Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: جدران

حول وحيل

حول وحيل: حال: بمعنى تغير وتحول من حال إلى حال ويقال في المثل: المال مال والحال حال بمعنى فقدت مالي وتغير حالي (ألف ليلة 1: 16) ويقال أيضا: مالي قد مال وحالي قد حال (ألف ليلة 3: 8، 11،12) كما يقال أيضا: حال حالي وقلَّ مالي (قصة عنتر مخطوطة 1541 ص15 ق) ويقال: حال الحال: تغيرت صروف دهره وفارقه الحظ (أخبار ص101).
وحال: انقلب على وجهه وهرب من العدو (أخبار ص89، 90).
وقولهم حال عليه الحول لا يعني في رحلة ابن جبير (ص85) مضت عليه سنة فقط، بل أنه قديم أيضا، مقابل جديد.
وحال عن: منع من (أخبار ص121).
وقولهم: وكانت عجوزا قد حالت عن عهده معناه فيما يظهر وكانت من كبر السن بحيث لم يستطيع ان يتزوجها (معجم البلاذري).
وحال ومصدره حؤولة: حَوِل، صار أحول العين (فوك).
حَوَّل (بالتشديد): نقل الغرس من موضعه إلى موضع آخر (ابن العوام 1: 68، 152، 199، 200).
حَوّل: قلب بطانة الثوب وجعلها ظهارة له (الكالا) ويقال أيضا: حوَّل على البطانة (الكالا).
وحوَّل: قلب الأعلى وجعله الأسفل (ألكالا). وحوَّل: ترجم، نقل من لغة أو عن لغة إلى لغة أخرى (معجم بدرون، معجم البلاذري).
وحوَّل: في الكلام عن الشيخ وتلميذه نقله من فصل إلى فصل آخر. ففي رياض النفوس (ص22 و): حُدِّثت عنه أن ابنه دخل عليه وقد انصرف من المكتب فسأله عن سورته فقال الصبيُّ حوَّلني المعلم من سورة الحمد فقال له أقرأها فقرأها فقال له تَهَجِّها قال فتهجَّاها فقال له ارفع ذلك المقعد فرفعه فإذا تحته دنانير كثيرة.
وحوَّل: نقل بالعجلة (بوشر).
وحوَّل: غير مجرى الماء (بوشر).
وحوَّل: اختلس، سل، نشل (بوشر).
وحوَّل: عن الفرس: ترجّل (بوشر، محيط المحيط).
وحوَّل: تخلَّى، سلَّم، تنزَّل عن، ونقل ملكه وحقوقه إلى شخص آخر، تنازل عنها شرعا (بوشر).
وحوَّل على: أعطاه حوالة على غيره.
وحوَّله على: أعطاه حوالة أي صكا يقبضه من آخر (بوشر).
وجاء في كتاب الفخري (ص192) حوَّل عليه فهو يقول: ولما فرغتْ حاسَبَ القُوَّاد بما كان حُوِّل عليهم لعمارتها.
وحوَّل عن: حاد عن، تجنَّب (بوشر).
حوَّل الأحمال: حطَّها وأنزلها (بوشر).
حوَّل القرية: دار، حال إلى: توجَّه إلى جهة أخرى. انتقل من جهة إلى أخرى وأدار المركب وهي من مصطلح البحرية (بوشر).
حوَّل ماله إلى: جعل شخصا وريثه بعد الوارث أو عند عدم وجود وارث (بوشر).
حَوَّل َ وَجْهَه: انتقل إلى صفوف العدو (معجم بدرون).
حَوَّل يَدَه إلى السف: وضع يده على السيف (أخبار ص75).
حَيَّل: غَيَّر (ابن بطوطة 3: 361).
وحَيَّل: ابتدع، اخترع، انشأ، اختلق (ألكالا).
وحَيَّل على فلان: احتال عليه وخدعه (فوك، بركهارت نوبية ص409).
حاوَل: نظر في الأمر وتدبر عواقبه (تاريخ البربر 1: 406).
وحاول الأمر: وجد الوسيلة إليه، وأراد إدراكه وإنجازه. وجد الحيلة إليه (ابن بطوطة 1: 179، 427) في تاريخ البربر (ص649) يحاول أسباب الملك أي يأمل أن يجد الوسائل ليصبح ملكاً.
وفي ترجمة ابن خلدون لنفسه (ص225 و): أطلقني إليهم في محاولة انصرافه عنهم (كرتاس ص193).
وحاول: سعى في، اجتهد، بذل جهده ويقال: حاول على. ففي تاريخ البربر (1: 615) حاول على ملكها أي اجتهد في الاستيلاء على المدينة. وفي ترجمة ابن خلدون لنفسه (ص224 ق): أوْكد عليَّ في المحاولة على استخلاصه بما أمكن أي أكَّد على أن أبذل كل جهدي لإنقاذ أخيه (أبو حمُّو ص162) في أماري (ص385): استمرت المحاولة في قتال الحصن وقد ترجمها روسو بما معناه: وقد بذلت كل الجهود الممكنة للاستيلاء على الحصن. وانظر (ص 386، كرتاس ص91) ومن هذا يقال: ملكها بأيسر محاولة أي استولى عليها بأيسر جهد (المقري 1: 132).
ويقال: حاول في، ففي تاريخ البربر (2: 131): حاول الاستيلاء على العمالات (كرتاس ص172).
وفي معجم فوك: حاول في وحاول على: اجتهد، سعى في.
وحاول: سعى في عقد الصلح. ففي كتاب الخطيب (ص64 ق): وقد بعثه ابن حمدين رسولا إلى ملك قسطالة لمحاولة الصلح بينه وبين ابن حمدين.
وحاول: سعى في خداعه، وفي معجم بوشر: خادع، وخدع بالحيلة، خاتل، احتال ووارب، راوغ، واستخدم الحيلة. وأدغل في وغش، وغالط، وضلَّل. فعند ابن حمَّو (ص157): ((فوجدناه على ما تفرسنا فيه من المكيدة والطمع، والمحاولة والخدع)). (ص158، 160، 161، 162).
وحاول فلانا: رغب في صداقته (معجم الأدريسي، المقري 3: 50).
وحاول فلانا: سعى في أذاه، أضمر له شرا (معجم الأدريسي ص291، 388)، المقري 1: 658).
وحاول: سعى في استمالته. ففي تاريخ البربر (2: 216): بعث مولاه لمحاربة العرب في التخلي عن أبي حَمَّو ولم يفهم دي سلان (3: 486) هذه العبارة.
وحاول: باغت المدينة، وأوقع فيها بغتة (تاريخ البربر 2: 335).
وحاول: ارتاد، يقال مثلا: حاول بلداً بمعنى ارتاده (بيان 1، تعليقة 109).
ومحاولة: موهبة المعرفة والاختيار (دي سلان، المقدمة 3: 329).
وحاول: مارس حرفة (عبد الواحد ص228).
وحاول: هيأ وأعد، يقال مثلا: حاول إطعام والطبيخ (البكري ص186) في كتاب ابن عبد الملك (ص162 و): فلما كان في بعض الطريق أخرجوا حوتا وأخذوا يحاولون أمر الغداء. وعند شكوري (ص186 و): وقعت تهمة لبعض الناس في خادمه في بعض ما تحاوله من الطبيخ (المقدمة 2: 235).
وحاول: حصل على، يقال مثلا: حاول أسباب العيش (ملر ص47).
وحاول: أحاط، أحدق، (هلو).
وحاول: راغ، تخلص بمهارة، فرّض، انفلت، انهزم، هرب (بوشر).
وحاول: أفرط في التدقيق، وبذل كل جهد في بحث دائب يتطلب الدقة (بوشر).
وحاول: دفع ضريبة الكمرك أو المكس عينا. هذا فيما يظهر (أماري ديب ص107) وانظر تعليقات (ص416): وفي مخطوطة كوبنهاجن المجهولة الهوية (ص104): أن أهل جنوا يأتون إلى سيتا في رسم محاولات (محاولة) تجاراتهم منهم في ديوانها وربضها في عدد كثير.
وحاول الشيء (متعديا إلى مفعولين): حوَّله وبدله (معجم بدرون، عباد 2: 173).
وحاول على فلان: عمل إكراما ورعاية له. (دي سلان تاريخ البربر 1: 340).
وحاول على: أخذ حذره، واحترس واحتاط (المقدمة 2: 280).
وحاول على: اعتمد على، استند، ففي المقدمة (ص209): الظن والتخمين الذي يحاول عليه العرَّافون.
حايَلَ: لاطف، تَمَّلق، داهن، خادع (بوشر).
وحايل عليه: داهنه وتملَّقه (بوشر).
أحال: حَوّل، قلب، غَيَّر (بوشر، البكري ص138).
وأحال: أزال اللون، نَصَّل (فوك).
وأحال: كافح أعراض المرض (ملر، نصوص من ابن لخطيب وابن خاتمة 1863، 2: 3، 9).
وأحال: أرجع، ردّ، أعاد. ويقال: أحاله على شخص آخر (بوشر، المقري 2: 139، 506، 547).
وأحال: نسب الخطأ وعزاه إلى آخر، ويقال أحال عليه (المقري 1: 407، الفخري ص73).
وأحال عليه: استند إليه. ففي أماري ديب (ص19): وأحالوا عليه في إنهاء رغباتهم.
وأحاله على فلان: أعطاه حوالة عليه (بوشر، فاندنبرج ص124 رقم 1) ومُحال من يملك الحوالة ومُحيل من يعطي الحوالة. ففي كليلة ودمنة (ص281) أحال عليهم أصحاب المركب بالباقي. أي أعطاه حوالة على أصحاب المركب لكي يستلم ما بقي له من دين (دي ساسي) وانظر ابن بطوطة (3: 436).
وأحال: حوَّل حق المدين إلى شخص آخر (ابن بطوطة 3: 441): أحالوا السيف على جميعهم: أقبلوا بالسيف على جميعهم أي قتلوهم بالسيف واحدا بعد آخر. (أماري ص378، تصحيحات فليشر). وانظر في معجم لين: أحال عليه بالسوط.
وأحال: فصَّل، فرَّق، قطَّع.
ومعنى هذا الفعل أحال غير واضح لدي في عبارة كتاب العقود (ص8) وهي: وثيقة الحولة أحال فلان بن فلان مع فلان بجميع الأمانة التي له عليه أن يدفعها إليه من غير مطل ولا تأخير ورضى الحال والتحميل.
تحوَّل. نشوف كيف يتحول المر. أي نرى أي مجرى يتخذ هذا الأمر (بوشر).
وتحوَّل هذا يستعمل في الكلام عن البضائع التي يخرجونها من المركب لكي تنقل بعد ذلك براً أو الأشخاص الذين يتركون المركب لكي يستمروا بالسفر براً. (معجم الادريسي).
وتحوَّل: ارتحل، سافر (عباد 2: 162، 3: 222، ابن حيان ص95 ق، 98 ق). وتحوَّل عن: ابتعد عن، فارق، تاريخ البربر (1: 438) وتحوَّ من أو عن: انحرف عن العادة والمألوف (معجم الأدريسي).
وتحوَّل على: ركب دابة أخرى (المقري 3: 36).
تحيَّل: نقل (عبد الواحد ص224).
تحاول: فوك في مادة باللاتينية معناها اجتهد. وسعى.
تحايَل: احتال، وطلب الشيء بالحيلة، وحاول، بذل جهده، اجتهد.
وتحايل عليه: داهنه وتملَّقه، وكايدده، وراوغه.
وتحايل عليه، بذل وسعه وطاقته. واجتهد في. وسعى له.
وتحايل لنفسه: احتال، وصرف ذهنه وفطنته للحصول على وسائل النجاح (بوشر).
احتال: بمعنى دبر حيلة وأدار حيلة، ودس عليه، لا يقال احتال عليه بل يقال أيضاً احتال له (معجم البلاذري، كليلة ودمنة ص10، 229).
واحتال له: سعى في الحصول على وسائله (معجم البلاذري) ويقال أيضا: احتالوا لسيوفهم أي بذلوا وسعهم لإخفاء سيوفهم (معجم البلاذري).
احتال على، احتال على قتله: دبَّر حيلة لقتله (بوشر).
احتال في: وجد حيلة أو وسيلة له (ابن بطوطة 124 رقم 1).
احْتَوَل: ذكرت في معجم فوك في مادة باللاتينية معناها أناب عنه وقام مقامه.
واحتولت الحيوانات: ماتت (فوك).
واتَّحل على واتَّحِل ب: حوَّل، أبدل (فوك) وهو يذكر أيضاً هنا كلمة أحال واستحال.
استحال: زال لونه، نصل (فوك).
واستحال عليه: غيَّر رأيه فيه بمعنى أصبح عدوا له فعند ابن حيان (ص67 ق): استحال الغسّنيون عليهم وأنفوا من استطالتهم أي تحولوا أعداء لحلفائهم الأولين وأرى الآن أن هذا الفعل يدل على نفس هذا المعنى في كتاب البيان (1: 240).
واستحال على: ذكرت في معجم فوك في مادة باللاتينية معناها: أناب عنه وقام مقامه.
حال: أن كلمة أحوال تعني عند المعتزلة وعند بعض فرق الأشعرية الكليات (دي ساسي المقدمة 3: 158 رقم 1).
وحال: مرادف مال أي دراهم. والجمع أحوال: ثراء، غنى (رسالة إلى فليشر ص222).
من لا حال له: من لا معاش له (ابن بطوطة 4: 273).
وحال ويجمع على حالات وأحوال: وجد، شطح، انجذاب، الروح (ابن جبير ص286، المقدمة (1: 201،2: 164، ابن بطوطة 3: 211) وفي النويري مصر (ص113 ق): فعند ذلك حصل للشيخ أبي سعيد حال أخرجه عن عقله.
وحال: جوّ الهواء (بوشر، بربرية).
حال طيب: جو صاح (همبرت ص163 الجزائر) حال: داء عظيم (محيط المحيط). حال: رحم: حضن. حسب ما يقول دي سلان في المقدمة (المقدمة 3: 222) غير أن مقارنتها بما جاء في (1: 15) يجعلني أشك في صحة هذا المعنى.
حالَ مضافا إلى اسم بعده: حين، عند يقال مثلا: حال رواحه قال لي أي حين أو عند انصرافه قال لي (بوشر) وحال وقوفهم (رتجرز ص154) وانظر ويجز (ص154).
سلَّمْتُ إليها حالها: سمحت لها أن تفعل ما تشاء (ألف ليلة 1: 50).
تكلم حالا: أسهب في الكلام ارتجالا من غير استعداد.
وترجم حالاً: ترجم بسهولة بلا استعداد (بوشر).
تغيَّرت أحواله: تَغيّر وجهه، أصفر أو أحمرَّ (بوشر).
حالا بعد حال: قليلا قليلاً. رويداً رويدا تدريجاً، بالتدريج، شُوَيَّة شُوَيَّة (الثعالبي، لطائف ص50).
حالما: على اثر ما. عندما (بوشر).
أش حال: كم (بوشر بربرية) باش حال: بكم، عند السؤال عن ثمن الشيء، تعبير بربري (بوشر).
راح إلى حال سبيله: مضى في سبيله، ولم يزل سائراً (بوشر) ويقال: اذهب إلى حال سبيلك (فريتاج مختارات ص52).
بحال، بحيث، بحسبما وهي بربرية (بوشر).
على حال: أحيانا، بعض الأحيان، تارة، طوراً (ابن العوام 1: 39).
والحال: في الحقيقة في الواقع، فالعامة تقول مثلا: إن كان رجل صالح والحال هو كذا، أي إن كان رجلا صالحا وهو في الواقع كذلك (بوشر) وتعني أيضا: مع ذلك، لكن، غير أن. فالعامة تقول يشبهوا بعضهم في الظاهر والحال بينهم فرق بعيد أي أنهم يشبهون بعضهم في الظاهر غير أن بينهم فرق بعيد (بوشر).
ماله حال يقوم: ليس له قدرة على القيام (بوشر).
في حاله: صامت، مطرق، هادئ، ويقال: قعد في حاله جلس صامتا أو مطرقا (بوشر).
في حال المل (العمل؟): في حال التلبس بالفعل. عند عمله. عند فعله (بوشر).
في ساعة الحال: لساعته. لوقته. حالا، على الفور (بوشر، كوسج مختارات ص90).
ما بقي له حال: لم تبق له قدرة (بوشر).
عرض حال: رقيم، عريضة، طلب مقدم إلى الرئيس (بوشر).
لسان الحال: إشارة، رمز (بوشر).
مشى الحال: تأخر الوقت (بربرية) وما زال الحال لم يتأخر الوقت (بربرية) (بوشر).
كيف (إيش) حالك: كيف صحتك؟، ما في حاله شيء: ليس في صحة جيدة (بربرية) (بوشر).
حَوْل، سنة كاملة من الحول إلى الحول: مدة سنة كاملة (ألف ليلة 1: 49).
من كل حول: من كل جهة، فعند ابن بشكوال مخطوطة الأسكوريال في ترجمة احمد بن سعيد بن كوثر الطزليدي: مجلس قد فرش ببسط الصوف مبطنّات والحيطان باللبود من كل حول. إن السيد سيمونه الذي أرسل إليَّ هذه العبارة قد أكد لي أن هذا هو صواب الكلمة.
وحول في علم التاريخ: برهة خمس عشرة سنة (الجريدة الآسيوية 1845، 2: 318) وانظر ص329، جريجور ص42).
وحول: حدعة، مخاتلة، غش (رولاند).
وحول مضافة إلى اسم بعدها: بالقرب منه.
بازاء ففي تاريخ تونس (ص83): فدفنوها حول سيدي أحمد سقا , وفي (ص 84) منه: ودفن بزاويته حول حوانيت الفار. وفي (ص88) منه: وتبعه إلى الحضرة وهزمه ثانياً حولها. وفي (ص89) منه: وكانت وقعة بين المسمين والكُفَّار حول باب البنات.
حيْل: انظره في مادة حيل.
حالة: وجد، شطح، انجذاب الروح (دي ساسي طرائف 1: 156، المقدمة 2: 372) ويراجع (1: 373، 374).
حالات: أهواء، بدوات (بوشر)
حولة: لم يتضح لي معناها أنظر عبارة كتاب العقود في مادة أحال.
وحَوْلَة: منحنى، منعطف الطريق. ففي مساحة الراضي في القرن السادس عشر وما معناه ((حولة هويكار منعطف الطريق الذي سار فيه هويكار)).
حِيلة: مكر، خدعة، وقد جمعت في معجم بوشر على حُيَل.
وحِيلة: طريقة، كيفية، شكل (ألف ليلة 1: 87) وفي حيان بسام (ص1: 30 ق): وأن جندها لا تخالفه بحيلة.
حالاتي: حُوَّل، قلَّب، متقلب، متلون، غريب الأطوار (بوشر).
حَوْلِيّ: سنوي، (بوشر).
رَسْمٌ حولي: أثر دارس تقريبا (معجم الإدريسي).
حولي: خروف (دومب ص 64) والكلمة فيما يقول جاكسون (ص184) بربرية.
وحولي في أفريقية: غطاء من الصوف الطويل، وهو مرادف لبرَّكان وحَيْك (دفريمري مذكرات ص155، ريشاردسن سنترال 2: 152، ريشاردسن صحارى 1: 51، 433، 2: 126، زيشر 12: 182، الجريدة الآسيوية 1861، 2: 370).
وفي القسطنطينية يطلقون اسم حولي وحاولي أو هاولي. وهو مشتق من هاو، على قطعة من نسيج ذي خمل في أحد وجهيها تمسح بها الأيدي (زيشر 4: 392) ولا أدري إن كانت هذه الكلمة الأفريقية مشتقة من الكلمة التركية حاو هذه. أو إنها مأخوذة من كلمة حولي بمعنى ضأن.
حَيَليّ: ممالق، مدار، كثير التمليق (بوشر).
حَيَال: الستارة التي تقسم الخيمة قسمين (دوماس حياة العرب ص303، عادات ص61).
حِيَال: وتجمع على حيالات: حيلة، مكر، دهاء، مداجاة، مداراة، مكيدة (الكالا).
بحيال: بتقانة، بمهارة (الكالا).
وحيالة وتجمع على حيالات: آلة للبناء (ألكالا). وحيالة وتجمع على حيالات: زلاج، كلاب لفتح الأبواب (الكالا).
وحياة وتجمع على حيالات: آلة تشد بها أوتار الأقواس (ألكالا).
حيول: ذو حيلة، ذو مكر (باين سميث 1878).
وحيول: نمام، ناقل الحديث، (باين سميث 1520).
حَوَالَة = حَوَال: تغيَّر، تحول، (معجم مسلم) وفي كتاب محمد بن الحارث (ص350): ما رأيت أحدا من عقلاء إخوانه يلومه في حوالة ولا يعذله في تغيّر.
وحوالة: صك يحوله به المال إلى جهة أخرى (هلو، بوشر) وأمر بدفع مبلغ (بوشر، فاننبرج ص124 رقم 1) وتفويض وتوكيل يعطي لشخص لاستلام مبلغ من آخر (بوشر). ويقال أيضا: ورقة حوالة (بوشر) ففي ألف ليلة (1: 292): أعطاه ورقة حوالة على أي أعطاه ورقة يدفع بها مبلغ. سفتجة (بوشر).
وأعطاه حوالة ب: أعطاه توكيلا بالدفع (بوشر).
وحوالة ثانية ماكنة: تفويض جديد على مال يطمأن إليه (بوشر).
وحوالة: مفوض له، حامل تفويض، حامل توكيل (بوشر).
وحوالة: عمولة، جعالة (بوشر).
وحوالة: وكيل تعينه الحكومة لقضاء بعض الشؤون الخاصة (بوشر).
وحوالة: حارس يحفظ البيوت والعمارات التي تستولي عليها الحكومة (بوشر).
وحوالة: حارس الأموال عند المدين (بوشر، محيط المحيط).
حوالة الحوالات: العرض الذي يستلمه المرسلون إلى القرى ليخبروا المكلفين بما عليهم دفعة من الضرائب (صفة مصر 11: 499، 12: 60).
وحوالة: حصن، قلعة (رتجرز ص130، 131) حوالة الأسواق: تغير وتقلب أسعار السوق (المقدمة 2: 84، 99، 247، 248، 249، 274، 277، 301) وفيها: حوالة السوق من الرخص إلى الغلاء (2: 297).
صاحب الحوالة: عامل يومي (فوك) وحامل الحوالة أي المحال له (فوك).
حوالي: إزاء، جوار، ضواحي المدينة وأطرافها، بالقرب من (بوشر).
اسم الله حوَالَيْك: اسم الله مطيف بك أي اسم الله يحفظك (ألف ليلة 1: 841) انظر ترجمة لين (1: 327 رقم 65).
حَوَالِيّ الأموال، حارس الأموال عند المدين (محيط المحيط).
حائل: رسم حائل: اثر دارس (معجم الدريسي).
حائل: ناقة لم تحمل ونخلة لم تحمل (بوشر). حائل النار: حاجز النار (بوشر).
حائلة: صوف مرت عليه سنتان أو ثلاث سنوات (هوست ص 272).
إحالة: إشارة إلى حادثة تاريخية ذكرت في قصيدة (معجم بدرون).
أحول: ذو الحَول وهو اختلاف محور العينين (الكالا) والأعور الذي له عين واحدة (ألكالا) والأعمى (هلو).
أحْيَلُ: مفصل ومقطع (؟) (رولاند) والكلمة فيه أحِيل.
تَحْوِلَة: وتجمع على تحاوِل: حقل، قطعة أرض (فوك).
وتحولة: رفرف البيت يحمي الــجدران من المطر (الكالا).
تَحَوَّلِيّ: نابض، مطاط، راجع إلى حاله بعد التمدد. وقوة تحولية: مرونة، قوة يرجع بها الشيء المتمدد إلى حاله. قوة نابضة (بوشر).
تحويل: تبدل دين بدين آخر (كرتاس ص223).
تحويل المواد: تحوّل أو حيْد الداء عن عضو (بوشر).
وتحويل: تحميل المركبة. وأجرة المركبة (بوشر).
وتحويل: نقل النقود من حساب لآخر. وهو من مصطلح البنوك (بوشر).
تحويل بوليصة: إذن التحويل، ونقل الكمبيالة أو السفتجة (بوشر).
وتحويل: وسيلة للهرب من الخطر (كرتاس ص191).
وتحويل = حَوَل: اختلاف محور العينين (معجم مسلم، ألكالا).
تَحْوِيلِيّ: دواء يزيل الأخلاط (بوشر).
محَال. محال القانون: ساحب الأوتار (صفة مصر 13: 309).
مُحالة: مُحال، مستحيل (بوشر).
مُحَاليّ: محال، مستحيل (ابن جبير ص298).
مثحْوِل، اثر محول: اثر دارس (معجم الأدريسي).
مُحِيل، أثر محيل: أثر دارس (معجم الأدريسي).
مُحَوّل: دواء يزيل الأخلاط (بوشر).
مُحَوَّلة: حلالة الغزل، مردن (فوك).
مُحَيَّل: مصنوع بفن (ألكالا).
مُحَيَّل: صناعي، مصنوع (الكالا).
ومُحَيَّل: أريب، بارع، حاذق (الكالا). ويوصف به المهندس المعمار خاصة (ألكالا).
ومُحَيَّل: مهندس (ألكالا).
ومُحَيَّل: ماهر في صناعة، محترف (ألكالا).
مُحَاوَل: دقيق، لطيف، ناعم (بوشر).
ومُحَوَل: بعكس ميل الشعر (ألكالا).
محاول بَفَوْق: مرتفع البطن (ألكالا) وراجع معجم فكتور.
مُحَاوَلة: وداد، محبة، مودة (معجم الإدريسي).
ومُحَاوَلة: عاقل، مدرك، ذو تمييز، حكيم، عادل، منصف (ألكالا).
ومحاولة: بإنصاف، بصواب، كما ينبغي (ألكالا). المحاولات أو سلع المحاولات: السلع التي تباع لحساب الحكومة (أماري ديب ص108) وراجع تعليقات (ص416 رقم 0).

