Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: بأر

سُوَاعٌ

سُوَاعٌ:
اسم صنم، قال أبو المنذر: وكان أوّل من اتخذ تلك الأصنام من ولد إسماعيل وغيرهم من الناس وسموها بأسمائها على ما بقي منهم من ذكرنا حين فارقوا دين إسماعيل هذيل بن مدركة اتخذ سواعا فكان لهم برهاط من أرض ينبع، وينبع: عرض من أعراض المدينة، وكانت سدنته بني لحيان، قال:
ولم أسمع لهذيل في أشعارها له بذكر إلّا شعر رجل من اليمن، ولم يذكره ابن الكلبي، ولما أخذ عمرو ابن لحيّ أصنام قوم نوح من ساحل جدّة، كما ذكرناه في ودّ، ودعا العرب إلى عبادتها أجابته مضر ابن نزار فدفع إلى رجل من هذيل يقال له الحارث بن تميم بن سعد بن هذيل بن مدركة بن إلياس بن مضر سواعا فكان بأرض يقال لها رهاط من بطن نخلة بعيدة من مضر، فقال رجل من العرب:
تراهم حول قيلهم عكوفا ... كما عكفت هذيل على سواع
يظلّ جنابه صرعى لديه ... عشائر من ذخائر كلّ راع

قِضَةُ

قِضَةُ:
بكسر أوله وتخفيف ثانيه، قال صاحب كتاب العين: القضة أرض منخفضة ترابها رمل وإلى جانبها متن مرتفع، وجمعها القضون، قال أبو منصور: القضة، بتخفيف الضاد، ليست من حدّ المضاعف لأن لامه معتلة فهو من باب قضى، وهي شجرة من شجر الحمض معروفة، وقال ابن السكيت:
القضة نبت يجمع القضين والقضون، وإذا جمعته على مثال البرى قلت القضى، وأما الأرض التي ترابها رمل فهي القضّة، بالتشديد، وجمعها قضّات، قال أبو المنذر: قضة، بكسر القاف وبعدها ضاد معجمة مخففة، عقبة بعارض اليمامة، وعارض: جبل، وهي من قبل مهب الشمال، بينها وبين اليمامة وصمر ماء لبني أسد ثلاثة أيام، وأنشد غيره:
قد وقعت في قضّة من شرج، ... ثم استقلّت مثل شدق العلج
يصف دلوا، والعلج: الحمار الوحشي، يعني الدّلو أنها وقعت في ماء قليل على حصى في بئر فلم تمتلئ والماء يتحرك فيها كأنها شدق حمار، وقال الجميح واسمه منقذ بن الطماح بن قيس بن طريف:
وإن يكن حادث يخشى فذو علق ... تظلّ تزجره من خشية الذيب
وإن يكن أهلها حلّوا على قضة، ... فإنّ أهلي الألى حلّوا بملحوب
لما رأت إبلي قلّت حلوبتها، ... وكل عام عليها عام تجنيب
أبقى الحوادث منها، وهي تتبعها ... والحقّ، صرمة راع غير مغلوب
وبقضة كانت وقعة بكر وتغلب العظمى في مقتل كليب، والجاهلية تسميها حرب البسوس، وفيه كان يوم التحالق فكانت الدّبرة لبكر بن وائل على تغلب فتفرقوا من ذلك اليوم، وبعد تلك الوقعة كانت الوقائع التي جرّها قتل كليب بن ربيعة حين قتله جسّاس بن مرة فشتتهم أخوه المهلهل في البلاد، فقال الأخنس بن شهاب التغلبي وكان رئيسا شاعرا:
لكل أناس من معدّ عمارة ... عروض إليها يلجؤون وجانب
لكيز لها البحران والسّيف دونها ... وإن يأتها بأس من الهند كارب
تطاير عن أعجاز حوش كأنها ... جهام هراق ماءه فهو آئب
وبكر لها برّ العراق، وإن تخف ... يحل دونها من اليمامة حاجب
وصارت تميم بين قفّ ورملة ... لها من جبال منتأى ومذاهب
وكلب لها خبت فرملة عالج ... إلى الحرّة الرجلاء حيث تحارب
وغسان جنّ غيرهم في بيوتهم ... تجالد عنهم حسّر وكتائب
وبهراء حيّ قد علمنا مكانهم، ... لهم شرك حول الرّصافة لاحب
وغارت إياد في السواد ودونها ... برازيق عجم تبتغي من تضارب
ونحن أناس لا حصون بأرضنا ... مع الغيث ما نلفى ومن هو عازب
ترى رائدات الخيل حول بيوتنا ... كمعزى الحجاز أعوزتها الزرائب
أرى كلّ قوم قاربوا قيد فحلهم، ... ونحن خلعنا قيده فهو سارب

سَمْهَرُ

سَمْهَرُ:
قرأت بخط أبي الفضل العباس بن علي الصولي المعروف بابن برد الخيار قال: حدثني سليمان المدائني قال حدثني الزبير بن بكار قال: الرماح السمهرية نسبت إلى قرية يقال لها سمهر بالحبشة، قلت أنا:
وحدثني بعض من يوثق به أن هذه القرية في جزر من النيل يأتي من أرض الهند على رأس الماء كثير من القنا فيجمعه أهل هذه القرية ويستوقدون رذاله ويبيعون جيده، وهو معروف بأرض الحبشة مشهور، وقول من قال إن سمهر اسم امرأة كانت تقوّم الرماح فإنّه كلف من القول وتخمين.

