Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: سحا

قُوسٌ

قُوسٌ:
واد من أودية الحجاز، قال أبو صخر الهذلي يصف سحابا:
فأسقى صدى داوردان غمامة ... هزيم تسحّ الماء من كل جانب
سرت وغدت في السّجر تضرب قبلة ... نعامى الصّبا هيجا لريّا الجنائب
فخرّ على سيف العراق ففرشه ... وأعلام ذي قوس بأدهم ساكب

كُسَابُ

كُسَابُ:
بالضم، وآخره باء موحدة: موضع في قول عمر بن أبي ربيعة:
حيّ المنازل قد عمرن خرابا ... بين الجرير وبين ركن كسابا
بالثّني من ملكان غيّر رسمها ... مرّ الــسحاب المعقبات سحابا
دار التي قالت غداة لقيتها ... عند الجمار، فما عييت جوابا
في أبيات، وقال عبد الله بن إبراهيم الجمحي:
كساب، بالفتح، على وزن قطام، جبل في ديار هذيل قرب الحزم لبني لحيان، نقله عنه ابن موسى،
فإن لم يكن غير الأول فأحدهما مخطئ بخط اليزيدي في شعر الفضل بن عباس اللهبي:
ألا أحمي وأذكر إرث قوم ... هم حلّوا المركّنة اليبابا
وكانوا رحمة للناس طرّا، ... ولم يك كان كائنهم عذابا
ولو وزنت حلومهم برضوى ... وفت منها ولو زيدت كسابا
كذا ضبطه بالفتح وقال: هو جبل.

عَمْقٌ

عَمْقٌ:
بفتح أوله، وسكون ثانيه، وآخره قاف، عمق الشيء ومعقه: قعره، والعمق المطمئن من الأراضي: وهو واد من أودية الطائف نزله رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، لما حاصر الطائف وفيه بئر ليس بالطائف أطول رشاء منها. والعمق أيضا:
موضع قرب المدينة وهو من بلاد مزينة، قال عبيد الله بن قيس الرّقيات:
يوم لم يتركوا على ماء عمق ... للرجال المشيعين قلوبا
ويروى عمقى بوزن سكرى بغير تنوين، وقال الشريف عليّ: العمق عين بوادي الفرع، وقال ساعدة بن جؤيّة يصف سحابا:
أفعنك لا برق كأنّ وميضه ... غاب تشيّمه ضرام مثقب
ساد تخرّم في البضيع ثمانيا ... يلوي بعيقات البحار ويجنب
لما رأى عمقا ورجّع عرضه ... هدرا كما هدر الفنيق المصعب
ويروى لما رأى عرقا. والعمق أيضا: واد يسيل في وادي الفرع يسمى عمقين، والعين لقوم من ولد الحسين بن علي، وفيها تقول أعرابية منهم جلت إلى ديار مضر:
أقول لعيّوق الثّريّا وقد بدا ... لنا بدوة بالشام من جانب الشرق:
جليت مع الجالين أم لست بالذي ... تبدّى لنا بين الخشاشين من عمق؟
والخشاشان: جبلان ثمّه، وقال عمرو بن معدي كرب:
لمن طلل بالعمق أصبح دارسا ... تبدّل آراما وعينا كوانسا
بمعترك ضنك الحبيّا ترى به ... من القوم محدوسا وآخر حادسا
تساقت به الأبطال حتى كأنها ... حنيّ براها السير شعثا بوائسا
والعمق أيضا: كورة بنواحي حلب بالشام الآن وكان أولا من نواحي أنطاكية ومنه أكثر ميرة أنطاكية، وإياه عنى أبو الطيب المتنبّي حيث قال:
وما أخشى نبوّك عن طريق ... وسيف الدولة الماضي الصقيل
وكل شواة غطريف تمنّى ... لسيرك أنّ مفرقها السبيل
ومثل العمق مملوء دماء ... مشت بك في مجاريه الخيول
إذا اعتاد الفتى خوض المنايا ... فأهون ما يمرّ به الوحول
وقال أبو العباس الصفري شاعر سيف الدولة يذكر العمق:
وكم شامخ عالي الذّرى قد تركته ... وأرفعه دكّ وأسفله سهب
وأوقعت بالاشراك في العمق وقعة ... تزلزل من أهوالها الشرق والغرب

