Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: جهر

الصلاة

الصلاة
[هي في الأصل: الإقبال على شيء . ومنه: الركوع، ومنه: التعظيم، والتضرّع والدعاء. وهي كلمة قديمة، بمعنى الصلاة والعبادة. جاءت في الكلدانية بمعنى الدعاء والتضرّع . وفي العبرانية بمعنى الصلاة والركوع .
ومن هذا الأصل صلِيَ النارَ: أقبل عليها، ثم بمعنى دخل النار، كما قال تعالى:
{سَيَصْلَى نَارًا} .
وأيضاً: {وَيَصْلَى سَعِيرًا} .
ومنه: التصلية، كما قال تعالى: {وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ} . واستعملت العرب كل ذلك ] .
جهات الصلاة (من أصول الشرائع أيضاً) . هي:
إقرارٌ بالتوحيد.
وذكرٌ لعهدنا بعبوديته الخالصة. والذكرُ هو الذي يجعل المعتقد به راسخاً في النفس حتى تتكيف به. أصلُ الخِلقة تعبُّدٌ للخالق. فتركُ العبادةِ تناقضٌ في الوجود. ولذلك كلُّ خلقٍ يعبدُ الرب. والصلاةُ مخّ العبادة، فلزم جميعَ الخلق لزومَ التوحيد والتعبّد. وقد يُعبَّر عن الصلاة بالتسبيح . فكلُّ خلقٍ له صلاةٌ، كما قال تعالى:
{كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ} .
وقال تعالى:
{تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ} .
وقال تعالى:
{وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ} .
وقال تعالى: {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ}
الصلاةُ عهدُنا بالله. قال تعالى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} .
وقال تعالى:
{أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ} .
[4] (*) وعبادتُه هو الدعاء الخالص له، كما قال تعالى:
{وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} .
وقال: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْــجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ} .
الصلاة شكرٌ لربّنا، وهو الربُّ الواحدُ. فالشركُ في الدعاءِ كفرٌ، كما أن تركَ الصلاة والإعراضَ عن ذكره كفرٌ. قال تعالى:
{فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} . فبناءُ الصلاةِ الصبرُ، وكذلك بناءُ الشكرِ الصبرُ .
(*) ويجب علينا هذا الشكر خاصة، لأنه تعالى أمرَ الملائكةَ بالسجدةِ لآدم، فوجب عليه أن يسجد لِربّه.
قال تعالى: {قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ} .
فتركُ الصلاة مِنّا صار أشدَ كفراً من عصيانِ إبليس بثلاث مرات:
1 - لوجوبِها فطرةً.
2 - لوجوبها بما وَعَدْنا أن نَعبدَ.
3 - لوجوبها شكراً لما جُعِلَ الملائكةُ ساجدين لنا.
الصلاة رجوعٌ إلى الرب، فهي ذكرٌ للمعاد وصورةٌ له، وكذلك للمبدأ، فإنّه كمالُ الطاعة والتعبد قال تعالى:
{قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ} .
ولذلك هي عسير على المنكر بالمعاد. قال تعالى:
{وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} .
وقال تعالى:
{وَإِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ} . فكما أن الصلاةَ تهدي إلى الصِّراط، فكذلك الإيمان بالآخرة.
الصلاةُ تقرّبٌ وحضور. قال تعالى:
{وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} .
فهي طريق إلى الرب، وفيها الدعاء للهداية إلى الصراط المستقيم.
الصلاةُ قربانٌ لبهيمةِ النفسِ عقلاً، ولهذا جُمِعَتْ بالنحر والنُّسُك. قال تعالى:
{فَصَلِّ لِربِّكَ وَاْنحَرْ} .
وقال عن إبراهيم عليه السلام:
{قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} .
فالصلاةُ حياةٌ، كما أن "مماتي لله تعالى نُسُكي". والنسُكُ علامة لقربانٍ نفسيٍّ لله تعالى .
الصلاةُ صِنْوٌ للصبر، وتحقيقٌ له. ولهذا تُستعمل بدلاً منه. قال تعالى:
{وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} .
وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ} .
فَذَكرَ الصبرَ هاهنا، كما ذَكَرَ الصلاةَ هناك، واكتفَى بواحدٍ منهما عن الآخر. ثم ذكَرَ قصةَ قُربانِ إسماعيل، فأشار إلى ثلاث جِهَاتٍ منها:
1 - الصبر.
2 - والقربان.
3 - والحياة، للصابرين المتقرِّبين أنْفُسَهم.
ومِن كونِ الصبرِ والصلاةِ صِنوَين ترتّب نتيجة الصلاة مِن اللهِ على الصبر، فإنّ الجزاءَ مثل العمل .
الصلاةُ استعانةٌ بالله تعالى، لقوله تعالى:
{وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ} .
ولِما جاء في سورة الصلاة:
{وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} .
وهذه استعانة جامعة. والاستعانة التامة هي التوكل. وقد قال تعالى:
{يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا} إلى قوله {فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا} ... {وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ} الآية.
الصلاة: عند المعتزلة: من الأسماء الشرعية، واختلف في وجه التشبيه على أقوال. قال الإمام الرازي: والأقرب أنها من الدعاء إذ لا صلاة إلا وفيها الدعاء أو ما يجري مجراه. وقال أصحابنا من المجازات المشهورة لغة إطلاق اسم الجزء على الكل، فلما كانت مشتملة على الدعاء أطلق اسم الدعاء عليها مجازا. قال: فإن كان مراد المعتزلة من كونها اسما شرعيا هذا فهو حق، وإن أرادوا أن الشرع ارتجل هذه اللفظة فذلك ينافيه {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا} . إلى هنا كلام الإمام. وقال ابن الكمال: أصلها الدعاء سميت به هذه العبادة التي هي أفعال وأقوال مفتتحة بتكبير مختتمة بتسليم كتسمية الشيء باسم ما يتضمنه. والصلاة من العبادات التي لا تنفك شريعة منها وإن اختلفت صورها بحسب شرع، شرع ولذلك قال {إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} . وفي المصباح: الصلاة الدعاء، سميت بها هذه الأفعال لاشتمالها على الدعاء وهل سبيله النقل فتكون الصلاة حقيقة شرعية في هذه الأفعال مجازا لغويا في الدعاء لأن النقل في اللغات كالنسخ في الأحكام، أو يقال استعمال اللفظ في المنقول إليه مجاز راجح وفي المنقول حقيقة مرجوحة فيه خلاف بين أهل الأصول.

أَذِنَ

(أَذِنَ)
- فِيهِ «مَا أَذِنَ اللَّهُ لشيءٍ كَإِذْنِهِ لنَبِيٍّ يتغنَّى بِالْقُرْآنِ» أَيْ مَا اسْتَمَعَ اللَّهُ لِشَيْءٍ كاسْتِمَاعه لِنَبِيٍّ يَتَغنَّى بِالْقُرْآنِ، أَيْ يتْلُوه يَــجْهَرُ بِهِ. يُقَالُ مِنْهُ أَذِنَ يَأْذَنُ أَذَناً بالتحريك.
(5- النهاية- 1) وَفِيهِ ذِكْرُ الأَذَان، وَهُوَ الإعْلام بِالشَّيْءِ. يُقَالُ آذَنَ يُؤْذِنُ إِيذَاناً، وأَذَّنَ يُؤَذِّنُ تَأْذِيناً، وَالْمُشَدَّدُ مَخْصُوصٌ فِي الِاسْتِعْمَالِ بإعْلام وقتِ الصَّلَاةِ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «إِنَّ قَوْما أَكَلُوا مِنْ شَجَرَةٍ فجمدُوا فَقَالَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قرِّسوا الْمَاءَ فِي الشِّنان وصُبُّوه عَلَيْهِمْ فِيمَا بَيْنَ الأَذَانَيْنِ» أرَادَ بِهِمَا أَذَانِ الفَجْرِ والإقَامَةَ. والتّقْرِيسُ: التبْرِيدُ.
والشنَانُ: القِرَبُ الخُلْقَانً.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ» يُرِيدُ بِهَا السُّنَنَ الرَّواتِبَ الَّتِي تُصَلى بَيْنَ الأذانِ والإقامةِ قَبْلَ الفَرْض.
وَفِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ «هَذَا الَّذِي أَوفى اللَّهُ بِأُذُنِهِ» أَيْ أَظْهَرَ اللَّهُ صِدْقَهُ فِي إِخباره عَمَّا سَمعَت أُذنُه.
(س) وَفِي حَدِيثِ أَنس «أنه قال له: ياذا الأُذُنَيْنِ» قِيلَ مَعْنَاهُ الحَضُّ عَلَى حُسْنِ الِاسْتِمَاعِ والوَعْي، لِأَنَّ السمعَ بحاسَّة الأذُنِ، وَمَنْ خَلَقَ اللَّهُ لَهُ أُذَنّينِ فأغْفَلَ الاستِماع وَلَمْ يُحْسِن الوَعْيَ لَمْ يُعْذَر. وَقِيلَ إِنَّ هَذَا الْقَوْلَ مِنْ جُمْلَةِ مَزْحه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَطِيفِ أَخْلَاقِهِ، كَمَا قَالَ لِلْمَرْأَةِ عَنْ زَوْجِها «ذَاكَ الَّذِي فِي عَيْنِهِ بياضٌ» .

التّنافر

التّنافر:
[في الانكليزية] Dissonance ،discord
[ في الفرنسية] Dissonance
بالفاء عند أهل المعاني يطلق على وصف في الكلمة يوجب ثقلها على اللسان، سواء كان لتنافر نفس الحروف أو لتنافر كيفياتها أولهما.
فقالن بالتقاء الساكنين مشتمل على تنافر الحروف من حيث كيفياتها، نعم هو داخل في مخالفة القياس أيضا. ومن التنافر ما هو يوجب التناهي في الثّقل نحو الهعخع بكسر الهاء وفتح الخاء المعجمة بمعنى النبت الأسود في قول أعرابي سئل عن ناقته فقال: تركتها ترعى الهعخع. ومنه ما هو دون ذلك نحو مستشزرات في قول امرئ القيس:
غدائره مستشزرات إلى العلى أي مرتفعات إلى العلى. وتنافر الكلمات أن تكون الكلمات بسبب اجتماعها ثقيلة على اللسان إمّا في نهاية الثقل كقول الشاعر:
وليس قرب قبر حرب قبر فإنّ التنافر ليس في قرب ولا في قبر، بل عند اجتماعهما حصل على اللسان ثقل جدا وأمّا دون ذلك كقول أبي تمام: كريم متى أمدحه أمدحه والورى معي
فإنّ في أمدحه من ثقل لما بين الحاء والهاء من القرب لكن لا إلى حد يخرج به الكلمة عن الفصاحة. فإذا تكرّر كمل الثقل أي بلغ حدا لا يتحمله الفصيح وذلك لأنّه تكرّر اجتماع الحاء والهاء وأدّى إلى اجتماع حروف الحلق، إلّا أنّ التنافر لم يحصل فيه من حروف كلمة واحدة فلم يعد في تنافر الحروف فأفهم.
والتنافر مطلقا سواء كان تنافر الحروف أو تنافر الكلمات مخلّ بالفصاحة. وزعم بعضهم أن من التنافر جمع كلمة مع كلمة أخرى غير مناسبة لها كجمع سطل مع قنديل ومسجد بالنسبة إلى الحمامي مثلا، وهو وهم لأنّه لا يوجب الثقل على اللسان، فهو إنّما يخلّ بالبلاغة دون الفصاحة.
اعلم أن مرجع معرفة تنافر الحروف والكلمات هو الحس، لكن لا اعتماد على كل حسّ بل الحاكم النافد الحكم حسّ العربي الذي له سليقة في الفصاحة أو كاسب الذوق السليم من ممارسة التكلّم بالفصيح والتحفظ عن التكلّم بغير الفصيح وليس التنافر لكمال تباعد الحروف بحسب المخارج، وإلّا لكان مرجعه إلى علم المخارج ولا لقربه كذلك لذلك، ولا لاختلاف الحروف في الأوصاف من الــجهر والهمس إلى غير ذلك، وإلّا لكان المرجع ضبط أقسام الحروف. وإياك أن تذهب إلى شيء منها إذ الكلّ مبني على الغفلة عن تعيين مرجع التنافر وعن كثير من المركبات الفصيحة الملتئمة من المتباعدات نحو علم وفرح، والملتئمة من المتقاربات نحو جيش وشجي، ومن مال إلى أنّ اجتماع المتقاربات المخارج سبب للتنافر لزمه عدم فصاحة ألم أعهد. والجواب عنه بأنّ فصاحة الكلام لا تتوقف على فصاحة جميع كلماته بل على فصاحة الأكثر بحيث يكون غير الفصيح مغموزا فيه مستورا على الفائقة لفصاحة الكلمات الكثيرة كما تستر الحلاوة الشديدة المرارة القليلة وبعدم فصاحة كلمة من ذلك الكلام لا يخرج عن الفصاحة، كما أنّ الكلام العربي لا يخرج عن كونه عربيا بوقوع كلمة عجمية فيه تكلف جدا من غير داع. هكذا يستفاد من المطول والأطول في تعريف الفصاحة.

