Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: حراق

الْعلم

الْعلم: بالفتحتين الْعَلامَة، والشهرة، والجبل الرفيع، والراية، وَمَا يعْقد على الرمْح، وَسيد الْقَوْم، وَجمعه الْأَعْلَام، وَعند النُّحَاة مَا وضع لشَيْء بِعَيْنِه شخصا أَو جِنْسا غير متناول غَيره بِوَضْع وَاحِد وَهَذَا هُوَ الْعلم القصدي وَأما الْعلم الاتفاقي فَهُوَ الَّذِي يصير علما أَي وَاقعا على معِين بالغلبة وَكَثْرَة الِاسْتِعْمَال لَا بِالْوَضْعِ والاصطلاح وَهُوَ على ثَلَاثَة أَصْنَاف اسْم ولقب وكنية واطلب كلا فِي مَحَله.
ثمَّ اعْلَم أَن علم بِفَتْح الْفَاء وَكسر الْعين على وزن سمع مَاض مَعْرُوف من أَفعَال الْقُلُوب من الْعلم بِمَعْنى (دانستن) وَهُوَ فعل الْقلب وَأما علم بتَشْديد الْعين على وزن صرف فَإِنَّهُ من التَّعْلِيم وَهُوَ من أَفعَال الْجَوَارِح، وَأما إِطْلَاق التَّعْلِيم على إِفَادَة الإشراقين فَهُوَ على سَبِيل التنزل وَالْمجَاز. وَيُؤَيّد مَا قُلْنَا مَا قَالَ الْفَاضِل الجلبي رَحمَه الله فِي حَاشِيَته على المطول أَن قَوْله مَا لم نعلم مفعول ثَان لعلم بِالتَّشْدِيدِ وَالْأول مَحْذُوف أَي علمنَا وَلَا ضير فِي ذَلِك إِذْ لَيْسَ علم من أَفعَال الْقُلُوب حَتَّى لَا يجوز الِاقْتِصَار على أحد مفعوليه انْتهى. وَالْعلم بِكَسْر الأول وَسُكُون اللَّام مصدر علم يعلم فِي اللُّغَة بِالْفَارِسِيَّةِ (دانستن) .
ثمَّ إِنَّه قد يُطلق على مَا هُوَ مبدأ انكشاف الْمَعْلُوم وَقد يُطلق على مَا بِهِ يصير الشَّيْء منكشفا على الْعَالم بِالْفِعْلِ وَفِي مَا بِهِ الانكشاف اخْتِلَاف مَذَاهِب لَا يتَجَاوَز عشْرين احْتِمَالا عقليا وَوجه ضبط تِلْكَ الِاحْتِمَالَات أَنه إِمَّا حَقِيقَة وَاحِدَة أَو حقائق متبائنة وعَلى الأول إِمَّا زَوَال أَو حُصُول، ثمَّ الْحُصُول إِمَّا حُصُول أثر مَعْلُوم فِي الْعَالم، أَو حُدُوث أَمر فِيهِ، أَو كِلَاهُمَا والأثر إِمَّا صُورَة مَعْلُوم أَو شبحه وَالْأول إِمَّا قَائِم بِنَفسِهِ، أَو منطبع فَهِيَ الْمدْرك، أَو مُتحد مَعَه، والمنطبع إِمَّا منطبع فِي مدرك أَو فِي الْآلَة، والزوال إِمَّا زَوَال أَمر عَن الْعَالم أَو عَن الْمَعْلُوم أَو كليهمَا وعَلى الثَّانِي من الشق الأول إِمَّا إِطْلَاق الْعلم عَلَيْهَا بالاشتراك أَو بِالْحَقِيقَةِ وَالْمجَاز ثمَّ الِاشْتِرَاك إِمَّا لَفْظِي أَو معنوي وَالصَّوَاب المقبول عِنْد الفحول وَالْحق الْحَقِيقِيّ بِالْقبُولِ إِنَّه لَيْسَ حَقِيقَة نوعية أَو جنسية حَتَّى يعرف بِأَمْر جَامع منطبق على جَمِيع جزئياته بل إِطْلَاقه على الْجَمِيع من بَاب إِطْلَاق الْعين على مدلولاته المتبائنة أَلا ترى أَن نَحْو انكشاف الْوَاجِب تَعَالَى لذاته أَو لغيره على اخْتِلَاف بَين الْحُكَمَاء والمتكلمين لَيْسَ إِلَّا كنحو وجوده المغائر للْكُلّ تقوما وتحصلا وتخصيصا وتشخيصا فَكَمَا أَنه لَا سَبِيل لنا إِلَى اكتناه ذَاته كَذَلِك لَا سَبِيل إِلَى اكتناه صِفَاته الَّتِي من جُمْلَتهَا الْعلم الَّذِي لَيْسَ بحدوث كَيْفيَّة وَلَا بِحُصُول أثر من الْمَعْلُوم فِيهِ وَلَا باتحاد الْمَعْلُوم مَعَه وَلَا بِحُضُور مثل وَلَا بحدوث إِضَافَة متجددة وَلَا بِزَوَال شَيْء عَنهُ لاستلزام الْجَمِيع مفاحش لَا تلِيق بجنابه تَعَالَى عَن ذَلِك علوا كَبِيرا وَكَذَا انكشاف المفارقات لأنفسها ولمبدعها ولغيرها لَيْسَ بِحُصُول الْأَثر وَلَا بِزَوَال الْمَانِع وَكَذَا الانكشاف لأنفسنا ولغيرنا من الْوَاجِب تَعَالَى والممكن والممتنع لَيْسَ إِلَّا على أنحاء شَتَّى وطرق متبائنة فَمن رام تَوْحِيد الْكثير أَو تَكْثِير الْوَاحِد فَقَط خبط خبطا عَظِيما وَبَقِي التفتيش فِي الْعلم الَّذِي هُوَ مورد الْقِسْمَة إِلَى التَّصَوُّر والتصديق فِي فواتح كتب الْمنطق بِأَنَّهُ نَحْو من الانكشاف إِمَّا بِزَوَال أَمر منا أَو بحدوث كَيْفيَّة فِينَا أَو بِحُصُول أثر من الْمَعْلُوم صُورَة أَو شبحا أَو باتحاد الْمَعْلُوم معنى أَو بِحُضُور مثل أَو بِإِضَافَة التفاتية وَالَّذِي يحكم بِهِ الْعقل السَّلِيم والذهن الْمُسْتَقيم هُوَ أَنا تَجِد فِينَا عِنْد إحساس الْأَشْخَاص المتبائنة أمورا صَالِحَة لمعروضية الْكُلية والنوعية والجنسية وَمَا وجدنَا فِي الْخَارِج أمرا يكون شَأْنه هَذَا، ثمَّ لما فتشنا عَن تِلْكَ الْأُمُور علمنَا أَنَّهَا لَيست بِأُمُور عدمية وَإِلَّا لما كَانَت قَابِلَة لابتناء الْعُلُوم عَلَيْهَا وَلَا آثارا متغائرة للأشخاص وَإِلَّا لما تسري أَحْكَامهَا إِلَى الْأَفْرَاد ولأعينها وَإِلَّا لترتب على الْأَشْخَاص مَا يَتَرَتَّب عَلَيْهَا وَبِالْعَكْسِ عكسا كليا فَعلمنَا أَن هَا هُنَا أمرا وَاحِدًا مشخصا بتشخصين تشخصا خارجيا وَهُوَ على نَحْو الْكَثْرَة وتشخصا ذهنيا وَهُوَ على نَحْو الْوحدَة والوحدة وَالْكَثْرَة أَمْرَانِ زائدان عَلَيْهِ عارضان لَهُ حسب اقْتِضَاء ظرف التحقق وَهَذَا هُوَ قَول من قَالَ إِن الماهيات فِي الْخَارِج أَعْيَان وَفِي الأذهان صور.
ثمَّ إِن الْعُقَلَاء اخْتلفُوا فِي أَن الْعلم بديهي أَو كسبي والذاهبون إِلَى كسبيته اخْتلفُوا فِي أَن كَسبه متعسر أَو متيسر وَإِلَى كل ذهب ذَاهِب، فَذهب الإِمَام الْغَزالِيّ رَحمَه الله تَعَالَى إِلَى أَنه لَيْسَ بضروري بل هُوَ نَظَرِي وَلَكِن تحديده متعسر وَطَرِيق مَعْرفَته الْقِسْمَة والمثال أما الأول فَهُوَ أَن يُمَيّز عَمَّا يلتبس من الاعتقادات كَمَا تَقول الِاعْتِقَاد إِمَّا جازم أَو غير جازم والجازم إِمَّا مُطَابق أَو غير مُطَابق والمطابق إِمَّا ثَابت أَو غير ثَابت فقد حصل عَن الْقِسْمَة اعْتِقَاد جازم مُطَابق ثَابت وَهُوَ الْعلم بِمَعْنى الْيَقِين فقد تميز عَن الظَّن بِالْجَزْمِ وَعَن الْجَهْل الْمركب بالمطابقة وَعَن التَّقْلِيد الْمُصِيب الْجَازِم بالثابت الَّذِي لَا يَزُول بالتشكيك وَأما الثَّانِي فَكَأَن تَقول الْعلم إِدْرَاك البصيرة المشابه لإدراك الباصرة أَو كاعتقادنا أَن الْوَاحِد نصف الِاثْنَيْنِ وَقيل هَذَا بعيد فَإِنَّهُمَا إِن أفادا تميز أصلحا مُعَرفا وَإِلَّا لم يحصل بهما معرفَة لماهية الْعلم لِأَن مُحَصل الْمعرفَة لشَيْء لَا بُد وَأَن يُقيد تميزه عَن غَيره لِامْتِنَاع حُصُول مَعْرفَته بِدُونِ تميزه عَن غَيره.
وَلَا يخفى مَا فِيهِ لِأَن الْكَلَام فِي تعسر مَعْرفَته بالكنه. فِي العضدي قَالَ الإِمَام الْعلم ضَرُورِيّ لِأَن غير الْعلم لَا يعلم إِلَّا بِالْعلمِ فَلَو علم الْعلم بِغَيْرِهِ لزم الدّور لكنه مَعْلُوم فَيكون لَا بِالْغَيْر وَهُوَ ضَرُورِيّ. وَالْجَوَاب بعد تَسْلِيم كَونه مَعْلُوما إِن تصور غير الْعلم إِنَّمَا يتَوَقَّف على حُصُول الْعلم بِغَيْرِهِ أَعنِي علما جزئيا مُتَعَلقا بذلك الْغَيْر لَا على تصور حَقِيقَة الْعلم بِالْغَيْر أَعنِي علما جزئيا مُتَعَلقا بذلك الْغَيْر وَالَّذِي يُرَاد حُصُوله بِالْغَيْر إِنَّمَا هُوَ تصور حَقِيقَة الْعلم لَا حُصُول جزئي مِنْهُ فَلَا دور للِاخْتِلَاف انْتهى.
وَالْحَاصِل أَن الإِمَام الْغَزالِيّ اسْتدلَّ على مَا ادَّعَاهُ بِأَن الْعلم لَو كَانَ كسبيا مكتسبا من غَيره لدار لِأَن غَيره إِنَّمَا يعلم بِهِ. وخلاصة الْجَواب أَن غير الْعلم إِنَّمَا يعلم بِعلم خَاص مُتَعَلق بِهِ لَا بتصور حَقِيقَة الْعلم وَالْمَقْصُود تصور حَقِيقَته بِغَيْرِهِ فَلَا دور فَافْهَم. وَقَالَ السَّيِّد السَّنَد قدس سره فِي شرح المواقف وَاعْلَم أَن الْغَزالِيّ صرح فِي الْمُسْتَصْفى بِأَنَّهُ يعسر تَحْدِيد الْعلم بِعِبَارَة محررة جَامِعَة للْجِنْس والفصل الذاتيين فَإِن ذَلِك متعسر فِي أَكثر الْأَشْيَاء بل فِي أَكثر المدركات الحسية فَكيف لَا يعسر فِي الإدراكات الْخفية.
ثمَّ قَالَ إِن التَّقْسِيم الْمَذْكُور يقطع الْعلم عَن مظان الِاشْتِبَاه والتمثيل بِإِدْرَاك الباصرة بفهمك حَقِيقَة فَظهر أَنه إِنَّمَا قَالَ بعسر التَّحْدِيد الْحَقِيقِيّ دون التَّعْرِيف مُطلقًا وَهَذَا كَلَام مُحَقّق لَا بعد فِيهِ لكنه جَار فِي غير الْعلم كَمَا اعْترف بِهِ انْتهى - وَذهب الإِمَام الرَّازِيّ رَحمَه الله تَعَالَى إِلَى أَنه بديهي لضَرُورَة أَن كل أحد يعلم بِوُجُودِهِ وَهَذَا علم خَاص بديهي وبداهة الْخَاص يسْتَلْزم بداهة الْعَام - وَفِيه نظر من وَجْهَيْن: أَحدهَا أَن الضَّرُورِيّ إِنَّمَا هُوَ حُصُول علم جزئي بِوُجُودِهِ وَهَذَا الْحُصُول لَيْسَ تصور ذَلِك الجزئي وَغير مُسْتَلْزم لَهُ فَلَا يلْزم تصور الْمُطلق أصلا فضلا عَن أَن يكون ضَرُورِيًّا، وتوضيحه أَن بَين حُصُول الشَّيْء وتصوره فرقا بَينا فَإِن ارتسام مَاهِيَّة الْعلم فِي النَّفس الناطقة بِنَفسِهَا فِي ضمن الجزئيات حُصُول تِلْكَ الْمَاهِيّة لَا تصورها كحصول الشجَاعَة للنَّفس الْمُوجب لاتصافها بهَا من غير أَن تتصورها وارتسام مَاهِيَّة الْعلم فِي النَّفس بِصُورَة تِلْكَ الْمَاهِيّة ومثالها يُوجب تصورها لَا حُصُولهَا كتصور الشجَاعَة الَّذِي لَا يُوجب اتصاف النَّفس بالشجاعة.
ومحصول التَّوْضِيح أَن الْفرق بَين حُصُول الْعلم نَفسه لِلْعَقْلِ وَبَين تصَوره بَين فَإِن الأول منَاط الاتصاف بِنَفس الْعلم دون العالمية بِالْعلمِ وَالثَّانِي منَاط العالمية بِالْعلمِ فَإِن حُصُول الشجَاعَة نَفسهَا مُوجب للاتصاف بهَا لَا لتصورها وَالْعلم بهَا وتصورها يُوجب العالمية بهَا لَا لحصولها والاتصاف بهَا نعم كم من شُجَاع لَا يعلم أَن الشجَاعَة مَا هِيَ وَهُوَ شُجَاع وَكم من جبان يعلم مَاهِيَّة الشجَاعَة وَهُوَ جبان وَثَانِيهمَا وُرُود المنعين الْمَشْهُورين من منع كَون الْعَام ذاتيا وَكَون الْخَاص مدْركا بالكنه.
وَحَاصِله أَن ذَلِك الاستلزام مَوْقُوف على أَمريْن أَحدهمَا كَون الْعلم ذاتيا للخاص وَلَا نسلم أَن يكون الْعلم الْمُطلق ذاتيا للْعلم الْخَاص وَثَانِيهمَا كَون الْخَاص متصورا بالكنه وَلَا نسلم أَن يكون الْعلم الْخَاص بديهيا متصورا بالكنه لم لَا يجوز أَن يكون متصورا بِالْوَجْهِ قيل إِن الْخَاص هَا هُنَا مُقَيّد والعالم مُطلق وبداهة الْمُقَيد تَسْتَلْزِم بداهة الْمُطلق لِأَنَّهُ جُزْء خارجي لمَفْهُوم الْمُقَيد فتصوره بِدُونِهِ مِمَّا لَا يتَصَوَّر وَأجِيب بِأَن منشأ هَذَا السُّؤَال عدم الْفرق بَين الْفَرد والحصة وللعلم أفرلد حصصية والفرد هُوَ الطبيعة الْمَأْخُوذَة مَعَ الْقَيْد بِأَن يكون كل من الْقَيْد وَالتَّقْيِيد دَاخِلا كزيد وَعَمْرو للْإنْسَان والحصة هِيَ الطبيعة المنضافة إِلَى الْقَيْد بِأَن يكون التَّقْيِيد من حَيْثُ هُوَ تَقْيِيد دَاخِلا والقيد خَارِجا كوجود زيد وَوُجُود عَمْرو وَعلم زيد وَعلم عَمْرو. وَلَا يخفى على الناظرين أَن هَذَا إِنَّمَا يتم إِذا كَانَ المُرَاد بِالْعلمِ الْمَعْنى المصدري وَأما إِذا كَانَ المُرَاد بِهِ مَا بِهِ الانكشاف فَلَا يتم وَأَنت تعلم أَن الْمَعْنى المصدري خَارج عَن مَحل النزاع والنزاع حِين إِرَادَة الْمَعْنى المصدري يكون لفظيا كالنزاع فِي الْوُجُود فَإِن من قَالَ بكسبيته يُرِيد مَا بِهِ الانكشاف وَيَدعِي بكسبيته لَا الْمَعْنى المصدري.
وَالْحَاصِل أَنه لَا شكّ فِي بداهة الْعلم الَّذِي يعبر عَنهُ بِالْفَارِسِيَّةِ بدانستن لِأَنَّهُ معنى انتزاعي لَا يتخصص إِلَّا بإضافات وتخصيصات فحقيقته لَيست إِلَّا مفهومة وحقائق أَفْرَاده لَيست إِلَّا مفهوماتها كَيفَ وَلَو كَانَت مفهوماتها عارضة لحقائقها لكَانَتْ مَحْمُولَة عَلَيْهَا بالاشتقاق وَهُوَ يسْتَلْزم كَون الْعلم عَالما وَالْعلم الْخَاص بديهي وَالْعَام جُزْء مِنْهُ وبداهة الْخَاص تَسْتَلْزِم بداهة الْعَام والمنعان الْمَذْكُورَان حِينَئِذٍ مُكَابَرَة لَا تسمع لَكِن هَذَا الْمَعْنى خَارج عَن مَحل النزاع كَمَا علمت وَإِن أُرِيد أَن الْعلم بِمَعْنى مبدأ الانكشاف بديهي بِالدَّلِيلِ الْمَذْكُور فَلَا يَخْلُو عَن صعوبة لوُرُود المنعين المذكورية بِلَا مُكَابَرَة فَإِن قلت لَو كَانَ الْعلم بديهيا لما اشْتغل الْعُقَلَاء بتعريفه قلت إِنَّمَا عرف الْعلم من ذهب إِلَى كسبيته لَا إِلَى بداهته فاشتغالهم بتعريفه لَا يدل عى كسبيته بِحَسب الْوَاقِع بل بِحَسب الِاعْتِقَاد. نعم يرد أَنا لَو سلمنَا أَن الذَّاهِب إِلَى كسبيته عرفه بِحَسب اعْتِقَاده لَكِن تَعْرِيفه لدلالته على حُصُوله بِالْكَسْبِ يُنَافِي البداهة لِأَن البديهي مَا لم يُمكن حُصُوله بِالْكَسْبِ لايحصل بِغَيْر الْكسْب وَلَا أَن يُقَال إِن الْمَعْنى الْمَذْكُور للبديهي مَمْنُوع كَيفَ وَلَو كَانَ تَعْرِيف البديهي مَا ذكر للَزِمَ بطلَان البداهة فِي عدَّة من الْأُمُور الَّتِي بداهتها قَطْعِيَّة بالِاتِّفَاقِ وَقيل الْجَواب بِأَن الْكَلَام فِي كنه الْعلم فَإِذا فرض أَنه ضَرُورِيّ لَا يلْزم على صِحَّته امْتنَاع تَعْرِيفه بالرسم لجَوَاز أَن يكون كنه شَيْء ضَرُورِيًّا دون اسْمه وَبَعض وجوهه فَلم لَا يكون تَعْرِيف الْعُقَلَاء تعريفا رسميا للْعلم لَيْسَ بصواب لِأَن تَعْرِيف الشَّيْء بالرسم بعد تصَوره بالكنه مُمْتَنع إِذْ بعد تصَوره بالكنه إِذا قصد تَعْرِيفه بِالْوَجْهِ يكون التَّعْرِيف لذَلِك الْوَجْه الْمَجْهُول لَا لذَلِك الشَّيْء.
وَلَا يخفى على من لَهُ نظر ثاقب أَن بَين علم الشَّيْء بِالْوَجْهِ وَالْعلم بِوَجْه ذَلِك الشَّيْء فرق بَين فَإِن الْوَجْه فِي الأول مُتَصَوّر تبعا وبالعرض ومرآة وَآلَة لتصور ذَلِك الشَّيْء الَّذِي قصد تصَوره بذلك الْوَجْه وَفِي الثَّانِي أَولا وبالذات من غير أَن يكون تصَوره آلَة لتصور غَيره ومرآة لَهُ فَإِن قلت إِن الْعلم من صِفَات النَّفس وَعلمهَا بِنَفسِهَا وصفاتها حضوري وَهُوَ لَا يَتَّصِف بالبداهة والكسبية قلت إِن المُرَاد بِالصِّفَاتِ الصِّفَات الانضمامية أَي الصِّفَات العينية الخارجية الْغَيْر المنتزعة وَالْكَلَام فِي الْعلم الْمُطلق وَهُوَ لَيْسَ من الصِّفَات الانضمامية وَبعد تَسْلِيمه عدم اتصاف الحضوري بالبداهة مَمْنُوع - اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يخترع اصْطِلَاح آخر وَلَا مشاحة فِي الِاصْطِلَاح، وَفِي بعض شُرُوح سلم الْعُلُوم وَالْحق أَن الْعلم نور قَائِم بِذَاتِهِ وَاجِب لذاته وَلَيْسَ تَحت شَيْء من المقولات فَإِن الْعلم إِنَّمَا حَقِيقَته مبدأ انكشاف الْأَشْيَاء وظهورها بِأَن يكون هُوَ بِنَفسِهِ مظْهرا ومصداقا لحمله والممكن لما كَانَ فِي ذَاته فِي بقْعَة الْقُوَّة وحيز الليسية كَانَ فِي ذَاته أمرا ظلمانيا لَا ظَاهرا وَلَا مظْهرا فَلَا يكون علما وَلَا فِي حد ذَاته عَالما فَكَمَا أَن قوامه ووجوده إِنَّمَا هُوَ بِالْعرضِ من تِلْقَاء إفَاضَة الْجَاعِل الْحق كَذَلِك عالميته إِنَّمَا هِيَ بِالْعرضِ من تِلْقَاء إفَاضَة الْعَالم الْحق فمصداق حمل الْوُجُود وَالْعلم على الْوَاجِب نفس ذَاته وعَلى الْمُمكن هُوَ من حَيْثُ استناده إِلَى الله تَعَالَى فَكَمَا أَن وجود الْمُمكن هُوَ وجود الْوَاجِب كَذَلِك علمه هُوَ علم الْوَاجِب تَعَالَى بل الْعلم هُوَ الْوُجُود بِشَرْط كَونه مُجَردا فَالْوَاجِب سُبْحَانَهُ يَجْعَل الْعقل أمرا نورانيا ينْكَشف الْأَشْيَاء عِنْد قِيَامهَا بهَا وَلَيْسَ الْعلم أمرا زَائِدا على وجودهَا الْخَاص الْمُجَرّد وَلذَا تدْرك ذَاتهَا بذاتها. نعم قد يفْتَقر إِلَى أَن يكون وجود الْمَعْلُوم لَهُ حَتَّى ينْكَشف عِنْده إِذا كَانَ هُوَ غير ذَاته وَصِفَاته وَذَلِكَ بإعلام الْمعلم وبإفاضة وجوده لَهُ فالعلم وَإِن كَانَ أظهر الْأَشْيَاء وأبينها وأوضحها لَكِن يمْتَنع تصَوره بالكنه وَنسبَة الْعُقُول إِلَيْهِ كنسبة الخدش إِلَى الشَّمْس وَنسبَة الْقَمَر إِلَيْهَا وَلذَا قَالَ المُصَنّف أَي مُصَنف السّلم فِيهِ أَن الْعلم من أجلى البديهيات وَإِنَّمَا اختفاء جَوْهَر ذَاته لشدَّة وضوحها كَمَا أَن من المحسوسات مَا يبلغ فِيهِ بذلك الْحَد حَتَّى يمْنَع عَن تَمام الْإِدْرَاك كَالْعلمِ فَإِنَّهُ مبدأ ظُهُور الْأَشْيَاء فَيجب أَن يكون ظَاهرا فِي نَفسه لَيْسَ فِيهِ شَرّ الظلمَة - وَلِهَذَا يفْتَقر إِلَى التَّشْبِيه لإِزَالَة خفائه وَأَنه لَيْسَ خفِيا فِي نَفسه بل لِأَن عقولنا أعجز عَن اكتناهه فَهَذَا التَّشْبِيه يشبه الْإِنَاء الَّذِي فِيهِ مَاء وضع لرؤية تِمْثَال الشَّمْس انْتهى.
والذاهبون إِلَى كسبية الْعلم وَأَن كَسبه متيسر اخْتلفُوا فِي تَعْرِيفه، وَالْمُخْتَار عِنْد الْمُتَكَلِّمين أَنه صفة توجب تميز شَيْء لَا يحْتَمل ذَلِك الشَّيْء نقيض ذَلِك التميز وهم لَا يطلقون الْعلم إِلَّا على الْيَقِين كَمَا ستعرف، وَعلم الْوَاجِب عِنْد الْمُتَكَلِّمين صفة أزلية تنكشف المعلومات عِنْد تعلقهَا بهَا وتعلقات علمه تَعَالَى على نَوْعَيْنِ كَمَا فصلنا فِي تعلقات علم الْوَاجِب تَعَالَى.
وَالْعلم عِنْد الْحُكَمَاء يتَنَاوَل الْيَقِين وَالشَّكّ وَالوهم والتقليد وَالْجهل، وَالْعلم الْمُطلق عِنْدهم أَي سَوَاء كَانَ حضوريا أَو حصوليا مُطلق الصُّورَة الْحَاضِرَة عِنْد الْمدْرك سَوَاء كَانَت نفس الْمَعْلُوم كَمَا فِي الحضوري أَو غَيره وَلَو بِالِاعْتِبَارِ كَمَا فِي الحصولي، وَسَوَاء كَانَت مُطَابقَة لما قصد تصَوره كَمَا فِي الْيَقِين أَولا كَمَا فِي الْجَهْل، وَسَوَاء احتملت الزَّوَال كَمَا فِي التَّقْلِيد وَالظَّن وَالشَّكّ وَالوهم أَولا كَمَا فِي الْيَقِين، وَسَوَاء كَانَت مرْآة لملاحظة مَا قصد تصَوره كَمَا فِي الْعلم بالكنه أَو بِالْوَجْهِ أَولا كَمَا فِي الْعلم بكنه الشَّيْء وَالْعلم بِوَجْه الشَّيْء وَالْمرَاد بالصورة الْمَاهِيّة فَإِنَّهَا بِاعْتِبَار الحضوري العلمي تسمى صُورَة وَبِاعْتِبَار الْوُجُود الْخَارِجِي عينا. وَيعلم من هَذَا التَّعْرِيف عدَّة أُمُور أَحدهَا أَن الْعلم أَمر وجودي لَا عدمي لِأَن الضَّرُورَة تشهد بِأَن وَقت الانكشاف يحصل شَيْء من شَيْء لَا أَنه يَزُول مِنْهُ لكنه لم يقم عَلَيْهِ برهَان قَاطع وَثَانِيها أَنه شَامِل للحضوري والحصولي ولعلم الْوَاجِب والممكن والكليات والجزئيات فِي الْآلَات أَو فِي نفس النَّفس وَثَالِثهَا أَنه شَامِل للمذهبين فِي الجزئيات، أَحدهمَا، أَن مدركها هُوَ النَّفس وَثَانِيهمَا أَن مدركها هُوَ الْحَواس وَرَابِعهَا أَنه شَامِل لمذهبي ارتسام صور الجزئيات المادية فِي الْآلَات أَو فِي نفس النَّفس لِأَن الْمدْرك يتَنَاوَل الْمُجَرّد وَالنَّفس والحواس وَكلمَة عِنْد لعِنْد ولفي والحضور والحصول كالمترادفين.
وَالتَّحْقِيق أَن الْمدْرك لجَمِيع الْأَشْيَاء النَّفس الناطقة سَوَاء كَانَ ارتسام الصُّور فِيهَا أَو فِي غَيرهَا وَسَيَأْتِي لَك تَفْصِيل الْمذَاهب. وَالْأَحْسَن فِي التَّعْمِيم أَن نقُول سَوَاء كَانَت تِلْكَ الصُّورَة الْحَاضِرَة عِنْد الْمدْرك عين الصُّورَة الخارجية كَمَا فِي الْعلم الحضوري أَو غَيرهَا كَمَا فِي الحصولي. وَسَوَاء كَانَت عين الْمدْرك بِالْفَتْح كَمَا فِي علم الْبَارِي تَعَالَى نَفسه أَو غَيره كَمَا فِي علمه بسلسلة الممكنات، وَسَوَاء كَانَت فِي نفس النَّفس كَمَا فِي علمهَا بالكليات أَو فِي الْآلَات كَمَا فِي علمهَا بالجزئيات، وَسَوَاء كَانَت مرْآة أَو لَا فَإِن كَانَت مرْآة فالمرآة والمرئي إِن كَانَا متحدين بِالذَّاتِ ومتغائرين بِالِاعْتِبَارِ. فَعلم الشَّيْء بالكنه وَإِن كَانَا بِالْعَكْسِ فَعلم الشَّيْء بِالْوَجْهِ، وَإِن لم يكن مرْآة فالعلم بكنه الشَّيْء إِن كَانَ الْحَاصِل كنهه وَالْعلم بِوَجْه الشَّيْء إِن كَانَ الْحَاصِل وَجهه، وَالْعلم الْحَقِيقِيّ إِنَّمَا هُوَ علم الشَّيْء بالكنه لَا بِالْوَجْهِ لِأَن الْحَاصِل فِيهِ حَقِيقَة هُوَ الْوَجْه لَا الشَّيْء وَلَا تلْتَفت النَّفس إِلَى الشَّيْء فِي الْعلم بكنه الشَّيْء وَوَجهه كَمَا لَا يخفى.
وَيعلم من هَذَا الْبَيَان أَن الْعلم الْمُطلق الْمَذْكُور على نَوْعَيْنِ النَّوْع الأول الْعلم الحضوري وَهُوَ أَن يكون الصُّورَة العلمية فِيهِ عين الصُّورَة الخارجية فَيكون الْمَعْلُوم فِيهِ بِعَيْنِه وذاته حَاضرا عِنْد الْمدْرك لَا بصورته ومثاله كَمَا فِي علم الْإِنْسَان بِذَاتِهِ وَصِفَاته كالصور الذهنية الْقَائِمَة بِالنَّفسِ فَإِن الْعلم بهَا إِنَّمَا هُوَ بِحُضُور ذواتها عِنْد الْمدْرك لَا بِحُصُول صورها عِنْده فَإِن النَّفس فِي إِدْرَاك الصُّور الذهنية لَا تحْتَاج إِلَى صُورَة أُخْرَى منتزعة من الأولى.
وَهَا هُنَا اعْتِرَاض مَشْهُور هُوَ أَن نفس الْعلم الحصولي علم حضوري مَعَ أَنه لَيْسَ عين الصُّورَة الخارجية وَالْحق أَن نفس الْعلم الحصولي من الموجودات الخارجية كَمَا سَيَجِيءُ فِي الْعلم الحضوري فَلَا تلْتَفت إِلَى مَا أُجِيب بِأَن المُرَاد بالصورة الخارجية أَعم من الْخَارِجِي وَمِمَّا يحذو حَذْو الْوُجُود الْخَارِجِي أَي للوجود الْخَارِجِي وَلما هُوَ مماثل لَهُ جَار مجْرَاه فِي ترَتّب الْآثَار الخارجية وَلَكِن يُمكن المناقشة بِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يلْزم الِاتِّحَاد بَين الحضوري والحصولي مَعَ أَنَّهُمَا مُخْتَلِفَانِ بِالذَّاتِ لِأَن الْعلم الحصولي حَقِيقَة نوعية محصلة عِنْدهم ذاتي لما تَحْتَهُ ومغائر للحضوري مُغَايرَة نوعية فَإِذا تعلق الْعلم بِالْعلمِ الحصولي يكون ذَلِك الْعلم عين الحضوري فَيلْزم الِاتِّحَاد بَينهمَا وَالنَّوْع الثَّانِي الْعلم الحصولي وَهُوَ الَّذِي لَا يكون إِلَّا بِحُصُول صُورَة الْمَعْلُوم فَتكون الصُّورَة العلمية فِيهِ غير الصُّورَة الخارجية وَيُقَال لَهُ الانطباعي أَيْضا كَمَا فِي إِدْرَاك الْأَشْيَاء الخارجية عَن الْمدْرك أَي الْأَشْيَاء الَّتِي لَا تكون عينه وَلَا قَائِمَة بِهِ.
ثمَّ إِنَّهُم اخْتلفُوا فِي أَن الْعلم الحصولي، إِمَّا صُورَة الْمَعْلُوم الْمَوْجُودَة فِي الذِّهْن المكيفة بالعوارض الذهنية، وَإِمَّا قبُول الذِّهْن بِتِلْكَ الصُّورَة أَو إِضَافَة مَخْصُوصَة بَين الْعَالم والمعلوم فَإِن انكشاف الْأَشْيَاء عِنْد الذِّهْن فِي الْعلم الحصولي لَيْسَ قبل حُصُول صورها فِيهِ عِنْد الْحُكَمَاء الْقَائِلين بالوجود الذهْنِي فهناك أُمُور ثَلَاثَة الصُّورَة الْحَاصِلَة وَقبُول الذِّهْن بهَا من المبدأ الْفَيَّاض وَإِضَافَة مَخْصُوصَة بَين الْعَالم والمعلوم. فَذهب بَعضهم إِلَى أَن الْعلم الحصولي هُوَ الأول وَقَالَ السَّيِّد السَّنَد الشريف الشريف قدس سره أَن هَذَا هُوَ الْمَذْهَب الْمَنْصُور. وَوجه بِأَن الْعلم يُوصف بالمطابقة وَعدمهَا وَإِنَّمَا الْمَوْصُوف بهما الصُّورَة، وَفِي شرح الإشارات أَن من الصُّورَة مَا هِيَ مُطَابقَة للْخَارِج وَهِي الْعلم - وَمَا هِيَ غير مُطَابقَة وَهِي الْجَهْل فالسيد السَّنَد قدس سره يَجْعَل الْعلم من مقولة الكيف وينحصر الاتصاف بالمطابقة وَعدمهَا فِي الصُّورَة الَّتِي من مقولة الكيف وينكر ذَلِك الاتصاف فِي الانفعال وَالنِّسْبَة.
وَأَنت تعلم أَن عدم جَرَيَان الْمُطَابقَة فيهمَا مَمْنُوع لجَوَاز جريانها بِاعْتِبَار الْوُجُود النَّفس الأمري أَو الْخَارِجِي بِاعْتِبَار مبدأ الانتزاع وَلَو وَجه بِأَن الصِّفَات الَّتِي يَتَّصِف بهَا الْعلم مثل البداهة والنظرية والاكتساب من الْحَد والبرهان والانقسام إِلَى التَّصَوُّر والتصديق إِنَّمَا ينطبق على الصُّورَة الْحَاصِلَة لَا على الْإِضَافَة والارتسام لَكَانَ أسلم وَبَعْضهمْ إِلَى أَنه هُوَ الثَّانِي فَيكون من مقولة الانفعال وَبَعْضهمْ إِلَى أَنه هُوَ الثَّالِث فَيكون من مقولة الْإِضَافَة، وَأما إِنَّه نفس حُصُول الصُّورَة فِي الذِّهْن فَلم يقل بِهِ أحد لِأَن الْعلم بِمَعْنى الْحُصُول معنى مصدري لَا يكون كاسبا وَلَا مكتسبا لِأَنَّهُ لايكون آلَة وعنوانا لملاحظة الْغَيْر كَمَا مر.
وَلِهَذَا قَالُوا إِن من عرف الْعلم بِحُصُول صُورَة الشَّيْء فِي الْعقل تسَامح فِي الْعبارَة بِقَرِينَة أَنه قَائِل بِأَنَّهُ من مقولة الكيف فَعلم أَنه أَرَادَ الصُّورَة الْحَاصِلَة بِجعْل الْحُصُول بِمَعْنى الْحَاصِل وَالْإِضَافَة من قبيل جرد قطيفة لكنه قدم ذكر الْحُصُول تَنْبِيها على أَن الْعلم مَعَ كَونه صفة حَقِيقِيَّة يسْتَلْزم إِضَافَة إِلَى مَحَله بالحصول لَهُ، وَالْحَاصِل أَن الصُّورَة من حَيْثُ هِيَ هِيَ لما لم تكن علما بل إِنَّمَا الْعلم هُوَ الصُّورَة بِصفة حُصُولهَا فِي الذِّهْن حمل حُصُولهَا على الْعلم مُبَالغَة تَنْبِيها على أَن مدَار كَونهَا علما هُوَ الْحُصُول نعم لَو أخر ذكر الْحُصُول وَقَالَ هُوَ الصُّورَة الْحَاصِلَة لحصل ذَلِك التَّنْبِيه لَكِن لَا فِي أول الْأَمر وَلَا يخفى أَن تَعْرِيفه بِحُصُول صُورَة الشَّيْء فِي الْعقل مَعَ ذَلِك التسامح لَيْسَ بِجَامِع لِأَن الْمُتَبَادر من صُورَة الشَّيْء الصُّورَة الْمُطَابقَة وَلَا يَشْمَل الجهليات المركبة وَهِي الِاعْتِقَاد على خلاف مَا عَلَيْهِ الشَّيْء مَعَ الِاعْتِقَاد بِأَنَّهُ حق وَلِأَنَّهُ يخرج عَنهُ الْعلم بالجزئيات المادية عِنْد من يَقُول بارتسام صورها فِي القوى أَو الْآلَات دون نفس النَّفس.
وَالْعلم فِي فواتح كتب الْمنطق المنقسم إِلَى التَّصَوُّر والتصديق هُوَ الْعلم الحصولي لِأَنَّهُ يَنْبَغِي أَن يكون لَهُ دخل فِي الاكتسابات التصورية والتصديقية واختصاص بهَا وَإِنَّمَا هُوَ الْعلم الحصولي وَلذَا قَالَ الْعَلامَة الرَّازِيّ فِي الرسَالَة المعمولة فِي التَّصَوُّر والتصديق أَن الْعلم الَّذِي هُوَ مورد الْقِسْمَة إِلَى التَّصَوُّر والتصديق هُوَ الْعلم المتجدد وَالْمرَاد بالمتجدد علم يتَحَقَّق كل فَرد مِنْهُ بعد تحقق الْمَوْصُوف بعدية زمانية وَهُوَ لَيْسَ إِلَّا الْعلم الحصولي، والحضوري وَإِن كَانَ بعض أَفْرَاده كَالْعلمِ الْمُتَعَلّق بالصورة العلمية متحققا بعد تحقق الْمَوْصُوف لَكِن جَمِيع أَفْرَاده لَيْسَ كَذَلِك فَإِن علم المجردات بذواتها وصفاتها حضوري وَهِي علل لعلومها وَلَا تنفك علومها عَنْهَا فَلَيْسَ بَين علومها ومعلوماتها بعدية زمانية وتعريفه الأشمل للجهليات وللمذهبين فِي الْعلم بالأشياء والأسلم عَن ارْتِكَاب الْمجَاز الصُّورَة الْحَاصِلَة من الشَّيْء عِنْد الْعقل.
وَإِن أردْت توضيح هَذَا التَّعْرِيف وتحقيقه وتنقيحه ودرجة كَونه أشمل وَأسلم من تَعْرِيفه بِأَنَّهُ حُصُول صُورَة الشَّيْء فِي الْعقل مَعَ أَن فِي هَذَا التَّعْرِيف ارْتِكَاب إِضَافَة الصّفة إِلَى الْمَوْصُوف كَمَا مر بِخِلَاف التَّعْرِيف الْمَذْكُور فاستمع لما يَقُول هَذَا الْغَرِيب الْقَلِيل البضاعة أَن المُرَاد بالصورة إِمَّا نفس مَاهِيَّة الْمَعْلُوم أَي الْمَوْجُود الذهْنِي الَّذِي لَا تترتب عَلَيْهِ الْآثَار الخارجية فَإِن الْمَاهِيّة بِاعْتِبَار الْحُضُور العلمي تسمى صُورَة وَبِاعْتِبَار الْوُجُود الْعَيْنِيّ أَي الْخَارِجِي تسمى عينا أَو المُرَاد بهَا ظلّ الْمَعْلُوم وشبحه الْمُخَالف لَهُ بِالْحَقِيقَةِ على اخْتِلَاف فِي الْعلم بالأشياء.
فَإِن الْمُحَقِّقين على أَن الْعلم بالأشياء بِأَعْيَانِهَا وَغَيرهم على أَنه بإظلالها وأشباحها الْمُخَالفَة لَهَا بالحقائق وعَلى الأول مَا هُوَ الْحَاصِل فِي الْعقل علم من حَيْثُ قِيَامه بِهِ وَمَعْلُوم بِالنّظرِ إِلَى ذَاته وعَلى الثَّانِي صُورَة الشَّيْء وظله علم وَذُو الصُّورَة مَعْلُوم وَمعنى علم الْأَشْيَاء بِأَعْيَانِهَا أَن مَا فِي الذِّهْن لَو وجد فِي الْخَارِج متشخصا بتشخص زيد مثلا لَكَانَ عين زيد وبتشخص عَمْرو لَكَانَ عين عَمْرو. وَالْحَاصِل من الْحَاصِل فِي الذِّهْن نفس الْمَاهِيّة بِحَيْثُ إِذا وجد فِي الْخَارِج كَانَ عين الْعين وَبِالْعَكْسِ لَكِن هَذَا وجود ظِلِّي وَفِي الْخَارِج وجود أُصَلِّي وللكل أَحْكَام على حِدة وَلَا أَن مَا فِي الْخَارِج مَوْجُود فِي الذِّهْن بِعَيْنِه حَتَّى يلْزم كَون الْوَاحِد بالشخص سَوَاء كَانَ جوهرا أَو عرضا فِي مكانين فِي آن وَاحِد وَهُوَ محَال.
والوجود العلمي يُسمى وجودا ذهنيا وظليا وَغير أصيل أما تَسْمِيَته بالوجود الظلي على الْمَذْهَب الثَّانِي فَظَاهر، وَأما على الْمَذْهَب الأول فَلِأَن مُرَادهم أَنه وجود كوجود الظل فِي انْتِفَاء الْآثَار الخارجية المختصة بالوجود الْخَارِجِي كَمَا أَن الْوُجُود فِي مَا وَرَاء الذِّهْن يُسمى وجودا عينيا وأصيليا وخارجيا. فَإِن قيل إِن الْعلم بالأشياء بِأَعْيَانِهَا مُمْتَنع فَإِنَّهُ يسْتَلْزم كَون الذِّهْن حارا بَارِدًا مُسْتَقِيمًا معوجا عِنْد تصور الْحَرَارَة والبرودة والاستقامة والاعوجاج لِأَنَّهُ إِذا تصورت الْحَرَارَة تكون الْحَرَارَة حَاصِلَة فِي الذِّهْن وَلَا معنى للحار إِلَّا مَا قَامَت بِهِ الْحَرَارَة وَقس عَلَيْهِ الْبُرُودَة وَغَيرهَا وَهَذِه الصِّفَات منفية عَن الذِّهْن بِالضَّرُورَةِ وَأَيْضًا إِن حُصُول حَقِيقَة الْجَبَل وَالسَّمَاء مَعَ عظمها فِي الذِّهْن مِمَّا لَا يعقل قُلْنَا الْحَاصِل فِي الذِّهْن صُورَة وماهية مَوْجُودَة بِوُجُود ظِلِّي لَا بهوية عَيْنِيَّة مَوْجُودَة بِوُجُود أصيل والحار مَا تقوم بِهِ هوية الْحَرَارَة أَي ماهيتها الْمَوْجُودَة بِوُجُود عَيْني لَا مَا تقوم بِهِ الْحَرَارَة الْمَوْجُودَة بِوُجُود ظِلِّي فَلَا يلْزم اتصاف الذِّهْن بِتِلْكَ الصِّفَات المنفية عَنهُ والممتنع فِي الذِّهْن حُصُول هوية الْجَبَل وَالسَّمَاء وَغَيرهمَا من الْأَشْيَاء فَإِن ماهياتها مَوْجُودَة بِوُجُود خارجي يمْتَنع أَن يحصل فِي أذهاننا وَأما مفهوماتها الْكُلية وماهياتها الْمَوْجُودَة بالوجودات الظلية فَلَا يمْتَنع حُصُولهَا فِي الذِّهْن إِذْ لَيست مَوْصُوفَة بِصِفَات تِلْكَ الهويات لَكِن تِلْكَ الماهيات بِحَيْثُ لَو وجدت فِي الْخَارِج متشخصة بتشخص جبل الطّور وسماء الْقَمَر مثلا لكَانَتْ بِعَينهَا جبل طور وسماء قمر وَلَا نعني بِعلم الْأَشْيَاء بِأَعْيَانِهَا إِلَّا هَذَا.
وَالْحَاصِل أَن للموجود فِي الذِّهْن وجودا ظليا وَلذَلِك الْمَوْجُود فِي الْخَارِج وجود أُصَلِّي وَلكُل أَحْكَام على حِدة كَمَا أَشَرنَا إِلَيْهِ آنِفا وَالْمرَاد بِكَوْن الصُّورَة حَاصِلَة من الشَّيْء أَنَّهَا ناشئة مِنْهُ مُطَابقَة لَهُ أَو لَا بِخِلَاف صُورَة الشَّيْء فَإِن المُرَاد مِنْهَا الصُّورَة الْمُطَابقَة للشَّيْء لِأَن الْمُتَبَادر من إِضَافَة الصُّورَة إِلَى الشَّيْء مطابقتها لَهُ فتعريفه بِحُصُول صُورَة الشَّيْء فِي الْعقل لَا يَشْمَل الجهليات المركبة بِخِلَاف التَّعْرِيف الْمَذْكُور كَمَا عرفت.
ثمَّ ننقل مَا حررنا فِي تعليقاتنا على حَوَاشِي عبد الله اليزدي على تَهْذِيب الْمنطق تَحْقِيقا للمرام وتفصيلا للمقام أَن الْعقل المرادف للنَّفس الناطقة هُوَ جَوْهَر مُجَرّد عَن الْمَادَّة فِي ذَاته لَا فِي فعله وَالْعقل الَّذِي هُوَ مرادف الْملك جَوْهَر مُجَرّد فِي ذَاته وَفِي فعله. وَقد يُطلق على الْقُوَّة المدركة وَالْمرَاد بِهِ هَا هُنَا أما الأول أَو الثَّالِث. فَإِن قيل، على أَي حَال يخرج علم الله الْوَاجِب المتعال لعدم إِطْلَاق الْعقل عَلَيْهِ تَعَالَى، قُلْنَا، المُرَاد بِهِ هَاهُنَا الْمدْرك والمجرد وَقيل الْمَقْصُود تَعْرِيف الْعلم الَّذِي يتَعَلَّق بِهِ الِاكْتِسَاب أَي مَا يكون كاسبا أَو مكتسبا وَعلمه تَعَالَى لكَونه حضوريا منزه عَن ذَلِك فَلَا بَأْس بِخُرُوجِهِ لعدم دُخُوله فِي الْمُعَرّف فَإِن قيل قواعدهم كُلية عَامَّة وَهَذَا التَّخْصِيص يُنَافِي تَعْمِيم قواعدهم قُلْنَا تَعْمِيم الْقَوَاعِد إِنَّمَا هُوَ بِحَسب الْحَاجة فَهَذَا التَّخْصِيص لَا يُنَافِي التَّعْمِيم الْمَقْصُود وَإِن كَانَ منافيا لمُطلق التَّعْمِيم فَلَا ضير وَقَوْلهمْ عِنْد الْعقل يعم المذهبين دون فِي الْعقل.