الكَعْبَةُ

الكَعْبَةُ:
بيت الله الحرام، قال ابن عباس: لما كان العرش على الماء قبل أن يخلق الله السموات بعث ريحا فصفقت الماء فأبرزت عن خسفة في موضع البيت كأنها قبّة فدحا الأرض من تحتها فمادت فأوتدها بالجبال، الخسفة واحدة الخسف: تنبت في البحر نباتا، وقد جاء في الأخبار: أن أول ما خلق الله في الأرض مكان الكعبة ثم دحا الأرض من تحتها فهي سرّة الأرض ووسط الدنيا وأمّ القرى أولها الكعبة وبكّة حول مكة وحول مكة الحرم وحول الحرم الدنيا، وحدث أبو العباس القاضي أحمد ابن أبي أحمد الطبري حدثني المفضّل بن محمد بن إبراهيم حدثنا الحسن بن علي الحلواني حدثنا الحسين ابن إبراهيم ومحمد بن جبير الهاشمي قال: حدثني حمزة بن عتبة عن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، قال: إن أول خلق هذا البيت أن الله عز وجل قال للملائكة: إني جاعل في الأرض خليفة، قالت الملائكة: أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبّح بحمدك ونقدّس لك؟ قال: إني أعلم ما لا تعلمون، ثم غضب عليهم فأعرض عنهم فطافوا بعرش الله سبعا كما يطوف الناس بالبيت الحرام وبقوا يسترضونه من غضبه يقولون: لبيك اللهم لبيك ربنا معذرة إليك نستغفرك ونتوب إليك، فرضي عنهم وأوحى إليهم أن ابنوا لي في الأرض بيتا يطوف به من عبادي من
أغضب عليه فأرضى عنه كما رضيت عنكم، قال أبو الحسين: ثم أقبل عليّ حمزة بن عتبة الهاشمي فقال:
يا ابن أخي لقد حدثتك والله حديثا لو ركبت فيه إلى العراق لكنت قد اعتفت، وأما صفته فذكر البشّاري وقال: هو في وسط المسجد الحرام مربع الشكل بابه مرتفع عن الأرض نحو قامة عليه مصراعان ملبسان بصفائح الفضة قد طليت بالذهب مقابلا للمشرق، وطول المسجد الحرام ثلاثمائة ذراع وسبعون ذراعا، وعرضه ثلاثمائة وخمسة عشر ذراعا، وطول الكعبة أربعة وعشرون ذراعا وشبر، وعرضها ثلاثة وعشرون ذراعا وشبر، وذرع دور الحجر خمسة وعشرون ذراعا، وذرع الطواف مائة ذراع وسبعة أذرع، وسمكها في السماء سبعة وعشرون ذراعا، والحجر من قبل الشام فيه يقلب الميزاب شبه الأندر قد ألبست حيطانه بالرخام مع أرضه ارتفاعها حقو ويسمونه الحطيم، والطواف من ورائه ولا يجوز الصلاة إليه، والحجر الأسود على الركن الشرقي عند الباب على لسان الزاوية في مقدار رأس الإنسان ينحني إليه من قبّله يسيرا، وقبة زمزم تقابل الباب والطواف بينهما ومن ورائهما قبة الشراب فيها حوض كان يسقى فيه السويق والسكر قديما، ومقام إبراهيم، عليه السلام، بإزاء وسط البيت الذي فيه الباب وهو أقرب إلى البيت من زمزم يدخل في الطواف أيام الموسم، عليه صندوق حديد طوله أكثر من قامة مكسوّ ويرفع المقام في كل موسم إلى البيت فإذا ردّ جعل عليه صندوق خشب له باب يفتح أوقات الصلاة فإذا سلّم الإمام استلمه ثم أغلق الباب، وفيه أثر قدم إبراهيم، عليه السّلام، مخالفة، وهو أسود وأكبر من الحجر الأسود، وقد فرش الطواف بالرمل والمسجد بالحصى وأدير على صحنه أروقة ثلاثة على أعمدة رخام حملها المهدي من الإسكندرية في البحر إلى جدّة، قال وهب بن منبّه: لما أهبط الله عز وجل آدم، عليه السّلام، من الجنة إلى الأرض حزن واشتدّ بكاؤه عليها فعزّاه الله بخيمة من خيامها فجعلها له بمكة في موضع الكعبة قبل أن تكون الكعبة وكانت ياقوتة حمراء، وقيل درّة مجوّفة من جوهر الجنة فيها قناديل من ذهب، ونزل معها الركن يومئذ وهو ياقوتة بيضاء وكان كرسيّا لآدم، فلما كان في زمن الطوفان رفع ومكثت الأرض خرابا ألفي سنة أعني موضع البيت حتى أمر الله نبيّه إبراهيم أن يبنيه فجاءت السكينة كأنها سحابة فيها رأس يتكلم فبنى هو وإسماعيل البيت على ما ظلّلته ولم يجعلا له سقفا وحرس الله آدم والبيت بالملائكة، فالحرم مقام الملائكة يومئذ، وقد روي أن خيمة آدم لم تزل منصوبة في مكان البيت إلى أن قبض فلما قبض رفعت فبنى بنوه في موضعها بيتا من الطين والحجارة ثم نسفه الغرق فغيّر مكانه حتى بعث الله إبراهيم، عليه السّلام، فحفر قواعده وبناه على ظل الغمامة، فهو أول بيت وضع للناس كما قال الله عز وجل، وكان الناس قبله يحجون إلى مكة وإلى موضع البيت حتى بوّأ الله مكانه لإبراهيم لما أراد الله من عمارته وإظهاره دينه وشعائره فلم يزل البيت منذ أهبط آدم إلى الأرض معظّما محرّما تناسخه الأمم والملل أمّة بعد أمّة وملة بعد ملة، وكانت الملائكة تحجه قبل آدم، فلما أراد إبراهيم بناءه عرج به إلى السماء فنظر إلى مشارق الأرض ومغاربها وقيل له اختر، فاختار موضع مكة، فقالت الملائكة: يا خليل الله اخترت موضع مكة وحرم الله في الأرض، فبناه وجعل أساسه من سبعة أجبل، ويقال من خمسة أو من أربعة، وكانت الملائكة تأتي بالحجارة إلى إبراهيم
من تلك الجبال، وروي عن مجاهد أنّه قال: أسّس إبراهيم زوايا البيت من أربعة أحجار: حجر من حراء وحجر من ثبير وحجر من طور وحجر من الجودي الذي بأرض الموصل وهو الذي استقرّت عليه سفينة نوح، وروي أن قواعده خلقت قبل الأرض بألفي سنة ثمّ بسطت الأرض من تحت الكعبة، وعن قتادة: بنيت الكعبة من خمسة جبال من طور سيناء وطور زيتا وأحد ولبنان وثبير وجعلت قواعدها من حراء وجعل إبراهيم طولها في السماء سبعة أذرع وعرضها في الأرض اثنين وثلاثين ذراعا من الركن الأسود إلى الركن الشمالي الذي عنده الحجر، وجعل ما بين الركن الشامي إلى الركن الذي فيه الحجر اثنين وثلاثين ذراعا، وجعل طول ظهرها من الركن العراقي إلى الركن اليماني أحدا وثلاثين ذراعا، وجعل عرض شقّها اليماني من الركن الأسود إلى الركن اليماني عشرين ذراعا، ولذلك سميت الكعبة لأنّها مكعبة على خلق الكعب، وقيل: التكعيب التربيع، وكلّ بناء مربع كعبة، وقيل: سميت لارتفاع بنائها، وكلّ بناء مرتفع فهو كعبة، ومنه كعب ثدي الجارية إذا علا في صدرها وارتفع، وجعل بابها في الأرض غير مبوّب حتى كان تبّع الحميري هو الذي بوّبها وجعل عليها غلقا فارسيّا وكساها كسوة تامة، ولما فرغ إبراهيم من البناء أتاه جبرائيل، عليه السّلام، فقال له: طف، فطاف هو وإسماعيل سبعا يستلمان الأركان، فلمّا أكملا صلّيا خلف المقام ركعتين وقام معه جبرائيل وأراه المناسك كلّها الصّفا والمروة ومنى ومزدلفة، فلمّا دخل منى وهبط من العقبة مثل له إبليس عند جمرة العقبة فقال له جبرائيل: ارمه، فرماه بسبع حصيات فغاب عنه ثمّ برز له عند الجمرة الوسطى، فقال له جبرائيل: ارمه، فرماه بسبع حصيات فغاب عنه ثمّ برز له عند الجمرة السفلى، فقال له جبرائيل:
ارمه، فرماه بسبع حصيات مثل حصى الخذف ثم مضى وجبرائيل يعلمه المناسك حتى انتهى إلى عرفات، فقال له: أعرفت مناسكك؟ فقال له إبراهيم: نعم، فسميت عرفات لذلك، ثمّ أمره أن يؤذن في المسلمين بالحج، فقال: يا ربّ وما يبلغ من صوتي! فقال الله عزّ وجل: أذّن وعليّ البلاغ، فعلا على المقام فأشرف به حتى صار أعلى الجبال وأشرفها وجمعت له الأرض يومئذ سهلها وجبلها وبرّها وبحرها وجنها وإنسها حتى أسمعهم جميعا وقال: يا أيها الناس كتب عليكم الحجّ إلى بيت الله الحرام فأجيبوا ربكم فمن أجابه ولبّاه فلا بدّ له من أن يحجّ ومن لم يجبه لا سبيل له إلى ذلك، وخصائص الكعبة كثيرة وفضائلها لا تحصى ولا يسع كتابنا إحصاء الفضائل، وليست أمّة في الأرض إلّا وهم يعظّمون ذلك البيت ويعترفون بقدمه وفضله وأنّه من بناء إبراهيم حتى اليهود والنصارى والمجوس والصابئة، وقد قيل إن زمزم سميت بزمزمة اليهود والمجوس، فأما الصابئون فهو بيت عبادتهم لا يفخرون إلّا به ولا يتعبّدون إلّا بفضله، قالوا: وبقيت الكعبة على ما هي عليه غير مسقفة فكان أوّل من كساها تبّع لما أتى به مالك بن العجلان إلى يثرب وقتل اليهود، في قصة ذكرتها في كتابي المسمى بالمبدإ والمآل في التاريخ، فمرّ بمكّة فأخبر بفضلها وشرفها فكساها الخصف، وهي حصر من خوص النخل، ثم رأى في المنام أن اكسها أحسن من هذا، فكساها الأنطاع، فرأى في المنام أن اكسها أحسن من ذلك، فكساها المعافر والوصائل، والمعافر: ثياب يمانية تنسب إلى قبيلة من همدان يقال لهم المعافر، اسم الثياب والقبيلة والموضع الذي تعمل فيه واحد، وربّما قيل لها المعافرية، وثوب
معافري يتصرّف في النسبة ولا يتصرّف في المفرد لأنّه على زنة الجمع ثالثة ألف، ونسب إلى الجمع لأنّه صار بمنزلة المفرد سمي به مفرد، وكان أوّل من حلّى البيت عبد المطّلب لما حفر بئر زمزم وأصاب فيه من دفن جرهم غزالين من ذهب فضربهما في باب الكعبة، فلمّا قام الإسلام كساها عمر بن الخطّاب، رضي الله عنه، القباطي ثم كساها الحجاج الديباج الخسرواني، ويقال يزيد بن معاوية، وبقيت على هيئتها من عمارة إبراهيم، عليه السّلام، إلى أن بلغ نبينا، صلّى الله عليه وسلّم، خمسا وثلاثين سنة من عمره جاء سيل عظيم فهدمها وكان في جوفها بئر تحرز فيها أموالها وما يهدى إليها من النذور والقربان فسرق رجل يقال له دويك ما كان فيها أو بعضه فقطعت قريش يده واجتمعوا وتشاوروا وأجمعوا على عمارتها، وكان البحر رمى بسفينة بجدّة فتحطّمت فأخذوا خشبها فاستعانوا به على عمارتها، وكان بمكّة رجل قبطيّ نجار فسوّى لهم ذلك وبنوها ثمانية عشر ذراعا، فلمّا انتهوا إلى موضع الركن اختصموا وأراد كلّ قوم أن يكونوا هم الذين يضعونه في موضعه، وتفاقم الأمر بينهم حتى تواعدوا للقتال، ثمّ تحاجزوا وتناصفوا على أن يجعلوا بينهم أول طالع يطلع من باب المسجد يقضي، فخرج عليهم النبيّ، صلّى الله عليه وسلّم، فاحتكموا إليه فقال: هلمّوا ثوبا، فأتي به فوضع الركن فيه ثمّ قال: لتأخذ كلّ قبيلة بناحية من الثوب ثمّ ليرفعوا، حتى إذا رفعوه إلى موضعه أخذ النبيّ، صلّى الله عليه وسلّم، الحجر بيده فوضعه في الركن، فرضوا بذلك وانتهوا عن الشرور، ورفعوا بابها عن الأرض مخافة السيل وأن لا يدخل فيها إلّا من أحبّوا، وبقوا على ذلك إلى أيّام عبد الله بن الزبير فحدّثته عائشة، رضي الله عنها، قالت: سألت النبيّ، صلى الله عليه وسلّم، عن الحجر أمن البيت هو؟ قال: نعم، قالت: قلت فما بالهم لم يدخلوه في البيت؟ قال:
إنّ قومك قصّرت بهم النفقة، قلت: فما شأن بابه مرتفعا؟ قال: فعل ذلك قومك ليدخلوا من شاءوا ويمنعوا من شاءوا، ولولا قومك حديثو عهد في الإسلام فأخاف أن تنكر قلوبهم لنظرت أن أدخل الحجر في البيت وأن ألزق بابه بالأرض، فأدخل ابن الزبير عشرة مشايخ من الصحابة حتى سمعوا ذلك منها ثمّ أمر بهدم الكعبة، فاجتمع إليه الناس وأبوا ذلك فأبى إلّا هدمها، فخرج الناس إلى فرسخ خوفا من نزول عذاب وعظم ذلك عليهم ولم يجر إلّا الخير، وذكر ابن القاضي عن مجاهد قال: لما أراد ابن الزبير أن يهدم البيت ويبنيه قال للناس: اهدموا، فأبوا وخافوا أن ينزل العذاب عليهم، قال مجاهد:
فخرجنا إلى منى فأقمنا بها ثلاثا ننتظر العذاب، وارتقى ابن الزبير على جدار الكعبة هو بنفسه فهدم البيت، فلمّا رأوا أنّه لم يصبه شيء اجترؤوا على هدمه وبناها على ما حكت عائشة وتراجع الناس، فلمّا قدم الحجّاج تحرّم ابن الزبير بالكعبة فأمر بوضع المنجنيق على أبي قبيس وقال: ارموا الزيادة التي ابتدعها هذا المتكلّف، فرموا موضع الحطيم، فلمّا قتل ابن الزبير وملك الحجاج ردّ الحائط كما كان قديما وأخذ بقية الأحجار فسدّ منها الباب الغربي ورصف بقيتها في البيت حتى لا تضيع، فهي إلى الآن على ذلك، وقال تبّع لما كسا البيت:
وكسونا البيت الذي حرّم اللّ ... هـ ملاء معضّدا وبرودا
وأقمنا به من الشهر عشرا، ... وجعلنا لبابه إقليدا
وخرجنا منه نؤمّ سهيلا ... قد رفعنا لواءنا المعقودا
ويقال إنّ أوّل من كساه الديباج يزيد بن معاوية، ويقال عبد الله بن الزبير، ويقال عبد الملك بن مروان، وأوّل من خلّق الكعبة عبد الله بن الزبير، وقال ابن جريج: معاوية أوّل من طيّب الكعبة بالخلوق والمجمر وإحراق الزيت بقناديل المسجد من بيت مال المسلمين، ويروى عن عليّ بن أبي طالب، رضي الله عنه، أنّه قال: خلق الله البيت قبل الأرض بأربعين عاما وكان غثاءة على الماء، وقال مجاهد في قوله تعالى:
وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْناً 2: 125، قال: يثوبون إليه ويرجعون ولا يقضون منه وطرا، وفي قوله تعالى: فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً من النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ 14: 37، قال:
لو قال أفئدة الناس لازدحمت فارس والروم عليه.