الخاتم

الخاتم
يُقالُ: خاتِمٌ وخاتَمٌ وخاتامٌ وخَيْتامٌ وخاتِيام.
وأنشدوا في الخَيتام:
ولقد وَعدتَ وأنتَ أكرمُ واعدٍ ... لا خَيرَ في وَعدٍ بغيرِ تَمام
إنَّ الأُمُورَ حَمِيدَها وذَميمَها ... في النَّاسِ مِثلُ عَواقبِ الخَيتامِ
وأنشدوا في الخاتيام:
أخَذتَ من سُعداك خاتياماً
لِمَوعِدٍ يُكسِبُكَ الآثَاما
وتَقولُ: نظرت إلى الكتب فأختمتها أي: وجدتها مختومةً كقولك: أَبخَلتُ الرَّجُلَ: وجَدتُهُ بخيلاً.
ويُقالُ في الخُتم: الخِتام ولا يُقالُ: الخاتم.
الخاتم: يكنى به عن الدينار والدرهم، ومنه حديث "الدراهم والدنانير خواتيم الله في الأرض" ، وعن العذرة، ومن حديث البخاري في الثلاثة الذين أووا إلى الغار، وقول المرأة اتق الله ولا تفض الخاتم إلا بحقه، وقول ابن الرومي في فتنة ابن البرقعي
كم فتاة لخاتم الله بكر ... فضحوها جهرا بغير اكتتام

الصدق

الصدق: لغة، مطابقة الحكم للواقع، ولا يشترط الاعتقاد. وقال الجاحظ: مطابقة مع اعتقاد. وقال الراغب: والصدق والكذب أصلهما في القول ماضيا كان أو مستقبلا، وعدا كان أو غيره. والصدق مطابقة القول الضمير والمخبر عنه معا، ومتى انخرم شرط من ذلك لم يكن صدقا، بل إما أن لا يوصف بالصدق، وإما أن يوصف تارة بالصدق وتارة بالكذب على نظيرين مختلفين كقول الكافر من غير اعتقاد "محمد رسول الله" فإن هذا يصح أن يقال صدق لكون المخبر عنه كذلك، وأن يقال كذب لمخالفة قوله لضميره، وقد يستعمل الصدق والكذب في كل ما يحصل في الاعتقاد نحو صدق ظني. وكذب، وفي أعمال الجوارح ك صدق في القتال إذا وفى حقه وفعل فيه ما يجب وكذب فيه إذا كان بخلاف ذلك.

والصدق في اصطلاح أهل الحقيقة: قول الحق في مواطن الهلاك، وقيل هو أن تصدق في مكان لا ينجيك فيه إلا الكذب. وقال القشيري: الصدق أن لا يكون في أحوالك شوب ولا في اعتقادك ريب ولا في أعمالك عيب. وقيل هو ترك الملاحظة ودوام المحافظة، وقيل استواء السر والــجهر.

القحبة

(القحبة) الْعَجُوز يَأْخُذهَا السعال والفاسدة الْجوف من دَاء وَالْبَغي لِأَنَّهَا كَانَت فِي الْجَاهِلِيَّة تؤذن طلابها بقحابها سعالها (ج) قحاب
القحبة: المرأة البغي، من قحب الرجل إذا سعل من لؤمه لأنها تسعل ترمز بذلك، ذكره ابن دريد كابن القوطية، وجرى عليه في البارع، وبه رد قول الجوهري: القحبة مولدة لأن هؤلاء أثبات، وقد أثبتوه.
القحبة: هِيَ الَّتِي تخرج إِلَى الْفَاحِشَة وَهِي أفحش من الزَّانِيَة لِأَن الزَّانِيَة تفعل سرا والقحبة جَهرا لِأَنَّهَا من تجاهر بِالْأُجْرَةِ تفعل الزِّنَا عَلَانيَة.

القول

القول:
[في الانكليزية] Saying ،speech
[ في الفرنسية] Propos ،discours
بالفتح وسكون الواو عند المنطقيين هو اللفظ المركّب ويسمّى المؤلّف أيضا، وقد سبق. وفي شرح التهذيب القول في عرف المنطق يقال للمركّب سواء كان مركّبا عقليا أو لفظيا انتهى. والموصل القريب إلى التصوّر يسمّونه قولا شارحا لشرحه ماهية الشيء ومعرّفا بالكسر أيضا كذا في شرح المطالع.
القول: إبداء صور الكلم نظما بمنزلة ائتلاف الصور المحسوسة جمعا. فالقول مشهود القلب بواسطة الأذن، كما أن المحسوس مشهود القلب بواسطة العين وغيرها، ذكره الحرالي. وقال الراغب: يستعمل على أوجه أظهرها أن يكون للمركب من الحروف المنطوق بها مفردا كان أو جملة، فالمفرد: زيد وخرج، والمركب: أزيد خرج وهل خرج عمرو. وقد يسمى الواحد من الأنواع الثلاثة: الاسم والفعل والأداة قولا، كما تسمى القصيدة والخطبة قولا. الثاني يقال للمتصور في النفس قبل التلفظ به قول، فيقال في نفسي قول لم أظهره. الثالث الاعتقاد: نحو فلان يقول بقول الشافعي. الرابع يقال للدلالة على شيء نحو "قول الشاعر"
امتلأ الحوض وقال قطني.
الخامس يقال للعناية الصادقة بالشيء نحو فلان يقول بكذا. السادس يستعمله المنطقيون دون غيرهم في معنى الحد فيقولون: قول الجوهر كذا وقول العرض كذا، أي حدهما. السابع في الإلهام نحو: {قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ} فذلك لم يخاطب به بل كان إلهاما فسماه قولا.
القول
القول يستعمل على خمسة أوجه:
1 - قول مسموع.
2 - وقول بالسر. قال تعالى:
{سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ} .
3 - وإيماء من غير تكلم. قال تعالى:
{فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا} .
4 - وحديث في النفس من غير كلام مرتب بالحروف. وذلك بإحضار المعنى الذي يحضر قبل الكلام . قال امرؤ القيس:
إذا قلتُ هذا صاحبي قد رَضِيتُه ... وقرَّتْ به العينانِ بُدِّلتُ آخرَا
أي إذا تصوّرتُ هذا الأمر في نفسي . 5 - وإشارة عامة سواء كانت بفعل أو بلسان الحال، كما جاء في الحديث: "وقال بيده كذا" . وكما قيل:
اِمتَلأَ الحَوضُ وقال قَطْنِي

المثل

المثل: إن كان من الجنس فهو ما سد مسد غيره في الجنس، وإن كان من غيره فالمراد ما كان فيه معنى يقرب به من غيره كقربه من جنسه. وقال الراغب: المثل عبارة عن قول في شيء قولا في شيء آخر بينهما مشابهة ليبين أحدهما الآخر ويصوره. وقال الحرالي: المثل أمر ظاهر للحس ونحوه يعتبر به أمر خفي يطابقه فينفهم معناه باعتباره. وقال في موضع آخر: المثل ما يتحصل في باطن الإدراك من حقائق الأشياء المحسوسة فيكون ألطف من الشيء المحسوس فيقع لذلك جاليا لمعنى مثل المعنى المعقول، ويكون الأظهر منهما مثلا للأخفى.
المثل:
[في الانكليزية] Similar ،proverb
[ في الفرنسية] Semblable ،Proverbe
بفتح الميم والثاء المثلثة في الأصل بمعنى النظير ثم نقل منه إلى القول السائر أي الفاشي الممثّل بمضربه وبمورده، والمراد بالمورد الحالة الأصلية التي ورد فيها الكلام وبالمضرب الحالة المشبّهة بها التي أريد بالكلام وهو من المجاز المركّب، بل لفشو استعمال المجاز المركّب بكونه على سبيل الاستعارة، سمّي بالمثل ثم إنّه لا تغيّر ألفاظ الأمثال تذكيرا وتأنيثا وإفرادا وتثنية وجمعا، بل إنما ينظر إلى مورد المثل. مثلا إذا طلب رجل شيئا ضيّعه قبل ذلك تقول له: ضيّعت اللّبن بالصيف بكسر تاء الخطاب لأنّ المثل قد ورد في امرأة، وذلك لأنّ الاستعارة يجب أن يكون لفظ المشبّه به المستعمل في المشبّه، فلو تطرق تغيّر إلى الأمثال لما كان لفظ المشبّه به بعينه فلا يكون استعارة فلا يكون مثلا. وتحقيق ذلك أنّ المستعار يجب أن يكون اللفظ الذي هو حقّ المشبّه به، أخذ منه عارية للمشبّه، فلو وقع فيه تغيير لما كان هو اللفظ الذي يختصّ المشبّه به فلا يكون أخذ منه عارية. وينبغي أن لا يلتبس عليك الفرق بين المثل والإشارة إلى المثل كما في ضيّعت على صيغة المتكلّم فإنّه مأخوذ من المثل وإشارة إليه فلا ينتقض به الحكم لعدم تغيّر الأمثال. وللأمثال تأثير عجيب في الآذان وتقرير غريب لمعانيها في الأذهان. ولكون المثل مما فيه غرابة استعير لفظه للحال أو الصفة أو القصة إذا كان لها شأن عجيب ونوع غرابة كقوله تعالى مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً أي حالهم العجيب الشأن. وكقوله وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلى أي الصفة العجيبة.
وكقوله مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ أي فيما قصصنا عليكم من العجائب قصّة الجنة العجيبة، هكذا من المطول وحاشيته لأبي القاسم والأطول.
فائدة:

في الإتقان أمثال القرآن قسمان: ظاهر مصرّح به كقوله مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً الآيات ضرب فيها للمنافقين مثلين مثلا بالنار ومثلا بالمطر، وكامن. قال الماوردي:
سمعت أبا إسحاق ابراهيم بن مضارب بن إبراهيم يقول: سمعت أبي يقول: سألت الحسين بن الفضل فقلت: إنّك تخرّج أمثال العرب والعجم من القرآن. فهل تجد في كتاب الله خير الأمور أوسطها؟ قال: نعم، في أربعة مواضع. قوله لا فارِضٌ وَلا بِكْرٌ عَوانٌ بَيْنَ ذلِكَ وقوله وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً وقوله وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ، وقوله وَلا تَــجْهَرْ بِصَلاتِكَ الآية. قلت فهل تجد فيه من جهل شيئا عاداه؟

قال: نعم، في موضعين بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هذا إِفْكٌ قَدِيمٌ. قلت فهل تجد فيه: لا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين. قال هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلَّا كَما أَمِنْتُكُمْ عَلى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ. قلت: فهل تجد فيه قولهم لا تلد الحيّة إلّا الحية؟ قال: وَلا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً. وفي مجمع الصنائع يقول: إنّ إرسال المثل عند الشعراء هو: أن يورد الشاعر في كلّ بيت مثلا. مثاله: ومعناه: لا يطفئ ماء الخصم نارك. ولا تسحب حرارة الشمس حلقات الأفعى. ومثال آخر: معناه:
العظمة تقتضي منك الكرم فما لم تبذر الحبّ لا ينبت وأمّا إرسال مثلين فهو إيراد مثلين في بيت واحد ومثاله (ومعناه):
نصيحة كلّ الناس كالهواء في القفص وهي في أذن الجهّال كالماء في غربال
المثل:
[في الانكليزية] Equal ،identical
[ في الفرنسية] Pareil ،identique
بالكسر والسكون عند الحكماء هو المشارك للشيء في تمام الماهية، قالوا التماثل والمماثلة اتّحاد الشيئين في النوع أي في تمام الماهية. فإذا قيل هما متماثلان أو مثلان أو مماثلان كان المعنى أنّهما متفقان في تمام الماهية. فكلّ اثنين إن اشتركا في تمام الماهية فهما المثلان وإن لم يشتركا فهما المتخالفان، وكذا عند بعض المتكلّمين حيث قال في شرح الطوالع: حقيقته تعالى لا تماثل غيره أي لا يكون مشاركا لغيره في تمام الماهية. وفي شرح المواقف: الله تعالى منزّه عن المثل أي المشارك في تمام الماهية. وقال بعضهم كالأشاعرة: التماثل هو الاتحاد في جميع الصفات النفسية وهي التي لا تحتاج في توصيف الشيء بها إلى ملاحظة أمر زائد عليها كالإنسانية والحقيقة والوجود والشيئية للإنسان. وقال مثبتوا الحال: الصفات النفسية ما لا يصحّ توهّم ارتفاعها عن موصوفها ويجيء ذكرها في محلها.
فالمثلان والمتماثلان هما الموجودان المشتركان في جميع الصفات النفسية، ويلزم من تلك المشاركة المشاركة فيما يجب ويمكن ويمتنع، ولذلك يقال المثلان هما الموجودان اللذان يشارك كلّ منهما الآخر فيما يجب له ويمكن ويمتنع أي بالنظر إلى ذاتيهما فلا يرد أنّ الصفات منحصرة في الأقسام الثلاثة، فيلزم منه اشتراك المثلين في جميع الصفات، سواء كانت نفسية أولا، فيرتفع التعدّد عنهما. وقد يقال بعبارة أخرى المثلان ما يسدّ أحدهما مسدّ الآخر في الأحكام الواجبة والجائزة والممتنعة، أي بالنظر إلى ذاتيهما، وتلازم التعاريف الثلاثة ظاهر بالتأمّل. ثم لما كانت الصفة النفسية ما يعود إلى نفس الذات لا إلى معنى زائد على الذات فالتّماثل أيضا من الصفات النفسية لأنّه أمر ذاتي ليس معلّلا بأمر زائد عليها. وأمّا عند مثبتي الأحوال منا كالقاضي ففيه تردّد إذ قال تارة إنّه زائد على الصفات النفسية ويخلو موصوفه عنه بتقدير عدم خلق الغير، فلا يكون من الأحوال اللازمة التي تنحصر الصفات النفسية فيها. وقال تارة أخرى إنّه غير زائد.
ويكفي في اتصاف الشيء بالتّماثل تقدير الغير، فيكون الشيء حال انفراده في الوجود متصفا بالتماثل غير خال عنه، ثم أيّد هذا بأنّ صفات الأجناس لا تعلّل بالغير اتفاقا، فلا يكون التماثل موقوفا على وجود الغير تحقيقا، وأمّا تقديرا فلا يضر. ثم من الناس من ينفى التّماثل لأنّ الشيئين إن اشتركا من كلّ وجه فلا تعدّد فضلا عن التّماثل، وإن اختلفا من وجه فلا تماثل، والجواب منع الشرطية الثانية إذ قد يختلفان بغير الصفة النفسية. وقال جمهور المعتزلة المثلان هما المتشاركان في أخصّ وصف النفس، فإن أرادوا أنّهما مشتركان في الأخص دون الأعم فمحال، وإن ارادوا اشتراكهما في الأخص والأعم جميعا فما ذكر سابقا أصرح من هذا. ولهم أن يقولوا الاشتراك في الأعم وإن كان لازما منه لكنه خارج عن مفهوم التماثل إذ مداره على الاشتراك في الأخصّ. فقيد الأخصّ ليس احترازيا بل لتحقيق الماهية. ويرد عليهم أنّ التماثل للمثلين إمّا واجب الحصول لموصوفه عند حصول الموصوف فلا يعلّل على رأيهم، إذ من قواعدهم أنّ الصفة الواجبة يمتنع تعليلها فلا يجوز تعريفه بالاشتراك في أخصّ صفات النفس لاقتضائه كونه معلّلا بالأخصّ، أولا يكون واجب الحصول فيجوز حينئذ كون السوادين مختلفين تارة وغير مختلفين أخرى. وقال النّجّار من المعتزلة المثلان هما المشتركان في صفة إثبات وليس أحدهما بالثاني قيد الصفة بالثبوتية لأنّ الاشتراك في الصفات السلبية لا يوجب التماثل ويلزمه تماثل السواد والبياض لاشتراكهما في صفات ثبوتية كالعرضية واللونية والحدوث، وكذا مماثلة الرّبّ للمربوب إذ يشتركان في بعض الصفات الثبوتية كالعالمية والقادرية. اعلم أنّ المتشاركين في بعض الصفات النفسية أو غيرها لهم تردّد وخلاف ويرجع إلى مجرّد الاصطلاح، لأنّ المماثلة في ذلك المشترك ثابتة معنى والمنازعة في إطلاق الاسم. قال القاضي القلانسي من الأشاعرة:
لا مانع من ذلك في الحوادث معنى ولفظا إذ لم يرد التماثل في غير ما وقع فيه الاشتراك حتى صرّح القلانسي بأنّ كلّ مشتركين في الحدوث متماثلان في الحدوث، وعليه يحمل قول النّجار، فلا مماثل عنده للحوادث في وجوده عقلا أي بحسب المعنى، والنزاع في إطلاق المتماثل للحدوث عليه تعالى، ومأخذ الإطلاق السمع. فللنّجار أن يلزم التماثل بين الرّبّ والمربوب معنى وإن منع إطلاق اللفظ عليه وأن يلزم في السواد والبياض معنى ولفظا.
فائدة:
كلّ متماثلين فإنّهما لا يجتمعان في محلّ وإليه ذهب الشيخ الأشعري ومنعه المعتزلة، واتفقوا على جواز اجتماعهما مطلقا إلّا شرذمة منهم فإنّهم قالوا لا تجتمع الحركتان المتماثلتان في محلّ وإن شئت التفصيل فارجع إلى شرح المواقف وحاشيته للمولوي عبد الحكيم.

