Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: تحول

الْمعرفَة

(الْمعرفَة) مَوضِع الْعرف من الطير وَالْخَيْل (ج) معارف
الْمعرفَة: والمعرفة فِي اصْطِلَاح أَرْبَاب السلوك فِي هِيَ مَا قَالَه الْعَارِف النامي قدوة العارفين نور الدّين الشَّيْخ عبد الرَّحْمَن الجامي قدس سره السَّامِي فِي (نفحات الْأنس من حضرات الْقُدس) من أَن الْمعرفَة عبارَة عَن إِعَادَة الْمعرفَة بالمعلوم الْمُجْمل فِي صور التفاصيل. كَمَا هُوَ فِي (علم النَّحْو) كل من العوامل اللفظية والمعنوية وَمَا هُوَ عَملهَا، هَذَا النَّوْع من الْفَهم على سَبِيل الْإِجْمَال (هُوَ النَّحْو) . وإعادة فهم كل عَامل مِنْهَا على التَّفْصِيل فِي وَقت قِرَاءَة سَواد الْعَرَبيَّة بِلَا توقف وَلَا روية واستعمالها فِي محلهَا هُوَ معرفَة النَّحْو. وإعادة الْفَهم بالفكر الْجيد وروية هُوَ التعرف على النَّحْو. إِذا معرفَة الربوبية عبارَة عَن إِعَادَة فهم الذَّات وَالصِّفَات الإلهية فِي صور تفاصيل الْأَهْوَال والحوادث والنوازل، بعد ذَلِك وعَلى سَبِيل الْإِجْمَال يصبح مَعْلُوما أَن الْمَوْجُود الْحَقِيقِيّ وَالْفَاعِل الْمُطلق هُوَ سُبْحَانَهُ، وَحَتَّى تكون صُورَة التَّوْحِيد الْمُجْمل مفصلة علميا وَلَا عيب فِيهَا فعلى صَاحب علم التَّوْحِيد أَلا يرى فِي صور تفاصيل الوقائع وَالْأَحْوَال المتجددة والمتضادة من ضَرَر ونفع وَمنع وَعَطَاء وثابت ومــتحول وضار وَنَافِع ومعطي ومانع وقابض وباسط سوى الْحق سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَأَن لَا يعلم من دون التَّوَقُّف والروية، فَإِذا لم يفعل لَا يُسمى عَارِفًا. وَإِذا كَانَ لأوّل وهلة غافلا وحاضرا عَن قريب وَيعرف الْفَاعِل الْمُطلق جلّ ذكره فِي صُورَة الوسائط والروابط، فَإِنَّهُ يُسمى متعرفا وَلَيْسَ عَارِفًا، وَإِذا كَانَ غافلا كليا ويحول تأثيرات الْأَفْعَال إِلَى الوسائط فَإِنَّهُ يُسمى سَاهِيا ولاهيا مُشْركًا خفِيا. مثلا إِذا قرر معنى التَّوْحِيد وَهُوَ مُسْتَغْرق فِي بَحر التَّوْحِيد وَالْآخر وعَلى سَبِيل انكاره يعاوده وَيَقُول إِن هَذَا القَوْل لَيْسَ عَفْو الخاطر بل نتيجة للفكر والروية، فَيُؤْخَذ فِي الْحَال بغضب وقسوة لِأَنَّهُ لَا يعلم أَن جَزَاء هَذَا هُوَ عين مصداق قَول الْمُنكر، وَإِلَّا فالفاعل الْمُطلق فِي صُورَة هَذَا الانكار إِعَادَة الْفَهم ويترفق بِهِ.
الْمعرفَة: إِدْرَاك الْأَمر الجزئي أَو البسيطة مُطلقًا أَي عَن دَلِيل. أَولا كَمَا أَن الْعلم إِدْرَاك الْكُلِّي أَو الْمركب. وَلِهَذَا يُقَال عرفت الله وَلَا يُقَال علمت الله. وَأَيْضًا يُقَال للإدراك الْمَسْبُوق بِالْعدمِ أَو للأخير من الإدراكين بِشَيْء وَاحِد إِذا تخَلّل بَينهمَا عدم بِأَن أدْرك أَولا ثمَّ ذهل عَنهُ ثَانِيًا - وَالْعلم يُقَال للإدراك الْمُجَرّد من هذَيْن الاعتبارين وَلذَا يُقَال الله عَالم الأعارف - وَفسّر صدر الشَّرِيعَة الْمعرفَة بِإِدْرَاك الجزئيات عَن دَلِيل - وَاعْترض عَلَيْهِ الْمُحَقق التَّفْتَازَانِيّ فِي التَّلْوِيح بقوله والقيد الْأَخير مِمَّا لَا دلَالَة عَلَيْهِ أصلا لَا لُغَة وَلَا اصْطِلَاحا انْتهى. وَلَك أَن تَقول لَا نسلم أَنه لَا دلَالَة للفظ على هَذَا الْقَيْد لُغَة لِأَن الْمعرفَة إِدْرَاك الشَّيْء بتفكر وتدبر. وَلذَا يُقَال عرفت الله إِذْ معرفَة الله تَعَالَى إِنَّمَا هِيَ بتدبر آثاره. قَالَ الْعَلامَة الطَّيِّبِيّ لَا يُقَال يعرف الله بل يُقَال يعلم لِأَن الْمعرفَة تسْتَعْمل فِي الْعلم الْمَوْصُوف بتفكر وتدبر. وَأَيْضًا لم يطلقوا لفظ الْمعرفَة على اعْتِقَاد الْمُقَلّد لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ معرفَة على دَلِيل. فَلَمَّا ثَبت عدم إِطْلَاقهم الْمعرفَة على اعْتِقَاد الْمُقَلّد ثَبت الِاصْطِلَاح أَيْضا يَعْنِي أَنهم وَإِن لم يصرحوا بالاصطلاح إِلَّا أَنه وَقع مِنْهُم مَا يدل عَلَيْهِ حَيْثُ لم يطلقوا لفظ الْمعرفَة على اعْتِقَاد الْمُقَلّد وَلَيْسَ بِلَازِم أَن يصرحوا أَي المصطلحون باصطلاحهم إِذْ كثير من الاصطلاحات إِنَّمَا يعلم بموارد استعمالات الْأَلْفَاظ.
وَعند النُّحَاة الْمعرفَة مَا يشار بهَا إِلَى مُتَعَيّن أَي مَعْلُوم عِنْد السَّامع من حَيْثُ إِنَّه كَذَلِك. والنكرة مَا يشار بهَا إِلَى أَمر مُتَعَيّن من حَيْثُ ذَاته وَلَا يقْصد مُلَاحظَة تعينه وَإِن كَانَ مُتَعَيّنا معهودا فِي نَفسه فَإِن بَين مصاحبة التَّعْيِين وملاحظته فرقا بَينا. وَذَلِكَ الْأَمر إِمَّا فَرد منتشر أَو مَاهِيَّة من حَيْثُ هِيَ على اخْتِلَاف المذهبين كَمَا ذكرنَا فِي التَّعْرِيف - والمعرفة خَمْسَة أَنْوَاع - الْمُضْمرَات. والأعلام. وَأَسْمَاء الإشارات. والموصلات. وَذُو اللَّام والمضاف إِلَى أَحدهَا.
وَتَحْقِيق الْمقَام أَن فهم الْمعَانِي من الْأَلْفَاظ إِنَّمَا هُوَ بعد الْعلم بِالْوَضْعِ فَلَا بُد أَن يكون الْمعَانِي متميزة متعينة عِنْد السَّامع. فَإِذا دلّ الِاسْم على معنى فَإِن كَانَ كَونه متميزا معهودا عِنْد السَّامع ملحوظا مَعَ ذَلِك الْمَعْنى فَهُوَ معرفَة وَإِن لم يكن ملحوظا مَعَه يكون نكرَة. ثمَّ ذَلِك التَّعْيِين الْمشَار إِلَيْهِ فِي الْمعرفَة إِن كَانَ مستفادا من جَوْهَر اللَّفْظ فَهُوَ علم. إِمَّا جنسي إِن كَانَ الْمَعْهُود جِنْسا. وَإِمَّا شخصي إِن كَانَ حِصَّة. وَإِلَّا فَلَا بُد من قرينَة خَارِجَة يُسْتَفَاد مِنْهَا ذَلِك. فَإِن كَانَت إِشَارَة حسية فَهِيَ أَسمَاء الْإِشَارَة. وَإِن كَانَت خطابا مثلا أَي تَوْجِيه الْكَلَام إِلَى الْغَيْر فَهِيَ الْمُضْمرَات. وَإِن كَانَت نِسْبَة فإمَّا الخبرية فَهِيَ الموصولات. وَإِمَّا الإضافية فَهُوَ الْمُضَاف إِلَى أَحدهَا. وَإِن كَانَت حرف التَّعْرِيف فإمَّا حرف النداء فَهُوَ الْمُنَادِي. وَإِمَّا اللَّام فَهُوَ الْمُعَرّف بِاللَّامِ. ثمَّ الْمُعَرّف بِاللَّامِ أَن أُشير بِهِ إِلَى حِصَّة مُعينَة من مَفْهُوم مدخولها فَهُوَ الْمُعَرّف بلام الْعَهْد. وَإِن أُشير إِلَى نفس مَفْهُومه فَهُوَ الْمُعَرّف بلام الْجِنْس. وَأما القسمان الباقيان أَعنِي الْمُعَرّف بلام الِاسْتِغْرَاق والمعرف بلام الْعَهْد الْحَقِيقَة الذهْنِي فهما فرعا الْمُعَرّف بلام الْجِنْس. وَتَحْقِيق هَذَا إِن الْمُعَرّف بلام الْجِنْس أَي إِنَّمَا كَانَ معرفَة لِأَنَّهُ مَوْضُوع للْحَقِيقَة الموصوفة بالوحدة فِي الذِّهْن الْمَعْهُودَة فِيهِ فَيصدق عَلَيْهِ تَعْرِيف الْمعرفَة أَعنِي مَا وضع لشَيْء بِعَيْنِه. فَإِن الْمَاهِيّة الْحَاصِلَة فِي الذِّهْن أَمر وَاحِد لَا تعدد فِيهِ فِي الذِّهْن وَإِنَّمَا يلْحقهَا التَّعَدُّد بِحَسب الْوُجُود. فَلَمَّا كَانَت معهودة فَصَارَت أمرا وَاحِدًا معهودا فَصَارَ الْمُعَرّف بلام الْجِنْس معرفَة - ثمَّ إِن كَانَ هُنَاكَ قرينَة مَانِعَة عَن تحققها فِي فَرد مَا أَو جَمِيع الْأَفْرَاد يَعْنِي إِن كَانَ هُنَاكَ قصد إِلَى نفس الْحَقِيقَة من حَيْثُ هِيَ هِيَ فَهِيَ لَام الْجِنْس الصّرْف مثل الْإِنْسَان حَيَوَان نَاطِق.
وَالْفرق بَين هَذَا الْمُعَرّف وَاسم الْجِنْس أَي النكرَة على مَذْهَب من قَالَ إِن اسْم الْجِنْس مَوْضُوع للماهية من حَيْثُ هِيَ هِيَ بالمعلومية والمعهودية وَعدمهَا كَمَا مر مفصلا فِي التَّعْرِيف. وَقد يُطلق الْمُعَرّف بلام الْجِنْس على فَرد مَوْجُود من الْحَقِيقَة الْمَعْلُومَة الْمَعْهُودَة بِاعْتِبَار أَنه جزئي من جزئياتها مُطَابق إِيَّاهَا وَذَلِكَ الْفَرد الْمُبْهم بِاعْتِبَار مطابقته للماهية الْمَعْلُومَة صَار معهودا ذهنيا. وَمعنى الْمُطَابقَة اشْتِمَال الْفَرد عَلَيْهَا أَو صدق الْمَاهِيّة عَلَيْهِ. وَلَا بُد لهَذَا الْإِطْلَاق من الْقَرِينَة كَقَوْلِك أَدخل السُّوق وَلَا تُرِيدُ سوقا معينا - فَإِن قَوْلك أَدخل قرينَة دَالَّة على أَنه لَيْسَ الْقَصْد إِلَى الْحَقِيقَة الْمَعْهُودَة من حَيْثُ هِيَ هِيَ بل من حَيْثُ إِنَّهَا مَوْجُودَة فِي فَرد من أفرادها لِأَن الدُّخُول لَا يتَصَوَّر فِي الْحَقِيقَة من حَيْثُ هِيَ هِيَ فَذَلِك الْمُعَرّف هُوَ الْمُعَرّف بلام الْعَهْد الذهْنِي.
وَيعلم من هَا هُنَا أَن الْمَعْهُود والمعلوم بِالذَّاتِ هَا هُنَا إِنَّمَا هُوَ الْحَقِيقَة من حَيْثُ هِيَ هِيَ. وفردها الْمُبْهم إِنَّمَا هُوَ مَعْلُوم ومعهود بالتبع وبواسطة أَنه مُطَابق لتِلْك الْحَقِيقَة الْمَعْلُومَة الْمَعْهُودَة - وَقد يُطلق الْمُعَرّف بلام الْحَقِيقَة أَي لَام الْجِنْس وأشير بهَا إِلَى الْحَقِيقَة لَكِن لم يقْصد بهَا الْمَاهِيّة من حَيْثُ هِيَ هِيَ وَلَا من حَيْثُ تحققها ووجودها فِي ضمن بعض الْأَفْرَاد بل فِي ضمن جَمِيعهَا مثل قَوْله تَعَالَى: {إِن الْإِنْسَان لفي خسر إِلَّا الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات} . بِدَلِيل صِحَة الِاسْتِثْنَاء الَّذِي شَرطه دُخُول الْمُسْتَثْنى فِي الْمُسْتَثْنى مِنْهُ لَو سكت عَن ذكره وَالْحَاصِل إِن اسْم الْجِنْس الْمُعَرّف بِاللَّامِ إِمَّا أَن يُطلق على نفس الْحَقِيقَة الْمَعْلُومَة الْمَعْهُودَة من غير نظر إِلَى مَا صدقت الْحَقِيقَة عَلَيْهِ من الْأَفْرَاد وَهُوَ تَعْرِيف الِاسْم الْمُعَرّف بلام الْجِنْس والحقيقة وَنَحْوه علم الْجِنْس وَإِمَّا على حِصَّة مُعينَة مِنْهَا وَاحِدًا نوعيا أَو شخصيا أَو اثْنَيْنِ أَو جمَاعَة وَهُوَ تَعْرِيف الِاسْم الْمُعَرّف بلام الْعَهْد الْخَارِجِي وَنَحْوه علم الشَّخْص كزيد. وَإِمَّا على حِصَّة غير مُعينَة وَهُوَ تَعْرِيف الِاسْم الْمُعَرّف بلام الْعَهْد الذهْنِي وَمثله النكرَة كَرجل - وَإِمَّا على كل الْأَفْرَاد وَهُوَ تَعْرِيف الِاسْم الْمُعَرّف بلام الِاسْتِغْرَاق وَمثله كلمة كل مُضَاف إِلَى النكرَة. فَثَبت مِمَّا ذكرنَا أَن الْمُعَرّف بلام الْعَهْد الذهْنِي والاستغراق فرعا الْمُعَرّف بلام الْجِنْس - فَإِن قلت لم لَا يكون الْمُعَرّف بلام الْعَهْد الْخَارِجِي فرع الْمُعَرّف بلام الْجِنْس - قلت بَينهمَا بون بعيد فَإِن الْمُعَرّف بلام الْعَهْد الْخَارِجِي يُرَاد بِهِ حِصَّة مُعينَة من الْحَقِيقَة بِخِلَاف الْمُعَرّف بلام الْجِنْس - فَإِن المُرَاد بِهِ نفس الْحَقِيقَة كَمَا علمت - فَإِن قلت مَا الْفرق بَين الْمُعَرّف بلام الْعَهْد الذهْنِي والنكرة مَعَ أَن المُرَاد من كل مِنْهُمَا الْفَرد الْمُبْهم الْمُنْتَشِر - قُلْنَا الْفَرد الْمُبْهم الْمُنْتَشِر فِي الْمُعَرّف بلام الْعَهْد الذهْنِي مَعْلُوم مَعْهُود بِاعْتِبَار مطابقته للماهية الْمَعْلُومَة الْمَعْهُودَة بِخِلَاف الْفَرد الْمُبْهم فِي النكرَة فَإِنَّهُ لم يعْتَبر فِيهَا مَاهِيَّة مَعْلُومَة معهودة ليطابقها الْفَرد الْمُبْهم وَيصير بِسَبَب تِلْكَ الْمُطَابقَة مَعْلُوما معهودا مَا فَإِذا قلت أكلت الْخبز فكأنك قلت أكلت فَردا من هَذِه الْمَاهِيّة الْمَعْلُومَة للمخاطب - وَإِذا قلت أكلت خبْزًا كَانَ مَعْنَاهُ أكلت فَردا من مَاهِيَّة الْخبز من غير مُلَاحظَة معلوميتها ومعهوديتها وَإِن كَانَت مَعْلُومَة فِي نفس الْأَمر وَقس عَلَيْهِ أَدخل السُّوق وَأدْخل سوقا. فَإِن قلت مَا الْفرق بَين الْمُعَرّف بلام الْجِنْس الصّرْف وَعلم الْجِنْس مَعَ أَن المُرَاد من كل مِنْهُمَا نفس الْمَاهِيّة الْمَعْلُومَة الْمَعْهُودَة. قلت علم الْجِنْس يدل بجوهره على كَون تِلْكَ الْحَقِيقَة مَعْلُومَة معهودة عِنْد الْمُخَاطب كَمَا أَن الْأَعْلَام الشخصية تدل بجواهرها على كَون الْأَشْخَاص معهودة لَهُ بِخِلَاف الْمُعَرّف بلام الْجِنْس فَإِنَّهُ يدل عَلَيْهِ بالآلة وَهِي اللَّام لَا بجوهره. وَإِنَّمَا أطنبنا الْكَلَام فِي هَذَا الْمقَام لِأَنَّهُ قد زل فِيهِ أَقْدَام الْأَعْلَام وَعَلَيْك أَن تحفظ هَذَا التَّحْقِيق وَلَا تنظر إِلَى مَا ذكرنَا فِي جَامع الغموض فِي شرح الْكَلِمَة فَإِنَّهُ مُنَاسِب بِحَال المبتدين مَعَ أَن لَهُ وَجها وجيها عِنْد الموجه.

