف،

فيقال: جَهَرَ الكلامَ وأَجْهَرَهُ أَعلنه. وقال بعضهم: جَهَرَ أَعْلى

الصوْتَ. وأَجْهَرَ: أَعْلَنَ. وكلُّ إِعْلانٍ: جَهْرٌ. وجَهَرتُ بالقول

أَجْهَرُ به إِذا أَعْلَنْتَهُ. ورجلٌ جَهيرُ الصوتِ أَي عالي الصوت،

وكذلك رجل جَهْوَرِيُّ الصوت رفيعُه. والجَهْوَرِيُّ: هو الصوت العالي. وفرسٌ

جَهْوَرٌ: وهو الذي بأَجَشِّ الصوتِ ولا أَغَنَّ. وإِجْهارُ الكلام:

إِعْلانُه. وفي الحديث: فإِذا امرأَةٌ جَهِيرَةٌ؛ أَي عالية الصوت، ويجوز

أَن يكون من حُسْنِ المَنْظَرِ. وفي حديث العباس: أَنه نادى بصوتٍ له

جَهْوَرِيٍّ أَي شديدٍ عالٍ، والواو زائدة، وهو منسوب إِلى جَهْوَرَ بصوته.

وصوتٌ جَهِيرٌ وكلامٌ جَهِيرٌ، كلاهما: عالِنٌ عال؛ قال:

ويَقْصُر دونَه الصوتُ الجَهِيرُ

وقد جَهُر الرجل، بالضم، جَهَارَةً وكذلك المُجْهَرُ والجَهْورِيُّ.

والحروفُ المَجْهُورَةُ: ضد المهموسة: وهي تسعة عشر حرفاً؛ قال سيبويه:

معنى الجَهْرِ في الحروف أَنها حروف أُشْبِعَ الاعتمادُ في موضعها حتى

منع النَّفَس أَن يجري معه حتى ينقضي الاعتماد ويجري الصوت، غير أَن الميم

والنون من جملة المجهورة وقد يعتمد لها في الفم والخياشيم فيصير فيها غنة

فهذه صفة المجهورة ويجمعها قولك: «ظِلُّ قَوٍّ رَبَض إِذْ غَزَا جُنْدٌ

مُطيع». وقال أَبو حنيفة: قد بالغوا في تَجْهِير صوت القَوْس؛ قال ابن

سيده: فلا أَدري أَسمعه من العرب أَو رواه عن شيوخه أَم هو إِدْلال منه

وتَزَيُّدٌ، فإِنه ذو زوائد في كثير من كلامه.

وجَاهَرَهُمْ بالأَمر مُجاهَرَةً وجِهاراً: عالَنَهُمْ. ويقال: جاهَرَني

فلانٌ جِهاراً أَي علانية. وفي الحديث: كلُّ أُمّتي مُعافىً إِلاَّ

المُجاهِرينَ؛ قال: هم الذين جاهروا بمعاصيهم وأَظهروها وكشفوا ما ستر الله

عليهم منها فيتحدثون به. يقال: جَهَرَ وأَجْهَرَ وجاهَرَ؛ ومنه الحديث:

وإِن من الإِجهار كذا وكذا، وفي رواية: من الجِهار؛ وهما بمعنى المجاهرة؛

ومنه الحديث: لا غِيبَةَ لفاسِقٍ ولا مُجاهِرٍ.

ولقيه نَهاراً جِهاراً، بكسر الجيم وفتحها وأَبى ابن الأَعرابي فتحها.

واجْتَهَرَ القوم فلاناً: نظروا إِليه جِهاراً.

وجَهَرَ الجَيشَ والقومَ يَجْهَرُهُمْ جَهْراً واجتهرهم: كثروا في عينه؛

قال يصف عسكراً:

كأَنَّما زُهاؤُهُ لِمَنْ جَهَرْ

لَيْلٌ، ورِزُّ وَغْرِه إِذا وَغَرْ

وكذلك الرجل تراه عظيماً في عينك. وما في الحيّ أَحد تَجْهَرُه عيني أَي

تأْخذه عيني. وفي حديث عمر، رضي

الله عنه: إِذا رأَيناكم جَهَرْناكم أَي أَعجبنا أَجسامكم. والجُهْرُ:

حُسْنُ المَنْظَرِ. ووجهٌ جَهيرٌ: ظاهرُ الوَضاءة. وفي حديث علي، عليه

السلام: أََنه وصف النبي، صلى الله عليه وسلم، فقال: لم يكن قصيراً ولا

طويلاً وهو إِلى الطول أَقربُ، مَنْ رآه جَهَرَهُ؛ معنى جهره أَي عظم في

عينه. الجوهري: جَهَرْتُ الرجلَ واجْتَهَرْتُه إِذا رأَيته عظيم المَرْآة.

وما أَحْسَنَ جُهْرَ فلان، بالضم، أَي ما يُجْتَهَرُ من هيئته وحسن

مَنْظَره. ويقال: كيف جَهْراؤكُمْ أَي جماعتكم؛ وقول الراجز:

لا تَجْهَرِيني نَظَراً وَرُدِّي،

فقد أَرُدُّ حِينَ لا مَرَدِّ

وقد أَرُدُّ، والجِيادُ تُرْدِي،

نِعْمَ المِجَشُّ ساعةَ التَّنَدِّي

يقول: إِن استعظمتِ منظري فإِني مع ما ترين من منظري شجاع أَردّ الفرسان

الذين لا يردهم إِلاَّ مثلي. ورجل جَهِيرٌ: بَيِّنُ الجُهُورةِ

والجَهَارَة ذو مَنْظر. ابن الأَعرابي: رجل حَسَنُ الجَهارَةِ والجُهْر إِذا كان

ذا منظر؛ قال أَبو النجم:

وأَرَى البياضَ على النِّساءِ جَهارَةً،

والْعِتْقُ أَعْرِفُه على الأَدْماءِ

والأُنثى جَهِيرَةٌ والاسم من كل ذلك الجُهْرُ؛ قال القَطامِي:

شَنِئْتُك إِذْ أَبْصَرْتُ جُهْرَكَ سَيّئاً،

وما غَيَّبَ الأَقْوامُ تابِعَةُ الجُهْر

قال: ما بمعنى الذي: يقول: ما غاب عنك من خُبْرِ الرجل فإِنه تابع

لمنظره، وأََنت تابعة في البيت للمبالغة. وجَهَرتُ الرجل إِذا رأَيت هيئته

وحسن منظره. وجُهْرُ الرجل: هيئته وحسن منظره. وجَهَرَني الشيء

واجْتَهَرَني: راعني جماله. وقال اللحياني: كنتُ إِذا رأَيتُ فلاناً جَهَرْتُه

واجْتَهَرْتُه أَي راعك.

ابن الأَعرابي: أَجْهَرَ الرجلُ جاء ببنين ذوي جَهارَةٍ وهم الحَسَنُو

القُدُود الحَسَنُو المَنْظَرَ. وأَجْهَرَ: جاء بابن أَحْوَلَ. أَبو عمرو:

الأَجْهَرُ الحسنُ المَنظَرِ الحَسنُ الجسمِ التامُّهُ. والأَجْهَرُ:

الأَحولُ المليح الحَوَلَةِ. والأَجْهَرُ: الذي لا يبصر بالنهار، وضده

الأَعشى. وجَهْراءُ القوم: جماعتهم. وقيل لأَعرابي: أَبَنُو جَعْفَرٍ أَشرفُ

أَم بنو أَبي بكر بن كلاب؟ فقال: أَما خَواصَّ رجال فبنو أَبي بكر، وأَما

جَهْرَاءِ الحيِّ فبنو جعفر؛ نصب خواص على حذف الوسيط أَي في خواص رجال

وكذلك جَهْراء، وقيل: نصبهما على التفسير. وجَهَرْتُ فلاناً بما ليس

عنده: وهو أَن يختلف ما ظننت به من الخُلُقِ أَو المال أَو في

مَنْظَرِه.والجَهْراء: الرابية السَّهْلَةُ العريضة. وقال أَبو حنيفة: الجَهْراء

الرابية المِحْلالُ ليست بشديدة الإِشراف وليست برملة ولا قُفٍّ.

والجَهْراء: ما استوى من ظهر الأَرض ليس بها شجر ولا آكام ولا رمال إِنما هي

فضاء، وكذلك العَراءُ. يقال: وَطِئْنا أَعْرِيةً وجَهْراواتٍ؛ قال: وهذا من

كلام ابن شميل.

وفلان جَهِير للمعروفِ أَي خليقٌ له. وهمُ جُهرَاءُ للمعروف أَي

خُلَقَاءُ له، وقيل ذلك لأَن من اجْتَهَره طَمِعَ في معروفه؛ قال

الأَخطل:جُهَراءُ للمعروف حينَ تَراهُمُ،

خُلَقاءُ غَيْرُ تَنابِلٍ أَشْرارِ

وأَمر مُجْهَر أَي واضح بَيِّنٌ. وقد أَجْهَرته أَنا إِجْهاراً أَي

شهَّرْته، فهو مَجْهور به مَشْهور. والمَجْهُورة من الآبار: المعمورة،

عَذْبَةً كانت أَو مِلحة. وجَهَر البئرَ يَجْهَرُها جهراً واجْتَهَرَها: نزحها؛

وأَنشد:

إِذا ورَدْنا آجِناً جَهَرْناهْ،

أَو خالياً من أَهْلِهِ عَمَرْناهْ

أَي من كثرتنا نَزَفْنا البئَار وعَمَرْنا الخرابَ. وحَفَر البئرَ حتى

جَهَر أَي بَلَغ الماءَ، وقيل: جَهَرها أَخرج ما فيها من الحَمْأَةِ

والماء. الجوهري: جَهَرْتُ البئر واجْتَهَرْتُها أَي نَقَّيْتُها وأَخرجتُ ما

فيها من الحمأَة، قال الأَخفش: تقول العرب جَهَرْتُ الرَّكِيَّةَ إِذا

كان ماؤُها قد غُطِّيَ بالطِّين فَنُقِّي ذلك حتى يظهر الماء ويصفو. وفي

حديث عائشة، وَوَصَفَتْ أَباها، رضي الله عنهما، فقالت: اجْتَهَرَ دَفْنَ

الرَّواء؛ الاجْتِهارُ: الاستخراج، تريد أَنه كَسَحَها. يقال: جَهَرْتُ

البئرَ واجْتَهَرْتها إِذا كَسَحْتها إِذا كانت مُنْدَفِنَةً؛ يقال: ركيةٌ

دَفينٌ ورَكايا دُفُنٌ، والرَّواءُ: الماءُ الكثير، وهذا مثل ضربته

عائشة، رضي الله عنها، لإِحكامه الأَمر بعد انتشاره، شبهته برجل أَتى على آبار

مندفنة وقد اندفن ماؤُها، فنزحها وكسحها وأَخرج ما فيها من الدفن حتى

نبع الماء. وفي حديث خيبر: وَجَدَ الناسُ بها بَصَلاً وثُوماً فَجَهَرُوه؛

أَي استخرجوه وأَكلوه. وجَهَرْتُ البئر إِذا كانت مندفنة فأَخرجت ما

فيها. والمَجْهُورُ: الماء الذي كان سُدْماً فاستسقى منه حتى طاب؛ قال أَوسُ

بنُ حَجَرٍ:

قد حَلأَتْ ناقَتِي بَرْدٌ وصِيحَ بها

عن ماءِ بَصْوَةَ يوماً، وهْوَ مَجْهُورُ

وحَفَرُوا بئراً فَأَجْهَرُوا: لم يصيبوا خيراً.

والعينُ الجَهْراءُ: كالجاحظَة؛ رجل أَجْهَرُ وامرأَة جَهْراءُ.

والأَجْهَرُ من الرجال: الذي لا يبصر في الشمس، جَهِرَ جَهَراً، وجَهَرَتْهُ

الشمسُ: أَسْدَرَتْ بَصَرَهُ. وكبشٌ أَجْهَرُ ونَعْجَةٌ جَهْراءُ: وهي التي

لا تبصر في الشمس؛ قال أَبو العيال الهذليُّ يصف مَنيحَةً منحه إِياها

بَدْرُ بنُ عَمَّارٍ الهُذَليُّ:

جَهْراءُ لا تأْلو إِذا هي أَظْهَرَتْ

بَصَراً، ولا مِنْ عَيْلَةٍ تُغْنيني

ها نص ابن سيده وأَورده الأَزهري عن الأَصمعي وما عزاه لأَحد وقال: قال

يصف فرساً يعني الجَهْراءَ؛ وقال أَبو منصور: أُرى هذا البيت لبعض

الهُذَلِيين يصف نعجة؛ قال ابن سيده: وعمَّ به بعضهم. وقال اللحياني: كُلُّ

ضعيف البصر في الشمس أَجْهَرُ؛ وقيل: الأَجهر بالنهار والأَعشى بالليل.

والجُهْرَةُ: الحَوَلَةُ، والأَجْهَرُ: الأَحْوَلُ. رجلٌ أَجْهَرُ وامرأَة

جَهْراءُ، والاسم الجُهْرَةُ؛ أَنشد ثعلب للطرماح:

على جُهْرَةٍ في العينِ وهو خَدوجُ

والمُتَجاهر: الذي يريك أَنه أَجْهَرُ؛ وأَنشد ثعلب:

كالنَّاظِر المُْتَجاهر

وفرس أَجْهَرُ: غَشَّتْ غُرَّتُه وَجْهَه. والجَهْوَرُ: الجَريءُ

المُقْدِمُ الماضي.

وجَهَرْنا الأَرض إِذا سلكناها من غير معرفة. وجَهَرْنا بني فلان أَي

صَبَّحْناهُم على غِرَّةٍ. وحكي الفرّاء: جَهَرْتُ السِّقَاءَ إِذا

مَخَضْته.

ولَبَنٌ جَهِيرٌ: لم يُمْذَقْ بماء. والجَهِيرُ: اللبن الذي أُخرج

زُبْدُه، والثَّمِيرُ: الذي لم يخرج زبده، وهو التَّثْمِير.

ورجل مِجْهَرٌ، بكسر الميم، إِذا كان من عادته أَن يَجْهَر بكلامه.

والمُجاهَرَةُ بالعداوة: المُبادَأَةَ بها.

ابن الأَعرابي: الجَهْرُ قِطْعَةٌ من الدهرِ، والجَهْرُ السَّنَةُ

التامَّةُ؛ قال: وحاكم أَعرابي رجلاً إِلى القاضي فقال: بِعْتُ منه غُنْجُداً

مُذْ جَهْرٍ فغاب عني؛ قال ابن الأَعرابي: مُذْ قِطْعَةٍ من الدهر.

والجَوْهَرُ: معروف، الواحدةُ جَوْهَرَةٌ.

والجَوْهَرُ: كل حجر يستخرج منه شيء ينتفع به.

وجَوْهَرُ كُلِّ شيء: ما خُلِقَتْ عليه جِبِلَّتُه؛ قال ابن سيده: وله

تحديد لا يليق بهذا الكتاب، وقيل: الجوهر فارسي معرّب.

وقد سمَّت أَجْهَرَ وجَهِيراً وجَهْرانَ وجَوْهَراً.

بأس

بأس: الليث: والبَأْساءُ اسم الحرب والمشقة والضرب. والبَأْسُ: العذاب.

والبأْسُ: الشدة في الحرب. وفي حديث علي، رضوان اللَّه عليه: كنا إِذا

اشتدَّ البأْسُ اتَّقَيْنا برسول اللَّه، صلى اللَّه عليه وسلم؛ يريد الخوف

ولا يكون إِلا مع الشدَّة. ابن الأَعرابي: البأْسُ والبَئِسُ، على مثال

فَعِلٍ، العذاب الشديد. ابن سيده: البأْس الحرب ثم كثر حتى قيل لا بَأْسَ

عليك، ولا بَأْسَ أَي لا خوف؛ قال قَيْسُ بنُ الخطِيمِ:

يقولُ ليَ الحَدَّادُ، وهو يَقُودُني

إِلى السِّجْنِ: لا تَجْزَعْ فما بكَ من باسِ

أَراد فما بك من بأْس، فخفف تخفيفاً قياسياً لا بدلياً، أَلا ترى أَن

فيها:

وتَتْرُكُ عُذْري وهو أَضْحَى من الشَّمْسِ

فلولا أَن قوله من باس في حكم قوله من بأْس، مهموزاً، لما جاز أَن يجمع

بين بأْس، ههنا مخففاً، وبين قوله ن الشمس لأَنه كان يكون أَحد الضربين

مردفاً والثاني غير مردف. والبَئِسُ: كالبَأْسِ.وإِذا قال الرجل لعدوّه:

لا بأْس عليك فقد أَمَّنه لأَنه نفى البأْس عنه، وهو في لغة حِمير لَبَاتِ

أَي لا بأْس عليك، قال شاعرهم:

شَرَيْنَا النَّوْمَ، إِذ غَضِبَتْت غَلاب،

تَنَادَوْا عند غَدْرِهِمُ: لَبَاتِ

وقد بَرَدَتْ مَعَاذِرُ ذي رُعَيْنِ

ولَبَاتِ بلغتهم: لا بأْس؛ قال الأَزهري: كذا وجدته في كتاب شمر.

وفي الحديث: نهى عن كسر السِّكَةِ الجائزة بين المسلمين إِلا من بأْس،

يعني الدنانير والدراهم المضروبة، أَي لا تكسر إِلا من أَمر يقتضي كسرها،

إِما لرداءتها أَو شكٍّ في صحة نقدها، وكره ذلك لما فيها من اسم اللَّه

تعالى، وقيل: لأَن فيه إِضاعة المال، وقيل: إِنما نهى عن كسرها على أَن

تعاد تبراً، فأَما للنفقة فلا، وقيل: كانت المعاملة بها في صدر الإِسلام

عدداً لا وزناً، وكان بعضهم يقص أَطرافها فنُهوا عنه.

ورجلٌ بَئِسٌ: شجاع، بَئِسَ بَأْساً وبَؤُسَ بَأْسَةً. أَبو زيد: بَؤُسَ

الرجل يَبْؤُسُ بَأْساً إِذا كان شديد البَأْسِ شجاعاً؛ حكاه أَبو زيد

في كتاب الهمز، فهو بَئِيسٌ، على فَعِيل، أَي شجاع. وقوله عز وجل:

سَتُدعَوْنَ إِلى قوم أُولي بَأْسِ شديد؛ قيل: هم بنو حنيفة قاتلهم أَبو بكر،

رضي اللَّه عنه، في أَيام مُسَيْلمة، وقيل: هم هَوازِنُ، وقيل: هم فارس

والروم.

والبُؤْسُ: الشدة والفقر. وبَئِسَ الرجل يَبْأَسُ بُؤْساً وبَأْساً

وبَئِيساً إِذا افتقر واشتدت حاجته، فهو بائِسٌ أَي فقير؛ وأَنشد أَبو

عمرو:وبيضاء من أَهلِ المَدينةِ لم تَذُقْ

بَئِيساً، ولم تَتْبَعْ حَمُولَةَ مُجْحِدِ

قال: وهو اسم وضع موضع المصدر؛ قال ابن بري: البيت للفرزدق، وصواب

إِنشاده لبيضاء من أَهل المدينة؛ وقبله:

إِذا شِئتُ غَنَّاني من العاجِ قاصِفٌ،

على مِعْصَمٍ رَيَّانَ لم يَتَخَدَّدِ

وفي حديث الصلاة: تُقْنِعُ يَدَيكَ وتَبْأَسُ؛ هو من البُؤْسِ الخضوع

والفقر، ويجوز أَن يكون أَمراً وخبراً؛ ومنه حديث عَمَّار: بُؤْسَ ابنِ

سُمَيَّةَ كأَنه ترحم له من الشدة التي يقع فيها؛ ومنه الحديث: كان يكره

البُؤْسَ والتَّباؤُسَ؛ يعني عند الناس، ويجوز التَبَؤُسُ بالقصر والتشديد.

قال سيبويه: وقالوا بُؤساً له في حد الدعاء، وهو مما انتصب على إِضمار

الفعل غير المستعمل إِظهاره. والبَأْسَاءُ والمَبْأَسَة: كالبُؤس؛ قال

بِشْرُ بن أَبي خازِم:

فأَصْبَحُوا بعد نُعْماهُمْ بِمَبْأَسَةٍ،

والدَّهْرُ يَخْدَعُ أَحْياناً فَيَنْصَرِفُ

وقوله تعالى: أَخَذناهم بالبَأْساءِ والضَّرَّاءِ؛ قال الزجاج: البأْساء

الجوع والضراء في الأَموال والأَنفس. وبَئِسَ يَبْأَسُ ويَبْئِسُ؛

الأخيرة نادرة، قال ابن جني: هو...

(* كذا بياض بالأصل.) كرم يكرم على ما قلناه

في نعم ينعم. وأَبْأَسَ الرجلُ: حلت به البَأْساءُ؛ عن ابن الأَعرابي،

وأَنشد:

تَبُزُّ عَضارِيطُ الخَمِيسِ ثِيابَها

فأَبْأَسْت ...* يومَ ذلك وابْنَما،

(* كذا بياض بالأصل ولعل موضعه بنتاً.)

والبائِسُ: المُبْتَلى؛ قال سيبويه: البائس من الأَلفاظ المترحم بها

كالمِسْكين، قال: وليس كل صفة يترحم بها وإِن كان فيها معنى البائس

والمسكين، وقد بَؤُسَ بَأْسَةٌ وبئِيساً، والاسم البُؤْسى؛ وقول تأَبط

شرّاً:قد ضِقْتُ من حُبِّها ما لا يُضَيِّقُني،

حتى عُدِدْتُ من البُوسِ المساكينِ

قال ابن سيده: يجوز أَن يكون عنى به جمع البائس، ويجوز أَن يكون من ذوي

البُؤْسِ، فحذف المضاف وأَقام المضاف إِليه مقامه. والبائس: الرجل النازل

به بلية أَو عُدْمٌ يرحم لما به. ابن الأَعرابي: يقال بُوْساً وتُوساً

وجُوْساً له بمعنى واحد. والبأْساء: الشدة؛ قال الأَخفش: بني على فَعْلاءَ

وليس له أَفْعَلُ لأَنه اسم كما قد يجيء أَفْعَلُ في الأَسماء ليس معه

فَعْلاء نحو أَحمد. والبُؤْسَى: خلاف النُّعْمَى؛ الزجاج: البأْساءُ

والبُؤْسى من البُؤْس، قال ذلك ابن دريد، وقال غيره: هي البُؤْسى والبأْساءُ

ضد النُّعْمى والنَّعْماء، وأَما في الشجاعة والشدة فيقال البَأْسُ.

وابْتَأَسَ الرجل، فهو مُبْتَئِس. ولا تَبْتَئِسْ أَي لا تحزن ولا تَشْتَكِ.

