Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: تحير

العمه

(العمه) الــتحير والتردد بِحَيْثُ لَا يدرى أَيْن يتَوَجَّه وَهُوَ فِي البصيرة كالعمى فِي الْبَصَر و (فِي الطِّبّ) فقدان ملكة الْإِدْرَاك بالحس كالعجز عَن التَّمْيِيز بَين أشكال الْأَشْيَاء والاشخاص وطبيعتها (مج)

غشو وغشى

غشو وغشى: غَشىِ: أتى، والمصدر: مَغْشىً أيضاً (أرنولد طرائف ص207).
غُشىَ عن رشده: أغمي عليه، فقد وعيه (بوشر).
غَشَّى (بالتشديد): غشَّى الشيء: جعل عليه غشاء وهو الغطاء (ألكالا) ويقال مثلاً: غشّى كتاباً أي غلّفه (فوك).
غَشّى: غطّى الفطيرة بقشرة. (ألكالا).
غَشَّى: أذهل، أدهش. (فوك).
تغاشى: تظاهر أنه غَشي عليه أي أغمي عليه. (ألف ليلة برسل 3: 110) وانظر المصدر فيما يأتي في آخر المادة.
تغَشّى: غشي عليه، أغمي عليه (هلو).
غشي: مرض في عين الفرس (ابن العوام 2: 570) غِشْوة: غشيان، إغماء (بوشر، همبرت ص33).
غِشْوَة: اختناق احتباس التنفس. (بوشر).
غُشْيَة: غطاء من الجلد للبندقية، غلاف جلدي للبندقية (برتون 2: 104) وفيه غُشَت.
غشْيان: مخنوق، محبوس التنفس (بوشر).
غَشَيان: اختناق، احتباس التنفس (بوشر).
غشَاء: غلاف، غمد، قراب، ظرف (ألكالا) ويقال مثلاً غِشاء الكتاب، أي غلاف الكتاب. (فوك، ابن جبير ص195، تاريخ البربر 2: 330، 392).
غِشاء: قشرة (ألكالا).
غِشاء: قشر الرمان الدقيق (ألكالا). غِشاء: دُواية وخِرشاء وهي قشرة رقيقة تعلو النبيذ وغيره من السوائل (ألكالا).
غشاء: غلاف، ما يغلف جسم الإنسان والحيوان كالجلد والشعر والريش، وما يغلف جسم النبات كاللحاء وسواه. (بوشر).
غِشاء: غلاف، إهاب، طبقة تغلف بعض الأعضاء كالعين، وغِلاف يحيط بالنبات. (بوشر).
غِشاء العَضَل: طبقة الجلد الدهنية التي تغطى العضلات (بوشر).
غِشاء العظم: السمحاق. طبقة رقيقة تغطى العظام (بوشر).
غِشاء المفصل: محفظة المفصل (بوشر).
غِشاء: قلنسوة من الورق على شكل هرم يلبسها بعض المجرمين تشهيراً بهم (ألكالا).
غشاء: غمار الصقور، وهو ما تغطي به عيون الصقور وغيرها من جوارها الطير (ألكالا).
غِشاء: جَهَر، سَدَر، تحيّر البصر وصعوبة الرؤية لشدة اللمعان (بوشر).
الأغشية عند ابن العوام (1: 667) انظرها في مادة لغشية.
غُشَاوَة (مثلثة الغين): نكتة بيضاء في بؤبؤ العين (بوشر، ابن العوام 2: 572).
غشاوة: نكتة في الألماس (بوشر).
غشاوة في العين: ودقة، نقطة في قرنيّة العين. قشرة رقيقة تغطى العين (بوشر).
غشاوة البصر: فساد البصر، جَهَر، سَدَر (بوشر).
غشاوة (كجاوة وكذلك الصَيغ المختلفة التي يذكرها فلَّرز في هذه المادة): نوع من الرحال والأقتاب يتكون من مقعدين صغيرين ضيقين معلقين على جانبي البغلة أو على جانبي أيّة دابة من دواب الحمل ولها سقيفة من الجنفاص يسندها هيكل خشبي (شاردان نقله فلرز، ابن جبير ص178، 188).
غِشَائيّ: غطائي. (بوشر).
غاشٍ: جمهور، جمع، حشد (بوشر).
غاشِيَة: غطاء تختلف جودته ونفاسته يغشى به سرج الفرس. وكانت الغاشية في دولة السلاجقة ودولة المماليك من شعارات السلطنة وكان يحملها أمام السلطان مروض الجياد. انظر: (مملوك 1: 1: 4) وما يليها).
غْاشِية: اجتماع، مجلس، والذين يحيطون بشخص عادة (مملوك 1، 1: 4، لين في آخر المادة، هو جفلايت ص50، ابن جبير ص148). وفي كتاب الخطيب (ص29 ق) عظمت في العلم غاشيته.
غاشِيَة: إغماء (فوك) غاشية خَوْفٍ: خوف شديد، رعب فزع ففي حيّان (ص16 ق) واعترف بالسلطان إلى أن تَغَشْتْهُ من سَطْوه بكثير من أصحاب الثوار غاشيةُ خوف.
تَغّاشٍ: إغماء (همبرت ص33 جزائرية).
مُغَاشِيَة: إغماء (دومب ص89، رولاند).

المتلوّن

المتلوّن:
[في الانكليزية] Passing from a metre to another (in prosody)
[ في الفرنسية] Passage d'un metre a l'autre (en prosodie)
على صيغة اسم الفاعل من التلوّن عند أهل البديع هو التشريع كما مرّ.
الشعر بوزنين أو أكثر يمكن قراءته بأقلّ تغيير في تركيب الألفاظ ومع ذلك يبقى سالما.
هذا عند المتأخّرين. أمّا المتقدّمون فأكثر من وزنين ما كتبوا وهذا هو المتلوّن. والمتلوّن بالكسر عندهم هو شعر على الوزن المطوّل، وكلّ مرة يحذفون من ألفاظ البيت لفظة أو أكثر من أعلى أو الوسط أو الأدنى، وفي مكان آخر يضيفون فينتج عن ذلك وزن آخر. ومثال ذلك:
طيب طيب قدّك فقد غار منه سرو المرج أيّها الملك بخ بخ خطك فقد تحيّر فيك المسك (من بلاد الختن) يا قمري فوزنه مستفعلن مستفعلن، مستفعلن مستفعلن.

والبحر الثاني: الرجز المجزوء: ترجمة البيت:
طيب طيب قدّك جعل سرو المرج يغار ووزنه مستفعلن 3 مرات.

والبحر الثالث: الرجز المرفل المجزوء.

وترجمة البيت:
طيب طيب قدّك لقد غار منه سرو المرج ووزنه: مستفعلن مستفعلن مستفعلن فع.

البحر الرابع: الرمل المسدّس. وترجمة البيت:
طيب قدّك حتى صار سببا لغيرة سرو المرج ووزنه: فاعلات فاعلات فاعلات

البحر الخامس: الرمل المسدّس المحذوف. وترجمة البيت:
طيب قدّك فأثار غيرة سرو المرج ووزنه فاعلاتن فاعلاتن فاعلن.

البحر السادس: رمل مثمّن محذوف.

وترجمة البيت:
طيب قدّك غار منه سرو المرج يا ملكي:
ووزنه فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن فاعل.

البحر السابع: السريع. وترجمة البيت:
طيب قدّك، فغار من سرو المرج.
ووزنه مفتعلن مفتعلن فاعلن.

البحر الثامن: الهزج وجزء آخر وترجمة البيت:
قدّك جعل سرو المرج يغار يا ملكي:

ووزنه: مفاعيلن مفاعيلن مفاعيلن.

البحر التاسع: الهزج المسدس وترجمة البيت:
قدّك صار سببا لغيرة سرو المرج ووزنه: مفاعيلن مفاعيلن فعولن. البحر العاشر: الهزج مختلف الزحاف المجزوء وترجمة البيت:
طيب طيب قدّك، صار سرو المرج.

ووزنه: مفعول مفاعيلن مفعول، كذا في جامع الصنائع.

ويقول في مجمع الصنائع: مما يلحق بالمتلوّن قسمان:

الأول: كلام منظوم بحيث لو حذف منه بعض الألفاظ فيصير وزنه من بحر آخر، ومن جملة هؤلاء المحذوف والمنقوص. والثاني:
كلام منثور بحيث لو أنّ بعض حروفه نقلت من لفظة إلى أخرى يصبح الكلام منظوما. وقد سمّى الشاعر أمير خسرو هذا نظم النثر.