أَعْوَاءٌ

أَعْوَاءٌ:
موضع في قوله:
بساحة أعواء وناج موائل
وقد قصره الآخر فقال:
بأعوى، ويوم لقيناهم ... بأرعن ذي لجب مبهم
أي يحمل إليهم من الفرسان، ولا أدري أهما موضعان أحدهما مقصور والآخر ممدود أم أصله المدة فقصر ضرورة، على رأي الجماعة، أم أصله القصر فمدّ على رأي الكوفيين خاصّة؟

الشّأمُ

الشّأمُ:
بفتح أوّله، وسكون همزته، والشأم، بفتح همزته، مثل نهر ونهر لغتان، ولا تمد، وفيها لغة ثالثة وهي الشّام، بغير همز، كذا يزعم اللغويون، وقد جاءت في شعر قديم ممدودة، قال زامل بن غفير الطائي يمدح الحارث الأكبر:
وتأبّيّ بالشآم مفيدي ... حسرات يقددن قلبي قدّا
في أبيات وخبر ذكرها بعد، وكذا جاء به أبو
الطيب في قوله:
دون أن يشرق الحجاز ونجد ... والعراقان بالقنا والشّآم
وأنشد أبو عليّ القالي في نوادره:
فما اعتاض المعارف من حبيب ... ولو يعطى الشآم مع العراق
وقد تذكّر وتؤنّث، ورجل شأميّ وشآم، ههنا بالمدّ على فعال، وشآميّ أيضا، حكاه سيبويه، ولا يقال شأم لأنّ الألف عوض من ياء النسبة فإذا زال الألف عادت الياء، وما جاء من ضرورة الشعر فمحمول على أنّه اقتصر من النسبة على ذكر البلد، وامرأة شأميّة، بالتشديد، وشآمية، بتخفيف الياء، وتشاءم الرجل، بتشديد الهمزة، نسب إلى الشام كما تقول تقيّس وتكوّف وتنزّر إذا انتسب إلى قيس والكوفة ونزار، وأشأم إذا أتى الشام، وقال بشر بن أبي خازم:
سمعت بنا قيل الوشاة فأصبحت ... صرمت حبالك في الخليط المشئم
وقال أبو بكر الأنباري: في اشتقاقه وجهان:
يجوز أن يكون مأخوذا من اليد الشّؤمى وهي اليسرى، ويجوز أن يكون فعلى من الشوم، قال أبو القاسم: قال جماعة من أهل اللغة يجوز أن لا يهمز فيقال الشام يا هذا فيكون جمع شامة سميت بذلك لكثرة قراها وتداني بعضها من بعض فشبّهت بالشامات، وقال أهل الأثر: سميت بذلك لأن قوما من كنعان بن حام خرجوا عند التفريق فتشاءموا إليها أي أخذوا ذات الشمال فسميت بالشام لذلك، وقال آخرون من أهل الأثر منهم الشرقي:
سميت الشام بسام بن نوح، عليه السلام، وذلك أنّه أوّل من نزلها فجعلت السين شينا لتغيّر اللفظ العجمي، وقرأت في بعض كتب الفرس في قصة سنحاريب:
أن بني إسرائيل تمزّقت بعد موت سليمان بن داود، عليهما السلام، فصار منهم سبطان ونصف سبط في بيت المقدس، فهم سبط داود، وانخزل تسعة أسباط ونصف إلى مدينة يقال لها شامين، وبها سميت الشام، وهي بأرض فلسطين، وكان بها متجر العرب وميرتهم، وكان اسم الشام الأوّل سورى فاختصرت العرب من شامين الشام وغلب على الصقع كلّه، وهذا مثل فلسطين وقنّسرين ونصيبين وحوّارين، وهو كثير في نواحي الشام، وقيل:
سميت بذلك لأنّها شامة القبلة، قلت: وهذا قول فاسد لأن القبلة لا شامة لها ولا يمين لأنّها مقصد من كل وجه يمنة لقوم وشامة لآخرين، ولكن الأقوال المتقدّمة حسنة جميعها، وأمّا حدّها فمن الفرات إلى العريش المتاخم للدّيار المصريّة، وأمّا عرضها فمن جبلي طيّء من نحو القبلة إلى بحر الروم وما بشأمة ذلك من البلاد، وبها من أمّهات المدن منبج وحلب وحماة وحمص ودمشق والبيت المقدس والمعرّة، وفي الساحل أنطاكية وطرابلس وعكّا وصور وعسقلان وغير ذلك، وهي خمسة أجناد:
