Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: سخط

ذكر البحار

ذكر البحار
أما اشتقاق البحر فقال صاحب كتاب العين: سمي البحر بحرا لاستبحاره، وهو سعته وانبساطه، ويقال: استبحر فلان في العلم وتبحر الراعي في رعي كثير وتبحّر في المال إذا كثر ماله. والماء البحر: هو الملح، وقد أبحر الماء إذا صار ملحا، قال نصيب:
وقد عاد ماء البحر ملحا، فزادني ... إلى مرضي أن أبحر المشرب العذب
وأما ماء البحر فذكر مقاتل أنه فضلة ماء السماء المنهمر منها في الطوفان، واحتجّ بقوله تعالى: وَقِيلَ يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ وَيا سَماءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْماءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ 11: 44، فلما بلعت الأرض ماءها بقي ماء السماء على وجهها، وهو ماء البحر، قال: وإنما كان ملحا لأنه ماء سخط، كذا نزل ولم يذكر أحد من المفسرين في هذا شيئا، وهو قول حسن يتقبله القلب، وكذا قيل في الماء الذي تبديه الأرض إلينا، وهو نبع من ماء السماء أيضا، واحتجّ بقوله تعالى: وَأَنْزَلْنا من السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ في الْأَرْضِ 23: 18، وقوله تعالى: أَلَمْ تَرَ أَنَّ الله أَنْزَلَ من السَّماءِ ماءً فَسَلَكَهُ يَنابِيعَ في الْأَرْضِ 39: 21، وأذكر ما يضاف إليه على حروف المعجم.

حَجْرٌ

حَجْرٌ:
بالفتح، يقال: حجرت عليه حجرا إذا منعته فهو محجور، والحجر، بالكسر، بمعنى واحد.
وحجر: هي مدينة اليمامة وأم قراها، وبها ينزل الوالي، وهي شركة إلا أن الأصل لحنيفة، وهي بمنزلة البصرة والكوفة، لكل قوم منها خطّة إلا أن العدد فيه لبني عبيد من بني حنيفة، وقال أبو عبيدة معمر بن المثنّى: خرجت بنو حنيفة بن لجيم ابن صعب بن علي بن بكر بن وائل يتبعون الريف ويرتادون الكلأ حتى قاربوا اليمامة على السّمت الذي كانت عبد القيس سلكته لما قدمت البحرين، فخرج عبيد بن ثعلبة بن يربوع بن ثعلبة بن الدؤل بن حنيفة منتجعا بأهله وماله يتبع مواقع القطر حتى هجم على اليمامة فنزل موضعا يقال له قارات الحبل، وهو من حجر على يوم وليلة، فأقام بها أياما ومعه جار من اليمن من سعد العشيرة ثم من بني زبيد، فخرج راعي عبيد حتى أتى قاع حجر فرأى القصور والنخل وأرضا عرف أن لها شأنا وهي التي كانت لطسم وجديس فبادوا كما يذكر، إن شاء الله تعالى، في اليمامة، فرجع الراعي حتى أتى عبيدا فقال: والله إني رأيت آطاما طوالا وأشجارا حسانا هذا حملها، وأتى بالتمر معه مما وجده منتثرا تحت النخل، فتناول منه عبيد وأكل وقال: هذا والله طعام طيّب! وأصبح فأمر بجزور فنحرت ثم قال لبنيه وغلمانه:
اجتزروا حتى آتيكم، وركب فرسه وأردف الغلام خلفه وأخذ رمحه حتى أتى حجرا فلما رآها لم يحل عنها وعرف أنها أرض لها شأن فوضع رمحه في الأرض ثم دفع الفرس واحتجر ثلاثين قصرا وثلاثين حديقة وسماها حجرا وكانت تسمى اليمامة، فقال في ذلك:
حللنا بدار كان فيها أنيسها، ... فبادوا وخلّوا ذات شيد حصونها
فصاروا قطينا للفلاة بغربة ... رميما، وصرنا في الديار قطينها
فسوف يليها بعدنا من يحلها، ... ويسكن عرضا سهلها وحزونها
ثم ركز رمحه في وسطها ورجع إلى أهله فاحتملهم حتى أنزلهم بها، فلما رأى جاره الزبيدي ذلك قال:
يا عبيد الشرك! قال: لا بل الرضا، فقال: ما بعد الرضا إلا الــسخط، فقال عبيد: عليك بتلك القرية فانزلها، القرية بناحية حجر على نصف فرسخ منها، فأقام بها الزبيدي أياما ثم غرض فأتى عبيدا فقال له:
عوّضني شيئا فإني خارج وتارك ما ههنا، فأعطاه ثلاثين بكرة، فخرج ولحق بقومه، وتسامعت بنو حنيفة ومن كان معهم من بكر بن وائل بما أصاب عبيد بن ثعلبة فأقبلوا فنزلوا قرى اليمامة وأقبل زيد ابن يربوع عمّ عبيد حتى أتى عبيدا فقال: أنزلني معك حجرا، فقام عبيد وقبض على ذكره وقال: والله لا ينزلها إلا من خرج من هذا، يعني أولاده، فلم يسكنها إلا ولده، وليس بها إلا عبيدي، وقال لعمه:
عليك بتلك القرية التي خرج منها الزبيدي فانزلها، فنزلها في أخبية الشعر وعبيد وولده في القصور بحجر، فكان عبيد يمكث الأيام ثم يقول لبنيه: انطلقوا إلى باديتنا، يريد عمه، فيمضون يتحدثون هنالك ثم يرجعون، فمن ثمّ سميت البادية، وهي منازل زيد وحبيب وقطن ولبيد بني يربوع بن ثعلبة بن الدؤل بن حنيفة، ثم جعل عبيد يفسل النخل فيغرسها فتخرج ولا تخلف، ففعل أهل اليمامة كلهم ذلك، فهذا هو السبب في تسميتها حجرا، وقد أكثرت الشعراء من ذكرها والتشوق إليها، فروي عن نفطويه قال:
قالت أم موسى الكلابية وكان تزوجها رجل من أهل حجر اليمامة ونقلها إلى هنالك:
قد كنت أكره حجرا أن ألمّ بها، ... وأن أعيش بأرض ذات حيطان
لا حبّذا العرف الأعلى وساكنه، ... وما تضمّن من مال وعيدان
أبيت أرقب نجم الليل قاعدة ... حتى الصباح، وعند الباب علجان
لولا مخافة ربي أن يعاقبني، ... لقد دعوت على الشيخ ابن حيّان
وكان رجل من بني جشم بن بكر يقال له جحدر يخيف السبيل بأرض اليمن، وبلغ خبره الحجاج، فأرسل إلى عامله باليمن يشدد عليه في طلبه، فلم يزل يجد في أمره حتى ظفر به وحمله إلى الحجاج بواسط، فقال له: ما حملك على ما صنعت؟ فقال: كلب الزمان وجراءة الجنان، فأمر بحبسه فحبس، فحنّ إلى بلاده وقال:
لقد صدع الفؤاد، وقد شجاني ... بكاء حمامتين تجاوبان
تجاوبتا بصوت أعجميّ ... على غصنين: من غرب وبان
فأسبلت الدموع بلا احتشام، ... ولم أك باللئيم ولا الجبان
فقلت لصاحبيّ: دعا ملامي، ... وكفّا اللوم عني واعذراني
أليس الله يعلم أن قلبي ... يحبك أيها البرق اليماني؟
وأهوى أن أعيد إليك طرفي ... على عدواء من شغلي وشاني
أليس الله يجمع أم عمرو ... وإيانا، فذاك بنا تدان؟
بلى! وترى الهلال كما أراه، ... ويعلوها النهار كما علاني
فما بين التفرق غير سبع ... بقين من المحرم، أو ثمان
ألم ترني غذيت أخا حروب، ... إذا لم أجن كنت مجنّ جان؟
أيا أخويّ من جشم بن بكر، ... أقلّا اللّوم إن لا تنفعاني
إذا جاوزتما سعفات حجر ... وأودية اليمامة، فانعياني
لفتيان، إذا سمعوا بقتلي ... بكى شبانهم وبكى الغواني
وقولا: جحدر أمسى رهينا، ... يحاذر وقع مصقول يماني
ستبكي كل غانية عليه، ... وكل مخضّب رخص البنان
وكل فتى له أدب وحلم ... معدّيّ كريم، غير وان
فبلغ شعره هذا الحجاج فأحضره بين يديه وقال له:
أيما أحب إليك أن أقتلك بالسيف أو ألقيك للسباع؟
فقال له: أعطني سيفا وألقني للسباع! فأعطاه سيفا وألقاه إلى سبع ضار مجوّع فزأر السبع وجاءه فتلقاه بالسيف ففلق هامته، فأكرمه الحجاج واستنابه وخلع عليه وفرض له في العطاء وجعله من أصحابه، وأنشد ابن الأعرابي في نوادره لبعض اللصوص:
هل الباب مفروج، فأنظر نظرة ... بعين قلت حجرا وطال احتمامها؟
ألا حبّذا الدهنا وطيب ترابها، ... وأرض فضاء يصدح الليل هامها
وسير المطايا بالعشيات والضحى، ... إلى بقر وحش العيون اكامها
والحجر أيضا حجر الراشدة: موضع في ديار بني عقيل، وهو مكان ظليل أسفله كالعمود وأعلاه منتشر، عن أبي عبيد. والحجر أيضا: واد بين بلاد عذرة وغطفان. والحجر أيضا: جبل في بلاد غطفان.
والحجر أيضا حجر بني سليم: قرية لهم.

