Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: بأر

نُوبَهارُ

نُوبَهارُ:
بالضم ثم السكون، وباء موحدة مفتوحة، وهاء، وألف، وراء، في موضعين: أحدهما قرب الريّ، قال أبو الفضل بن العميد: خرج ابن عبّاد من الريّ يريد أصبهان ومنزله ورامين وهي قرية كالمدينة فتجاوزها إلى قرية عامرة وماء ملح لغير شيء إلا ليكتب إليّ: كتابي هذا من النوبهار يوم السبت نصف النهار، ونوبهار أيضا: ببلخ بناء للبرامكة، قال عمر بن الأزرق الكرماني: كانت البرامكة أهل شرف على وجه الدهر ببلخ قبل ملوك الطوائف وكان دينهم عبادة الأوثان فوصفت لهم مكة وحال الكعبة بها وما كانت قريش ومن والاها من العرب يأتون إليها ويعظمونها فاتخذوا بيت النوبهار مضاهاة لبيت الله الحرام ونصبوا حوله الأصنام وزينوه بالديباج والحرير وعلّقوا عليه الجواهر النفيسة، وتفسير النوبهار البهار الجديد لأن نو الجديد، وكانت سنّتهم إذا بنوا بناء حسنا أو عقدوا بابا جديدا أو طاقا شريفا كلّلوه بالريحان، وتوخّوا لذلك أول ريحان يطلع في ذلك الوقت، فلما بنوا ذلك البيت جعلوا عليه أول ما يظهر من الريحان وكان البهار فسمي نوبهار لذلك، وكانت الفرس تعظّمه وتحج إليه وتهدي له وتلبسه أنواع الثياب وتنصب على أعلى قبّته الأعلام، وكانوا يسمّون قبته الأستن، وكانت مائة ذراع في مثلها وارتفاعها فوق مائة ذراع بأروقة مستديرة حولها، وكان حول البيت ثلاثمائة وستون مقصورة يسكنها خدّامه وقوّامه وسدنته، وكان على كل واحد من سكان تلك المقاصير خدمة يوم لا يعود إلى الخدمة حولا كاملا، ويقال إن الريح ربما حملت الحرير من العلم الذي فوق القبة فتلقيه بترمذ وبينهما اثنا عشر فرسخا، وكانوا يسمون السادن الأكبر برمك لتشبيههم البيت بمكة يسمون سادنه برمكة، فكان كل من ولي منهم
السدانة برمكا، وكانت ملوك الهند والصين وكابل شاه وغيرهم من الملوك تدين بذلك الدين وتحج إلى هذا البيت، وكانت سنّتهم إذا هم وافوه أن يسجدوا للصنم الأكبر ويقبّلوا يد برمك، وجعلوا للبرمك ما حول النوبهار من الأرضين سبعة فراسخ في مثلها، وجميع أهل ذلك الرستاق عبيد له يحكم فيهم بما يريد، وصيروا للبيت وقوفا كثيرة وضياعا عظيمة سوى ما يحمل إليه من الهدايا التي تتجاوز الحدّ، وكل ذلك يصل إلى برمك الذي يكون عليه، فلم يزل يليه برمك بعد برمك إلى أن افتتحت خراسان في أيام عثمان بن عفّان وانتهت السدانة إلى برمك أبي خالد بن برمك فسار إلى عثمان مع رهائن كانوا ضمنوا مالا عن البلد، ثم إنه رغب في الإسلام فأسلم وسمي عبد الله ورجع إلى أهله وولده وبلده، فأنكروا إسلامه وجعلوا بعض ولده مكانه برمكا، فكتب إليه نيزك طرخان أحد الملوك يعظم ما أتاه من الإسلام ويدعوه إلى الرجوع إلى دين آبائه، فأجابه برمك: إني إنما دخلت في هذا الدين اختيارا له وعلما بفضله من غير رهبة ولم أكن لأرجع إلى دين بادي العوار مهتك الأستار، فغضب نيزك وزحف إلى برمك في جمع كثير، فكتب إليه برمك: قد عرفت حبي للسلامة وإني قد استنجدت الملوك فأنجدوني فاصرف عني أعنّة خيلك وإلا حملتني على لقائك! فانصرف عنه ثم استغرّه وبيّته فقتله وعشرة بنين له فلم يبق له سوى طفل وهو برمك أبو خالد فإن أمه هربت به وكان صغيرا إلى بلاد القشمير من بلاد الهند فنشأ هناك وتعلم علم الطبّ والنجوم وأنواعا من الحكمة وهو على دين آبائه، ثم إن أهل بلده أصابهم طاعون ووباء فتشاءموا بمفارقة دينهم ودخولهم في الإسلام، فكتبوا إلى برمك حتى قدم عليهم فأجلسوه في مكان آبائه وتولى النوبهار، ثم تزوّج برمك بنت ملك الصغانيان فولدت له الحسن وبه كان يكنى وخالدا وعمرا وأختا يقال لها أم خالد، وسليمان بن برمك أمه امرأة من أهل بخارى، وكان ابن برمك وأم القاسم من امرأة أخرى بخاريّة أيضا، ولما فتح عبد الله بن عامر بن كريز خراسان أنفذ قيس بن الهيثم حتى قدم مدينة بلخ وقدّم بين يديه عطاء ابن السائب فدخل بلخ وخرّب النوبهار، وقال بعض الشعراء يذكر النوبهار:
أوحش النوبهار من بعد جعفر، ... ولقد كان بالبرامك يعمر
قل ليحيى: أين الكهانة والسح ... ر وأين النجوم عن قتل جعفر؟
أنسيت المقدار أم زاغت الشم ... س عن الوقت حين قمت تقدّر!
وقال أبو بكر الصولي: حدثنا محمد بن الفضل المذاري عن علي بن محمد النوفلي قال: كان برمك يعمّر النوبهار ويقوم به، وهو اسم لبيت النار الذي كان ببلخ يعظم قدره بذلك، فصار ابنه خالد بن برمك بعده، فقال أبو الهول الحميري يمدح الفضل بن الربيع ويهجو الفضل بن يحيى بن خالد البرمكي:
فضلان ضمّهما اسم وشتّت الأخبار ... آثار فضل الربيع مساجد ومنار
وفضل يحيى ببلخ آثاره النوبهار ... وما سواه إذا ما أثيرت الآثار
بيت يوحّد فيه ويعبد الجبّار ... وبيت شرك وكفر به تعظّم نار

نهرُ شَيْلَى

نهرُ شَيْلَى:
بأرض السواد ثم أرض الأنبار، وهو شيلى بن فرّخ زادان المروزي وولده يدّعون أن سابور حفره لجدّهم حين رتبه بنغيا من طسوج الأنبار، والذي يقوله غيرهم أنه نسب إلى رجل كان متقبلا لحفره ثم عرف بنهر زياد ابن أبيه لأنه استحدث حفره، وقيل إن رجلا يقال له شيلى كانت له عليه مبقلة في أيام المنصور وإن هذا النهر كان قديما وقد انطمّ فأمر المنصور بحفره فلم يستتم حتى توفي فاستتم في خلافة المهدي.