التّجويد

التّجويد:
[في الانكليزية] Distinct recitation
[ في الفرنسية] Recitation distincte
في اللغة التحسين. وفي اصطلاح القرّاء تلاوة القرآن بإعطاء كلّ حرف حقّه من مخرجه وصفته اللازمة له من همس وجهر وشدّة ورخاوة ونحوها، وإعطاء كل حرف مستحقه مما يشاء من الصفات المذكورة كترقيق المستفل وتفخيم المستعلي ونحوهما، وردّ كل حرف إلى أصله من غير تكلّف. وطريقه الأخذ من أفواه المشايخ العارفين بطريق أداء القرآن بعد معرفة ما يحتاج إليه القارئ من مخارج الحروف وصفاتها والوقف والابتداء والرسم.

ومراتب التجويد ثلاثة: ترتيل وتدوير وحدر. والأول أتم ثم الثاني. فالترتيل التّؤدة وهو مذهب ورش وعاصم وحمزة.
والحدر الإسراع هو مذهب ابن كثير وأبي عمرو والقالون. والتدوير التوسط بينهما وهو مذهب ابن عامر والكسائي، وهذا هو الغالب على قراءتهم، وإلّا فكل منهم يجيز الثلاثة. ولا بدّ في الترتيل من الاحتراز عن التمطيط. وفي الحدر عن الاندماج إذ القراءة كالبياض إن قلّ صار سمرة وإن زاد صار برصا انتهى.
وصاحب الاتقان جعل الترتيل مرادفا للتحقيق حيث قال: كيفيات القراءة ثلاث:
إحداث التحقيق وهو إعطاء كلّ حرف حقه من إشباع المدّ وتحقيق الهمزة وإتمام الحركات واعتماد الإظهار والتشديدات، وبيان الحروف وتفكيكها وإخراج بعضها من بعض بالسكت والترتيل والتؤدة، وملاحظة الجائزات من الوقوف بلا قصر ولا اختلاس ولا إسكان محرّك ولا إدغامه، وهو يكون لرياضة الألسن وتقويم الألفاظ. ويستحب الأخذ به على المتعلمين من غير أن يتجاوز فيه إلى حدّ الإفراط بتوليد الحروف من الحركات وتكرير الراءات وتحريك السواكن وتطنين النونات بالمبالغة في الغنّات ونحو ذلك. وهذا النوع من القراءة مذهب حمزة وورش. الثانية الحدر بفتح الحاء وسكون الدال المهملتين وهو إدراج القراءة بسرعتها وتخفيفها بالقصر والتسكين والاختلاس والبدل والإدغام الكبير وتخفيف الهمزة ونحو ذلك ممّا صحّت به الرواية، مع مراعاة إقامة الإعراب وتقويم اللفظ وتمكّن الحروف بدون بتر حروف المدّ واختلاس أكثر الحركات وذهاب صوت الغنّة والتفريط إلى غاية لا تصحّ به القراءة، وهذا النوع مذهب ابن كثير وأبي جعفر. ومن قصر المنفصل كأبي عمرو ويعقوب، الثالثة التدوير وهو التوسّط بين المقامين من التحقيق والحدر وهو الذي ورد عن أكثر الأئمة ممن مدّ المنفصل ولم يبلغ فيه الإشباع، وهو مذهب سائر القرّاء، وهو المختار عند أكثر أهل الأداء. ثم قال والفرق بين الترتيل وبين التحقيق فيما ذكره بعضهم أنّ التحقيق يكون للرياضة والتعليم والتمرين، والترتيل يكون للتدبّر والتفكّر والاستنباط، فكل تحقيق ترتيل وليس كل ترتيل تحقيقا.
فائدة:
في شرح المهذّب اتفقوا على كراهة الإفراط في الإسراع، قالوا وقراءة جزء بترتيل أفضل من قراءة جزءين في قدر ذلك الزمان بلا ترتيل. وقالوا: واستحباب الترتيل للمتدبّر ولأنه أقرب إلى الإجلال والتوقير وأشد تأثيرا في القلب، ولهذا يستحب للأعجمي الذي لا يفهم معناه. وفي النّشر اختلف: هل الأفضل الترتيل وقلة القراءة أو السرعة مع كثرتها؟. وأحسن بعض أئمتنا فقال: إنّ ثواب قراءة الترتيل أجلّ قدرا وثواب الكثرة أكثر عددا، لأن بكل حرف عشرة حسنات. وفي البرهان للزركشي كمال الترتيل تفخيم ألفاظه والإبانة عن حروفه وأن لا يدغم حرفا في حرف. وقيل هذا أقله. وأكمله أن يقرأه على منازله، فإن قرأ تهديدا لفظ به لفظ المتهدّد أو تعظيما لفظ به على التعظيم، انتهى ما في الاتقان.