والمُبْتَئِسُ: الكاره والحزين؛ قال حسان بن ثابت:

ما يَقْسِمُ اللَّهُ أَقْبَلْ غَيْرَ مُبتِئِسٍ

منه، وأَقْعُدْ كريماً ناعِمَ البالِ

أَي غير حزين ولا كاره. قال ابن بري: الأَحسن فيه عندي قول من قال: إن

مُبتَئِساً مُفْتَعِلٌ من البأْسِ الذي هو الشدة، ومنه قوله سبحانه: فلا

تَبْتَئِسْ بما كانوا يفعلون؛ أَي فلا يشتدّ عليك أَمْرُهم، فهذا أَصله

لأَنه لا يقال ابْتَأَسَ بمعنى كره، وإِنما الكراهة تفسير معنوي لأَن

الإِنسان إِذا اشتد به أَمرٌ كرهه، وليس اشتدّ بمعنى كره. ومعنى بيت حسان أَنه

يقول: ما يرزق اللَّه تعالى من فضله أَقبله راضياً به وشاكراً له عليه

غير مُتَسَخِّطٍ منه، ويجوز في منه أَن تكون متعلقة بأَقبل أَي أَقبله منه

غير متسخط ولا مُشتَدٍّ أَمره عليّ؛ وبعده:

لقد عَلِمْتُ بأَني غالي خُلُقي

على السَّماحَةِ، صُعْلوكاً وذا مالِ

والمالُ يَغْشَى أُناساً لا طَباخَ بِهِمْ،

كالسِّلِّ يَغْشى أُصُولَ الدِّنْدِنِ البالي

والطبَّاخُ: القوّة والسِّمَنُ. والدِّنْدنُ: ما بَليَ وعَفِنَ من أُصول

الشجر. وقال الزجاج: المُبْتَئِسُ المسكين الحزين، وبه فسر قوله تعالى:

فلا تَبْتَئِسْ بما كانوا يَعْمَلون؛ أَي لا تَحْزَن ولا تَسْتَكِنْ.

أَبو زيد: وابْتَأَسَ الرجل إِذا بلغه شيء يكرهه؛ قال لبيد:

في رَبْرَبٍ كَنِعاج صا

رَةَ يَبْتَئِسْنَ بما لَقِينا

وفي الحديث في صفة أَهل الجنة: إِنَّ لكم أَن تَنْعَموا فلا تَبْؤُسوا؛

بَؤُس يَبْؤُس، بالضم فيهما، بأْساً إِذا اشتد. والمُبْتَئِسُ: الكاره

والحزين. والبَؤُوس: الظاهر البُؤْسِ.

وبِئْسَ: نَقيضُ نِعْمَ؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:

إِذا فَرَغَتْ من ظَهْرِه بَطَّنَتْ له

أَنامِلُ لم يُبْأَسْ عليها دُؤُوبُها

فسره فقال: يصف زِماماً، وبئسما دأَبت

(* قوله «وبئسما دأبت» كذا بالأصل

ولعله مرتبط بكلام سقط من الناسخ.) أَي لم يُقَلْ لها بِئْسَما عَمِلْتِ

لأَنها عملت فأَحسنت، قال لم يسمع إِلا في هذا البيت. وبئس: كلمة ذم،

ونِعْمَ: كلمة مدح. تقول: بئس الرجلُ زَيدٌ وبئست المرأَة هِنْدٌ، وهما

فعلان ماضيان لا يتصرفان لأَنهما أُزيلا عن موضعهما، فنِعْمَ منقول من قولك

نَعِمَ فلان إِذا أَصاب نِعْمَةً، وبِئْسَ منقول من بَئِسَ فلان إِذا

أَصاب بؤْساً، فنقلا إِلى المدح والذم فشابها الحروف فلم يتصرفا، وفيهما لغات

تذكر في ترجمة نعم، إِن شاء اللَّه تعالى. وفي حديث عائشة، رضي اللَّه

عنها: بِئْسَ أَخو العَشِيرةِ؛ بئس مهموز فعل جامع لأَنواع الذم، وهو ضد

نعم في المدح، قال الزجاج: بئس ونعم هما حرفان لا يعملان في اسم علم،

إِنما يعملان في اسم منكور دالٍّ على جنس، وإِنما كانتا كذلك لآن نعم مستوفية

لجميع المدح، وبئس مستوفية لجميعي الذم، فإِذا قلت بئس الرجل دللت على

أَنه قد استوفى الذم الذي يكون في سائر جنسه، وإِذا كان معهما اسم جنس

بغير أَلف ولام فهو نصب أَبداً، فإِذا كانت فيه الأَلف واللام فهو رفع

أَبداً، وذلك قولك نعم رجلاً زيد ونعم الرجل زيد وبئس رجلاً زيد وبئس الرجل

زيد، والقصد في بئس ونعم أَن يليهما اسم منكور أَو اسم جنس، وهذا قول

الخليل، ومن العرب من يصل بئس بما قال اللَّه عز وجل: ولبئسما شَرَوْا به

أَنفسهم. وروي عن النبي، صلى اللَّه عليه وسلم، أَنه قال: بئسما لأَحدكم أَن

يقول نَسِيتُ أَنه كَيْتَ وكَيْتَ، أَمَا إِنه ما نَسِيَ ولكنه أُنْسِيَ.

والعرب تقول: بئسما لك أَن تفعل كذا وكذا، إِذا أَدخلت ما في بئس أَدخلت

بعد ما أَن مع الفعل: بئسما لك أَن تَهْجُرَ أَخاك وبئسما لك أَن تشتم

الناس؛ وروى جميع النحويين: بئسما تزويجٌ ولا مَهْر، والمعنى فيه: بئس

تزويج ولا مهر؛ قال الزجاج: بئس إِذا وقعت على ما جعلت ما معها بمنزلة اسم

منكور لأَن بئس ونعم لا يعملان في اسم علم إِنما يعملان في اسم منكور

دالٍّ على جنس. وفي التنزيل العزيز: بعَذابٍ بَئِيسٍ بما كانوا يَفْسُقُون؛

قرأَ أَبو عمرو وعاصم والكسائي وحمزة: بعذابٍ بَئِيسٍ، علة فَعِيلٍ، وقرأَ

ابن كثير: بِئِيس، على فِعِيلٍ، وكذلك قرأَها شِبْل وأَهلُ مكة وقرأَ

ابن عامر: بِئْسٍ، علة فِعْلٍ، بهمزة وقرأَها نافع وأَهل مكة: بِيْسٍ، بغير

همز. قال ابن سيده: عذاب بِئْسٌ وبِيسٌ وبَئِيسٌ أَي شديد، وأَما قراءَة

من قرأَ بعذاب بَيْئِسٍ فبنى الكلمة مع الهمزة على مثال فَيْعِلٍ، وإِن

لم يكن ذلك إِلا في المعتل نحو سَيِّدٍ ومَيِّتٍ، وبابهما يوجهان العلة

(* قوله «يوجهان العلة إلخ» كذا بالأصل.) وإِن لم تكن حرف علة فإِنها

معرضة للعلة وكثيرة الانقلاب عن حرف العلة، فأُجريت مجرى التعرية في باب

الحذف والعوض. وبيس كخِيس: يجعلها بين بين من بِئْسَ ثم يحولها بعد ذلك، وليس

بشيء. وبَيِّسٍ على مثال سَيِّدٍ وهذا بعد بدل الهمزة في بَيْئِسٍ.

والأَبْؤُسُ: جمع بَؤُسٍ، من قولهم يومُ بُؤْس ويومُ نُعْمٍ.

والأَبْؤُسُ أَيضاً: الداهية. وفي المثل: عَسى الغُوَيْرُ أَبْؤُساً. وقد أَبْأَسَ

إبْآساً؛ قال الكميت:

قالوا: أَساءَ بنوكُرْزٍ، فقلتُ لهم:

عسى الغُوَيْرُ بإِبْآسٍ وإِغْوارِ

قال ابن بري: الصحيح أَن الأَبْؤُسَ جمع بَأْس، وهو بمعنى الأَبْؤُس

(*

قوله «وهو بمعنى الأبؤس» كذا بالأصل ولعل الأولى بمعنى البؤس.) لأَن باب

فَعْلٍ أَن يُجْمَعَ في القلة على أَفْعُلٍ نحو كَعْبٍ وأَكْعُبٍ وفَلْسٍ

وأَفْلُسٍ ونَسْرٍ وأَنْسُرٍ، وباب فُعْلٍ أَن يُجْمَع في القلة على

أَفْعال نحو قُفْلٍ وبُرْدٍ وأَبْرادٍ وجُنْدٍ وأَجنادٍ. يقال: بَئِسَ

الشيءُ يَبْأَسُ بُؤْساً وبَأْساً إِذا اشتدّ، قال: وأَما قوله والأَبْؤُسُ

الداهية، قال: صوابه أَن يقول الدواهي لأَن الأَبْؤُس جمع لا مفرد، وكذلك

هو في قول الزَّبَّاءِ: عَسى الغُوَيْرُ أَبْؤُساً، هو جمع بأْسٍ على ما

تقدم ذكره، وهو مَثَلٌ أَوَّل من تكلم به الزَّبَّاء. قال ابن الكلبي:

التقدير فيه: عسى الغُوَيْرُ أَن يُحْدِثَ أَبْؤُساً، قال: وهو جمع بَأْسٍ

ولم يقل جمعُ بُؤْسٍ، وذلك أَن الزَّبَّاء لما خافت من قَصِيرٍ قيل لها:

ادخلي الغارَ الذي تحت قصرك، فقالت: عسى الغوير أَبؤُساً أَي إِن فررت من

بأْس واحد فعسى أَن أَقع في أَبْؤُسٍ، وعسى ههنا إِشفاق؛ قال سيبويه: عسى

طمع وإِشفاق، يعني أَنها طمع في مثل قولك: عسى زيد أَن يسلم، وإِشفاق

مثل هذا المثل: عسى الغوير أَبؤُساً، وفي مثل قول بعض أَصحاب النبي؛ صلى

اللَّه عليه وسلم: عسى أَن يَضُرَّني شَبَهُه يا رسول اللَّه، فهذا إِشفاق

لا طمع، ولم يفسر معنى هذا المثل ولم يذكر في أَي معنى يتمثل به؛ قال ابن

الأَعرابي: هذا المثل يضرب للمتهم بالأَمر، ويشهد بصحة قوله قول عمر،

رضي اللَّه عنه، لرجل أَتاه بمَنْبُوذٍ: عسى الغُوَيْرُ أَبْؤُساً، وذلك

أَنه اتهمه أَن يكون صاحب المَنْبوذَ؛ وقال الأَصمعي: هو مثل لكل شيء يخاف

أَن يَأْتي منه شر؛ قال: وأَصل هذا المثل أَنه كان غارٌ فيه ناس فانْهارَ

عليهم أَو أَتاهم فيه فقتلهم. وفي حديث عمر، رضي اللَّه عنه: عسى

الغُوَيْرُ أَبْؤُساً؛ هو جمع بأْس، وانتصب على أَنه خبر عسى. والغُوَيْرُ: ماء

لكَلْبٍ، ومعنى ذلك عسى أَن تكون جئت بأَمر عليك فيه تُهَمَةٌ وشِدَّةٌ.

لأي

لأي: الَّلأَى: الإِبْطاء والاحْتِباس، بوزن اللَّعا، وهومن المصادر

التي يعمل فيها ما ليس مِن لفظها، كقولك لَقِيته التِقاطاً وقَتَلْته

صَبْراً ورأَيته عِياناً؛ قال زهير:

فَلأْياً عَرفت الدارَ بعد توهُّم

وقال اللحياني: الَّلأْيُ اللُّبْثُ، وقد لأَيْت أَلأَى لأْياً، وقال

غيره: لأأَيْت في حاجتي، مشدَّد، أَبطأْت. والتَأَتْ هي: أَبْطَأَت.

التهذيب: يقال لأَى يَلأَى لأْياً والتَأى يَلْتَئي إِذا أَبطأَ. وقال الليث:

لم أَسمع العرب تجعلها معرفة، ويقولون: لأْياً عرفْتُ وبَعدَ لأْيٍ فعلت

أَي بعد جَهْد ومشقة. ويقال: ما كِدْت أَحمله إِلاَّ لأْياً، وفعلت كذا

بعد لأْيٍ أَي بعد شدَّة وإِبْطاء. وفي حديث أُم أَيمن، رضي الله عنها:

فبِلأْيٍ ما استَغْفَرَلهم رسولُ الله أَي بعد مشقة وجهدْ وإِبْطاء؛ ومنه

حديث عائشة، رضي الله عنها، وهِجْرَتِها ابنَ الزُّبَيْرِ: فبِلأْيٍ مَّا

كَلَّمَتْهُ. واللأَى: الجَهْد والشدَّة والحاجة إِلى الناس؛ قال العجير

السلولي:

وليس يُغَيِّرُ خِيمَ الكَريم

خُلُوقةُ أَثْوابِه واللأَى

وقال القتيبي في قوله:

فَلأْياً بِلأْيٍ مَّا حَمَلْنا غُلامَنا

أَي جَهْداً بعد جَهْد قَدَرْنا على حَمْله على الفرس. قال: واللأْيُ

المشقة والجهد. قال أَبو منصور: والأَصل في اللأْي البُطْء؛ وأَنشد أَبو

الهيثم لأَبي زبيد:

وثارَ إِعْصارُ هَيْجا بينَهُمْ، وخَلَتْ

بالكُورِ لأْياً، وبالأَنساع تَمْتَصِعُ

قال: لأْياً بعد شدَّة، يعني أَن الرجل قتله الأَسد وخلت ناقته بالكور،

تمتصع: تحرك ذنبها. واللأَى: الشدة في العيش، وأَنشد بيت العجير السلولي

أَيضاً. وفي الحديث: مَن كان له ثلاثُ بنات فصَبَر على لأْوائهن كُنَّ له

حجاباً من النار؛ اللأْواء الشدة وضيق المعيشة؛ ومنه الحديث: قال له

أَلَسْتَ تَحْزَنُ؟ أَلَسْتَ تُصِيبُك اللأْواء؟ ومنه الحديث الآخر: مَن صبر

على لأْوء المَدينة؛ واللأْواء المشَقة والشدة، وقيل: القَحْط، يقال:

أَصابتهم لأْواء وشَصاصاء، وهي الشدة، قال: وتكون اللأْواء في العلة؛ قال

العجاج:

وحالَتِ اللأْواء دون نسعي

وقد أَلأَى القومُ، مثل أَلعى، إِذا وقعوا في اللأْواء. قال أَبو عمرو:

اللأْلاء الفرح التام.

والْتَأَى الرجل: أَفلَسَ

واللأَى، بوزن اللَّعا: الثَّوْر الوحشيّ؛ قال اللحياني: وتثنيته

لأَيان، والجمع أَلآء مثل أَلْعاعٍ مثل جبَل وأَجبال، والأُنثى لآة مثل لَعاةٍ

ولأَىً، بغير هاء، هذه عن اللحياني، وقال: إِنها البقرة من الوحش خاصة.

أَبو عمرو: اللأَى البقرة، وحكي: بكَمْ لآك هذه أَي بقرتُك هذه؛ قال

الطرماح:

كظَهْرِ اللأَى لو يُبْتَغى رَيَّةٌ بها،

لَعَنَّتْ وشَقَّتْ في بُطُون الشَّواجِنِ

ابن الأَعرابي: لآةٌ وأَلاة بوزن لَعاة وعَلاة. وفي حديث أَبي هريرة،

رضي الله عنه: يَجِيء من قِبَل المَشْرِق قَوم وصفَهم، ثم قال: والرّاوية

يَومئذٍ يُسْتَقى عليها أَحَبُّ إِليَّ من لاءٍ وشاءٍ؛ قال ابن الأَثير:

قال القتيبي هكذا رواه نَقَلة الحديث لاء بوزن ماء، وإِنما أَلآء بوزن

أَلْعاع، وهي الثِّيران، واحدها لأَىً بوزن قَفاً، وجمعه أَقْفاء، يريد

بَعِير يُسْتقى عليه يومئذ خير من اقتناء البقر والغنم، كأَنه أَراد الزراعة

لأَن أَكثر من يَقْتَني الثيران والغنم الزرَّاعون. ولأْيٌ ولُؤَيُّ:

اسمان، وتصغير لأْي لُؤَيٌّ، ومنه لؤيّ بن غالب أَبو قريش. قال أَبو منصور:

وأَهل العربية يقولون هو عامر بن لُؤيّ، بالهمز، والعامة تقول لُوَيّ،

قال علي بن حمزة: العرب في ذلك مختلفون، من جعله من اللأْي همزه، ومن جعله

من لِوَى الرَّمْل لم يهمزه. ولأْيٌ: نهر من بلاد مُزَيْنةَ يدفع في

العقيق؛ قال كثير عزة:

عَرَفْتُ الدَّار قدْ أَقْوَتْ برِيمِ

إِلى لأْيٍ، فمَدْفَعِ ذِي يَدُومِ

(* قوله« إلى لأي» هذا ما في الأصل، وفي معجم ياقوت: ببطن لأي بوزن

اللعا، ولم يذكر لأي بفتح فسكون.)

واللاَّئي: بمعنى اللَّواتي بوزن القاضي والدَّاعي. وفي التنزيل العزيز:

واللاَّئي يَئِسْنَ من المَحِيض. قل ابن جني: وحكي عنهم اللاَّؤو فعلوا

ذلك يريد اللاَّؤون، فحذف النون تخفيفاً.

شوب

شوب: الشَّوْبُ: الخَلْطُ.

شابَ الشيءَ شَوْباً: خَلَطَه. وشُبْتُه أَشُوبُه: خَلَطْتُه، فهو مَشُوبٌ.

واشْتابَ، هو، وانْشابَ: اخْتَلَط؛ قال أَبو زبيد الطائي:

جادَتْ، مَنَاصِـبَه، شَفَّانُ غادِيةٍ، * بسُكَّرٍ، ورَحِـيقٍ شيبَ، فاشْتابا

ويروى: فانْشابا، وهو أَذْهَبُ في بابِ الـمُطاوَعَة. والشَّوْبُ

والشِّيابُ: الخَلْطُ؛ قال أَبو ذُؤَيْب:

وأَطْيِبْ براحِ الشامِ، جاءَتْ سَبيئَـةً، * مُعَتَّقَةً، صِرْفاً، وتِلكَ شِـيابُها

والرواية المعروفة:

فأَطْيِبْ بِراحِ الشامِ صِرْفاً، وهذه * مُعَتَّقَةٌ، صَهْباءُ، وهْيَ شِـيابُها (1)

(1 قوله «وهذه معتقة إلخ» هكذا في الأصل وفي بعض نسخ المحكم: وهاده معتقة إلخ بالنصب مفعولاً لهاده.)

قال: هكذا أَنشده أَبو حنيفة، وقد خلَّط في الرواية. وقوله تعالى: ثم إِنَّ لهم عليها لَشَوْباً من حَمِـيمٍ؛ أَي لَخَلْطاً ومِزاجاً؛ يقال

للـمُخَلِّطِ في القولِ أَو العَمَلِ: هو يَشُوبُ ويَرُوبُ.

أَبو حاتم: سأَلت الأَصمعي عن الـمَشاوِبِ، وهي الغُلُفُ، فقال: يقال لِغِلافِ القارورة مُشاوَبٌ، على مُفاعَل، لأَنه مَشُوبٌ بحُمْرَةٍ،

وصُفْرةٍ، وخُضْرَةٍ؛ قال أَبو حاتم: يجوزُ أَنْ يُجْمَع الـمُشاوَبُ على مَشاوِبَ. والـمُشاوَبُ، بضم الميم وفتحِ الواوِ: غِلافُ القارورة لأَنَّ فيه أَلواناً مختلفةً. والشِّيابُ: اسمُ ما يُمْزَجُ.

وسَقاه الذَّوْبَ بالشَّوْبِ؛ الذَّوْبُ: العَسَلُ؛ والشَّوْبُ: ما شُبْتَه به من ماءٍ أَو لَبنٍ. وحكى ابنُ الأَعرابي: ما عندي شَوْبٌ ولا رَوْبٌ؛ فالشَّوْبُ العَسَل، والرَّوْبُ اللَّبنُ الرَّائِبُ؛ وقيل: الشَّوْبُ العَسَلُ، والرَّوْبُ اللَّبَنُ، من غيرِ أَن يُحَدَّا؛ وقيل: لا مَرَقٌ ولا لَبَنٌ. ويقال: سَقَاه الشَّوْبَ بالذَّوْب، فالشَّوْبُ اللبنُ، والذَّوْبُ العَسَل، قاله ابن دريد. الفراء: شابَ إِذا خانَ، وباشَ إِذا خَلَطَ. الأَصمعي، في باب إِصابةِ الرجلِ في مَنْطِقِه مَرَّة، وإِخطائِه أُخْرى: هو يَشُوبُ ويَرُوبُ.

أَبو سعيد: يقال للرجل إِذا نَضَحَ عن الرجل: قد شابَ عنه ورابَ، إِذا كَسِلَ.

قال: والتَّشْوِيبُ أَن يَنْضَحَ نَضْحاً غيرَ مُبالَغٍ فيه، فمعنى

قولهم: هو يشُوبُ ويَرُوبُ أَي يُدَافِعُ مُدافَعَة غيرَ مُبالَغٍ فيها،

ومَرَّة يَكْسَلُ فلا يُدافِـعُ البَتَّة. قال غيرُه: يَشُوبُ من شَوْبِ

اللَّبنِ، وهو خَلْطُه بالماءِ ومَذْقُه؛ ويَرُوبُ أَرادَ أَن يقول يُرَوِّب

أَي يَجْعلُه رائِـباً خاثِراً، لا شَوْبَ فيه، فأَتْبَع يَرُوبُ يَشُوبُ لازْدواجِ الكلام، كما قالوا: هو يَـأْتيه الغَدايا والعَشايا، والغَدايا ليس بِجمْعٍ للغَداة، فجاءَ بها على وَزْنِ العَشايا. أَبو سعيد: العرب تقول: رأَيْتُ فُلاناً اليومَ يَشُوبُ عن أَصحابه إِذا دافَعَ عنهم شيئاً من دِفاعٍ. قال: وليس قولُهم هو يَشُوبُ ويَرُوبُ من اللَّبنِ، ولكن معناه رجلٌ يَرُوبُ أَحياناً، فلا يتَحَرَّك ولا يَنْبَعِث، وأَحياناً

يَنْبَعِثُ فيَشُوبُ عن نفسِه، غيرَ مُبالغٍ فيه. ابن الأَعرابي: شابَ إِذا كَذَب، وشابَ: خَدَع في بَيْعٍ أَو شِراءٍ. ابن الأَعرابي: شابَ يَشُوب شَوْباً إِذا غَشَّ؛ ومنه الخَبرُ: لا شَوْبَ ولا رَوْبَ أَي لا غِشَّ ولا تَخْلِـيطَ في بَيعٍ أَو شِراءٍ. وأَصلُ الشَّوْبِ الخَلْطُ، والرَّوْبُ من اللَّبنِ الرائِبِ، لخَلْطِه بالماءِ. ويقال للـمُخَلِّط في كلامه: هو يَشُوبُ ويرُوبُ. وقيل: معنى لا شَوْبَ ولا رَوْبَ أَنـَّكَ

برِيءٌ من هذه السِّلْعَة. ورُوِي عنه (1)

(1 قوله «وروي عنه» أي عن ابن الأَعرابي في عبارة التهذيب.) أَنه قال: معنى قولهم: لا شَوْبَ ولا رَوْبَ في البَيْعِ

والشِّراءِ في السِّلْعَةِ تَبِـيعُها أَي إِنـَّكَ بَريءٌ من عَيْبِها.

