Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: خوي

حَجْرٌ

حَجْرٌ:
بالفتح، يقال: حجرت عليه حجرا إذا منعته فهو محجور، والحجر، بالكسر، بمعنى واحد.
وحجر: هي مدينة اليمامة وأم قراها، وبها ينزل الوالي، وهي شركة إلا أن الأصل لحنيفة، وهي بمنزلة البصرة والكوفة، لكل قوم منها خطّة إلا أن العدد فيه لبني عبيد من بني حنيفة، وقال أبو عبيدة معمر بن المثنّى: خرجت بنو حنيفة بن لجيم ابن صعب بن علي بن بكر بن وائل يتبعون الريف ويرتادون الكلأ حتى قاربوا اليمامة على السّمت الذي كانت عبد القيس سلكته لما قدمت البحرين، فخرج عبيد بن ثعلبة بن يربوع بن ثعلبة بن الدؤل بن حنيفة منتجعا بأهله وماله يتبع مواقع القطر حتى هجم على اليمامة فنزل موضعا يقال له قارات الحبل، وهو من حجر على يوم وليلة، فأقام بها أياما ومعه جار من اليمن من سعد العشيرة ثم من بني زبيد، فخرج راعي عبيد حتى أتى قاع حجر فرأى القصور والنخل وأرضا عرف أن لها شأنا وهي التي كانت لطسم وجديس فبادوا كما يذكر، إن شاء الله تعالى، في اليمامة، فرجع الراعي حتى أتى عبيدا فقال: والله إني رأيت آطاما طوالا وأشجارا حسانا هذا حملها، وأتى بالتمر معه مما وجده منتثرا تحت النخل، فتناول منه عبيد وأكل وقال: هذا والله طعام طيّب! وأصبح فأمر بجزور فنحرت ثم قال لبنيه وغلمانه:
اجتزروا حتى آتيكم، وركب فرسه وأردف الغلام خلفه وأخذ رمحه حتى أتى حجرا فلما رآها لم يحل عنها وعرف أنها أرض لها شأن فوضع رمحه في الأرض ثم دفع الفرس واحتجر ثلاثين قصرا وثلاثين حديقة وسماها حجرا وكانت تسمى اليمامة، فقال في ذلك:
حللنا بدار كان فيها أنيسها، ... فبادوا وخلّوا ذات شيد حصونها
فصاروا قطينا للفلاة بغربة ... رميما، وصرنا في الديار قطينها
فسوف يليها بعدنا من يحلها، ... ويسكن عرضا سهلها وحزونها
ثم ركز رمحه في وسطها ورجع إلى أهله فاحتملهم حتى أنزلهم بها، فلما رأى جاره الزبيدي ذلك قال:
يا عبيد الشرك! قال: لا بل الرضا، فقال: ما بعد الرضا إلا السخط، فقال عبيد: عليك بتلك القرية فانزلها، القرية بناحية حجر على نصف فرسخ منها، فأقام بها الزبيدي أياما ثم غرض فأتى عبيدا فقال له:
عوّضني شيئا فإني خارج وتارك ما ههنا، فأعطاه ثلاثين بكرة، فخرج ولحق بقومه، وتسامعت بنو حنيفة ومن كان معهم من بكر بن وائل بما أصاب عبيد بن ثعلبة فأقبلوا فنزلوا قرى اليمامة وأقبل زيد ابن يربوع عمّ عبيد حتى أتى عبيدا فقال: أنزلني معك حجرا، فقام عبيد وقبض على ذكره وقال: والله لا ينزلها إلا من خرج من هذا، يعني أولاده، فلم يسكنها إلا ولده، وليس بها إلا عبيدي، وقال لعمه:
عليك بتلك القرية التي خرج منها الزبيدي فانزلها، فنزلها في أخبية الشعر وعبيد وولده في القصور بحجر، فكان عبيد يمكث الأيام ثم يقول لبنيه: انطلقوا إلى باديتنا، يريد عمه، فيمضون يتحدثون هنالك ثم يرجعون، فمن ثمّ سميت البادية، وهي منازل زيد وحبيب وقطن ولبيد بني يربوع بن ثعلبة بن الدؤل بن حنيفة، ثم جعل عبيد يفسل النخل فيغرسها فتخرج ولا تخلف، ففعل أهل اليمامة كلهم ذلك، فهذا هو السبب في تسميتها حجرا، وقد أكثرت الشعراء من ذكرها والتشوق إليها، فروي عن نفطويه قال:
قالت أم موسى الكلابية وكان تزوجها رجل من أهل حجر اليمامة ونقلها إلى هنالك:
قد كنت أكره حجرا أن ألمّ بها، ... وأن أعيش بأرض ذات حيطان
لا حبّذا العرف الأعلى وساكنه، ... وما تضمّن من مال وعيدان
أبيت أرقب نجم الليل قاعدة ... حتى الصباح، وعند الباب علجان
لولا مخافة ربي أن يعاقبني، ... لقد دعوت على الشيخ ابن حيّان
وكان رجل من بني جشم بن بكر يقال له جحدر يخيف السبيل بأرض اليمن، وبلغ خبره الحجاج، فأرسل إلى عامله باليمن يشدد عليه في طلبه، فلم يزل يجد في أمره حتى ظفر به وحمله إلى الحجاج بواسط، فقال له: ما حملك على ما صنعت؟ فقال: كلب الزمان وجراءة الجنان، فأمر بحبسه فحبس، فحنّ إلى بلاده وقال:
لقد صدع الفؤاد، وقد شجاني ... بكاء حمامتين تجاوبان
تجاوبتا بصوت أعجميّ ... على غصنين: من غرب وبان
فأسبلت الدموع بلا احتشام، ... ولم أك باللئيم ولا الجبان
فقلت لصاحبيّ: دعا ملامي، ... وكفّا اللوم عني واعذراني
أليس الله يعلم أن قلبي ... يحبك أيها البرق اليماني؟
وأهوى أن أعيد إليك طرفي ... على عدواء من شغلي وشاني
أليس الله يجمع أم عمرو ... وإيانا، فذاك بنا تدان؟
بلى! وترى الهلال كما أراه، ... ويعلوها النهار كما علاني
فما بين التفرق غير سبع ... بقين من المحرم، أو ثمان
ألم ترني غذيت أخا حروب، ... إذا لم أجن كنت مجنّ جان؟
أيا أخويّ من جشم بن بكر، ... أقلّا اللّوم إن لا تنفعاني
إذا جاوزتما سعفات حجر ... وأودية اليمامة، فانعياني
لفتيان، إذا سمعوا بقتلي ... بكى شبانهم وبكى الغواني
وقولا: جحدر أمسى رهينا، ... يحاذر وقع مصقول يماني
ستبكي كل غانية عليه، ... وكل مخضّب رخص البنان
وكل فتى له أدب وحلم ... معدّيّ كريم، غير وان
فبلغ شعره هذا الحجاج فأحضره بين يديه وقال له:
أيما أحب إليك أن أقتلك بالسيف أو ألقيك للسباع؟
فقال له: أعطني سيفا وألقني للسباع! فأعطاه سيفا وألقاه إلى سبع ضار مجوّع فزأر السبع وجاءه فتلقاه بالسيف ففلق هامته، فأكرمه الحجاج واستنابه وخلع عليه وفرض له في العطاء وجعله من أصحابه، وأنشد ابن الأعرابي في نوادره لبعض اللصوص:
هل الباب مفروج، فأنظر نظرة ... بعين قلت حجرا وطال احتمامها؟
ألا حبّذا الدهنا وطيب ترابها، ... وأرض فضاء يصدح الليل هامها
وسير المطايا بالعشيات والضحى، ... إلى بقر وحش العيون اكامها
والحجر أيضا حجر الراشدة: موضع في ديار بني عقيل، وهو مكان ظليل أسفله كالعمود وأعلاه منتشر، عن أبي عبيد. والحجر أيضا: واد بين بلاد عذرة وغطفان. والحجر أيضا: جبل في بلاد غطفان.
والحجر أيضا حجر بني سليم: قرية لهم.