التصوير بالاستعارة

التصوير بالاستعارة
اقتصر الأقدمون عند ما تحدثوا عن الاستعارة في القرآن على ذكر أنواعها، من استعارة محسوس لمحسوس بجامع محسوس أو بجامع عقلى، ومن استعارة محسوس لمعقول، ومن استعارة معقول لمعقول أو لمحسوس، ومن استعارة تصريحية أو مكنية، ومن مرشحة أو مجردة، إلى غير ذلك من ألوان الاستعارة، وهم يذكرون هذه الألوان، ويحصون ما ورد في القرآن منها، ويقفون عند ذلك فحسب، وبعضهم يزيد فيجرى الاستعارة، ظانا أنه بذلك قد أدى ما عليه، من بيان الجمال الفنى في هذا اللون من التصوير، ولم أر إلا ما ندر من وقوف بعضهم يتأمل بعض هذه اللمحات الفنية المؤثرة، وليس مثل هذه الدراسة بمجد في تذوق الجمال وإدراك أسراره، ومن الخير أن نتبين الأسرار التى دعت إلى إيثار الاستعارة على الكلمة الحقيقة.
وإذا أنت مضيت إلى الألفاظ المستعارة رأيتها من هذا النوع الموحى؛ لأنها أصدق أداة تجعل القارئ يحس بالمعنى أكمل إحساس وأوفاه، وتصور المنظر للعين، وتنقل الصوت للأذن، وتجعل الأمر المعنوى ملموسا محسّا، وحسبى أن أقف عند بعض هذه الألفاظ المستعارة الموحية، نتبين سر اختيارها:
قال سبحانه: وَتَرَكْنا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْناهُمْ جَمْعاً (الكهف 99). فكلمة يَمُوجُ لا تقف عند حد استعارتها لمعنى «الاضطراب» بل إنها تصور للخيال هذا الجمع الحاشد من الناس، احتشادا ألا تدرك العين مداه، حتى صار هذا الحشد الزاخر كبحر، ترى العين منه ما تراه في البحر الزاخر من حركة وتموّج واضطراب، ولا تأتى كلمة يَمُوجُ إلا موحية بهذا المعنى، ودالة عليه. وقال سبحانه: قالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً (مريم 4). وهنا لا تقف كلمة اشْتَعَلَ عند معنى انتشر فحسب، ولكنها تحمل معنى دبيب الشيب في الرأس في بطء وثبات، كما تدب النار في الفحم مبطئة، ولكن في دأب واستمرار، حتى إذا تمكنت من الوقود اشتعلت في قوة لا تبقى ولا تذر، كما يحرق الشيب ما يجاوره من شعر الشباب، حتى لا يذر شيئا إلا التهمه، وأتى عليه، وفي إسناد الاشتعال إلى الرأس ما يوحى بهذا الشمول الذى التهم كل شىء في الرأس. وقد تحدثنا فيما مضى عما توحى به كلمة تنفس، من إثارة معنى الحياة التى تغمر الكون عند مطلع الفجر.
وقال تعالى: وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ (يس 37). فكلمة نَسْلَخُ تصور للعين انحسار الضوء عن الكون قليلا قليلا، ودبيب الظلام إلى هذا الكون في بطء، حتى إذا تراجع الضوء ظهر ما كان مختفيا من ظلمة الليل. وقال تعالى: وَفِي عادٍ إِذْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ ما تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ (الذاريات 41، 42).
ففي العقم ما يحمل إلى النفس معنى الإجداب الذى تحمله الريح معها.
وكثر في القرآن أخذ الكلمات الموضوعة للأمور المحسوسة، يدل بها على معقول معنوى، يصير به كأنه ملموس مرئى، فضلا عن إيحاءات الكلمة إلى النفس، خذ مثلا قوله تعالى: وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَراءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلًا فَبِئْسَ ما يَشْتَرُونَ (آل عمران 187). ألا ترى أن كلمة (نبذ)، فضلا عن أنها تدل على الترك، توحى إلى نفس القارئ معنى الإهمال والاحتقار، لأن الذى (ينبذ) وراء الظهر إنما هو الحقير المهمل. وقوله تعالى: بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذا هُوَ زاهِقٌ (الأنبياء 18). فكلمة القذف توحى بهذه القوة التى يهبط بها الحق على الباطل، وكلمة فَيَدْمَغُهُ توحى بتلك المعركة التى تنشب بين الحق والباطل، حتى يصيب رأسه ويحطمه، فلا يلبث أن يموت وتأمل قوة التعبير بالظلمات والنور يراد بهما الكفر والإيمان، فى قوله تعالى: كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ (إبراهيم 1). وجمع الظلمات يصور لك إلى أى مدى ينبهم الطريق أمام الضال، فلا يهتدى إلى الحق، وسط هذا الظلام المتراكم.
ومن ذلك قوله تعالى: إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ (البقرة 237). فإنك تشعر في كلمة العقدة بهذا الربط القلبى، الذى يربط بين قلبى الزوجين. ويطول بى القول إذا أنا وقفت عند كل استعارة، من هذا اللون وحسبى أن أشير إلى بعض نماذجه كقوله تعالى: فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (الحجر 94). فكلمة الصدع بمعنى الــجهر توحى بما سيكون من أثر هذه الدعوة الجديدة، من أنها ستشق طريقها إلى القلوب وتحدث في النفوس أثرا قويّا، وقوله تعالى: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا (آل عمران 103). فأى صلة متينة ذلك الدين الذى يربطك بالله، يثير هذا المعنى في نفسك هذا التعبير القوى المصور: حبل الله.
وقوله تعالى: وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ (الشعراء 224، 225). وقوله تعالى: لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَها عِوَجاً (آل عمران 99). وقوله تعالى: وَإِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ (الأنعام 68). وتأمل جمال أَفْرِغْ فى قوله سبحانه: رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً (الأعراف 126). وما يثيره في نفسك من الطمأنينة التى يحس بها من هدأ جسمه بماء يلقى عليه، وهذه الراحة تشبهها تلك الراحة النفسية، ينالها من منح هبة الصبر الجميل، ومن الدقة القرآنية في استخدام الألفاظ المستعارة أنه استخدم أَفْرِغْ وهى توحى باللين والرفق وعند حديثه عن الصبر، وهو من رحمته، فإذا جاء إلى العذاب استخدم كلمة (صب) فقال: فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذابٍ (الفجر 13). وهى مؤذنة بالشدة والقوة معا.
وتأمل كذلك قوة كلمة زُلْزِلُوا فى قوله تعالى: أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ (البقرة 214). ولو أنك جهدت في أن تضع كلمة مكانها ما استطاعت أن تؤدى معنى هذا الاضطراب النفسى العنيف.
وقد تحدثنا فيما مضى عن جمال التعبير في قوله تعالى: يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ (البقرة 27). وقوله سبحانه: خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ (البقرة 7). وقد يستمر القرآن في رسم الصورة المحسوسة بما يزيدها قوة تمكّن لها في النفس، كما ترى ذلك في قوله تعالى: أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ وَما كانُوا مُهْتَدِينَ (البقرة 16). فقد أكمل صورة الشراء بالحديث عن ربح التجارة والاهتداء في تصريف شئونها.
وقد يحتاج المرء إلى تريث يدرك به روعة التعبير، كما تجد ذلك في قوله تعالى: وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيها رِزْقُها رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذاقَهَا اللَّهُ لِباسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ (النحل 112). فقد يبدو أن المناسبة تقضى أن يقال: فألبسها الله لباس الجوع، ولكن إيثار الذوق هنا؛ لأن الجوع يشعر به ويذاق، وصح أن يكون للجوع لباس؛ لأن الجوع يكسو صاحبه بثياب الهزال والضنى والشحوب.
وقد يشتد وضوح الأمر المعنوى في النفس، ويقوى لديها قوة تسمح بأن يكون أصلا يقاس عليه، كما ترى ذلك في قوله سبحانه: إِنَّا لَمَّا طَغَى الْماءُ حَمَلْناكُمْ فِي الْجارِيَةِ (الحاقة 11). فهنا كان الطغيان المؤذن بالثورة والفوران أصلا يشبه به خروج الماء عن حده، لما فيه من فورة واضطراب، وعلى هذا النسق جاء قوله تعالى: وَأَمَّا عادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عاتِيَةٍ (الحاقة 6). فهذه الريح المدمرة يشبه خروجها عن حدها العتوّ والجبروت.
وقد يجسم القرآن المعنى، ويهب للجماد العقل والحياة، زيادة في تصوير المعنى وتمثيله للنفس، وذلك بعض ما يعبر عنه البلاغيون بالاستعارة المكنية، ومن أروع هذا التجسيم قوله سبحانه: وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْواحَ (الأعراف 154). ألا تحس بالغضب هنا وكأنه إنسان يدفع موسى ويحثه على الانفعال والثورة، ثم سكت وكفّ عن دفع موسى وتحريضه، ومن تعقيل الجماد قوله سبحانه: ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ (فصلت 11). وفي ذلك التعبير ما يدل على خضوعهما واستسلامهما، وقوله سبحانه: فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا أَتَيا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَما أَهْلَها فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُما فَوَجَدا فِيها جِداراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقامَهُ (الكهف 77). وكأنما الجدار لشدة وهنه وضعفه يؤثر الراحة لطول ما مر به من زمن. وقوله تعالى: وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ إِذا أُلْقُوا فِيها سَمِعُوا لَها شَهِيقاً وَهِيَ تَفُورُ تَكادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّما أُلْقِيَ فِيها فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُها أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (الملك 6 - 8). فهذا التميز من الغيظ يشعر بشدة ما جناه أولئك الكفرة، حتى لقد شعر به واغتاظ منه هذا الذى لا يحس.
وعلى هذا النسق قوله سبحانه: كَلَّا إِنَّها لَظى نَزَّاعَةً لِلشَّوى تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى (المعارج 15 - 17). ألا تحس في هذا التعبير كأن النار تعرف أصحابها
بسيماهم، فتدعوهم إلى دخولها ومنه قوله تعالى: حَتَّى إِذا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَها وَازَّيَّنَتْ (يونس 24). وفي ذلك ما يشعرك بالحياة التى تدب في الأرض، حين تأخذ زخرفها وتتزين.
هذا وقد كثر الحديث عن قوله سبحانه: وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ (الإسراء 24). ورووا ما يفهم منه أن أبا تمام قلد هذا التعبير فقال:
لا تسقنى ماء الملام، فإننى ... صبّ قد استعذبت ماء بكائى
حتى إنه يروى أن أحدهم أرسل إليه زجاجة يطلب منه فيها شيئا من ماء الملام، فقال أبو تمام: حتى تعطينى ريشة من جناح الذل. قيل: فاستحسنوا منه ذلك. وعندى أن ليس الأمر على ما ذكروه، وأن هذا التعبير كناية عن الرفق في معاملة الوالدين، وأخذهما باللين والرقة، كما تقول: «واخفض لهما الجناح ذلا» ولكن لما كان ثمة صلة بين الجناح بمعنى جانب الإنسان وبين الذل، إذ إن هذا الجانب هو مظهر الغطرسة حين يشمخ المرء بأنفه، ومظهر التواضع حين يتطامن- أجازت هذه الصلة إضافة الجناح للذل لا على معنى الملكية، فلسنا بحاجة إلى تشبيه الذل بطائر نستعير جناحه، ولكنا بحاجة إلى استعارة الجناح للجانب، وجمال ذلك هنا في أن اختيار كلمة الجناح في هذا الموضع يوحى بما ينبغى أن يظلّ به الابن أباه من رعاية وحب، كما يظل الطائر صغار فراخه.
وبما ذكرناه يبدو أن بيت أبى تمام لم يجر على نسق الآية الكريمة، فليس هناك صلة ما بين الماء والملام تجيز هذه الإضافة، ولا سيما أن إيحاء الكلمات فى الجملة لا تساعد أبا تمام على إيصال تجربته إلى قارئه، فليس في سقى الماء ما يثير ألما، ولو أنه قال: لا تجر عنى غصص الملام، لاستطاع بذلك أن يصور لنا شعوره تصويرا أدقّ وأوفى، لما تثيره هاتان اللفظتان في النفس من المشقة والألم.
*** 