وفي الحديث: يَشْهَدُ بَيْعَكُم الـحَلْفُ واللَّغْوُ، فشَوِّبوه بالصَّدَقَةِ؛ أَمَرَهم بالصَّدَقَةِ لـمَا يَجْرِي بَينهُم من الكَذِب والرِّبا، والزِّيادَةِ والنُّقْصانِ في القولِ، لتكُونَ كَفَّارةً لذلك؛ وقولُ سُلَيْكِ بنِ السُّلَكَة السَّعْدِي:

سَيَكْفِـيكَ، صَرْبَ القَوْمِ، لَـحْمٌ مُعَرَّصٌ، * وماءُ قُدُورٍ، في القِصاعِ، مَشِـيبُ

إِنما بناهُ على شِـيب الذي لم يُسَمَّ فاعِلُه أَي مَخْلُوطر بالتَّوابِلِ والصِّباغِ. والصَّرْبُ: اللبنُ الحامِضُ. ومُعَرَّصٌ: مُلْقًى في العَرْصَةِ ليَجِفَّ، ويروى مُغَرَّضٌ أَي طَرِيٌّ؛ ويروى مُعَرَّضٌ أَي لم يَنْضَجْ بعدُ، وهو الـمُلَهْوَجُ.

وفي المثل: هو يَشُوبُ ويَرُوبُ، يُضْرب مَثَلاً لـمَنْ يَخْلِطُ في

القولِ والعَمَلِ.

وفي فلان شَوْبَة أَي خَدِيعةٌ، وفي فلان ذَوْبَة أَي حَمْقَةٌ ظاهِرةٌ.

واسْتَعْمَل بعضُ النَّحْوِيِّـينَ الشَّوْبَ في الحركاتِ، فقال:

أَمـَّا الفَتْحَة الـمَشُوبَة بالكسرةِ، فالفَتْحة التي قبل الإِمالةِ، نحو

فَتْحة عَين عَابِدٍ وعَارِفٍ؛ قال: وذلك أَنَّ الإِمالة إِنما هي أَن تَنْحُوَ بالفَتْحَةِ نحوَ الكَسرة، فتُمِـيلَ الأَلِفَ نحوَ الياء، لِضَرْبٍ من تَجانُسِ الصَّوْتِ، فكما أَنَّ الحركَةَ ليست بفَتْحَةٍ مَحْضَةٍ، كذلك الأَلِفُ التي بعدَها ليست أَلِفاً مَحْضَةً، وهذا هو القياسُ، لأَنَّ الأَلفَ تَابِعَةٌ للفَتحَة، فكَما أَنَّ الفَتْحة مَشُوبَة، فكذلك الأَلِفُ اللاَّحقة لَـها.

والشَّوْبُ: القِطْعَة من العَجِـينِ. وباتَتِ الـمَرْأَةُ بلَيْلَةِ شَيْباءَ؛ قيل: إِنَّ الياءَ فيها مُعاقِـبَة، وإِنما هو من الواوِ،لأَنَّ ماءَ الرجُلِ خالَط ماءَ المرأَةِ.

والشَّائِـبَة: واحِدةُ الشَّوائِبِ، وهيَ الأَقْذَارُ والأَدْناسُ.

وشَيْبانُ: قَبيلَة؛ قيل ياؤُه بدَلٌ من الوَاوِ، لقَولِهِم الشَّوابِنَة.

وشَابَةُ: مَوْضِعٌ بنَجْدٍ، وسنذكره في الياءِ، لأَنَّ هذه الأَلف تكون

منقَلِـبة عن ياءٍ وعن واوٍ، لأَنّ في الكلامِ ش و ب، وفيه ش ي ب، ولو جُهِل انْقِلابُ هذه الأَلِف لَـحُمِلَتْ على الواوِ، لأَنَّ الأَلِف ههنا عَين، وانْقلابُ الأَلِفِ إِذا كانت عَيْناً عن الواوِ أَكثر من

انقلابِها عن الياءِ؛ قال:

وضَرْب الجماجِمِ ضَرْب الأَصَمِّ، * حَنْظَل شَابَةَ، يَجْني هَبِـيدا

رشا

رشا: الرَّشْوُ: فِعْلُ الرَّشْوَةِ، يقال: رَشَوْتُه. والمُراشاةُ:

المُحاباةُ. ابن سيده: الرَّشْوَةُ والرُّشْوَةُ والرِّشْوَةُ معروفة:

الجُعْلُ، والجمع رُشىً ورِشىً؛ قال سيبويه: من العرب من يقول رُشْوَةٌ

ورُشىً، ومنهم من يقول رِشْوَةٌ ورِشىً، والأَصل رُشىً، وأَكثر العرب يقول

رِشىً. ورَشاه يَرْشُوه رَشْواً: أَعطاه الرَّشْوَةَ. وقد رَشا رَشْوَةَ

وارْتَشى منه رَشْوةً إذا أَخذَها. وراشاهُ: حاباه. وتَرَشَّاه: لايَنَهُ.

وراشاه إذا ظاهرهَ. قال أَبو العباس: الرُّشْوَةُ مأْخوذة من رَشا الفَرْخُ

إذا مدَّ رأْسَه إلى أُمِّه لتَزُقَّه. أَبو عبيد: الرَّشا من أَولاد

الظِّباء الذي قد تحرَّك وتمشَّى. والرِّشاءُ: رَسَنُ الدَّلوِ.

والرَّائِشُ: الذي يُسْدي بين الرَّاشي والمُرْتَشي. وفي الحديث: لعَنَ اللهُ

الرَّاشِيَ والمُرْتَشِيَ والرَّائِشَ. قال ابن الأَثير: الرَّشْوَةُ

والرُّشْوَةُ الوُصْلَةُ إلى الحاجة بالمُصانعة، وأَصله من الرِّشاءِ الذي

يُتَوَصَّلُ به إلى الماء، فالرَّاشي من يُعطي الذي يُعينُه على الباطل،

والمُرْتَشي الآخذُ، والرَّائش الذي يسعى بينهما يَسْتَزيد لهذا ويَسْتَنْقِصُ

لهذا، فأَما ما يُعطى توصُّلاً إلى أَخذِ حَقٍّ أَو دفعِِ ظلمٍ فغيرُ

داخِلٍ فيه. وروي أَن ابن مسعود أُخِذَ بأَرضِ الحَبَشة في شيء فأَعْطى

دينارين حتى خُلِّيَ سبيلُه، وروي عن جماعة من أَئمة التابعين قالوا: لا

بأْس أَن يُصانعَ الرجلُ عن نفسهِ ومالهِ إذا خافَ الظُّلْمَ.

والرِّشاءُ: الحبْلُ، والجمع أَرْشِيَةٌ. قال ابن سيده: وإنما حملناه

على الواو لأَنه يُوصَلُ به إلى الماء كما يوصَلُ بالرُّشْوَةِ إلى ما

يُطلَبُ من الأَشياء. قال اللحياني: ومن كلام المؤَخِّذات للرجال أَخَّذْتُه

بدُبَّاء مُمَّلاٍ من الماءِ مُعَلَّقٍ بتِرْشاء؛ قال: التِّرْشاءُ

الحبل، لا يُسْتَعمَلُ هكذا إلا في هذه الأُخْذةِ. وأَرْشى الدَّلْوَ: جعل

لها رِشاءَ أي حَبْلاً. والرِِّشاءُ: من منازل القمر، وهو على التشبيه

بالحبل. الجوهري الرِّشاءُ كواكبُ كثيرة صغارٌ على صورة السَّمَكة يقال

لها بطنُ الحُوت، وفي سُرَّتِها كوكَبٌ نَيِّرٌ يِنزِلُه القمر.

وأَرْشِيَةُ الحنظلِ واليقطينِ: خُيوطه. وقد أَرْشَت الشجرةُ وأَرْشى الحنظلُ إذا

امْتَدَّتْ أَغصانُه. قال الأَصمعي: إذا امْتَدَّتْ أََغصانُ الحَنظل قيل

قد أَرْشَتْ أَي صارت كالأَرْشِيَة، وهي الحِبال. أَبو عمرو: اسْتَرْشى

ما في الضَّرْع واسْتَوْشى ما فيه إذا أخرجه. واسْتَرْشى في حكمه: طلب

الرَّشْوَة عليه. واسْتَرْشى الفصيلُ إذا طلب الرِّضاع، وقد أَرْشَيْتُه

إرْشاءً. ابن الأعرابي: أَرْشى الرجلُ إذا حكَّ خَوْرانَ الفصيل ليعدُوَ،

ويقال للفصيل الرَّشيُّ. والرَّشاةُ: نَبْتٌ يُشْرَب للْمَشِيِّ؛ وقال

كراع: الرَّشاةُ عُشبةٌ نحوُ القَرْنُوَةِ، وجمعها رَشاً.

قال ابن سيده: وحملْنا الرَّشيّ على الواو لوجود ر ش و وعدم ر ش ي.

ظرب

ظرب: الظَّرِبُ، بكسر الراءِ: كلُّ ما نَتأَ من الحجارة، وحُدَّ

طَرَفُه؛ وقيل: هو الجَبَل الـمُنْبَسِط؛ وقيل: هو الجَبَلُ الصغير؛ وقيل: الرَّوابي الصغار، والجمعُ: ظِرابٌ؛ وكذلك فسر في الحديث: الشَّمْسُ على الظِّرَابِ. وفي حديث الاستسقاءِ: اللهم على الآكام، والظِّرابِ، وبُطونِ الأَوْدية، والتِّلالِ. والظِّرابُ: الرَّوابي الصِّغارُ، واحدها ظَرِبٌ، بوزن كَتِفٍ، وقد يجمع، في القلة، على أَظْرُبٍ. وفي حديث أَبي بكر، رضي اللّه عنه: أَيْنَ أَهْلُكَ يا مَسْعُودُ؟ فقال: بهذه الأَظْرُبِ السَّوَاقِطِ؛ السَّواقِطُ: الخاشعةُ المنخفضةُ. وفي حديث عائشة، رضي اللّه عنها:

رأَيتُ كأَني على ظَرِبٍ. ويُصَغَّر على ظُرَيْبٍ. وفي حديث أَبي أُمامة في ذكر الدجال: حتى ينزلَ على الظُّرَيْبِ الأَحمر. وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه: إِذا غَسَقَ الليلُ على الظِّرابِ؛ إِنما خَصَّ الظِّراب لِقَصرها؛ أَراد أَنّ ظُلْمة الليل تَقْرُبُ من الأَرض.

الليث: الظَّرِبُ من الحجارة ما كان ناتِئاً في جَبَلٍ، أَو أَرضٍ

خَرِبةٍ، وكان طَرَفُه الثاني مُحَدَّداً، وإِذا كان خِلْقَةُ الجَبَلِ كذلك،

سُمِّيَ ظَرِباً. وقيل: الظَّرِبُ أَصْغَرُ الإِكامِ وأَحَدُّه حَجراً، لا يكون حَجَرُه إِلاَّ طُرَراً، أَبيضُه وأَسْودُه وكلُّ لونٍ، وجمعه: أَظْرابٌ. والظَّرِبُ: اسم رجل، منه. ومنه سُمِّي عامِرُ بن الظَّرِبِ العَدْوانيّ، أَحدُ فُرْسانِ بني حِمَّانَ بنِ عبدِالعُزَّى؛ وفي الصحاح:

أَحَدُ حُكَّامِ العَرَب. قال مَعْد يِكرب، المعروفُ بغَلْفاءَ، يَرْثي أَخاه

شُرَحْبيلَ، وكان قُتِلَ يومَ الكُلابِ الأَوَّل:

إِنَّ جَنْبِـي عن الفِراشِ لَنابِ، * كَتَجافي الأَسَرّ فَوْقَ الظِّرابِ

من حديثٍ نَمَى إِليَّ، فما تَرْقأُ * عَيْني، ولا أُسِـيغُ شَرابِـي

من شُرَحْبيلَ، إِذ تَعاوَرَهُ الأَرْ * ماحُ في حالِ صَبْوةٍ وشَبَابِ

والكُلابُ: اسمُ ماءٍ. وكان ذلك اليومَ رئيس بَكْرٍ. والأَسَرُّ: البعير

الذي في كِرْكِرَتِه

دَبْرَةٌ؛ وقال الـمُفَضَّلُ: الـمُظَرَّبُ الذي لَوَّحَتْهُ الظِّرابُ؛ قال رؤْبة:

شَدَّ الشَّظِـيُّ الجَنْدَلَ الـمُظَرَّبا

وقال غيره: ظُرِّبَتْ حَوافِرُ الدابةِ تَظْريباً، فهي مُظَرَّبة، إِذا

صَلُبَتْ واشْتَدَّتْ. وفي الحديث: كان له فرسٌ يقال له الظَّرِبُ،

تشبيهاً بالجُبَيْل، لقُوَّته.

وأَظْرابُ اللِّجَامِ: العُقَدُ التي في أَطْرافِ الـحَديدِ؛ قال:

بادٍ نَواجِذُه عنِ الأَظْرابِ

وهذا البيتُ ذكره الجوهريّ شاهداً على قوله: والأَظْرابُ أَسْناخُ

الأَسْنانِ؛ قال عامر بن الطُّفَيْلِ:

ومُقَطِّعٍ حَلَقَ الرِّحالةِ سابِـحٍ، * بادٍ نَواجِذُه عنِ الأَظْرابِ

وقال ابن بري: البيت للَبيد يصف فرساً، وليس لعامر بن الطفيل، وكذلك أَورده الأَزهري للبيد أَيضاً، وقال: يقول يُقَطِّعُ حَلَقَ الرِّحالةِ بوثُوبِه، وتَبْدو نَواجِذُه، إِذا وَطِـئَ على الظِّرابِ أَي كَلَح. يقول: هو هكذا، وهذه قُوَّتُه، قال: وصوابه ومُقَطِّعٌ، بالرفع، لأَن قبله:

تَهْدي أَوائِلَهُنَّ كلُّ طِمِرَّةٍ، * جَرْداءُ مثلُ هِراوةِ الأَعْزابِ

والنَّواجذُ، ههنا: الضَّواحِكُ؛ وهو الذي اختاره الهروي. وفي الحديث: أَنه، صلى اللّه عليه وسلم، ضَحِكَ حتى بَدَتْ نواجذُه؛ قال: لأَن جُلَّ ضَحِكِه كان التَّبَسُّمَ. والنواجذُ، هنا: آخر الأَضراس، وذلك لا يَبينُ عند الضَّحِك. ويقوّي أَن الناجذَ الضاحكُ قول الفرزدق:

ولو سأَلَتْ عنِّي النَّوارُ وقَوْمُها، * إِذَنْ لم تُوارِ الناجِذَ الشَّـفَتانِ

وقال أَبو زُبَيْدٍ الطائي:

بارِزاً ناجذاه، قد بَرَدَ الـمَوْ * تُ، على مُصْطَلاهُ، أَيَّ بُرودِ

والظُّرُبُ، على مثال عُتُلٍّ: القصير الغليظُ اللَّحِيمُ، عن اللحياني؛

وأَنشد:

يا أُمَّ عبدِاللّهِ أُمَّ العبدِ،

يا أَحسَنَ الناسِ مَناطَ عِقْدِ،

لا تَعْدِليني بظُرُبٍّ جَعْدِ

أَبو زيد: الظَّرِباءُ، ممدود على فَعِلاءَ (1)

(1 قوله «الظرباء ممدود الخ» أي بفتح الظاء وكسر الراء مخفف الباء ويقصر كما في التكملة، وبكسر الظاء وسكون الراء ممدوداً ومقصوراً كما في الصحاح والقاموس.): دابة شبه

القرد. قال أَبو عمرو: هو الظَّرِبانُ، بالنون، وهو على قدر الـهِرِّ ونحوه.

وقال أَبو الهيثم: هو الظَّرِبَـى، مقصور، والظَّرِباءُ، ممدود، لحن؛ وأَنشد قول الفرزدق:

فكيف تُكَلِّمُ الظَّرِبَـى، عليها * فِراءُ اللُّؤْمِ، أَرْباباً غِضابا

قال: والظَّرِبَـى جمع، على غير معنى التوحيد. قال أَبو منصور وقال الليث: هو الظَّرِبَـى، مقصور، كما قال أَبو الهيثم، وهو الصواب. وروى شمر عن أَبي زيد: هي الظَّرِبانُ، وهي الظَّرابِـيُّ، بغير نون، وهي الظِّرْبَـى، الظاء مكسورة، والراء جزم، والباء مفتوحة، وكلاهما جِماعٌ: وهي دابة تشبه القرد؛ وأَنشد:

لو كنتُ في نارٍ جحيمٍ، لأَصْبَحَت * ظَرابِـيُّ، من حِمّانَ، عنِّي تُثيرُها

قال أَبو زيد: والأُنثى ظَرِبانةٌ؛ وقال البَعِـيثُ:

سَواسِـيَةٌ سُودُ الوجوهِ، كأَنهم * ظَرابِـيُّ غِربانٍ بمَجْرودةٍ مَحْلِ

والظَّرِبانُ: دُوَيْبَّة شِـبْهُ الكلب، أَصَمُّ الأُذنين، صِماخاه يَهْوِيانِ، طويلُ الخُرْطوم، أَسودُ السَّراة، أَبيضُ البطن، كثير الفَسْوِ،

مُنْتِنُ الرائحة، يَفْسُو في جُحْرِ الضَّبِّ، فيَسْدَرُ من خُبْث رائحته، فيأْكله. وتزعم الأَعراب: أَنها تفسو في ثوب أَحدهم، إِذا صادها، فلا تذهب رائحته حتى يَبْلى الثوبُ. أَبو الهيثم: يقال هو أَفْسى من الظَّرِبانِ؛ وذلك أَنها تَفْسُو على باب جُحْرِ الضَّبِّ حتى يَخْرُجَ، فيُصادَ. الجوهري في المثل: فَسا بَيْنَنا الظَّرِبانُ؛ وذلك إِذا تَقاطَعَ القومُ. ابن سيده: قيل هي دابة شِبْهُ القِرْد، وقيل: هي على قَدْرِ الـهِرِّ ونحوه؛ قال عبداللّه بن حَجَّاج الزُّبَيْدِيّ التَّغْلَبـيّ:

أَلا أََبْلِغا قَيْساً وخِنْدِفَ أَنني * ضَرَبْتُ كَثِـيراً مَضْرِبَ الظَّرِبانِ

يعني كثير بن شهاب الـمَذْحِجيّ، وكان معاويةُ ولاّه خُراسان، فاحْتازَ مالاً، واستتر عند هانئ بن عُروة الـمُراديّ، فأَخذه من عنده وقتله. وقوله مَضْرِبَ الظَّرِبانِ أَي ضَرَبْتُه في وجهه، وذلك أَن للظَّرِبان خَطّاً في وجهه، فشَبَّه ضربته في وجهه بالخَطِّ الذي في وَجْهِ الظَّرِبانِ؛ وبعده:

فيا لَيْتَ لا يَنْفَكُّ مِخْطَمُ أَنفِه، * يُسَبُّ ويُخْزَى، الدَّهْرَ، كُلُّ يَمانِ

قال: ومن رواه ضَرَبْتُ عُبَيْداً، فليس هو لعبداللّه ابن حَجَّاج،

وإِنما هو لأَسَدِ بن ناغِصةَ، وهو الذي قَتَلَ عُبيداً بأَمر النُّعْمان يوم بُوسَةَ؛ والبيت:

أَلا أَبلغا فِتْيانَ دُودانَ أَنـَّني * ضَرَبْتُ عُبيداً مَضْرِبَ الظَّرِبانِ

غَداةَ تَوَخَّى الـمُلْكَ، يَلتَمِسُ الـحِبا، * فَصادَفَ نَحْساً كانَ كالدَّبَرانِ

الأَزهري: قال قرأْت بخط أَبي الهيثم، قال: الظِّرْبانُ دابة صغير

القوائم، يكون طُولُ قوائمه قدر نصف إِصبع، وهو عريضٌ، يكون عُرْضُه شبراً أَو فتراً، وطُولُه مقدار ذراع، وهو مُكَربَسُ الرأْس أَي مجتمعه؛ قال: وأُذناه كأُذُنَي السِّنَّوْر، وجمعه الظِّرْبَـى.

وقيل: الظِّرْبَـى الواحدُ، وجمعه ظِرْبانٌ. ابن سيده: والجمعُ ظَرابينُ وظَرابِـيُّ؛ الياء الأُولى بدل من الأَلف، والثانية بدل من النون، والقول فيه كالقول في إِنسانٍ، وسيأْتي ذكره. الجوهري: الظِّرْبَـى على فِعْلَى، جمع مثل حِجْلَى جمع حَجَلٍ؛ قال الفرزدق:

وما جعل الظِّرْبَـى، القِصارُ أُنوفُها، إِلى الطِّمِّ من مَوْجِ البحارِ الخَضارمِ وربما مُدَّ وجُمع على ظَرابِـيّ، مثل حِرْباءٍ وحَرابيّ، كأَنه جمع ظِرْباء؛ وقال:

وهل أَنتُم إِلاّ ظَرابِـيُّ مَذْحِجٍ، * تَفَاسَى وتَسْتَنْشِـي بآنُفِها الطُّخْمِ

وظِرْبَـى وظِرْباء: اسمان للجمع، ويُشْتَمُ به الرجلُ، فيقال: يا

ظَرِبانُ. ويقال: تَشاتَما فكأَنما جَزَرا بينهما ظَرِباناً؛ شَبَّهوا فُحْشَ

تشاتمهما بنَتْنِ الظَّربان. وقالوا: هما يَتنازعان جِلْدَ الظَّرِبانِ

أَي يَتَسابَّانِ، فكَـأَنَّ بينهما جِلْدَ ظَرِبانٍ، يَتَناولانِه ويَتَجاذَبانِه. ابن الأَعرابي: من أَمثالهم: هما يَتَماشَنانِ جِلْدَ الظَّرِبانِ أَي

يَتَشاتمان. والـمَشْنُ: مَسْحُ اليدين بالشيءِ الخَشِنِ.