جند قنسرين وجند دمشق وجند الأردنّ وجند فلسطين وجند حمص، وقد ذكرت في أجناد، ويعدّ في الشام أيضا الثغور: وهي المصيصة وطرسوس وأذنة وأنطاكية وجميع العواصم من مرعش والحدث وبغراس والبلقاء وغير ذلك، وطولها من الفرات إلى العريش نحو شهر، وعرضها نحو عشرين يوما، وروي عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنّه قال: قسم الخير عشرة أعشار فجعل تسعة أعشار في الشام وعشر في سائر الأرض، وقسم
الشرّ عشرة أعشار فجعل عشر بالشام وتسعة أعشار في سائر الأرض، وقال محمد بن عمر بن يزيد الصاغاني:
إنّي لأجد ترداد الشام في الكتب حتى كأنّها ليست لله تعالى بشيء في الأرض حاجة إلّا بالشام، وروي عن النبي، صلّى الله عليه وسلّم، أنّه قال: الشام صفوة الله من بلاده وإليه يجتبي صفوته من عباده، يا أهل اليمن عليكم بالشام فإن صفوة الله من الأرض الشام، ألا من أبى فإن الله تعالى قد تكفّل لي بالشام، وقال أبو الحسن المدائني: افترض أعرابيّ في الجند فأرسل في بعث إلى الشام ثمّ إلى ساحل البحر، فقال:
أأنصر أهل الشام ممّن أكاءهم ... وأهلي بنجد ذاك حرص على النصر
براغيث تؤذيني إذ النّاس نوّم، ... وليل أقاسيه على ساحل البحر
فإن يك بعث بعدها لم أعد له ... ولو صلصلوا للبحر منقوشة الحمر
وهذا خبر زامل كان نازلا في أخواله كلب فأغار عليهم بنو القين بن جسر فأخذوا ماله فاستنصر أخواله فلم ينصروه فركب جملا وقصد الشام فنزل في روضة فأكل من نجمها وعقل بعيره واضطجع، فما انتبه إلّا وحسّ فارسا قد نزل قريبا منه، فقال له الفارس:
من أنت؟ فانتسب له وقصّ عليه قصته، فقال له الفارس: يا هذا هل عندك من طعام فإنّي طاو منذ أمس؟ فقال له: أتطلب الطعام وهذا اللحم المعرض؟
ثمّ وثب فنحر جمله واحتشّ حطبا وشوى وأطعم الفارس حتى اكتفى، فلما لبث أن ثار العجاج وأقبلت الخيل إلى الفارس يحيونه بتحية الملوك، فركب وقال:
دونكم الرجل أردفوه، فأردفه بعضهم فإذا هو الحارث الأكبر الغساني، فأمر خدمه بإنزال الطائيّ وغفل عنه مدة، فخاف زامل أن يكون قد نسيه فقال لحاجبه: أحبّ أن تبلغ هذه الأبيات إلى الحارث، فأنشد:
أبلغ الحارث المردّد في المك ... رمات والمجد جدّا فجدّا
وابن أرباب واطئ العفر والأر ... حب والمالكين غورا ونجدا
أنّني ناظر إليك ودوني ... عاتقات غاورن قربا وبعدا
آزل نازل بمثوى كريم، ... ناعم البال في مراح ومغدى
غير أنّ الأوطان يجتذب المر ... ء إليها الهوى وإن عاش كدّا
ونأتني بالشّآم مفيدي ... حسرات يقددن قلبي قدّا 
ليس يستعذب الغريب مقاما ... في سوى أرضه وإن نال جدّا
فلمّا بلغت الأبيات الحارث قال: وا سوأتاه! كرم ولؤمنا، وتيقظ ونمنا، وأحسن وأسأنا! ثمّ أذن له فلمّا رآه قال: والله ما يدحض عارها عني إلّا أن أعطيك حتى ترضى، ثمّ أمر له بمائة ناقة وألف شاة وعشرة عبيد وعشر إماء وعشرة أفراس من كرام خيله وألف دينار وقال: يا زامل أما إن الأوطان جواذب كما ذكرت فهل لك أن تؤثر المقام في مدينتنا تكنفك حمايتنا ويتفيأ لك ظلّنا وتسبل عليك صلتنا؟
فقال: أيّها الملك ما كنت لأوثر وطني عليك ولا ألقي مقاليدي إلّا إليك، ثمّ أقام بالشام. وقال جبلة بن الأيهم وهو ببلاد الروم بعد أن تنصّر أنفة من غير أن يقتص في قصة فيها طول فذكرتها في أخبار 