وتوضيحه أَن الْمُحَقِّقين اتَّفقُوا على أَن الْمدْرك للكليات والجزئيات المادية وَغَيرهَا هُوَ النَّفس الناطقة، وعَلى أَن نِسْبَة الْإِدْرَاك إِلَى قواها كنسبة الْقطع إِلَى السكين لَا أَن مدرك الكليات هُوَ النَّفس الناطقة ومدرك الجزئيات هُوَ الْآلَات كَمَا ذهب إِلَيْهِ الْمُتَأَخّرُونَ. ثمَّ بعد هَذَا الِاتِّفَاق اتَّفقُوا على أَن صور الكليات والجزئيات الْغَيْر المادية كمحبة عَمْرو وعداوة زيد ترتسم فِي النَّفس الناطقة وَاخْتلفُوا فِي أَن صور الجزئيات المادية ترتسم فِيهَا أَو فِي آلاتها. فَقَالَ بَعضهم إِنَّهَا ترتسم فِي آلاتها دون نَفسهَا لِأَن الصُّور الشخصية الجسمانية منقسمة فَلَو ارتسمت فِي النَّفس الناطقة لانقسمت بانقسامها لِأَن انقسام الْحَال يسْتَلْزم انقسام الْمحل وَهُوَ بَاطِل لِأَن النَّفس الناطقة بسيطة كَمَا تقرر فِي مَوْضِعه، وَيرد عَلَيْهِم أَن تِلْكَ الصُّور المرتسمة فِي الْآلَات عُلُوم بِنَاء على التَّعْرِيف الْمَذْكُور وَأَن الْمدْرك هُوَ الْعقل فَيلْزم أَن لَا يكون مَا قَامَ بِهِ الْعلم عَالما وَأَن يكون مَا لم يقم بِهِ الْعلم عَالما وَكِلَاهُمَا خلف، وَأَيْضًا الْمَانِع من الارتسام فِي النَّفس الناطقة هُوَ الانقسام إِلَى الْأَجْزَاء المتبائنة فِي الْوَضع لَا مُطلق الانقسام وَذَلِكَ من تَوَابِع الْوُجُود الْخَارِجِي وخواصه فَلَا يلْزم الْفساد من ارتسامها وَلَو كَانَت صور الجزئيات الجسمانية على طبق تِلْكَ الجزئيات فِي الانقسام والصغر وَالْكبر لَا متنع ارتسامها فِي الْآلَات أَيْضا كَنِصْف السَّمَاء وَالْجِبَال والأودية وأمثالها. وَقَالَ بَعضهم أَن صور الجزئيات المادية كصورة زيد ترتسم فِي النَّفس الناطقة وَهِي مدركة للأشياء كلهَا إِلَّا أَن إِدْرَاكهَا للجزئيات المادية أَي الجسمانية بِوَاسِطَة الْآلَات لَا بذاتها وَذَلِكَ لَا يُنَافِي ارتسام الصُّور فِيهَا، ودليلهم الوجدان الْعَام بِأَنا إِذا رَجعْنَا إِلَى الوجدان علمنَا أَن لأنفسنا عِنْد إِدْرَاكهَا للجزئيات المادية حَالَة إدراكية انكشافية لم تكن حَاصِلَة قبل ذَلِك الْإِدْرَاك. فَإِن قيل إِن معنى عِنْد هُوَ الْمَكَان الْقَرِيب من الشَّيْء فَكيف يتَنَاوَل مَا ارتسم فِي النَّفس فَكَمَا أَن فِي الْعقل لَا يَشْمَل المذهبين كَذَلِك عِنْد الْعقل لَا يَشْمَل صور الكليات والجزئيات الْغَيْر المادية لحصولها فِي الْعقل دون مَكَان قريب مِنْهُ. وَأجِيب عَنهُ بِأَن كلمة عِنْد بِحَسب الْعرف لاخْتِصَاص شَيْء بمدخولها كَمَا يُقَال هَذِه الْمَسْأَلَة كَذَا عِنْد فلَان أَي لَهَا اخْتِصَاص بِهِ. وَلَا شكّ أَن للصورة الْحَاصِلَة اخْتِصَاص بِالْعقلِ من جِهَة الْإِدْرَاك لِأَنَّهُ الْمدْرك للصورة فَيتَنَاوَل مَا ارتسم فِي النَّفس والآلات فَثَبت أَن عِنْد الْعقل يَشْمَل المذهبين دون فِي الْعقل لاخْتِصَاص كلمة فِي بالداخل. وَالْحمل على التَّوَسُّع بِحَيْثُ يتَنَاوَل الْحَاصِل فِي الْآلَات أَيْضا يدْفع الْمَحْذُور لكنه خلاف الظَّاهِر ومدار الْكَلَام على مُحَافظَة الظَّاهِر ورعاية الْمُتَبَادر فعلى هَذَا الْجَواب الْمَذْكُور إِنَّمَا يجدي نفعا لَو كَانَ عِنْد مَعَ رِعَايَة مَعْنَاهُ الْمُتَبَادر متناولا للمذهبين دونه فِي فِي - وَلَيْسَ كَذَلِك لما مر آنِفا.
ثمَّ اعْلَم أَن الصُّورَة من مقولة الكيف لكَونهَا عرضا لَا يَقْتَضِي لذاته قسْمَة وَلَا نِسْبَة فَيكون الْعلم الْمَعْرُوف بالصورة الْمَذْكُور من مقولة الكيف وَهُوَ الْمَذْهَب الْمَنْصُور كَمَا مر وَلَعَلَّ من ذهب إِلَى أَنه من مقولة الانفعال يَقُول بِأَنَّهُ من مقولة الكيف أَيْضا لَكِن لما كَانَ الْعلم أَي الصُّورَة الْمَذْكُورَة حَاصِلا بالانفعال أَي بانتقاش الذِّهْن بالصورة الناشئة من الشَّيْء وقبوله إِيَّاهَا قَالَ إِنَّه من مقولة الانفعال مُبَالغَة وتنبيها على أَن حُصُول الْعلم بالانفعال لَا بِغَيْرِهِ. وَاعْترض بِأَن الكيف من الموجودات الخارجية لِأَن الموجودات الخارجية تَنْقَسِم إِلَى الْجَوَاهِر الْخَمْسَة والأعراض التِّسْعَة فَكيف تكون الصُّورَة الذهنية أَي الْعلم من مقولة الكيف وَالْجَوَاب أَن الْعلم من الموجودات الخارجية والمعلوم من الموجودات الذهنية كَمَا مر. وَأجَاب عَنهُ جلال الْعلمَاء فِي الْحَوَاشِي الْقَدِيمَة على الشَّرْح الْجَدِيد للتجريد فِي مَبْحَث الْوُجُود الذهْنِي أَن عدهم إِيَّاهَا كيفا على سَبِيل الْمُسَامحَة وتشبيه الْأُمُور الذهنية بالأمور العينية فعلى هَذَا يكون الْعلم من الموجودات الذهنية.
فَإِن قيل الْأَشْيَاء حَاصِلَة فِي الذِّهْن بأنفسها فَيجب أَن يكون الْعلم بالجواهر جوهرا وبالكم كَمَا وبالكيف كيفا وَهَكَذَا وَلَا يُمكن أَن يكون من مقولة الكيف مُطلقًا قُلْنَا أجَاب شَارِح التَّجْرِيد بِالْفرقِ بَين الْقيام والحصول بِأَن حُصُول الشَّيْء فِي الذِّهْن لَا يُوجب اتصاف الذِّهْن وقيامه بِهِ كحصول الشَّيْء فِي الزَّمَان وَالْمَكَان فَمَا هُوَ جَوْهَر حَاصِل فِي الذِّهْن وموجود فِيهِ وَمَا هُوَ عرض وَكَيف قَائِم بِهِ وموجود فِي الْخَارِج وَكَون الْأَشْيَاء حَاصِلَة فِي الذِّهْن بأنفسها بِالْمَعْنَى الَّذِي ذكرنَا آنِفا لَا يُنَافِي هَذَا الْفرق وَمَا فِي هَذَا الْجَواب سيتلى عَلَيْك. وَالشَّيْخ أورد فِي الهيات الشِّفَاء إشكالين أَحدهمَا أَن الْعلم هُوَ المكتسب من صور الموجودات مُجَرّدَة عَن موادها وَهِي صور جَوَاهِر وإعراض فَإِن كَانَت صور الْإِعْرَاض إعْرَاضًا فصور الْجَوَاهِر كَيفَ تكون إعْرَاضًا فَإِن الْجَوْهَر لذاته جَوْهَر فماهيته لَا تكون فِي مَوْضُوع الْبَتَّةَ وماهيته مَحْفُوظَة سَوَاء نسبت إِلَى إِدْرَاك الْعقل لَهَا أَو نسبت إِلَى الْوُجُود الْخَارِجِي.
فَنَقُول إِن مَاهِيَّة الْجَوْهَر جَوْهَر بِمَعْنى أَنه الْمَوْجُود فِي الْأَعْيَان لَا فِي مَوْضُوع وَهَذِه الصّفة مَوْجُودَة لماهية الْجَوْهَر المعقولة فَإِنَّهَا مَاهِيَّة شَأْنهَا أَن تكون مَوْجُودَة فِي الْأَعْيَان لَا فِي مَوْضُوع أَي إِن وجدت فِي الْأَعْيَان وجدت لَا فِي مَوْضُوع وَأما وجوده فِي الْعقل بِهَذِهِ الصّفة فَلَيْسَ ذَلِك فِي حَده من حَيْثُ هُوَ جَوْهَر أَي لَيْسَ حدا لجوهر أَنه فِي الْعقل لَا فِي مَوْضُوع بل حَده أَنه سَوَاء كَانَ فِي الْعقل أَو لم يكن فَإِن وجوده لَيْسَ فِي مَوْضُوع انْتهى.
وَحَاصِل الْجَواب أَنه لَا إِشْكَال فِي كَون الشي الْوَاحِد جوهرا وعرضا باعتبارين وتغاير وجودين فَإِن الْجَوْهَر على مَا عرف ماهيته إِذا وجدت فِي الْخَارِج كَانَت لَا فِي مَوْضُوع وَالْعرض هُوَ الْمَوْجُود فِي الْمَوْضُوع فالصورة الجوهرية لكَونهَا بِحَيْثُ إِذا وجدت فِي الْخَارِج كَانَت لَا فِي مَوْضُوع جَوْهَر وَمن حَيْثُ إِنَّهَا مَوْجُودَة فِي الْمَوْضُوع عرض وَأَنت تعلم أَن بَين الْجَوْهَر وَالْعرض تباينا وتغايرا ذاتيا لَا اعتباريا.
وَأَيْضًا اعْترض الزَّاهِد فِي حَوَاشِيه على الرسَالَة القطبية المعمولة حَيْثُ قَالَ لَا يخفى عَلَيْك أَن القَوْل بعرضية الصُّورَة الجوهرية منَاف لحصر الْعرض فِي المقولات التسع لِأَن المقولات أَجنَاس عالية متبائنة بِالذَّاتِ اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يكون مُرَادهم حصر الْأَعْرَاض الْمَوْجُودَة فِي الْخَارِج انْتهى. وَقَالَ فِي الْهَامِش قَوْله اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يكون إِلَى آخِره إِشَارَة إِلَى أَن هَذَا الْجَواب غير تَامّ وَذَلِكَ لِأَن التَّحْقِيق عِنْدهم أَن الْإِضَافَة وَغَيرهَا من المقولات التسع لَيست مَوْجُودَة فِي الْخَارِج وَالصَّوَاب فِي الْجَواب أَن يُقَال مُرَادهم حصر الْأَعْرَاض الْمَوْجُودَة فِي نفس الْأَمر. وَالْمَوْجُود فِيهَا هَاهُنَا أَمْرَانِ الْحَقِيقَة العلمية والحقيقة الْحَاصِلَة فِي الذِّهْن من حَيْثُ هِيَ وكل مِنْهُمَا مندرج فِي مقولة. الأولى من مقولة الكيف، وَالثَّانيَِة فِي مقولة أُخْرَى من مقولة الْجَوْهَر وَغَيرهَا، وَأما الْحَقِيقَة الْحَاصِلَة فِي الذِّهْن من حَيْثُ إِنَّهَا مكيفة بالعوارض الذهنية بِأَن يكون التَّقْيِيد دَاخِلا والقيد خَارِجا أَو بِأَن يكون كل مِنْهُمَا دَاخِلا أَي الْمركب من الْعَارِض والمعروض فَلَا شكّ أَنَّهَا من الاعتبارات الذهنية وَلَيْسَ لَهَا وجود فِي نفس الْأَمر انْتهى. ضَرُورَة أَن التَّقْيِيد أَمر اعتباري فَكَذَا مَا هُوَ مركب مِنْهُ فَافْهَم. وَثَانِيهمَا أَنه إِذا حصلت حَقِيقَة جوهرية فِي الذِّهْن كَانَت تِلْكَ الْحَقِيقَة علما وعرضا فَيلْزم أَن يكون شَيْء وَاحِد علما ومعلوما وجوهرا وعرضا. وَأجَاب شَارِح التَّجْرِيد بِالْفرقِ بَين الْقيام والحصول إِلَى آخر مَا ذكرنَا آنِفا وَاعْترض عَلَيْهِ الزَّاهِد حَيْثُ قَالَ وَحَاصِله كَمَا يظْهر بِالتَّأَمُّلِ الصَّادِق أَن الْقَائِم بالذهن شبح الْمَعْلُوم ومثاله وَالْحَاصِل فِيهِ عين الْمَعْلُوم وَنَفسه فَهُوَ جمع بَين المذهبين انْتهى. ثمَّ اعْلَم أَن للزاهد فِي هَذَا الْمقَام فِي تصنيفاته تَحْقِيقا تفرد بِهِ فِي زَعمه وتفاخر بِهِ فِي ظَنّه وَتكلم عَلَيْهِ أَبنَاء الزَّمَان وجرحه بعض فضلاء الدوران وَأَنا شمرت بِقدر الوسع فِي تحريره وتفصيل مجملاته وَإِظْهَار مقاصده وإبراز مضمراته بعد إتْيَان كَلَامه ليظْهر على الناظرين علو مرامه.
فَأَقُول إِنَّه قَالَ فِي حَوَاشِيه على حَوَاشِي جلال الْعلمَاء على تَهْذِيب الْمنطق. اعْلَم أَن للْعلم مَعْنيين. الأول الْمَعْنى المصدري، وَالثَّانِي الْمَعْنى الَّذِي بِهِ الانكشاف. وَالْأول حُصُول الصُّورَة وَالثَّانِي هِيَ الصُّورَة الْحَاصِلَة وَلَا شكّ أَن الْغَرَض العلمي لم يتَعَلَّق بِالْأولِ فَإِنَّهُ لَيْسَ كاسبا وَلَا مكتسبا فَالْمُرَاد بِحُصُول الصُّورَة هَاهُنَا الصُّورَة الْحَاصِلَة على سَبِيل الْمُسَامحَة هَذَا مَا ذهب إِلَيْهِ النّظر الْجَلِيّ. ثمَّ النّظر الدَّقِيق يحكم بِأَن المُرَاد بِحُصُول الصُّورَة الْمَعْنى الْحَاصِل بِالْمَصْدَرِ وَحَقِيقَته مَا يعبر عَنهُ بِالْفَارِسِيَّةِ (بدانش) وَهِي حَالَة إدراكية يتَحَقَّق عِنْد حُصُول الشَّيْء فِي الذِّهْن تِلْكَ الْحَالة الإدراكية تصدق على الْأَشْيَاء الْحَاصِلَة فِي الذِّهْن صدقا عرضيا وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إِذا حصل فِي الذِّهْن شَيْء يحصل لَهُ وصف يحمل ذَلِك الْوَصْف عَلَيْهِ فَيُقَال لَهُ صُورَة علمية وَهَذَا الْمَحْمُول لَيْسَ نفس الْمَوْضُوع وَإِلَّا لَكَانَ مَحْمُولا عَلَيْهِ حَال كَونه فِي الْخَارِج ضَرُورَة أَن الذَّات والذاتي لَا يَخْتَلِفَانِ باخْتلَاف الْوُجُود فَهَذَا الْحمل من قبيل حمل الْكَاتِب على الْإِنْسَان فالعرضي من مقولة الكيف سَوَاء كَانَ معروضه من هَذِه المقولة أَو من مقولة أُخْرَى انْتهى.
فَأَقُول مستعينا بِاللَّه الْملك العلام، وَهُوَ الْهَادِي إِلَى الْحق فِي كل مقصد ومرام، أَن فِي تَحْقِيق الْعلم نظرين نظر جلي فويق، وَنظر دَقِيق خَفِي عميق. وبالقبول حري وحقيق، وَعَن الجروح الْمَذْكُورَة سليم وعتيق. أما الأول فَهُوَ أَن الْعلم هُوَ الصُّورَة الْحَاصِلَة والتعريف الْمَشْهُور أَعنِي حُصُول صُورَة الشَّيْء المُرَاد بِهِ الصُّورَة الْحَاصِلَة على الْمُسَامحَة لَا الْمَعْنى المصدري إِذْ لَا يتَعَلَّق بِهِ الْغَرَض العلمي لِأَنَّهُ لَا يكون كاسبا وَلَا مكتسبا كَمَا مر وَحِينَئِذٍ يرد الإشكالات الْمَذْكُورَة فَيحْتَاج فِي دَفعهَا إِلَى أجوبة لَا تَخْلُو عَن إِيرَاد كَمَا لَا يخفى وَأما الثَّانِي فَهُوَ أَن الْعلم هُوَ الْوَصْف الْعَارِض للصورة الْمَحْمُول عَلَيْهَا حملا عرضيا لَا ذاتيا وَحِينَئِذٍ لَا إِشْكَال وَلَا إِيرَاد.
وتفصيل هَذَا الْمُجْمل أَنَّك قد علمت فِيمَا مر أَن الْأَشْيَاء بعد حُصُولهَا فِي الأذهان تسمى صورا فَأَقُول إِنَّه يحصل لتِلْك الصُّور فِي الأذهان وصف لَيْسَ بحاصل لَهَا وَقت كَونهَا فِي الْأَعْيَان وَذَلِكَ الْوَصْف هُوَ الْحَالة الإدراكية أَي كَيْفيَّة كَون تِلْكَ الصُّور مدركة ومنكشفة وَهَذَا الْوَصْف هُوَ الْعلم وَإِذا حصل للصور الذهنية هَذَا الْوَصْف أَي الْحَالة الإدراكية يحصل بِسَبَب هَذَا الْوَصْف وصف آخر لتِلْك الصُّور وَهُوَ كَونهَا صورا علمية وَذَلِكَ الْوَصْف الَّذِي هُوَ الْعلم حَقِيقَة يحمل على الشَّيْء الْحَاصِل فِي الذِّهْن حملا عرضيا وَيصدق عَلَيْهِ صدقا عرضيا فَيُقَال للصورة الإنسانية مثلا علم وَكَذَا يُقَال عَلَيْهَا إِنَّهَا صُورَة علمية وَلَيْسَ كل من هذَيْن المحمولين نفس الْمَوْضُوع وَإِلَّا لَكَانَ مَحْمُولا عَلَيْهِ حَال كَونه فِي الْخَارِج ضَرُورَة أَن الذَّات والذاتي لَا يَخْتَلِفَانِ باخْتلَاف الْوُجُود فَهَذَا الْحمل من قبيل حمل الْكَاتِب على الْإِنْسَان فالعارض من مقولة الكيف سَوَاء كَانَ معروضه من هَذِه المقولة أَو من مقولة أُخْرَى.
فَالْحَاصِل أَن الْعلم بِحَسب الْحَقِيقَة لَيْسَ نفس الْحَاصِل فِي الذِّهْن بل عَارض لَهُ وَإِطْلَاق الْعلم على الْحَاصِل فِي الذِّهْن من قبيل إِطْلَاق الْعَارِض على المعروض مثل طَلَاق الضاحك على الْإِنْسَان فالعارض الَّذِي هُوَ الْعلم كَيفَ يصدق عَلَيْهِ رسمه والمعروض تَابع للموجود الْخَارِجِي فِي الجوهرية والكيفية وَغَيرهمَا لاتحاده مَعَه وَبِهَذَا التَّحْقِيق ينْحل كثير من الإشكالات الْمَذْكُورَة.
وَأَيْضًا ينْدَفع الْإِشْكَال الْمَشْهُور فِي التَّصَوُّر والتصديق وَهُوَ أَن الْمُحَقِّقين ذَهَبُوا إِلَى أَنَّهُمَا مُخْتَلِفَانِ بِحَسب الْحَقِيقَة وَإِذا تعلق التَّصَوُّر بالتصديق يلْزم اتحادهما لِاتِّحَاد الْعلم والمعلوم وَحَاصِل الدّفع أَن التَّصَوُّر والتصديق قِسْمَانِ لما هُوَ علم بِحَسب الْحَقِيقَة لَا لما صدق هُوَ عَلَيْهِ وَالْعلم الَّذِي هُوَ عين الْمَعْلُوم هُوَ مَا يصدق عَلَيْهِ الْعلم أَي مَا هُوَ حَاصِل فِي الذِّهْن وَإِن تَأَمَّلت فِيمَا حررنا ينْدَفع مَا قيل إِن قَوْله فَيُقَال لَهُ صُورَة علمية يشْعر بِأَن الْحَالة الإدراكية الَّتِي هِيَ علم بِالْحَقِيقَةِ هِيَ الْوَصْف أَي هَذَا الْمَحْمُول أَعنِي كَونهَا صُورَة علمية، وَلَا يخفى مَا فِيهِ لِأَنَّهُ إِن أَرَادَ مَفْهُوم لفظ هَذَا الْمَحْمُول فَظَاهر أَنه لَيْسَ كَذَلِك لِأَنَّهُ لَيْسَ من الكيفيات النفسانية العلمية، وَإِن أَرَادَ مصداقه فَهُوَ الصُّورَة الْحَاصِلَة فَهَذَا هُوَ الَّذِي فر عَنهُ.
وتوضيح الدّفع أَن هَاهُنَا وصفين متغائرين أَحدهمَا الْحَالة الإدراكية وَهِي علم فِي الْحَقِيقَة وَثَانِيهمَا كَون الْحَاصِل فِي الذِّهْن صُورَة علمية وَلَيْسَ أَحدهمَا عين الآخر نعم إِذا حصلت الْحَالة الإدراكية أَي الصّفة الأولى للصورة فِي الذِّهْن يحصل لتِلْك الصُّورَة بِسَبَب الصّفة الأولى صفة أُخْرَى وَهُوَ كَونهَا صُورَة علمية فالفاء فِي قَوْله فَيُقَال للتفريع والتعقيب أَي بعد حمل ذَلِك الْوَصْف الأول على الشَّيْء الْحَاصِل فِي الذِّهْن يُقَال لَهُ صُورَة علمية أَي يحمل هَذَا الْوَصْف الثَّانِي على ذَلِك الشَّيْء. فَإِن قلت الْمَقْصُود إِثْبَات زِيَادَة الْوَصْف الأول وعرضيته أَي الْكَيْفِيَّة الإدراكية الَّتِي هِيَ الْعلم وَلَا فَائِدَة فِي إِثْبَات الْوَصْف الثَّانِي وزيادته وعروضه مَعَ أَنه لَيْسَ بِعلم نعم لَكِن لما كَانَ إِثْبَات زِيَادَة الْوَصْف الثَّانِي وعرضيته توجب زِيَادَة الْوَصْف الأول وعرضيته لِأَن الْوَصْف الثَّانِي وَهُوَ كَون الْحَاصِل فِي الذِّهْن صُورَة علمية من لَوَازِم الْوَصْف الأول أَعنِي الْحَالة الإدراكية تعرض لإِثْبَات الْوَصْف الثَّانِي وزيادته وعرضيته. وَإِنَّمَا قُلْنَا إِن الْوَصْف الثَّانِي من لَوَازِم الْوَصْف الأول لِأَن الْوَصْف الثَّانِي اللَّازِم مُنْتَفٍ فِي ظرف الْخَارِج لِأَن الشَّيْء فِي الْخَارِج لَا تطلق عَلَيْهِ الصُّورَة العلمية فالوصف الأول الْمَلْزُوم أَيْضا يكون منتفيا عَنهُ فِي الْخَارِج.
وَبَقِي هَاهُنَا اعْتِرَاض قوي تَقْرِيره أَن قَوْله يصدق إِلَى آخِره وَقَوله حصل إِلَى آخِره وَقَوله فالعرض من مقولة الكيف إِلَى آخِره نُصُوص وشواهد على أَن الْحَالة الإدراكية من عوارض الصُّورَة الْحَاصِلَة ومحمولاتها وصفاتها مَعَ أَنَّهَا الْعلم حَقِيقَة فَيلْزم أَن يكون كل وَاحِد مِنْهَا عَالما حَقِيقَة لِأَن الْعَالم وكل مُشْتَقّ مِنْهُ يصدق على مَا قَامَ بِهِ مبدؤه ومأخذه وَهُوَ هَاهُنَا الصُّورَة الْحَاصِلَة فَتكون هِيَ عَالِمَة حَقِيقَة لَا النَّفس الناطقة الإنسانية اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يُقَال إِن الْكَيْفِيَّة الإدراكية إِذا حصلت حصلت لَهَا جهتان جِهَة النِّسْبَة إِلَى النَّفس الناطقة وجهة النِّسْبَة إِلَى الصُّورَة الْحَاصِلَة كَمَا أَن للمصدر الْمُتَعَدِّي حِين حُصُوله نسبتان نِسْبَة إِلَى الْفَاعِل وَنسبَة إِلَى الْمَفْعُول كالضرب فَإِن لَهُ علاقَة بالضارب بالصدور وبالمضروب بالوقوع. والمصدر حَقِيقَة من عوارض الْفَاعِل وَمن صِفَاته فَإِن الضَّرْب حَقِيقَة صفة الضَّارِب لَكِن لَا بعد فِي أَن يعد من صِفَات الْمَفْعُول مجَازًا نظرا إِلَى العلاقة الثَّانِيَة فَيُقَال إِن الضَّرْب صفة الْمَضْرُوب كَمَا أَنه صفة الضَّارِب وَإِن كَانَ أَحدهمَا حَقِيقَة وَالْآخر تجوزا. وَلَا مشاحة أَيْضا فِي أَن يُقَال إِن الْمصدر مَحْمُول على الْمَفْعُول فِي ضمن مُشْتَقّ من مشتقاته فَإِن الضَّرْب مَحْمُول على الْمَفْعُول بِاعْتِبَار أَن مشتقا من مشتقاته مَحْمُول عَلَيْهِ.
وَحَاصِل هَذَا الْجَواب أَنه لَا بَأْس بِكَوْن الصُّورَة الْحَاصِلَة فِي الذِّهْن عَالِمَة وَيُمكن أَن يُقَال إِن الْعلم وصف للصورة الْحَاصِلَة بِحَال متعلقها لَا بِحَال نَفسهَا فَلَا يلْزم من كَون الْعلم وَصفا للصورة ومحمولا عَلَيْهَا كَونه وَصفا لَهَا على وزن الْمَوْصُوف بِحَال الْمَوْصُوف، وَإِنَّمَا قُلْنَا إِن الْعلم وصف الصُّورَة بِحَال متعلقها لِأَن معنى الْحَالة الإدراكية الَّتِي هِيَ الْعلم حَقِيقَة حَالَة إِدْرَاك النَّفس الناطقة للصورة الْحَاصِلَة فِيهَا فَهِيَ وصف النَّفس بِحَال نَفسهَا وَالصُّورَة بِحَال متعلقها الَّذِي هُوَ النَّفس الناطقة المدركة لَهَا. والمشتق الْمَبْنِيّ للْفَاعِل إِنَّمَا يصدق على مَا قَامَ بِهِ المأخذ، والمشتق الْمَبْنِيّ للْمَفْعُول إِنَّمَا يصدق على مَا قَامَ بِهِ المأخذ الْمَبْنِيّ للْمَفْعُول. أَلا ترى أَن الضَّارِب لَا يصدق على مَا قَامَ بِهِ الضَّرْب الْمَبْنِيّ للْمَفْعُول. والمضروب لَا يصدق على مَا قَامَ بِهِ الضَّرْب الْمَبْنِيّ للْفَاعِل. هَذَا مَا خطر بالبال، وَلَا يخفى مَا فِيهِ من الأشكال، لِأَن الْمُتَبَادر من الْإِدْرَاك الْمصدر الْمَبْنِيّ للْفَاعِل وَفِيه مَا فِيهِ أَيْضا وَلَعَلَّ الله يحدث بعد ذَلِك أمرا.
وَلَا يخفى على الذكي الوكيع مَا يرد على الزَّاهِد من الأبحاث القوية أَحدهَا أَن الْحَاصِل بِالْمَصْدَرِ يكون مُؤَخرا عَن الْمصدر فَكيف يَصح أَن يُقَال إِن المُرَاد بِحُصُول الصُّورَة الْمَعْنى الْحَاصِل بِالْمَصْدَرِ وَجعل ذَلِك الْمَعْنى علما حَقِيقَة لِأَن الْعلم على مَا قَالَ مبدؤ الانكشاف ومقدم عَلَيْهِ فَلَو كَانَ الْعلم عبارَة عَن الْحَاصِل بِالْمَصْدَرِ يكون مُؤَخرا عَن الْمصدر أَي عَن حُصُول الصُّورَة الملازم للانكشاف فَيلْزم أَن يكون الْعلم مُؤَخرا عَن الانكشاف أَيْضا. وَثَانِيها أَن الْعلم من الموجودات الخارجية فَلَو كَانَ وَصفا عارضا للصورة الذهنية يلْزم زِيَادَة الْعَارِض على المعروض فِي الْوُجُود فَإِن الْعَارِض فرض كيفا مَوْجُودا فِي الْخَارِج والمعروض مَوْجُود ذهني وَثَالِثهَا أَنه لَا يتَصَوَّر أَن يكون الْمَوْجُود الْخَارِجِي عارضا للوجود الذهْنِي فَإِن الْعَارِض يكون تَابعا لمعروضه فِي طرفه فَإِن وجود الْعَارِض الْمَحْمُول إِنَّمَا هُوَ وجود الْمَوْجُود الْمَوْضُوع فَيكون تَابعا لوُجُود الْمَوْضُوع وَوُجُود الْمَوْضُوع هَاهُنَا ذهني فَكيف يكون بعارضه الْمَحْمُول وجود خارجي. وَقد أجَاب عَنْهَا بعض أَبنَاء الزَّمَان بأجوبة مَا لَهَا خلاف ظَاهر بَيَان الزَّاهِد بل استحداث مَذْهَب آخر غير مذْهبه وَتَحْقِيق سوى تَحْقِيقه لم ألتفت إِلَيْهَا مَعَ أَن تردد البال وتشتت الْحَال لم يرخص أَيْضا بنقلها.
ثمَّ اعْلَم أَن هَاهُنَا تحقيقات وشبهات أذكرها للناظرين رَجَاء مِنْهُم دُعَاء بَقَاء الْإِيمَان، والتجاوز عَن جَزَاء الْعِصْيَان، قد أَشرت فِي العجالة إِلَى شُبْهَة مَشْهُورَة وجوابها بطرِيق الرَّمْز والألغاز وَهَاهُنَا أذكرها بتقرير وَاضح وتحرير لائح بِأَن البداهة والنظرية صفتان متبائنتان لَا يُمكن جَمعهمَا فِي شَيْء وَاحِد فالعلم لَا يكون إِلَّا بديهيا أَو نظريا على سَبِيل الِانْفِصَال الْحَقِيقِيّ وَهُوَ منقسم إِلَى التَّصَوُّر والتصديق المنقسمين إِلَى البديهي والنظري فَيلْزم انقسام الْعلم إِلَيْهِمَا أَيْضا فَإِن كَانَ نظريا كَمَا هُوَ الْحق أَو ضَرُورِيًّا كَمَا هُوَ مَذْهَب الإِمَام يلْزم انقسام الشَّيْء إِلَى نَفسه وَإِلَى غَيره وبطلانه أظهر من أَن يخفى. وَالْجَوَاب أَن الْعلم من حَيْثُ مَفْهُومه إِمَّا ضَرُورِيّ أَو كسبي وَلَا يلْزم مِنْهُ أَن يكون جَمِيع مَا صدق عَلَيْهِ ضَرُورِيًّا أَو جَمِيع مَا صدق عَلَيْهِ كسبيا بل يجوز أَن يكون بعض مَا صدق عَلَيْهِ ضَرُورِيًّا وَالْبَعْض الآخر كسبيا. وَحَاصِل الْجَواب أَن الضَّرُورِيّ أَو الكسبي هُوَ مَفْهُوم الْعلم والمنقسم إِلَيْهِمَا إِنَّمَا هُوَ مَا صدق عَلَيْهِ الْعلم وَلَا يلْزم من كَون مَفْهُوم شَيْء ضَرُورِيًّا أَو كسبيا أَن يكون جَمِيع مَا صدق عَلَيْهِ ذَلِك الشَّيْء أَيْضا كَذَلِك. أَلا ترى أَن الضَّرُورِيّ نَظَرِي مفهوما مَعَ أَن مَا صدق عَلَيْهِ إِنَّمَا يكون ضَرُورِيًّا بديهيا. فَإِن قلت، قَوْلهم الْعلم إِمَّا تصور أَو تَصْدِيق مُنْفَصِلَة حَقِيقِيَّة أَو مَانِعَة الْجمع أَو مَانِعَة الْخُلُو فعلى الْأَوَّلين لَا يفهم أَن للْعلم قسمَيْنِ، وعَلى الثَّالِث لَا يحصل الْجَزْم بالقسمين مَعَ أَنه الْمَقْصُود. وَالْجَوَاب أَن هَذِه الْقَضِيَّة لَيست بمنفصلة وَإِنَّمَا هِيَ حملية شَبيهَة بالمنفصلة والمنافاة قد تعْتَبر فِي القضايا المنفصلات وَقد تعْتَبر فِي الْمُفْردَات بِحَسب صدقهَا على الذَّات وَهِي الحمليات الشبيهة بالمنفصلات.
وَفِي الرسَالَة القطبية فِي الْحِكْمَة العملية الْعلم هُوَ الْمَوْجُود المستلزم عدم الْغَيْبَة فَإِن كَانَ بِآلَة فَهُوَ الْعلم وَإِن كَانَ بِغَيْر وَاسِطَة فَهُوَ الْمُشَاهدَة وَإِن كَانَ بِآلَة روحانية فَهُوَ الْمَعْقُول والجازم الَّذِي لَيْسَ مطابقا هُوَ الْجَهْل الْمركب والمطابق الَّذِي لَا مُسْتَند لَهُ هُوَ التَّقْلِيد الْحق وَالَّذِي لَهُ مُسْتَند وَكفى فِي التَّصْدِيق بِنِسْبَة أحد جزئيه إِلَى الآخر تصور أحد الطَّرفَيْنِ فَقَط فَهُوَ الفطري وَإِن لم يكف فَهُوَ الفكري وَإِن كَانَ غير جازم فأقرب الطَّرفَيْنِ إِلَى الْجَزْم ظن وأوسطها شكّ وأبعدهما وهم. والجازم المطابق الَّذِي لَهُ مُسْتَند إِن كَانَ برهَان الْآن فَهُوَ الْيَقِين وَإِن كَانَ ببرهان اللم فَهُوَ علم الْيَقِين، والمشاهدة إِن كَانَت على وَجه يُمكن أتم مِنْهَا فَهُوَ عين الْيَقِين، وَإِن كَانَ على وَجه لَا يُمكن أتم مِنْهَا فَهُوَ حق الْيَقِين انْتهى. قَالَ بعض الْحُكَمَاء لِابْنِهِ يَا بني خُذ الْعلم من أَفْوَاه الرِّجَال فَإِنَّهُم يَكْتُبُونَ أحسن مَا يسمعُونَ ويحفظون أحسن مَا يَكْتُبُونَ وَيَقُولُونَ أحسن مَا يحفظون.
الْعلم الحضوري وَالْعلم الحصولي قد عرفت تَعْرِيف كل مِنْهُمَا فِي تَحْقِيق الْعلم فَاعْلَم أَن كل وَاحِد مِنْهُمَا حَقِيقَة نوعية محصلة عِنْدهم ذاتي لما تَحْتَهُ مغائر للْآخر مُغَايرَة نوعية، وَالْعلم والمعلوم فِي الْعلم الحضوري متحدان بِالذَّاتِ وَالِاعْتِبَار. وَفِي الحصولي متحدان بِالذَّاتِ متغائران بِالِاعْتِبَارِ فَإِن الْعلم فِي الحصولي الْمَاهِيّة من حَيْثُ إِنَّهَا مكيفة بالعوارض الذهنية، والمعلوم فِيهِ الْمَاهِيّة مَعَ قطع النّظر عَن تِلْكَ الْحَيْثِيَّة. فَإِن قيل زعم بَعضهم أَن مَجْمُوع المعروض والعوراض الذهنية علم حصولي والمعروض فَقَط مَعْلُوم بِهِ فَيعلم من هَاهُنَا أَن التغاير بَينهمَا فِي الْعلم الحصولي بِالذَّاتِ، قُلْنَا، هَذَا المظنون غير صَحِيح لِأَن الْعلم عِنْدهم حَقِيقَة محصلة لَا أَمر اعتباري أَي لَيْسَ من الْأُمُور الَّتِي تحققها بِاعْتِبَار الْعقل واختراع الذِّهْن بل هُوَ أَمر مُحَقّق فِي نفس الْأَمر وَله حَقِيقَة محصلة مَوْجُودَة بِلَا اعْتِبَار واختراع فَلَو كَانَ الْعلم أَي مَا يصدق عَلَيْهِ الْكَيْفِيَّة العلمية مَجْمُوع الْعَارِض والمعروض مَجْمُوع الْإِنْسَان وعوارضه الذهنية مثلا يلْزم أَن يكون حَقِيقَة الْعلم ملتئمة عَن الْجَوْهَر وَالْعرض أَو عَن غَيرهمَا من المقولتين المتبائنتين.
وَلَا شكّ أَن كل حَقِيقَة مركبة كَذَلِك فَهُوَ أَمر اعتباري لَيْسَ لَهُ حَقِيقَة وحدانية محصلة مَعَ أَن منَاط الانكشاف هُوَ أَن يحصل المعروض فَقَط لَا أَن يحصل مَجْمُوع المعروض والعوارض على مَا تشهد بِهِ الضَّرُورَة، أَلا ترى أَنه لَو حصل المعروض فِي الذِّهْن خَالِيا عَن الْعَوَارِض لتحَقّق الانكشاف فَإِن قيل زعم بَعضهم أَن التغاير بَين الْعلم والمعلوم فِي الحضوري تغاير اعتباري كتغاير المعالج والمعالج فَلَيْسَ بَينهمَا اتِّحَاد بِالذَّاتِ وَالِاعْتِبَار قُلْنَا التغاير على نَوْعَيْنِ تغاير بِاعْتِبَار المصداق أَي التغاير الَّذِي هُوَ مصداق تحقق المتغائرين وتغاير بعد تحقق المتغائرين وَالْمُعْتَبر فِي الِاتِّحَاد بِالذَّاتِ هُوَ نفي التغاير الأول فالتغاير الثَّانِي لَا يضر فِي ذَلِك الِاتِّحَاد فقد اشْتبهَ على هَذَا الزاعم التغاير الأول بالتغاير الثَّانِي. وتفصيل هَذَا الْإِجْمَال أَن فِي المعالج والمعالج حيثيتين حيثية الْقُوَّة الفعلية وحيثية الْقُوَّة الانفعالية وَيُقَال المعالج بِالْكَسْرِ بِالِاعْتِبَارِ الأول والحيثية الأولى والمعالج بِالْفَتْح بِالِاعْتِبَارِ الثَّانِي والحيثية الثَّانِيَة وَالْعلم الحضوري لَيْسَ كَذَلِك لِأَن منَاط الانكشاف فِي الْعلم الحضوري هُوَ الصُّورَة الخارجية الْحَاضِرَة. نعم هَذِه الصُّورَة من حَيْثُ إِنَّهَا منَاط الانكشاف يُقَال لَهَا علم حضوري وَمن حَيْثُ إِنَّهَا منكشفة يُقَال لَهَا مَعْلُوم حضوري وَهَاتَانِ الحيثيتان متأخرتان عَن مصداق تحققهما وَهَذَا المصداق لَيْسَ إِلَّا وَاحِد، وَالْمرَاد باتحاد الْعلم والمعلوم فِي الْعلم الحضوري هُوَ الِاتِّحَاد بِاعْتِبَار المصداق وَهُوَ مُتحد فِي الْعلم الحضوري وَأَن تحدث بعد تحَققه حيثيتان بِخِلَاف المعالج والمعالج فَإِن مصداق تحققهما مُتَعَدد فيهمَا وَلَو كَانَ مصداق الْعلم والمعلوم فِي الْعلم الحضوري مُتَعَددًا بِأَن كَانَ التغاير بَينهمَا مَوْجُودا أَن تحققهما عِلّة لتحققهما مقدما على التغاير الَّذِي بعد تحققهما لَكَانَ الْعلم الحضوري صُورَة منتزعة من الْمَعْلُوم وَكَانَ علما حصوليا.
فَإِن قيل كَيفَ يكون الْعلم والمعلوم فِي الحصولي متحدين بِالذَّاتِ ومتغائرين بِالِاعْتِبَارِ قُلْنَا قَالَ الزَّاهِد أَن للشَّيْء الْحَاصِل صورته فِي الذِّهْن ثَلَاثَة اعتبارات الأول اعْتِبَاره من حَيْثُ هُوَ أَي مَعَ قطع النّظر عَن عوارضه الخارجية والذهنية وَالثَّانِي اعْتِبَاره من حَيْثُ الْعَوَارِض الخارجية وَالثَّالِث اعْتِبَاره من حَيْثُ الْعَوَارِض الذهنية وَذَلِكَ الشَّيْء بِالِاعْتِبَارِ الأول أَي من حَيْثُ هُوَ مَعْلُوم بِالْعلمِ الحصولي بِالذَّاتِ لحُصُول صورته فِي الذِّهْن وموجود فِي الْخَارِج لحصوله فِي الْخَارِج بِنَفسِهِ وموجود فِي الذِّهْن لحصوله فِي الذِّهْن بصورته الْحَاصِلَة فِيهِ وَالشَّيْء الْمَذْكُور بِالِاعْتِبَارِ الثَّانِي أَي من حَيْثُ الْعَوَارِض الخارجية مَعْلُوم بِالْعلمِ الحصولي بِالْعرضِ لِأَن الْعلم يتَحَقَّق عِنْد انتفائه. وَأَنت تعلم أَن الْعلم صفة ذَات إِضَافَة لَا بُد لَهُ من مَعْلُوم وموجود فِي الْخَارِج فَقَط لترتب الْآثَار الخارجية عَلَيْهِ دون الذهنية وَالشَّيْء المسطور بِالِاعْتِبَارِ الثَّالِث أَي من حَيْثُ الْعَوَارِض الذهنية علم حصولي لكَونه صُورَة ذهنية للاعتبار الأول وَعلم حضوري بِنَفس هَذَا الْعلم وَمَعْلُوم بِالْعلمِ الحضوري لكَونه صفة قَائِمَة بِالنَّفسِ وَعلمهَا بذاتها وصفاتها علم حضوري وموجود فِي الْخَارِج لترتب الْآثَار الخارجية واتصاف الذِّهْن بِهِ اتصافا انضماميا وَهُوَ يَسْتَدْعِي وجود الحاشيتين فِي الْخَارِج كَمَا حققناه فِي تَحْقِيق الاتصاف. وَلَا يخفى على الوكيع أَن جَمِيع مَا ذكر على تَقْدِير أَن يكون الْعلم الحصولي عبارَة عَن الصُّورَة الْحَاصِلَة لَا عَن كَيْفيَّة إدراكية، فَإِن قلت، إِن الْعلم الحضوري على مَا عرف بِكَوْن الصُّورَة العلمية فِيهِ الصُّورَة الخارجية وَنَفس الْعلم الحصولي أَي نفس الصُّورَة الْحَاصِلَة من الشَّيْء عِنْد الْعقل علم حضوري عِنْدهم لحضورها بِنَفسِهَا عِنْد الْعقل فَيلْزم أَن يكون تِلْكَ الصُّورَة خارجية وَغير خارجية قُلْنَا جَوَابه قد مر فِي تَحْقِيق الْعلم.
وَحَاصِله أَن الصُّورَة العلمية الْحَاصِلَة فِي الذِّهْن من حَيْثُ إِنَّهَا صُورَة علمية حَاصِلَة فِي الذِّهْن لَهَا وجود يحذو حَذْو الْوُجُود الْخَارِجِي فِي ترَتّب الْآثَار الخارجية فَتلك الصُّورَة بِهَذِهِ الْحَيْثِيَّة خارجية وَلَا مُنَافَاة بَين كَونهَا خارجية بِهَذَا الْمَعْنى وَبَين كَونهَا لَيست بخارجية بِمَعْنى أَنَّهَا لَيست بموجودة فِي الْخَارِج أَي مَا وَرَاء الذِّهْن - فَالْمُرَاد بالموجود الْخَارِجِي فِي الْعلم الحضوري أَعم مِمَّا لَهُ وجود خارجي حَقِيقَة وَمِمَّا لَهُ وجود خارجي حكما بِأَن يكون لَهُ وجود يحذو حَذْو الْوُجُود الْخَارِجِي فِي ترَتّب الْآثَار الخارجية. وَلَا شكّ أَن مَا لَهُ وجود فِي الْخَارِج كالنار مثلا يَتَرَتَّب عَلَيْهِ الْآثَار الخارجية مثل الإحراق واللمعان كَذَلِك تترتب على الصُّورَة الْحَاصِلَة فِي الذِّهْن آثَار خارجية كالفرح والانبساط والحزن والانقباض وَمن أَرَادَ زِيَادَة التَّفْصِيل وَالتَّحْقِيق فَليرْجع إِلَى الْعلم والتصور والتصديق.
وَهَا هُنَا سُؤال مَشْهُور تَقْرِيره أَن الحضوري لما كَانَ عين الْمَوْجُود الْخَارِجِي وَعلم الْوَاجِب عينه فَيلْزم أَن يكون الْوَاجِب عين الممكنات وَالْجَوَاب أَن معنى كَون ذَاته تَعَالَى عين علمه أَنه يَتَرَتَّب على ذَاته مَا يَتَرَتَّب على الْعلم من انكشاف المعلومات كَمَا يُقَال إِن الْعَالم الْفُلَانِيّ عين الْكتاب أما سَمِعت أَن مقصودهم من نفي الصِّفَات عَن ذَاته تَعَالَى إِثْبَات غاياتها.
(الْعلم) الْعَالم