خَتع

خَتع
خَتَعَ الرَّجُلَ، كَمَنَعَ، خَتْعاً وخُتُوعاً: رَكِبَ الظُّلْمَةَ باللَّيْلِ، وَمَضَى فِيهَا عَلَى القَصْدِ، كَمَا يَخْتَعُ الدَّلِيلُ بالقَوْمِ، قالَ رُؤْبَةُ: أَعْيَتْ أَدِلاّءَ الفَلاةِ الخُتَّعَا وقالَ ابنُ دُرَيْدٍ: خَتَعَ عَلَيْهِم، إِذا هَجَمَ عَلَيْهِم. وقالَ ابنُ الأَعْرَابِيّ: خَتَعَ: هَرَبَ قالَ الطِّرِمّاحُ يَصِفُ بَقَرَ الوَحْشِ:
(يُلاوِذْنَ مِنْ حَرٍّ كأَنَّ أُوَارَهُ ... يُذِيبُ دِمَاغَ الضَّبِّ وهْوُ خَتُوعُ)
أَي هَارِبٌ من الحَرِّ. وقالَ ابنُ عَبّادٍ: خَتَعَ أَسْرَعَ. وخَتَعَت الضَّبُعُ: خَمَعَتْ. وقالَ غَيْرُه: خَتَعَ الفَحْلُ خَلْفَ الإِبل: إِذا قَارَبَ فِي مَشْيِه. وخَتَعَ السَّرابُ خُتُوعاً: اضْمَحَلَّ.
وقالَ ابنُ دُرَيْدٍ: خُتَعٌ كصُرَدٍ: من أَسْمَاءِ الضَّبُعِ، ولِيْسَ بثَبَتٍ وقالَ غَيْرُهُ: دَلِيلٌ خُتَعٌ: هُوَ الحاذِقُ فِي الدّلالَةِ الماهِرُ بهَا، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ، كالخَتِع، ككَتِفٍ، وجَوْهَرٍ، وصَبُورٍ، يُقَالُ: وَجَدتُهُ خُتَعَ لَا سُكَعَ، أَيْ لَا يَــتَحَيَّرُ. وذَكَرَ الجَوْهَرِيُّ الخَوْتَعَ. قالَ ذُو الرُمَّةِ: يَهْمَاءُ لَا يَجْتَازُهَا المُغَرَّرُ كَأَنَّمَا الأَعْلامُ فِيهَا سُيَّرُ بِهَا يَضِلُّ الخَوْتَعُ المُشَهَّرُ والخَوْتَعُ، كجَوْهَرٍ: ضَرْبٌ مِن الذُّبَابِ كِبَارٌ، وقِيلَ: هُوَ ذُبَابُ الكَلْبِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: ذُبَابٌ أَزْرَقُ يَكُونُ فِي العُشْبِ، قَالَ الراجِزُ: لِلْخَوْتَعِ الأَزْرَقِ فِيهِ صاهِلْ عَزْفٌ كعَزْفِ الدُّفِّ والجَلاجِلْ والخَوْتَعُ: وَلَدُ الأَرْنَب، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيّ. وقالَ ابنُ عَبّادٍ: الخَوْتَعُ: الطَّمَعُ.
وبهَاءٍ الخَوْتَعَةُ: هُوَ الرَّجُلُ القَصِيرُ. وَفِي المَثَلِ: أَشْأَمُ مِنْ خَوْتَعَةَ، هُوَ وَفِي الصّحّاحِ: زَعَمُوا) أَنَّهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي غُفَيْلَةَ ابنِ قاسِطِ بنِ هِنْبِ بنِ أَفْصَى بنِ دُعْمِيّ بنِ جَدِيلَةَ بنِ أَسَدِ بنِ رَبِيعَةَ، كانَ مشؤوماً، لأَنَّهُ دَلَّ كُثَيْفَ بنَ عَمْروٍ التَّغْلِبِيّ وأَصْحابَهُ عَلَى بَنِي الزَّبَّانِ الذُّهْلِيّ قالَ أَبو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ حَبِيبَ فِي كتابِ مُتَشَابِه القَبَائِلِ ومُتَّفِقها: وَفِي بَنِي ذُهْلِ بنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ عُكَابَةَ الزَّبّانُ بنُ الحارِثِ بنِ مالِكِ بنِ شَيْبَانَ ابنِ سَدُوس بنِ ذُهْلٍ، بالزاي والباءِ بوَاحِدَةٍ، وَذكر القَاضِي أَبو الوَلِيدِ هِشامُ بنُ أَحْمَدَ الوَقَّشِيُّ فِي نَقْدِ الكِتَاب، الرَّيَّانَ، بالراءِ والياءِ، ثُمَّ قَوْلُهُ: الذُّهْلِيّ هُوَ الصَّحِيحُ، كَمَا عَرَفْتَ، وقَدْ وُجِدَ بخَطِّ أَبِي سَهْلٍ الهَرَوِي بالدَّالِ المُهْمَلَةِ، وَهُوَ خَطَأُ، لتِرَةٍ كانَتْ عِنْدَ عَمْرو بنِ الزَّبَّان، وكانَ سَبَبُ ذلِكَ أَنّ َ مالِكَ بنَ كومَةَ الشَّيْبَانِيَّ لَقِيَ كُثَيْفَ بنِ عَمْروٍ فِي حُرُوبِهم، وكانَ مَلِكٌ نَحِيفاً قَلِيلَ اللَّحْمِ، وكانَ كُثَيْفٌ ضَخَماً، فَلَمَّا أَرادَ مَالِكٌ أَسْرَ كُثَيْفٌ اقْتَحَمَ كُثَيْفٌ عَنْ فَرَسِهِ لِيَنْزِلَ إِليه مالِكٌ، فأَوْجَرَهُ مالِكٌ السِّنَانَ، وَقَالَ: لتَسْتَأَسِرَنَّ أَوْ لأَقْتُلَنَّكَ، فاسْتَبَقَ هُوَ وعَمْرُو بنُ الزَّبّان، وكِلاَهُمَا أَدْرَكَه، فَقَالا: قَدْ حَكَّمْنَا كُثَيْفاً، يَا كُثَيْفُ، مَنْ أَسَرَكَ فقالَ: لَوْلا مَالِكُ ابنُ كُوَمَةَ كُنْتُ فِي أَهْلِي، فَلَطَمَهُ عَمْرُو بنُ الزَّبَّانِ، فغَضِبَ مَالِكٌ.
وقالَ: تَلْطُم أَسِيرِي، إِنّ فِدَاءَكَ يَا كُثَيْفُ مائةُ بَعِيرٍ، وَقد جَعَلْتُهَا لَكَ بلَطْمَةِ عَمْروٍ وَجْهَكَ، وجَزَّ نَاصِيَتَه وأَطْلَقَهُ، فلَمْ يَزَلْ كُثَيْفٌ يَطْلُبُ عَمْراً باللَّطْمَةِ حَتّى دَلّ عَلَيْهِ رَجُلٌ من غُفَيْلَةَ يُقَالُ لَهُ: خَوْتَعَةُ، وقَدْ نَدَّتْ لَهُمْ إِبِلٌ، فخَرَجَ عَمْروٌ وإِخْوَتُهُ فِي طَلَبِها فأَدْرَكُوها، فذَبَحُوا حُوَاراً فاشْتَوَوْه.
فأَتَوْهُم، أَي كُثَيْفٌ وأَصْحَابُهُ بضعْفِ عِدَادِهم وَقد جَلَسُوا عَلَى الغَدَاءِ وأَمَرَهم إِذا جَلَسُوا مَعَهُمْ على الغَداءِ، أَن يُكَنِّفَ كُلَّ رَجُلٍ مِنْهُم رَجُلانِ، فمَرُّوا فيهِمْ مُجْتَازِينَ، فدَعَوْهُمْ فأَجَابُوهُمْ، فجَلَسُوا كَمَا ائْتُمِرُوا، فَلَمَّا حَسَر كُثَيْفٌ عَن وَجْهِهِ العِمَامَةَ عَرَفَه عَمْروٌ، فقَالَ عَمْرُو: يَا كُثَيْفُ، إِنَّ فِي خَدِّي وِقَاءً مِنْ خَدِّك، وَمَا فِي بَكْرِ بنِ وائلٍ خَدٌّ أَكْرَمُ مِنْهُ فَلا تَشُبَّ الحَرْبَ بَيْنَنَا وبَيْنَكَ.
قالَ: كَلاَّ، بَلْ أَقْتُلُكَ وأَقْتُلُ إِخْوَتَكَ، قالَ: فإِنْ كُنْتَ فاعِلاً فأَطْلِقْ هؤلاءِ الَّذِينَ لَمْ يَتَلَبَّسُوا بالحُرُوبِ، فإِنَّ ورَاءَهَمْ طَالِباً أَطْلَبَ مِنِّي يَعْنِي أَباهُمْ فَقَتَلُوهُمْ وجَعَلَ، وَفِي العُبَاب: فَقَتَلُوهُمْ وجَعَلُوا رؤُوسَهم فِي مِخْلاةٍ، وعلَّقَهَا فِي عُنُقِ نَاقَةٍ لَهُمْ يُقَال لَهَا: الدُّهَيْمُ، فجَاءَت النَّاقةُ والزَّبَّانُ جَالِسٌ أَمامَ بَيْتِه، فبَرَكَت. فقالَ: يَا جَارِيَةُ، هذِهِ ناقَةُ عَمْروٍ، وقَدْ أَبْطَأَ هُوَ وإِخْوَتُهُ، فقامَتِ الجارِيَةُ، فجَسَّتِ المِخْلاةَ، فقَالَتْ: قَدْ أَصابَ بَنُوكُ بَيْضَ النَّعامِ، فجاءَتْ بالمِخْلاةِ فأَدْخَلَتْ يَدَهَا فأَخْرَجَتْ رَأْسَ عَمْروٍ، ثُمَّ رُؤُوسَ إِخْوَتِهِ، فَغَسَلَهَا الزَّبَّانُ، ووَضَعَهَا عَلَى تُرْسٍ. وقالَ: آخِرُ البَزِّ عَلَى القَلُوصِ فذهَبَتْ مَثَلاً، أَيْ هَذَا آخَرُ عَهْدِي بهم، لَا أَراهُمْ بَعْدَهُ، وشَبَّتِ الحَرْبُ بَيْنَهُ)
وبَيْنَ بَنِي غُفَيْلَةَ حَتَّى أَبَادَهُم، فَضَرَبَت العَرَبُ بخَوْتَعَةَ المَثَلَ فِي الشُّؤْمِ، وبِحِمْلِ الدُّهَيْمِ فِي الثِّقَلِ. وقَدْ ذَكَره الجَوْهَرِيُّ مُخْتَصَراً، وأَطالَ المُصَنِّفُ فِي شَرْحِهِ تَقْلِيداً للصّاغَانِيّ على عادَتِهِ.
وقالَ ابنُ عَبّادٍ: يُقَالُ للرَّجُلِ الصَّحِيحِ: هُوَ أَصَحُّ مِنَ الخَوْتَعَةِ.
وقالَ ابنُ دُرَيْدٍ: الخَتْعَةُ: أُنْثَى النُّمُورِ.
والخَتِيعَةُ، كسَفِينَةٍ، كَذا فِي الصّحاح، ووُجِدَ بخَطِّ الجَوْهَرِيّ: الخَيْتَعَةُ، كحَيْدَرَةَ، والأَوَّلُ الصَّوَابُ: قِطْعَةٌ مِنْ أَدَمٍ يَلُفُّهَا الرَّامِي عَلَى أَصابِعِهِ، كَمَا فِي العُبَابِ، أَيْ عِنَدَ رَمْيِ السِّهَامِ. وَفِي الصّحّاحِ: جُلَيْدَةٌ يَجْعَلُهَا الرّامِي علَى إِبْهَامِهِ، ومِثْلُهُ فِي الأَسَاسِ، وتَقُولُ: أَخَذَ الرّامِي الخَتِيعَةَ، وأَمِنَ الرّاعِي الخَدِيعَةَ.
وقالَ ابنُ الأَعْرَابِيّ: الخِتَاعُ كَكِتَابٍ: الدَّسْتَبَانَاتُ، مِثْل مَا يَكُونُ لأَصْحَابِ البُزَاةِ، فَارِسِيّة.
والخَتِيعُ، كأَمِيرٍ: الدّاهِيةُ، والَّذِي نَقَلَهُ الصّاغانِيّ عَن ابْنِ عَبّادٍ: الخَيْتَعُ، كحَيْدَر: الدَّاهِيَةُ.
وقالَ ابنُ دُرَيْدٍ: انْخَتَعَ الرَّجُلُ فِي الأَرْضِ، إِذا ذَهَبَ فِيهَا وأَبْعَدَ.
ومِمَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ: خَتَعَ فِي الأَرْضِ خُتُوعاً: ذَهَبَ وانْطَلَقَ. وَرِجُلٌ خُتَعَةٌ، كهُمَزَة: سَرِيعٌ فِي المَشْيِ. وخَوْتَعَةُ بنُ صَبِرَة: جَدٌّ لرَقَبَةَ ابنِ مَصْقَلَةَ.

يزدذ

يزدذ
} يزْدَاذُ، الدَّال الأُولَى مُهْملَة، وَهُوَ اسْم جَدّ أَبي عبد الله محمّد بن أَحمد ابْن مُوسَى بن يَزْدَاذ الرَّازيّ الْفَقِيه الحَنَفِيّ، ثِقَةٌ، روَى عَن عَمِّه عَلِيّ ابْن مُوسَى، ووَلِيَ قضاءَ سَمَرْقَنْدَ، وتوفِّيَ سنة 361، وأَبو بكرٍ محمّد ابْن زَكَرِيّا بن الحُسَيْن بن يَزِيد بن إِبراهيم بن يَزْدَاذ الصُّعْلُوكِيّ الْحَافِظ، نَسَفِيٌّ، عَن أَبيه وَابْن حِبّان، توفِّيَ سنة 344. وأَبو العَبّاس أَحمد بن الْحسن بن عبد الله بن يَزْداذ الشَّرَخْسِيّ شيخ الإِسلام، روَى عَنهُ أَبو تُرابٍ النَّخْشبِيّ، وتوفِّيَ سنة 409.
وَبِه خُتِمَ حرفُ الذالِ المُعْجَمة. أَحسَنَ اللهُ خِتامَنا، وأَصلَحَ بفضْله. شَأْنَنَا، وصلَّى اللهُ على سيِّدِنا محمَّدٍ، وعَلى آلِه وصحبِه وسَلَّم.
تحيريراً فِي 29 رَبِيع الأَوَّل سنة أَلفٍ وَمِائَة واثنين وَثَمَانِينَ، بخانِ الصَّاغَةِ.
قَالَ مؤلّفه محمّد مُرتضَى: بلَغَ عِرَاضُه على تَكْمِلَة الصَّاغَانِيّ فِي مَجَالِسَ آخِرُهَا 14 جمادَى سنة 1192.

أَلد

أَلد
: (} الإِلْدَة. بِالْكَسْرِ) ، أَهمله الجوهريُّ، وَقَالَ الصَّاغانيّ: هِيَ (الوِلْدَة) مثل إِرْث ووِرْث، الْهمزَة منقلبة عَن الْوَاو تَخْفِيفًا، قَالَ الشَّنفري:
فأَيَّمْتُ نِسْوَاناً وأَيتَمتُ إِلْدَةً
وعُدْتُ كَمَا أَبدأْتُ واللَّيْلُ أَلْيَلُ
( {وتَأَلَّدَ) ، كتبلّد، إِذا (تَحَيَّرَ) .
(و) قَوْلهم (} أُلِدَ) بِمَعْنى (وُلِدَ) ، كأُحِيَ فِي وُحِيَ لُغَة فِيهِ.