كَوْمَخَان

كَوْمَخَان:
بلفظ التثنية، الكماخ: الكبر والعظمة، والكومخان: مكانان ذوا رمل، وفي رواية الأسدي الكومحان، بالحاء مهملة، وقال ابن مقبل يصف سحابا:
أناخ برمل الكومخين إناخة ال ... يماني قلاصا حطّ عنهنّ مكورا

مَآبُ

مَآبُ:
بعد الهمزة المفتوحة ألف، وباء موحدة، بوزن معاب، وهو في اللغة المرجع، وقد ذكرت من اشتقاق هذا الموضع في عمان ما إذا نظرته عجبت منه:
وهي مدينة في طرف الشام من نواحي البلقاء، قال أحمد بن محمد بن جابر: توجه أبو عبيدة بن الجراح في خلافة أبي بكر في سنة 13 بعد فتح بصرى بالشام إلى مآب من أرض البلقاء وبها جمع العدو فافتتحها على مثل صلح بصرى، وبعض الرواة يزعم أن أبا عبيدة كان أمير الجيش كله، وليس ذلك بثابت لأن أبا عبيدة إنما ولي الشام من قبل عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، وقيل إن فتح مآب قبل فتح بصرى، وينسب إليها الخمر، قال حاتم طيّء:
سقى الله ربّ الناس سحّا وديمة ... جنوب السراة من مآب إلى زغر
بلاد امرئ لا يعرف الذّمّ بيته، ... له المشرب الصافي ولا يعرف الكدر
وقال عبد الله بن رواحة الأنصاري:
فلا وأبي مآب لنأتينها ... وإن كانت بها عرب وروم

مَأبِدٌ

مَأبِدٌ:
بالباء الموحدة المكسورة، ودال، من قولهم:
أبدت بالمكان آبد به أبودا، إذا أقمت ولم تبرح، والمكان مأبد: موضع في قول الهذلي أبي ذؤيب:
يمانيّة أحيا لها مظّ مأبد ... وآل قراس صوب أرمية كحل
ويروى مأيد، بالياء المثناة، ويروى أسقية، والرمي والسقي: سحابتان، وجمعهما أرمية وأسقية، والكحل: السُّود.

