Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: بوز

أَخَرَ

(أَخَرَ)
فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى الآخِر والمُؤَخِّر. فالآخِرُ هُوَ الْبَاقِي بَعْدَ فَنَاءِ خَلْقِهِ كُلِّهِ ناطِقه وصامِتِه.
والمُؤَخِّرُ هُوَ الَّذِي يؤَخَّر الْأَشْيَاءَ فَيَضَعُها فِي مَوَاضعها، وَهُوَ ضِدُّ المقدِّم.
وَفِيهِ «كانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ بِأَخَرَةٍ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَقوم مِنَ الْمَجْلِسِ كَذَا وَكَذَا» أَيْ فِي آخِرِ جُلُوسِهِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي آخِرِ عُمْرِهِ. وَهِيَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالْخَاءِ.
(هـ) - وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي بَرْزَة «لَمَّا كَانَ بِأَخَرَةٍ» .
(س) وَفِي حَدِيثِ مَاعِزٍ «إِنَّ الأَخِرَ قَدْ زَنَى» الأَخِرُ- بوزْــن الكَبِد-: هُوَ الأبْعَدُ الْمُتَأَخِّرُ عَنِ الْخَيْرِ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «الْمَسْأَلَةُ أَخِرُ كَسْبِ المرْءِ» أَيْ أرْذَلُه وَأَدْنَاهُ. وَيُرْوَى بِالْمَدِّ، أَيْ إِنَّ السُّؤال آخِرُ مَا يكْتَسِبُ بِهِ المرءُ عِنْدَ العَجْزِ عَنِ الكسْبِ. وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ.
(س) وَفِيهِ «إِذَا وَضَعَ أحدُكم بَيْنَ يَدَيه مِثْلَ آخِرَةِ الرَّحل فَلَا يُبَالِي مَنْ مرَّ وراءَهُ» هِيَ بِالْمَدِّ الْخَشَبَةُ الَّتِي يَسْتَنِدُ إِلَيْهَا الرَّاكبُ مِنْ كُورِ الْبَعِيرِ.
(س) وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ «مِثْلَ مُؤَخِرته، وهي بالهمزة وَالسُّكُونِ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ فِي آخِرَتِه، وَقَدْ منعَ مِنْهَا بَعْضُهُمْ، وَلَا يُشَدّد.
(س) وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: أَخِّرْ عَنِّي يَا عُمرُ» أَيْ تَأَخَّرْ. يُقَالُ أَخِّرْ وتَأَخَّرْ وقدَّم وتقدَّم بِمَعْنًى، كَقَوْلِهِ تَعَالَى «لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ» أَيْ لَا تَتَقَدَّمُوا. وَقِيلَ مَعْنَاهُ أخِّر عَنِّي رَأْيَكَ، فاخْتصر إِيجَازًا وَبَلَاغَةً.

تَيَسَ

(تَيَسَ)
[هـ] فِي حَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «أَنَّهُ ذَكَرَ الغُول فَقَالَ قُلْ لَهَا: تِيسِي جَعَارِ» تِيسِي: كَلِمَةٌ تُقَالُ فِي مَعْنَى إِبْطَالِ الشَّيْءِ والتَّكْذيب بِهِ. وجعَارِ- بِوَزْــنِ قطَام- مَأْخُوذٌ مِنَ الجَعْر وَهُوَ الحدَث، مَعْدُولٌ عَنْ جاعِرة، وَهُوَ مِنْ أَسْمَاءِ الضَّبُع، فَكَأَنَّهُ قَالَ لَهَا: كَذَبْتِ يَا خَارِية.
وَالْعَامَّةُ تُغَيّر هَذِهِ اللَّفْظَةَ، تَقُولُ: طِيزي بِالطَّاءِ وَالزَّايِ.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «وَاللَّهِ لَأُتِيسَنَّهُمْ عَنْ ذَلِكَ» أَيْ لأبْطِلَنَّ قَوْلَهُمْ ولأردّنَّهم عَنْ ذَلِكَ.

بَرَحَ

(بَرَحَ)
(هـ) فِيهِ «أَنَّهُ نَهَى عَنِ التَّوْلِيه والتَّبْرِيح» جَاءَ فِي مَتْنِ الْحَدِيثِ أَنَّهُ قَتْلُ السُّوء لِلْحَيَوَانِ، مِثْلَ أَنْ يُلْقي السمكَ عَلَى النَّارِ حَيًّا. وَأَصْلُ التَّبْرِيح المشقَّة وَالشِّدَّةُ، يُقَالُ بَرَّحَ بِهِ إِذَا شقَّ عَلَيْهِ.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «ضرْباً غيرَ مُبَرِّح» أَيْ غَيْرَ شاقٍ.
وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ «لَقِينا مِنْهُ البَرْح» أَيِ الشِّدَّةَ.
(س) وَحَدِيثُ أَهْلِ النَّهْرَوَانِ «لَقُوا بَرْحاً» .
(س) وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ «بَرَّحَتْ بِيَ الحُمَّى» أَيْ أَصَابَنِي مِنْهَا البُرَحَاء، وَهُوَ شِدّتها.
(س) وَحَدِيثُ الْإِفْكِ «فَأَخَذَهُ البُرَحَاء» أَيْ شِدَّةُ الكَرْب مِنْ ثِقَل الوَحْي.
وَحَدِيثُ قَتْلِ أَبِي رَافِعٍ اليهودي «بَرَّحَتْ بنا امرأته بالصّياح» .
(14- النهاية- 1) وَفِيهِ «جَاءَ بالكُفر بَرَاحاً» أَيْ جِهاراً، مِنْ بَرِحَ الْخَفاءُ إِذَا ظَهَرَ، ويُروَى بالواوِ، وَسَيَجِيءُ.
(س) وَفِيهِ «حِينَ دَلَكَتْ بَرَاحِ» بَراحِ بِوَزْــنِ قَطامِ مِنْ أَسْمَاءِ الشَّمْسِ. قَالَ الشَّاعِرُ:
هذَا مَقَامُ قَدَمَيْ رَبَاحِ ... غُدْوَة حَتَّى دَلَكَتْ بَرَاحِ
دُلُوك الشَّمْسِ: غُروبها وزوالُها. وَقِيلَ إِنَّ الْبَاءَ فِي بَرَاحِ مَكْسُورَةٌ، وَهِيَ بَاءُ الْجَرِّ. والراحُ جَمْعُ رَاحَة وَهِيَ الكَفُّ. يَعْنِي أَنَّ الشَّمْسَ قَدْ غَرَبَت أَوْ زَالَتْ، فَهُمْ يَضَعون راحاتِهم عَلَى عُيونهم يَنْظُرُونَ هَلْ غَرَبَت أَوْ زَالَتْ. وهَذانِ الْقَوْلَانِ ذَكَرَهُمَا أَبُو عُبَيْدٍ وَالْأَزْهَرِيُّ وَالْهَرَوِيُّ وَالزَّمَخْشَرِيُّ وَغَيْرُهُمْ مِنْ مفسِّري اللُّغَةِ والغَرِيب. وَقَدْ أَخَذَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ الْقَوْلَ الثَّانِيَ عَلَى الْهَرَوِيِّ، فَظَنَّ أَنَّهُ قَدِ انْفَرد بِهِ وَخَطَّأَهُ فِي ذَلِكَ، وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ غَيْرَهُ مِنَ الْأَئِمَّةِ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ ذَهَبَ إِلَيْهِ.
(س) وَفِي حَدِيثِ أَبِي طَلْحَةَ «أحَبُّ أمْوالِي إليَّ بَيْرَحَى» هَذِهِ اللَّفْظَةُ كَثِيرًا مَا تَخْتَلِفُ أَلْفَاظُ المحدِّثين فِيهَا، فَيَقُولُونَ بَيرَحَاء بِفَتْحِ الْبَاءِ وَكَسْرِهَا، وَبِفَتْحِ الرَّاءِ وَضَمِّهَا وَالْمَدِّ فِيهِمَا، وبفَتْحِهما والقصْر، وَهِيَ اسْمُ مالٍ ومَوْضع بِالْمَدِينَةِ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي الْفَائِقِ: إِنَّهَا فَيْعَلَى مِنَ البَراح، وَهِيَ الْأَرْضُ الظَّاهِرَةُ.
وَفِي الْحَدِيثِ «بَرِحَ ظَبْيٌ» هُوَ مِنَ البارِح ضِدّ السَّانح، فالسَّانح مَا مَرّ مِنَ الطَّير وَالْوَحْشِ بَيْنَ يَدَيْكَ مِنْ جهَة يَسارك إِلَى يَمِينِكَ، والعرَب تَتَيمَّن بِهِ لِأَنَّهُ أمكنُ للرَّمْي وَالصَّيْدِ. والبَارِح مَا مَرَّ مِنْ يَمينك إِلَى يَسارك، والعَرب تَتَطيَّر بِهِ لِأَنَّهُ لَا يُمكنك أَنْ تَرميَه حَتَّى تَنْحرِف.