(الْعلم) إِدْرَاك الشَّيْء بحقيقته وَالْيَقِين وَنور يقذفه الله فِي قلب من يحب والمعرفة وَقيل الْعلم يُقَال لإدراك الْكُلِّي والمركب والمعرفة تقال لإدراك الجزئي أَو الْبَسِيط وَمن هُنَا يُقَال عرفت الله دون عَلمته وَيُطلق الْعلم على مَجْمُوع مسَائِل وأصول كُلية تجمعها جِهَة وَاحِدَة كعلم الْكَلَام وَعلم النَّحْو وَعلم الأَرْض وَعلم الكونيات وَعلم الْآثَار (ج) عُلُوم وعلوم الْعَرَبيَّة الْعُلُوم الْمُتَعَلّقَة باللغة الْعَرَبيَّة كالنحو وَالصرْف والمعاني وَالْبَيَان والبديع وَالشعر والخطابة وَتسَمى بِعلم الْأَدَب وَيُطلق الْعلم حَدِيثا على الْعُلُوم الطبيعية الَّتِي تحْتَاج إِلَى تجربة ومشاهدة واختبار سَوَاء أَكَانَت أساسية كالكيمياء والطبيعة والفلك والرياضيات والنبات وَالْحَيَوَان والجيولوجيا أَو تطبيقية كالطب والهندسة والزراعة والبيطرة وَمَا إِلَيْهَا

(الْعلم) الْعَلامَة والأثر والفصل بَين الْأَرْضين وَشَيْء مَنْصُوب فِي الطَّرِيق يهتدى بِهِ ورسم فِي الثَّوْب وَسيد الْقَوْم والجبل والراية (ج) أَعْلَام

الايتلاف

الايتلاف: عِنْد عُلَمَاء البديع هُوَ مُرَاعَاة النظير.
الايتلاف:
[في الانكليزية] Harmony ،equilibrium
[ في الفرنسية] Harmonie ،equilibrage
عند أهل البديع هو التناسب. وائتلاف القافية عندهم هو التمكين. وائتلاف اللفظ مع اللفظ عندهم أن تكون الألفاظ يلائم بعضها بعضا، بأن يقرن الغريب بمثله والمتداولة بمثله رعاية لحسن الجوار والمناسبة، كقوله تعالى:
قالُوا تَاللَّهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً، أتى بأغرب ألفاظ القسم وهي التاء، فإنها أقل استعمالا وأبعد من أفهام العامة بالنسبة إلى الباء والواو، وبأغرب صيغ الأفعال التي ترفع الأسماء وتنصب الأخبار، فإن تزال أقرب إلى الأفهام وأكثر استعمالا منها، وبأغرب ألفاظ الهلاك وهو الحرض، فاقتضى حسن الوضع في النظم أن تجاور كل لفظة بلفظة مثلها في الغرابة توخيا لحسن الجوار ورغبة في ائتلاف المعاني بالألفاظ، ولتتعادل الألفاظ في الوضع وتتناسب في النظم. ولما أراد غير ذلك قال وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ فأتى بجميع الألفاظ المتداولة لا غرابة فيها.
وائتلاف اللفظ مع المعنى أن تكون ألفاظ الكلام ملائمة للمعنى المراد، فإن كان فخما كانت ألفاظه مفخّمة أو جزلا فجزلة أو غريبا فغريبة أو متداولا فمتداولة أو متوسطة بين الغرابة والاستعمال فكذلك، كقوله تعالى وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ فلمّا كان الركون إلى الظالم وهو الميل إليه والاعتماد عليه دون مشاركته في الظلم، وجب أن يكون العقاب عليه دون العقاب على الظالم، فأتى بلفظ المسّ الذي هو دون الإحراق والاصطلام. ومنه الفرق بين سقى وأسقى، فإنّ سقى لما كان لا كلفة معه في السقية أورده تعالى في شراب الجنة فقال وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً وأسقى لمّا كان فيه كلفة أورده في شراب الدنيا فقال وَأَسْقَيْناكُمْ ماءً فُراتاً ولَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً لأن السقيا في الدنيا لا يخلو من الكلفة أبدا، كذا في الاتقان في نوع بدائع القرآن.

العشق

العشق: الإفراط في المحبة.
العشق:
[في الانكليزية] Burning love ،passion
[ في الفرنسية] Amour ardent ،passion
بالكسر والفتح وسكون الشين المعجمة حدّه عند أهل السلوك بذل مالك وتحمّل ما عليك. وقيل هو آخر مرتبة المحبة، والمحبة أوّل درجة العشق، كذا في خلاصة السلوك.
وقيل هو عبارة عن إفراط المحبة وشدّتها. وقيل نار تقع في القلب فتحرق ما سوى المحبوب.
وقيل هو بحر البلاء. وقيل هو إحراق وقتل وبعده بعطاء الله تعالى حياة لا فناء له. وقيل جنون إلهيّ رفض بناء العقل. وقيل قيام القلب مع المعشوق بلا واسطة. يقول الشيخ مينا:
العشق مأخوذ من العشقة وهي نبتة تتسلّق على الجذوع فتجعلها يابسة، بينما هي تكون خضراء ونضرة. إذا، فالعشق متى حلّ في بدن يجعل صاحبه يابسا وممحوا، وبدنه ضعيفا ولكن قلبه وروحه منوّرة، كذا في مجمع السلوك.
وفي الإنسان الكامل في باب الإرادة وفي مقام العشق يرى العاشق معشوقه فلا يعرفه كما روي عن مجنون ليلى أنّها مرّت به ذات يوم فدعته إليها لتحدّثه فقال لها: دعني عنك فإني مشغول عنك بليلى، وهذا آخر مقامات الوصول والقرب فيها ينكر العارف معروفه، فلا يبقى عارفا ولا معروفا ولا عاشقا ولا معشوقا، ولا يبقى إلّا العشق وحده. فالعشق هو الذات المحض الصّرف الذي لا يدخل تحت رسم ولا اسم ولا نعت ولا وصف. فالعشق في ابتداء ظهوره يفنى العاشق حتى لا يبقى له اسم ولا وصف ولا رسم، فإذا امتحق العاشق وطمس أخذ العشق في فناء المعشوق، فلا يزال يفني منه الاسم ثم الوصف ثم الذات، فلا يبقى عاشقا ولا معشوقا، وحينئذ يظهر العشق بالصورتين ويتّصف بالصفتين فيسمّى بالعاشق ويسمّى بالمعشوق. وفي الصحائف يقول في الصفحة التاسعة عشرة: العشق عبارة عن فرط المحبّة وهو على خمس درجات.

الأولى: فقدان القلب. ومن ليس بمفقود القلب فليس بعاشق.

الثانية: تأسّف العاشق. وفي هذه الحالة عند ما يكون بدون معشوقه يتأسّف على كلّ لحظة من عمره.

الثالثة: الوجد.

الرابعة: عدم الصبر حيث قيل:
الصّبر عنك مذموم عواقبه والصّبر في سائر الأشياء محمود الخامسة: الصّبابة، فالعاشق في هذه المرحلة يكون مدهوشا، ولغلبة العشق عليه يكون بلا وعي.

ويقول في كشف اللغات: العشق جامع الكمالات وليس هذا إلّا للحقّ. ويقول الشيخ فخر الدين العراقي: العشق إشارة للذات الأحدية المطلقة. وهذا ما اختاره المتأخرون.
والعاشق هو الذي لم يبق فيه أثر للعقل، وليس لديه خبر عن رأسه وقدمه. وقد حرّم على نفسه النوم والطعام. لسانه مشغول بالذكر وقلبه بالفكر وروحه بالمشاهدة.

النظر

النظر: طلب المعنى بالقلب من جهة الذكر، كما يطلب إدراك المحسوس بالعين، ذكره الحرالي، قال: وأول موقع العين على الصورة نظر، ومعرفة خبرتها الحسية بصر، ونفوذه إلى حقيقتها رؤية. فالبصر متوسط بين النظر والرؤية كما قال تعالى {وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ} . وقال غيره: تقليب البصر أو البصيرة لإدراك الشيء ورؤيته، وقد يراد به التأمل والفحص، وقد يراد به المعرفة الحاصلة بعد الفحص، واستعمال النظر في البصر أكثر عند العامة، وفي البصيرة أكثر عند الخاصة. ونظر الله إلى عباده إحسانه إليهم وإفاضة نعمه عليهم. والنظير: المثل، واصله المناظر كأنه ينظر كل منهما إلى صاحبه فيناديه. والمناظرة: المباحثة والمباراة في النظر. والنظر: البحث، وهو أعم من القياس لأن كل قياس نظر ولا عكس.