حسان من كتاب الشعراء:
تنصّرت الأشراف من أجل لطمة، ... وما كان فيها لو صبرت لها ضرر
تكنّفني فيها لجاج حميّة، ... فبعت لها العين الصّحيحة بالعور
فيا ليت أمّي لم تلدني وليتني ... رجعت إلى القول الذي قاله عمر
ويا ليتني أرعى المخاض بقفرة، ... وكنت أسيرا في ربيعة أو مضر
ويا ليت لي بالشام أدنى معيشة، ... أجاور قومي ذاهب السّمع والبصر
أدين بما دانوا به من شريعة، ... وقد يصبر العود المسنّ على الدّبر
وفي الحديث عن عبد الله بن حوالة قال: كنّا عند رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، فشكوا إليه الفقر والعري وقلّة الشيء فقال رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم: أبشروا فو الله لأنا من كثرة الشيء أخوف عليكم من قلّته، والله لا يزال هذا الأمر فيكم حتى تفتح أرض فارس وأرض الروم وأرض حمير وحتى تكونوا أجنادا ثلاثة: جند بالشام وجند بالعراق وجند باليمن وحتى يعطى الرجل مائة دينار فيسخطها، قال ابن حوالة: فقلت يا رسول الله من يستطيع الشام وفيه الروم ذات القرون؟ فقال، صلّى الله عليه وسلم: والله ليستخلفنّكم الله فيها حتى تظلّ العصابة منهم البيض قمصهم المحلوقة أقفاؤهم قياما على الرجل الأسود ما أمرهم به فعلوا، وإنّ بها اليوم رجالا لأنتم اليوم أحقر في أعينهم من القردان في أعجاز الإبل، قال ابن حوالة: قلت اختر لي يا رسول الله إن أدركني ذلك، فقال: أختار لك الشام فإنّها صفوة الله من بلاده وإليها يجتبي صفوته من عباده يا أهل الإسلام فعليكم بالشام فإن صفوة الله من الأرض الشام فمن أبى فليلحق بيمينه وليسق بعذره فإنّ الله قد تكفّل لي بالشام وأهله، وقال أحمد بن محمد بن المدبّر الكاتب في تفضيل الشام:
أحبّ الشّام في يسر وعسر، ... وأبغض ما حييت بلاد مصر
وما شنأ الشآم سوى فريق ... برأي ضلالة وردى ومحر
لأضغان تغين على رجال ... أذلّوا يوم صفّين بمكر
وكم بالشّام من شرف وفضل، ... ومرتقب لدى برّ وبحر
بلاد بارك الرّحمن فيها، ... فقدّسها على علم وخبر
بها غرر القبائل من معدّ ... وقحطان ومن سروات فهر
أناس يكرمون الجار حتى ... يجير عليهم من كلّ وتر
وقال البحتري يفضّل الشام على العراق:
نصبّ إلى أرض العراق وحسنه، ... ويمنع عنها قيظها وحرورها
هي الأرض نهواها إذا طاب فصلها ... ونهرب منها حين يحمى هجيرها
عشيقتنا الأولى وخلّتنا التي ... نحبّ وإن أضحت دمشق تغيرها
عنيت بشرق الأرض قدما وغربها ... أجوّب في آفاقها وأسيرها
فلم أر مثل الشام دار إقامة ... لراح أغاديها وكأس أديرها
مصحّة أبدان ونزهة أعين، ... ولهو نفوس دائم وسرورها
مقدّسة جاد الرّبيع بلادها، ... ففي كلّ أرض روضة وغديرها
تباشر قطراها وأضعف حسنها ... بأنّ أمير المؤمنين يزورها
ومسجد الشام ببخارى، نسب إليه أبو سعيد الشامي فقيه حنفيّ. والشام: موضع في بلاد مراد، قال قيس بن مكشوح:
وأعمامي فوارس يوم لحج ... ومرجح إن شكوت ويوم شام

إِسَافٌ

إِسَافٌ:
بكسر الهمزة، وآخره فاء: إساف ونائلة صنمان كانا بمكة. قال ابن إسحاق: هما مسخان وهما إساف بن بغاء ونائلة بنت ذئب، وقيل: إساف بن عمرو ونائلة بنت سهيل وإنهما زنيا في الكعبة فمسخا حجرين فنصبا عند الكعبة، وقيل: نصب أحدهما على الصّفا والآخر على المروة ليعتبر بهما، فقدم الأمر فأمر عمرو بن لحيّ الخزاعي بعبادتهما، ثم حوّلهما قصيّ فجعل أحدهما بلصق البيت وجعل الآخر بزمزم وكان ينحر عندهما وكانت الجاهلية تتمسّح بهما، قال أبو المنذر هشام بن محمد: حدثني أبي عن أبي صالح عن ابن عباس أنّ إسافا رجل من جرهم يقال له إساف بن يعلى، ونائلة بنت زيد من جرهم، وكان يتعشّقها بأرض اليمن فأقبلا حاجّين فدخلا الكعبة فوجدا غفلة من الناس وخلوة في البيت ففجر بها في البيت فمسخا، فأصبحوا فوجدوهما مسخين فأخرجوهما فوضعوهما موضعهما فعبدتهما خزاعة وقريش ومن حجّ البيت بعد من العرب. قال هشام: ولما مسخ إساف ونائلة حجرين وضعا عند الكعبة ليتّعظ بهما الناس، فلما طال مكثهما وعبدت الأصنام عبدا معها، وكان أحدهما بلصق الكعبة فكانوا ينحرون ويذبحون عندهما، فلهما يقول أبو طالب، وهو يحلف بهما حين تحالفت قريش على بني هاشم:
أحضرت عند البيت رهطي ومعشري، ... وأمسكت من أثوابه بالوصائل
وحيث ينيخ الأشعرون ركابهم ... بمفضى السيول، من إساف ونائل
الوصائل: البرود، وقال بشر بن أبي خازم الأسدي في إساف:
عليه الطّير ما يدنون منه، ... مقامات العوارك من إساف فكانا على ذلك، إلى أن كسر هما رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يوم الفتح فيما كسر من الأصنام، وجاء في بعض أحاديث مسلم بن الحجّاج: أنهما كانا بشطّ البحر وكانت الأنصار في الجاهلية تهلّ لهما، وهو وهم، والصحيح أنّ التي كانت بشطّ البحر مناة الطاغية.