الشَّجَّة

(الشَّجَّة) الْجراحَة فِي الرَّأْس أَو الْوَجْه أَو الجبين (ج) شجاج
الشَّجَّة: جِرَاحَة تخْتَص بِالْوَجْهِ وَالرَّأْس لُغَة وَفِي غَيرهَا تسمى جِرَاحَة لَا شجة وَهِي عشرَة. الحارصة وَهِي الَّتِي تحرص الْجلد أَي تخدشه وَلَا تخرج الدَّم - والدامعة بِالْعينِ الْمُهْملَة وَهِي الَّتِي تظهر الدَّم وَلَا تسيله بل تجمع فِي مَوضِع الْجراحَة كالدمع فِي الْعين - والدامية وَهِي الَّتِي تسيل الدَّم - والباضعة وَهِي الَّتِي تبضع الْجلد أَي تقطعه - والمتلاحمة وَهِي الَّتِي تَأْخُذ فِي اللَّحْم وتقطعه - والسمحاق وَهِي الَّتِي تصل إِلَى السمحاق وَهِي جلدَة رقيقَة بَين اللَّحْم وَعظم الرَّأْس - والموضحة وَهِي الَّتِي توضح الْعظم أَي تبينه - والهاشمة وَهِي الَّتِي تكسر الْعظم - والمنقلة وَهِي الَّتِي تنقل الْعظم بعد الْكسر أَي تحولــه - والآمة وَهِي الَّتِي تصل إِلَى أم الدِّمَاغ وَهُوَ الَّذِي فِيهِ الدِّمَاغ. قَالُوا إِنَّه جلد رَقِيق يجمع الدِّمَاغ وَلَو كَانَت مثل هَذِه الْجِرَاحَات فِي غير الرَّأْس وَالْوَجْه لَا يكون لَهَا أرش مُقَدّر وَإِنَّمَا يجب حُكُومَة عدل.

المصر

المصر: كل بلد ممصور أي محدود. والماصر: الحاجز بين الماءين. والمصر في عرف الحنفية: ما لا يسع أكبر مساجده أهله. وقال الحرالي: مصر أرض جامعة كليتها وجملة إقليمها نازل منزلة الأرض كلها فلها إحاطة بوجه ماء، فلذلك أعظم شأنها في القرآن، وشان العالي فيها من الفراعنة.
المصر:
فيجيء في قولهم: مصّرت مدينة كذا في زمن كذا، وفي قولهم مدينة كذا مصر من الأمصار. والمصر في الأصل: الحدّ بين الشيئين، وأهل هجر يكتبون في شروطهم: اشترى
فلان من فلان هذه الدار بمصورها أي بحدودها. قال عديّ بن زيد:
وجاعل الشّمس مصرا، لا خفاء لها، ... بين النهار وبين الليل، قد فصلا
المصر:
[في الانكليزية] Country ،land
[ في الفرنسية] pays ،contree
بالكسر وسكون الصاد في اللغة الحدّ والبلد المحدود. وعند الفقهاء هو موضع لا يسع أكبر مساجده المبنية لصلاة الخمس أهله أي أهل ذلك الموضع ممّا وجب عليه الجمعة، واحترز به عن أصحاب الأعذار مثل النّساء والصبيان والمسافرين، إلّا أنّهم قالوا إنّ هذا الحدّ غير صحيح عند المحقّقين، والحدّ الصحيح المعوّل عليه أنّه كلّ مدينة ينفّذ فيها الأحكام ويقام الحدود كما في جواهر الفقه.
وظاهر المذهب أنّه ما فيه جماعات الناس من أهل الحرف وجامع وأسواق ومفت وسلطان أو قاض يقيم الحدود وينفّذ الأحكام، وقريب منه ما في المضمرات. وفي المضمرات أيضا أنّه الأصح. وقيل إنّه ما يجتمع فيه مرافق الدين والدنيا. وقيل ما يتعيّش فيه كلّ صانع سنة بلا تحوّل عنه إلى أخرى. وقيل ما يكون سكانه عشرة آلاف. وقيل ما يسمّى مصرا عند التعداد كبخارى. وقيل ما لا يظهر فيه نقصان بموت ولا زيادة بولادة. وقيل ما يمكنهم دفع عدو بلا استعانة. وقيل ما يمصّره الإمام وإن صغر وقلّ أهله كما في التمرتاشي. وقيل ما يولد فيه إنسان ويموت كلّ يوم. وقيل ما لا يعد أهله إلّا بمشقة. وقيل ما يكون فيه ألف رجل مقاتل.
وقيل ما يكون فيه عشرة آلاف رجل مقاتل، كذا في البرجندي في ذكر صلاة الجمعة.

الدَّهْر

(الدَّهْر) مُدَّة الْحَيَاة الدُّنْيَا كلهَا وَالزَّمَان الطَّوِيل وَالزَّمَان قل أَو كثر وَألف سنة وَمِائَة ألف سنة والنازلة والهمة والإرادة والغاية وَيُقَال مَا دهري بِكَذَا وَمَا دهري كَذَا مَا همي وغايتي وَالْعَادَة وَالْغَلَبَة (ج) أدهر ودهور وَيُقَال كَانَ ذَلِك دهر النَّجْم حِين خلق الله النُّجُوم أول الزَّمَان وَفِي الْقَدِيم