النظر عند أهل الأصول: الفكر المؤدي إلى علم أو ظن.
النظر:
[في الانكليزية] Sight ،vision ،consideration ،meditation ،position ،thought ،reflection
[ في الفرنسية] Vue ،consideration ،meditation position ،pensee ،reflexion
بفتح النون والظاء المعجمة في اللغة نكريستن در چيزي بتأمل، يقال نظرت إلى الشيء كذا في الصراح. وعند المنجّمين كون الشيئين على وضع مخصوص في الفلك، فإن اجتمع الكوكبان غير الشمس والقمر في جزء واحد من أجزاء فلك البروج يسمّى قرانا ومقارنة، وإن كان أحد الكوكبين المجتمعين في جزء واحد شمسا والآخر كوكبا من الخمسة المتحيّرة يسمّى احتراقا، وإن كان أحدهما شمسا والآخر قمرا يسمّى اجتماعا، وإن لم يجتمع الكوكبان في جزء واحد، فإن كان البعد بينهما سدس الفلك بأن تكون مسافة ما بينهما ستين درجة من فلك البروج كأن يكون أحدهما في أول الحمل والآخر في أول الجوزاء يسمّى نظر تسديس، وإن كان البعد بينهما ربع الفلك أي تسعين درجة يسمّى نظر التربيع، وإن كان البعد بينهما ثلث الفلك أي مائة وعشرين درجة يسمّى نظر التثليث، وإن كان البعد بينهما نصف الفلك أي مائة وثمانين درجة يسمّى مقابلة ومقابلة النيّرين أي الشمس والقمر يسمّى استقبالا، ونظرات القمر تسمّى امتزاجات وممازجات قمر ومقارنة الكواكب بعقدة القمر تسمّى مجاسدة، وإن لم يكن البعد بينهما كذلك فلا نظر بينهما.
اعلم أنّ نظر كلّ برج إلى ثالثة هو التسديس الأيمن وإلى الحادي عشر هو التسديس الأيسر، وإلى خامسه التثليث الأيمن وإلى تاسعه التثليث الأيسر، وإلى رابعه التربيع الأيمن وإلى عاشره التربيع الأيسر وقد مرّ ما يتعلّق بهذا في لفظ الاتصال. اعلم بأنّ عبد العلي البرجندي في شرح زيج (الغ بيك) يقول:

الأنظار نحو نظر المقابلة قسمان: أحدهما على التوالي ويقال له: أنظار أولى. وذلك لأنّ حركات الكواكب لهذا الجانب. فلذا يقولون:
أولا هذه الأنظار تقع. والثاني يقال له أنظار ثانية. ويقال للأولى أنظار يسرى، وللثانية أنظار يمنى. وذلك لأنّ أهل أحكام الفلك توهّموا كون الإنسان مستلقيا ورأسه لجهة القطب الشمالي. وقسم من هذه الأنظار حينا يعتبرونها من منطقة البروج، والنظرات التي يسطّرونها في دفاتر التقويم مبنية على هذا الاعتبار وحينا من معدّل النهار. وهذه معتبرة في أحكام المواليد، ويقولون لها أيضا مطارح الأشعّة ومطارح الأنوار وتخصيصهم مطرح الشّعاع بهذه المواضع من حيث أنّ آثار وقوع الشّعاع يظهر في هذه المواضع، ولأنّ صحّتها صارت معلومة بالتجارب الكثيرة وإلّا فإنّ أشعّتها تصل إلى جميع أجزاء الفلك. انتهى كلامه. وإنّ نظرات البيوت والأشكال والنقاط في علم الرمل يأخذونها على هذا النحو، إلّا إذا لاحظوا بيوت الرمل بدلا من أجزاء فلك البروج وبدلا من كواكب الأشكال نقاط الاعتبار.
وأمّا عند غيرهم كالمنطقيين فقيل هو الفكر وقيل غيره وقد سبق. وقال القاضي الباقلاني النّظر هو الفكر الذي يطلب به علم أو غلبة ظنّ، والمراد بالفكر انتقال النفس في المعاني انتقالا بالقصد، فإنّ ما لا يكون انتقالا بالقصد كالحدس وأكثر حديث النفس لا يسمّى فكرا، وذلك الانتقال الفكري قد يكون بطلب العلم أو الظّنّ فيسمّى نظرا، وقد لا يكون كذلك فلا يسمّى به فالفكر جنس له وما بعده فصل له وكلمة، أو لتقسيم المحدود دون الحدّ.
وحاصله أنّ قسما من المحدود حدّه هذا أي الفكر الذي يطلب به علم، وقسما آخر حدّه ذاك أي الفكر الذي يطلب به ظنّ فلا يرد أنّ الترديد للإبهام فينافي التحديد والمراد بغلبة الظّنّ هو أصل الظّنّ، وإنّما زيد لفظ الغلبة تنبيها على أنّ الرجحان مأخوذ في حقيقة فإنّ ماهية الظّنّ هي الاعتقاد الراجح فلا يرد أنّ غلبة الظّنّ غير أصل الظّنّ فيخرج عنه ما يطلب به أصل الظّنّ، والمراد بطلب الظّنّ من حيث هو ظنّ من غير ملاحظة المطابقة للمظنون وعدمها، فإنّ المقصود الأصلي كالعمل في الاجتهاديات قد يترتّب على الظّنّ بالحكم بالنّظر إلى الدليل، فإنّ الحكم الذي غلب على ظنّ المجتهد كونه مستفادا من الدليل بحسب العمل به عليه من غير التفات إلى مطابقته وعدّ مطابقته سيّما عند من يقول بإصابة كلّ مجتهد، ولذا يثاب المجتهد المخطئ فلا يرد أنّ الظّنّ الغير المطابق جهل، فيلزم أن يكون الجهل مطلوبا وهو ممتنع إذ لا يلزم من طلب الأعمّ الذي هو الظّنّ مطلقا طلب الأخصّ الذي هو الظّنّ الغير المطابق، فلا يلزم طلب الجهل. وهذا التعريف يتناول النظر في التصوّر وفي التصديق لأنّ التصوّر مندرج في العلم، وكذا التصديق اليقيني مندرج فيه، فيتناول القطعي باعتبار مادته وصورته كالنّظر القياسي البرهاني والظّنّي من حيث المادة كالنّظر القياسي الخطابي، ومن حيث الصورة كالاستقراء والتمثيل، وكذا يتناول النّظر الصحيح والفاسد.
اعلم أنّ للنظر تعريفات بحسب المذاهب.
فمن يرون أنّه اكتساب المجهول بالمعلومات السّابقة وهم أرباب التعاليم القائلون بالتعليم والتعلّم يقولون إنّ النّظر ترتيب أمور معلومة للتأدّي إلى مجهول، وبعبارة أخرى ترتيب علوم الخ، إذ العلم والمعلوم متحدان والترتيب فعل اختياري لا بدّ له من علّة غائية، فالباعث على ذلك الفعل التأدّي إلى المجهول يقينا أو ظنّا أو احتمالا فهو الفكر، فخرج عنه المقدّمة الواحدة لأنّ الترتيب فيها ليس للتأدّي بل لتحصيل المقدّمة، وكذا خرج أجزاء النظر وترتيب الطرفين والنسبة الحكمية أو بعضها في القضية لتحصيل الوقوع واللاوقوع المجهول، وكذا خرج التنبيهات، وكذا خرج الحدس لأنّه سنوح المبادئ المرتّبة دفعة من غير اختيار، سواء كان بعد طلب أو لا، وأيضا ليس له غاية لعدم الاختيار فيه، ودخل فيه ترتيب المقدّمات المشكوكة المناسبة بوجود غرض التأدّي احتمالا، وكذا التعليم لأنّه فكر بمعونة الغير وكذا الحدّ والرسم الكاملان إلّا أنّ الأول موصل إلى الكنه والثاني إلى الوجه، لكنه يخرج عنه التعريف بالفصل والخاصّة وحدهما، وكون كلّ منهما قليلا ناقصا كما قاله ابن سينا لا يشفي العليل لأنّ الحدّ إنما هو لمطلق النّظر فيجب أن يندرج فيه جميع أفراده التامة والناقصة قلّ استعمالها أو كثر. ولهذا غيّر البعض هذا التعريف فقال هو تحصيل أمر أو ترتيب أمور للتأدّي إلى المجهول، وكذا دخل فيه قياسا المساواة والاستلزام بواسطة عكس النقيض وإن أخرجوهما عن القياس لعدم اللزوم لذاته، وكذا النّظر في الدليل الثاني لأنّ المقصود منه العلم بوجه دلالته وهو مجهول. وإنّما قيل للتأدّي ولم يقل بحيث يؤدّي ليشتمل النّظر الفاسد صورة أو مادة فيشتمل المغالطات المصادفة للبديهيات كالتشكيك المذكور في نفس اللزوم ونحوه لأنّ الغرض منها التصديق للأحكام الكاذبة وإن لم يحصل ذلك، وغيّر البعض هذا التعريف لما مر فقال النّظر ملاحظة العقل ما هو حاصل عنده لتحصيل غيره، والمراد بالعقل النفس لأنّ الملاحظة فعلها وأنّ المجرّدات علمها حضوري لا حصولي، والمتبادر من الملاحظة ما يكون بقصد واختيار فخرج الحدس ثم الملاحظة لأجل تحصيل الغير تقتضي أن يكون ذلك لتحصيل غاية مترتّبة عليه في الجملة فلا يرد النقض بالملاحظة التي عند الحركة الأولى والثانية إذ لا يترتّب عليه التحصيل أصلا، بل إنّما يترتّب على الملاحظة التي هي من ابتداء الحركة الأولى إلى انتهاء الحركة الثانية. نعم يترتّب على الملاحظة بالحركة الأولى في التعريف بالمفرد وهي فرد منه فتدبّر فظهر شمول هذا التعريف أيضا لجميع الأقسام. وأمّا من يرى أنّ النّظر مجرّد التوجّه إلى المطلوب الإدراكي بناء على أنّ المبدأ عام الفيض متى توجهنا إلى المطلوب أفاضه علينا من غير أن يكون لنا في ذلك استعانة بمعلومات، فمنهم من جعله عدميا فقال هو تجريد الذهن عن الغفلات المانعة عن حصول المطلوب، ومنهم من جعله وجوديا فقال هو تحديق العقل نحو المعقولات أي المطالب وتحديق النّظر بالبصر نحو المبصرات. وقد يقال كما أنّ الإدراك بالبصر يتوقّف على أمور ثلاثة: مواجهة البصر وتقليب الحدقة نحوه طلبا لرؤيته وإزالة الغشاوة المانعة من الإبصار، كذلك الإدراك بالبصيرة يتوقّف على أمور ثلاثة: التوجّه نحو المطلوب أي في الجملة بحيث يمتاز المطلوب عمّا عداه كما يمتاز المبصر عن غيره بمواجهة البصر وتحديق العقل نحوه طلبا لإدراكه أي التوجّه التام إليه بحيث يشغله عما سواه كتقليب الحدقة إلى المبصر وتجريد العقل عن الغفلات التي هي بمنزلة الغشاوة. فإن قلت الاستعانة بالمعلومات بديهية فكيف ينكرها؟

قلت: لعلّه يقول إنّ إحضار المعلومات طريق من طرق التوجّه فإنّه يفيد قطع الالتفات إلى غير المطلوب، ولذا قد يحصل المطلوب بمجرّد التوجّه بدون معلومات سابقة على ما هو طريقة حكماء الهند وأهل الرياضة، والظاهر هو مذهب أرباب التعاليم. قيل والتحقيق الذي يرفع النزاع من المتقدّمين والمتأخّرين هو أنّ الاتفاق واقع على أنّ النّظر والفكر فعل صادر عن النفس لاستحصال المجهولات من المعلومات، ولا شكّ أنّ كلّ مجهول لا يمكن اكتسابه من أيّ معلوم اتفق، بل لا بدّ له من معلومات مناسبة إياه كالذاتيات في الحدود واللوازم الشاملة في الرسوم والحدود الوسطى في الاقترانيات، وقضية الملازمة في الشرطيات.
ولا شك أيضا في أنّه لا يمكن تحصيله من تلك المعلومات على أي وجه كانت بل لا بدّ هناك من ترتيب معيّن فيما بينها ومن هيئة مخصوصة عارضة لها بسبب ذلك الترتيب، فإذا حصل لنا شعور بأمر تصوّري أو تصديقي وحاولنا تحصيله على وجه أكمل سواء قلنا إنّ ذلك الوجه هو المطلوب أو أنّ المطلوب ذلك الأمر بهذا الوجه فلا بدّ أن يتحرّك الذهن في المعلومات المخزونة عنده منتقلا من معلوم إلى معلوم آخر حتى يجد المعلومات المناسبة لذلك المطلوب وهي المسمّاة بمباديه. ثم أيضا لا بدّ أن يتحرّك في تلك المبادي ليرتّبها ترتيبا خاصا يؤدّي إلى ذلك المطلوب، فهناك حركتان مبدأ الأولى منهما هو المطلوب المشعور بذلك الوجه الناقص ومنتهاها آخر ما يحصل من تلك المبادئ ومبدأ الثانية أول ما يوضع منها للترتيب ومنتهاها المطلوب المشعور به على الوجه الأكمل. فالحركة الأولى تحصل المادة أي ما هو بمنزلة المادة أعني مبادئ المطلوب التي يوجد معها الفكر بالقوة، والحركة الثانية تحصل الصورة أي ما هو بمنزلة الصورة أعني الترتيب الذي يوجد معه الفكر بالفعل وإلّا فالفكر عرض لا مادة ولا صورة. فذهب المحقّقون إلى أنّ الفعل المتوسط بين المعلوم والمجهول للاستحصال هو مجموع هاتين الحركتين اللتين هما من قبيل الحركة في الكيفيات النفسانية إذ به يتوصّل إلى المجهول توصلا اختياريا، للصناعة الميزانية فيه مدخل تام، فهو النظر بخلاف الترتيب المذكور اللازم له بواسطة الجزء الثاني إذ ليس له مدخل تام لأنّه بمنزلة الصورة فقط.
وذهب المتأخّرون إلى أنّ النّظر هو ذلك الترتيب الحاصل من الحركة الثانية لأنّ حصول المجهول من مباديه يدور عليه وجودا وعدما. وأمّا الحركتان فهما خارجتان عن الفكر والنّظر إلّا أنّ الثانية لازمة له لا توجد بدونه قطعا والأولى لا تلزمه بل هي أكثري الوقوع معه، إذ سنوح المبادئ المناسبة دفعة عند التوجه إلى تحصيل المطلوب قليل، فالنزاع بين الفريقين إنّما هو في إطلاق لفظ النظر لا بحسب المعنى، إذ كلا الفريقين لا ينكران أنّ مجموع الحركتين فعل صادر من النفس متوسط بين المعلوم والمجهول في الاستحصال، كما لا ينكران الترتيب اللازم للحركة الثانية كذلك مع الاتفاق بينهما على أنّ النظرين أمران من هذا القبيل، ومختار الأوائل أليق بصناعة الميزان. ثم إنّ هذا الترتيب يستلزم التوجه إلى المطلوب وتجريد الذهن عن الغفلات وتحديق العقل نحو المعقولات فتأمّل حتى يظهر لك أنّ هذه التعريفات كلها تعريفات باللوازم وحقيقة النّظر هي الحركتان وأن لا نزاع بينهم بحيث يظهر له ثمرة في صورة من الصور.
اعلم أنّ الإمام الرازي عرّف النّظر بترتيب تصديقات يتوصّل بها إلى تصديقات أخر بناء على ما اختاره من امتناع الكسب في التصوّرات. قال السّيّد السّند في حواشي العضدي: إن قلت ماذا أراد القاضي بالنّظر المعرّف بما ذكره، أمجموع الحركتين كما هو رأي القدماء أم الحركة الثانية كما ذهب إليه المتأخّرون؟ قلت: الظاهر حمله على المعنى الأول إذ به يحصل المطلوب لا بالحركة الثانية وحدها انتهى. وفيه إشارة إلى جواز حمله على المعنى الثاني.
فائدة:
المشهور أنّ النّظر والفكر يختصان بالمعقولات الصّرفة لا يجريان في غيرها، والظاهر جريانهما في غيرها أيضا كقولك هذا جسم لأنّه شاغل للحيّز، وكلّ شاغل للحيّز جسم، كذا ذكر أبو الفتح في حاشية الجلالية للتهذيب. وبقي هاهنا أبحاث فمن أرادها فليرجع إلى حواشي شرح المطالع في تعريف المنطق.

التقسيم:
ينقسم النظر إلى صحيح يؤدّي إلى المطلوب وفاسد لا يؤدّي إليه، والصحة والفساد صنفان عارضان للنّظر حقيقة لا مجازا عند المتأخّرين. فإنّ الترتيب الذي هو فعل الناظر يتعلّق بشيئين أحدهما بمنزلة المادة في كون الترتيب به بالقوة وهو المعلومات التي يقع فيها الترتيب، والثاني بمنزلة الصورة في حصوله به بالفعل وهو تلك الهيئة المترتّبة عليها. فإذا اتصف كلّ منهما بما هو صحته في نفسه اتصف الترتيب بالصحة التي هي صفته وإلّا فلا، بخلاف ما إذا كان عبارة عن الحركتين لأنّ الحركة حاصلة بالفعل من مبدأ المسافة أعني المطلوب المشعور به بوجه إلى منتهاها، أعني الوجه المجهول، وليست بالقوة عند حصول المعلوم وبالفعل عند حصول الهيئة فلا يكون صحة النظر حينئذ بصحة المادة والصورة، بل بترتيب ما لأجله الحركة، أعني حصول المعلومات المناسبة والهيئة المنتجة، وبخلاف ما إذا كان النظر عبارة عن التوجّه المذكور، فإنّ العلوم السابقة لا مدخل لها في التأدية حينئذ فلا يكون صحته بصحة المادة والصورة أيضا.
قيل يرد على التعريفين قولنا زيد حمار وكلّ حمار جسم فإنّه يدخل في الصحيح مع أنه فاسد المادة. أقول: لا نسلّم تأديته إلى المطلوب فإنّ حقيقة القياس على ما صرّح به السّيّد السّند في حواشي العضدي وسط مستلزم للأكبر ثابت للأصغر، وهاهنا لا يثبت الوسط للأصغر فلا اندراج فلا تأدية في نفس الأمر. نعم إنّه يؤدّي بعد تسليم المقدمتين. ومنهم من قسّم النظر إلى جلي وخفي وهذا بعيد لأنّ النظر أمر يطلب به البيان فجلاؤه وخفاؤه إنّما هو بالنظر إلى بيانه وكشفه للمنظور فيه وهو لا يجامعه أصلا لكونه معدا له، فلا يتّصف بصفاته حقيقة بل مجازا، فما وقع في كلامهم من أنّ هذا نظر جلي وهذا نظر خفي فمحمول على التجوّز.
فائدة:
لا اختلاف في إفادة النظر الصحيح الظّنّ بالمطلوب، وأمّا في إفادته العلم به فقد اختلف فيه. فالجمهور على أنّه يفيد العلم وأنكره البعض وهم طوائف. الأولى من أنكر إفادته للعلم مطلقا وهم السّمنية المنسوبة إلى سومنات وهم قوم من عبدة الأوثان قائلون بالتّناسخ وبأنّه لا طريق للعلم سوى الحسّ.
الثانية المهندسون قالوا إنّه يفيد العلم في الهندسيات والحسابيات دون الإلهيات والغاية القصوى فيها الظّنّ والأخذ بالأحرى والأخلق بذاته تعالى وصفاته وأفعاله. الثالثة الملاحدة قالوا إنّه لا يفيد العلم بمعرفة الله تعالى بلا معلّم يرشدنا إلى معرفته تعالى ويدفع الشبهات عنّا.
فائدة:
اختلف في كيفية حصول العلم عقيب النظر الصحيح، فمذهب الشيخ الأشعري أنّه بالعادة بناء على أنّ جميع الممكنات مستندة عنده إلى الله سبحانه ابتداء بلا واسطة وأنّه تعالى قادر مختار فلا يجب عنه صدور شيء ولا يجب عليه أيضا، ولا علاقة توجيه بين الحوادث المتعاقبة إلّا بإجراء العادة بخلق بعضها عقيب بعض كالإحراق عقيب مماسة النار والرّي بعد شرب الماء. ومذهب المعتزلة أنّه بالتوليد وذلك أنّهم أثبتوا لبعض الحوادث مؤثّرا غير الله تعالى، وقالوا الفعل الصادر عنه إمّا بالمباشرة أي بلا واسطة فعل آخر منه، وإمّا بالتوليد أي بتوسطه والنّظر فعل للعبد واقع بمباشرته يتولّد منه فعل آخر هو العلم. ومذهب الحكماء أنّه بسبب الإعداد فإنّ المبدأ الذي يستند إليه الحوادث في عالمنا هذا وهو العقل الفعّال أو الواجب تعالى بتوسط سلسلة العقول موجب عندهم عام الفيض، ويتوقّف حصول الفيض على استعداد خاص يستدعيه ذلك الفيض، والاختلاف في الفيض إنّما هو بحسب اختلاف استعدادات القوابل. فالنّظر يعدّ الذهن إعدادا تاما والنتيجة تفيض عليه من ذلك المبدأ وجوبا أي لزوما عقليا. ومذهب الإمام الرازي أنّه واجب أي لازم عقلا غير متولّد منه. قيل أخذ هذا المذهب من القاضي الباقلاني وإمام الحرمين حيث قالا باستلزام النظر للعلم على سبيل الوجوب من غير توليد. ونقل في شرح المقاصد عن الإمام. الغزالي أنّه مذهب أكثر أصحابنا، والقول بالعادة مذهب البعض.
فائدة:
شرط النّظر في إفادته العلم إمّا مطلقا صحيحا كان أو فاسدا، فبعد الحياة أمران وجود العقل الذي هو مناط التكليف وضدّه وهو ما ينافيه، فمنه ما هو عام يضاد النّظر وغيره وهو كلّ ما هو ضدّ للإدراك من النوم والغفلة ونحوهما، ومنه ما هو خاص يضاد النّظر بخصوصه وهو العلم بالمطلوب من حيث هو مطلوب والجهل المركّب به إذ صاحبهما لا يتمكّن من النّظر فيه، وأمّا العلم بالمطلوب من وجه آخر فلا بد فيه ليتمكّن طلبه ومن يعلم شيئا بدليل ثم ينظر فيه ثانيا ويطلب دليلا آخر فهو ينظر في وجه دلالة الدليل الثاني وهو غير معلوم. وأمّا الشرط للنظر الصحيح بخصوصه فأمران أن يكون النّظر في الدليل لا في الشبهة وأن يكون من جهة دلالته على المدلول.
فائدة:
النّظر في معرفته تعالى واجب إجماعا منّا ومن المعتزلة، واختلف في طريق ثبوت هذا الوجوب. فعندنا هو السمع وعند المعتزلة العقل. اعلم أنّ أوّل ما يجب على المكلّف عند الأكثرين ومنهم الأشعري هو معرفة الله تعالى إذ هو أصل المعارف وقيل هو النظر فيها لأنّ المعرفة واجبة اتفاقا والنظر قبلها وهو مذهب جمهور المعتزلة. وقيل هو أول جزء من أجزاء النظر. وقال القاضي واختاره ابن فورك وامام الحرمين أنّه القصد إلى النظر. وقال أبو هاشم أول الواجبات الشكّ وهذا مردود بلا شبهة.
فائدة:
القائلون بأنّ النظر الصحيح يفيد العلم اختلفوا في الفاسد، فقال الرازي إنّه يفيده مطلقا، والمختار عند الجمهور وهو الصواب أنّه لا يفيده مطلقا، والبعض على أنّ الفساد إن كان من المادة فقط استلزمه وإلّا فلا. وإن شئت توضيح تلك الأبحاث فارجع إلى شرح المواقف وشرح الطوالع.

الحُرْقوصُ

الحُرْقوصُ، بالضم: دُوَيبَّةٌ كالبُرْغوثِ، حُمَتُها كحُمَةِ الزُّنْبورِ، أو كالقُرادِ تَلْصَقُ بالناس، أو أصْغَرُ من الجُعَلِ، تَنْقُبُ الأَساقِي، وتَدْخُلُ في فُروجِ الجَوارِي
ج: حَرَاقِــيصُ، ونَواةُ البُسْرَةِ الخَضْراءِ، وابنُ مازِنٍ: تَميمِيُّ، وابنُ زُهَيْرٍ: كانَ صَحابِيًّا، فصارَ خارِجيًّا.
والحَرَقْصَى، كحبَرْكَى: دُوَيبَّةٌ، الواحِدَةُ: بهاءٍ.
والحَرْقَصَةُ: مُقارَبَةُ الخُطَا والكلامِ.
ونَسْجٌ مُحَرْقَصٌ: مُتَقارِبٌ.

حَمَلَ

(حَمَلَ)
- فِيهِ «الحَمِيل غَارِم» الحَمِيل الْكَفِيلُ: أَيِ الكَفِيل ضَامِنٌ.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ: «كَانَ لَا يَرَى بَأْسًا فِي السَّلَم بالحَمِيل» أي الكَفِيل.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ الْقِيَامَةِ: «يَنْبُتون كَمَا تَنْبُت الحِبَّة فِي حَمِيل السَّيل» وَهُوَ مَا يَجِيءُ بِهِ السَّيْل مِنْ طِينٍ أَوْ غُثَاء وَغَيْرِهِ، فَعِيل بِمَعْنَى مَفْعُولٍ، فَإِذَا اتَّفَقَت فِيهِ حِبَّة واسْتَقَرّت عَلَى شَطّ مَجْرَى السَّيْل فَإِنَّهَا تَنْبُت فِي يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فشُبِّه بِهَا سُرْعة عَوْد أبْدَانِهم وأجْسَامِهم إِلَيْهِمْ بَعْدَ إحْراق النَّار لَهَا.
(هـ) وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ: «كَمَا تَنْبُت الحِبَّة فِي حَمَائِل السَّيْل» هُوَ جَمْعُ حَمِيل.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ عَذَابٍ الْقَبْرِ: «يُضْغَط الْمُؤْمِنُ فِيهِ ضَغْطةً تَزُول مِنْهَا حَمَائِلُهُ» قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: هِيَ عُروق أُنْثَيَيْه، ويَحْتمل أَنْ يُراد مَوْضِعَ حَمَائِل السَّيْفِ: أَيْ عَواتِقه وصَدْره وأضْلاعه.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ: «أَنَّهُ كتَب إِلَى شُرَيح: الحَمِيل لَا يُوَرَّث إلاَّ بِبَيِّنة» وَهُوَ الَّذِي يُحْمَلُ مِنْ بِلَادِهِ صَغِيرًا إِلَى بِلَادِ الْإِسْلَامِ، وَقِيلَ هُوَ الْمَحْمُولُ النَّسَب، وَذَلِكَ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لإنسانٍ:
هَذَا أَخِي أَوِ ابْني ليَزْوِيَ ميراثَه عَنْ مَوَاليه، فَلَا يُصَدَّق إِلَّا ببَيِّنة.
(هـ) وَفِيهِ «لَا تَحِلّ الْمَسْأَلَةُ إلاَّ لِثَلَاثَةٍ: رجُل تَحَمَّلَ حَمَالَةً» الحَمَالَة بِالْفَتْحِ: مَا يَتَحَمَّلُهُ الْإِنْسَانُ عَنْ غَيْرِهِ مِنْ دِيَة أَوْ غَرامة، مِثْلَ أَنْ يَقَعَ حَرْب بَيْنَ فَرِيقين تُسْفَك فِيهَا الدِّمَاءُ، فيَدْخل بينَهُم رجُل يَتَحَمَّل دِيَاتِ القَتْلَى ليُصْلح ذَاتَ البَيْن. والتَّحَمُّل: أَنْ يَحْمِلَهَا عَنْهُمْ عَلَى نَفْسه. وَمِنْهُ حَدِيثُ عَبْدِ الْمَلِكِ فِي هَدْم الْكَعْبَةِ وَمَا بَنَى ابْنُ الزُّبير مِنْهَا «ودِدْت، أَنِّي تَرَكْتُهُ وَمَا تَحَمَّلَ مِنَ الْإِثْمِ فِي نَقْض الْكَعْبَةِ وبنَائِها» .
وَفِي حَدِيثِ قَيْسٍ «قَالَ: تَحَمَّلْتُ بِعَلِيٍّ عَلَى عُثْمان فِي أمرٍ» أَيِ اسْتَشْفَعْت بِهِ إِلَيْهِ.
(س) وَفِيهِ «كُنَّا إِذَا أُمِرْنا بِالصَّدَقَةِ انْطَلق أحَدُنا إِلَى السُّوق فَتَحَامَلَ» أَيْ تكَلَّف الحَمْلَ بالأجْرة ليَكْتَسِبَ مَا يَتصدَّق بِهِ، تَحَامَلْتُ الشَّيْءَ: تكلَّفته عَلَى مَشَقَّة.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ: «كُنَّا نُحَامِلُ عَلَى ظُهُورِنَا» أَيْ نَحْمِلُ لِمَنْ يَحْمِلُ لَنَا، مِنَ المُفَاعلة، أَوْ هُوَ مِنَ التَّحَامُل.
(س) وَفِي حَدِيثِ الفَرَع والعَتِيرة: «إِذَا اسْتَحْمَلَ ذَبَحْتُه فَتَصَدَّقْتُ بِهِ» أَيْ قَوِيَ عَلَى الحمْل وأطاقَه؛ وَهُوَ اسْتَفعل مِنَ الحَمْل.
وَفِي حَدِيثِ تَبُوك «قَالَ أَبُو مُوسَى: أَرْسَلَني أَصْحَابِي إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أسْأله الحُمْلَان» الحُمْلَان مَصْدر حَمَلَ يَحْمِلُ حُمْلَانا، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ أرسَلوه يَطْلُب مِنْهُ شَيْئًا يَرْكَبُون عَلَيْهِ.
وَمِنْهُ تَمَامُ الْحَدِيثِ «قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا أَنَا حَمَلْتُكُمْ ولكِنّ اللَّهَ حَمَلَكُمْ» أَرَادَ إفرادَ اللَّهِ تَعَالَى بِالْمَنِّ عليهمْ. وَقِيلَ: أَرَادَ لَمَّا سَاقَ اللَّهُ إِلَيْهِ هَذِهِ الإبِل وقْتَ حاجَتِهم كَانَ هُوَ الحَامِل لَهُمْ عَلَيْهَا، وَقِيلَ: كَانَ ناسِياً ليَمِينه أَنَّهُ لَا يَحْمِلهم، فلمَّا أمَرَ لهُم بِالْإِبِلِ قَالَ: مَا أَنَا حَمَلْتُكُمْ، وَلَكِنَّ اللَّهَ حَمَلَكُمْ، كَمَا قَالَ لِلصَّائِمِ الَّذِي أفْطر ناسِياً: «أطْعَمَك اللَّهُ وَسَقَاكَ» .
وَفِي حَدِيثِ بنَاء مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ:
هَذَا الحِمَالُ لَا حِمَالُ خَيْبَرَ
الحِمَالُ بِالْكَسْرِ مِنَ الحَمْلِ. وَالَّذِي يُحْمَل مِنْ خَيْبَر التَّمر: أَيْ إِنَّ هَذَا فِي الْآخِرَةِ أَفْضَلُ مَنْ ذاك وأحْمدُ عَاقِبَةً، كَأَنَّهُ جمعُ حِمْلٍ أَوْ حَمْلٍ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَصْدَرَ حَمَلَ أَوْ حَامَلَ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ «فأيْنَ الحِمَال؟» يُرِيدُ مَنْفَعَةَ الحَمْل وكفَايته، وَفَسَّرَهُ بَعْضُهُمْ بالحَمْل الَّذِي هُوَ الضَّمان.
وَفِيهِ «مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلَاحَ فَلَيْسَ منَّا» أَيْ مَنْ حَمل السِّلَاحَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ لكونهم مُسْلِمين فَلَيْسَ بمُسْلم، فَإِنْ لَمْ يَحْملْه عَلَيْهِمْ لأجْل كَوْنهم مُسْلِمِينَ فَقَدِ اختُلف فِيهِ: فَقيل مَعْنَاهُ: لَيْسَ مِثْلَنا. وَقِيلَ: لَيْسَ مُتَخَلِّقاً بأخْلاَقِنا ولاَ عَامِلا بسُنَّتِنا.
(س) وَفِي حَدِيثِ الطَّهارة «إِذَا كَانَ الْمَاءُ قُلَّتَين لَمْ يَحْمِلْ خَبَثًا» أَيْ لَمْ يُظْهِره وَلَمْ يَغْلِب عَلَيْهِ الخَبَث، مِنْ قَوْلِهِمْ فُلان يَحْمِلُ غَضَبَه: أَيْ لَا يُظْهِره. وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمَاءَ لَا يَنْجُس بِوُقُوعِ الخَبث فِيهِ إِذَا كَانَ قُلَّتَيْن. وَقِيلَ مَعْنَى لَمْ يَحْمِل خَبَثاً: أَنَّهُ يَدْفَعُه عَنْ نَفْسِهِ، كَمَا يُقَالُ فُلَانٌ لَا يَحْمِلُ الضَّيْم، إِذَا كَانَ يَأباه ويَدْفَعه عَنْ نفْسه. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَنَّهُ إِذَا كَانَ قُلَّتين لَمْ يَحْتَمِلْ أَنْ تقَع فِيهِ نَجاسَة؛ لِأَنَّهُ يَنْجُس بِوُقُوعِ الخَبث فِيهِ، فَيَكُونُ عَلَى الْأَوَّلِ قَدْ قَصَد أوّلَ مَقَادِيرِ الْمِيَاهِ الَّتي لَا تَنْجُس بِوُقُوعِ النَّجاسة فِيهَا وَهُوَ مَا بَلَغَ القُلَّتين فَصَاعِدًا. وَعَلَى الثَّانِي قَصَد آخِر الْمِيَاهِ الَّتي تَنْجُس بِوُقُوعِ النَّجاسة فِيهَا وَهُوَ مَا انْتَهَى فِي القِلَّة إِلَى القُلَّتين. وَالْأَوَّلُ هُوَ القَول، وَبِهِ قَالَ مَنْ ذَهَب إِلَى تَحْدِيد الْمَاءِ بالقُلَّتين، وَأَمَّا الثَّانِي فَلَا.
وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ «لَا تُنَاظِرُوهم بِالْقُرْآنِ فَإِنَّهُ حَمَّال ذُو وُجوه» أَيْ يُحْمَلُ عَلَيْهِ كُلّ تَأْوِيلٍ فَيَحْتَمِلُهُ. وذُو وُجوه: أَيْ ذُو مَعَانٍ مُخْتَلِفة.
وَفِي حَدِيثِ تَحْرِيمِ الحُمُر الأهْلِية «قِيلَ: لِأَنَّهَا كَانَتْ حَمُولَة النَّاسِ» الحَمُولة بِالْفَتْحِ:
مَا يَحْتَمل عَلَيْهِ النَّاسُ مِنَ الدَّوَابّ، سَواء كَانَتْ عَلَيْهَا الأَحْمَالُ أَوْ لَمْ تَكُنْ كالرَّكُوبة.
وَمِنْهُ حَدِيثُ قَطَن «والحَمُولة الْمائرة لَهُمْ لاغِيَة» أَيِ الإبِل الَّتي تَحْمِل الْمِيرَة.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «مَنْ كَانَتْ لَهُ حُمُولَةٌ يَأوِي إِلَى شِبَع فلْيَصُم رَمَضَانَ حَيْث أدْرَكه» الحُمُولَةُ بِالضَّمِّ: الأَحْمَال، يَعْنِي أَنَّهُ يَكُونُ صاحِب أحْمال يُسَافِر بِهَا، وَأَمَّا الحُمُولُ بِلَا هَاءٍ فَهِيَ الْإِبِلُ الَّتي عَلَيْهَا الهَوَادج، كَانَ فِيهَا نِسَاء أَوْ لَمْ يَكُن.