وعد

وعد: وعَدَه الأَمر وبه عِدةً ووَعْداً ومَوْعداً ومَوْعِدةٍ ومَوْعوداً

ومَوْعودةً، وهو من المَصادِرِ التي جاءَت على مَفْعولٍ ومَفْعولةٍ

كالمحلوفِ والمرجوعِ والمصدوقةِ والمكذوبة؛ قال ابن جني: ومما جاء من المصادر

مجموعاً مُعْمَلاً قوله:

مَواعِيدُ عُرْقُوبٍ أَخاه بِيَثْرِبِ

والوَعْدُ من المصادر المجموعة، قالوا: الوُعودُ؛ حكاه ابن جني. وقوله

تعالى: ويقولون متى هذا الوَعْدُ إِن كنتم صادقين؛ أَي إِنجازُ هذا

الوَعْد أَرُونا ذلك؛ قال الأَزهري: الوَعْدُ والعِدةُ يكونان مصدراً واسماً،

فأَما العِدةُ فتجمع عِدات والوَعْدُ لا يُجْمَعُ. وقال الفرء: وعَدْتُ

عِدةً، ويحذفون الهاء إِذا أَضافوا؛ وأَنشد:

إِنَّ الخَلِيطَ أَجَدُّو البَيْنَ فانجَرَدُوا،

وأَخْلَفُوكَ عِدى الأَمرِ الذي وَعَدُوا

وقال ابن الأَنباري وغيره: الفراء يقول: عِدةً وعِدًى؛ وأَنشد:

وأَخْلَفُوكَ عِدَى الأَمرِ

وقال أَراد عدة الأَمر فحذف الهاء عند الإِضافة، قال: ويكتب بالياء. قال

الجوهري: والعِدةُ الوَعْدُ والهاء عوض من الواو، ويجمع على عِداتٍ ولا

يجمع الوَعْدُ، والنسبة إلى عِدَةٍ عَدِيّ وإِلى زِنةٍ زنيٌّ، فلا تردَّ

الواو كما تردُّها في شية. والفراء يقول: عِدَوِيٌّ وزِنَوِيٌّ كما يقال

شِيَوِيٌّ؛ قال أَبو بكر: العامة تخطئ وتقول أَوعَدَني فلان مَوْعِداً

أَقِفُ عليه. وقوله تعالى: وإِذْ واعدنا موسى أَربعين ليلة، ويقرأُ:

وَعَدْنا. قرأَ أَبو عمرو: وعدنا، بغير أَلف، وقرأَ ابن كثير ونافع وابن عامر

وعاصم وحمزة والكسائي واعدنا، باللأَلف؛ قال أَبو إِسحق: اختار جماعة من

أَهل اللغة. وإِذا وعدنا، بغير أَلف، وقالوا: إِنما اخترنا هذا لأَن

المواعدة إِنما تكون من الآدميين فاختاروا وعدنا، وقالوا دليلنا قول الله عز

وجل: إِن الله وعدكم وعد الحق، وما أَشبهه؛ قال: وهذا الذي ذكروه ليس مثل

هذا. وأَما واعدنا فجيد لأَن الطاعة في القبول بمنزلة المواعدة، فهو من

الله وعد، ومن موسى قَبُول واتّباعٌ فجرى مجرى المواعدة قال الأَزهري: من

قرأَ وعدنا، فالفعل لله تعالى، ومن قرأَ واعدنا، فالفعل من الله تعالى

ومن موسى. قال ابن سيده: وفي التنزيل: وواعدنا موسى ثلاثين ليلة، وقرئ

ووعدنا؛ قال ثعلب: فواعدنا من اثنين ووعدنا من واحد؛ وقال:

فَواعِديهِ سَرْحَتَيْ مالِكٍ،

أَو الرُّبى بينهما أَسْهَلا

قال أَبو معاذ: واعدت زيداً إِذا وعَدَك ووَعَدْته. ووعدت زيداً إِذا

كان الوعد منك خاصة.

والمَوْعِدُ: موضع التواعُدِ، وهو المِيعادُ، ويكون المَوْعِدُ مصدر

وعَدْتُه، ويكون المَوْعِدُ وقتاً للعِدةِ. والمَوْعِدةُ أَيضاً: اسم

للعِدةِ. والميعادُ: لا يكون إِلا وَقْتاً أَو موضعاً. والوَعْدُ: مصدر حقيقي.

والعدة: اسم يوضع موضع المصدر وكذلك المَوْعِدةُ. قال الله عز وجل: إِلا

عن مَوْعِدةٍ وعدها إِياه. والميعادُ والمُواعَدةُ: وقت الوعد وموضعه.

قال الجوهري: وكذلك الموعِدُ لأَن ما كان فاء الفعل منه واواً أَو ياء

سقطتا في المستقبل نحو يَعِدُ ويَزِنُ ويَهَبُ ويَضَعُ ويَئِلُ، فإِن

المَفْعِل منه مكسور في الاسم والمصدر جميعاً، ولا تُبالِ أَمنصوباً كان

يَفْعَلُ منه أَو مكسوراً بعد أَن تكون الواو منه ذاهبة، إِلا أَحْرُفاً جاءَت

نوادر، قالوا: دخلوا مَوْحَدَ مَوْحَدَ، وفلان ابن مَوْرَقٍ، ومَوْكلٌ اسم

رجل أَو موضع، ومَوْهَبٌ اسم رجل، ومَوزنٌ موضع؛ هذا سماع والقياس فيه

الكسر فإِن كانت الواو من يَفْعَلُ منه ثانية نحو يَوْجَلُ ويَوْجَعُ

ويَوْسَنُ ففيه الوجهان، فإِن أَردت به المكان والاسم كسرته، وإِن أَردت به

المصدر نصبت قلت مَوْجَلٌ ومَوْجِلٌ مَوْجِعٌ، فإِن كان مع ذلك معتل الآخر

فالفعل منه منصوب ذهبت الواو في يفعل أَو ثبتت كقولك المَوْلى والمَوْفى

والمَوْعَى من يلي ويَفِي ويَعِي. قال ابن بري: قوله في استثنائه إِلا

أَحرفاً جاءَت نوادر، قالوا دخلوا مَوْحَدَ مَوْحَدَ، قال: موحد ليس من

هذا الباب وإِنما هو معدول عن واحد فيمتنع من الصرف للعدل والصفة كأُحادَ،

ومثله مَثْنى وثُناءَ ومَثْلَثَ وثُلاثَ ومَرْبَعَ ورباع. قال: وقال

سيبويه: مَوْحَدَ فنحوه لأَنه ليس بمصدر ولا مكان وإِنما هو معدول عن واحد،

كما أَن عُمَرَ معدول عن عامر.

وقد تَواعَدَ القوم واتَّعَدُوا، والاتِّعادُ: قبول الوعد، وأَصله

الاوْتِعادُ قلبوا الواو تاء ثم أَدغموا. وناس يقولون: ائْتَعَدَ يأْتَعِدُ،

فهو مُؤْتَعِدٌ، بالهمز، كما قالوا يأْتَسِرُ في ائْتِسار الجَزُور. قال

ابن بري: ثوابه إِيتَعَد ياتَعِدُ، فهو مُوتَعِدٌ، من غير همز، وكذلك

إِيتَسَر ياتَسِرُ، فهو موتَسِرٌ، بغير همز، وكذلك ذكره سيبويه وأَصحابه

يُعِلُّونه على حركة ما قبل الحرف المعتل فيجعلونه ياء إِن انكسر ما قبلها،

وأَلفاً إِن انفتح ما قبلها، وواواً إِذا انضم ما قبلها؛ قال: ولا يجوز

بالهمز لأَنه أَصل له في باب الوعد واليَسْر؛ وعلى ذلك نص سيبويه وجميعُ

النحويين البصريين. وواعَدَه الوقتَ والموضِعَ وواعَدَه فوعَده: كان أَكبر

وعْداً منه. وقال مجاهد في قوله تعالى: ما أَخْلَفْنا مَوْعِدَكَ

بِمَلْكِنَا؛ قال: المَوْعِدُ العَهْد؛ وكذلك قوله تعالى: وأَخلفتم مَوْعِدي؛

قال: عَهْدي. وقوله عز وجل: وفي السماءِ رِزْقُكم وما تُوعَدون؛ قال: رزقكم

المطر، وما توعدون: الجنةُ. قال قتادة في قوله تعالى: واليَوْمِ

المَوْعُودِ؛ إِنه يوم القيامة.

وفرس واعِدٌ: يَعِدُك جرياً بعد جري. وأَرض واعِدةٌ: كأَنها تَعِدُ

بالنبات. وسَحاب واعِدٌ: كأَنه يَعِدُ بالمطر. ويوم واعِدٌ: يَعِدُ بالحَرِّ؛

قال الأَصمعي: مررت بأَرض بني فلان غِبَّ مطر وقع بها فرأَيتها واعِدةً

إِذا رجي خيرها وتمام نبتها في أَول ما يظهر النبت؛ قال سويد بن كراع:

رَعَى غيرَ مَذْعُورٍ بِهنَّ وَراقَه

لُعاعٌ، تَهاداهُ الدَّكادِكُ، واعِدُ

ويقال للدابّة والماشية إِذا رُجِيَ خيرها وإِقبالها: واعد؛ وقال

الراجز:كيفَ تَراها واعِداً صِغارُها،

يَسُوءُ شنَّاءَ العِدى كِبارُها؟

ويقال: يَوْمُنا يَعِدِ بَرْداً. ويَوْمٌ واعِدٌ إِذا وَعَدَ أَوَّلُه

بَحَرٍّ أَو بَرْدٍ. وهذا غلام تَعِدُ مَخايِلُه كَرَماً، وشِيَمُه تَهِدُ

جَلْداً وصَرامةً.

والوَعِيدُ والتَّوَعُّدُ: التَّهَدُّدُ، وقد أَوْعدَه وتَوَعَّدَه. قال

الجوهري: الوَعْدُ يستعمل في الخير والشرّ، قال ابن سيده: وفي الخير

الوَعْدُ والعِدةُ، وفي الشر الإِيعادُ والوَعِيدُ، فإِذا قالوا أَوْعَدْتُه

بالشر أَثبتوا الأَلف مع الباء؛ وأَنشد لبعض الرُّجاز:

أَوعَدَني بالسِّجْنِ والأَداهِمِ

رِجْلي، ورِجْلي شثْنةُ المَناسِمِ

قال الجوهري: تقديرهُ أَوعدني بالسجن وأَوعَدَ رجلي بالأَداهم ورجلي

شَثْنة أَي قويّة على القَيْد. قال الأَزهري: كلام العرب وعدْتُ الرجلَ

خَيراً ووعدته شرّاً، وأَوْعَدْتُه خيراً وأَوعَدْتُه شرّاً، فإِذا لم يذكروا

الشر قالوا: وعدته ولم يدخلوا أَلفاً، وإِذا لم يذكروا الشر قالوا:

أَوعدته ولم يسقطوا الأَلف؛ وأَنشد لعامر بن الطفيل:

وإِنّي، إِنْ أَوعَدْتُه، أَو وَعَدْتُه،

لأُخْلِفُ إِيعادِي وأُنْجِزُ مَوْعِدِي

وإِذا أَدخلوا الباء لم يكن إِلا في الشر، كقولك: أَوعَدُتُه بالضرب؛

وقال ابن الأَعرابي: أَوعَدْتُه خيراً، وهو نادر؛ وأَنشد:

يَبْسُطُني مَرَّةً، ويُوعِدُني

فَضْلاً طَرِيفاً إِلى أَيادِيهِ

قال الأَزهري: هو الوَعْدُ والعِدةُ في الخَيْر والشرّ؛ قال القطامي:

أَلا عَلِّلاني، كُلُّ حَيٍّ مُعَلَّلُ،

ولا تَعِداني الخَيْرَ، والشرُّ مُقْبِلُ

وهذا البيت ذكره الجوهري:

ولا تعداني الشرّ، والخير مُقبل

ويقال: اتَّعَدْتُ الرجلَ إِذا أَوْعَدْتَه؛ قال الأَعشى:

فإِنْ تَتَّعِدْني أَتَّعِدْك بِمِثْلها

وقال بعضهم: فلان يَتَّعِدُ إِذا وثقِ بِعِدَتكَ؛ وقال:

إِني ائْتَمَمْتُ أَبا الصَّبّاحِ فاتَّعِدي،

واسْتَبْشِرِي بِنوالٍ غير مَنْزُورِ

أَبو الهيثم: أَوْعَدْتُ الرجل أَتَوَعَّدُه إِيعاداً وتَوَعَّدْتُه

تَوَعُّداً واتَّعَدْتُ اتِّعاداً.

ووَعِيدُ الفحْل: هَديرهُ إِذا هَمَّ أَنْ يَصُولَ. وفي الحديث: دخَلَ

حائِطاً من حيطان المدينة فإِذا فيه جَمَلان يَصْرِفان ويُوعِدانِ؛ وعِيدُ

فَحْلِ الإِبل هَديرُه إِذا أَراد أَنْ يصول؛ وقد أَوْعَد يُوعدُ

إِيعاداً.

حنق

حنق: الحَنَقُ: شدّة الاغْتياظِ؛ قال:

ولَّى جَمِيعاً يُنادي ظِلَّه طَلَقاً،

ثم انْثَنى مَرِساً قد آدَه الحَنَقُ

أَي أَثْقَلَه الغضَبُ. حَنِقَ عليه، بالكسر، يَحْنَقُ حَنَقاً

وحَنِقاً، فهو حَنِقٌ وحَنِيقٌ؛ قال:

وبعضُهُم على بعضٍ حَنِيقُ

وقد أَحْنَقه. والحنَقُ: الغيْظُ، والجمع حِناقٌ مثل جبَل وجِبال. وفي

حديث عمر: لا يَصْلُح هذا الأَمْرُ إِلا لمن لا يُحْنِقُ على جِرَّتِه أَي

لا يَحْقِدُ على رَعِيَّتِه؛ والحَنَقُ: الغيظُ، والجِرَّةُ: ما يُخرجه

البعير من جوفه ويَمْضَغُه. والإِحْناقُ: لُحوقُ البطن والتِصاقُه، وأَصل

ذلك أَن البعير يَقْذِف بجِرّته، وإِنما وُضع موضع الكَظم من حيث أَنّ

الاجْترار يَنْفُخ البطن والكظمُ بخلافه، فيقال: ما يُحْنِق فلان على

جِرْة وما يَكْظِم على جِرة إِذا لم يَنطو على حِقد ودَغَل؛ قال ابن

الأَعرابي: ولا يقال للرّاعي جِرّة، وجاء عمر بهذا الحديث فضربه مثلاً؛ ومنه حديث

أَبي جهل: إِنَّ محمداً نزل يَثْرِبَ وهو حَنِقٌ عليكم؛ وأَحْنقَه غيره،

فهو مُحْنَقٌ؛ قالت قُتَيلةُ بنت النضّر بن الحرث

(* قوله «بنت النضر»

في النهاية: أخته اهـ. والخلاف في كتب السير معروف):

ما كان ضَرَّك لو مَنَنْتَ، ورُبَّما

مَنَّ الفَتَى، وهو المَغِيظُ المُحْنَقُ

وأَحْنقَ الرَّجل إِذا حقَدَ حِقْداً لا يَنْحلُّ. قال ابن بري: وقد جاء

حَنِيق بمعنى مُحْنَق؛ قال المُفضَّل النكري:

تَلاقَيْنا بغِينةِ ذِي طُرَيْفٍ،

وبعضُهُم على بعض حنيقُ

والإِحْناقُ: لزُوقُ البَطْنِ بالصُّلْب؛ قال لبيد:

بطَلِيح أَسْفارٍ تَركْنَ بَقِيّة

منها، فأَحنَقَ صُلْبُها وسَنامُها

والمُحْنِقُ: القليل اللحم، واللاحِقُ مثله. أَبو الهيثم: المُحنق

الضامر؛ وأنشد:

قد قالَتِ الأَنْساعُ للبطْنِ الْحَقي

قِدْماً، فآضَتْ كالفَنِيقِ المُحْنِقِ

وأَحْنقَ

الزَّرْع، فهو مُحْنق إِذا انتشَرَ سَفى سُنْبِله بعدما يُقَنْبِِع؛

وقال الأَصمعي في قول ذي الرمة يصف الرّكاب في السَّفَر:

مَحانِيق تَضْحَى، وهي عُوجٌ كأَنَّها

حوز* . . . . مُستأْجَرات نَوائحُ

(* قوله «لحوز» كذا بالأصل على هذه الصورة مع بياض بعده، ولم نجد هذا

البيت في ديوان ذي الرمة)

قال: والمَحانِيقُ الإِبل الضُّمَّر. الأَزهري عن ابن الأَعرابي:

الحُنُقُ السِّمانُ

من الإِبل. وأَحْنقَ إِذا سَمِن فجاء بشحم كثير؛ قال الأَزهري: وهذا من

الأَضداد. وأَحْنَقَ سَنام البعير أَي ضَمُر ودَقَّ. ابن سيده:

المُحْنِقُ من الإِبل الضامِر من هِياجٍ أَو غَرْثٍ، وحمار مُحنْقِ: ضَمُر من كثرة

الضَّراب؛ ومنه قول الراجز:

كأَنَّني ضَمَّنْتُ هِقْلاً عَوْهَقا

أَقْتادَ رَحْلي، أَو كُدُوراً مُحْنِقا

وإِبل مَحانِيقُ: كأنهم توهَّموا واحده مِحْناقاً؛ قال ذو الرُّمة:

مَحانيق يَنْفُضْنَ الخِدامَ كأَنَّها

نَعامٌ، وحاديِهنَّ بالخَرْقِ صادِحُ

أَي رافع صوتَه بالتطْريب، وقيل: الإِحْناق لكل شيء من الخُفّ والحافر.

والمُحْنِق أَيضاً من الحمير: الضامر اللاَّحِقُ البطن بالظهر لشدة

الغَيرة؛ وفي ترجمة عقم قال خُفافٌ:

وخَيْل تَهادَى لا هَوادةَ بينها،

شَهِدْتُ بمدلوكِ المَعاقِم مُحْنِقِ

المُحنِق: الضامر.

موش

موش: ابن الأَثير: في الحديث كان للنبي، صلى اللَّه عليه وسلم، دِرْعٌ

تُسَمَّى ذاتَ المَواشي؛ قال: هكذا أَخرجه أَبو موسى في مسند ابن عباس من

الطُّوالات وقال: لا أَعرف صحة لفظه، قال: وإِنما يُذْكر المعنى بعد ثبوت

اللفظ.

كفي

كفي: الليث: كَفَى يَكْفِي كِفايةً إِذا قام بالأَمر. ويقال:

اسْتَكْفَيْته أَمْراً فكَفانِيه. ويقال: كَفاك هذا الأَمرُ أَي حَسْبُك، وكَفاكَ

هذا الشيء. وفي الحديث: من قرأَ الآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة

كَفَتاه أَي أَغْنَتاه عن قيام الليل، وقيل: إِنهما أَقل ما يُجزئ من القراءة

في قيام الليل، وقيل: تَكْفِيانِ الشرَّ وتَقِيان من المكروه. وفي

الحديث: سَيَفْتَحُ اللهُ عليكم ويَكْفِيكم اللهُ أَي يَكْفيكم القِتالَ بما

فتَح عليكم. والكُفاةُ: الخَدَمُ الذين يَقومون بالخِدْمة، جمع كافٍ.

وكفَى الرجلُ كِفايةً، فهو كافٍ وكُفًى مثل حُطَمٍ؛ عن ثعلب، واكْتَفَى،

كلاهما: اضْطَلَع، وكَفاه ما أَهَمَّه كِفايةً وكَفاه مَؤُونَته كِفاية

وكَفاك الشيءُ يَكفِيك واكْتَفَيْت به. أَبو زيد: هذا رجل كافِيك من رَجُل

وناهيك من رجل وجازيكَ من رجل وشَرْعُكَ من رجُل كله بمعنى واحد. وكَفَيْته

ما أَهَمَّه. وكافَيْته: من المُكافاة، ورَجَوْتُ مُكافاتَك.

ورجل كافٍ وكَفِيٌّ: مثل سالِم وسَلِيمٍ. ابن سيده: ورجل كافِيكَ من رجل

وكَِفْيُكَ من رجُل

(* قوله« وكفيك من رجل» في القاموس مثلثة الكاف.)

وكَفَى به رجلاً. قال: وحكى ابن الأَعرابي كَفاكَ بفلان وكَفْيُكَ به

وكِفاكَ، مكسور مقصور، وكُفاكَ، مضموم مقصور أَيضاً، قال: ولا يثنى ولا يجمع

ولا يؤنث. التهذيب: تقول رأَيت رجُلاً كافِيَك من رجل، ورأَيت رجلين

كافِيَك من رجلين، ورأَيت رجالاً كافِيَكَ من رجال، معناه كَفاك به رجلاً.

الصحاح: وهذا رجل كافِيكَ من رجُل ورَجلان كافِياكَ من رجلين ورِجالٌ

كافُوكَ من رِجال، وكَفْيُك، بتسكين الفاء، أَي حَسْبُكَ؛ وأَنشد ابن بري في

هذا الموضع لجثامة الليثي:

سَلِي عَنِّي بَني لَيْثِ بنِ بَكْرٍ،

كَفَى قَوْمي بصاحِبِهِمْ خَبِيرا

هَلَ اعْفُو عن أُصولِ الحَقِّ فِيهمْ،

إِذا عَرَضَتْ، وأَقْتَطِعُ الصُّدُورا

وقال أَبو إِسحق الزجاج في قوله عز وجل: وكفَى بالله وليّاً، وما أَشبهه

في القرآن: معنى الباء للتَّوْكيد، المعنى كفَى اللهُ وليّاً إِلا أَن

الباء دخلت في اسم الفاعل لأَن معنى الكلام الأَمْرُ، المعنى اكْتَفُوا

بالله وليّاً، قال: ووليّاً منصوب على الحال، وقيل: على التمييز. وقال في

قوله سبحانه: أَوَلم يَكْفِ بربّك أَنه على كل شيء شهيد؛ معناه أَوَلم

يَكْفِ ربُّك أَوَلم تَكْفِهم شهادةُ ربِّك، ومعنى الكِفاية ههنا أَنه قد

بين لهم ما فيه كِفاية في الدلالة على توحيده. وفي حديث ابن مريم: فأَذِنَ

لي إِلى أَهْلي بغير كَفِيٍّ أَي بغير مَن يَقوم مَقامي. يقال: كَفاه

الأَمرَ إِذا قام فيه مَقامه. وفي حديث الجارود: وأَكْفي مَنْ لم يَشهد أَي

أَقوم بأَمْرِ مَن لم يَشهد الحَرْبَ وأُحارِبُ عنه؛ فأَمّا قول

الأَنصاري:

فكَفَى بِنا فَضْلاً، على مَن غَيْرُنا،

حُبُّ النبيِّ مُحَمَّدٍ إِيّانا

فإِنما أَراد فكَفانا، فأَدخل الباء على المفعول، وهذا شاذ إِذ الباء في

مثل هذا إِنما تدخل على الفاعل كقولك كفَى باللهِ؛ وقوله:

إِذا لاقَيْتِ قَوْمي فاسْأَلِيهمْ،

كَفَى قَوْماً بِصاحِبِهمْ خَبِيرا

هو من المقلوب، ومعناه كفَى بقوم خَبِيراً صاحبُهم، فجعل الباء في

الصاحب، وموضعها أَن تكون في قوم وهم الفاعلون في المعنى؛ وأَما زيادَتها في

الفاعل فنحو قولهم: كَفى بالله، وقوله تعالى: وكفى بنا حاسبين، إِنما هو

كفى اللهُ وكفانا كقول سحيم:

كفى الشَّيْبُ والإِسْلامُ للمَرْء ناهِياً

فالباء وما عملت في موضع مرفوع بفعله، كقولك ما قام من أَحد، فالجار

والمجرور هنا في موضع اسم مرفوع بفعله، ونحوه قولهم في التعجب: أَحْسِنْ

بِزَيْدٍ، فالباء وما بعدها في موضع مرفوع بفعله ولا ضمير في الفعل، وقد

زيدت أَيضاً في خبر لكنَّ لشبهه بالفاعل؛ قال:

ولَكِنَّ أَجْراً لو فَعَلْتِ بِهَيِّنٍ،

وهَلْ يُعْرَفُ المعْروفُ في الناسِ والأَجْرُ

(* قوله« وهل يعرف» كذا بالأصل، والذي في المحكم: ولم ينكر.)