(الدَّهْر) الدَّهْر (ج) أدهار
الدَّهْر: وَنسبَة الثَّابِت إِلَى الثَّابِت سرمد، وَكَون الزَّمَان بكله مَوْجُود فِي الدَّهْر والسرمد من غير مُضِيّ وَحَال واستقبال مستبعد عِنْد المبتدئين. فلتوضيحه يَكْفِي مَا قَالَه جلال الْعلمَاء والمدققين الدواني رَحْمَة الله عَلَيْهِ فِي شرح رباعياته فِي تَحْقِيق علم الله تَعَالَى وَكَلَامه وَالْإِشَارَة إِلَى حل الإشكالات الَّتِي تتراءى فِي قدمهَا:
(فِي علم الْحق سُبْحَانَهُ وَكَلَامه يَا أهل الْكَمَال ... )
(إِذا أَحْسَنت وامعنت النّظر فَإنَّك لَا تَجِد إشْكَالًا ... )
(هُنَا كل الْمَاضِي والمستقبل وَالْحَال وَهنا حَيْثُ ... )
(جَمِيع الْكَوْن فَكيف يكون الْعَدَم ... )
وَفِي الْعلم الإلهي وَالْكَلَام الرباني فَإِن السالكين المسالك النظرية والشهورية يشتبهون حِين يقررون الشّبَه فِي علم اللدني، معتبرين أَن علمه قديم ومتعلق بالحوادث الْأَمر الَّذِي يُوجب التَّغَيُّر فِي علمه فَإِذا كَانَ زيد قَائِما وَهُوَ عَالم بقيامه وَإِذا تبدل هَذَا الْقيام إِلَى الْقعُود، فَإِذا بَقِي علمه وَاقِفًا على الْقيام يصبح الْعلم الإلهي جهلا، وَإِذا تغير وتحول إِلَى الْعلم بالقعود فَإِن تبدلا قد حدث فِي علم الله، تَعَالَى عَن ذَلِك علوا كَبِيرا، وَأَيْضًا إِن الله عَالم بالحوادث الآتيه مُنْذُ الْأَزَل. فَإِذا كَانَ الْعلم على هَذَا الْوَجْه إِلَى أَنهم موجودون، فَهَذَا خلاف الْوَاقِع، وَإِذا كَانَ على وَجه أَنهم سيوجدون بعد وجود الْحَادِث فَإِذا بَقِي الْعلم على هَذَا الْوَجْه فَهُوَ الْجَهْل، وَإِذا ارْتَفع علمه وَأصْبح علمه بِمَا هُوَ مَوْجُود فَإِن هَذَا يَسْتَدْعِي زَوَال علمه الأول وحدوث علمه الثَّانِي وَكِلَاهُمَا محالين لَدَى ذَات الله تَعَالَى. وَبِنَاء على ذَلِك قَالَ بعض الحشوية أَن علم الله تَعَالَى بالحوادث فِي وَقت حُصُولهَا لَا غير، تَعَالَى عَن ذَلِك.
والمتكلمين المتقصين قَالُوا عَن أساس الشّبَه أَن الْعلم الإلهي قديم وَأَن تبدل الْعلم الْحَادِث وتعلقه يَقع فِي متعلقاته وَلَيْسَ فِي نفس الْعلم. وَهَذَا كَلَام واه. فَكيف يعلم أَن لَا يتَعَلَّق بِشَيْء وَلم يعلم هَذَا الشَّيْء، إِذا يجب أَن يكون الله تَعَالَى لَيْسَ عَالم بالحوادث مُنْذُ الْأَزَل وَهَذَا يعيدنا إِلَى كَلَام الحشوية. أما وَجه التَّقَصِّي فِيهِ فَهُوَ أَن الذَّات الإلهية لَيست زمانية وَلكنهَا مُحِيطَة وعالية عَن زمَان علمه تَعَالَى وَكَذَلِكَ لَيْسَ زمانيا لكنه مُحِيط بِجَمِيعِ الْأَزْمِنَة دفْعَة وَاحِدَة، وكل جُزْء مَفْرُوض من أَجزَاء الزَّمَان والحوادث الْوَاقِعَة فِيهِ وعَلى الْكَيْفِيَّة الْوَاقِعَة فَهِيَ فِي مشاهديه. مثلا فَإِن زمَان بعثة نوح عَلَيْهِ السَّلَام على هَذَا الْوَجْه هُوَ مَاض نِسْبَة إِلَى بعثة الْأَنْبِيَاء الْمُتَأَخِّرين عَنهُ وَهُوَ فِي الْمُسْتَقْبل بِالنِّسْبَةِ لبعثة آدم والأنبياء الآخرين الْمُتَقَدِّمين عَلَيْهِ وَهُوَ حَاضر بِالنِّسْبَةِ للحوادث الْمُقَارنَة لَهُ. وعَلى هَذَا الْوَجْه فَإِن جَمِيع وَسَائِر الْأَزْمِنَة والحوادث لَا تَتَغَيَّر. وَلَا يُمكن أَن تكون بعثة نوح عَلَيْهِ السَّلَام خَالِيَة فِي هَذِه الصِّفَات. والماضي والمستقبل فِيهَا نِسْبَة للأمور الْأُخْرَى وَلَيْسَ بِالنِّسْبَةِ لله تَعَالَى. وأساس هَذَا الْمَعْنى أَن الذَّات الإلهية فالأمور السَّابِقَة أَو الْمُتَقَدّمَة على الزَّمَان الْمُطلق غير محاطة بِالزَّمَانِ لَكِنَّهَا مُحِيطَة بِالزَّمَانِ، إِذا الْمَاضِي والمستقبل لَا يُوجد بِالنِّسْبَةِ لَهُ ولكنهما موجودان بِالنِّسْبَةِ للزمنين المتساوين فِي أقدمية الْحُضُور وعَلى الرغم من أَن ثُبُوت الْمَاضِي والاستقبال حَاصِل من الْعَدَم وَذَلِكَ لِأَن الْمَاضِي والاستقبال هما الزَّمَان، وَالزَّمَان فرع من الْحَرَكَة وَالْحَرَكَة ناشئة من الْقُوَّة وَالْقُوَّة تَسْتَلْزِم الْعَدَم بِالْقُوَّةِ والعدم لَيْسَ لَهُ طَرِيق فِي ساحة الْوُجُود الْحَقِيقِيّ، بل فِي المجردات: والمثال على هَذَا الْوَجْه من الْمَعْنى أَن يعرض شخص مَا على آخر دفْعَة وَاحِدَة، ثمَّ يعمد إِلَى عرض هَذَا الْخط على حَيَوَان ضيق الحدقة بالتدريج بِحَيْثُ لَا يُمكنهُ الْإِحَاطَة بهَا كليا.
وَبِمَا أَن هَذَا الْحَيَوَان سيرى أَن اللَّوْن يتبدل بَين لَحْظَة وَأُخْرَى، فَإِنَّهُ يعْتَقد أَن الأول صَار مَعْدُوما وَأَن الثَّانِي إِن وجد وَذَلِكَ بِسَبَب تبدل علمه بالألوان، وَهَذَا بِمَعْنى غياب آحَاد الألوان عَن ناظريه وتعاقب الْحُضُور عِنْده ...
وَمَا ينْقل عَن أساطين الْحِكْمَة السَّابِقين أَن نِسْبَة الثَّابِت إِلَى الثَّابِت هُوَ السرمد، وَنسبَة الثَّابِت إِلَى الْمُتَغَيّر هُوَ الدَّهْر، وَنسبَة الْمُتَغَيّر إِلَى الْمُتَغَيّر هُوَ الزَّمَان، وَيَا أَيهَا الذكي الْعَالم بالدقائق إِلَيْك التَّنْبِيه على هَذَا الْمَعْنى. إِذا أزيلت غشاوة الامتراء وسبل الْجِدَال عَن أعين أهل البصيرة وألقوا من يدهم عَصا تَقْلِيد المصطلحات واتجهوا إِلَى وَادي إِدْرَاك الْأَشْيَاء الْمُقَدّس وينير لَهُم الْهَادِي نور الطَّرِيق فَيجب أَن يعلمُوا أَنه من الْأَزَل إِلَى الْأَبَد هُوَ مجَال الْعلم الإلهي ودفعة وَاحِدَة. وَلَا يُمكن لأي شَيْء أَن يغيب عَن خطّ شُهُوده مَاضِيا كَانَ أم اسْتِقْبَالًا. وبنظري الْقَاصِر، فَإِن الْعَالم إِمْكَان ممزوج بِثَوْب الْعَدَم، وَلَا طَرِيق لغبار الْعَدَم إِلَى الساحة المقدسة للكمال والوجود الْمَحْض. وَلَا وجود بعْدهَا للماضي والاستقبال، وَقد أورد بعض أَصْحَاب الْحِكْمَة هَذَا الْمَعْنى شعرًا فَقَالَ:
(الْمَاضِي والمستقبل والحاضر فِي علم الله ... للَّذي يعلم أَنه لَا يعلم ذَلِك)
(وهم جَمِيعًا فِي سجن الزَّمَان ... وَمن ضيق الْمقَال اطلق سراحهم)
الدَّهْر: قد يعد من الْأَسْمَاء الْحسنى. وَلذَا قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا تسبوا الدَّهْر فَإِن الدَّهْر هُوَ الله تَعَالَى. وَأَيْضًا الدَّهْر الزَّمَان الطَّوِيل فَمَعْنَى قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام لَا تسبوا الدَّهْر. فَإِن خَالق الدَّهْر هُوَ الله. وَقيل الدَّهْر ألف سنة. وَقيل الدَّهْر الْأَبَد. وَقيل الدَّهْر منشأ الْأَزَل وَإِلَّا بَدَلا ابْتِدَاء لَهُ وَلَا انْتِهَاء لَهُ كل ذِي ابْتِدَاء وَذي انْتِهَاء فِيهِ وَلَيْسَ هُوَ فِي غَيره. وَهَذَا هُوَ مَا ذهب إِلَيْهِ أساطين الْحُكَمَاء كَمَا سنبين. وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله لَا أَدْرِي مَا الدَّهْر فَإِنَّهُ رَحمَه الله توقف فِي الدَّهْر كَمَا توقف فِي وَقت الْخِتَان وَفِي أَحْوَال أَطْفَال الْمُشْركين يَوْم الْقِيَامَة. وَيعلم من كتب الْفِقْه أَن الدَّهْر الْمُنكر أَي الْمُجَرّد عَن لَام التَّعْرِيف مُجمل والمعرف بهَا الْعُمر فَلَو قَالَ إِن صمت الدَّهْر فَعَبْدي حر فَهُوَ على الْعُمر. وَفِي تَحْقِيق الزَّمَان والدهر والسرمد كَلَام طَوِيل للحكماء الْمُحَقِّقين. وَهَذَا الْغَرِيب الْقَلِيل البضاعة يُرِيد إِيرَاد خُلَاصَة بيانهم. وتبيان زبدة مرامهم. فَأَقُول إِن السرمد وعَاء الدَّهْر والدهر وعَاء الزَّمَان وَالزَّمَان وعَاء المتغيرات تدريجية أَولا. وَبَيَان هَذَا أَن الْمَوْجُود إِذا كَانَ لَهُ هوية وَوُجُود اتصافي غير قار الْأَجْزَاء كالحركة كَانَ مُشْتَمِلًا على أَجزَاء بَعْضهَا مُتَقَدم على بعض وَبَعضهَا مُتَأَخّر عَن بعض لَا يَجْتَمِعَانِ فَلذَلِك الْمَوْجُود بِهَذَا الِاعْتِبَار مِقْدَار وامتداد غير قار ينطبق ذَلِك الْمَوْجُود الاتصالي على ذَلِك الْمِقْدَار بِحَيْثُ يكون كل جُزْء من أَجزَاء ذَلِك الْوُجُود الاتصالي مطابقا بِكُل جُزْء من أَجزَاء ذَلِك الْمِقْدَار الْمُقدم بالمقدم والمؤخر بالمؤخر وَهَذَا الْمِقْدَار الْمُتَغَيّر الْغَيْر القار الْمَنْسُوب إِلَيْهِ ذَلِك الْمَوْجُود الْمُتَغَيّر الْغَيْر القار هُوَ الزَّمَان وَمثل هَذَا الْمَوْجُود يُسمى متغيرا تدريجيا لَا يُوجد بِدُونِ الانطباق على الزَّمَان والمتغيرات الدفعية إِنَّمَا تحدث فِي آن هُوَ طرف الزَّمَان فَهِيَ أَيْضا لَا تُوجد بِدُونِ الزَّمَان فالزمان وعَاء المتغيرات وظرفها وَلذَا قَالَ الشَّيْخ الرئيس الْكَوْن فِي الزَّمَان مَتى الْأَشْيَاء المتغيرة انْتهى.
والماضي وَالْحَال والاستقبال إِنَّمَا هِيَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى المتغيرات التدريجية أَو الدفعية الَّتِي منطبقة بأجزاء ذَلِك الامتداد الْغَيْر القار الَّذِي هُوَ الزَّمَان. وَإِذا نسب الْأَمر الثَّابِت سَوَاء كَانَ ثُبُوته بِالذَّاتِ كالواجب تَعَالَى شَأْنه أَو بعلته كالجواهر الْمُجَرَّدَة والأفلاك إِلَى الزَّمَان وَلَا يُمكن نسبته إِلَيْهِ إِلَّا بالمعية فِي الْحُصُول والكون يَعْنِي أَنه مَوْجُود مَعَ الزَّمَان كَمَا أَن الزَّمَان مَوْجُود وَلَا يُمكن نسبته إِلَى الزَّمَان بالحصول يَعْنِي كَون الزَّمَان ظرفا لذَلِك الْأَمر الثَّابِت لِأَن كَون الزَّمَان ظرفا لشَيْء مَوْقُوف على كَون ذَلِك الشَّيْء ذِي أَجزَاء وعَلى انطباق تِلْكَ الْأَجْزَاء على أَجزَاء الزَّمَان وَهَذَا الانطباق مَوْقُوف على التَّغَيُّر والتقضي فِي الْأَجْزَاء حَتَّى تنطبق تِلْكَ الْأَجْزَاء الْغَيْر القارة بأجزاء الزَّمَان الْغَيْر القارة حَتَّى يكون الزَّمَان متناه وَلَيْسَ كل مَا يُوجد مَعَ الشَّيْء كَانَ حَاصِلا فِيهِ ومظروفا لَهُ وَذَلِكَ الشَّيْء ظرفا لَهُ.
أَلا ترى أَن الأفلاك مَوْجُودَة مَعَ الخردلة وَلَيْسَت هِيَ فِيهَا فَيكون ذَلِك الْأَمر الثَّابِت فِي حد نَفسه مستغنيا عَن الزَّمَان بِحَيْثُ إِذا نظر إِلَى ذَاته يُمكن أَن يكون مَوْجُودا بِلَا زمَان. فَلذَلِك الْأَمر الثَّابِت بِالنِّسْبَةِ إِلَى الزَّمَان حُصُول صرف وَكَون مَحْض مُجَرّد عَن كَونه فِيهِ ووعاء هَذَا الْكَوْن والحصول هُوَ الدَّهْر. وَقد علم مِمَّا ذكرنَا أَن الْأَمر الثَّابِت نَوْعَانِ ثَابت بِالذَّاتِ وثابت بِالْغَيْر أَي بعلته فَإِذا نسب الْأَمر الثَّابِت بِالذَّاتِ إِلَى الثَّابِت بِالْغَيْر بالمعية أَيْضا لما مر يحصل لَهُ حُصُول وَكَون أرفع من الْحُصُول والكون الَّذِي لِلْأَمْرِ الثَّابِت بِالْغَيْر لِأَنَّهُ حِين النّظر فِي ذَات الْأَمر الثَّابِت بِالذَّاتِ أَي الْوَاجِب تَعَالَى شَأْنه يغرق جَمِيع مَا سواهُ تَعَالَى فِي بَحر الْهَلَاك والبطلان فِي حد نَفسه وَلَا تهب ريح مِنْهَا إِلَى ساحة جنابه الْمُقَدّس وحضرة وجوده الأقدس فِي هَذَا اللحاظ وَالنَّظَر ووعاء هَذَا الْكَوْن إِلَّا رفع وظرفه هُوَ السرمد. قيل الْحق أَن يخص السرمد والوجود السرمدي بالقيوم الْوَاجِب بِالذَّاتِ جلّ جَلَاله انْتهى.
فالسرمد وعَاء الْكَوْن الْكَوْن إِلَّا رفع للْوَاجِب تَعَالَى ووعاء الدَّهْر أَيْضا وللجواهر الْمُجَرَّدَة وَسَائِر الْأُمُور الثَّابِتَة بِالْغَيْر كَون دهري لَا سرمدي لاختصاصه بِالْوَاحِدِ الْأَحَد الصَّمد عز شَأْنه. والكون الدهري فِي نَفسه وباللحاظ إِلَى ذَاته هَالك كَمَا مر والدهر وعَاء الزَّمَان وَالزَّمَان وعَاء التغيرات التدريجية والدفعية وَسَائِر الزمانيات الَّتِي يتَعَلَّق تقررها ووجودها بأزمنة وآنات متعينة. فَجَمِيع الأكوان والأزمان وأجزاء الزَّمَان والحوادث الزمانية والآنية حَاضر مَوْجُود دفْعَة فِي الدَّهْر من غير مُضِيّ وَحَال واستقبال وعروض انْتِقَال وَزَوَال إِذْ جملَة الزَّمَان وإبعاضه وحدوده لَا يخْتَلف انْقِضَاء أَو حصولا بِالْقِيَاسِ إِلَى الثَّابِت الْمَحْض أصلا فَأذن بعض الزَّمَان وَكله يكونَانِ مَعًا بِحَسب الْحُصُول فِي الدَّهْر وَإِلَّا لَكَانَ فِي الدَّهْر انقضاءات وتجددات فَيلْزم فِيهِ امتداد فينقلب الدَّهْر حِينَئِذٍ بِالزَّمَانِ وَهَذَا خلف محَال فحصول حُصُول الأكوان والأزمان كَذَلِك فِي السرمد بِالطَّرِيقِ الأولى.
وَإِذ قد علمت أَن المتغيرات التدريجية لَا تُوجد بِدُونِ الانطباق على الزَّمَان. والدفعية إِنَّمَا تحدث فِي آن هُوَ ظرف الزَّمَان فَهِيَ أَيْضا لَا تُوجد بِدُونِ الزَّمَان وَأما الْأُمُور الثَّابِتَة الَّتِي لَا تغير فِيهَا أصلا لَا تدريجيا وَلَا دفعيا فَهِيَ وَإِن كَانَت مَعَ الزَّمَان إِلَّا أَنَّهَا مستغنية فِي حد أَنْفسهَا عَن الزَّمَان بِحَيْثُ إِذا نظر إِلَى ذواتها يُمكن أَن تكون مَوْجُودَة بِلَا زمَان. فَاعْلَم أَنه إِذا نسب متغير إِلَى متغير بالمعية أَو الْقبلية فَلَا بُد هُنَاكَ من زمَان فِي كلا الْجَانِبَيْنِ وَإِذا نسب بهما ثَابت إِلَى متغير فَلَا بُد من الزَّمَان فِي أحد جانبيه دون الآخر. وَإِذا نسب ثَابت إِلَى ثَابت بالمعية كَانَ الجانبان مستغنيين عَن الزَّمَان وَإِن كَانَا مقارنين. والحكماء الْمُحَقِّقُونَ أشاروا إِلَى مَا فصلنا فِي بَيَان الزَّمَان والدهر والسرمد بِمَا قَالُوا. إِن نِسْبَة الْمُتَغَيّر إِلَى الْمُتَغَيّر (زمَان) وَنسبَة الثَّابِت إِلَى الْمُتَغَيّر (دهر) وَنسبَة الثَّابِت إِلَى الثَّابِت (سرمد) .
ف (45) :