لَذَعَ

(لَذَعَ)
(س) فِيهِ «خَيْرُ مَا تَدَاوَيْتُم بِهِ كَذَا وكَذَا، أَوْ لَذْعَةٌ بِنَارٍ تُصِيب ألَماً» اللَّذْع: الخَفيف مِنْ إحْراق النَّارِ، يُريدُ الْكَيّ.
(س) وَفِي حَدِيثِ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى «أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ» قَالَ: بَسْطُ أجْنحَتِهِنَّ وتَلَذُّعُهُنَّ» لَذَع الطَّائر جَنَاحَيْه، إِذَا رَفْرَف فحرّكَهُما بَعْد تَسْكيِنهما.
لَذَعَ الحُبُّ قَلْبَهُ، كمنَعَ: آلَمهُ،
وـ النارُ الشيءَ: لَفَحَتْهُ،
وـ بعيرَهُ لَذْعَةً أو لَذْعَتَيْنِ: وسَمَهُ بطَرَفِ المِيسمِ رَكْزَةً أو رَكْزَتَيْنِ.
ومَذَّاعٌ لَذَّاعٌ، كشَدّادٍ: مِخْلافٌ للوَعْدِ.
واللَّوْذَعُ واللَّوْذَعِيُّ: الخفيفُ الذَّكِيُّ، الظريفُ الذَّهِنُ، الحديدُ الفُؤادِ، واللَّسِنُ الفصيحُ، كأَنه يَلْذَعُ بالنارِ من ذَكائِهِ.
والْتَذَعَ: احْتَرَقَ وجَعاً.
وتَلَذَّعَ: الْتَفَتَ يميناً وشِمالاً، وسارَ سَيْراً حَسَناً في سُرْعَةٍ.

الحَدَبُ

الحَدَبُ، مُحَرَّكَةً: خُروجُ الظَّهْرِ ودُخولُ الصَّدْرِ والبَطْنِ، حَدِبَ، كَفَرِحَ، وأحْدَبَ واحْدَوْدَبَ وتَحَادَبَ، وهو أحْدَبُ وحَدِبٌ، وحُدُورٌ في صَبَبٍ كَحَدَبِ المَوْجِ والرَّمْلِ، والغِلظُ المُرتفعُ منَ الأرضِ،
وـ منَ الماءِ: تَرَاكُبُهُ في جَرْيِهِ، والأَثَرُ في الجِلْدِ، ونَبْتٌ، أو النَّصِيُّ،
وأرضٌ حَدِبةٌ: كثيرتُهُ، وما تَنَاثَرَ منَ البُهْمَى فَتَرَاكَمَ،
وـ مِنَ الشِّتَاءِ: شِدَّةُ بَرْدِهِ.
واحْدَودَبَ الرَّمْلُ: احْقَوْقَفَ.
وحُدْبُ الاُمُورِ: شَواقُّها، واحِدَتُها: حَدْبَاءُ.
والأَحْدَبُ: عِرْقٌ مُسْتَبْطِنٌ عَظْمَ الذِّراعِ، وجَبَلٌ لِفَزَارَةَ بمكة، حَرَسَها اللَّهُ تعالى، والشِّدَّةُ.
والأُحَيْدِبُ: جَبَلٌ بالرومِ.
وحَدَابِ، كَقَطَامِ: السَّنَةُ المُجْدِبَةُ،
وع، ويُعْرَبُ.
وككتابٍ: ع بِحَزْنِ بني يَرْبُوعٍ، له يومٌ، وجِبالٌ بالسَّراة.
والحُدَيْبِيَةُ، كَدُوَيْهِيَةٍ، وقَد تُشَدَّدُ: بِئْرٌ قُرْبَ مكة، حرسها اللَّهُ تعالى، أو لِشجرةٍ حَدْباءَ كانت هُناكَ.
والحُديْبَاءُ: ماءٌ لِجَذيمَةَ.
وتَحَدَّبَ به: تَعَلَّقَ،
وـ عليه: تَعَطَّفَ،
وـ المرأةُ: لم تَتَزَوَّجْ وأشْبَلَتْ على ولدِها،
كَحدِبَ، بالكسر فيهما.
والحَدْباءُ: الدابَّةُ بَدَتْ حَرَاقِــفُها.
وحَدَبْدَبَى: لُعْبَةٌ للنَّبِيطِ.

الإِرْثُ

الإِرْثُ، بالكسرِ: الميراثُ، والأَصْلُ، والأَمْرُ القديمُ تَوَارثَه الآخِرُ عن الأَوَّلِ، والرَّمادُ، والبَقِيةُ من كلِّ شيء.
والتَّأْرِيثُ: الإِغْراء بين القَوْم، وإِيقادُ النارِ، كالأَرْثِ.
وتَأَرَّثَتْ: اتَّقَدَتْ.
والأُرْثُ، بالضم: شَوْكٌ. وكَصُرَدٍ: الأُرَفُ.
والأُرْثَةُ، بالضم: الأَكَمَةُ الحَمْراءُ، وسِرْقينٌ يُهَيَّأُ عند الرَّمادِ لِحينِ الحاجَةِ، والحَدُّ بين الأَرْضَيْنِ، والمكانُ السَّهْلُ،
وـ من ألوانِ الغَنَمِ: كالرُّقْطَةِ. وهو آرَثُ، وهي أرْثاءُ.
والإِراثُ، ككِتابٍ: النارُ، وما أُعِدَّ للنارِ مِن حِراقَــةٍ ونحوها.

التِّبْرُ

التِّبْرُ، بالكسر: الذَّهَبُ، والفِضَّةُ، أو فُتاتُهُما قبلَ أنْ يُصاغَا، فإذا صِيغا فَهُما ذَهَبٌ وفِضَّةٌ، أو ما اسْتُخْرِجَ من المَعْدِنِ قَبْلَ أن يُصاغَ، ومُكسَّرُ الزُّجاجِ، وكُلُّ جَوْهَرٍ يُسْتَعْمَلُ من النُّحاسِ والصُّفْرِ، وبالفتح: الكسرُ، والإِهْلاكُ،
كالتَّتبيرِ فيهما، والفِعْلُ: كضَرَبَ. وكسَحابٍ: الهَلاكُ.
والتَّبْراءُ: الناقَةُ الحَسَنَةُ اللَّوْنِ.
والمَتْبُورُ: الهالِكُ.
وما أصَبْتُ منه تَبْريراً، بالفتح: شيئاً.
والتِّبْرِيَةُ، بالكسر: كالنُّخالَةِ تكونُ في أُصولِ الشَّعرِ.
وتَبِرَ، كفَرِحَ: هَلَكَ.
وأتْبَرَ عن الأَمْرِ: انتهى.
التِّبْرُ:
بلاد من بلاد السودان تعرف ببلاد التبر، وإليها ينسب الذهب الخالص، وهي في جنوب المغرب، تسافر التجار من سجلماسة إلى مدينة في حدود السودان يقال لها غاتة، وجهازهم الملح وعقد خشب الصنوبر، وهو من أصناف خشب القطران إلا أن رائحته ليست بكريهة، وهو إلى العطرية أميل منه إلى الزفر، وخرز الزجاج الأزرق وأسورة نحاس أحمر وحلق وخواتم نحاس لا غير، ويحملون منها الجمال الوافرة القوية أوقارها ويحملون الماء من بلاد لمتونة، وهم الملثمون، وهم قوم من بربر المغرب في الروايا والأسقية ويسيرون فيرون المياه فاسدة مهلكة ليس لها من صفات الماء إلا التّميّع، فيحملون الماء من بلاد لمتونة ويشربون ويسقون جمالهم، ومن أول ما يشربونها تتغيّر أمزجتهم ويسقمون، خصوصا من لم يتقدم له عادة بشربه، حتى يصلوا إلى غانة بعد مشاقّ عظيمة، فينزلون فيها ويتطيّبون ثم يستصحبون الأدلّاء ويستكثرون من حمل المياه ويأخذون معهم جهابذة وسماسرة لعقد المعاملات بينهم وبين أرباب التبر، فيمرون بطريقهم على صحارى فيها رياح السموم تنشف المياه داخل الأسقية فيتحيلون بحمل الماء فيها ليرمّقوا به، وذلك أنهم يستصحبون جمالا خالية لا أوقار عليها يعطشونها قبل ورودهم على الماء نهارا وليلا ثم يسقونها نهلا وعللا إلى أن تمتلئ أجوافها ثم تسوقها الحداة، فإذا نشف ما في أسقيتهم واحتاجوا إلى الماء نحروا جملا وترمّقوا بما في بطنه وأسرعوا السير حتى إذا وردوا مياها أخر ملأوا منها أسقيتهم وساروا مجدّين بعناء شديد حتى يقدموا الموضع الذي يحجز بينهم وبين أصحاب التبر، فإذا وصلوا ضربوا طبولا معهم عظيمة تسمع من الأفق الذي يسامّت هذا الصنف من السودان، ويقال:
إنهم في مكامن وأسراب تحت الأرض عراة لا يعرفون سترا كالبهائم مع أن هؤلاء القوم لا يدعون تاجرا يراهم أبدا، وإنما هكذا تنقل صفاتهم، فإذا علم التجار أنهم قد سمعوا الطبل أخرجوا ما صحبهم من
البضائع المذكورة فوضع كل تاجر ما يخصّه من ذلك، كل صنف على جهة، ويذهبون عن الموضع مرحلة، فيأتي السودان ومعهم التبر فيضعون إلى جانب كل صنف منها مقدارا من التبر وينصرفون، ثم يأتي التجار بعدهم فيأخذ كل واحد ما وجد بجنب بضاعته من التبر، ويتركون البضائع وينصرفون بعد أن يضربوا طبولهم، وليس وراء هؤلاء ما يعلم، وأظنّ أنه لا يكون ثم حيوان لشدة إحراق الشمس، وبين هذه البلاد وسجلماسة ثلاثة أشهر، وقال ابن الفقيه:
والذهب ينبت في رمل هذه البلاد كما ينبت الجزر، وإنه يقطف عند بزوغ الشمس، قال: وطعام أهل هذه البلاد الذرة والحمص واللوبيا، ولبسهم جلود النمور لكثرة ما عندهم.

العَشَرَةُ

العَشَرَةُ: أولُ العُقُودِ،
وعَشَرَ يَعْشِرُ: أخَذَ واحداً من عَشَرَةٍ، أو زادَ واحداً على تِسْعَةٍ،
وـ القومَ: صارَ عاشِرَهُم.
وثَوْبٌ عُشَارِيٌّ: طُولُهُ عَشَرَةُ أذرُعٍ.
والعاشوراءُ، والعَشوراءُ، ويُقْصَرانِ،
والعاشورُ: عاشِرُ المُحَرَّمِ، أو تاسِعُهُ.
والعِشْرونَ: عَشَرَتانِ.
وعَشْرَنَهُ: جَعَلَهُ عِشرينَ، نادِرٌ.
والعَشٍيرُ: جُزْءٌ من عَشَرَةٍ،
كالمِعشارِ والعُشْرِ
ج: عُشورٌ وأعشارٌ، والقريبُ، والصدِيقُ
ج: عُشَراءُ، والزَّوْجُ، والمُعاشِرُ،
وـ في حِسَابِ الأرضِ: عُشْرُ القَفيزِ، وصَوْتُ الضَّبُعِ.
وعَشَرَهُم يَعْشِرُهُم عَشْراً وعُشوراً وعَشَّرَهُم: أخَذَ عُشْرَ أموالِهِم.
والعَشَّارُ: قابِضُهُ.
والعِشْرُ، بالكسرِ: وِرْدُ الإِبِل اليومَ العاشِرَ أو التاسِعَ، ولهذا لم يُقَلْ عِشْرَيْنِ، وقالوا عِشْرينَ، جَعَلوا ثمانِيَةَ عَشَرَ يَوْماً عِشْرَيْنِ، والتاسعَةَ عَشَرَ والعِشرِينَ طائفةً من الوِردِ الثالِثِ فقالوا: عِشرينَ، جَمَعوهُ بذلك. والإِبِلُ: عواشِرُ.
وعواشِر القرآنِ: الآي التي يَتِمُّ بها العَشْرُ.
وجاؤُوا عُشَارَ عُشارَ، ومَعْشَرَ مَعْشَرَ، أي: عَشَرَةً عَشَرَةً.
وعَشَّرَ الحِمارُ تَعْشيراً: تابعَ النَّهِيقَ عَشْراً،
وـ الغُرابُ: نَعَقَ كذلك.
والعُشَراءُ من النُّوقِ: التي مَضَى لِحَمْلِها عَشَرَةُ أشْهُرٍ، أو ثمانيةٌ، أو هي كالنُّفَساءِ من النساءِ
ج: عُشَرَاوَاتٌ وعِشارٌ.
أو العِشَارُ: اسْمٌ يَقَعُ على النُّوقِ حتى يُنْتَجَ بعضُها، وبعضُها يُنْتَظَرُ نِتاجُها.
وعَشَرَتْ وأعْشَرَتْ: صارتْ عُشَراءَ.
وناقةٌ مِعْشارٌ: يَغْزُرُ لَبَنُها.
وقَلْبٌ أعْشارٌ،
وقِدْرٌ أعْشارٌ،
وقُدورٌ أعاشيرُ: مُكَسَّرَةٌ على عَشْرِ قِطَعٍ، أو عظيمةٌ لا يَحْمِلُها إلاَّ عَشَرَةٌ.
والعِشْرُ، بالكسرِ: قِطْعَةٌ تَنْكَسِر منها، ومن كُلِّ شيءٍ،
كالعُشَارةِ، وبهاءٍ: المُخالَطَةُ، عاشَرَهُ مُعاشَرَةً.
وتَعاشَرُوا: تَخالَطُوا.
وعَشيرَةُ الرَّجُلِ: بَنُو أبيهِ الأَدْنَوْنَ، أو قَبيلَتُه
ج: عَشائِرُ.
والمَعْشَرُ، كمَسْكَنٍ: الجَماعَةُ، وأهلُ الرَّجُلِ، والجِنُّ، والإِنْسُ.
وكصُرَدٍ: شَجَرٌ فيه حُرَّاقٌ لم يَقْتَدِحِ الناسُ في أجْوَدَ منه، ويُحْشَى في المَخادِّ، ويَخْرُجُ من زَهْرِهِ وشُعَبِهِ سُكَّرٌ م، وفيه مَرارَةٌ.
وبَنُو العُشَراءِ: قَوْمٌ من فَزَارَةَ، وأبو العُشَراءِ: أُسامَةُ الدَّارِمِيُّ، تابِعِيُّ. وزَيَّانُ ابن سَيَّارِ بنِ العُشَراءِ: شاعرٌ، والقُلَةُ.
وعَشُوراءُ وعِشارٌ وتِعْشارٌ، بكسرهما: مواضِعُ.
وذو العُشَيْرَةِ: ع بالصَّمَّانِ، فيه عُشَرَةٌ نابِتَةٌ،
وع بناحيَةِ يَنْبُعَ، غَزْوَتُها م.
والعُشَيْرَةُ: ة باليمامة.
وعاشِرَةُ: عَلَمٌ للضَّبُع
ج: عاشِراتٌ.
والمُعَشِّرُ، كمُحَدِّثٍ: مَنْ أُنْتِجَتْ إِبلُهُ، ومَنْ صارَتْ إِبلُهُ عِشاراً.
والأَعْشَرُ: الأَحْمَقُ.
والعُوَيْشِراءُ: القُلَةُ.
وذَهَبوا عُشارَيَاتٍ: عُسارَيَاتٍ.
والعاشِرَةُ: حَلْقَةُ التَّعْشيرِ مِنْ عَواشِرِ المُصْحَفِ.
والعُشْرُ، بالضم: النُّوقُ التي تُنْزِلُ الدِّرَّةَ القليلَةَ من غيرِ أن تَجْتَمِعَ.
وأعْشارُ الجَزُورِ: الأَنصِبَاءُ. 

مَعِضَ

مَعِضَ من الأَمْرِ، كفرحَ: غَضِبَ، وشَقَّ عليه، فهو ماعِضٌ ومَعِضٌ، وأمْعَضَه ومعَّضه تَمْعيضاً، فامْتَعَضَ.
والإِمْعاضُ: الإِــحْراقُ.
والمَعَّاضةُ من النُّوقِ: التي تَرْفَعُ ذَنَبَها عند نتاجِها.

النار

النار: جوهر لطيف يفرط لشدة لطافته في ذاته المتجمد بالحر المفرط وفي تجميد المتميع بالبرد المفرط، ذكره الحرالي. وقال غيره: جسم لطيف مضيء حار من شأنه الإحراق بالطبع عن الوسط مستقر تحت فلك القمر.
النار
أما جهنم فقد أعدت لِلطَّاغِينَ مَآباً لابِثِينَ فِيها أَحْقاباً (النبأ 22، 23). ويقال لهم وقد كبكبوا فيها: هذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ أَفَسِحْرٌ هذا أَمْ أَنْتُمْ لا تُبْصِرُونَ (الطور 14، 15). وقد أجاد القرآن في تصويرها تصويرا يبعث الرهبة فى النفوس والهلع في القلوب، والخوف من أن يكون المصير إليها، فتلجأ إلى العمل تتقى به لظاها، وتتخذه ستارا بينه وبين لفحها، وإذا كان عرض الجنة عرض السموات والأرض، وكان من السعة بحيث يشعر أهلها بالطلاقة والحرية أنى ساروا، فعلى العكس من ذلك النار فإن ساكنها لا يحس بحرية ولا طلاقة، ولكنه يحس بالضيق، وكأنى بأهل النار يرصّ بعضهم رصّا إلى جوار بعض، لا يكادون يجدون متسعا للحركة ولا الانتقال، ويزيد من ضيقهم أنهم مقيدون في السلاسل، مقرنون في الأغلال، يسحبون على وجوههم ويلقون في النار، وَإِذا أُلْقُوا مِنْها مَكاناً ضَيِّقاً مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنالِكَ ثُبُوراً (الفرقان 13). إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ (غافر 71، 72). وليس ذلك لضيق في النار، ولكن للتضييق
على ساكنها، أما النار فتسع أكثر من داخليها، يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ (ق 30).
وتلتهب نيران جهنم بوقود من الناس الطغاة والحجارة، وإن الصلة لوثقى بين أهل النّار والحجارة، فإنّ أهل النار لا يميّزهم من الحجارة، ما يمتاز به الناس من العقل والإدراك والحسّ، بل لقد ألغوا عقولهم، فلم يفهموا بها الحق والصواب، ولم يفكروا بها التفكير السليم المنتج، وألغوا أعينهم، وآذانهم، فلا يهتدون بما يرون ولا بما يسمعون، وَلَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِها وَلَهُمْ آذانٌ لا يَسْمَعُونَ بِها أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ (الأعراف 179). أو ليس الغافل أشبه شىء بالجماد، وبم يصير الإنسان إنسانا بغير عقله وإدراكه. ومن حطب جهنم كذلك جند إبليس الذين كانوا يغوون الناس ويضلونهم، فَكُبْكِبُوا فِيها هُمْ وَالْغاوُونَ وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ (الشعراء 94 - 95).
كما يقذف في النار أولئك الآلهة التى كانوا يعبدون من دون الله، وهنا يوجه القرآن أنظارهم إلى أن ما يعبدونه لو كان يستحق أن يكون إلها ما صح أن يلقى فى نهار جهنم خالدا فيها، إذ يقول: إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ لَوْ كانَ هؤُلاءِ آلِهَةً ما وَرَدُوها وَكُلٌّ فِيها خالِدُونَ (الأنبياء 98، 99).
ويصوّر القرآن شدّة لهيب هذه النيران بضخامة ما يتطاير منها من الشرر، فهو ليس بذرات صغيرة كهذه الذّرّات التى تتصاعد من نار هذه الحياة الدنيا، ولكنه شرر كجذوع الشجر الضخم، أو الجمال الصفر، إِنَّها تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ كَأَنَّهُ جِمالَتٌ صُفْرٌ (المرسلات 32، 33). فليترك المجال للخيال، يتصوّر هذه النيران تلقى مثل هذا الشرر.
هذه النيران الملتهبة يسمع لظاها من مدى بعيد، فكأنما تبدى غيظها مما اقترفه هؤلاء الجناة، واستمع إليه يصوّر ذلك في قوله: وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ إِذا أُلْقُوا فِيها سَمِعُوا لَها شَهِيقاً وَهِيَ تَفُورُ تَكادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ (الملك 6 - 8). أو لا تحس في هذا التصوير بقوة غضب النيران يملؤها، حتى لتكاد تضيق به وتنفجر، وفي هذه النيران ذات اللظى، يتنفسون لهبها لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ (هود 106). وليصوّر خيالك هذا اللهب يتنفسون منه ويزفرون، ليصوّر خيالك هذه النيران تحيط بالعصاة من فوقهم ومن تحت أرجلهم، وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ يَوْمَ يَغْشاهُمُ الْعَذابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَيَقُولُ ذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (العنكبوت 54، 55). فهى مهادهم، ومنها غطاؤهم، وليصوّر الخيال هذه الوجوه تتقلّب في النيران، والرءوس تنزع منها شواها، وهذه الأجسام تتخذ ثيابها من النار، فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ (الحج 19). وهذه الجلود كلما احترقت وصهرت، استبدلت بجلود أخرى، ليبدأ عذابهم من جديد، إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ ناراً كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا الْعَذابَ (النساء 56). وهكذا لا يجدون في وسط هذه النيران ظلا يحسون عنده ببرد الراحة، اللهم إلا ظلّ دخان قد تفرق وانتشر شعبا، فصار ظلا لا ظَلِيلٍ وَلا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ (المرسلات 31). وَأَصْحابُ الشِّمالِ ما أَصْحابُ الشِّمالِ فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ لا بارِدٍ وَلا كَرِيمٍ (الواقعة 41 - 44). ويظلون في هذا العذاب خالدين، لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ (الزخرف 75). وعليهم حرس مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ (التحريم 6).
وأمّا طعامهم فمن شجرة الزقوم، وهى شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ طَلْعُها كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْها فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ (الصافات 64 - 66).
وهى طَعامُ الْأَثِيمِ كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ كَغَلْيِ الْحَمِيمِ (الدخان 44 - 46).
وجعل الله طعامهم في موضع آخر مِنْ ضَرِيعٍ لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ (الغاشية 6، 7). فإذا أرادوا الشراب سقوا من عين آنية ، وشربوا حميما ، وغساقا ، وإن ما يتصاعد منه من حرارة يشوى الوجوه شيّا، إِنَّا أَعْتَدْنا لِلظَّالِمِينَ ناراً أَحاطَ بِهِمْ سُرادِقُها وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغاثُوا بِماءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرابُ وَساءَتْ مُرْتَفَقاً (الكهف 29). وهم يملئون بطونهم من هذا الطعام، ويقبلون على شرابهم في شراهة كشراهة الهيم، فيقطع أمعاءهم، ولا يكتفى الأمر بأن يشربوا من هذا الحميم، ولكنه يصبّ من فوق رءوسهم، يُصْهَرُ بِهِ ما فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ (الحج 20).
لا عجب إذا إن حاول هؤلاء النزلاء أن يفروا من جهنم، ولكن أنى لهم الفرار، وقد أعدت وَلَهُمْ مَقامِعُ مِنْ حَدِيدٍ كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيها وَذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ (الحج 21، 22). أو إن تمنوا أن لو كانوا ترابا، أو دعوا الله أن ينالهم بالهلاك المبيد، لا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُوراً واحِداً وَادْعُوا ثُبُوراً كَثِيراً (الفرقان 14)، يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ وَصاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ يُنْجِيهِ (المعارج 11 - 14). أرأيت كيف يشتد العذاب بأصحاب النار، حتى يتمنى أحدهم أن يفدى نفسه بابنه، الذى يتمنى المرء أن يفديه بنفسه، بل يتمنى أن لو هلك الناس جميعا، ونجا وحده.
فى هذا اللهب المشتعل الذى لا يموت من فيه موتة تريحه، ولا يحيا حياة يرضاها- يلعن أهل النار بعضهم بعضا، فإذا حوتهم جهنم جميعا قال الرعاع عن سادتهم: رَبَّنا هؤُلاءِ
أَضَلُّونا فَآتِهِمْ عَذاباً ضِعْفاً مِنَ النَّارِ
(الأعراف 38). فيجيبهم الله بأن لكل منهم ضعفا، ويقول السادة للرّعاع: أنتم مثلنا في العذاب، ولن يخفف عنكم فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ (الأعراف 39). وينادى على السيد منهم، فيقال لمعذبيه: خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلى سَواءِ الْجَحِيمِ ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذابِ الْحَمِيمِ ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ (الدخان 47 - 49). ويشتد الخصام بينهم وبين ما كانوا يعبدون من دون الله، ويدركون مقدار ما كانوا عليه من الخطأ والضلال قالُوا وَهُمْ فِيها يَخْتَصِمُونَ تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ وَما أَضَلَّنا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ (الشعراء 96 - 101). ويندمون على عصيان الله ورسوله، ويتمنون أن لو كانوا قد أطاعوهما، وَقالُوا رَبَّنا إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَكُبَراءَنا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا رَبَّنا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً (الأحزاب 67، 68). وحينا يتجه هؤلاء الضعاف إلى رؤسائهم فَيَقُولُ الضُّعَفاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيباً مِنَ النَّارِ قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيها إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبادِ (غافر 47، 48). ويتجه هؤلاء العصاة إلى الله، ويصور القرآن ذلك في قوله، يوجه إليهم الأسئلة فيجيبون: أَلَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ قالُوا رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا وَكُنَّا قَوْماً ضالِّينَ رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها فَإِنْ عُدْنا فَإِنَّا ظالِمُونَ قالَ اخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ إِنَّهُ كانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبادِي يَقُولُونَ رَبَّنا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِما صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفائِزُونَ قالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ قالُوا لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَسْئَلِ الْعادِّينَ قالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ (المؤمنون 105 - 115). وحينا يصطرخون فيها قائلين: رَبَّنا أَخْرِجْنا نَعْمَلْ صالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ (فاطر 37).
فيسألون: أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ (فاطر 37). وفي النار لا يسعهم إلا اعترافهم بذنوبهم فها هم أولاء الخزنة يسألونهم، كلما أقبل فوج منهم: أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ قالُوا بَلى قَدْ جاءَنا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنا وَقُلْنا ما نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ وَقالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ ما كُنَّا فِي أَصْحابِ السَّعِيرِ فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقاً لِأَصْحابِ السَّعِيرِ (الملك 8 - 11). وحينا يجيبون إجابة من يريد أن يموه، طمعا في النجاة حيث لا مطمع، فإذا قيل لهم:
أَيْنَ ما كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قالُوا ضَلُّوا عَنَّا بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُوا مِنْ قَبْلُ شَيْئاً (غافر 73، 74). وحينا يصمتون وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ أَوْ يَنْتَصِرُونَ (الشعراء 92، 93).
ويتجه أصحاب النار حينا إلى خازنها، ويتضرعون أن يقضى ربهم عليهم، فتكون الإجابة قاضية على آمالهم، بأنهم مخلدون لا يفترّ عنهم العذاب، وَنادَوْا يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ قالَ إِنَّكُمْ ماكِثُونَ لَقَدْ جِئْناكُمْ بِالْحَقِّ وَلكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ (الزخرف 77، 78)، وحينا وقد أضناهم العذاب يتوسلون لخزنة جهنم أن ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْماً مِنَ الْعَذابِ قالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّناتِ قالُوا بَلى قالُوا فَادْعُوا وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ (غافر 49، 50). وحينا يتساءلون عن رجال مضوا إلى الجنة مع أنهم كانوا يعدونهم من الأشرار، فإذا اتجهت أبصارهم تلقاء أصحاب الجنة نادوا أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُما عَلَى الْكافِرِينَ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْواً وَلَعِباً وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا فَالْيَوْمَ نَنْساهُمْ كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هذا وَما كانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ (الأعراف 50، 51).
وأكبر ما يتمنون يومئذ أن يكون لهم شفعاء، فيشفعوا لهم، يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ فَيَشْفَعُوا لَنا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ (الأعراف 53).
ذلك وصف حافل للعذاب الجسمى في جهنم، أما العذاب الروحى فشعور هؤلاء المجرمين بأنهم محجوبون عن رضوان الله الذى خلقهم، وأنعم عليهم بما قل من النعم أو كثر،
ثم قابلوا نعمه بالجحود والنكران، وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ (البقرة 174). كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (المطففين 15). وفي كفران النعمة شقاء نفسى، يتعذب له الضمير، ويشقى من أجله الوجدان.

الخُرفُعُ

الخُرفُعُ، كقُنْفُذٍ: القطنُ الفاسدُ في بَراعيمِهِ، وما يكونُ في جِراءِ العُشَرِ، وهو حُرَّاقُ الأَعْرابِ، والقُطْنُ المَنْدُوفُ،
كالخِرْفِعِ، كزِبْرِجٍ.

الْمُوجب

(الْمُوجب) مُوجب من أَسمَاء الْمحرم فِي الْجَاهِلِيَّة
الْمُوجب: اسْم الْفَاعِل من الْإِيجَاب هُوَ ضد الْمُخْتَار الَّذِي إِن شَاءَ فعل وَإِن لم يَشَأْ لم يفعل. فَهُوَ الَّذِي يجب أَن يصدر عَنهُ فعل من غير قصد وَإِرَادَة كالإشراق من الشَّمْس والإحراق من النَّار. وَاسم الْمَفْعُول مِنْهُ هُوَ أثر الْفَاعِل الْمُوجب بِالْكَسْرِ. وَالْفرق بَين الْمُوجب بِالْفَتْح وَبَين الْمُقْتَضِي أَنه مُتَقَدم والموجب مُتَأَخّر كَمَا فهم من التَّلْوِيح حَيْثُ قَالَ وَالْفرق بَينهمَا هُوَ أَن الْمُقْتَضِي مُتَقَدم بِمَعْنى أَن يكون الشَّيْء يكون حسنا ثمَّ يتَعَلَّق بِهِ الْأَمر ضَرُورَة أَن الْأَمر لَا يتَعَلَّق إِلَّا بِمَا هُوَ حسن. والموجب مُتَأَخّر بِمَعْنى أَن الْأَمر يُوجب حسنه من جِهَة كَونه إتيانا بالمأمور بِهِ وَلَا يتَصَوَّر ذَلِك إِلَّا بعد وُرُود الْأَمر بِهِ -.
وَالْكَلَام الْمُوجب عِنْد النُّحَاة هُوَ الْكَلَام الَّذِي لَيْسَ بِنَفْي وَلَا نهي وَلَا اسْتِفْهَام. وَغير الْمُوجب ضِدّه أَي الْكَلَام الَّذِي فِيهِ نفي أَو نهي أَو اسْتِفْهَام. وَاعْلَم أَن الِاسْتِفْهَام يسْتَلْزم النَّفْي وَالْإِنْكَار فَإِن أَزِيد قَائِم بِمَعْنى أَنه قَائِم أم لَيْسَ بقائم - ثمَّ كل من الْكَلَام الْمُوجب وَالْكَلَام الْغَيْر الْمُوجب فِي بَاب الِاسْتِثْنَاء على نَوْعَيْنِ تَامّ وناقص و (التَّام) هُوَ الْكَلَام الَّذِي يكون الْمُسْتَثْنى مِنْهُ فِيهِ مَذْكُورا. و (النَّاقِص) ضِدّه أَعنِي الْكَلَام الَّذِي لَا يكون الْمُسْتَثْنى مِنْهُ فِيهِ مَذْكُورا وَيُسمى الْمُسْتَثْنى حِينَئِذٍ مفرغا لِأَن عَامل الْمُسْتَثْنى مِنْهُ يعْمل فِيهِ بفراغه من غير مَانع ودغدغة أَو لِأَن الْمُسْتَثْنى فرغ لِأَن يعْمل ذَلِك الْعَامِل فِيهِ.