أَراد: ولكِنّ أَجراً لو فَعَلْتِه هَيِّن، وقد يجوز أَن يكون معناه

ولكنَّ أَجراً لو فعلته بشيء هين أَي أَنت تَصِلين إِلى الأَجرِ بالشيء

الهين، كقولك: وُجُوبُ الشكر بالشيءِ الهيّن، فتكون الباء على هذا غير زائدة،

وأَجاز محمد بن السَّرِيّ أَن يكون قوله: كَفَى بالله، تقديره كفَى

اكْتِفاؤك بالله أَي اكْتفاؤك بالله يَكْفِيك؛ قال ابن جني: وهذا يضعف عندي

لأَن الباء على

هذا متعلقة بمصدر محذوف وهو الاكتفاء، ومحال حذف الموصول وتبقية صلته،

قال: وإِنما حسَّنه عندي قليلاً أَنك قد ذكرت كفَى فدلَّ على الاكتفاء

لأَنه من لفظه، كما تقول: مَن كَذب كان شرًّا له، فأَضمرته لدلالة الفعل

عليه، فههنا أَضمر اسماً كاملاً وهو الكذب، وهناك أَضمر اسماً وبقي صلته

التي هي بعضه، فكان بعضُ الاسم مضمراً وبعضه مظهراً، قال: فلذلك ضعف عندي،

قال: والقول في هذا قول سيبويه من أَنه يريد كفى الله، كقولك: وكفى الله

المؤمنين القتال؛ ويشهد بصحة هذا المذهب ما حكي عنهم من قولهم مررت

بأَبْياتٍ جادَ بِهنَّ أَبياتاً وجُدْنَ أَبْياتاً، فقوله بهنَّ في موضع رفع،

والباء زائدة كما ترى. قال: أَخبرني بذلك محمد بن الحسن قراءة عليه عن

أَحمد بن يحيى أَن الكسائي حكى ذلك عنهم؛ قال: ووجدت مثله للأَخطل وهو

قوله:فقُلْتُ: اقْتُلُوها عَنْكُمُ بِمِزاجِها،

وحُبَّ بِها مَقْتولَةً حِينَ تُقْتَل

فقوله بها في موضع رفع بحُبَّ؛ قال ابن جني: وإِنما جاز عندي زيادة

الباء في خبر المبتدإِ لمضارعته للفاعل باحتياج المبتدإِ إِليه كاحتياج الفعل

إِلى فاعله.

والكُفْيةُ، بالضم: ما يَكْفِيك من العَيش، وقيل: الكُفْيَةُ القُوت،

وقيل: هو أَقلّ من القوت، والجمع الكُفَى. ابن الأَعرابي: الكُفَى

الأَقوات، واحدتها كُفْيةٌ. ويقال: فلان لا يملك كُفَى يومه على ميزان هذا أَي

قُوتَ يومه؛ وأَنشد ثعلب:

ومُخْتَبِطٍ لم يَلْقَ مِن دُونِنا كُفًى،

وذاتِ رَضِيعٍ لم يُنِمْها رَضِيعُها

قال: يكون كُفًى جمع كُفْيَة وهو أَقلّ من القُوت، كما تقدّم، ويجوز أَن

يكون أَراد كُفاةً ثم أَسقط الهاء، ويجوز أَن يكون من قولهم رجل كَفِيٌّ

أَي كافٍ.

والكِفْيُ: بطن الوادي؛ عن كراع، والجمع الأَكْفاء.

ابن سيده: الكُفْوُ النظير لغة في الكُفءِ، وقد يجوز أَن يريدوا به

الكُفُؤ فيخففوا ثم يسكنوا.

بكك

بكك: البَكُّ: دق العنق. بَكَّ الشيءَ يَبُكُّه بَكاً: خرقه أو فرقه.

وبَكَّ فلان يَبُكُّ بَكَّةً أي زحم. وبَكَّ الرجلُ صاحبه يَبُكُّه بَكاً:

زاحمه أو زَحمَهُ؛ قال:

إذا الشَّرِيبُ أخذَتْه أكَّهُ،

فَخَلِّهِ حتى يَبُكَّ بَكَّهْ

يقول: إذا ضجر الذي يُورِدُ إبله مع إبلك لشدة الحر انتظاراً فخلِّه حتى

يزاحمك؛ وقال ابن دريد: كأ من الأَضداد يذهب في ذلك إلى أنه التفريق

والازدحام؛ وكل شيء تراكب فقد تَباكَّ. وتباكَّ القوم: تزاحموا. وفي الحديث:

فتَباكَّ الناس عليه أي ازدحموا. والبَكْبَكةُ: الازدحام، وقد

تَبَكْبَكُوا.

وبَكْبَكَ الشيءَ: طرح بعضه على بعض ككَبْكَبه. وجمعٌ بَكْباك: كثير.

ورجل بَكْباك: غليظ، وقيل: الضَّكْضاك الرجل القصير، وهو البَكْباكُ.

والبُكْكُ: الأَحداث الأَشِدَّاء، والبُكُك: الحُمُرُ النشيطة؛ وأنشد:

صَلامة كحُمُرِ الأَبَكِّ

ويقال: فلان أبَكُّ بني فلان إذا كان عَسِيفاً لهم يسعى في أمورهم.

وبَكَّ الرجل المرأة إذا جهدها في الجماع. وبَكَّ الشيء يَبُكُّه بَكّاً: رد

نَخْوَته ووضَعَهُ. ويقال: بَكَكْت الرجل وضعت منه ورددت نَخْوَته، ذكره

ابن بري في ترجمة ركك. وبَكَّ عنقه يَبُكُّها بعكّاً: دقها.

وبَكَّةُ: مَكَّةُ، سميت ذلك لأنها كانت تَبُكّ أعناق الجبابرة إذا

ألحدوا فيها بظلم، وقيل: لأن الناس يتباكّون فيها من كل وجه أي يتزاحمون،

وقال يعقوب: بَكَّةُ ما بين جبلي مَكَّة لأن الناس يبكُّ بعضهم بعضاً في

الطواف أي يَزْحَمُ؛ حكاه في البدل، وقيل: سميت بَكَّة لأن الناس يبك بعضهم

بعضاً في الطرق أي يدفع، وقال الزجاج في قوله تعالى: إن أول بيت وضع

للناس للذي ببَكَّة مباركاً، قيل: إن بَكَّة موضع البيت وسائر ما حوله

مَكَّة، قال للذي ببَكَّة، فأما اشتقاقه في اللغة فيصلح أن يكون الاسم اشتق من

بَكَّ الناسُ بعضهم بعضاً في الطواف أي دفع بعضهم بعضاً، وقيل: بَكة اسم

بطن مَكَّة سميت بذلك لازدحام الناس. وفي حديث مجاهد: من أسماء مَكَّةَ

بَكَّةُ، قيل: بَكَّة موضع البيت ومكةُ سائر البلد، وقيل: هما اسما

البلدة، والباء والميم يتعاقبان.

وبَك الشيءَ: فسخه، ومنه أُخذت بَكَّةُ. وبَكَّ الرجلُ: افتقر. وبَكَّ

إذا خشن بدنه شجاعةً. ويقال للجارية السمينة بَكْباكة وكَبْكابة

ووَكْوَاكة ووَكَوْكاةٌ ومَرْمَارة ورَجْراجة.

والأَبَكُّ: العام الشديد لأنه يَبُكّ الضعفاء والمقلّين. والأَبكّ:

الحمر التي يبكّ بعضها بعضاً، ونظيره قولهم الأَعمّ في الجماعة، والأَمَرُّ

لمصارين الفَرْث. والأَبَكُّ: موضع نسبت الحمر إليه؛ فأما ما أنشده ابن

الأَعرابي:

جَرَبَّة كحُمُرِ الأَبَكِّ،

لا ضَرَعٌ فيها ولا مُذَكِّي

فزعم أنها الحمر يبك بعضها بعضاً؛ قال: ويضعف ذلك أن فيه ضرباً من إضافة

الشيء إلى نفسه وهذا مُسْتَكْرَهٌ، وقد يكون الأَبَكّ ههنا الموضع فذلك

أصح للإضافة.

والبَكْبَكةُ: شيء تفعله العَنْز بولدها. والبَكْبَكة: المجيء والذهاب.

أبو عبيد: أحمق باكٌّ تاكٌّ وبائِكٌ تائِكٌ، وهو الذي لا يدري ما خطؤه

وصوابه. وبَعْلَبَكّ: موضع، وقد تقدم ذكرها في موضعها.

كلم

كلم: القرآنُ: كلامُ الله وكَلِمُ الله وكَلِماتُه وكِلِمته، وكلامُ

الله لا يُحدّ ولا يُعدّ، وهو غير مخلوق، تعالى الله عما يقول المُفْتَرُون

علُوّاً كبيراً. وفي الحديث: أَعوذ بِكلماتِ الله التامّاتِ؛ قيل: هي

القرآن؛ قال ابن الأَثير: إنما وَصَف كلامه بالتَّمام لأَنه لا يجوز أَن

يكون في شيء من كلامه نَقْص أَو عَيْب كما يكون في كلام الناس، وقيل: معنى

التمام ههنا أَنها تنفع المُتَعَوِّذ بها وتحفظه من الآفات وتَكْفِيه. وفي

الحديث: سبحان الله عَدَد كلِماتِه؛ كِلماتُ الله أي كلامُه، وهو صِفتُه

وصِفاتُه لا تنحصر بالعَدَد، فذِكر العدد ههنا مجاز بمعنى المبالغة في

الكثرة، وقيل: يحتمل أَن يريد عدد الأَذْكار أَو عدد الأُجُور على ذلك،

ونَصْبُ عدد على المصدر؛ وفي حديث النساء: اسْتَحْلَلْتم فُرُوجَهن بكلمة

الله؛ قيل: هي قوله تعالى: فإمساك بمعروف أو تسريح بإحْسان، وقيل: هي

إباحةُ الله الزواج وإذنه فيه. ابن سيده: الكلام القَوْل، معروف، وقيل:

الكلام ما كان مُكْتَفِياً بنفسه وهو الجملة، والقول ما لم يكن مكتفياً بنفسه،

وهو الجُزْء من الجملة؛ قال سيبويه: اعلم أَنّ قُلْت إنما وقعت في

الكلام على أَن يُحكى بها ما كان كلاماً لا قولاً، ومِن أَدلّ الدليل على

الفرق بين الكلام والقول إجماعُ الناس على أَن يقولوا القُرآن كلام الله ولا

يقولوا القرآن قول الله، وذلك أَنّ هذا موضع ضيِّق متحجر لا يمكن تحريفه

ولا يسوغ تبديل شيء من حروفه، فَعُبِّر لذلك عنه بالكلام الذي لا يكون

إلا أَصواتاً تامة مفيدة؛ قال أَبو الحسن: ثم إنهم قد يتوسعون فيضعون كل

واحد منهما موضع الآخر؛ ومما يدل على أَن الكلام هو الجمل المتركبة في

الحقيقة قول كثيِّر:

لَوْ يَسْمَعُونَ كما سمِعتُ كلامَها،

خَرُّوا لِعَزَّةَ رُكَّعاً وسُجُودا

فمعلوم أَن الكلمة الواحدة لا تُشجِي ولا تُحْزِنُ ولا تَتملَّك قلب

السامع، وإنما ذلك فيما طال من الكلام وأَمْتَع سامِعِيه لعُذوبة

مُسْتَمَعِه ورِقَّة حواشيه، وقد قال سيبويه: هذا باب أَقل ما يكون عليه الكلم،

فدكر هناك حرف العطف وفاءه ولام الابتداء وهمزة الاستفهام وغير ذلك مما هو

على حرف واحد، وسمى كل واحدة من ذلك كلمة. الجوهري: الكلام اسم جنس يقع

على القليل والكثير، والكَلِمُ لا يكون أقل من ثلاث كلمات لأَنه جمع كلمة

مثل نَبِقة ونَبِق، ولهذا قال سيبويه: هذا باب علم ما الكلِمُ من العربية،

ولم يقل ما الكلام لأنه أَراد نفس ثلاثة أَشياء: الاسم والفِعْل

والحَرف، فجاء بما لا يكون إلا جمعاً وترك ما يمكن أن يقع على الواحد والجماعة،

وتميم تقول: هي كِلْمة، بكسر الكاف، وحكى الفراء فيها ثلاث لُغات: كَلِمة

وكِلْمة وكَلْمة، مثل كَبِدٍ وكِبْدٍ وكَبْدٍ، ووَرِقٍ ووِرْقٍ ووَرْقٍ،

وقد يستعمل الكلام في غير الإنسان؛ قال:

فَصَبَّحَتْ، والطَّيْرُ لَمْ تَكَلَّمِ،

جابِيةً حُفَّتْ بِسَيْلٍ مُفْعَمِ

(* قوله «مفعم» ضبط في الأصل والمحكم هنا بصيغة اسم المفعول وبه أيضاً

ضبط في مادة فعم من الصحاح).

وكأَنّ الكلام في هذا الاتساع إنما هو محمول على القول، أَلا ترى إلى

قلة الكلام هنا وكثرة القول؟ والكِلْمَة: لغةٌ تَميمِيَّةٌ، والكَلِمة:

اللفظة، حجازيةٌ، وجمعها كَلِمٌ، تذكر وتؤنث. يقال: هو الكَلِمُ وهي

الكَلِمُ. التهذيب: والجمع في لغة تميم الكِلَمُ؛ قال رؤبة:

لا يَسْمَعُ الرَّكْبُ به رَجْعَ الكِلَمْ

وقالل سيبويه: هذا باب الوقف في أَواخر الكلم المتحركة في الوصل، يجوز

أن تكون المتحركة من نعت الكَلِم فتكون الكلم حينئذ مؤنثة، ويجوز أن تكون

من نعت الأَواخر، فإذا كان ذلك فليس في كلام سيبويه هنا دليل على تأْنيث

الكلم بل يحتمل الأَمرين جميعاً؛ فأَما قول مزاحم العُقَيليّ:

لَظَلّ رَهِيناً خاشِعَ الطَّرْفِ حَطَّه

تَحَلُّبُ جَدْوَى والكَلام الطَّرائِف

فوصفه بالجمع، فإنما ذلك وصف على المعنى كما حكى أَبو الحسن عنهم من

قولهم: ذهب به الدِّينار الحُمْرُ والدِّرْهَمُ البِيضُ؛ وكما قال:

تَراها الضَّبْع أَعْظَمهُنَّ رَأْسا

فأَعادَ الضمير على معنى الجنسية لا على لفظ الواحد، لما كانت الضبع هنا

جنساً، وهي الكِلْمة، تميمية وجمعها كِلْم، ولم يقولوا كِلَماً على

اطراد فِعَلٍ في جمع فِعْلة. وأما ابن جني فقال: بنو تميم يقولون كِلْمَة

وكِلَم كَكِسْرَة وكِسَر. وقوله تعالى: وإذ ابْتَلى إبراهيمَ رَبُّه

بكَلِمات؛ قال ثعلب: هي الخِصال العشر التي في البدن والرأْس. وقوله تعالى:

فتَلَقَّى آدمُ من ربه كَلِماتٍ؛ قال أَبو إسحق: الكَلِمات، والله أَعلم،

اعْتِراف آدم وحواء بالذَّنب لأَنهما قالا رَبَّنا ظَلَمنا أَنْفُسَنا. قال

أَبو منصور: والكلمة تقع على الحرف الواحد من حروف الهجاء، وتقع على لفظة

مؤلفة من جماعة حروفٍ ذَاتِ مَعْنىً، وتقع على قصيدة بكمالها وخطبة

بأَسْرها. يقال: قال الشاعر في كَلِمته أَي في قصيدته. قال الجوهري: الكلمة

القصيدة بطُولها.

وتَكلَّم الرجل تَكلُّماً وتِكِلاَّماً وكَلَّمه كِلاَّماً، جاؤوا به

على مُوازَنَة الأَفْعال، وكالمَه: ناطَقَه. وكَلِيمُك: الذي يُكالِمُك.

وفي التهذيب: الذي تُكَلِّمه ويُكَلِّمُك يقال: كلَّمْتُه تَكلِيماً

وكِلاَّماً مثل كَذَّبْته تَكْذيباً وكِذَّاباً. وتَكلَّمْت كَلِمة وبكَلِمة.

وما أَجد مُتكَلَّماً، بفتح اللام، أي موضع كلام. وكالَمْته إذا حادثته،

وتَكالَمْنا بعد التَّهاجُر. ويقال: كانا مُتَصارِمَيْن فأَصبحا

يَتَكالَمانِ ولا تقل يَتَكَلَّمانِ. ابن سيده: تَكالَمَ المُتَقاطِعانِ كَلَّمَ

كل واحد منهما صاحِبَه، ولا يقال تَكَلَّما. وقال أَحمد بن يحيى في قوله

تعالى: وكَلَّم الله موسى تَكْلِيماً؛ لو جاءت كَلَّمَ الله مُوسَى مجردة

لاحتمل ما قلنا وما قالوا، يعني المعتزلة، فلما جاء تكليماً خرج الشك

الذي كان يدخل في الكلام، وخرج الاحتمال للشَّيْئين، والعرب تقول إذا وُكِّد

الكلامُ لم يجز أن يكون التوكيد لغواً، والتوكيدُ بالمصدر دخل لإخراج

الشك. وقوله تعالى: وجعلها كَلِمة باقِيةً في عَقِبه؛ قال الزجاج: عنى

بالكلمة هنا كلمة التوحيد، وهي لا إله إلا الله، جَعلَها باقِيةً في عَقِب

إبراهيم لا يزال من ولده من يوحِّد الله عز وجل. ورجل تِكْلامٌ وتِكْلامة

وتِكِلاَّمةٌ وكِلِّمانيٌّ: جَيِّدُ الكلام فَصِيح حَسن الكلامِ

مِنْطِيقٌٌ. وقال ثعلب: رجل كِلِّمانيٌّ كثير الكلام، فعبر عنه بالكثرة، قال:

والأُنثى كِلِّمانيَّةٌ، قال: ولا نظير لِكِلِّمانيٍّ ولا لِتِكِلاَّمةٍ. قال

أَبو الحسن: وله عندي نظير وهو قولهم رجل تِلِقَّاعةٌ كثير الكلام.

والكَلْمُ: الجُرْح، والجمع كُلُوم وكِلامٌ؛ أَنشد ابن الأَعرابي:

يَشْكُو، إذا شُدَّ له حِزامُه،

شَكْوَى سَلِيم ذَرِبَتْ كِلامُه

سمى موضع نَهْشة الحية من السليم كَلْماً، وإنما حقيقته الجُرْحُ، وقد

يكون السَّلِيم هنا الجَرِيحَ، فإذا كان كذلك فالكلم هنا أَصل لا مستعار.

وكَلَمَه يَكْلِمُه

(* قوله «وكلمه يكلمه» قال في المصباح: وكلمه يكلمه

من باب قتل ومن باب ضرب لغة ا هـ. وعلى الأخيرة اقتصر المجد. وقوله «وكلمة

كلماً جرحه» كذا في الأصل وأصل العبارة للمحكم وليس فيها كلماً) كَلْماً

وكَلَّمه كَلْماً: جرحه، وأَنا كالِمٌ ورجل مَكْلُوم وكَلِيم؛ قال:

عليها الشَّيخُ كالأَسَد الكَلِيمِ

والكَلِيمُ، فالجر على قولك عليها الشيخ كالأَسدِ الكليم إذا جُرِح

فَحَمِي أَنْفاً، والرفع على قولك عليها الشيخُ الكلِيمُ كالأَسد، والجمع

كَلْمى. وقوله تعالى: أَخرجنا لهم دابّة من الأَرض تُكَلِّمهم؛ قرئت:

تَكْلِمُهم وتُكَلِّمُهم، فتَكْلِمُهم: تجرحهم وتَسِمهُم، وتُكَلِّمُهم: من

الكلام، وقيل: تَكْلِمهم وتُكَلِّمهم سواء كما تقول تَجْرحهُم وتُجَرِّحهم،

قال الفراء: اجتمع القراء على تشديد تُكَلِّمهم وهو من الكلام، وقال أَبو

حاتم: قرأَ بعضهم تَكْلِمهُم وفسر تَجْرحهُم، والكِلام: الجراح، وكذلك

إن شدد تُكلِّمهم فذلك المعنى تُجَرِّحهم، وفسر فقيل: تَسِمهُم في وجوههم،

تَسِمُ المؤمن بنقطة بيضاء فيبيضُّ وجهه، وتَسِم الكافر بنقطة سوداء

فيسودّ وجهه. والتَّكْلِيمُ: التَّجْرِيح؛ قال عنترة:

إذ لا أَزال على رِحالةِ سابِحٍ

نَهْدٍ، تَعاوَرَه الكُماة، مُكَلَّمِ

وفي الحديث: ذهَب الأَوَّلون لم تَكْلِمهم الدنيا من حسناتهم شيئاً أي

لم تؤثِّر فيهم ولم تَقْدح في أَديانهم، وأَصل الكَلْم الجُرْح. وفي

الحديث: إنا نَقُوم على المَرْضى ونُداوي الكَلْمَى؛ جمع كَلِيم وهو الجَريح،

فعيل بمعنى مفعول، وقد تكرر ذكره اسماً وفعلاً مفرداً ومجموعاً. وفي

التهذيب في ترجمة مسح في قوله عز وجل: بِكَلِمةٍ منه اسمه المَسِيح؛ قال أَبو

منصور: سمى الله ابتداء أَمره كَلِمة لأَنه أَلْقَى إليها الكَلِمة ثم

كَوَّن الكلمة بشَراً، ومعنى الكَلِمة معنى الولد، والمعنى يُبَشِّرُك

بولد اسمه المسيح؛ وقال الجوهري: وعيسى، عليه السلام، كلمة الله لأَنه لما

انتُفع به في الدّين كما انتُفع بكلامه سمي به كما يقال فلان سَيْفُ الله

وأَسَدُ الله.