الْخلْع

(الْخلْع) تحول الْمفصل عَن مَوْضِعه من غير بينونة وَاللَّحم تخلع عِظَامه ويطبخ ويبزر ثمَّ يوضع فِي وعَاء من جلد وَيحمل فِي السّفر

(الْخلْع) أَن يُطلق الرجل زَوجته على فديَة مِنْهَا
الْخلْع: بِالضَّمِّ النزع والفصل يُقَال خلع نَعله وثوبه إِذا نَزعه. وخالعت الْمَرْأَة زَوجهَا إِذا افتدت نَفسهَا مِنْهُ. وَفِي الشَّرْع الْفَصْل من النِّكَاح بِأخذ المَال بِلَفْظ الْخلْع وَالْوَاقِع بِهِ الطَّلَاق الْبَائِن فَإِذا قَالَ خالعتك يَقع الطَّلَاق الْبَائِن.

الْحِوَالَة

(الْحِوَالَة) اسْم من أحَال الْغَرِيم إِذا دَفعه عَنهُ إِلَى غَرِيم آخر وتحويل المَاء من نهر إِلَى نهر وَالشَّهَادَة وَالْكَفَالَة وصك يحول بِهِ المَال من جِهَة إِلَى أُخْرَى
الْحِوَالَة: من الــتَّحَوُّل بِمَعْنى الِانْتِقَال. وَفِي الشَّرْع نقل الدّين وتحويله من ذمَّة الْمُحِيل إِلَى ذمَّة الْمحَال عَلَيْهِ وَإِنَّمَا اخْتصّت بالديون لِأَنَّهَا تنبئ عَن النَّقْل والتحويل. وَذَلِكَ فِي الدّين لَا فِي الْعين. لِأَن هَذَا نقل شَرْعِي وَالدّين وصف شَرْعِي فَيظْهر أَثَره فِي الْمُطَالبَة فَجَاز أَن يُؤثر النَّقْل الشَّرْعِيّ فِي الثَّابِت شرعا أما الْعين فحسي فَلَا ينْتَقل بِالنَّقْلِ الشَّرْعِيّ بل يحْتَاج إِلَى النَّقْل الْحسي.

الحبلي

الحبلي: الامرأة الْحَامِل. وَمن أَرَادَ أَن تَلد امْرَأَته الحبلى ذكرا فليضع يَده على بَطنهَا فَلْيقل إِنِّي سميت مُحَمَّدًا وَأحمد باسم نبيك عَلَيْهِ السَّلَام وَإِن كَانَ أُنْثَى تحول ذكرا.

الْجد

(الْجد) أَبُو الْأَب وَأَبُو الْأُم (ج) أجداد وجدود وجدودة والرزق والمكانة والمنزلة عِنْد النَّاس وَفِي حَدِيث الْقِيَامَة (وَإِذا أَصْحَاب الْجد محبوسون) وشاطئ النَّهر وضفته (ج) أجداد وجدود والحظ وَفِي الْمثل (جدك يرْعَى نعمك) يضْرب للمضياع المجدود (ج) جدود
وجد الْحِنْطَة جنس نَبَات قريب من الْقَمْح من فصيلة النجيليات يظنّ أَنه الْقَمْح حصل من تحول أحد أَنْوَاعه ببطء (مج)

(الْجد) وَجه الأَرْض وشاطئ النَّهر وَيُقَال فلَان محسن جدا بلغ الْغَايَة فِي الْإِحْسَان وَيُقَال هَذَا خطر جد عَظِيم عَظِيم جدا

(الْجد) جَانب الشَّيْء وشاطئ النَّهر (ج) أجداد وَمن الرِّجَال المجدود الْعَظِيم الْحَظ (ج) جدون
الْجد: بِالْكَسْرِ السَّعْي وَالْمَشَقَّة وَإِرَادَة الْمَعْنى الْحَقِيقِيّ أَو الْمجَازِي من اللَّفْظ وَهُوَ بِهَذَا الْمَعْنى ضد الْهزْل وَجَاء بِمَعْنى الْهزْل أَيْضا. وبالفتح العظمة وَمِنْه تَعَالَى جدك. وَأَبُو الْأَب وَأَبُو الْأُم وَإِن عليا. وَالْجد بِالْكَسْرِ كَمَا جَاءَ بِمَعْنى الْهزْل جَاءَ بِمَعْنى ضد الْهزْل أَيْضا كَمَا فِي قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ثَلَاث جدهن جد وهزلهن جد. النِّكَاح وَالطَّلَاق وَالْيَمِين. وَالْجد بِالْفَتْح فِي الْفَرَائِض صَحِيح وفاسد. أما الْجد الصَّحِيح فَهُوَ الَّذِي لَا يدْخل فِي نسبته إِلَى الْمَيِّت أم كأب الْأَب وَإِن علا. وَأما الْجد الْفَاسِد فَهُوَ الَّذِي يدْخل فِي نسبته إِلَى الْمَيِّت أم كأب الْأُم وَإِن علا.
وَاعْلَم أَن الْجد الصَّحِيح كَالْأَبِ إِلَّا فِي أَربع مسَائِل كَمَا فِي الْفَرَائِض السِّرَاجِيَّة وَالْمَسْأَلَة الثَّانِيَة مِنْهَا أَن الْمَيِّت إِذا ترك أبوين وَاحِد الزَّوْجَيْنِ فللأم ثلث مَا بَقِي بعد نصيب أحد الزَّوْجَيْنِ وَلَو كَانَ مَكَان الْأَب جد فللأم ثلث جَمِيع المَال لَا ثلث مَا بَقِي فَإِن قلت إِن صَاحب الْفَرَائِض السراجي جعل هَذِه الْمَسْأَلَة مَسْأَلَتَيْنِ فِي أَحْوَال الْأُم حَيْثُ قَالَ وَثلث مَا بَقِي بعد فرض أحد الزَّوْجَيْنِ وَذَلِكَ فِي مَسْأَلَتَيْنِ فَيلْزم أَن تكون الْمسَائِل المستثناة خمْسا لَا أَرْبعا.
قلت إِن السَّيِّد السَّنَد الشريف الشريف قدس سره صرح فِي شَرحه جوابين حَيْثُ قَالَ كَأَنَّهُ أَرَادَ فِي صُورَتَيْنِ لِأَن عدهما مَسْأَلَتَيْنِ حَقِيقَة توجب زِيَادَة الْمسَائِل المستثناة فِي الْجد على الْأَرْبَع كَمَا أَشَرنَا إِلَيْهِ فِيمَا سلف. وَيُمكن أَن يُقَال جَعلهمَا مَسْأَلَتَيْنِ فِي تَوْرِيث الْأُم مَعَ الْأَب وَمَسْأَلَة وَاحِدَة فِي توريثها مَعَ الْجد إِذْ لكل من الجعلين وَجه ظَاهر انْتهى. وَذَلِكَ الْوَجْه الْوَجِيه أَن ثلث الْبَاقِي مَعَ الْأَب قد يكون ربعا وَقد يكون سدسا بِخِلَاف ثلث الْكل مَعَ الْجد فَإِنَّهُ على أَي حَال ثلث جَمِيع المَال.
وَإِن أردْت تَفْصِيل هَذَا الْإِجْمَال فَاعْلَم أَن ثلث مَا بَقِي ربع الْكل فِي صُورَة الزَّوْجَة مَعَ الْأَب لِأَنَّهَا تَأْخُذ الرّبع فَتبقى ثَلَاثَة أَربَاع إِذْ الْمَسْأَلَة حِينَئِذٍ من أَرْبَعَة. وَثلث الْبَاقِي سدس الْكل فِي صُورَة الزَّوْج مَعَه لِأَنَّهُ يَأْخُذ النّصْف حِينَئِذٍ فَيبقى نصف آخر وَالنّصف ثَلَاثَة أَسْدَاس فثلث الْبَاقِي حِينَئِذٍ سدس إِذْ الْمَسْأَلَة حِينَئِذٍ من سِتَّة. أما مَعَ الْجد فَلَيْسَ الْوَاجِب فِي الصُّورَتَيْنِ إِلَّا ثلث جَمِيع المَال فَثَبت أَن ثلث الْبَاقِي مَعَ الْأَب يكون ربع جَمِيع المَال فِي صُورَة الزَّوْجَة وسدسه فِي صُورَة الزَّوْج فَلَمَّا كَانَ ثلث الْبَاقِي مُخْتَلفا فِي هَاتين الصُّورَتَيْنِ جَعلهمَا مَسْأَلَتَيْنِ بِخِلَاف ثلث الْبَاقِي مَعَ الْجد فَإِنَّهُ فِي الصُّورَتَيْنِ لَيْسَ إِلَّا ثلث جَمِيع المَال وَلَا تَتَغَيَّر من حَال إِلَى حَال فعدهما مَسْأَلَة فَافْهَم واحفظ فَأَنَّهُ مَسْتُور عَن نظر بعض الأحباب وَهُوَ تَعَالَى ملهم الصدْق وَالصَّوَاب.

