Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: خليفة

ابن الله والربّ والأب 

ابن الله والربّ والأب
كلمة الابن في العبرانية تستعمل لمعنيين:
1 - للنسبة، كابن السبيل، وابن الليل ، أو كابن صبح ، وابن حَول وسنة.
2 - للعبد، كالرجل، والفتى، والغلام.
ولفظ "الابن" ليس كلفظ "الولد"، فإنّ "الولد" صريح في الابنيّة ولذلك ترى في القرآن لم يشنّع إلاّ على لفظ "الولد"، وبيّن أنّ في استعمال لفظ "الابن" مضاهاةً بالكفر، فينبغي أن يُجتنَب. كما أنّ لفظ "الربّ" يشابه المعبود، فبيّن في القرآن أنهم أفرطوا في هذين اللفظين. وبيان ذلك تحت آية ... .
وهاهنا نورد أمثلةً من كتب اليهود والنصارى، لكي يتبيّن لك ما ذكرنا. ونورد ترجمتهم الباطلة بإزاء ترجمة صحيحة:
المزمور 82
ترجمتهم الباطلة
الله قائم في مجمع الله . في وسط الآلهة
يقضي. حتى متى تقضون جوراً وترفعون
وجوه الأشرار. اقضوا للذليل ولليتيم.
أنصفوا المسكين والبائس. نجّوا المسكين
والفقير. من يد الأشرار أنقذوا. لا يعلمون
ولا يفهمون. في الظلمة يتمشّون. تتزعزع
كل أسس الأرض. أنا قلت إنكم آلهة
وبنوا العليّ كلكم. لكن مثل الناس تموتون
وكأحد الرؤساء تسقطون. قم يا الله
دِنِ الأرض، لأنك أنت تمتلك كلّ الأمم.
الترجمة الصحيحة
الله قائم في مجمع الحكّام. يقضي بين
الأمراء. حتى متى تقضون جوراً وتراعون
جانب الشرّير. احموا المسكين واليتيم.
أقسطوا للفقير والمعترّ. نجّوا المسكين
وأنقذوا الفقير من يد الشرّير. لا يعلمون
ولا يفقهون. وفي الظلمة يذهبون
قد فسدت الأرض إلى بنيانها. أنا صيّرتكم
حكاماً وخلفاء الله ولكنكم مثل العامة
تغوُون وكرؤسائهم تعثرون. قم يا ربّ
دِنِ الأرض. فإنّك ترث الأمم كلها.
هل ترى كيف خلطوا بين الحاكم والله، والقضاء والحماية، والوصل والفصل، والموت والغواية، والابن والــخليفة الخادم؟. كلّ ما نجد في الإنجيل من "ابن الله" فهو "عبد الله" في المعنى وكلّ ما فيه من "أبونا" أو "أبونا وأبوكم"، فهو: ربّنا وربكم، كما ترجمه القرآن. وقد منع المسيح عليه السلام عن استعمال كلمة الربّ لنفسه، وقال: "ربّنا واحد -وهو الله- وأنا وأنتم إخوة". وقد بدّلت النصارى هذا التعليم الواضح. وكذبُهم بادٍ مكشوف.
في متى باب 23 (6 - 11):
"ويحبّون المتكأ الأول في الولائم، والمجالس الأولى في المجامع، والتحيات في الأسواق، وأن يدعوهم الناس: ربي ربي (*). وأما أنتم فلا تُدعَوا: ربّي، لأنّ ربكم واحد. المسيح وأنتم جميعاً إخوة. ولا تدعوا لكم ربّاً (**) على الأرض لأن ربكم واحد. الذي في السموات. ولا تُدعَوا معلّمين، لأنّ معلمكم واحد: المسيح. وأكبركم يكون خادماً لكم".
...............................
(*) في الترجمة البيروتية: سيدي سيدي. وأما أنتم فلا تدعوا سيدي لأنّ معلمكم" وهذا لا يليق بقوله: "لأنَّ". وفي الترجمة الإنكليزية: "ربي ربي. لكن لا تدعوا ربي لأنّ واحداً معلمكم، المسيح؛ وأنتم كلكم إخوة" . فالمترجم فصَلَ بين قوله "المسيح" وقوله "أنتم" بعلامة، لكن الجملة التي نقلت بعد ذلك من باب 19 تكشف الأمر. فإنّك ترى أنهم خبطوا كلمات "ربي" و "معلم" و "سيد" و "أب". وكيف يقول المسيح: لا تدعوني صالحاً؟ فالمعلم الصالح ترجمة "ربي". ونهاهم أن يدعوه بهذا الاسم كما دعت اليهود أحبارهم بهذا الاسم. وهكذا جاء ذكر اليهود والنصارى في القرآن، حيث قال: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ}. فقد علمت أن النصارى سمّوا علماءهم بالرب والإله كما شهدت به كتب التاريخ. [حاشية المؤلف]. (**) في التراجم: "أباً" وهذا باطل ظاهراً. [حاشية المؤلف]. ثم جاء في باب 19 (16 - 17) :
"وإذا واحد تقدم وقال له: أيها المعلّم الصالح أيّ صلاح أعمل لتكون لي الحياة الأبدية؟ فقال له: لماذا تدعوني صالحاً. ليس أحد صالحاً إلا واحد -وهو الله - ولكن إن أردت الحياة فاحفظ الوصايا" (أي الشرائع).
وفي تكوين (45: 8):
"فالآن ليس أنتم أرسلتموني إلى هاهنا بل الله وهو قد جعلني أباً لفرعون وسيّداً لكل بيته ومتسلطاً على كل أرض مصر".
في إشعياء (53: 11):
"مِن تَعَبِ نفسِه يرَى ويشبَع. وعبدي البارّ بمعرفته يبرّر كثيرين وآثامهم هو يحملها".
المراد من "عبدي البارّ" هو عيسى باتفاق النصارى، ولكنك تراهم حرّفوا هذه الكلمة. فتجد في مَرقُس (15: 39):
"ولما رأى قائد المئة الواقف مقابلَه أنه صرخ هكذا، وأسلم الروحَ، قال: حقاً كان هذا الإنسان ابن الله".
وهكذا في مَتّى . وأما في لُوقا فتجد فيه (47:23):
"فلما رأى قائد المئة ما كان مَجَّد اللهَ قائلاً: بالحقيقة كان هذا الإنسان بارّاً".
فهل ترى كيف حرّفوا ومزّقوا كلمة الوَحي!.

الميسر

(الميسر) الزماورد وَهُوَ طَعَام من الْبيض وَاللَّحم أَو الرقَاق الملفوف بِاللَّحْمِ أَو طَعَام يُقَال لَهُ لقْمَة القَاضِي ولقمة الْــخَلِيفَة
(الميسر) الْقمَار وَهُوَ قمار الْعَرَب بالأزلام أَو اللّعب بِالْقداحِ فِي كل شَيْء وكل شَيْء فِيهِ قمار حَتَّى لعب الصّبيان بالجوز وَيُقَال الشطرنج ميسر الْعَجم وَالْجَزُور الَّتِي كَانُوا يتقامرون عَلَيْهَا

بهمن

بهمن
: (البَهْمَنُ) ، كجَعْفَرٍ:
أَهْمَلَهُ الجوْهرِيُّ.
وَهُوَ (أَصْلُ نَباتٍ شَبيهٌ بأَصْلِ الفُجْلِ الغَليظِ فِيهِ اعْوِجاجٌ غَالِبا، وَهُوَ أَحْمَرُ وأَبْيَضُ، ويُقْطَعُ ويُجَفَّفُ نافِعٌ للخَفَقانِ البارِدِ مُقَوَ للقَلْبِ جدّاً باهِيٌّ.
(وبَهْمَنُ: اسمُ) رجُلٍ مِن مُلُوكِ الفُرْسِ.
(وبَهْمَن: ماهْ) اسمُ شَهْرٍ (من الشُّهورِ الفارِسِيَّةِ الحادِي عَشَرَ) .
(وممَّا يُسْتدركُ عَلَيْهِ:
بَهْمانُ: والدُ عبدِ الرَّحمنِ التَّابِعِيّ الحجازيّ الرَّاوي عَن عبدِ الرَّحمنِ بنِ ثابِتٍ، قالَ البُخارِي: وقالَ بعضُهم: عبدُ الرَّحمنِ بنِ يَهْمان بالياءِ التحْتِيّة وَلَا يَصحُّ.
وَقد أَوْرَدَه المصنِّفُ، رحِمَه اللَّهُ تَعَالَى فِي الزَّاي فقالَ بَهْماز والدُ عبدِ الرَّحمنِ فحرَّفَ وصحَّفَ، وَقد نبَّهْنا عَلَيْهِ هُنَاكَ فرَاجِعْه.