أَسد

(أَسد) الْكَلْب آسده
(أَسد) طلب السداد وأصابه
(أَسد)
أسدا تخلق بِصِفَات الْأسد وَرَأى الْأسد فدهش وفزع لرُؤْيَته وَعَلِيهِ اجترأ
أَسد
: ( {الأَسَدُ، محرّكةً) من السِّباع (م) ، أَي مَعْرُوف، وأَوردَ لَهُ ابْن خَالَويه وغيرُه أَكثر من خَمْسِمائة اسمٍ، قَالَ شَيخنَا: ورأَيت من قَالَ إِنّ لَهُ أَلفَ اسمٍ، وأَورد مِنْهَا كثيرا المصنّف فِي الرّوْض المسلوف، فِيمَا لَهُ اسمانِ إِلى الإِلوف. (ج} آسَادٌ {وأُسُودٌ} وأُسْدٌ) ، بضمّ فَسُكُون، وَفِي نُسخة بضمّتين. والأَوّل مَقْصُور مُخفّف من {أُسود، وَالثَّانِي مقصورٌ مثقَّل مِنْهُ (} وآسُدٌ) ، بهمزتين على أَفعُل كجَبَلٍ وأَجبُلٍ ( {وأُسْدانٌ) ، بالضّمّ، (} ومَأْسَدة) ، بِالْفَتْح كمَشْيعخَة. وَهل هُوَ جَمْعٌ أَو اسْمُ جَمْع؟ خِلافٌ، وصُحِّح الثَّانِي. (وَهِي) أَي الأُنثَى من {الأَسَد (بِهَاءِ) التأْنيث، فَيُقَال فِيهَا} أَسَدَةٌ، كَمَا قَالَه أَبو زيد، ونَقَلَه فِي (الْمِصْبَاح) عَن الكسائيّ. وَقَالَ غَيرهم: إِن {الأَسَد عامٌّ للّكر والأُنثَى.
(والمَكَانُ} مَأْسَدَةٌ أَيضاً) . وَهُوَ الأَرضُ الكثيرةُ الإِسودِ، كالمَسْبَعة، كَمَا فِي (الرَّوض) . وبعضُهُم جعلَه مَقِيساً، لكثْرةِ أَمثالِه فِي كَلَامهم.
(و) {أَسَدِ الرّجلُ، (كفَرِحَ) } يأْسَدُ {أَسَداً، إِذا تَحَيَّرَ و (دَهِشَ من رِؤيتِه) ، أَي الأَسَدِ، من الخَوْف. (و) من المَجاز: أَسدَ الرَّجُلُ} واستأْسَدَ: (صارَ {كالأَسَدِ) فِي جَراءَته وأَخلاقِه. وَقيل لامرأَةٍ من الْعَرَب: أَيّ الرِّجالِ زَوْجُك؟ قَالَت: (الّذي إِن خَرَجَ أَسِدَ، وإِن دَخَلَ فَهِدَ، وَلَا يَسأَل عَمَّا عَهدَ) . وَفِي حَدِيث أُمِّ زَرْعٍ كذالك: أَي صَار كالأَسَدِ فِي الشَّجَاعَة، يُقَال أَسِدَ} واستَأْسَدَ، إِذَا اجْتَرأَ، أَو هُوَ (ضِدٌّ. و) أَسِدَ عَلَيْهِ (غَضِبَ. و) قيل أَسِدَ عَلَيْهِ (سَفهَ) .
(و) من المَجاز: أَسَدَ (، كضَرَب: أَفسَدَ بينَ القَوْمِ. و) أَسَدَ: (شَبِعَ) .
(وَذُو الأَسَدِ: رَجلٌ) . وَفِي حَدِيث لُقمانَ بن عَاد (خُذْ منِّي أَخِي ذَا الأَسَدِ) أَي ذَا القُوَّة {الأَسَديّة.
(} والأَسْدُ) ، بِفَتْح فَسُكُون (الأَزْد) ، بِالسِّين أَفصحُ وبالزّاي أَكثرُ، وَقد تقدَّم قَريباً. ( {والأَسِدَة، كفَرِحَة: الحَظِيرَةُ) ، عَن ابْن السِّكِّيت، (والضَّارِيَة) .
(و) من المَجازِ: (} استأْسَدَ) عَلَيْهِ: (صارَ كالأَسَد) فِي جَرَاءَته. (و) {استأْسَدَ (عَلَيْه: اجْتَرَأَ) ، كأَسِدَ عَلَيْهِ (و) من المَجاز استأْسَدَ (النَّبْتُ: طالَ) وجُنَّ وعَظُمَ، وَقيل: هُوَ أَن يَنْتَهِيَ فِي الطُّول ويَبلُغَ غَايَتَه. (و) قيل هُوَ: إِذا (بَلَغَ) والْتَفَّ وقَوِيَ. وأَنشد الأَصمعيّ لأَبي النَّجم:
} مُستأْسِدٌ ذِبّانُه فِي غَيْطَلِ
يَقُول للرّائدَ أَعشَبْتَ انْزِلِ
وَقَالَ أَبو خِرَاش الهُذليّ:
يُفَجِّين بالأَيدي على ظَهْرِ آجِنٍ
لَهُ عَرْمَضٌ مُستأْسِدٌ ونَجِيلُ
قَوْله: يُفجّين أَي يُفرِّجن بأَيديهنّ، لينال الماءُ أَعناقَهن لقِصَرِهَا، يعنِي حُمُراً ورَدَت الماءَ. والعَرمَضُ: الطُّحلُب وجعلَه {مُستأْسِداً كَمَا} يَسْتَأْسِدُ النَّبْتُ والنَّجِيلُ: النَّزّ والطِّين.
(و) من الْمجَاز: ( {آسَدَ الكَلْبَ) بالصَّيْد} إِيساداً، ( {وأَوْسَدَه،} وأَسَّدَه) : هَيَّجَه و (أَغْرَاه) ، وأَشْلاَه: دَعَاه.
( {والإِسَادَة، بِالْكَسْرِ والضّمّ:} الوِسَادَة) الأَخيرة عَن الصّاغانيّ، كَمَا قَالُوا للوِشاحِ إِشاحٌ.
( {واستُوسِدَ) الرّجلُ، إِذا (هُيِّجَ) وأُخْرِيَ.
(} - والأُسْديّ، بالضمّ) ، وَفِي نُسْخَة: (ككُرْسيّ) ، وَالَّذِي فِي (اللِّسَان) بِفَتْح الْهمزَة (: نَبَاتٌ) ، بالنُّون والموحّدة، هَكَذَا فِي نُسختنا، والصّواب (ثِياب) ، بالمثلَّثة فالتّحتية، وَهُوَ فِي شِعر الحُطَيئة يَصف قَفْراً.
مُسْتَهْلِك الوِرْد! - كالأُسْدِيِّ قد جَعَلَتْ
أَيْدِي المَطِيِّ بِهِ عَادِيّةً رُغُبَا
مُستهلِك الوِرد، أَي يهلِك واردُه لطوله، فشبَّهه بالثَّوْبِ المُسَدَّى فِي استوائِه. والعادِيّة: الْآبَار. والرُّغُبُ الواسعة. قَالَ ابْن بَرّيّ: صَوابه {- الأُسْدِيّ بضمّ الْهمزَة ضَرْبٌ من الثِّياب. قَالَ: ووَهِمَ مَن جعلَه فِي فَصْل أَسد. وصعوابه أَن يذكر فِي فصل سدى. قَالَ أَبو عليّ، يُقَال} - أُسْدِيّ وأُسْتِيّ، وَهُوَ جمْع {- سَديَ وسَتِيَ، للثَّوب المُسَدَّى، كأُمعُوزِ جمُع مَعز. قَالَ: وَلَيْسَ بجمْع تكسير، وإِنَّمَا هُوَ اسمٌ واحدٌ يُرَاد بِهِ الجمْع، والأَصلُ فِيهِ} - أُسْدُويٌ، فقلِبت الْوَاو يَاء لاجتماعهما وَسُكُون الأُولى مِنْهُمَا، على حَدِّ مَرْمِيّ ومَخْشيّ.
(و) {أَسِيدٌ، (كأَمِيرٍ: سَبْعَة) رجالٍ (صَحَابِيُّون) ، وَهُوَ أَسيِدُ بنُ جارِيَة بن أَسِيدٍ الثَّقَفِيّ، وأَسيدُ بنُ صَفوان، وأَسِيدُ بن عَمْرِو بن مِحْصَنٍ، وأَسِيدٌ المُزَنِيّ، وأَسِيدُ بن ساعدَةَ الأَنصاريّ وأَسِيدٌ الجُعْفيّ، وأَسيدُ بن سَعْيةَ القُرَظِيّ، وهاذا الأَخير رُوِيَ فِيهِ الوَجهانِ مُكبّراً ومُصغَّراً، كَذَا فِي التَّجْرِيد للذّهبيّ. قلّت: وستأْتي الإِشارةُ إِلى بَعضهم فِي كَلَام المصنّف قَرِيبا.
(و) المسمَّى بأَسِيدٍ أَيضاً (خَمْسَة) رجال (تابِعيُّون) وهم أَسِيدُ بن أَبي أَسِيد السّاعَديّ الأَنصاريّ، وأَسِيدُ بن عبد الرَّحْمَن بن زيد بن الخطّاب العَدَوِيّ، وأَسِيد بن المُشمّس بن مُعَاويةَ السَّعْدِيّ، وأَسِيد ابْن أَخي رَافع بن خَدِيجٍ، وأَسيدٌ الجُعْعيُّ يَروِي المراسِيلَ، كَذَا فِي كتاب (الثِّقَات) لِابْنِ حِبّانَ. قلْت: والايخير ذَكرَه العسكريّ فِي الصّحابَة، كَمَا تقدّم، والّذي قبلَه يُقَال فِيهِ أَيضاً أَسيد بن رَافع بن خَديج، وَهُوَ شيخُ مُجَاهدٍ.
(و) } أُسَيْدٌ، (كزُبَير ابنُ حُضَير ابْن سِمَاكٍ الأَوسِيّ الأَنصاريّ الأَشْهَليّ أَبو يحيى) ، كَذَا فِي تَارِيخ دِمشقَ.
(و) أُسَيْد (بن ثَعْلَبَةَ) الأَنصاريّ، شَهِدَ بَدْراً وصِفِّين مَعَ عليَ، قَالَه ابْن عبد البَرّ. (و) أُسَيْد (بنُ يَربُوع) الخَزْرَجيّ السَّاعِديّ ابنُ عَمّ ابْن أَبي أَسيد السَّاعديّ، قُتِل باليَمامة. (و) أُسَيد (بن ساعدةَ) بنِ عامرٍ الأَنصاري الحارثيّ، وَيُقَال فِيهِ مكبَّراً، كَذَا تقدّم، (و) أُسَيْد (بن ظُهَيْر) بن رَافع بن عَدِيّ الأَنصارِيّ الأَوسيّ الْحَارِثِيّ بن عمّ رافعِ بن خَدِيجٍ. (و) أُسَد (بن أَبي الجَدْعاءِ، ويُعْرَف بِعَبْد الله) ، وَقد وَهِمَ فِيهِ ابْن ماكُولاَ. (و) أُسَيد (ابْن أَخي رَافِع بن خَدِيجٍ) ، وَهِم فِيهِ ابنُ مَنْده، وَصَوَابه أُسَيد بن ظُهَير. (و) أُسَيد (بن سَعْيَةَ) القُرَظِيُّ أَسْلَم فِي اللّيْلَة الَّتِي حَكَمَ فِيهَا سَعْدُ بنُ مُعَاذٍ فِي بني قُرَيظَةَ، (أَو هُوَ كَأَمِيرٍ) ، وَقد تقدّم، (صَحَابِيُّون) ، رِضوان الله عَلَيْهِم أَجمعين.
(وعُقْبَة بن أُسَيْدٍ) ، تَصْغِير أَسدٍ، هاكذا فِي النُّسخ، وَالَّذِي فِي التبصير لِلْحَافِظِ ابْن حجر هُوَ عُقْبَة بن أَبي أُسَيْد (تابعيٌّ) من بني الصَّدِف.
( {وأَسَيِّدٌ) ، بتَشْديد التحتيَّة سيأْتي ذِكْرُه (فِي سيد) . وَقَالَ الْحَافِظ بن حَجَر فِي (التبصير) : وَمن الْعَجَائِب مَا ذكرَه ابْن القطَّاع فِي كتاب (الأَبنية) وابنُ رَشِيق فِي كتاب (الشَّذوذِ) أَنَّه لَيْسَ فِي الْعَرَب أُسَيد، بضمّ الْهمزَة وإِسكان الياءِ سوَى أُسَيدِ بنِ أَسماءَ بنِ أُسَيْد السُّلَميّ. زَاد ابْن رَشِيق أَنَّ عليّ بن أَبي طَالب قَطع يَده فِي سَرقَة.
(} وأَسَدُ بن خُزَيمةَ) بنِ مُدرِكَةَ بن الْيَاس بنِ مُصَرَ، (محرّكَةً، أَبو قَبِيلَةٍ) عظيمةٍ (من مُضَرَ) الحمراءِ (و) أَسَدُ (بنُ رَبِيعَةَ بنِ نِزَار) بن مَعَدّ بن عَدنانَ (أَو) قبيلةٍ (أَخرَى) .
(وأَسَدُ آباذَ: د، قُرْبَ هَمَذَانَ) ، على مَنزلٍ مِنْهُ، وَيعرف بأَسْتَرَاباذَ، مِنْهُ أَبو عبد الله الزُّبير بن عبد الْوَاحِد الْحَافِظ، سمع أَبا يَعْلَى الموصليّ، تُوفِّيَ سَنَة 347. (و) أَسد آباذ: (ة بنَيْسَابُورَ) ، نُسِب إِليها جماعَة من المحدِّثين.
وَمِمَّا يسْتَدرك عَلَيْهِ:
أَسَدٌ {آسِدٌ، على الْمُبَالغَة، كَمَا قَالُوا عَرَادٌ عَرِدٌ، عَن ابْن الأَعرابيّ،} وأَسَدٌ بَيِّنُ الأَسَد، نادِرٌ، كَقَوْلِهِم: حِقّةٌ بيِّنُ الحِقّةِ. {واستَأْسَدَ الأَسدَ: دَعَاه. قَالَ مُهلهل:
إِنّي وَجَدْت زُهَيراً فِي مآثرِهمْ
شِبْهَ اللُّيوثِ إِذا} استأْسَدْتَهُمْ {أَسِدُوا
وَمن المَجاز:} آسَدْتُ بينَ الكلابِ إِذا هَارَشْتَ بَينهَا: كَا فِي (الأَساس) .
(! والمُؤْسِد: الكَلاَّبُ الّذي يُشْلِي كَلْبَه للصَّيد) ، يَدعوه ويُغرِيه.
وآسدَ السَّيْرَ، {كأَسْأْده، عَن ابْن جنّي. قالابن سِيده: وعسَى أَن يكون مَقْلوباً عَن أَسأَد.
وأَبو أَسِيدِ بنُ ثابتٍ صَحابيّ. وأَسِيد بن أَبي الأَسد أَبو الرّبيع، لَهُ حكايةٌ مَعَ الحَجّاج رَوَاهَا عَنهُ ابْنه محمّد بن أَسيد. وأَسيد بن الحَكَم بن سَعيدٍ الواسطِيّ أَبو الْحَارِث، عَن يزِيد بنِ هارُونَ ويحي بن أَبي أَسِيدٍ المصريّ أَبو مَالك، عَن ابْن عُمَر، وَعنهُ حَيْوَةُ بن شُرَيح. وأَبو أَسِيدٍ حَجّارُ بنُ أَبجرَ العِجليّ، عَن عليَ ومعاويةَ. وأَسِيد بن الأَخنس بنِ شريقٍ الثَّقَفيّ، ذكرَه عُمَرُ بنُ شبَّةَ فِي الصحابَة. وأَسِيد بن عَمْرو بنِ مِحْصَن، ذَكَرَه أَبو مُوسَى فِي الذَّيل، كَذَا فِي (التبصير) .
وَفِي مَذْحج قَبائلُ بني أَسَد، منهمْ أَسَد بن مُسلِيةَ بن عَامر بن عَمْرو. وأَسَد بن عَبْد مناةَ بن عَائِذِ الله بن سَعدِ العَشِيرَةِ. وأَسَد بنُ مرِّبْن صدَاءٍ. وَفِي قُريش أَسدُ بن عبد العُزَّى. وَفِي الأَزْد أَسدُ بن الحارِث بن العَتِيك. وأَسَدُ بن شَرِيك بن مَالك بن عَمْرو، وإِليه نُسِبَ مُسَدِّد بنُ مُسَرْهَد. قَالَه كلّه أَبو الْقَاسِم الْوَزير المغربيّ.
وأَمّا من نُسِبَ إِلى جَدّه أَسَد فكَثيرون.
} والأُسْدان، بالضّمّ، {والمأْسَدة: الأُسُودُ، مثْلُ المَضَبَّة والمَشْيَخة، نقلَه الصاغانيّ.
والأَسِيدُ، كأَمِير: الشديدُ.