التَّجْنِيس

(التَّجْنِيس) تجنيس الكسور (فِي علم الرياضة) تحويلها إِلَى كسور متحدة الْمقَام مثل 5 / 7 2 / 5 1 / 3 تحول إِلَى 75 / 105 42 / 105 35 / 105
التَّجْنِيس: فِي اصْطِلَاح البديع جعل اللَّفْظَيْنِ متجانسين وتفصيله فِي الجناس إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَهُوَ من المحسنات اللفظية. وَعند أهل الْحساب التَّجْنِيس جعل الْعدَد الصَّحِيح كسورا من جنس كسر معِين. والضابطة فِيهِ أَنه إِذا كَانَ مَعَ الصَّحِيح كسر مُفردا أَو مكررا أَو مُضَافا فَالْعَمَل فِيهِ أَن تضرب الْعدَد الصَّحِيح فِي مخرج الْكسر الْمعِين ليحصل هُنَاكَ مبلغ وتزيد على الْمبلغ الْحَاصِل صُورَة الْكسر وعدده فَيحصل هُنَاكَ مبلغ ثَان أَكثر من الْمبلغ الأول وتضيفه إِلَى الْمخْرج بِأَن تَقول هُوَ مبلغ كل وَاحِد من آحاده جُزْء وَاحِد من ذَلِك الْمخْرج فمجنس الْخمس وَالثلث سِتَّة عشر ثلثا لِأَنَّك إِذا ضربت الْخمس فِي الثَّلَاثَة الَّتِي مخرج الثُّلُث يحصل خَمْسَة عشر. وَإِذا زِدْت على هَذَا الْحَاصِل صُورَة الثُّلُث وَهِي وَاحِد يحصل سِتَّة عشر ثلثا وَقس عَلَيْهِ. وَرُبمَا يُسمى التَّجْنِيس بالبسط وَإِنَّمَا قيدنَا الْعَمَل الْمَذْكُور بِشَرْط إِذا كَانَ مَعَ الصَّحِيح كسر لِأَن الْحَاجة فِي الْأَعْمَال الحسابية إِلَى تجنيس الصَّحِيح فِي الْأَغْلَب إِنَّمَا هِيَ إِذا كَانَ مَعَه كسر وَإِمَّا بِحَسب الْقلَّة والندرة فقد يحْتَاج إِلَى تجنيس الصَّحِيح إِذا لم يكن مَعَه كسر فَافْهَم.

الِانْتِقَال

الِانْتِقَال: اعْلَم أَنه لم نحدد الِانْتِقَال فِي مَسْأَلَة وَاحِدَة أَو مَسْأَلَتَيْنِ وَثمّ نعمد بعد عدَّة أَيَّام إِلَى إِضَافَة مَسْأَلَة أُخْرَى أَو مَسْأَلَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ كلما احتجنا إِلَى ذَلِك فَإِن ذَلِك يُؤَدِّي إِلَى فتح بَاب وصلب مَوْضُوع الْمَذْهَب واختلاط المباحث وَعَلِيهِ فَإِن ذَلِك غير جَائِز. وَيجب أَن نعلم أَنه من الْوَاجِب وَحسب الرِّوَايَة الْمَذْكُورَة الَّتِي يُسْتَفَاد مِنْهَا إِبَاحَة الزَّكَاة فِي بَاب الْحِلْية كَمَا أَن على الْمَذْهَب الْحَنَفِيّ حَيْثُ حلية الزَّكَاة فرض فَإِنَّهَا على الْمَذْهَب الشافي لَيست فرضا. فَإِذا مَا كَانَ شخص على الْمَذْهَب الْحَنَفِيّ وَمن أجل دفع الزَّكَاة يرى جَوَاز تَقْلِيد الشَّافِعِي فَلَيْسَ لَهُ ذَلِك، لِأَن جَمِيع الْفُقَهَاء عَلَيْهِم الرَّحْمَة والغفران قد أَجَازُوا جَمِيع الْحِيَل واستثنوا مِنْهَا حِيلَة الزَّكَاة وَقَالُوا بِإِسْقَاط حِيلَة الزَّكَاة وبطلانها نظرا لحقوق الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين، وَإِلَّا سينسد بَاب الزَّكَاة.
وَنقل عَن الإِمَام أَبُو يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى أَن شخصا سَأَلَهُ عَن حِيلَة الزَّكَاة، وَعَاد بعْدهَا الرجل إِلَى منزله مَسْرُورا متمرغا فِي فرحته فَاعْتقد خاروف لَهُ فِي الْبَيْت أَن أحد يَدْعُو إِلَى الْقِتَال من المشهد الَّذِي رَآهُ، فَمَا كَانَ مِنْهُ إِلَّا أَن أَخذ بِضَرْب بِرَأْسِهِ رَأس الرجل حَتَّى أَحَالهُ إِلَى قطع صغيره، فجَاء أهل الْبَيْت إِلَى الإِمَام ووصفوا لَهُ حَال الرجل فَقَالَ الإِمَام، نعم هَذَا جَزَاء من لَا يُرِيد أَدَاء الزَّكَاة ...
الِانْتِقَال: عِنْد الْحُكَمَاء حُصُول الشَّيْء فِي حيّز بعد أَن كَانَ فِي حيّز آخر والانتقال فِي الْعرض أَن يقوم عرض بِعَيْنِه بِمحل بعد قيام بِمحل آخر وَهُوَ محَال لما بَين فِي مَحَله. والانتقال فِي اللُّغَة نقل كردن وَلَا يجوز أَن يذهب من مَذْهَب إِلَى مَذْهَب آخر أَي ينْتَقل من مَذْهَب إِلَى مَذْهَب آخر فِي الْمُعَامَلَات. فَأَما فِي الْعِبَادَات فَيجوز فَإِذا كَانَ الرجل حنفيا لَا يجوز أَن يعْمل عمل مَذْهَب الشَّافِعِي فِي الْمُعَامَلَات بِخِلَاف الْعِبَادَات فَإِن يجوز الْعَمَل بِهِ. وَبِه أَخذ المشائخ كَذَا فِي النِّهَايَة. وَفِي فَتَاوَى الغرائب الِانْتِقَال من مَذْهَب الشَّافِعِي إِلَى مَذْهَب أبي حنيفَة رَحمَه الله جَائِز وَكَذَا بِالْعَكْسِ إِذا لم يكن بِالْكُلِّيَّةِ بل فِي مَسْأَلَة أَو مَسْأَلَتَيْنِ وَلَيْسَ للعامي أَن يــتَحَوَّل من مَذْهَب إِلَى مَذْهَب بِالْكُلِّيَّةِ وَيَسْتَوِي فِيهِ الْحَنَفِيّ وَالشَّافِعِيّ.
إِن النِّسَاء ناقصات الْعقل وَالدّين. حَدِيث شرِيف وَلما سُئِلَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَا نُقْصَان دينهن قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام تقعد إِحْدَاهُنَّ فِي قَعْر بَيتهَا شطر دهرها لَا تَصُوم وَلَا تصلي. فَهَذَا الحَدِيث مسوق لبَيَان نُقْصَان دينهن. وَفِيه إِشَارَة إِلَى أَن أَكثر الْحيض خَمْسَة عشر يَوْمًا وَهُوَ معَارض بِمَا رُوِيَ أَنه قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام أقل الْحيض ثَلَاثَة أَيَّام وَأَكْثَره عشرَة أَيَّام. وَهُوَ عبارَة النَّص فرجح الْعبارَة على الْإِشَارَة لِأَنَّهُ حكمهَا فِي القطعية سَوَاء وَعند التَّعَارُض ترجح الْعبارَة على الْإِشَارَة فَإِن قيل لَا مُعَارضَة لِأَن المُرَاد بالشطر الْبَعْض لَا النّصْف على السوَاء وَلَو سلم وَأكْثر أَعمار الْأمة سِتُّونَ - ربعهَا أَيَّام الصِّبَا - وربعها أَيَّام الْحيض فِي الْأَغْلَب فَاسْتَوَى النصفان فِي الصَّوْم وَالصَّلَاة وتركهما. وَأجِيب بِأَن الشّطْر حَقِيقَة فِي النّصْف وَأكْثر أَعمار الْأمة مَا بَين السِّتين إِلَى السّبْعين على مَا ورد فِي الحَدِيث وَترك الصَّوْم وَالصَّلَاة مُدَّة الصِّبَا مُشْتَرك بَين الرِّجَال وَالنِّسَاء فَلَا تصلح سَببا لنُقْصَان دينهن. وَلَكِن لَا يخفى أَن تَركهمَا أَيَّام الْحيض وَالنّفاس لَيْسَ بمشترك بَينهمَا فَهُوَ يصلح سَببا لنُقْصَان دينهن فَافْهَم.

العَشَّةُ

العَشَّةُ:
من قرى ذمار باليمن.
العَشَّةُ: النَّخْلَةُ إذا قَلَّ سَعَفُها، ودَقَّ أسْفَلُهَا، وقد عَشَّتْ وعَشَّشَتْ، والشَّجَرَةُ اللَّئيمَةُ المَنْبِتِ، الدقيقةُ القُضْبَانِ، والمرأةُ الطويلةُ القليلَةُ اللحمِ، أو الدَّقيقَةُ عِظامِ اليَدِ والرِّجْلِ، وهو عَشٌّ.
وعَشَّ بَدَنُهُ عَشاشةً وعُشوشةً وعَشَشاً: نَحِلَ، وضَمُرَ.
والعَشُّ: الفَحْلُ يُبْصِرُ ضَبْعَةَ النَّاقَةِ ولا يَظْلِمُها، والطَّلَبُ، والجَمْعُ، والكَسْبُ، والضَّرْبُ، وتَرْقِيعُ القَميِصِ، وإقْلاَلُ العَطاء، والعَطاءُ القليلُ، ولُزومُ الطائِرِ عُشَّهُ، وبالضم: مَوْضِعُ الطائِرِ يَجْمَعُهُ من دُقَاق الحَطَبِ في أفْنَانِ الشَّجَرِ، ويُفْتَحُ. و"ليس بِعُشِّكَ فادْرُجِي"، أي: ليس لكِ فيه حَقٌّ، فامْضِي. وعُشُّ بنُ لَبِيدِ بنِ عَدَّاءٍ: شاعِرٌ.
وذُو العُشِّ: ع بِبِلادِ بَنِي مُرَّةَ.
وأعْشاشٌ: ع بِبِلاَدِ بنِي سَعْدٍ قُرْبَ طَمِيَّةَ. و"تَلَمَّسْ أعْشَاشَكَ"، أي: تَلَمَّس العِلَلَ والتَّجَنِّيَ في أهْلِكَ.
والعَشْعَشُ، ويُضَمُّ: العُشُّ المُتَراكِبُ بعضُهُ في بعضٍ.
والمَعَشُّ: المَطْلَبُ، وبهاءٍ: الأرضُ الغليظَةُ. وجاء به من عِشِّهِ وبِشِّهِ: لُغَةٌ في السينِ.
وأعَشَّ: وَقَعَ في أرضٍ عَشَّةٍ،
وـ فلاناً عن حاجَتِهِ: صَدَّهُ،
وـ الظَّبْيَ: أزْعَجَهُ،
وـ القَوْمَ: نَزَلَ مَنْزِلاً قد نَزَلُوهُ فآذاهُمْ حتى تَحَوَّلُــوا،
كعَشَّهُمْ،
وـ اللهُ تعالى بَدَنَه: أنْحَلَهُ.
وعَشَّشَ الطائِرُ تَعْشِيشاً: اتَّخَذَ عُشّاً،
كاعْتَشَّ،
وـ الكَلأْ والأرضُ: يَبِسَا،
وـ الخُبْزُ: تَكَرَّجَ.
وفي الحديثِ: "ولا تَمْلأُ بَيْتَنا تَعْشِيشاً"، أي: لا تَخُونُ في طَعَامِنَا، فَتَخْبَأ في كلِّ زاوِيَةٍ شيئاً، فَيَصِيرَ كمُعَشَّشِ الطُّيورِ.
واعْتَشُّوا: امْتَارُوا ميرَةً قليلةً.
وانْعَشَّ القميصُ: تَرَقَّعَ.