الخَوَّانِ

الخَوَّانِ:
تثنية خوّ، والخوّ: الجوع، وكل واد واسع في جو سهل فهو خوّ وخويّ، والخوّان:
واديان معروفان في بلاد بني تميم، وقال نصر:
الخوان غائطان بين الدّهناء والرّغام وليسا بالخوّ الذي نحن نذكره بعد، قال رافع بن هزيم:
ونحن أخذنا ثار عمّك بعد ما ... سقى القوم، بالــخوّيــن، عمّك حنظلا

دَارُ النّدْوَة

دَارُ النّدْوَة:
بمكة أحدثها قصيّ بن كلاب بن مرة لما تملك مكة، وهي دار كانوا يجتمعون فيها للمشاورة، وجعلها بعد وفاته لابنه عبد الدار بن قصيّ، ولفظه مأخوذ من لفظ النديّ والنادي والمنتدى، وهو مجلس القوم الذين يندون حوله أي يذهبون قريبا منه ثم يرجعون، والنادية في الجمال: أن تصرف عن الورد إلى المرعى قريبا ثم تعاد إلى الشرب وهو المندّى، صارت هذه الدار إلى حكيم بن حزام بن خويــلد ابن أسد بن عبد العزّى بن قصيّ فباعها من معاوية بمائة ألف درهم، فلامه معاوية على ذلك وقال:
بعت مكرمة آبائك وشرفهم، فقال حكيم: ذهبت المكارم إلا التقوى، والله لقد اشتريتها في الجاهلية بزقّ خمر وقد بعتها بمائة ألف درهم وأشهدكم أن ثمنها في سبيل الله تعالى، فأيّنا المغبون؟ وقال ابن الكلبي: دار الندوة أول دار بنت قريش بمكة وانتقلت بعد موت قصيّ إلى ولده الأكبر عبد الدار ثم لم تزل في أيدي بنيه حتى باعها عكرمة بن عامر ابن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار من معاوية بن أبي سفيان فجعلها دار الإمارة.