بَين
: ( {البَيْنُ) فِي كَلامِ العَرَبِ جاءَ على وَجْهَيْن: (يكونُ فُرْقَةً، و) يكونُ (وَصْلاً) ، بانَ} يَبِينُ {بَيْناً} وبَيْنُونَةً، وَهُوَ مِن الأَضْدادِ؛ وشاهِدُ البَيْنِ بمعْنَى الوَصْلِ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
لقد فَرَّقَ الواشِينَ {بَيْني} وبينَها فقَرَّتْ بِذاكَ الوَصْلِ عَيْني وعينُهاوقالَ قيسُ بنُ ذَريح:
لَعَمْرُكَ لَوْلَا البَيْنُ لانْقَطَعَ الهَوَى وَلَوْلَا الهَوَى مَا حَنَّ {للبَيْنِ آلِف} فالبَيْنُ هُنَا الوَصْلُ؛ وأَنْشَدَ صاحِبُ الاقْتِطافِ، وَقد جَمَعَ بينَ المَعْنَيَيْن: وكنَّا على {بَيْنٍ ففَرَّقَ شَمْلَنافأَعْقَبَه البَيْن الَّذِي شَتَّتَ الشَّمْلافيا عجبا ضِدَّان واللّفْظ واحِدفللَّهِ لَفْظ مَا أَمَرّ وَمَا أَحْلى وقالَ الرَّاغبُ: لَا يُسْتَعْمل إلاَّ فيمَا كانَ لَهُ مَسافَة نَحْو بَيْن البُلْدان؛ أَوله عَدَدٌ مَّا اثْنانِ فصاعِداً نَحْو بَيْن الرَّجُلَيْن} وبَيْن القَوْمِ، وَلَا يُضَافُ إِلَى مَا يَقْتَضِي معْنَى الوحِدَةِ إلاَّ إِذا كُرِّرَ نَحْو: {وَمن {بَيْننا} وبَيْنك حِجابٌ} .
وقالَ ابنُ سِيْدَه: (و) يكونُ البَيْنُ (اسْماً وظَرْفاً مُتَمَكِّناً) .
(وَفِي التَّنْزيلِ العَزيزِ: {لقَدْ تقَطَّعَ! بَيْنكم وضَلَّ عَنْكم مَا كُنْتم تَزْعَمُون} ؛ قُرِىءَ بَيْنكم بالرَّفْعِ والنَّصْبِ، فالرَّفْع على الفِعْل أَي تقَطَّع وَصْلُكم، والنَّصبُ على الحَذْفِ، يريدُ مَا بَيْنكم، وَهِي قِراءَةُ نافِعٍ وَحَفْص عَن عاصِمٍ والكِسائي، والأَوْلى قِراءَةُ ابنِ كثيرٍ وابنِ عامِرٍ وحَمْزَةَ.
ومَنْ قَرَأَ بالنَّصْبِ فإنَّ أَبا العبَّاس رَوَى عَن ابنِ الأَعْرابيِّ أنَّه قالَ: مَعْناهُ تقَطَّع الَّذِي كانَ بَيْنَكم.
وقالَ الزَّجَّاجُ: لقد تقَطَّع مَا كُنْتم فِيهِ مِن الشَّركةِ بَيْنَكم؛ ورُوِيَ عَن ابنِ مَسْعودٍ أنَّه قَرَأَ لقد تقَطَّع مَا بَيْنَكم، واعْتَمَدَ الفرَّاءُ وغيرُهُ مِن النَّحويينِ قِراءَةَ ابنِ مَسْعودٍ، وكانَ أَبو حاتِمٍ يُنْكِرُ هَذِه القِراءَةَ ويقولُ: لَا يَجوزُ حَذْفُ المَوْصولِ وبَقَاء الصِّلَة.
وَقد أَجابَ عَنهُ الأَزْهرِيُّ بِمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي تَهْذِيبِه.
وقالَ ابنُ سِيدَه: مَنْ قَرَأَ بالنَّصْبِ احْتَمَل أَمْرَيْن: أَحَدُهما أَنْ يكونَ الفاعِلُ مُضْمَراً أَي تقَطَّع الأَمرُ أَو الودُّ أَو العَقْدُ بَيْنَكم، والآخَرُ مَا كانَ يَراهُ الأَخْفشُ مِن أَنْ يكونَ بَيْنَكم، وَإِن كانَ مَنْصوبَ اللفْظِ مَرْفوعَ الموْضِعِ بفِعْلِه، غيرَ أنَّه أُقِرَّتْ نَصْبةُ الظَّرْفِ، وَإِن كانَ مَرْفوعَ الموْضِعِ لاطِّرادِ اسْتِعْمالِهم إيَّاه ظَرْفاً، إِلَّا أنَّ اسْتِعْمالَ الجُملةِ الَّتِي هِيَ صفَةٌ للمُبْتدأِ مَكانَه أَسْهلُ مِن اسْتِعمالِها فاعِلةً، لأنَّه ليسَ يَلْزمُ أَنْ يكونَ المُبْتدأُ اسْماً مَحْضاً كلزومِ ذلكَ الفاعِل، أَلا تَرَى إِلَى قوْلِهِم: تسمعُ بالمُعَيْدِيِّ خيرٌ مِن أَنْ تَراهُ؛ أَي سماعُك بِهِ خيرٌ مِن رُؤْيتِك إيَّاهُ.
(و) البَيْنُ: (البُعْدُ) كالبُونِ. يقالُ: بَيْنَهما بُونٌ بَعيدٌ وبَيْنٌ بَعيدٌ، والواوُ أَفْصَحُ، كَمَا فِي الصِّحاحِ.
(و) {البِينُ، (بالكسْرِ: النَّاحِيَةُ) ؛) عَن أَبي عَمْرو.
(و) أَيْضاً: (الفَصْلُ بينَ الأَرْضَينِ) وَهِي التّخومُ؛ قالَ ابنُ مُقْبِل يُخاطِبُ الخيالَ:
بِسَرْوِ حِمْيَر أَبْوالُ البِغالِ بهأَنَّى تَسَدَّيْتَ وَهْناً ذلكَ} البِينا والجَمْعُ! بُيونٌ.
(و) أَيْضاً: (ارْتِفاعٌ فِي غِلَظٍ.
(و) أَيْضاً: القطْعَةُ مِن الأرضِ (قَدْرُ مَدِّ البَصَرِ) مِن الطَّريقِ.
(و) البِينُ: (ع قُرْبَ نَجْرانَ.
(و) أَيْضاً: (ع قُرْبَ الحِيرةِ.
(و) أَيْضاً: (ع قُرْبَ المَدينَةِ) ، جاءَ ذِكْرُها فِي حدِيثِ إسلامِ سلَمَةَ بنِ جَيش، ويقالُ فِيهِ بالتاءِ أَيْضاً.
(و) أَيْضاً: (ة بفَيْرُوزآبادِ فارِسَ.
(و) أَيْضاً: (ع) آخَرُ.
(و) أَيْضاً: (نَهْرٌ بَين بَغْدادَ ودَفاعِ) ، وَفِي نسخةٍ: دَماغ، وقيلَ: رَماغ بالرَّاءِ، والصَّوابُ فِي سِياقِ العِبارَةِ ونَهْرُ بِينَ ببَغْدادَ، فإنَّ ياقوتاً نَقَلَ فِي معجمِهِ أنَّه طسو ج مِن سَوادِ بَغْدادَ مُتَّصِل بنَهْر بوق. ويقالُ فِيهِ باللامِ أَيْضاً؛ وَقد يُنْسَبُ إِلَيْهِ أَبو العبَّاس أَحمدُ بنُ محمدِ بنِ أَحمدَ النَّهْرُبينيُّ سَمِعَ الطيوريَّ، وسَكَنَ الحديثَةَ من قُرَى الغُوطَةِ وبهاماتَ، وأَخُوه أَبُو عبدِ اللَّهِ الحُسَيْنُ بنُ محمدٍ النَّهْرُبينيُّ المُقْرِىءُ سَكَنَ دِمَشْقَ مدَّةً.
(و) يقالُ: (جَلَسَ بَين القَوْمِ: وَسْطَهُمْ) بالتخْفيفِ.
قالَ الرَّاغبُ: بَين مَوْضوعٌ للخَلَلِ بينَ الشَّيْئَيْن ووَسْطَهما؛ قالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وجَعَلْنا {بَيْنهما زرعا} .
قالَ الجوْهرِيُّ: وَهُوَ ظَرْفٌ، وَإِن جَعَلْتَه اسْماً أَعْرَبْتَه، تقولُ: لقد تقَطَّع بَيْنُكم برَفْعِ النونِ، كَمَا قالَ الهُذَليُّ:
فلاقَتْه ببَلْقَعةٍ بَراحٍ فصادَفَ بينَ عَيْنَيْه الجَبُوبا (و) يقالُ: (لَقِيَهُ بُعَيْداتِ بَيْنٍ: إِذا لَقِيَهُ بَعْدَ حِينٍ ثمَّ أَمْسَكَ عَنهُ ثمَّ أَتَاهُ) ؛) كَمَا فِي الصِّحاحِ.
(و) قد (} بانُوا {بَيْناً} وبَيْنونةً) :) إِذا (فارَقُوا) ؛) وأَنْشَدَ ثَعْلَب:
فهَاجَ جَوًى بالقَلْب ضَمَّنه الهَوَى {ببَيْنُونةٍ يَنْأَى بهَا مَنْ يُوادِعُوقالَ الطرمَّاحُ:
أَآذَنَ الثَّاوِي ببَيْنُونةٍ (و) } بانَ (الشَّيءُ بَيْناً {وبُيوناً وبَيْنُونَةً: انْقَطَعَ؛} وأَبانَهُ غيرُه) {إبانَةً: قَطَعَهُ.
(و) } بانَتِ (المرْأَةُ عَن الرَّجُلِ فَهِيَ! بائِنٌ: انْفَصَلَتْ عَنهُ بطَلاقٍ. (وتَطْليقَةٌ {بائِنَةٌ) ، بالهاءِ (لَا غَيْر) ، فاعِلَةٌ بمعْنَى مَفْعولَةٍ: أَي تَطْليقَةٌ ذَات} بَيْنُونَةٍ، ومثْلُه عِيشَةٌ راضِيَةٌ أَي ذَات رِضاً.
والطّلاقُ {البائِنُ: الَّذِي لَا يملكُ الرَّجُلُ فِيهِ اسْتِرجاعَ المرْأَةِ إلاَّ بعَقْدٍ جَديدٍ وَله أَحْكامٌ تَفْصِيلُها فِي أَحْكامِ الفُروعِ مِن الفقْهِ.
(و) بانَ (} بَياناً: اتَّضَحَ، فَهُوَ {بَيِّنٌ) ، كسَيِّدٍ، (ج} أَبْيِناءُ) ، كهَيِّنٍ وأَهْيِناء، كَمَا فِي الصِّحاحِ.
قالَ ابنُ بَرِّي: صَوابُه مثْلُ هَيِّن وأَهْوِناء لأنَّه مِن الهوانِ.
( {وبِنْتُه، بالكسْرِ،} وبَيَّنْتُه {وتَبَيَّنْتُه} واسْتَبَنْتُه: أَوْضَحْتُه وعَرَّفْتُه {فبانَ} وبَيَّنَ {وتَبَيَّنَ} وأَبانَ {واسْتَبَانَ، كُلُّها لازِمَةٌ مُتَعَدِّيَةٌ) ، وَهِي خَمْسَةُ أَوْزانٍ، اقْتَصَرَ الجوْهرِيُّ مِنْهَا على ثلاثَةٍ وَهِي:} أَبانَ الشَّيْء اتَّضَحَ، {وأَبَنْتُه: أَوْضَحْتُه، واسْتَبَانَ الشيءُ: ظَهَرَ، واسْتَبَنْتُه: عَرفْتُه، وتَبَيَّنَ الشيءُ: ظَهَرَ، وتبَيَّنْتُه أَنا، ولكلَ مِن هَؤلاء شَواهِدُ.
أَمَّا} بانَ {وبانَهُ، فقد حَكَاه الفارِسِيُّ عَن أَبي زيْدٍ وأَنْشَدَ:
كأَنّ عَيْنَيَّ وَقد} بانُوني غَرْبانِ فَوْقَ جَدْوَلٍ مَجْنونِوأَمَّا أَبانَ اللاّزِمَ فَهُوَ {مُبِينٌ؛ وأَنْشَدَ الجوْهرِيُّ لعُمَر بنِ أَبي ربيعَةَ:
لَو دَبَّ ذَرَّ فوقَ ضاحِي جلْدِها} لأَبانَ مِن آثارِهِنَّ حُدورُقالَ الجَوْهرِيُّ: {والتَّبْيينُ: الإيضاحُ، وأَيْضاً: الوُضوحُ.
وَفِي المَثَل:
قد} بَيَّنَ الصبحُ لذِي عَيْنَينِ أَي {تَبَيَّنَ.
وقالَ النابِغَةُ:
إلاَّ الأَوارِيّ لَأْياً مَا} أُبَيِّنُها والنُّؤْيُ كالحَوْضِ بالمظلومةِ الجَلَد ِأَي {أَتَبيَّنُها.
وقوْلُه تعالَى: {آياتٌ} مُبَيِّناتٍ} ، بكسْرِ الياءِ وتَشْديدِها بمعْنَى {مُتَبَيِّناتٍ؛ ومَنْ قَرَأَ بفتْحِ الياءِ فالمعْنَى أَنَّ اللَّهَ بَيَّنَها.
وقالَ تعالَى: {قد} تَبَيَّنَ الرشد من الغيِّ} ، وقوْلُه تعالَى: {إلاَّ أَنْ يأْتِين بفاحِشَةٍ {مُبَيِّنة} ، أَي ظاهِرَةٍ} مُتَبَيِّنة؛ وقالَ ذُو الرُّمّة:
تُبَيِّنُ نِسْبةَ المَرَئِيّ لُؤْماً كَمَا {بَيَّنْتَ فِي الأَدَم العَواراأَي} تُبَيِّنُها، ورَوَاهُ عليُّ بنُ حَمْزَةَ: تُبيِّن نِسبةُ، بالرَّفْع، على قوْلِه:
قد {بَيَّنَ الصبْحُ لذِي عَيْنَيْن وقوْلُه تَعَالَى: {والكِتابُ} المُبِينُ} ، قيلَ: مَعْناه المُبِين الَّذِي {أَبانَ طُرُقَ الهُدَى مِن طُرُقِ الضّلالِ} وأَبانَ كلَّ مَا تَحْتاجُ إِلَيْهِ الأُمَّةُ.
وقالَ الأزْهرِيُّ: {الاسْتِبانَةُ قد يكونُ واقِعاً. يقالُ:} اسْتَبَنْتُ الشيءَ إِذا تَأَملْتَه حَتَّى {يَتَبيَّنَ لكَ؛ وَمِنْه قوْلُه تَعَالَى: {} ولِتَسْتَبين سبيلَ المُجْرِمين} ، المَعْنى {لِتَستبينَ أَنْتَ يَا محمدُ، أَي لتَزْدادَ} اسْتِبَانَةً.
وأَكْثَرُ القرَّاءِ قَرأُوا ولِتَسْتَبينَ سبيلُ المُحْرِمِين، {والاسْتِبانَةُ حينَئِذٍ غَيْر واقِعٍ.
(} والتِّبْيانُ) ، بالكسْرِ (ويُفْتَحُ مَصْدَرُ) {بَيَّنتْ الشَّيءَ} تَبْيِيناً {وتِبْياناً وَهُوَ (شاذٌّ) .
(وعِبارَةُ الجوْهرِيِّ، رحِمَه اللَّهُ تَعَالَى، أَوْفى بالمُرادِ مِن عِبارَتِه فإنَّه قالَ:} والتِّبْيانُ مَصْدَرٌ وَهُوَ شادٌّ، لأنَّ المَصادِرَ إنَّما تَجِيءُ على التَّفْعال بفتْحِ التاءِ نَحْو التَّذْكار والتَّكْرار والتَّوْكاف، وَلم يَجِيءْ بالكسْرِ إلاَّ حَرْفان وهُما! التِّبْيان والتِّلْقاء، اه.
وأَيْضاً حِكَايَةُ الفتْحِ غَيْرُ مَعْروفَةٍ إلاّ على رأْي مَنْ يُجِيزُ القِياسَ مَعَ السماع وَهُوَ رأْيٌ مَرْجوحٌ.
قالَ شيْخُنا، رحِمَه اللَّهُ تَعَالَى: وَمَا ذَكَرَه من انْحِصار تِفْعال فِي هذَين اللَّفْظَيْن بِهِ جَزَمَ الجَماهِير مِن الأَئِمَّة، وزَعَمَ بعضُهم أنَّه سَمِعَ التِّمْثال مَصْدَر مَثلْتُ الشيءَ تَمْثِيلاً وتِمْثالاً.
وزادَ الحَرِيري فِي الدرَّةِ على الأَوَّلَيْن تِنْضالاً مَصْدَر الناضلة.
وزادَ الشّهابُ فِي شرْحِ الدرَّة: شَربَ الخَمْر تِشْراباً، وزَعَمَ أَنَّه سَمِعَ فِيهِ الفَتْحَ على القِياسِ، والكَسْرَ على غيرِ القِياسِ، وأَنْكَر بعضُهم مَجِيءَ تِفْعال، بالكسْرِ، مَصْدراً بالكُلِيَّة؛ وقالَ: إنَّ كلَّ مَا نَقَلوا من ذلكَ على صحَّتِه إنَّما هُوَ مِن اسْتِعمالِ الاسمِ مَوْضِعَ المَصْدرِ كَمَا وَقَعَ الطَّعامُ، وَهُوَ المَأْكُولُ، مَوْقِعَ المَصْدَرِ وَهُوَ الإطْعامُ كَمَا فِي التَّهْذِيبِ.
وقوْلُه تَعَالَى: {وأَنْزَلْنا عَلَيْك الكِتابَ {تِبْياناً لكلِّ شيءٍ} ، أَي} بُيِّنَ لكَ فِيهِ كلُّ مَا تَحْتاجُ إِلَيْهِ أَنْتَ وأُمَّتُك مِن أَمْرِ الدِّيْن، وَهَذَا مِن اللَّفْظِ العامِّ الَّذِي أُرِيد بِهِ الخاصُّ، والعَرَبُ تقولُ: بَيَّنْتُ الشيءَ تَبْيِيناً وتِبْياناً، بكسْرِ التاءِ، وتِفْعالٌ، بالكسْرِ يكونُ اسْماً، فأَمَّا المَصْدَرُ فإنَّه يَجِيءُ على تَفْعالٍ بالفتْحِ، مثْلُ التّكْذاب والتَّصْداق وَمَا أَشْبَهه، وَفِي المَصَادِرِ حَرْفان نادِرَان. وهُما تِلْقاء الشَّيْء {والتِّبْيان، وَلَا يقاسُ عَلَيْهِمَا.
وقالَ سِيْبَوَيْه فِي قوْلِه تعالَى: {والكِتابُ المُبِين} ، قالَ: هُوَ} التِّبْيانُ، وليسَ على الفِعْل إنَّما هُوَ بناءٌ على حِدةٍ، وَلَو كانَ مَصْدَراً لفُتِحتْ كالتَّقْتال، فإنَّما هُوَ من {بَيَّنْتُ كالغارَةِ من أَغَرْتُ.
وقالَ كراعٌ: التِّبْيانُ مَصْدرٌ وَلَا نَظِيرَ لَهُ إلاَّ التِّلْقاء.
(وضَرَبَهُ} فأَبانَ رأْسَه) مِن جَسَدِه وفَصَلَه (فَهُوَ مُبِينٌ.
(و) قوْلُه: (مُبْيِنٌ، كمُحْسِنٍ) ، غَلَطٌ وإنّما غَرَّهُ سِياقُ الجوْهرِيِّ ونَصّه فَتَقول: ضَرَبَه فأَبانَ رأْسَه مِن جَسَدِه فَهُوَ مُبِينٌ. {ومُبْيِنٌ أَيْضاً: اسمُ ماءٍ، وَلَو تأَمَّل آخِرَ السِّياقِ لم يَقَعْ فِي هَذَا المَحْذورِ. وَلم أَرَ أَحداً مِن الأَئِمةِ قالَ فِيهِ مُبْينٌ كمُحْسِنٍ، وَلَو جازَ ذلكَ لوَجَبَ الإشارَة لَهُ فِي ذِكْرِ فِعْله كأَنْ يقولَ:} فأَبانَ رأْسَه {وأَبْيَنَه، فتأَمَّلْ.
(} وبايَنَه) {مُبايَنَةً: (هاجَرَه) وفارَقَه.
(} وتَبايَنا: تَهاجَرا) ، أَي {بانَ كلُّ واحِدٍ مِنْهُمَا عَن صاحِبِه، وكذلِكَ إِذا انْفَصَلا فِي الشّركةِ.
(} والبائِنُ: مَنْ يأْتي الحَلوبَةَ مِن قِبَلِ شِمالِها) ، والمُعَلِّي الَّذِي يأْتي مِن قِبَلِ يَمِينِها، كَذَا نَصّ الجوْهرِيّ، والمُسْتَعْلي من يعلى العلبة فِي الضّرْعِ.
وَالَّذِي فِي التَّهْذِيبِ للأزْهرِيّ يُخالِفُ مَا نَقَلَه الجوْهرِيُّ فإنَّه قالَ: {البائِنُ الَّذِي يقومُ على يَمينِ الناقَةِ إِذا حَلَبَها والجَمْعُ} البُيَّنُ، وقيلَ: البائِنُ والمُسْتَعْلي هُما الحالِبَانِ اللذانِ يَحْلُبان الناقَةَ أَحدُهما حالِبٌ، والآخَرُ مُحْلِب، والمُعينُ هُوَ المُحْلِبُ، والبائِنُ عَن يَمينِ الناقَةِ يُمْسِكُ العُلْيةَ، والمُسْتَعْلي الَّذِي عَن شِمالِها، وَهُوَ الحالِبُ يَرْفعُ البائِنُ العُلْبةَ إِلَيْهِ؛ قالَ الكُمَيْت:
يُبَشِّرُ مُسْتَعْلِياً بائِنٌ من الحالبَيْنِ بأَن لَا غِرارا (و) البائِنُ: (كلُّ قَوْسٍ {بانَتْ عَن وَتَرِها كثيرا) ؛) عَن ابنِ سِيدَه؛ (} كالبائِنَةِ) عَن الجوْهرِيّ، قالَ: وأَمَّا الَّتِي قرُبَتْ من وَتَرِها حَتَّى كادَتْ تلْصَقُ بِهِ فَهِيَ {البانِيةُ، بتقْدِيمِ النونِ، وكِلاهُما عَيْبٌ.
(و) البائِنُ كَمَا هُوَ مُقْتَضى سِياقِه؛ وَفِي الصِّحاح،} البائِنَة (البئْرُ البَعيدَةُ القَعْرِ الواسِعَةُ {كالبَيُونِ) ، كصَبُورٍ، لأنَّ الأَشْطانَ} تَبِينُ عَن جرابِها كثيرا.
وقيلَ: بِئْرٌ! بَيُونٌ واسِعَةُ الجالَيْنِ.
وقالَ أَبو مالِكٍ: هِيَ الَّتِي لَا يُصيبُها رِشاؤُها، وذلكَ لأنَّ جِرابَ البِئْرِ مُسْتَقيمٌ.
وقيلَ: هِيَ البِئْرُ الواسِعَةُ الرأْسِ الضَّيِّقَةُ الأسْفَل؛ وأَنشد أَبو عليَ الفارِسِيّ:
إنَّك لَو دَعَوْتَني ودُوني زَوْراءُ ذاتُ مَنْزعٍ بَيُونِ لقُلْتُ لَبَّيْه لمَنْ يَدْعوني والجَمْعُ {البَوائِنُ؛ وأَنْشَدَ الجوْهرِيُّ للفَرَزْدقِ يَصِفُ خَيْلاً:
يَصْهِلْنَ للشبحِ البَعِيدِ كأَنَّماإرْنانُها} ببَوائنِ الأَشْطانِ أَرادَ: أَنَّ فِي صَهِيلِها خُشُونَةً وغِلَظاً كأَنَّها تَصْهَل فِي بئْرٍ دَحُول، وذلكَ أَغْلَظُ لِصَهِيلِها.
(وغُرابُ {البَيْنِ) :) هُوَ (الأبْقَعُ) ؛) قالَ عَنْترةُ:
ظَعَنَ الَّذين فِراقَهم أَتَوَقَّع ُوجَرَى} ببَيْنِهمُ الغُرابُ الأَبْقَعُ حَرِقُ الجَناحِ كأَنَّ لَحْيَيْ رأْسِه جَلَمَانِ بالأَخْبارِ هَشٌّ مُولَعُ (أَو) هُوَ (الأَحْمَرُ المِنْقارِ والرِّجْلَيْنِ، وأَمَّا الأَسْوَدُ، فإنَّه الحاتِمُ لأنَّه يَحْتِمُ بالفِراقِ) ، نَقَلَه الجوْهرِيُّ عَن أَبي الغَوْثِ.
(وَهَذَا) الشَّيءُ (! بَيْنَ بَيْنَ أَي بينَ الجيِّد والرَّدِيءِ) ، وهما (اسْمانِ جُعِلا واحِداً وبُنِيا على الْفَتْح؛ والهمزةُ المُخَفَّفَةُ تُسَمَّى) هَمْزَةَ (بَيْنَ بَيْنَ) أَي هَمْزَةٌ بَيْنَ الهَمْزَةِ وحَرْف اللّين، وَهُوَ الحَرْفُ الَّذِي مِنْهُ حَرَكَتُها إنْ كَانَت مَفْتوحَة، فَهِيَ بَيْنَ الهَمْزَةِ والأَلِفِ مِثْل سَأَلَ، وَإِن كانتْ مَكْسورَةً فَهِيَ بَيْنَ الهَمْزَةِ والياءِ مِثْل سَئِم، وَإِن كانتْ مَضْمومَةً فَهِيَ بَيْنَ الهَمْزَةِ والواوِ مِثْل لَؤُمَ، وَهِي لَا تَقَعُ أَوَّلاً أَبداً لقرْبِها بالضِّعْفِ مِن السَّاكِنِ، إلاَّ أَنَّها وَإِن كانتْ قد قَرُبَتْ مِن السّاكِن وَلم يكنْ لَهَا تَمكّن الهَمْزَةِ المُحَقَّقَة فَهِيَ مُتَحرِّكَة فِي الحَقيقَةِ، وسُمِّيَت بَيْنَ بَيْنَ لضَعْفِها؛ كَمَا قالَ عَبيد بنُ الأَبْرص: نَحْمي حَقيقَتَنا وبعضُ القَوْمِ يَسْقُط بَيْنَ {بَيْنَا أَي يَتَساقَطُ ضَعِيفاً غَيْر معتدَ بِهِ، كَذَا فِي الصِّحاحِ.
وقالَ ابنُ بَرِّي: قالَ السِّيرافي: كأَنَّه قالَ بَيْنَ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاء، كأَنَّه رجلٌ يدْخلُ بينَ الفَرِيقَيْنِ فِي أَمرٍ مِنَ الأُمورِ فيسْقُط وَلَا يُذْكَر فِيهِ.
قالَ الشيْخ: ويجوزُ عنْدِي أَن يُريدَ بينَ الدّخولِ فِي الحرْبِ والتّأَخر عَنْهَا، كَمَا يقالُ: فلانٌ يُقدِّمُ رِجْلاً ويُؤخِّرُ أُخْرَى.
(و) قوْلُهم: (بَيْنا نَحْنُ كَذَا) إِذا حَدَثَ كَذَا: (هِيَ بينَ) ، وَفِي الصِّحاحِ: فعلى، (أُشْبِعَتْ فَتْحَتُها فحَدَثَتِ الألِفُ) ؛) وَفِي الصِّحاحِ: فصارَتْ أَلِفاً.
قالَ عبدُ القادِرِ البَغْدادِيُّ، رحِمَه اللَّهُ تَعَالَى: ومَن زَعَمَ أَنَّ بَيْنا مَحْذُوفَة مِن} بَيْنما احْتَاجَ إِلَى وَحي يصدقهُ؛ وأَنْشَدَ سِيْبَوَيْه:
! فبَيْنا نَحن نَرْقُبُه أَتانامُعَلّقُ وَفْضةٍ وزِنادُ راعِيأَرادَ بَيْنَ نحنُ نَرْقُبُه أَتانا، فَإِن قِيلَ: لِمَ أَضافَ الظَّرْفَ الَّذِي هُوَ بَيْن، وَقد علِمْنا أَنَّ هَذَا الظَّرْفَ لَا يُضافُ مِنَ الأَسْماءِ إلاَّ لمَا يدلُّ على أَكْثَر مِنَ الواحِدِ أَو مَا عُطِف عَلَيْهِ غيرُه بالواوِ دُونَ سائِرِ حُروف العَطْف، وقوْلُه نحنُ نَرْقُبُه جمْلَةٌ، والجمْلَةُ لَا يُذْهَب لَهَا بَعْدَ هَذَا الظَّرْفِ؟