دارُ دِينار

دارُ دِينار:
محلّتان ببغداد يقال لإحداهما الكبرى وللأخرى دار دينار الصغرى، وهي في الجانب الشرقي قرب سوق الثلاثاء بينه وبين دجلة، منسوبة إلى دينار ابن عبد الله من موالي الرشيد، وكان عظيما في أيام المأمون، وعاضد الحسن بن سهل على حروب الفتنة لإبراهيم بن المهدي وغيره، وإيّاها عنى المؤيد الألوسي:
نهر المعلّى الشاطي دار دينار، ... مجامع العيس أوطاني وأوطاري
حيث الصّبا ناعم والدار دانية، ... والدهر يأتي على وقفي وإيثاري
والليل بين الدّمى والغيد مختصر، ... قصير ما بين روحاتي وإبكاري
وقد تطاول، حتى ما تخيل لي ... أن الزمان لياليه بإسحاري
وكان دينار من أجلّ القوّاد في زمن المأمون، وكان ولي كور الجبل وغيره ثم سخط عليه المأمون فاقتصر به على ماه الكوفة، فأراد أن يمتنع من قبوله ذلك، ثم عرض له أن شاور المؤيد فقال له المؤيد:
إن الحركة من دلائل الحياة والسكون من دلائل الموت، وإن تتحرك حركة ضعيفة تؤمل أن تقوى أحبّ إليّ من أن تسكن، فقبل العمل وأحمد الرأي فيه، وكان لدينار أخ اسمه يحيى، وفيهما يقول دعبل بن عليّ:
ما زال عصياننا لله يرذلنا، ... حتى دفعنا إلى يحيى ودينار
إلى عليجين لم يقطع ثمارهما، ... قد طال ما سجدا للشمس والنار
وفيه وفي رجاء بن أبي الضحّاك وابنيه والحسن بن سهل يقول دعبل:
ألا فاشتروا منّي ملوك المخرّم ... أبع حسنا وابني رجاء بدرهم
وأعط رجاء فوق ذاك زيادة، ... وأسمح بدينار بغير تندّم
فإن ردّ من عيب عليّ جميعهم، ... فليس يردّ العيب يحيى بن أكثم