كندج

كندج: كندوج زتجمع على كناديج (رايت).
كندج
: وكُنْدَايج، بالضمّ: قريةٌ بأَصْبهانَ مِنْهَا أَبو العبَّاس أَحمدُ بنُ عبد الله بن مُوسى المَدينيّ الفَقيه.
كندج
: (الكَنْدُوجُ) ، بِالْفَتْح: (شِبْهُ المَخْزَنِ) . وَفِي (الْمِصْبَاح) : وضُمَّت الكافُ لأَنه قياسُ الأَبنية العربيّة. وَهِي الخِزانة الصَّغيرةُ (مُعَرَّبُ كَنْدُو) .
(وكَنْدَجَةُ البَانِي فِي الــجُدْرانِ والطِّيقانِ مُولَّدةٌ) ، لأَنَّ الكافَ والجيمَ لَا يجتمعانِ فِي كَلمةٍ عربيّةٍ إِلاَّ قَوْلهم رجلٌ جَكِر، كَذَا فِي (المِصباح) .
وكِنْدَاجُ، بِالْكَسْرِ: جَدّ أَبي عبد الله الحُسينِ بنِ المُظَفَّر بن أَحمدَ بن عبد الله بن كِنْدَاجَ، رَوَى وحَدَّث، تُوفِّيَ سنة 401، كَذَا فِي تَارِيخ الْخَطِيب.

المسمّط المختصر

المسمّط المختصر:
[في الانكليزية] play in prosody
[ في الفرنسية] Jeu en prosodie
هو عند الشعراء أن يقسم البيت إلى أربعة أقسام. فالأقسام الثلاثة الأولى تكون مسجّعة، وفي القسم الرابع يؤتى بعدّة كلمات رديفا، ثم في كلّ بيت يأتي الشاعر في القسم الرابع بالكلمات نفسها. مثاله ما ترجمته: مهما كنت مذنبا فعندي آثام كثيرة فلست آيسا منك فاعف عني يا ربّ كرما منك مع كوني قد أخطأت وقد اقترفت دائما الذنوب فما فعلته كلّه بسبب السّفاهة فاعف عني يا ربّ كرما منك لقد صرت وراء الجميع أنا مقرّ بأنّي لا أساوي شيئا ولما كنت ليس لي سواك أعف عني يا ربّ كرما منك كذا في جامع الصنائع

وقال السّيّد الشريف في الاصطلاحات:
التسميط هو تصيير كلّ بيت أربعة أقسام:
ثلاثتها على سجع واحد مع مراعاة القافية في الرابع إلى أن تنقضي القصيدة، كقوله:
وحرب وردت وثغر سددت. وعلج شددت عليه الحبالا. ومال حويت وخيل حميت وضيف قريت يخاف الوكالا، إلى آخر القصيدة. وقال بعض الناس كقول صاحب مجمع الصنائع بأنّ المسمّط هو المسجّع، وهو عبارة عن أن يقسّم الشاعر البيت إلى أربعة أقسام؛ ثم يراعي السّجع في ثلاثة منها على قافية واحدة، وفي الرابع يأتي بالقافية الأصلية لمبنى القصيدة، وذلك كما قال مولانا عبد الرحمن الجامي ما ترجمته:
من الشوك، شوك عشقك يوجد في. صدري أشواك وفي كلّ لحظة تتفتح من تلك الأشواك الزهور ومن شدّة ألمي وصيامي صار بدني مقوسا (منحنيا) ووصل الدمع إلى ذيلي من كلّ هدب مثل الخيوط اذهب إلى البستان وألق من الشوق الورد في المرج فتمزّق القميص إلى مائة قطعة وتضمّخت الخدود بالدماء إن مررت من الحديقة فانظر إلى السّرو والصّنوبر فمن كلّ ناحية من أجل النّظر الرءوس فوق الــجدران.
أنت أعطيت القلب لكلّ أحد، وأنا متّ من الغيرة كثيرا وكلّ شخص مرة واحدة يموت ولكنّ الجامي المسكين عدة مرات إذن من المعلوم أنّ أقسام الجمع ثلاثة معروفة، ويجوز الزيادة على الثلاثة كما قال (عبد الواسع جبلي) حيث ذكر سبع فقرات مسجّعة والثامنة على القافية الأصلية للقصيدة.

شعر وترجمته:
يا صاحبي إيش الخبر عن ذلك الطويل القدّ الفضّي اللون فأنا من عشقه صرت حديث السّمر، ظامئ الشفة وجريح الكبد (مقلوع) منزوع الروح، ورأسي ملقى وفمي جافّ وعيني مبتلّة مقلوبا من الفم رأسا على عقب دينا ودنيا وروحا وجسما وبدا لعيني من عشقه العالم كلّ نفس كقفص وبدونه أدركوني. وفي الليل خياله يكفيني حتى متى أكون كالجرس وبدونه صائحا من الهوس لا جعل الله أحدا كحالي في العشق إلى أن صرت مفتونا بهذا، لست مطلعا إلى أن صرت ممتلئ العين بالدّم، وقامتي مطويّة كحرف النون وصرت في المحنة مثل ذي النون (يونس) وخرجت يدي حائرا مثل المجنون (مجنون ليلى) وهائما في الدنيا بلا وعي لديّ قلب ضيّق من كثرة حيله مثل فمه (الضيق) وصوت القلب مثل (صخرته) قلبه القاسي ومن دلاله وغضبه وحربه فحتّى م أتضرّع وأنا في قبضته من لا مبالاته ومن عارضه الملوّن مثل الورد الذي تمزّق قميصه في الوصل والهجر والحياة والغمّ فيّ الروح والعين الحرارة والرطوبة فيّ (اللّعل) شفته وجزعه الهناء والسّم وفي الوجه والظهر الانقباض والتقوّس أبدا لم تر في العجم ولن ترى أبدا مثله بالشّطارة صنا (محبوبا) ومثلي بالغمّ عابدا للصّنم بدون ذكره لا أعدّ الوقت، ولا أطوي لطريق إلّا في محبّته وبدونه لا أنظر لشيء بعين العشق (ذلك خاطف القلب) ومن كثرة ما أصابني الغمّ والهمّ لباسي على جسمي ممزّق والتراب دائما على رأسي (كناية عن الحزن).
أمام صفيّ الدين حسن. إلى آخر القصيدة. انتهى في مجمع الصنائع

الْجدر

(الْجدر) الْحَائِط (ج) جدران وأصل الْجِدَار وَفِي الحَدِيث (اسْقِ أَرْضك حَتَّى يبلغ المَاء الْجدر) (ج) جدور

(الْجدر) ورم يَأْخُذ فِي الْحلق وخراج يكون فِي الْبدن خلقَة أَو من الضَّرْب والجراحات الْوَاحِدَة جدرة (ج) أجدار

الرّوح

(الرّوح) الرَّاحَة وَالرَّحْمَة ونسيم الرّيح تَقول وجدت روح الشمَال برد نسيمها (ج) أَرْوَاح وَيَوْم روح طيب الرّيح وَعَشِيَّة رَوْحَة كَذَلِك وَالسُّرُور والفرح