بلقق

بلق ق
بَلْقِيق، بالفَتْح: حِصْن بالمَرِيَّةِ، من أَشْهرِ مَوَاضِع الأَنْدَلُس، مِنْهُ أَبو البَرَكاتِ إِبراهيمُ البَلْقِيقِيُّ الشَّهِيرُ بابْنِ الْحَاج، أَحدُ شيُوخ ابْن الخَطِيب وطَبَقَتِه، ذَكَره الدّاوُدِيّ فِي المُقَفَّى، وضَبَطَه بعضٌ بتَشْدِيدِ الّلام المَكْسُورة مَعَ كسرِ المُوَحَّدة.
ب ل ق
البَلَقُ، مُحَرَّكَةً: سَوادٌ وبَياض، كالبُلْقَةِ، بالضَّمِّ قَالَ رُؤْبَةُ: فِيها خُطُوطٌ من سَواد وبلق كَأَنَّها فِي الجِلْدِ تَوْلِيعُ البَهَق وَقَالَ ابنُ سِيدَه: البَلقُ، والبُلْقَةُ: مصدَرُ الأَبلقِ: ارْتِفاعُ التَّحْجِيلِ إِلى الفَخِذَيْنِ، وَقد بلقَ الفَرَس كفَرِحُ، وكَرُمَ بَلَقاً مُحرَّكَةً، مَصْدَرُ الأوّلِ، وَهِي قَليلَة. وقالَ ابنُ دُرَيْد: لَا يُعْرَفُ فِي فِعْلِه إِلاَّ ابلاقَّ، وابْلَقَّ ابلِيقاقاً، وابلِقاقاً. وقالَ غيرُه: قَلَّما تَراهُم يَقُولونَ: بَلِقَ يَبْلَقُ، كَمَا أَنَّهُم لَا يَقُوُلون: دَهِمَ يَدْهَمُ، وَلَا كَمِتَ يكْمَتُ فَهُوَ أَبلقُ، وَهِي بلْقاءُ والعَرَبُ تقولُ: دابَةٌ أَبلَقُ، وجَبَلٌ أَبرَقُ، وجَعَلَ رُؤْبَة الجبالَ بُلْقاً، فَقَالَ: بادَرْنَ رِيحَ مَطَرٍ وبرْقَا وظُلْمَةَ اللَّيْلِ نِعافاً بُلْقَا والبَلَقُ، مُحَرَّكَةً: الفُسْطاطُ قالَ امرُؤُ القَيس:
(فَليَأتِ وَسْطَ قِبابِه بَلَقِى ... ولْيَأْتِ وَسْطَ خَمِيسِه رَجْلي)
كَذا أَنْشَدَه الجَوْهَرِيُّ، وَفِي سَجَعاتِ الأساس: الناّسِكُ فِي مَلَقِه، أَعْظَمُ من المَلِكِ فِي بَلقه. وقالَ أَبو عَمْرو: البَلَقُ: الحُمقُ الغَيْرُ الشَّدِيدِ ونَصُّ أبي عَمْرو: الَّذِي لَيسَ بمُحْكَمٍ بَعْدُ. وقالَ اللَّيْثُ: البَلَقُ: الرُّخامُ وقالَ ابنُ دُرَيْدٍ: البَلَق: البابُ فِي بعضِ اللُّغاتِ. قَالَ: وحِجارَة باليمَنِ تُضئ مَا وَراءَها، كالزُّجاج تُسَمَّى البَلَقَ. وَفِي أَمْثالِهم: طَلَبَ الأَبلقَ العَقُوقَ، أَي: طَلَبَ مَا لَا يُمْكِنُ لأَنَّ الأبْلَقَ: الذَّكَرُ، والعَقُوقَ: الحامِلُ وَمِنْه قَوْلُ الشاعِرِ:
(طَلَبَ الأَبلَقَ العَقوقَ فلمّا ... لم يَنَلْهُ أَرادَ بَيْضَ الأنوقِ)
وَقد مَضى ذلِكَ فِي تَرْجَمة أَن ق. أَو الأَبْلقُ العَقُوق: الصَّبحُ ة لأَنَّه يَنْشَقُّ، مِن عَقَّه: إِذا شَقه وسَيَأتِي. وبلَيْقٌ كزُبَيْرٍ: مَاء لبَني أبِي بكرٍ وَبني قُرَيْطٍ. وبُلَيْقٌ: اسمُ فَرَس سَبّاق، وَمَعَ ذلِكَ كَانَ) يُعابُ نَقَله الجَوْهَرِي فقَالوا فِي المَثَل: يَجْرِى بُلَيْق ويُذَمُّ وبُلَيْقٌ: تَصْغِيرُ تَرْخِيم لأَبْلَقَ، يُضْرَبُ فِي المُحْسِنِ يُذَم. والأبْلَقُ الفَرْدُ: حِصنٌ للسَّمَوْألِ بن عادِيا اليَهُودِيِّ، قِيلَ: بناهُ أَبُوه عادِيا، وَفِيه يقُول:
(بَنَى لي عادِيَا حِصْناً حَصِيناً ... وعَيْناً كُلَّما شِئْت اسْتَقَيتُ) (وأطماً تَزْلَقُ العِقْبانُ عَنه ... إِذا مَا ضَامَنِي أَمْرٌ أَبَيْتُ)
وقالَ أَيضاً:
(هُوَ الأبْلَقُ الفَردُ الَّذِي سارَ ذِكْرُه ... يَعِز عَلَى مَنْ رامَهُ ويَطُولُ)
أَو بَناه سُلَيْمانُ بنُ داوُدَ عَلَيْهِ وعَلَى أَبِيه السَّلامُ بأَرْضِ تَيماءَ هكَذا ذَكَره الأَعْشى، فقالَ:
(وَلَا عادِيَا لم يَمْنَع المَوْتَ مالُه ... ووِرْدٌ بتَيْماءَ اليَهُودِيِّ أَبْلَقُ)