فالجَوابُ: أنَّ هَهُنَا واسِطَةٌ مَحْذوفةٌ وتقْديرُ الكَلامِ بَيْنَ أَوْقاتِ نحنُ نَرْقُبُه أَتانا، أَي أَتَانا بَيْنَ أَوقاتِ رَقْبَتِنا إيَّاه، والجُمَلُ ممَّا يُضافُ إِلَيْهَا أَسْماءُ الزَّمانِ كقوْلِكَ: أَتَيْتك زَمَنَ الحجاجُ أَميرٌ، وأَوانَ الــخَلِيفةُ عبدُ الملِكِ، ثمَّ إنَّه حذف المضافُ الَّذِي هُوَ أَوْقاتٌ ووَليَ اللَّفْظ الَّذِي كانَ مُضافاً إِلَى المَحْذوفِ الجُمْلة الَّتِي أُقِيمت مُقامَ المُضاف إِلَيْهَا كقوْلِه تعالَى: {واسْئَل القَرْيةَ} ؛ أَي أَهْلَ القَرْيةِ، ( {وبَيْنا} وبَيْنما من حُروفِ الاِبْتِداءِ) وليْسَتِ الأَلفُ بصلةٍ، وبَيْنما أَصْله بَيْنَ زِيْدَتْ عَلَيْهِ مَا والمَعْنى واحِدٌ.
قالَ شيْخُنا، رحِمَه اللَّهُ تَعَالَى: وقوْلُه: مِن حُروفِ الاِبْتِداءِ، إِن أَرادَ بالحُروفِ الكَلِماتَ كَمَا هُوَ مِن إطْلاقات الحُرُوف، فظاهِرٌ، وأَمَّا إِن أَرادَ أَنَّهما صَارا حَرْفَيْن فِي مُقابلةِ الاسْم والفِعْل فَلَا قائِل بِهِ، بل هما باقِيانِ على ظَرْفِيّتِهما والإشْبَاعِ وهما لَا يُخْرِجان بَيْنَ عَن الاسْميَّةِ، وإنَّما يقْطَعانه عَن الإضافَةِ كَمَا عُرِف فِي العربيَّة؛ اه.
وقالَ غيرُهُ: هما ظَرْفا زَمانٍ بمعْنَى المُفاجَأَة، ويُضافَان إِلَى جُمْلةٍ مِن فِعْل وفاعِلٍ ومُبْتدأ وخَبَر فيَحْتاجَانِ إِلَى جَوابٍ يتمُّ بِهِ المعْنَى.
قالَ الجوْهرِيُّ: (و) كانَ (الأَصْمَعيُّ يَخْفِضُ بعدَ بَيْنا إِذا صَلُحَ فِي موْضِعِه بَيْنَ كقَوْلِه) ، أَي أَبي ذُؤَيْب الهُذَليّ كانَ ينْشدُه هَكَذَا بالكَسْر:
(بَيْنا تَعَنَّفِه الكُماةَ ورَوْغِه (يَوْمًا أُتِيحَ لَهُ جَرِيءٌ سَلْفَعُ) كَذَا فِي الصِّحاحِ تَعَنُّفه بالفاءِ، وَالَّذِي فِي نسخِ الدِّيوان تَعَنُّقه بالقافِ؛ أَرادَ بينَ تَعَنُّقه فزادَ الألِفَ إشْباعاً؛ نَقَلَه عبدُ القادِرِ البَغْدادِيُّ.
وقالَ السّكَّريُّ، رحِمَه اللَّهُ تَعَالَى: كانَ الأَصْمعيُّ يقولُ بَيْنا الأَلِف زائِدَة إنَّما أَرادَ بينَ تَعَنُّقه! وبينَ رَوَغَانِه أَي بَيْنا يقتلُ ويُراوِغُ إِذْ يخْتل. (وغيرُه يَرْفَعُ مَا بَعْدَها على الاِبْتِداءِ والخَبَرِ) ؛) نَقَلَه السُّكَّريُّ.
قالَ ابنُ بَرِّي: ومثْلُه فِي جوازِ الرَّفْع والخفْضِ قوْلُ الرّاجزِ:
كُنْ كيفَ شِئْتَ فقَصْرُك الموتُلا مَزْحَلٌ عَنهُ وَلَا فَوْتُبَيْنا غِنَى بيتٍ وبَهْجَتِهزالَ الغِنَى وتَقَوَّضَ البيتُقالَ: وَقد تأْتي إذْ فِي جوابِ بَيْنا؛ قالَ حُمَيْد الأَرْقط:
بَيْنا الفَتَى يَخْبِطُ فِي غَيْساتِهإذِ انْتَمَى الدَّهْرُ إِلَى عِقْراتِهقالَ: وَهُوَ دَليلٌ على فَسَادِ قوْلِ مَنْ قالَ إنَّ إذْ لَا تكونُ إلاَّ فِي جوابِ بَيْنما بزِيادَةِ مَا، وممَّا يدلُّ على فَسادِ هَذَا القَوْل أَنَّه جاءَ بَيْنما وليسَ فِي جوابِها إِذْ كقوْلِ ابنِ هَرْمة:
بَيْنما نحنُ بالبَلاكِثِ فالْقاعِ سِراعاً والعِيسُ تَهْوي هُوِيَّاخطَرَتْ خطْرةٌ على القلبِ مِن ذِكراكِ وَهْناً فَمَا استَطَعتُ مُضِيَّا ( {والبَيانُ: الإفْصاحُ مَعَ ذَكاءٍ) .
(وَفِي الصِّحاحِ: هُوَ الفَصاحَةُ واللَّسَن.
وَفِي النهايةِ: هُوَ إظْهارُ المَقْصودِ بأبْلَغ لَفْظٍ وَهُوَ مِن الفَهْم وذَكاء القَلْب مَعَ اللّسَن وأَصْلُه الكَشْف والظّهور.
وَفِي الْكَشَّاف: هُوَ المَنْطقُ الفَصِيحُ المُعْربُ عمَّا فِي الضَّميرِ.
وَفِي شرْحِ جَمْع الجوامِعِ:} البَيانُ إخْراجُ الشيءِ من حيِّزِ الأَشْكالِ إِلَى حيِّزِ التَّجَلِّي.
وَفِي المَحْصول: البَيانُ إظْهارُ المعْنَى للنَّفْسِ حَتَّى {يتبيَّنَ من غيرِهِ ويَنْفصِلَ عمَّا يلتبسُ بِهِ.
وَفِي المُفْردات للرَّاغب، رحِمَه اللَّهُ تَعَالَى: البَيانُ أَعَمُّ مِن النُّطْقِ لأنَّ النُّطْقَ مُخْتصٌّ باللِّسانِ ويُسمَّى مَا} يَبِينُ بِهِ {بَيَانا وَهُوَ ضَرْبان: أَحَدُهما بالحالِ وَهِي الأشْياءُ الدَّالَّةُ على حالٍ مِنَ الأَحْوالِ مِن آثارِ صفَةٍ؛ وَالثَّانِي بالإخْبارِ وَذَلِكَ إمَّا أَنْ يكونَ نُطْقاً أَو كِتابَةً، فَمَا هُوَ بالحالِ كقولِهِ تَعَالَى: {إنَّه لكُم عَدوٌّ مُبِينٌ} ، وَمَا هُوَ بالإخْبارِ كقوْلِهِ تَعَالَى: {فاسْئَلُوا أَهْل الذِّكْر إِن كُنْتم لَا تَعْلمُونَ} بالبَيِّناتِ والزُّبُر} ؛ قالَ: ويُسمَّى الكَلام بَيَانا لكَشْفِه عَن المعْنَى المَقْصودِ وإظْهارِهِ نَحْو {هَذَا بَيانٌ للناسِ} ؛ ويُسمَّى مَا يُشْرَحُ بِهِ المُجْمَلُ والمُبْهَم مِن الكَلامِ بَيَانا نحوَ قوْلِه تعالَى: {ثمَّ إنَّ علينا {بَيانَه} .
وَفِي شرْحِ المَقامَاتِ للشَّريشي، رحِمَه اللَّهُ تَعَالَى: الفَرْقُ بَيْنَ البَيانِ} والتِّبْيان أَنَّ البَيانَ وُضوحُ المعْنَى وظُهورُه، والتِّبْيان تَفْهِيم المعْنَى {وتَبْيِينه، والبَيانُ منْك لغيرِكَ، والتِّبْيان منْك لنَفْسِك مثْلُ} التَّبْيِين، وَقد يَقَعُ التَّبْيينُ فِي معْنَى البَيانِ، وَقد يَقَعُ البَيانُ بكثْرةِ الكَلامِ ويُعَدُّ ذلكَ مِن النِّفاقِ، وَمِنْه حدِيثُ التّرمذيّ: (البذاءُ والبَيانُ شُعْبتان مِنَ النِّفاقِ) ، اه.
قلْتُ: إنّما أَرادَ مِنْهُ ذَمَّ التَّعَمّقِ فِي المنْطِقِ والتَّفاصُحَ وإظْهارَ التَّقدُّمِ فِيهِ على الناسِ، وكأَنَّه نوعٌ من العُجْبِ والكِبْرِ؛ ورَاوِي الحَدِيْثِ أَبو أُمامَةَ الباهِلِيُّ، رَضِيَ اللَّهُ تعالَى عَنهُ؛ وجاءَ فِي رِوايَةٍ أُخْرى: (البَذاءُ وبعضُ البَيانِ) ، لأنَّه ليسَ كلُّ البَيانِ مَذْموماً.
وأَمَّا حَدِيْث: (إنَّ مِن البَيانِ لسِحْراً) ، فرَاجِع النِّهايَة.
(! والبَيِّنُ) مِن الرِّجالِ: (الفَصيحُ) ؛) زادَ ابنُ شُمَيْل: السَّمْحُ اللِّسانِ الظَّريفُ العالِي الكَلام القَلِيل الرَّتَج؛ وأَنْشَدَ شَمِرٌ:
قد يَنْطِقُ الشِّعْرَ الغَبيُّ ويَلْتَئي على {البَيِّنِ السَّفَّاكِ وَهُوَ خَطيبُ (ج} أَبْيِناءُ) ، صحَّتِ الباءُ لسكونِ مَا قَبْلها.
(و) حَكَى اللَّحْيانيُّ فِي جَمْعِه: ( {أَبْيانٌ} وبُيَناءُ) ، فأَمَّا أَبْيانُ فكمَيِّتٍ وأَمْواتٍ، قالَ سِيْبَوَيْه: شَبَّهوا فَيْعِلاً بفاعِلٍ حينَ قَالُوا شَاهِد وأَشْهاد، مِثْل، قَيِّلٍ وأَقْيالٍ؛ وأَمَّا بُيَناءُ فنادِرٌ، والأَقْيَس فِي ذلِكَ جَمْعُه بالواوِ، وَهُوَ قَوْلُ سِيْبَوَيْه.
(و) قالَ الأزْهرِيُّ فِي أَثْناءِ هَذِه التَّرْجَمةِ: رُوِي عَن أَبي الهَّيْثم أَنَّه قالَ: (الكَواكِبُ {البَيانِيَّاتُ) هِيَ (الَّتِي لَا تَنْزِلُ الشمسُ بهَا وَلَا القمرُ) إنَّما يُهْتَدَى بهَا فِي البرِّ والبَحْرِ، وَهِي شآمِيةٌ، ومَهَبُّ الشّمالِ مِنْهَا، أَوَّلُها القُطْبُ وَهُوَ كوكبٌ لَا يَزُولُ، والجدْيُ والفَرْقَدان، وَهُوَ بَيْنَ القُطْب، وَفِيه بَناتُ نعْشٍ الصُّغْرى.
هَكَذَا النَّقْل فِي هَذِه التَّرْجَمة صَحِيحٌ غَيْر أَنَّ الأَزْهرِيَّ استدلَّ بِهِ على قَوْلِهم: بَيْنَ بمعْنَى وَسْط، وذلِكَ قَوْله: وَهُوَ عَيْنُ القُطْب، أَي وَسْطُه.
وأَمَّا الَّذِي استدلَّ بِهِ المصنِّفُ، رَحِمَه اللَّهُ تعالَى، مِن كوْنِ تلْك الكَواكِبِ تسمَّى} بَيانِيَّاتٍ فتَصْحِيفٌ مَحْضٌ لَا يَتَنبَّه لَهُ إلاَّ مَنْ عانَى مُطالَعَةَ الأُصولِ الصَّحِيحةِ ورَاجَعَها بالذِّهْن الصَّحِيحِ المُسْتَقِيم. والصَّوابُ فِيهِ {الببانيات، بموحَّدَتَيْن، ويقالُ فِيهِ أَيْضاً} البابانيات، هَكَذَا رَأَيْته مُصحَّحاً عَلَيْهِ، والدَّليلُ فِي ذلِكَ أَنَّ صاحِبَ اللِّسانِ ذَكَرَ هَذَا القَوْلَ بعَيْنِه فِي تَرْكِيبِ ب ب ن، كَمَا مَرَّ آنِفاً فتَفَهَّم ذلِكَ.
( {وبَيَّنَ} بنْتَه: زَوَّجَها، {كأَبانَها) } تَبْيِيناً! وإِبانَةً، وَهُوَ مِن البَيْنِ بمعْنَى البُعْدِ، كأَنَّه أَبْعَدها عَن بيتِ أَبِيها.
(و) مِن المجازِ: بَيِّنَ (الشَّجرُ) :) إِذا (بَدا) ورَقُه (وظَهَرَ أَوَّلَ مَا يَنْبُتُ.
(و) بَيَّن (القَرْنُ: نَجَمَ) ، أَي طَلَعَ.
(وأَبو عليِّ بنُ {بَيَّانٍ) العاقُوليُّ، (كشَدَّادٍ: زاهِدٌ ذُو كَراماتٍ) ، وقَبْرُهُ يُزارُ؛ قالَهُ ابنُ ماكُولا.
(} وبَيَّانَةُ، كجبَّانَةٍ: ة بالمغْربِ) ، وَالْأولَى فِي الأَنْدَلُس فِي عَمَلِ قرطبَةَ، ثمَّ إنَّ التَّشْديدَ الَّذِي ذَكَرَه صَرَّح بِهِ الحافِظُ الذهبيُّ وابنُ السّمعانيّ والحافِظُ، وشَذِّ شيْخُنا، رَحِمَه اللَّهُ تعالَى فقالَ: هُوَ بالتَّخْفِيفِ مِثْل سَحابَةٍ، وَهُوَ خِلافُ مَا عَلَيْهِ الأَئِمَّةِ؛ (مِنْهَا) أَبو محمدٍ (قاسِمُ بنُ أَصْبَغِ) بنِ محمدِ بنِ يُوسُف بنِ ناسجِ بنِ عطاءٍ مَوْلى أَميرِ المُؤْمِنِينَ الوَلِيد بنِ عبْدِ المَلِكِ بنِ مَرْوانَ (! البَيَّانيُّ الحافِظُ المُسْنِدُ) بالأَنْدَلُس، سَمِعَ مِن قرطبَةَ مِن بقيّ بنِ مَخْلدٍ ومحمدِ بنِ وَضَّاح، ورَحَلَ إِلَى مكَّةَ، شرَّفَها اللَّهُ تعالَى، والعِرَاق ومِصْر، وسَمِعَ مِن ابنِ أَبي الدُّنْيا والكِبار، وَكَانَ بَصِيراً بالفقْهِ والحَدِيْثِ، نَبِيلاً فِي النَّحْوِ والغَريبِ والشِّعْرِ، وصنَّفَ على كتابِ أَبي دُاوَد، وَكَانَ يُشاوَرُ فِي الأحْكامِ، وتُوفي سَنَة 144 عَن ثَلَاث وتسْعِيْن سَنَة، وحَفِيدُه قاسِمُ بنُ محمدِ بنِ قاسِمٍ الأَنْدَلُسيُّ البَيَّانيُّ رَوَى عَنهُ ابْنُه أَبو عَمْرٍ ووأَحْمد، وأَحْمدُ هَذَا مِن شيوخِ ابنِ حَزْم، وقاسِمُ بنُ محمدِ بنِ قاسِمِ بنِ سَيَّار البَيَّانيُّ أَنْدلُسِيُّ لَهُ تَصانِيف صَحِبَ المُزَنيّ وغيرَه، وكانَ يميلُ إِلَى مَذْهَبِ الإِمامِ الشافِعِيّ، رضِيَ اللَّهُ تعالَى عَنهُ، ماتَ سَنَة 278. [وَابْنه مُحَمَّد، روى عَن مُحَمَّد بن وضاح، وَغَيره، مَاتَ سنة 328 -] . وابْنُه أَحْمدُ بنُ محمدِ بنِ قاسِمٍ رَوَى عَن أَبيهِ. (وبَلَدِيُّهُ محمدُ بنُ سُليمانَ) بنِ أَحْمد المراكشيُّ الصنهاجيُّ (المُقْرىءُ) .
(قُلْت: الصَّوابُ فِي نِسْبَتِه البَياتيُّ، بالتاءِ الفوْقيَّةِ بدلُ النُّونِ، كَمَا ضَبَطَه الحافِظُ وصَحَّحَه، فقَوْله بَلَديُّه غَلَطٌ، ومحلُّ ذِكْرِه فِي ب ي ت، وَهُوَ مِن شيوخِ الإسْكَنْدريَّة، سَمِعَ مِن ابنِ رواح ومظفر اللُّغَويّ، وَعنهُ الوَانِي وجماعَةٌ.
( {وبَيانٌ) ، كسَحابٍ: (ع بَبَطْلَيُوسَ) مِن كُورِ الأَنْدلُس.
(ويوسفُ بنُ المُبارَكِ بنِ} البِينِي، بالكسْرِ) ، وضَبَطَه الحافِظُ بالفتْحِ، (مُحَدِّثٌ) هُوَ وأَخُوهُ مهنا ووالدُهُما، سَمِعَ الثلاثَةُ عَن أَبي القاسِمِ الرَّبَعيِّ، سَمِعَ مِنْهُم أَبو القاسِمِ بنُ عَساكِر.
وقالَ عُمَرُ بنُ عليَ القُرَشِيُّ: سَمِعْتُ مِن يُوسُف، وماتَ سَنَة 561.
( {وبَيْنونُ: حِصْنٌ باليمنِ) يُذْكَرُ مَعَ سَلْحَيْنَ، خرَّبَهما أرياطُ عامِلُ النَّجاشِيّ، يقالُ: إنَّهما مِن بِناءِ سُلَيْمان، عَلَيْهِ السَّلامُ، لم يَرَ الناسُ مثْلُه، ويقالُ: إنَّه بَناهُ} بَينونُ بنُ مَنافِ بنِ شرحبيلِ بنِ ينكف بنِ عبْدِ شمسِ بنِ وائِلِ بنِ غوث؛ قالَ ذُو وجدن الحِمْيريُّ:
أَبَعْدَ بَينُونَ لَا عينٌ وَلَا أَثَرٌ وبَعْدَ سَلْحينَ بيني الناسُ أبياتا (و) ! بَيْنونَةٌ، (بهاءٍ، ة بالبَحْرَيْنِ) ؛) وَفِي التهْذِيبِ: بينَ عُمَان والبَحْرَيْن؛ وَفِي مُعْجمِ نَصْر: أَرْضٌ فَوْق عُمَان تتَّصِلُ بالشَّحْرِ؛ قالَ:
يَا رِيحَ بَيْنونَةَ لَا تَذْمِيناجئْتِ بأَرْواحِ المُصَفَّرِينا (و) هُما {بَيْنونَتان، (بَيْنُونَةُ الدُّنْيَا، و) بَيْنُونَةُ (القُصْوَى) ، وكِلْتاهُما (قَرْيتَانِ فِي شِقِّ بني سَعْدٍ) بَيْنَ عُمانَ ويَبْرِين.
(} وبَيْنَةُ: ع بوادِي الرُّوَيْثَةِ) بَيْنَ الحَرَمَيْن، ويقالُ بكسْرِ الباءِ أَيْضاً، كَمَا فِي مُعْجمِ نَصْر، (وثَنَّاها كُثَيِّرٌ) عزَّة؛) (فقالَ:
(أَلا شَوْقَ لَمَّا هَيَّجَتْكَ المنازِلُ (بحَيْثُ الْتَقَتْ مِن {بَيْنَتَيْنِ العَياطِلُ) وممَّا يُسْتدركُ عَلَيْهِ:
الطَّويلُ} البائِنُ: أَي المُفْرِطُ طُولاً الَّذِي بَعُدَ عَن قَدِّ الرِّجالِ الطِّوال.
وحَكَى الفارسِيُّ عَن أَبي زيْدٍ: طَلَبَ إِلَى أَبَوَيْه {البائِنَةَ، وذلِكَ إِذا طَلَبَ إِلَيْهِمَا أَنْ} يُبِينَاهُ بمالٍ فيكونَ لَهُ على حِدَةٍ، وَلَا تكونُ البائِنَةُ إلاَّ مِن الأَبَوَيْن أَو أَحدِهما، وَلَا تكونُ مِن غيرِهما، وَقد {أَبانَه أَبواهُ} إبانَةً حَتَّى بانَ هُوَ بذلِكَ {يَبينُ} بُيُوناً.
{وبانَتْ يَدُ الناقَةِ عَن جَنْبِها} تَبِينُ {بُيُوناً.
وقالَ ابنُ شُمَيْلٍ: يقالُ للجارِيَةِ إِذا تزوَّجَتْ: قد} بانَتْ، وهنَّ قد {بِنَّ إِذا تزوَّجْنَ كأَنَّهنَّ قد بَعَدْنَ عَن بَيْتِ أَبِيهنَّ؛ وَمِنْه الحدِيْثُ: (مَنْ عالَ ثلاثَ بَناتٍ حَتَّى} يَبِنَّ أَو يَمُتْنَ) .
{وبَيَوانُ، محرَّكةً: مَوْضِعٌ فِي بحيرَةِ تنيس، قد ذُكِرَ فِي ب ون.
} وأَبانَ الدَّلْوَ عَن طَيِّ البئْرِ: حادَ بهَا عَنهُ لئَلاَّ يُصيبَها فتَنْخرِق؛ قالَ:
دَلْوُ عِراكٍ لجَّ بِي مَنينُهالم يَرَ قبْلي مائِحاً {يُبينُها} والتَّبْيينُ: التَّثبُّتُ فِي الأَمْرِ والتَّأَني فِيهِ؛ عَن الكِسائي.
وَهُوَ! أَبْيَنُ مِن فلانٍ: أَي أَفْصَح مِنْهُ وأَوْضَح كَلاماً.
وأَبانَ عَلَيْهِ: أَعْرَبَ وشَهِدَ. ونَخْلَةٌ بائِنَةٌ: فاتَتْ كبائِسُها الكوافرَ وامتدَّتْ عَراجِينُها وطالَتْ؛ عَن أَبي حَنيفَةَ؛ وأَنْشَدَ:
مِن كل بائنةٍ تَبينُ عُذوقَهاعنها وحاضنةٍ لَهَا مِيقارِ {والباناةُ مَقْلوبَةٌ عَن البانِيَةِ، وَهِي النَّبْلُ الصِّغارُ؛ حَكَاه السُّكَّريُّ عَن أَبي الخطَّاب.
} والبائِنُ: الَّذِي يُمْسِكُ العُلْبة للحالِبِ.
ومِن أَمْثالِهم: اسْتُ {البائِنِ أَعْرَفُ، أَي مَنْ وَلِيَ أَمْراً ومارَسَه فَهُوَ أَعْلَم بِهِ ممَّن لم يُمارِسْه.
} ومُبِينٌ، بالضمِّ: مَوْضِعٌ.
وَفِي الصِّحاحِ: اسْمُ ماءٍ؛ وأَنْشَدَ:
يَا رِيَّها اليومَ على مُبِينِعلى مبينٍ جَرَدِ القَصِيمِجَمَعَ بَيْنَ المِيمِ والنُّونِ، وَهُوَ الإِكْفاءُ.
{وأَبْيَنُ، كأَحْمدَ: اسْمُ رجُلٍ نُسِبَتْ إِلَيْهِ عَدَنُ مَدينَةٌ على ساحِلِ بَحْرِ اليمنِ؛ ويقالُ} يبين بالياءِ.
{والبَيِّنَةُ: دَلالَةٌ واضِحَةٌ عَقْليَّة كانَتْ أَو مَحْسوسَة، وسُمِّيَت شَهادَةُ الشاهِدَيْن بَيِّنَة لقَوْلِه، عَلَيْهِ السّلامُ:} البَيِّنَةُ على المُدَّعِي واليمينُ على مَنْ أَنْكَر؛ والجَمْعُ {بَيِّناتٌ.
وَفِي المَحْصولِ: البَيِّنَةُ: الحجَّةُ الوَاضِحَةُ.
} والبِينَةُ، بالكسْرِ: مَنْزلٌ على طرِيقِ حاجِّ اليَمامَةِ بينَ الشِّيح والشُّقَيْرَاءَ.
وذاتُ {البَيْنِ، بالفتْحِ، مَوْضِعٌ حِجازيٌّ عَن نَصْر.
} وبَيانُ، كسَحابٍ: صقْعٌ مِن سَوادِ البَصْرَةِ شَرْقيّ دجْلَةَ عَلَيْهِ الطَّريقُ إِلَى حِصْنِ مَهْدِي.
{والبَيْنِي: نوعٌ من الذُّرَةِ أَبْيَض} بَيَانِيَّة. ومحمدُ بنُ عَبْدِ الخالِقِ {البَيَانيُّ مِن شيوخِ الحافِظِ الذهبيِّ، رَحِمَهم اللَّهُ تعالَى، مَنْسوبٌ إِلَى طَريقَةِ الشيْخ أَبي} البَيان تبَاين مُحَمَّد بن مَحْفُوظ القُرَشِيّ عُرِفَ بابنِ الحورانيّ المُتَوفّى بدِمَشْق سَنَة 551، رَحِمَه اللَّهُ تعالَى، لَبِسَ الخرقَةَ عَن النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عِياناً يقْظَة، وَكَانَ الملبوس مَعَه معايناً للخلقِ كَمَا هُوَ مَشْهورٌ.
وقالَ الحافِظُ أَبو الفُتوحِ الطاووسيُّ، رَحِمَه اللَّهُ تعالَى: إنَّه مُتواتِرٌ.
{وبايانُ: سكَّةٌ بنَسَفَ، مِنْهَا أَبو يَعْلى محمدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ نَصْر الإمامُ الأَدِيبُ، تُوفي سَنَة 337، رَحِمَه اللَّهُ تعالَى.
} ومباينُ الحقِّ: مواضِحُه.
ودِينارُ بنُ {بَيَّان، كشَدَّادٍ، وداودُ بنُ} بَيَّان، وقيلَ: {بنُون ثَقيلَة، مُحَدِّثان.
وعُمَرُ بنُ بَيانٍ الثَّقفيُّ، كسَحابٍ: مُحَدِّثٌ.
} وبَيانٌ أَيْضاً: لَقَبُ محمدِ بنِ إمامِ بنِ سراجٍ الكِرْمانيِّ الفارِسِيّ الكازرونيِّ مُحَدِّث وحَفِيدُه محمدُ.
ويُلَقَّبُ {ببَيان أَيْضاً ابنُ محمدٍ، ويُلَقَّبُ بعباد ابْن محمدٍ، ماتَ سَنَة 857. ووَلَدُه عليّ وَرَدَ إِلَى مِصْرَ فِي أَيَّام السُّلْطان قايتباي، فأَكْرَمَه كَثيراً، وَله تَأْليفٌ صَغيرٌ رَأَيْته.
} والبيانيَّةُ: طائِفَةٌ مِن الخَوارِجِ نُسِبُوا إِلَى بَيان بنِ سمْعَان التَّمِيميّ.
ومُبِينٌ، بالضمِّ: ماءٌ لبَني نُمَيْرٍ ورَاءَ القَرْيَتَيْن بنصفِ مَرْحَلة بمُلْتَقى الرَّمْل والجلْد؛ وقيلَ لبَني أَسَدٍ وبَني حَبَّة بَيْنَ القَرْيَتَيْن أَو فِيهِ؛ قالَهُ نَصْر.
! ومَبْيَنٌ، كمَقْعَدٍ: حِصْنٌ باليمنِ من غَرْبي صَنْعاء فِي البِلادِ الحجية؛ واللَّهُ أَعْلَم بالصَّواب. 