الفِهْرُ

الفِهْرُ: وهو الحجر الصغير أنثى، وتصغيرها فهيرة.
الفِهْرُ، بالكسر: الحَجَرُ قَدْرَ ما يُدَقُّ به الجَوْزُ، أو ما يَمْلَأُ الكَفَّ، ويُؤَنَّثُ
ج: أفْهارٌ وفُهُورٌ، وقبيلَةٌ من قُريشٍ، وبالفتح والتحريكِ: أن تَنْكِحَ المرأةَ ثم تَــتَحَوَّلَ إلى غيرِها فَتُنْزِلَ، فَهَرَ، كَمنعَ، وأفْهَرَ، وبالضم: مِدْراسُ اليهُودِ تَجْتَمِعُ إليه في عيدِهم، أو هو يومٌ يأكلونَ فيه ويَشربونَ.
وتَفَهَّرَ في المالِ: اتَّسَعَ،
كتَفَيْهَرَ.
وفَهَّرَ الفرسُ تَفْهيراً وفَيْهَرَ وتَفَيْهَرَ:
اعْتَرَاهُ بُهْرٌ، أو تَرادَّ عن الجَرْي من ضَعْفٍ وانقطاعٍ في الجَرْيِ.
ومَفاهِرُكَ: لَحْمُ صَدْرِكَ.
وناقةٌ فَيْهَرَةٌ وفَيْهَرٌ: صُلْبَةٌ عظيمةٌ. وعامرُ ابنُ فُهَيْرَةَ، كجُهَيْنَةَ: مَوْلَى أبي بكرٍ رضي الله عنه.
وأفْهَرَ: شَهِدَ عِيدَ اليَهودِ، أو أتى مِدْراسَهُم، واجْتَمَعَ لَحْمُه وتَكَتَّلَ، وهو أقْبَحُ السِّمَنِ،
وـ بغيرِهِ: أبْدَعَ فأُبْدِع به، وخَلا مع جارِيتِه وجاريتُه الأُخْرَى تَسْمَعُ حِسَّه، وهو الوَجْسُ المَنْهِيُّ عنه.
وأُفْهِرَت الجاريةُ، بالضم: خُتِنَتْ.
والفَهِيرَةُ، كسفينةٍ: مَحْضٌ يُلْقَى فيه الرَّضْفُ، فإذا غَلى، ذُرَّ عليه الدَّقيقُ، وسِيطَ، وأكِلَ.

بَرْطَمَ

(بَرْطَمَ)
(س) فِي حَدِيثِ مُجاهد «فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَأَنْتُمْ سامِدُونَ، قَالَ: هِيَ البَرْطَمَة» وَهُوَ الانْتِفاخ مِنَ الْغَضَبِ. وَرَجُلٌ مُبَرْطِم مُتكبِّر. وَقِيلَ مُقَطّب مُتَغَضِّبٌ. وَالسَّامِدُ: الرَّافِعُ رأسَه تكبُّرًا.
بَرْطَمَ
الجذر: ب ر ط م

مثال: بَرْطَمَ بكلام غير مفهوم
الرأي: مرفوضة
السبب: لشيوع الكلمة على ألسنة العامة.
المعنى: تحدث غير مُبين وبطريقة تَدُلُّ على الغضب

الصواب والرتبة: -هَمْهَمَ بكلام غير مفهوم [فصيحة]-بَرْطَمَ بكلام غير مفهوم [صحيحة]
التعليق: جاء في التاج: «البَرْطَمَة: الانتفاخ غضبًا»، «وتبرطم الرجلُ إذا تَغَضَّبَ من كلام»، «وقال الليث: لا أدري ما الذي برطمه، أي غاظه»، وقد أجاز مجمع اللغة المصري هذه الكلمة؛ لأن الاستخدام الحديث له صلة قوية بالمعنى القديم وفيه تحوّل دلاليّ محدود من الإحساس بالغضب إلى محاولة الإفصاح عنه بطريقة لاتكاد تبين.

رَجَبَ

(رَجَبَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ السَّقيفة «أَنَا جُذَيلُها المُحَكَّكُ: وعُذَيْقُها الْمُرَجَّبُ» الرُّجْبَةُ:
هُوَ أَنْ تُعمْد النَّخْلة الكريمةُ بِبِناءِ مِنْ حِجَارَةٍ أَوْ خَشَبٍ إِذَا خِيفَ عَلَيْهَا لِطُولِها وَكَثْرَةِ حَمْلِها أَنْ تَقَعَ. ورَجَّبْتُهَا فَهِيَ مُرَجَّبَةٌ. والعُذَيقُ: تَصْغِيرُ العَذْق بِالْفَتْحِ، وَهِيَ النخلةُ، وَهُوَ تصغيرُ تَعظْيم، وَقَدْ يَكُونُ تَرْجِيبُهَا بِأَنْ يُجعْل حَولَها شَوكٌ ِلئلا يُرْقَى إِلَيْهَا، وَمِنَ التَّرْجِيبِ أَنْ تُعمْد بِخَشَبَةٍ ذاتِ شُعْبَتَين. وَقِيلَ: أَرَادَ بِالتَّرْجِيبِ التَّعظيمَ. يُقَالُ رَجَبَ فُلان مَوْلاه: أَيْ عَظَّمه. وَمِنْهُ سُمّى شهرُ رَجَب، لِأَنَّهُ كَانَ يُعظَّم.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «رَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادى وشعبانَ» أضافَ رَجَباً إِلَى مُضَرَ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يُعظِّمُونه خلافَ غَيْرِهِمْ، فكأنَّهم اخْتَصُّوا بِهِ، وَقَوْلُهُ بَيْنَ جُمَادى وشعبانَ تأكيدٌ لِلْبَيَانِ وإيضاحٌ؛ لأنَّهم كَانُوا يُنسِئُونه ويُؤَخِّرونَه مِنْ شَهْرٍ إِلَى شَهْرٍ، فيــتَحَوّل عَنْ مَوْضِعِهِ المُخْتَصِّ بِهِ، فبّيَّن لَهُمْ أَنَّهُ الشَّهرُ الَّذِي بَيْنَ جُمادَى وشعبانَ، لَا مَا كَانُوا يُسَمُّونه عَلَى حِساب النَّسِيء وَفِيهِ «هَلْ تَدْرُون مَا العَتِيرَةُ؟ هِيَ الَّتِي تُسَمُّونها الرَّجَبِيَّةَ» كَانُوا يَذْبَحُون فِي شَهْرِ رَجَبٍ ذَبِيحةً ويَنْسُبُونها إِلَيْهِ.
(س) وَفِيهِ «أَلَا تُنَقُّون رَوَاجِبَكُمْ» هِيَ مَا بَيْنَ عُقَد الْأَصَابِعِ مِنْ دَاخل، واحدُها رَاجِبَةٌ، والبَراجِمُ: العُقدُ المُتَشَنّجةُ فِي ظَاهِرِ الْأَصَابِعِ.

مَذَلَ

(مَذَلَ)
(هـ) فِيهِ «المِذال مِنَ النِّفاق» هُوَ أَنْ يَقْلَق الرَّجُلُ عَنْ فراشِه الَّذِي يُضاجع عَلَيْهِ حَلِيلَتَه، ويَــتَحوّل عَنْهُ ليَفْتَرشَه غَيْرُهُ. يُقَالُ: مَذَل بِسِرِّهِ يَمْذُل، ومَذِل يَمْذَل، إِذَا قَلِق بِهِ. والمَذِلُ والماذِل: الَّذِي تَطِيب نَفْسه عَنِ الشَّيْءِ، يَتْرُكه ويَسْتَرْخي عَنْهُ.

قَلَعَ

(قَلَعَ)
(هـ) فِي صِفَته عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «إِذَا مَشى تَقَلَّعَ» أَرَادَ قُوَّةَ مَشْيه، كَأَنَّهُ يَرْفَع رِجْليه مِنَ الْأَرْضِ رَفْعاً قويَّاً، لَا كَمن يَمشِي اخْتِيالاً ويُقارِب خُطاه؛ فإنَّ ذَلِكَ مِنْ مَشْي النِّساء ويُوصَفْنَ بِهِ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ [ابْنِ ] أَبِي هَالَةَ فِي صفتِه عَلَيْهِ السَّلَامُ «إِذَا زالَ زالَ قَلْعاً» يُرْوَى بِالْفَتْحِ وَالضَّمِّ، فبالفْتح: هُوَ مَصْدر بِمَعْنَى الْفَاعِلِ: أَيْ يَزُول قالِعاً لرِجْله مِنَ الْأَرْضِ، وَهُوَ بِالضَّمِّ إِمَّا مَصْدَرٌ أَوِ اسْم، وَهُوَ بِمَعْنَى الْفَتْحِ.
وَقَالَ الْهَرَوِيُّ: قَرَأْتُ هَذَا الْحَرْفَ فِي كِتَابِ «غَرِيبِ الْحَدِيثِ» لِابْنِ الْأَنْبَارِيِّ «قَلِعاً» بِفَتْحِ الْقَافِ وَكَسْرِ اللَّامِ. وَكَذَلِكَ قَرَأْتُهُ بخَطِّ الْأَزْهَرِيِّ، وَهُوَ كَمَا جَاءَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ «كَأَنَّمَا يَنْحَطُّ مِنْ صَبَب» وَالانْحِدار: مِنَ الصَّبَب والتَّقَلُّع: مِنَ الْأَرْضِ قَرِيب بعضُه مِنْ بَعْضٍ، أَرَادَ أَنَّهُ كَانَ يَسْتعِمل التَّثَبُّت، وَلَا يَبِين مِنْهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ اسْتعجالٌ ومُبادَرة شَدِيدَةٌ .
(هـ) وَفِي حَدِيثِ جَرِيرٍ «قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي رجلٌ قِلْعٌ فادْعُ اللَّهَ لِي» قَالَ الْهَرَوِيُّ:
القِلْع: الَّذِي لَا يَثْبُت عَلَى السَّرْج. قَالَ: وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ «قَلِع» بِفَتْحِ الْقَافِ وَكَسْرِ اللَّامِ بِمَعْنَاهُ.
وسماعِي «القِلْع» .
وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: رجُلٌ قِلْعُ القَدَم ، بِالْكَسْرِ: إِذَا كَانَتْ قَدَمُهُ لَا تَثْبُتُ عِنْدَ الصّرَاع. وفلانٌ قُلَعَة: إِذَا كَانَ يَتَقَلَّع عَنْ سَرْجه. وَفِيهِ «بِئْسَ المالُ القُلْعَةُ» هُوَ العارِيَّة؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ ثَابِتٍ فِي يَدِ المسْتَعير ومُنْقَلِعٌ إِلَى مَالِكِهِ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ «أُحَذِّرُكُمُ الدُّنْيَا فَإِنَّهَا مَنَزلُ قُلْعَة» أَيْ تَحَوُّلٍ وارْتِحال.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ سَعْدٍ «قَالَ لَمَّا نُودي: ليَخْرُجْ مَن فِي الْمَسْجِدِ إِلَّا آلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وآلَ عَلِيٍّ: خَرْجنا مِنَ الْمَسْجِدِ نَجُرُّ قِلاعَنا» أَيْ كُنُفنا وأمْتِعَتَنا، وَاحِدُهَا: قَلْع بِالْفَتْحِ، وَهُوَ الكِنْف يَكُونُ فِيهِ زَادُ الرَّاعِي ومَتاعُه.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ «كَأَنَّهُ قِلْعُ دارِيّ» القِلْع بِالْكَسْرِ: شِراع السَّفينة. والدارِيُّ:
البَحَّار والمَلاَّح.
[هـ] وَمِنْهُ حَدِيثُ مُجَاهِدٍ «فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَهُ الْجَوارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ» [قَالَ] مَا رُفِع قِلْعُه» وَالجوارِي: السُّفُن والمَراكِب.
وَفِيهِ «سُيوفُنا قَلَعيَّة» مَنْسُوبَةٌ إِلَى القَلَعة- بِفَتْحِ الْقَافِ وَاللَّامِ- وَهِيَ مَوْضِعٌ بِالْبَادِيَةِ تُنْسَب السُّيوف إِلَيْهِ.
(هـ) وَفِيهِ «لَا يَدْخُلُ الجنةَ قَلَّاعٌ وَلَا دَيْبُوب» هُوَ السَّاعِي إِلَى السُّلْطَانِ بِالْبَاطِلِ فِي حقِ النَّاسِ، سُمِّي بِهِ لِأَنَّهُ يَقْلَع المُتَمكِّن مِنْ قَلْب الْأَمِيرِ، فيُزِيله عَنْ رُتْبَتِه، كَمَا يُقْلَع النَّباتُ مِنَ الْأَرْضِ وَنَحْوُهُ. والقَلَّاع أَيْضًا: القَوّاد، والكَذَّاب، والنَّبَّاش، والشُّرَطِيُّ.
(هـ) وَمِنَ الْأَوَّلِ حَدِيثُ الْحَجَّاجِ «قَالَ لأنَسٍ: لأقْلَعَنَّك قَلْعَ الصَّمْغة» أَيْ لأسْتَأصلَنَّك كَمَا يَسْتأصلُ الصَّمْغةَ قالِعُها مِنَ الشَّجَرَةِ .
وَفِي حَدِيثِ المَزادَتين «لَقَدْ أَقْلَع عَنْهَا» أَيْ كَفّ وتَرك، وأَقْلَعَ المطَرُ: إِذَا كَفَّ وانْقَطع.
وأَقْلَعَت عَنْهُ الحُمَّى: إِذَا فارَقَتْهُ. 