تَكَأَ

(تَكَأَ)
(س) فِيهِ «لَا آكُلُ مُتَّكِئاً» المُتَّكئ فِي الْعَرَبِيَّةِ كُلُّ مَنِ اسْتوى قَاعِدًا عَلَى وطاء متمكنا، والعامة لا تعرف المتكىء إلاَّ مَن مَالَ فِي قُعُودِهِ معتمِدًا عَلَى أَحَدِ شِقَّيه، وَالتَّاءُ فِيهِ بَدَلٌ مِنَ الْوَاوِ، وَأَصْلُهُ مِنَ الوِكاء وَهُوَ مَا يُشَد بِهِ الْكِيسُ وَغَيْرُهُ، كَأَنَّهُ أَوْكَأَ مَقْعَدَته وَشَدَّهَا بِالْقُعُودِ عَلَى الوِطَاء الَّذِي تَحْتَهُ. وَمَعْنَى الْحَدِيثِ: إِنِّي إِذَا أَكَلْتُ لَمْ أَقْعُدْ مُتَمكّنا فعلَ مَنْ يُرِيدُ الِاسْتِكْثَارَ مِنْهُ، وَلَكِنْ آكُلُ بُلْغَة، فَيَكُونُ قُعُودِي لَهُ مُسْتَوْفِزاً. وَمَنْ حَمَلَ الِاتِّكَاءَ عَلَى المّيْل إِلَى أَحَدِ الشِّقَّين تَأَوَّلَهُ عَلَى مَذْهَبِ الطِّبِّ، فَإِنَّهُ لَا يَنْحَدر فِي مجارِي الطَّعَامِ سَهْلا، وَلَا يُسِيغُه هَنِيئًا، وربَّما تأذَّى بِهِ.
(س) ومنه الحديث الآخر «هذا الأبيض المتّكىء الْمُرْتَفِقُ» يُرِيدُ الْجَالِسَ المتمكنَ فِي جُلُوسِهِ.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «التُّكَأة مِنَ النّعْمة» التُّكَأة- بِوَزْــنِ الهُمَزَة- مَا يُتكأ عَلَيْهِ. وَرَجُلٌ تُكَأة كَثِيرُ الِاتِّكَاءِ. وَالتَّاءُ بَدَلٌ مِنَ الْوَاوِ، وَبَابُهَا حَرْفُ الْوَاوِ.

تَخِذَ

تَخِذَ يَتْخَذُ، كعَلِمَ يَعْلَمُ: بمعنَى أخَذَ، وقُرئَ:
{لَتَخِذْتَ} و {لاتَّخَذْتَ} ، وهو افْتَعَلَ مِنْ تَخِذَ، فأُدْغِمَ إحْدى التاءَيْنِ في الأُخْرى.
ابنُ الأَثيرِ: وليسَ من الأَخْذِ في شيءٍ، فإن الافْتِعالَ من الأَخْذِ: ائْتَخَذَ: لأَنَّ فاءَهُ هَمْزَةٌ، والهمزةُ لا تُدْغَمُ في التاءِ، خلافاً لقولِ الجوهريِّ:
الاتِّخاذُ: افْتِعالٌ من الأَخْذِ، إلا أنه أُدْغِمَ بَعْدَ تَلْيينِ الهمزةِ، وإِبدالِ الياءِ تاءً، ثم لمَّا كثُرَ اسْتِعمالُهُ بلفظِ الافْتِعالِ تَوَهَّمُوا أصالَةَ التاءِ، فَبَنَوْا منه فَعِلَ يَفْعَلُ، وأهلُ العَرَبيَّةِ على خِلافِهِ.
(تَخِذَ)
- فِي حَدِيثِ مُوسَى وَالْخَضِرِ عليهما السلام «قالَ لَوْ شِئْتَ لَتَخِذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً» يُقَالُ: تَخِذَ يَتْخَذُ، بوزْــن سَمِع يَسْمَع، مِثْلُ أخذ يأخذ. وقرئ اتخذت ولَاتَّخَذْتَ. وَهُوَ افْتعلَ مِنْ تَخِذَ فأدْغم إحْدى التاءَيْن فِي الْأُخْرَى، وَلَيْسَ مِنْ أخَذ فِي شَيْءٍ، فَإِنَّ الِافْتِعَالَ مِنْ أخَذ ائْتَخَذَ؛ لِأَنَّ فاءهَا هَمْزَةٌ وَالْهَمْزَةُ لَا تُدْغَم فِي التَّاءِ. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الِاتِّخَاذُ، افْتِعَالٌ مِنَ الأخْذ، إِلَّا أَنَّهُ أدْغم بَعْدَ تَلْيين [الْهَمْزَةِ ] وَإِبْدَالِ التَّاءِ، ثُمَّ لَمَّا كَثُرَ اسْتِعْمَالُهُ بلفْظ الِافْتِعَالِ تَوَهَّمُوا أن التاء أصلية فبَنَوا منه فَعِل يَفْعَل، قَالُوا تَخِذ يَتْخَذُ، وَأَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ عَلَى خِلَافِ مَا قَالَ الْجَوْهَرِيُّ.

تَبِعَ

(تَبِعَ)
(س) فِي حَدِيثِ الزَّكَاةِ «فِي كُلِّ ثَلَاثِينَ تَبِيع» التَّبِيع وَلد البَقرة أوَّلَ سَنَةٍ.
وبقَرَة مُتْبِع: مَعَهَا ولدُها.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «إِنَّ فُلَانًا اشْتَرَى مَعْدِنا بِمِائَةِ شَاةٍ مُتْبِع» أَيْ يَتْبَعُها أولادُها.
وَمِنْهُ حَدِيثُ الْحُدَيْبِيَةِ «وَكُنْتُ تَبِيعاً لِطَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ» أَيْ خَادِمًا. والتَّبِيع الَّذِي يَتْبعك بِحَقّ يُطالِبك بِهِ.
(هـ س) . وَمِنْهُ حَدِيثُ الحَوالة «إِذَا أُتْبِعَ أحدُكم عَلَى مَلِيءٍ فَلْيُتْبِعْ» أَيْ إِذَا أحِيل عَلَى قَادِرٍ فليَحْتل. قَالَ الْخَطَّابِيُّ: أَصْحَابُ الْحَدِيثِ يَرْوُونَهُ اتُّبع بتَشديد التَّاء، وَصَوَابُهُ بسكُون التَّاء بِوَزْــنِ أُكْرِم، وَلَيْسَ هَذَا أَمْرًا عَلَى الْوُجُوبِ، وَإِنَّمَا هُوَ عَلَى الرِّفْق وَالْأَدَبِ وَالْإِبَاحَةِ.
[هـ] وَحَدِيثُ قَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ «قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْمَالُ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ تَبِعَة منْ طالِب وَلَا ضَيْف؟ قَالَ: نِعْم الْمَالُ أَرْبَعُونَ، وَالْكَثِيرُ سِتُّون» : يُريد بالتَّبِعَة مَا يَتْبَع المالَ مِنْ نَوَائِب الْحُقُوقِ. وَهُوَ مِنْ تَبِعْتُ الرجُل بِحَقّي.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ الأشعَري «اتَّبِعُوا الْقُرْآنَ وَلَا يَتَّبِعَنَّكُمْ» أَيِ اجْعَلُوهُ أَمَامَكُمْ ثُمَّ اتْلُوه، وَأَرَادَ: لَا تَدَعُوا تِلاَوته والْعَمَل بِهِ فَتَكُونُوا قَدْ جَعَلْتُمُوهُ ورَاءَكُم. وَقِيلَ مَعْنَاهُ لَا يَطْلُبَنَّكم لتَضْييعكم إِيَّاهُ كَمَا يَطْلب الرجُل صاحِبَه بالتَّبِعًة.
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ «بَيْنَا أَنَا أقْرأ آيَةً فِي سِكَّة مِنْ سِكَك الْمَدِينَةِ، إِذْ سَمِعْتُ صوتاً من خَلْفي: أَتْبِعْ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، فالتَفتُّ فَإِذَا عُمر، فَقُلْتُ أتْبِعُك عَلَى أبَيّ بْنِ كَعْبٍ» أَيْ أسْنِدْ قِراءتَك مِمَّنْ أخذْتها، وأحِلْ عَلَى مَنْ سَمِعتها مِنْهُ.
وَفِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ «تَابِعْ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ عَلَى الْخَيْرَاتِ» أَيِ اجْعَلنا نَتَّبِعُهم عَلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي وَاقِد «تَابَعْنَا الْأَعْمَالَ فَلَمْ نَجِد فِيهَا أَبْلَغَ مِنَ الزُّهْد» أَيْ عَرَفْناها وأحكمْناها. يُقَالُ للرجُل إِذَا أتْقَن الشَّيْءَ وَأَحْكَمَهُ: قَدْ تَابَعَ عملَه.
(س) وَفِيهِ «لَا تَسُبُّوا تُبَّعا فَإِنَّهُ أَوَّلُ مَنْ كسَا الْكَعْبَةَ» تُبَّع مَلِكٌ فِي الزَّمَانِ الْأَوَّلِ، قِيلَ اسْمُهُ أسْعَد أَبُو كَرِب، والتَّبَابِعَة: مُلُوكُ الْيَمَنِ. قِيلَ كَانَ لَا يُسمَّى تُبَّعا حَتَّى يَمْلِكَ حضرمَوْت وسَبأ وحِمير.
(س) وَفِيهِ «أَوَّلُ خَبَرٍ قَدِم الْمَدِينَةَ- يَعْنِي مِنْ هِجْرَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- امْرأةٌ كان لهَا تَابِع من الجِنّ» التابع ها هنا جِنّي يتْبع الْمَرْأَةَ يُحبُّها. والتَّابِعَة جِنّيَّةٌ تتْبع الرجُل تُحِبُّه.