دمجم

دمجم

دُميجمون بِالضَّمِّ: قَرْية بمَصْر، مِنْهَا الفَقِيه شمسُ الدِّين عبدُ الله بنُ مُحَمَّد الأنصاريّ، والِدُ نَبِيه الدّين عَبْدِ المُتَعال خَلِيفة سَيِّدي أَحْمد البَدَوِيّ قَدَّس الله سرّه.

دَحَيْتُ

دَحَيْتُ الشيءَ أدْحاهُ دَحْياً: بَسَطْتُه،
وـ الإِبِلَ: سُقْتُها.
والأدْحِيُّ، ويُكْسَرُ: مَبِيضُ النَّعامِ، ومَنْزِلٌ للقَمَرِ. وكسُمَيٍّ: بَطْنٌ، وكغَنِيٍّ: ع.
والدِّحْيَةُ، بالكَسْرِ: رَئيسُ الجُنْدِ، وابنُ خَليفَةَ الكَلْبِيُّ، ويُفْتَحُ، وبالفتح: القِرْدَةُ الأنْثَى، وابنُ مُعاوِيَةَ بنِ بَكْرٍ.
والمِدْحاةُ، كمِسْحاةٍ: خَشَبَةٌ يدْحَى بها الصَّبِيُّ، فَتَمُرُّ على الأرضِ، لا تَأْتِي على شيءٍ إلاَّ اجْتَحَفَتْه.
وتَدَحَّى: تَبَسَّطَ.

مرتبة الإنسان الكامل

مرتبة الإنسان الكامل: جمع جميع المراتب الإلهية والكونية من العقول والنفوس الكلية والجزئية ومراتب الطبيعة إلى آخر تنزلات الوجود، وتسمى بالمرتبة العمائية أيضًا.
مرتبة الإنسان الكامل:
[في الانكليزية] perfect of stage man
[ في الفرنسية] Stade de l'homme parfait
عبارة عن جميع المراتب الإلهية والكونية من العقول والنفوس الكلّية والجزئية ومراتب الطبيعة إلى آخر تنزّلات الوجود، وتسمّى المرتبة العمائية أيضا، فهي مضاهية للمرتبة الإلهية، ولا فرق بينهما إلّا بالرّبوبية والمربوبية، ولذلك صار خليفة الله تعالى، كذا في الجرجاني.

أَبُو حنيفَة

أَبُو حنيفَة: كنية الإِمَام الْهمام الْأَعْظَم نعْمَان بن ثَابت رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. وِلَادَته فِي سنة ثَمَانِينَ وَتُوفِّي فِي شهر رَجَب أَو شعْبَان فِي سنة مائَة وَخمسين من الْهِجْرَة. والمنصور الْــخَلِيفَة جعله مسجونا فَمَاتَ فِي السجْن سَاجِدا وَدفن فِي بَغْدَاد فِي مَقْبرَة خيزران رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. وَرُوِيَ عَن الإِمَام الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ:
(بَان النَّاس فِي فقه عِيَال ... على فقه الإِمَام أبي حنيفه)
وَفِي الْمُضْمرَات رُوِيَ عَن كَعْب الْأَحْبَار رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ إِنَّا نجد فِي التَّوْرَاة الَّتِي أنزلهَا الله تَعَالَى على مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام أَن الله تَعَالَى سَيكون فِي أمة مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نورا يكنى بِأبي حنيفَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. وَهُوَ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ على طَريقَة أبي الْمَنْصُور الماتريدي وَالشَّافِعِيّ رَحْمَة الله تَعَالَى على طَريقَة أبي الْحسن الْأَشْعَرِيّ وَفِي الْبَحْر الرَّائِق شرح كنز الدقائق قد حُكيَ فِي المناقب أَن أَبَا حنيفَة رأى النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فِي الْمَنَام فَقَالَ لَهُ أوجبت على من صلى عَليّ سُجُود السَّهْو فَأجَاب لكَونه صلى عَلَيْك سَاهِيا فَاسْتَحْسَنَهُ.

الْمركب

(الْمركب) مَا يركب عَلَيْهِ فِي الْبر وَالْبَحْر وَغلب اسْتِعْمَاله فِي السَّفِينَة وَيَوْم الْمركب يَوْم يركب الْــخَلِيفَة فِيهِ للسير والزينة مَعَ عسكره (ج) مراكب

(الْمركب) الأَصْل والمنبت يُقَال هُوَ كريم الْمركب و (الْجَهْل الْمركب) أَن يجهل شَيْئا ويجهل أَنه يجهله وضد الْبَسِيط (مو) و (فِي علم الكيمياء) هُوَ الْجِسْم المتماثل ذُو التَّرْكِيب الثَّابِت الْخَواص الناتج من عنصرين أَو أَكثر اتحدا كيمي اويا و (فِي الْمنطق) مَا يدل جزؤه على جُزْء مَعْنَاهُ مثل رامي الْحِجَارَة والمركبات السلسلية (فِي علم الكيمياء) مركبات تتألف من ذرات كالكربون يتَّصل بَعْضهَا بِبَعْض كالسلسلة (مج)
الْمركب: مَا تألف من الجزئين أَو الْأَجْزَاء ضد الْبَسِيط الَّذِي بِمَعْنى مَا لَا جُزْء لَهُ. وَعند النُّحَاة هُوَ اللَّفْظ الْمَوْضُوع الَّذِي قصد بِجُزْء مِنْهُ الدّلَالَة على جُزْء مَعْنَاهُ. والمركب الْمَعْدُود من المبنيات كل اسْم حَاصِل من تركيب كَلِمَتَيْنِ لَيْسَ بَينهمَا نِسْبَة أصلا لَا فِي الْحَال وَلَا قبل التَّرْكِيب - والكلمتان أَعم من أَن تَكُونَا حَقِيقَة أَو حكما اسْمَيْنِ أَو فعلين أَو حرفين أَو مُخْتَلفين وأقسام الْمركب مُطلقًا سِتَّة كَمَا بَينا فِي التَّرْكِيب.
إِن قلت لَا وجود للمركب لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو من أَن يكون عبارَة عَن جَمِيع أَجْزَائِهِ وَمن جُمْلَتهَا الْعلَّة الصورية أَي الْهَيْئَة الاجتماعية فعلى الأول يلْزم توقفه على نَفسه لِأَنَّهُ عين أَجْزَائِهِ وَهُوَ بَاطِل. وعَلى الثَّانِي يلْزم أَن يكون الْمركب عين بعض مَا تركب مِنْهُ وَمن غَيره وَهُوَ أَيْضا بَاطِل للُزُوم الْخلف. قُلْنَا نَخْتَار الأول وَلَا يلْزم الْمَحْذُور لِأَن الْمركب عبارَة عَن مَجْمُوع الْأَجْزَاء بِشَرْط كَونهَا معروضة للهيئة الاجتماعية والأجزاء لَا بِشَرْط ذَلِك الْعرُوض فالهيئة الاجتماعية خَارِجَة عَن الْمركب. وَالْفرق حِينَئِذٍ بَين الْمركب وأجزائه ظَاهر وَهَذَا كَمَا فِي الْعدَد على الْمَذْهَب الصَّحِيح من أَنه وحدات من حَيْثُ إِنَّهَا معروضة للهيئة الاجتماعية فَتَأمل. وَقد يقسم الْعدَد عِنْد أهل الْحساب إِلَى الْمُفْرد والمركب - والمفرد عِنْدهم هُوَ الْعدَد الْوَاقِع فِي مرتبَة من مَرَاتِب الْعدَد كالواحد والاثنين وَالْعشرَة وَالْعِشْرين. والمركب هُوَ الْعدَد الْوَاقِع فِي مرتبتين أَو أَكثر كاثني عشر وَمِائَتَيْنِ وَإِحْدَى وَعشْرين وَألف وَمِائَتَيْنِ وَخَمْسَة وَخمسين وَغير ذَلِك وَقد يُقَال الْمركب للمداد لتركبه من عدَّة أَشْيَاء كَمَا مر فِيهِ وَللَّه در الشَّاعِر:
(بِي تو دوكان مركب ساز شدّ كاشانه أم ... )
(جون جراغان ميكنم آخر سياهي ميشود ... )

