Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: الحكيم

الأصل

الأصل
انظر: الأصول.
الأصل: ما يبتني عليه غيرُه قال السيد: "هو في اللغة: عبارةٌ عما يفتقر هو إلى غيره، وفي الشرع: عبارة عما يبني عليه غيره ولا يبنى هو على غيره، أو ما يثبت حكمه بنفسه ويبنى عليه غيره وجمعه أصول".
الأصل:
[في الانكليزية] Origin
[ في الفرنسية] Origine
بفتح الأول وسكون الصاد المهملة. في اللغة ما يبتنى عليه غيره من حيث إنّه يبتنى عليه غيره. وبقيد الحيثية خرج أدلة الفقه مثلا من حيث، إنها تبتني على علم التوحيد فإنها بهذا الاعتبار فروع لا أصول، إذ الفرع ما يبتنى على غيره من حيث إنه يبتنى على غيره. وكثيرا ما يحذف قيد الحيثية عن تعريفهما لكنه مراد لأن قيد الحيثية لا بدّ منه في تعريف الإضافيات. ثم الابتناء أعم من الحسّي والعقلي. والحسّي كون الشيئين محسوسين وحينئذ يدخل فيه مثل ابتناء السقف على الجدار، وابتناء المشتق على المشتق منه كالفعل على المصدر. والعقلي.
بخلافه. وقيل الحسّي مثل ابتناء السقف على الجدار بمعنى كونه مبنيا عليه وموضوعا فوقه فإنه مما يدرك بالحسّ ويخرج منه حينئذ مثل ابتناء الأفعال على المصادر، ويدخل في العقلي، فإنّ ابتناء الأفعال على المصادر والمجاز على الحقيقة والأحكام الجزئية على القواعد الكلية والمعلولات على عللها وما يشبه ذلك ابتناء عقلي. وقيل الأصل المحتاج إليه والفرع المحتاج. وفيه أنّ الأصل لغة لا يطلق على العلل الأربع سوى المادة، يقال أصل هذا السرير خشب، وكذا لا يطلق على الشروط مع كون تلك الأشياء المذكورة محتاجة إليها فلا يكون مطردا مانعا، كذا في التلويح وحواشيه في تعريف أصول الفقه وفي بحث القياس.
وعند الفقهاء والأصوليين يطلق على معان: أحدها الدليل، يقال الأصل في هذه المسألة الكتاب والسنة. وثانيها القاعدة الكلية وهي اصطلاحا على ما يجيء قضية كلية من حيث اشتمالها بالقوة عل جزئيات موضوعها، ويسمّى تلك الأحكام فروعا واستخراجها منها تفريعا. وثالثها الراجح أي الأولى والأحرى يقال الأصل الحقيقة. ورابعها المستصحب، يقال تعارض الأصل والظاهر، فهذه أربعة معان اصطلاحية تناسب المعنى اللغوي، فإن المدلول له نوع ابتناء على الدليل، وفروع القاعدة مبنية عليها، وكذا المرجوح كالمجاز مثلا له نوع ابتناء على الراجح وكذا الطارئ بالقياس إلى المستصحب، كذا في العضدي وحواشيه للسيّد السّند والسعد التفتازاني. وربّما يعبر عن المعنى الرابع بما ثبت للشيء نظرا إلى ذاته على ما وقع في حاشية الفوائد الضيائية للمولوي عبد الحكيم. وربّما يفسّر بالحالة التي تكون للشيء قبل عروض العوارض عليه، كما يقال الأصل في الماء الطهارة والأصل في الأشياء الإباحة، هكذا في حواشي المسلم. وخامسها مقابل الوصف على ما يجيء في لفظ الوصف، وكذا يجيء بيان بعض المعاني المذكورة سابقا أيضا في محله. وفي چلپي البيضاوي ذكر الأصل بمعنى الكثير أيضا، ولعل مرجع هذا المعنى إلى المعنى الثالث والله أعلم.

أسطرلاب

أسطرلاب
أَسْطُرْلاب [مفرد]: ج أَسْطُرْلابات: (فز) جهاز فلكيّ ذو أشكال مختلفة، استعمله المتقدّمون في تعيين ارتفاعات الأجرام السَّماويَّة ومعرفة الوقت والجهات الأصليّة. 
أسطرلاب:
[في الانكليزية] Astrolabe
[ في الفرنسية] Astrolabe
بالسين المهملة في اصل اللغة، وبعضهم يبدّلها بالصاد. ومعناه ميزان الشمس. ومن هنا ظنّ بعضهم أن أصله في اللغة اليونانية أسترلابوه، ومعناها: مرآة الكواكب.