فَلَتَ

(فَلَتَ)
(هـ) فِيهِ «إِنَّ اللَّهَ يُمْلِي لِلظَّالِمِ فَإِذَا أخَذه لَمْ يُفْلِتْهُ» أَيْ لَمْ يَنْفَلِتْ مِنْهُ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى: لَمْ يُفْلِتْه مِنْهُ أحدٌ: أَيْ لَمْ يُخَلصِّه.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أَنَّ رجُلا شَرِب خَمْراً فسَكِر، فانْطُلِق بِهِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا حاذَى دَارَ الْعَبَّاسِ انْفَلَتَ، فدخَل عَلَيْهِ، فَذُكِر لَهُ ذَلِكَ، فضَحِك وَقَالَ: أفعَلَها؟
وَلَمْ يأمُر فِيهِ بِشَيْءٍ» . وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «فَأَنَا آخِذٌ بحُجَزكم وَأَنْتُمْ تَفَلَّتُون مِنْ يَدِي» أَيْ تَتَفَلَّتُون، فَحَذف إِحْدَى التَّاءَيْنِ تَخْفِيفًا.
(هـ) وَفِيهِ «أَنَّ رجُلا قَالَ لَهُ: إِنَّ أمِّي افْتُلِتَتْ نفسُها» أَيْ مَاتَتْ فَجأة وأُخِذَت نفْسُها فَلْتَة. يُقَالُ: افْتَلَتَهُ إِذَا اسْتَلَبه. وافْتُلِتَ فلانٌ بِكَذَا إِذَا فُوجئ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَسْتِعدّ لَهُ.
ويُرْوَى بنصْب النفْس ورَفْعِها، فَمَعْنَى النَّصْب افْتَلَتَها اللَّهُ نفْسَها. مُعَدّيً إِلَى مَفْعُولَيْنِ، كَمَا تَقُولُ: اخْتَلَسَه الشَّيْءَ واسْتَلَبه إيَّاه، ثُمَّ بُنِي الفِعْل لِمَا لَمْ يُسمّ فَاعِلُهُ، فــتَحَول الْمَفْعُولُ الْأَوَّلُ مُضْمَرا وبَقِيَ الثَّانِي مَنْصُوبًا، وَتَكُونُ التَّاءُ الْأَخِيرَةُ ضَمِيرَ الْأُمِّ. أَيِ افْتُلِتَتْ هِيَ نفْسَها.
وَأَمَّا الرَّفْع فَيَكُونُ مُتَعّديا إِلَى مَفْعُولٍ وَاحِدٍ، أَقَامَهُ مُقام الْفَاعِلِ، وَتَكُونُ التَّاءُ للنفْس: أَيْ أُخِذَت نَفْسُها فَلْتَة.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «تَدارَسُوا الْقُرْآنَ فَلهُو أشدُّ تَفَلُّتاً مِنَ الْإِبِلِ مِنْ عُقُلها» التَّفَلُّت والإِفْلَات والانْفِلَات: التَّخَلُّص مِنَ الشَّيْءِ فَجأة مِنْ غَيْرِ تَمُّكث.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «إِنَّ عِفْرِيتاً مِنَ الْجِنِّ تَفَلَّتَ عليَّ البارِحَةَ» أَيْ تعرَّضَ لِي فِي صلاتِي فَجأة.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ «إِنَّ بَيْعةَ أَبِي بَكْرٍ كَانَتْ فَلْتَة وقَى اللهُ شَرَّها» أَرَادَ بالفَلْتَة الفَجْأة.
ومِثْلُ هَذِهِ البَيْعة جَدِيرة بِأَنْ تَكُونَ مُهَيِّجة للشَّر والفِتْنَة فَعَصَمَ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ وَوَقَى. والفَلْتَة:
كلُّ شيءٍ فُعل مِنْ غَيْرِ رَوِيَّة، وَإِنَّمَا بُودِرَ بِهَا خَوْف انْتشار الأمْر.
وَقِيلَ: أَرَادَ بالفَلْتَة الخَلسة. أَيْ إِنَّ الْإِمَامَةَ يَوْمَ السَّقيفة مالَت إِلَى تَوَلِّيها الأنفُس، وَلِذَلِكَ كَثر فِيهَا التَّشاجُر، فَمَا قُلِّدَها أَبُو بَكْرٍ إِلَّا انْتزاعاً مِنَ الأيْدِي واخْتلاسا.
وَقِيلَ: الفَلْتَة آخَرُ لَيْلَةٍ مِنَ الأشْهُر الحرُم، فيَخْتلفون فِيهَا أمِن الْحِلِّ هِيَ أَمْ مِنَ الحرُم، فيُسارع الموْتُوُر إِلَى دَرْك الثَّأر، فيكْثر الْفَسَادُ وتُسْفَك الدِّماء، فَشَبَّهَ أيَّام النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ والسلام بالأشْهر الحُرُم، ويَوْم مَوْته بالفَلْتَة مِنْ وُقوع الشَّر مِنَ ارْتِدادِ العَرب، وتَخَلُّف الْأَنْصَارِ عَنِ الطَّاعَةِ، ومَنْع مَن مَنَع الزَّكَاةَ، والجَرْي عَلَى عَادَةِ العَرب فِي ألَّا يَسُود القَبيلَة إِلَّا رجلٌ مِنْهَا.
[هـ] وَفِي صِفَةِ مَجْلِسِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَا تُنْثى فَلَتَاتُه» الفَلَتَات: الزَّلاّت، جَمْعُ فَلْتَة. أَيْ لَمْ يَكُنْ فِي مَجْلسه زَلاّتٌ فتُحْفَظَ وتُحْكَى.
[هـ] وَفِيهِ «وَهُوَ فِي بُرْدَةٍ لَهُ فَلْتَة» أَيْ ضّيِّقة صَغِيرَةٍ لَا يَنْضَمّ طَرَفاها، فَهِيَ تَفَّلُت مِنْ يَدِه إِذَا اشْتَمل بِهَا، فسَمَّاها بالمرَّة مِنَ الانْفِلَات. يُقَالُ: بُردة فَلْتَة وفَلُوت.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ «وَعَلَيْهِ بُرْدَةٌ فَلُوت» وَقِيلَ: الفَلُوت الَّتِي لَا تَثْبتُ عَلَى صَاحِبِهَا، لخشُونَتها أَوْ لِينِهَا.

فَرْقَعَ

(فَرْقَعَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ مُجَاهِدٍ «كَرِه أَنْ يُفَرْقِعَ الرجُل أصابِعه فِي الصَّلَاةِ» فَرْقَعَةُ الْأَصَابِعِ: غَمْزُها حَتَّى يُسْمَع لمَفاصِلها صَوْت.
(س) وَفِيهِ «فافْرَنْقَعُوا عَنْهُ» أَيْ تَحَوَّلــوا وتَفَرّقوا. وَالنُّونُ زَائِدَةٌ.
فَرْقَعَ: عَدَا شَديداً،
وـ فلاناً: لَوَى عُنُقَه،
وـ الأَصابعَ: نَقَّضَها فَتَفَرْقَعَتْ، وافْرَنْقَعَتْ.
والفِرْقاعُ، بالكسر: الضَّرَطُ.
والفُرْقُعَةُ، كقُنْفُذَةٍ: الاسْت.
والافْرِنْقاعُ: الفَرْقَعَةُ،
وـ عن الشيءِ: الانْكِشافُ عنه، والتَّنَحِّي.