دَهْلَك

دَهْلَك:
بفتح أوله، وسكون ثانيه، ولام مفتوحة، وآخره كاف، اسم أعجمي معرب، ويقال له دهيك أيضا: وهي جزيرة في بحر اليمن، وهو مرسى بين بلاد اليمن والحبشة، بلدة ضيّقة حرجة حارة كان بنو أمية إذا سخطــوا على أحد نفوه إليها، وقال أبو المقدام:
ولو أصبحت بنت القطاميّ، دونها ... جبال بها الأكراد صمّ صخورها
لباشرت ثوب الخوف، حتى أزورها ... بنفسي، إذا كانت بأرض تزورها
ولو أصبحت خلف الثريّا لزرتها ... بنفسي، ولو كانت بدهلك دورها
وقال أبو الفتح نصر الله بن عبد الله بن قلاقس الإسكندري يذكر دهلك وصاحبه مالك بن الشدّاد:
وأقبح بدهلك من بلدة، ... فكلّ امرئ حلّها هالك
كفاك دليلا على أنها ... جحيم وخازنها مالك

دَيرُ لُبَّى

دَيرُ لُبَّى:
بضم اللام، ورواه ابن المعلّى الأزدي بالكسر وتشديد الباء الموحدة والقصر، ذكره أبو الفرج، ويروى لبنى بالنون، قال: وهو دير قديم على جانب الفرات بالجانب الشرقي منها، وهو من منازل بني تغلب، ذكره الأخطل فقال:
عفا دير لبّى من أميمة فالحفر، ... وأقفر إلّا أن يلمّ به ركب
قضين من الديرين همّا طلبنه، ... فهنّ إلى لهو وجارتها سرب
وهناك كانت وقائع بين بني تغلب وبني شيبان ومغالبة على تلك البلاد، قال ابن مقبل:
كأنّ الخيل إذ صبّحن كلبا ... يرين وراءهم ما يبتغينا
سخطــن فلا يزينهم بواء، ... فلا ينزعن حتى يعتدينا
ولو كحلت حواجب آل قيس ... بتغلب بعد كلب ما قرينا
فما تسلم لكم أفراس قيس، ... ولا ترجو البنات ولا البنينا
أثرن عجاجة في دير لبّى، ... وبالحضرين شيّبن القرونا

زِجاجٌ

زِجاجٌ:
بكسر أوّله، وتكرير الجيم، كأنّه جمع زجّ الرّمح، وهو الحديدة التي في أسفل الرمح، والجمع زججة وزجاج: وهو موضع بالدهناء، قال ذو الرّمة:
فظلّت بأجماد الزّجاج سواخطا
أي الحمر، والأجماد جمع جمد: وهو ما غلظ من الأرض وارتفع، وسواخطا أي سخطــن المرتفع لما يبس عليهنّ الكلأ.

سَعيد آبَاذ

سَعيد آبَاذ:
بليدة في جبال طبرستان تلي كلار، وكان بها منبر. وسعيدآباذ: قلعة بفارس من ناحية رامجرد من كورة إصطخر على جبل شاهق يسير المرتقي إليها فرسخا، وكانت في الشرك تعرف بقلعة إسفيدباذ، وبها تحصن زياد ابن أبيه أيّام عليّ بن أبي طالب، رضي الله عنه، فنسبت إلى زياد مدة، ثمّ تحصن بها في آخر أيّام بني أميّة منصور بن جمهور وكان واليا على فارس فنسبت إليه مدّة فكان يقال لها قلعة منصور، ثمّ تعطّلت مدّة وخربت ثمّ استجدّ عمارتها محمد بن واصل الحنظلي فنسبت إليه وكان واليا على فارس، فلمّا ملك يعقوب بن الليث فارس لم يقدر على فتحها إلّا بأمر محمد بن واصل فخرّبها ثمّ احتاج إليها فأعاد بناءها وجعلها محبسا لمن يــسخط عليه.

صارٌ

صارٌ:
بالراء، بلفظ صار يصير إلا أنّه استعمل اسما:
شعب من نعمان قرب مكة، قال سراقة بن خثعم الكناني:
تبغّين الحقاب وبطن برم، ... وقنّع في عجاجتهنّ صار
وقال أبو خراش الهذلي:
تقول ابنتي لمّا رأتني عشيّة: ... سلمت وما أن كدت بالأمر تسلم
فقلت وقد جاوزت صار عشيّة: ... أجاوزت أولى القوم أو أنا أحلم؟
ولولا دراك الشّدّ فاضت حليلتي ... تخيّر في خطّابها، وهي أيّم
فتــسخط أو ترضى مكاني خليفة، ... وكاد خراش يوم ذلك ييتم

صَلاصِلُ

صَلاصِلُ:
بالفتح، وهو جمع الصلصال مخفّفا لأنّه كان ينبغي أن يكون صلاصيل، وهو الطين الحرّ بالرمل، فصار يتصلصل إذا جفّ أي يصوّت، فإذا طبخ بالنار فهو الفخّار، ويجوز أن يكون من التصويت، قال الأزهري: الصلاصل الفواخت، واحدتها صلصل، والصلاصل: بقايا الماء، واحدتها صلصلة: وهو ماء لبني أسمر من بني عمرو بن حنظلة، قاله السكري في شرح قول جرير:
عفا قوّ وكان لنا محلّا ... إلى جوّي صلاصل من لبينى
ألا ناد الظّعائن لو لوينا، ... ولولا من يراقبن ارعوينا
ألم ترني بذلت لهنّ ودّي، ... وكذّبت الوشاة فما جزينا
إذا ما قلت: حان لنا التّقاضي، ... بخلن بعاجل ووعدن دينا
فقد أمسى البعيث سخين عين، ... وما أمسى الفرزدق قرّ عينا
إذا ذكرت مساعينا غضبتم، ... أطال الله سخطــكم علينا

طَاوُسُ

طَاوُسُ:
موضع بنواحي بحر فارس، عن سيف، كان للغلّاب الحضرمي أرسل إليه جيشا في البحر من غير إذن عمر فــسخط عليه وعزله وراح إلى الكوفة إلى سعد بن أبي وقّاص لأنه كان يعضده فمات في ذي قار، وقال خليد بن المنذر في ذلك:
بطاووس ناهبنا الملوك وخيلنا، ... عشية شهراك، علون الرواسيا
أطاحت جموع الفرس من رأس حالق ... تراه لبوّار السحاب مناغيا
فلا يبعدنّ الله قوما تتابعوا، ... فقد خضبوا يوم اللقاء العواليا