ان

ان

1 أَنَّ, aor. ـِ inf. n. أَنِينٌ and أُنَانٌ (S, M, Msb, K) and تَأْنَانٌ (S, K) and أَنٌّ, (M, K,) He moaned; or uttered a moan, or moaning, or prolonged voice of complaint; or said, Ah! syn. تَأَوَّهَ; (M, K;) by reason of pain: (S, TA:) he complained by reason of disease or pain: (TA:) he uttered a cry or cries: (Msb:) said of a man. (S, Msb.) b2: أَنِّتِ القَوْسُ, aor. ـِ inf. n. أَنِينٌ, The bow made a gentle and prolonged sound. (AHn, M.) A2: لَا أَفْعَلُهُ مَا أَنَّ فِى السَّمَآءِ نَجْمٌ means I will not do it as long as there is a star in the heaven: (S, M, K:) أَنَّ being here a dial. var. of عَنَّ. (S.) You say also, مَا أَنَّ فِي الفُرَاتِ قَطْرَةٌ As long as there is a drop in the Euphrates. (T, S.) And لَا أَفْعَلُهُ مَا أَنَّ فِى السَّمَآءٌ [ I will not do it as long as there is rain in the heaven]. (S.) [It is said in the M that Lh mentions the last two sayings; but it is there indicated that he read قَطْرَةً and سَمَآءً: and] ISk mentions the saying, لَا أَفْعَلُهُ مَا أَنَّ فِى السَّمَآءِ نَجْمًا, (T, M,) and مَا عَنَّ فِى السَّمَآءِ نَجْمٌ; (T;) [in the former of which, أَنّ must be a particle (which see below); but it seems that it should rather be إِنَّ, in this case, as ISd thinks; for he says,] I know not for what reason انّ is here with fet-h, unless a verb be understood before it, as ثَبَتَ or وُجِدَ: [ and he adds,] Lh mentions مَا أَنَّ ذلِكَ الجَبَلَ مَكَانَهُ [as long as that mountain is in its place]: and مَا أَنَّ حِرَآءً مَكَانَهُ [as long as Mount Hirà is in its place]: but he does not explain these sayings. (M.) أَنٌ is a pronoun, denoting the speaker, [I, masc. and fem.,] in the language of some of the Arabs: they say, أَنْ فَعَلْتُ [I did], with the ن quiescent: but most of them pronounce it [↓ أَنَ] with fet-h when conjoined with a following word; (Mughnee, K;) saying, أَنَ فَعَلْتُ: (TA:) and [↓ أَنَا] with ا in a case of pause: (Mughnee, K:) and some pronounce it with ا also when it is conjoined with a following word; saying, أَنَا فَعَلْتُ; [ as we generally find it written in books;] but this is of a bad dialect: (TA:) [this last assertion, however, requires consideration; for the dial. here said to be bad is that of Temeem, accord. to what here follows:] the Basrees hold that the pronoun consists of the ء and the ن, and that the [final] ا is redundant, because it is suppressed in a case of conjunction with a following word; but the Koofees hold that the pronoun is composed of all the three letters, because the ا is preserved in a case of conjunction with a following word in the dial. of Temeem. (Marginal note in a copy of the Mughnee.) [Accord. to Az,] it is best to say ↓ أَنَا in a case of pause; and ↓ أَنَ in a case of conjunction with a following word, as in أَنَ فَعَلْتُ ذَاكَ [I did that]; but some of the Arabs say, فَعَلْتُ ذَاكَ ↓ أَنَا; and some make the ن quiescent in a case of this kind, though this is rare, saying, أَنْ قُلْتُ ذَاكَ [I said that]; and Kudá'ah prolong the former ا, saying, قُلْتُهُ ↓ آنَ. (T.) [Accord. to J,] ↓ أَنَا is a pronoun denoting the speaker alone, and is made to end invariably with fet-h to distinguish it from the particle أَنْ which renders the aor. mansoob; the final ا being for the purpose of showing what is the vowel in a case of pause; but when it occurs in the middle [or beginning] of a sentence, it is dropped, except in a bad dialect. (S.) [Accord. to ISd,] ↓ أَنَ is a noun denoting the speaker; and in a case of pause, you add ا at the end, [saying ↓ أَنَا,] to denote quiescence; (M;) [or] it is better to do this, though it is not always done: (TA:) but it is said, on the authority of Ktr, that there are five dial. vars. of this word; namely, فَعَلْتُ ↓ أَنَ, and ↓ أَنَا, and ↓ آنَ, and أَنٌ, and ↓ أَنَهٌ, all mentioned by IJ; but there is some weakness in this: IJ says that the ه in ↓ أَنَهٌ may be a substitute for the ا in أَنَا, because the latter is the more usual, and the former is rare; or it may be added to show what is the vowel, like the ه, and be like the ه in كِتَابِيَهْ and حِسَابِيَهٌ. (M.) For the dual, as well as the pl., only نَحْنُ is used. (Az, TA.) b2: It is also a pronoun denoting the person addressed, or spoken to, by assuming the form ↓ أَنْتَ [Thou, masc.]; ت being added to it as the sign of the person addressed, (S, M, Mughnee, K,) and أَنْ being the pronoun, (M, Mughnee, K,) accord. to the general opinion; (Mughnee, K;) the two becoming as one; not that one is prefixed to the other as governing it in the gen. case: (S:) and so ↓ أَنْتِ, (S, M, Mughnee, K,) addressed to the female: (S, M:) and ↓ أَنْتُمَا, (M, Mughnee, K,) addressed to two; not a regular dual, for were it so it would be أَنْتَان; but like كُمَا in ضَرَبْتُكُمَا: (M:) and ↓ أَنْتُمٌ and ↓ أَنْتُنَّ, (S, Mughnee, K,) which are [respectively] the masc. and fem. pls. (TA.) b3: To each of these the ك of comparison is sometimes prefixed; so that you say, ↓ أَنْتَ كَأَنَا [Thou art like me, or as I], and ↓ أَنَا كَأَنْتَ [or أَنَ كَأَنْتَ I am like thee, or as thou]; as is related on the authority of the Arabs; for though the ك of comparison is not prefixed to the [affixed] pronoun, and you say, أَنْتَ كَزَيْدٍ but not أَنْتَ كِي, yet the separate pronoun is regarded by them as being in the same predicament as the noun; and therefore the prefixing it to the latter kind of pronoun is approved. (S.) It is said in the Book of لَيْسَ, by IKh, that there is no such phrase, in the language of the Arabs, as أَنْتَ كِى, nor as أَنَا كَكَ, except in two forged verses; wherefore Sb says that the Arabs, by saying أَنْتَ مِثْلِى and أَنَا مثْلُكَ, have no need of saying أَنْتَ كِى and أَنَا كَكَ: and the two verses are these: وَلَوْلَا البَلَآءُ لَكَانُوا كَنَا فَلَوْلَا الحَيَآإُ لَكُنَّا كَهُمٌ [And but for the sense of shame, we had been like them, or as they: and but for trial, or affliction, they had been like us, or as we]: and إِنْ تَكُنْ كِى فِإِنَّنِي كَكَ فِيهَا

إِنَّنَا فِى المَلَامِ مُصْطَحِبَانِ [If thou art like me, or as I, verily I am like thee, or as thou, in respect of her, or it, or them: verily we, in respect of blame, are companions]. (TA.) Az mentions his having heard some of the Benoo-Suleym say, كَمَا أَنْتَنِي, [the latter word being a compound of the pronoun أَنْتَ, regularly written separately, and the affixed pronoun نِى,] meaning Wait thou for me in thy place. (TA.) A2: It is also a particle: and as such, it is—First, a particle of the kind called مَصْدَرِىٌّ, rendering the aor. mansoob: (Mughnee, K:) i. e., (TA,) it combines with a verb [in this case] in the future [or aor. ] tense, following it, to form an equivalent to an inf. n., and renders it mansoob: (S, TA:) you say, أُرِيدُ أَنْ تَقُومَ [I desire that thou stand, or that thou wouldst stand, or that thou mayest stand]; meaning أُرِيدُ قِيَامَكَ [I desire thy standing]. (S.) It occurs in two places: first, in that of the inchoative, or in the beginning of a phrase, so that it is in the place of a nom. case; as in the saying [in the Kur ii. 180], وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ [And that ye fast is better for you]; (Mughnee, K;) i. e. صِيَامُكُمْ [your fasting]. (TA.) And, secondly, after a word denoting a meaning which is not that of certainty: and thus it is the place of a nom. case; as in the saying [in the Kur lvii. 15], أَلَمْ يَأَنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنٌ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ [Hath not the time that their hearts should become submissive, i. e. the time of their hearts' becoming submissive, yet come unto those who have believed?]: and in the place of an accus. case; as in the saying [in the Kur x. 38], وَمَا كَانَ هذَا القْرْآنُ أَنْ يُفْتَرَء [And this Kur-án is not such that it might be forged; i. e., افُتِرِآءٌ; so in Bd and Jel; and so in a marginal note to a copy of the Mughnee, where is added, meaning مُفْتَرًى

forged]: and in the place of a gen. case; as in the saying [in the Kur lxiii. 10], مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِىَ

أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ [Before that death come unto any one of you; i. e. before death's coming unto any one of you]. (Mughnee, K.) Sometimes it makes the aor. to be of the mejzoom form, (Mughnee, K,) as some of the Koofees and AO have mentioned, and as Lh has stated on the authority of certain of the Benoo-Sabbáh of Dabbeh; (Mughnee;) as in this verse: إِذَا مَا غَدَوْنَا قَالَ وِلْدَانُ أَهْلِنَا تَعَالوْغا إِلَى أَنْ يَأْتِنَا الصَّيْدُ نَحْطِبِ [When we went away in the morning, the youths of our family, or people, said, Come ye, until that the chase come to us, (i. e. until the coming of the chase to us,) let us collect firewood]. (Mughnee, K.) And sometimes it is followed by an aor. of the marfooa form; as in the saying [in the Kur ii. 233], accord. to the reading of Ibn-Moheysin, لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمُّ الرَّضَاعَةَ [For him who desireth that he may complete the time of sucking; i. e. the completing thereof]; (Mughnee, K;) but this is anomalous, (I 'Ak p. 101, and TA,) or أَنْ is here a contraction of أَنَّ [for أَنَّهُ]: (I 'Ak:) and in the saying of the poet, أَنْ تَقَرَآنِ عَلَي أَسْمَآءِ وَيْحَكُمَا مِنِّى السَّلَامَ وَأَنْ لَا تُخْبِرَا أَحَدَا [That ye two convey, or communicate, to Asmà, (mercy on you! or woe to you!) from me, salutation, and that ye inform not any one]; but the Koofees assert that أَنٌ is here [in the beginning of the verse] a contraction of أَنَّ, and anomalously conjoined with the verb; whereas the Basrees correctly say that it is أَنٌ which renders the aor. mansoob, but is deprived of government by its being made to accord with its co-ordinate مَا, termed مَصْدَرِيَّة; (Mughnee;) or, as IJ says, on the authority of Aboo-'Alee, أَنٌ is here used by poetic licence for أَنَّكُمَا; and the opinion of the Baghdádees [and Basrees], that it is likened to مَا, and therefore without government, is improbable, because أَنْ is not conjoined with a verb in the present tense, but only with the preterite and the future. (M.) When it is suppressed, the aor. may be either mansoob or marfooa; but the latter is the better; as in the saying in the Kur [xxxix. 64], أَفَغَيْرَ اللّٰهِ تَأْمُرُونِّى أَعْبُدُ [Other than God do ye bid me worship?]. (S.) If it occurs immediately before a preterite, it combines with it to form an equivalent to an inf. n. relating to past time; being in this case without government: you say, أَعْجَيَنِيأَنْ قُمْتَ [It pleased me that thou stoodest]; meaning thy standing that is past pleased me: (S:) and thus it is used in the saying [in the Kur xxviii. 82], لَوْلَا أَنٌ مَنَّ اللّٰهُ عَلَيْنَا [Were it not for that God conferred favour upon us; i. e., for God's having conferred favour upon us]. (Mughnee.) It is also conjoined with an imperative; as in the phrase mentioned by Sb, كَتَبْتُ إِلَيهِ بِأَنة قُمٌ [I wrote to him, Stand; i. e. I wrote to him the command to stand]; which shows that AHei is wrong in asserting that whenever it is conjoined with an imperative it is an explicative [in the sense of أَيٌ], and that in this particular instance the ب may be redundant, which it cannot here be, because, whether redundant or not, it is not put immediately before anything but a noun or what may be rendered by a noun. (Mughnee.) b2: Secondly, it is a con-traction of أَنَّ; (Mughnee, K;) and occurs after a verb denoting certainty, or one used in a manner similar to that of such a verb: (Mughnee:) so in the saying [in the Kur lxxiii. 20], عَلِمَ أَنٌ سَيَكُونُ مِنْكُمٌ مَرْضَي [He knoweth that (the case will be this:) there will be among you some diseased; the affixed pronoun هُ, meaning اشَّأْنَ, being understood after أَنْ, which therefore stands for أَنَّهُ, i. e. أَنَّ الشَّأْنَ]: (Mughnee, K: *) and in the phrase, بَلَغَنِى أَنْ قَدْ كَانَ كَذَا وكَذَا [It has come to my knowledge, or been related to me, or been told to me, or it came to my knowledge, &c., that (the case is this:) such and such things have been]; a phrase of this kind, in which أَنْ occurs with a verb, not being approved without قَدْ, unless you say, بَلَغَنِى أَنَّهُ كَانَ كَذَا وَكَذَا: (Lth, T:) [for] when the contracted أَنْ has for its predicate a verbal proposition, of which the verb is neither imperfectly inflected, like لَيْسَ and عَسَى, nor expressive of a prayer or an imprecation, it is separated from the verb, according to the more approved usage, by قَدْ, or the prefix سَ, or سَوْفَ, or a negative, as لَا &c., or لَوْ: (I 'Ak pp. 100 and 101:) but when its predicate is a nominal proposition, it requires not a separation; so that you say, CCC عَلِمْتُ أَنْ زِيْدٌ قَائِمٌ [I knew that (the case was this:) Zeyd was standing]; (I 'Ak p. 100;) and بَلَغَنِى أَنْ زَيدٌ خَارِجٌ [It has come to my knowledge, or been related to me, or been told to me, &c., that (the case is this:) Zeyd is going, or coming, out, or forth]; (TA;) except in the case of a negation, as in the saying in the Kur [xi. 17], وأَنْ لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ [And that (the case is this:) there is no deity but He]. (I 'Ak p. 100.) Thus used, it is originally triliteral, and is also what is termed مَصْدَرِيَّة; [عَلِمَ أَنْ, in the first of the exs. above, for instance, meaning عَلِمَ أَنَّهُ, i. e. عَلِمَ أَنَّ الشَّأْنَ, which is equivalent to عَلِمَ كَوْنَ الشَّأْنِ;] and governs the subject in the accus. case, and the predicate in the nom. case: and its subject must be a pronoun, suppressed, [as in the exs. given above, where it means الشَّأْنِ, and in a verse cited before, commencing أَنْ تَقْرَآنِ, accord. to A'boo-'Alee,] or expressed; the latter, accord. to the more correct opinion, being allowable only by poetic license: and its predicate must be a proposition, unless the subject is expressed, in which case it may be either a single word or a proposition; both of which kinds occur in the following saying [of a poet]: بِأَنْكَ رَبِيعٌ وغَيْثٌ مَرِيعٌ وَأَنْكَ هُنَاكَ تَكُونَ الثِّمَالَا [he is speaking of persons coming as guests to him whom he addresses, when their provisions are exhausted, and the horizon is dust-coloured, and the north wind is blowing, (as is shown by the citation of the verse immediately preceding, in the T,) and he says, They know that thou art like rain that produces spring-herbage, and like plenteous rain, and that thou, there, art the aider and the manager of the affairs of people]. (Mughnee. [In the T, for رَبِيعٌ, I find الَّربِيعُ; and for وَأَنْكَ, I there find وَقِدْمًا: but the reading in the Mughnee is that which is the more known.]) [J says,] أَنْ is sometimes a contraction of أَنَّ and does not govern [anything]: you say, بَلَغَنِى

أَنٌ زَيْدٌ خَارِجٌ [explained above]; and it is said in the Kur [vii. 41], وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الجَنَّةُ [and it shall be proclaimed to them that (the case is this:) that is Paradise]: (S:) [here, however, أَنة is regarded by some as an explicative, as will be seen below:] but in saying this, J means that it does not govern as to the letter; for virtually it does govern; its subject being meant to be understood; the virtual meaning being أَنَّهُ تِلْكُمُ الجَنَّةُ. (IB.) [In another place, J says,] You may make the contracted أَنْ to govern or not, as you please. (S.) Aboo-Tálib the Grammarian mentions an assertion that the Arabs make it to govern; as in the saying [of a poet, describing a beautiful bosom], كَأَنْ ثَذْيَيْهِ حُقَّانِ [As though its two breasts were two small round boxes]: but [the reading commonly known is كَأَنْ ثَدْيَاهُ حُقَّانِ (this latter reading is given in De Sacy's Anthol. Gram. Ar. p. 104 of the Ar. text; and both are given in the S;) كَأَنْ here meaning كَأَنَّهُ; and] Fr says, We have not heard the Arabs use the contracted form and make it to govern except with a pronoun, in which case the desinential syntax is not apparent. (T.) The author of the K says in the B that you say, عَلِمْتُ أَنْ زيْدًا لَمُنْطَلِقٌ [I knew that Zeyd was indeed going away], with ل when it is made to govern; and عَلِمْتُ أَنْ زَيْدٌ مُنْطَلِقٌ [I knew that (the case was this:) Zeyd was going away], without ل when it is made to have no government. (TA. [But in the latter ex. it governs the subject, which is understood, as in other exs. before given.]) [See an ex. in a verse ending with the phrase وَكَأَنْ قَدِ cited voce قَد, where كَأَنْ is for كَأَنَّهُ, meaning كَأَنَّ الشّأنَ, and a verb is understood after قد. and see also أَنَّ, below.]b2: Thirdly, it is an explicative, (Mughnee, K,) meaning أَيْ (S, M, and so in some copies of the K,) or [rather] used in the manner of أَيْ; (Mughnee, and so in some copies of the K;) [meaning قَائِلًا, or قَائِلِينَ; or يَقُولُ, or يَقُولُونَ; or some other form of the verb قَالَ; i. e. Saying ; &c.;] as in the saying [in the Kur xxiii. 27], فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْقُلْكَ [And we revealed, or spake by revelation, unto him, saying, Make thou the ark]; (Mughnee, K) and [in the Kur vii. 41,]وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ [And it shall be proclaimed to them, being said, That is Paradise]; or in these two instances it may be regarded as what is termed مَصْدَرِيَّة, by supposing the preposition [بِ] understood before it, so that in the former instance it is the biliteral, because it is put before the imperative, and in the second it is the contraction of أَنَّ because it is put before a nominal proposition; (Mughnee;) and [in the Kur xxxviii. 5,] وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا (S, M, Mughnee) i. e. [and the chief persons of them] broke forth, or launched forth, with their tongues, or in speech, [saying,] Go ye on, or continue ye, in your course of action &c. (Mughnee.) For this usage of أَنْ certain conditions are requisite : first, that it be preceded by a proposition : secondly, that it be followed by a proposition; so that you may not say, ذَكَرْتُ عَسْجَدًا أَنْ ذَهَبًا, but you must say أَىٌ in this case, or must omit the explicative : thirdly, that the preceding proposition convey the meaning of القَوْلُ, as in the exs. above; in the last of which, انطلق has the meaning assigned to it above; not that of walking or going away : fourthly, that there be not in the preceding proposition the letters of القَوْلُ; so that one may not say, قُلْتُ لَهُ أَنِ افْعَلْ; or, if there be in it those letters, that the word which they compose shall be interpreted by another word; as in the saying, in the Kur [v, 117], مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِى بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللّٰهَ which may mean, as Z says, I have not commanded them [aught save that which Thou commandedst me, saying, Worship ye God]; (Mughnee;) in which instance Fr says that it is an explicative : (T :) fifthly, that there be not a preposition immediately before it; for if you say, كَتَبْتُ إِلَيْهِ بِأَنِ افْعَلْ كَذَا, it is what is termed مَصْدَرِيَّة [as we have before shown]. (Mughnee.) When it may be regarded as an explicative and is followed by an aor. with لا as in أَشَرْتُ إِلَيْهِ أَنْ لَا تَفْعَل كَذَا, it may be marfooa, [namely, the aor. ,] on the supposition that لا is a negative ; or mejzoom, on the supposition that it is a prohibitive; and in both cases ان is an explicative ; [so that the meaning is, I made a sign to him, as though saying, Thou wilt not do such a thing, in the former case ; or, in the latter, Do not thou such a thing ;] or mansoob, on the supposition that لا is a negative and that ان is what is termed مَصْدَرِيَّة: but if لا is wanting, it may not be mejzoom, but may be marfooa [if we use ان as an explicative] or mansoob [if ان be what is termed مَصْدَرِيَّة]. (Mughnee.)b3: Fourthly, it is redundant, as a corroborative, (Mughnee, K,) like whatever else is redundant : and thus it is in four cases : one of these, which is the most common, being when it occurs after لَمَّا denoting time; [and this is mentioned in the M ; ] as in the saying [in the Kur xxix. 32], وَلمَّا أَنْ جَآءَ تْ رُسُلُنَا لُوطًا [And when our apostles came to Lot]: (Mughnee:) [or,] accord. to J, (TA,) it is sometimes a connective to لَمَّا; as in the saying in the Kur [xii. 96], فَلَمَّا أَنْ جَآءَ الْبَشِيرُ [And when that (like as we say, " now that,") the announcer of good tidings came] : and sometimes it is redundant ; as in the saying in the Kur [viii. 34], وَمَا لَهُمْ أَنْ لَا يُعَذِبَهُمُ اللّٰهُ [as though it might be rendered But what reason have they, God should not punish them?] : (S, TA:) but IB says that the connective is redundant ; and [that ان is not redundant in the latter instance, for] if it were redundant in this verse of the Kur it would not render the [aor.] verb mansoob. (TA. [The author of the Mughnee, like IB, disallows that ان is redundant in a case of this kind, which Kh asserts it to be ; and says that فِى is under-stood before it.]) The second case is when it occurs between لَوٌ and a verb signifying swearing, the latter being expressed; as in this verse: فَأُقْسِمُ أَنْ لَوِ الْتَقَيْنَا وَأَنْتُمُ لَكَانَ لَنَا يَوْمٌ مِنَ الشَّرِّ مُظْلِمُ

[And I swear, had we and you met, there had been to us a dark day of evil]: and when that verb is omitted; as in the following ex.: أَمَا وَاللّٰهِ أَنْ لَوْ كُنْتَ حُرِّا وَمَا بِالْحُِرِأَنْتَ وَلَا العَتِيقِ [Verily, or now surely, by God, if thou wert freeborn; but thou art not the freeborn nor the emancipated]: so say Sb and others: Ibn-'Os-foor holds it to be a particle employed to connect the complement of the oath with the oath; but this is rendered improbable by the fact that it is in most cases omitted, and such particles are not. (Mughnee.) The third case, which is extr., is when it occurs between the ك [of comparison] and the noun governed by it in the genitive case; as in the saying, وَيَوْمًا تُوَافِينَا بِوَجْهٍ مُقَسَّمٍ

كَأَنٌ ظَبْيَةٍ تَعْطُو إِلَى وَارِقِ السَّلَمْ [And on a day thou comest to us with a beautiful face, like a doe-gazelle raising her head towards the goodly green-leaved tree of the selem kind], accord. to the reading of him who makes طبيةْ to be governed in the genitive case [instead of the accus. or the nom.; for if we read it in the accus. or the nom., أَنْ is a contraction of أَنَّ; in the former case, ظبية being its subject, and its predicate being suppressed; and in the latter case, the meaning being كَأَنَّهَا ظَبْيَةٌ, so that the subject of ان is suppressed]. (Mughnee.) The fourth case is when it occurs after إِذَا; as in the following ex.: فَأُمْهلُهُ حَتَّى إذَا أَنْ كَأَنَّهُ مُعَاطِى يَدٍ فِي لُجَّةِ المَآءِ غَامِرُ [And I leave him alone until when he is as though he were a giver of a hand to be laid hold upon, in the fathomless deep of the water immerged]. (Mughnee.) b4: [Fifthly,] among other meanings which have been assigned to it, (Mughnee,) it has a conditional meaning, like إِنٌ: (Mughnee, K:) so the Koofees hold; and it seems to be most probably correct, for several reasons: first, because both these forms occur, accord. to different readings, in several instances, in one passage of the Kur; as in [ii. 282,] أَنْ تَضِلٌّ

إِحْدَاهُمَا [If one of them twain (namely, women,) err]; &c.: secondly, because [the prefix] فَ often occurs after it; as in a verse commencing with أَبَا خُرَاشَةَ [as cited voce أَمَّا, accord. to some who hold that أمَّا in that verse is a compound of the conditional أَنْ and the redundant مَا; and as in the Kur ii. 282, where the words quoted above are immediately followed by فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى]: thirdly, because it is conjoined with إِنٌ [which forms a part of the compound إِكَّا] in this ex.: إِمَّا أَقَمْتَ وَأَمَّا أَنْتَ مُرْتَحِلًا فَاللّٰهُ يَكْلَأُ مَا تَأْتِى وَمَا تَذَرُ [If thou remain, and if thou be going away (أَمَّا meaning أَنْ كُنْتَ, as syn. with إِنْ كُنْتَ), may God guard thee (يَكْلَأُ being marfooa because of the ف) as long as thou doest and as long as thou leavest undone]: thus related, with kesr to the former ان [in إِنَّا] and with fet-h to the latter [in أَمَّا]. (Mughnee.) b5: [Sixthly,] it is a negative, like إِنْ: (Mughnee, K:) so, as some say, in [the Kur iii. 66,] أَنع يُؤْتَى أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ [meaning accord. to them Not any one is given the like of that scripture which ye have been given]: but it is said [by others] that the meaning is, [taken with what precedes it,] And believe not ye that (بِأَنْ) any one is given the like of that scripture which ye have been given, except it be given to him who followeth your religion; and that the phrase “ say thou, Verily the direction is the direction of God,” is parenthetic. (Mughnee.) b6: [Seventhly,] it is syn. with إِذْ, (Az, T, Mughnee, K, [in Freytag's Lex., from the K, إِذْ قِيلَ, but قيل in the K relates to what there follows,]) as some say, in [the Kur l. 2,] بَلْ عَجِبُوا أَنٌ جَآءَهُمْ مُنْذِرٌمِنْهُمْ [Verily they wonder because a warner from among themselves hath come unto them]; (Mughnee, K;) and in other instances; but correctly, in all these instances, ان is what is termed مَصْدَرِيَّة, and لِ denoting cause is understood before it. (Mughnee.) [See also أَمَّا and إِمَّا.] b7: [Eighthly,] it is syn. with لِئَلّا, accord. to some, in [the Kur iv. last verse,] يُبَيِّنُ اللّٰهُأَنْ تَضِلُّوا [God explaineth to you (the ordinances of your religion, Jel), lest ye should err, or in order that ye may not err]; (Mughnee, K;) and in the saying, نَزَلْتُمْ مَنْزِلَ الأَضْيَافِ مِنَّا فَعَجَّلْنَا القِرَى أَنْ تَشْتِمُونَا [Ye became, or have become, in the condition of our guests; so we hastened, or have hastened, the entertainment, lest ye should revile us, or in order that ye should not revile us]: (Mughnee:) but correctly, in such a case [likewise], ان is what is termed مَصْدَرِيَّة, and the original wording is كَرَاهَةَ أَنْ تَضِلُّوا [from a motive of dislike that ye should err], (Mughnee, K,) and مَخَافَةَ أَنْ تَشْتِمُونَا [from a motive of fear that ye should revile us]: so say the Basrees: some say, extravagantly, that ل is meant to be understood before it, and الَّذِى after it. (Mughnee.) b8: [Ninthly,] it occurs in the sense of الَّذِى; as in the saying, زَيْدٌ أَعْقَلُ مِنٌ أَنْ يَكْذِب [Zeyd is more reasonable than he who lies; which is equivalent to saying, Zeyd is too reasonable to lie: but respecting its usage in a phrase of this kind, and respecting the form of the aor. after it in such a case, see مِنْ]. (Kull p. 78.) b9: By a peculiarity of pronunciation termed عَنْعَتَةٌ, the tribe of Temeem say عَنْ instead of أَنٌ. (M.) إِنٌ is used in various ways: first, as a conditional particle, (S, M, Msb, Mughnee, K,) denoting the happening of the second of two events in consequence of the happening of the first, (S, Msb, *) whether the second be immediate or deferred, and whether the condition be affirmative or negative; (Msb;) [and as such it is followed by a mejzoom aor., or by a pret. having the signification of an aor. ;] as in the saying, [إِنْ تَفْعَلٌ أفْعَلٌ If thou do such a thing, I will do it; and] إِنْ تَأْتِنِى آتِكَ [If thou come to me, I will come to thee]; and إِنٌ جِئْتَنِى أَكْرَمْتُكَ [If thou come to me, I will treat thee with honour]; (S;) and إِنْ فَعَلْتَ فَعَلْتُ [If thou do, I will do] for which the tribe of Teiyi say, as IJ relates on the authority of Ktr, هِنْ فَعَلْتَ فَعَلْتُ; (M;) and إِنْ دَخَلْت الدَّارَ أَوٌ [If thou stand, I will stand]; and إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ أَوْ لَمْ تَدْخُلِى الدَّارض فَأَنْتِ طَالقٌ [If thou enter the house, or if thou enter not the house, thou shalt be divorced]; (Msb;) and [in the Kur viii. 39,] إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرٌ لَهُمْ مَا قَد سَلَفَ [If they desist, what hath already past shall be forgiven them]; and [in verse 19 of the same ch.,] وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ [But if ye return to attacking the Apostle, we will return to assisting him]. (Mughnee, K.) [On the difference between it and إِذا, see the latter.] When either it or إِذَا is immediately followed by a noun in the nom. case, the said noun is governed in that case by a verb necessarily suppressed, of which it is the agent; as in the saying, in the Kur [ix. 6], وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ استَجَارَكَ; the complete phrase being وَإِنِ اسْتَجَارَكَ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ [And if any one of the believers in a plurality of gods demand protection of thee, (if) he demand protection of thee]: so accord. to the generality of the grammarians. (I 'Ak p. 123.) Sometimes it is conjoined with the negative لَا, and the ignorant may imagine it to be the exceptive إِلَّا; as in [the saying in the Kur ix. 40,] إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَد نَصَرَهُ اللّٰهُ [If ye will not aid him, certainly God did aid him]; and [in the next preceding verse,] إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ [If ye will not go forth to war, He will punish you]. (Mughnee, K. *) It is sometimes used to denote one's feigning himself ignorant; as when you say to one who asks, “Is thy child in the house? ” and thou hast knowledge thereof, إِنْ كَانَ فِى الدَّارِ أَعْلَمْتُكَ بِهِ [If he be in the house, I will inform thee thereof]. (Msb.) And to denote one's putting the knowing in the predicament of the ignorant, in order to incite to the doing or continuing an action; as when you say, إِنٌ كُنْتَ ابُنِى فَأَطِعْنِى [If thou be my son, obey me]; as though you said, “Thou knowest that thou art my son, and it is incumbent on the son to obey the father, and thou art not obedient; therefore do what thou art commanded to do. ” (Msb.) And sometimes it is divested of the conditional meaning, and becomes syn. with لَو; as in the saying, صَلِّ وَإِنٌ عَجَزْتَ عَنِ القِيَام [Pray thou though thou be unable to stand;] i. e. pray thou whether thou be able to stand or unable to do so; and in the saying, أَكْرِمٌ زِيْدًا وَإِنْ قَعَدَ i. e. [Treat thou Zeyd with honour] though he be sitting; or, whether he sit or not. (Msb.) [إِمَّا as a compound of the conditional إِنٌ and the redundant مَا, see in an art. of which اما is the heading.] b2: [Secondly,] it is a negative, (S, Mughnee, K,) syn. with مَا; (S;) and is put before a nominal proposition; (Mughnee, K;) as in the saying [in the Kur lxvii. 20], إِنِ الْكَافِرُونَ

إِلَّا فِى غُرُورٍ [The unbelievers are not in aught save in a deception]; (S, Mughnee, K;) and before a verbal proposition; as in [the Kur ix. 108,] إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى [We desired not, or meant not, aught save that which is best]. (Mughnee, K.) The assertion of some, that the negative إِنٌ does not occur except where it is followed by إِلَّا, as in the instances cited above, or by لَمَّا, with tesh-deed, which is syn. therewith, as, accord. to a reading of some of the Seven [Readers], in the saying [in the Kur lxxxvi. 4], إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ, i. e., مَا كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ [There is not any soul but over it is a guardian], is refuted by the sayings in the Kur [x. 69 and lxxii. 26], إِنْ عِندَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهٰذَا [meaning, accord. to the Jel., Ye have no proof of this that ye say], and إِنْ أَدْرِيأَقَرِيبٌ مَا تُوعَدُونَ [I know not whether that with which ye are threatened be nigh]. (Mughnee, K. *) The conditional and the negative both occur in the saying in the Kur [xxxv. 39], وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ [And I swear that, if they should quit their place, not any one should withhold them after Him]: the former is conditional; and the latter is negative, and is [part of] the complement of the oath which is denoted by the ل prefixed to the former; the complement of the condition being necessarily suppressed. (Mughnee.) When it is put before a nominal proposition, it has no government, accord. to Sb and Fr; but Ks and Mbr allow its governing in the manner of لَيْسَ; and Sa'eed Ibn-Jubeyr reads, [in the Kur vii. 193,] إِنِ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللّٰهِ عِبَادًا أَمْثَالَكُمٌ [Those whom ye invoke beside God, or others than God, are not men like you]: also, the people of El-'Áliyeh have been heard to say, إِنٌ أَحَدٌ خَيْرًامِنْ أَحدٍ إِلَّا بِالعَافِيَةِ [Any one is not better than any other one, except by means of health, or soundness]; and إِنْ ذٰلِكَ نَافِعَكَ وَلَا ضَارَّكَ [That is not profitable to thee nor injurious to thee]: as an ex. of its occurrence without government, which is mostly the case, the saying of some, قَائمٌ ↓ إِنَّ may be explained as originally إِنٌ أَنَا قَائِمٌ [I am not standing]; the أ of أَنَا being elided for no reason in itself, and the ن of إِنٌ being incorporated into the ن of أَنَا, and the ا of this latter being elided in its conjunction with the following word; but إِنَّ قَائِمًا has also been heard. (Mughnee.) Sometimes it occurs [as a negative] in the complement of an oath: you say, وَاللّٰهِ إِنٌ فَعَلْتُ, meaning مَا فَعَلْتُ [By God, I did not]. (S.) b3: [Thirdly,] it is a contraction of إِنَّ, and is put before a nominal and before a verbal proposition. (Mughnee, K.) In the former case, it is made to govern and is made to have no government: (S, * K:) [i. e.] in this case, it is allowable to make it govern; contr. to the opinion of the Koofees: (Mughnee:) Lth says that he who uses the contracted form of إِنَّ uses the nom. case with it, except that some of the people of El-Hijáz use the accus. case with it: (T:) thus it is said, accord. to one reading, [in the Kur xi. 113,] إِنْ كُلَّا لَمَا لَيُوَفِّيَنَّهُمٌ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمٌ [Verily all of them, thy Lord will indeed fully render them the recompense of their works]: (T, Mughnee:) Fr says, We have not heard the Arabs use the contracted form and make it to govern, unless with a pronoun, in which case the desinential syntax is not apparent; and he adds that in the instance cited above, they make كُلّا to be governed in the accus. case by ليوفّينّهم; as though the phrase were لَيُوَفِّيَنَّهُمْ كُلَّا; and that كُلُّ would be proper; for you say, إِنْ زَيْدٌ لَقَائِمٌ [Verily Zeyd is standing]: (T:) the ex. given by Sb is, إِنْ عَمْرًا لَمُنطَلِقٌ [Verily 'Amr is going away]. (Mughnee.) But it is [most] frequently made to have no government; as in the saying [in the Kur xliii. 34 accord. to one reading], وَإِنْ كُلُّ ذٰلِكَ لَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا [And verily all that is the furniture of the present life]; and, accord. to the reading of Hafs, [and of 'Ásim and Kh, in the Kur xx. 66, respecting which see إِنَّ,] إِنْ هٰذَانِ لَسَاحِرَانِ [Verily these two are enchanters]; &c. (Mughnee.) When it is put before a verbal proposition, it is necessarily made to have no government: (Mughnee, K:) and in most cases the verb is a preterite and of the kind called نَاسِخ [which effects a change of the grammatical form or of the meaning in a nominal proposition before which it is placed]; as in the saying [in the Kur ii. 138], وَإِنْ كَانَتٌ لَكَبِيرَةً [And verily it was a great matter]; and [in the Kur xvii. 75,] وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ [And verily they were near to seducing thee]; (Mughnee;) in which last ex. Az says, it means لَقَدْ, i. e. without doubt; and so in the same ch. vv. 78 and 108: (T:) less frequently it is an aor. of a verb of this kind; as in the saying [in the Kur xxvi. 186], وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبينَ [And verily we think thee to be of the number of the liars]: and both these kinds of expression may be taken as exs. to be imitated: less frequently than this it is a preterite of a verb not of the kind termed نَسخ; as in the saying [of a poet], شَلَّتٌ يَمِينُكَ إِنٌ قَتَلْتَ لَمُسْلِمًا [May thy right arm, or hand, dry up, or become unsound! verily thou hast slain a Muslim]; but this may not be taken as an ex. to be imitated; contr. to the opinion of Akh; for he allows the phrase, إِنْ قِامَ لَأَنَا [Verily I stood], and إِنٌ قَعَدَ لأَنْتَ [Verily thou sattest]: and less frequently than this it is an aor. of a verb not of the kind termed ناسخ; as in the saying, إِنْ يَزِينُكَ لَنَفْسُكَ وَإِنٌ يَشِينُكَ لَهِيَهٌ [Verily thy soul is that which beautifies thee, and it is that which deforms thee]; and this, by common consent, may not be taken as an ex. to be imitated. (Mughnee.) Wherever you find إِنٌ with لَ after it, decide that it is originally إِنَّ; (Mughnee, K;) as in the exs. above: but respecting this ل there is a difference of opinion: see this letter. (Mughnee.) J says, (TA,) إِنٌ is sometimes a contraction of إِنَّ, and this must have ل put before its predicate, to compensate for what is elided, of the doubled letter; as in the saying in the Kur [lxxxvi. 4, accord. to him who reads لَمَا instead of لَمَّا], إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَا عَلَيْهَا حَافِظٌ [Verily every soul hath over it a guardian]; and in the saying, إِنٌ زَيدٌ لَأَخُوكَ [Verily Zeyd is thy brother]; in order that it may not be confounded with إِنٌ which is syn. with the negative مَا: (S, TA:) but IB says, ل is here introduced to distinguish between negation and affirmation, and this إِنْ has neither subject nor predicate; so J's saying that the ل is put before its predicate is without meaning: and this ل is sometimes introduced with the objective complement of a verb; as in إِنْ ضَرَبْتُ لَزَيْدًا [Verily I struck, or beat, Zeyd]; and with the agent; as in إِنْ قَامَ لَزَيْدٌ [Verily Zeyd stood]. (TA.) When the contracted إِنْ governs, this ل is not necessary; so you may say, إِنْ زَيْدًا قَائِمٌ [Verily Zeyd is standing]; because in this case it cannot be confounded with the negative; for the negative does not render the subject mansoob and the predicate marfooa: and when it does not govern, if the meaning is apparent, the ل is not needed; as in وَنَحْنُ أُبَاةُ الضَّيْمِ مِنْ آلِ مَالِكٍ