الصّدق

الصّدق:
[في الانكليزية] Truth ،correctness
[ في الفرنسية] Verite ،justesse
بالكسر وسكون الدال هو ضدّ الكذب وقد سبق في لفظ الحق، وهو مشترك بين صدق المتكلّم وصدق الخبر، ولا يجري في المركّبات الغير الخبرية من التقييدية والإنشائية. فصدق المتكلّم مطابقة خبره للواقع وكذبه عدمها.
وصدق الخبر مطابقة الخبر للواقع وكذبه عدمها والمشهور أنّ وصف الخبر بالمطابقة للواقع وصف له بحال متعلّقه، فإنّ المطابق للواقع أي النسبة الخارجية التي هي حالة بين الطرفين مع قطع النظر عن تعلّقهما الأمر الذهني المتعلق بالخبر، فمطابقة ذلك الأمر الذهني للواقع بأن يكونا ثبوتيين أو سلبيين صدق وعدمها كذب. والمحقق التفتازاني ذهب إلى أنّ المطابق له هو النسبة المعقولة التي هي جزء مدلول الخبر، أعني الوقوع واللاوقوع من حيث إنّها معقولة. فاثنينية المطابق والمطابق بالاعتبار حيث قال: بيان ذلك أنّ الكلام الذي دلّ على وقوع نسبة بين شيئين إمّا بالثبوت بأنّ هذا ذاك أو بالنفي بأنّ هذا ليس ذاك. فمع النظر عمّا في الذهن من النسبة لا بدّ أن يكون [بينهما نسبة ثبوتية أو سلبية لأنّه إمّا أن يكون] هذا ذاك، أو لم يكن، فمطابقة هذه النسبة الحاصلة في الذهن المفهوم من الكلام لتلك النسبة الواقعة الخارجية بأن تكونا ثبوتيتين أو سلبيتين صدق وعدمها كذب. وهذا معنى مطابقة الكلام للواقع والخارج وما في نفس الأمر. فإذا قلت أبيع وأردت به الإخبار الحالي فلا بدّ من وقوع بيع خارج حاصل بغير هذا اللفظ تقصد مطابقته لذلك الخارج، بخلاف بعت الإنشائي فإنّه لا خارج له تقصد مطابقته بل البيع يحصل في الحال بهذا اللفظ، وهذا اللفظ موجد له. ولا يقدح في ذلك أنّ النسبة من الأمور الاعتبارية دون الخارجية للفرق الظاهر بين قولنا القيام حاصل لزيد في الخارج وحصول القيام له أمر متحقّق موجود في الخارج فإنّا لو قطعنا النظر عن إدراك الذّهن وحكمه فالقيام حاصل له.
وهذا معنى وجود النسبة الخارجية انتهى.
وقال السيّد السند إنّ المطابق للواقع هو الإيجاب والسلب، ومطابقتهما للواقع أي الأمر الخارجي هو التوافق في الكيف بأن يكونا ثبوتيين أو سلبيين، ولكلّ وجهة هو مولّيها.
وهذا الذي ذكر من تفسير الصدق والكذب مذهب الجمهور. هذا كله خلاصة ما في الأطول.
والصدق والحقّ يتشاركان في المورد ويتفارقان بحسب الاعتبار، فإنّ المطابقة بين الشيئين تقتضي نسبة كل واحد منهما إلى الآخر بالمطابقة لأنّ المفاعلة تكون من الطرفين، فإذا طابقا فإن نسبنا الواقع إلى الاعتقاد كان الواقع مطابقا بالكسر والاعتقاد مطابقا بالفتح فتسمّى هذه المطابقة القائمة بالاعتقاد حقّا، وإن عكسنا النسبة كان الأمر بالعكس فتسمّى هذه المطابقة القائمة بالاعتبار صدقا. وإنما اعتبر هكذا لأنّ الحقّ والصدق حال القول والاعتقاد دون حال الواقع. والصدق في القول هو مجانبة الكذب. وفي الفعل الإتيان به وترك الانصراف عنه قبل تمامه. وفي النيّة العزم والجزم والإقامة عليه حتى يبلغ الفعل، هكذا في كليات أبي البقاء. وقال النّظّام ومن تابعه: صدق الخبر مطابقته لاعتقاد المخبر ولو خطاء أي ولو كان ذلك الاعتقاد غير مطابق للواقع، والكذب عدمها أي عدم مطابقته لاعتقاد المخبر ولو خطاء، وصدق المتكلّم مطابقة خبره للاعتقاد وكذبه عدمها. والمراد بالاعتقاد معناه الغير المشهور وهو التصديق الشامل للظّنّ والعلم وغيرهما، إذ لو حمل على المشهور وهو الجزم القابل للتشكيك لخرج مطابقة الخبر لعلم المخبر عن حدّ الصدق، ولدخل في حدّ الكذب. فقول القائل السماء تحتنا معتقدا ذلك صدق، وقولنا السماء فوقنا غير معتقد كذب. والخبر [المعلوم] المعتقد والمظنون صادق والموهوم والمشكوك كاذبان فإنّهما لا يطابقان اعتقاد المخبر لانتفائه. وليس لك أن تقول المراد عدم مطابقة الاعتقاد مع وجوده ولا اعتقاد له في المشكوك لأنّه ينافي ما هو مذهب النّظّام من انحصار الخبر في الصادق والكاذب، ولا أن تقول الخبر المشكوك ليس بخبر لأنّه لا تصديق له بل لمدلوله لأنّا نقول الدلالة على الحكم كاف في كون الكلام خبرا. فالخبر ما يدلّ على التصديق سواء تخلّف المدلول أو لا، ولولا ذلك لم يوجد خبر كاذب على هذا المذهب لأنّ الخبر الكاذب ما خالف مدلوله اعتقاد المخبر فلا اعتقاد للمخبر بخبره ولا تصديق به فلا يكون كاذبا، لأنّه مختصّ بالخبر. واحتج النّظّام بقوله تعالى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ كذّبهم في قولهم إنّك لرسول الله مع مطابقته للخارج لأنّه لم يطابق اعتقادهم.
والجواب أنّ المعنى لكاذبون في الشهادة.
وقال الجاحظ صدق الخبر مطابقته للواقع مع الاعتقاد بأنّه مطابق وكذبه عدم مطابقته للواقع مع اعتقاد أنّه غير مطابق، وغيرهما ليس بصدق ولا كذب وهو المطابقة مع اعتقاد اللامطابقة أو بدون الاعتقاد، وعدم المطابقة مع اعتقاد المطابقة أو بدون الاعتقاد. فكلّ من الصدق والكذب بتفسيره أخصّ منه بتفسير الجمهور والنّظّام لأنّه اعتبر في كلّ منهما جمع الأمرين الذين اكتفوا بواحد منهما. وصدق المتكلّم مطابقة خبره للواقع والاعتقاد وكذبه عدمها. واستدلّ الجاحظ بقوله تعالى أَفْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَمْ بِهِ جِنَّةٌ، فإنّ الكفّار حصروا أخبار النبي عليه السلام بالحشر والنّشر في الافتراء والأخبار حال الجنّة على سبيل منع الخلو؛ ولا شكّ أنّ المراد بالثاني غير الكذب لأنّه قسيمه، وغير الصدق لأنّهم اعتقدوا عدمه. وردّ بأنّ المعنى أم لم يفتر فعبّر عنه أي عن عدم الافتراء بالجنّة لأنّ المجنون يلزمه أن لا افتراء له لأنّ الكذب عن عمد ولا عمد للمجنون، فيكون هذا حصرا للخبر الكاذب في نوعيه أعني الكذب عن عمد والكذب لا عن عمد.
فائدة:
اعلم أنّ المشهور فيما بين القوم أنّ احتمال الصدق والكذب من خواص الخبر لا يجري في غيره من المركبات المشتملة على نسبة. وذكر بعضهم أنّه لا فرق بين النسبة في المركّب الأخباري وغيره إلّا بأنّه إن عبّر عنها بكلام تام يسمّى خبرا وتصديقا كقولنا: زيد انسان أو فرس، وإلّا يسمّى مركّبا تقييديا وتصوّرا كما في قولنا يا زيد الإنسان أو الفرس. وأيا ما كان فالمركّب إمّا مطابق فيكون صادقا أو غير مطابق فيكون كاذبا. فيا زيد الإنسان صادق ويا زيد الفرس كاذب ويا زيد الفاضل محتمل. وردّه المحقّق التفتازاني بما حاصله أنّه إن أراد هذا البعض أنّه لا فرق بينهما أصلا فليس بصحيح لوجوب علم المخاطب بالنسبة في المركّب التقييدي دون الأخباري، حتى قالوا إنّ الأوصاف قبل العلم بها أخبار كما أنّ الأخبار بعد العلم بها أوصاف. وإن أراد أنّه لا فرق بينهما بحسب احتمال الصدق والكذب فكذلك لما ذكره الشيخ من أنّ الصدق والكذب إنّما يتوجهان إلى ما قصده المتكلّم إثباته أو نفيه، والنسبة [الوصفية] ليست كذلك. ولو سلّم فإطلاق الصدق والكذب على المحرك الغير التام مخالف لما هو المعتمد في تفسير الألفاظ، أعني اللغة والعرف. وإن أراد تجديد اصطلاح فلا مشاحة فيه. قال السيّد السّند: والحقّ أن يقال إنّ النّسب الذهنية في المركّبات الخبرية تشعر من حيث هي هي بوقوع نسب أخرى خارجة عنها، فلذلك احتملت عند العقل مطابقتها ولا مطابقتها وأمّا النّسب في المركّبات التقييدية فلا إشعار لها من حيث هي هي بوقوع نسب أخرى تطابقها أو لا تطابقها، بل ربما أشعرت بذلك من حيث إنّ فيها إشارة إلى نسب خبرية. بيان ذلك أنّك إذا قلت زيد فاضل فقد اعتبرت بينهما نسبة ذهنية على وجه تشعر بذاتها بوقوع نسبة أخرى خارجة عنها وهي أنّ الفضل ثابت له في نفس الأمر، لكن تلك النسبة الذهنية لا تستلزم هذه الخارجية استلزاما عقليا. فإن كانت النسبة الخارجية المشعر بها واقعة كانت الأولى صادقة وإلّا كاذبة. وإذا لاحظ العقل تلك النّسبة الذهنية من حيث هي هي جوّز معها كلا الأمرين على السّواء، وهو معنى الاحتمال. وأمّا إذا قلت يا زيد الفاضل فقد اعتبرت بينهما نسبة ذهنية على وجه لا تشعر من حيث هي أنّ الفضل ثابت له في الواقع بل من حيث إنّ فيها إشارة إلى معنى قولك زيد فاضل، إذ المتبادر إلى الأفهام أن لا يوصف شيء إلّا بما هو ثابت له. فالنّسبة الخبرية تشعر من حيث هي بما يوصف باعتباره بالمطابقة واللامطابقة أي الصدق والكذب، فهي من حيث هي محتملة لهما. وأمّا التقييدية فإنّها تشير إلى نسبة خبرية والإنشائية تستلزم نسبا خبرية، فهما بذلك الاعتبار تحتملان الصدق والكذب. وأمّا بحسب مفهوميهما فلا. وقال صاحب الأطول التحقيق الذي يعطيه الفكر العميق والذّكاء الدقيق أنّ النسبة التي لها خارج هي التي تكون حاكية عن نسبة. فمعنى ثبوت الخارج [لها] ليس إلّا كونه محكيّا، ونسب الإنشاءات ليست حاكية بل محضرة لتطلّب وجودها أو عدمها أو معرفتها أو يتحسّر على فوتها إلى غير ذلك، وكذا نسب التقييديات ليست حاكية بل محضرة لتتعين به ذات. ومعنى مطابقتها للخارج أن يكون حكايتها على ما هو عليه فلا خارج للإنشاء هذا.
والصدق عند أهل الميزان يستعمل أيضا لمعنيين آخرين، فإنّه قد يستعمل في المفردات وما في حكمها من المركّبات التقييدية، ومعناه حينئذ الحمل، ويستعمل بعلى فيقال الكاتب صادق على الإنسان أي محمول عليه. وقد يستعمل في القضايا ومعناه حينئذ الوجود والتحقّق في الواقع، ويستعمل بفي فيقال هذه القضية صادقة في نفس الأمر أي متحقّقة فيها، حتى إذا قيل كلّما صدق كل ج ب بالضرورة صدق كل ج ب دائما كان معناه كلّما تحقّق في نفس الأمر مضمون القضية الأولى تحقّق فيها مضمون الثانية. والفرق بين الصدق بهذا المعنى وبين الصدق بمعنى مطابقة حكم القضية للواقع كما هو مآل المعنى الأول يظهر في القضية التي تتحقّق نسبتها في الاستقبال، فإنّ هذه القضية صادقة في الحال بمعنى مطابقة حكمها وليست بصادقة بمعنى عدم تحقّق نسبتها، إذ لم تتحقّق النسبة بعد، بل سوف تتحقّق. هكذا يستفاد ممّا حقّقه السيّد السّند في حواشي شرح المطالع.
وعند أهل السلوك هو استواء السّرّ والعلانية وذلك بالاستقامة مع الله تعالى ظاهرا وباطنا سرّا وعلانية، وتلك الاستقامة بأن لا يخطر بباله إلّا الله. فمن اتّصف بهذا الوصف أي استوى عنده الــجهر والسّر وترك ملاحظة الخلق بدوام مشاهدة الحقّ يسمّى صديقا، كذا في مجمع السلوك. وقيل الصدق قول الحقّ في مواطن الهلاك. وقيل أن تصدق في موضع لا ينجّيك منه إلّا الكذب. قال القشيري: الصدق أن لا يكون في أحوالك شيب ولا في اعتقادك ريب ولا في أعمالك عيب، كذا في الجرجاني.

حَقْلٌ

حَقْلٌ:
بالفتح ثم السكون، وهو المزرعة كما ذكرنا:
واد كثير العشب من منازل بني سليم، قال العباس ابن مرداس:
وما روضة من روض حقل تمتعت ... عرارا وطبّاقا ونخلا توائما
التوائم: المضاعف من روض حقل، وقوله عرارا أي تمتع عرارها كقولهم حسن وجها أي حسن وجهه، وقال عرّام: يقال لوادي آرة وهو جبل حقل.
وحقل الرّخامى: موضع آخر، قال الشماخ:
أمن دمنتين عرّج الرّكب فيهما ... بحقل الرّخامى قد عفا طللاهما
أقامت على ربعيهما جارتا صفا، ... كميتا الأعالي جونتا مصطلاهما
وحقل أيضا: مكان دون أيلة بستة عشر ميلا، كان لعزة صاحبة كثيّر، فيها بستان، فقال:
سقى دمنتين، لم نجد لهما أهلا، ... بحقل لكم يا عزّ قد زانتا حقلا
نجاء الثّريّا، كل آخر ليلة، ... تجودهما جودا وتردفه وبلا
وقال ابن الكلبي: حقل ساحل تيماء، وقال أبو سعد:
حقل قرية بجنب أيلة على البحر، ونسب إليها أبو محمد عبد الله بن عبد الحكم بن أعين الحقلي مولى نافع مولى عثمان بن عفان، رضي الله عنه، كان إماما فقيها فاضلا، توفي في شهر رمضان سنة 224، ومولده سنة 154. والحقل أيضا، مخلاف الحقل:
باليمن، ويقال له حقل جهران، وقال ابن الحائك:
الحقل من بلاد خولان من نواحي صعدة، كانت
خولان قتلت فيه أخا للعباس بن مرداس السّلمي، فقال:
فمن مبلغ عوف بن عمرو رسالة، ... ويعلى بن سعد من ثئور يراسله
بأني سأرمي الحقل يوما بغارة، ... لها منكب حان تدوّي زلازله
أقام بدار الغور في شر منزل، ... وخلى بياض الحقل تزهى خمائله
قلت: هذا الشعر يري أن الحقل في البيت الثاني هو حقل صعدة الذي قتل أخوه فيه، فهو يتوعد أهله بالغارة، والحقل في البيت الأخير هو حقل بني سليم المقدم ذكره لأنه يتأسف لأخيه إذ أقام بالغور، يعني قتل هناك وترك الحقل الذي هو بلاده وخمائله وهي رياض زاهية، والله أعلم، وقال إبراهيم بن كنيف النبهاني:
ملكنا حقل صعدة بالعوالي، ... ملكنا السهل منها والحزونا
وفي كتاب أبي المنذر هشام بن محمد: الحقل اسم رجل سمّي به هذا الموضع، وهو ذو قباب بن مالك ابن زيد بن سهل بن عمرو بن قيس بن معاوية بن جشم ابن عبد شمس بن وائل بن الغوث بن أيمن بن الهميسع ابن حمير. وحقل أيضا: قرية لبني درماء من طيّء في أجإ. وحقل أيضا: قرية بالخرج، وهو واد باليمامة.

علم آفات اللسان

علم آفات اللسان
وآفاته: إنما هي في التكلم بما لا يعنيه. وهو أن تتكلم ما لو سكت عنه لم تأثم ولم تتضرر في حال أو مآل لأنك إن حكيت بعض الحكايات وأنت صادق فيها فقد ضيعت أوقاتك وإن زدت فيها أو نقصت عنها فأنت آثم لأن ذلك كذب.
مثلا: إذا سألت رجلا: هل أنت صائم؟ فإن سكت فقد تأذيت وإن قال: لا فقد كذب وإن قال: نعم استبدل سر عمله جهرا فدخل عليه الرياء.
وتفاصيل أنواع الآفات بحسب أنواع الكلام مذكورة في المقولات.

علم مخارج الحروف

علم مخارج الحروف
وهذا علم يبحث فيه عن أحوال الألفاظ العربية خارجة وإنها من أي موضع تخرج ويبحث عن صفاتها من الــجهر والهمس وأمثالهما وقد تقدم في فروع علم الألفاظ لأنه يمكن أن يجعل فرعا لهذين العلمين لكن من جهتين هكذا في مدينة العلوم في آخر الكتاب.
وقال في كشف الظنون: هو من فروع القراءة والتصريف ثم قال في المدينة بموضع آخر ما لفظه: وهو تصحيح مخارج الحروف كيفية وكمية وصفاتها العارضة لها بحسب ما تقتضيه طباع العرب.
فموضوعه بسائط الحروف العربية بحسب مخارجها وصفاتها ومباديه بعضها بديهي وبعضها استقرائي. ويستمد من العلم الطبيعي وعلم التشريح.
وغرضه تحصيل ملكة إيراد تلك الحروف في المخارج على ما هي عليه في لسان العرب.
وغايته الأولية الاحتراز عن الخطأ في لفظ كلام العرب بحسب مخارج حروفه وغايته الأخرية القدرة على قراءة القرآن كما أنزل بحسب مخارج حروفها وصفاتها ولقد صنف الشيخ الجزري في هذا العلم أرجوزة هي مقدمة لهذا الفن وعليها شرح لولد المصنف.
قال في مدينة العلوم: وشرحتها أنا في عنفوان الشباب وانتفع بذلك بحمد الله تعالى كثير من الأحباب ولقد أدرج الشيخ الشاطبي في قصيدته ما فيه كفاية في هذا الفن ولا يرجى المزيد عليها انتهى كلام الأرنيقي رحمه الله تعالى.