الفُسْطَاطُ

الفُسْطَاطُ:
وفيه لغات وله تفسير واشتقاق وسبب يذكر عند ذكر عمارته، وأنا أبدأ بحديث فتح مصر ثم أذكر اشتقاقه والسبب في استحداث بنائه، حدث الليث بن سعد وعبد الله بن لهيعة عن يزيد بن أبي
حبيب وعبيد الله بن أبي جعفر وعيّاش بن عبّاس القتباني وبعضهم يزيد على بعض في الحديث: وهو أن عمر بن الخطّاب، رضي الله عنه، لما قدم الجابية خلا به عمرو بن العاص وذلك في سنة 18 من التاريخ فقال: يا أمير المؤمنين ائذن لي في المسير إلى مصر فإنك إن فتحتها كانت قوّة للمسلمين وعونا لهم وهي أكثر الأرضين أموالا وأعجز عن حرب وقتال، فتخوّف عمر بن الخطّاب على المسلمين وكره ذلك فلم يزل عمرو بن العاص يعظّم أمرها عنده ويخبره بحالها ويهوّن عليه أمرها في فتحها حتى ركن عمر ابن الخطاب لذلك فعقد له على أربعة آلاف رجل كلهم من عكّ، قال أبو عمر الكندي: إنه سار ومعه ثلاثة آلاف وخمسمائة ثلثهم من غافق، فقال له: سر وأنا مستخير الله تعالى في تسييرك وسيأتيك كتابي سريعا إن شاء الله تعالى، فإن لحقك كتابي آمرك فيه بالانصراف عن مصر قبل أن تدخلها أو شيئا من أرضها فانصرف، وإن دخلتها قبل أن يأتيك كتابي فامض لوجهك واستعن بالله واستنصره، فسار عمرو بن العاص بالمسلمين واستخار عمر بن الخطاب الله تعالى فكأنه تخوّف على المسلمين فكتب إلى عمرو يأمره أن ينصرف فوصل إليه الكتاب وهو برفح فلم يأخذ الكتاب من الرسول ودافعه حتى نزل العريض فقيل له إنها من مصر فدعا بالكتاب وقرأه على المسلمين وقال لمن معه: تعلمون أن هذه القرية من مصر؟ قالوا: نعم، قال: فإن أمير المؤمنين عهد إليّ إن لحقني كتابه ولم أدخل أرض مصر أن أرجع، وقد دخلت أرض مصر فسيروا على بركة الله، فكان أول موضع قوتل فيه الفرما قتالا شديدا نحو شهرين ففتح الله له وتقدم لا يدافع إلا بالأمر الخفيف حتى أتى بلبيس فقاتلوه بها نحوا من الشهر حتى فتح الله عز وجل له ثم مضى لا يدافع إلّا بأمر خفيف حتى أتى أمّ دنين وهي المقس فقاتلوه قتالا شديدا نحو شهرين وكتب إلى عمر، رضي الله عنه، يستمدّه فأمدّه باثني عشر ألفا فوصلوا إليه أرسالا يتبع بعضهم بعضا وكتب إليه:
قد أمددتك باثني عشر ألفا وما يغلب اثنا عشر ألفا من قلّة، وكان فيهم أربعة آلاف عليهم أربعة من الصحابة الكبار: الزّبير بن العوّام والمقداد بن الأسود وعبادة بن الصامت ومسلمة بن مخلّد، رضي الله عنهم، وقيل إن الرابع خارجة بن حذافة دون مسلمة، ثم أحاط المسلمون بالحصن وأمير الحصن يومئذ المندفور الذي يقال له الأعيرج من قبل المقوقس بن قرقب اليوناني، وكان المقوقس ينزل الإسكندرية وهو في سلطان هرقل غير أنه حاصر الحصن حين حاصره المسلمون، ونصب عمرو فسطاطه في موضع الدار المعروفة بإسرائيل على باب زقاق الزّهري وأقام المسلمون على باب الحصن محاصري الروم سبعة أشهر ورأى الزّبير بن العوّام خللا مما يلي دار أبي صالح الحرّاني الملاصقة لحمّام أبي نصر السّرّاج عند سوق الحمّام فنصب سلّما وأسنده إلى الحصن وقال: إني أهب نفسي لله عز وجل فمن شاء أن يتبعني فليفعل، فتبعه جماعة حتى أوفى على الحصن فكبّر وكبّروا ونصب شرحبيل بن حجيّة المرادي سلّما آخر مما يلي زقاق الزمامرة، ويقال إن السلّم الذي صعد عليه الزبير كان موجودا في داره التي بسوق وردان إلى أن وقع حريق في هذه الدار فاحترق بعضه ثم أحرق ما بقي منه في ولاية عبد العزيز بن محمد بن النعمان، أخزاه الله، لقضاء الإسماعيلية وذلك بعد سنة 390، فلما رأى المقوقس أن العرب قد ظفروا بالحصن جلس في سفينة هو وأهل
القوة وكانت ملصقة بباب الحصن الغربي ولحقوا بالجزيرة وقطعوا الجسر وتحصنوا هناك والنيل حينئذ في مده، وقيل: إن الأعيرج خرج معهم، وقيل:
أقام بالحصن، وسأله المقوقس في الصلح فبعث إليه عمرو عبادة بن الصامت وكان رجلا أسود طوله عشرة أشبار فصالحه المقوقس عن القبط والروم على أن للروم الخيار في الصلح إلى أن يوافي كتاب ملكهم فإن رضي تمّ ذلك وإن سخط انتقض ما بينه وبين الروم وأما القبط فبغير خيار، وكان الذي انعقد عليه الصلح أن فرض على جميع من بمصر أعلاها وأسفلها من القبط ديناران على كل نفس في السنة من البالغين شريفهم ووضيعهم دون الشيوخ والأطفال والنساء وعلى أن للمسلمين عليهم النزول حيث نزلوا ثلاثة أيام وأن لهم أرضهم وأموالهم لا يعترضون في شيء منها، وكان عدد القبط يومئذ أكثر من ستة آلاف ألف نفس والمسلمون خمسة عشر ألفا، فمن قال إن مصر فتحت صلحا تعلّق بهذا الصلح، وقال: إن الأمر لم يتم إلا بما جرى بين عبادة بن الصامت والمقوقس وعلى ذلك أكثر علماء مصر، منهم عقبة بن عامر وابن أبي حبيب والليث بن سعد وغيرهم، وذهب الذين قالوا إنها فتحت عنوة إلى أن الحصن فتح عنوة فكان حكم جميع الأرض كذلك، وبه قال عبد الله بن وهب ومالك بن أنس وغيرهما، وذهب بعضهم إلى أن بعضها فتح عنوة وبعضها فتح صلحا، منهم: ابن شهاب وابن لهيعة، وكان