والكُلام: أَرض غَليظة صَليبة أو طين يابس، قال ابن دريد: ولا أَدري ما

صحته، والله أَعلم.

غذا

غذا: الغِذاءُ: ما يُتَغَذّى به ، وقيل: ما يكونُ به نَماءُ الجِسْمِ

وقِوامُه من الطَّعامِ والشَّرابِ واللَّبن، وقيل: اللَّبَنُ غِذاء الصغير

وتُحْفَةُ الكَبيرِ، وغَذاهُ يَغٌذُوهُ غِذاء. قال ابن السكيت: يقال

غَذَوْتُه غِذاءً حَسَناً، ولا تقل غَذَيْتُه؛ واستَعْمله أَيوبُ بنُ عَبايةَ

في سَقْيِ النَّخل فقال:

فجاءَتْ يَداً مَعَ حُسْنِ الغِذَا

ءِ، إِذْ غَرْسُ قَوْمٍ قَصِيرٌ طويلُ

غَذاهُ غَذْواً وغَذَّاه فاغْتَذى وتغَذَّى. ويقال: غَذَوْتُ الصبيَّ

باللَّبَنِ فاغْتذَى أَي رَبَّيْته به، ولا يقال غَذَيْته، بالياء.

والتَّغْذية أَيضاً: التَّرْبية. قال ابن سيده: غَذَيتُ الصبِيَّ لغة في

غَذَوْتُه إِذا غَذَّيْتَه؛ عن اللحياني. وفي الحديث: لا تُغَذُّوا أَولادَ

المشركين؛ أَرادَ وَطْءَ الحَبالى من السَّبْيِ فجَعَلَ ماءَ الرَّجُلِ

لِلْحَمْل كالغذَاء. والغَذِيُّ: السَّخْلَةُ؛ أَنشد أَبو عمرو بنُ

العلاء:لو أَنَّني كُنْتُ من عادٍ ومن إِرَمِ

غَذِيَّ بَهْمٍ، ولُقْماناً وذا جَدَنِ

قال ابن بري: البيت لأَفْنُونٍ التغلبي، واسمه صُرَيم بن مَعْشر، قال:

وغَذِيُّ بَهْمٍ في البيت هو أَحد أَملاكِ حِمْيَرَ، وسُمِّي بذلك لأَنه

كان يُغَذَّى بلُحُوم البَهْمِ؛ وعليه قول سلمى بن ربيعة الضَّبّي:

من لَذَّة العَيْشِ، والفَتَى

للدهر، والدَّهْرُ ذُو فُنُونِ

أَهْلَكْنَ طَسْماً، وبَعْدَهمْ

غَذِيَّ بَهْمٍ وذا جُدُونِ

قال: ويَدُلُّك على صحة ذلك عَطْفُه لقماناً وذا جَدَنٍ عليه في قوله:

لو أَنني كنتُ من عادٍ ومن إرَمِ

قال: وهو أَيضاً خبر كُنتُ ولا يَصِحُّ كنتُ سِخالاً. قال الأَصمعي:

أَخْبرَني خَلَف الأَحْمر أَنه سمِع العرب تنشد البيت غُذَيَّ بَهْمٍ،

بالتصغير، لقبُ رجلٍ.

قال شمر: وبلغني عن ابن الأَعرابي أَنه قال الغَذَوِيُّ البَهْمُ الذي

يُغَذَى. قال: وأَخبرني أَعرابي من بَلْهُجَيم قال الغَذَوِيُّ الحَمَلُ

أَو الجَدْيُ لا يُغَذَّى بلَبَنِ أُمِّه، ولكن يُعاجَى، وجمع غَذِيٍّ

غِذاءٌ مثلُ فَصِيلٍ وفِصالٍ؛ ومنه قول عمر، رضي الله عنه: أَمُحْتَسِبٌ

عليهم بالغِذاءِ؛ هكذا رواه الجوهري؛ وقال ابن بري: الصواب في حديث عمر أَنه

قال احْتَسِبْ عليهم بالغِذَاءِ ولا تَأْخُذْها منهم، وكذلك ورد في حديث

عمر، رضي الله عنه، أَنه قال لعامل الصَّدَقات: احْتَسِبْ عليهم

بالغِذاءِ ولا تأْخذها منهم. قال أَبو عبيدة: الغِذاءُ السِّخالُ الصِّغارُ،

واحِدُها غَذِيٌّ. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: شَكا إِليه أَهلُ الماشِيَة

تَصْديقَ الغِذاء وقالوا إِن كنتَ مُعْتَدًّا علينا بالغِذاءِ فخُذْ منه

صَدَقَته، فقال: إِنا نَعْتَدُّ بالغِذاءِ حتى السَّخْلَةَ يَرُوحُ بها

الرَّاعِي على يَدِه، ثم قال في آخره: وذلك عَدْلٌ بَيْنَ غِذاء المالِ

وخِيارِه. قال ابن الأَثير: وإِنما ذَكَّرَ الضميرَ رَدّاً إِلى لفظ

الغِذاء، فإِنه بوزْن كِساءٍ ورداءٍ، قد جاء السِّمامُ المُنْقَع، وإن كان

جَمْع سَمٍّ؛ قال: والمراد بالحديث أَنْ لا يَأْخُذَ الساعي خِيارَ المالِ

ولا رَدِيَّه، وإِنما يَأْخُذُ الوسَط، وهو معنى قوله: وذلك عَدْلٌ بين

غِذاءِ المال وخيارِه. وغَذِيُّ المال وغَذَوِيُّه: صِغارُه كالسِّخالِ

ونحْوِها. والغَذَوِيُّ: أَن يَبِيعَ الرجُلُ الشاةَ بِنتاجِ ما نَزَا به

الكَبْشُ ذلك العامَ؛ قال الفرزدق:

ومُهُورُ نِسْوَتِهِمْ، إِذا ما أَنكحوا،

غَذَوِيُّ كلِّ هَبَنْقَعٍ تِنْبالِ

ويروى غَدَوِيُّ، بالدال المهملة، منسوب إِلى غَدٍ كأَنهم يُمَنُّونَه

فيقولون: تَضَعُ إِبلُنا غَداً فنُعْطِيك غَداً. قال ابن بري: وروى أَبو

عبيد هذا البيت:

ومُهورُ نِسْوَتِهِم إِذا ما أَنْكَحُوا

بفتح الهمزة والكاف مبنياً للفاعل.

والغَذَى، مقصورٌ: بَوْلُ الجَمَلِ. وغَذَا بِبَوْلهِ وغَذاهُ غَذْواً:

قَطَعَه، وفي التهذيب: غَذَّى البيعرُ ببَوْلِه يُغَذِّي تَغْذِيَةً. وفي

الحديث: حتى يَدْخُلَ الكلبُ فيُغَذِّيَ على سَواري المَسْجِدِ أَي

يبولَ على السَّوارِي لعدَم سُكَّانِه وخُلُوِّه من الناس. يقال: غَذَّى

ببَوْلِه يغذي إِذا أَلقاهُ دَفْعَة دَفْعَة. غَذَا البَوْلُ نَفْسُه يَغْذُو

غَذْواً وغَذَواناً: سالَ، وكذلك العَرَقُ والماءُ والسِّقاءُ، وقيل:

كلُّ ما سالَ فقد غَذَا. والعِرْق يَغْذُو وغَذْواً أَي يسِيلُ دَماً،

ويُغَذِّي تَغْذيَةً مثلُه. وفي حديث سعد بن مُعاذٍ: فإِذا جُرْحُه يَغْذُو

دَماً أَي يَسِيلُ. وغَذَا الجُرْحُ يَغْذُو إِذا دام سَيَلانُه. وفي حديث

العباس: مَرَّت سَحابة فنظر إِليها النبي، صلى الله عليه وسلم، فقال: ما

تُسَمُّون هذه؟ قالوا: السَّحابَ، قال: والمُزْنَ، قالوا: والمُزْنَ،

قال: والغَيْذَى؛ قال الزمخشري: كأَنَّه فَيْعَلٌ من غَذا يَغْذُو إِذا

سالَ، قال: ولم أَسمع بفَيْعل في معتلّ اللام غير هذا إِلاَّ الكَيْهاةَ،

وهي الناقة الضَّخْمة؛ قال الخطابي: إِن كانَ محفوظاً فلا أُراه سُمِّي به

إِلاَّ لسيلان الماء من غَذَا يَغْذُو. وغَذَا البَوْلُ: انْقَطَع،

وغَذَا أَي أَسْرَع.

والغَذَوانُ: المُسْرِعُ الذي يَغْذُو ببَوْلِه إِذا جَرَى؛ قال:

وصَخْر بن عَمْرِو بنِ الشريدِ كأَنَّه

أَخُو الحَربِ، فَوْقَ القارِح الغَذَوانِ

هذه رواية الكوفيين، ورواه غيرهم العَدَوانِ، بالفتح، وقد غَذَا.

والغَذَوانُ أَيضاً: المُسْرِع. وفي الصحاح: والغَذَوانُ من الخَيْل النَّشِيطُ

المُسْرِعُ، وقد روي بيتُ امرئ القيس:

كَتَيْسِ ظِباءِ الحُلَّب الغَذَوانِ

مكان العَدَوانِ. أَبو عبيد: غَذَا الماءُ يَغْذُو إِذا مرَّ مرّاً

مُسرِعاً؛ قال الهذلي:

تَعْنُو بمَخْرُوتٍ لَه ناضِحٌ،

ذُو رَيِّقٍ يَغْذُو وذُو شَلْشَلِ

وعَرَقٌ غاذٍ أَي جارٍ. والغَذَوان: النَّشِيطُ من الخيل. وغذا الفَرسُ

غَذواً: مَرَّ مَرّاً سَريعاً. أَبوزيد: الغاذِية يافُوخُ الرَأْسِ ما

كانَتْ جِلْدَةً رَطْبَةً، وجَمْعُها الغَواذِي. قال ابن سيده: والغاذِيةُ

من الصَّبيِّ الرَّمَّاعَةُ ما دامَتْ رَطْبَةً، فإِذا صَلُبَتْ وصارَتْ

عَظماً فهي يافُوخٌ.

حضن

حضن: الحِضْنُ: ما دون الإِبْط إلى الكَشح، وقيل: هو الصدر والعَضُدان

وما بينهما، والجمع أَحْضانٌ؛ ومنه الاحْتِضانُ، وهو احتمالُك الشيءَ

وجعلُه في حِضْنِك كما تَحْتَضِنُ المرأَةُ ولدها فتحتمله في أَحد شِقَّيْها.

وفي الحديث: أَنه خرج مُحْتَضِناً أَحَدَ ابْنَي ابْنَتِه أَي حامِلاً

له في حِضْنه. والحِضْنُ: الجَنْبُ، وهما حِضْنانِ. وفي حديث أُــسيدِ بن

حُضَير: أَنه قال لعامر بن الطُّفَيل اخْرُجْ بِذِمَّتِك لئلا أُنْفِذَ

حِضْنَيْك. والمُحْتَضَنُ: الحِضْنُ؛ قال الأَعشى:

عَرِيضة بُوصٍ، إِذا أَدْبَرَتْ،

هَضِيم الحَشا، شَخْتة المُحْتَـضَنْ

البُوصُ: العَجُزُ. وحِضْنُ الضبُع: وِجارُه؛ قال الكميت:

كما خَامَرَتْ في حِضْنِها أُمُّ عامِرٍ،

لَدَى الحَبْلِ، حتى غالَ أَوْسٌ عِيالَها.

قال ابن بري: حِضْنُها الموضعُ الذي تُصاد فيه، ولَدى الحَبْل أَي عند

الحَبْل الذي تصادُ به، ويروى: لِذِي الحَبْلِ أَي لصاحب الحَبْل، ويروى

عالَ، بعين غير معجمة، لأَنه يُحْكى أَن الضَّبُعَ إذا ماتَتْ أَطْعَمَ

الذِّئْبُ جِراءَها، ومَنْ روى غالَ، بالغين المعجمة، فمعناه أَكَلَ

جراءَها. وحَضَنَ الصبيَّ يَحْضُنُه حَضْناً وحَِضانةً

(* قوله «وحضانة» هو

بفتح الحاء وكسرها كما في المصباح).: جعله في حِضْنِه وحِضْنا المَفازه:

شِقَّاها، والفلاة ناحيتاها؛ قال:

أَجَزْتُ حِضْنَيْها هِبَلاًّ وغْما.

وحِضْنا الليل: جانباه

(* قوله «وحضنا الليل جانباه» زاد في المحكم:

والجمع حضون؛ قال:

وأزمعت رحلة ماضي الهموم

أطعن من ظلمات حضونا.

وحضن الجبل إلخ). وحِضْنُ الجبل: ما يُطيف به، وحِضْنُه وحُضْنُه

أَيضاً: أَصْلُه. الأَزهري: حِضْنا الجبل ناحيتاه. وحضْنا الرجل: جَنْباه.

وحِضْنا الشيء: جانباه. ونواحي كل شيء أَحْضانُه. وفي حديث علي، كرم الله

وجهه: عَلَيْكُم بالحِضْنَيْنِ؛ يريد بجَنْبَتَي العَسْكَر؛ وفي حديث

سَطِيح:

كأَنَّما حَثْحَثَ مِنْ حِضْنَيْ ثَكَنْ.

وحَضَنَ الطائرُ أَيضاً بَيْضَه وعلى بيضِه يَحْضُنُ حَضْناً وحِضانةً

وحِضاناً وحُضوناً: رَجَنَ عليه للتَّفْرِيخِ؛ قال الجوهري: حَضَنَ

الطائرُ بَيْضَه إذا ضَمَّه إلى نفسه تحت جناحيه، وكذلك المرأَة إذا حَضَنَتْ

ولدها. وحمامةٌ حاضِنٌ، بغير هاء، واسم المكان المِحْضَن

(* قوله «واسم

المكان المحضن» ضبط في الأصل والمحكم كمنبر، وقال في القاموس: واسم المكان

كمقعد ومنزل). والمِحْضَنةُ: المعمولة للحمامة كالقَصْعة الرَّوْحاء من

الطين. والحَضانةُ: مصدرُ الحاضِنِ والحاضنة. والمَحاضنُ: المواضعُ التي

تَحْضُن فيها الحمامة على بيضها، والواحدُ مِحْضَن. وحضَنَ الصبيَّ

يَحْضُنه حَضْناً: ربَّاه. والحاضِنُ والحاضِنةُ: المُوَكَّلانِ بالصبيِّ

يَحْفَظانِهِ ويُرَبِّيانه. وفي حديث عروة بن الزبير: عَجِبْتُ لقومٍ طلَبُوا

العلم حتى إذا نالوا منه صارُوا حُضّاناً لأَبْناء المُلوكِ أَي

مُرَبِّينَ وكافِلينَ، وحُضّانٌ: جمعُ حاضِنٍ لأَن المُرَبِّي والكافِلَ يَضُمُّ

الطِّفْلَ إلى حِضْنِه، وبه سميت الحاضنةُ، وهي التي تُرَبِّي الطفلَ.

والحَضانة، بالفتح: فِعلُها. ونخلةٌ حاضِنةٌ: خَرَجَتْ كَبائِسُها وفارَقتْ

كَوافيرَها وقَصُرَت عَراجينُها؛ حكى ذلك أَبو حنيفة؛ وأَنشد لحبيب

القشيري:

من كل بائنةٍ تُبِينُ عُذُوقَها

عنها، وحاضِنة لها مِيقار.

وقال كراع: الحاضِنةُ النخلةُ القصيرةُ العُذوقِ فهي بائِنة. الليث:

احْتَجَنَ فلانٌ

بأَمرٍ دوني واحْتَضَنَني منه وحَضَنَني أَي أَخْرَجَني منه في ناحية.

وفي الحديث عن الأَنصارِ يوم السَّقيفة حيث أَرادوا أَن يكون لهم شركةٌ في

الخلافة: فقالوا لأَبي بكر، رضي الله عنه، أَتُريدونَ أَن تَحْضُنونا من

هذا الأَمرِ أَي تُخرِجونا. يقال: حَضَنْتُ الرجلَ عن هذا الأَمر

حَضْناً وحَضانةً إذا نَحَّيْتَه عنه واسْتَبدَدْتَ به وانفردت به دونه كأَنه

جعلَه في حِضْنٍ منه أَي جانبٍ. وحَضَنْتُه عن حاجته أَحْضُنه، بالضم، أَي

حَبَسْتُه عنها، واحتَضَنته عن كذا مثله، والاسم الحَضْنُ. قال ابن

سيده: وحَضَنَ الرجلَ عن الأَمرِ يَحْضُنُه حَضْناً وحَضانةً واحْتَضَنه

خَزَلَه دونه ومنَعَه منه؛ ومنه حديث عمر أَيضاً يومَ أَتى سَقِيفةَ بني

ساعدة للبَيْعة قال: فإذا إخواننا من الأَنصار يُريدون أَن يَخْتَزِلوا

الأَمرَ دونَنا ويَحْضُنونا عنه؛ هكذا رواه ابن جَبَلَةَ وعَليُّ بن عبد

العزيز عن أَبي عُبيد، بفتح الياء، وهذا خلاف ما رواه الليث، لأَن الليث جعل

هذا الكلام للأَنصار، وجاء به أَبو عُبيد لعُمَر، وهو الصحيح وعليه

الروايات التي دار الحديثُ عليها. الكسائي: حضَنْتُ فلاناً عما يُرِيد

أَحْضُنُه حَضْناً وحَضانةً واحتَضَنْتُه إذا منَعْتَه عما يريد. قال الأَزهري:

قال الليث يقال أَحْضَنَني مِنْ هذا الأَمر أَي أَخرَجني منه، والصواب

حضَنَني. وفي حديث ابن مسعود حين أَوْصَى فقال: ولا تُحْضَنُ زَيْنَبُ عن

ذلك، يعني امرأَتَه، أَي لا تُحْجَبُ عن النظرِ في وصِيَّتِه وإنْفاذِها،

وقيل: معنى لا تُحْضَنُ لا تُحْجَبُ عنه ولا يُقطَعُ أَمرٌ دُونها. وفي

الحديث: أَن امرأَة نُعَيْم أَتَتْ رسولَ الله، صلى الله عليه وسلم، فقالت:

إن نُعَيْماً يُريدُ أَن يَحْضُنَني أَمرَ ابنتي، فقال: لا تَحْضُنْها

وشاوِرْها. وحَضَنَ عنّا هدِيَّتَه يَحْضُنها حَضْناً: كَفَّها وصَرَفها؛

وقال اللحياني: حقيقتُه صَرَفَ معروفَه وهدِيَّته عن جيرانِه ومعارِفه

إلى غيرهم، وحكي: ما حُضِنَت عنه المروءةُ إلى غيره أَي ما صُرِفَت.

وأَحْضَنَ بالرَّجُلِ إحْضاناً وأَحضَنَه: أَزْرَى به. وأَحْضَنْتُ الرجلَ:

أَبْذَيتُ به. والحِضانُ: أَن تَقْصُرَ إِحدى طُبْيَتَيِ العَنْزِ وتَطولَ

الأُخرى جدّاً، فهي حَضُونٌ بَيِّنة الحِضان، بالكسر. والحَضُون من الإبلِ

والغنم والنساء: الشَّطُورُ، وهي التي أَحدُ خِلْفَيها أَو ثَدْيَيها

أَكبرُ من الآخر، وقد حَضُنَت حِضاناً. والحَضونُ من الإبلِ والمِعْزَى:

التي قد ذهب أَحدُ طُبْيَيها، والاسمُ الحِضانُ؛ هذا قول أَبي عبيد، استعمل

الطُّبْيَ مكان الخِلْف. والحِضانُ: أَن تكونَ إحدى الخُصْيَتَينِ

أَعظَمَ من الأُخرى، ورجلٌ حَضونٌ إذا كان كذلك. والحَضون من الفروجِ: الذي

أَحدُ شُفْرَيه أَعظم من الآخر. وأَخذَ فلانٌ حقَّه على حَضْنِه أَي

قَسْراً. والأَعنُزُ الحضَنِيَّةُ: ضرْبٌ شديدُ السوادِ، وضربٌ شديدُ الحُمْرة.

قال الليث: كأَنها نُسِبَت إلى حَضَن، وهو جبَل بقُلَّةِ نجدٍ معروف؛

ومنه حديث عِمْرانَ بن حُصَينٍ: لأَنْ أَكونَ عبداً حَبَشِيّاً في أَعنُزٍ

حضَنِيّاتٍ أَرْعاهُنَّ حتى يُدْرِكَني أَجَلي، أَحَبُّ إليَّ من أَن

أَرميَ في أَحدِ الصَّفَّينِ بسهم، أَصبتُ أَم أَخطأْتُ. والحَضَنُ: العاجُ،

في بعض اللغات. الأَزهري: الحضَنُ نابُ الفِيل؛ وينشد في ذلك:

تبَسَّمَت عن وَمِيضِ البَرْقِ كاشِرةً،

وأَبرَزَتْ عن هِيجانِ اللَّوْنِ كالحَضَنِ.

ويقال للأَثافيِّ: سُفْعٌ حواضِنُ أَي جَواثِم؛ وقال النابغة:

وسُفْعٌ على ما بينَهُنَّ حَواضِن

يعني الأَثافيَّ والرَّمادَ. وحَضَنٌ: اسمُ جبل في أَعالي نجد. وفي

المثل السائر: أَنْجَدَ منْ رأَى حَضَناً أَي مَن عايَنَ هذا الجَبَلَ فقد

دَخل في ناحية نجدٍ. وحَضَنٌ: قبيلةٌ؛ أَنشد سيبويه:

فما جَمَّعْتَ مِنْ حَضَنٍ وعَمْروٍ،

وما حَضَنٌ وعَمروٌ والجِيادا

(* قوله «فما جمعت» في المحكم: بما جمعت.