دُنْباوَنْد

دُنْباوَنْد:
بضم أوله، وسكون ثانيه، وبعده باء موحدة، وبعد الألف واو ثم نون ساكنة، وآخره دال، لغة في دباوند: وهو جبل من نواحي الرّيّ، وقد ذكر في دباوند، ودنباوند في الإقليم الرابع، طولها خمس وسبعون درجة ونصف، وعرضها سبع وثلاثون درجة وربع. ودنباوند أيضا:
جبل بكرمان ذكرته في بلد يقال له دمندان، فأما الذي في الريّ فقال ابن الكلبي: إنما سمي دنباوند لأن أفريدون بن اثفيان الأصبهاني لما أخذ الضحّاك بيوراسف قال لأرمائيل وكان نبطيّا من أهل الزاب اتخذه الضحاك على مطابخه فكان يذبح غلاما ويستحيي غلاما ويسم على عنقه ثم يأمره فيأتي المغارة فيما بين قصران وخويّ ويذبح كبشا فيخلطه بلحم الغلام، فلما أراد أفريدون قتله قال:
أيها الملك إن لي عذرا، وأتى به المغارة وأراه صنيعه فاستحسن أفريدون ذلك منه وأراد قتله بحجة فقال: اجعل لي غذاء لا تجعل لي فيه بقلا ولا لحما، فجعل فيه أذناب الضأن وأحضر له وهو بدنباوند لحبس الضحّاك به، فاستحسن أفريدون ذلك منه وقال له: دنباوندى أي وجدت الأذناب فتخلّصت بها مني، ثم قال أفريدون: يا أرمائيل قد أقطعتك صداء الخيل ووهبت لك هؤلاء الذين وسمت، فأنت وسمان، وسمى الأرض التي وجد
فيها القوم دشت پي أي سمة وعقب، فسميت دست پي الكورة المعروفة بين الري وهمذان وقزوين، وقرأت في رسالة ألّفها مسعر بن مهلهل الشاعر ووصف فيها ما عاينه في أسفاره فقال: دنباوند جبل عال مشرف شاهق شامخ لا يفارق أعلاه الثلج شتاء ولا صيفا ولا يقدر أحد من الناس أن يعلو ذروته ولا يقاربها، ويعرف بجبل البيوراسف، يراه الناس من مرج القلعة ومن عقبة همذان، والناظر إليه من الرّيّ يظن أنه مشرف عليه، وأن المسافة بينهما ثلاثة فراسخ أو اثنان، وزعم العامّة أن سليمان بن داود، عليه السلام، حبس فيه ماردا من مردة الشياطين يقال له صخر المارد، وزعم آخرون أن أفريدون الملك حبس فيه البيوراسف، وأن دخانا يخرج من كهف في الجبل يقول العامة إنه نفسه، ولذلك أيضا يرون نارا في ذلك الكهف يقولون إنها عيناه وإن همهمته تسمع من ذلك الكهف، فاعتبرت ذلك وارتصدته وصعدت في ذلك الجبل حتى وصلت إلى نصفه بمشقّة شديدة ومخاطرة بالنفس وما أظن أن أحدا تجاوز الموضع الذي بلغت إليه بل ما وصل إنسان إليه فيما أظن، وتأملت الحال فرأيت عينا كبريتية وحولها كبريت مستحجر، فإذا طلعت عليه الشمس والتهبت ظهرت فيه نار، وإلى جانبه مجرى يمر تحت الجبل تخترقه رياح مختلفة فتحدث بينها أصوات متضادّة على إيقاعات متناسبة فمرّة مثل صهيل الخيل ومرّة مثل نهيق الحمير ومرّة مثل كلام الناس، ويظهر للمصغي إليه مثل الكلام الجمهوريّ دون المفهوم وفوق المجهول يتخيل إلى السامع أنه كلام بدويّ ولغة إنسيّ، وذلك الدخان الذي يزعمون أنه نفسه بخار تلك العين الكبريتية، وهذه حال تحتمل على ظاهر صورة ما تدعيه العامة، ووجدت في بعض شعاب هذا الجبل آثار بناء قديم، وحولها مشاهد تدل على أنها مصايف بعض الأكاسرة، وإذا نظر أهل هذه الناحية إلى النّمل يدّخر الحبّ ويكثر من ذلك علموا أنها سنة قحط وجدب، وإذا دامت عليهم الأمطار وتأذّوا بها وأرادوا قطعها صبّوا لبن المعز على النار فانقطعت، وقد امتحنت هذا من دعواهم دفعات فوجدتهم فيه صادقين، وما رأى أحد رأس هذا الجبل في وقت من الأوقات منحسرا عن الثلج إلّا وقعت الفتنة وهريقت الدماء من الجانب الذي يرى منحسرا، وهذه العلامة أيضا صحيحة بإجماع أهل البلد، وبالقرب من هذا الجبل معدن الكحل الرازي والمرتك والأسرب والزاج، هذا كله قول مسعر، وقد حكي قريبا من هذا علي بن زين كاتب المازيار الطبري، كان حكيما محصّلا وله تصانيف في فنون عدّة، قريبا من حكاية مسعر قال: وجّهنا جماعة من أهل طبرستان إلى جبل دنباوند وهو جبل عظيم شاهق في الهواء يرى من مائة فرسخ وعلى رأسه أبدا مثل السحاب المتراكم لا ينحسر في الصيف ولا في الشتاء ويخرج من أسفله نهر ماؤه أصفر كبريتي زعم جهال العجم أنه بول البيوراسف، فذكر الذين وجهناهم أنهم صعدوا إلى رأسه في خمسة أيام وخمس ليال فوجدوا نفس قلّته نحو مائة جريب مساحة، على أن الناظر ينظر إليها من أسفل الجبل مثل رأس القبة المخروطة، قالوا: ووجدنا عليها رملا تغيب فيه الأقدام، وإنهم لم يروا عليها دابة ولا أثر شيء من الحيوان، وإنّ جميع ما يطير في الجوّ لا يبلغها، وإنّ البرد فيها شديد والريح عظيمة الهبوب والعصوف، وإنهم عدّوا في كوّاتها سبعين كوّة يخرج منها الدخان الكبريتي، وإنه كان معهم رجل من أهل تلك الناحية فعرّفهم أنّ ذلك الدخان تنفس البيوراسف، ورأوا
حول كل نقب من تلك الكوى كبريتا أصفر كأنه الذهب، وحملوا منه شيئا معهم حتى نظرنا إليه، وزعموا أنهم رأوا الجبال حوله مثل التلال وأنهم رأوا البحر مثل النهر الصغير، وبين البحر وبين هذا الجبل نحو عشرين فرسخا.
ودنباوند من فتوح سعيد بن العاصي في أيام عثمان لما ولي الكوفة سار إليها فافتتحها وافتتح الرّويان، وذلك في سنة 29 أو 30 للهجرة، وبلغ عثمان بن عفّان، رضي الله عنه، أنّ ابن ذي الحبكة النّهدي يعالج تبريحا فأرسل إلى الوليد بن عقبة وهو وال على الكوفة ليسأله عن ذلك فإن أقرّ به فأوجعه ضربا وغرّبه إلى دنباوند، ففعل الوليد ذلك فأقرّ فغرّبه إلى دنباوند، فلما ولي سعيد ردّه وأكرمه فكان من رؤوس أهل الفتن في قتل عثمان، فقال ابن ذي الحبكة:
لعمري! إن أطردتني، ما إلى الذي ... طمعت به من سقطتيّ سبيل
رجوت رجوعي يا ابن أروى، ورجعتي ... إلى الحق دهرا، غال حلمك غول
وإنّ اغترابي في البلاد وجفوتي ... وشتمي في ذات الإله قليل
وإن دعائي، كلّ يوم وليلة، ... عليك بدنباوند كم لطويل
وقال البحتري يمدح المعتزّ بالله:
فما زلت حتى أذعن الشّرق عنوة، ... ودانت على ضغن أعالي المغارب
جيوش ملأن الأرض، حتى تركنها ... وما في أقاصيها مفرّ لهارب
مددن وراء الكوكبيّ عجاجة ... أرته، نهارا، طالعات الكواكب
وزعزعن دنباوند من كل وجهة، ... وكان وقورا مطمئنّ الجوانب

دَيْرُ سَرْجِس وبكُّس

دَيْرُ سَرْجِس وبكُّس:
وهو منسوب إلى راهبين بنجران، وفيهما يقول الشاعر:
أيا راهبي نجران ما فعلت هند، ... أقامت على عهدي فإنّي لها عبد
إذا بعد المشتاق رثّت حباله، ... وما كلّ مشتاق يغيّره البعد
وقال الشابشتي: كان هذا الدير بطيزناباذ بين الكوفة والقادسية على وجه الأرض، بينه وبين القادسية ميل، وكان محفوفا بالكروم والأشجار والحانات، وقد خرب وبطل ولم يبق منه إلّا خرابات على ظهر الطريق يسميها الناس قباب أبي نواس، وفيه يقول الحسين ابن الصمّان:
أخويّ حيّ على الصّبوح صباحا، ... هبا ولا بعد النديم صباحا
هذا الشميط كأنه متحيّر ... في الأفق سدّ طريقه فألاحا
مهما أقام على الصّبوح مساعد ... وعلى الغبوق فلن أريد براحا
عودا لعادتنا صبيحة أمسنا، ... فالعود أحمد مغتدى ومراحا
هل تعذران بدير سرجس صاحبا ... بالصحو أو تريان ذاك جناحا؟
إنّي أعيذكما بعشرة بيننا ... أن تشربا بقرى الفرات قراحا
عجّت قوافزنا وقدّس قسّنا ... هزجا وأصبح ذا الدّجاج صياحا
للجاشريّة فضلها فتعجّلا ... إن كنتما تريان ذاك صلاحا
يا ربّ ملتمس الجنون بنومة ... نبّهته بالراح حين أراحا
فكأن ريّا الكأس حين ندبته ... للكأس أنهض في حشاه جناحا
فأجاب يعثر في فضول ردائه ... عجلان يخلط بالعثار مراحا
ما زال يضحك بي ويضحكني به ... ما يستفيق دعابة ومزاحا
فهتكت ستر مجونه بتهتّك ... في كل ملهية وبحت وباحا

رَاكِسٌ

رَاكِسٌ:
واد، وقال العبّاس بن مرداس السلمي:
لأسماء رسم أصبح اليوم دارسا، ... وأوحش إلّا رحرحان فراكسا
وقال داود بن عوف أخو بني عامر بن ربيعة:
وإنّا ذممنا الأعلم بن خويــلد ... وحلم عقال إذ فقدنا أبا حرب
إذا ما حللتم بالوحيد وراكس ... فذلك نصر طائش عن بني وهب

الرَّبَايعُ

الرَّبَايعُ:
جمع ربيعة، وهي بيضة الحديد، والربيعة أيضا: الحجر يرتبع أي يشال، قال السكوني: إذا صدرت عن سميراء تقاودت لك أعلام يقال لها الرّبايع شرقي الطريق مصعدا، وقال الأسود: الربايع أكناف من بلاد بني أسد، قال: وأنشدنا أبو الندى:
وبين خوّيــن زقاق واسع ... زقاق بين التين والربايع
وقالت امرأة:
لعمرك للغمران غمرا مقلّد ... فذو نجب غلّانه ودوافعه
وخوّ إذا خوّ سقته ذهابه ... وأمرع منه تينه وربايعه
أحبّ إلينا من فراريج قرية ... تزاقى ومن حيّ تنقّ ضفادعه
وقال الأصمعي: الربايع بينه وبين حبشي، وهو جبل يشترك فيه الناس.