غَبَطَ

غَبَطَ الكَبْشَ يَغْبِطُهُ: جَسَّ ألْيَتَه لِيَنْظُرَ أبه طِرْقٌ أم لا، وظَهْرَهُ لِيَعْرِفَ هُزَالَهُ من سِمَنِه.
وناقةٌ غَبُوطٌ: لا يُعْرَفُ طِرْقُها حتى تُغْبَطَ.
والغُبْطَةُ، بالضم: سَيْرٌ في المَزَادَةِ يُجْعَلُ على أطْرافِ الأَديمَيْنِ، ثم يُخْرَزُ شَديداً، وبالكسر: حُسْنُ الحالِ، والمَسَرَّةُ، وقد اغْتَبَطَ، والحَسَدُ،
كالغَبْطِ، وقد غَبَطَهُ، كضَرَبه وسمِعَه، وتَمَنَّى نِعْمَةً على أن لا تَــتَحَوَّلَ عن صاحِبِها،
فهو غابِطٌ، من غُبُطٍ، ككُتُبٍ. وفي الحديثِ: "اللهم غَبْطاً لاهَبْطاً" أي: نَسألُكَ الغِبْطَةَ، أو مَنْزِلَةً نُغْبَطُ عليها.
وأغُبَطَ الرَّحْلَ على الدابَّةِ: أدَامَهُ،
وـ السماءُ: دَامَ مَطَرُها،
وـ عليه الحُمَّى: دامَتْ،
وـ النَّبَاتُ: غَطَّى الأرضَ، وكَثُفَ، وتَدَانَى كأَنه من حَبَّةٍ واحِدَةٍ.
وأرضٌ مُغْبَطَةٌ، بالفتح.
وفي الحديثِ: "أنه، صلى الله عليه وسلم، جاءَ وهُمْ يُصَلُّونَ، فَجَعَلَ يُغَبِّطُهُم"، هكذا رُوِيَ مُشَدَّداً، أي: يَحْمِلُهُم على الغَبْطِ، ويَجْعَلُ هذا الفِعْلَ عندهم مما يُغْبَطُ عليه. وإن رُوِيَ بالتَّخْفِيف، فيكونُ قد غَبَطَهُم لِسَبْقِهِم إلى الصلاةِ.
والغَبْطُ، ويكْسَر: القبضاتُ المَحْصودَةُ المَصْرُومَةُ من الزَّرْع
ج: غُبُوطٌ. وكأَميرٍ: المَرْكَبُ الذي هو مِثلُ أُكُفِ البَخَاتِيِّ، أو رحْلٌ قَتَبُه وأحْناؤُهُ واحِدَةٌ
ج: ككُتُبٍ، ومَسِيلٌ من الماءِ يَشُقُّ في القُفِّ، والأرضُ المُطْمَئِنَّةُ، أو الواسِعَةُ المُسْتَوِيَةُ يَرْتَفِعُ طَرَفَاها، وأرضٌ لبني يَرْبوعٍ.
وغَبِيطُ المَدَرَةِ: ع، وله يومٌ.
والغَبِيطَانِ: ع، وله يومٌ، أو كِلاَهُما واحِدٌ.
وسَماءٌ غَبَطَى، كجَمَزَى: دائِمَةُ المَطَرِ.
والاغْتِباطُ: التَّبَجُّحُ بالحال الحَسَنَةِ.
(غَبَطَ)
(هـ) فِيهِ «أَنَّهُ سُئل: هَلْ يَضُرُّ الغَبْط؟ قَالَ: لَا، إلاَّ كَمَا يَضُرُّ العِضَاهَ الخَبْطُ» الغَبْط: حَسَدٌ خاصُ. يُقَالُ: غَبَطْتُ الرجُل أَغْبِطُه غَبْطاً، إِذَا اشْتَهَيَتْ أَنْ يَكُونَ لَكَ مِثْلُ مَا لَهُ، وَأَنْ يَدُوم عَلَيْهِ مَا هُوَ فِيهِ. وحَسَدْتُه أحْسُدُه حَسَداً، إِذَا اشْتَهَيْتَ أَنْ يَكُونَ لَكَ مَا لَهُ، وأنْ يَزُول عَنْهُ مَا هُوَ فِيهِ. فَأَرَادَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أنَّ الغَبْطَ لَا يَضُرُّ ضَرَرَ الحَسَد، وَأَنَّ مَا يَلْحَق الغَابِط مِنَ الضَّرر الرَّاجِعِ إِلَى نُقصان الثَّواب دُونَ الإحْباط بِقَدْرِ مَا يَلْحَقُ العِضَاهَ مِنْ خَبْط وَرَقها الَّذِي هُوَ دُونَ قَطْعها واسْتِئصالها، وَلِأَنَّهُ يَعودُ بَعْدَ الخْبط، وَهُوَ وَإِنْ كَانَ فِيهِ طَرَف مِنَ الحَسَد، فَهُوَ دُونَهُ فِي الإثْم.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «عَلَى مَنابِرَ مِنْ نُورٍ يَغْبِطُهم أهلُ الجَمْع» .
وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ «يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يُغْبَطُ الرَّجُلُ بالوَحْدة كَمَا يُغْبَطُ الْيَوْمَ أَبُو العَشَرة» يَعْنِي أنَّ الْأَئِمَّةَ فِي صَدْر الْإِسْلَامِ يَرْزُقون عِيَال الْمُسْلِمِينَ وذَرارِيَّهُم مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، فَكَانَ أَبُو العَشَرة مَغْبُوطاً بكَثْرة مَا يَصِل إِلَيْهِ مِنْ أرْزاقِهم، ثُمَّ يَجِيء بَعْدَهُمْ أَئِمَّةٌ يَقْطَعون ذَلِكَ عَنْهُمْ، فيُغْبَطُ الرَّجُلُ بالوَحْدة، لخِفَّة المؤُنة، ويُرْثَى لِصَاحِبِ العِيَال.
وَمِنْهُ حَدِيثُ الصَّلَاةِ «أَنَّهُ جَاءَ وَهُمْ يُصَلُّون فِي جَمَاعَةٍ، فجَعل يُغَبِّطُهُم» هَكَذَا رُوي بِالتَّشْدِيدِ:
أَيْ يَحْمِلُهم عَلَى الغَبْط، ويَجْعل هَذَا الفِعل عِنْدَهُمْ مِمَّا يُغْبَطُ عَلَيْهِ، وإنْ رُوِي بِالتَّخْفِيفِ فَيَكُونُ قَدْ غَبَطَهُم لتَقَدُّمِهم وسَبْقِهم إِلَى الصَّلَاةِ.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «اللَّهُمَّ غَبْطاً لَا هَبْطاً» أَيْ أوْلِنَا مَنْزلةً نُغْبَطُ عَلَيْهَا، وجَنِّبنا مَنازل الهُبُوط والضَّعَة.
وَقِيلَ: مَعْنَاهُ نَسْأَلُكَ الغِبْطَة، وَهِيَ النِّعْمة والسُّرور، وَنَعوذُ بِكَ مِنَ الذُّل والخُضُوع.
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ ذِي يَزَن «كأنَّها غُبُطٌ فِي زَمْخَر» الغُبُط: جَمْعُ غَبِيط، وَهُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي يُوَطَّأ لِلْمَرْأَةِ عَلَى البَعِير، كالهَوْدَج يُعْمَلُ مِنْ خَشَبٍ وَغَيْرِهِ، وَأَرَادَ بِهِ هَاهُنَا أحَدَ أخْشابه، شبَّه بِهِ القَوْس في انْحِنائها. [هـ] وَفِي حَدِيثِ مَرَضِهِ الَّذِي قُبِض فِيهِ «أَنَّهُ أَغْبَطَتْ عَلَيْهِ الحُمَّى» أَيْ لَزِمَتْه وَلَمْ تُفارِقْه، وَهُوَ مِنْ وَضْع الغَبِيط عَلَى الجَمل. وَقَدْ أَغْبَطْتُه عَلَيْهِ إِغْبَاطاً.
(س) وَفِي حَدِيثِ أَبِي وَائِلٍ «فغَبَطَ مِنْهَا شَاةً فَإِذَا هِيَ لَا تُنْقِي» أَيْ جَسَّها بِيده.
يُقَالُ: غَبَطَ الشَّاةَ إِذَا لَمَسَ مِنْهَا الموْضِع الَّذِي يُعْرَف بِهِ سِمنُها مِنْ هُزَالِها. وَبَعْضُهُمْ يَرْويه بالعَين الْمُهْمَلَةِ، فَإِنْ كَانَ مَحْفُوظًا فإنَّه أرْاد بِهِ الْذَّبْح. يُقَالُ: اعْتَبَط الْإِبِلَ والغَنَم إِذَا نَحَرها لِغَيْرِ دَاءٍ.

رَقَى

رَقَى
الجذر: ر ق ي

مثال: رَقَى إلى الدرجات العلا
الرأي: مرفوضة
السبب: للخطأ في ضبط عين الفعل.
المعنى: صعد

الصواب والرتبة: -رَقِيَ إلى الدرجات العلا [فصيحة]-رَقَى إلى الدرجات العلا [صحيحة]
التعليق: المشهور في ضبط عين الفعل «رَقِيَ» الكسر، ويمكن تصحيح الضبط المرفوض (فتح العين) بناءً على لهجة طيّئ التي يــتحول فيها «فَعِل» الناقص إلى «فَعَل»، وفي المصباح: «وطيئ تبدل الكسرة فتحة فتنقلب الياء ألفًا، فيصير» بَقَا «، وكذلك كلّ فعل ثلاثيّ سواء كانت الكسرة والياء أصليتين، نحو: بَقِيَ ونَسِيَ وفَنِيَ، أو كان ذلك عارضًا .. ».
(رَقَى)
فِيهِ «مَا كُنَّا نَأْبِنُه بِرُقْيَةٍ» قَدْ تَكَرَّرَ ذكْر الرُّقْيَةِ والرُّقَى والرَّقْيُ والِاسْتِرْقَاءُ فِي الْحَدِيثِ. والرُّقْيَةُ: العُوذة الَّتِي يُرْقَى بِهَا صَاحِبُ الْآفَةِ كالحُمَّى والصَّرع وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآفَاتِ.
وَقَدْ جَاءَ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ جَوازُها، وَفِي بعضها النَّهْي عنها: (س) فمِنَ الجَواز قَوْلُهُ «اسْتَرْقُوا لَها فَإِنَّ بِهَا النَّظْرة» أَيِ اطْلُبوا لَهَا مَن يَرْقيها.
(س) وَمِنَ النَّهْي قَوْلُهُ «لَا يَسْتَرْقُونَ وَلَا يكْتَوُون» وَالْأَحَادِيثُ فِي القِسْمين كَثِيرَةٌ، ووَجْه الجَمْع بَيْنَهُمَا أَنَّ الرُّقَي يُكْرَه مِنْهَا مَا كَانَ بِغَيْرِ اللِّسان العَرَبِيّ، وَبِغَيْرِ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وصِفاته وكلامِه فِي كُتُبه المُنَزَّلة، وَأَنْ يَعتَقد أَنَّ الرُّقْيَا نافِعَة لَا مَحالة فَيَّتِكل عَلَيْهَا، وَإِيَّاهَا أَرَادَ بِقَوْلِهِ «مَا تَوَكَّلَ مَنِ اسْتَرْقَى» وَلَا يُكْره مِنْهَا مَا كَانَ فِي خِلَافِ ذَلِكَ؛ كالتَّعَوّذ بالقُرآن وَأَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى، والرُّقَى المَرْوِيَّة، وَلِذَلِكَ قَالَ لِلَّذِي رَقَى بِالْقُرْآنِ وأخَذَ عَلَيْهِ أجْراً: «مَنْ أخَذ بِرُقْيَة بَاطِلٍ فَقَدْ أخَذْتَ بِرُقْية حَقّ» .
(س) وَكَقَوْلِهِ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ «أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَالَ: اعْرِضُوها عليَّ، فعرَضْنَاها فَقَالَ: لَا بَأْسَ بِهَا، إنَّما هِيَ مَواثِيقُ» كَأَنَّهُ خَافَ أَنْ يَقَع فِيهَا شَيْءٌ مِمَّا كَانُوا يَتلَّفظون بِهِ ويعتَقِدونه مِنَ الشِّرْك فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَمَا كَانَ بِغَيْرِ اللِّسَانِ العَرَبيّ، ممَّا لَا يُعْرف لَهُ تَرْجَمة وَلَا يُمْكن الوُقوف عَلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ اسْتِعْمالُه.
(س) وَأَمَّا قَوْلُهُ «لَا رُقْيَة إلَّا مِن عَيْنٍ أَوْ حٌمَة» فَمَعْنَاهُ لَا رُقْيَة أوْلَى وأنفَع. وَهَذَا كَمَا قِيلَ: لَا فَتي إلَّا عَلِيّ. وَقَدْ أمَر عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ غَيْرَ وَاحِد مِنْ أَصْحَابِهِ بالرُّقْية. وسَمع بِجَمَاعَةٍ يَرْقُونَ فَلَمْ يُنْكِر عَلَيْهِمْ.
(س) وَأَمَّا الْحَدِيثُ الْآخَرُ فِي صِفة أَهْلِ الْجَنَّةِ الَّذِينَ يَدْخُلُونَهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ «هُمُ الَّذِينَ لَا يَسْتَرْقُونَ وَلَا يكْتَوُون، وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ*» فَهَذَا مِنْ صِفَة الْأَوْلِيَاءِ المُعْرِضين عَنْ أَسْبَابِ الدُّنيا الَّذِينَ لَا يَلتَفِتون إِلَى شَيْءٍ مِنْ عَلائِقها. وَتِلْكَ دَرَجة الخَواصِّ لَا يَبْلُغها غيرُهم، فَأَمَّا العَوامُّ فَمُرخَّص لَهُمْ فِي التَّداوِي وَالْمُعَالَجَاتِ، وَمَنْ صَبَر عَلَى البَلاء وانْتظَر الْفَرَجَ مِنَ اللَّهِ بِالدُّعَاءِ كَانَ مِنْ جُمْلة الخوَاصّ وَالْأَوْلِيَاءِ، ومَن لَمْ يَصْبِرْ رُخِّص لَهُ فِي الرُّقْية والعِلاج والدَّواء، ألَا تَرى أَنَّ الصِّدِّيق لمَّأ تَصدق بِجَمِيعِ مَالِهِ لَمْ يُنْكِر عَلَيْهِ، عِلْماً مِنْهُ بِيَقينه وصَبْره، وَلمَّا أَتَاهُ الرجُل بمثْل بَيْضَة الحَمام مِنَ الذَّهب وَقَالَ: لَا أمْلِك غَيْرَهُ ضَرَبَه بِهِ، بحيْثُ لَوْ أصابَه عَقَره، وَقَالَ فِيهِ مَا قَالَ.
(س) وَفِي حَدِيثِ اسْتِرَاق السَّمع «وَلَكِنَّهُمْ يُرَقُّونَ فِيهِ» أَيْ يَتَزيَّدُون. يُقَالُ: رَقَّى فُلان عَلَى الْبَاطِلِ إِذَا تقَوّل مَا لَمْ يكُن وزَادَ فِيهِ، وَهُوَ مِنَ الرُّقِيِّ: الصُّعود والارْتِفاع. يُقَالُ رَقِيَ يَرْقَى رُقِيّاً، ورَقَّى، شُدِّد للتَّعدِية إِلَى الْمَفْعُولِ. وَحَقِيقَةُ المعْنَى أَنَّهُمْ يَرْتَفِعون إِلَى الْبَاطِلِ ويَدَّعُون فَوْقَ مَا يسْمَعونه.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «كنْت رَقَّاءً عَلَى الْجِبَالِ» أَيْ صَعَّاداً عَلَيْهَا. وفعَّال لِلْمُبَالَغَةِ.
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.