مَرٌّ

مَرٌّ:
بالفتح ثم التشديد، والمرّ والممرّ والمرير:
الحبل الذي قد أحبك فتله، وأنشد ابن الأعرابي:
ثم شددنا فوقه بمرّ
ويجوز أن يكون منقولا من الفعل من مرّ يمرّ ثم صيّر اسما، وذكر عبد الرحمن السهيلي في اشتقاقه شيئا عجيبا قال: وسمي مرّا لأنه في عرق من الوادي من غير لون الأرض، شبه الميم المدوّرة بعدها راء خالفت كذلك، ويذكر عن كثيّر أنه قال: سميت مرّا لمرارتها، قال: ولا أدري ما صحة هذا. ومرّ الظهران ويقال مرّ ظهران:
موضع على مرحلة من مكة له ذكر في الحديث، وقال عرّام: مرّ القرية، والظهران هو الوادي، وبمرّ عيون كثيرة ونخل وجميز وهو لأسلم وهذيل وغاضرة، قال أبو صخر الهذلي يصف سحابا:
وأقبل مرّا إلى مجدل ... سياق المقيّد يمشي رسيفا
أي استقبل مرّا، قال الواقدي: بين مرّ وبين مكة خمسة أميال، ويقال: إنما سميت خزاعة بن حارثة بن عمرو مزيقياء بن عامر ماء السماء بن الغطريف من الأزد لأنهم تخزّعوا من ولد عمرو بن عامر حين أقبلوا من مأرب يريدون الشام فنزلوا بمرّ
الظهران أقاموا بها أي انقطعوا عنهم، قال عون ابن أيوب الأنصاري الخزرجي في الإسلام:
فلما هبطنا بطن مرّ تخزّعت ... خزاعة منّا في حلول كراكر
حمت كل واد من تهامة واحتمت ... بصمّ القنا والمرهفات البواتر
خزاعتنا أهل اجتهاد وهجرة، ... وأنصارنا جند النبيّ المهاجر
وسرنا إلى أن قد نزلنا بيثرب ... بلا وهن منّا وغير تشاجر
وسارت لنا سيّارة ذات منظر ... بكوم المطايا والخيول الجماهر
يرومون أهل الشام حتى تمكنوا ... ملوكا بأرض الشام فوق المنابر
أولاك بنو ماء السماء توارثوا ... دمشق بملك كابرا بعد كابر
وقال عمر بن أبي ربيعة:
أباكرة في الظاعنين رميم ... ولم يشف متبول الفؤاد سقيم
عشيّة رحنا ثم راحت كأنها ... غمامة دجن تنجلي وتغيم
فقلت لأصحابي: انفروا إن موعدا ... لكم مرّ فليرجع عليّ حكيم
رميم التي قالت لجارات بيتها: ... ضمنت ولكن لا يزال يهيم
ضمنت ولكن لا يزال كأنه ... لطيف خيال من رميم غريم
وقالت له: مستنكر أن تزورنا ... وتشريف ممشانا إليك عظيم
وقال أبو عبد الله السكونيّ: مرّ ماءة لبني أسد بينها وبين الخوّة يوم شرقي سميراء، وقال العجير السلولي يرثي ابن عمّ له يقال له جابر بن زيد وكان كريما مفضالا قال فيه العجير:
إنّ ابن عمّي لابن زيد وإنه ... لبلّال أيدي جلّة الشّول بالدم
وكان الناس يقولون لابن زيد: ما لك لا تكثر إبلك يا ابن زيد؟ فيقول: إن العجير لم يدعها أن تكثر، وكان ينحرها ويطعمها للناس لأجل ما قال فيه العجير، ثم سافر ابن زيد فمات بمكان يقال له مرّ فقال العجير يرثيه:
تركنا أبا الأضياف في ليلة الدّجى ... بمرّ ومردى كل خصم يناضله
ثوى ما أقام العيكتان وعرّيت ... دقاق الهوادي محدثات رواحله
أخو سنوات يعلم الجوع أنه ... إذا ما تبيّا أرجل القوم قاتله
خفاف كنصل المشرفيّ وقد عدا ... على الحيّ حتى تستقرّ مراجله
ترى جازريه بين عيدان ناره ... عليها عداميل الهشيم؟ وصامله
يحزّان ثنيا خيرها عظم جاره ... بصير به لم تعد عنه مشاغله
إذا القوم أمّوا بيته طلب القرى ... لأحسن ما ظنّوا به فهو فاعله
فتى ليس لابن العمّ كالذئب إن رأى ... بصاحبه يوما دما فهو آكله
لسانك خير وحده من قبيلة، ... وما عدّ بعدا في الفتى فهو فاعله
سوى البخل والفحشاء واللؤم إنه ... أبت ذلكم أخلاقه وشمائله
تبيّا أي تبوّأ أي تخيّر، وتبيّا لغة سلول وخثعم وأهل تلك النواحي.