بَوَأَ

(بَوَأَ)
(هـ) فِيهِ «أَبُوءُ بنِعْمَتك عَلَيَّ وأَبُوءُ بِذَنْبي» أَيْ ألْتَزِمُ وأرْجعُ وأُقِرُّ، وأصْلُ البَوَاء اللُّزُوم.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «فَقَدْ بَاءَ بِهِ أحَدُهُما» أَيِ الْتَزَمَه ورَجَع بِهِ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ «إنْ عَفَوْت عَنْهُ يَبُوء بإثْمه وَإِثْمِ صَاحِبِهِ» أَيْ كَانَ علَيه عُقُوبة ذَنْبه وعُقوبَة قَتْل صَاحِبِهِ، فَأَضَافَ الْإِثْمَ إِلَى صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّ قَتْلَه سبَب لِإِثْمِهِ. وَفِي رِوَايَةٍ «إنْ قَتلَه كَانَ مثلَه» أَيْ فِي حُكْم البَوَاء وصَارَا مُتسَاوِيَيْن لَا فَضْل للمُقْتَصِّ إِذَا اسْتَوْفَى حَقَّهُ عَلَى المقْتَصِّ مِنْهُ.
(هـ) وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ «بُؤْ للأمِير بِذَنْبك» أَيِ اعْتَرِفْ بِهِ.
(هـ) وَفِيهِ «مَنْ كَذب عَلَيَّ مُتَعَمِّداً فَلْيَتَبَوَّأْ مَقعده مِنَ النَّارِ» قَدْ تَكَرَّرَتْ هَذِهِ اللَّفْظَةُ فِي الْحَدِيثِ، وَمَعْنَاهَا لِيَنْزِلْ مَنْزِلَه مِنَ النَّارِ، يُقَالُ بَوَّأَهُ اللَّهُ مَنْزِلا، أَيْ أسْكنَه إيَّاه، وتَبَوَّأْتُ منزِلا، أَيِ اتَّخَذْته، والمَبَاءَة: الْمَنْزِلُ. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «قَالَ لَهُ رَجُلٌ: أصَلِّي فِي مَبَاءَة الغَنم؟ قَالَ: نَعم» أَيْ مَنْزِلِهَا الَّذِي تأوِي إِلَيْهِ، وَهُوَ المُتُبُوَّأ أَيْضًا.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أنه قال في المدينة: هاهنا المُتَبَوَّأ» . (هـ) وَفِيهِ «عَلَيْكُمْ بالبَاءَة» يَعْنِي النِّكاحَ والتَّزَوّجَ. يُقَالُ فِيهِ البَاءَة والبَاء، وَقَدْ يُقْصَر، وَهُوَ مِنَ المَبَاءة، المنْزِلِ؛ لِأَنَّ مَن تَزَوَّجَ امْرأة بَوَّأَهَا مَنْزلا. وَقِيلَ لأنَّ الرجُل يَتَبَوَّأ مِنْ أهْله، أَيْ يَسْتَمكِنُ كَمَا يَتَبَوَّأ مِنْ مَنْزِلِهِ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ «أَنَّ امْرَأَةً مَاتَ عَنْهَا زوجُها فَمَرَّ بِهَا رَجُلٌ وَقَدْ تَزَيَّنَت للبَاءَة» .
(س) وَفِيهِ «أَنَّ رُجَلًا بَوَّأَ رَجُلا برُمْحه» أَيْ سَدَّده قِبَلَه وهَيَّأه لَهُ.
(س) وَفِيهِ «أَنَّهُ كَانَ بَيْنَ حَيَّيْن مِنَ العَرب قتالٌ، وَكَانَ لأحَدِهما طَوْل عَلَى الْآخَرِ، فَقَالُوا لَا نَرْضى حَتَّى يُقْتَل بِالْعَبْدِ مِنَّا الحرُّ مِنْهُمْ، وَبِالْمَرْأَةِ الرجُلُ، فأمَر رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَتَبَاءَوْا» قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: كذا قال هشيم، والصواب يَتَبَاوَءُوا بِوَزْــنِ يَتَقَاتَلوا، مِنَ البَوَاء وَهُوَ المُسَاوَاة، يُقَالُ بَاوَأْتُ بَيْنَ القتلَى، أَيْ ساوَيْت. وَقَالَ غَيْرُهُ يَتَبَاءَوْا صَحِيحٌ، يُقَالُ بَاءَ بِهِ إِذَا كَانَ كُفْؤاً لَهُ. وَهُمْ بَوَاء، أَيْ أكْفَاء، مَعْنَاهُ ذَوُو بَوَاء.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «الجِرَاحات بَوَاء» أَيْ سَواء فِي القِصاص، لَا يُؤخذ إلاَّ مَا يُسَاوِيها فِي الجرْح.
وَمِنْهُ حَدِيثُ الصَّادِقِ «قِيلَ لَهُ: مَا بالُ العَقْرب مُغْتَاظَة عَلَى ابْنِ آدَمَ؟ فَقَالَ: تُريد البَوَاء» أَيْ تُؤْذِي كَمَا تُؤْذَى.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «فَيَكُونُ الثّوابُ جَزاءً والعِقابُ بَوَاء» .

بَقَقَ

(بَقَقَ)
(هـ) فِيهِ «أَنَّ حَبْرا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ صَنَّفَ لَهُمْ سَبْعِينَ كِتَابًا فِي الْأَحْكَامِ، فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَى نَبِيٍّ مِنْ أَنْبِيَائِهِمْ أنْ قُل لفُلان إِنَّكَ قَدْ مَلَأْتَ الْأَرْضَ بَقَاقاً، وَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَقْبل مِنْ بَقَاقِكَ شَيْئًا» البَقَاق: كَثْرَةُ الْكَلَامِ. يُقال بَقَّ الرَّجُلُ وأَبَقَّ، أَيْ أَن اللَّهَ لَمْ يَقْبل مِنْ إكْثَارِك شيئاً. وَفِيهِ «أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لأبي ذرّ: مالي أَرَاكَ لَقًّا بَقّاً، كَيْفَ بِكَ إِذَا أخَرجوك مِنَ الْمَدِينَةِ» يُقَالُ: رَجُلٌ لقَّاقٌ بَقَّاق، ولَقَاقٌ بَقَاق، إِذَا كَانَ كَثِيرَ الْكَلَامِ. ويُروى لَقاً بَقاً، بِوَزْــنِ عَصاً، وَهُوَ تَبع للَقاً. واللقَا: المَرْمِيّ المَطْروح.