فتحها يوم الجمعة مستهل المحرم سنة 20 للهجرة، وذكر يزيد بن أبي حبيب أن عدد الجيش الذين شهدوا فتح الحصن خمسة عشر ألفا وخمسمائة، وقال عبد الرحمن بن سعيد بن مقلاص: إن الذين جرت سهامهم في الحصن من المسلمين اثنا عشر ألفا وثلاثمائة بعد من أصيب منهم في الحصار بالقتل والموت وكان قد أصابهم طاعون، ويقال إن الذين قتلوا من المسلمين دفنوا في أصل الحصن، فلما حاز عمرو ومن معه ما كان في الحصن أجمع على المسير إلى الإسكندرية فسار إليها في ربيع الأول سنة 20 وأمر عمرو بفسطاطه أن يقوّض فإذا بيمامة قد باضت في أعلاه فقال: لقد تحرّمت بجوارنا، أقرّوا الفسطاط حتى تنقف وتطير فراخها، فأقرّ فسطاطه ووكّل به من يحفظه أن لا تهاج ومضى إلى الإسكندرية وأقام عليها ستة أشهر حتى فتحها الله عليه فكتب إلى عمر بن الخطاب يستأذنه في سكناها فكتب إليه: لا تنزل بالمسلمين منزلا يحول بيني وبينهم فيه نهر ولا بحر، فقال عمرو لأصحابه: أين ننزل؟
فقالوا: نرجع أيها الأمير إلى فسطاطك فنكون على ماء وصحراء، فقال للناس: نرجع إلى موضع الفسطاط، فرجعوا وجعلوا يقولون: نزلت عن يمين الفسطاط وعن شماله، فسميت البقعة بالفسطاط لذلك، وتنافس الناس في المواضع فولى عمرو بن العاص على الخطط معاوية بن حديج وشريك بن سميّ وعمرو ابن قحزم وجبريل بن ناشرة المعافري فكانوا هم الذين نزّلوا القبائل وفصلوا بينهم، وللعرب ست لغات في الفسطاط، يقال: فسطاط بضم أوله وفسطاط بكسره وفسّاط بضم أوله وإسقاط الطاء الأولى وفسّاط بإسقاطها وكسر أوله وفستاط وفستاط بدل الطاء تاء ويضمون ويفتحون، ويجمع فساطيط، وقال الفراء في نوادره: ينبغي أن يجمع فساتيط ولم أسمعها فساسيط، وأما معناه فإنّ الفسطاط الذي كان لعمرو ابن العاص هو بيت من أدم أو شعر، وقال صاحب العين: الفسطاط ضرب من الأبنية، قال: والفسطاط أيضا مجتمع أهل الكورة حوالي مسجد جماعتهم، يقال: هؤلاء أهل الفسطاط، وفي الحديث: عليكم
بالجماعة فإن يد الله على الفسطاط، يريد المدينة التي يجتمع فيها الناس، وكل مدينة فسطاط، قال: ومنه قيل لمدينة مصر التي بناها عمرو بن العاص الفسطاط، روي عن الشعبي أنه قال: في العبد الآبق إذا أخذ في الفسطاط ففيه عشرة دراهم وإذا أخذ خارج الفسطاط ففيه أربعون، وقال عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم: فلما فتحت مصر التمس أكثر المسلمين الذين شهدوا الفتح أن تقسم بينهم فقال عمرو: لا أقدر على قسمتها حتى أكتب إلى أمير المؤمنين، فكتب إليه يعلمه بفتحها وشأنها ويعلمه أن المسلمين طلبوا قسمتها، فكتب إليه عمر: لا تقسمها وذرهم يكون خراجهم فيئا للمسلمين وقوة لهم على جهاد عدوهم، فأقرها عمرو وأحصى أهلها وفرض عليهم الخراج، ففتحت مصر كلها صلحا بفريضة دينارين دينارين على كل رجل لا يزاد على أحد منهم في جزية رأسه أكثر من دينارين إلا أنه يلزم بقدر ما يتوسع فيه من الأرض والزرع إلا أهل الإسكندرية فإنهم كانوا يؤدون الجزية والخراج على قدر ما يرى من وليهم لأن الإسكندرية فتحت عنوة بغير عهد ولا عقد ولم يكن لهم صلح ولا ذمة، وحدث الليث بن سعد عن عبد الله بن جعفر قال:
سألت شيخا من القدماء عن فتح مصر فقال: هاجرنا إلى المدينة أيام عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، وأنا محتلم وشهدت فتح مصر، وقلت: إن ناسا يذكرون أنه لم يكن لهم عهد، فقال: لا يبالي أن لا يصلي من قال إنه ليس لهم عهد، فقلت: هل كان لهم كتاب؟ قال: نعم كتب ثلاثة: كتاب عند طلما صاحب إخنى وكتاب عند قرمان صاحب رشيد وكتاب عند يحنّس صاحب البرلّس، قلت: فكيف كان صلحهم؟ قال: ديناران على كل إنسان جزية وأرزاق المسلمين، قلت: أفتعلم ما كان من الشروط؟
قال: نعم ستة شروط: لا يخرجون من ديارهم ولا تنتزع نساؤهم ولا كنوزهم ولا أراضيهم ولا يزاد عليهم، وقال عقبة بن عامر: كانت شروطهم ستة:
أن لا يؤخذ من أرضهم شيء ولا يزاد عليهم ولا يكلفوا غير طاقتهم ولا تؤخذ ذراريهم وأن يقاتل عنهم عدوهم من ورائهم، وعن يحيى بن ميمون الحضرمي قال: لما فتح عمرو بن العاص مصر صولح جميع من فيها من الرجال من القبط ممن راهق الحلم إلى ما فوق ذلك ليس فيهم صبيّ ولا امرأة ولا شيخ على دينارين دينارين فأحصوا لذلك فبلغت عدتهم ثلاثمائة ألف ألف، وذكر آخرون أن مصر فتحت عنوة، روى ابن وهب عن داود بن عبد الله الحضرمي أن أبا قنّان حدثه عن أبيه أنه سمع عمرو بن العاص يقول: قعدت في مقعدي هذا وما لأحد من قبط مصر عليّ عهد ولا عقد إلا لأهل انطابلس فإن لهم عهدا نوفي لهم به إن شئت قتلت وإن شئت خمست وإن شئت بعت، وروى ابن وهب عن عياض بن عبد الله الفهري عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أن عمرو بن العاص فتح مصر بغير عقد ولا عهد وأن عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، حبس درّها وصرّها أن يخرج منها شيء نظرا للإمام وأهله، والله الموفق.