وادي القُرَى

وادي القُرَى:
قد ذكرته في القرى وبسطت من القول وذكرت اشتقاقه ولا فائدة في تكراره: وهو واد بين المدينة والشام من أعمال المدينة كثير القرى، والنسبة إليه واديّ، وإليه نسب عمر الوادي، وفتحها النبي، صلّى الله عليه وسلّم، سنة سبع عنوة ثم صولحوا على الجزية، قال أحمد بن جابر: في سنة سبع لما فرغ النبي، صلّى الله عليه وسلّم، من خيبر توجه إلى وادي القرى فدعا أهلها إلى الإسلام فامتنعوا عليه وقاتلوه ففتحها عنوة وغنم أموالها وأصاب المسلمون منهم أثاثا ومتاعا فخمّس رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، ذلك وترك النخل والأرض في أيدي اليهود وعاملهم على نحو ما عامل عليه أهل خيبر، فقيل إن عمر، رضي الله عنه، أجلى يهودها فيمن أجلى فقسمها بين من قاتل عليها، وقيل إنه لم يجلهم لأنها خارجة عن الحجاز وهي الآن مضافة إلى عمل المدينة، وكان فتحها في جمادى الآخرة سنة سبع، وقال القاضي أبو يعلى عبد الباقي بن أبي الحصين المعزّي:
إذا غبت عن ناظري لم يكد ... يمرّ به، وأبيك، الكرى
فيؤلمني أنني لا أرا ... ك إذا ما طلبتك فيمن أرى
لقد كذب النوم فيما استقل ... بشخصك في مقلتي وافترى
وكيف وداري بأرض الشآم ... ودارك أرض بوادي القرى؟
وبعد فلي أمل في اللقاء ... لأني وإياك فوق الثّرى
وقال جميل:
ألا ليت شعري هل أبيتنّ ليلة ... بوادي القرى إني إذا لسعيد
وهل أرين جملا به وهي أيّم، ... وما رثّ من حبل الوصال جديد؟
وقد نسب إلى وادي القرى جماعة، منهم: يحيى بن أبي عبيدة الواديّ أصله من وادي القرى واسمه يحيى ابن رجاء بن مغيث مولى قريش ثقة في الحديث، قال لنا أبو عروبة: كنيته أبو محمد، وقال: رأيته وسمعت منه، ومات في سنة 240 في جمادى الأولى، هكذا ذكره علي بن الحسين بن علي بن الحرّاني الحافظ في تاريخ الجزري وجمعه، وعمر بن داود بن زاذان مولى عثمان بن عفّان، رضي الله عنه، المعروف بعمر الواديّ المغني، وكان مهندسا في أيام الوليد بن يزيد ابن عبد الملك، ولما قتل هرب، وهو أستاذ حكم الوادي.