(بَناهُ سُلَيْمانُ بنُ داوُدَ حِقْبَةً ... لَهُ أَزَجٌ حُمٌّ وطَيٌّ مُوَثَّقُ)
وإِنَّما قِيلَ لَهُ: الأَبْلَقُ، لأَنَّهُ كَانَ فِي بِنائِه بياضٌ وحُمْرَة، وقِيلَ: لأَنه بني من حِجارَة مُخْتَلفةِ الألْوان وقَصدَتْهُ الزَّباّءُ مَلِكَة الجَزِيرَةِ فعَجَزَت عَنهُ، وَعَن مارِدٍ: حِصْنٍ آخرَ تَقَدَّم ذِكْرُه فقالَتْ: تَمَرَدَ مارِدٌ، وعَزَ الأَبلقُ فسَيرَتْهُ مثلا. وبَلْقاءُ: د، بالشّام وَفِي سيرَةِ الشّاميّ أَنَّها مَقْصورة، وَعليه فتُكْتَب بالياءِ، وَوَقع فِي نُورِ النَبْراسِ أَنَّها بالمَدِّ، وَعَلِيهِ فترْسمُ بالأًلِفِ وبَعدَها همزَة.
قلتُ: والقولُ الأَخِيرُ هُوَ الصوابُ، وَهِي: كُورةٌ مشتملةٌ على قُرى كَثِيرَة، ومَزارِع واسِعَةٍ، وأَنشَدَ ابنُ بريّ لحَسّان:
(انْظُرْ خَلِيلِي ببابِ جِلِّقَ هَل ... تُؤْنِسُ دُونَ البَلقاءَ من أحَدِ)
وبلقاءُ: ماءٌ لبَنِي أَبِي بَكرٍ وبَنِي قُرَيْطٍ، وَكَذَلِكَ بُلَيْق، وَقد تقَدم. والبَلْقاءُ: فَرَس للأَحْوَصَ بنِ جَعْفَر، وأخْرَى لعَيْزارَةَ هكَذا فِي النُّسَخ، والصّوابُ كَمَا فِي التَّكْمِلَةِ: لابنِ عَيْزارَةَ، وَهُوَ قَيْسُ بنُ عَيْزارَةَ الهُذَلِيُّ، أحَدُ الشُّعَراءَ. والبَلُّوقَةُ، كعَجورَةٍ، ويضَمُّ نَقَلَهُما أَبو عَمْرو، وقالَ: هِيَ المَفازَة وقالَ ابنُ دُرَيْدٍ: رُبما قالُوا: بُلوقَةٌ بالضمِ، وَالْفَتْح أَكثرُ وَهِي: الأَرْض المُسْتوِيَةُ اللَّيَنة قَالَ الأَصْمَعِيّ: أَو الرَّمْلَةُ الَّتِي لَا تُنبِتُ إِلاّ الرُّخامَي والثِّيران تُولعُ بِهِ، وتحفِرُ أصولَه فتأكل عروقاً فِيهِ، قَالَ ذُو الرمةِ يصف ثوْراً:
(يرُودُ الرُّخامَى لَا يرى مُسترَادَهُ ... ببَلُّوقَةٍ إِلَّا كثِيرَ المَحَافِرِ)
أَراد أَنه يستثيرُ الرُّخامي وَهِي البُقْعَةُ الَّتِي ليسَ بهَا شَجَرٌ، وَلَا يُنْبِتُ شَيْئاً البَتَّةً وقِيلَ: هِيَ قَفرٌ)
من الأَرْضِ لَا يَسْكُنُها إِلاّ الجِنّ، وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: السَّبارِيتُ: الأَرَضُونَ الَّتِي لَا شَيْء فِيها، وكذلِكَ البَلالِيقُ والمَوامِي، وقالَ أَبو خَيرَةَ: البَلُّوقَةُ: مكانٌ صُلْب بينَ الرِّمالِ، كأَنَّه مَكْنُوسٌ، تَزْعُم الأعْرابُ أَنه مَساكِنُ الجِنِّ، وقالَ الفرّاءُ: البَلُّوقَةُ: أَرْضٌ واسِعَةٌ مُخْصِبَة، لَا يُشارِكُكَ فِيها أَحَدٌ، يُقال: ترَكْتهم فِي بَلوقَةٍ منَ الأَرْضَ. كالبَلُّوق، كتنورٍ، ج: بَلالِيقُ قالَ الْأسود بنُ جَعْفَر: ... ثمَّ ارْتعَينَ البَلالِقَا والبَلوقَةُ: ع، بناحِيَةِ البَحْرَيْنِ فَوق كاظمَةَ قالَ ابنُ دُرَيدٍ: يَزْعُمُونَ أَنه من مَساكِنِ الجِنِّ، وَقد جَمَعَها. هكَذا فِي النُّسَخ، وكأَنَّه نَظَر إِلى لَفظِ البَلُّوقَة لَا المَوْضِع عُمارَةُ بنُ طارِقٍ ويُقالُ: عُمارَةُ بنُ أَرْطاةَ عَلىَ بَلالِقَ فقالَ: فوَرَدَتْ من أَيْمَنِ البَلالِقِ ويُرْوَى: البلائِقِ. وبلِقَ الرَّجُلُ، كفرح: إِذا تَحَيرَ ودَهِشَ. وبلَقَ كنَصَر بُلُوقاً أَي: أَسْرَعَ عَن ابْن عَباّدِ. قالَ: وبَلَقَ السَّيل الأَحْجارَ: إِذا جَحَفَها ونَصُّ المُحيطِ: اجْتَحَفَها. وبلَقَ البابَ: فتَحَهَ كُلّهُ يَبْلُقُه بَلْقاً، وقِيلَ: مَرَّ زَيْدُ بنُ كُثْوَةَ بقَوْم، فقالُوا: مِنْ أَينَ. فقالَ: أتَيْتُ بنِي فُلانٍ فِي وَلِيمَةٍ، فبُلِقَ البابُ، فانْدَمَقَ فِيهِ سرعانُ النَّاس، فانْدَمَقْتُ فِيهِ، فدُلِظَ فِي صَدْرِي، وكانَ دَخَلَ البَصْرَةَ، فصادَفَ قَوْماً يَدْخُلُونَ دَار الْعرس، فأَراد أَنْ يَدْخُلَ. أَو: فَتَحَهُ فَتْحاً شَدِيداً، كأَبلَقَه فانبَلَقَ نَقلَهُ الجَوْهَرِيُّ، وأَنْشَد رَجُل من الشرُّاةِ:
(سوْداءُ حالِكَةٌ أَلْقَتْ مَراسِيَها ... فالحِصْنُ مُنْثَلِمٌ وَالْبَاب مُنْبلِقُ)
وقِيلَ: بَلَقَ البابَ: إِذا أَغْلَقَه قَالَ ابنُ فَارس: هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ عندِي، فهُو ضِد. وقالَ أَبو عَمرو: بَلق الجارِيَة بَلْقاً: فَتَحَ كُعْبَتَها، أَي: افْتَضَّها وأَزالَ عُذْرَتَها، قَالَ: أَنْشَدَنِي فَتى من الْحَيّ: رَكَبٌ تَمَّ وتَمَّتْ رَبَّتُهْ قَدْ كانَ مَخْتُوماً ففُضَّتْ كُعْبَتُهْ وبالِقانُ، بكسرِ الّلام: ة، بمَرْوَ خَرِبَتْ وانْدَرَسَت، وبقِي النًّهْرُ مُضافاً إِليها، وباؤُها فارِسِيَّةٌ بثلاثِ نُقَطٍ من تَحْت، مِنْهَا: أَبو الفَتْح محمَّدُ بنُ أَبي حَنِيفَةَ النُّعْمان بنِ محمًّدِ بنِ أبي عاصِم، المَعْروفُ بابنِ أَبي حَنِيفَةَ، من المتَفَننِّين، مَاتَ بهراةَ سنة.
وبَيْلَقانُ، بفَتحِها: د، قُرْبَ دَربَندَ وَبَاب الأَبواب، بَناه بَيْلقان ابنُ أَرْمِيني بنِ لَنْطَى بنِ يونانَ، مِنْهَا: أَبُو المَعالِي عبد المَلِكِ بنُ عَبْدِ البيْلَقانِيُّ، سَمِعَ بببغْدادَ أَبا جَعْفَر بنَ المُسْلمَةِ، توفِّي بِبَلَدِهِ)
سنة،. وأَبْلَقَ الفَحْلُ: وَلَدَ وُلْداً بُلْقاً عَن الزّجاج. والتَّبْلِيقُ: إِصْلاحُ البِئْرِ السَّهْلَة بتَوابِيتَ من سَاج. وَهُوَ من قَوْلهم: رَكِيَّةٌ مُبلَّقَةٌ كمُعَظَّمَةٍ، أَي: مُصلَحَةٌ. وابْلقَ الفرَسُ ابْلقاقاً، وابْلاقَ ابْلِيقَاقاً: صارَ أَبلَقَ قالَ ابنُ دُرَيْدِ: لَا يعرَف فِي فِعْلِه غَيْرُهما، وَقد أَشرنا إِليه آنِفا. وابلَنْقَقَ الطَّرِيقُ: وَضَحَ من غَيْره نقَلَه الصّاغاني. قَالَ: والتَرْكِيبُ يدُلُ على الْفَتْح، وَقد يسْتَبْعَدُ البلَقُ فِي الأَلْوانِ، وَهُوَ قَرِيبٌ، وذلِك أَنَّ البَهِيمَ مُشْتَق من البابِ الْمُبْهم، وإِذا أبْيضَّ بعضه فَهُوَ كَالشَّيْء يفتح.
وَمِمَّا يُسْتَدْركُ عَلَيْهِ: البَلِقُ، كوجِلٍ: الذِّي بَرِقَتْ عينُه وحارَتْ. ويُقال فِي الشَّتم: حَلْقَى بَلقى.
وابْلَوْلَقَ الدَّابَّةُ ابلِيلاقاً، مثل ابلَقَّ. وَقَالَ الخلِيلُ: البالُوقَة: لُغَة فِي البالوعَةِ. والبُلْقُ، بالضمِّ: اسْم موْضعٍ، قَالَ:
(رَعَتْ بمُعَقِّبٍ فالبُلقِ نبتاً ... أَطارَ نَسِيلَها عَنها فطَارَا)
وبَلقَ كِذْبَةً حَرْشاءَ: صَنَعَها وزَوَّقَها، كَذَا فِي نَوادِرِ الأَعْرابَ. وبَلَقَ ظهْرَه بالسَّوْطِ: إِذا قطعَه، كَذَا فِي النَّوادِرِ أَيضاً. وبُلاق، كغُرابٍ، والعامَّةُ تقولُ: بُولاق، كطوبار: مَدِينة كَبِيرَة على ضَفّةَ النيلِ، على فَرْسَخٍ من مصر.

السّدر

السّدر:
[في الانكليزية] Vertigo ،whirling ،trouble of the sight
[ في الفرنسية] Vertige ،tournoiement ،trouble de vue
بفتح السين والدال المهملة في اللغة تحيّر البصر. وفي الطب ظلمة تعرض البصر إذا أراد صاحبه القيام. وربما وجد طنينا في أذنيه وثقلا عظيما في رأسه. وربما زال عقله. والشديد منه يشبه الصّرع إلّا أنّه لا يكون له تشنّج كما يكون للصرع، كذا في الآقسرائي وبحر الجواهر.

السّرقة

السّرقة
[في الانكليزية] Theft
[ في الفرنسية] Vol
كالسّرق محركتين بكسر الراء مصدر سرق منه شيئا أي جاء مستترا إلى حرز فأخذ مال غيره. وعند الفقهاء هو نوعان لأنّه إمّا أن يكون ضررها بذي المال أو به وبعامة المسلمين.
فالأول يسمّى السّرقة الصغرى، والثاني السّرقة الكبرى، وهما مشتركان في التعريف وأكثر الشروط. فعرّفهما صاحب مختصر الوقاية بأخذ مكلّف خفية قدر عشرة دراهم مضروبة مملوكا محرزا بلا شبهة بمكان أو حافظ، أي أخذ مكلّف بطريق الظلم كما هو المتبادر من الإضافة، فاحترز بالمكلّف عن غيره، فلا يقطع الصبي والمجنون ولا غيرهما إذا كان معه أحدهما، وإن كان الآخذ الغير. وعند أبي يوسف يقطع الغير. ولا يقطع بأخذ المصحف والكتب وآلات اللهو لاحتمال أن يأخذه للقراءة والنهي عن المنكر، فمن الظن بطلان التعريف منعا. وقوله خفية احتراز عن الأخذ مكابرة فإنّه غصب كما إذا دخل نهارا أو بين العشاءين في دار بابها مفتوح أو ليلا، وكلّ من الصاحب والسارق عالم بالآخر، فلو علم أحدهما لا الآخر قطع كما لو دخل بعد العتمة وأخذ خفية أو مكابرة معه سلاح أو لا، والصاحب عالم به أو لا، ولو كابره نهارا فنقب البيت سرا وأخذ مغالبة لم يقطع. وقوله قدر عشرة دراهم أي بوزن سبعة يوم السرقة والقطع، فلو انتقص عن ذلك يوم القطع لنقصان العين قطع لأنّه مضمون على السارق فكأنه قائم، بخلاف ما انتقص للسّعر فإنّه لا يقطع لأنّه غير مضمون عليه. وعن محمد أنّه يقطع. وذكر الطحاوي أنّ المعتبر يوم الأخذ والمتبادر أن يكون الأخذ بمرة فلو أخرج من الحرز أقل من العشرة ثم دخل فيه وكمل لم يقطع. وقوله مضروبة احتراز عن أخذ تبر وزنه عشرة وقيمته أقل فإنّه حينئذ لا يقطع، فيقوّم بأعز نقد رائج بينهم، ولا يقطع بالشّك ولا بتقويم بعض المقومين. وقوله مملوكا احتراز عن أخذ غير المملوك. وقوله محرزا أي ممنوعا من وصول يد الغير إليه. وقوله بلا شبهة تنازع فيه مملوكا ومحرزا فلا قطع بأخذ الأعمى لجهله بمال غيره ولا بالأخذ من السّيّد والغنيمة وبيت المال.
وقوله بمكان أي بسبب موضع معدّ لحفظ الأموال كالدور والدكاكين والحانات والخيام والصناديق. والمذهب أنّ حرز كلّ شيء معتبر بحرز مثله حتى لا يقطع بأخذ لؤلؤ من اصطبل، بخلاف أخذ الدابة. وقوله حافظ أي بسبب شخص يحفظ فلا قطع بالأخذ عن الصبي والمجنون ولا يأخذ شاة أو بقرة أو غيرها من مرعى معها راع، ولا بأخذ المال من نائم إذا جعله تحت رأسه أو جنبه. أما إذا وضع بين يديه ثم نام ففيه خلاف، كذا في جامع الرموز