بَضَعَ

(بَضَعَ)
[هـ] فِيهِ «تُسْتَأمَرُ النِّسَاءُ فِي أَبْضَاعِهِنَّ» يُقَالُ أَبْضَعْتُ الْمَرْأَةَ إِبْضَاعاً إِذَا زوّجْتَها. والِاسْتِبْضَاعُ: نَوْعٌ مِنْ نِكَاحِ الجاهليَّة، وَهُوَ اسْتِفْعَالٌ مِنَ البُضْع: الْجِمَاعُ. وَذَلِكَ أَنْ تَطْلُبَ الْمَرْأَةُ جِمَاعَ الرجُل لتنالَ مِنْهُ الْوَلَدَ فَقَطْ. كَانَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ يَقُولُ لِأَمَتِهِ أَوِ امْرَأَتِهِ: أرْسِلي إِلَى فُلَانٍ فَاسْتَبْضِعِي مِنْهُ، ويَعْتَزِلُها فَلَا يَمسُّها حَتَّى يَتَبَيَّن حملُها مِنْ ذَلِكَ الرجُل. وَإِنَّمَا يُفْعل ذَلِكَ رَغْبَةً فِي نجَابة الوَلد.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أَنَّ عَبْدَ اللَّه أَبَا النبيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرَّ بِامْرَأَةٍ فدَعَتْه إِلَى أَنْ يَسْتَبْضِعَ مِنْهَا» .
[هـ] وَمِنْهُ حَدِيثُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا «وَلَهُ حَصَّنني رَبِّي مِنْ كُلِّ بُضْع» أَيْ مِنْ كُلِّ نِكَاحٍ، وَالْهَاءُ فِي لَهُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ تَزَوَّجَهَا بِكْرًا مِنْ بَيْنِ نِسَائِهِ. والبُضْع يطْلق عَلَى عَقْدِ النِّكَاحِ وَالْجِمَاعِ مَعاً، وَعَلَى الفَرْج.
[هـ] وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أَنَّهُ أمَر بِلاَلاً فَقَالَ: أَلَا مَن أَصَابَ حُبْلَى فَلَا يَقْرَبَنَّها فَإِنَّ البُضْعَ يَزيد فِي السَّمع والبَصر» أَيِ الْجِمَاعَ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «وبُضْعُهُ أهلَه صَدَقةٌ» أَيْ مُباشَرتُه.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ «وبَضِيعَتُهُ أهلَه صَدَقةٌ» .
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «عَتَق بُضْعُكِ فَاخْتَارِي» أَيْ صَارَ فَرْجُك بالعِتْق حُراً فَاخْتَارِي الثَّبَاتَ عَلَى زَوْجِك أَوْ مُفَارَقَته.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ خَدِيجَةَ «لمَّا تَزَوَّجَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَيْهَا عَمْرو بْنُ أَسَدٍ، فَلَمَّا رَآهُ قَالَ: هَذَا البُضْعُ الَّذِي لَا يُقْرَع أنفُه» يُرِيدُ هَذَا الْكُفء الَّذِي لَا يُرَدّ نكاحُه، وَأَصْلُهُ فِي الْإِبِلِ أَنَّ الْفَحْلَ الهَجين إِذَا أَرَادَ أَنْ يَضْرب كَرَائِمَ الْإِبِلِ قَرعُوا أنْفَه بِعَصاً أَوْ غَيْرَهَا ليرْتَدَّ عَنْهَا ويَتْرُكَها.
وَفِي الْحَدِيثِ «فاطمةُ بَضْعَةٌ مِنِّي» البَضْعة بِالْفَتْحِ: الْقِطْعَةُ مِنَ اللَّحْمِ، وَقَدْ تُكْسَرُ، أَيْ أَنَّهَا جُزْءٌ مِنِّي، كَمَا أَنَّ الْقِطْعَةَ مِنَ اللَّحْمِ جُزْءٌ مِنَ اللَّحْمِ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ تَفْضُل صَلَاةَ الْوَاحِدِ بِبِضْع وَعِشْرِينَ دَرَجَةً» البِضْع فِي الْعَدَدِ بِالْكَسْرِ، وَقَدْ يُفْتح، مَا بَيْنَ الثَّلَاثِ إِلَى التّسْع. وَقِيلَ مَا بَيْنَ الْوَاحِدِ إِلَى الْعَشَرَةِ، لِأَنَّهُ قِطْعَةٌ مِنَ العَدد. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: تَقُولُ بِضْع سِنين، وبِضْعَةَ عشَرَ رجُلا، فَإِذَا جاوزْت لَفْظَ العَشْر لَا تَقُولُ بِضع وَعِشْرُونَ. وَهَذَا يُخَالِفُ مَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ.
وَفِي حَدِيثِ الشِّجَاج ذِكْر «البَاضِعَة» وَهِيَ الَّتي تَأْخُذُ فِي اللَّحْمِ، أَيْ تَشُقُّه وتَقْطعه.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ «أَنَّهُ ضَرَبَ رجُلا ثَلَاثِينَ سَوْطًا كُلُّهَا تَبْضَعُ وتَحْدِر» أَيْ تَشُقُّ الْجِلْدَ وتقْطَعه وتُجْري الدَّمَ.
(س) وَفِيهِ «الْمَدِينَةُ كالكِير تَنْفي خَبَثها وتُبْضِعُ طِيبَها» كَذَا ذَكَرَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ. وَقَالَ:
هُوَ مِنْ أَبْضَعْتُهُ بِضَاعَةً إِذَا دفعْتَها إِلَيْهِ، يَعْنِي أَنَّ الْمَدِينَةَ تُعطي طيبَها ساكنَها. وَالْمَشْهُورُ بِالنُّونِ وَالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ. وَقَدْ رُوي بِالضَّادِ وَالْخَاءِ الْمُعْجَمَتَيْنِ، وَبِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ مِنَ النضْح وَالنَّضْخِ، وَهُوَ رَشُّ الْمَاءِ.
(س) وَفِيهِ «أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ بِئْرِ بُضَاعَة» هِيَ بِئْرٌ مَعْرُوفَةٌ بِالْمَدِينَةِ، وَالْمَحْفُوظُ ضَمُّ الْبَاءِ، وَأَجَازَ بَعْضُهُمْ كسْرها، وَحَكَى بَعْضُهُمْ بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ.
(س) وَفِيهِ ذِكْرُ «أَبْضَعَة» هُوَ مَلِك مِنْ كنْدة، بِوَزْــنِ أرْنبة، وَقِيلَ هُوَ بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ.

بَدأ

(بَدأ)
- فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى «المُبْدِئ» هُوَ الَّذِي أَنْشَأَ الْأَشْيَاءَ واخْتَرعها ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ سَابِقِ مِثَالٍ.
(هـ) وَفِي الْحَدِيثِ «أَنَّهُ نَفَّل فِي البَدْأَة الرُّبعَ وَفِي الرّجْعَة الثلثَ» أَرَادَ بِالبَدْأَةِ ابْتِداء الغَزْو، وَبِالرَّجْعَةِ القُفُول مِنْهُ. وَالْمَعْنَى: كَانَ إِذَا نَهَضت سَرِيَّةٌ مِنْ جُمْلَةِ الْعَسْكَرِ المقْبل عَلَى الْعَدُوِّ فأوْقَعت بِهِمْ نَفَّلَها الرُّبُعَ مِمَّا غنِمت، وَإِذَا فَعَلَتْ ذَلِكَ عِنْدَ عَوْدِ العسكَر نَفَّلَهَا الثُّلُثَ، لِأَنَّ الكَرَّة الثَّانِيَةَ أشَقّ عَلَيْهِمْ والخَطَرَ فِيهَا أَعْظَمُ، وَذَلِكَ لقُوّة الظَّهْر عِنْدَ دُخُولِهِمْ وَضَعْفِهِ عِنْدَ خُرُوجِهِمْ، وَهُمْ فِي الْأَوَّلِ أنشَط وأشْهَى لِلسَّيْرِ وَالْإِمْعَانِ فِي بِلَادِ الْعَدُوِّ، وَهُمْ عِنْدَ القُفول أَضْعَفُ وأفتَر وأشْهَى لِلرُّجُوعِ إِلَى أَوْطَانِهِمْ فزادَهم لِذَلِكَ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «وَاللَّهِ لَقَدْ سمعْتُه يَقُولُ: ليَضْرِبُنكم عَلى الدِّين عَوْداً، كَمَا ضَرَبْتُمُوهم عَلَيْهِ بَدْءاً» أَيْ أوَّلا، يَعْنِي العَجم والموَالي.
وَمِنْهُ حَدِيثُ الْحُدَيْبِيَةِ «يَكُونُ لَهُمْ بَدْوُ الفُجور وَثَنَاهُ» أَيْ أَوَّلُهُ وَآخِرُهُ.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «مَنَعت العراقُ درْهَمها وقَفِيزَها، وَمَنَعَتِ الشَّامُ مُدْيَها ودينَارَها، وَمَنَعَتْ مصْر إرْدَبَّها، وَعُدْتُمْ مِنْ حَيْثُ بَدَأْتُمْ» هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ مُعْجِزَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم لِأَنَّهُ أَخْبَرَ بِمَا لَمْ يَكُنْ وَهُوَ فِي عِلْمِ اللَّهِ كَائِنٌ، فَخَرَجَ لَفْظُهُ عَلَى لَفْظِ الْمَاضِي، ودلَّ بِهِ عَلَى رِضَاهُ مِنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بِمَا وظَّفه عَلَى الْكَفَرَةِ مِنَ الجِزية فِي الْأَمْصَارِ.
وَفِي تَفْسِيرِ الْمَنْعِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ عَلِمَ أَنَّهُمْ سيُسْلمون وَيَسْقُطُ عَنْهُمْ مَا وُظِّفَ عَلَيْهِمْ، فَصَارُوا لَهُ بإسْلامِهم مَانِعِينَ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: وعُدْتم مِنْ حَيْثُ بَدَأتم، لِأَنَّ بَدْأهم فِي عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى أَنَّهُمْ سيُسْلمون، فعادُوا مِنْ حَيْثُ بَدَأُوا. وَالثَّانِي أَنَّهُمْ يَخْرجُون عَنِ الطَّاعَةِ ويَعْصُون الْإِمَامَ فَيَمْنَعُونَ مَا عَلَيْهِمْ مِنَ الْوَظَائِفِ. والمُدْيُ مِكْيَالُ أَهْلِ الشَّامِ، والقَفِيز لِأَهْلِ الْعِرَاقِ، والإرْدَبُّ لِأَهْلِ مِصْرَ.
(هـ) وَفِي الْحَدِيثِ «الْخَيْلُ مُبَدَّأَةٌ يَوْمَ الوِرْد» أَيْ يُبْدأ بِهَا فِي السَّقي قَبْلَ الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ، وَقَدْ تُحْذَفُ الْهَمْزَةُ فَتَصِيرُ أَلِفًا سَاكِنَةً.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا «أنها قَالَتْ فِي الْيَوْمِ الَّذِي بُدِئَ فِيهِ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وا رأساه» يُقَالُ مَتَّى بُدِئَ فُلَانٌ؟ أَيْ مَتَى مَرِضَ، ويُسأل بِهِ عَنِ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ.
وَفِي حَدِيثِ الْغُلَامِ الَّذِي قَتَلَهُ الخَضِر «فَانْطَلَقَ إِلَى أَحَدِهِمْ بَادِئَ الرَّأْيِ فَقَتَلَهُ» أَيْ فِي أَوَّلِ رَاي رآه وابتدأه بِهِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مَهْمُوزٍ؛ مِنَ الْبُدُوِّ: الظُّهُورُ، أَيْ فِي ظَاهِرِ الرأْي والنَّظر.
(س) وَفِي حَدِيثِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ فِي حَرِيمِ الْبِئْرِ «البَدِيء خَمْسٌ وَعِشْرُونَ ذِرَاعًا» البَدِيء- بِوَزْــنِ البَدِيع-: الْبِئْرُ الَّتِي حُفِرت فِي الْإِسْلَامِ وَلَيْسَتْ بعَاديَّة قَدِيمَةٍ.