شَهْرَسْتَانُ

شَهْرَسْتَانُ:
بفتح أوله، وسكون ثانيه، وبعد الراء سين مهملة، وتاء مثناة من فوقها، وآخره نون، في عدّة مواضع، منها: شهرستان بأرض فارس، وربما سموها شرستان تخفيفا وهم يريدون بالاستان الناحية والشهر المدينة كأنها مدينة الناحية، قال البشاري: هي قصبة سابور وقد كانت عامرة آهلة طيبة، واليوم قد اختلّت وخرب أطرافها إلا أنها كثيرة الخيرات ومعدن الخصائص والأضداد ويجتمع بها الأترج والقصب والزيتون والعنب، وأسعارهم رخيصة، وبها بساتين كثيرة وعيون غزيرة ومساجد
محفوظة، ولها أربعة أبواب: باب هرمز وباب مهر وباب بهرام وباب شهر، وعليها خندق، والنهر دائر على القصبة كلها، وعلى طرف البلد قلعة تسمى دنبلا، وهناك مسجد يزعمون أن النبي، صلى الله عليه وسلم، صلى فيه، ومسجد الخضر بقرب القلعة، وهي في لحف جبل، والبساتين محيطة بها، وبها أثر قنطرة وقد اختلّت بعمارة كازرون، ومع ذلك فهي وبيئة، وجملة أهلها مصفرو الوجوه. وشهرستان أيضا: مدينة جيّ بأصبهان، وهي بمعزل عن المدينة اليهودية العظمى بينهما نحو ميل، ولها ثلاثة أسماء:
يقال لها المدينة وجيّ وشهرستان. وشهرستان أيضا:
بليدة بخراسان قرب نسا بينهما ثلاثة أميال، وهي بين نيسابور وخوارزم، وإليها تنتهي بادية الرمل التي بين خوارزم ونيسابور فإنها على طرفه، رأيتها في سنة 617 وقت هربي من خوارزم من التتر الذين وردوا وخرّبوا البلاد فوجدتها مدينة ليس بقربها بستان، ومزارعها بعيدة منها، والرمال متصلة بها، وقد شرع الخراب فيها، وقد جلا أكثر أهلها من خوف التتر، يعمل بها العمائم الطوال الرفاع، لم أر فيها شيئا من الخصائص المستحسنة، وقد نسب إليها قوم من أهل العلم، منهم: محمد بن عبد الكريم بن أحمد أبو الفتح بن أبي القاسم بن أبي بكر الشهرستاني المتكلم الفيلسوف صاحب التصانيف، قال أبو محمد محمود بن محمد بن عباس بن أرسلان الخوارزمي في تاريخ خوارزم: دخل خوارزم واتخذ بها دارا وسكنها مدة ثم تحول إلى خراسان، وكان عالما حسنا حسن الخط واللفظ لطيف المحاورة خفيف المحاضرة طيّب المعاشرة، تفقه بنيسابور على أحمد الخوافي وأبي نصر القشيري وقرأ الأصول على أبي القاسم الأنصاري وسمع الحديث على أبي الحسن علي ابن أحمد بن محمد المدائني وغيره، ولولا تخبّطه في الاعتقاد وميله إلى هذا الإلحاد لكان هو الإمام، وكثيرا ما كنّا نتعجب من وفور فضله وكمال عقله كيف مال إلى شيء لا أصل له واختار أمرا لا دليل عليه لا معقولا ولا منقولا، ونعوذ بالله من الخذلان والحرمان من نور الإيمان، وليس ذلك إلا لإعراضه عن نور الشريعة واشتغاله بظلمات الفلسفة، وقد كان بيننا محاورات ومفاوضات فكان يبالغ في نصرة مذاهب الفلاسفة والذبّ عنهم، وقد حضرت عدة مجالس من وعظه فلم يكن فيها لفظ قال الله ولا قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ولا جواب عن المسائل الشرعية، والله أعلم بحاله، وخرج من خوارزم سنة 510، وحجّ في هذه السنة ثم أقام ببغداد ثلاث سنين، وكان له مجلس وعظ في النظامية وظهر له قبول عند العوام، وكان المدرس بها يومئذ أسعد الميهني وكان بينهما صحبة سالفة بخوارزم قرّبه أسعد لذلك، سمعت محمد بن عبد الكريم يقول: سئل يوما في محلة ببغداد عن سيدنا موسى، عليه السلام، فقال: التفت موسى يمينا ويسارا، فما رأى من يستأنس به صاحبا ولا جارا، فآنس من جانب الطور نارا، خرجنا نبتغي مكة حجّاجا وعمّارا، فلما بلغ الحيوة حاذى جملي جارا، فصادفنا بها ديرا ورهبانا وخمّارا. وكان قد صنّف كتبا كثيرة في علم الكلام، منها: كتاب نهاية الاقدام، وكتاب الملل والنحل، وكتاب غاية المرام في علم الكلام، وكتاب دقائق الأوهام، وكتاب الإرشاد إلى عقائد العباد، وكتاب المبدإ والمعاد، وكتاب شرح سورة يوسف بعبارة لطيفة فلسفية، وكتاب الأقطار في الأصول، ثم عاد إلى بلده شهرستان فمات بها في سنة 549 أو قريبا منها، ومولده سنة 469.