(الرّوح) مَا بِهِ حَيَاة النَّفس (يذكر وَيُؤَنث) وَالنَّفس وَالنَّفس (ج) أَرْوَاح وَالْقُرْآن وَالْوَحي
وروح الْقُدس (عِنْد النَّصَارَى) الأقنوم الثَّالِث وَالروح الْأمين وروح الْقُدس جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام و (فِي الفلسفة) مَا يُقَابل الْمَادَّة و (فِي الكيمياء) الْجُزْء الطيار للمادة بعد تقطيرها كروح الزهر وروح النعنع (مج)
الرّوح:
[في الانكليزية] Spirit ،ghost ،soul
[ في الفرنسية] Esprit ،ame
بالضم وسكون الواو اختلف الأقوال في الروح. فقال كثير من أرباب علم المعاني وعلم الباطن والمتكلّمين لا نعلم حقيقته ولا يصحّ وصفه، وهو مما جهل العباد بعلمه مع التيقّن بوجوده، بدليل قوله تعالى وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا روي أنّ اليهود قالوا لقريش: اسألوا عن محمد عن ثلاثة أشياء.
فإن أخبركم عن شيئين وأمسك عن الثالثة فهو نبي. اسألوه عن أصحاب الكهف وعن ذي القرنين وعن الروح. فسألوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عنها، فقال عليه السلام غدا أخبركم ولم يقل إن شاء الله تعالى. فانقطع الوحي أربعين يوما ثم نزل: وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ تعالى ثم فسّر لهم قصة أصحاب الكهف وقصة ذي القرنين وأبهم قصة الروح، فنزل وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا. ومنهم من طعن في هذه الرواية وقال إنّ الروح ليس أعظم شأنا من الله تعالى. فإذا كانت معرفته تعالى ممكنة بل حاصلة فأي معنى يمنع من معرفة الروح. وإنّ مسئلة الروح يعرفها أصاغر الفلاسفة وأراذل المتكلّمين، فكيف لا يعلم الرسول عليه السلام حقيقته مع أنّه أعلم العلماء وأفضل الفضلاء.
قال الإمام الرازي بل المختار عندنا أنهم سألوا عن الروح وأنّه صلوات الله عليه وسلامه أجاب عنه على أحسن الوجوه. بيانه أنّ المذكور في الآية أنهم سألوه عن الروح، والسؤال يقع على وجوه. أحدها أن يقال ما ماهيته؟ هو متحيّز أو حالّ في المتحيّز أو موجود غير متحيّز ولا حالّ فيه. وثانيها أن يقال أهو قديم أو حادث؟ وثالثها أن يقال أهو هل يبقى بعد فناء الأجسام أو يفني؟ ورابعها أن يقال ما حقيقة سعادة الأرواح وشقاوتها؟
وبالجملة فالمباحث المتعلّقة بالروح كثيرة وفي الآية ليست دلالة على أنهم عن أي هذه المسائل سألوا: إلّا أنّه تعالى ذكر في الجواب قل الروح من أمر ربي، وهذا الجواب لا يليق إلّا بمسألتين: إحداهما السؤال عن الماهية أهو عبارة عن أجسام موجودة في داخل البدن متولّدة عن امتزاج الطبائع والأخلاط، أو عبارة عن نفس هذا المزاج والتركيب، أو عن عرض آخر قائم بهذه الأجسام، أو عن موجود يغاير عن هذه الأشياء؟ فأجاب الله تعالى عنه بأنّه موجود مغاير لهذه الأشياء بل هو جوهر بسيط مجرّد لا يحدث إلّا بمحدث قوله كُنْ فَيَكُونُ، فهو موجود يحدث من أمر الله وتكوينه وتأثيره في إفادة الحياة للجسد، ولا يلزم من عدم العلم بحقيقته المخصوصة نفيه مطلقا، وهو المراد من قوله وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا وثانيتهما السؤال عن قدمها وحدوثها فإنّ لفظ الأمر قد جاء بمعنى الفعل كقوله تعالى وَما أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ فقوله مِنْ أَمْرِ رَبِّي معناه من فعل ربي فهذا الجواب يدلّ على أنهم سألوه عن قدمه وحدوثه فقال: بلى هو حادث، وإنّما حصل بفعل الله وتكوينه. ثم احتج على حدوثه بقوله وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا يعني أنّ الأرواح في مبدأ الفطرة خالية عن العلوم كلّها ثم تحصل فيها المعارف والعلوم، فهي لا تزال متغيّرة عن حال إلى حال والتغيّر من أمارات الحدوث انتهى.
ثم القائلون بعدم امتناع معرفة الروح اختلفوا في تفسيره على أقوال كثيرة. قيل إنّ الأقوال بلغت المائة. فمنهم من ذهب إلى أنّ الروح الإنساني وهو المسمّى بالنفس الناطقة مجرّد. ومنهم من ذهب إلى أنّه غير مجرّد.
ثم القائلون بعدم التجرد اختلفوا على أقوال. فقال النّظّام إنّه أجسام لطيفة سارية في البدن سريان ماء الورد في الورد، باقية من أول العمر إلى آخره، لا يتطرّق إله تحلّل ولا تبدّل، حتى إذا قطع عضو من البدن انقبض ما فيه من تلك الأجزاء إلى سائر الأعضاء. إنّما المتحلّل والمتبدّل من البدن فضل ينضمّ إليه وينفصل عنه، إذ كل أحد يعلم أنّه باق من أول العمر إلى آخره. ولا شكّ أنّ المتبدّل ليس كذلك.
واختار هذا الإمام الرازي وإمام الحرمين وطائفة عظيمة من القدماء كما في شرح الطوالع. وقيل إنّه جزء لا يتجزأ في القلب لدليل عدم الانقسام وامتناع وجود المجرّدات فيكون جوهرا فردا وهو في القلب، لأنه الذي ينسب إليه العلم، واختاره ابن الراوندي. وقيل جسم هوائي في القلب. وقيل جزء لا يتجزأ من أجزاء هوائية في القلب. وقيل هي الدماغ. وقيل هي جزء لا يتجزأ من أجزاء الدماغ. ويقرب منه ما قيل جزء لا يتجزأ في الدماغ. وقيل قوة في الدماغ مبدأ للحسّ والحركة. وقيل في القلب مبدأ للحياة في البدن. وقيل الحياة. وقيل أجزاء نارية وهي المسمّاة بالحرارة الغريزية. وقيل أجزاء مائية هي الأخلاط الأربعة المعتدلة كمّا وكيفا. وقيل الدم المعتدل إذ بكثرته واعتداله تقوى الحياة، وبفنائه تنعدم الحياة. وقيل الهواء إذ بانقطاعها تنقطع الحياة طرفة عين، فالبدن بمنزلة الزّقّ المنفوخ فيه. وقيل الهيكل المخصوص المحسوس وهو المختار عند جمهور المتكلمين من المعتزلة وجماعة من الأشاعرة. وقيل المزاج وهو مذهب الأطباء، فما دام البدن على ذلك المزاج الذي يليق به الإنسان كان مصونا عن الفساد، فإذا خرج عن ذلك الاعتدال بطل المزاج وتفرّق البدن كذا في شرح الطوالع. وقيل الروح عند الأطباء جسم لطيف بخاري يتكوّن من لطافة الأخلاط وبخاريتها كتكوّن الأخلاط من كثافتها وهو الحامل للقوى الثلاث. وبهذا الاعتبار ينقسم إلى ثلاثة اقسام روح حيواني وروح نفساني وروح طبيعي، كذا في الأقسرائي. وقيل الروح هذه القوى الثلاث أي الحيوانية والطبيعية والنفسانية. وفي بحر الجواهر الروح عند الأطباء جوهر لطيف يتولّد من الدم الوارد على القلب في البطن الأيسر منه لأنّ الأيمن منه مشغول بجذب الدم من الكبد. وقال ابن العربي إنّهم اختلفوا في النفس والروح. فقيل هما شيء واحد. وقيل هما متغايران وقد يعبّر عن النفس بالروح وبالعكس وهو الحقّ انتهى. وبالنظر إلى التغاير [ما] وقع في مجمع السلوك من أنّ النفس جسم لطيف كلطافة الهواء ظلمانية غير زاكية منتشرة في أجزاء البدن كالزّبد في اللبن والدهن في الجوز واللوز يعني سريان النفس في البدن كسريان الزبد في اللبن والدهن في الجوز واللوز. والروح نور روحاني آلة للنفس كما أنّ السر آلة لها أيضا، فإنّ الحياة في البدن إنما تبقى بشرط وجود الروح في النفس. وقريب من هذا ما قال في التعريف وأجمع الجمهور على أنّ الروح معنى يحيى به الجسد. وفي الأصل الصغار أنّ النفس جسم كثيف والروح فيه جسم لطيف والعقل فيه جوهر نوراني. وقيل النفس ريح حارة تكون منها الحركات والشهوات، والروح نسيم طيّب تكون به الحياة. وقيل النفس لطيفة مودعة في القلب منها الأخلاق والصفات المذمومة كما أنّ الروح لطيف مودع في القلب منه الأخلاق والصفات المحمودة.
وقيل النفس موضع نظر الخلق والقلب موضع نظر الخالق، فإنّ له سبحانه تعالى في قلوب العباد في كل يوم وليلة ثلاثمائة وستين نظرة.
وأما الروح الخفي ويسمّيه السالكون بالأخفى فهو نور ألطف من السّر والروح وهو أقرب إلى عالم الحقيقة. وثمّة روح آخر ألطف من هذه الأرواح كلّها ولا يكون هذا لكل واحد بل هو للخواص انتهى. ويجيء توضيح هذا في لفظ السّر وبعض هذه المعاني قد سبق في لفظ الإنسان أيضا.
والقائلون بتجرّد الروح يقولون الروح جوهر مجرّد متعلّق بالبدن تعلّق التّدبير والتصرّف، وإليه ذهب أكثر أهل الرياضات وقدماء المعتزلة وبعض الشيعة وأكثر الحكماء كما عرفت في لفظ الإنسان، وهي النفس الناطقة، ويجيء تحقيقه.