واسِطٌ

واسِطٌ:
في عدة مواضع: نبدأ أولا بواسط الحجاج لأنه أعظمها وأشهرها ثم نتبعها الباقي، فأوّل ما نذكر لم سميت واسطا ولم صرفت: فأما تسميتها فلأنها متوسطة بين البصرة والكوفة لأن منها إلى كل واحدة منهما خمسين فرسخا، لا قول فيه غير ذلك إلا ما ذهب إليه بعض أهل اللغة حكاية عن الكلبي أنه كان قبل عمارة واسط هناك موضع يسمّى واسط قصب، فلما عمّر الحجاج مدينته سمّاها باسمها، والله أعلم، قال المنجمون: طول واسط إحدى وسبعون درجة وثلثان، وعرضها اثنتان وثلاثون درجة وثلث، وهي في الإقليم الثالث، قال أبو حاتم:
واسط التي بنجد والجزيرة يصرف ولا يصرف، وأما واسط البلد المعروف فمذكّر لأنهم أرادوا بلدا واسطا أو مكانا واسطا فهو منصرف على كل حال والدليل على ذلك قولهم واسطا بالتذكير ولو ذهب به إلى التأنيث لقالوا واسط، قالوا: وقد يذهب به مذهب البقعة والمدينة فيترك صرفه، وأنشد سيبويه في ترك الصرف:
منهنّ أيام صدق قد عرفت بها ... أيام واسط والأيام من هجرا
ولقائل أن يقول: إنه لم يرد واسط هذه، فيرجع إلى
ما قاله أبو حاتم، قال الأسود: وأخبرني أبو النّدى قال: إن للعرب سبعة أواسط: واسط نجد، وهو الذي ذكره خداش بن زهير حيث قال:
عفا واسط كلّاؤه فمحاضره ... إلى حيث نهيا سيله فصدائره
وواسط الحجاز، وهو الذي ذكره كثيّر فقال:
أجدّوا فأما أهل عزّة غدوة ... فبانوا وأما واسط فمقيم
وواسط الجزيرة، قال الأخطل:
كذبتك عينك أم رأيت بواسط ... غلس الظلام من الرّباب خيالا؟
وقال أيضا:
عفا واسط من أهل رضوى فنبتل ... فمجتمع الحرّين فالصبر أجمل
وواسط اليمامة، وهو الذي ذكره الأعشى، وواسط العراق، قال: وقد نسيت اثنين، وأول أعمال واسط من شرقي دجلة فم الصلح ومن الجانب الغربي زرفامية، وآخر أعمالها من ناحية الجنوب البطائح وعرضها الخيثمية المتصلة بأعمال باروسما وعرضها من ناحية الجانب الشرقي عند أعمال الطيب، وقال يحيى بن مهدي بن كلال: شرع الحجاج في عمارة واسط في سنة 84 وفرغ منها في سنة 86 فكان عمارتها في عامين في العام الذي مات فيه عبد الملك بن مروان، ولما فرغ منها كتب إلى عبد الملك: إني اتخذت مدينة في كرش من الأرض بين الجبل والمصرين وسمّيتها واسطا، فلذلك سمّي أهل واسط الكرشيّين، وقال الأصمعي: وجّه الحجاج الأطبّاء ليختاروا له موضعا حتى يبني فيه مدينة فذهبوا يطلبون ما بين عين التمر إلى البحر وجوّلوا العراق ورجعوا وقالوا: ما أصبنا مكانا أوفق من موضعك هذا في خفوف الريح وأنف البرّيّة، وكان الحجاج قبل اتخاذه واسطا أراد نزول الصين من كسكر وحفر بها نهر الصين وجمع له الفعلة ثم بدا له فعمّر واسطا ثم نزل واحتفر النيل والزاب وسمّاه زابا لأخذه من الزاب القديم وأحيا ما على هذين النهرين من الأرضين ومصر مدينة النيل، وقال قوم: إن الحجاج لما فرغ من حروبه استوطن الكوفة فآنس منهم الملال والبغض له، فقال لرجل ممن يثق بعقله:
امض وابتغ لي موضعا في كرش من الأرض أبني فيه مدينة وليكن على نهر جار، فأقبل ملتمسا ذلك حتى سار إلى قرية فوق واسط بيسير يقال لها واسط القصب فبات بها واستطاب ليلها واستعذب أنهارها واستمرأ طعامها وشرابها فقال: كم بين هذا الموضع والكوفة؟ فقيل له: أربعون فرسخا، قال: فإلى المدائن؟ قالوا: أربعون فرسخا، قال: فإلى الأهواز؟ قالوا: أربعون فرسخا، قال: فللبصرة؟
قالوا: أربعون فرسخا، قال: هذا موضع متوسط، فكتب إلى الحجاج بالخبر ومدح له الموضع، فكتب إليه: اشتر لي موضعا ابني فيه مدينة، وكان موضع واسط لرجل من الدهاقين يقال له داوردان فساومه بالموضع فقال له الدهقان: ما يصلح هذا الموضع للأمير، فقال: لم؟ فقال: أخبرك عنه بثلاث خصال تخبره بها ثم الأمر إليه، قال: وما هي؟ قال: هذه بلاد سبخة البناء لا يثبت فيها، وهي شديدة الحرّ والسموم وإن الطائر لا يطير في الجوّ إلا ويسقط لشدّة الحر ميتا، وهي بلاد أعمار أهلها قليلة، قال: فكتب بذلك إلى الحجاج، فقال: هذا رجل يكره مجاورتنا فأعلمه أنّا سنحفر بها الأنهار ونكثر من البناء والغرس فيها ومن الزرع حتى تعذو وتطيب، وأما
قوله إنها سبخة وإن البناء لا يثبت فيها فسنحكمه ثم نرحل عنه فيصير لغيرنا، وأما قلة أعمار أهلها فهذا شيء إلى الله تعالى لا إلينا، وأعلمه أننا نحسن مجاورتنا له ونقضي ذمامه بإحساننا إليه، قال: فابتاع الموضع من الدهقان وابتدأ في البناء في أول سنة 83 واستتمه في سنة 86 ومات في سنة 95.
وحدّث عليّ بن حرب الموصلي عن أبي البختري وهب عن عمرو بن كعب بن الحارث الحارثي قال:
سمعت خالي يحيى بن الموفق يحدث عن مسعدة بن صدقة العبدي قال: أنبأنا عبد الله بن عبد الرحمن حدثنا سماك بن حرب قال: استعملني الحجاج بن يوسف على ناحية بادوريا، فبينما أنا يوما على شاطئ دجلة ومعي صاحب لي إذا أنا برجل على فرس من الجانب الآخر فصاح باسمي واسم أبي، فقلت: ما تشاء؟ فقال: الويل لأهل مدينة تبنى ههنا، ليقتلنّ فيها ظلما سبعون ألفا! كرّر ذلك ثلاث مرّات ثم أقحم فرسه في دجلة حتى غاب في الماء، فلما كان من قابل ساقني القضاء إلى ذلك الموضع فإذا أنا برجل على فرس فصاح بي كما صاح في المرّة الأولى وقال كما قال وزاد: سيقتل من حولها ما يستقلّ الحصى لعددهم، ثم أقحم فرسه في الماء حتى غاب، قال: وكانوا يرون أنها واسط وما قتل الحجاج فيها، وقيل إنه أحصي في محبس الحجاج ثلاثة وثلاثون ألف إنسان لم يحبسوا في دم ولا تبعة ولا دين وأحصي من قتله صبرا فبلغوا مائة وعشرين ألفا، ونقل الحجاج إلى قصره والمسجد الجامع أبوابا من الزند ورد والدّوقرة ودير ماسرجيس وسرابيط فضجّ أهل هذه المدن وقالوا:
قد غصبتنا على مدائننا وأموالنا، فلم يلتفت إلى قولهم، قالوا: وأنفق الحجاج على بناء قصره والجامع والخندقين والسور ثلاثة وأربعين ألف ألف درهم، فقال له كاتبه صالح بن عبد الرحمن: هذه نفقة كثيرة وإن احتسبها لك أمير المؤمنين وجد في نفسه، قال: فما نصنع؟