الشَّبَا

الشَّبَا:
بوزن العصا، وهو جمع شباة حدّ كلّ شيء، قال الأديبي: الشبا موضع بمصر، وقال أبو الحسن المهلّبي: شبا واد بالأثيل من أعراض المدينة فيه عين يقال لها خيف الشبا لبني جعفر بن إبراهيم من بني جعفر بن أبي طالب، قال كثيّر:
تمرّ السّنون الخاليات ولا أرى ... بصحن الشّبا أطلالهنّ تريم
يذكّرنيها كلّ ريح مريضة ... لها بالتّلاع القاويات نسيم
ولست ابنة الضّمريّ منك بناقم ... ذنوب العدى إنّي إذا لظلوم
وإنّي لذو وجد لئن عاد وصلها، وإنّي على ربّي إذا لكريم وقال خليلي: ما لها إذ لقيتها غدة الشّبا فيها عليك وجوم؟ فقلت له: إنّ المودّة بيننا على غير فحش، والصّفاء قديم وإنّي وإن أعرضت عنها تجلّدا على العهد فيما بيننا لمقيم وإنّ زمانا فرّق الدّهر بيننا وبينكم في صرفه لمشوم أبى الدّهر هذا، إن قلبك سالم صحيح وقلبي من هواك سليم
وقال أيضا:
وما أنس م الأشياء لا أنس ردّها ... غداة الشّبا أجمالها واحتمالها
قال: والشبا أيضا مدينة خربة بأوال يعني بأرض هجر والبحرين.

صُغْدُبِيلُ

صُغْدُبِيلُ:
شطره الأوّل كالذي قبله ثمّ باء موحدة، وياء مثناة من تحت، ولام: مدينة بأرض أرمينية على نهر الكر من جانب الشرقي قبالة تفليس، بناها كسرى أنوشروان العادل حيث بني باب الأبواب وأنزلها قوما من أهل الصغد من أبناء فارس وجعلها مسلحة، ووجّه المتوكّل بغا إلى تفليس وقد خرج بها عليه إسحاق بن إسمعيل وأحرق تفليس كلّها وجاء برأسه إلى سرّ من رأى فكان من فصوله من سرّ من رأى إلى أن دخلها ومعه الرأس ثلاثون يوما، فقال الشاعر:
أهلا وسهلا بك من رسول ... جئت بما يشفي من الغليل
بجملة تغني عن التفصيل ... برأس إسحاق بن إسمعيل
وفتح تفليس وصغدبيل
وكان إسحاق بن إسمعيل قد حصّن صغدبيل وجعلها معقله وأودعها أمواله وزوجته ابنة صاحب السرير.