وقال شيخ الشيوخ: الروح الإنساني السماوي من عالم الأمر أي لا يدخل تحت المساحة والمقدار، والروح الحيواني البشري من عالم الخلق أي يدخل تحت المساحة والمقدار، وهو محل الروح العلوي. والروح الحيواني جسماني لطيف حامل لقوة الحسّ والحركة ومحلّه القلب، كذا في مجمع السلوك.
قال في الإنسان الكامل في باب الوهم:
اعلم أنّ الروح في الأصل بدخولها في الجسد وحلولها فيه لا تفارق مكانها ومحلّها، ولكن تكون في محلّها، وهي ناظرة إلى الجسد.
وعادة الأرواح أنّها تحلّ موضع نظرها فأي محلّ وقع فيه نظرها تحلّه من غير مفارقة لمركزها الأصلي، هذا أمر يستحيله العقل ولا يعرف إلّا بالكشف. ثم إنّه لما نظرت إلى الجسم نظر الاتحاد وحلّت فيه حلول الشيء في هويته اكتسبت التصوير الجسدي بهذا الحلول في أوّل وهلة، ثم لا تزال تكتسب منه. أمّا الأخلاق الرّضيّة الإلهية فتصعد وتنمو به في علّيين. وأما الأخلاق البهيمية الحيوانية الأرضية فتهبط بتلك الأخلاق إلى سجّين. وصعودها هو تمكّنها من العالم الملكوتي حال تصوّرها بهذه الصورة الإنسانية لأنّ هذه الصورة تكتسب الأرواح ثقلها وحكمها، فإذا تصوّر بصورة الجسد اكتسب حكمه من الثّقل والحصر والعجز ونحوها، فيفارق الروح بما كان له من الخفّة والسّريان لا مفارقة انفصال ولكن مفارقة اتصال لأنّها تكون متّصفة بجميع أوصافها الأصلية، ولكنها غير متمكّنة من إتيان الأمور الفعلية، فتكون أوصافها فيها بالقوة لا بالفعل. ولذا قلنا مفارقة اتصال لا انفصال، فإن كان صاحب الجسم يستعمل الأخلاق الملكية فإنّ الروح تتقوّى ويرفع حكم الثقل عن نفسها حتى لا تزال كذلك إلى أن يصير الجسد في نفسه كالروح، فيمشي على الماء ويطير في الهواء.
وإن كان يستعمل الأخلاق البشرية فإنّه يتقوّى على الروح حكم الرّسوب والثّقل فتنحصر في سجنه فتحشر غدا في السّجّين، كما قال قائل بالفارسية:
الإنسان تحفة معجونة من أصل ملائكي وآخر حيواني فإن مال إلى أصله الحيواني فهو أدنى منه وإن مال إلى أصله الملائكي فهو أعلى مقاما منه.
ثم إنّها لما تعشّقت بالجسم وتعشّق الجسم بها فهي ناظرة إليه ما دام معتدلا في صحته. فإذا سقم وحصل فها الألم بسببه أخذت في رفع نظرها عنه إلى عالمها الروحي، إذ تفريحها فيه، ولو كانت تكره مفارقة الجسد فإنّها تأخذ نظرها فترفعه من العالم الجسدي رفعا ما إلى العالم الروحي. كمن يهرب عن ضيق إلى سعة.
ولو كان له في المحل الذي يضيق فيه من ينجّيه فلا تحذير من الفرار. ثم لا تزال الروح كذلك إلى أن يصل الأجل المحتوم فيأتيها عزرائيل عليه السلام على صورة مناسبة بحالها عند الله من الحسنة أو القبيحة، مثلا يأتي إلى الظالم من عمّال الدّيوان على صفة من ينتقم منه أو على صفة رسل الملك لكن في هيئة منكرة، كما أنّه يأتي إلى الصّلحاء في صورة أحبّ الناس إليهم. وقد يتصوّر لهم بصورة النبي عليه السلام. فإذا شهدوا تلك الصورة خرجت أرواحهم. وتصوّره بصورة النبي عليه السلام وكذا لأمثاله من الملائكة المقرّبين مباح لأنهم مخلوقون من قوى روحية، وهذا التصور من باب تصوّر روح الشخص بجسده، فما تصوّر بصورة محمد عليه السلام إلّا روحه، بخلاف إبليس عليه اللعنة واتباعه المخلوقين من بشريته لأنّه عليه السلام ما تنبّأ إلّا دما فيه شيء من البشرية للحديث: «إنّ الملك [أتاه و] شقّ قلبه فأخرج منه دما فطهّر قلبه»، فالدّم هي النفس البشرية وهي محلّ الشياطين، فلذا لم يقدر أحد منهم أن يتمثّل بصورته لعدم التناسب.
وكذا يأتي إلى الفرس بصورة الأسد ونحوه، وإلى الطيور على صفة الذابح ونحوه. وبالجملة فلا بد له من مناسبة إلّا من يأتيه على غير صورة مركبة بل في بسيط غير مرئي يهلك الشخص بشمّه. فقد تكون رائحة طيبة وقد تكون كريهة وقد لا تعرف رائحته بل يمرّ عليه كما لا يعرفه.
ثم إنّ الروح بعد خروجه من الجسد أي بعد ارتفاع نظره عنه، إذ لا خروج ولا دخول هاهنا، لا يفارق الجسدية أبدا، لكن يكون لها زمان تكون فيه ساكنة كالنائم الذي ينام ولا يرى شيئا في نومه، ولا يعتدّ بمن يقول إنّ كل نائم لا بد له أن يرى شيئا. فمن الناس من يحفظ ومنهم من ينساه. وهذا السكون الأول هو موت الأرواح. ألا ترى إلى الملائكة كيف عبّر صلى الله عليه وسلم عن موتهم بانقطاع الذّكر. ثم إذا فرغ عن مدّة هذا السكون المسمّى بموت الأرواح تصير الروح في البرزخ انتهى ما في الإنسان الكامل.
ونقل ابن منده عن بعض المتكلمين أنّ لكل نبي خمسة أرواح ولكل مؤمن ثلاثة أرواح كذا في المواهب اللدنية، وفي مشكاة الأنوار تصنيف الإمام حجة الإسلام الغزالي الطوسي أنّ مراتب الأرواح البشرية النورانية خمس. فالأولى منها الروح الحسّاس وهو الذي يتلقى ما يورده الحواس الخمس وكأنه أصل الروح الحيواني وأوله، إذ به يصير الحيوان حيوانا وهو موجود للصبي الرضيع. والثانية الروح الخيالي وهو الذي يتشبّث ما أورده الحواس ويحفظ مخزونا عنه ليعرضه على الروح العقلي الذي فوقه عند الحاجة إليه، وهذا لا يوجد للصبي الرضيع في بداية نشوئه، وذلك يولع للشيء ليأخذه، فإذا غيّب عنه ينساه ولا ينازعه نفسه إليه إلى أن يكبر قليلا، فيصير بحيث إذا غيّب عنه بكى وطلب لبقاء صورته المحفوظة في خياله. وهذا قد يوجد في بعض الحيوانات دون بعض، ولا يوجد للفراش المتهافت على النار لأنه يقصد النار لشغفه بضياء النار، فيظن أنّ السراج كوّة مفتوحة إلى موضع الضياء فيلقي نفسه عليها فيتأذّى به، ولكنه إذا جاوزه وحصل في الظلمة عادة مرة أخرى. ولو كان له الروح الحافظ المتشبّث لما أدّاه الحسّ إليه من الألم لما عاوده بعد التضرّر. والكلب إذا ضرب مرّة بخشبة فإذا رأى تلك الخشبة بعد ذلك يهرب. والثالثة الروح العقلي الذي به يدرك المعاني. الخارجة عن الحسّ والخيال وهو الجوهر الإنسي الخاص، ولا يوجد للبهيمة ولا للصبي، ومدركاته المعارف الضرورية الكلية. والرابعة الروح الذّكري الفكري وهو الذي أخذ المصارف العقلية فيوقع بينها تأليفات وازدواجات ويستنتج منها معاني شريفة. ثم إذا استفاد نتيجتين مثلا ألّف بينهما نتيجة أخرى، ولا تزال تتزايد كذلك إلى غير النهاية. والخامسة الروح القدسي النّبوي الذي يختصّ به الأنبياء وبعض الأولياء وفيه يتجلّى لوائح الغيب وأحكام الآخرة وجملة من معارف ملكوت السموات والأرض بل المعارف الربانية التي يقصر دونها الروح العقلي والفكري؛ ولا يبعد أيها المعتكف في عالم العقل أن يكون وراء العقل طور آخر يظهر فيه ما لا يظهر في العقل، كما لا يبعد كون العقل طورا وراء التميّز والإحساس ينكشف فيه عوالم وعجائب يقصر عنها الإحساس والتميّز، ولا يجعل أقصى الكمالات وقفا على نفسك. ألا ترى كيف يختص بذوق الشّعر قوم ويحرم عنه بعض حتى لا يتميّز عندهم الألحان الموزونة عن غيرها انتهى.
اعلم أنّ كلّ شيء محسوس فله روح.
وفي تهذيب الكلام زعم الحكماء أنّ الملائكة هم العقول المجرّدة والنفوس الفلكية، والجنّ أرواح مجرّدة لها تصرّف في العنصريات، والشيطان هو القوّة المتخيّلة. وإنّ لكل فلك روحا كليا ينشعب منه أرواح كثيرة، والمدبّر لأمر العرش يسمّى بالنفس الكلّي. ولكلّ من أنواع الكائنات روح يدبّر أمره يسمّى بالطبائع التامة انتهى. وفي الإنسان الكامل اعلم أنّ كل شيء من المحسوسات له روح مخلوق قام به صورته. والروح لذلك الصورة كالمعنى للفظ. ثم إنّ لذلك الروح المخلوق روحا إلهيا قام به ذلك الروح، وذلك الروح الإلهي هو روح القدس المسمّى بروح الأرواح، وهو المنزّه عن الدخول تحت كلمة كن، يعني أنّه غير مخلوق لأنه وجه خاص من وجوه الحق قام به الوجود، وهو المنفوخ في آدم. فروح آدم مخلوق وروح الله غير مخلوق. فذلك الوجه في كل شيء هو روح الله وهو روح القدس أي المقدّس عن النقائص الكونية. وروح الشيء نفسه والوجود قائم بنفس الله، ونفسه ذاته. فمن نظر إلى روح القدس في إنسان رآها مخلوقة لانتفاء قديمين، فلا قديم إلّا الله وحده، ويلحق بذاته جميع أسمائه وصفاته لاستحالة الانفكاك، وما سوى ذلك فمخلوق. فالإنسان مثلا له جسد وهو صورته وروح هو معناه وسرّ هو الروح ووجه وهو المعبّر عنه بروح القدس وبالسرّ الالهي والوجود الساري. فإذا كان الأغلب على الانسان الأمور التي تقتضيها صورته وهي المعبّر عنه بالبشرية وبالشهوانية فإنّ روحه يكتسب الرسوب المعدني الذي هو أصل الصورة ومنشأ محلها، حتى كاد تخالف عالمها الأصلي لتمكّن المقتضيات البشرية فيها، فتقيّدت بالصورة عن إطلاقها الروحي، فصارت في سجن الطبيعة والعادة وذلك في دار الدنيا، مثال السجين في دار الآخرة بل عين السجين هو ما استقر فيه الروح، لكن السجين في الآخرة سجن محسوس من النار وهي في الدنيا هذا المعنى المذكور لأنّ الآخرة محل تبرز فيه المعاني صورا محسوسة، وبعكسه الإنسان إذا كان الأغلب عليه الأمور الروحانية من دوام الفكر الصحيح وإقلال الطعام والمنام والكلام وترك الأمور التي تقتضيها البشرية، فإنّ هيكله يكتسب اللّطف الروحي فيخطو على الماء ويطير في الهواء ولا يحجبه الــجدران وبعد البلدان، فتصير في أعلى مراتب المخلوقات وذلك هو عالم الأرواح المطلقة عن القيود الحاصلة بسبب مجاورة الأجسام، وهو المشار إليه بقوله إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ.
فائدة:
اختلفوا في المراد من الروح المذكور في قوله تعالى قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي على أقوال. فقيل المراد به ما هو سبب الحياة.
وقيل القرآن يدلّ عليه قوله وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا وأيضا فبالقرآن تحصيل حياة الأرواح وهي معرفة الله تعالى. وقيل جبرئيل لقوله نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ، عَلى قَلْبِكَ. وقيل ملك من ملكوت السموات هو أعظمهم قدرا وقوة وهو المراد من قوله يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا.
ونقل عن علي رضي الله عنه أنه قال هو ملك له سبعون ألف وجه، لكل وجه سبعون ألف لسان، لكل لسان سبعون ألف لغة يسبّح الله تعالى بتلك اللغات كلّها، ويخلق الله تعالى بكل تسبيحة ملكا يطير مع الملائكة إلى يوم القيمة. ولم يخلق الله تعالى خلقا أعظم من الروح غير العرش. ولو شاء أن يبلع السموات السبع والأرض السبع ومن فيهن بلقمة واحدة.
ولقائل أن يقول هذا ضعيف لأنّ هذا التفصيل ما عرفه علي رضي الله عنه إلّا من الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فلما ذكر النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذلك الشرح لعلي رضي الله عنه، فلم لم يذكره لغيره. ولأنّ ذلك الملك إن كان حيوانا واحدا وعاقلا واحدا لم يمكن تكثير تلك اللغات. وإن كان المتكلم بكل واحدة من تلك اللغات حيوانا آخر لم يكن ذلك ملكا واحدا بل كان مجموع ملائكة. ولأنّ هذا شيء مجهول الوجود فكيف يسأل عنه كذا في التفسير الكبير. وقيل الروح خلق ليسوا بالملائكة على صورة بني آدم يأكلون ولهم أيد وأرجل ورءوس. قال أبو صالح يشتبهون الناس وليسوا منهم.
قال الإمام الرازي في التفسير الكبير ولم أجد في القرآن ولا في الأخبار الصحيحة شيئا يمكن التمسّك به في إثبات هذا القول، وأيضا فهذا شيء مجهول، فيبتعد صرف هذا السؤال إليه انتهى
قال صاحب الإنسان الكامل الملك المسمّى بالروح هو المسمّى في اصطلاح الصوفية بالحق المخلوق به والحقيقة المحمدية نظر الله تعالى إلى هذا الملك بما نظر به [إلى] نفسه فخلقه من نوره وخلق العالم منه وجعله محلّ نظره من العالم. ومن أسمائه أمر الله هو أشرف الموجودات وأعلاها مكانة وأسماها منزلة ليس فوقه ملك، هو سيد المرسلين وأفضل المكرمين.
اعلم أنّه خلق الله تعالى هذا الملك مرآة لذاته لا يظهر الله تعالى بذاته إلّا في هذا الملك، وظهوره في جميع المخلوقات إنّما هو بصفاته، فهو قطب الدنيا والآخرة وأهل الجنة والنار والأعراف، اقتضت الحقيقة الإلهية في علم الله سبحانه أن لا يخلق شيئا إلّا ولهذا الملك فيه وجه، يدور ذلك المخلوق على وجهه فهو قطبه لا يتعرّف هذا الملك إلى أحد من خلق الله إلّا للإنسان الكامل، فإذا عرفه الولي علّمه أشياء، فإذا تحقّق بها صار قطبا تدور عليه رحى الوجود جميعه، لكن لا بحكم الأصالة بل بحكم النيابة والعارية، فاعرفه فإنّه الروح المذكور في قوله تعالى يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا يقوم هذا الملك في الدولة الإلهية والملائكة بين يديه وقوفا صفا في خدمته وهو قائم في عبودية الحق متصرّف في تلك الحضرة الإلهية بما أمره الله به. وقوله لا يَتَكَلَّمُونَ راجع إلى الملائكة دونه فهو مأذون له بالكلام مطلقا في الحضرة الإلهية لأنّه مظهرها الأكمل والملائكة وإنّ أذن لهم بالتكلّم لم يتكلّم كلّ ملك إلّا بكلمة واحدة ليس في طاقته أكثر من ذلك، فلا يمكنه البسط في الكلام، فأول ما يتلقّى الأمر بنفوذ أمر في العالم خلق الله منه ملكا لائقا بذلك الأمر فيرسله الروح فيفعل الملك ما أمر به الروح؛ وجميع الملائكة المقرّبين مخلوقون منه كإسرافيل وميكائيل وجبرئيل وعزرائيل ومن هو فوقهم وهو الملك القائم تحت الكرسي، والملك المسمّى بالمفضّل وهو القائم تحت الإمام المبين، وهؤلاء هم العالون الذين لم يؤمروا لسجود آدم، كيف ظهروا على كل من بني آدم فيتصوّرهم في النوم بالأمثال التي بها يظهر الحق للنائم، فتلك الصور جميعها ملائكة الله تنزل بحكم ما يأمرها الملك الموكل بضرب الأمثال فيتصوّر بكل صورة للنائم. ولهذا يرى النائم أنّ الجماد يكلّمه ولو لم يكن روحا متصورا بالصورة الجمادية لم يكن يتكلّم. ولذا قال عليه السلام: «الرؤيا الصادقة وحي من الله» وذلك لأنّ الملك ينزل به. ولما كان إبليس عليه اللعنة من جملة المأمورين بالسجود ولم يسجد، أمر الشياطين وهم نتيجته وذريته أن يتصوّروا للنائم بما يتصوّر به الملائكة فظهرت المرايا الكاذبة. اعلم أنّ هذا الملك له أسماء كثيرة على عدد وجوهه يسمّى بالأعلى وبروح محمد صلى الله عليه وآله وسلم وبالعقل الأول وبالروح الإلهي من تسمية الأصل بالفرع، وإلّا فليس له في الحضرة الإلهية إلّا اسم واحد وهو الروح انتهى. وأيضا يطلق الروح عند أهل الرّمل على عنصر النار. فمثلا نار لحيان، يقولون عنها إنّها الروح الأولى، ونار نصرة الخارج تسمّى الروح الثانية. وقالوا في بعض الرسائل: النار هي الروح، والريح هي العقل والماء هو النفس، والتراب هو الجسم فالروح الأوّلي، إذا، هي النار الأولى، كما يقولون، وهكذا حتى النفي التي هي الروح السابعة.
والروح الأولى يسمّونها العقل الأوّل إلى عتبة الداخل التي هي العقل السابع. والماء الأوّل يقولون إنّها النفس النار الأولى الجسم الأوّل إلى عتبة الداخل الذي هو الجسم السابع انتهى.
وفي كليات أبي البقاء الروح بالضم هو الريح المتردّد في مخارق البدن ومنافذه واسم للنفس واسم أيضا للجزء الذي تحصل به الحياة واستجلاب المنافع واستدفاع المضار. والروح الحيواني جسم لطيف منبعه تجويف القلب الجسماني، وينتشر بواسطة العروق [الضوارب] إلى سائر أجزاء البدن؛ والروح الإنساني لا يعلم كنهه إلّا الله تعالى. ومذهب أهل السنة والجماعة أنّ الروح والعقل من الأعيان وليسا بعرضين كما ظنّته المعتزلة وغيرهم، وأنهما يقبلان الزيادة من الصفات الحسنة والقبيحة كما تقبل العين الناظر غشاوة ورمدا والشمس انكسافا. ولهذا وصف الروح بالأمّارة بالسّوء مرة وبالمطمئنّة أخرى. وملخص ما قال الغزالي إنّ الروح ليس بجسم يحلّ البدن حلول الماء في إناء ولا هو عرض يحلّ القلب والدماغ حلول العلم في العالم، بل هو جوهر لأنّه يعرف نفسه وخالقه ويدرك المعقولات وهو باتفاق العقلاء جزء لا يتجزّأ وشيء لا ينقسم، إلّا أنّ لفظ الجزء غير لائق به لأنّ الجزء مضاف إلى الكل ولا كلّ هاهنا فلا جزء، إلّا أن يراد به ما يريد القائل بقوله الواحد جزء من العشرة فإذا أخذت جميع [الموجودات أو جميع] ما به قوام البدن في كونه إنسانا كان الروح واحدا من جملتها لا هو داخل فيه ولا هو خارج عنه ولا هو منفصل منه ولا هو متّصل به، بل هو منزّه عن الحلول في المحال والاتصال بالأجسام والاختصاص بالجهات، مقدّس عن هذه العوارض وليس هذا تشبيها وإثباتا لأخصّ وصف الله تعالى في حق الروح، بل أخصّ وصف الله تعالى أنّه قيّوم أي قائم بذاته، وكل ما سواه قائم به. فالقيومية ليست إلّا لله تعالى. ومن قال إنّ الروح مخلوق أراد انه حادث وليس بقديم. ومن قال إنّ الروح غير مخلوق أراد أنّه غير مقدّر بكمية فلا يدخل تحت المساحة والتقدير. ثم اعلم أنّ الروح هو الجوهر العلوي الذي قيل في شأنه قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي يعني أنّه موجود بالأمر وهو الذي يستعمل في ما ليس له مادة فيكون وجوده زمانيّا لا بالخلق، وهو الذي يستعمل في مادّيات فيكون وجوده آنيا. فبالأمر توجد الأرواح وبالخلق توجد الأجسام المادية. قال الله تعالى: وَمِنْ آياتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّماءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ. وقال وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّراتٍ بِأَمْرِهِ.
والأرواح عندنا أجسام لطيفة غير مادية خلافا لفلاسفة فإذا كان الروح غير مادي كان لطيفا نورانيا غير قابل للانحلال ساريا في الأعضاء للطافته، وكان حيا بالذات لأنّه عالم قادر على تحريك البدن. وقد ألّف الله [بين] الروح والنفس الحيوانية. فالروح بمنزلة الزوج والنفس الحيوانية بمنزلة الزوجة وجعل بينهما تعاشقا. فما دام في البدن كان البدن حيا يقظان، وإن فارقه لا بالكلّية بل تعلقه باق [ببقاء النفس الحيوانية] كان البدن نائما، وإن فارقه بالكليّة بأن لم تبق النفس الحيوانية فيه فالبدن ميّت.
ثم هي أصناف بعضها في غاية الصّفاء وبعضها في غاية الكدورة وبينهما مراتب لا تحصى. وهي حادثة؛ أمّا عندنا فلأنّ كل ممكن حادث لكن قبل حدوث الأجسام لقوله عليه الصلاة والسلام: «خلق الأرواح قبل الأجسام بألفي عام». وعند أرسطو حادثة مع البدن.
وعند البعض قديمة لأنّ كل حادث مسبوق بالمادة ولا مادة له وهذا ضعيف. والحق أنّ الجوهر الفائض من الله تعالى المشرّف بالاختصاص بقوله تعالى وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي الذي من شأنه أن يحيى به ما يتّصل به لا يكون من شأنه أن يفنى مع إمكان هذا.
والأخبار الدالّة على بقائه بعد الموت وإعادته في البدن وخلوده دالّة على بقائه وأبديته. واتفق العقلاء على أنّ الأرواح بعد المفارقة عن الأبدان تنقل إلى جسم آخر لحديث: «أنّ أرواح المؤمنين في أجواف طير خضر» إلى آخره.

وروي: «أرواح الشهداء» الخ. ومنعوا لزوم التناسخ لأنّ لزومه على تقدير عدم عودها إلى جسم نفسها الذي كانت فيه وذلك غير لازم، بل إنّما يعاد الروح في الأجزاء الأصلية، إنّما التغيّر في الهيئة والشكل واللون وغيرها من الأعراض والعوارض.
ولفظ الروح في القرآن جاء لعدة معان.
الأول ما به حياة البدن نحو قوله تعالى:
وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ. والثاني بمعنى الأمر نحو وَرُوحٌ مِنْهُ والثالث بمعنى الوحي نحو تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ. والرابع بمعنى القرآن نحو وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا والخامس الرحمة نحو وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ والسادس جبرئيل نحو فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا انتهى من كليات أبي البقاء.
وفي الاصطلاحات الصوفية الروح في اصطلاح القوم هي اللطيفة الإنسانية المجرّدة.
وفي اصطلاح الأطباء هو البخار اللطيف المتولّد في القلب القابل لقوة الحياة والحسّ والحركة، ويسمّى هذا في اصطلاحهم النفس. فالمتوسّط بينهما المدرك للكلّيات والجزئيات القلب. ولا يفرّق الحكماء بين القلب والروح الأول ويسمّونها النفس الناطقة. وفي الجرجاني الروح الإنساني وهو اللطيفة العالمة المدركة من الإنسان الراكبة على الروح الحيواني نازل من [عالم] الأمر يعجز العقول عن إدراك كنهه، وذلك الروح قد يكون مجرّدة وقد يكون منطبقة في البدن. والروح الحيواني جسم لطيف منبعه تجويف القلب الجسماني وينتشر بواسطة العروق الضوارب إلى سائر أجزاء البدن. والروح الأعظم الذي هو الروح الإنساني مظهر الذات الإلهية من حيث ربوبيتها، لذلك لا يمكن أن يحوم حولها حائم ولا يروم وصلها رائم لا يعلم كنهها إلّا الله تعالى، ولا ينال هذه البغية سواه وهو العقل الأول والحقيقة المحمدية والنفس الواحدة والحقيقة الأسمائية، وهو أول موجود خلقه الله على صورته، وهو الخليفة الأكبر، وهو الجوهر النوراني، جوهريته مظهر الذات ونورانيته مظهر علمها، ويسمّى باعتبار الجوهرية نفسا واحدة، وباعتبار النورانية عقلا أوّلا، وكما أنّ له في العالم الكبير مظاهر وأسماء من العقل الأول والقلم الأعلى والنور والنفس الكلية واللوح المحفوظ وغير ذلك، كذلك له في العالم الصغير الإنساني مظاهر وأسماء بحسب ظهوراته ومراتبه. وفي اصطلاح أهل الله وغيرهم وهي السّر والخفي والروح والقلب والكلمة والرّوع والفؤاد والصدر والعقل والنفس.