قال: الحروب لها أجمل، فاحتسب منها في الحروب بأربعة وثلاثين ألف ألف درهم واحتسب في البناء تسعة آلاف ألف درهم، قال: ولما فرغ منه وسكنه أعجبه إعجابا شديدا، فبينما هم ذات يوم في مجلسه إذ أتاه بعض خدمه فأخبره أن جارية من جواريه وقد كان مائلا إليها قد أصابها لمم فغمّه ذلك ووجّه إلى الكوفة في إشخاص عبد الله بن هلال الذي يقال له صديق إبليس، فلما قدم عليه أخبره بذلك فقال: أنا أحل السحر عنها، فقال له: افعل، فلما زال ما كان بها قال الحجاج: ويحك إني أخاف أن يكون هذا القصر محتضرا! فقال له: أنا أصنع فيه شيئا فلا ترى ما تكرهه، فلما كان بعد ثلاثة أيام جاء عبد الله بن هلال يخطر بين الصفين وفي يده قلّة مختومة فقال: أيها الأمير تأمر بالقصر أن يمسح ثم تدفن هذه القلة في وسطه فلا ترى فيه ما تكرهه أبدا، فقال الحجاج له: يا ابن هلال وما علامة ذلك؟ قال:
أن يأمر الأمير برجل من أصحابه بعد آخر من أشداء أصحابه حتى يأتي على عشرة منهم فليجهدوا أن يستقلوا بها من الأرض فإنهم لا يقدرون، فأمر الحجاج محضره بذلك فكان كما قال ابن هلال، وكان بين يدي الحجاج مخصرة فوضعها في عروة القلة ثم قال:
بسم الله الرّحمن الرّحيم، إن ربكم الله الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش، ثم شال القلة فارتفعت على المخصرة فوضعها ثم فكّر منكّسا رأسه ساعة ثم التفت إلى عبد الله بن هلال فقال له: خذ قلتك والحق بأهلك، قال: ولم؟ قال:
إن هذا القصر سيخرب بعدي وينزله غيري ويختفر محتفر فيجد هذه القلة فيقول لعن الله الحجاج إنما كان
يبدأ أمره بالسحر، قال: فأخذها ولحق بأهله، قالوا: وكان ذرع قصره أربعمائة في مثلها وذرع مسجد الجامع مائتين في مائتين وصف الرحبة التي تلي صفّ الحدّادين ثلاثمائة في ثلاثمائة وذرع الرحبة التي تلي الجزّارين والحوض ثلاثمائة في مائة والرحبة التي تلي الإضمار مائتين في مائة، وكان محمد بن القاسم مقلد الهند والسند فأهدى إلى الحجاج فيلا فحمل من البطائح في سفينة فلما صار بواسط أخرج في المشرعة التي تدعى مشرعة الفيل فسميت به إلى الساعة، ولما فرغ الحجاج من بناء واسط أمر بإخراج كل نبطيّ بها وقال: لا يدخلون مدينتي فإنهم مفسدة، فلما مات دخلوها عن قريب، وذكر الحجاج عند عبد الوهاب الثقفي بسوء فغضب وقال: إنما تذكرون المساوي، أوما تعلمون أنه أول من ضرب درهما عليه لا إله إلا الله محمد رسول الله وأول من بنى مدينة بعد الصحابة في الإسلام وأول من اتخذ المحامل، وأن امرأة من المسلمين سبيت بالهند فنادت يا حجاجاه فاتصل به ذلك فجعل يقول:
لبيك لبيك! وأنفق سبعة آلاف ألف درهم حتى افتتح الهند واستنقذ المرأة وأحسن إليها واتخذ المناظر بينه وبين قزوين، وكان إذا دخّن أهل قزوين دخّنت المناظر إن كان نهارا، وإن كان ليلا أشعلوا نيرانا فتجرّد الخيل إليهم فكانت المناظر متصلة بين قزوين وواسط فكانت قزوين ثغرا حينئذ. وأما قولهم تغافل واسطيّ قال المبرّد: سألت الثوري عنه فقال: إن الحجاج لما بناها قال: بنيت مدينة في كرش من الأرض، كما قدمنا، فسمي أهلها الكرشيّين، فكان إذا مر أحدهم بالبصرة نادوا يا كرشيّ فتغافل عن ذلك ويري أنه لا يسمع أو أن الخطاب ليس معه، ولقد جاءني بخوارزم أحد أعيان أدبائها وسألني عن هذا المثل وقال لي:
قد أطلت السؤال عنه والتفتيش عن معنى قولهم: تغافل واسطي، فلم أظفر به، ولم يكن لي في ذلك الوقت به علم حتى وجدته بعد ذلك فأخبرته ثم وضعته أنا ههنا، ورأيت أنا واسطا مرارا فوجدتها بلدة عظيمة ذات رساتيق وقرى كثيرة وبساتين ونخيل يفوت الحصر، وكان الرخص موجودا فيها من جميع الأشياء ما لا يوصف بحيث أني رأيت فيها كوز زبد بدرهمين واثنتي عشرة دجاجة بدرهم وأربعة وعشرين فروجا بدرهم والسمن اثنا عشر رطلا بدرهم والخبز أربعون رطلا بدرهم واللبن مائة وخمسون رطلا بدرهم والسمك مائة رطل بدرهم وجميع ما فيها بهذه النسبة، وممن ينسب إليها خلف بن محمد بن علي ابن حمدون أبو محمد الواسطي الحافظ صاحب كتاب أطراف أحاديث صحيحي البخاري ومسلم، حدث عن أحمد بن جعفر القطيعي والحسين بن أحمد المديني وأبي بكر الإسماعيلي وغيرهم، روى عنه الحاكم أبو عبد الله وأبو نعيم الأصبهاني وغيرهما، وأنشدني التنوخي للفضل الرقاشي يقول:
تركت عيادتي ونسيت برّي، ... وقدما كنت بي برّا حفيّا
فما هذا التغافل يا ابن عيسى؟ ... أظنّك صرت بعدي واسطيّا
وأنشدني أحمد بن عبد الرحمن الواسطي التاجر قال:
أنشدني أبو شجاع بن دوّاس القنا لنفسه:
يا ربّ يوم مرّ بي في واسط ... جمع المسرة ليله ونهاره
مع أغيد خنث الدلال مهفهف ... قد كاد يقطع خصره زنّاره
وقميص دجلة بالنسيم مفرّك ... كسر تجرّ ذيوله أقطاره
وأنشدني أيضا لأبي الفتح المانداني الواسطي:
عرّج على غربيّ واسط إنني ... دائي الدويّ بها وفرط سقامي
وطني وما قضّيت فيه لبانتي، ... ورحلت عنه وما قضيت مرامي
وقال بشار بن برد يهجو واسطا:
على واسط من ربها ألف لعنة، ... وتسعة آلاف على أهل واسط
أيلتمس المعروف من أهل واسط ... وواسط مأوى كلّ علج وساقط؟
نبيط وأعلاج وخوز تجمّعوا ... شرار عباد الله من كل غائط
وإني لأرجو أن أنال بشتمهم ... من الله أجرا مثل أجر المرابط
وقال غيره يهجوهم:
يا واسطيين اعلموا أنني ... بذمّكم دون الورى مولع
ما فيكم كلكم واحد ... يعطي ولا واحدة تمنع
وقال محمد بن الأجلّ هبة الله بن محمد بن الوزير أبي المعالي بن المطلب يلقب بالجرد يذكر واسطا:
لله واسط ما أشهى المقام بها ... إلى فؤادي وأحلاه إذا ذكرا!
لا عيب فيها، ولله الكمال، سوى ... أنّ النسيم بها يفسو إذا خطر!
وواسط أيضا: قرية متوسطة بين بطن مرّ ووادي نخلة ذات نخيل، قال لي صديقنا الحافظ أبو عبد الله محمد بن محمود النجار: كنت ببطن مرّ فرأيت نخلا عن بعد فسألت عنه فقيل لي هذه قرية يقال لها واسط، وقال بعض شعراء الأعراب يذكر واسطا في بلادهم:
ألا أيها الصّمد الذي كان مرّة ... تحلّل سقّيت الأهاضيب من صمد
ومن وطن لم تسكن النفس بعده ... إلى وطن في قرب عهد ولا بعد
ومنزلتي دلقاء من بطن واسط ... ومن ذي سليل كيف حالكما بعدي
تتابع أمطار الربيع عليكما، ... أما لكما بالمالكية من عهد؟
وواسط أيضا: قرية مشهورة ببلخ، قال إبراهيم ابن أحمد السراج: حدثنا محمد بن إبراهيم المستملي بحديث ذكره محمد بن محمد بن إبراهيم الواسطي واسط بلخ، قال أبو إسحاق المستملي في تاريخ بلخ:
نور بن محمد بن علي الواسطي واسط بلخ وبشير بن ميمون أبو صيفي من واسط بلخ عن عبيد المكتب وغيره حدث عنه قتيبة، وقال أبو عبيدة في شرح قول الأعشى:
في مجدل شيّد بنيانه ... يزلّ عنه ظفر الطائر
مجدل: حصن لبني السّمين من بني حنيفة يقال له واسط.
واسط أيضا: قرية بحلب قرب بزاعة مشهورة عندهم وبالقرب منها قرية يقال لها الكوفة.
وواسط أيضا: قرية بالخابور قرب قرقيسيا، وإياها عنى الأخطل فيما أحسب لأن الجزيرة منازل تغلب:
عفا واسط من أهل رضوى فنبتل وواسط أيضا: بدجيل على ثلاثة فراسخ من بغداد، قال الحافظ أبو موسى: سمعت أبا عبد الله يحيى بن
أبي علي البنّاء ببغداد، حدثني القاضي أبو عبد الله محمد ابن أحمد بن شاده الأصبهاني ثم الواسطي، واسط دجيل على ثلاثة فراسخ من بغداد، ومحمد بن عمر بن علي العطار الحربي ثم الواسطي واسط دجيل، روى عن محمد بن ناصر السلامي، روى عنه جماعة، منهم:
محمد بن عبد الغني بن نقطة.
واسط الرّقّة: كان أول من استحدثها هشام بن عبد الملك لما حفر الهنيّ والمريّ، قال أبو الفضل قال أبو علي صاحب تاريخ الرقة: سعيد بن أبي سعيد الواسطي واسم أبيه مسلمة بن ثابت خراسانيّ سكن واسط الرقة وكان شيخا صالحا، حدث أبوه مسلمة عن شريك وغيره، قال أبو علي:
سمعت الميمون يقول ذكروا أن الزهري لما قدم واسط الرقة عبر إليه سبعة من أهل الرقة، وذكر قصة، وواسط هذه: قرية غربي الفرات مقابل الرقة، وقال أبو حاتم: واسط بالجزيرة فهي هذه أو التي بقرقيسيا أو غيرها، قال كثيّر عزة:
سألت حكيما أين شطّت بها النوى، ... فخبّرني ما لا أحبّ حكيم
أجدّوا، فأما آل عزّة غدوة ... فبانوا وأما واسط فمقيم
فما للنوى؟ لا بارك الله في النوى! ... وعهد النوى عند الفراق ذميم
شهدت لئن كان الفؤاد من النوى ... معنّى سقيما إنني لسقيم
فإمّا تريني اليوم أبدي جلادة ... فإني لعمري تحت ذاك كليم
وما ظعنت طوعا ولكن أزالها ... زمان بنا بالصالحين غشوم
فوا حزني لمّا تفرّق واسط ... وأهل التي أهذي بها وأحوم!
قال محمد بن حبيب: واسط هذه بناحية الرقة، قاله في شرح ديوان كثير، وأنا أرى أنه أراد واسط التي بالحجاز أو بنجد بلا شك ولكن علينا أن ننقل عن الأئمة ما يقولونه، والله أعلم، وقال ابن السكيت في قول كثير أيضا:
فإذا غشيت لها ببرقة واسط ... فلوى لبينة منزلا أبكاني
قال واسط بين العذيبة والصفراء.
وواسط أيضا: من منازل بني قشير لبني أسيدة وهم بنو مالك بن سلمة بن قشير وأسيدة وحيدة من بني سعد بن زيد مناة، وبنو أسيدة يقولون هي عربية.
وواسط أيضا: بمكة، وذكر محمد بن إسحاق الفاكهي في كتاب مكة قال: واسط قرن كان أسفل من جمرة العقبة بين المأزمين فضرب حتى ذهب، قال: ويقال له واسط لأنه بين الجبلين اللذين دون العقبة، قال:
وقال بعض المكيين بل تلك الناحية من بركة القسري إلى العقبة تسمى واسط المقيم، ووقف عبد المجيد بن أبي روّاد بأحمد بن ميسرة على واسط في طريق منى فقال له: هذا واسط الذي يقول فيه كثير عزّة:
... وأما واسط فمقيم وقد ذكر، وقال ابن إدريس قال الحميدي: واسط الجبل الذي يجلس عنده المساكين إذا ذهبت إلى منى، قاله في شرح قول عمرو بن الحارث بن مضاض الجرهمي في قصيدته التي أولها:
كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا
ولم يتربّع واسطا وجنوبه ... إلى المنحنى من ذي الأراكة حاضر
وأبدلنا ربي بها دار غربة ... بها الجوع باد والعدوّ محاصر
قال السهيلي في شرح السيرة قال الفاكهي: يقال إن أول من شهده وضرب فيه قبّة خالصة مولاة الخيزران.
وواسط أيضا: بالأندلس بليدة من أعمال قبرة، قال ابن بشكوال: أحمد بن ثابت بن أبي الجهم الواسطي ينسب إلى واسط قبرة، سكن قرطبة، يكنى أبا عمر، روى عن أبي محمد الأصيلي وكان يتولى القراءة عليه، حدث عنه أبو عبد الله بن ديباج ووصفه بالخير والصلاح، قال ابن حبّان: توفي الواسطي في جمادي الآخرة سنة 437 وكفّ بصره.
وواسط أيضا: قرية كانت قبل واسط في موضعها خرّبها الحجاج، وكانت واسط هذه تسمى واسط القصب، وقد ذكرتها مع واسط الحجاج، قال ابن الكلبي:
كان بالقرب من واسط موضع يسمى واسط القصب هي التي بناها الحجاج أولا قبل أن يبني واسط هذه التي تدعى اليوم واسطا ثم بنى هذه فسماها واسطا بها.
وواسط أيضا: قرية قرب مطيراباذ قرب حلّة بني مزيد يقال لها واسط مرزاباذ، قال أبو الفضل: أنشدنا أبو عبد الله أحمد الواسطي، واسط هذه القرية، قال:
أنشدنا أبو النجم عيسى بن فاتك الواسطي من هذه القرية لنفسه من قصيدة يمدح بعض العمّال:
وما على قدره شكرت له، ... لكنّ شكري له على قدري
لأن شكري السّهى وأنعمه ال ... بدر، وأين السهى من البدر!
وواسط أيضا قال العمراني: واسط مواضع في بلاد بني تميم، وهي التي أرادها ذو الرمة بقوله:
غربيّ واسط نها ... ومجّت في الكثيب الأباطح [1]
وقال ابن دريد: واسط مواضع بنجد، ولعلها التي قبلها، والله أعلم.
وواسط أيضا: قرية في شرقي دجلة الموصل بينهما ميلان ذات بساتين كثيرة.
وواسط أيضا: قرية بالفرج من نواحي الموصل بين مرق وعين الرّصد أو بين مرق والمجاهدية، فإني نسيت هذا المقدار.
وواسط أيضا: باليمن بسواحل زبيد قرب العنبرة التي خرج منها علي بن مهدي المستولي على اليمن.