وفي الدرر: السرقة لغة أخذ الشيء من الغير خفية أيّ شيء كان. وشرعا أخذ مكلّف أي عاقل بالغ خفية قدر عشرة دراهم مضروبة جيدة محرزا بمكان أو حافظ، فقد زيدت على المعنى اللغوي أوصاف شرعا منها في السارق وهو كونه مكلفا، ومنها في المسروق وهو كونه مالا متقوّما مقدرا، ومنها في المسروق منه وهو كونه حرزا. ثم إنها إمّا صغرى وهي السرقة المشهورة وفيها مسارقة عين المالك أو من يقوم مقامه. وإمّا كبرى وهي قطع الطريق وفيها مسارقة عين الإمام لأنه المتصدي لحفظ الطريق بأعوانه انتهى.
وفي كليات أبي البقاء السرقة أخذ مال معتبر من حرز أجنبي لا شبهة فيه خفية وهو قاصد للحفظ في نومه أو غيبته. والطرّ أخذ مال الغير وهو حاضر يقظان قاصد حفظه وهو يأخذه منه بنوع غفلة وخدع، وفعل كلّ واحد منهما وإن كان شبيها بفعل الآخر، لكنّ اختلاف الاسم يدل على اختلاف المسمّى ظاهرا، فاشتبه الأمر أنّه دخل تحت لفظ السارق حتى يقطع كالسارق أم لا فنظرنا في السرقة فوجدناه جناية، لكن جناية الطرار أقوى لزيادة فعله على فعل السارق، حيث يأخذ من اليقظان فيثبت القطع بالطريق الأولى كثبوت حرمة الضرب بحرمة التأفيف، وهذا يسمّى بالدلالة عند الأصوليين. بخلاف النباش فإنّه يأخذ مالا لا حافظ له من حرز ناقص خفية فيكون فعله أدنى من فعل السارق، فلا يلحق به ولا يقطع عند أبي حنيفة ومحمد، خلافا لأبي يوسف رحمهم الله. وعند الشافعي يقطع يمين السارق بربع دينار حتى سأل الشاعر المعري للإمام محمد رحمه الله:
يد بخمس مئين عسجد فديت ما بالها قطعت بربع دينار فقال محمد في الجواب: [لمّا] كانت أمينة ثمينة فلما خانت هانت كذا في الجرجاني.
وعند الشعراء ويسمّى الأخذ أيضا هو أن ينسب الشاعر شعر الغير أو مضمونه إلى نفسه.
قالوا اتفاق القائلين إن كان في الغرض على العموم كالوصف بالشجاعة أو السخاء أو نحو ذلك فلا يعدّ سرقة ولا استعانة ولا أخذا ونحو ذلك، لتقرره في العقول والعادات. وإن كان اتفاقهم في وجه الدلالة على الغرض كالتشبيه والمجاز والكناية وكذكر هيئات تدلّ على الصفة لاختصاص تلك الهيئات بمن تثبت تلك الصفة له كوصف الجواد بالتهلل عند ورود السائلين، فإن اشترك الناس في معرفته أي معرفة وجه الدلالة على الغرض لاستقراره فيهما أي في العقول والعادة كتشبيه الشجاع بالأسد والجود بالبحر فهو كالأول، أي فالاتفاق في هذا النوع من وجه الدلالة على الغرض كالاتفاق في الغرض العام في أنّه لا يعدّ سرقة ولا أخذا، وإلّا أي وإن لم يشترك الناس في معرفته ولم يصل إليه كل أحد لكونه مما لا ينال إلّا بفكر صائب صادق جاز أن يدعى فيه السبق والزيادة بأن يحكم بين القائلين فيه بالتفاضل، وإنّ أحدهما فيه أكمل من الآخر، وإنّ الثاني زاد على الأول أو نقص عنه. وهذا ضربان خاصي في نفسه غريب لا ينال إلّا بفكر وعامي تصرف فيه بما أخرجه من الابتذال إلى الغرابة كما في التشبيه الغريب الخاصي والمبتذل العامي. وإذا تقرّر هذا فالسّرقة والأخذ نوعان، ظاهر وغير ظاهر. أمّا الظاهر فهو أن يؤخذ المعنى كله إمّا مع اللفظ كله أو بعضه، وإمّا وحده. فإن أخذ اللفظ كله من غير تغيير لنظمه فهو مذموم لأنّه سرقة محضة ويسمّى نسخا وانتحالا، كما حكي أنّ عبد الله بن الزبير دخل على معاوية فأنشد بيتين:
إذا أنت لم تنصف أخاك وجدته على طرف الهجران إن كان يعقل ويركب حدّ السّيف من أن تضيمه إذا لم يكن عن شفرة السّيف مزحل أي إذا لم تعط أخاك النصفة ولم توفّه حقوقه تجده هاجرا لك ومتبدلا بك إن كان به عقل وله معرفة. وأيضا تجده راكبا حدّ السيوف أي ويتحمّل شدائد تؤثر فيه تأثير السّيف مخافة أن يدخل عليه ظلمك أو بدلا من أن تظلمه متى لم يجد عن ركوب حدّ السيف مبعدا ومعدلا.
فقال له معاوية لقد شعرت بعدي يا أبا بكر، أي صرت شاعرا، ولم يفارق عبد الله المجلس حتى دخل معن بن أوس المزني الشاعر فأنشد قصيدته التي أولها:
لعمرك ما أدري وإنّي لأوجل على أيّنا تغدو المنية أول حتى أتمها وفيها هذان البيتان. فأقبل معاوية على عبد الله بن الزبير وقال له: ألم تخبرني أنّهما لك؟ فقال: اللفظ له والمعنى له، وبعد فهو أخي من الرضاعة وأنا أحقّ بشعره فقلته مخبرا عن حاله وحاكيا عن حالي هكذا في المطول وفي معناه أن يبدل بالكلمات كلها أو بعضها ما يرادفها، يعني أنه مذموم وسرقة محضة كما يقال في قول الحطيئة:
دع المكارم لا ترحل لبغيتها واقعد فإنّك أنت الطاعم الكاسي إنّه بدّل الكلمات وأبقى المعاني فقيل:
ذر المآثر لا تذهب لمطلبها واجلس فإنّك أنت الآكل اللابس وإن أخذ اللفظ كلّه مع تغيير نظمه أو أخذ بعض اللفظ لا كله سمّي هذا الأخذ إغارة ومسخا، وهو ثلاثة أقسام: لأنّ الثاني إمّا أن يكون أبلغ من الأول أو دونه أو مثله، فإن كان الثاني أبلغ لاختصاصه بفضيلة فممدوح ومقبول، وإن كان الثاني دونه فمذموم، وإن كان مثله فأبعد من الذمّ، والفضل للأول. وإنّما يكون أبعد من الذمّ إن لم يكن في الثاني دلالة على السرقة كاتفاق الوزن والقافية وإلّا فهو مذموم جدا. مثال الأول قول بشار:
من راقب الناس لم يظفر بحاجته وفاز بالطيّبات الفاتك اللهج أي الشجاع القتال وراقب بمعنى خاف.

وقول سلم:
من راقب الناس مات همّا وفاز باللذة الجسور أي شديد الجرأة فبيت سلم مأخوذ من بيت بشّار إلّا أنّه أجود سبكا وأخصر لفظا.

ومثال الثاني قول أبي تمام:
هيهات لا يأتي الزمان بمثله إنّ الزمان بمثله لبخيل فأخذ منه أبو الطيب المصراع الثاني فقال:
أعدى الزمان سخاؤه فسخا به ولقد يكون به الزمان بخيلا يعني تعلّم الزمان منه السخاء وسرت سخاوته إلى الزمان فأخرجه من العدم إلى الوجود، ولولا سخاؤه الذي استفاد منه لبخل به على الدنيا واستبقاه لنفسه، كذا ذكره ابن جني. وقال ابن فورة: هذا تأويل فاسد لأنّ سخاءه غير موجود قبل وجوده فلا يوصف بالعدوى إلى الزمان وإنّما المراد سخا الزمان بالممدوح عليّ وكان بخيلا به لا يجود به على أحد ومستبقيا لنفسه، فلما أعداه سخاءه أسعدني بضمي إليه وهدايتي له. فالمصراع الثاني مأخوذ من المصراع الثاني لأبي تمام كذا في المطول والمختصر. لكن مصراع أبي تمام أجود سبكا من مصراع أبي الطيّب لأنّ قوله ولقد يكون لم يصب محله إذ المعنى به هاهنا لقد كان أي على المضي. ومثال الثالث قول أبي تمام:
لو حار مرتاد المنية لم تجد إلا الفراق على النفوس دليلا الارتياد الطلب أي المنية الطالبة للنفوس لو تحيّرت في الطريق إلى إهلاكها ولم يمكنها التوصّل إليها لم يكن لها دليل عليها إلّا الفراق فأخذ منه أبو الطيب فقال:
لولا مفارقة الأحباب ما وجدت لها المنايا إلى أرواحنا سبلا وإن أخذ المعنى وحده سمّي ذلك الأخذ سلخا وإلماما، من ألمّ بالمنزل إذا نزل به، فكأنّه نزل من اللفظ إلى المعنى. وهو أيضا ثلاثة أقسام كذلك، أي مثل أقسام الإغارة والمسخ، لأنّ الثاني إمّا أبلغ من الأول أو دونه أو مثله. مثال الأول قول أبي تمام:
هو الصنع إن يعجل فخير وإن يرث فللرّيث في بعض المواضع أنفع ضمير هو عائد إلى حاضر في الذهن وهو مبتدأ وخبره الصنع، والشرطية ابتداء الكلام، يعني أنّ الشيء المعهود هو الإحسان فإن يعجل فهو خير وإن يبطأ فالبطء في بعض الأوقات وبعض المحال يكون أنفع من العجلة. وقول أبي الطيب:
ومن الخير بطء سيبك عني أسرع السّحب في المسير الجهام السيب العطاء والسحب جمع سحاب والجهام هو السحاب الذي لا ماء فيه. يقول وتأخير عطائك عني خير في حقي لأنّه يدل على كثرته كالسحب إنما يسرع منها ما كان جهاما لا ماء فيه، وما كان فيه الماء يكون بطيئا. ففي بيت أبي الطيب زيادة بيان لاشتماله على ضرب المثل فكان أبلغ. ومثال الثاني قول البحتري:
وإذا تألّق في النديّ كلامه المصقول خلت لسانه من عضبه يعني إذا لمع في المجلس كلامه المنقّح حسبت لسانه سيفه القاطع. وقول أبي الطيب:
كأنّ ألسنهم في النطق قد جعلت على رماحهم في الطعن خرصانا جمع خرص بمعنى سنان الرماح يعني أنّ ألسنتهم عند النطق في المضاء والنفاذ تشابه أسنّتهم عند الطعن، فكأنّ ألسنتهم جعلت أسنة رماحهم. فبيت البحتري أبلغ لما في لفظي تألق والمصقول من الاستعارة التخييلية، فإنّ التألّق والصقال من لوازم السيف، وتشبيه كلامه بالسيف استعارة بالكناية، وبيت أبي الطيب خال عنهما. ومثال الثالث قول أبي زياد:
ولم يك أكثر الفتيان مالا ولكن كان أرحبهم ذراعا يعني أن الممدوح ليس أكثر الناس مالا ولكن أوسعهم باعا أي سخي. وقول أشجع:
وليس بأوسعهم في الغنى ولكنّ معروفه أوسع فالبيتان متماثلان هكذا في المطوّل والمختصر.
وأمّا غير الظاهر فمنه أن يتشابه المعنيان أي معنى البيت الأول والثاني كقول جرير:
فلا يمنعك من إرب لحاهم سواء ذو العمامة والخمار أي لا يمنعك من الحاجة كون هؤلاء على صورة الرجال، لأنّ الرجال منهم والنساء في الضعف سواء. وقول أبي الطيب:
ومن في كفه منهم قناة كمن في كفه منهم خضاب ويجوز في تشابه المعنيين أن يكون أحد البيتين نسيبا والآخر مديحا أو هجاء أو افتخارا أو غير ذلك، فإنّ الشاعر الحاذق إذا قصد إلى المعنى المختلس لينظمه احتال في إخفائه فيغير لفظه ويصرفه عن نوعه من النسيب أو المديح أو غير ذلك، وعن وزنه وعن قافيته كقول البحتري:
سلبوا وأشرقت الدماء عليهم محمرّة فكأنّهم لم يسلبوا يعني أنّهم سلبوا عن ثيابهم ثم كانت الدماء المشرقة عليهم بمنزلة الثياب لهم، وقول أبي الطيب:
يبس النجيع عليه وهو مجرّد عن غمده فكأنّما هو مغمد يعني أنّ السيف جرد عن غمده فكأنّ الدم اليابس عليه بمنزلة الغمد له. فنقل أبو الطيب المعنى من القتلى إلى السيف، كذا في المطول والمختصر. ومنه أن يكون معنى الثاني أشمل من معنى الأول كقول جرير:
إذا غضبت عليك بنو تميم وجدت الناس كلهم غضابا وقول أبي نواس:
ليس من الله بمستنكر أن يجمع العالم في واحد فالأول يختص ببعض العالم وهم الناس وهذا يشملهم وغيرهم لأنّ العالم ما سوى الله تعالى مشتقّ من العلم بمعنى العلامة لأنّ كل ما سواه دليل وعلامة على وجوده تعالى. ومنه القلب وهو أن يكون معنى الثاني نقيضا لمعنى الأول كقول أبي الشيص:
أجد الملامة في هواك لذيذة حبّا لذكرك فليلمني اللّوّم وقول أبي الطيب:
أأحبه وأحب فيه ملامة إنّ الملامة فيه من أعدائه الاستفهام للإنكار الراجع إلى القيد الذي هو الحال وهو قوله وأحب فيه ملامة، وما يكون من عدو الحبيب يكون ملعونا مبغوضا لا محبوبا، وهو المراد من قوله إنّ الملامة الخ، فهذا المعنى نقيض لمعنى بيت أبي الشيص، والأحسن في هذا النوع أنّ يبيّن السبب كما في هذين البيتين، إلّا أن يكون ظاهرا. ومنه أن يؤخذ بعض المعنى ويضاف إليه ما يحسنه كقول الأفوه:
وترى الطير على آثارنا رأي عين ثقة أن تمار أي ترى أيها المخاطب الطيور تسير كائنة على آثارنا رؤية مشاهدة لا تخيّل لوثوقها على أن ستطعم من لحوم قتلانا. وقول أبي تمام:
قد ظلّلت عقبان أعلامه ضحى بعقبان طير في الدماء نواهل أقامت مع الرايات حتى كأنّها من الجيش إلّا أنها لم تقاتل أي أنّ تماثيل الطيور المعمولة على رءوس الأعلام قد صارت مظللة وقت الضحى بالطيور العقبان الشوارب في دماء القتلى لأنّه إذا خرج للغزو وتساير العقبان فوق راياته رجاء أن تأكل لحوم القتلى وتشرب دماءهم، فتلقي ظلالها عليها، ثم إذا أقام أقامت الطيور مع راياته وثوقا بأنها تطعم وتشرب حتى يظن أنها من الجيوش، لكنها لم تقاتل. فأخذ أبو تمام بعض معنى قول الأفوه من المصراع الأول لكن زاد عليه زيادات محسّنة بقوله ظللت، وبقوله في الدماء نواهل، وبقوله أقامت مع الرايات إلى آخر البيت، وبإيراد التجنيس بقوله عقبان أعلامه وعقبان طير هكذا في المطول وحواشيه. وأكثر هذه الأنواع المذكورة لغير الظاهر ونحوها مقبولة بل منها ما يخرجه حسن التصرّف من قبيل الاتباع إلى حيز الإبداع. وكلما كان أشد خفاء بحيث لا يعرف أنّ الثاني مأخوذ من الأول إلّا بعد إعمال روية ومزيد تأمل كان أقرب إلى القبول. هذا الذي ذكر كله في الظاهر وغيره من ادعاء سبق أحدهما واتباع الثاني وكونه مقبولا أو مردودا، وتسمية كلّ بالأسامي المذكورة إنّما يكون إذا علم أنّ الثاني أخذ من الأول بأن يعلم أنه كان يحفظ قول الأول حين نظم أو بأن يخبر هو عن نفسه أنّه أخذه منه، وإلّا فلا يحكم بذلك لجواز أن يكون الاتفاق من توارد الخواطر، أي مجيئه على سبيل الاتفاق من غير قصد إلى الأخذ، فإذا لم يعلم الأخذ قيل: قال فلان كذا وقد سبقه إليه فلان بكذا، هذا كله خلاصة ما في المطول. أمّا هاهنا فمن الضّروري معرفة الفرق بين السّرقة وتوارد الخواطر كي لا يختلط أحدهما بالآخر. إذن، فليعلم بأنّ توارد الخواطر هو أن يرد في كلام أحد الشعراء مصراع من الشعر أو مضمون كلام شاعر ما في شعر أو كلام شاعر آخر دون أن يكون ذلك قد خطر على بال قائله بأنّه من كلام شاعر آخر، وذلك كما حصل للشاعر أمير خسرو الدّهلوي الذي توارد خاطره مع بيت للشاعر نظامي كنجوي حيث قال:

ما ترجمته:
يا من أنت موصوف بإكرام العبد فمنك الربوبيّة ومنّا العبوديّة بينما قال النظامي الكنجوي ما ترجمته:
أمران أو عملان بالبهاء والبركة الربوبيّة منك ومنّا العبوديّة وكذلك وقع مثل هذا في ما نظمه الملّا عبد الرحمن الجامي في منظومته يوسف وزليخا، فقد اتفق له توارد الخاطر مع منظومة شيرين وخسرو لمولانا النظامي الگنجوي، كما في البيت التالي للملا الجامي وترجمته:
ليت أمّي لم تلدني ولو أنّي حين ولدت لم يرضعني أحد وقال النظامي ما ترجمته:
يا ليت أمي لم تلدني وليتها إذ ولدتني أطعمتني لكلب ومثال آخر من أقوال الملّا جامي وترجمته:
لقد خلقت المرأة من الجانب الأيسر ولم ير أحد الصدق والاستقامة من اليسار بينما يقول النظامي ما ترجمته:
يقولون إنّ المرأة من الجانب الأيسر برزت ولا يأتي أبدا من اليسار الاستقامة ومن هنا يزعم بعضهم أنّ مولانا الجامي وأمير خسرو الدهلوي قد أغارا على منزل النظامي الگنجوي ونهبوا ما فيه.
والحق أنّه قلما توجد قصة في كتبهما أو بعض أبيات يمكن اعتبارها بشيء من التصحيف أو التغيير من كلام الخواجه نظامي الذي كانت آثاره نصب عين كلّ واحد منهما. فلا عجب إذن أن تتفاعل تلك الآثار في حافظة كلّ منهما. ثم عند ما يكتبون شيئا بدون تعمّد أو قصد تفيض من قرائحهما. وعليه فلا يكون مثل هذا التوارد مذموما.
كما يمكن أيضا أن تكون ثمّة توأمة فكرية لدى هذين الأستاذين، أو ثمّة علاقة روحيّة بينهما. كما أنّه ليس عجيبا أن يكون هذان العلمان الكبيران سواء المتقدّم أو المتأخّر متصلين اتصالا قويّا بالله الذي يفيض عليهما من لدنه؛ فإذن العلوم القديمة سواء بمعانيهما ومضامينهما أو بألفاظهما على سبيل الإلهام وردت على قلوبهم، كما هو حال أكثر الأولياء في عالم الرؤيا، حيث يتلقّون شيئا واحدا ذا مضمون واحد. فلماذا إذن يكون التعجّب من حدوث ذلك في حال اليقظة. وبناء على هذا يكون من سوء الأدب نسبة هؤلاء الأكابر إلى السّرقة، وهو غلط محض، لأنّ السّرقة هي أن يورد الشاعر كلام غيره عن سابق علم وتصميم في ما ينظمه بزيادة أو نقصان أو تبديل في الوزن أو بتبديل بعض الألفاظ. هكذا في مخزن الفوائد.
ومن هذا القبيل ما ورد أنّ بعض الصحابة خاصة سيدنا عمر رضي الله عنه أنّه كان قد قال عدة أمور فوافقه القرآن عليها. والسّبب في ذلك والله أعلم عائد لصفاء عقيدته وقداسة قلبه ونورانية روحه، ففاض عليه من حضرة علام الغيوب كلمات وافقت التنزيل الإلهي. ذلك أنّ القرآن الكريم نزل من اللوح المحفوظ إلى السّماء الدنيا مرّة واحدة، ومن ثمّ نزل منجّما حسب النوازل والمصالح على رسول الله صلّى الله عليه وسلم، كما هو مدوّن في كتاب الإتقان في علوم القرآن للسيوطي.
عن ابن عمر أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: «إنّ الله جعل الحقّ على لسان عمر وقلبه». وعن أنس قال عمر: «وافقت ربي في ثلاث. قلت يا رسول الله لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى؟» فنزلت وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى. وقلت يا رسول الله إنّ نساءك يدخل عليهن البرّ والفاجر. فلو أمرتهن أن يحتجبن فنزلت آية الحجاب. واجتمع على رسول الله صلّى الله عليه وسلم نساؤه في الغيرة فقلت لهن عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن فنزلت كذلك». وعن عبد الرحمن بن أبي ليلى أن يهوديّا لقي عمر بن الخطاب فقال: «إنّ جبرئيل الذي يذكر صاحبكم عدو لنا فقال عمر: من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإنّ الله عدو للكافرين فنزلت كذلك».
وعن سعيد بن جبير أن سعد بن معاذ لما سمع ما قيل في عائشة رضي الله عنها قال:
سبحانك هذا بهتان عظيم، فنزلت كذلك انتهى من الاتقان.

التّعقيد

التّعقيد:
[في الانكليزية] Complication
[ في الفرنسية] Complication
كالتصريف عند أهل البيان كون الكلام غير ظاهر الدلالة على المراد لخلل إما في النظم وإما في الانتقال أي كونه غير ظاهر الدلالة مع أنّ المقصود من إيراده إعلام المرام، فخرج المتشابه إذ المقصود منه الابتلاء لا الإفهام، ولا يرد المشترك والمجمل أيضا إذ ليس فيهما خلل لا في النظم ولا في الانتقال كما فسّر به. والتعقيد مطلقا سواء كان لفظيا وهو الذي يكون بسبب خلل في النظم أو معنويا وهو الذي يكون بسبب خلل في الانتقال مخلّ بالفصاحة. وأورد عليه بأنّه لو كان مخلّا بالفصاحة لم يكن اللّغز والمعمّى عنه مقبولين مع أنّهما مما يورد في علم البديع. والجواب أنّ قبولهما ليس من حيث الفصاحة بل لاشتمالهما على دقّة يختبر بها أهل الفطن. ولما كان عدم ظهور الدلالة صادقا على عدم ظهورها لاشتمال الكلام على لفظ غريب أو مخالف للقياس مع أنّه ليس تعقيدا قيّد ذلك بقولنا لخلل. ثم إنّه ليس المراد بالنظم كون الألفاظ مترتبة المعاني متناسقة الدلالات على حسب ما يقتضيه العقل فإنّ النظم حينئذ شامل لرعاية ما يقتضيه علم المعاني وعلم البيان. والخلل فيه يشتمل التعقيد المعنوي والخطأ في تأدية المعنى، بل المراد بالنظم تركيب الألفاظ على وفق ترتيب يقتضيه إجراء أصل المعنى. والخلل في النظم بأن يخرج عن هذا التركيب إلى ما لا تشهد به قوانين النحو المشهورة أو إلى ما تشهد به لكن تحكم بأنّه على خلاف طبيعة المعنى فتخفى الدلالة لكثرة اجتماع خلاف الأصل الموجبة لــتحيّر السامع. قال في الإيضاح:
فالكلام الخالي عن التعقيد اللفظي ما سلم نظمه من الخلل فلم يكن فيه ما يخالف الأصل من تقديم أو تأخير أو إضمار أو غير ذلك إلّا وقد قامت عليه قرينة ظاهرة لفظية أو معنوية.
فالتعقيد اللفظي ربما كان لضعف التأليف وربما كان مع الخلوص عنه بأن يكون على قوانين هي خلاف الأصل، فلا يكون اشتراط الخلوص عنه في تعريف فصاحة الكلام بعد ذكر الخلوص عن ضعف التأليف مستدركا كما توهم، ولا يكون وجود التعقيد اللفظي بلا مخالفة لقانون نحوي مشهور، مخالفا للحكم بأنّ مرجع الاحتراز عن التعقيد اللفظي هو النحو كما توهّم أيضا، لأنّ النحو يميز بين ما هو الأصل وبين ما هو خلاف الأصل، والاحتراز عنه بالاحتراز عن جمع كثير من خلاف الأصل. وأمّا أنّه هل يكون الضعف بدون التعقيد اللفظي أم لا، فالحق الثاني وإن توهّم بعض الأفاضل أنّه لا تعقيد في جاءني أحمد بالتنوين لأنّ جاءني أحمد يفيد مجيء أحمد ما لا الشخص المعيّن، فلا يكون ظاهر الدلالة على الشخص المعيّن المراد. مثاله قول الفرزدق في مدح خال هشام بن عبد الملك وهو إبراهيم بن هشام بن إسماعيل المخزومي:
وما مثله في النّاس إلّا مملّكا أبو أمّه حيّ أبوه يقاربه.
أي ليس في الناس مثله حيّ يقاربه في الفضائل إلّا مملّك وهو الذي أعطي الملك والمال، يعني هشاما، أبو أمّه أي أبو أم ذلك المملّك، أبوه أي أبو إبراهيم الممدوح، أي لا يماثله أحد إلّا ابن أخته وهو هشام، ففيه فصل بين المبتدأ والخبر أعني أبو أمه أبوه بالأجنبي الذي هو حيّ، وبين الموصوف والصفة أعني حيّ يقاربه بالأجنبي الذي هو أبوه، وتقديم المستثنى أعني مملّكا على المستثنى منه أعني حيّ، ولهذا نصبه، وإلّا فالمختار البدل. فهذا التقديم شائع الاستعمال لكنه أوجب زيادة في التعقيد. والمراد بالخلل في الانتقال الخلل الذي ليس لخلل النظم وإلّا فعدم ظهور الدلالة لخلل في النظم إنّما هو لخلل في الانتقال. قال في الإيضاح والكلام الخالي عن التعقيد المعنوي ما يكون الانتقال فيه من معناه الأول إلى معناه الثاني الذي هو المراد به ظاهرا حتى يخيّل إلى السّامع أنّه فهمه من حاق اللفظ انتهى. والمراد أنّه فهمه قبل تمام الكلام لغاية ظهوره على زعمه. واعترض عليه بأنّه يفهم منه لزوم كون الجامع في الاستعارة ظاهرا، وقد ذكروا أنّ الجامع إذا ظهر بحيث يفهمها غير الخاصة تسمّى مبتذلة ويشترطون في قبولها أن يكون الجامع غامضا دقيقا. فبين الكلامين تدافع وأجيب بأنّ غموض الاستعارة ودقّة جامعها لا ينافي وضوح طريق الانتقال بأن لا يكون مانع لغوي أو عرفي، ولا يرد الإبهام الذي عدّ من المحسّنات للكلام البليغ، لأنّه إنّما يعدّ محسّنا عند وضوح القرينة الدالة على المراد.
والاعتراض بأنّ سهولة الانتقال ليست بشرط في قبول الكنايات وإلّا لزم خروج أكثر الكنايات المعتبرة عند القوم من حيّز الاعتبار خارج عن حيّز الاعتبار، لأنّ صعوبة الانتقال في تلك الكنايات إن أدّت إلى التعقيد فلا نسلّم اعتبارها عندهم. كيف وقد صرّحوا بأنّ المعمّى واللغز غير معتبرين عندهم لاشتمالهما على التعقيد.
واعترض أيضا أنّه يلزم أن لا يكون الكلام الخالي عن المعنى الثاني فصيحا لأنّه ليس له الخلوص عن التعقيد ودفعه بأنّ مثل هذا الكلام بمنزلة الساقط عن درجة الاعتبار عند البلغاء غير وجيه، لأنّ الكلام الخالي عن المجاز والكناية إذا روعي فيه المطابقة لمقتضى الحال كيف يكون ساقطا عن درجة الاعتبار إلّا أن يقال هو ساقط باعتبار الدلالة على المعنى، وإن كان معتبرا من حيث رعاية مقتضى الحال. وبعد يتجه عليه أنّ المعتبر في البلاغة سقوط ما ليس له معنى ثان بمعنى مقتضى الحال لا باعتبار الكون مجازا أو حقيقة. والأحسن أن يقال خصّ صاحب الإيضاح البيان الخالي عن التعقيد بما استعمل في المعنى المجازي لأنّه المحتاج إلى البيان والتوضيح. وأمّا الخلو عن التعقيد المعنوي لعدم معنى ثان فواضح لا حاجة إلى بيان هذا. مثال التعقيد المعنوي قول عباس بن الأحنف:
سأطلب بعد الدار عنكم لتقربوا وتسكب عيناي الدموع لتجمدا.
فالشاعر قصد إلى أن يحصل المراد بأن يكون في الاستغناء عنه كالهارب ويري نفسه عنه معرضا. ومن هذا حكم بأنّ الحرص شؤم والحريص محروم. وقيل لو لم تطلب الرزق يطلبك. وفي الحديث «زر غبّا تزدد حبّا».
وبالجملة جعل سكب الدموع وهو البكاء كناية عمّا يلزم فراق المحبوبين من الحزن وأصاب لأنّه واضح الانتقال لأنه كثيرا ما يجعل دليلا عليه وجعل جمود العين كناية عن السرور قياسا على جعل السّكب بمقابله ولم يصب، لأنّ سكب الدموع قلّما يفارق الحزن بخلاف جمود العين فإنّه يعمّ أزمنة الخلوّ عن الحزن، سواء كان زمن السرور أو لا، فلا ينتقل منه إلى السرور بل إلى الخلوّ من الحزن. هذا كلّه خلاصة ما في المطول والأطول والچلپي وأبى القاسم.