علم المعمى

علم المعمى
كتاب المعمى المسمى بألفية الشريف للسيد الشريف المعمائي فارسي ذكر فيه أنه صنع بيتا واحدا خرج منه ألف اسم بطريق التعمية مع التزام تعدد الإيهام في كل اسم والبيت هذا:
أزقد وأبر وبديد آن ماه جهر ... موج آبى ديده أم بالآي مهر
جون: أغلب وأكثر آنست كه أزيك معمايك اسم بيدا آيد بنابر آن خر وخرده وان برسبيل استعجاب بزبان مي آروع كه بيك خانة تنك اين همه مهمان عجب ست. ثم بين استخراج الأسماء من هذا البيت في مجلد ضخم وقال في اسمه وتاريخه:
بيتي كه يك كتاب بوددر بيان أو ... معلوم نسيت كفته كسى غيراين ضعيف
كرده شريف تعميه دروى هزار نام ... زان رو لمقب ست بالفية الشريف
ألفه في سنة ثمان وتسعمائة ورتبه على مقدمة وثمان وعشرين مقالة وخاتمة والكتب المؤلفة في المعميات كثيرة ما بين مطول منها ومختصر قال في مدينة العلوم علم المعمى مثاله: الأخذ عد موسى مرتين ... وضع أصل الطبائع تحت ذين
وسكن خان شطرنج فخذها ... وادرج بين ذين المدرجين
فهذا اسم من يهواه قلبي ... وقلب جميع من في الخافقين
واعلم أن أكثر من يعتني باللغز العرب لكن لم يدونوه في الكتب وأكثر من يعتني بالمعمى أهل فارس ولهذا وقع جل التصانيف في المعمى على لسان الفرس وقد رتبوا له قواعد عجيبة وتقسيمات غريبة وتنويعات لطيفة وأما ما يوجد في لسان العرب فشيء نزر جدا ولقد وجدت في لسان العرب خمسة معميات فقط مع شدة تنقيري له وكثرة تتبعي عنه على أنه لم يقع في مرتبة لطافة أهل فارس الذي لو كان العلم عند الثريا لتناوله رجال منهم وإن أردت صدق هذا المقال فارجع إلى كتاب مولانا عبد الرحمن الجامي قدس سره خصوصا كتاب مولانا حسين المعمائي فإنك إن طالعته وجدته السحر الحلال وترى فيه العجب العجاب انتهى.
أقول: علم المعمى واللغز ليس مبنيا على أصل كلي وليست له قواعد وضوابط معينة مشخصة حتى يرجع إليها بل بناءه على خيال المعمائي وفكره وما أشده خرافة في العلوم وأكثره إضاعة للوقت بلا فائدة ترجع إلى أمر من الدين والدنيا وأكثر من ضيع به أوقاته الفرس ولهذا لا يوجد في علوم العرب إلا أقل قليل وهو أيضا باتباع العجم. والحديث المتقدم ليس المراد به علم المعمى وما يليه كما زعم صاحب1 مدينة العلوم بل المقصود منه علم الدين من الكتاب والسنة المطهرة كما ظهر مصداقه في أصحاب الحديث سيما البخاري ومسلم وليس المعمى من العلم في شيء حتى يستدل بالحديث عليه فما أبرد هذا الاستدلال وما أضعفه من الأقوال.

اخذ

اخذ

1 أخَذَ, (S, A, L, &c.,) in the first Pers\. of which, أَخَذْتُ, [and the like,] the ذ is generally changed into ت, and incorporated into the [augmentative] ت, [but in pronunciation only, for one writes أَخَذتُّ and the like,] aor. ـُ imperative خُذْ, originally اؤْخُذْ, (S, L,) which latter form sometimes occurs, [but with و in the place of ؤْ when the ا is pronounced with damm,] (TA,) inf. n. أَخْذٌ (S, L, Msb, K, &c.) and تَأْخَاذٌ, (S, L, K,) the latter having an intensive signification; (MF;) and وَخَذَ is a dial. var., as mentioned by Ibn-Umm-Kásim and others on the authority of AHei; (MF in art. تخذ;) He took; he took with his hand; he took hold of; (S, A, L, Msb, K;) a thing. (S, L.) You say, خُذِ الخِطَامَ and خُذْ بِالخِطَامَ Take thou, or take thou with thy hand, or take thou hold of, the nose-rein of the camel: (S, L, Msb:) the ب in the latter phrase being redundant. (Msb.) [And أَخَذَ بِيَدِهِ, lit. He took his hand, or arm; meaning (assumed tropical:) he aided, or assisted, him: a phrase of frequent occurrence.] And أَخَذَ عَلَىيَدِ فُلَانٍ (assumed tropical:) He prevented, restrained, or withheld, such a one from doing that which he desired; as though he laid hold upon his hand, or arm: (L:) and أَخَذَ عَلَى يَدِهِ دُونَ مَا يُرِيُدهُ [signifies the same]. (K in art. لغد.) b2: Also, inf. n. أَخْذٌ, He took, or received; contr. of أَعْطَي. (L.) [Hence,] أَخَذَ عَنْهُ, (assumed tropical:) He received from him traditions, and the like. (TA passim.) b3: (assumed tropical:) [He took, or derived, or deduced, a word, a phrase, and a meaning.] b4: (tropical:) He took, received, or admitted, willingly, or with approbation; he accepted. (B, MF.) So in the Kur [vii. 198], خُذِ العَفْوَ (tropical:) [Take thou willingly, or accept thou, superfluous property, or such as is easily spared by others]. (MF.) So too in the same [iii. 75], وَ أَخَذتُّمْ عَلَي ذٰلِكُمْ إِصْرِى (tropical:) [And do ye accept my covenant to that effect?]. (B.) [And in the phrases, أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ بِالعَمَلِ بِمَا فِي التَّوْارَاةِ, (Jel ii. 60,) and عَلَي العَمّلِ بما في التوارة, (Idem ii. 87,) (assumed tropical:) We accepted your covenant to do according to what is in the Book of the Law revealed to Moses.] خُذْ عَنْكَ [is elliptical, and] means خُذْ مَا أَقُولُ وَدَع عَنْكَ الشَّكَ والمِرآءَ (assumed tropical:) [Accept thou what I say, and dismiss from thee doubt and obstinate disputation]. (S, L.) b5: He took a thing to, or for, himself; took possession of it; got, or acquired, it; syn. حَازَ; (Z, Er-Rághib, B;) which, accord. to Z and Er-Rághib and others, is the primary signification; (MF;) and حَصَّلَ. (B.) [See also 8.] b6: [He took and kept;] he retained; he detained: as in the Kur [xii. 78], فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ [Therefore retain thou one of us in his stead]. (B.) b7: [He took, as meaning he took away. Hence,] أَخَذَ مِنْهُ السَّيْرُ Journeying, or travel, took from him strength; (القُوَّةَ being understood;) weakened him. (Har p. 529.) and أَخَذَ مِنَ الشَّارِبِ, (Mgh,) and مِنَ الشَّعَرِ, (Msb,) He clipped, or cut off from, (Mgh, Msb,) the mustache, (Mgh,) and the hair. (Msb.) b8: He, or it, took by force; or seized: (B:) (assumed tropical:) he, or it, overcame, overpowered, or subdued: said by some to be the primary signification. (MF.) [See also أَخَذَهُ عَلْوَّا, &c., in art. علو: and أَخَذَهُ مِنْ فَوْقُ, &c., in art. فوق.] It is said in the Kur [ii. 256], لَا تَأْخُذُهُ سِنَةِ وَ لَا نَوْمٌ (assumed tropical:) Neither drowsiness nor sleep shall seize [or overcome] Him. (B.) [and you say, أَخَذَتْهُ رِعْدَةٌ (assumed tropical:) A tremour seized, took, affected, or influenced, him. And أَخَذَهُ بَطْنُهُ (assumed tropical:) His belly affected him with a desire to evacuate it.] You say also, أَخَذَ فِيهِ الشَّرَابُ (assumed tropical:) The wine affected him, or influenced him, so that he became intoxicated. (TA in art. ثمل.) And أَخَذَ الرَّأْسَ (Msb in art. سور, &c.) and أَخَذَ بِالرَّأْسِ (K in art. حمى, &c.) (assumed tropical:) [It had an overpowering influence upon the head]; meaning wine. (Msb, K.) and أَخَذَ بِالحَلْقِ [It (food, &c.) choked]. (IAar in art. نشب in the TA, and S in art. بشع, &c.) and لَا يَأْخُذُ فِيهِ قَوْلُ قَائِلٍ (assumed tropical:)[Nothing that any one may say will have any power, or effect, or influence, upon him]; meaning that he obeyeth no one. (L in art. ليت.) b9: He took captive. (L, Msb, B.) So in the Kur [ix. 5], فَاقْتُلُوا المُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ [Then slay ye the believers in a plurality of gods wherever, or whenever, ye find them, and take them captives]. (Bd, L, B.) b10: See also 2, in three places. b11: He gained the mastery over a person, and killed, or slew, him; (Zj, L;) as also ↓ آخَذَ: (L:) or simply, (assumed tropical:) he killed, or slew. (B.) It is said in the Kur [xl. 5], وَهَمَّتْ كُّلُ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ, meaning [And every nation hath purposed against their apostle] that they might gain the mastery over him, and slay him; (Zj, L;) or (assumed tropical:) that they might slay him. (B.) b12: (assumed tropical:) He (God, Msb) destroyed a person: (Msb, MF:) and (assumed tropical:) extirpated, or exterminated. (MF.) فَأَخَذَهُمُ اللّٰهُ بِذُنُوبِهِمْ [in the Kur iii. 9 and xl. 22] means But God destroyed them for their sins. (Jel.) b13: (tropical:) He punished, or chastised; (L, Msb, B, K, MF;) as also ↓ آخَذَ: (L, Msb, MF:) as in the phrases, أَخَذَهُ بِذَنْبِهِ (Msb, K *) and بِهِ ↓ آخَذَهُ, inf. n. of the latter مُؤَاخَذَةٌ, (S, L, Msb, K,) (tropical:) he punished, or chastised, him for his sin, or offence: (Msb:) and أُخِذَ بِذَنْبِهِ means (assumed tropical:) he was restrained and requited and punished for his sin, or offence: (L:) or, accord. to some, أَخَذَ signifies he extirpated, or exterminated; and ↓ آخذ he punished, or chastised, without extirpating, or exterminating. (MF.) [For ↓ آخذ,] some say وَاخَذَ, (S, L,) which is not allowable, (K,) accord. to some; but accord. to others, it is a chaste form; (MF;) of the dial. of El-Yemen, and used by certain of the seven readers [of the Kur-án] in the instance of لَا يُوَاخِذُكُمُ اللّٰهُ [ii. 225 and v. 91]; and the inf. N. in that dial. Is مُوَاخَذَةٌ, and the imperative is وَاخِذْ. (Msb.) b14: (tropical:) He made a violent assault upon a person, and wounded him much. (K, TA.) [You say also, أَخَذَهُ بِلِسَانِهِ, meaning (assumed tropical:) He assailed him with his tongue; vituperated him; spoke against him.] b15: [He took, took to, or adopted.] You say, أَخَذَ أَخَذَهُمْ and إِخْذَهُمْ &c.: see أَخْذٌ, below. And أَخَذَ فِى طَرِيقِ كَذَا [He took such a road]: and أَخَذَ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ يَسَارِهِ [he took the way by, or on, the right of him, or it, or the left of him, or it]. (S in art. نظر.) [And أَخَذَ بِالحَزْمِ, and فِي الحَزْمِ, (the former the more common, the latter occurring in art. حوط in the K,) (assumed tropical:) He took the course prescribed by prudence, discretion, precaution, or good judgment; he used precaution: and, like أَخَذَ بِالثِّقَهِ, (assumed tropical:) he took the sure course in his affair.] And أَخَذَ حِذْرَهُ (assumed tropical:) He took care; became cautious, or vigilant. (Bd in iv. 73 and 103.) [And أَخَذَ بِمَا قَالَ فُلَانٌ (assumed tropical:) He took to, or adopted and followed, or adhered to, what such a one said: see Har p. 367; where it is said that اخذ when thus used is made trans. by means of ب because it implies the meaning of تَشَبَّثَ.] b16: He took to, set about, began, or commenced; as in the saying, أَخَذَ يَفْعَلُ كَذَا He took to, set about, began, or commenced, doing such a thing; in which case, accord. to Sb, اخذ is one of those verbs which do not admit of one's putting the act. part. n. in the place of the verb which is its enunciative: [i. e., one may not say فَاعِلًا in the place of يفعل in the phrase above:] and as in أَخَذَ فِى كَذَا He began, commenced, or entered upon, such a thing. (L.) b17: [It is used in a variety of other phrases, in which the primary meaning is more or less apparent; and several of these will be found explained with other words occurring therein. The following instances may be here added.] b18: طَرِيقٌ يَأْخُذُ فِى رَمْلَةٍ [A road leading into, or through, a tract of sand]. (K in art. فرز.) And أَخَذَ بِهِمُ الطَّرِيقُ فِى غَيْرِ المَحَجَّةِ [The road lead them otherwise than in the beaten track]. (T * and A in art. بهرج.) b19: مَا أَخَذَتْكَ عَيْنِى مُنْذُ حِينٍ (assumed tropical:) My eye hath not seen thee for some time; like مَاظَفِرَتْكَ. (T in art. ظفر.) and مَا فِي الحَىِّ أَحَدٌ تَأْخُذُهُ عَيْنِي [explained to me by Ibr D as meaning (assumed tropical:) There is not in the tribe any one whom my eye regards as worthy of notice or respect by reason of his greatness therein]. (TA in art. جهر.) b20: أَخَذْتُ عِنْدَهُ يَدَى, and مَعْروفاً: see 8.