واقِصَةُ

واقِصَةُ:
بكسر القاف، والصاد مهملة: موضعان، والواقصة بمعنى الموقوصة، كما قالوا آشرة بمعنى مأشورة، [1] هذا البيت مختل الوزن غامض المعنى.
وقال ابن السكيت: الوقص دقّ العنق، والوقص:
قصر العنق، والوقص: صغار العيدان والدوابّ إذا سارت في رؤوس الآكام، وقصتها أي كسرت رؤوسها بقوائمها، قال هشام: واقصة وشراف ابنتا عمرو بن معتق بن زمر من بني عبيل بن عوض بن إرم بن سام بن نوح، عليه السّلام. وواقصة: منزل بطريق مكة بعد القرعاء نحو مكة وقبل العقبة لبني شهاب من طيّء ويقال لها واقصة الحزون وهي دون زبالة بمرحلتين وإنما قيل لها واقصة الحزون لأن الحزون أحاطت بها من كل جانب والمصعد إلى مكة ينهض في أول الحزن من العذيب في أرض يقال لها البيضة حتى يبلغ مرحلة العقبة في أرض يقال لها البسيطة ثم يقع في القاع وهو سهل، ويقال: زبالة أسهل منه، فإذا جاوزت ذلك استقبلت الرمل فأول رمل تلقاها يقال لها الشيحة، قال الأعشى:
ألا تقنى حياءك أو تناهى ... بكاؤك مثل ما يبكي الوليد؟
أريت القوم نارك لم أغمّض ... بواقصة ومشربنا زرود
ولم أر مثل موقدها ولكن ... لأيّة نظرة زهر الوقود
وقال الخضل بن عبيد:
ولما بدا للعين واقصة الغضا ... تزاورت، إن الخائف المتزاور
ألام إذا حنّت قلوصي من الهوى، ... وما لي ذنب أن تحنّ الأباعر
يقولون لا تنظر وقاك بليّة، ... بلى كل ذي عينين لا بدّ ناظر
وقال يعقوب: واقصة أيضا ماء لبني كعب، ومن قال واقصات فإنما جمعها بما حولها على عادة العرب في مثل ذلك، وواقصة أيضا: بأرض اليمامة، قال الحفصي: واقصة هي ماء في طرف الكرمة وهي مدفع ذي مرخ، وفيه يقول عمّار:
بذي مرخ لولا ظعائن خشّنت ... معاتب ما بين النفوس صديق

مَنْدَبٌ

مَنْدَبٌ:
بالفتح ثم السكون، وفتح الدال، والباء موحدة، وهو من ندبت الإنسان لأمر إذا دعوته إليه، والموضع الذي يندب إليه مندب لأنه من ينتدبه أندبه، سمي بذلك لما كان يندب إليه في عمله:
وهو اسم ساحل مقابل لزبيد باليمن وهو جبل مشرف ندب بعض الملوك إليه الرجال حتى قدّوه بالمعاول لأنه كان حاجزا ومانعا للبحر عن أن ينبسط بأرض اليمن فأراد بعض الملوك فيما بلغني أن يغرّق عدوّه فقدّ هذا الجبل وأنفذه إلى أرض اليمن فغلب على بلدان كثيرة وقرى وأهلك أهله وصار منه بحر اليمن الحائل بين أرض اليمن والحبشة والآخذ إلى عيذاب والقصير إلى مقابل قوص من بلد الصعيد وعلى ساحله أيلة وجدّة والقلزم وغير ذلك من البلاد، والله أعلم، ووجدت في خبر عبور الحبش وعبورهم مع أبرهة وارياط إلى اليمن أنهم عبروا عند المندب وكان يسمى ذا المندب فلما عبروا عنده قالت الحبش: دند مديند، كلمة معناها هذا الجائع، فقال أهل اليمن: ليست ذات مطرب إنما هي مندب، فغلب عليها.

المُلَيْل

المُلَيْل:
موضع في قول الجميح بن الطمّاح الأسدي يخاطب عامر بن الطفيل:
أعامر إنّا لو نشاء لغرتم ... كما غار من شمس النهار نجومها
إلى أيّما الحيين تركوا فإنكم ... ثفال الرحى من تحتها لا يريمها
وإنّ بأطراف المليل لنسوة ... ذلولا بأرداف ثقال رسيمها
تركوا أي تعزوا وتنسبوا، ورسيمها: رهزها.