يزِيد

يزِيد: مضارع مَعْرُوف من الزِّيَادَة يُقَال زَاد الْعَذَاب عَلَيْهِ يزِيد زِيَادَة فجوفه خَال عَن الصِّحَّة من الْأَزَل إِلَى الْأَبَد مَمْلُوء من الْعلَّة وَالْفساد. وَهُوَ علم ابْن مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان وَأَيْضًا علم ابْن نهشل وَاعْلَم أَن يزِيد بن نهشل كَانَ مَشْهُورا بالجود والسخاء وإعانة العاجزين عَن انتقام الْأَعْدَاء وَإِعْطَاء السَّائِلين بِغَيْر وَسِيلَة عِنْد اهلاك الهالكين أَمْوَالهم كَمَا أَن يزِيد بن مُعَاوِيَة أشهر من الشَّيْطَان عَلَيْهِ اللَّعْنَة والخسران فِي الشرارة والخباثة وإيذاء أهل بَيت رَسُول الله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَأحل الْمَدِينَة المكرمة ثَلَاثَة أَيَّام وَقد قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام من أَبَاحَ حرمي فقد حل عَلَيْهِ غَضَبي.
فَغَيره سوى عِلّة الْجوف عِلَّتَانِ: أَحدهمَا: أَنه علم مَشْهُور فِي أمره بقتل أَمِير الْمُؤمنِينَ الْحُسَيْن بن عَليّ كرم الله وَجهه على اخْتِلَاف الرِّوَايَة أَو استحلاله واستبشاره عِنْد سَماع الْخَبَر بقتْله رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. وَالثَّانيَِة: وزن فعله فَإِنَّهُ لَو اتزن فعله الشنيع مَعَ سَائِر الْأَفْعَال السَّيئَة للعصاة الْأَوَّلين والآخرين لرجح _ وَلِهَذَا امْتنع صرفه من جَزَاء الشَّرّ إِلَى جَزَاء الْخَيْر وَإِن سَأَلت عَن جَوَاز اللَّعْن عَلَيْهِ فَانْظُر فِي اللَّعْن. وَهلك يزِيد بن مُعَاوِيَة عَلَيْهِ مَا هُوَ أَهله فِي رَابِع عشرَة من ربيع الأول سنة أَربع وَسِتِّينَ من الْهِجْرَة النَّبَوِيَّة وَله تسع وَثَلَاثُونَ سنة وَدفن بمقبرة بَاب الصَّغِير فِي فنَاء قَرْيَة حواريم من مضافات دمشق. وَقَالَ صَاحب الْمُجْمل الفصيحي أَنه ولد فِي الثَّانِي وَالْعِشْرين من الْهِجْرَة وَكَانَ مخمورا وسكران فتواجد فِي مجْلِس الرقص فَوَقع بِرَأْسِهِ على الأَرْض وَانْشَقَّ رَأسه فَهَلَك وَدخل فِيمَا دخل وَالله أعلم.
وَكَانَ عبيد الله بن زِيَاد أَمِير الْجَيْش وَهُوَ أجهز على أَمِير الْمُؤمنِينَ الْحُسَيْن بن عَليّ كرم الله وَجهه وعَلى من كَانَ مَعَه من أهل بَيته ورفقائه السُّعَدَاء حَتَّى قَتله رَئِيس الأشقياء شمر بن ذِي الجوشن لعنة الله عَلَيْهِ وسبى عبيد الله الملعون بن زِيَاد حرمه المكرم وأهان بِمَا يقشعر من ذكره جُلُود الْأَبدَان. ويبكي الْملك وَالْإِنْس والجان _ وَكَانَ مَعَ أَمِير الْمُؤمنِينَ الْحُسَيْن رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ ثَمَانِيَة عشر رجلا من أهل بَيته وَسِتُّونَ رجلا من شيعته _ وَحكي أَن شمر بن ذِي الجوشن لعنة الله عَلَيْهِ لما قتل الإِمَام الْهمام وَأخذ بِرَأْسِهِ وَذهب بِهِ مَعَ جماعته الخبيثة إِلَى يزِيد بن مُعَاوِيَة وَهُوَ يَوْمئِذٍ كَانَ بِدِمَشْق حَتَّى وصلت تِلْكَ الْجَمَاعَة إِلَى دير فِي الطَّرِيق فنزلوا ليقيلوا بِهِ فوجدوا مَكْتُوبًا على بعض جدرانــه.
شعر:
(اترجوا أمة قتلت حُسَيْنًا ... شَفَاعَة جده يَوْم الْحساب)
فسألوا الراهب عَن السطر وَعَمن كتبه فَقَالَ إِنَّه مَكْتُوب هُنَا من قبل أَن يبْعَث نَبِيكُم بِخمْس مائَة عَام. وَقيل إِن الْجِدَار انْشَقَّ وَظهر مِنْهُ كف مَكْتُوب فِيهِ بِالدَّمِ هَذَا السطر هَكَذَا فِي حَيَاة الْحَيَوَان للفاضل الْكَامِل كَمَال الدّين الدَّمِيرِيّ رَحمَه الله. وَأَنا لَا أَزِيد على هَذَا فِي ذكر يزِيد بن مُعَاوِيَة كلما أَزِيد فِي مقاله يزِيد لَك سوء أَحْوَاله وشناعة أَفعاله اعتبروا يَا أولي الْأَبْصَار أَن سوء نَفسه الخبيثة الملعونة كَيفَ سَار سرَايَة تَامَّة إِلَى اسْمه حَيْثُ لَا يُسمى أحد أحدا باسمه قَالَ الله تبَارك وَتَعَالَى: {وَبئسَ مثوى الظَّالِمين} أَيهَا المحبون الْمُؤْمِنُونَ الصادقون الخارجون عَن طرق الْخَوَارِج الرافضون سنَن الروافض السالكون مَسْلَك أهل السّنة السّنيَّة وَالْجَمَاعَة الهنية أَن الْعين تَدْمَع وَالْقلب يَحْتَرِق بِقصَّة شَهَادَة سيد الشُّهَدَاء حُسَيْن بن عَليّ المرتضى قُرَّة عين فَاطِمَة الزهراء وَأَتْبَاعه الطيبين الطاهرين رضوَان الله تَعَالَى عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ _ اللَّهُمَّ هون عَليّ شَدَائِد الدُّنْيَا وَالْآخِرَة ببركة حبهم واحشرني يَوْم الْقِيَامَة مَعَهم تَحت لوائهم هَذَا مَا حررنا بِحَسب الِاتِّفَاق فِي اللَّيْلَة الْعَاشِرَة من الْمحرم الْحَرَام سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَمِائَة وَألف من الْهِجْرَة النَّبَوِيَّة - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْكِرَام وَأَصْحَابه الْعِظَام.

الْمهْدي

(الْمهْدي) الْإِنَاء يهدى فِيهِ
الْمهْدي: من هدى يهدي هِدَايَة، وَالْإِمَام الْهمام مُحَمَّد الْمهْدي رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ سيولد خلافًا لرأي الشِّيعَة، فَإِنَّهُ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ عِنْدهم مَوْجُود مختف عَن الْأَعْدَاء وَهُوَ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ من أَوْلَاد الْحسن بن فَاطِمَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا خلافًا للشيعة فَإِنَّهُم يَقُولُونَ من أَوْلَاد الْحُسَيْن رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
وَيكْتب صَاحب (منتخب التواريخ) أَن الإِمَام مُحَمَّد الْمهْدي ابْن الإِمَام الْحسن العسكري أمه أم ولد اسْمهَا (نرجس) كَانَت وِلَادَته لَيْلَة الْجُمُعَة الْخَامِس عشر من شعْبَان سنة خمس وَخمسين وَمِائَتَيْنِ فِي سامراء، غَابَ غيبته الصُّغْرَى فِي زمن الْمُعْتَمد العباسي سنة سِتّ وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ، وغيبته الْكُبْرَى كَانَت فِي زمن الراضي بن المقتدر العباسي بتاريخ ثَمَان وَعشْرين وَثَلَاث مائَة. (انْتهى) . وَعِنْدنَا اسْمه مُحَمَّد وَاسم أَبِيه عبد الله، وَاسم أمه آمِنَة، مَوْلُود بِمَكَّة، وهجرته بِبَيْت الْمُقَدّس وَيكون فِيهَا قَبره.
وحليته مسطورة فِي كتب السّير وَيظْهر على الْخلق وَله أَرْبَعُونَ سنة فِي مَكَّة الشَّرِيفَة يَوْم عَاشُورَاء بعد الْعشَاء وَيفهم من بعض الرسائل أَن ظُهُوره فِي الْمِائَتَيْنِ بعد الْألف وَفِي وَقت ظُهُوره رِوَايَات مُخْتَلفَة ويبايعه ثَلَاث مائَة وَثَلَاثَة عشر رجلا من أَشْرَاف الْقَوْم على عدد أهل بدر بَين الْحجر الْأسود ومقام إِبْرَاهِيم، وَمَعَهُ علم النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام مَكْتُوب عَلَيْهِ الْبيعَة لله وحامله شُعَيْب بن صَالح التَّيْمِيّ وَأَيْضًا قَمِيص النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وسيفه وَأكْثر من يبايعه أهل الْكُوفَة وَأهل الْيمن وأبدال الشَّام وَيملك الدُّنْيَا كلهَا كسليمان عَلَيْهِ السَّلَام وَذي القرنين يملك الْعَرَب والعجم بِلَا محاربة وَمُدَّة سلطنته سبع سِنِين. وَفِي رِوَايَة ثَمَان. وَفِي رِوَايَة تسع. مقدم جَيْشه جِبْرَائِيل ومؤخره مِيكَائِيل وَمَعَهُ ثَلَاثَة آلَاف من الْمَلَائِكَة. وَيكون على رَأسه سَحَاب فِيهِ ملك يَقُول هَذَا هُوَ الْمهْدي الْمَوْعُود فَبَايعُوهُ وسعة كَلَامه من الْمشرق إِلَى الْمغرب حَتَّى يَسْتَيْقِظ النَّائِم مِنْهُ. وَله خوارق وكرامات وَيخرج من الْبَلدة التابوت فِيهِ سكينَة من ربكُم وَبَقِيَّة مِمَّا ترك آل مُوسَى وَآل هَارُون وَأَرْبَعَة أَلْوَاح من التَّوْرَاة وعصا مُوسَى وحلة آدم وَخَاتم سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام. وَإِذا أَتَى على بَلْدَة يَقُول الله أكبر الله أكبر فيهدم جدران حصنها. فَإِذا ملك الأَرْض كلهَا يملأها عدلا بِحَيْثُ لَا يُؤْذِي المؤذيات أحدا ويلعب الصّبيان مَعَ الْحَيَّات والعقارب ويسكن فِي بَيت الْمُقَدّس ثمَّ يبلغهُ الْخَبَر بِخُرُوج الدَّجَّال. فَينزل عِيسَى ابْن مَرْيَم عَلَيْهِ السَّلَام. ثمَّ الْأَصَح أَنه يُصَلِّي بِالنَّاسِ ويقتدي بِهِ الْمهْدي لِأَن عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام أفضل فإمامته أولى كَذَا فِي شرح العقائد للعلامة التَّفْتَازَانِيّ رَحمَه الله تَعَالَى وَهُوَ الْمعول عَلَيْهِ الَّذِي اتّفق عَلَيْهِ الثِّقَات من الْمُحدثين (وَقَالَ القَاضِي عِيسَى) فِي رسَالَته فِي بَاب الْمهْدي أَنه يجمع الْمهْدي وَعِيسَى ابْن مَرْيَم فِي وَقت الصَّلَاة فَيَقُول الْمهْدي لعيسى ابْن مَرْيَم تقدم فَيَقُول عِيسَى أَنْت أولى بِالصَّلَاةِ فَيصَلي عِيسَى عَلَيْهِ وَالسَّلَام وَرَاءه مَأْمُوما. وَعَن عبد الله بن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا أَنه قَالَ الْمهْدي ينزل عَلَيْهِ عِيسَى ابْن مَرْيَم يُصَلِّي خَلفه عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام. وَعَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْمهْدي مني أجلى الْجَبْهَة أقنى الْأنف يمْلَأ الأَرْض قسطا وعدلا كَمَا ملئت ظلما وجورا يملك سبع سِنِين.
(بَاب النُّون مَعَ الصَّاد)