القَاضِي

(القَاضِي) الْقَاطِع للأمور الْمُحكم لَهَا وَمن يقْضِي بَين النَّاس بِحكم الشَّرْع وَمن تعينه الدولة للنَّظَر فِي الْخُصُومَات والدعاوى وإصدار الْأَحْكَام الَّتِي يَرَاهَا طبقًا للقانون ومقره الرسمي إِحْدَى دور الْقَضَاء (ج) قُضَاة وَيُقَال سم قَاض قَاتل
القَاضِي: من الْقَضَاء وَهُوَ مَا سَيَجِيءُ إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَيعلم القَاضِي مِنْهُ وَمن لَهُ أَهْلِيَّة الشَّهَادَة لَهُ أَهْلِيَّة الْقَضَاء وَالْفَاسِق أهل للْقَضَاء إِلَّا أَنه لَا يَنْبَغِي أَن يُقَلّد وَسَائِر أَحْكَام القَاضِي فِي كتب الْفِقْه.
وَاعْلَم أَن الْقَضَاء بِالْحَقِّ من أقوى الْفَرَائِض بعد الْإِيمَان وَمن أشرف الْعِبَادَات قَالَ الله تَعَالَى: {إِنَّا جعلناك خَليفَة فِي الأَرْض فاحكم بَين النَّاس بِالْحَقِّ} . وَجَمِيع الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام مأمورون بِهِ وَقَضَاء يَوْم بِالْحَقِّ وَالْعدْل أحب من جِهَاد سنة فِي سَبِيل الله وأجز عَدَالَة يَوْم أفضل من أجر صلوَات سبعين سنة فِي الْبَيْت خَالِصَة لله. أما ترك الدُّخُول فِي الْقَضَاء والامتناع عَن قبُوله أصلح فِي الدُّنْيَا وَالدّين وَإِن كَانَ فِي الْمصر جمَاعَة لكل وَاحِد مِنْهُم صَلَاحِية الْقَضَاء وَالْوَاحد مِنْهُم يمْتَنع عَن قبُوله لَا يَأْثَم وَإِن كَانَ هُوَ مُتَعَيّنا بأهلية الْقَضَاء يَأْثَم بالامتناع لِأَن قبُول الْقَضَاء فرض عَلَيْهِ وتارك الْفَرْض آثم. وَقَالَ بَعضهم لَا يجوز قبُول الْقَضَاء إِلَّا بِالْإِكْرَاهِ وَأَبُو حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى كلف بِالْقضَاءِ ثَلَاث مَرَّات وَضرب فِي كل مرّة ثَلَاثِينَ سَوْطًا فَلم يقبل وَالصَّحِيح أَن قبُول الْقَضَاء بِاخْتِيَارِهِ رخصَة والامتناع عَزِيمَة.
القَاضِي: سَائِر أَحْكَام القَاضِي فِي كتب الْفِقْه، وَفِي (مُخْتَار الِاخْتِيَار) فِي شرح آدَاب القَاضِي أَن أَهْلِيَّة الْقَضَاء تكون للَّذي لَدَيْهِ علم الْكتاب وَالسّنة حَتَّى يحكم بِالْحَقِّ، وَأَن يكون محيطا بالحوادث والنوازل على أوسع وَجه وَمن ملاحي النُّصُوص والآيات الَّذِي يمكننا بواسطته الْوُصُول إِلَى بر الْأمان وساحل النجَاة وَهَؤُلَاء قَلَائِل. فَإِذا وَقع فِي مستنقع وَاقعَة مَخْصُوصَة وَلم يسْتَطع الْوُصُول إِلَى ملاحي النُّصُوص فَيجب أَن يسبح بِالِاجْتِهَادِ فِي كل ظَاهِرَة حَتَّى يصل وعَلى قدر استطاعته وَقدرته الْوُصُول إِلَى السَّاحِل. وَيكون الِاجْتِهَاد حجَّة عِنْدَمَا لَا يُخَالف الْكتاب وَالسّنة، وَمَعْرِفَة مَا إِذا كَانَ غير مُخَالف للْكتاب وَالسّنة يكون يَسِيرا إِذا مَا كَانَ عَالما بِالْكتاب وَالسّنة، إِذا فالعلم هُنَا شَرط.
وَفِي (فُصُول الاستروشني) جَاءَ لتَكون قَاضِيا فَلَيْسَ شرطا أَن تكون عَالما ومجتهدا، حَتَّى إِذا جعلُوا الْجَاهِل قَاضِيا، فَإِنَّهُ يصبح قَاضِيا أما الْعَدَالَة يَقُول الْخصاف هِيَ شَرط صِحَة التَّقْلِيد. وَهَذَا هُوَ مَذْهَب الشَّافِعِي، وَعند الْجَصَّاص الأولية شَرط. وَفِي (الاستروشني) جَاءَ أَن الْعَدَالَة شَرط الأولية وَفِي ظَاهر الرِّوَايَة وَفِي رِوَايَة (النَّوَادِر) شَرط صِحَة التَّقْلِيد، وَبعد عدَّة أسطر يَقُول إِن الْفَاسِق لَدَيْهِ صَلَاحِية الْقَضَاء على أصح الْأَقَاوِيل. وَقَالَ فِي (الْخُلَاصَة) الْأَصَح أَن يَصح تَقْلِيد الْفَاسِق، وَلَكِن فِي (خزانَة الْفَتَاوَى) قَالَ إِن الْجَاهِل الْوَرع أولى من الْعَالم الْفَاسِق، وَفِي (الْخُلَاصَة) و (الْفُصُول) إِذا أَخذ قَاض رشوة أثْنَاء قَضَائِهِ فَفِي أَهْلِيَّته خلاف لَدَى الْمَشَايِخ. وَالصَّحِيح أَنه لَا يصلح قَاضِيا، وَإِذا حكم فَإِن حكمه غير نَافِذ. وعندما يَأْخُذ قَاض رشوة فِي قَضِيَّة مَا أَو ابْنه أَو كَاتبه أَو أحد أعوانه بمعرفته أَو رِضَاهُ أَو بأَمْره فَإِن حكمه يكون غير نَافِذ. أما كبر السن أَو حَدَاثَة السن فَلَا دخل لَهَا فِي الْقَضَاء. لِأَنَّهُ جَاءَ فِي (الْمَبْسُوط) لشمس الْأَئِمَّة السَّرخسِيّ أَن الرَّسُول عَلَيْهِ وعَلى آله الصَّلَاة وَالسَّلَام قد عين (عتاب بن أسيد) أَمِيرا وقاضيا على مَكَّة وَكَانَ عمره ثَمَانِيَة عشر سنة. وَكَانَ فِي الشَّام أَيَّام خلَافَة أَمِير الْمُؤمنِينَ عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَاض حَدِيث السن، وَهَذَا شكل مدخلًا للْبَعْض لِلطَّعْنِ عَلَيْهِ، فاستدعاه أَمِير الْمُؤمنِينَ عمر وَسَأَلَهُ عَن أَشْيَاء فِي بَاب الْقَضَاء فَأجَاب عَن جَمِيعهَا صَوَابا فَمَا كَانَ من أَمِير الْمُؤمنِينَ عمر وَبعد أَن تَأمل كثيرا فِي أَمْثَاله إِلَّا أَن أقره على الْقَضَاء، ويحكى أَن الْمَأْمُون بن الرشيد قلد يحيى بن الأكثم قَضَاء الْبَصْرَة وَكَانَ فِي سنّ الثَّامِنَة عشر، فطعن بَعضهم فِي حَدَاثَة سنه، فَأرْسل لَهُ الْمَأْمُون كتابا يسْأَله فِيهِ عَن عمره فَأَجَابَهُ أنني فِي مثل سنّ (عتاب بن أسيد) حِين عينه صَاحب الرسَالَة - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على إِمَارَة مَكَّة وقضائها.
وَأورد الصَّدْر الشَّهِيد: فِي شرح آدَاب القَاضِي الْخصاف رِوَايَة عَن أَمِير الْمُؤمنِينَ عَليّ كرم الله وَجهه أَنه صعد يَوْمًا فِي مَوضِع ذِي قار إِلَى أَعلَى تلة وَقَالَ ((أَيهَا النَّاس صَادِقا، لقد سَمِعت من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُول مَا من ملك أَو قَاضِي إِلَّا ويأتى بِهِ يَوْم الْقِيَامَة وَيُوقف أَمَام الْخَالِق تَعَالَى على الصِّرَاط ثمَّ يخرج الْمَلَائِكَة صحيفَة عمله مَعَ الرّعية هَل كَانَ عادلا أم جائرا فَإِذا كَانَ عادلا فِي الْخلق فَإِن الله تَعَالَى ينجيه بعدله وَإِذا كَانَ جائرا فَإِنَّهُ يقطع حَتَّى يكون بَين كل عُضْو من أَعْضَائِهِ وَالثَّانِي مسيرَة مائَة سنة ثمَّ يرْمى بِهِ فِي النَّار ليَكُون مَعَ الْمُنَافِقين فِي الدَّرك الْأَسْفَل من جَهَنَّم. وَنقل عَن الْحسن الْبَصْرِيّ أَن بني إِسْرَائِيل يقطعون الأمل فِي أَي شخص يصبح قَاضِيا أَن يصير نَبيا. لِأَنَّهُ كَانَ فِي بني إِسْرَائِيل أَن من يعبد الله سِتِّينَ سنة يطمعون أَن يَبْعَثهُ الله نَبيا، وعندما يصبح قَاضِيا يَنْقَطِع طمعهم، وَيكْتب اخْتِيَار بن غياث الدّين الْحُسَيْنِي رَحمَه الله تَعَالَى فِي (مُخْتَار الِاخْتِيَار) أنني ذكرت هَذَا الحَدِيث عِنْد أحد الْكِبَار فَقَالَ، هَذَا كَانَ فِي الزَّمن الْمَاضِي، أما فِي زَمَاننَا هَذَا فَيجب أَن نغسل أَيْدِينَا من عقل كل شخص يضع قدمه فِي الْقَضَاء، اللَّهُمَّ احفظنا من شرور أَنْفُسنَا من سيئات أَعمالنَا وَللَّه در من قَالَ:
(ذهب شخص من فاذقان إِلَى القَاضِي فِي اردو ... حَتَّى يرضى وَلكنه لم يفعل)
(فَأعْطَاهُ أخيرا حمارا رشوة ... فَإِذا لم يكن حمارا لم يصبح قَاضِيا)

الْفَخر

الْفَخر: الاستعظام على النَّاس بتعديد المناقب وَللَّه در الشَّاعِر:
(لَيْسَ الْفَخر بِالْمَالِ وَالنّسب ... فَإِن الْفَخر بِالْعلمِ وَالْأَدب)
(لَيْسَ الْيَتِيم من مَاتَ وَالِده ... فَإِن الْيَتِيم بِدُونِ الْعلم وَالْأَدب) وَهَذَا الشَّاعِر اقتبس من كَلَام أَمِير الْمُؤمنِينَ خَليفَة رَسُول رب الْعَالمين موصل الطَّالِب إِلَى المطالب أَمِير الْمُؤمنِينَ عَليّ المرتضى بن أبي طَالب كرم الله وَجهه شرف الْمَرْء بالأدب لَا بِالْأَصْلِ وَالنّسب.

الدُّعَاء

(الدُّعَاء) مَا يدعى بِهِ الله من القَوْل (ج) أدعية
الدُّعَاء: طلب الرَّحْمَة وَإِذا أسْند هُوَ أَو مَا فِي مَعْنَاهُ كَالصَّلَاةِ إِلَى الله تَعَالَى جرد عَن معنى الطّلب لتنزهه عَنهُ. وَإِذا عدي بِاللَّامِ يكون معنى النَّفْع. وَإِذا عدي بعلى يكون بِمَعْنى الضَّرَر كَمَا سَيَجِيءُ فِي الصَّلَاة إِن شَاءَ الله تَعَالَى. ولاستجابة الدُّعَاء آجال وآداب وشروط وأوقات وأماكن فِي كتب الحَدِيث.
ف (43) : 
الدُّعَاء: وَقد عين الْــخَلِيفَة الرَّابِع سيد الكونين ووصي الرَّسُول الثقلَيْن وموصل الطَّالِب إِلَى المطالب عَليّ بن أبي طَالب كرم الله وَجه مدى تَأْثِير الْكَوَاكِب على أَوْقَات استجابة الدُّعَاء فَقَالَ: إِذا أردْت الدُّعَاء لأمر الْآخِرَة وَمَا يتَعَلَّق بهَا من أُمُور فَيجب أَن يكون الْقَمَر فِي برج الْقوس أَو الْحُوت مسامتا الزهرة (نَاظرا إِلَى الزهرة) . وَإِذا أردْت الدُّعَاء من أجل الدُّنْيَا وَطلب المَال فَيجب أَن يكون الْقَمَر فِي برج الثور أَو الْمِيزَان مسامتا المُشْتَرِي، وَإِذا كَانَ الدُّعَاء من أجل الجاه يجب أَن يكون الْقَمَر فِي برج الْأسد وَالشَّمْس فِي برج الْحمل أَو أَن يكون الْقَمَر وَالشَّمْس فِي برج الْأسد. وَإِذا كَانَ المُشْتَرِي فِي برج الْأسد أَو الْقوس أَو الْحُوت وَالْقَمَر فِي برج الثور أَو الْمِيزَان مُتَّصِلا بالمشتري فَإِن الدُّعَاء يكون مستجابا فِي الْحَال. وَمن أجل الْأَعْمَال السُّلْطَانِيَّة والوزارية يجب أَن يكون الْقَمَر فِي برج السرطان وَالْمُشْتَرِي فِي برج الثور، أَو أَن يكون المُشْتَرِي فِي برج السرطان وَالْقَمَر فِي برج الثور شَرط أَن يَكُونَا متسامتين (ناظرين لبعضهما الْبَعْض) ، وَإِن أردْت أَن (النّظر) مَا هُوَ فَانْظُر فِي (نظرات الْكَوَاكِب) .

الْبَدَل

الْبَدَل: عِنْد النُّحَاة تَابع قصد نِسْبَة أَمر إِلَيْهِ بِنِسْبَة ذَلِك الْأَمر إِلَى متبوعه بِدُونِهِ أَي لَا يكون نِسْبَة ذَلِك الْأَمر إِلَى متبوعه مَقْصُودَة بل تكون نسبته إِلَيْهِ تَوْطِئَة وتمهيد النسبته إِلَى التَّابِع وَهُوَ على أَرْبَعَة أَقسَام.
(الْبَدَل) من الشَّيْء الْخلف والعوض والشريف الْكَرِيم وَوَاحِد الأبدال عِنْد الصُّوفِيَّة (ج) أبدال و (فِي النَّحْو) التَّابِع الْمَقْصُود بالحكم بِلَا وَاسِطَة مثل الْــخَلِيفَة الثَّانِي عمر

(الْبَدَل) من الشَّيْء الْبَدَل والشريف الْكَرِيم وَوَاحِد الأبدال عِنْد الصُّوفِيَّة (ج) أبدال

الْإِرَادَة

الْإِرَادَة: صفة توجب للحي حَالَة لأَجلهَا يَقع مِنْهُ الْفِعْل على وَجه دون وَجه. وَبِعِبَارَة أُخْرَى هِيَ صفة فِي الْحَيّ تخصص بعض الأضداد بالوقوع دون الْبَعْض وَفِي بعض الْأَوْقَات دون الْبَعْض مَعَ اسْتِوَاء نِسْبَة قدرَة ذَلِك الْحَيّ إِلَى الْكل. وَقَالَ الْعَلامَة التَّفْتَازَانِيّ رَحمَه الله هما أَي الْإِرَادَة والمشيئة عبارتان عَن صفة فِي الْحَيّ توجب تَخْصِيص أحد المقدورين فِي أحد الْأَوْقَات بالوقوع مَعَ اسْتِوَاء نِسْبَة الْقُدْرَة إِلَى الْكل وَكَون تعلق الْعلم تَابعا للوقوع. قَوْله (وَكَون تعلق الْعلم) مَعْطُوف على قَوْله تَخْصِيص أحد المقدورين وغرضه رَحمَه الله من هَذَا الْبَيَان ثَلَاثَة أُمُور أَحدهَا الرَّد على الكرامية الْقَائِلين بِأَن الْمَشِيئَة قديمَة والإرادة حَادِثَة قَائِمَة بِذَات الله تَعَالَى وَثَانِيها الرَّد على النجار وَكثير من معتزلة بَغْدَاد حَيْثُ زَعَمُوا أَن معنى إِرَادَة الله تَعَالَى فعله أَنه لَيْسَ بمكره وَلَا ساه وَلَا مغلوب أَي لَا مَجْنُون وَمعنى إِرَادَته فعل غَيره أَنه آمُر بِهِ يَعْنِي أَن مَا لَا يكون مَأْمُورا بِهِ لَا يكون مرادفا فالإرادة عِنْدهم عين الْأَمر وَثَالِثهَا إِثْبَات الْمُغَايرَة بَين الْإِرَادَة وَالْعلم ردا على الكعبي الْقَائِل بِأَن إِرَادَته تَعَالَى لفعله الْعلم بِهِ وعَلى الْمُحَقِّقين من الْمُعْتَزلَة وهم النظام والعلاف وَأَبُو الْقَاسِم الْبَلْخِي والجاحظ الْقَائِلين بِأَن الْإِرَادَة عين الْعلم بِمَا فِي الْفِعْل من الْمصلحَة. أما وَجه الرَّد الأول فَإِنَّهُمَا مُتَرَادِفَانِ فَقدم أَحدهمَا مُسْتَلْزم لقدم الآخر وحدوث أَحدهمَا لحدوث الآخر فَالْقَوْل بحدوث أَحدهمَا وَقدم الآخر لَيْسَ بِصَحِيح لَكِن لَا يخفى أَن لَهُم أَن يمنعوا الترادف. وَأما وَجه الرَّد الثَّانِي فَإِن الْإِرَادَة والمشيئة مترادفتان وَقد تقرر أَن المشيء لَا يتَخَلَّف عَن الْمَشِيئَة لقَوْله تَعَالَى {وَلَو شَاءَ رَبك لآمن من فِي الأَرْض كلهم جَمِيعًا} . فَالْمُرَاد أَيْضا لَا يتَخَلَّف عَن الْإِرَادَة وَأَنه تَعَالَى أَمر كل مُكَلّف بِالْإِيمَان وَلم يُوجد الْمَأْمُور بِهِ عَن الْبَعْض فَلَو كَانَ الْإِرَادَة والمشيئة عين الْأَمر لما تخلف الْمَأْمُور بِهِ عَن الْأَمر لِأَن المُرَاد لَا يتَخَلَّف عَن الْإِرَادَة.

وَالْجَوَاب: بِأَنا لَا نسلم عدم تخلف المشيء وَالْمرَاد عَن الْمَشِيئَة والإرادة لجَوَاز أَن يأول قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام مَا شَاءَ الله كَانَ وَمَا اشْتهر من السّلف وَالْخلف مَا شَاءَ الله كَانَ وَمَا لم يَشَأْ لم يكن. بِمَشِيئَة قسر عدُول عَن الظَّاهِر بِلَا ضَرُورَة نعم يرد الْمَنْع بِأَنا لَا نسلم اتِّحَاد الْمَشِيئَة والإرادة بِأَن المشيء لَا يَنْفَكّ عَن الْمَشِيئَة وَالْمرَاد يَنْفَكّ عَن الْإِرَادَة كَيفَ وتخلف المُرَاد عَن الْإِرَادَة جَائِز عِنْدهم لأَنهم يَقُولُونَ إِن الله تَعَالَى أَرَادَ إِيمَان الْكَافِر وطاعته لكنه لم يَقع. وَأما الثَّالِث أَي إِثْبَات أَن الْعلم غير الصّفة الَّتِي ترجح أحد المقدورين بالوقوع فَإِن الْعلم لَو كَانَ عين الْإِرَادَة فَلَا يَخْلُو إِمَّا أَن يكون مُرَجّح أحد الطَّرفَيْنِ الْعلم بِنَفس حَقِيقَة الْمَقْدُور أَو الْعلم بِوُقُوعِهِ ووجوده فِي الْخَارِج وَكِلَاهُمَا لَا يصير مُخَصّصا. أما الأول فَلِأَنَّهُ عَام شَامِل للْوَاقِع وَغَيره فَإِنَّهُ تَعَالَى يعلم الْمُمكن والممتنع وَالْوَاجِب فَلَا يكون مُخَصّصا لَهُ وَهُوَ ظَاهر. وَأما الثَّانِي فَلِأَن الْعلم بِوُقُوع الشَّيْء فرع وتابع لكَونه مِمَّا يَقع فِي الْحَال أَو فِي الِاسْتِقْبَال فَإِن الْمَعْلُوم هُوَ الأَصْل وَالْعلم صُورَة لَهُ وظل وحكاية عَنهُ سَوَاء كَانَ مقدما عَلَيْهِ وَهُوَ الْفعْلِيّ أَو مُؤَخرا عَنهُ وَهُوَ الانفعالي وَالصُّورَة والحكاية عَن الشَّيْء فرع ذَلِك الشَّيْء حَتَّى لَو لم يكن ذَلِك الشَّيْء بِتِلْكَ الْحَيْثِيَّة الَّتِي تعلّقت بِهِ الْعلم لَا يكون علما بل جهلا. وَإِذا كَانَ الْعلم بِوُقُوع الشَّيْء مِمَّا يَقع فَلَا يكون عين الْإِرَادَة الَّتِي كَون الشَّيْء مِمَّا يَقع فرع وتابع لَهُ.

فَإِن قيل: الْإِرَادَة من حَيْثُ هِيَ إِرَادَة نسبتها إِلَى الضدين وَإِلَى الْأَوْقَات سَوَاء إِذْ كَمَا يجوز تعلقهَا بِهَذَا الضِّدّ يجوز تعلقهَا بالضد الآخر وكما يجوز إِرَادَة وُقُوع وَاحِد مِنْهُمَا فِي وَقت يجوز إِرَادَة وُقُوعه فِي وَقت آخر فَيَعُود الْكَلَام فِيهَا فَيُقَال لَا بُد للتخصيص من مُخَصص مغائر للْعلم وَالْقُدْرَة والإرادة فَيثبت صفة رَابِعَة وَيلْزم التسلسل.

وَحَاصِل الِاعْتِرَاض: إِن تَسَاوِي نِسْبَة الْإِرَادَة إِلَى التعلقين يحْتَاج إِلَى مُخَصص آخر فيتسلسل وَإِن لم تتساو نسبتها فَيلْزم الْإِيجَاب.