أَرَمَ

(أَرَمَ)
(هـ) فِيهِ «كَيْفَ تبلُغُك صَلَاتُنَا وَقَدْ أَرِمْتَ» أَيْ بَلِيتَ، يُقَالُ أَرِمَ الْمَالُ إِذَا فَنِي. وَأَرْضٌ أَرِمَة لَا تُنْبِتُ شَيْئًا. وَقِيلَ إِنَّمَا هُوَ أُرِمْتَ مِنَ الأَرْمِ: الأكلِ، يُقَالُ أَرَمَتِ السَّنَةُ بِأموالنا: أَيْ أَكَلَتْ كُلَّ شَيْءٍ، وَمِنْهُ قِيلَ لِلْأَسْنَانِ الأُرَّم. وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: أَصْلُهُ أرْمَمْتَ، أَيْ بَلِيتَ وَصِرْتَ رَمِيمًا، فَحَذَفَ إِحْدَى الميمَين، كَقَوْلِهِمْ ظَلْتَ فِي ظَللت، وَكَثِيرًا مَا تُرْوَى هَذِهِ اللَّفْظَةُ بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ، وَهِيَ لُغَةُ نَاسٍ مِنْ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ، وَسَيَجِيءُ الْكَلَامُ عَلَيْهَا مُسْتَقْصًى فِي حرفِ الرَّاءِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
(س) وَفِيهِ «مَا يُوجَدُ فِي آرَامِ الْجَاهِلِيَّةِ وخِرَبِها فِيهِ الْخَمُسُ» الْآرَامُ الأَعلامُ وَهِيَ حِجَارَةٌ تُجمع وتُنْصَب فِي الْمَفَازَةِ يُهتَدَى بِهَا، وَأَحَدُهَا إِرَم كَعِنَبٍ. وَكَانَ مِنْ عَادَةِ الْجَاهِلِيَّةِ أَنَّهُمْ إِذَا وَجَدُوا شَيْئًا فِي طرِيقهم لَا يمكُنهم اسْتِصْحَابُهُ تَرَكُوا عَلَيْهِ حِجَارَةً يُعَرِّفُونَهُ بِهَا، حَتَّى إِذَا عَادُوا أَخَذُوهُ. (هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ سَلَمة بْنِ الْأَكْوَعِ «لَا يَطْرَحُونَ شَيْئًا إِلَّا جَعَلْتُ عَلَيْهِ آرَاماً» .
وَفِي حَدِيثِ عُمَيْرِ بْنِ أَفْصَى «أَنَا مِنَ الْعَرَبِ فِي أَرُومَة بِنَائِهَا» الأَرُومَة بِوَزْــنِ الْأَكُولَةِ:
الْأَصْلُ. وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ.
(س) وَفِيهِ ذِكْرُ إِرَم، بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ الْخَفِيفَةِ، وَهُوَ مَوْضِعٌ مِنْ دِيَارِ جُذام أَقْطَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَنِي جِعَال بْنِ رَبيعة.
(س) وَفِيهِ أَيْضًا ذكرُ «إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ»
، وَقَدِ اخْتُلِف فِيهَا فَقِيلَ دِمَشْقُ وَقِيلَ غَيْرُهَا.

بَأَوَ

(بَأَوَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حِينَ ذُكِر لَهُ طَلْحَةُ لأجْل الْخِلَافَةِ قَالَ: «لَولاَ بَأْوٌ فيه» البَأْوُ: الكبر والتّعظيم.
(هـ) - وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ مَعَ ابْنِ الزُّبَيْرِ «فَبَأَوْتُ بنفْسي وَلَمْ أرضَ بِالْهَوَانِ» أَيْ رفعْتها وعظَّمْتها.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ «امْرَأَةٌ سُوءٌ إِنْ أعْطَيتها بَأَتْ» أَيْ تكبَّرتْ، بِوَزْــنِ رَمَتْ.

بَالَامُ

(بَالَامُ)
(س) فِي ذِكْرِ أُدْم أَهْلِ الْجَنَّةِ «قَالَ إدَامُهم بَالام والنُّون. قَالُوا: وَمَا هَذَا؟
قَالَ: ثَورٌ وَنُونٌ» هَكَذَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ مفسَّرا. أَمَّا النُّونُ فَهُوَ الْحُوتُ، وَبِهِ سُمّي يُونُسُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ذَا النُّونِ. وَأَمَّا بَالَامُ فَقَدْ تمحَّلُوا لَهَا شَرْحًا غيرَ مَرْضيّ. ولَعلَّ اللَّفْظَةَ عِبرانية. قَالَ الْخَطَّابِيُّ: لَعَلَّ الْيَهُودِيَّ أَرَادَ التّعْمِية فَقَطَعَ الْهِجَاءَ وَقَدَّمَ أَحَدَ الْحَرْفَيْنِ عَلَى الْآخَرِ وَهِيَ لَامُ أَلِفٍ وَيَاءٌ، يريدُ لَأْيٌ بِوَزْــنِ لَعْيٍ، وَهُوَ الثَّوْرُ الوحْشِي، فَصَحَّفَ الرَّاوِي الْيَاءَ بِالْبَاءِ. قَالَ: وَهَذَا أَقْرَبُ مَا وَقَعَ لِي فِيهِ.