لَبِسَ

لَبِسَ الثَّوْبَ، كسَمِعَ، لُبْساً، بالضم،
وـ امرأةً: تَمَتَّعَ بها زَماناً،
وـ قَوْماً: تَمَلَّى بِهم دَهْراً،
وـ فلانَةَ عُمُرَهُ: كانَتْ معه شَبَابَهُ كُلَّهُ.
واللِّبَاسُ واللَّبُوسُ واللِّبْسُ، بالكسر،
والمَلْبَسُ، كَمَقْعَدٍ ومِنْبَرٍ: ما يُلْبَسُ.
واللِّبْسُ، بالكسر: السِّمْحَاقُ، (وهو جُلَيْدَةٌ رَقيقةٌ تكونُ بينَ الجِلْدِ واللَّحْمِ) .
ولِبْسُ الكَعْبَةِ: كِسْوَتُهَا.
واللِّبْسَةُ: حَالَةٌ من حالاتِ اللُّبْسِ، وضَرْبٌ من الثِّيَابِ،
كاللَّبْسِ، وبالضم: الشُّبْهَةُ. وككتابٍ: الزَّوْجُ، والزَّوْجَةُ، والاخْتِلاَطُ، والاجْتِمَاعُ.
{ولباسُ التَقْوَى} : الإِيمانُ، أو الحياء، أو سَتْرُ العَوْرَةِ.
و {فَأَذاقَهَا اللُّه لِباسَ الجُوعِ} ، لَمَّا بَلَغَ بهم الجُوعُ الغايَةَ، ضَرَبَ له اللِّبَاسَ مَثَلاً لاِشْتِمَالِهِ.
واللَّبُوسُ: الدِّرْعُ.
واللَّبِيسُ: الثوبُ قد اُكْثِرَ لُبْسُهُ، فأخْلَقَ.
والمِثْلُ ليسَ له لَبيسٌ، أي: نَظيرٌ.
ودَاهِيَةٌ لَبْسَاء: مُنْكَرَةٌ.
واللَّبَسَةُ، محركةً: بَقْلَةٌ.
وإنَّ فيه لَمَلْبَساً، كمَقْعَدٍ، أي: ما به كِبْرٌ.
و"أعْرَضَ ثَوْبُ المَلْبَسِ"، كمَقْعَدٍ ومِنْبَرٍ ومُفلسٍ: مَثَلٌ يُضْرَبُ لمن كثُرَ من يَتَّهِمُهُ.
ولَبَسَ عليه الأمرَ يَلْبِسُهُ: خَلَطَهُ.
وألْبَسَهُ: غَطَّاهُ.
وأمرٌ مُلْبِسٌ ومُلْتَبِسٌ: مُشْتَبِهٌ.
والتَّلْبِيسُ: التَّخْلِيطُ، والتَّدْلِيسُ.
ورجُلٌ لَبَّاسٌ، كشَدَّادٍ: كثيرُ اللِّبَاسِ، أو اللُّبْسِ، ولا تَقُلْ: مُلَبِّسٌ.
وتَلَبَّسَ بالأمر، وبالثوب: اخْتَلَطَ،
وـ الطعامُ باليَدِ: التَزَقَ.
ولابَسَهُ: خالَطَهُ،
وـ فلاناً: عَرَفَ باطِنَهُ.
وفي الحديثِ: "فَخِفْتُ أن يكون قد التُبِسَ بي"، أي: خُولِطْتُ، من قولِكَ:
في رأيِهِ لَبْسٌ، أي: اخْتِلاَطٌ.
لَبِسَ: لبس الزرد (مملوك 1، 2 78، ألف ليلة 170:3).
لبس: يقال في الشعر لبس الدجا (الدجى: المترجم) = سار في الظلام (معجم مسلم).
لبّس: ألبس، أكسى، سربل، فصّل وخيّط ثوباً ل (فوك، بوشر).
لبّس: سامة خسفاً، طعن فيه بالقول، قذفه، تهكّم على، ثلبه، اغتابة (بوشر).
لبّسه متسلم حلب: قلدة ولاية حلب (بوشر).
لبّس ب: صفّح، ركب شيئاً مستويا على آخر (بوشر: حيان 12): اتخذ عليها أبواب حديد ملبسة عجيبة الصنعة (كرتاس 9: 41): صهريج ملبّس بالرصاص.
لبّس ب: جصص، ملَط، ملّط، مدر (فوك، شيرب، ديال 70، كارتاس 32، 8): فلبَّس الصومعة بالجصّ والجيّار (1، 9 و10 ألف ليلة 1، 75).
لبّس على: أخفى (كارتاس 35، 15):فنصبوا على ذلك النقش والتذهيب الذي فوق المحراب وحوله بالكاغيد ثم لبسوا عليه بالجص (رحلة ابن جبير 14: 36) وهذه لا محالة من الأمور الملّبس فيها على السلطان ولو علم بذلك على ما يؤثر عنه من العدل وإيثار الرفق لأزالة ذلك لعل هذا التعبير قد ورد عند (محمد بن حارث 292) أيضاً: اشتغل به قلب هاشم ولبس عليه مكانته ورد فكره إلى ضرة ومطالبته وتفسير لبّس عليه هنا هو: خفي عليه قصده.
لبّس في: وضع شيئاً في شيء آخر: (ابن البيطار 120:1): حجر الباد زهر يكون نافعاً إذا لبس في خاتم ذهب.
لبّس على: خدع. غش. تلبيس: خدعة، غش. مُلبَّس: غشاش. خداع (كليلة ودمنة 139، 4، المقدمة 40:1، 9، 166، 13): لُبّس عليه ب (دي سلين، المقدمة 40:1): لبَّس عليه بالعدالة: جعله يعتقد بعدالته (المقدمة 169:1، 287:3، 289:2، 220:2، 6، 307:2، 389:3، 284:2:9، 14، 15 البربرية 457:1، 3 الجريدة الآسيوية 1848، 245:2، 2؛ وفي الجريدة الآسيوية أيضاً 1852، 213:2، 3) لبّس عليه الأمر أن والده توفي: كان ضحية لأكذوبة فقد خيّل إليه أن والده قد قضى نحبه.
لبّس ب: تظاهر، أظهر ما ليس بنفسه (البربرية 654:1 و41:2، 6 حيث ينبغي تصحيح العبارة): ثم غالطني بما بذله تلبيساً بالكرم أي بما تظاهر به من علامات الكرم (انظر الهامش السابق أي رقم 16).
لبّس عليه بكتاب: خدعه بأن أعطاه كتاباً، بمعنى: سلمه كتاباً فتخيّل ما لا حقيقة به (كارتاس 266، 4) ويقال أيضاً كتاب لبّس فيه أي لفّق فيه (البربرية 360:1، 10) أو تلبيس الكتاب على لسان فلان 364، 14: واقرأ في المرجع نفسه الرواية التي قصها المؤلف فقد أورد صيغة أخرى في (560:2، 2): ولبست عليه وعلى وزيره كتب إلى عظماء القبيل .. الخ أي زورت باسم هذا الرئيس ووزيره تدعوهم إلى الثورة (انظر الهامش السابق أي 16).
لبّس بشبه فلان: إنه فلان (البربرية 67:1).
لبّس بأنه الفضل: ادعى إنه الفضل (البربرية 90).
هذا النوع من الغش يدعى (تلبيس) (102، 103، 267:1، 2) تلبيسه بأبي عبد الرحمن: ادعى إنه أبو عبد الرحمن (384:2، 1).
لابس: كان صديقاً حميماً لفلان حين خالطه وفي المعاجم العربية أمثلة متعددة لهذا المعنى في كلمة شمل حين تكون في صيغة افتعل (أي اشتمل).
لابس: انظرها عند (فوك) في مادة contractus in mercatione.
ألبس: البس فلاناً درعه فهو ملبس أي لابس درعه (مملوك 1، 2، 78). (انظر الهامش السابق رقم 16).
ألبس: ألبس الفرس صفائح حديدية لوقاية من القذائف في الحرب، ألبسه درعاً وما شاكله، ألبسه جلاً فاخراً أو زينة أخرى (توضع على الخيل في بعض الحملات) (المرجع نفسه 79، ملاحظات 184:13).
ألبسه: أودعه سراً من الأسرار (معجم مسلم).
ألبس على: تريب من، استراب ب، تشكك في (فوك).
ألبس على: توّة وحيّر فلاناً (المقدمة 208:3، 4).
تلبّس: تزين وازدان، تجمّل، تبرّج، (بوشر، معجم الجغرافيا).
تلبّس: تملّط، تطيّن، تدهّن، طلى، تجصص (فوك).
تلبّس: تحرّف، زوّر، تشوه (المقدمة 57:1، 9).
تلبّس على: صَعُب. عسُر، تعسّر، أعضل به الأمر (فوك).
تلبس ب: تعاطى، عُني واعتنى، اهتم ب، (المقدمة 381:2، 13 البربرية 457:1، 12 لو قرأت متلبساً وفقاً لمخطوطتنا: 1351، كارتاس 10: 239).
تلبّس ب: احتاز، تملك. اقتطع (بيان 48:1، 12).
تلبّس ب: تعلّق بفلان (المقدمة 287:1، 7. هكذا وردت حركة الكلمة في مخطوطتنا 1350. وقد فضل دي سلان [والملتبسون] وقد وردت في مخطوطتنا أيضاً ص48). وأعتقد أن ما كان منها على وزن تلبس والتبس يحمل المعنى نفسه. انظر ما كان على وزن التبس (افتعل) عند (فوك) في مادة vestire.
يلتبس: يلبس، ممكن لبسه (بوشر).
التبس: اشتبه على، أشكل. التبس على: شبّه عليه وبه (محيط المحيط، دي ساسي كرست 98:2) وقد استخدم النويري (أسبانيا 247) هذا التعبير مفنداً زعم (ابن الرقيق) والتبس عليه محمد بن عبد الله بجدّه محمد بن عبد الرحمن أي إنه لم يميز بين الأميرين (انظر الهامش السابق).
التبس ب: تعاطى، عني واعتنى، اهتم ب، (عباد 1، 166 رقم 545 معجم الطرائف المقدمة 363:2، 1، البربرية 457:1، 12 وانظر تلبس فيما تقدم).
التبس ب: امتزج ب، اختلط ب (دي سلان المقدمة 24:1) (انظر الهامش السابق رقم 16).
التبس ب: أخذ، تملك خَصَّ واختص ذاته ب، استولى على (معجم البيان، حيان بسّام 1، 157): وصير كل ذلك بأيدي ثقات من أهل الخدمة لا يلتبس بشيء منه.
التبس ب: ارتبط، علق وتعلّق بفلان (انظر تلبس فيما تقدم).
التبس بالجني: حالة من إصابة المسّ من الجن أو العفاريت، أو إصابة الصرع (لين ترجمة ألف ليلة 330:2 رقم 107).
لَبْس: لَبْسٌ في الكلام: إبهام جملة لها معنيان أو أكثر لسوء تركيبها أو لقصد الإبهام (بوشر). (انظر الهامش السابق رقم 16).
لِبس وجمعها لُبُوس: زرد. في الجملتين الليتن أوردها (كاترمير 2:1، 79 في كتابه تاريخ المماليك) كان معه لبوس وسلاح ووجد عندهم لبوساً كثيرة (صحح هذه الملاحظة ابن الأثير 75:12، 7). (انظر الهامش السابق رقم 16).
لَبس: جل من الصوف، حشية من القطن، يغطى ظهر الحصان في الحرب وأطرافه ورقبته وصدره وهو، حسبما يقال، لا يخترقه الرمح أو السيف (بركهارت نويبا 215).
لبس: نوع من الطير (ياقوت 1، 885، 13). لبس: نوع من السمك (ياقوت 1، 886، 8).
لِبسة: لبسة شيطان، حالة من يصيبة المسّ (بوشر).
لَبَسة: بقلة حامضة، حُمّاض (الكالا Romaza yerva وعند كولمييرو Romaza تقابل باللاتينية Rumex Patientia) .
لبسيّ: ملتبس، كلام ذو معنيين أو أكثر (بوشر). (انظر الهامش المرقم 16).
لبْسان: حبة الخردل sinapis arvenis ( ابن البيطار الجزء الثاني ص52 ومهرن 35). لبسان البحائر: باللاتينية sisymberium iris ( براكس جريدة الشرق والجزائر 280:8).
لبسان الخيل: باللاتينية capsella bursa pastoris ( براكس - المرجع السابق).
لبسان مقلوب: باللاتينية: sinapis pubescens. ( براكس - المرجع السابق).
لباس وجمعها لباسات وألبسة: لباس، سروال صغير. سراويل. بنطال (الملابس الترجمة العربية 319، بوشر).
لباس: (مملوك 2:1، 70): درع (ابن الأثير 75: 1275، 7 نويري أفريقيا 64 وضع لباس موضع - لبس). (انظر الهامش السابق المرقم 16).
لبيس: نوع من سمك الشبوط (انظر معجم الادريسي، فانسليب 72، سيتزن 499:3، 516:4: أبو لبيس).
لُبَيس: الأسماك عموماً (الكالا).
لِباسة: سراويل (برجرن). (انظر هامش 19).
لبّاس: (لم يحسن فريتاج تفسيرها): هو الذي يرتدي فاخر اللباس (معجم الطرائف). (انظر هامش 19).
لَبَّاس الخاتم: الخنصر (انظر محيط المحيط في مادة خنصر).
لابس: هو الذي يرتدي الدرع (ألف ليلة برسل 316:12): وإذا به ملآن بالعسكر وهم بين مدرع ولابس.
تَلباس: دهن، طلاء (شيرب، ديال 67).
تلبيس: إيهام، غموض (دي سلان): (المقدمة 76:3، 12).
تلبيس: سياع طلاء الــجدران (بوشر).
أهل التلبيس: المنافقون (دي ساسي كرست 103:2، 1).
تلبيس: داهية، محتال (بوشر) مراءٍ (هلو)؛ وفي (محيط المحيط) تعبير عامي: ولد تلبيس والجمع تلابيس وهي تحريف ولد إبليس. (انظر هامش 19).
مُلبَس: أنيق (ألف ليلة، برسل 194:2).
مُلبِس: المشرف على ملابس السلطان (فريتاج، كرست 8: 130): قتل ملبس السلطان وطشت داره.
ملبس وجمعها ملبّسات: نوع من الحلويات (بوشر همبرت 16: ملبّس أو اللوز المغلف بالسكّر) (برجرن 269، محيط المحيط، ألف ليلة وليلة 475:3، 4؛ ملبس القرفة (بوشر). (انظر هامش 16).
ملبوس: لِبسة، زي، أزياء (بوشر). (انظر هامش 16).
ملبوس: ممسوس، شيطاني، به مسّ من الشيطان (بوشر).
ملبوس: من كان في حالة حماسة أو هياج ديني، متشنج (لين عادات 219:2 بيرتون 198:1).
التباس. في الكلام: إبهام مقصود في الجملة أو لسوء تركيبها.
التباس المعنى: الغموض (بوشر). (انظر هامش 16).
ملتبس: إبهام. جملة معنيان أو أكثر لسوء تركيبها أو لقصد الإبهام. المعنى ملتبس: نوع غامض (بوشر) (انظر هامش 19).
ملتبس: مراءٍ (المقري 328:3، 6): الملتبس الذي يظهر النسك والعبادة ويبطن الفسق والفساد.

بَرْقَعِيدُ

بَرْقَعِيدُ، كزَنْجَبيلٍ: د قُرْبَ المَوْصِلِ.
بَرْقَعِيدُ:
بالفتح، وكسر العين وياء ساكنة، ودال:
بليدة في طرف بقعاء الموصل من جهة نصيبين مقابل باشزّى، قال أحمد بن الطيب السرخسي: برقعيد بلدة كبيرة من أعمال الموصل من كورة البقعاء وبها آبار كثيرة عذبة، وهي واسعة وعليها سور ولها ثلاثة أبواب: باب بلد، وباب الجزيرة، وباب نصيبين، وعلى باب الجزيرة بناء لأيوب بن أحمد وفيها مائتا حانوت. قلت أنا: كانت هذه صفتها في قرابة سنة 300 بعد الهجرة، وكان حينئذ ممرّ القوافل من الموصل إلى نصيبين عليها، فأما الآن فهي خراب صغيرة حقيرة، وأهلها يضرب بهم المثل في اللصوصية، يقال: لصّ برقعيديّ، وكانت القوافل إذا نزلت بهم لقيت منهم الأمرّين. حدثني بعض مجاوريها من أهل القرى أن قفلا نزل تحت بعض جدرانــها احترازا وربط رجل من أهل القفل حمارا له تحت ذلك الجدار خوفا عليه من السّرّاق وجعل الأمتعة دونه واشتغلوا بالعسّ وحراسة ما تباعد عن الجدار لأنهم أمنوا ذلك الوجه، فصعد البرقعيديّون على الجدار وألقوا على الحمار الكلاليب وأنشبوها في برذعته واستاقوه إليهم وذهبوا به ولم يدر به صاحبه إلى وقت الرحيل، فلما كثرت منهم هذه الأفاعيل تجنبتهم القوافل وجعلوا طريقهم على باشزّى وانتقلت الأسواق إلى باشزّى. وبين برقعيد والموصل أربعة أيام وبينها وبين نصيبين عشرة فراسخ، ومن برقعيد هذه كان بنو حمدان التغلبيون سيف الدولة وأهله، وقال
شاعر يهجو سليمان بن فهد الموصلي مستطردا ويمدح قرواش بن المقلّد أمير بني عقيل:
وليل كوجه البرقعيديّ، ظلمة، ... وبرد أغانيه وطول قرونه
سريت، ونومي فيه نوم مشرّد ... كعقل سليمان بن فهد ودينه
على أولق فيه الهباب، كأنه ... أبو جابر في خبطه وجنونه
إلى أن بدا ضوء الصباح، كأنه ... سنا وجه قرواش وضوء جبينه
وقال الصّولي: دخل رجل على أيوب بن أحمد ببرقعيد فأنشده شعرا فجعل يخاطب جارية ولا يسمع له فخرج وهو يقول:
أدب، لعمرك، فاسد ... مما تؤدّب برقعيد
من ليس يدري ما يري ... د فكيف يدري ما نريد؟
من ليس يضبطه الحدي ... د، فكيف يضبطه القصيد؟
علم هنالك مخلق، ... والجهل مقتبل جديد
وقد نسب إليها قوم من الرّواة، منهم: الحسن ابن عليّ بن موسى بن الخليل البرقعيدي، سمع ببيروت أحمد بن محمد بن مكحول البيروتي وبأطرابلس خيثمة بن سليمان وعبد الله بن إسماعيل وبالرملة زيد بن الهيثم الرملي وبقيسارية أحمد بن عبد الرحمن القيسراني وبالموصل عبد الله بن أبي سفيان وأبا جابر زيد بن عبد العزيز وببلد أبا القاسم النعمان ابن هارون وبحرّان أبا عروبة وبرأس عين أبا عبد الله الحسين بن موسى بن خلف الرّسعني وغير هؤلاء، وأحمد بن عامر بن عبد الواحد بن العباس الربعي البرقعيدي، سمع بدمشق أحمد بن عبد الواحد بن عبّود ومحمد بن حفص صاحب واثلة وشعيب بن شعيب بن إسحاق والهيثم بن مروان العبسي وبغيرها معروف بن أبي معروف البلخي ومحمد بن حماد بن مالك ومؤمّل بن إهاب وغيرهم، روى عنه أبو أحمد بن عدي ومحمد بن أحمد بن حمدان المروروذي وأبو محمد الحسن بن علي البرقعيدي وغيرهم، وكان يسكن نصيبين، وقال أبو أحمد بن عليّ: وكان شيخا صالحا.

فسيفساء

فسيفساء
فُسَيْفِساءُ [جمع]: (فن) قطع صغيرة ملوَّنة من الرُّخام أو الحصباء أو الخرز أو غير ذلك، يُضَمّ بعضها إلى بعض فيكوَّن منها رسوم تُزَيَّن بها أرضيّة البيت أو جدرانــه. 

فُسَيْفِسائيّ [مفرد]:
1 - اسم منسوب إلى فُسَيْفِساءُ: ما يشبه الفُسَيْفساء "تجليد فُسَيْفسائيّ الشَّكل".
2 - مصمِّم الفُسَيْفساء. 