وَإِنْ مَالِكٌ كَانَتْ كِرَامَ المَعَادِنِ [And we are persons who refuse to submit to injury, of the family of Málik: and verily the family of Málik are generous in respect of their origins]; كَانَتْ being here for لَكَانَتٌ. (I 'Ak p. 99.) b4: [Fourthly,] it is redundant, (S, Mughnee, K,) occurring with مَا; as in the saying, مَا إِنْ يَقُومُ زَيْدٌ [Zeyd does not stand]; (S;) and in the saying [of a poet], كَا إِنْ أَتَيْتَ بِشْىءٍ أَنْتَ تَكْرَهُهُ [Thou didst not a thing which thou dislikest]. (Mughnee, K: in the CK اَتْتُ.) It is mostly thus used after the negative ما, when put before a verbal proposition; as above; or before a nominal proposition; as in the saying, مَنَايَانَا وَدَوْلَةُ آخَرِينَا وَمَا إِنْ طِبُّنَا جبُنٌ ولٰكِنٌ [And our habit is not cowardice; but our destinies and the good fortune of others caused our being defeated]: and in this case it prevents the government of ما, as in this verse: but in the saying, بَنِى غُدَانَةَ مَا إِنْ أَنْتُمُ ذَهَبًا وَلَا صَرِيفًا وَلٰكِنٌ أَنْتُمُ الخَزَفُ [Sons of Ghudáneh, ye are not indeed gold, nor silver, or pure silver, but ye are pottery], accord. to him who relates it thus, saying ذهبًا and صريفًا, in the accus. case, it is explained as a negative, corroborative of ما: (Mughnee:) and accord. to J, (TA,) the negatives مَا and إِنٌ are sometimes thus combined for corroboration; as in the saying of the rájiz, (El-Aghlab El-'Ijlee, TA,) أَكْثَرَ مِنْهُ قِرَةً وَقَارَا مَا إِنٌ رَأَيْنَا مَلِكَّا أَغَارَا [We have not indeed seen a king who has made a hostile incursion possessing more numerous sheep, or goats, and camels, than he]; (S, TA;) but IB says that ان is here redundant, not a negative. (TA.) Sometimes it is redundant after the conjunct noun مَا; as in the saying, يُرَجِىّ المَرْإُ مَا إِنٌ لَا يَرَاهُ وَتَعْرِضُ دُونَ أَدْنَاهُ الخُطُوبُ [Man hopes for that which he will not see; for calamities intervene as obstacles in the way to what is nearest thereof]. (Mughnee.) And after the مَا termed مَصْدَرِيَّة, (Mughnee,) [i. e.,] after the adverbial مَا [which is of the kind termed مصدريّة]; (TA;) as in the saying (of Maaloot El-Kurey'ee, cited by Sb, TA), وَرَجِّ الفَتَى لِلْخَيْرِ مَا إِنْ رَأَيْتَهُ عَلَي السِّنِّ خَيْرًا لَايَزَالُ يَزِيدُ [And hope thou that the youth is destined for good as long as thou hast seen him not ceasing to increase in good with age]. (Mughnee.) and after the inceptive أَلَا; as in the saying, أَلَا إِنْ سَرَى لَيْلِى فبِتُّ كَئِيبَا

أُحَاذِرُ أَنْ تَنْأَى النَّوَى بِغَضُوبَا [Now he journeyed on, or during, that my night, and I passed the night in an evil state, broken in spirit by grief, being fearful that the distance to which he was going with Ghadoob (a woman so named) would become far]. (Mughnee.) and before the meddeh denoting disapproval: [for] Sb heard a man, on its being said to him, “Wilt thou go forth if the desert become plentiful in herbage? ” reply, أَأَنَا إِنِيهٌ [What, I, indeed?] disapproving that he should think otherwise than that. (Mughnee. [See also art. انى.]) b5: [Fifthly,] it is syn. with قَدْ: so it is said to be in the saying [in the Kur lxxxvii. 9], إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى

[Admonition hath profited], (T, Mughnee, K,) by IAar (T) and by Ktr: (Mughnee:) and Abu-l-' Abbás relates that the Arabs say, إِنٌ نَفَعَتِ الذِّكْرَى

meaning قَدْ قَامَ زَيْدٌ [Zeyd has stood]; and he adds, that Ks states his having heard them say so, and having thought that it expressed a condition, but that he asked them, and they answered that they meant قَدْ قَامَ زَيْدٌ, and not مَا قَامَ زَيْدٌ. (T.) [So too, accord. to the K, in all the exs. cited in the next sentence as from the Mughnee; but this is evidently a mistake, occasioned by an accidental omission.] b6: [Sixthly,] it is asserted also by the Koofees, that it is syn. with إِذْ, in the following exs.: in the Kur [v. 62], وَاتَّقُوا اللّٰهَ إِنٌ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [And fear ye God, because ye are believers: and so, accord. to Az, as is said in the T, in a similar instance in the Kur ii. 278: and in the same, iv. 62]: and [in the Kur xlviii. 27,] لَتَدْ خُلُنَّ المَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَآءَ آمِنِينَ [Ye shall assuredly enter the sacred mosque, because God hath willed, in security]: and in like instances, when the verb therein expresses what is held sure to happen or to have happened: and in the saying, أَتَغْضَبُ إِنٌ أُدْنَا قُتَيْبَةَ حُزَّتَا جِهَارًا وَلَمْ تَغْضَبْ لِقَتْلِ ابْنِ حَازِمِ [Art thou angry because the ears of Kuteybeh have been cut, openly, or publicly, and wast not angry for the slaughter of Ibn-Házim?]: (Mughnee:) but in all these instances [it is sufficiently obvious that] ان may be otherwise explained. (Mughnee, K.) b7: [Seventhly,] it is sometimes syn. with إِذَا; as in the Kur [ix. 23], لَا تَتَّخِذُوا

آبَآءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَآءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَعَلَى

الْإِيمَانِ [Take not ye your fathers and your brethren as friends when they love unbelief above belief]; and in the same [xxxiii. 49], وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً

إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِىّ [And a believing woman when she giveth herself to the Prophet]: so says Az. (T.) b8: [Eighthly,] it is used for إِمَّا, (Mughnee and K, voce إِمَّا,) distinct from إِمَّا which is a compound of the conditional إِنٌ and the redundant مَا. (Mughnee ibid.) [See an ex. in a verse cited voce إِمَّا in the present work, commencing with the words سَقَتْهُ الرَّوَاعِدُ.]

أَنَ: see أَنْ, in four places.

أَنَّ is one of the particles which annul the quality of the inchoative; and is originally إِنَّ; therefore Sb has not mentioned it among those particles [as distinct from إِنَّ, from which, however, it is distinguished in meaning]: (I 'Ak p. 90:) it is a corroborative particle; (I 'Ak, Mughnee;) a particle governing the subject in the accus. case and the predicate in the nom. case, (S, I 'Ak, Mughnee, K,) combining with what follows it to form an equivalent to an inf. n., (S,) [for,] accord. to the most correct opinion, it is a conjunct particle, which, together with its two objects of government, is explained by means of an inf. n. (Mughnee.) If the predicate is derived, the inf. n. by means of which it is explained is of the same radical letters; so that the implied meaning of بَلَغَنِي أَنَّكَ تَنْطَلِقُ [It has come to my knowledge, or been related to me, or been told to me, or it came to my knowledge, &c., that thou goest away], or أَنَّكَ مُنْطَلِقٌ [that thou art going away], is بَلَغَنِي الاِنْطِلَاقُ [or rather انْطِلَاقُكَ thy going away has come to my knowledge, &c.]; and hence, the implied meaning of بَلَغَنِى أَنَّكَ فِي الدَّارِ [It has come to my knowledge, &c., that thou art in the house] is بَلَغَنِى اسْتِقْرَارُكَ فِي الدَّارِ [thy remaining in the house has come to my knowledge, &c.], because thea predicate is properly a word suppressed from اِستَقَرَّ or مُسْتَقِرٌّ: and if the predicate is underived, the implied meaning is explained by the word كَوْنِ; so that the implied meaning of بَلَغَنِى أَنَّ هٰذا زَيْدٌ [It has come to my knowledge, &c., that this is Zeyd] is بَلَغَنِى

كَوْنُهُ زَيْدًا [his being Zeyd has come to my knowledge, &c.]; for the relation of every predicate expressed by an underived word to its subject may be denoted by a word signifying “ being; ”

so that you say, هٰذَا زَيْدٌ and, if you will, هٰذَا كَائِنٌ زَيْدًا; both signifying the same. (Mughnee.) There are cases in which either أَنَّ or إِنَّ may be used: [see the latter, in twelve places:] other cases in which only the former may be used: and others in which only the latter. (I 'Ak p. 91.) The former only may be used when the implied meaning is to be explained by an inf. n. (I 'Ak, K.) Such is the case when it occurs in the place of a noun governed by a verb in the nom. case; as in يُعْجِبُنِى أَنَّكَ قَائِمٌ [It pleases me that thou art standing], i. e. قِيَامُكَ [thy standing pleases me]: or in the place of a noun governed by a verb in the accus. case; as in عَرَفْتُ أَتَّكَ قَائِمٌ [I knew that thou wast standing], i. e. قِيَامَكَ [thy standing]: or in the place of a noun governed in the gen. case by a particle; as in عَجِبْتُ مِنْ أَنَّكَ قَائِمٌ [I wondered that thou wast standing], i. e. مِنْ قِيَامكَ [at, or by reason of, thy standing]: (I 'Ak p. 91:) [and sometimes a preposition is understood; as in لَا شَكَّ أَنَّهُ كَذَا, for لَا شَكَّ فِى أَنَّهُ كَذَا There is no doubt that it is thus, i. e. لَا شّكَّ فِى كَوْنِهِ كَذَا There is no doubt of its being thus:] and أَنَّ must be used after لَوْ; as in لَوْ أَنَّكَ قَائِمٌ لَقُمْتُ [If that thou wert standing, I had stood, or would have stood, i. e. لَوْ ثَبَتَ قِيَامُكَ, or لَوْ قِيَامُكَ ثَابِتٌ, accord. to different opinions, both meaning if thy standing were a fact: see I 'Ak pp. 305 and 306]. (K.) Sometimes its أ is changed into ع; so that you say, عَلِمْتُ عَنَّكَ مُنْطَلِقٌ [meaning I knew that thou wast going away]. (M.) b2: With ك prefixed to it, it is a particle of comparison, (S, * M, TA,) [still] governing the subject in the accus. case and the predicate in the nom. case: (TA:) you say, كَأَنَّ زَيْدًا عَمْرٌو [It is as though Zeyd were 'Amr], meaning that Zeyd is like 'Amr; as though you said, إِنَّ زَيْدًا كَائِنٌ كَعَمْرٍو [verily, Zeyd is like 'Amr]: [it is to be accounted for by an ellipsis: or] the ك is taken away from the middle of this proposition, and put at its commencement, and then the kesreh of إِنَّ necessarily becomes changed to a fet-hah, because إِنَّ cannot be preceded by a preposition, for it never occurs but at the commencement [of a proposition]. (IJ, M.) Sometimes, كَأَنَّ denotes denial; as in the saying, كَأَنَّكَ أَمِيرُنَا فَتَأْمُرَنَا [As though thou wert our commander so that thou shouldst command us], meaning thou art not our commander [that thou shouldst command us]. (TA.) It also denotes wishing; as in the saying, كَأْنَّكَ بِي قَدْ قُلْتُ الشِّعْرَ فَأُجِيدَهُ, meaning Would that I had poetized, or versified, so that I might do it well: (TA:) [an elliptical form of speech, of which the implied meaning seems to be, would that I were as though thou sawest me that I had poetized, &c.; or the like: for] you say [also], كَأَنِّى بِكَ meaning كَأَنِّى أَبْصُرُ بِكَ [It is as though I saw thee]; i. e. I know from what I witness of thy condition to-day how thy condition will be tomorrow; so that it is as though I saw thee in that condition: (Har p. 126: [see also بِ; near the end of the paragraph:]) [thus,] كَأَنَّ also denotes knowing; and also thinking; [the former as in the saying immediately preceding, and] as when you say, كَأَنَّ اللّٰهَ يَفْعَلُ مَا يَشَآءُ [I know, or rather it appears, as though seen, that God does what He wills]; and [the latter as when you say,] كَأَنَّكَ خَارِجٌ [I think, or rather it seems, that Thou art going forth]. (TA.) b3: [When it has The affixed pronoun of the first person, sing. Or Pl., you say, أَنِّى and أَنَّنِى, and أَنَّا and أَنَّنَا: and When it has also the ك of comparison prefixed to It,] you say, كَأَنِّى and كَأَنَّنِى, [and كَأَنَّا and كَأَنَّنَا,] like as you say, لٰكِنِّى and لٰكِنَّنِى [&c.]. (S.) b4: As أَنَّ is a derivative from إِنَّ, it is correctly asserted by Z that أَنَّمَا imports restriction, like ↓ إِنَّمَا; both of which occur in the saying in the Kur [xxi. 108], يُوحَى إِلَىَّ أَنَّمَا ↓ قُلْ إِنَّمَا

إِلٰهُكُمْ إِلٰهً وَاحِدٌ [Say thou, It is only revealed to me that your God is only one God]: the former is for the restricting of the quality to the qualified; and the latter, for the reverse: (Mughnee, K:) i. e. the former is for the restricting of the revelation to the declaration of the unity; and the latter, for the restricting of “ your God ” to unity: (Marginal note in a copy of the Mughnee:) but these words of the Kur do not imply that nothing save the unity was revealed to the Prophet; for the restriction is limited to the case of the discourse with the believers in a plurality of gods; so that the meaning is, there has not been revealed to me [aught], respecting the godhead, except the unity; not the attribution of any associate to God. (Mughnee.) [أَنَّمَا, however, does not always import restriction; nor does always even ↓ إِنَّمَا: in each of these, ما is what is termed كَافَّةٌ; i. e., it restricts the particle to which it is affixed from exercising any government; and sometimes has no effect upon the signification of that particle: (see art. مَا; and see إِنَّمَا, below, voce إِنَّ:) thus, for instance, in the Kur viii. 28, وَاعْلَمُوا أَنَّمَا

أَمْوَالُكُمْ فِتْنَةً means And know ye that your possessions and your children are a trial; not that they are only a trial. When it has the ك of comparison prefixed to it, it is sometimes contracted; as in the following ex.:] a poet says, كَأَمَّا يَخْتَطِينَ عَشلَى قَتَادٍ

وَيَسْتَضْحِكْنَ عَنْ حَبِّ الغَمَامِ [As though, by reason of their mincing gait, they were walking upon tragacanthas; and they were laughing so as to discover teeth like hailstones: كَأَمَّا being for كَأَنَّمَا. (IAar.) b5: أَنَّ is someTimes contracted into أَنْ; (S, Mughnee;) and in This case, it governs in the manner already exPlained, voce أَنْ. (Mughnee.) b6: It is also syn. with لَعَلَّ; (Sb, S, M, Mughnee, K;) as in the saying, اِيتِ السُّوقَ أَنَّكَ تَشْتَرِى لَنَا شَيْئًا [Come thou to the market; may-be thou wilt buy for us something; اِيتِ being originally اِئْتِ]; i. e. لَعَلَّكَ: (Sb, M, Mughnee, K: *) and, accord. to some, (M, Mughnee, K,) so in the Kur [vi. 109], where it is said, وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَآءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ [And what maketh you to know? (meaning, maketh you to know that they will believe when it cometh? i. e. ye do not know that: Jel:) Maybe, when it cometh, they will not believe]: (S, M, Mughnee, K:) thus accord. to this reading: (Mughnee, K:) and Ubeí here reads لَعَلَّهَا. (S.) أَنَّ and لَأَنَّ and لَوْ أَنَّ are all syn. with عَلَّ and لَعَلَّ; and أَنِّى and أَنَّنِى, and لَأَنِّى and لأَنَّنِى, and لُوْ أَنِّى and لَوْ أَنِّنِى, with عَلِّى and لَعَلِّى. (K voce لَعَلَّ.) b7: It is also syn. with أَجَلْ [Yes, or yea; or it is as thou sayest]. (M, TA.) [See also إِنَّ as exemplified by a verse commencing with وَيَقُلْنَ and by a saying of Ibn-Ez-Zubeyr.]

إِنَّ is one of the particles which annul the quality of the inchoative, like أَنَّ, of which it is the original: (I 'Ak p. 90:) it is a corroborative particle, (I 'Ak, Mughnee,) corroborating the predicate; (S, K;) governing the subject in the accus. case and the predicate in the nom. case; (S, I 'Ak, Mughnee, K;) [and may generally be rendered by Verily, or certainly, or the like; exactly agreeing with the Greek ὃτι, as used in Luke vii. 16 and in many other passages in the New Testament; though it often seems to be nothing more than a sign of inception, which can hardly be rendered at all in English; unless in pronunciation, by laying a stress upon the predicate, or upon the copula;] as in the saying, إِنَّ زَيْدًا قَائِمٌ [Verily, or certainly, Zeyd is standing; or simply, Zeyd is standing, if we lay a stress upon standing, or upon is]. (I 'Ak p. 90.) But sometimes it governs both the subject and the predicate in the accus. case; as in the saying, إِذَا اشْتَدَّ جُنْحُ اللَّيْلِ فَلْتَأْتِ وَلْتَكُنٌ خُطَاكَ خِفَافًا إِنَّ حُرَّاسَنَا أُسْدَا [When the darkness of night becomes, or shall become, intense, then do thou come, and let thy steps be light: verily our guardians are lions]; (Mughnee, K; [but in the latter, for اشْتَدَّ, we find اسْوَدَّ, so that the meaning is, when the first portion of the night becomes, or shall become, black, &c.;]) and as in a trad. in which it is said, انَّ قَعْرَ جَهَنَّمَ سَبْعِينَ خَرِيفًا [Verily the bottom of Hell is a distance of seventy years of journeying]: (Mughnee, K:) the verse, however, is explained by the supposition that it presents a denotative of state [in the last word, which is equivalent to شِجْعَانًا or the like], and that the predicate is suppressed, the meaning being, تَلْقَاهُمْ أُسْدًا [thou wilt find them lions]; and the trad. by the supposition that قَعْرَ is an inf. n., and سَبْعِينَ is an adverbial noun, so that the meaning is, the reaching the bottom of hell is [to be accomplished in no less time than] in seventy years. (Mughnee.) And sometimes the inchoative [of a proposition] after it is in the nom. case, and its subject is what is termed ضَمِيرُ شَأْنٍ, suppressed; as in the saying of Mohammad, إِنَّ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ القِيٰمَةِ المُصَوِّرُونَ [Verily, (the case is this:) of the men most severely to be punished, on the day of resurrection, are the makers of images], originally إِنَّهُ, i. e. إِنَّ الشَّأْنَ; (Mughnee, K; *) and as in the saying in the Kur [xx. 66], إِنَّ هٰذَانِ لَسَاحِرَانِ, [accord. to some,] as will be seen in what follows. (TA.) b2: Of the two particles إِنَّ and ↓ أَنَّ, in certain cases only the former may be used; and in certain other cases either of them may be used. (I' Ak p. 91.) The former must be used when it occurs inceptively, (Kh, T, I' Ak p. 92, Mughnee, K,) having nothing before it upon which it is syntactically dependent, (Kh, T,) with respect to the wording or the meaning; (K;) as in إِنَّ زَيْدًا قَائِمٌ [Verily Zeyd is standing]. (I' Ak, K.) It is used after أَلَا, (I' Ak, K,) the inceptive particle, (I' Ak,) or the particle which is employed to give notice [of something about to be said]; (K;) as in أَلَا إِنَّ زَيْدًا قَائِمٌ [Now surely Zeyd is standing]. (I' Ak K.) And when it occurs at the commencement of the complement of a conjunct noun; (I' Ak, K; *) as in جَآءَ الَّذِى إِنَّهُ قَائِمٌ [He who is standing came]; (I' Ak;) and in the Kur [xxviii. 76], وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُورِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوْءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِى

القُوَّةِ [And we gave him, of treasures, that whereof the keys would weigh down the company of men possessed of strength]. (I' Ak, * K, * TA.) And in the complement of an oath, (I' Ak, K,) when its predicate has لَ, (I' Ak,) or whether its subject or its predicate has لَ or has it not; (K;) as in وَاللّٰهِ إِنَّ زَيْدًا لَقَائِمٌ [By Allah, verily Zeyd is standing], (I' Ak,) and إِنَّهُ قَائِمٌ: or, as some say, when you do not employ the ل, the particle is with fet-h; as in قَائِمٌ ↓ وَاللّٰهِ أَنَّكَ [I swear by Allah that thou art standing]; mentioned by Ks as thus heard by him from the Arabs: (TA:) but respecting this case we shall have to speak hereafter. (I' Ak.) And when it occurs after the word قَوْلٌ or a derivative thereof, in repeating the saying to which that word relates; (Fr, T, I' Ak, * K; *) as in the saying [in the Kur iv. 156], وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ [And their saying, Verily we have slain the Messiah]; (Fr, T;) and قُلْتُ

إِنَّ زَيْدًا قَائِمٌ [I said, Verily Zeyd is standing]; (I' Ak;) and [in the Kur v. 115,] قَالَ اللّٰهُ إِنّى

مُنّزِّلُهَا عَلَيْكُمْ [God said, Verily I will cause it to descend unto you]; accord. to the dial. of him who does not pronounce it with fet-h: (K:) but when it occurs in explaining what is said, you use ↓ أَنَّ; as in the saying, قَدْ قُلْتُ لَكَ كَلَامًا حَسَنًا

أَنَّ أَبَاكَ شَرِيفٌ وَأَنَّكَ عَاقِلٌ [I have said to thee a good saying; that thy father is noble and that thou art intelligent]; (Fr, T;) or when the word signifying “ saying ” is used as meaning “ thinking; ” as in أَتَقُولُ أَنَّ زَيْدًا قَائِمٌ [Dost thou say that Zeyd is standing?], meaning أَتَظُنُّ [Dost thou think?]. (I' Ak.) Also, when it occurs in a phrase denotative of state; (I' Ak;) [i. e.,] after the و denotative of state; (K;) as in زُرْتُهُ وَإِنِّى

ذُوأَمَلٍ [I visited him, I verily having hope, or expectation]; (I' Ak;) and in جَآءَ زِيْدٌ وَ إِنَّ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ [Zeyd came, he verily having his hand upon his head]. (K.) And when it occurs in a phrase which is the predicate of a proper (as opposed to an ideal) substantive; (I' Ak, K; *) as in زَيْدٌ إِنَّهُ قَائِمٌ [Zeyd, verily he is standing], (I' Ak,) or ذَاهِبٌ [going away]; contr. to the assertion of Fr. (K.) And when it occurs before the ل which suspends the grammatical government of a verb of the mind, preceding it, with respect to its objective complements; (I' Ak, K; *) as in عَلِمْتُ إِنَّ زَيْدًا لَقَائِمٌ [I knew Zeyd verily was standing]; (I' Ak;) and in [the Kur lxiii. 1,] وَاللّٰهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ [And God knoweth thou verily art his apostle]: (K:) but if the ل is not in its predicate, you say, ↓ أَنَّ; as in عَلِمْتُ أَنَّ زَيْدًا قَائِمٌ [I knew that Zeyd was standing]. (I' Ak.) And in the like of the saying in the Kur [ii. 171], وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِى الْكِتَابِ لَفِى شَقَاقٍ

بَعِيدٍ [And verily they who differ among themselves respecting the book are in an opposition remote from the truth]; because of the ل [of inception] which occurs after it, in لَفِى: (Ks, A 'Obeyd:) the ل of inception which occurs before the predicate of إِنَّ should properly commence the sentence; so that إِنَّ زَيْدًا لَقَائِمٌ [Verily Zeyd is standing] should properly be لَإِنَّ زَيْدًا قَائِمٌ; but as the ل is a corroborative and إِنَّ is a corroborative, they dislike putting two particles of the same meaning together, and therefore they put the ل later, transferring it to the predicate: Mbr allows its being put before the predicate of ↓ أَنَّ; and thus it occurs in an unusual reading of the saying [in the Kur xxv. 22], إِلَّا أَنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ [But they ate food]; but this is explained by the supposition that the ل is here redundant: (I' Ak p. 95:) this is the reading of Sa'eed Ibn-Jubeyr: others read, إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُنَ الطَّعَامَ [but verily they ate food]: and إِنَّ [as well as ↓ أَنَّ] is used after the exceptive إِلَّا when it is not followed by the ل [of inception]. (TA.) Also, When it occurs after حَيْثُ; as in اِجْلِسْ حَيْثُ إِنَّ زَيْدًا جَالِسٌ [Sit thou where Zeyd is sitting]. (I' Ak p. 92, and k) And after حَتَّى; as in مَرِضَ زَيْدٌ حَتَّى إِنَّهُمْ لَا يَرْجُونَهُ [Zeyd has fallen sick, so that verily they have no hope for him: whereas after a particle governing the gen. case, [i. e. a preposition,] you say, ↓ أَنَّ. (IHsh in De Sacy's Anthol. Gr. Ar. P. 76.) b3: Either of these two forms may be used after إِذَا denoting a thing's happening suddenly, or unexpectedly; as in خَرَجْتُ فَإِذَا إِنَّ زَيْدًاقَائِمٌ [I went forth, and lo, verily Zeyd was standing], and زَيْدًا قَائِمٌ ↓ فَإِذَا أَنَّ [and lo, or at that present time, Zeyd's standing]; in which latter case, أَنَّ with its complement is [properly] an inchoative, and its enunciative is إِذَا; the implied meaning being, and at that present time was the standing of Zeyd: or it may be that the enunciative is suppressed, and that the implied meaning is, [and lo, or at that present time,] the standing of Zeyd was an event come to pass. (I' Ak p. 93.) Also, when occurring in the complement of an oath, if its enunciative is without ل: (I' Ak:) [see exs. given above:] or, as some say, only ↓ أَنَّ is used in this case. (TA.) Also, when occurring after فَ denoting the complement of a condition; as in مَنْ يَأْتِنِى فَإِنَّهُ مُكْرَمٌ [He who cometh to me, verily he shall be treated with honour], and مُكْرَمٌ ↓ أَنَّهُ; in which latter case, أَنَّ with its complement is an inchoative, and the enunciative is suppressed; the implied meaning being, honourable treatment of him shall be an event come to pass: or it may be an enunciative to an inchoative suppressed; the implied meaning being, his recompense shall be honourable treatment. (I' Ak p. 94.) Also, when occurring after an inchoative having the meaning of a saying, its enunciative being a saying, and the sayer being one; as in خَيْرُ القَوْلِ إِنّى أَحْمَدُ [The best saying is, Verily I praise God], and أَحْمَدُ ↓ أَنِّى; in which latter case, أَنَّ with its complement is an enunciative of خَيْرُ; the implied meaning being, the best saying is the praising of God [or my praising of God]. (I' Ak ubi suprà.) You also say, لَبَّيْكَ إِنَّ الحَمْدَلَكَ [At thy service !

Verily praise belongeth to Thee! O God]; commencing [with إِنَّ] a new proposition: and sometimes one says, ↓ أَنَّ; meaning بِأَنَّ الحَمْدَ لَكَ [because praise belongeth to Thee]. (Msb.) b4: The cases in which إِن may not be used in the place of أَنَّ have been mentioned above, voce أَنَّ. b5: [When it has the affixed pronoun of the first person, sing. or pl.,] you say, إِنِّى and إِنَّنِى, (S,) and إِنَّا and إِنَّنَا, (TA,) like as you say لٰكِنِّى and لٰكِنِّنِى [&c.]. (S.) إِنَّ as a contraction of إِنَّ أَنَا has been mentioned above, as occurring in the phrase إِنَّ قَائِمٌ, voce إِنْ, q. v. b6: Accord. to the grammarians, (T,) إِنَّمَا is a compound of إِنَّ and مَا, (T, S,) which latter prevents the former's having any government: (T:) it imports restriction; like أَنَّمَا, which see above, voce أَنَّ, in three places: (Mughnee, K:) [i. e.] it imports the restriction of that which it precedes to that which follows it; as in إِنَّمَا زَيْدٌ مُنْطَلِقٌ [Zeyd is only going away], and إِنَّمَا يَنْطَلِقُ زَيْدٌ [Only Zeyd goes away]: (Bd in ii. 10:) [in other words,] it is used to particularize, or specify, or distinguish a thing from other things: (S:) it affirms a thing in relation to that which is mentioned after it, and denies it in relation to other things; (T, S;) as in the saying in the Kur [ix. 60], إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَآءِ [The contributions levied for pious uses are only, or but, for the poor]: (S:) but El-Ámidee and AHei say that it does not import restriction, but only corroboration of an affirmation, because it is a compound of the corroborative إِنَّ and the redundant مَا which restrains the former from exercising government, and that it has no application to denote negation implied in restriction, as is shown by the trad., إِنَّمَا الِّرِبَا فِى

النَّسِيْئَةِ [which must mean, Verily usury is in the delay of payment], for usury is in other things beside that here mentioned, as رِبَا الفضْلِ [or profit obtained by the superior value of a thing received over that of a thing given], by common consent: (Kull p. 76:) some say that it necessarily imports restriction: J says what has been cited above from the S: some say that it has an overt signification in denoting restriction, and is susceptible of the meaning of corroboration: some say the reverse of this: El-Ámidee says that if it were [properly] restrictive, its occurrence in another sense would be at variance with the original import; but to this it may be replied, that if it were [properly] corroborative, its occurrence in another sense would be at variance with the original import: it [therefore] seems that it is susceptible of both these meanings, bearing one or the other according as this or that suits the place. (Msb.) إِنَّمَا is to be distinguished from إِنَّ with the conjunct [noun] مَا, which does not restrain it from governing [though its government with this is not apparent, and which is written separately]; as in إِنَّ مَا عِنْكَ حَسَنٌ meaning Verily what is with thee is good, and in إِنَّ مَا فَعَلْتَ حَسَنٌ meaning Verily thy deed is good. (I' Ak pp. 97 and 98.) b7: إِنَّ is sometimes contracted into إِنٌ; (S, Mughnee, K;) and in this case, it is made to govern and is made to have no government: (S:) it is seldom made to govern in this case; often made to have no government: the Koofees say that it is not contracted; (Mughnee, K;) and that when one says, إِنْ زَيْدٌ لَمُنْطَلِقٌ [the meaning is virtually Verily Zeyd is going away, but] إِنٌ is a negative and the ل is syn. with إِلّا; but this assertion is refuted by the fact that some make it to govern when contracted, as in exs. cited above, voce إِنْ, q. v. (Mughnee.) b8: It is also syn. with نَعَمٌ [Even so; yes; yea]; (Mughnee, K;) contr. to the opinion of AO. (Mughnee.) [See also أَنَّ, last sentence.] Those who affirm it to have this meaning cite as an ex. the following verse (Mughnee, K *) of 'Obeyd-Allah Ibn-Keys-er-Rukeiyát: (S, * TA:) كَ وَقَدْ كَبِرْتَ فَقُلْتُ إِنَّهْ وَيَقُلْنَ شَيْبٌ قَدْ عَلَا [And they say, (namely, the women,) Hoariness hath come upon thee, and thou hast become old: and I say, Even so, or yes, or yea]: (Mughnee, K:) but this has been rebutted by the saying, We do not concede that the ه is here added to denote the pause, but assert that it is a pronoun, governed by إِنَّ in the accus. case, and the predicate is suppressed; the meaning being, إِنَّهُ كَذٰلِكَ [Verily it, i. e. the case, is thus]. (Mughnee.) [J says,] The meaning is, إنَّهُ قَدْ كَانَ كَمَا تَقُلْنَ [Verily it, i. e. the case, hath been as ye say]: A 'Obeyd says, This is a curtailment of the speech of the Arabs; the pronoun being deemed sufficient because the meaning is known: and as to the saying of Akh, that it signifies نَعَمْ, he only means thereby that it may be so rendered, not that it is originally applied to that signification: he says that the ه is here added to denote the pause. (S.) There is, however, a good ex. of إِنَّ in the sense of نَعَمْ in the saying of Ibn-Ez-Zubeyr, to him who said to him, “May God curse a she camel which carried me to thee,”

إِنَّ وَرَاكِبَهَا, i. e. Even so, or yes, or yea; and may God curse her rider: for the suppression of both the subject and the predicate is not allowable. (Mughnee.) And hence, accord. to Mbr, the saying in the Kur [xx. 66], as thus read, إِنَّ هٰذانِ لَسَاحِرَانِ [meaning, if so, Yes, these two are enchanters]. (Mughnee.) [But this phrase has given rise to much discussion, related in the Mughnee and other works. The following is a brief abstract of what has been said respecting it by several of the leading authorities.] A booIs-hák says that the people of El-Medeeneh and El-Koofeh read as above, except 'Ásim, who is reported to have read, إِنٌ هٰذَانِ, without tesh-deed, and so is Kh; [so too is Hafs, as is said above, voce إِنْ;] and that AA read إِنَّ هٰذيْنِ, the former word with teshdeed, and the latter in the accus. case: that the argument for إِنَّ هٰذَانِ, with teshdeed and the nom. case, [or rather what is identical in form with the nom. case,] is, that it is of the dial. of Kináneh, in which the dual is formed by the termination ان in the nom. and accus. and gen. cases alike, as also in the dial. of Benu-l-Hárith Ibn-Kaab: but that the old grammarians say that ه is here suppressed; the meaning being, إِنَّهُ هٰذَانِ: (T:) this last assertion, however, is weak; for what is applied to the purpose of corroboration should not be suppressed, and the instances of its suppression which have been heard are deviations from general usage, except in the case of أَنَّ, with fet-h, contracted into أَنْ: (Mughnee:) Aboo-Is-hák then adds, that some say, إِنَّ is here syn. with نَعَمْ: this last opinion he holds to be the best; the meaning being, نَعَمْ هٰذَانِ لَهُمَا سَاحِرَانِ [Yes, these two, verily they are two enchanters: for this is not a case in which the ل (which is the ل of inception) can be regarded as transferred from its proper place, at the commencement of the sentence or proposition, as it is in some instances mentioned in the former half of this paragraph: but it is said in the Mughnee that this explanation is invalidated by the fact that the combining of the corroborative ل and the suppression of the inchoative is like the combining of two things inconsistent, or incompatible; as is also the opinion that the ل is redundant, because the redundant ل prefixed to the enunciative is peculiar to poetry]: next in point of goodness, in the opinion of A booIs-hák, is, that it is of the dial. of Kináneh and Benu-l-Hárith Ibn-Kaab: the reading of AA he does not allow, because it is at variance with the written text: but he approves the reading of 'Ásim and Kh. (T.) A2: إِنَّ also occurs as a verb: it is the third person pl. fem. of the pret. from الأَيْنُ, syn. with التَّعَبُ; or from آنَ syn. with قَرُبَ: or the third person sing. masc. of the pret. passive from الأَنيِنُ, in the dial. of those who, for رُدَّ and حُبَّ, say رِدَّ and حِبَّ, likening these verbs to قِيلَ and بِيعَ: or the sing. masc. of the imperative from the same: or the pl. fem. of the imperative from الأَيْنُ; or from آنَ syn. with قَرُبَ: or the sing. fem. of the corroborated form of the imperative from وَأَى, syn. with وَعَدَ. (Mughnee.) أَنَا, signifying I: see أَنْ, in seven places.