قُلْنَا: نَخْتَار الشق الأول ونمنع لُزُوم الِاحْتِيَاج إِلَى مُخَصص آخر فَإِن الْإِرَادَة صفة من شَأْنهَا صِحَة الْفِعْل وَالتّرْك فَيصح تخصيصها مَعَ اسْتِوَاء نسبتها إِلَى الضدين من غير احْتِيَاج إِلَى مُخَصص قيل لَا نسلم وجود الصّفة الَّتِي من شَأْنهَا صِحَة الْفِعْل وَالتّرْك من غير مُخَصص بل هُوَ مُمْتَنع لاستلزام وجودهَا الْمحَال الَّذِي هُوَ تَرْجِيح أحد المتساويين بِلَا مُرَجّح.

وَقد أُجِيب: عَنهُ بِأَن اللَّازِم هُوَ تَرْجِيح أحد المتساويين أَي إيجاده من غير مُرَجّح أَي غير سَبَب دَاع إِلَى إيجاده وَهُوَ لَيْسَ بمحال بل هُوَ وَاقع فَإِن الهارب من السَّبع إِذا ظهر لَهُ طَرِيقَانِ متساويان فَإِنَّهُ يخْتَار أَحدهمَا من غير دَاع وباعث عَلَيْهِ وَكَذَا العطشان إِذا كَانَ عِنْده قدحا مَاء مستويان من جَمِيع الْوُجُوه فَإِنَّهُ يخْتَار أَحدهمَا أَيْضا إِنَّمَا الْمحَال هُوَ ترجح أحد المتساويين أَو وُقُوع أَحدهمَا من غير مُرَجّح أَي موقع وموجد وَهُوَ غير لَازم من كَون الْإِرَادَة مرجحة وَقَالَ أفضل الْمُتَأَخِّرين مَوْلَانَا عبد الْحَكِيم رَحمَه الله وَأَنت خَبِير بِأَن هَذَا الْجَواب لَا يجدي نفعا لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يجوز أَن يكون مُخَصص أحد المقدورين بالوقوع فِي وَقت معِين هِيَ الْقُدْرَة واستواء نسبتها إِلَى الطَّرفَيْنِ والأوقات إِنَّمَا يسْتَلْزم التَّرْجِيح بِلَا مُرَجّح لَا الترجح بِلَا مُرَجّح إِذا الْمُرَجح الموجد هُوَ الذَّات وَهُوَ مَوْجُود. وَالْفرق بِأَن كَون الْقُدْرَة مرجحة يسْتَلْزم التَّرْجِيح بِلَا مُرَجّح دون الْإِرَادَة مُشكل على إِنَّا نقُول قد صرح السَّيِّد الشريف رَحمَه الله فِي شرح المواقف فِي بحث الْإِمْكَان التَّرْجِيح بِلَا مُرَجّح يسْتَلْزم الترجح بِلَا مُرَجّح. هَذَا وَلَا مخلص عَن هَذَا الْإِيرَاد إِلَّا بِأَن يُقَال إِن تعلق الْإِرَادَة بترجيح أحد الطَّرفَيْنِ يحْتَاج إِلَى تعلق آخر مُخَصص لَهُ وَهَكَذَا إِلَى مَا لَا نِهَايَة لَهُ فالتسلسل فِيهَا لَيْسَ بمحال وَفِيه تَأمل انْتهى.

وَاعْلَم: أَن الْإِرَادَة فِي الْحَقِيقَة لَا تتَعَلَّق دَائِما إِلَّا بالمعدوم فَإِنَّهَا صفة تخصص أَمر إِمَّا بحصوله ووجوده كَمَا قَالَ الله تَعَالَى {إِنَّمَا أمره إِذا أَرَادَ شَيْئا أَن يَقُول لَهُ كن فَيكون} . والإرادة عِنْد أهل الْحَقَائِق طلب الْقرب الإلهي من المرشد الْمجَاز الَّذِي تَنْتَهِي سلسلته إِلَى النَّبِي الْكَرِيم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِوَاسِطَة خَليفَة من الْخُلَفَاء الرَّاشِدين رضوَان الله تَعَالَى عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ وتتمة هَذَا المرام فِي المريد إِن شَاءَ الله تَعَالَى.

الملك

الملك: بكسر الميم في اصطلاح المتكلمين: حالة تعرض للشيء بسبب ما يحيط به وينتقل بانتقاله كالتعميم والتقميص، فإن كلا منهما حالة لشيء بسبب إحاطة العمامة برأسه والقميص ببدنه.وفي اصطلاح الفقهاء: اتصال شرعي بين الإنسان وبين شيء يكون مطلقا لتصرفه. وعاجزا عن تصرف غيره فيه.
الملك: بالضم: التصرف بالأمر والنهي في الجمهور، وذلك يختص بسياسة الناطقين. والملك ضربان: ملك التولي والتملك وملك هو القوة على ذلك تولى أم لا، فمن الأول {إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا} . ومن الثاني {إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا} . فجعل النبوة مخصوصة، والملك فيها عاما فإن معنى الملك هنا القوة التي بها يترشح للسياسة، لا أنه جعلهم كلهم متولين للأمر فذلك مناف للحكمة، فلا خير في كثرة الرؤساء. وقال بعضهم: الملك بفتح فكسر: اسم لكل من يملك السياسة، إما في نفسه وذلك بالتمكن من زمام قواه، وصرفها عن هواها، وإما في نفسه وغيره سواء تولى ذلك أم لا.
الملك:
[في الانكليزية] Possession
[ في الفرنسية] Possession
بالكسر وسكون اللام عند الحكماء هو هيئة تعرض للشيء بسبب ما يحيط به وينتقل بانتقاله ويسمّى بالجدة بكسر الجيم وتخفيف الدال وبالقنية أيضا كما في بحر الجواهر.
وبالقيد الأخير خرج المكان أي الأين المتعلّق بالمكان فإنّه وإن كان هيئة عرضية للشيء بسبب المكان المحيط به إلّا أنّ المكان لا ينتقل بانتقال المتمكّن وما يحيط به أعم من أن يكون طبيعيا كالإهاب للهرة مثلا، أو لا يكون طبيعيا كالقميص للإنسان، ومن أن يكون محيطا بالكلّ كالثوب الشامل لجميع البدن، أو بالبعض كالخاتم للإصبع. وفي المباحث المشرقية أنّ الملك عبارة عن نسبة الجسم إلى حاصر له أو لبعضه وينتقل بانتقاله، فجعل الملك نفس النسبة والحقّ أنّه تسامح، والمراد أنّه أمر نسبي حاصل للجسم بسبب حاصر لأنّ نسبة المحصورية والحاصرية مستويتان، فجعل إحداهما مقولة دون الأخرى تحكّم. والوجدان أيضا شاهد بأنّ التعمّم مثلا حالة بسبب الإحاطة المخصوصة لا نفس إحاطة العمامة، كذا في شرح المواقف وحاشيته للمولوي عبد الحكيم.
الملك:
[في الانكليزية] Angel
[ في الفرنسية] Ange
بفتحتين مقلوب مألك صفة مشبّهة من الألوكة بمعنى الرسالة. فأصل ملك ملأك حذفت الهمزة بعد نقل حركتها إلى ما قبلها طلبا للخفة لكثرة استعماله والملائكة جمع ملأك على الأصل، كالشمائل جمع شمأل والتاء للتأنيث أي لتأكيد تأنيث الجماعة، هكذا في البيضاوي وحواشيه في تفسير قوله تعالى في سورة البقرة وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً. وفي التفسير الكبير هناك اختلف العقلاء في ماهية الملائكة وحقيقتهم وطريق ضبط المذهب أن يقال الملائكة لا بدّ أن تكون ذوات موجودة قائمة بأنفسها، ثم إنّ تلك الذوات إمّا أن تكون متحيّزة أو لا. أمّا الأول وهو أنّ الملائكة ذوات متحيّزة فههنا أقوال.
القول الأول إنّها أجسام هوائية لطيفة تقدر على التشكّل بأشكال مختلفة مسكنها السموات وهذا قول أكثر المسلمين. وفي شرح المقاصد الملائكة أجسام نورانية خيّرة والجنّ أجسام لطيفة هوائية منقسمة إلى الخيّرة والشريرة، والشياطين أجسام نارية شريرة. وقيل تركيب الأنواع الثلاثة من امتزاج العناصر إلّا أنّ الغالب في كلّ واحد ما ذكر، ولكون النار والهواء في غاية اللطافة كانت الملائكة والجنّ والشياطين بحيث يدخلون المنافذ والمضايق حتى جوف الإنسان، ولا يرون بحسّ البصر إلّا إذا اكتسوا من الممتزجات الأخر التي تغلب عليها الأرضية والمائية جلابيب وغواشي فيرون في أبدان كأبدان الناس وغيره من الحيوانات انتهى. ثم قال في التفسير الكبير والقول الثاني قول طائفة من عبدة الأوثان وهو أنّ الملائكة في الحقيقة هي هذه الكواكب الموصوفة بالإسعاد والإنحاس، فإنّها بزعمهم أحياء ناطقة وإنّ المسعدات منها ملائكة الرحمة والمنحسات منها هي ملائكة العذاب. والقول الثالث قول معظم المجوس والثنوية وهو أنّ هذا العالم مركّب من أصلين الذين هما النور والظلمة وهما في الحقيقة جوهران شفّافان حسّاسان مختاران قادران متضادّا النفس والصورة مختلفا الفعل والتدبير. فجوهر النور فاضل خيّر تقي طيّب الريح كريم النفس يسرّ ولا يضرّ وينفع ولا يمنع ويحيي ولا يبلي، وجوهر الظلمة على ضدّ ذلك. ثم إنّ جوهر النور لم يزل لولد الأولياء وهم الملائكة لا على سبيل التناكح بل على سبيل تولّد الحكمة من الحكيم والضوء من المضيء، وجوهر الظلمة لم يزل لولد الأعداء وهم الشياطين على سبيل تولّد السّفه من السفيه لا على سبيل التناكح. وأمّا الثاني وهو أنّ الملائكة ذوات قائمة بأنفسها وليست بمتحيّزة ولا أجسام، فههنا قولان: الأول قول طوائف من النصارى وهو أنّ الملائكة في الحقيقة هي الأنفس الناطقة بذواتها المفارقة لأبدانها على نعت الصّفاء والخيرية، وذلك لأنّ هذه النفوس المفارقة إن كانت صافية خالصة فهي الملائكة، وإن كانت خبيثة كدرة فهي الشياطين. والقول الثاني قول الفلاسفة وهي أنّها جواهر قائمة بأنفسها ليست بمتحيّزة البتة فإنّها بالماهية مخالفة لأنواع النفوس الناطقة البشرية وأنّها أكمل قوة منها وأكثر علما منها وأنّها للنفوس البشرية جارية مجرى الشمس بالنسبة إلى الأضواء. ثم إنّ هذه الجواهر على قسمين: منهما ما هي بالنسبة إلى أجرام الأفلاك والكواكب كنفوسنا الناطقة بالنسبة إلى أبداننا، ومنهما ما هي أعلى شأنا من تدبير أجرام الأفلاك، بل هي مستغرقة في معرفة الله ومحبته ومشتغلة بطاعته، وهذا القسم هم الملائكة المقرّبون ونسبتهم إلى الملائكة الذين يدبّرون السموات كنسبة أولئك المدبّرين إلى نفوسنا الناطقة، فهذان القسمان من الملائكة قد اتفقت الفلاسفة على إثباتهما.
ومنهم من أثبت أنواعا أخر من الملائكة وهي الملائكة الأرضية المدبّرة لأحوال هذا العالم.
ثم إنّ مدبرات هذا العالم إن كانت خيّرات فهم الملائكة، وإن كانت شريرة فهم الشياطين انتهى كلامه. وفي العيني شرح صحيح البخاري قالت الفلاسفة الملائكة جواهر مجرّدة، فمنهم من هو مستغرق في معرفة الله فمنهم الملائكة المقرّبون، ومنهم مدبّرات العالم إذا كانت خيّرات، فمنهم الملائكة الأرضية، وإن كانت شريرة فهم الشياطين انتهى كلامه. وفي تهذيب الكلام أنّ الحكماء ذهبوا إلى أنّ الملائكة هم العقول المجرّدة والنفوس الفلكية انتهى. ويسمّى الملائكة بالأرواح أيضا وقد سبق في لفظ المفارق، وفي لفظ الجنّ.
واعلم أنّ أصناف الملائكة كثيرة منها حملة العرش، ومنها الحافّون حول العرش، ومنها أكابر الملائكة فمنهم جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل، ومنها ملائكة الجنّة، ومنها ملائكة النار وأسماء جملتهم الزبانية ورئيسهم مالك، ومنها كتبة الأعمال، ومنها الموكلون لبني آدم وهو في قوله تعالى: وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ، كِراماً كاتِبِينَ الآية، ومنها الملائكة الموكلون بأحوال هذا العالم وهم المرادون بقوله تعالى: وَالصَّافَّاتِ صَفًّا، وبقوله تعالى: وَالذَّارِياتِ ذَرْواً إلى قوله تعالى فَالْمُقَسِّماتِ أَمْراً وبقوله تعالى وَالنَّازِعاتِ غَرْقاً. وعن ابن عباس قال إنّ لله ملائكة سوى الحفظة يكتبون ما يسقط من ورق الشجرة، فإذا أصاب بأحدكم عجزة بأرض فلاة فتنادوا أعينوا عباد الله رحمكم الله، كذا في التفسير الكبير. ومنهم الكروبيون والروحانيون وخزنة الكرسي والسّفرة والبررة.

وفي أنواع البسط يقول: الملائكة فريقان:
أحدهما علوي والآخر سفلي. فما هو علوي يقال له موكل. وما هو سفلي فيقال لهم أعوان وأرواح وروحاني.
الملك: عالم الشهادة من المحسوسات الطبيعية.
الملك: بفتح الميم واللام: جسم لطيف نوراني يتشكل باشكال مختلفة، أو هو جوهر بسيط ذو حياة ونطق وعقل غير ماتت، واسطة بين الباري والأجسام الأرضية منه عقلي ونفسي وجسماني.

القلب

القلب: لطيفة ربانية لها بهذا القلب الجسماني الصنوبري الشكل المودع في الجانب الأيسر من الصدر تعلق، وتلك اللطيفة هي حقيقة الإنسان، ويسميها الحكيم النفس الناطقة، والروح باطنه، والنفس الحيوانية مركبة وهي المدركة العالمة من الإنسان والمخاطب والمطالب والمعاتب. والمعاقب. وقال الراغب. قلب الشيء: تصريفه وصرفه عن وجه إلى وجه آخر. وقلب الإنسان سمي به لكثرة تقلبه، ويعبر بالقلب عن المعاني المختصة به من روح وعلم وشجاعة. وتقليب الشيء: تغييره من حال إلى حال. وتقليب الأمور: تدبيرها والنظر فيها. وتقليب اليد: عبارة عن الندم.القلب عند أهل الأصول: دعوى المعترض أن ما استدل به المستدل في المسألة المتنازع فيها على ذلك الوجه عليه لا له إذا صح.
القلب:
[في الانكليزية] Heart ،bottom ،courage ،metathesis
[ في الفرنسية] Coeur ،fond ،bravoure ،metathese
بالفتح وسكون اللام هو يطلق على معان.
منها ما هو مصطلح الصوفية، قالوا للقلب معنيان: أحدهما اللحم الصنوبري الشّكل المودع في الجانب الأيسر من الصّدر، وهذا القلب يكون للبهائم أيضا، بل للميت أيضا. وثانيهما لطيفة ربّانية روحانية لها تعلّق بالقلب الجسماني كتعلّق الأعراض بالأجسام والأوصاف بالموصوفات، وهي حقيقة الإنسان، وهذا هو المراد من القلب حيث وقع في القرآن أو السّنّة.التحقيق بأسمائه وصفاته حتى أن يرى أنّ ذاته ذاته فتكون هويّة العبد عين هويّة الحقّ وإنيّته عين إنيّته واسمه اسمه وصفته صفته وذاته ذاته، فيتصرّف في الوجود تصرّف الــخليفة في ملك المستخلف وهذا وسع المحقّقين، وهذا الوسع قد يسمّى وسع الاستيفاء.
واعلم أنّ الحق تعالى لا يمكن دركه على الحيطة والاستيفاء أبدا أبدا، لا لقديم ولا لحديث. أمّا القديم فلأنّ ذاته لا تدخل تحت صفة من صفاته وهي العلم فلا يحيط بها وإلّا لزم منه وجود الكلّ في الجزء، تعالى الله عن الكلّ والجزء، فلا يستوفيها العلم من كلّ الوجوه، بل يقال إنّه سبحانه لا يجهل نفسه لكن يعلمها حقّ المعرفة، ولا يقال إنّ ذاته تدخل تحت حيطة صفة العلمية ولا تحت صفة القدرة، وكذلك المخلوق فإنّه بالأولى لكن هذا الوسع الكمالي الاستيفائي إنّما هو استيفاء كمال ما علمه المخلوق من الحقّ لاكمال ما هو الحقّ عليه، فإنّ ذلك لا نهاية له، فهذا معنى قوله وسعني قلب عبدي المؤمن. ولمّا خلق الله العالم جميعه من نور محمد صلى الله عليه وآله وسلم كان المحلّ المخلوق من إسرافيل قلب محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ولذا كان لإسرافيل عليه السلام هذا التوسع والقوة حتى إنّه يحيي جميع الخلائق بنفخة واحدة بعد أن يميتهم بنفخة واحدة للقوة الإلهية التي خلقها الله تعالى في ذات إسرافيل لأنّه محتده القلب والقلب أوسع لما فيه من القوة الذاتية الإلهية فكان إسرافيل عليه السلام أقوى الملائكة وأقربهم من الحقّ أعني من العنصريين من الملائكة، انتهى ما في الإنسان الكامل، ويجيء ما يتعلّق بهذا في لفظ الهم.
ومنها ما هو مصطلح الصّرفيين وهو إبدال حروف العلة والهمزة بعضها مع بعض فهو أخصّ من الإبدال. ويطلق أيضا عندهم على تقديم بعض حروف الكلمة على بعض ويسمّى قلبا مكانيا نحو آرام فإنّ أصله أرام كما في الشافية وشرحه للرضي. وعلامة صحة القلب المكاني أن يكون تصاريف الأصل تامة بأن يصاغ منه فعل ومصدر وصفة ويكون الآخر ليس كذلك فيعلم من عدم تكميل تصاريفه أنّه ليس بناء أصليا، كذا ذكر الخفاجي في تفسير قوله تعالى يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ مِنَ الصَّواعِقِ. ومنها ما هو مصطلح أهل المعاني وهو جعل أحد أجزاء الكلام مكان الآخر والآخر مكانه، ولا ينتقض بقولنا في الدار زيد وضرب عمروا زيد لأنّ المراد بالجعل مكان الآخر أن يجعل متّصفا بصفة لا مجرّد أن يوضع موضعه فدخل في جعل أجزاء أحد الكلام مكان الآخر ضرب زيد، حيث جعل المفعول مكان الفاعل، وخرج بقولنا والآخر مكانه. ولا بد في الحكم بالقلب من داع لفظي أو معنوي فهو ضربان: أحدهما أن يكون الداعي إلى اعتباره من جهة اللفظ بأن يتوقّف صحة اللفظ عليه ويكون المعنى تابعا للّفظ بأن يكون معنى التركيب القلبي معنى التركيب الغير القلبي، كما إذا وقع ما هو في موقع المبتدأ نكرة وما هو موقع الخبر معرفة، كقوله تعالى إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ وكقول الشاعر:
قفي قبل التفرّق يا ضباعا ولا يك موقفا منك الوداعا أي لا يكون موقف الوداع موقفا منك.
وثانيهما أن يكون الدّاعي إليه من جهة المعنى لتوقّف صحّة المعنى عليه ويكون المعنى تابعا على اللفظ بأن يكون معنى هذا اللفظ في التركيب القلبي معنى التركيب الغير القلبي نحو أدخلت القلنسوة في الرأس والخاتم في الأصبع، ونحو عرضت الناقة على الحوض، إذ المعنى عرضت الحوض على الناقة، فإنّ عرض الشيء على الشيء إراءته إيّاه على ما في القاموس ولا رؤية للحوض. ولعلّ النكتة في القلب في هذه الأمور أنّ العادة تحرّك المظروف نحو الظرف والمعروض نحو المعروض إليه.
قال السّكّاكي، القلب مقبول مطلقا وهو ممّا يورث الكلام حسنا وملاحة ويسجع عليه كمال البلاغة وأمن الإلباس، ويأتي في المحاورات والأشعار والتنزيل، وردّه البعض مطلقا. والحقّ أنّه إن تضمّن اعتبارا لطيفا قبل وإلّا ردّ لأنّ نفس القلب من اللطائف كما جعله السّكّاكي كقول الشاعر:
ومهمة مغبرة أرجاؤه كأنّ لون أرضه سماؤه أي لون سمائه على حذف المضاف، فالمصراع الأخير من باب القلب، والمعنى كأنّ لون سمائه لغبرتها لون أرضه، والاعتبار اللطيف فيه ما شاع في كلّ تشبيه مقلوب من المبالغة في كمال المشبّه إلى أنّه استحقّ جعله مشبّها به، يعني أنّ لون السماء قد بلغ من الغبرة إلى حيث يشبه به لون الأرض في الغبرة، هكذا يستفاد من المطول والأطول. وفي الاتقان من أنواع المجاز اللغوي القلب وهو إمّا قلب إسناد نحو لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ أي لكلّ كتاب أجل، ونحو وَحَرَّمْنا عَلَيْهِ الْمَراضِعَ أي حرّمناه على المراضع. وإمّا قلب عطف نحو ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ أي فانظر ثم تولّ عنهم ونحو ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى
أي تدلّى فدنى لأنّه بالتدلّي مال إلى الدنو، أو قلب تشبيه وسيأتي في نوع التشبيه انتهى. ومنها نوع من السرقة الغير الظاهرة وقد سبق. ومنها كون الكلام بحيث إذا قلبته وابتدأت من حرفه الأخير إلى الحرف الأول كان الحاصل بعينه هو هذا الكلام ويسمّى أيضا بالعكس والمقلوب المستوي، وما لا يستحيل بالانعكاس كما سبق وعليه اصطلاح أهل البديع، والمعتبر الحروف المكتوبة، فالمشدّد في حكم المخفّف، وهو قد يكون في النظم وقد يكون في النثر. أما في النظم فقد يكون بحيث يكون كلّ من المصراعين قلبا للآخر كقوله:
أرانا الإله هلالا أنارا وقد يكون كذلك بل يكون مجموع البيت قلبا لمجموعه كقول القاضي:
مودّته تدوم لكلّ هول وهل كلّ مودّته تدوم وأما في النثر فكقوله تعالى: كُلٌّ فِي فَلَكٍ وقوله وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ ولا ثالث لهما في القرآن، كذا في المطوّل.