الضبر

(الضبر) الشَّديد وَمن الأفراس وَالرِّجَال الوثاب
(الضبر) شدَّة تلزيز الْعِظَام واكتناز اللَّحْم وَفرس ضبر مُجْتَمع الْخلق والدبابة كَانَت تتَّخذ من خشب يغشى بِالْجلدِ يحتمي بِهِ الرِّجَال ويتقدمون إِلَى الْحُصُون لدق جدرانــها ونقبها وَالْجَمَاعَة وَشَجر جوز الْبر وَهُوَ جوز صلب ينور وَلَا يعْقد (جوز الطّيب) (ج) ضبور

الجنادي

(الجنادي) الثِّيَاب تستر بهَا الــجدران وجنس من الأنماط وَفِي حَدِيث سَالم (سترنا الْبَيْت بجنادي أَخْضَر فَدخل أَبُو أَيُّوب فَلَمَّا رَآهُ خرج إنكارا لَهُ)

إِخْمِيم

إِخْمِيم:
بالكسر، ثم السكون، وكسر الميم، وياء ساكنة، وميم أخرى: بلد بالصعيد في الإقليم الثاني، طوله أربع وخمسون درجة، وعرضه أربع وعشرون درجة وخمسون دقيقة، وهو بلد قديم على شاطئ النيل بالصعيد، وفي غربيّه جبل صغير، من أصغى إليه بأذنه سمع خرير الماء، ولغطا شبيها
بكلام الآدميين، لا يدرى ما هو. وباخميم عجائب كثيرة قديمة، منها البرابي وغيرها. والبرابي أبنية عجيبة فيها تماثيل وصور، واختلف في بانيها، والأكثر الأشهر أنها بنيت في أيام الملكة دلوكة، صاحبة حائط العجوز، وقد ذكرت ما بلغني من خبرها، وكيفية بنائها، والسبب فيه في البرابي من هذا الكتاب، وهو بناء مسقف بسقف واحد، وهو عظيم السعة، مفرطها، وفيه طاقات ومداخل، وفي جدرانــه صور كثيرة، منها صور الآدميين، وحيوان مختلف، منه ما يعرف، ومنه ما لا يعرف، وفي تلك الصور، صورة رجل لم ير أعظم منه، ولا أبهى، ولا أنبل، وفيها كتابات كثيرة، لا يعلم أحد المراد بها، ولا يدرى ما هي، والله أعلم بها.
وينسب إليها ذو النون بن ابراهيم الإخميمي المصري الزاهد، طاف البلاد في السياحة، وحدّث عن مالك بن أنس، والليث بن سعد، وفضيل بن عياض، وعبد الله بن لهيعة، وسفيان بن عيينة، وغيرهم، روى عنه الجنيد بن محمد وغيره، وكان من موالي قريش، يكنّى أبا الفيض، قال: وكان أبوه ابراهيم نوبيّا.
وقال الدارقطني: ذو النون بن ابراهيم روى عن مالك أحاديث في أسانيدها نظر، وكان واعظا، وقيل: إن اسمه ثوبان، وذو النون لقب له، ومات بالجيزة من مصر، وحمل في مركب حتى عدي به خوفا عليه من زحمة الناس على الجسر، ودفن في مقابر المعافر، وذلك في ذي القعدة سنة 246، وله أخ اسمه ذو الكفل. وإخميم أيضا: موضع بأرض العرب، قال أبو عبد الله محمد بن المعلّى بن عبد الله الأزدي في شرحه لشعر تميم بن أبيّ بن مقبل، وذكر اسماء جاءت على وزن إفعيل، فقال: وإخميم موضع غوريّ نزله قوم من عنزة، فهم به إلى اليوم، قال شاعر منهم:
لمن طلل عاف بصحراء إخميم، ... عفا غير أوتاد وجون يحاميم

كاكُدَم

كاكُدَم:
بضم الكاف الثانية، وفتح الدال: مدينة بأقصى المغرب جنوبي البحر متاخمة لبلاد السودان ومنها كان ملوك العرب الملثمين الذين كانوا قبل عبد المؤمن، وبها تجار وصناع أسلحة من الرماح والدّرق اللّمطية وما تشتد حاجة البادية إليه من الصناع لأن الملثمين في بلادهم كانوا لا يأوون إلى الــجدران إنما كانوا أرباب خيام وسكان بادية، وحبال خيامهم من الكتان الأبيض، ينتجعون الكلأ، وقبائلهم لمتونة ومسّوفة وكدالة أكثرهم عددا، ومسوفة أجملهم صورا، ولمتونة أشجعهم والملك فيهم، ومنهم كان أمير الملثمين يوسف بن تاشفين الذي ملك الغرب كله، وبأرضهم حيوان يقال له اللّمط من جنس الظباء إلا أنه أعظم خلقا أبيض اللون يتخذ من جلده الدّرق
اللمطية قطر الدرقة منها عشرة أشبار لم يتحصن المحاربون قط بأوقى منها، يكون ثمن الجيد منها بالمغرب ثلاثين دينارا مومنية تدبغ في بلادهم باللبن وقشر بيض النعام.

القَصْرُ الأبيَضُ

القَصْرُ الأبيَضُ:
والقصر الأبيض: من قصور الحيرة، ذكر في الفتوح أنه كان بالرّقة وأظنه من أبنية الرشيد، وجد على جدار من جدرانــه مكتوبا:
حضر عبد الله بن عبد الله ولأمر ما كتمت نفسي وغيبت بين الأسماء اسمي في سنة 305، ويقول:
سبحان من تحلّم عن عقوبة أهل الظلم والجبرية، إخوتي ما أذل الغريب وإن كان في صيانة وأشجى قلب المفارق وإن كان آمنا من الخيانة، وأمور الدنيا عجيبة والأعمار فيها غريبة.
وذو اللّبّ لا يلوي إليها بطرفه، ... ولا يقتفيها دار مكث ولا بقا
تأمّل تر بالقصر خلقا تحسه ... خلا بعد عز كان في الجو قد رقا
وأمر ونهي في البلاد ودولة ... كأن لم تكن فيه وكان به الشّقا

قُرْيانُ

قُرْيانُ:
موضع في ديار بني جعدة من بني عامر، قال مالك بن الصمصامة الجعدي:
إذا شئت فاقرنّي إلى جنب غيهب ... أجبّ، ونضوى للقلوص نجيب
فما الأسر بعد الحلق شرّ بقية ... من الصدّ والهجران، وهي قريب
ألا أيها الساقي الذي بلّ دلوه ... بقريان يسقي هل عليك رقيب؟
إذا أنت لم تشرب بقريان شربة ... وجايئة الــجدران ظلت تلوب
أحبّ هبوط الواديين، وإنني ... لمستهتر بالواديين غريب
أحقّا، عباد الله، أن لست والجا ... ولا خارجا إلا عليّ رقيب
ولا زائرا فردا ولا في جماعة ... من الناس إلا قيل أنت مريب
وهل ريبة في أن تحنّ نجيبة ... إلى إلفها أو أن يحنّ عزيب؟

طُوسُ

طُوسُ:
قال بطليموس: طول طوس إحدى وثمانون درجة، وعرضها سبع وثلاثون، وهي في الإقليم الرابع، إن شئت صرفته لأن سكون وسطه قاوم إحدى العلّتين، واشتقاقه في الذي قبله: وهي مدينة بخراسان بينها وبين نيسابور نحو عشرة فراسخ تشتمل على بلدتين يقال لإحداهما الطابران وللأخرى نوقان ولهما أكثر من ألف قرية فتحت في أيام عثمان بن عفان، رضي الله عنه، وبها قبر عليّ بن موسى الرّضا وبها أيضا قبر هارون الرشيد، وقال مسعر بن المهلهل:
وطوس أربع مدن: منها اثنتان كبيرتان واثنتان صغيرتان، وبها آثار أبنية إسلامية جليلة، وبها دار حميد بن قحطبة، ومساحتها ميل في مثله، وفي بعض بساتينها قبر عليّ بن موسى الرضا وقبر الرشيد، وبينها وبين نيسابور قصر هائل عظيم محكم البنيان لم أر مثله علوّ جدران وإحكام بنيان، وفي داخله مقاصير تتحير في حسنها الأوهام وآزاج وأروقة وخزائن وحجر للخلوة، وسألت عن أمره فوجدت أهل البلد مجمعين على أنه من بناء بعض التبابعة وأنه كان قصد بلد الصين من اليمن فلما صار إلى هذا المكان رأى أن يخلّف حرمه وكنوزه وذخائره في مكان يسكن إليه ويسير متخففا فبنى هذا القصر وأجرى له نهرا عظيما آثاره بيّنة وأودعه كنوزه وذخائره وحرمه ومضى إلى الصين فبلغ ما أراد وانصرف فحمل بعض ما كان جعله في القصر وبقيت له فيه بعد أموال وذخائر تخفى أمكنتها وصفات مواضعها مكتوبة معه، فلم يزل على هذه الحال تجتاز به القوافل وتنزله السابلة ولا يعلمون منه شيئا حتى استبان ذلك واستخرجه أسعد بن أبي يعفر صاحب كحلان في أيامنا هذه لأن الصفة كانت وقعت إليه فوجّه قوما استخرجوها وحملوها إليه إلى اليمن، وقد خرج من طوس من أئمة أهل العلم والفقه ما لا يحصى، وحسبك بأبي حامد محمد بن محمد بن محمد الغزالي الطوسي وأبي الفتوح أخيه، وأما الغزالي أبو حامد فهو الإمام المشهور صاحب التصانيف التي ملأت الأرض طولا وعرضا، قرأ على أبي المعالي الجويني ودرس بالنظاميّة بعد أبي إسحاق ونال من الدنيا أربه ثم انقطع إلى العبادة فحجّ إلى بيت الله الحرام وقصد الشام وأقام بالبيت المقدّس مدة، وقيل: إنه قصد الإسكندرية وأقام بمنارتها ثم رجع إلى طوس وانقطع إلى العبادة فألزمه فخر الملك بن نظام الملك بالتدريس بمدرسته في نيسابور فامتنع وقال: أريد العبادة، فقال له: لا يحلّ لك أن تمنع المسلمين الفائدة منك، فدرّس ثم ترك التدريس ولزم منزله بطوس حتى مات بالطابران منها في رابع عشر جمادى الآخر سنة 505 ودفن بظاهر الطابران، وكان مولده سنة 450، ورثاه الأديب الأبيوردي فقال:
بكى على حجّة الإسلام حين ثوى ... من كل حيّ عظيم القدر أشرفه
وما لمن يمتري في الله عبرته ... على أبي حامد لاح يعنّفه
تلك الرزيّة تستهوي قوى جلدي، ... والطّرف تسهره والدمع تنزفه
فما له خلّة في الزّهد منكرة، ... ولا له شبه في الخلق نعرفه
مضى وأعظم مفقود فجعت به ... من لا نظير له في الخلق يخلفه
ومنها تميم بن محمد بن طمغاج أبو عبد الرحمن الطوسي صاحب المسند الحافظ، رحل وسمع بحمص سليمان بن سلمة الخياري، وبمصر محمد بن رمح وغيره، وبالجبال وخراسان إسحاق بن راهويه والحسن بن عيسى الماسرجسي، وبالعراق عبد الرحمن بن واقد الواقدي وأحمد بن حنبل وهدبة بن خالد وشيبان ابن فرّوخ، روى عنه جماعة، منهم: عليّ بن جمشاد العدل وأبو بكر بن إبراهيم بن البدر صاحب الخلافيات وخلق سواهم، وقال الحاكم: تميم بن محمد ابن طمغاج أبو عبد الرحمن الطوسي محدث ثقة كثير الحديث والرحلة والتصنيف، جمع المسند الكبير ورأيته عند جماعة من مشايخنا، والوزير نظام الملك الحسن بن عليّ وغيرهم، وأهل خراسان يسمّون أهل طوس البقر، ولا أدري لم ذلك، وقال رجل يهجو نظام الملك:
لقد خرّب الطّوسيّ بلدة غزنة، ... فصبّ عليه الله مقلوب بلدته
هو الثور قرن الثور في حر أمّه، ... ومقلوب اسم الثور في جوف لحيته
وقال دعبل بن عليّ في قصيدة يمدح بها آل عليّ بن أبي طالب، رضي الله عنه، ويذكر قبري عليّ بن موسى والرشيد بطوس:
اربع بطوس على قبر الزكيّ به ... إن كنت تربع من دين على وطر
قبران في طوس: خير الناس كلّهم، ... وقبر شرّهم، هذا من العبر
ما ينفع الرّجس من قرب الزكيّ ولا ... على الزكيّ بقرب الرجس من ضرر
هيهات كلّ امرئ رهن بما كسبت ... يداه حقّا، فخذ ما شئت أو فذر
وطوس: من قرى بخارى، عن أبي سعد، ونسب إليها أبا جعفر رضوان بن عمران الطوسي من أهل بخارى، روى عن أسباط بن اليسع وأبي عبد الله بن أبي حفص، روى عنه خلف بن محمد بن إسماعيل الخيّام.