علم نزول الغيث

علم نزول الغيث
هو: علم باحث عن كيفية الاستدلال بأحوال الرياح والــسحاب والبرق على نزول المطر وأخص الناس بهذا العلم العرب لاشتداد حاجتهم إلى الغيوث التي بها حصول معايشهم من السقي والرعي وقد حصل لهم هذا العلم بكثرة التجارب ودليله الدوران بين أحوال السحب والأمطار.
وجاء في غريب أبي عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل عن سحابة مرت وقال: "كيف ترون قواعدها وبواسقها أجون أم غير ذلك"؟ ثم سأل عن البرق: "أخفوا أم وميضا أم يشق شقا"؟ فقالوا: بل يشق شقا فقال صلى الله عليه وسلم: "جاءكم الحياء". هكذا في مدينة العلوم

عُوسٌ

عُوسٌ:
بضم أوله، قال الأديبي: هو موضع بالشام، وأنشد:
موالي ككباش العوس سحّاح
أي سمان كأنها تسحّ الودك، وقال الأزهري:
العوس الكباش البيض، فيظهر من هذا أن الذي ذكره الأديبي هو خطأ وأنه صفة للكباش لا اسم موضع بعينه، والله أعلم.

عُمْرُ نَصْرٍ

عُمْرُ نَصْرٍ:
بسامرّا، وفيه يقول الحسين بن الضحّاك:
يا عمر نصر لقد هيّجت ساكنة ... هاجت بلابل صبّ بعد إقصار
لله هاتفة هتّت مرجّعة ... زبور داود طورا بعد أطوار
يحثّها دالق بالقدس محتنك ... من الأساقف مزمور بمزمار
عجّت أساقفها في بيت مذبحها ... وعجّ رهبانها في عرصة الدار
خمّار حانتها، إن زرت حانته، ... أذكى مجامرها بالعود والغار
يهتزّ كالغصن في سلب مسوّدة ... كأنّ دارسها جسم من القار
تلهيك ريقته عن طيب خمرته، ... سقيا لذاك جنى من ريق خمّار
أغرى القلوب به ألحاظ ساجية ... مرهاء تطرف عن أجفان سحّار

سَعْيَا

سَعْيَا:
بوزن يحيى، يجوز أن يكون فعلى من سعيت:
وهو واد بتهامة قرب مكّة أسفله لكنانة وأعلاه
لهذيل، وقيل جبل، قال ساعدة بن جؤيّة الهذلي يصف سحابا:
لمّا رأى نعمان حلّ بكرفئ ... عكر كما لبخ البزول الأركب
العكر: الخمسون من الإبل، ولبخ: ضرب بسنفه الأرض.
فالسدر مختلج وأنزل طافيا ... ما بين عين إلى نباتى الأثأب
الأثأب: شجر.
والأثل من سعيا وحلية منزل، ... والدّوم جاء به الشجون فعليب
أي أنزل السيل الأثأب والدوم والأثل، والشجون:
شعب تكون في الحرار، قال: ومنه الحديث ذو شجون أي ذو شعب، وقالت جنوب أخت عمرو ذي الكلب:
أبلغ بني كاهل عنّي مغلغلة، ... والقوم من دونهم سعيا ومركوب

الضُّرَافَةُ

الضُّرَافَةُ:
بالضم، والفاء: موضع بنجد بين البصرة والكوفة، عن نصر في شعر أبي دؤاد يصف سحابا:
فحلّ بذي سلع بركه ... تخال البوارق فيه الذّبالا
فروّى الضّرافة من لعلع ... يسحّ سجالا ويفري سجالا

سُنْبُلَةُ

سُنْبُلَةُ:
بلفظ سنبلة الزرع: بئر حفرها بنو جمح بمكّة، وفيها قال قائلهم:
نحن حفرنا للحجيج سنبله
ورواه الأزهري بالفتح والأوّل رواية العمراني، وما أراه إلّا سهوا من العمراني، وقال نصر: سنبلة، بالضم، بئر بمكّة، قال أبو عبيدة: وحفرت بنو جمح السنبلة، وهي بئر خلف بن وهب، قال بعضهم:
نحن حفرنا للحجيج سنبله ... صوب سحاب، ذو الجلال أنزله
وأنا بالأزهري أوثق ومن خطّه نقلت.