ويقول في جامع الصنائع: المقلوب هو أن تعاد الحروف الملفوظة، ثم من هذا القلب يستنبط لفظ آخر أو نفس التركيب أو تركيب آخر. وقد ذكر الأقدمون بأنّ هذا النوع ينقسم إلى ثلاثة أنواع:
المقلوب الكلّي والمقلوب الجزئي والمقلوب المستوي. وزاد بعضهم نوعا رابعا فقالوا: مقلوب مجنّح. وهذا من أنواع ردّ العجز على الصدر. وفي هذه الصيغة البديعية توجد تصرّفات لطيفة واستنباطات بديعة وبيان هذا يشتمل عدة أنواع:

القسم الأول شائع وهو نوعان:

أحدهما: أن يؤتى بلفظين بسيطين بحيث لو قلب كلّ منهما لكان عين الثاني. وهذا أيضا ينقسم إلى قسمين: أحدهما ساكت والآخر ناطق. والسّاكت هو: الإتيان بألفاظ تكون عند القلب هي عينها. وليس ثمة قرينة على القلب بحيث يطلع عليها السامع أو الناظر. مثاله في البيت الآتي وترجمته:
اليوم لطف الخواجة عظيم وإنني أنا العبد هذا هو مرادي فالقلب بين مراد ودارم. ولا توجد قرينة تدلّ على ذلك.
والناطق هو أن يكتشف قرينة القلب، وذلك أيضا نوعان: صريح وكناية. ومثال الصريح البيت التالي وترجمته:
أيّها المغرور من أجل ماذا عندك إقبال أنظر الإقبال بصنعة المقلوب (لا بقا) يكون ومثال الكناية البيت التالي وترجمته:
أنا (العبد) منك أرجو (تحقيق) مرادي وقد قلت طرفة مقلوبة فلفظة (بازگونه) أي مقلوب قرينة على أنّ لفظة مراد ودارم مقلوبتان، ولكن القرينة هنا بطريق الكناية الناطقة، لأنّه لو لم تكن كلمة بازگونه لا تشير إلى المقلوب لصار الكلام قدحا وينتفي بذلك مقصود الشاعر إلّا إذا كان الكلام يحتمل الضدين.

وثمة نوع: يركّبون فيه الألفاظ بحيث لو قلبت فإنّ نفس التركيب يعود تماما وهذا معروف لدى المتقدّمين (كقولهم: دام علا العماد). بينما الشاعر الأمير خسرو الدهلوى اخترع نوعا من القلب بحيث نحصل على بيت شعر عربي من مقلوب شعر فارسي واسم هذا النوع قلب اللسانين. ومثاله: ما معناه:
أنظر الحبيب العطوف المبارك في شهر (مهر) من شهور الخريف لا يلمع الوجه في كلّ زمان والبيت الثاني مقلوب الأول ولا معنى لا والله أعلم:

والقسم الثاني: المستوي: أي أنّه من مقلوب الفارسي نحصل على لفظ هندي.

والقرينة على القلب موجودة ومثاله: وترجمته:

بالأمس قلت:

هذا هو الليل الذي يسمّيه الهنود: ظلاما هذا صحيح وإن يكن هنا لا بدّ من القلب فلفظة بازگونه قرينة على أنّ مقصود الشاعر هو مقلوب تار يعني رات. أمّا مقلوب البعض فهو عبارة عن قلب بعض حروف الكلمة مثل عورت وروعت ولا لطافة فيها، انتهى.

ويورد في مجمع الصنائع: المقلوب المجنّح هو أن يقع لفظان في بيت أو بيتين أو مصراع في الأول والآخر ويكون كلّ منهما مقلوب الآخر، ومثاله في المصراع التالي وترجمته، كنز الدولة يعطي خبر الحرب. (گنج- جنگ). والمقلوب الموصل هو قسم من المقلوب المستوي. وهو أنّه عند ما يعيدون البيت فيحصل نفس البيت.

وأمّا الجزئي: فهو وصل حروف مصراع بمصراع آخر. مثاله البيت التالي وترجمته:
يا سكرية الفم، أنت جالبة للغم؟ تأخّري وتجرّعي خمر (مغانه) وما يتعلّق بهذا مرّ في لفظ الجناس. ومنها ما هو مصطلح الأصوليين وأهل النّظر وهو قسم من المعارضة التي فيها مناقضة كما يستفاد من التوضيح. والمفهوم من كلام فخر الإسلام وأتباعه أنّه مرادف لها. وفي نور الأنوار شرح المنار المعارضة التي فيها المناقضة هي القلب في اصطلاح الأصول والمناظرة معا وهو نوعان: قلب العلّة حكما والحكم علّة وقلب الوصف شاهدا على الخصم بعد أن كان شاهدا للخصم، وهذا هو الذي يسمّيه أهل المناظرة بالمعارضة بالقلب، وجعل من القلب العكس وسمّاه قلب التسوية وقلب الاستواء.
ومنها ما هو مصطلح المحدّثين وهو قلب إسناد حديث بإسناد حديث آخر إمّا بكلّه أو بعضه أو قلب متن حديث بمتن حديث آخر، والاول هو الأكثر. فمن الأول ما يكون اسم أحد الراويين اسم أبي الآخر مع كونهما من طبقة واحدة فيجعل الراوي سهوا ما هو لأحدهما للآخر، كمرّة بن كعب وكعب بن مرة لأنّ اسم أحدهما اسم أب الآخر، وللخطيب فيه كتاب مضخّم سمّاه رافع الارتياب في المقلوب من الأسماء والأنساب. ومنه أن يكون الحديث مشهورا براو فيجعل مكانه راو آخر في طبقته ليصير بذلك غريبا ليرغب فيه، كحديث مشهور لسالم فجعل مكانه نافع. ومنه قلب سند تام لمتن آخر يروى بسند آخر لقصد امتحان حفظ المحدّث، كقلب أهل بغداد على البخاري رحمه الله تعالى مائة حديث امتحانا فردّها على وجوهها. وأمّا الثاني وهو مقلوب المتن فقد جعله بعض المتأخّرين نوعا مستقلا سمّاه المنقلب وعرّفه بأنّه الذي ينقلب بعض لفظه على الراوي فيتغيّر معناه، كحديث أبي هريرة عند مسلم في السبعة الذين يظلهم الله في ظلّ عرشه، ففيه (ورجل تصدّق بصدقة أخفاها حتى لا يعلم يمينه ما ينفق شماله) فهذا مما انقلب على أخذ الرواة وإنّما هو حتى لا يعلم شماله ما ينفق يمينه كما في الصحيحين. اعلم أنّ قيد السهو معتبر في المقلوب فلو وقع الإبدال عمدا لمصلحة فشرطه أن لا يستمرّ عليه بل ينتهي بانتهاء الحاجة، أو لا لمصلحة بل للإغراب فهو كالموضوع. ولو وقع بتوهّم الراوي فهو من المعلّل، ولو وقع غلطا فهو من المقلوب. ولذا جعل البعض القلب لقصد الامتحان من أقسام الإبدال، هكذا يستفاد من شرح النخبة وشرحه والإرشاد الساري.
القلب:
* جعل حرف مكان آخر.
* يطلق القلب على بعض أحكام تسهيل الهمزة.

عُثْمَان

عُثْمَان: من العثم وَهُوَ الْعظم المكسور. وَله معَان آخر فِي الْقَامُوس وَالْألف وَالنُّون فِيهِ مزيدتان هُوَ علم الْــخَلِيفَة الثَّالِث من الْخُلَفَاء الرَّاشِدين رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم أَجْمَعِينَ. وَهُوَ عُثْمَان بن عَفَّان بن أبي الْعَاصِ بن أُميَّة بن عبد شمس بن عبد منَاف. وَأمه رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أروى بنت كريز بن ربيعَة. وَقيل أمهَا أم حَكِيم بَيْضَاء بنت عبد الْمطلب. وَهُوَ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ بُويِعَ لَهُ بالخلافة فِي أول يَوْم من سنة أَربع وَعشْرين لِأَن أهل الْحل وَالْعقد اشتوروا بعد دفن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ بِثَلَاثَة أَيَّام وَاتَّفَقُوا على مبايعته رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. وَهُوَ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ جَامع الْقُرْآن كَامِل الْحيَاء وَالْإِيمَان. وَكتاب الله تَعَالَى وَأَحَادِيث رَسُول الله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ناطقة بفضائله وَحسن أخلاقه وفواضله وَلم يزل اسْمه فِي الْجَاهِلِيَّة وَالْإِسْلَام عُثْمَان ويكنى أَبَا عَمْرو وَأَبا عبد الله وَالْأول أشهر ويدعى بِذِي النورين قيل لِأَنَّهُ تزوج بِابْنَتي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رقية وَأم كُلْثُوم رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا كَمَا رُوِيَ أَنه عَلَيْهِ السَّلَام زوجه رقية رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا فَمَاتَتْ بَعْدَمَا خرج رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى بدر فَلَمَّا رَجَعَ من بدر زوجه أم كُلْثُوم. وَقيل لِأَنَّهُ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ كَانَ يخْتم الْقُرْآن فِي الْوتر. فالقرآن نور وَقيام اللَّيْل نور. وَتُوفِّي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ رَاض عَنهُ وبشره بِالْجنَّةِ ودعا لَهُ بالخصوصية غير مرّة فأثري وَكثر مَاله رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. وَكَانَت لَهُ شَفَقَة وَرَحْمَة برعيته. وَقَالَ الْمَدَائِنِي قتل رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ يَوْم الْأَرْبَعَاء بعد الْعَصْر وَدفن يَوْم السبت قبل الظّهْر وَقيل يَوْم الْجُمُعَة لثمان عشرَة خلت من ذِي الْحجَّة سنة خمس وَثَلَاثِينَ. وَكَانَت خِلَافَته رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ اثْنَي عشر إِلَّا اثْنَي عشر يَوْمًا. وَقتل رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ وَهُوَ ابْن ثَمَانِينَ سنة. قَالَه ابْن إِسْحَاق وَقَالَ غَيره كَانَت خِلَافَته إِحْدَى عشرَة سنة وَأحد عشر شهرا وَأَرْبَعَة عشر يَوْمًا. وَقتل رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ وعمره ثَمَان وَثَمَانُونَ سنة. وَقيل غير ذَلِك وَالله أعلم وَسبب شَهَادَته رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ مَذْكُور فِي السّير وَقَتله رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قنبرة وسودان. وَقيل ثَلَاثَة رجال وَثبُوا عَلَيْهِ فذبحوه والمصحف بَين يَدَيْهِ وَقيل سَالَ الدَّم فَوَقع على آيَة كَرِيمَة: {فَسَيَكْفِيكَهُم الله وَهُوَ السَّمِيع الْعَلِيم} . وَفِي (حَيَاة الْحَيَوَان) ضربه رَضِي الله عَنهُ دِينَار بن عِيَاض وَسَوَاد بن حمْرَان بسيفيهما فنضح الدَّم على قَوْله تَعَالَى {فَسَيَكْفِيكَهُم الله} الْآيَة. وَجلسَ عَمْرو بن الْحمق على صَدره وضربه حَتَّى مَاتَ ووطىء عُمَيْر بن صاتي على بَطْنه فَكسر لَهُ ضلعين من أضلاعه وَالله اعْلَم.
(ثمَّ اعْلَم) أَن الشَّيْخ الْأَجَل الْحسن بن عَليّ الجهيمي رَحمَه الله تَعَالَى كتب فِي شرح القصيدة اللامية للشَّيْخ ابْن الفارض الْمصْرِيّ رَحمَه الله تَعَالَى أَن من أرخ وَفَاة شيخ كَانَ فِي شَفَاعَته (انْتهى) . يَعْنِي أَن كل وَاحِد أرخ لوفاة أحد الْمَشَايِخ الْكِبَار بِالْآيَاتِ القرآنية أَو بالشعر أَو بالنثر فَإِنَّهُ يشفع لَهُ يَوْم الْقِيَامَة وَلِهَذَا فَإِن أَكثر الْكِبَار اشتغلوا فِي تَارِيخ آجال الواصلين.

القطب

(القطب) المحور الْقَائِم الْمُثبت فِي الطَّبَق الْأَسْفَل من الرَّحَى يَدُور عَلَيْهِ الطَّبَق الْأَعْلَى وَمِنْه قطب الدائرة وطرف المحور وللأرض قطبان شمَالي وجنوبي والنجم القطبي الشمالي هُوَ النَّجْم النير فِي طرف ذَنْب بَنَات نعش الصُّغْرَى وَهُوَ الَّذِي يتوخى بِهِ جِهَة الشمَال لوُقُوعه فِي سمت القطب الشمالي للكرة الأرضية ونصل السهْم وَضرب من النَّبَات يذهب حِبَالًا على الأَرْض طولا وَله زهرَة صفراء وشوكة إِذا أحصد ويبس يشق على النَّاس أَن يطؤوها مدحرجة كَأَنَّهَا حَصَاة وَمن الْقَوْم سيدهم وَمن الشَّيْء قوامه ومداره وَيُقَال فلَان قطب بني فلَان سيدهم (ج) قطوب وأقطاب وَقُطْبَة وَيُقَال دارت رحى الْحَرْب على قطبها والأرحاء على أقطابها
القطب: وقد يسمى غوثا باعتبار التجاء الملهوف إليه، عبارة عن الواحد الذي هو موضع نظر الله تعالى في كل زمان، أعطاه الطلسم الأعظم من لدنه، وهو يسري في الكون وأعيانه الباطنة والظاهرة سريان الروح في الجسد، بيده قسطاس الفيض الأعم، وزنه يتبع علمه، وعلمه يتبع علم الحق، وعلم الحق يتبع الماهيات غير المجعولة، فهو يفيض روح الحياة على الكون الأعلى والأسفل، وهو قلب إسرافيل من حيث حصته الملكية الحاملة مادة الحياة والإحساس، لا من حيث إنسانيته، وحكم جبريل فيه كحكم النفس الناطقة في النشأة الإنسانية، وحكم ميكائيل فيه كحكم القوة الجاذبة فيها، وحكم عزرائيل فيه كحكم القوة الدافعة فيها.
القطب: بِالضَّمِّ نجم بني عَلَيْهِ الْقبْلَة وَسيد الْقَوْم وملاك الشَّيْء ومداره كَذَا فِي الْقَامُوس وَقَالَ السَّيِّد السَّنَد الشريف الشريف قدس سره وَقد يُسمى غوثا بِاعْتِبَار التجاء الملهوف إِلَيْهِ وَهُوَ عبارَة عَن الْوَاحِد الَّذِي هُوَ مَوضِع نظر الله تَعَالَى فِي كل زمَان أعطَاهُ الطلسم من لَدَيْهِ وَهُوَ يسري فِي الْكَوْن وأعيانه الْبَاطِنَة وَالظَّاهِرَة سريان الرّوح فِي الْجَسَد قسطاس الْفَيْض الْأَعَمّ وَأَنه يتبع علمه وَعلمه يتبع علم الْحق الْأَعَمّ وَعلم الْحق يتبع الماهيات الْغَيْر المجعولة وَهُوَ يفِيض روح الْحَيَاة على السّكُون الْأَعْلَى والأسفل وَهُوَ على قلب إسْرَافيل من حَيْثُ ملكيته الحاملة مَادَّة الْحَيَاة والإحساس لَا من حَيْثُ إنسانيته. وَحكم جِبْرَائِيل فِيهِ كَحكم النَّفس الناطقة فِي النشأة الإنسانية وَحكم مِيكَائِيل كَحكم الْقُوَّة الجاذبة فِيهَا وَحكم عزرائيل كَحكم الْقُوَّة الدافعة.
القطب:
[في الانكليزية] Pivot ،pole ،magnate ،leader
[ في الفرنسية] Pivot ،magnat ،pole ،chef sepreme

بحركات القاف وسكون الطاء المهملة:
حجر الرّحى والعجلة (الدولاب) والكوكب السّاكن قرب الفرقدين، وكبير القوم الذي عليه مدار الأمور. وقائد الجيش كما في الصراح.
والصرفيون يسمّون الثلاثي بالقطب الأعظم كما في شرح مراح الأرواح. والقطب عند المهندسين نقطة ثابتة على كرة محرّكة على نفسها. تحقيقه أنّ الكرة إذا تحرّكت حركة وضعية يتحرّك كلّ نقطة عليها وترسم في دورة تامّة من كلّ نقطة محيط دائرة سوى نقطتين متقابلتين، فإنّهما لا يتحرّكان أصلا، وكذلك كلّ نقطة تفرض في داخل المحيط فإنّها تتحرّك وترسم في الدورة محيط دائرة سوى النقطة المفروضة على الخط الواصل بين النقطتين الثابتتين على المحيط، وهذه النقطة مركز لتلك الدوائر المرسومة على المحيط وفي داخله، فالنقطتان الثابتتان على المحيط تسمّيان قطبي الكرة وقطبي حركتها وقطبي المنطقة وقطبي الدوائر المرسومة عليها. فالقطب بالحقيقة إنّما يكون للدوائر الحاصلة بالحركة لا لكلّ دائرة تفرض على محيط الكرة. وأمّا إطلاق القطب في غير الدوائر الحاصلة بالحركة. فعلى سبيل التشبيه والتجوّز وذلك الخط الواصل بينهما يسمّى محور الكرة والحركة، والدائرة العظيمة المفروضة على منتصف ما بين النقطتين تسمّى منطقة الكرة والحركة، وقطبا الفلك الأعظم يسمّيان بقطبي العالم، والقطب الظاهر منهما ما يكون على الأفق شماليا كان أو جنوبيا، والقطب الخفي منهما ما يكون تحت الأفق شماليا كان أو جنوبيا، وارتفاع القطب وانحطاطه عن الأفق يكون مساويا لعرض البلد، هكذا يستفاد من شروح الملخص. والقطب في الاسطرلاب هو الوتد الموضوع في وسط الاسطرلاب المارّ بالحجرة والصفائح والعنكبوت. والقطب عند أهل السلوك عبارة عن رجل واحد هو موضع نظر الله تعالى من العالم في كلّ زمان ويسمّى بالغوث أيضا، وهو خلق على قلب محمّد صلى الله عليه وآله وسلم يعني قطب: إنسان واحد الذي هو محلّ نظر الله سبحانه وتعالى نظرة خاصة من بين جميع الناس في كلّ زمان، وذلك القطب على مثل قلب المصطفى صلى الله عليه وسلم، ويقال له عبد الإله، وعن يمينه وشماله إمامان. أمّا الذي عن يمينه فاسمه عبد الرّبّ ونظره في عالم الملكوت، وأمّا الذي عن شماله فاسمه عبد الملك ونظره في عالم الملك وهو أعلى من زميله عبد الرّبّ وهو خليفة القطب بعد موته، كذا في مجمع السلوك.