سامَرّاء

سامَرّاء:
لغة في سرّ من رأى: مدينة كانت بين بغداد وتكريت على شرقي دجلة وقد خربت، وفيها لغات: سامرّاء، ممدود، وسامرّا، مقصور، وسرّ من رأ، مهموز الآخر، وسرّ من را، مقصور الآخر، أمّا سامرّاء فشاهده قول البحتري:
وأرى المطايا لا قصور بها ... عن ليل سامرّاء تذرعه
وسرّ من را مقصور غير مهموز في قول الحسين بن الضحاك:
سرّ من را أسرّ من بغداد، ... فاله عن بعض ذكرها المعتاد
وسرّ من راء ممدود الآخر في قول البحتري:
لأرحلنّ وآمالي مطرّحة ... بسرّ من راء مستبطي لها القدر
وسامرّا، مقصور، وسرّ من رأى وساء من رأى، عن الجوهري، وسرّاء، وكتب المنتصر إلى المتوكل وهو بالشام:
إلى الله أشكو عبرة تتحيّر، ... ولو قد حدا الحادي لظلّت تحدّر
فيا حسرتا إن كنت في سرّ من رأى ... مقيما وبالشام الخليفة جعفر!
وقال أبو سعد: سامرّاء بلد على دجلة فوق بغداد بثلاثين فرسخا يقال لها سرّ من رأى فخففها الناس وقالوا سامرّاء، وهي في الإقليم الرابع، طولها تسع وستون درجة وثلثا درجة، وعرضها سبع وثلاثون درجة وسدس، تعديل نهارها أربع عشرة ساعة، غاية ارتفاع الشمس بها تسع وسبعون درجة وثلث، ظل الظهر درجتان وربع، ظل العصر أربع عشرة درجة، بين الطولين ثلاثون درجة، سمت القبلة إحدى عشرة درجة وثلث، وعن الموصلي ثلاث وثمانون درجة، وعرضها مائة وسبع عشرة درجة وثلث وعشر، وبها السرداب المعروف في جامعها الذي تزعم الشيعة أن مهديهم يخرج منه، وقد ينسبون إليها بالسّرّ مرّي، وقيل: إنّها مدينة بنيت لسام فنسبت إليه بالفارسية سام راه، وقيل: بل هو موضع عليه الخراج، قالوا بالفارسية: ساء مرّة أي هو موضع الحساب، وقال حمزة: كانت سامراء مدينة عتيقة من مدن الفرس تحمل إليها الإتاوة التي
كانت موظفة لملك الفرس على ملك الروم، ودليل ذلك قائم في اسم المدينة لأن سا اسم الإتاوة، ومرّة اسم العدد، والمعنى أنّه مكان قبض عدد جزية الروم، وقال الشعبي: وكان سام بن نوح له جمال ورواء ومنظر، وكان يصيف بالقرية التي ابتناها نوح، عليه السلام، عند خروجه من السفينة ببازبدى وسماها ثمانين، ويشتو بأرض جوخى، وكان ممرّه من أرض جوخى إلى بازبدى على شاطئ دجلة من الجانب الشرقي، ويسمّى ذلك المكان الآن سام راه يعني طريق سام، وقال إبراهيم الجنيدي: سمعتهم يقولون إن سامراء بناها سام بن نوح، عليه السلام، ودعا أن لا يصيب أهلها سوء، فأراد السفاح أن يبنيها فبنى مدينة الأنبار بحذائها، وأراد المنصور بعد ما أسس بغداد بناءها، وسمع في الرواية ببركة هذه المدينة فابتدأ بالبناء في البردان ثمّ بدا له وبنى بغداد وأراد الرشيد أيضا بناءها فبنى بحذائها قصرا وهو بإزاء أثر عظيم قديم كان للأكاسرة ثمّ بناها المعتصم ونزلها في سنة 221، وذكر محمد بن أحمد البشّاري نكتة حسنة فيها قال: لما عمرت سامرّاء وكملت واتسق خيرها واحتفلت سميت سرور من رأى، ثمّ اختصرت فقيل سرّ من رأى، فلمّا خربت وتشوّهت خلقتها واستوحشت سميت ساء من رأى، ثمّ اختصرت فقيل سامراء، وكان الرشيد حفر نهرا عندها سمّاه القاطول وأتى الجند وبنى عنده قصرا ثمّ بنى المعتصم أيضا هناك قصرا ووهبه لمولاه أشناس، فلمّا ضاقت بغداد عن عساكره وأراد استحداث مدينة كان هذا الموضع على خاطره فجاءه وبنى عنده سرّ من رأى، وقد حكي في سبب استحداثه سرّ من رأى أنّه قال ابن عبدوس: في سنة 219 أمر المعتصم أبا الوزير أحمد بن خالد الكاتب بأن يأخذ مائة ألف دينار ويشتري بها بناحية سرّ من رأى موضعا يبني فيه مدينة وقال له: إني أتخوّف أن يصيّح هؤلاء الحربية صيحة فيقتلوا غلماني فإذا ابتعت لي هذا الموضع كنت فوقهم فإن رابني رائب أتيتهم في البر والبحر حتى آتي عليهم، فقال له أبو الوزير: آخذ خمسة آلاف دينار وإن احتجت إلى زيادة استزدت، قال: فأخذت خمسة آلاف دينار وقصدت الموضع فابتعت ديرا كان في الموضع من النصارى بخمسة آلاف درهم وابتعت بستانا كان في جانبه بخمسة آلاف درهم ثمّ أحكمت الأمر فيما احتجت إلى ابتياعه بشيء يسير فانحدرت فأتيته بالصكاك، فخرج إلى الموضع في آخر سنة 220 ونزل القاطول في المضارب ثمّ جعل يتقدّم قليلا قليلا وينتقل من موضع إلى موضع حتى نزل الموضع وبدأ بالبناء فيه سنة 221، وكان لما ضاقت بغداد عن عسكره وكان إذا ركب يموت جماعة من الصبيان والعميان والضعفاء لازدحام الخيل وضغطها، فاجتمع أهل الخير على باب المعتصم وقالوا: إمّا أن تخرج من بغداد فإن الناس قد تأذوا بعسكرك أو نحاربك، فقال: كيف تحاربونني؟ قالوا: نحاربك بسهام السحر، قال: وما سهام السحر؟ قالوا:
ندعو عليك، فقال المعتصم: لا طاقة لي بذلك، وخرج من بغداد ونزل سامراء وسكنها وكان الخلفاء يسكنونها بعده إلى أن خربت إلّا يسيرا منها، هذا كلّه قول السمعاني ولفظه، وقال أهل السير: إن جيوش المعتصم كثروا حتى بلغ عدد مماليكه من الأتراك سبعين ألفا فمدوا أيديهم إلى حرم الناس وسعوا فيها بالفساد، فاجتمع العامة ووقفوا للمعتصم وقالوا: يا أمير المؤمنين ما شيء أحبّ إلينا من مجاورتك لأنّك الإمام والحامي للدين وقد أفرط علينا أمر غلمانك وعمّنا أذاهم فإمّا منعتهم عنّا أو نقلتهم
عنّا، فقال: أمّا نقلهم فلا يكون إلّا بنقلي ولكني أفتقدهم وأنهاهم وأزيل ما شكوتم منه، فنظروا وإذا الأمر قد زاد وعظم وخاف منهم الفتنة ووقوع الحرب وعاودوه بالشكوى وقالوا: إن قدرت على نصفتنا وإلّا فتحوّل عنّا وإلّا حاربناك بالدعاء وندعو عليك في الأسحار، فقال: هذه جيوش لا قدرة لي بها، نعم أتحوّل وكرامة، وساق من فوره حتى نزل سامرّاء وبنى بها دارا وأمر عسكره بمثل ذلك، فعمّر الناس حول قصره حتى صارت أعظم بلاد الله، وبنى بها مسجدا جامعا في طرف الأسواق، وأنزل أشناس بمن ضم إليه من القوّاد كرخ سامرّاء، وهو كرخ فيروز، وأنزل بعضهم في الدور المعروفة بدور العرباني، فتوفي بسامرّاء في سنة 227، وأقام ابنه الواثق بسامرّاء حتى مات بها ثمّ ولي المتوكل فأقام بالهاروني وبنى به أبنية كثيرة وأقطع الناس في ظهر سرّ من رأى في الحيّز الذي كان احتجره المعتصم، واتسع الناس بذلك، وبنى مسجدا جامعا فأعظم النفقة عليه وأمر برفع منارة لتعلو أصوات المؤذنين فيها وحتى ينظر إليها من فراسخ فجمع الناس فيه وتركوا المسجد الأوّل، واشتقّ من دجلة قناتين شتويّة وصيفيّة تدخلان الجامع وتتخلّلان شوارع سامرّاء، واشتقّ نهرا آخر وقدره للدخول إلى الحيّز فمات قبل أن يتمّم، وحاول المنتصر تتميمه فلقصر أيامه لم يتمم ثمّ اختلف الأمر بعده فبطل، وكان المتوكل أنفق عليه سبعمائة ألف دينار، ولم يبن أحد من الخلفاء بسرّ من رأى من الأبنية الجليلة مثل ما بناه المتوكل، فمن ذلك: القصر المعروف بالعروس أنفق عليه ثلاثين ألف ألف درهم، والقصر المختار خمسة آلاف ألف درهم، والوحيد ألفي ألف درهم، والجعفري المحدث عشرة آلاف ألف درهم، والغريب عشرة آلاف ألف درهم، والشيدان عشرة آلاف ألف درهم، والبرج عشرة آلاف ألف درهم، والصبح خمسة آلاف ألف درهم، والمليح خمسة آلاف ألف درهم، وقصر بستان الايتاخيّة عشرة آلاف ألف درهم، والتلّ علوه وسفله خمسة آلاف ألف درهم، والجوسق في ميدان الصخر خمسمائة ألف درهم، والمسجد الجامع خمسة عشر ألف ألف درهم، وبركوان للمعتز عشرين ألف ألف درهم، والقلائد خمسين ألف دينار، وجعل فيها أبنية بمائة ألف دينار، والغرد في دجلة ألف ألف درهم، والقصر بالمتوكلية وهو الذي يقال له الماحوزة خمسين ألف ألف درهم، والبهو خمسة وعشرين ألف ألف درهم، واللؤلؤة خمسة آلاف ألف درهم، فذلك الجميع مائتا ألف ألف وأربعة وتسعون ألف ألف درهم، وكان المعتصم والواثق والمتوكل إذا بنى أحدهم قصرا أو غيره أمر الشعراء أن يعملوا فيه شعرا، فمن ذلك قول عليّ بن الجهم في الجعفري الذي للمتوكل:
وما زلت أسمع أنّ الملو ... ك تبني على قدر أقدارها
وأعلم أنّ عقول الرّجا ... ل يقضى عليها بآثارها
فلمّا رأينا بناء الإما ... م رأينا الخلافة في دارها
بدائع لم ترها فارس ... ولا الرّوم في طول أعمارها
وللرّوم ما شيّد الأوّلون ... وللفرس آثار أحرارها
وكنّا نحسّ لها نخوة ... فطامنت نخوة جبّارها
وأنشأت تحتجّ للمسلمين ... على ملحديها وكفّارها
صحون تسافر فيها العيون ... إذا ما تجلّت لأبصارها
وقبّة ملك كأنّ النجوم ... تضيء إليها بأسرارها
نظمن الفسافس نظم الحليّ ... لعون النّساء وأبكارها
لو انّ سليمان أدّت له ... شياطينه بعض أخبارها
لأيقن أنّ بني هاشم ... يقدّمها فضل أخطارها
وقال الحسين بن الضحاك:
سرّ من را أسرّ من بغداد، ... فاله عن بعض ذكرها المعتاد
حبّذا مسرح لها ليس يخلو ... أبدا من طريدة وطراد
ورياض كأنّما نشر الزّه ... ر عليها محبّر الأبراد
واذكر المشرف المطلّ من ال ... تلّ على الصّادرين والورّاد
وإذا روّح الرّعاء فلا تن ... س رواعي فراقد الأولاد
وله فيها ويفضلها على بغداد:
على سرّ من را والمصيف تحيّة ... مجلّلة من مغرم بهواهما
ألا هل لمشتاق ببغداد رجعة ... تقرّب من ظلّيهما وذراهما؟
محلّان لقّى الله خير عباده ... عزيمة رشد فيهما فاصطفاهما
وقولا لبغداد إذا ما تنسمت ... على أهل بغداد جعلت فداهما
أفي بعض يوم شفّ عينيّ بالقذى ... حرورك حتى رابني ناظراهما؟
ولم تزل كل يوم سر من رأى في صلاح وزيادة وعمارة منذ أيّام المعتصم والواثق إلى آخر أيّام المنتصر ابن المتوكل، فلمّا ولي المستعين وقويت شوكة الأتراك واستبدوا بالملك والتولية والعزل وانفسدت دولة بني العبّاس لم تزل سر من رأى في تناقص للاختلاف الواقع في الدولة بسبب العصبية التي كانت بين أمراء الأتراك إلى أن كان آخر من انتقل إلى بغداد من الخلفاء وأقام بها وترك سر من رأى بالكلية المعتضد بالله أمير المؤمنين كما ذكرناه في التاج وخربت حتى لم يبق منها إلا موضع المشهد الذي تزعم الشيعة ان به سرداب القائم المهدي ومحلّة أخرى بعيدة منها يقال لها كرخ سامراء وسائر ذلك خراب يباب يستوحش الناظر إليها بعد أن لم يكن في الأرض كلّها أحسن منها ولا أجمل ولا أعظم ولا آنس ولا أوسع ملكا منها، فسبحان من لا يزول ولا يحول، وذكر الحسن بن أحمد المهلبي في كتابه المسمّى بالعزيزي قال: وأنا اجتزت بسر من رأى منذ صلاة الصبح في شارع واحد مادّ عليه من جانبيه دور كأن اليد رفعت عنها للوقت لم تعدم إلّا الأبواب والسقوف، فأمّا حيطانها فكالجدد، فما زلنا نسير إلى بعد الظهر حتى انتهينا إلى العمارة منها، وهي مقدار قرية يسيرة في وسطها، ثمّ سرنا من الغد على مثل تلك الحال فما خرجنا من آثار البناء إلى نحو الظهر، ولا شك أن طول البناء كان أكثر من ثمانية فراسخ،
وكان ابن المعتز مجتازا بسامرّاء متأسفا عليها وله فيها كلام منثور ومنظوم في وصفها، ولما استدبر أمرها جعلت تنقض وتحمل أنقاضها إلى بغداد ويعمّر بها، فقال ابن المعتز:
قد أقفرت سرّ من را، ... وما لشيء دوام
فالنّقض يحمل منها ... كأنّها آجام
ماتت كما مات فيل ... تسلّ منه العظام
وحدثني بعض الأصدقاء قال اجتزت بسامرّاء أو قال أخبرني من اجتاز بسامرّاء: فرأيت على وجه حائط من حيطانها الخراب مكتوبا:
حكم الضّيوف بهذا الرّبع أنفذ من ... حكم الخلائف آبائي على الأمم
فكلّ ما فيه مبذول لطارقه، ... ولا ذمام به إلّا على الحرم
وأظنّ هذا المعنى سبق إليه هذا الكاتب فإذا هو مأخوذ من قول أرطاة بن سهية المري حيث قال:
وإنّي لقوّام لدى الضيف موهنا ... إذا أغدف الستر البخيل المواكل
دعا فأجابته كلاب كثيرة ... على ثقة مني بأنّي فاعل
وما دون ضيفي من تلاد تحوزه ... لي النّفس إلّا أن تصان الحلائل
وكتب عبد الله بن المعتز إلى صديق له يمدح سرّ من رأى ويصف خرابها ويذم بغداد وأهلها ويفضل سامراء: كتبت إليك من بلدة قد أنهض الدهر سكانها، وأقعد جدرانــها، فشاهد اليأس فيها ينطق، وحبل الرجاء فيها يقصر، فكأن عمرانها يطوى، وكأنّ خرابها ينشر، وقد وكّلت إلى الهجر نواحيها، واستحثّ باقيها إلى فانيها، وقد تمزقت بأهلها الديار، فما يجب فيها حقّ جوار، فالظاعن منها ممحوّ الأثر، والمقيم بها على طرف سفر، نهاره إرجاف، وسروره أحلام، ليس له زاد فيرحل ولا مرعى فيرتع، فحالها تصف للعيون الشكوى، وتشير إلى ذمّ الدنيا، بعد ما كانت بالمرأى القريب جنة الأرض وقرار الملك، تفيض بالجنود أقطارها عليهم أردية السيوف وغلائل الحديد، كأنّ رماحهم قرون الوعول، ودروعهم زبد السيول، على خيل تأكل الأرض بحوافرها وتمدّ بالنقع حوافرها، قد نشرت في وجوهها غررا كأنّها صحائف البرق وأمسكها تحجيل كأسورة اللّجين ونوّطت عذرا كالشّنوف في جيش يتلقّف الأعداء أوائله ولم ينهض أواخره، وقد صبّ عليه وقار الصبر، وهبّت له روائح النصر، يصرفه ملك يملأ العين جمالا، والقلوب جلالا، لا تخلف مخيلته، ولا تنقض مريرته، ولا يخطئ بسهم الرأي غرض الصواب، ولا يقطع بمطايا اللهو سفر الشباب، قابضا بيد السياسة على أقطار ملك لا ينتشر حبله، ولا تتشظّى عصاه، ولا تطفى جمرته، في سن شباب لم يجن مأثما، وشيب لم يراهق هرما، قد فرش مهاد عدله، وخفض جناح رحمته، راجما بالعواقب الظنون، لا يطيش عن قلب فاضل الحزم بعد العزم، ساعيا على الحقّ يعمل به عارفا بالله يقصد إليه، مقرّا للحلم ويبذله، قادرا على العقاب ويعدل فيه، إذ الناس في دهر غافل قد اطمأنّت بهم سيرة لينة الحواشي خشنة المرام تطير بها أجنحة السرور، ويهب فيها نسيم الحبور، فالأطراف على مسرة، والنظر إلى مبرّة، قبل أن تخب مطايا الغير، وتسفر
وجوه الحذر، وما زال الدهر مليئا بالنوائب، طارقا بالعجائب، يؤمّن يومه، ويغدر غدره، على أنّها وإن جفيت معشوقة السكنى، وحبيبة المثوى، كوكبها يقظان، وجوها عريان، وحصاها جوهر، ونسيمها معطّر، وترابها مسك أذفر، ويومها غداة، وليلها سحر، وطعامها هنيء، وشرابها مريء، وتاجرها مالك، وفقيرها فاتك، لا كبغدادكم الوسخة السماء، والومدة الهواء، جوها نار، وأرضها خبار، وماؤها حميم، وترابها سرجين، وحيطانها نزوز، وتشرينها تموز، فكم في شمسها من محترق وفي ظلّها من عرق، ضيقة الديار، قاسية الجوار، ساطعة الدخان، قليلة الضيفان، أهلها ذئاب، وكلامهم سباب، وسائلهم محروم، ومالهم مكتوم، لا يجوز إنفاقه، ولا يحل خناقه، حشوشهم مسايل، وطرقهم مزابل، وحيطانهم أخصاص، وبيوتهم أقفاص، ولكل مكروه أجل، وللبقاع دول، والدهر يسير بالمقيم، ويمزج البؤس بالنعيم، وبعد اللجاجة انتهاء والهم إلى فرجة، ولكل سابلة قرار، وبالله أستعين وهو محمود على كل حال.
غدت سر من را في العفاء فيا لها ... قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل
وأصبح أهلوها شبيها بحالها ... لما نسجتهم من جنوب وشمأل
إذا ما امرؤ منهم شكا سوء حاله ... يقولون لا تهلك أسى وتجمّل
وبسامراء قبر الإمام علي بن محمد بن علي بن موسى ابن جعفر وابنه الحسن بن علي العسكريّين، وبها غاب المنتظر في زعم الشيعة الإمامية، وبها من قبور الخلفاء قبر الواثق وقبر المتوكل وابنه المنتصر وأخيه المعتز والمهتدي والمعتمد بن المتوكل.

رُصافةُ واسِطٍ

رُصافةُ واسِطٍ:
هي قرية بالعراق من أعمال واسط بينهما عشرة فراسخ، ينسب إليها حسن بن عبد المجيد الرصافي، سمع شعيب بن محمد الكوفي، روى عنه عبد الملك بن محمد بن عثمان الحافظ الواسطي وقال:
الرصافي رصافة واسط، وكان أبو طاهر عبد العزيز ابن حامد المعروف بسندوك الشاعر هوي امرأة برصافة واسط فقال:
يقرّ بعيني أن تغازلني الصّبا ... إذا مسّ جدران الرصافة لينها
وأن يبسم البرق الذي من بلادها ... على كبد أبكى الظّلام أنينها
أهيم بها واللّيل معتكر الدّجى، ... وأهدا وبنت الصّبح باد جبينها
ولي كبد حرّى عليك شجيّة، ... لجوج إذا رام الفكاك رهينها
إذا عزّني السّلوان منها وغرّني ... هواها جرى من مقلتي ما يشينها
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.