الصُّغْدُ

الصُّغْدُ:
بالضم ثمّ السكون، وآخره دال مهملة، وقد يقال بالسين مكان الصاد: وهي كورة عجيبة قصبتها سمرقند، وقيل: هما صغدان صغد سمرقند وصغد بخارى، وقيل: جنان الدنيا أربع: غوطة دمشق وصغد سمرقند ونهر الأبلّة وشعب بوّان، وهي قرى متصلة خلال الأشجار والبساتين من سمرقند إلى قريب من بخارى لا تبين القرية حتى تأتيها لالتحاف الأشجار بها، وهي من أطيب أرض الله، كثيرة الأشجار غزيرة الأنهار متجاوبة الأطيار، وقال الجيهاني في كتابه: الصغد كصورة إنسان رأسه بنجيكت ورجلاه كشانية وظهره وفر وبطنه كبوكث ويداه ما يمرغ وبزماخر، وجعل مساحته ستة وثلاثين فرسخا في ستة وأربعين، وقال: منبرها الأجلّ سمرقند ثمّ كش ثمّ نسف ثمّ كشانية، وقال غيره: قصبة الصغد إشتيخن، وفضّلها على سمرقند، وبعضهم يجعل بخارى أيضا من الصغد، وقال: إن النهر من أصله إلى بخارى يسمى الصغد، ولا يصحّ هذا، والصغد في الأصل اسم للوادي والنهر الذي تشرب منه هذه النواحي، قالوا: وهذا الوادي مبدؤه من جبال البتّم في بلاد الترك يمتد على ظهر الصغانيان وله مجمع ماء يقال له وي مثل البحيرة حواليها قرى وتعرف الناحية ببرغر فينصبّ منها بين جبال حتى يتصل بأرض بنجيكت ثمّ ينتهي إلى مكان يعرف بورغسر، وبه رأس السّكر ومنه تتشعّب أنهار سمرقند ورساتيق يتصل بها من عرى الوادي من جانب سمرقند، وقد فضل الإصطخري الصغد على الغوطة والأبلّة والشعب قال: لأن الغوطة التي هي أنزه الجميع إذا كنت بدمشق ترى بعينيك على فرسخ أو أقل جبالا قرعا عن النبات والشجر وأمكنة خالية عن العمارة والخضرة، وأكمل النزه ما ملأ البصر ومد الأفق، وأمّا نهر الأبلّة فليس بها ولا بنواحيها مكان يستطرف النظر منه وليس بها مكان عال فلا يدرك البصر أكثر من فرسخ
ولا يستوي المكان المستتر الذي لا يرى منه إلّا مقدار ما يرى ومكان ليس بالمستتر ولا بالنزه، ولم يذكر شعب بوّان، قال: وأما صغد سمرقند فإنّي لا أرى بسمرقند ولا بالصغد مكانا إذا علا الناظر قهندزها أن يقع بصره على جبال خالية من شجر أو خضرة أو غيره وإن كان مزروعا غير أن المزارع في أضعاف خضرة النبات، فصغد سمرقند إذا أنزه البلدان والأماكن المشهورة المذكورة لأنّها من حد بخارى على وادي الصغد يمينا وشمالا يتصل إلى حد البتّم لا ينقطع، ومقداره في المسافة ثمانية أيّام، تشتبك الخضرة والبساتين والرياض وقد حفّت بالأنهار الدائم جريها والحياض في صدور رياضها وميادينها وخضرة الأشجار والزروع ممتدة على حافتي واديها، ومن وراء الخضرة من جانبيها مزارع تكتنفها ومن وراء هذه المزارع مراعي سوامها، وقصورها والقهندزات من كل قرية تلوح في أثناء خضرتها كأنّها ثوب ديباج أخضر وقد طرزت بمجاري مياهها وزينت بتبييض قصورها، وهي أزكى بلاد الله وأحسنها أشجارا وثمارا، وفي عامة مساكن أهلها المياه الجارية والبساتين والحياض قلّ ما تخلو سكة أو دار من نهر جار، وقال أبو يعقوب إسحاق بن حسّان بن قوهي الخرّمي وأصله من الصغد وأقام بمرو وكان صحب عثمان بن خزيم القائد وكان يلي أرمينية فسار خاقان الخزر إلى حربه وعسكر ابن خزيم إزاءه وعقد لأبي يعقوب على الصحابة وأشراف من معه فكرهوا ذلك فقال الخرّمي:
أبالصغد ناس أن تعيرني جمل ... سفاها ومن أخلاق جارتنا الجهل
هم، فاعلموا، أصلي الذي منه منبتي ... على كلّ فرع في التراب له أصل
وما ضرّني أن لم تلدني يحابر، ... ولم تشتمل جرم عليّ ولا عكل
إذا أنت لم تحم القديم بحادث ... من المجد لم ينفعك ما كان من قبل
وقال أيضا:
رسا بالصغد أصل بني أبينا، ... وأفرعنا بمرو الشاهجان
وكم بالصّغد لي من عمّ صدق ... وخال ماجد بالجوزجان
وقد نسب إلى الصغد طائفة كثيرة من أهل العلم، وجعلها الحازمي صغدين: صغد بخارى وصغد سمرقند منهم أيوب بن سليمان بن داود الصغدي، حدّث عن أبي اليمان الحكم بن نافع الحمصي والربيع بن روح ويحيى بن يزيد الخوّاص وغيرهم، وتوفي سنة 274.