ويقول في مرآة الأسرار: إنّ الذي عن اليمين يسمّى عبد الملك، والذي عن الشمال يسمّى عبد الرّبّ. ويأخذ عبد الملك من روح القطب مدار الفيض. ثم يفيض هو على أهل العالم العلوي. وأمّا عبد الرّبّ فيأخذ الفيض من قلب القطب ثم يفيض هو على أهل العالم السّفلي. وحين يموت القطب فإنّ عبد الملك يقوم مقامه. ويذكر أيضا في لفظ الولي ما يتعلّق بهذا.
اعلم بأنّ رجال الله هم أقطاب وغيرهم يعني رجال الله هم أقطاب. ومنهم الغوث والإمامان والأوتاد والأبدال والأخيار والأبرار والنّقباء والنّجباء والعمدة والمكتومون والأفراد. فالقطب هو الذي يكون على قلب محمد عليه الصلاة والسلام ويسمّى أيضا بقطب العالم وقطب الأقطاب والقطب الأكبر وقطب الإرشاد وقطب المدار ويسمّى بالغوث أيضا.

والمراد بقولهم: فلان على قدم أو قلب فلان النبي هو: أنّ ذلك الولي وارث لخصوصية ذلك النبي. يعني: ما لذلك النبي من علوم وتجلّيات ومقامات وأحوال فإنّ ذلك الولي بواسطة المدد من ذلك النبي يحصل عليها. إمّا من المشكاة المحمدية فيكون ذلك الولي محمديا إبراهيميا، أو محمديا موسويا أو محمديا عيسويا واسم هذا القطب هو عبد الله يعني يقال له بين أهل السماء وأهل الأرض عبد الله. ولو كان له اسم آخر، وعلى هذا القياس جميع رجال الله يدعون بأسماء أخرى وباسم ربّ مربي ذلك الشخص يخاطبون. ويصل الفيض لهذا القطب المدار من الله تعالى بدون واسطة. وهذا القطب في العالم يكون واحدا، وكلّ من في الوجود يعني من أهل الدنيا والآخرة يعني العالم العلوي والسّفلي قائمون بوجود هذا القطب، والأقطاب الاثنا عشر الآخرون هم على قلوب النبيين عليهم السلام. فالقطب الأول على قلب نوح عليه السلام. وورده سورة يس. والثاني على قلب إبراهيم عليه السلام وورده سورة الإخلاص.

والثالث: على قلب موسى عليه السلام وورده سورة إذا جاء نصر الله. والرابع على قلب عيسى عليه السلام وورده سورة الفتح. والخامس على قلب داود عليه السلام وورده إذا زلزلت.
السادس على قلب سليمان عليه السلام وورده سورة الواقعة. والسابع على قلب أيوب عليه السلام وورده سورة البقرة. والثامن على قلب إلياس عليه السلام وورده سورة الكهف. والتاسع على قلب لوط عليه السلام وورده سورة النمل.
والعاشر على قلب هود عليه السلام وورده سورة الأنعام. والحادي عشر على قلب صالح عليه السلام وورده سورة طه. والثاني عشر على قلب شيث عليه السلام وورده سورة الملك.
فالأقطاب المذكورة اثنا عشر قطبا وعيسى والمهدي خارجان عنهم، بل مكتومان من المفردين. والأقطاب المذكورة كلّهم مأمورون لقطب المدار، ومن هؤلاء الاثني عشر قطبا سبعة أقطاب في سبعة أقاليم. في كلّ إقليم قطب ويسمّى قطب الإقليم. والخمسة الأقطاب الآخرون هم في الولاية ويقال لكلّ واحد منهم قطب الولاية. وفيض أقطاب الولاية على سائر الأولياء.
فائدة:
حين يترقّى القطب يصل إلى قطب الولاية، وحين يترقّى قطب الولاية يصل إلى قطب الإقليم، وحين يترقّى قطب الإقليم يصل إلى عبد الرّبّ.
وقطب الإقليم هذا هو قطب الأبدال على قلب إسرائيل عليه السلام. ويقال له: قطب الأبدال. ويقول صاحب الفتوحات المكية (الشيخ محي الدين بن عربي): الأقطاب لا حدّ لهم، فلكلّ صفة قطب مثل: قطب الزهاد، وقطب العبّاد، وقطب العرفاء وقطب المتوكلين، كما ورد في «النفحات» أنّ الشيخ أحمد الجامي هو قطب الأولياء، وأنّه في جميع الربع المسكون هو شخص واحد، يقال له قطب الولاية. وقطب العالم، وجهانگير (آخذ العالم) أيضا. أي أنّ جميع أقسام الولاية تعتمد عليه.
وعلى هذا القياس. على كلّ مقام قطب من أجل المحافظة على ذلك المقام.

ويقول أيضا: إنّه من أجل المحافظة على كلّ قرية من قرى العالم فثمة وليّ لله، هو قطب تلك القرية سواء كان سكان تلك القرية مؤمنين أو كفارا.
فائدة:
ما دام قطب العالم في حال الحياة وفي مقام السّلوك والترقّي حتى يصل إلى مقام الفرد. وهذا المقام لا يكون لصاحبه هوى أو مراد شخصي، بل كلّ مراده هو الحقّ فقط. وإنّ النبي صلى الله عليه وسلم قبل بعثته كان من جملة الأفراد والخضر أيضا هو من الأفراد. ولهؤلاء الأفراد قوة وصلاحية عزل الولي ونصب آخر مكانه، وإن أراد قطب العالم أن يعزل أقطاب العالم عن مقامهم فإنّه يقدر على ذلك. وبدعاء قطب الأقطاب وغوث آخر يمكن أن يصل إلى مرتبة القطب ولو كان عاصيا أو كافرا.
ويقول حضرة الشيخ علاء الدين (الدولة) السّمناني: إنّ لقطب الإرشاد ولاية شمسية تنير كلّ العالم. ولقطب الأبدال ولاية قمرية تتصرف فقط في الأقاليم السّبعة.

الخلاصة: قطب الأبدال هو رئيس جميع الأبدال لأنّه يتصرّف في كلّ مكان.
فائدة:
إنّ بعض المشايخ يسمّون باسم الغوث أو القطب شخصا واحدا. بينما يقول صاحب الفتوحات: الغوث هو غير قطب الأقطاب.

وأورد في اللطائف الأشرفية: لولا وجود الغوث وقطب الأقطاب لتبدّل حال العالم أعلاه إلى أسفل وأسفله إلى أعلى. ولكن حين يترقّى الغوث يصير من الأفراد، ومثله قطب الأقطاب فإنّه يترقى ليصير من الأفراد، وحين يترقّى من درجة الفرد يصير قطب الوحدة يعني يصل إلى مقام المعشوق.
والاثنا عشر المذكورون يسكنون في مدن الأقاليم، وأمّا قطب الأقطاب فمسكنه في المدينة المعظمة (مكة).
والخلاصة. في حالة القطبية يسكنون في المدينة والقصبة والقرية وحين يترقّون ويصلون إلى مقام الأفراد يسقط هذا الترتيب ويتجاوزون مرحلة تعيين المقام، ويكونون حيث شاءوا.
وكذلك درجة المعشوق من يبلغها يتجاوز الترتيب (أي يكون حيث شاء).
تنبيه
يقال لقطب الوحدة والحقيقة معشوقا.
وذلك لأنّ الأفراد الكمّل يترقّون في السّلوك إلى درجة قطب الحقيقة والوحدة أي بمقام المعشوق.

قالوا: أمّا المفردون فمنهم من هو على قلب عليّ كرّم الله وجهه، ومنهم من هو على قلب محمد عليه الصلاة والسلام، أي: من كان محبوبا من الأفراد الكمّل أو غير الكمّل هم أفضل من قطب الأقطاب. أمّا الأفراد الكمّل فهم مظهر وجه تفرّد الروح الكلّية لعلي بن أبي طالب كرّم الله وجهه، وغير الكمّل منهم مظهر تعلّق روح علي كرم الله وجهه. وإذن فإنّ بين التفرّد والتعلّق فرقا عظيما.
وإنّ طائفة الأفراد ليست محدودة بعدد بل هم كثيرون، وهم مستورون عن أعين الناس ما عدا قطب الأقطاب وبعض الأقطاب يعرفونهم ويرونهم. والأفراد الكمّل بعد الترقي يصلون إلى رتبة قطب الوحدة. وفي النهاية لقد وصل من جميع الأولياء إلى هذا المقام شخصان أحدهما الشيخ عبد القادر الجيلاني والثاني هو الشيخ نظام الدين بدواني.
وقد أعانهما على ذلك في سلوك مرتبة الكمال (طول) العمر فترقّيا بسرعة ووصلا إلى مقام (المعشوق)، وأمّا الباقون لم يسعفهم أجلهم فظلوا في مقام الفرد ثم ماتوا وهم في مقام البقاء.
ويقول أيضا في «بحر المعاني» بأنّ الخواجة بايزيد بسطامي وأبا بكر الشّبلي وصلا أيضا إلى مقام (المعشوق)، كما يمكن أن يوصل الله سبحانه من يشاء إلى هذا المقام.
فائدة:
إنّ لقطب المدار التصرّف من العرش إلى الثرى، والأفراد المتحقّقون من العرش إلى الثرى. وثمة فرق كبير بين التصرّف والتحقّق.
وحاصله هو أنّ قطب المدار دائما في تجلّي الصفات، وأمّا الأفراد الكمّل فهم دائما في تجلّي الذات. وإذن فإنّ قطب المدار خاص والأفراد أخصّ، ولبعض الأولياء تجلّي الأفعال، ولبعضهم تجلّي الآثار. أمّا أهل الفردانية فلهم تجلّيات خارج هذه المقامات. والفردانية مكان لها ومقام أهلها في اللاهوت أي تجلّي الذات. وليس للاهوت مقام لأنّه خارج عن الحدود الست. ولفظة المقام المضافة إلى اللاهوت فيقولون: مقام اللاهوت هو من باب المجاز إذ لا مقام له. ودون هذا المقام الجبروت. يعني مقام الجبر وكسر الخلائق.
وهذا مقام قطب العالم المتصرّف من العرش إلى الثرى، ويشتمل على الجبر والكسر في الجهات الست. ولقطب العالم الفيض من العرش المجيد الذي له تعلّق بالعزل والنصب. ولهذا المقام الجبر والكسر من ذلك حيث يقولون: الكرامات والمعجزات أيضا من هذا العالم. وحين يترقّى من مقام الجبر والكسر إلى مقام الفردانية الذي هو اللاهوت وفي عالم الفردانية عالم الجبروت يعني عالم الجبر والكسر كفر. أمّا الأفراد القادرون على عالم الجبروت إن اشتغلوا بالجبر والكسر فإنّهم ينزلون عن مرتبة الفردانية التي هي تجلّي الذات والسبب هو كونهم أفرادا مستورين.
فائدة:
اللاهوت في الأصل لا هو إلّا هو.
وحرف التاء زائدة عن قواعد العربية. والصوفية حين يخلطون بعض الكلمات يحذفون شيئا ويضيفون شيئا آخر. لكي لا يدرك ذلك من ليس بأهل. إذن لا للنفي أي: لا يكون. أي تجلّي الصفات للأفراد وهو اسم الذات يعني لا هو غير تجلّي الذات.
فائدة:
لا يزيد عمر القطب عن 33 سنة ولا ينقص عن تسع عشرة سنة وخمسة أشهر ويومين اثنين. فإن جرى التقدير في هذه المدة فإنّه يرحل (يموت)، ومن ترقّى خلال عمره المذكور، فإنّه يصل إلى مقام، الأفراد، وعمر الأفراد هو 55 سنة بدون زيادة ولا نقصان، فإن جرى القدر فإنّه يموت في تلك الفترة. ومن ترقّى في عمره المذكور فإنّه يصل إلى قطب الحقيقة ويكون عمر قطب الحقيقة 63 سنة وعشرة أيام. وهو مقام المعشوق. انتهى ما في مرآة الأسرار. 

الروح الحيواني

الروح الحيواني: جسم لطيف منبعه تجويف القلب الجسماني، وينتشر بواسطة العروق الضوارب إلى سائر أجزاء البدن. والروح الأعظم الذي هو الروح الإنساني مظهر الذات الإلهية من حيث ربوبيتها ولذلك لا يمكن أن يحوم حولها حائم ولا يروم وصلها رائم لا يعلم كنهها إلا الله، ولا ينال هذه البغية سواه، وهو العقل الأول، والحقيقة المحمدية، والنفس الناطقة، والحقيقة الأسمائية، وهو أول موجود خلقه الله على صورته، وهو الــخليفة الأكبر، وهو الجوهر النوراني، جوهريته مظهر الذات النورانية، ويسمى باعتبار الجوهرية نفسا واحدة، وباعتبار النورانية عقلا أولا, وكما أن له في العالم الكبير مظاهر وأسماء من العقل الأول، والقلم الأعلى، والنور والنفس الكلية، واللوح المحفوظ، وغير ذلك له في العالم الصغير الإنساني مظاهر وأسماء بحسب ظهوراته ومراتبه في اصطلاح أهل الله وهي السر الخفي والروح والقلب والكلمة والفؤاد والصدر والعقل والنفس.

الردف

الردف: التابع. وردف المرأة عجيزتها، والترادف التتابع.
(الردف) الرَّاكِب خلف الرَّاكِب وكل مَا يحملهُ الرَّاكِب خَلفه وَالتَّابِع ومؤخر كل شَيْء وَالْعجز والكفل وَتَبعهُ الْأَمر وكوكب يَتْلُو النُّجُوم الْأَرْبَعَة الَّتِي تقطع المجرة وَــخَلِيفَة الْملك فِي الْجَاهِلِيَّة يجلس عَن يَمِينه وَيشْرب بعده وينوب عَنهُ فِي الحكم إِذا غزا و (فِي الشّعْر) حرف لين وَمد يَقع قبل الروي مُتَّصِلا بِهِ (ج) أرداف ورداف

علم البديع

علم البديع: علم يعرف به وجوه تحسين الكلام بعد رعاية مطابقة الكلام لمقتضى الحال، ورعاية وضوح الدلالة أي الخلو عن التعقيد المعنوي.
علم البديع
هو: علم يعرف به وجوه، تفيد الحسن في الكلام، بعد رعاية المطابقة لمقتضى المقام، ووضوح الدلالة على المرام، فإن هذه الوجوه: إنما تعد محسنة، بعد تينك الرعايتين، وإلا لكان كتعليق الدرر على أعناق الخنازير.
فمرتبة هذا العلم بعد مرتبة علمي: المعاني، والبيان.
حتى إن بعضهم لم يجعله علما على حدة، وجعله ذيلا لهما، لكن تأخر رتبته لا يمنع كونه علما مستقلا، ولو اعتبر ذلك، لما كان كثير من العلوم علما على حدة، فتأمل.
وظهر من هذا: موضوعه، وغرضه، وغايته.
وأما منفعته: فإظهار رونق الكلام، حتى يلج الأذن بغير إذن، ويتعلق بالقلب من غير كد.
وإنما دونوا هذا العلم لأن الأصل، وإن كان الحسن الذاتي، وكان المعاني والبيان، مما يكفي في تحصيله، لكنهم اعتنوا بشأن الحسن العرضي أيضا، لأن الحسناء، إذا عريت عن المزينات، ربما يذهل بعض القاصرين عن تتبع محاسنها، فيفوت التمتع بها.
ثم إن وجوه التحسين الزائد، إما راجعة إلى تحسين المعنى أصالة، وإن كان لا يخلو عن تحسين اللفظ تبعا.
وإما راجعة إلى تحسين اللفظ كذلك.
فالأولى: تسمى معنوية.
والثانية: لفظية.
وهذا الفن: ذكره أهل البيان، في أواخر علم البيان.
إلا أن المتأخرين: زادوا عليها شيئا كثيرا، ونظموا فيه قصائد، وألفوا كتبا.
ومن الكتب المختصة بعلم البديع:
(كتاب البديع).
لأبي العباس: عبد الله بن المعتز العباسي.
المتوفى: سنة ست وتسعين ومائتين.
وهو: أول من صنف فيه.
وكان جملة ما جمع منها: سبعة عشرة نوعا.
ألفه: سنة أربع وسبعين ومائتين.
ولأبي أحمد: حسن العسكري.
المتوفى: سنة 382.
وشهاب الدين: أحمد بن شمس الدين الخويي.
المتوفى: سنة 693.
والشيخ المطرزي.
المتوفى: سنة 610.
ناصر بن عبد السيد، خليفة الزمخشري.
ومنها: بديعيات الأدباء، وهي: قصائد مع شروحها.
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.