زَمْزَمُ

زَمْزَمُ:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، وتكرير الميم والزاي: وهي البئر المباركة المشهورة، قيل: سميت زمزم لكثرة مائها، يقال: ماء زمزم وزمازم، وقيل: هو اسم لها وعلم مرتجل، وقيل: سميت بضمّ هاجر أم إسماعيل، عليه السلام، لمائها حين انفجرت وزمّها إيّاه، وهو قول ابن عبّاس حيث قال: لو تركت لساحت على الأرض حتى تملأ كل شيء، وقيل: سميت بذلك لأن سابور الملك لما حج البيت أشرف عليها وزمزم فيها، والزمزمة:
كلام المجوس وقراءتهم على صلاتهم وعلى طعامهم، وفيها يقول القائل:
زمزمت الفرس على زمزم، ... وذاك في سالفها الأقدم
وقيل: بل سميت زمزم لزمزمة جبرائيل، عليه السلام، وكلامه عليها، وقال ابن هشام: الزمزمة عند العرب الكثرة والاجتماع، وأنشد:
وباشرت معطنها المدهثما، ... ويمّمت زمزومها المزمزما
وقال المسعودي: والفرس تعتقد أنّها من ولد إبراهيم الخليل، عليه السلام، وقد كانت أسلافهم تقصد البيت الحرام وتطوف به تعظيما لجدها إبراهيم وتمسكا بهديه وحفظا لأنسابها، وكان آخر من حجّ منهم ساسان بن بابك، وكان ساسان إذا أتى البيت طاف به وزمزم على هذه البئر، وفي ذلك يقول الشاعر في القديم من الزمان:
زمزمت الفرس على زمزم، ... وذاك في سالفها الأقدم
وقد افتخر بعض شعراء الفرس بعد ظهور الإسلام:
وما زلنا نحجّ البيت قدما، ... ونلقي بالأباطح آمنينا
وساسان بن بابك سار حتى ... أتى البيت العتيق بأصيدينا
وطاف به وزمزم عند بئر ... لإسماعيل تروي الشاربينا
ولها أسماء، وهي: زمزم وزمّم وزمّزم وزمازم وركضة جبرائيل وهزمة جبرائيل وهزمة الملك، والهزمة والركضة بمعنى، وهو المنخفض من الأرض، والغمزة بالعقب في الأرض يقال لها هزمة، وهي سقيا الله لإسماعيل، عليه السلام، والشّباعة وشباعة وبرّة ومضنونة وتكتم وشفاء سقم وطعام طعم وشراب الأبرار وطعام الأبرار وطيّبة، ولها فضائل كثيرة، روي عن جعفر الصادق، رضي الله عنه، أنّه قال: كانت زمزم من أطيب المياه وأعذبها وألذها وأبردها فبغت على المياه فأنبط الله فيها عينا من الصفا فأفسدتها، وروى ابن عباس عن النبيّ، صلى الله عليه وسلم، أنه قال: التضلع من ماء زمزم براءة من النفاق، وماء زمزم لما شرب له، قال مجاهد: ماء زمزم إن شربت منه تريد شفاء شفاك الله وإن شربته لظمإ روّاك الله وإن شربته لجوع أشبعك الله، وقال محمد بن أحمد الهمذاني: وكان ذرع زمزم من أعلاها إلى أسفلها ستين ذراعا، وفي قعرها ثلاث عيون: عين حذاء الركن الأسود، وأخرى حذاء أبي قبيس والصفا، وأخرى حذاء المروة ثمّ قلّ ماؤها جدّا حتى كانت تجمّ، وذلك في سنة 223 أو 224، فحفر فيها محمد بن الضحاك، وكان خليفة عمر بن فرج الرّخّجي على بريد مكّة وأعمالها، تسعة أذرع فزاد ماؤها واتسع ثمّ جاء الله بالأمطار والسيول في سنة 225 فكثر ماؤها، وذرعها من رأسها إلى الجبل المنقور فيه أحد عشر ذراعا وهو مطويّ والباقي فهو منقور في الحجر، وهو تسعة وعشرون ذراعا، وذرع تدويرها أحد عشر ذراعا، وسعة فمها ثلاثة أذرع وثلثا ذراع، وعليها ميلا ساج مربعان فيهما اثنتا عشرة بكرة ليستقى عليها، وأوّل من عمل الرخام عليها وفرش أرضها بالرخام المنصور، وعلى زمزم قبة مبنية في وسط الحرم عن باب الطواف تجاه باب الكعبة، وفي الخبر: أن إبراهيم، عليه السلام، لما وضع إسماعيل بموضع الكعبة وكرّ راجعا قالت له هاجر: إلى من تكلنا؟ قال:
إلى الله، قالت: حسبنا الله، فرجعت وأقامت عند ولدها حتى نفد ماؤها وانقطع درّها فغمها ذلك
وأدركتها الحنة على ولدها فتركت إسماعيل في موضعه وارتقت على الصفا تنظر هل ترى عينا أو شخصا، فلم تر شيئا فدعت ربّها واستسقته ثمّ نزلت حتى أتت المروة ففعلت مثل ذلك، ثمّ سمعت أصوات السباع فخشيت على ولدها فأسرعت تشتد نحو إسماعيل فوجدته يفحص الماء من عين قد انفجرت من تحت خده، وقيل: بل من تحت عقبه، قيل: فمن ذلك العدو بين الصفا والمروة استنانا بهاجر لما عدت لطلب ابنها لخوف السباع، قالوا: فلمّا رأت هاجر الماء سرّت به وجعلت تحوطه بالتراب لئلا يسيل فيذهب ولو لم تفعل ذلك لكان عينا جارية، ولذلك قال بعضهم:
وجعلت تبني له الصفائحا، ... لو تركته كان ماء سافحا
ومن الناس من ينكر ذلك ويقول: إن إسماعيل حفره بالمعاول والمعالجة كسائر المحفورات، والله أعلم، وقد كان ذلك محفورا عندهم قبل الإسلام، وقالت صفية بنت عبد المطلب:
نحن حفرنا للحجيج زمزم ... سقيا نبيّ الله في المحرّم
ركضة جبريل ولمّا يفطم
قالوا: وتطاولت الأيّام على ذلك حتى غوّرت تلك السيول وعفتها الأمطار فلم يبق لزمزم أثر يعرف، فذكر محمد بن إسحاق فيما رفعه إلى عليّ بن أبي طالب، رضي الله عنه، أن عبد المطلب بينما هو نائم في الحجر إذ أتي فأمر بحفر زمزم، فقال: وما زمزم؟ قالوا: لا تنزف ولا تهدم، تسقي الحجيج الأعظم، وهي بين الفرث والدّم، عند نقرة الغراب الأعصم، فغدا عبد المطلب ومعه الحارث ابنه ليس له يومئذ ولد غيره فوجد الغراب ينقر بين إساف ونائلة، فحفر هنالك فلمّا بدا الطيّ كبّر فاستشركته قريش وقالوا: إنّها بئر أبينا إسماعيل ولنا فيها حق، فأبى أن يعطيهم حتى تحاكموا إلى كاهنة بني سعد بأشراف الشام، فركبوا وساروا حتى إذا كانوا ببعض الطريق نفد ماؤهم فظمئوا وأيقنوا بالهلكة فانفجرت من تحت خف عبد المطلب عين من ماء فشربوا منها وعاشوا وقالوا: قد، والله، قضي لك علينا أن لا نخاصمك فيها أبدا، إن الذي سقاك الماء بهذه الفلاة لهو الذي سقاك زمزم، فانصرفوا، فحفر زمزم فوجد فيها غزالين من ذهب وأسيافا قلعية كانت جرهم دفنتها عند خروجهم من مكّة، فضرب الغزالين بباب الكعبة وأقام عبد المطلب سقاية زمزم للحاج، وفيه يقول حذيفة بن غانم:
وساقي الحجيج ثمّ للخير هاشم ... وعبد مناف ذلك السيّد الفهر
طوى زمزما عند المقام فأصبحت ... سقايته فخرا على كلّ ذي فخر
وفيه يقول خويــلد بن أسد بن عبد العزّى وفيه ما يدل على أن زمزم أقدم من إسماعيل، عليه السلام:
أقول، وما قولي عليكم بسبّة:
إليك ابن سلمى أنت حافر زمزم ... حفيرة إبراهيم يوم ابن هاجر،
وركضة جبريل على عهد آدم