A2: أَخِذَ, aor. ـَ inf. n. أَخَذٌ, (S, L, K,) He (a young camel) suffered heaviness of the stomach, and indigestion, from the milk: (S:) or became disordered in his belly, and affected with heaviness of the stomach, and indigestion, from taking much milk. (L.) b2: He (a camel, L, K, or a sheep or goat, L) became affected by madness, or demoniacal possession; (K;) or by what resembled that. (L.) b3: أَخِذَتْ عَيْنُهُ, aor. ـَ inf. n. أَخَذٌ, His eye became affected by inflammation, pain, and swelling, or ophthalmia. (Ibn-Es-Seed, L, K. *) A3: أَخُذَ, aor. ـُ inf. n. أُخُوذَةٌ, It (milk) was, or became, sour. (K.) [See آخِذٌ.]2 أَخَّذَتْهُ, (S, L, K, *) inf. n. تَأْخِيذٌ, (S, L,) She captivated, or fascinated, him, (namely, her husband,) and restrained him, by a kind of enchantment, or charm, and especially so as to withhold him from carnal conversation with other women; (S, * L, K, * TA;) as also ↓ أَخَذَتْهُ; and ↓ آخَذَتْهُ [of which the inf. n. is app. إِيخَاذٌ]. (L, TA.) A woman says, أُؤَخِّذُ جَمَلِى I captivate, or fascinate, my husband, by a kind of enchantment, or charm, and withhold him from other women. (L, from a trad.) And one says, of a man, يُؤَخِّذُ عَنِ امْرَأَتِهِ He withholds others [by a kind of enchantment, or charm,] from carnal conversation with his wife. (Msb.) The sister of Subh El-'Ádee said, in bewailing him, when he had been killed by a man pushed towards him upon a couch-frame, or raised couch, أَخَذتُّ ↓ عَنْكَ الرَّاكِبَ وَالسَّاعِىَ وَالمَاشِىَ والقَاعِدَ وَالقَائِمَ وَلَمْ آخُذْ عَنْكَ النَّائِمَ [I withheld from thee by enchantment the rider and the runner and the walker and the sitter and the stander, and did not so withhold from thee the prostrate]. (L.) And one says of a beautiful garment, القُلُوبَ مَأْخَذَهُ ↓ أَخَذَ [It captivated hearts in a manner peculiar to it]: (K in art. حصر: [in the CK, incorrectly, اَخَذَت and القُلُوبُ:]) and اخذ بِقَلْبِهِ [He, or it, captivated his heart; or] he [or it] pleased him, or excited his admiration. (TA in art. اله.) A2: أخّذ اللَّبَنَ, inf. n. as above, He made the milk sour. (K.) [See آخِذٌ.]3 آخذ, inf. n. مُؤَاخَذَةٌ: see 1, in the middle portion of the paragraph, in five places.4 آخذ, inf. n., app., إِيخَاذٌ: see 2.8 ائتخذ [written with the disjunctive alif اِيتَخَذَ] occurs in its original form; and is changed into اتَّخَذَ [with the disjunctive alif اِتَّخَذَ]; this being of the measure افتعل from أَخْذُ, the [radical]

ء being softened, and changed into ت, and incorporated [into the augmentative ت]: hence, when it had come to be much used in the form of افتعل [thus changed], they imagined the [former] ت to be a radical letter [unchanged], and formed from it a verb of the measure فَعِلَ, aor. ـْ saying, تَخِذَ, aor. ـْ (S, L, Msb, *) inf. n. تَخَذٌ and تَخْذٌ: (Msb:) and ↓ اسْتَخَذَ [written with the disjunctive alif اِسْتَخَذَ], of which exs. will be found below, is also used for اتّخذ; one of the two ت s being changed into س, like as س is changed into ت in سِتٌّ [for سِدْسٌ]: or استخذ may be of the measure استفعل from تَخِذَ; one of the two ت s being suppressed; after the manner of those who say ظَلْتُ for ظَلِلْتُ: (S, L:) and IAth says that اتّخذ, in like manner, is of the measure افتعل from تَخِذَ; not from أَخَذَ: (L and K in art. تخذ:) but IAth is not one who should contradict J, whose opinion on this point is corroborated by the fact that they say اتَّزَرَ from إِزَارٌ, and اتَّمَنَ from أَمْنٌ, and اتَّهَلَ from أَهْلٌ; and there are other instances of the same kind: or, accord. to some, اتّخذ is from وَخَذَ, a dial. var. of أَخَذَ, and is originally اِوْتَخَذَ. (MF.) [The various significations of اتّخذ and تَخِذَ and استخذ will be here given under one head.] b2: You say, إِئْتَخَذُوا فِى القِتَالِ, (S, L, K, *) and فى الحَرْبِ, (Msb,) with two hemzehs, (S, L, K,) or, correctly, إِيتَخَذُوا, with one hemzeh, [or اِيتَخَذُوا,] as two hemzehs cannot occur together in one word, (marginal note in a copy of the S,) [but in a case of wasl, the first hemzeh being suppressed, the second remains unchanged,] They took, or seized, (أَخَذُوا,) one another (S, L, Msb, K) in fight, (S, L,) and in war; (Msb;) and so اِتَّخَذُوا. (Msb.) And اِيتَخَذَ القَوْمُ The people, of company of men, wrestled together, each taking hold in some manner upon him who wrestled with him, to throw him down. (L, TA.) b3: [اتّخذ, as also ↓ استخذ, and] تَخِذَ, aor. ـَ (K in art. تخذ,) inf. n. تَخَذَ and تَخْذٌ, (TA in art. تخذ,) likewise signifies i. q. أَخَذَ, (K in art. تخذ, and B and TA in the present art.,) as meaning He took a thing to, or for, himself; took possession of it; got, or acquired, it; syn. حَازَ and حَصَّلَ. (B, TA.) Some read, [in the Kur, xviii. 76,] لَتَخِذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً [Thou mightest assuredly have taken for thyself a recompense for it]: (S, L, K in art. تخذ, and TA in the present art.:) this is the reading of Mujáhid, (Fr, TA,) and is authorized by I'Ab, and is that of Aboo-'Amr Ibn-El-'Alà and Az, and so it is written in the model-copy of the Kur, and so the readers [in general] read: (AM, L, TA:) so read Ibn-Ketheer and the Basrees; he and Yaakoob and Hafs pronouncing the ذ; the others incorporating it [into the ت]: (Bd:) some read لااتَّخَذتَّ; (L and K in art. تخذ;) but these read at variance with the scripture. (AM, L, TA.) أَرْضاً ↓ استخذ is a phrase mentioned by Mbr as used by some of the Arabs, (S, L,) and signifies i. q. اِتَّخَذَهَا [He took for himself a piece of land]. (S, L, K.) And اتّخذ وَلَدَّا [in the Kur, ii. 110, &c.,] signifies He got a son, or offspring. (Bd &c. See also below.) And تَخِذَ, aor. ـَ inf. n. تَخَذٌ and تَخْذٌ, also signifies He gained, acquired, or earned, wealth, (L, and Msb in arts. اخذ and تخذ,) or a thing. (Msb.) b4: عَلَيْهِمْ يَدًا ↓ استخذ and عِنْدَهُمْ signify alike, i. q. اتّخذ [He did to them a benefit, or favour; as though he earned one for himself in prospect, making it to be incumbent on them as a debt to him]: (ISh:) and اِتَّخَذْتُ عِنْدَهُ مَعْروفًا means [in like manner, as also عنده معروفا ↓ أَخَذْتُ, and يَدَّا, (and اِتَّخَذَ فِيهِ حُسْناً has a similar meaning; see Kur xviii.

85;)] I did to him a benefit, or favour; syn. أَسْدَيْتُهُ إِلَيْهِ. (Msb in art. سدي.) b5: اتّخذ also signifies He made a thing; syn. عَمِلَ; like تَخِذَ, [aor. ـَ inf. n. تَخَذٌ and تَخْذٌ: (L:) he made, or manufactured, a bow, a water-skin, &c., مِنْ كَذَا of such a thing: he made, or prepared, a dish of food, a medicine, &c.: either absolutely or for himself. (The Lexicons passim.) b6: Also He made, or constituted, or appointed; syn. جَعَلَ; doubly trans.; (B, Msb;) and so تَخِذَ. (Msb in art. تخذ.) You say, اتّخذهُ صَدِيقًا He made him [or took him as] a friend; (Msb in the present art.;) and so تَخِذَهُ. (Idem in art. تخذ.) And اتّخذهُ هُزُؤًا [in the Kur ii. 63 and 231, &c.,] means He made him, or it, a subject of derision. (Bd, Jel.) And اتّخذهُ وَلَدًا [in the same, xii. 21 and xxviii. 8,] He made him, or took or adopted him as, a son. (Bd. See also above.) 10 اسْتَخَذَ, written with the disjunctive alif اِسْتَخَذَ: see 8, in four places. [Other meanings may be inferred from explanations of مُسْتَأْخِذٌ, q. v. infrà.]

أَخْذٌ inf. n. of أَخَذَ, q. v. b2: (assumed tropical:) A way, or manner, of life; as also ↓ إِخْذٌ. (S, L, K.) You say, ذَهَبَ بَنُو فُلَانٍ وَمَنْ أَخَذَ أَخْذَهُمْ, (S, L, K, *) and ↓ إِخْذَهُمْ, (L, K,) the former of the dial. of Temeem, and the latter of the dial. of El-Hijáz, (TA,) meaning (assumed tropical:) The sons of such a one went away, or passed away, and those who took to their way of life, (S, L, K,) and adopted their manners, or dispositions: (K:) and مَنْ أَخَذَ أَخْذُهُمْ and ↓ إِخْذُهُمْ, and مَنْ أَخَذَ أَخْذُهُمْ [in the CK اَخْذُهُمْ] and ↓ إِخْذُهُمْ, signify [virtually] the same: (K:) or مَنْ أَخَذَهُ أَخْذُهُمْ and ↓ إِخْذُهُمْ signify [properly] مَنْ أَخَذَهُ أَخْذُهُمْ وَسِيرَتُهُمْ [those whom their way of life took, or influenced]. (ISk, S L.) One says also, اسْتُعْمِلَ فُلَانٌ عَلَ الشَّامِ

↓ وَمَا أَخَذَ إِخْذَهُ, with kesr, meaning (assumed tropical:) [Such a one was appointed prefect over Syria,] and he did not take to that good way of life which it was incumbent on him to adopt: you should not say أَخْذَهُ: (AA, S, L:) or it means and what was adjacent to it: (Fr, L:) or, accord. to the Wá'ee, one says, in this case, ↓ وَمَا أَخَذَ إِخْذَهُ and أَخْذُهُ and ↓ أُخْذُهُ, with kesr and fet-h and damm [to the hemzeh, and with the ذ marfooah, as in instances before]. (Et-Tedmuree, MF.) One also says, ↓ لَوْ كُنْتَ مِنَّا لَأَخَذتَّ بِإخْذِنَا, (S, L,) with kesr to the ا, (L,) [in a copy of the S بِأَخْذِنَا, which seems to be also allowable, accord. to the dial. of Temeem,] meaning Wert thou of us, then thou hadst taken to, or wouldst take to, our manners, or dispositions, and fashion, (S, L,) and garb, and way of life. (L.) The words of the poet, فَلَوْ كُنْتُمْ مُنَّا أَخَذْنَا بِإِخْذِكُمْ IAar explains as meaning And were ye of us, we had caught and restored to you your camels: but no other says so. (L.) b3: نُجُومُ الأَخْذِ The Mansions of the Moon; (S, L, K;) also called نُجُومُ الأَنْوَآءٌ; (L; [see art. نوء;]) called by the former appellation because the moon every night enters (يَأْخُذُ فِى) one of those mansions: (S, L:) or the stars which are cast at those [devils] who listen by stealth [to the conversations of the angels]: (L, K:) but the former explanation is the more correct. (L.) b4: See also إِخَاذْ.

أُخْذٌ, whence مَا أَخَذَ أُخْذُهُ: see أَخْذٌ. b2: It is also a pl. of إِخَاذٌ; (S, L;) and of إِخْذٌ or إِخْذَةٌ, explained below with إِخَاذٌ. (L.) إِخْذٌ [The act of taking, taking with the hand, &c.], a subst. from أَخَذَ. (S, L, Msb.) b2: See also أَخْذٌ, in nine places. b3: And see إِخَاذٌ. b4: Also A mark made with a hot iron upon a camel's side when a disease therein is feared. (K.) أَخَذٌ Heaviness of the stomach, and indigestion, of a young camel, from the milk. (K.) [See أَخِذَ.] b2: See also أُخُذٌ.

أَخِذٌ A young camel disordered in his belly, and affected with heaviness of the stomach, and indigestion, from taking much milk. (Az, Fr, L.) [See also صَبْحَانُ.] b2: A camel, or a young camel, or a sheep or goat, affected by what resembles madness, or demoniacal possession. (L.) b3: A man affected with inflammation of the eye; with pain and swelling of the eye; with ophthalmia; (S, L;) as also ↓ مُسْتَأْخِذٌ. (L.) See also this latter. b4: See also آخِذٌ.

أُخُذٌ (S, L, K) and ↓ أَخَذٌ, (Ibn-Es-Seed, L, K,) which latter is the regular form, (L,) Inflammation of the eye; pain and swelling of the eye; ophthalmia. (S, L, K.) أَخْذَةٌ [inf. n. un. of أَخَذَ, An act of taking, &c.: an act of punishment, or chastisement, or the like; as in the Kur lxix. 10: pl. أَخَذَاتٌ]. b2: أَخَذُوا أَخَذَاتِهِمْ They took their places of abode. (IAth and L, from a trad.) أُخْذَةٌ A manner of taking, or seizing, of a man with whom one is wrestling: pl. أُخَذٌ. (L.) b2: A kind of enchantment, or fascination, like سِحْر, (S, L, Msb, * K,) which captivates the eye and the like, (L,) and by which enchantresses withhold their husbands from other women; called by the vulgar رِبَاطٌ and عَقْدٌ; and practised by the women in the time of ignorance: (TA:) or a kind of bead (خَزَرَةٌ, S, L, K) with which one captivates, or fascinates, or restrains; (K;) with which women captivate, or fascinate, or restrain, men, (S, L,) and withhold them from other women: (L:) or i. q. رُقْيَةٌ. (A.) b3: A pitfall dug for catching a lion. (A, TA.) b4: بَادِرْ بِزَنْدِكَ أُخْذَةَ النَّارِ [Strive thou to be before the time called (that of) اخذة النار with thy wooden instrument for producing fire; i. e. haste thou to use it before that time;] means the time a little after the prayer of sunset; asserted to be the worst time in which to strike fire. (K.) إِخْذَةٌ: see إِخَاذٌ.