وقوله: والجيادا، لعله نُصب على جعله إياه مفعولاً معه). وحَضَنٌ: اسم

رجل؛ قال:

يا حَضَنُ بنَ حَضَنٍ ما تَبْغون

قال ابن بري: وحُضَينٌ هو الحُضَينُ بن المُنذِرِ أَحد بني عمرو بن

شَيبان بن ذُهْلٍ؛ وقال أَبو اليقظان: هو حُضَيْنُ بن المنذر بن الحرث بن

وَعلَة بن المُجالِدِ بن يَثْرَبيّ بن رَيّان بن الحرث بن مالك بن شَيبانَ

بن ذُهل أَحد بني رَقَاشِ، وكان شاعراً؛ وهو القائل لابنه غَيّاظ:

وسُمِّيتَ غَيّاظاً، ولَستَ بغائِظٍ

عَدُوّاً، ولكِنَّ الصَّدِيقَ تَغيظُ

عَدُوُّكَ مَسرورٌ، وذو الوُدِّ، بالذي

يَرَى منكَ من غَيْظٍ، عليكَ كَظِيظُ.

وكانت معه رايةُ عليّ بن أَبي طالبٍ، رضوان الله تعالى عليه، يوم

صِفِّينَ دفعها إليه وعُمْرُهُ تِسْعَ عَشْرَةَ سنة؛ وفيه يقول:

لِمَنْ رايَةٌ سَوْداءُ يَخْفِقُ ظِلُّها،

إذ قِيلَ: قَدِّمْها حُضَينُ، تَقَدَّما؟

ويُورِدُها للطَّعْنِ حتى يُزِيرَها

حِياضَ المَنايا، تَقطُر الموتَ والدَّما.

مأي

مأي: مَأَيْتُ في الشيء أَمْأَى مَأْياً: بالغتُ. ومأَى الشجرُ مَأْياً:

طَلَع، وقيل: أَوْرَقَ. ومَأَوْتُ الجلْدَ والدَّلوَ والسِّقاءَ مأْواً

ومَأَيْتُ السقاءَ مَأْياً إِذا وَسَّعْتَه ومددته حتى يتسع. وتَمَأّى

الجلدُ يَتَمَأّى تَمَئيّاً تَوَسَّع، وتَمَأَّتِ الدلوُ كذلك، وقيل:

تَمَئيِّها امتدادها، وكذلك الوعاء، تقول: تَمَأَّى السِّقاءُ والجِلدُ فهو

يَتَمأَّى تَمَئيِّاً وتَمَؤُّواً، وإِذا مددتَه فاتَّسع، وهو

تَفَعُّل؛وقال:

دَلْوٌ تَمَأَّى دُبِغَتْ بالحُلَّبِ،

أَو بأَعالي السَّلَمِ المُضَرَّبِ،

بُلَّتْ بِكَفَّيْ عَزَبٍ مُشَذَّبِ،

إِذا اتَّقَتْكَ بالنَّفِيِّ الأَشْهَبِ،

فلا تُقَعْسِرْها ولكِنْ صَوِّبِ

وقال الليث: المَأْيُ النَّمِيمة بين القوم. مأَيْتُ بين القوم: أَفسدت.

وقال الليث: مَأَوْتُ بينهم إِذا ضربت بعضهم ببعض، ومَأَيتُ إِذا

دَبَبْتَ بينهم بالنميمة؛ وأَنشد:

ومَأَى بَيْنَهُمْ أَخُو نُكُراتٍ

لمْ يَزَلْ ذا نَمِيمَةٍ مأْآأَا

وامرأَة مَأْآءَةٌ: نَمَّامةٌ مثل مَعَّاعةٍ، ومُسْتَقْبِلُه يَمْأَى.

قال ابن سيده: ومَأَى بين القوم مَأْيّاً أَفسَدَ ونَمَّ. الجوهري: مَأَى

ما بينهم مَأْياً أَي أَفسد؛ قال العجاج:

ويَعْتِلُونَ مَن مأَى في الدَّحْسِ،

بالمأْسِ يَرْقَى فوقَ كلِّ مَأْسِ

والدَّحْسُ والمَأْسُ: الفساد. وقد تَمَأّى ما بينهم أَي فسد. وتَمَأْى

فيهم الشَّر: فَشا واتَّسع. وامرأَة ماءةٌ، على مثل ماعةٍ: نَمَّامَةٌ

مقلوب، وقياسه مآةٌ على مِثال مَعاةٍ.

وماءَ السِّنَّوْرُ يَمُوءُ مُواءً

(* قوله« وماء السنور يموء مواء» كذا

في الأصل وهو من المهموز، وعبارة القاموس: مؤاء بهمزتين.) ومأَتِ

السنورُ كذلك إِذا صاحت، مثل أَمَتْ تَأْمُو أُماء؛ وقال غيره: ماء السنورُ

يَمْوءُ كَمَأَى. أَبو عمرو: أَمْوَى إِذا صاح صِياحَ السنورِ.

والمِائةُ: عدد معروف، وهي من الأَسماء الموصوف بها، حكى سيبويه: مررت

برجُلٍ مائةٍ إِبلُه، قال: والرفع الوجه، والجمع مِئاتٌ ومئُونَ على وزن

مِعُونَ، ومِئٌ مثال مِعٍ، وأَنكر سيبويه هذه الأَخيرة، قال: لأَن بنات

الحرفين لا يُفعل بها كذا، يعني أَنهم لا يجمعون عليها ما قد ذهب منها في

الإِفراد ثم حذفَ الهاء في الجمع، لأَن ذلك إِجحاف في الاسم وإِنما هو

عند أَبي علي المِئِيُّ. الجوهري في المائة من العدد: أَصلها مِئًي مثل

مِعًى، والهاء عوض من الياء، وإِذا جمعت بالواو والنون قلت مِئُون، بكسر

الميم، وبعضهم يقول مُؤُونَ، بالضم؛ قال الأَخفش: ولو قلت مِئاتٌ مثل مِعاتٍ

لكان جائزاً؛ قال ابن بري: أَصلها مِئْيٌ. قال أَبو الحسن: سمعت مِئْياً

في معنى مِائةٍ عن العرب، ورأَيت هنا حاشية بخط الشيخ رضِيّ الدِّين

الشاطبي اللغوي رحمه الله قال: أَصلها مِئْيةٌ، قال أَبو الحسن: سمعت مِئْيةً

في معنى مِائةٍ، قال: كذا حكاه الثمانيني في التصريف، قال: وبعض العرب

يقول مائة درهم، يشمون شيئاً من الرفع في الدال ولا يبينون، وذلك الإِخفاء،

قال ابن بري: يريد مائة درهم بإدغام التاء في الدال من درهم ويبقى

الإِشمام على حدّ قوله تعالى: ما لك لا تَأْمَنَّا؛ وقول امرأَة من بني

عُقَيْل تَفْخَرُ بأَخوالها من اليمن، وقال أَبو زيد إِنه للعامرِيَّة:

حَيْدَةُ خالي ولَقِيطٌ وعَلي،

وحاتِمُ الطائيُّ وهَّابُ المِئِي،

ولمْ يكنْ كخالِك العَبْدِ الدَّعِي

يَأْكلُ أَزْمانَ الهُزالِ والسِّني

هَناتِ عَيْرٍ مَيِّتٍ غيرِ ذَكي

قال ابن سيده: أَراد المِئِيَّ فخفف كما قال الآخر:

أَلَمْ تكنْ تَحْلِفُ باللهِ العَلي

إِنَّ مَطاياكَ لَمِنْ خَيرِ المَطِي

ومثله قول مُزَرِّد:

وما زَوّدُوني غير سَحْقِ عَباءةٍ،

وخَمْسِمِئٍ منها قَسِيٌّ وزائفُ

(* قوله« عباءة» في الصحاح: عمامة.)

قال الجوهري: هما عند الأَخفش محذوفان مرخمان. وحكي عن يونس: أَنه جمع

بطرح الهاء مثل تمرة وتمر، قال: وهذا غير مستقيم لأَنه لو أَراد ذلك لقال

مِئًى مثل مِعًى، كما قالوا في جمع لِثةٍ لِثًى، وفي جمع ثُبةٍ ثُباً؛

وقال في المحكم في بيت مُزَرِّد: أَرادَ مُئِيٍّ فُعُول كحِلْيةٍ وحُلِيٍّ

فحذف، ولا يجوز أَن يريد مِئِين فيحذف النون، لو أَراد ذلك لكان مئِي

بياء، وأما في غير مذهب سيبويه فمِئٍ من خَمْسِمِئٍ جمع مائة كسِدْرة

وسِدْرٍ، قال: وهذا ليس بقويّ لأَنه لا يقال خَمْسُ تَمْرٍ، يراد به خَمْس

تَمْرات، وأَيضاً فإِنَّ بنات الحرفين لا تجمع هذا الجمع، أَعني الجمع الذي

لا يفارق واحده إِلا بالهاء؛ وقوله:

ما كانَ حامِلُكُمْ مِنَّا ورافِدُكُمْ

وحامِلُ المِينَ بَعْدَ المِينَ والأَلَفِ

(* قوله« ما كان حاملكم إلخ» تقدم في أ ل ف: وكان.)

إنما أَراد المئين فحذف الهمزة، وأَراد الآلاف فحذف ضرورة. وحكى أَبو

الحسن: رأَيت مِئْياً في معنى مائة؛ حكاه ابن جني، قال: وهذه دلالة قاطعة

على كون اللام ياء، قال: ورأَيت ابن الأَعرابي قد ذهب إِلى ذلك فقال في

بعض أَماليه: إِنَّ أَصل مائة مِئْيةٌ، فذكرت ذلك لأَبي علي فعجب منه أَن

يكون ابن الأَعرابي ينظر من هذه الصناعة في مثله، وقالوا ثلثمائةٍ

فأَضافوا أَدنى العدد إِلى الواحد لدلالته على الجمع كما قال:

في حَلْقِكُمْ عَظْمٌ وقَدْ شَجِينا

وقد يقال ثلاث مِئاتٍ ومِئِينَ، والإِفراد أَكثر على شذوذه، والإِضافة

إِلى مائة في قول سيبويه ويونس جميعاً فيمن ردَّ اللام مِئَوِيٌّ

كمِعَوِيٍّ، ووجه ذلك أَنَّ مائة أَصلها عند الجماعة مِئْية ساكنة العين، فلما

حذفت اللام تخفيفاً جاورت العين تاء التأْنيث فانفتحت على العادة والعرف

فقيل مائة، فإِذا رددت اللام فمذهب سيبويه أَن تقرأَ العين بحالها متحركة،

وقد كانت قبل الرد مفتوحة فتقلب لها اللام أَلفاً فيصير تقديرها مِئاً

كَثِنًى، فإِذا أَضفت إِليها أَبدلت الأَلف واواً فقلت مِئَوِيٌّ

كَثِنَوِيٍّ، وأَما مذهب يونس فإِنه كان إِذا نسب إِلى فَعْلة أَو فِعْلة مما لامه

ياء أَجراهُ مجْرى ما أَصله فَعِلة أَو فِعِلة، فيقولون في الإِضافة

إِلى ظَبْيَة ظَبَوِيٌّ، ويحتج بقول العرب في النسبة إِلى بِطْيَة بِطَوِيّ

وإِلى زِنْيَة زِنَوِيّ، فقياس هذا أَن تجري مائة وإِن كانت فِعْلة مجرى

فِعَلة فتقول فيها مِئَوِيٌّ فيتفق اللفظان من أَصلين مختلفين. الجوهري:

قال سيبويه يقال ثَلَثمائةٍ، وكان حقه أَن يقولوا مِئِينَ أَو مِئاتٍ كما

تقول ثلاثة آلاف، لأَن ما بين الثلاثة إِلى العشرة يكون جماعة نحو ثلاثة

رجال وعشرة رجال، ولكنهم شبهوه بأَحد عشر وثلاثة عشر، ومن قال مِئِينٌ

ورَفَع النونَ بالتنوين ففي تقديره قولان: أَحدهما فِعْلِينٌ مثل

غِسْلِينٍ وهو قول الأَخفش وهو شاذ، والآخر فِعِيل، كسروا لكسرة ما بعده وأَصله

مِئِيٌّ ومُئِيٌّ مثال عِصِيّ وعُصِيّ، فأَبدلوا من الياء نوناً. وأَمْأَى

القومُ: صاروا مائةً وأَمايتهم أَنا، وإِذا أَتممت القومَ بنفسك مائةً

فقد مَأَيْتَهم، وهم مَمْئِيُّون، وأَمْأَوْاهم فهم مُمْؤُون. وإِن

أَتممتهم بغيرك فقد أَمْأَيْتَهُمْ وهم مُمْأَوْنَ. الكسائي: كان القوم تسعة

وتسعين فأَمْأَيْتُهم، بالأَلف، مثل أَفعَلْتُهم، وكذلك في الأَلف

آلَفْتُهم، وكذلك إِذا صاروا هم كذلك قلت: قد أَمْأَوْا وآلَفُوا إِذا صاروا

مائةً أَو أَلْفاً. الجوهري: وأَمْأَيْتُها لك جعلتها مائةً. وأَمْأَتِ

الدراهمُ والإِبلُ والغنمُ وسائر الأَنواع: صارت مائةً، وأَمْأَيْتها مِائةً.

وشارطْتُه مُماآةً أَي على مائةٍ؛ عن ابن الأَعرابي، كقولك شارطته

مُؤالفةً. التهذيب: قال الليث المائةُ حذفت من آخرها واو، وقيل: حرف لين لا

يدرى أَواو هو أَو ياء، وأَصل مِائة على وزن مِعْية، فحولت حركة الياء إِلى

الهمزة، وجمعها مِأَايات على وزن مِعَيات، وقال في الجمع: ولو قلت مِئات

بوزن مِعات لجاز.

والمَأْوة: أَرض منخفضة، والجمع مَأْوٌ.

لوح

لوح: اللَّوْحُ: كلُّ صَفِيحة عريضة من صفائح الخشب؛ الأَزهري:

اللَّوْحُ صفيحة من صفائح الخشب، والكَتِف إِذا كتب عليها سميت لَوْحاً. واللوحُ:

الذي يكتب فيه. واللوح: اللوح المحفوظ. وفي التنزيل: في لوح محفوظ؛ يعني

مُسْتَوْدَع مَشِيئاتِ الله تعالى، وإِنما هو على المَثَلِ. وكلُّ عظم

عريض: لَوْحٌ، والجمع منهما أَلواحٌ، وأَلاوِيحُ جمع الجمع؛ قال سيبويه:

لم يُكَسَّرْ هذا الضرب على أَفْعُلٍ كراهيةَ الضم على الواو« وقوله عز

وجل: وكتبنا له في الأَلْواحِ؛ قال الزجاج: قيل في التفسير إِنهما كانا

لَوْحَيْن، ويجوز في اللغة أَن يقال لِلَّوْحَيْنِ أَلواح، ويجوز أَن يكون

أَلواحٌ جمعَ أَكثر من اثنين. وأَلواحُ الجسد: عظامُه ما خلا قَصَبَ

اليدين، والرجلين، ويُقال: بل الأَلواحُ من الجسد كلُّ عظم فيه عِرَضٌ.

والمِلْواحُ: العظيم الأَلواح؛ قال:

يَتْبَعْنَ إِثْرَ بازِلٍ مِلْواحِ

وبعير مِلْواحٌ ورجل مِلْواحٌ.

ولَوْحُ الكَتِف: ما مَلُسَ منها عند مُنْقَطَعِ غيرها من أَعلاها؛

وقيل: اللوحُ الكَتفُ إِذا كتب عليها. واللَّوْحُ، واللُّوحُ أَعْلى: أَخَفُّ

العَطَشِ، وعَمَّ بعضهم به جنس العطش؛ وقال اللحياني: اللُّوحُ سرعة

العطش. وقد لاحَ يَلُوحُ لَوْحاً ولُواحاً ولُؤُوحاً، الأَخيرة عن اللحياني،

ولَوَحاناً والْتَاحَ: عَطِشَ؛ قال رؤبة:

يَمْصَعْنَ بالأَذْنابِ من لُوحٍ وبَقّ

ولَوَّحه: عَطَّشه. ولاحَه العَطَشُ ولَوَّحَه إِذا غَيَّره.

والمِلْواحُ: العطشانُ. وإِبلٌ لَوْحَى أَي عَطْشَى. وبعير مِلْوَحٌ ومِلْواحٌ

ومِلْياحٌ: كذلك، الأَخيرة عن ابن الأَعرابي، فأَما مِلْواحٌ فعلى القياس،

وأَما مِلْياحٌ فنادر؛ قال ابن سيده: وكأَنَّ هذه الواو إِنما قلبت ياء

عندي لقرب الكسرة، كأَنهم توهموا الكسرة في لام مِلْواح حتى كأَنه لِواحٌ،

فانقلبت الواو ياء لذلك. ومَرْأَة ملْواحٌ: كالمذكر؛ قال ابن مُقْبِل:

بِيضٌ مَلاوِيحُ، يومَ الصَّيْفِ، لا صُبُرٌ

على الهَوانِ، ولا سُودٌ، ولا نُكُعُ

أَبو عبيد: المِلْواحُ من الدواب السريعُ العطشِ؛ قال شمر وأَبو الهيثم:

هو الجَيِّدُ الأَلواح العظيمها. وقيل: أَلواحه ذراعاه وساقاه وعَضُداه.

ولاحَه العطشُ لَوْحاً ولَوَّحَه: غَيَّرَه وأَضمره؛ وكذلك السفرُ

والبردُ والسُّقْمُ والحُزْنُ؛ وأَنشد:

ولم يَلُحْها حَزَنٌ على ابْنِمِ،

ولا أَخٍ ولا أَبٍ، فَتَسْهُمِ

وقِدْحٌ مُلَوَّحٌ: مُغَيَّر بالنار، وكذلك نَصْلٌ مُلَوَّحٌ. وكل ما

غَيَّرته النارُ، فقد لَوَّحَته، ولَوَّحَته الشمسُ كذلك غَيَّرته

وسَفَعَتْ وجْهَه. وقال الزجاج في قوله عز وجل: لَوَّاحةٌ للبشر أَي تُحْرِقُ

الجلدَ حتى تُسَوِّده؛ يقال: لاحَه ولَوَّحَه. ولَوَّحْتُ الشيءَ بالنار:

أَحميته؛ قال جِرانُ العَوْدِ واسمه عامر بن الحرث:

عُقابٌ عَقَنْباةٌ، كَأَنَّ وَظِيفَها

وخُرْطُومَها الأَعْلى، بنارٍ مُلَوَّحُ

وفي حديث سَطِيح في رواية:

يَلوحُه في اللُّوحِ بَوْغاءُ الدِّمَنْ

اللُّوحُ: الهواء. ولاحَه يَلوحُه: غَيَّرَ لونَه. والمِلْواحُ: الضامر،

وكذلك الأُنثى؛ قال:

من كلِّ شَقَّاءِ النَّسا مِلْواحِ

وامرأَة مِلْواحٌ ودابة مِلواحٌ إِذا كان سريع الضُّمْر. ابن الأَثير:

وفي أَسماء دوابه، عليه السلام، أَن اسم فرسه مُلاوِحٌ، وهو الضامر الذي

لا يَسْمَنُ، والسريع العطش والعظيمُ الأَلواح، وهو المِلْواحُ أَيضاً.

واللَّوْحُ: النظرة كاللَّمْحة. ولاحَه ببصره لَوْحةً: رآه ثم خَفِيَ عنه؛

وأَنشد:

وهل تَنْفَعَنِّي لَوْحةٌ لو أَلُوحُها؟

ولُحْتُ إِلى كذا أَلُوحُ إِذا نظرت إِلى نار بعيدة؛ قال الأَعشى:

لَعَمْري لقد لاحتَ عُيُونٌ كثيرةٌ،

إِلى ضَوْءِ نارٍ، في يَفاعٍ تُحَرَّقُ

أَي نَظَرَتْ.

ولاحَ البرقُ يَلوح لَوْحاً ولُؤُوحاً ولَوَحاناً أَي لمَحَ. وأَلاحَ

البرقُ: أَوْمَضَ، فهو مُلِيح؛ وقيل: أَلاحَ ما حَوْله؛ قال أَبو ذؤيب:

رأَيتُ، وأَهْلي بِوادِي الرَّجِيـ

ـعِ من نَحْوِ قَيْلَةَ، بَرْقاً مُلِيحا

وأَلاحَ بالسيف ولَوَّحَ: لمَعَ به وحَرَّكه. ولاحَ النجمُ: بدا.

وأَلاحَ: أَضاء وبدا وتلأْلأَ واتسع ضَوْءُه؛ قال المُتَلَمِّسُ:

وقد أَلاحَ سُهَيْلٌ، بعدما هَجَعُوا،

كأَنه ضَرَمٌ، بالكَفِّ، مَقْبُوسُ

ابن السكيت: يقال لاحَ سُهَيْلُ إِذا بدا، وأَلاحَ إِذا تلأْلأَ؛ ويقال:

لاحَ السيفُ والبرقُ يَلُوحُ لَوْحاً. ويقال للشيء إِذا تلأْلأَ: لاحَ

يَلوحُ لَوْحاً ولُؤُوحاً. ولاح لي أَمرُك وتَلَوَّحَ: بانَ ووَضَحَ.

ولاحَ الرجلُ يَلُوح لُؤُوحاً: برز وظهر. أَبو عبيد: لاحَ الرجلُ وأَلاحَ،

فهو لائح ومُلِيحٌ إِذا برز وظهر؛ وقول أَبي ذؤيب:

وزَعْتَهُمُ حتى إِذا ما تَبَدَّدوا

سِراعاً، ولاحَتْ أَوْجُهٌ وكُشُوحُ

إِنما يريد أَنهم رُمُوا فسقطت تِرَسَتُهم ومَعابِلُهُمْ، وتفرّقوا

فأَعْوَرُوا لذلك وظهرتْ مَقاتِلُهم. ولاحَ الشيبُ يَلوح في رأْسه: بدا.