شِبْدَازُ

شِبْدَازُ:
بكسر أوّله، وسكون ثانيه ثمّ دال مهملة، وآخره زاي، ويقال شبديز، بالياء المثناة من تحت:
موضعان أحدهما قصر عظيم من أبنية المتوكّل بسرّ من رأى، والآخر منزل بين حلوان وقرميسين في لحف جبل بيستون سمي باسم فرس كان لكسرى، عن نصر، وقال مسعر بن المهلهل: وصورة شبديز على فرسخ من مدينة قرميسين، وهو رجل على فرس من حجر عليه درع لا يخرم كأنّه من الحديد يبين زرده والمسامير المسمرة في الزرد لا شك من نظر إليه يظن أنّه متحرّك، وهذه الصورة صورة أبرويز على فرسه شبديز وليس في الأرض صورة تشبهها، وفي الطاق الذي فيه هذه الصورة عدة صور من رجال ونساء ورجّالة وفرسان وبين يديه رجل في زيّ فاعل على رأسه قلنسوة وهو مشدود الوسط بيده بيل كأنّه يحفر به الأرض والماء يخرج من تحت رجليه، وقال أحمد بن محمد الهمذاني: ومن عجائب قرميسين وهي إحدى عجائب الدنيا صورة شبديز وهي في قرية يقال لها خاتان ومصوره قنطوس بن سنمّار، وسنمار هو الذي بنى الخورنق بالكوفة، وكان سبب صورته في هذه القرية أنّه كان أزكى الدواب وأعظمها خلقة وأظهرها خلقا وأصبرها على طول الركض، وكان ملك الهند أهداه إلى الملك أبرويز فكان لا يبول ولا يروث ما دام عليه سرجه ولجامه ولا ينخر ولا يزبد، وكانت استدارة حافره ستة أشبار، فاتفق أن شبديز اشتكى وزادت شكواه وعرف أبرويز ذلك وقال: لئن أخبرني أحد بموته لأقتلنه، فلمّا مات شبديز خاف صاحب خيله أن يسأله عنه فلا يجد بدّا من إخباره بموته فيقتله، فجاء إلى البهلبند مغنيه، ولم يكن فيما تقدّم من الأزمان ولا ما تأخر أحذق منه بالضرب بالعود والغناء، قالوا: كان لأبرويز ثلاث خصائص لم تكن لأحد من قبله:
فرسه شبديز وسريته شيرين ومغنيه بهلبند، وقال: اعلم أن شبديز قد نفق ومات وقد عرفت ما أوعد به الملك من أخبره بموته فاحتل لي حيلة ولك كذا وكذا، فوعده الحيلة، فلمّا حضر بين يدي الملك غناه غناء ورّى فيه عن القصة إلى أن فطن الملك وقال له:
ويحك مات شبديز! فقال: الملك يقوله، فقال له:
زه ما أحسن ما تخلصت وخلّصت غيرك! وجزع عليه جزعا عظيما فأمر قنطوس بن سنمّار بتصويره فصوّره على أحسن وأتمّ تمثال حتى لا يكاد يفرق بينهما إلّا بإدارة الروح في جسدهما، وجاء الملك ورآه فاستعبر باكيا عند تأمّله إيّاه وقال: لشدّ ما نعى إلينا أنفسنا هذا التمثال وذكّرنا ما نصير إليه من فساد حالنا، ولئن كان في الظاهر أمر من أمور الدنيا يدلّ على أمور الآخرة إن فيه لدليلا على الإقرار بموت جسدنا وانهدام بدننا وطموس صورتنا ودروس أثرنا للبلى الذي لا بدّ منه مع الإقرار بالتأثير الذي لا سبيل إليه أن يبقى من جمال صورتنا، وقد أحدث لنا وقوفنا على هذا التمثال ذكرا لما تصير إليه حالنا وتوهمنا وقوف الواقفين عليه بعدنا حتى كأننا بعضهم ومشاهدون لهم، قال: ومن عجائب هذا التمثال أنّه لم ير مثل صورته صورة ولم يقف عليه أحد منذ صوّر من أهل الفكر اللطيف والنظر الدقيق إلّا استراب بصورته وعجب منها، حتى لقد سمعت كثيرا من هذا الصنف يحلفون أو يقاربون اليمين أنّها ليست من صنعة العباد وأن لله تعالى خبيئة سوف يظهرها يوما، قال: وسمعت بعض فقهاء المعتزلة يقول لو أن رجلا خرج من فرغانة القصوى وآخر من سوس الأبعد قاصدين النظر إلى صورة شبديز ما عنفا على ذلك، قال: وأنت إذا فكّرت في أمر صورة
شبديز وجدتها كما ذكر هذا المعتزلي، فإن كان من صنعة الآدميين فقد أعطي هذا المصوّر ما لم يعط أحد من العالمين، فأي شيء أعجب أو أظرف أو أشد امتناعا من أنه سخرت له الحجارة كما يريد، ففي الموضع الذي يحتاج أن يكون أسود اسودّ وفي الموضع الذي يحتاج أن يكون أحمر احمرّ وكذلك سائر الألوان، والذي يظهر لي أن الأصباغ التي فيه معالجة بصنف من المعالجات، ثمّ صوّر شيرين جارية أبرويز أيضا قريبة من شبديز وصوّر نفسه أيضا راكبا فرسا لبيقا، وقد ذكر هذه القصة خالد الفيّاض في شعر قاله وهو:
والملك كسرى شهنشاه تقنّصه ... سهم بريش جناح الموت مقطوب
إذ كان لذّته شبديز يركبه، ... وغنج شيرين والدّيباج والطّيب
بالنّار آلى يمينا شدّ ما غلظت ... أن من بدا فنعى الشبديز مصلوب
حتى إذا أصبح الشبديز منجدلا، ... وكان ما مثله في الخيل مركوب
ناحت عليه من الأوتار أربعة ... بالفارسيّة نوحا فيه تطريب
ورنّم البهلبند الوتر فالتهبت ... من سحر راحته اليمنى شآبيب
فقال: مات! فقالوا: أنت فهت به ... فأصبح الحنث عنه وهو مجذوب
لولا البهلبند والأوتار تندبه ... لم يستطع نعي شبديز المرازيب
أخنى الزّمان عليهم فاجرهدّ بهم، ... فما يرى منهم إلّا الملاعيب
وقال أبو عمران الكسروي يذكره:
وهم نقروا شبديز في الصّخر عبرة، ... وراكبه برويز كالبدر طالع
عليه بهاء الملك والوفد عكّف ... يخال به فجر من الأفق ساطع
تلاحظه شيرين واللّحظ فاتن، ... وتعطو بكفّ حسّنتها الأشاجع
يدوم على كرّ الجديدين شخصه، ... ويلفى قويم الجسم واللون ناصع
واجتاز بعض الملوك هناك ونزل وشرب وأعجبه الموضع فاستدعى خلوقا وزعفرانا فخلّق وجه شبديز وشيرين والملك، فقال بعض الشعراء:
كاد شبديز أن يحمحم لمّا ... خلّق الوجه منه بالزّعفران
وكأنّ الهمام كسرى وشيري ... ن مع الشيخ موبذ الموبذان
من خلوق قد ضمّخوهم جميعا ... أصبحوا في مطارف الأرجوان
وقال ابن الفقيه: أنشدني أبو محمد العبدي الهمذاني لنفسه في صورة شبديز:
من ناظر معتبر أبصرت ... مقلته صورة شبديز
تأمّل الدّنيا وآثارها ... في ملك الدّنيا أبرويز
يوقن أنّ الدّهر لا يأتلي ... يلحق موطوءا بمهزوز
أبعد كسرى اعتاض من ملكه ... مخطّ رسم ثمّ مرموز
يغبط ذو ملك على عيشة ... رنق يعانيها بتوفيز
وقال آخر يذكر شبديز وأبرويز:
شبديز منحوت صخر بعد بهجته ... للناظرين، فلا جري ولا خبب
عليه برويز مثل البدر منتصبا ... للنّاظرين، فلا يجدي ولا يهب
وربّما فاض للعافين من يده ... سحائب، ودقها المرجان والذّهب
فلا تزال مدى الأيّام صورته ... تحنّ شوقا إليها العجم والعرب
قلت: وعندي أشعار وأراجيز اكتفيت منها بهذا القدر تجنّبا للإطالة.