الشِّحْرُ

الشِّحْرُ:
بكسر أوّله، وسكون ثانيه، قال: الشحرة الشط الضيق، والشّحر الشط: وهو صقع على ساحل بحر الهند من ناحية اليمن، قال الأصمعي: هو بين عدن وعمان قد نسب إليه بعض الرّواة، وإليه ينسب العنبر الشحري لأنّه يوجد في سواحله، وهناك عدة مدن يتناولها هذا الاسم، وذكر بعض العرب قال: قدمت الشحر فنزلت على رجل من مهرة له رياسة وخطر فأقمت عنده أيّاما فذكرت عنده النسناس فقال: إنّا لنصيده ونأكله وهو دابة له يد واحدة ورجل واحدة وكذلك جميع ما فيه من الأعضاء، فقلت له: أنا والله أحبّ أن أراه، فقال لغلمانه: صيدوا لنا شيئا منه، فلمّا كان من الغد إذ هم قد جاءوا بشيء له وجه كوجه الإنسان إلّا أنّه نصف الوجه وله يد واحدة في صدره وكذلك رجل واحدة، فلمّا نظر إليّ قال: أنا بالله وبك! فقلت للغلمان: خلّوا عنه، فقالوا: يا هذا لا تغتر بكلامه فهو أكلنا، فلم أزل بهم حتى أطلقوه فمرّ مسرعا كالريح، فلمّا حضر غداء الرجل الذي كنت عنده قال لغلمانه: أما كنت قد تقدّمت إليكم أن تصيدوا لنا شيئا؟ فقالوا: قد فعلنا ولكن ضيفك قد خلّى عنه، فضحك وقال: خدعك والله! ثمّ أمرهم بالغدوّ إلى الصيد، فقلت: وأنا معهم؟
فقال: افعل، ثمّ غدونا بالكلاب فصرنا إلى غيضة عظيمة وذلك في آخر الليل فإذا واحد يقول: يا أبا مجمر إن الصبح قد أسفر والليل قد أدبر والقنيص قد حضر فعليك بالوزر، فقال له الآخر: كلي ولا تراعي، قال: فأرسلوا الكلاب عليهم فرأيت أبا مجمر وقد اعتوره كلبان وهو يقول:
الويل لي ممّا به دهاني ... دهري من الهموم والأحزان!
قفا قليلا أيّها الكلبان، ... واستمعا قولي وصدّقاني
إنّكما حين تحارباني ... ألفيتماني خضلا عناني
لو بي شبابي ما ملكتماني ... حتى تموتا أو تخلّياني
قال: فالتقيا عليه وأخذاه، فلمّا حضر غداء الرجل أتوا بأبي مجمر بعد الطعام مشويّا، وقد ذكرت من خبر النسناس شيئا آخر في وبار على ما وجدته في كتب العقلاء، وهو ممّا اشترطنا أنّه خارج من العادة وأنا بريء من العهدة، وينسب إلى الشحر جماعة،
منهم: محمد بن خويّ بن معاذ الشحري اليماني، سمع بالعراق وخراسان من أبي عبد الله محمد بن الفضل الصاعدي الفراوي وغيره.

بِسْكِرَةُ

بِسْكِرَةُ:
بكسر الكاف، وراء: بلدة بالمغرب من نواحي الزاب، بينها وبين قلعة بني حماد مرحلتان، فيها نخل وشجر وقسب جيد، بينها وبين طبنة مرحلة، كذا ضبطها الحازمي وغيره، يقول:
بسكرة، بفتح أوله وكافه، قال: وهي مدينة مسورة ذات أسواق وحمامات، وأهلها علماء على مذهب أهل المدينة، وبها جبل ملح يقطع منه كالصخر الجليل، وتعرف ببسكرة النخيل، قال أحمد بن محمد المرّوذي:
ثم أتى بسكرة النخيل، ... قد اغتدى في زيّه الجميل
وإليها ينسب أبو القاسم يوسف بن عليّ بن جبارة بن محمد بن عقيل بن سوادة بن مكناس بن وربليس ابن هديد بن جمح بن حيان بن مستملح بن عكرمة بن خالد، وهو أبو ذؤيب الهذلي ابن خويــلد البسكري، سافر إلى بلاد الشرق وسمع أبا نعيم الأصبهاني وجماعة من الخراسانيين، وكان يفهم الكلام والنحو، وله اختيار في القراءة، وكان يدرّس النحو. [1] في هذا البيت إقواء.