قَرْقِيسِياءُ

قَرْقِيسِياءُ:
بالفتح ثم السكون، وقاف أخرى، وياء ساكنة، وسين مكسورة، وياء أخرى، وألف ممدودة، ويقال بياء واحدة، قال شاعر:
لعن سخطــه من خالقي أو لشقوة ... تبدّلت قرقيسياء من دارة الرّدم
قال حمزة الأصبهاني: قرقيسيا معرب كركيسيا وهو مأخوذ من كركيس وهو اسم لأرسال الخيل المسمّى بالعربية الحلبة وكثيرا ما يجيء في الشعر مقصورا، وقال سعد بن أبي وقّاص وقد أنفذ جيشا وهو بالمدائن في سنة 16 إلى هيت وقرقيسيا ورئيسهم عمرو بن مالك الزّهري فنزلوا على حكمه فقال عند ذلك:
ونحن جمعنا جمعهم في حفيرهم ... بهيت، ولم نحفل لأهل الحفائر
وسرنا على عمد نريد مدينة ... بقرقيسيا سير الكماة المساعر
فجئناهم في دارهم بغتة ضحى، ... فطاروا وخلّوا أهل تلك المحاجر
فنادوا إلينا من بعيد بأننا ... ندين بدين الجزية المتواتر
قبلنا ولم نردد عليهم جزاءهم، ... وحطناهم بعد الجزا بالبواتر
بلد على نهر الخابور قرب رحبة مالك بن طوق على ستة فراسخ وعندها مصبّ الخابور في الفرات، فهي في مثلث بين الخابور والفرات، قيل: سميت بقرقيسيا ابن طهمورث الملك، قال بطليموس: مدينة قرقيسيا طولها أربع وستون درجة وخمس وأربعون دقيقة، وعرضها خمس وثلاثون درجة، وهي من الإقليم الرابع، طالعها السماك الأعزل ولها شركة مع الجوزاء، بيت حياتها تسع درج من العقرب تحت إحدى عشرة درجة من السرطان وعشرين دقيقة، يقابلها مثلها من
الجدي، بيت ملكها مثلها من الحمل، عاقبتها مثلها من الميزان، قال صاحب الزيج: طولها أربع وستون درجة، وعرضها ثلاث وثلاثون درجة وربع، ولما فتح عياض بن غنم الجزيرة في سنة تسع عشرة وجّه حبيب بن مسلمة الفهري إلى قرقيسيا ففتحها على مثل صلح أهل الرقة، فلما مات عياض بن غنم وولي الجزيرة عمير بن سعد وولي رأس عين سلك الخابور وما يليه حتى أتى قرقيسيا وقد نقض أهلها فصالحهم على مثل صلحهم الأول.

المُجَمَّرُ

المُجَمَّرُ:
الموضع الذي ترمى فيه الجمار، قال كثير:
وخبّرها الواشون أني صرمتها، ... وحمّلها غيظا علىّ المحمّل
وإني لمنقاد لها اليوم بالرّضى، ... ومعتذر من سخطــها متنصّل
أهيم بأكناف المجمّر من منّى ... إلى أمّ عمرو، إنني لموكّل
وقال حذيفة بن أنس الهذلي:
فلو أسمع القوم الصّراخ لقوربت ... مصارعهم بين الدّخول وعرعرا
وأدركهم شعث النواصي كأنهم ... سوابق حجّاج توافي المجمّرا

المَشَانُ

المَشَانُ:
بالفتح، وآخره نون: هي بليدة قريبة من البصرة كثيرة التمر والرطب والفواكه، وما أبعد أن يكون أصلها الضم لأن الرطب المشان ضرب منه طيب، فيه جرى المثل: بعلّة الورشان يأكل رطب المشان، فغيّرته العامة، ومنها تحكي العوامّ قيل لملك الموت: أين نطلبك إذا أردناك؟ قال: عند قنطرة حلوان، قيل: فإن لم نجدك؟ قال: ما أبرح من مشرعة المشان، وإلى الآن إذا سخط ببغداد على أحد ينفى إليها، ومنها كان أبو محمد القاسم بن علي الحريري صاحب المقامات، وكتب سديد الدولة بن الأنباري إلى الحريري كتابا صدّره بهذين البيتين:
سقى ورعى الله المشان فإنها ... محلّ كريم ظلّ بالمجد حاليا
أسائل من لاقيت عنه وحاله، ... فهل يسألن عنّي ويعرف حاليا؟

الهَفّةُ

الهَفّةُ:
مدينة قديمة كانت في طرف السواد بناها سابور ذو الأكتاف وأسكنها إيادا لما قتل من قتل منهم في مدينة شالها لما عصوا عليه ونقل من بقي منهم إلى هذه المدينة وجعلها محبسا لهم ونهى الرعية عن مخالطتهم وأمر أن لا تدخل العرب داخل الحصن فمن دخل بغير إذنه قتل، وكان كل من سخطــت عليه ملوك فارس نفته إلى الهفة، ووسمتها بالنفي واللعن، وكان النبط يسمونها هفاطرناي، وآثار سورها بيّنة لم تندرس.