شَطَبٌ

شَطَبٌ:
بالتحريك، يجوز أن يكون أصله من شطب إذا مال ثمّ استعمل اسما: وهو جبل في ديار بني أسد فيه روضة ذكرت في الرياض في قول بشر ابن أبي خازم:
سائل نميرا غداة النّعف من شطب ... إذ فضّت الخيل من ثهلان إذ رهفوا
يوم النعف من شطب، وقال عبيد بن الأبرص:
دعا معاشر فاستكّت مسامعهم، ... يا لهف نفسي لو تدعو بني أسد!
لو هم حماتك بالحمّى حميت ولم ... تترك ليوم أقام الناس في كبد
كما حميناك يوم النّعف من شطب ... والفضل للقوم من ريح ومن عدد
وباليمن جبل اسمه شطب وفيه قلعة سميت به ولا أدري أهو هذا أم غيره، قال نصر: شطب جبل في ديار نمير وهو جانب ثهلان الشمالي بين أبانين في ديار أسد بنجد. وشطب أيضا: واد يمان وقرن أسود من شطّ الرّمة، وقال أبو زياد: شطب هو جانب ثهلان الذي يلي مهبّ الشمال يقال له ذو شطب، قال لبيد:
بذي شطب أحداجهم إذ تحمّلوا ... وحثّ الحداة النّاجيات الذواملا
وقال عبيد بن الأبرص يصف سحابا:
يا من لبرق أبيت اللّيل أرقبه ... في عارض كمضيء الصّبح لمّاح
دان مسفّ فويق الأرض هيدبه ... يكاد يدفعه من قام بالرّاح
كأنّ ريّقه لمّا علا شطبا ... أقراب أبلق ينفي الخيل رمّاح
فمن بحوزته كمن بعقوته، ... والمستكنّ كمن يمشي بقرواح

شِعْرَانِ

شِعْرَانِ:
بكسر أوّله، كأنّه تثنية شعر، من قولهم:
شعر يشعر شعرا أي علم، قالوا: شعران وشيبان والشّويحص والشطير من جبال تهامة، قال أبو صخر الهذلي يصف سحابا:
فلمّا علا شعرين منه قوادم روازن من أعلامها بالمناكب قالوا في فسر شعرين جبلان.

شَمَنْصِيرُ

شَمَنْصِيرُ:
بفتحتين ثم نون ساكنة، وصاد مهملة مكسورة ثم ياء آخر الحروف ساكنة، وراء: اسم جبل في بلاد هذيل، وقرأت بخطّ ابن جنّي في كتاب هذا لفظه قال: شمنصير جبل بساية، وساية:
واد عظيم به أكثر من سبعين عينا وهو وادي أمج، وقال ساعدة بن جؤيّة الهذلي:
أخيل برقا متى جاب له زجل ... إذا تغير عن توماضه جلجا
مستأرضا بين بطن الليث أيمنه ... إلى شمنصير غيثا مرسلا معجا
أخيل برقا أي أرى، ومتى جاب أي متى جانب، وجاب: سحاب متراكب، وقال أبو صخر الهذلي يرثي ولده تليدا:
وذكّرني بكاي على تليد ... حمامة مرّ جاوبت الحماما
ترجّع منطقا عجبا وأوفت ... كنائحة أتت نوحا قياما
تنادي ساق حرّ ظلت أدعو ... تليدا لا تبين به الكلاما
لعلّك هالك إمّا غلام ... تبوّأ من شمنصير مقاما
يخاطب نفسه، وهو أحد فوائت كتاب سيبويه، قال ابن جني: يجوز أن يكون مأخوذا من شمصر لضرورة الوزن إن كان عربيّا، وقال الأزهري:
يقال شمصرت عليه إذا ضيّقت عليه، وقال عرّام:
يتصل بضرعاء، وهي قرية قرب ذرة من آرة شمنصير، وهو جبل ململم لم يعله قط أحد ولا درى ما على ذروته، فأعلاه القرود والمياه حواليه تحول ينابيع، تطيف به قرية رهاط بوادي غران،
ويقال إن أكثر نباته النّبع والشّوحط وينبت عليه النخل والحمّص.

صَفْوَانُ

صَفْوَانُ:
موضع في قول تميم بن مقبل يصف سحابا:
وطبّق إيوان القبائل بعد ما ... كسا الرّزن من صفوان صفوا وأكدرا
الرّزن: ما صلب من الأرض. وصفوان: من حصون اليمن.
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.