غُذُمٌ

غُذُمٌ:
بضم أوله وثانيه، جمع غذم: وهو نبت، قال القطامي:
في عثعث ينبت الحوذان والغذما وقيل: الغذيمة كل كلإ وشيء يركب بعضه بعضا، ويقال هي بقلة تنبت بعد مسير الناس من الدار، وذو غذم: موضع من نواحي المدينة، قال إبراهيم ابن هرمة:
ما بالديار التي كلّمت من صمم ... لو كلّمتك وما بالعهد من قدم
وما سؤالك ربعا لا أنيس به ... أيام شوطى ولا أيام ذي غذم
وقال قرواش بن حوط:
نبّئت أن عقال وابن خويــلد ... بنعاف ذي غذم وأن لا أعلما
ينمي وعيدهما إليّ وبيننا ... شمّ فوارع من هضاب يلملما
لا تسأما لي من رسيس عداوة ... أبدا فليس بمنّتي أن تسلما

قَزْوِينُ

قَزْوِينُ:
بالفتح ثم السكون، وكسر الواو، وياء مثناة من تحت ساكنة، ونون: مدينة مشهورة بينها وبين الرّيّ سبعة وعشرون فرسخا وإلى أبهر اثنا عشر فرسخا، وهي في الإقليم الرابع، طولها خمس وسبعون درجة، وعرضها سبع وثلاثون درجة، قال ابن الفقيه: أول من استحدثها سابور ذو الأكتاف واستحدث أبهر أيضا، قال: وحصن قزوين يسمّى كشرين بالفارسية وبينه وبين الديلم جبل كانت ملوك الأرض تجعل فيه رابطة من الأساورة يدفعون الديلم إذا لم يكن بينهم هدنة ويحفظون بلدهم من اللصوص، وكان عثمان بن عفان، رضي الله عنه، ولّى البراء بن عازب الرّيّ في سنة 24 فسار منها إلى أبهر ففتحها، كما ذكرنا، ورحل عنها إلى قزوين فأناخ عليها وطلب
أهلها الصلح فعرض عليهم ما أعطى أهل أبهر من الشرائط فقبلوا جميع ذلك إلا الجزية فإنهم نفروا منها، فقال: لا بدّ منها، فلما رأوا ذلك أسلموا وأقاموا مكانهم فصارت أرضهم عشريّة ثم رتب البراء فيهم خمسمائة رجل من المسلمين فيهم طليحة بن خويــلد الأسدي وميسرة العائذي وجماعة من بني تغلب وأقطعهم أرضين وضياعا لا حقّ فيها لأحد فعمروا وأجروا أنهارها وحفروا آبارها فسمّوا تنّاءها، وكان نزولهم على ما نزل عليه أساورة البصرة على أن يكونوا مع من شاءوا فصار جماعة منهم إلى الكوفة وحالفوا زهرة بن حويّة فسموا حمراء الديلم وأقام أكثرهم مكانهم، وقال رجل ممن قدم مع البراء:
قد يعلم الدّيلم إذ تحارب ... لما أتى في جيشه ابن عازب
بأنّ ظنّ المشركين كاذب ... فكم قطعنا في دجى الغياهب
من جبل وعر ومن سباسب
قالوا: ولما ولي سعيد بن العاصي بن أميّة الكوفة بعد الوليد بن عقبة غزا الديلم فأوقع بهم وقدم قزوين فمصّرها وجعلها مغزى أهل الكوفة إلى الديلم، وكان موسى الهادي لما سار إلى الرّي قدم قزوين وأمر ببناء مدينة بإزائها فهي تعرف بمدينة موسى وابتاع أرضا يقال لها رستماباذ ووقفها على مصالح المدينة وكان عمرو الرومي تولّاها ثم تولّاها بعده ابنه محمد بن عمرو، وكان المبارك التركي بنى بها حصنا سماه المباركية وبه قوم من مواليه، وحدث محمد ابن هارون الأصبهاني قال: اجتاز الرشيد بهمذان وهو يريد خراسان فاعترضه أهل قزوين وأخبروه بمكانهم من بلد العدوّ وعنائهم في مجاهدتهم وسألوه النظر لهم وتخفيف ما يلزمهم من عشر غلاتهم في القصبة فسار إلى قزوين ودخلها وبنى جامعها وكتب اسمه على بابه في لوح حجر وابتاع بها حوانيت ومستغلات ووقفها على مصالح المدينة وعمارة قبّتها وسورها، قال: وصعد في بعض الأيام القبّة التي على باب المدينة وكانت عالية جدّا فأشرف على الأسواق ووقع النفير في ذلك الوقت فنظر إلى أهلها وقد غلّقوا حوانيتهم وأخذوا سيوفهم وتراسهم وجميع أسلحتهم وخرجوا على راياتهم، فأشفق عليهم وقال:
هؤلاء قوم مجاهدون يجب أن ننظر لهم، واستشار خواصّه في ذلك فأشار كلّ برأي، فقال: أصلح ما يعمل بهؤلاء أن يحطّ عنهم الخراج ويجعل عليهم وظيفة القصبة فقط، فجعلها عشرة آلاف درهم في كل سنة مقاطعة، وقد روى المحدّثون في فضائل قزوين أخبارا لا تصحّ عند الحفّاظ النّقّاد تتضمّن الحثّ على المقام بها لكونها من الثغور وما أشبه ذلك، وقد تركتها كراهة للإطالة إلا أن منها ما روي عن النبي، صلّى الله عليه وسلّم، أنه قال: مثل قزوين في الأرض مثل جنّة عدن في الجنان، وروي عنه أنه قال: ليقاتلن بقزوين قوم لو أقسموا على الله لأبرّ أقسامهم، وكان الحجاج بن يوسف قد أغزى ابنه محمدا الديلم فنزل قزوين وبنى بها مسجدا وكتب اسمه عليه، وهو المسجد الذي على باب دار بني الجنيد ويسمّى مسجد الثور، فلم يزل قائما حتى بنى الرشيد المسجد الجامع، وكان الحوليّ بن الجون غزا قزوين فقال:
وبكر سوانا عراقيّة ... بمنحازها أو بذي قارها
وتغلب حيّ بشطّ الفرات ... جزائرها حول ثرثارها
وأنت بقزوين في عصبة، ... فهيهات دارك من دارها
وقال بعض أهل قزوين يذكرها ويفضلها على أبهر:
نداماي من قزوين طوعا لأمركم،
فإني فيكم قد عصيت نهاتي ... فأحيوا أخاكم من ثراكم بشربة
تندّي عظامي أو تبلّ لهاتي ... أساقيتي من صفو أبهر هاكه،
وإن يك رفق من هناك فهاتي
وقد التزم ما لا يلزمه من الهاء قبل ألف الردف،
وقال الطّرمّاح بن حكيم: ... خليلي مدّ طرفك هل ترى لي
ظعائن باللوى من عوكلان؟ ... ألم تر أنّ عرفان الثّريّا
يهيّج لي بقزوين احتزاني؟
وينسب إلى قزوين خلق لا يحصون، منهم الخليل ابن عبد الله بن الخليل أبو يعلى القزويني، روى عن أبي الحسن عليّ بن أحمد بن صالح المقري وغيره، روى عنه الإمام أبو بكر بن لال الفقيه الهمذاني حكاية في معجمه وسمع هو من ابن لال الكبير، قال شيرويه: قال حدّثنا عنه ابنه أبو زيد الواقد بن الخليل الخطيب وأبو الفتح بن لال وغيرهما من القزوينيّين وكان فهما حافظا ذكيّا فريد عصره في الفهم والذكاء، قال شيرويه في تاريخ همذان: ومن أعيان الأئمة من أهل قزوين محمد بن يزيد بن ماجة أبو عبد الله القزويني الحافظ صاحب كتاب السنن، سمع بدمشق هشام بن عمّار ودحيما والعباس بن الوليد الخلّال وعبد الله بن أحمد بن بشير بن ذكوان ومحمود بن خالد والعباس بن عثمان وعثمان بن إسماعيل بن عمران الذّهلي وهشام بن خالد وأحمد بن أبي الحواري، وبمصر أبا طاهر بن سرح ومحمد بن رويح ويونس بن عبد الأعلى، وبحمص محمد بن مصفّى وهشام بن عبد الملك اليزني وعمرا ويحيى ابني عثمان، وبالعراق أبا بكر بن أبي شيبة وأحمد بن عبدة وإسماعيل بن أبي موسى الفزاري وأبا خيثمة زهر بن حرب وسويد بن سعيد وعبد الله ابن معاوية الجمحي وخلقا سواهم، روى عنه أبو الحسن عليّ بن إبراهيم بن سلمة القطّان وأبو عمرو أحمد بن محمد بن إبراهيم بن حكيم وأبو الطيب أحمد ابن روح البغدادي، قال ابن ماجة، رحمه الله:
عرضت هذه النسخة، يعني كتابه في السنن، على أبي زرعة فنظر فيه وقال: أظنّ هذه إن وقعت في أيدي الناس تعطّلت هذه الجوامع كلها، أو قال أكثرها، ثم قال: لعله لا يكون فيه تمام ثلاثين حديثا مما في إسناده ضعف، أو قال عشرين أو نحو هذا من الكلام، قال جعفر بن إدريس في تاريخه:
مات أبو عبد الله بن ماجة يوم الاثنين ودفن يوم الثلاثاء لثمان بقين من رمضان سنة 273، وسمعته يقول ولدت في سنة 209.