الوسائد

الوسائد:
جمع وسادة، ذات الوسائد: موضع في بلاد تميم بأرض نجد، قال متمم بن نويرة:
ألم تر أني بعد قيس ومالك ... وأرقم غيّاظ الذين أكايد
وعمرو بوادي منعج إذ أجنّه، ... ولم أنس قبرا عند ذات الوسائد

كَرْكَرُ

كَرْكَرُ:
بالفتح ثم السكون، وكاف أخرى وراء:
مدينة بأرّــان قرب بيلقان أنشأها أنوشروان، وقال
لي ابن الأثير: إن كركر حصن قرب ملطية بينها وبين آمد وبالقرب منه حصن الران الذي يذكره المتنبي في شعره، والله أعلم. وكركر أيضا: ناحية من بغداد منها القفص. وكركر أيضا: حصن بين سميساط وحصن زياد وهو قلعة، وقد خربت.

القُلَيْسُ

القُلَيْسُ:
تصغير قلس، وهو الحبل الذي يصير من ليف النخل أو خوصه، لما ملك أبرهة بن الصبّاح اليمن بنى بصنعاء مدينة لم ير الناس أحسن منها ونقشها بالذهب والفضة والزجاج والفسيفساء وألوان الأصباغ وصنوف الجواهر وجعل فيها خشبا له رؤوس كرءوس الناس ولكّكها بأنواع الأصباغ وجعل لخارج القبة برنسا فإذا كان يوم عيدها كشف البرنس عنها فيتلألأ رخامها مع ألوان أصباغها حتى تكاد تلمع البصر وسمّاها القلّيس، بتشديد اللام، وروى عبد الملك بن هشام والمغاربة القليس، بفتح القاف وكسر اللام، وكذا قرأته بخطّ السكري أبي سعيد الحسن بن الحسين، أخبرنا سلموية أبو صالح قال: حدثني عبد الله بن المبارك عن محمد بن زياد الصنعاني قال: رأيت مكتوبا على باب القليس وهي الكنيسة التي بناها أبرهة على باب صنعاء بالمسند:
بنيت هذا لك من مالك ليذكر فيه اسمك وأنا عبدك، كذا بخط السكري بفتح القاف وكسر اللام، قال عبد الرحمن بن محمد: سميت القليس لارتفاع بنيانها وعلوّها، ومنه القلانس لأنها في أعلى الرؤوس، ويقال: تقلنس الرجل وتقلّس إذا لبس القلنسوة، وقلس طعامه إذا ارتفع من معدته إلى فيه، وما
ذكرنا من أنه جعل على أعلى الكنيسة خشبا كرءوس الناس ولكّكها دليل على صحة هذا الاشتقاق، وكان أبرهة قد استذلّ أهل اليمن في بنيان هذه الكنيسة وجشمهم فيها أنواعا من السّخر، وكان ينقل إليها آلات البناء كالرخام المجزّع والحجارة المنقوشة بالذهب من قصر بلقيس صاحبة سليمان، عليه السّلام، وكان من موضع هذه الكنيسة على فراسخ، وكان فيه بقايا من آثار ملكهم فاستعان بذلك على ما أراده من بناء هذه الكنيسة وبهجتها وبهائها ونصب فيها صلبانا من الذهب والفضة ومنابر من العاج والآبنوس، وكان أراد أن يرفع في بنيانها حتى يشرف منها على عدن، وكان حكمه في الصانع إذا طلعت الشمس قبل أن يأخذ في عمله أن يقطع يده، فنام رجل منهم ذات يوم حتى طلعت الشمس فجاءت معه أمه وهي امرأة عجوز فتضرّعت إليه تستشفع لابنها فأبى إلا أن يقطع يده فقالت: اضرب بمعولك اليوم فاليوم لك وغدا لغيرك، فقال لها: ويحك ما قلت؟ فقالت: نعم كما صار هذا الملك إليك من غيرك فكذلك سيصير منك إلى غيرك، فأخذته موعظتها وعفا عن ولدها وعن الناس من العمل فيها بعد، فلما هلك ومزّقت الحبشة كل ممزّق وأقفر ما حول هذه الكنيسة ولم يعمّرها أحد كثرت حولها السباع والحيّات، وكان كل من أراد أن يأخذ منها أصابته الجنّ فبقيت من ذلك العهد بما فيها من العدد والآلات من الذهب والفضة ذات القيمة الوافرة والقناطير من المال لا يستطيع أحد أن يأخذ منه شيئا إلى زمان أبي العبّاس السفّاح فذكر له أمرها فبعث إليها خاله الربيع بن زياد الحارثي عامله على اليمن وأصحبه رجالا من أهل الحزم والجلد حتى استخرج ما كان فيها من الآلات والأموال وخرّبها حتى عفا رسمها وانقطع خبرها، وكان الذي يصيب من يريدها من الجنّ منسوبا إلى كعيت وامرأته صنمان كانا بتلك الكنيسة بنيت عليهما، فلما كسر كعيت وامرأته أصيب الذي كسرهما بجذام فافتتن بذلك رعاع اليمن وقالوا:
أصابه كعيت، وذكر أبو الوليد كذلك وأن كعيتا كان من خشب طوله ستون ذراعا، وقال الحسم شاعر من أهل اليمن:
من القليس هلال كلما طلعا ... كادت له فتن في الأرض أن تقعا
حلو شمائله لولا غلائله ... لمال من شدّة التهييف فانقطعا
كأنه بطل يسعى إلى رجل ... قد شدّ أقبية السّدّان وادّرعا
ولما استتمّ أبرهة بنيان القليس كتب إلى النجاشي: إني قد بنيت لك أيها الملك كنيسة لم يبن مثلها لملك كان قبلك ولست بمنته حتى أصرف إليها حجّ العرب، فلما تحدّث العرب بكتاب أبرهة الذي أرسله إلى النجاشي غضب رجل من النّسأة أحد بني فقيم بن عدي بن عامر بن ثعلبة بن الحارث بن مالك بن كنانة ابن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر، والنسأة هم الذين كانوا ينسئون الشهور على العرب في الجاهلية أي يحلونها فيؤخرون الشهر من الأشهر الحرم إلى الذي بعده ويحرّمون مكانه الشهر من أشهر الحل ويؤخرون ذلك الشهر، مثاله أن المحرّم من الأشهر الحرم فيحللون فيه القتال ويحرّمونه في صفر، وفيه قال الله تعالى: إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيادَةٌ في الْكُفْرِ 9: 37، قال ابن إسحاق:
فخرج الفقيمي حتى أتى القليس وقعد فيها، يعني أحدث وأطلى حيطانها، ثم خرج حتى لحق بأرضه فأخبر أبرهة فقال: من صنع هذا؟ فقيل له: هذا فعل رجل من أهل البيت الذي تحج إليه العرب بمكة
لما سمع قولك أصرف إليها حجّ العرب غضب فجاء فقعد فيها أي أنها ليست لذلك بأهل، فغضب أبرهة وحلف ليسيرنّ حتى يهدمه وأمر الحبشة بالتجهيز، فتهيأت وخرج ومعه الفيل، فكانت قصة الفيل المذكورة في القرآن العظيم.