ولَوَّحه الشيبُ: بَيَّضَه؛ قال:

من بَعْدِ ما لَوَّحَكَ القَتيرُ

وقال الأَعشى:

فلئن لاحَ في الذُّؤابةِ شَيْبٌ،

يا لَبَكْرٍ وأَنْكَرَتْني الغَواني

وقول خُفافِ بن نُدْبَةَ أَنشده يعقوب في المقلوب:

فإِمَّا تَرَيْ رأْسِي تَغَيَّرَ لَوْنُه،

ولاحتْ لَواحِي الشيبِ في كلِّ مَفْرَقِ

قال: أَراد لوائحَ فقَلَبَ. وأَلاحَ بثوبه ولَوَّح به، الأَخيرة عن

اللحياني: أَخذ طَرَفَه بيده من مكان بعيد، ثم أَداره ولمَع به ليُرِيَهُ من

يحبُّ أَن يراه. وكلُّ من لمَع بشيء وأَظهره، فقد لاحَ به ولَوَّح

وأَلاحَ، وهما أَقل. وأَبيضُ يَقَقٌ ويَلَقٌ، وأَبيضُ لِياحٌ ولَياحٌ إِذا

بُولِغَ في وصفه بالبياض، قلبت الواو في لَياح ياء استحساناً لخفة الياء، لا

عن قوّة علة. وشيء لَِياحٌ: أَبيض؛ ومنه قيل للثور الوحشي لَِياحٌ

لبياضه؛ قال الفراء: إِنما صارت الواو في لياح ياء لانكسار ما قبلها؛

وأَنشد:أَقَبُّ البَطْنِ خَفَّاقُ الحَشايا،

يُضِيءُ الليلَ كالقَمَرِ اللِّياحِ

قال ابن بري: البيت لمالك بن خالد الخُناعِي يمدح زُهَيرَ بنَ الأَغَرّ،

قال: والصواب أَن يقول في اللِّياحِ إِنه الأَبيض المتلأْلئ؛ ومنه

قولهم: أَلاحَ بسيفه إِذا لمع به. والذي في شعره خَفَّاقٌ حشاه، قال: وهو

الصحيح أَي يَخْفِقُ حَشاه لقلة طُعْمِه؛ وقبله:

فَتًى ما ابنُ الأَغَرِّ إِذا شَتَوْنا،

وحُبَّ الزادُ في شَهْرَيْ قُِماحِ

وشهْرا قُِمحٍ هما شهرا البرد.

واللِّياحُ واللَّياحُ: الثور الوحشي وذلك لبياضه. واللَّياحُ أَيضاً:

الصبح. ولقيته بِلَياحٍ إِذا لقيته عند العصر والشمس بيضاء، الياس في كل

ذلك منقلبة عن واو للكسرة قبلها؛ وأَما لَياحٌ فشاذ انقلبت واوه ياء لغير

علة إِلاَّ طلب الخفة. وكان لحمزة بن عبد المطلب، رضي الله عنه، سيف يقال

له لَِياحٌ؛ ومنه قوله:

قد ذاقَ عُثْمانُ، يومَ الجَرِّ من أُحُدٍ،

وَقْعَ اللَّياحِ، فأَوْدَى وهو مَذموم

قال ابن الأَثير: هو من لاحَ يَلوح لِياحاً إِذا بدا وظهر. والأَلواحُ:

السِّلاحُ ما يَلوحُ منه كالسيف والسِّنان؛ قال ابن سيده: والأَلواحُ ما

لاحَ من السلاح وأَكثر ما يُعْنى بذلك السيوفُ لبياضِها؛ قال عمرو بن

أَحمر الباهلي:

تُمْسِي كأَلْواحِ السلاحِ، وتُضْـ

ـحِي كالمَهاةِ، صَبِيحةَ القَطْرِ

قال ابن بري: وقيل في أَلواح السلاح إِنها أَجفانُ السيوف لأَن غِلافَها

من خشب، يراد بذلك ضمورها؛ يقول: تمسي ضامرة لا يضرها ضُمْرُها، وتصبح

كأَنها مَهاةٌ صبيحةَ القطر، وذلك أَحسن لها وأَسرع لعَدْوها. وأَلاحَه:

أَهلكه.

واللُّوحُ، بالضم: الهواء بين السماء والأَرض؛ قال:

لطائر ظَلَّ بنا يخُوتُ،

يَنْصَبُّ في اللُّوحِ، فما يَفوتُ

وقال اللحياني: هو اللُّوحُ واللَّوْحُ، لم يحك فيه الفتح غيره. ويقال:

لا أَفعل ذلك ولو نَزَوْتَ في اللُّوحِ أَي ولو نَزَوْتَ في السُّكاك،

والسُّكاكُ: الهواءُ الذي يلاقي أَعْنانَ السماء.

ولَوَّحه بالسيف والسَّوْط والعصا: علاه بها فضربه. وأَلاحَ بَحقي: ذهب

به. وقلت له قولاً فما أَلاحَ منه أَي ما استحى. وأَلاحَ من الشيء: حاذر

وأَشْفَقَ؛ قال:

يُلِحْنَ من ذي دَأَبٍ شِرْواطِ،

مُحْتَجِزٍ بخَلَقٍ شِمْطاطِ

ويروى: ذي زَجَلٍ. وأَلاحَ من ذلك الأَمر إِذا أَشفق؛ ومنه يُلِيحُ

إِلاحةً؛ قال وأَنشدنا أَبو عمرو:

إِنّ دُلَيْماً قد أَلاحَ بِعَشي،

وقال: أَنْزِلْنِي فلا إِيضاعَ بي

أَي لا سير بي؛ وهذا في الصحاح:

إِنَّ دُلَيماً قد أَلاح من أَبي

قال ابن بري: دُلَيم اسم رجل. والإِيضاعُ: سير شديد. وقوله فلا إِيضاع

بي أَي لست أَقدر على أَن أَسيرَ الوُضْعَ، والياء رَوِيُّ القصيدة بدليل

قوله بعد هذا:

وهُنَّ بالشُّقْرةِ يَفْرِينَ الفَرِي

هنّ ضمير الإِبل. والشُّقْرة: موضع. ويَفْرِينَ الفَرِي أَي يأْتين

بالعجب في السير. وأَلاحَ على الشيء: اعتمد. وفي حديث المغيرة: أَتحلف عند

مِنبر رسول الله، صلى الله عليه وسلم؛ فأَلاحَ من اليمين أَي أَشفق

وخاف.والمِلْواحُ: أَن يَعْمِدَ إِلى بُومةٍ فيَخِيطَ عينها، ويَشُدَّ في

رجلها صوفة سوداء، ويَجعلَ له مَِرْبَأَةً ويَرْتَبِئَ الصائدُ في

القُتْرةِ ويُطِيرها ساعةً بعد ساعة، فإِذا رآها الصقر أَو البازي سقط عليها

فأَخذه الصياد، فالبومة وما يليها تسمى مِلْواحاً.

وزم

وزم: وَزَمَه بفِيه وَزْماً: عضَّه، وقيل: عَضَّه عَضَّةً خفيفةً.

والوَزْمُ: قضاء الدَّين. والوَزْمُ: جمعُ الشيء القليل إِلى مثْلِه.

والوَزْمةُ: الأَكْلةُ الواحدةُ في اليوم إِلى مثلِها من الغد، يقال: هو

يأْكل وَزْمةً وبَزْمةً إِذا كان يأْكلُ وَجْبةً في اليوم والليلة، وقد

وَزَّمَ نفْسَه. ابن بري: الوَزيمُ الوَجْبةُ الشديدة؛ قال أُميَّة:

أَلا يا وَيْحَهمْ مِن حَرِّ نارٍ

كصَرْخةِ أَرْبَعينَ لها وَزيمُ

والوَزيمُ: اللحمُ المُقطَّع. والوَزيمةُ القطعةُ من اللحْم، والجمع

وَزيمٌ. والوَزْمُ والوَزيمةُ والوَزيمُ: الحُزْمةُ من البَقْلِ.

والوَزيمةُ: الخُوصةُ التي يُشدُّ بها. والوَزيمُ: ما جُمع من البَقْلة؛ حكاه

الجوهري عن أَبي سعيد عن أَبي الأَزهر عن بُنْدارٍ؛ وأَنشد:

وجاؤُوا ثائرينَ، فلم يَؤُوبوا

بأَبْلُمة تُشَدُّ على وَزيمِ

ويروى: على بَزيم. ويقال: هو الطَّلْعُ يُشَقُّ لِيُلْقَح ثم يُشدُّ

بخُوصةٍ، والواحدة وَزيمةٌ. وقال الليث: الوَزْمُ والوَزيمُ دَسْتَجَةٌ من

بَقْلٍ. والوَزيمُ: ما انْمارَ من لحمِ الفَخِذين، واحدتُه وَزيمةٌ.

والوَزيمُ: العَضَلُ، وفي التهذيب: لحمُ العَضَلِ. ورجل وَزَّامٌ: ذو عَضلٍ

وكثرةِ لحمٍ؛ أَنشد ابن الأَعرابي:

فقامَ وَزَّامٌ شَديدٌ مَحْزِمُه،

لم يَلْقَ بُؤْساً لَحْمُه ولا دَمُهْ

ورجلٌ وَزيمٌ إِذا كان مُكْتَنِزَ اللحمِ. ويقال: رجلٌ ذو وَزيم إِذا

تَعضَّل لحْمُه واشتدَّ؛ قال الراجز:

إِنْ سَرَّكَ الرِّيُّ أَخا تَميمِ،

فاعْجَل بعِلْجَيْنِ ذَوَيْ وَزيمِ

بفارِسِيٍّ وأَخٍ للرُّومِ،

كلاهُما كالجَمَلِ المَخْزُومِ

ويروى: المَحْجوم؛ يقول إِذا اختلَف لِساناهُما لم يَفْهَم أَحدُهما

كلام صاحبِه فلم يَشْتَغِلا عن عَمَلهِما؛ وهذا الرجز

(* قوله «وهذا الرجز

إلخ» في التكملة بعد إِيراده ما في الجوهري ما نصه والانشاد مغير من وجوه،

والرواية:

إن كنت جاب يا أبا تميم * معاود مختلف الأروم

بفارسيّ وأَخ للرّوم * ركب بعد الجهد

والنحيم

فجئ بسان لهم علكوم * وجئ بعبدين ذوي وزيم

كلاهما كالجمل المحجوم * غرباً على صياحة

دموم

والرجز لابن محمد الفقعسي. أراد بقوله: جاب جابياً أي جامعاً للماء في

الجابية وهي الحوض). أَورده الجوهري:

إِن كنتَ ساقِيّ أَخا تَميمِ

قال ابن بري: هو سافي، بالفاء، ويروى جابيَّ، بالجيم، أَي يَجْبي الماء

في الحوض، قال: وهو المشهور، ويروى بِدَيْلمِيّ مكان فارسيّ. ابن

الأَعرابي: الجرادُ إِذا جُفِّف وهو مطبوخ فهو الوَزِيمة. والوَزيمُ: اللحمُ

المُجَفَّف. والوَزيمةُ: ما تَجْمَعُه أَو تجعلُه العُقابُ في وَكْرِها من

اللحم. والوَزيمةُ من الضِّباب: أَن يُطْبَخ لحمُها ثم يُيَبَّس ثم يُدقّ

فيُقْمَح أَو يُبْكَل بدَسَم؛ قال ابن سيده: هكذا حكاه أَهل اللغة فجعلوا

العَرَض خَبَراً عن الجوهر، والصواب الوَزيمُ لحمٌ يُفْعَل به كذا؛ قال

أَبو سعيد: سمعت الكِلابيّ يقول الوَزْمةُ من الضِّباب أَن يُطْبَخ

لحمُها ثم يُيَبَّس ثم يُدقّ فيؤكل، قال: وهي من الجراد أَيضاً. ابن دريد:

الوَزْمُ جَمْعُك الشيءَ القليلَ إِلى مثله، والوَزيمُ ما يَبْقَى من

المَرَق ونحوه في القِدْر، وقيل: باقي كلِّ شيء وَزيمٌ؛ وقوله:

فتُشْبِعُ مَجْلسَ الحَيَّيْنِ لَحماً،

وتُلْقي للإِماءِ مِنَ الوَزيمِ

قال ابن سيده: يجوز أَن يكون ما انْمازَ من لَحْمِ الفَخِذِ، وأَن يكون

العَضَل، وأَن يكون اللحمَ الباقيَ الذي يَفْضُل عن العيال. الليث: يقال

اللحمُ

(* قوله «الليث يقال اللحم إلى قوله وناقة وزماء» هكذا في الأصل).

يَتزيَّم ويَتَزَيَّب إِذا صار زِيَماً، وهو شدّة اكتنازه وانضمام بعضه

إلى بعض؛ وقال سلامة بن جندل يصف فرساً:

رَقاقُها ضَرِمٌ، وجَرْيُها خَذِمٌ،

ولحمُها زِيَمٌ، والبَطْنُ مَقبوبُ

وناقةٌ وزْماءُ: كثيرة اللحم؛ قال قيس بن الخَطيم:

مَن لا يَزالُ يَكُبُّ كلَّ ثَقيلةٍ

وَزْماءَ، غيرَ مُحاوِل الإِتْرافِ

والمتَوَزِّم: الشديدُ الوَطء. والوَزْمُ من الأُمور: الذي يأْتي في

حِينهِ، وقد تقدم مع ذكر الجَزْم الذي هو الأَمرُ

الآتي قبل حِينهِ. ووُزِمَ فلانٌ وَزْمةً في ماله إِذا ذهب شيء من ماله؛

عن اللحياني.

فضا

فضا: الفَضاءُ: المكان الواسع من الأَرض، والفعل فَضا يَفْضُو فُضُوّاً

(* قوله «يفضو فضوّاً» كذا بالأصل وعبارة ابن سيده يفضو فضاء وفضوّاً

وكذا في القاموس فالفضاء مشترك بين الحدث والمكان) فهو فاضٍ؛ قال رؤبة:

أَفْرَخَ فَيْضُ بَيْضِها المُنْقاضِ،

عَنكُم، كِراماً بالمَقام الفاضي

وقد فَضا المكان وأَفْضى إِذا اتسع. وأَفْضى فلان إِلى فلان أَي وَصَل

إِليه، وأصله أَنه صار في فُرْجَته وفَضائه وحَيِّزه؛ قال ثعلب بن عبيد يصف

نحلاً:

شَتَتْ كثَّةَ الأَوْبارِ لا القُرَّ تتَّقي،

ولا الذِّئْب تَخْشى، وهي بالبَلدِ المُفْضي

أَي العَراء الذي لا شيء فيه، وأَفْضى إِليه الأَمْرُ كذلك. وأَفْضى

الرجل: دخل على أَهله. وأَفْضى إِلى المرأَة: غَشِيها، وقال بعضهم: إِذا خلا

بها فقد أَفْضى، غَشِيَ أَو لم يَغْشَ، والإِفضاء في الحقيقة الانتهاء؛

ومنه قوله تعالى: وكيف تأْخُذونه وقد أَفضى بعضُكم إِلى بعض؛ أَي انْتَهى

وأَوى، عدَّاه بإِلى لأَن فيه معنى وصَل، كقوله تعالى: أُحلّ لكم ليلة

الصِّيام الرَّفَثُ إِلى نسائكم. ومَرَة مُفْضاة: مجموعة المَسْلَكين. وأَفضى

المرأَةَ فهي مُفضاة إِذا جامَعها فجعلَ مَسْلَكَيْها مَسْلَكاً واحداً

كأَفاضها، وهي المُفْضاة من النساء. الجوهري: أَفضى الرجلُ إِلى امرأَته

باشَرها وجامعها. والمُفضاةُ: الشَّريمُ. وأَلقى ثَوبه فَضاً: لم يُودعْه.

وفي حديث دُعائه للنابغة: لا يُفْضي اللهُ فاك؛ هكذا جاء في رواية، ومعناه

أَن لا يجعله فَضاء لا سنَّ فيه. والفَضاء: الخالي الفارغ الواسع من

الأَرض.

وفي حديث معاذ في عذاب القبر: ضربه بِمرْضافةٍ وسَط رأْسه حتى يُفْضِيَ

كلُّ شيء منه أَي يصير فَضاء. والفَضاء: الساحةُ وما اتسع من الأَرض. يقال:

أَفضيت إِذا خرجت إِلى الفضاء. وأَفْضَيت إِلى فلان بسرّي. الفراء: العرب

تقول لا يُفْضِ اللهُ فاك من أَفْضَيْت. قال: والإِفضاء أَن تَسقط ثناياه

من فوق ومن تحت وكل أَضراسه؛ حكاه شمر عنه؛ قال أَبو منصور: ومن هذا

إِفْضاء المرأَة إِذا انقطع الحِتار الذي بين مسلكيها؛ وقال أَبو الهيثم في

قول زهير:

ومَنْ يوفِ لا يذمم، ومَنْ يُفْضِ قَلْبه

إِلى مُطْمَئِنِّ البِرِّ لا يَتَجَمْجَمِ

أَي مَن يَصر قلبُه إِلى فَضاء من البر ليس دونه ستر لم يَشتبه أَمره

عليه فيتجَمجم أَي يتردّد فيه.

والفَضى، مقصور: الشيء المختلط، تقول: طعام فَضًى أَي فَوْضى مختلط.

شمر: الفَضاء ما استوى من الأَرض واتسع، قال: والصحراء فَضاء. قال أَبو بكر:

الفِضاء، ممدود، كالحِساء وهو ما يجري على وجه الأَرض، واحدته فَضِيَّةٌ

(* قوله «واحدته فضية» هذا ضبط التكملة، وفي الأصل فتحة على الياء

فمقتضاه أنه من باب فعلة وفعال.) ؛ قال الفرزدق:

فصَبَّحْن قَبْلَ الوارِداتِ من القَطا،

ببَطْحاءِ ذِي قارٍ، فِضاءً مُفَجَّرا

والفَضْيةُ: الماء المُسْتَنْقِع، والجمع فِضاء، ممدود؛ عن كراع؛ فأَما

قول عدي بن الرَّقاع:

فأَوْرَدها، لَمَّا انْجَلى الليلُ أَوْ دَنا،

فِضًى كُنَّ للجُونِ الحَوائِم مَشْرَبا

قال ابن سيده: يروى فَضًى وفِضًى، فمن رواه فَضًى جعله من باب حَلْقةٍ

وحَلَقٍ ونَشْفةٍ ونَشَفٍ، ومن رواه فِضًى جعله كَبَدْرَةٍ وبِدَرٍ.

والفَضا: جانِب

(* قوله « والفضا جانب إلخ» كذا بالأصل، ولعله الضفا

بتقديم الضاد إذ هو الذي بمعنى الجانب وبدليل قوله: ويقال في تثنيته ضفوان،

وبعد هذا فايراده هنا سهو كما لا يخفى) الموضع وغيره، يكتب بالأَلف، ويقال

في تثنيته ضَفَوانِ؛ قال زهير:

قَفْراً بِمُنْدَفِع النَّحائِتِ مِنْ

ضَفَوَيْ أُلاتِ الضّالِ والسِّدْرِ

النحائت: آبار معروفة. ومكان فاضٍ ومُفْضٍ أَي واسع. وأَرض فَضاء

وبَرازٌ، والفاضِي: البارِزُ؛ قال أَبو النجم يصف فرسه:

أَمّا إِذا أَمْسَى فَمُفْضٍ مَنْزِلُه،

نَجْعَلُه في مَرْبَطٍ ،نَجْعَلُه

مُفْضٍ: واسع. والمُفْضَى: المُتَّسَع؛ وقال رؤبة:

خَوْقاء مُفْضاها إِلى مُنْخاقِ

أَي مُتَّسَعُها؛ وقال أَيضاً:

جاوَزْته بالقَوْم حتى أَفْضَى

بهِم، وأَمْضىَ سَفَرٌ ما أَمْضَى

(* قوله« ما أمضى» كذا في الأصل، والذي في نسخة التهذيب: ما أفضى.)

قال: أَفْضَى بلغ بهم مكاناً واسعاً أَفْضَى بهم إِليه حتى انقطع ذلك

الطريق إِلى شيء يعرفونه. ويقال: قد أَفْضَيْنا إِلى الفَضاء، وجمعه

أَفْضِية. ويقال: تركت الأَمر فَضاً أَي تركته غيرَ مُحْكَم. وقال أَبو مالك:

يقال ما بقي في كِنانته إِلاَّ سهم فَضاً؛ فَضاً أَي واحد. وقال أَبو عمرو:

سهم فَضاً إِذا كان مُفْرداً ليس في الكِنابة غيره. ويقال: بَقِيت من

أَقْراني فَضاً أَي بقيت وحدي، ولذلك قيل للأَمر الضعيف غير المحكم فَضاً،

مقصور. وأَفْضَى بيده إِلى الأَرض إِذا مَسَّها بباطن راحته في سُجوده.

والفَضا: حب الزَّبيب. وتمر فَضاً: منثور مختلط، وقال اللحياني: هو المختلط

بالزبيب؛ وأَنشد:

فَقُلْتُ لهَا: يا خالتي لَكِ ناقَتي،

وتمرٌ فَضاً، في عَيْبَتي، وزَبيبُ

أَي منثور، ورواه بعض المتأَخرين: يا عَمَّتي. وأَمرُهم بينهم فَضاً أَي

سواء. ومَتاعُهم بينهم فَوْضَى فَضاً أَي مختلط مشترك. غيره: وأَمرهم

فَوْضَى وفَضاً أَي سواء بينهم؛ وأَنشد للمُعَذِّل البَكْريِّ:

طَعامُهُمُ فَوْضَى فَضاً في رِحالِهم،

ولا يُحْسِنُون الشَّرَّ إِلاَّ تَنادِيا

ويقال: الناسُ فَوْضَى إِذا كانوا لا أَميرَ عليهم ولا مَنْ يجمعهم.

وأَمرُهُم فَضاً بينهم أَي لا أَمير عليهم. وأَفْضَى إِذا افْتَقَرَ.

تله

تله: التَّلَهُ: الحَيْرة. تَلِه الرجلُ يَتْلَهُ تَلَهاً: حار.

وتَتَلَّهَ: جال في غير ضَيْعة. ورأَيتُه يتَتَلَّه أَي يتَرَدَّدُ متحيراً؛

وأَنشد أَبو سعيد بيتَ لبيد:

باتتْ تَتَلَّه في نِهاءٍ صُعائِدٍ

ورواه غيره: تبَلَّد؛ وقيل أَصل التَّلَهِ بمعنى الحيرة الوَلَهُ، قلبت

الواو تاء، وقد وَلِهَ يَوْلَهُ وتَلِهَ يَتْلَهُ، وقيل: كان في الأَصل

ائْتَلَهَ يَأْتَلِهُ، فأُدغمت الواو في التاء فقيل اتَّلَهَ يَتَّلِهُ،

ثم حذفت التاء فقيل تلِهَ يَتْلَهُ، كما قالوا تَخِذَ يَتْخَذُ وتَقِيَ

يَتْقَ، والأَصل فيهما اتَّخَذَ يَتَّخِذ واتَّقَى يتَّقي، وقيل: تَلِهَ

كان أَصله دَلِهَ. ابن سيده: التَّلَهُ لغة في التَّلَف، والمَتْلَهَة

المَتْلَفة. وفلاة مَتْلَهة أَي مَتْلَفة؛ قال الشاعر

(* قوله «قال الشاعر»

هو رؤبة، وعجزه كما في التكملة: بنا حراجيج المهاري النفه

ويروى: ميله من الوله):

به تَمَطَّتْ غَوْلَ كُلِّ مَتْلَه

يعني مَتْلَفٍ. الأَزهري في النوادر: تَلِهْْتُ كذا وتَلِهْتُ عنه أَي

ضَلِلْتُه وأُنْسِيتُه.

Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.