التّرتيب

التّرتيب:
[في الانكليزية] Hierarchy ،arrangement ،order
[ في الفرنسية] Hierarchie ،arrangement ،ordre
بالمثناة الفوقانية في اللغة جعل كلّ شيء في مرتبته. وبعبارة أخرى وضع كل شيء في مرتبته. والمعنى أنّ الترتيب بين الأشياء وضع كل شيء منها في مرتبة له عند المرتّب، فيشتمل الفكر الفاسد، وفيه إشارة إلى أنّه لا بدّ في الترتيب من اعتبار المرتّب تلك المرتبة فلو وضع شيئا منها في مرتبته ولم يلاحظها لا يكون ترتيبا. قيل الضمير إما أن يرجع إلى كل أو إلى شيء، وعلى التقديرين يفسد المعنى إذ الترتيب ليس وضع كلّ شيء في مرتبة كلّ شيء ولا في مرتبة شيء ما، وقد تحيّر الناظرون في حلّه.
والجواب أنّه ذكر الرضي في بحث المعرفة أنّ الضمير الراجع إلى النكرة المذكورة التي لا يحكم سابقا عليها معرفة لصيرورته معهودا به فيختار أنّ الضمير راجع إلى كل شيء، والمعنى وضع كل شيء من الأشياء في مرتبة كلّ شيء يتعلق به الوضع. ولا شكّ أنّ الأوضاع متعدّدة بحسب تعدّد الأشياء، ولكل واحد منها مرتبة مختصّة به عند الوضع ليس لغيره، فاندفع المحذور، وصار مآل المعنى ما في التاج:
الترتيب نهادن جيزيراپس جيزي ديكر. والأظهر أن يقال وضع شيء بعد شيء إلّا أنّه زاد لفظ كلّ إشارة إلى أنّ الترتيب اللغوي إنّما يتحقّق إذا وضع كل شيء منها في موضعه، حتى لو انتفى في شيء منها انتفى الترتيب. فاندفع ما قيل إنّ هذا التعريف يقتضي الترتيب بحسب تعدد الأشياء الموضوعة، كذا ذكر المولوي عبد الحكيم في حاشية شرح الشمسية في تعريف الفكر في مبحث ليس الكل من كلّ من التصوّر والتصديق بديهيّا ولا نظريّا.
وفي الاصطلاح كما وقع في شرح الشمسية جعل الأشياء الكثيرة بحيث يطلق عليها اسم الواحد ويكون لبعضها نسبة إلى بعض بالتقديم والتأخير. وذكر أحمد جند في حاشيته أنّ هذا المعنى عرفي إذ في كونه من مصطلحات العلوم تردّد انتهى. وفي التعريف إشارة إلى بقاء تعدّدها حال الترتيب، فإذا جعل الماء الذي في الإنائين في إناء واحد لا يكون ذلك ترتيبا، ولذلك لا يكون التركيب من الأجزاء المحمولة عند من قال بوجود الكلّي في الخارج ترتيبا. وقولهم بحيث يطلق عليها اسم الواحد أي يطلق عليها هذا الاسم بوجه ما لا من كلّ وجه، إذ لا يتصوّر ذلك في الأشياء الكثيرة إذ لا تعرض لها الوحدة باعتبار ذواتها، لأنها بهذا الاعتبار معروضة للكثرة وإنّما تعرض لها الوحدة باعتبار عروض الهيئة الوحدانية لها، والوحدة من كل وجه إنّما تعرض للبسيط من كل وجه. ولئن تصوّر ذلك فليس بواجب في الترتيب، سواء كان ذلك المجموع واحدا حقيقيّا بأن يصير بحيث لا يبقى بين الأجزاء تمايز في الوجود أو غير حقيقي بل اعتباريّا بأن لا تصير هذه الحيثية. وقولهم ويكون لبعضها إلخ أي بحيث يمكن الإشارة حسّا أو عقلا إلى كلّ واحد من الأجزاء بأنّه أين هو من صاحبه، يخرج الواحد الحقيقي من التعريف، إذ الظاهر أنّ الضمير في بعضها راجع إلى الأشياء المجعولة بالحيثية المذكورة، والأشياء المجعولة بحيث يطلق عليها الواحد الحقيقي لا تكون لبعضها نسبة إلى البعض بالتقديم والتأخير بعد الجعل كذلك، وهو ظاهر. وإلى هذا ذهب السيّد الشريف وقال واحترز به عن مثل ترتيب الأدوية.
ثم الترتيب أخصّ مفهوما من التأليف إذ لم يعتبر في التأليف نسبة بعض الأجزاء إلى بعض بالتقديم والتأخير، بل أكتفي فيه بالجزء الأوّل من مفهوم الترتيب، والعقل إذا لاحظه جوّز تحقّقه في شيء بدون المقيّد من غير عكس، وكذا أخصّ منه صدقا إذ قد يوجد التأليف بين أشياء لا وضع لها أصلا لا حسّا ولا عقلا بأن لا تكون هي قابلة للإشارة الحسّية ولا العقلية، كما إذا لوحظت دفعة مفهومات اعتبارية على هيئة وحدانية هذا.
وقيل الضمير في بعضها راجع إلى ذات الأشياء المتعددة من غير اعتبار وصف المجعولية المذكورة معها، والمعنى ويكون لبعض تلك الأشياء نسبة إلى البعض بالتقديم والتأخير، إمّا حين حدوث تعلّق المجعولية المذكورة لها فقط أو بعده أيضا. وظنّ هذا القائل أنّ الأشياء لتعددها متمايزة بالوجود لا محالة، فيكون لها وضع حين حدوث تعلّق المجعولية لها البتة. فكلّ تأليف ترتيب وبالعكس، فهما متساويان صدقا. وردّ بأنّه ليس من لوازم التمايز في الوجود بوجه ما حين حدوث تعلّق المجعولية لها قبول الإشارة الحسّية أو العقلية، لتوقّف قبول الإشارة على ملاحظة تلك الأشياء تفصيلا لتمايز تلك الأشياء في الوجود العقلي تفصيلا، إذ الإجمالي لا يكفي لقبولها، فيجوز أن لا تكون الأشياء المتمايزة بالوجود الإجمالي متمايزة بالوجود التفصيلي حين حدوث تعلّق المجعولية بها، فلا يكون لها وضع كالمفهومات الاعتبارية الملحوظة دفعة على هيئة وحدانية حين إطلاق الألفاظ الموضوعة بإزائها وهذه الملحوظية الدفعية هي المجعولية. وحين حدوث تعلّق هذه المجعولية بأجزاء تلك المفهومات وإن كانت تلك الأجزاء مجعولة في العقل لوجوب سبق العلم بالوضع، إلّا أنّ تحقّقها فيه كان بطريق الإجمال على وجه لا يمكن للعقل على هذا الوجه أن يشير إلى كلّ منها بأين هو من صاحبه هذا. نعم التأليف الواقع في أمور تعلّق بها نظر لا يمكن بدون الترتيب لأنّه تأليف المبادي بحسب حركة الذهن، فلا بدّ أن يقع بعضها في أول الحركة والبعض في آخرها.
وبالجملة فالمراد بقابلية الأشياء للإشارة الحسية أو العقلية هو الاستعداد القريب فقط كما هو الأظهر لا مطلق الاستعداد قريبا كان أو بعيدا كما ظنّ هذا البعض. هذا كله إذا أخذ الترتيب والتأليف مطلقين. وأمّا إذا أخذا معيّنين فالترتيب المعيّن يستلزم التأليف المعيّن من غير عكس، لأن خصوص التأليف لخصوص المادة فقط، وخصوص الترتيب باعتبار خصوص المادّة والصورة معا، فالتأليف من أب ج مع تعيّنه يمكن أن يقع على هذا الترتيب المعيّن وأن يقع على ترتيبات السّتّ الممكنة فيها. فهذا التأليف أعمّ من كلّ واحد من تلك الترتيبات، ولا يستلزم شيئا منها بل يستلزم واحدا منها لا بعينه، إذا كان لتلك الأمور وضع حسّي أو عقلي. هذا كله خلاصة ما في حواشي شرح المطالع وشرح الشمسية. قال أحمد جند: هذا الذي ذكر هو معنى الترتيب المطلق. ومعنى ترتيب الكتاب لغة وضع أجزائه في مواقعها، وعرفا جعل أجزائه بحيث يطلق عليها اسم الواحد على قياس ما عرفت في الترتيب المطلق.
ثم الترتيب في اصطلاح أهل البديع هو أن يورد أوصاف الموصوف بها على ترتيبها في الخلقة الطبيعية، ولا يدخل فيها وصفا زائدا، ومثّله عبد الباقي اليميني بقوله تعالى هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخاً وبقوله تعالى فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوها الآية كذا في الإتقان في نوع بديع القرآن.
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.