القُفُّ

القُفُّ:
بالضم، والتشديد، والقف: ما ارتفع من الأرض وغلظ ولم يبلغ أن يكون جبلا، وقال ابن شميل:
القف حجارة غاصّ بعضها ببعض مترادف بعضها إلى بعض حمر لا يخالطها من اللين والسهولة شيء: وهو جبل غير أنه ليس بطويل في السماء فيه إشراف على ما حوله وما أشرف منه على الأرض حجارة تحت تلك الحجارة أيضا حجارة، قال: ولا تلقى قفّا إلا وفيه حجارة متعلقة عظام مثل الإبل البروك وأعظم وصغار، قال: ورب قفّ حجارته فنادير أمثال البيوت، قال: ويكون في القف رياض وقيعان، فالروضة حينئذ من القف الذي هي فيه ولو ذهبت تحفر فيها لغلبتك كثرة حجارتها، وإذا رأيتها رأيتها طينا وهي تنبت وتعشب وإنما قف القفاف حجارتها، قال الأزهري: وقفاف الصمان بهذه الصفة، وهي بلاد عريضة واسعة فيها رياض وقيعان وسلقان كثيرة، وإذا أخصبت ربعت العرب جميعا بكثرة مراتعها، وهي من حزون نجد، والقف: علم لواد من أودية المدينة عليه مال لأهلها، وأنشد الأصمعي لتماضر
بنت مسعود بن عقبة أخي ذي الرمة وكان زوجها خرج عنها إلى القفين:
نظرت، ودوني القف ذو النخل، هل أرى ... أجارع في آل الضحى من ذرى الرمل؟
فيا لك من شوق وجيع ونظرة ... ثناها عليّ القفّ خبلا من الخبل
ألا حبّذا ما بين حزوى وشارع ... وأنقاء سلمى من حزون ومن سهل
لعمري! لأصوات المكاكيّ بالضّحى ... وصوت صبا في حائط الرمث بالذّحل
وصوت شمال زعزعت بعد هدأة ... ألاء وأسباطا وأرطى من الحبل
أحبّ إلينا من صياح دجاجة ... وديك وصوت الريح في سعف النخل
فيا ليت شعري! هل أبيتنّ ليلة ... بجمهور حزوى حيث ربّتني أهلي؟
وقال زهير:
لمن طلل كالوحي عاف منازله ... عفا الرّسّ منه فالرّسيس فعاقله
فقفّ فصارات بأكناف منعج ... فشرقيّ سلمى حوضه فأجاوله
ثم أضاف إليه شيئا آخر وثناه فقال زهير أيضا:
كم للمنازل من عام ومن زمن ... لآل سلماء بالقفّين فالرّكن
والقف: موضع بأرض بابل قرب باجوّا وسورا، خرج منه شبيب بن بحرة الأشجعي الخارجي المشارك لابن ملجم في قتل علي، رضي الله عنه، في جماعة من الخوارج فخرج إليه أهل الكوفة في إمارة المغيرة ابن شعبة فقتلوه.

القُفْصُ

القُفْصُ:
بالضم ثم السكون، وآخره صاد مهملة، جبال القفص: لغة في القفس المذكور قبل هذا، قال أبو الطيب:
لما أصار القفص أمس الخالي
وكان عضد الدولة قد غزا أهل القفص ونكى فيهم نكاية لم ينكها أحد فيهم وأفنى أكثرهم، والقفص أيضا: قرية مشهورة بين بغداد وعكبرا قريب من بغداد وكانت من مواطن اللهو ومعاهد النزه ومجالس الفرح، تنسب إليها الخمور الجيدة والحانات الكثيرة، وقد أكثر الشعراء من ذكرها فقال أبو نواس:
رددتني في الصّبا على عقبي، ... وسمت أهلي الرجوع في أدبي
لولا هواؤك ما اغتربت ولا ... حطّت ركابي بأرض مغترب
ولا تركت المدام بين قرى ال ... كرخ فبورى فالجوسق الخرب
وباطرنجى فالقفص ثم إلى ... قطربّل مرجعي ومنقلبي
ولا تخطّيت في الصلاة إلى ... تبّت يدا شيخنا أبي لهب
كان قد هوي غلاما من بني أبي لهب لما حج فقال هذه الأبيات، ونسب إليها أبو سعد أبا العباس أحمد بن الحسن بن أحمد بن سلمان القفصي الشيخ الصالح، سكن بغداد وسمع الحسن بن طلحة النعالي وغيره وذكره في شيوخه، قال: ومولده في سنة 466.

قَوْدَمُ

قَوْدَمُ:
اسم جبل: قال أبو المنذر: كان رجل من جهينة يقال له عبد الدار بن حديب قال يوما لقومه:
هلمّ نبني بيتا بأرض من دارهم يقال لها الحوراء نضاهي به الكعبة ونعظمه حتى نستميل به كثيرا من العرب، فأعظموا ذلك وأبوا عليه، فقال في ذلك:
ولقد أردت بأن تقام بنيّة ... ليست بحوب أو تطيف بمأثم
فأبى الذين إذا دعوا لعظيمة ... راغوا ولاذوا في جوانب قودم
يلحون إلّا يؤمروا، فإذا دعوا ... ولّوا وأعرض بعضهم كالأبكم
صفح منافعه ويغمض كلمة ... في ذي أفاويه غموض المنسم

كَشْتُ كُزُولَة

كَشْتُ كُزُولَة:
وكزولة: قبيلة من البربر تعرّب فيقال جزولة، منها عيسى صاحب المقدمة في النحو:
جبل منقطع بأرض المغرب من عواصم الجبال لا يملكه غير أهله.
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.