كُتْمَى

كُتْمَى:
بوزن حبلى: اسم جبل في شعر ابن مقبل:
أإحدى بني عبس ذكرت ودونها ... سنيح ومن رمل البعوضة منكب
وكتمى ودوّار كأنّ ذراهما، ... وقد خفيا إلا الغوارب، ربرب

أَلَى

(أَلَى)
[هـ] فِيهِ «مَنْ يَتَأَلَّ عَلَى اللَّهِ يُكذّبْه» أَيْ مَنْ حَكَمَ عَلَيْهِ وَحَلَفَ، كَقَوْلِكَ وَاللَّهِ لَيُدْخِلَنَّ اللَّهُ فُلَانًا النَّارَ وَلَيُنْجِحَنِّ اللَّهُ سَعْيَ فُلَانٍ، وَهُوَ مِنَ الأَلِيَّة: الْيَمِينُ. يُقَالُ آلَى يُولِي إِيلَاء، وتَأَلَّى يَتَأَلَّى تَأَلِّياً، وَالِاسْمُ الأَلِيَّة.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «وَيْلٌ للمُتَأَلِّين مِنْ أُمَّتِي» يَعْنِي الَّذِينَ يَحْكُمُونَ عَلَى اللَّهِ وَيَقُولُونَ فُلَانٌ فِي الْجَنَّةِ وَفُلَانٌ فِي النَّارِ. وَكَذَلِكَ حَدِيثُهُ الْآخَرُ «مَنِ المُتَأَلِّي عَلَى اللَّهِ» .
وَحَدِيثُ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آلَى مِنْ نِسَائِهِ شَهْرًا» أَيْ حَلَف لَا يَدْخُلُ عَلَيْهِنَّ، وَإِنَّمَا عَدَّاهُ بِمَنْ حَمْلًا عَلَى الْمَعْنَى وَهُوَ الِامْتِنَاعُ مِنَ الدُّخُولِ، وَهُوَ يَتَعَدَّى بِمِنْ.
وللإِيلَاء فِي الْفِقْهِ أَحْكَامٌ تَخُصُّهُ لَا يُسمى إِيلَاءً دُونَهَا.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «لَيْسَ فِي الْإِصْلَاحِ إِيلَاءٌ» أَيْ أَنَّ الْإِيلَاءَ إِنَّمَا يَكُونُ فِي الضَّرار وَالْغَضَبِ لَا فِي الرِّضَا والنَفْع.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ مُنْكَرٍ وَنَكِيرٍ «لَا دَرَيْتَ وَلَا ائْتَلَيْتُ» أَيْ وَلَا اسْتَطَعْتَ أَنْ تَدْرِيَ. يُقَالُ مَا آلُوهُ، أَيْ مَا أَسْتَطِيعُهُ. وَهُوَ افْتَعَلْتُ مِنْهُ. والمحدِّثون يروُونه «لَا دَرَيْتَ وَلَا تَلَيْتَ» وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ.
[هـ] وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «مَنْ صَامَ الدَّهْرَ لَا صَامَ وَلَا أَلَّى» أَيْ لَا صَامَ وَلَا اسْتَطَاعَ أَنْ يَصُومَ، وَهُوَ فعَّل مِنْهُ، كَأَنَّهُ دَعا عَلَيْهِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ إِخْبَارًا، أَيْ لَمْ يَصُم وَلَمْ يُقصِّر مِنْ ألَوْتُ إِذَا قَصَّرتَ. قَالَ الْخَطَّابِيُّ: رَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ فِرَاسٍ وَلَا آلَ، بِوَزْــنِ عَالَ، وفُسَّر بِمَعْنَى وَلَا رجَع. قَالَ:
وَالصَّوَابُ أَلَّى مُشَدَّدًا وَمُخَفَّفًا. يُقَالُ: أَلَّى الرَّجُلِ وأَلِيَ إِذَا قَصَّرَ وَتَرَكَ الجُهد.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «مَا مِنْ وَالٍ إلاَّ وَلهُ بِطَانَتَانِ؛ بطانةٌ تَأْمُرُهُ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَاهُ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَبِطَانَةٌ لَا تَأْلُوه خَبالاَ» أَيْ لَا تُقَصر فِي إِفْسَادِ حَالِهِ.
وَمِنْهُ زَوَاجُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِفَاطِمَةَ «مَا يُبْكيك فَمَا أَلَوْتُكِ ونفْسي، وَقَدْ أَصَبْتُ لَكِ خَيْرَ أَهْلِي» أَيْ مَا قَصَّرْتُ فِي أَمْرِكِ وَأَمْرِي، حَيْثُ اخترتُ لَكِ عَلِيًّا زَوْجا، وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ..
وَفِيهِ «تُفَكِّرُوا فِي آلَاءِ اللَّهِ وَلَا تَتَفَكَّرُوا فِي اللَّهِ» الآلَاء النِّعَمُ، وَاحِدُهَا أَلًا بِالْفَتْحِ وَالْقَصْرِ، وَقَدْ تُكْسَرُ الْهَمْزَةُ، وَهِيَ فِي الْحَدِيثِ كَثِيرَةٌ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «حَتَّى أوْري قبَساً لقابسٍ آلَاء اللَّهِ» .
[هـ] وَفِي صِفَةِ أَهْلِ الْجَنَّةِ «ومَجامرهُمُ الأُلُوَّة » هُوَ العُود الَّذِي يُتَبَخَّر بِهِ، وتُفتح هَمْزَتُهُ وَتُضَمُّ، وَهَمْزَتُهَا أَصْلِيَّةٌ، وَقِيلَ زَائِدَةٌ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا «أنه كان يَسْتَجْمر بالأُلُوَّة غير مُطرَّاة» . (هـ) وَفِيهِ «فتفَل فِي عَين عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَمَسَحَهَا بِأَلْيَة إِبْهَامِهِ» أَلْيَة الْإِبْهَامِ أصلُها، وَأَصْلُ الْخِنصر الضَّرَّة.
وَمِنْهُ حَدِيثُ الْبَرَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «السُّجود عَلَى أَلْيَتِيِ الْكَفِّ» أَرَادَ أَلْيَةَ الإِبهام وضَرَّة الْخِنْصَرِ فَغُلِّبَ كالعُمَرَين وَالْقَمَرَيْنِ.
وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ «كَانُوا يَجْتَبُّون أَلَيَاتِ الْغَنَمِ أحْيَاء» جَمْعُ الأَلْيَة وَهِيَ طَرَف الشَّاةِ.
والجبُّ القَطْع.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حتى تضطرب أَلْيَات نساء دوس على ذي الخَلَصَة» ذُو الْخَلَصَةَ بيتٌ كَانَ فِيهِ صَنَمٌ لدَوْس يُسَمَّى الْخَلَصَة. أَرَادَ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى ترجِع دَوْس عَنِ الْإِسْلَامِ فَتَطُوفَ نِسَاؤُهُمْ بِذِي الخَلَصَة وتضْطرِب أعجازُهُنّ فِي طَوافهِنّ كَمَا كُن يَفْعَلن فِي الْجَاهِلِيَّةِ.
وَفِيهِ «لَا يُقام الرجُل مِنْ مَجْلِسِهِ حَتَّى يقُوم مِنْ إِلْيَةِ نَفْسِهِ» أَيْ مِنْ قِبل نَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُزْعَج أَوْ يُقَامَ. وَهَمْزَتُهَا مَكْسُورَةٌ. وَقِيلَ أَصْلُهَا وِلْيَةٌ فَقُلِبَتِ الْوَاوُ هَمْزَةً.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا «كان يَقُومُ لَهُ الرَّجُلُ مِنْ إِلْيَتِهِ فَمَا يَجْلِسُ مَجْلسه» وَيُرْوَى مِنْ لِيَته؛ وَسَيُذْكَرُ فِي بَابِ اللَّامِ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ الْحَجِّ «وَلَيْسَ ثَمّ طَرْدٌ، وَلَا إِلَيْكَ إِلَيْكَ» هُوَ كَمَا يُقَالُ الطَّرِيقَ الطَّرِيقَ، ويُفعل بَيْنَ يَدَي الْأُمَرَاءِ، وَمَعْنَاهُ تَنَحَّ وأبْعِد. وَتَكْرِيرُهُ لِلتَّأْكِيدِ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ «أَنَّهُ قَالَ لِابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ إِنِّي قَائِلٌ لَكَ قَوْلًا وَهُوَ إِلَيْكَ» فِي الْكَلَامِ إِضْمَارٌ، أَيْ هُوَ سرٌّ أفْضَيْت بِهِ إِلَيْكَ.
(س) وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ «اللَّهُمَّ إِلَيْكَ» أَيْ أشْكُو إِلَيْكَ، أَوْ خُذْني إِلَيْكَ (س) وَمِنْهُ حَدِيثُ الْحَسَنِ «أَنَّهُ رَأَى مِنْ قومٍ رِعَةً سَيِّئَةً فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِلَيْكَ» أَيِ اقْبِضْنِي إِلَيْكَ، وَالرِّعَةُ: مَا يَظْهَرُ مِنَ الخُلُق.
(س) وَفِي الْحَدِيثِ «وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ» أَيْ لَيْسَ مِمَّا يُتقَرّب بِهِ إِلَيْكَ، كَمَا يقول الرجل لِصَاحِبِهِ أَنَا مِنْك وَإِلَيْكَ، أَيِ الْتِجائي وَانْتِمَائِي إِلَيْكَ.
وَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَمَا إِنَّ كُلَّ بِنَاءٍ وبالٌ عَلَى صَاحِبِهِ إلّا ما لا إلّا ما لا» أَيْ إِلاّ مَا لاَ بُدَّ مِنه لِلْإِنْسَانِ من الكنّ الذى تقوم به الحياة.