أَنَهٌ, signifying I: see أَنْ, in two places.

أَنَّةٌ i. q. أَنِينٌ [inf. n. of أَنَّ, but app. a simple subst., signifying A moan, moaning, or prolonged voice of complaint; or a saying Ah: or a complaint: or a cry]. (TA.) أَنْتَ, signifying Thou: fem. أَنْتِ; dual أَنْتُمَا; pl. masc. أَنْتُمْ, and pl. fem. أَنْتُنَّ: see أَنْ, in six places.

أُنَنَةٌ see أَنَّانٌ

أُنَانٌ see أَنَّانٌ

أَنَّانٌ One who moans; who utters a moaning, or prolonged voice of complaint; or who says Ah; much, or frequently; as also ↓ أُنَانٌ and ↓ أُنَنَةٌ: (M, K:) or this last signifies one who publishes complaint, or makes it public, much, or frequently: (M:) or one who talks and grieves and complains much, or frequently; and it has no verb derived from it: (T:) and you say, رَجُلٌ أُنَنَةٌ قُنَنَةٌ, [in which the latter epithet is app. an imitative sequent to the former,] meaning an eloquent man. (TA.) The fem. of أَنَّانٌ is with ة: (M, K:) and is said to be applied to a woman who moans, or says Ah, and is affected with compassion, for a dead husband, on seeing another whom she has married after the former. (MF.) [See also حَنَّانَةٌ, voce حَنَّانٌ.]

آنَ, signifying I: see أَنْ, in two places.

آنٌّ part. n. of أَنَّ, [Moaning; or uttering a moan or moaning or a prolonged voice of complaint; or saying Ah; by reason of pain: complaining by reason of disease or pain: or] uttering a cry or cries: fem. with ة. (Msb.) [Hence,] you say, مَا لَهُ حَانَّةٌ وَلَا آنَّةٌ He has not a she camel nor a sheep, or goat: (S, M, A, K:) or he has not a she camel nor a female slave (M, K) that moans by reason of fatigue. (M.) مَئِنَّةٌ, occurring in a trad., (S, Mgh, K, &c., in the first and last in art. مأن, and in the second in the present art.,) where it is said, إِنَّ طُولَ الصَّلَاةِ وَقِصَرَ الخُطْبَةِ مَئِنَّةٌ مِنْ فِقْهِ الرَّجُلِ, (S, Mgh, TA, &c.,) is of the measure مَفعِلَةٌ وَقِصَرَ الخُطْبَةِ مَئِنَّةٌ مِنْ فِقْهِ الرَّجُلِ, [originally مَأْنِنَةٌ,] from إِنَّ, (S, Z in the Fáïk, IAth, Mgh, K,) the corroborative particle; (Z, IAth, Mgh;) like مَعْسَاةٌ from عَسَى; (S, K;) but not regularly derived from إِنَّ, because a word may not be so derived from a particle; or it may be said that this is so derived after the particle has been made a noun; (Z, IAth;) or neither of these modes of derivation is regular: (MF:) the meaning is, [Verily the longness of the prayer and the shortness of the oration from the pulpit are (together)] a proper ground for one's saying, Verily the man is a person of knowledge or intelligence: (Z, * Mgh, K in art. مأن:) this is the proper signification: accord. to AO, the meaning is, a thing whereby one learns the knowledge, or intelligence, of the man: (Mgh:) or it means a thing suitable to, (S, Mgh,) and whereby one knows, (S,) the knowledge, or intelligence, of the man: (S, Mgh:) or a sign (As, S, K) of the knowledge, or intelligence, of the man; and suitable thereto: (As, S:) or an evidence thereof: (M:) or an indication, or a symptom, thereof; everything that indicates a thing being said to be مَئِنَّةٌ لَهُ: [so that مَئِنَّةٌ لِكَذَا may be well rendered a thing that occasions one's knowing, or inferring, or suspecting, such a thing; and in like manner, a person that occasions one's doing so: or, more properly, a thing, &c., in which such a thing is usually known to take place, or have place, or be, or exist, like مَظِنَّةٌ:] one of the strangest of the things said of it is, that the ء is a substitute for the ظ of مَظِنَّةٌ: (IAth:) this seems to have been the opinion of Lh: (Az, L:) accord. to AA, it is syn. with آيَةٌ [a sign, &c.]. (TA.) As says (S, * K, TA, all in art. مأن) that the word is thus, with teshdeed to the ن, in the trad. and in a verse of poetry, as these are related; (S, TA;) but correctly, in his opinion, it should be مَئِينَةٌ of the measure فَعِيلَةٌ, (S, K, * TA,) unless it be from إِنَّ, as first stated above: (S, TA:) Az used to say that it is مَئِتَّةٌ, with ت, (S, K, * TA,) meaning a thing (lit. a place) meet, fit, or proper, or worthy or deserving, and the like; of the measure مَفْعِلَةٌ, [originally مَأْتِتَةٌ,] from أَتَّهُ meaning “he overcame him with an argument or the like:” (S, K, TA:) but some say that it is of the measure فَعِلَّةٌ, from مَأَنَ meaning اِحْتَمَلَ: see art. مأن. (K in that art.) You say also, هُوَ مَئِنَّةٌ لِلْخَيْرِ, from إِنَّ, He is a person fit, or proper, for one's saying of him, Verily he is good; and in like manner, مَعْسَاةٌ, from عَسَى, as meaning “a person fit, or proper, for one's saying of him, May-be he will do good.” (A, TA.) And إِنَّهُ لَمَئِنَّةٌ أَنْ يَكُونَ كَذَا Verily it is meet, fit, or proper, for one's saying of it, Verily it is thus; or is worthy, or deserving, of one's saying &c.: or verily it is a thing meet, fit, or proper, for one's saying &c.; or is a thing worthy, or deserving, of one's saying &c.: of the measure مَفْعِلَةٌ, from إِنَّ. (K in the present art.) and إِنَّهُ لَمَئِنَّةٌ أَنْ يَفْعَلَ ذَاكَ Verily he is meet, fit, or proper, for doing that; or is worthy, or deserving, of doing that: or verily he is a person meet, fit, or proper, for doing that; or is a person worthy, or deserving, of doing that: and in like manner you say of two, and of more, and of a female: but مَئِنَّةٌ may be of the measure فَعِلَّةٌ [from مأن], i. e. a triliteral-radical word. (M.) b2: You also say, أَتَاهُ عَلَي مَئنَّة ذَاكَ, meaning He came to him at the time, or season, [or fit or proper time,] of that; and at the first thereof. (M.)
[ان] ك ق: فهل لها أجر "إن" تصدقت بكسر همزة وفتحها. وإن تذر ورثتك مثله، وعلى الكسر فخير خبر مبتدأ محذوف. ولا أزكى على الله "أن" كان يعلم، أن متعلق بليقل، ويتم في قاف. ن: "أن" تبذل الفضل أي الفاضل عن الحاجة بفتح همزة. و"أن" يك من عند الله يمضه، هذا إن كان قبل النبوة فلا إشكال في الشك، وإن كان بعدها فالشك باعتبار أنها على ظاهرها أم تحتاج إلى تعبير وصرفأن مصدرية، والهمزة للإنكار ويقدر المضاف أي لا أملك دفع نزع الله، ويروى بكسر أن فجوابه محذوف أي لا أملك دفعه.

الجمال

الجمال: رقة الحسن، ذكره سيبويه. وقال الراغب: الحسن الكثير، وهو ضربان: أحدهما يختص بالإنسان في نفسه وفنه، الثاني ما يصل منه لغيره ومنه الحديث "إن الله جميل يحب الجمال" تنبيها أن منه تفيض الخيرات الكثيرة فيحب من يتصف بذلك، واعتبر فيه معنى الكثرة فقيل لكل جماعة غير منفصلة جملة، وقيل للحساب الذي لم يفصل والكلام الذي لم يبين تفصيله مجمل. قال الراغب: وقول الفقهاء المجمل ما يحتاج إلى بيان ليس بحد له ولا تفسير بل ذكر أحد أحوال بعض الناس معه، والشيء يجب بيان صفته في نفسه التي بها يتميز، وحقيقة المجمل هو المشتمل على جملة أشياء كثيرة غير ملخصة.
الجمال:
[في الانكليزية] Beauty
[ في الفرنسية] Beaute
بالفتح وتخفيف الميم في اللغة الفارسيّة بمعنى خوب شدن وجمال الصورة والسيرة.
كما في المنتخب. وفي بحر الجواهر الجمال يطلق على معنيين. أحدهما الجمال الذي يعرفه كل الجمهور مثل صفاء اللون ولين الملمس وغير ذلك مما يمكن أن يكتسب، وهو على قسمين: ذاتي وممكن الاكتساب. وثانيهما الجمال الحقيقي وهو أن يكون كل عضو من الأعضاء على الفصل ما ينبغي أن يكون عليه من الهيئات والمزاج انتهى. والجمال في اصطلاح الصوفية: عبارة عن الالهام الوارد على قلب السّالك من عالم الغيب. وأيضا بمعنى: إظهار كمال المعشوق من العشق- وطلب- العاشق.
كذا في بعض الرسائل. وفي شرح القصيدة الفارضية: الجمال الحقيقي صفة أزلية لله تعالى شاهده في ذاته أولا مشاهدة علمية فأراد أن يراه في صنعه مشاهدة عينيه، فخلق العالم كمرآة شاهد فيه عين جماله عيانا ويجئ في لفظ المحبة. وفي الإنسان الكامل جمال الله تعالى عبارة عن أوصافه العلى وأسمائه الحسنى هذا على العموم. وأما على الخصوص فصفة الرحمة وصفة العلم وصفة اللطف والنعم وصفة الجود والرزّاقية والخلّاقية وصفة النفع وأمثال ذلك فكلها صفات جمال. ثم صفات مشتركة لها وجه إلى الجمال ووجه إلى الجلال كاسم الربّ، فإنه باعتبار التربية والإنشاء اسم جمال، وباعتبار الربوبية والقدرة اسم جلال، ومثله اسم الله واسم الرحمن، بخلاف اسمه الرحيم فإنه اسم جمال.
اعلم أنّ جمال الحق وإن كان متنوعا فهو نوعان. النوع الأول معنوي وهو معاني الأسماء والصفات، وهذا النوع مختص بشهود الحق إيّاه. والنوع الثاني صوري وهو هذا العالم المطلق المعبّر عنه بالمخلوقات على تفاريعه وأنواعه، فهو حسن مطلق إلهي ظهر في مجال إلهية سمّيت تلك المجالي بالخلق، وهذه التسمية لها من جملة الحسن الإلهي والقبيح من العالم كالمليح منه، باعتبار كونه مجلى الجمال الإلهي باعتبار تنوّع الجمال، فإنّ من الحسن أيضا إبراز جنس القبيح على قبحه لحفظ مرتبته من الوجود، كما أنّ من الحسن الإلهي هو إبراز جنس الحسن على وجه حسنه لحفظ مرتبته من الوجود.
واعلم أيضا أنّ القبح في الأشياء إنما هو بالاعتبار لا بنفس ذلك الشيء، فلا يوجد في العالم قبيح إلّا بالاعتبار، فارتفع حكم القبيح المطلق من الوجود، فلم يبق إلّا الحسن المطلق، إذ قبح المعاصي إنّما ظهر باعتبار النهي، وقبح الرائحة المنتنة إنّما هو باعتبار من لا يلائمها طبعه. وأما هي فعند الجعل ومن يلائم طبعه لها من المحاسن. والإحراق بالنار إنما قبيح باعتبار من يهلك فيها، وأما عند السمندل وهو طير لا يكون حياته إلّا في النار، فمن غاية المحاسن، فكل ما خلق ليس قبيحا بل مليح بالأصالة لأنّه صورة حسنه وجماله. ألا ترى أنّ الكلمة الحسنة في بعض الأحوال تكون قبيحة ببعض الاعتبارات وهي في نفسها حسنة؛ فعلم أنّ الوجود بكماله صورة حسنه ومظهر جماله. وقولنا إنّ الوجود بكماله يدخل فيه المحسوس والمعقول والموهوم والخيالي، والأول والآخر والظاهر والباطن، والقول والفعل والصورة والمعنى.
اعلم أنّ الجمال المعنوي الذي هو عبارة عن أسمائه وصفاته إنما اختصّ الحق بشهود كمالها على ما هي عليه. وأما مطلق الشهود لها فغير مختص بالحق لأنّه لا بدّ لكل من أهل المعتقدات في ربّه اعتقاد أنه على ما استحقه من أسمائه وصفاته أو غير ذلك. ولا بدّ لكل من شهود صورة معتقدة، وتلك الصورة أيضا صورة جمال الله، فصار ظهور الجمال فيها ظهورا صوريا لا معنويا، فاستحال شهود الجمال المعنوي بكماله لغيره تعالى.

الكناية

الكناية:
[في الانكليزية] Metonymy ،antonomasia
[ في الفرنسية] metonymie
بالكسر في اللغة واصطلاح النحاة أن يعبّر عن شيء معيّن بلفظ غير صريح في الدلالة عليه لغرض من الأغراض كالإبهام على السامعين، كقولك جاءني فلان وأنت تريد زيدا. والمراد بها في باب المبنيات ما يكنى به لا المعنى المصدري ولا كلّ ما يكنى به بل البعض المعيّن منه، وهو كم وكذا كناية عن العدد وكيت وذيت للحديث، ومنها كأين كذا في الفوائد الضيائية، قال ابن الحاجب: الكناية في باب المبنيات لفظ مبهم يعبّر به عما وقع مفسّرا في كلام متكلّم إمّا لإبهامه على المخاطب أو لنسيانه.
واعترض عليه بأنّ كم ليس من هذا القبيل ولا لفظ كذا في قولك عندي كذا رجلا لأنّه ليس حكاية لما وقع في كلام متكلّم مفسّرا، ولا كيت وذيت في قولك كان من الأمر كيت وذيت. بلى قولك قال فلان كذا فقال كيت وذيت داخل في حدّه. وأجيب بأنّ المراد صحة الوقوع لا الوقوع حقيقة أي عما يصحّ أن يقع في كلام متكلّم مفسّرا أو من شأنه أن يقع كذا في الموشح. ويطلق الكناية أيضا على الضمير لأنّه يكنى به عن متكلّم أو مخاطب أو غائب تقدّم ذكره. وعند الأصوليين والفقهاء مقابل للصريح. قالوا الصريح لفظ انكشف المراد منه في نفسه أي بالنظر إلى كونه لفظا مستعملا، والكناية لفظ استتر المراد منه في نفسه سواء كان المراد منهما أي من الصريح والكناية معنى حقيقيا أو مجازيا. فالحقيقة التي لم تهجر صريح والتي هجرت وغلب معناها المجازي كناية، والمجاز الغالب الاستعمال صريح وغير الغالب كناية. واحترز بقيد في نفسه عن استتار المراد في الصريح بواسطة غرابة اللفظ أو ذهول السامع عن الوضع أو عن القرينة أو نحو ذلك، وعن انكشاف المراد في الكناية بواسطة التفسير والبيان، فمثل المفسّر والمحكم داخل في الصريح ومثل المشكل والمجمل داخل في الكناية لما تقرّر من أنّ هذه الأقسام متمايزة بالاعتبار لا بالذات. وما يقال من أنّ المراد الاستتار والانكشاف بحسب الاستعمال بأن يستعملوه قاصدين الاستتار وإن كان واضحا في اللغة أو الانكشاف وإن كان خفيا في اللغة احترازا عن أمثال ذلك فلا يخفىقصدا، وبالذات إذ لا معنى لاستعمال اللفظ في غير معناه لينتقل منه إلى معناه فينافي إرادة الموضوع له لأنّ إرادته حينئذ لا يكون للانتقال إلى المعنى المجازي الداخل تحت الإرادة قصدا من غير تبعية، بل لكونه مقصودا بالذات فيلزم إرادة المعنى الحقيقي والمجازي معا بالذات وهو ممتنع. وبهذا يندفع ما يقال لو كان الاستعمال في غير ما وضع له منافيا لإرادته الموضوع له لامتناع الجمع بين الحقيقة والمجاز لكان استعماله فيما وضع له أيضا منافيا لإرادة غير الموضوع له لذلك كذا كذا في التلويح.

قال أبو القاسم في حاشية المطوّل: ذهب المحقّقون إلى أنّه يجوز كون المعنى الحقيقي في الكناية مستحيلا وحينئذ لا يعلم الفرق بينها وبين المجاز أصلا، فإنّ استحالة المعنى الحقيقي من أقوى قرائن المجاز، فإذا جوّز في الكناية استحالة المعنى الحقيقي ولم يجعل مانعا عن إرادة المعنى الحقيقي لينتقل منه إلى المقصود فلا يكون شيء من قرائن المجاز مانعا عن إرادته لينتقل منه إلى المقصد، فلا تتميّز الكناية عن المجاز في شيء من الصور. ولو سلّم فلا شكّ في عدم التمييز في صورة الاستحالة. قال صاحب الأطول: يمكن أن تجعل الكنايات كلها حقائق صرفة ويكون قصد ما به يجعل معنى كنائيا من قبيل قصد النتيجة بعد إقامة الدليل فيكون فلان كثير الرّماد حقيقة صرفة ذكرت دليلا على أنّه مضياف فيكون التقدير فهو مضياف ولا يكون هناك استعمال كثير الرماد في المضياف انتهى. وفرّق السّكّاكي وغيره بينهما بأنّ الانتقال فيها من اللازم إلى الملزوم وفي المجاز بالعكس كالانتقال من الأسد الذي هو ملزوم الشجاع إلى الشجاع.
وردّ بأنّ اللازم ما لم يكن ملزوما لم ينتقل منه لأنّ اللازم يجوز أن يكون أعمّ من الملزوم، والانتقال إنّما يتصوّر على تقدير تلازمهما وتساويهما، وحينئذ يكون الانتقال من الملزوم إلى اللازم كما في المجاز. وأجيب بأنّ المراد باللازم ما يكون وجوده على سبيل التّبعية كطول النجاد لطول القامة، ولذا جوّزوا كون اللازم أخصّ كالضاحك بالفعل للإنسان، فالكناية أن يذكر من المتلازمين ما هو تابع ورديف ويراد به ما هو متبوع ومردوف، والمجاز بالعكس، وفيه نظر لأنّ المجاز قد يكون من الطرفين كاستعمال الغيث في النبت واستعمال النبت في الغيث كذا في المطول. قال أبو القاسم ذكر أهل الأصول أنّه لمّا كان مبني المجاز على الانتقال من الملزوم إلى اللازم أي من المتبوع إلى التابع فإن كان اتصال الشيئين بحيث يكون كلّ منهما أصلا من وجه وفرعا من وجه جاز استعمال الأصل في الفرع دون العكس، فالعلّة أصل من جهة احتياج المعلول إليه والمعلول المقصود أصل من جهة كونه منزلة العلّة الغائية، وهي وإن كانت لوجودها معلولة لمعلولها إلّا أنّها لماهياتها علّة له، ومن هذا القبيل إطلاق النبت على الغيث فاندفع الاعتراض. والقول بأنّ اصطلاح أهل العربية مخالف لاصطلاح الأصول مما لا يلتفت إليه انتهى. اعلم أنّ الكناية في اصطلاحهم كما تطلق على اللفظ نفسه كذلك تطلق على المعنى المصدري الذي هو فعل المتكلم أعني ذكر اللازم وإرادة الملزوم، فاللفظ يكنى به والمعنى يكنى عنه كذا في المطول.

التقسيم:
الكناية ثلاثة أقسام الأولى الكناية المطلوب بها غير صفة ولا نسبة فمنها ما هي معنى واحد وهو أن يتفق في صفة من الصفات عرض اختصاص بموصوف معيّن فتذكر تلك الصفة ليتوصّل بها إلى ذلك الموصوف كقولنا مجامع الأضغان كناية عن القلوب والضغن الحقد. ومنها ما هي مجموع معان وهو أن تؤخذ صفة فتضمّ إلى لازم آخر وآخر لتصير جملتها مختصّة بموصوف فيتوصّل بذكرها إليه، كقولنا كناية عن الإنسان حي مستوى القامة عريض الأظفار ويسمّى هذه خاصّة مركّبة، وشرط هذين الكنايتين الاختصاص بالمكنى عنه.
الثانية الكناية المطلوب بها صفة من الصفات كالجود والكرم والشجاعة ونحو ذلك، وهي ضربان، قريبة وبعيدة، فإن لم يكن الانتقال بواسطة فقريبة إمّا واضحة إن حصل الانتقال منها بسهولة كطويل النّجاد وإمّا خفية كقولهم كناية عن الأبله عريض القفا، فإن عرض القفا وعظم الرأس بالإفراط مما يستدلّ به على بلاهة الرجل لكن في الانتقال نوع خفاء لا يطلع عليه كلّ أحد، وإن كان الانتقال من الكناية إلى المطلوب بها بواسطة فبعيدة كقولهم كثير الرماد كناية عن المضياف فإنّه ينتقل من كثرة الرماد إلى كثرة إحراق الحطب تحت القدر، ومنها إلى كثرة الطبخ ومنها إلى كثرة الضيفان ومنها إلى المطلوب. والثالثة المطلوب بها نسبة أي إثبات أمر لأمر أو نفيه عنه كقول زياد الأعجم:
إنّ السّماحة والمروءة والنّدى. في قبّة ضربت على ابن الحشرج.
فإنه أراد أن يثبت اختصاص ابن الحشرج بهذه الصفات فترك التصريح بأن يقول إنّه مختصّ بها أو نحوه إلى الكناية بأن جعلها في قبة مضروبة عليه. والموصوف في هذين القسمين قد يكون مذكورا كما مرّ وقد يكون غير مذكور كما يقال في عرض من يؤذي المسلمين المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده فإنّه كناية عن نفي صفة الإسلام عن المؤذي وهو غير مذكور في الكلام كذا في المطول. وقال في الإتقان استنبط الزمخشري نوعا من الكناية غريبا وهو أن تعمد إلى جملة معناها على خلاف الظاهر فتأخذ الخلاصة من غير اعتبار مفرداتها بالحقيقة والمجاز فتعبّر بها عن المقصود، كما تقول في نحو الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى. إنّه كناية عن الملك فإن الاستواء على السرير لا يحصل إلّا مع الملك، فجعل كناية عنه. وكذا قوله تعالى وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ كناية عن عظمته وجلالته من غير ذهاب بالقبض واليمين إلى جهتين حقيقة ومجازا انتهى.
قال السّكّاكي الكناية تتفاوت إلى تعريض وتلويح ورمز وإيماء وإشارة والمناسب للكناية العرضية وهي ما لم يذكر الموصوف فيها التعريض لأنّ التعريض خلاف التصريح. يقال عرّضت لفلان وبفلان إذا قلت قولا لغيره وأنت تعيّنه فكأنّك أشرت به إلى عرض أي جانب وتريد جانبا آخر، والمناسب لغير العرضية إن كثرت الوسائط بين اللازم والملزوم التلويح لأنّ التلويح هو أن تشير إلى غيرك من بعد وإن قلّت الوسائط مع خفائه أي خفاء اللزوم فالمناسب الرمز لأنّ الرمز أن تشير إلى قريب منك على سبيل الخفية لأنّه الإشارة بالشّفة والحاجب وبلا خفاءه فالمناسب الإيماء والإشارة كذا في المطول. فائدة:
للناس في الفرق بين الكناية والتعريض عبارات متقاربة. فقال الزمخشري الكناية ذكر الشيء بغير لفظه الموضوع له والتعريض أن يذكر شيئا يدلّ به على ذكر شيء لم يذكره، كما يقول المحتاج للمحتاج إليه جئتك لأسلّم عليك فكأنّ إمالة الكلام إلى عرض يدلّ على المقصود ويسمّى التلويح لأنّه يلوح منه ما تريده. وقال ابن الأثير: الكناية ما دلّ على معنى يجوز حمله على جانبي الحقيقة والمجاز بوصف جامع بينهما ويكون في المفرد والمركّب، والتعريض هو اللفظ الدالّ على معنى لا من جهة الوضع الحقيقي أو المجازي بل من جهة التلويح والإشارة فيختصّ باللفظ المركّب، كقول من يتوقّع صلة والله إني محتاج فإنّه تعريض بالطلب مع أنّه لم يوضع له حقيقة ولا مجازا، وإنّما فهم من عرض اللفظ أي جانبه. وقال السّبكي في الفرق بينهما الكناية لفظ استعمل في معناه مرادا به لازم المعنى فهو بحسب استعمال اللفظ في المعنى حقيقة والتجوّز في إرادة إفادة ما لم يوضع له، وقد لا يراد بها المعنى بل يعبّر بالملزوم عن اللازم وهي حينئذ مجاز. وأمّا التعريض فهو لفظ استعمل في معناه للتلويح بغيره نحو قوله تعالى قالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا نسب الفعل إلى كبير الأصنام المتّخذة آلهة كأنّه غضب أن تعبد الصغار معه تلويحا لعابديها فإنّها لا تصلح للإلهية لما يعلمون إذا نظروا بعقولهم عن عجز كبيرها عن ذلك الفعل، والإله لا يكون عاجزا فهو حقيقة أبدا. وقال السّكّاكي التعريض ما سبق لأجل موصوف غير مذكور، ومنه أن يخاطب واحد ويراد غيره كذا في المطول والاتقان. وقال السّيّد السّند في توضيحه ما حاصله إن مقصود العلّامة الزمخشري بيان الفرق بينهما فلا يرد النقض على حدّ الكناية بالمجاز، فإنّ ذكر الشيء بغير لفظه الموضوع له حاصله استعمال اللفظ في غير ما وضع له، وذكر شيء يدلّ على شيء لم تذكره يفهم منه أنّ الشيء الأول مذكور بلفظه الموضوع له لأنّه الأصل المتبادر عند الإطلاق.
ويفهم منه أيضا أنّ الشيء الثاني لم يستعمل فيه اللفظ وإلّا لكان مذكورا في الجملة. وبالجملة فحاصل الفرق أنّه اعتبر في الكناية استعمال اللفظ في غير ما وضع له وفي التعريض استعماله فيما وضع له مع الإشارة إلى ما لم يوضع له من السّياق. وكلام ابن الأثير أيضا يدلّ على أنّ المعنى التعريضي لم يستعمل فيه اللفظ بل هو مدلول عليه إشارة وسياقا، وكذا كلام السّبكي بل تسميته تلويحا يلوح منها ذلك، وكذلك تسميته تعريضا ينبئ عنه. ولذلك قيل هو إمالة الكلام إلى عرض أي جانب يدلّ على المقصود، هذا هو مقتضى ظاهر كلام العلّامة.
وتوضيحه أنّ اللفظ المستعمل فيما وضع له فقط هو الحقيقة المجرّدة ويقابله المجاز لأنّه المستعمل في غير الموضوع له فقط، والكناية اللفظ المستعمل بالأصالة فيما لم يوضع له والموضوع له مراد تبعا، وفي التعريض هما مقصودان الموضوع له من نفس اللفظ حقيقة أو مجازا أو كناية والمعرّض به من السياق، فالتعريض يجامع كلا من الحقيقة والمجاز والكناية. وإذا كانت الكناية تعريضية كان هناك وراء المعنى الأصلي والمعنى المكنى عنه معنى آخر مقصود بطريق التلويح والإشارة، وكان المعنى المكنى عنه بينهما بمنزلة المعنى الحقيقي في كونه مقصودا من اللفظ مستعملا هو فيه، فإذا قيل المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده وأريد به التعريض بنفي الإسلام عن مؤذ معيّن فالمعنى الأصلي هاهنا انحصار الإسلام فيمن سلموا من لسانه ويده ويلزمه انتفاء الإسلام عن المؤذي مطلقا، وهذا هو المعنى عنه المقصود من من اللفظ استعمالا. وأما المعنى المعرّض به المقصود من الكلام سياقا فهو نفي الإسلام عن مؤذ معيّن. هكذا ينبغي أن يحقق الكلام ويعلم أنّ الكناية بالنسبة إلى المعنى المكنى عنه لا يكون تعريضا قطعا وإلّا لزم أن يكون المعنى المعرّض به قد استعمل فيه اللفظ وقد ظهر بطلانه، وهكذا المجاز والحقيقة بالنسبة إلى المعنى المجازي والحقيقي لا يكونان تعريضا أيضا، فاللفظ بالقياس إلى المعنى المعرّض به لا يوصف بالحقيقة ولا بالمجاز ولا بالكناية لفقدان استعمال ذلك اللفظ في ذلك المعنى. وما قيل بأنّ اللفظ إذا دلّ على معنى دلالة صحيحة فلا بد أن يكون حقيقة أو مجازا أو كناية فليس بشيء إذ مستتبعات التراكيب يدل عليها الكلام دلالة صحيحة وليس حقيقة فيها ولا مجاز ولا كناية لأنّها مقصودة تبعا لا أصالة فلا تكون فيها. والمعنى المعرّض به وإن كان مقصودا أصليا إلّا أنّه ليس مقصودا من اللفظ حتى يكون مستعملا فيه، وإنّما قصد إليه من السياق تلويحا وإشارة، وقد يتفق عارض يجعل المجاز في حكم حقيقة مستعملة كما في المنقولات والكناية في حكم الصريح كما في الاستواء على العرش وبسط اليد، وكذلك التعريض قد يصير بحيث يكون الالتفات فيه إلى المعنى المعرّض به كأنه المقصود الأصلي والمستعمل فيه اللفظ ولا يخرج بذلك عن كونه تعريضا في أصله كقوله تعالى. وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ فإنّه تعريض بأنّه كان عليهم أن يؤمنوا به قبل كلّ واحد، وهذا المعنى المعرّض به هو المقصود الأصلي هاهنا دون المعنى الحقيقي انتهى.
فائدة: في الكناية أربعة مذاهب. الأول أنّها حقيقة قال به ابن عبد السلام، وهو الظاهر لأنّها استعملت فيما وضعت له وأريد بها الدّلالة على غيره. الثاني أنّها مجاز الثالث أنّها لا حقيقة ولا مجاز وإليه ذهب صاحب التلخيص لمنعه في المجاز أن يراد المعنى الحقيقي مع المجازي، وتجويزه ذلك في الكناية. الرابع وهو اختيار الشيخ تقي الدين السبكي أنّها تنقسم إلى حقيقة ومجاز فإن استعملت في معناه مرادا به لازم المعنى أيضا فهو حقيقة، وإن لم يرد به المعنى بل عبّر بالملزوم عن اللازم فهو مجاز لاستعماله في غير ما وضع له. والحاصل أنّ الحقيقة منها أن يستعمل اللفظ فيما وضع له ليفيد غير ما وضع له والمجاز منها أن تريد غير موضوعة استعمالا وإفادة كذا في الاتقان في نوع المجاز.
الكناية: كلام استتر المراد منه بالاستعمال وإن كان معناه ظاهرا في اللغة، سواء كان المراد به الحقيقة أو المجاز فيكون تردده فيما أريد به، فلا بد فيه من النية أو ما يقوم مقامها من دلالة الحال ليزول التردد ويتعين ما يريد به.والكناية عند علماء البيان: أن يعبر عن شيء بلفظ غير صريح في الدلالة عليه كغرض من الأغراض كالإبهام على السامع أو لنوع فصاحة.وعند أهل الأصول: ما يدل على المرادج بغيره لا بنفسه.
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.