قصرُ عُرْوة

قصرُ عُرْوة:
هو بالعقيق، منسوب إلى عروة بن الزبير ابن العوّام بن خويــلد، روى عروة بن الزبير أن رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، قال: يكون في أمتي خسف وقذف وذلك عند ظهور عمل قوم لوط فيهم، قال عروة: فبلغني أنه قد ظهر ذلك فتنحّيت عن المدينة وخشيت أن يقع وأنا بها فنزلت العقيق وبنى به قصره المشهور عند بئره وقال فيه لما فرغ منه:
بنيناه فأحسنّا بناه ... بحمد الله في وسط العقيق
تراهم ينظرون إليه شزرا ... يلوح لهم على وضح الطريق
فساء الكاشحين وكان غيظا ... لأعدائي وسرّ به صديقي
وأقام عبد الله بن عروة بالعقيق في قصر أبيه فقيل له:
لم تركت المدينة؟ فقال: لأني كنت بين رجلين حاسد على نعمة وشامت بنكبة، وقال عامر بن صالح في قصر عروة:
حبّذا القصر ذو الطهارة والبئ ... ر ببطن العقيق ذات الشّباب
ماء مزن لم يبغ عروة فيها ... غير تقوى الإله في المقطعات
بمكان من العقيق أنيس ... بارد الظلّ طيّب الغدوات
وقصر عروة أيضا: قرية من نواحي بغداد من ناحية بين النهرين، سمع بها أبو البركات هبة الله بن المبارك ابن موسى بن علي السقطي شيئا من حديث أبي الحسن محمد بن جعفر بن محمد بن هارون بن النّجار التميمي الكوفي على أبي الفتح محمد بن أحمد بن عثمان بن محمد ابن القزّاز المطيري الخطيب في سنة 463.

كُلَيّةُ

كُلَيّةُ:
بالضم ثم الفتح، وتشديد الياء، كأنه تصغير الذي قبله، قال عرّام: واد يأتيك من شمنصير بقرب الجحفة، وبكليّة على ظهر الطريق ماء آبار يقال لتلك الآبار كليّة وبها سمي الوادي وكان النّصيب يسكنها وكان بها يوم للعرب، قال خويــلد بن أسد ابن عبد العزّى:
أنا الفارس المذكور يوم كليّة ... وفي طرف الرّنقاء يومك مظلم
قتلت أبا جزء وأشويت محصنا، ... وأفلتني ركضا مع الليل جهضم
وفي الأغاني: كليّة قرية بين مكة والمدينة، وأنشد لنصيب:
خليليّ! إن حلّت كليّة فالرّبا ... فذا أمج فالشعب ذا الماء والحمض
وأصبح من حوران أهلي بمنزل ... يبعّده من دونها نازح الأرض
وإن شئتما أن يجمع الله بيننا ... فخوضا بي السّمّ المضرّج بالمحض
ففي ذاك عن بعض الأمور سلامة، ... وللموت خير من حياة على غمض