أَضَا

(أَضَا)
(هـ) فِيهِ «أَنَّ جِبْرِيلَ لَقِيَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ أَضَاة بَني غِفَار» الأَضَاة بِوَزْــنِ الحَصَاة: الغَدِير وَجَمْعُهَا أَضًى وإِضَاءً كَأَكَمٍ وإكَامٍ.

أَرَتَ

(أَرَتَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ بِلَالٍ «قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أمَعَكُم شَيءٌ مِنَ الإِرَةِ» أَيِ القَدِيد. وَقِيلَ هُوَ أَنْ يُغْلَى اللَّحْمُ بالخلِّ ويُحْمَلَ فِي الْأَسْفَارِ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ بُريدة «أَنَّهُ أهْدى لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم إِرَةً» أَيْ لَحْمًا مَطْبُوخًا فِي كَرِش.
وَفِي الحديث «ذُبح لرسول الله صلى الله عليه وسلم شاةٌ ثُمَّ صُنَعَت فِي الإِرَةِ» الإِرَةُ حُفْرَةٌ تُوقَدُ فِيهَا النَّارُ. وَقِيلَ هِيَ الْحُفْرَةُ الَّتِي حَوْلَهَا الأثَافِي. يُقَالُ وأَرْت إِرَة. وَقِيلَ الإِرَة النَّارُ نفسُها. وَأَصْلُ الإِرَة إِرْى بِوَزْــنِ عِلْمٍ، وَالْهَاءُ عِوَضٌ مِنَ الْيَاءِ.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ «ذَبَحْنَا شَاةً وَوَضَعْنَاهَا فِي الإِرَةِ حَتَّى إِذَا نَضِجَتْ جَعَلْنَاهَا فِي سُفْرَتِنَا» .

بنو

بنو

1 بَنَا, aor. ـُ see art. بنى.

اِبْنٌ, held by some to be originally بَنَوٌ: see art. بنى.

بُنُوَّةٌ: see art. بنى.

بَنَوِيٌّ: see art. بنى.
ب ن و : الِابْنُ هَمْزَتُهُ وَصْلٌ وَأَصْلُهُ بَنُو (1) وَسَيَأْتِي.

وَالْآبُنُوسُ (2) بِضَمِّ الْبَاءِ خَشَبٌ مَعْرُوفٌ وَهُوَ مُعَرَّبٌ وَيُجْلَبُ مِنْ الْهِنْدِ وَاسْمُهُ بِالْعَرَبِيَّةِ سَأْسَمٍ (3) بِهَمْزَةٍ وِزَانُ جَعْفَرٍ والْأَبْنُسُ بِحَذْفِ الْوَاوِ لُغَةٌ فِيهِ. 
بنو: البُنُوَّةُ: مَصْدَرُ الابْنِ، تَبَنَّيْتُهُ: ادَّعَيْتُ بُنُوَّتَه، والنِّسْبَةُ إلى الأبنَاءِ: بَنَوِيٌّ وأبْنَاوِيٌّ. وابْنٌ: تَأْنِيْثُه ابْنَةٌ، وهُمُ البَنُوْنَ والبَنَاتُ. وبُنِّيَ فلانٌ عَمْراً تَبْنِيَةً: أي جُعِلَ ابْنَه. وأُبَيْنِيٌّ: تَصْغِيْرُ بَنِيْنَ.
ويُقال للصُّبْحِ: ابْنُ ذُكَاءَ.
وللعَرَبِ في الابْنِ والبَنَاتِ كَلاَمٌ كَثِيْرٌ قد فُرِّقَ في أبْوَابِ الكِتَابِ.
[ب ن و] بَنَا في الشَّرَفِ يَبْنُو وعلى هذا تُؤُوِّل قولُ الحُطَيئَة

(أولئِك قومُ إنْ بَنَوْا أحسَنوا البُنَا ... )

قالوا إِنَهُ جَمعُ بُنْوَةٍِ أو بِنْوَةٍ قال الأصمعِيُّ أنشدت أعرابيّا هذا البيتَ

... أحسنوا البنا ... )

فقال لي أَيْ بُنَا أَحسَنُوا البُنَا أرادَ بالأَوّل أَيْ بُنَيَّ والابن الوَلَدُ ولامُهُ في الأصل مُنقَلبةٌ عَنْ واوٍ عند بعضهم كأنّهُ مِن هذا والأُنثى ابنَةٌ وبِنْتٌ الأَخيرَةُ على غيرِ بناءِ مُذَكّرِهَا ولامُ بنِتٍ وَاوٌ والتاءُ بَدلٌ منها قال ابنُ جنيٍّ أصلُهَا بَنَوَةٌ وَوَزْنُها فَعَلٌ فألحَقَتها التاءُ المبدلةُ مِن لامها بِوَزن حِلْسٍ فقالوا بِنْتٌ وليست التاءُ فيها بعلامَةِ تأنيثٍ كما ظَنَّ مَنْ لا خِبْرَةَ لَهُ بهذا الشأن وذلك لسكون مَا قَبلَها وهذا مَذهبُ سيبويهِ وهو الصحيحُ وقد نصّ عليه في باب ما لا ينصرفُ فقال لو سَمَّيتَ بها رجلاً لصرْفتَها معرفةً ولو كانت للتأنيثِ لمَا انصرف الاسمُ على أن سيبويه قد تسمَّح في بعض ألفاظِه في الكتاب فقال في بِنْتٍ هي علامة تأنيثٍ وإنّما ذلك تَجوُّز منه في اللفظ لأنّه أرسلَهُ غُفْلاً وقد قَيَّدهُ وعَلَّلَهُ في باب ما لا ينصرفُ والأخذ بقوله المعلَّلِ أَقْوَى منَ الأخذ بقوله الغُفْلِ المُرْسَلِ ووجْهُ تَجَوُّزه أنَّهُ لمَّا كانتْ التاءُ لا تبدلُ من الواو فيها إلا مع المُؤَنَّث صارَتْ كأنها علامَةُ تأنيثٍ وأَعني بالصيغَة فيها بِناءَهَا على فِعْلٍ وأصلُهَا فَعَلٌ بدلالة تكسيرِهم إِيّاه على أفْعَالٍ وإبدالُ الواوِ فيها لازمٌ لأنّه عَمَلٌ اختُصّ بهِ المُؤَنثُ ويدلُّ أيضًا على ذلك إقامَتُهم إياهُ مُقامَ العلامة الصريحة وتَعَاقُبُهَا فيها على الكلمة الواحدَةِ وذلك نحو ابنَةٍ وبنتٍ فالصيغة في بِنْتٍ قائِمَةٌ مَقَامَ الهاءِ في ابنَةٍ فكما أنّ الهاءَ علامةُ تأنيثٍ فكذلك صيغةُ بِنْتٍ علامةُ تأنيثها وليس بنتٌ مِن ابنَةٍ كَصَعْبٍ مِن صَعْبةٍ إنّما نظيرُ صَعْبَةٍ مِن صَعْبٍ ابنةُ مِن ابنٍ ولا دِلالة لك في البُنّوَّةِ على أنّ الذاهبَ من بنتٍ واوٌ لكِنْ إبدالُ التاءِ من حرف العلةِ يدل على أنَّهُ منَ الواو لأنّ إبدالَ التاءِ مِنَ الواوِ أضعَافُ إبدالِهَا منَ الياءِ والنسبُ إلى بنتٍ بَنَوِيٌّ فأَمّا قولُ يُونُسَ بِنْتِيٌّ وأخْتِيٌّ فمردودٌ عند سيبويه وقد أُنعمَ تَعْلِيلُهُ في غيرِ مَوضعٍ وقوله تعالى {هؤلاء بناتي هُنَّ أطْهَرُ لكم} هود 78 كَنَّى ببناتِهِ عن نسائِهم ونِسِاءُ أُمَّة كُلِّ نَبِيٍّ بمَنزِلَةِ بناتِه وأزوَاجُهُ بمنزلةِ أمهاتهم هذا قول الزجّاجِ قال سيبويه وقالوا ابنَمٌ فزادوا الميمَ كما زِيدتْ في فُسْحُمٍ ودِلقِمٍ وكأَنَّها في ابنَمٍ أَمْثَلُ قليلاً لأنّ الاسمَ محذُوفُ اللامِ فكأنها عِوضٌ منها وليس في فُسحُمٍ ونحوِه حَذْفٌ فأمّا قول رُؤبة

(بُكَاءَ ثَكْلَى فَقَدَتْ حَميمَا ... )

(فَهْيَ تُرَثِّي بأَبَا وابنَامَا ... )