صَغَانِيَانُ

صَغَانِيَانُ:
بالفتح، وبعد الألف نون ثمّ ياء مثناة من تحت، وآخره نون، والعجم يبدلون الصاد جيما فيقولون جغانيان: ولاية عظيمة بما وراء النهر متصلة
الأعمال بترمذ، قال أبو عبد الله محمد بن أحمد البنّاء البشّاري: صغانيان ناحية شديدة العمارة كثيرة الخيرات، والقصبة أيضا على هذا الاسم تكون مثل الرملة إلّا أن تلك أطيب والناحية مثل فلسطين إلّا أن تلك أرحب، مشاربهم من أنهار تمد إلى جيحون غير أن موادّها تنقطع عنه في بعض السنة، والناحية تتصل بأراضي ترمذ فيها جبال وسهول، قال: وبها ستة عشر ألف قرية، كذا قال، وقال: يخرج منه عشرة آلاف مقاتل بنفقاتهم ودوابهم إذا خرج على السلطان خارج، وبها رخص وسعة في العيش، وجامعها في وسط السوق، وفي كلّ دار من دورهم ماء جار قد أحدقت به الأشجار، وبها أجناس الطيور كثيرة الصيد، وفيها من المراعي ما يغيب فيه الفارس، وهم أهل سنّة وجماعة، يحبّون الغريب والصالحين، إلّا أنّها قليلة العلماء خالية من الفقهاء، وهي كانت معقل أبي عليّ بن محتاج لما خالف على نوح وكان يقاومه بها وذلك ممّا يدلّ على عظمها، وقد نسبوا إليها على لفظين صغانيّ وصاغانيّ، منهم: أبو بكر محمد بن إسحاق بن جعفر الصغاني نزيل بغداد أحد الثقات، يروي عن أبي القاسم النبيل وأبي مسهر وعبد الله بن موسى ويزيد بن هارون وغيرهم، روى عنه مسلم ابن الحجّاج القشيري وأبو عيسى الترمذي، ومات سنة 270، وعرف بالصاغاني أبو العباس الفضل بن العباس بن يحيى بن الحسين الصاغاني، له تصانيف في كلّ فن وتصنيفه في الحديث أحسن منها، سمع السيد أبا الحسن محمد بن الحسين العلوي ومحمد بن محمد بن عبدوس الحيري. قدم بغداد سنة 420 حاجّا، وسمع منه أبو بكر الخطيب.

الصَّعيدُ

الصَّعيدُ:
بالفتح ثمّ الكسر، قال الزجّاج: الصعيد وجه الأرض، قال: وعلى الإنسان في التيمّم أن يضرب بيديه وجه الأرض ولا يبالي إن كان في الموضع تراب أو لم يكن لأن الصعيد ليس هو التراب، وفي القرآن المجيد قوله تعالى: فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً 18: 40، فأخبرك أنّه يكون زلقا، وغيره يقول: الصعيد التراب نفسه، وقال ابن الأعرابي: الصعيد الأرض بعينها، والجمع صعدات وصعدان، وقال الفرّاء: الصعيد التراب، والصعيد الأرض، والصعيد الطريق يكون واسعا أو ضيّقا، والصعيد الموضع العريض الواسع، والصعيد القبر، والصعيد: واد قرب وادي القرى فيه مسجد لرسول الله، صلى الله عليه وسلّم، عمّره في طريقه إلى تبوك، وفي كتاب الجزيرة للأصمعي يعدد منازل بني عقيل وعامر ثم قال: وأرض بقية عامر صعيد.
والصعيد: بمصر بلاد واسعة كبيرة فيها عدة مدن عظام منها أسوان، وهي أوّله من ناحية الجنوب، ثمّ قوص وقفط وإخميم والبهنسا وغير ذلك، وهي تنقسم ثلاثة أقسام: الصعيد الأعلى وحدّه أسوان وآخره قرب إخميم، والثاني من إخميم إلى البهنسا، والأدنى من البهنسا إلى قرب الفسطاط، وذكر أبو عيسى التويس أحد الكتّاب الأعيان قال: الصعيد تسعمائة وسبع وخمسون قرية، والصعيد في جنوبي الفسطاط ولاية يكتنفها جبلان والنيل يجري بينهما والقرى والمدن شارعة على النيل من جانبيه وبنحو منه الجنان مشرفة والرياض بجوانبه محدقة أشبه شيء بأرض العراق ما بين واسط والبصرة، وبالصعيد عجائب عظيمة وآثار قديمة، في جبالها وبلادها مغاور مملوءة من الموتى الناس والطيور والسنانير والكلاب جميعهم مكفّنون بأكفان غليظة جدّا من كتّان شبيهة بالأعدال التي تجلب فيها الأقمشة من مصر، والكفن على هيئة قماط المولود لا يبلى، فإذا حللت الكفن عن الحيوان تجده لم يتغيّر منه شيء، قال الهروي: رأيت جويرية قد أخذ كفنها عنها وفي يدها ورجلها أثر الخضاب من الحنّاء وبلغني بعد أن أهل الصعيد ربّما حفروا الآبار فينتهون إلى الماء فيجدون هناك قبورا منقورة في حجارة كالحوض مغطاة بحجر آخر فإذا كشف عنه وضربه الهواء تفتّت بعد أن كان قطعة واحدة، ويزعمون أن الموميا المصري يؤخذ من رؤوس هؤلاء الموتى وهو أجود من المعدنيّ الفارسي، وبالصعيد حجارة كأنّها الدنانير المضروبة ورباعيات عليها كالسكة وحجارتها كأنّها العدس، وهي كثيرة جدّا يزعمون أنّها دنانير فرعون وقومه مسخها الله تعالى.

صَرْخَدُ

صَرْخَدُ:
بالفتح ثمّ السكون، والخاء معجمة، والدال مهملة: بلد ملاصق لبلاد حوران من أعمال دمشق، وهي قلعة حصينة وولاية حسنة واسعة، ينسب إليها الخمر، قال الشاعر:
ولذّ كطعم الصرخديّ تركته ... بأرض العدى من خشية الحدثان
اللذّ ههنا: النوم.
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.