عَليّ

عَليّ
: (ي ( {عَلَى السَّطْحَ} يَعْلِيهِ) ، من حَدِّ ضَرَبَ؛ وضُبِطَ فِي المُحْكم: عَلِيَ السَّطْحَ كرَضِيَ، ( {عَلْياً) ، بالفَتْح وبالكَسْر، (} وعُلِيًّا) ، كعُتِيَ: (صَعِدَهُ.
( {وعَلَى: حَرْفٌ) من حُرُوفِ الإضافَةِ، وَهِي الجارَّةُ، وإنَّما سُمِّيَت حُرُوف الإضافَةِ لأنَّها تُضِيفُ الفِعْلَ أَو شبهه إِلَى مَا يَلِيهِ.
وقالَ الجاربردي: لأنَّها تُضِيفُ مَعانِي الأفْعال إِلَى الأسْماءِ، فمِنَ الحُروفِ مَا يكونُ حَرْفاً فَقطْ، ومِنها مَا يكونُ تارَةً حَرْفاً، وتارَةً اسْماً، وَمِنْهَا مَا يكونُ تارَةً حَرْفاً وتارَةً فِعْلاً.
(وَعَن سِيْبَوَيْهِ) :} عَلَى (اسْمٌ للاسْتِعلاءِ) وتَدْخُلُ من عَلَيْهَا وحينَئِذٍ يَتَأَوَّلُ بمعْنَى الفَوْق، نحْو قَوْلهِ تَعَالَى: { {وعَلَيْها وعَلى الفُلْكِ تُحْمَلُون} .
(وَفِي الصِّحاح: وعَلى حَرْفٌ خافِضٌ، وَقد يكونُ اسْماً يَدْخُلُ عَلَيْهِ حَرْفُ جرَ؛ قَالَ الشاعرُ:
غَدَتْ مِنْ} عَلَيْه تَنْفضُ الطَّلَّ بعدَمارأَتْ حاجِبَ الشمسِ اسْتَوَى فتَرَفَّعاأَي غَدَتْ مِنْ فَوْقه، لأنَّ حَرْفَ الجَرِّ لَا يدْخُلُ على حَرْفِ الجرِّ.
وقالَ المبرِّدُ: على لَفْظَةٌ مُشْتَرَكةٌ للاسْمِ والفِعْل والحَرْف لَا أنَّ الاسْمَ هُوَ الحَرْف أَو الفِعْل، وَلَكِن قد يَتَّفِقُ الاسْمُ والحرْفُ فِي اللفْظِ، أَلا تَرى أنَّك تقولُ على زيْدٍ ثوبٌ،! فعلى هَذِه حرفٌ، وتقولُ: عَلا زيدا ثوبٌ، فعلى هَذِه فِعلٌ لأنَّه من عَلا يَعْلُو، قالَ طرَفَةُ:
فتَساقَى القَوْمُ كأْساً مُرَّةًوعَلا الخَيْلَ دِماءٌ كالشَّقِرْويُرْوى: وعَلى الخَيْل؛ قالَ سِيْبَوَيْه: أَلِفُها مُنْقَلبةٌ من واوٍ، إلاَّ أَنَّها تُقْلَب مَعَ المُضْمِر يَاء، تقولُ عَلَيكَ، وبعضُ العَرَبِ يَتْركُها على حالِها، قَالَ الراجِزُ:
طارُوا عَلاهُنَّ فَطِرْ عَلاها ويقالُ: هِيَ لُغَةُ بالحارِثِ بنِ كعبٍ، انتَهَى.
وقالَ السَّبكي: الأصَحُّ أَنَّها قد تكونُ اسْماً بمعْنَى فَوْق أَي بقلَّةٍ، وتكونُ حَرْفاً بكثرةٍ للاسْتِعلاءِ حسًّا نحْو: {كلُّ مَنْ {علَيْها فَانٍ} ؛ أَو مَعْنًى نَحْو: فضلنَا بَعْضَهم على بعضٍ.
(والمُصاحِبَةِ كَمَعْ) نَحْو قولِه تَعَالَى: {وآتَى المالَ على حُبِّهِ} أَي مَعَ حُبِّه.
قُلْت: وَبِه فُسِّر الحديثُ: (زكاةُ الفطْرِ عَلَى كلِّ حُرَ وعَبْدٍ صاعٌ) ، قالَ ابنُ الْأَثِير: قيلَ: عَلَى هُنَا بِمَعْنى مَعَ لأنَّ العَبْدَ لَا تجبُ عَلَيْهِ الفطْرَةُ وإنَّما تجبُ على سيِّدِه.
(والمُجاوَزَةِ) كعَنْ، كقوْلِ القحيفِ العُقَيْلِي:
(إِذا رَضِيَتْ} عليَّ بَنُو قُشَيْرٍ لَعَمْر اللهِ أَعْجَبَنِي رِضَاها (9 أَي عَنِّي، وإنَّما عدَّاهُ {بعَلَى لأنَّه إِذا رَضِيَت عَنهُ أَحَبَّته أَقْبَلَتْ} عَلَيْهِ، فَلِذَا اسْتعملَ على بمعْنَى عَن.
قالَ ابنُ جنِّي: وكانَ أَبو! عليَ يَسْتَحْسن قولَ الكِسائي فِي هَذَا لأنَّه قالَ: لمَّا كانَ رَضِيَت ضِدّ سَخَطَــتْ عدَّاهُ بعَلَى حَمْلاً للشيءِ على نَقِيضِه كَمَا يحْملُ على نظِيرِه، وَقد سَلَكَ سِيْبَوَيْه هَذِه الطَّريق، فِي المَصادِرِ كَثِيراً فَقَالَ: وَقَالُوا كَذَا كَمَا قَالُوا كَذَا وأَحَدُهما ضِدٌّ للآخَر.