إِخَاذٌ and ↓ إِخَاذَةٌ A pool of water left by a torrent: pl. أُخُذٌ: (AO, K:) both signify the same: (L:) or ↓ إِخَاذَةٌ signifies a thing like a pool of water left by a torrent; and إِخَاذٌ is its pl. [or a coll. gen. n.]; and the pl. of this latter is أُخُذٌ, like as كُتُبٌ is pl. of كِتَابٌ, and sometimes it is contracted into أُخْذٌ: (S, L:) the like of this is said by Aboo-'Adnán: (L:) and إِخَاذَاتٌ is also a pl. of إِخاذَةٌ, occurring in a trad., and signifying pools which receive the rain-water, and retain it for drinkers: (IAth, L:) or the correct word is إِخَاذٌ, without ة, and it signifies a place where beasts assemble at a pool of water left by a torrent; and its pl. is أُخُذٌ (AA, A'Obeyd, L) and آخَاذٌ, which latter is extr.: (L:) but as to ↓ إِخَاذَةٌ, it has a different signification, which will be found below; i. e. land of which a man takes possession for himself, &c.: (AA, L:) or إِخَاذٌ is a coll. gen. n., and ↓ إِخَاذَةٌ is its n. un., and signifies a receptacle made for water to collect therein: and ↓ أَخْذٌ signifies a thing that one digs for himself, in the form of a watering-trough, which retains water for some days; and its pl. is أُخْذَانٌ: (L:) and ↓ إِخْذٌ and ↓ إِخْذَةٌ also signify a thing that one digs in the form of a wateringtrough; and the pl. is أُخْذٌ and إِخَاذٌ. (L.) In a trad. of Mesrook Ibn-El-Ajda', إِخَاذ are likened to the Companions of Mohammad; and it is added, that one ↓ إِخَاذَة suffices for a rider; and one, for two riders; and one, for a company of men: (S, L:) meaning that among them were the young and the old, and the possessor of knowledge and the possessor of more knowledge. (L.) b2: See also إِخَاذَةٌ.

أَخِيذٌ i. q. ↓ مَأْخُوذٌ [Taken; taken with the hand; &c.]. (Msb.) b2: A captive: (S, L, Msb, K:) fem. with ة. (S, L.) Hence the saying, أَكْذَبُ مِنْ أَخِيذِ الجَيشِ More lying than the captive of the army: meaning him whom his enemies have taken captive, and whom they desire to conduct them to his people, and who lies to them to his utmost. (Fr, L.) [See another ex. voce صَبْحَانُ.] b3: A strange, or foreign, old man. (K.) إِخَاذَةٌ Land which a man, (S, L, K,) or a Sul-tán, (S, L,) takes for himself; as also ↓ إِخَاذٌ: (S, L, K:) or land which a man takes for himself, and brings into a state of cultivation after its having been waste: (AA, Mgh, L:) or waste land which the owner gives to him who shall cultivate it: (Mgh:) and land which the Imám gives to one, not being property, (K,) or not being the property of another. (TA, as from the K.) b2: See also إِخَاذٌ, in five places. b3: Also The handle of a [shield of the kind called] حَجَفَة; (K; [in the L written جحْفة, with the ج before the ح;]) also called its ثقاف. (L.) أَخِيذَةٌ A thing that is taken by force. (L.) [See also أَخِيذٌ.]

أَخَّاذٌ One who takes eagerly, or greedily: whence the saying, مَا أَنْتَ إِلَّا أَخَّاذٌ نَبَّاذٌ Thou art none other than one who taketh a thing eagerly, or greedily, and then throweth it away quickly. (A.) آخِذٌ, (as in some copies of the K, in both of the senses here explained,) or ↓ أَخِذْ (as in other copies of the K, and in the L and TA, [but the former is the more agreeable with the form of the pl.,]) A camel beginning to become fat; (L, K;) or to become aged: (K:) pl. أَوَاخِذُ (L.) A2: Milk that bites the tongue; syn. قَارِصٌ. (K.) [See أَخُذَ.]

مَأْخَذْ [A place where, or whence, a thing is taken: pl. مَآخِذُ.] [Hence,] مَآخِذُ الطَّيْرِ The places whence birds are taken. (K, TA.) b2: [The source of derivation of a word or phrase or meaning.] b3: A way [which one takes]; as in the phrase, المَأْخَذَ الأَقْرَبَ سَلَكَ He went the nearest way. (Msb. in art. خصر.) b4: [See also 2, last sentence but one.]

مَأْخُوذٌ: see أَخِيذٌ.

رَجُلٌ مُؤَخَّذٌ عَنِ النِّسَآءِ A man withheld [by a kind of enchantment or charm (see 2)] from women. (L.) مُؤْتَخِذٌ: see what follows.

مُسْتَأْخِذٌ [Requiring to be clipped; i. e.] long; applied to hair. (K.) A2: Lowering his head, or stooping, (As, S, L, K,) by reason of inflammation of the eyes, or ophthalmia, (As, S, L,) or by reason of pain, (As, S, L, K,) or from some other cause; (L;) as also ↓ أَخِذٌ, q. v. (TA.) Lowly, or submissive, (AA, L, K,) by reason of disease; as also ↓ مُؤْتَخِذٌ. (AA, L.)

تُستَر

تُستَر:
بالضم ثم السكون، وفتح التاء الأخرى، وراء: أعظم مدينة بخوزستان اليوم، وهو تعريب شوشتر وقال الزّجّاجي: سمّيت بذلك لأن رجلا من بني عجل يقال له تستر بن نون افتتحها فسميت به وليس بشيء، والصحيح ما ذكره حمزة الأصبهاني قال: الشوشتر مدينة بخوزستان، تعريب شوش بإعجام الشينين، قال: ومعناه النزه والحسن والطيب واللطيف، فبأيّ الأسماء وسمتها من هذه جاز، قال: وشوشتر معناه معنى أفعل، فكأنه قال:
أنزه وأطيب وأحسن، يعني أن زيادة التاء والراء بمعنى أفعل، فإنهم يقولون للكبير بزرك، فإذا أرادوا أكبر قالوا بزرگتر مطرد، قال:
والسّوس مختطّة على شكل باز، وتستر مختطّة على شكل فرس، وجندي سابور مختطّة على شكل رقعة الشطرنج، وبخوزستان أنهار كثيرة، وأعظمها نهر تستر، وهو الذي بنى عليه سابور الملك شاذروان بباب تستر حتى ارتفع ماؤه إلى المدينة، لأن تستر على مكان مرتفع من الأرض، وهذا الشاذروان من عجائب الأبنية، يكون طوله نحو الميل، مبني بالحجارة المحكمة والصخر وأعمدة الحديد وبلاطه بالرصاص، وقيل: إنه ليس في الدنيا بناء أحكم منه قال أبو غالب شجاع بن فارس الذهلي: كتبت إلى أبي عبد الله الحسين بن أحمد بن الحسين السكري وهو بتستر أتشوّقه:
ريح الصباء، إذا مررت بتستر ... والطيّب خصّيها، بألف سلام
وتعرّفي خبر الحسين، فإنه ... مذ غاب أودعني لهيب ضرام
قولي له: مذ غبت عني لم أذق، ... شوقا إلى لقياك، طيب منام
والله ما يوم يمرّ وليلة، ... إلّا وأنت تزور في الأحلام
قال: فأجابني من تستر:
مرّت بنا، بالطيب ثم بتستر، ... ريح روائحها كنشر مدام
فتوقّفت حسنى إليّ، وبلّغت ... أضعاف ألف تحية وسلام
وسألت عن بغداد كيف تركتها؟ ... قالت: كمثل الروض غبّ غمام
فلكدت من فرح أطير صبابة، ... وأصول من جذل على الأيام
ونسيت كلّ عظيمة وشديدة، ... وظننتها حلما من الأحلام
وبتستر قبر البراء بن مالك الأنصاري، وكان يعمل بها ثياب وعمائم فائقة، ولبس يوما الصاحب بن عبّاد عمامة بطراز عريض من عمل تستر، فجعل بعض جلسائه يتأمّلها ويطيل النظر إليها، فقال الصاحب:
ما عملت بتستر لتستر قلت: وهذا من نوادر الصاحب.
وقال ابن المقفّع: أول سور وضع في الأرض بعد الطوفان سور السوس وسور تستر، ولا يدرى من بناهما، والأبلّة، وتفرّد بعض الناس بجعل تستر مع الأهواز وبعضهم بجعلها مع البصرة وعن ابن عون مولى المسور قال: حضرت عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، وقد اختصم إليه أهل الكوفة والبصرة في تستر وكانوا حضروا فتحها، فقال أهل الكوفة: هي من أرضنا، وقال أهل البصرة: هي من أرضنا، فجعلها عمر بن الخطاب من أرض البصرة لقربها منها.
وأما فتحها فذكر البلاذري أن أبا موسى الأشعري لما فتح سرّق سار منها إلى تستر وبها شوكة العدوّ وحدّهم، فكتب إلى عمر، رضي الله عنه، يستمدّه، فكتب عمر إلى عمار بن ياسر يأمره بالمسير إليه في أهل الكوفة، فقدّم عمار جرير بن عبد الله البجلي وسار حتى أتى تستر، وكان على ميمنة أبي موسى البراء بن مالك أخو أنس بن مالك، رضي الله عنه، وكان على ميسرته مجزأة بن ثور السّدوسي وعلى الخيل أنس بن مالك وعلى ميمنة عمار البراء بن عازب الأنصاري وعلى ميسرته حذيفة بن اليمان العبسي وعلى خيله قرظة بن كعب الأنصاري وعلى رجاله النعمان ابن مقرّن المزني، فقاتلهم أهل تستر قتالا شديدا، وحمل أهل البصرة وأهل الكوفة حتى بلغوا باب تستر، فضاربهم البراء بن مالك على الباب حتى استشهد ودخل الهرمزان وأصحابه إلى المدينة بشرّ حال، وقد قتل منهم في المعركة تسعمائة وأسر ستمائة ضربت أعناقهم بعد، وكان الهرمزان من أهل مهرجان قذق، وقد حضر وقعة جلولاء مع الأعاجم، ثم إن رجلا من الأعاجم استأمن إلى المسلمين فأسلم واشترط أن لا يعرض له ولولده ليدلّهم على عورة العجم، فعاقده أبو موسى على ذلك ووجّه معه رجلا من بني شيبان يقال له أشرس بن عوف، فخاض به على عرق من حجارة حتى علا به المدينة وأراه الهرمزان ثم ردّه إلى المعسكر، فندب أبو موسى أربعين رجلا مع مجزأة بن ثور وأتبعهم مائتي رجل، وذلك في الليل، والمستأمن تقدّمهم حتى أدخلهم المدينة، فقتلوا الحرس وكبّروا على سور المدينة، فلما سمع الهرمزان ذلك هرب إلى قلعته، وكانت موضع خزائنه وأمواله، وعبر أبو موسى حين أصبح حتى دخل المدينة واحتوى عليها، وجعل الرجل من الأعاجم يقتل أهله وولده ويلقيهم في دجيل خوفا من أن تظفر بهم العرب،
وطلب الهرمزان الأمان فأبى أبو موسى أن يعطيه ذلك إلّا على حكم عمر، رضي الله عنه، فنزل على ذلك، فقتل أبو موسى من كان في القلعة جهرا ممن لا أمان له وحمل الهرمزان إلى عمر فاستحياه إلى أن قتله عبيد الله بن عمر، إذ اتّهمه بموافقة أبي لؤلؤة على قتل أبيه وينسب إلى تستر جماعة، منهم:
سهل بن عبد الله بن يونس بن عيسى بن عبد الله التستري شيخ الصوفية، صحب ذا النون المصري، وكانت له كرامات، وسكن البصرة، ومات سنة 283 وقيل سنة 273 وأما أحمد بن عيسى بن حسّان أبو عبد الله المصري يعرف بالتستري، قيل إنه كان يتّجر في الثياب التسترية، وقيل كان يسافر إلى تستر، حدث عن مفضّل بن فضالة المصري ورشيد بن سعيد المهري، روى عنه مسلم بن الحجاج النيسابوري وإبراهيم الحربي وابن أبي الدّنيا وعبد الله بن محمد البغوي، وسمع يحيى بن معين يحلف بالله الذي لا إله إلا هو أنه كذاب، وذكره أبو عبد الرحمن النسائي في شيوخه وقال: لا بأس به، ومات بسامرّا سنة 243.

الجاهليُّ

الجاهليُّ:
ضدّ العاقلي: من حصون اليمن من مخلاف مشرف جهران.
الجايِرِيَّة:
كذا هو مضبوط فيما كتبت عن أبي إسحق إبراهيم بن عبد الله النّجيرمي، أنشدتني أمّ الحسن لابن لها يقال له الحسن:
ألا يا حمام الجايرية: هجت لي ... سقاما وزفرات يضيق بها صدري
فقالت حمام الجايرية: ما أرى ... عليّ، إذا ما متّ، يا ربّ من وزر
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.