المدَائِنُ

المدَائِنُ:
قال بطليموس: طول المدائن سبعون درجة وثلث، وعرضها ثلاث وثلاثون درجة وثلث، بالفتح جمع المدينة، تهمز ياؤها ولا تهمز، إن أخذت من دان يدين إذا أطاع لم تهمز إذا جمع على مداين لأنه مثل معيشة وياؤه أصلية، وإن أخذت من مدن بالمكان إذا أقام به همزت لأن ياءها زائدة فهي مثل قرينة وقرائن وسفينة وسفائن، والنسبة إليها مدائنيّ وإنما جاز النسبة إلى الجمع بصيغته لأنه صار علما بهذه الصيغة وإلّا فالأصل أن يردّ المجموع إلى الواحد ثم ينسب إليه، والنسبة إلى مدينة الرسول، صلّى الله عليه وسلّم، مدنيّ وربما قيل مدينيّ، والنسبة إلى مدينة أصبهان مدينيّ لا غير وربما نسب إلى غيرها هذه النسبة كبغداد ومرو ونيسابور والمدائن العظام، قال يزدجرد بن مهبندار الكسروي في رسالة له عملها في تفضيل بغداد فقال في تضاعيفها ولقد كنت أفكر كثيرا في نزول فقال في نزول الأكاسرة بين أرض الفرات ودجلة فوقفت على أنهم توسطوا مصبّ الفرات في دجلة هذا ان الإسكندر لما سار في الأرض ودانت له الأمم وبنى المدن العظام في المشرق والمغرب رجع إلى المدائن وبنى فيها مدينة وسوّرها وهي إلى هذا الوقت موجودة الأثر وأقام بها راغبا عن بقاع الأرض جميعا وعن بلاده ووطنه حتى مات، قال يزدجرد: أما أنوشروان بن قباذ وكان أجلّ ملوك فارس حزما ورأيا وعقلا وأدبا فإنه بنى المدائن وأقام بها هو ومن كان بعده من ملوك بني ساسان إلى أيام عمر بن الخطّاب، رضي الله عنه، وقد ذكر في سير الفرس أن أول من اختطّ مدينة في هذا الموضع أردشير بن بابك، قالوا: لما ملك البلاد سار حتى نزل في هذا الموضع فاستحسنه فاختطّ به مدينة، قال: وإنما سميت المدائن لأن زاب الملك الذي بعد موسى، عليه السّلام، ابتناها بعد ثلاثين سنة من ملكه وحفر الزوابي وكوّرها وجعل المدينة العظمى المدينة العتيقة، فهذا ما وجدته مذكورا عن القدماء ولم أر أحدا ذكر لم سمّيت بالجمع والذي عندي فيه أن هذا الموضع كان مسكن الملوك من الأكاسرة الساسانية وغيرهم فكان كلّ واحد منهم إذا ملك بنى لنفسه مدينة إلى جنب التي قبلها وسماها باسم، فأولها المدينة العتيقة التي لزاب، كما ذكرنا، ثم مدينة الإسكندر ثم طيسفون من مدائنها ثم اسفانبر ثم مدينة يقال لها رومية فسميت المدائن بذلك، والله أعلم، وكان فتح المدائن كلها على يد سعد بن أبي وقّاص في صفر سنة 16 في أيام عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، قال حمزة: اسم المدائن بالفارسية توسفون وعرّبوه على الطيسفون والطيسفونج وإنما سمّتها العرب المدائن لأنها سبع مدائن بين كل مدينة إلى الأخرى مسافة قريبة أو بعيدة، وآثارها واسماؤها باقية، وهي: اسفابور ووه أردشير وهنبو شافور ودرزيندان ووه جنديوخسره ونونيافاذ وكردافاذ، فعرّب اسفابور على اسفانبر، وعرّب وه أردشير على بهرسير، وعرب هنبو شافور على جنديسابور، وعرب درزيندان على درزيجان، وعرب وه جنديوخسره على رومية، وعرب السادس والسابع على اللفظ، فلما ملك العرب ديار الفرس واختطت الكوفة والبصرة انتقل إليهما الناس عن المدائن وسائر مدن العراق ثم اختط الحجاج واسطا فصارت دار الإمارة، فلما زال ملك بني أميّة اختط المنصور بغداد فانتقل إليها الناس ثم اختط المعتصم سامرّا فأقام الخلفاء بها مدّة ثم رجعوا إلى بغداد فهي الآن أم بلاد العراق، فأما في وقتنا هذ فالمسمى بهذا الاسم بليدة شبيهة بالقرية بينها وبين بغداد ستة فراسخ وأهلها فلّاحون يزرعون ويحصدون والغالب على أهلها التشيّع على مذهب الإمامية، وبالمدينة الشرقية قرب الإيوان قبر سلمان الفارسي، رضي الله عنه، وعليه مشهد يزار إلى وقتنا هذا، وقال رجل من مراد:
دعوت كريبا بالمدائن دعوة، ... وسيرت إذ ضمّت عليّ الأظافر
فيال بني سعد علام تركتما ... أخا لكما يدعوكما وهو صابر
أخا لكما إن تدعواه يجبكما، ... ونصركما منه إذا ريع فاتر
وقال عبدة بن الطيب:
هل حبل خولة بعد الهجر موصول، ... أم أنت عنها بعيد الدار مشغول؟
وللأحبّة أيّام تذكّرها، ... وللنّوى قبل يوم البين تأويل
حلّت خويــلة في دار مجاورة ... أهل المدائن فيها الديك والفيل
يقارعون رؤوس العجم ظاهرة ... منها فوارس لا عزل ولا ميل
من دونها، لعتاق العيس إن طلبت، ... خبت بعيد نياط الماء مجهول
وقال رجل من الخوارج كان مع الزبير بن الماخور وكانوا أوقعوا بأهل المدائن فقال:
ونجّى يزيدا سابح ذو علالة، ... وأفلتنا يوم المدائن كردم
وأقسم لو أدركته إذ طلبته ... لقام عليه من فزارة مأتم
والمدائن أيضا: اسم قريتين من نواحي حلب في نقرة بني أسد، إليها فيما أحسب ينسب أبو الفتح أحمد ابن علي المدائني الحلبي، قرأت بخط عبد الله بن محمد ابن سنان الخفاجي الحلبي على جزء من كتاب الحيوان للجاحظ: ابتعته من تركة أبي الفتح أحمد المدائني في جمادى الآخرة سنة 459.

المَرْخَتان

المَرْخَتان:
تثنية المرخة، بالخاء المعجمة، وهي واحدة المرخ، شجر كثير النار: اسم موضع في أخبار هذيل، خرج منها عمرو بن خويــلد الهذلي في نفر من قومه يريدون بني عضل وهم بالمرخة القصوى اليمانية حتى قدم أهلا له من بني قريم بن صاهلة وهم بالمرخة الشامية، فهاتان مرختان كما هناك نخلتان اليمانية والشامية.

نُبَايِعُ

نُبَايِعُ:
بالضم، وبعد الألف ياء، وعين مهملة، يجوز فيه وجهان: أحدهما أن تكون النون للمضارعة من بايع يبايع ونحن نبايع، ويجوز أن تكون النون أصلية فيكون من النبع وهو شجر تعمل منه القسيّ من شجر الجبال، أو من نبع الماء ينبع نبوعا ونبعا، قال أبو منصور: هو اسم مكان أو جبل أو واد في ديار هذيل، ذكره أبو ذؤيب فقال:
وكأنها بالجزع جزع نبايع ... وألات ذي العرجاء نهب مجمع
وقال البريق بن عياض بن خويــلد اللحياني:
لقد لاقيت يوم ذهبت أبغي ... بحزم نبايع يوما أمارا
وروي بتقديم الياء، وذكر في موضعه، ونبايع ونبايعات موضع واحد، وللعرب في ذلك عادة إذا احتاجوا إلى إقامة الوزن يثنّون الموضع ويجمعونه، وفي هذا الكتاب كثير، والدليل على أنهما واحد أن البريق الهذلي يقول في قصيدة يرثي أخاه وكان قد مات بهذا الموضع:
لقد لاقيت يوم ذهبت أبغي ... بحزم نبايع يوما أمارا
مقيما عند قبر أبي سباع ... سراة الليل عندك والنهارا
ذهبت أعوده فوجدت فيها ... أواريّا روامس والغبارا
سقى الرحمن حزم نبايعات ... من الجوزاء أنواء غزارا
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.