قُلْت: وَمِنْه أَيْضاً الحديثُ: (مَنْ صامَ الدَّهْرَ ضُيِّقَتْ عليهِ جَهنَّمُ) ، أَي عَنهُ فَلَا يَدْخلُها، وَلَا يجوزُ حَمْله على حَقِيقَتهِ لأنَّ صَوْمَ الدَّهْر بالجمْلةِ قرْبَةٌ؛ وَكَذَا حديثُ أَبي سُفْيان: (لَوْلَا أَنْ يَأْثُروا عليَّ الكَذِبَ لكَذَبْتُ) ، أَي يَرْوُوا عَنِّي.
(والتَّعْليلِ، كالَّلامِ) نحْو قوْلِه تَعَالَى: {ولتُكَبِّرُوا اللهَ! على مَا هَدَاكُم} ، أَي لِمَا هَدَاكُم.
(والظَّرْفِيَّةِ) :) كفى نَحْو قَوْلِه تَعَالَى: {ودَخَلَ المدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفَلَةٍ} ، أَي فِي حِين غَفْلَةٍ.
(وبمعْنَى من) كقَوْله تَعَالَى: {إِذا اكْتَالُوا على النَّاسِ يَسْتَوْفُون} ، أَي مِن الناسِ؛ نقلَهُ الجوهريُّ.
وَفِي التَّهذيبِ: عَن الناسِ.
(و) تكونُ بمعْنَى (الباءِ) كقَوْلهِ تَعَالَى: {على أَنْ لَا أَقُولُ على اللَّهِ إلاَّ الحَقَّ} أَي بأَنْ لَا، وَمِنْه أَيْضاً قولُ أَبي ذُؤَيْبٍ الهُذَلي:
يَفِيضُ على القِداحِ
إِلَى آخِرِه، أَي بالقِدَاح.
(والاسْتِدْراكِ) مِثْل لكنَّ نَحْو قوْلهِم: (فلانٌ جَهَنَّمِيٌّ) ، ونَصُّ السّبكي: فلانٌ لَا يَدْخلُ الجنَّة، (على أَنَّه لَا يَيْأَسُ من رحمةِ اللهِ) ، أَي لكنَّه.
(وتكونُ زائِدَةً للتَّعْوِيضِ، كقوْلِه:
(إنَّ الكَرِيمَ وأَبِيكَ يَعْتَمِلْ (إِن لم يجِدْ يَوْمًا عَلى مَنْ يَتَّكِلْ (أَي من يَتَّكِلُ عَلَيْهِ، فحَذَفَ عَلَيْهِ وزَادَ على قَبْلِ المَوْصولِ عِوَضاً.
(وقالَ السّبكي: وتكونُ للزِّيادَةِ كقوْلِه: لَا أَحْلِف على يَمِينٍ، أَي يَمِيناً.
(وتكونُ اسْماً بمعْنَى فُوَيْقٍ) ، كقولِ الشاعرِ، وَهُوَ مزاحِمٌ العُقَيْليّ يَصِفُ قَطاةً:
(غَدَتْ مِنْ {عَلَيْه بَعْدَ مَا تَمَّ ظِمْؤُهَاتَصِلُّ وعَنْ قَيْظٍ ببيداء مَجْهَلوتقدَّمَ مِثْلُ ذلكَ عَن الجَوْهرِي قرِيباً؛ وَمِنْه أَيْضاً الحديثُ: (فَإِذا انْقَطَعَ مَنْ} عَلَيها رَجَعَ الإيْمانُ) ؛ أَي منْ فَوقها.
( {وعَلَيْكَ) :) مِن أَسْماءِ الفِعْل المُغْري بِهِ، يقالُ:} عَلَيْك (زَيْداً) وبزَيْدٍ: أَي (الْزَمْهُ) وَفِي الصِّحاح: أَي خُذْه، لما كَثُر اسْتِعْماله صارَ بمنْزلَةِ هَلُمَّ وَإِن كانَ أصْلُه من الارْتِفاعِ.
وممَّا يُسْتدركُ عَلَيْهِ:
تَأْتي على بمعْنَى فِي، كقوْلِهم: كانَ ذلكَ علَى عهْدِ فلانٍ، أَي فِي عَهْدِه.
وبمعْنَى عِنْدَ، وَبِه فَسَّر الأصْمعي قولَ مُزاحِمِ العُقَيْلي السابِقَ.
{وعليَّ زيْداً وبزِيْدٍ: أَعْطِني.
وأَمَرَّ يَدَه عَلَيْهِ كأَنَّه طَواهُ مُسْتَعْلياً؛ وَكَذَا مَرَّ الماءُ عَلَيْهِ، وأَمَّا مَرَرْتُ على فلانٍ فجرَى كالمَثَلِ.
} وعَلَينا أَمِيرٌ، كقولِك! عَلَينا مالٌ، وَهَذَا كالمَثَلِ كَمَا يَثْبُت الشيءُ على المَكانِ كَذَا يَثْبُت هَذَا عَلَيْهِ.
وَفِي شرْحِ الجاربردي: قوْلُهم عَلَيْهِ مالٌ مِن الاسْتِعْلاءِ المَجازِي، لأنَّه تَعلَّق بذِمَّتِه، كأَنَّه اسْتَعْلاه. وَقَالُوا ثَبَتَ عَلَيْهِ مالٌ: أَي كَثُرَ.
ورأَيْتُه على أَوْفاضٍ: إِذا كانَ يُريدُ النُّهوضَ.
(عَليّ) فِي الشّرف عَلَاء ارْتَفع فَهُوَ عَليّ
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.