فإنّما أَرادَ وابنيْ ما لكن حَكَى نُدْبتَها واحتمل الجمع بينَ الياءِ والألف هاهُنَا لأنه أرادَ الحكاية كأنّ النادبَةَ آثَرتْ وابنا على ابنِي لأنّ الألفَ هَاهُنَا أَمْنَعُ نَدْبًا وأَمَدُّ لِلصَّوتِ إذْ في الألف من ذلك ما ليس في الياءِ ولذلك قالَتْ بأَبَا ولَمْ تقُلُ بأَبِي والحكايَةُ قد يُحتَملُ فيها مَا لا يُحتَملُ في غيرِها ألا ترى أنّهُم قد قالوا مَنْ زيدًا في جواب مَنْ قال رأيتُ زَيْدًا ومَنْ زيْدٍ في جواب مَنْ قال مَرَرْتُ بزيدٍ ويُرْوَى فَهْيَ تنادي بأبي وابني ما فإذا كان ذلك فَهُو على وَجْهه وما في كلِّ ذلكَ زائدةٌ وَجَمْعُ الابنِ أبناءٌ وقالوا في تصغيرِه أُبَيْنُونَ وجَمْعُ البنت بَنَاتٌ وبناتُ الليلِ الهمُومُ أنشد ثعلَبٌ

(تَظلُّ بناتُ الليلِ حَوْليَ عُكَّفًا ... عُكُوفَ البواكي بَيْنَهُنَّ قَتيلُ)

وقول أميَّةَ بن أبي عائذٍ الهُذَلِيِّ

(فَسَبَتْ بناتِ القلبِ فَهْيَ دَهائِنٌ ... بحِبالِها كالطيرِ في الأقفاصِ)

إنّما عنى ببناتِه طوَائِفَهُ وأبناءُ فارسَ قومٌ مِن أولادِهم ارتُهنُوا باليَمن والنسبُ إليهم أبْنَاوِيٌّ والاسم من كل ذلك البُنُوّةُ وللأَبِ والابن والبنْت أَشْيَاءُ كثيرةٌ يُضَافُ إليها قد جمعتها وتقصَّيْتُها في الكتابِ المُخصَّصِ وتَبَنَّاهُ اتخذه ابنًا وقال الزجّاجُ تَبَنَّى به يريد تَبنَّاهُ وقولُه أنشده ابنُ الأعرابِي

(يَا سَعْدُ يا بنَ عَمَلي يا سَعْدُ ... )

أرادَ يا مَنْ يَعمَلُ عَمَلي أو مثلَ عَمَلي قال والعرب تقول الرفق بُنَيُّ الحِلم أي مثلُهُ وقد تقدّمَ جميعُ ذلكَ في الياءِ

سَوَأَ

(سَوَأَ)
(س) فِيهِ «سألتُ ربِّي أَنْ لَا يُسَلِّط عَلَى أمَّتي عَدُوّا مِنْ سَوَاءِ أنفُسهم، فيَسْتبيحَ بَيْضَتَهُم» أَيْ مِنْ غَيْرِ أهْلِ دِيِنهم. سَوَاءٌ بِالْفَتْحِ وَالْمَدِّ مِثْلَ سِوًى بالكسرِ والقَصْرِ، كالقَلاَء والقِلَى.
(س) وَفِي صِفَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «سَوَاءُ البَطْن والصدْر» أَيْ هُمَا مُتَساوِيان لَا يَنْبُو أحدُهُما عَنِ الْآخَرِ. وسَوَاءُ الشَّيء: وسَطُه لاسْتِواءِ المَساَفةِ إِلَيْهِ مِن الأطْرَاف.
وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ والنَّسَّابة «أمْكَنْت مِنْ سَوَاءِ الثُّغْرة» أَيْ وسَط ثُغْرة النَّحْر.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ «يُوضَعُ الصِّراطُ عَلَى سَوَاءِ جَهَنَّمَ» .
وَحَدِيثُ قُسٍّ «فَإِذَا أَنَا بِهَضْبَةٍ فِي تَسْوَائِهَا» أَيْ فِي الموْضع المُسْتَوِي مِنْهَا، وَالتَّاءُ زائدةٌ للتّفْعال. وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «كَانَ يَقُولُ: حَّبذَا أرضُ الْكُوفَةِ، أرضٌ سَوَاءٌ سَهْلَة» أَيْ مُسْتَوية. يُقَالُ: مَكَانٌ سَوَاءٌ: أَيْ مُتَوسِّطٌ بَيْنَ المَكانَين. وَإِنْ كُسرت السِّينُ فَهِيَ الْأَرْضُ الَّتِي تُرَابُها كالرَّمل.
وَفِيهِ «لَا يزالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا تفَاضَلوا، فَإِذَا تَسَاوَوْا هَلكُوا» مَعْنَاهُ أَنَّهُمْ إِنَّمَا يَتَسَاوَوْنَ إِذَا رَضُوا بالنَّقْص وَتَرَكُوا التَّنَافُس فِي طلَب الْفَضَائِلِ ودَرْك المَعَالي. وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ خَاصًّا فِي الْجَهْلِ، وَذَلِكَ أَنَّ النَّاس لَا يَتَسَاوَوْنَ فِي الْعِلْمِ، وَإِنَّمَا يَتَسَاوَوْنَ إِذَا كَانُوا كُلُّهُمْ جُهّالا.
وَقِيلَ أَرَادَ بِالتَّسَاوِي التحزُّبَ والتَّفرُّقَ، وَأَلَّا يَجْتَمِعوا عَلَى إِمَامٍ، ويدَّعى كُلُّ وَاحِدٍ الحقَّ لِنَفْسِهِ فينْفَرد بِرَأْيِهِ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ «صَلَّى بِقَوْمٍ فَأَسْوَى بَرْزَخاً فَعَادَ إِلَى مَكَانِهِ فَقَرَأَهُ» الْإِسْوَاءُ فِي القراءةِ والحسابِ كالإشْوَاءِ فِي الرَّمى: أَيْ أسْقَط وأغْفَل. والبَرزَخُ: مَا بَيْنَ الشَّيئين. قَالَ الهرَوي:
وَيَجُوزُ أشْوَى بِالشِّينِ بِمَعْنَى أسْقَط. والروايةُ بِالسِّينِ. 
(سَوَأَ)
فِي حَدِيثِ الحُدَيبية والمُغِيرة «وَهَلْ غَسَلْتَ سَوْأَتَكَ إلاَّ أمْسِ» السَّوْأَةُ فِي الْأَصْلِ الفَرْج، ثُمَّ نُقِل إِلَى كُلّ مَا يُسْتَحْياَ مِنْهُ إِذَا ظَهَر مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ. وَهَذَا الْقَوْلُ إِشَارَةٌ إِلَى غَدْرٍ كَانَ المُغيرةُ فَعله مَعَ قَوْمٍ صَحِبُوه فِي الجاهليَّة فقتَلَهم وأخَذَ أَمْوَالَهُمْ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى «وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ» * قَالَ يَجْعلانِه عَلَى سَوْءَاتِهِمَا» أَيْ عَلَى فُرُوجِهما. وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُهَا فِي الْحَدِيثِ.
(هـ) وَفِيهِ «سَوْآءُ ولُودٌ خيرٌ مِنْ حَسْناَءَ عَقِيم» السَّوْآءُ: القَبِيحةُ. يُقَالُ: رَجُلٌ أَسْوَأُ وامرأةٌ سَوْآءُ. وَقَدْ يُطْلق عَلَى كُلِّ كَلِمَةٍ أَوْ فَعْلة قَبِيحَةٍ. أَخْرَجَهُ الْأَزْهَرِيُّ حَدِيثًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَأَخْرَجَهُ غيرهُ حَدِيثًا عَنْ عُمَرَ.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ «السَّوْآءُ بِنْتُ السَّيِّدِ أحَبُّ إلىَّ مِنَ الحَسْناَء بنْتِ الظَّنُون» .
(س) وَفِيهِ «أَنَّ رَجُلًا قَصَّ عَلَيْهِ رُؤيا فَاسْتَاءَ لَهَا، ثُمَّ قَالَ: خِلافة نُبُوّة، ثُمَّ يُؤْتِي اللهُ المُلَك مَنْ يَشَاءُ» اسْتَاءَ بِوَزْــنِ اسْتاك، افْتَعل مِنَ السُّوءِ، وَهُوَ مُطَاوِعُ سَاءَ. يُقَالُ اسْتَاءَ فُلَانٌ بِمَكَانِي أَيْ سَاءَهُ ذَلِكَ. وَيُرْوَى «فاسْتالها» أَيْ طَلَب تأويلَها بالتأمُّل والنَّظَر.
[هـ] وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «فَمَا سَوَّأَ عَلَيْهِ ذَلِكَ» أَيْ مَا قَالَ لَهُ أَسَأْتَ.
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.