ويقول بعضهم أسطر: معناها تصنيف، ولاب اسم ابن هرمس الحكيم الذي اخترع الأسطرلاب.

ويقول بعضهم: لما كان لاب قد رسم الدوائر الفلكية على سطح مستو سأله هرمس:

من سطّر هذا فقال في جوابه: سطّره لاب.

ولهذا السبب يقال له: أسطرلاب. كذا ذكر عبد العلي البرجندي في شرح العشرين بابا.

ويقول في كشف اللغات: أسطرلاب بضم الهمزة والطاء: آلة بها يوضح الحكماء والمنجمون أسرار الفلك. ومعناه ميزان الشمس.
لأن في اليونانية أسطر ميزان. ولاب- الشمس.

وقيل ابن أرسطو لاب. وقيل: ابن إدريس عليه وعلى نبينا السلام. والصحيح أن واضعه أرسطو طاليس. انتهى.
إذن علم الأسطرلاب من أقسام علم الأرغنوة الذي هو فرع من الرياضيات. وعلم الأرغنوة هو علم اتخاذ الآلات الغريبة كما مرّ في المقدمة.

الارتسام

الارتسام:
[في الانكليزية] Image ،impression
[ في الفرنسية] Image ،impression
في اللغة الامتثال، واستعمله المنطقيون بمعنى الانطباع والانتقاش، وهذا لتصوير المعقول بالمحسوس، كذا ذكر المولوي عبد الحكيم في حاشية شرح الشمسية.

الْمعلم الثَّانِي

الْمعلم الثَّانِي: وَهُوَ الْحَكِيم أَبُو نصر الفارابي واسْمه مُحَمَّد بن طرخون، وَقد فصلها وحررها بعد إِضَاعَة كتب أبي نصر الشَّيْخ الرئيس أَبُو عَليّ سينا شكر الله مساعيهم الجميلة، وَالنِّسْبَة بَين الْمعلم والمتعلم عُمُوم من وَجه، فَإِنَّهُمَا قد يصيبان وَقد يُخطئ الْمعلم ويصيب المتعلم فِي المطالعة فيعترض على معلمه، وَقد يُخطئ المتعلم فيعترض الْمعلم عَلَيْهِ ويهديه.

المشهورات

(المشهورات) قضايا أَو آراء اتّفق كَافَّة النَّاس أَو أغلبهم على التَّصْدِيق بهَا مثل الْعدْل جميل وَالْكذب قَبِيح
المشهورات: هِيَ قضايا يعْتَرف بهَا جَمِيع النَّاس وَسبب شهرتها فِيمَا بَينهم. إِمَّا اشتمالها على مصلحَة عَامَّة كَقَوْلِنَا الْعدْل حسن وَالظُّلم قَبِيح - وَإِمَّا مَا فِي طباعهم من الرقة والرأفة كَقَوْلِنَا مُرَاعَاة الضُّعَفَاء محمودة - وَإِمَّا مَا فيهم من الحمية كَقَوْلِنَا كشف الْعَوْرَة مَذْمُوم - وَإِمَّا انفعالاتهم من عاداتهم كَقَوْل الْكفَّار ذبح الْبَقر مَذْمُوم. وَقَوْلنَا ذبح الْبَقر مَحْمُود - أَو من شرائع وآداب كالأمور الشَّرْعِيَّة وَغَيرهَا.
المشهورات:
[في الانكليزية] Admitted premisses or conventional
[ في الفرنسية] premisses admises ou conventionnelles
في عرف العلماء هي قضايا يعترف بها الناس وهي من المقدّمات الظّنّية، وليس المراد بالناس الاستغراق الحقيقي إذ لا قضية يعترف بها جميع أفراد الإنسان بل العرفي من قرن أو إقليم أو بلدة أو صناعة أو غير ذلك، ولا بدّ من اعتبار الحيثية أي يحكم بها العقل لأجل اعتراف الناس ليخرج الأوليات، أو يقال بخروجها لكونها من أقسام الظّنّيات. والقول بأنّه يجوز أن يكون بعض القضايا من الأوليات باعتبار ومن المشهورات باعتبار لا يعبأ به لأنّه لا يمكن أن تكون قضية يقينية باعتبار، وظنّية باعتبار، فظهر فساد ما قيل: الجدل قياس مركّب من قضايا مشهورة أو مسلّمة وإن كانت في الواقع يقينية أو أوّلية، على أنّه يستلزم تداخل الصناعات الخمس، هكذا حقّق المولوي عبد الحكيم في حاشية شرح الشمسية. وفي الصادق الحلوائي حاشية الطيبي المشهورات في المشهور ما اعترف به جميع الناس أو جمهورهم أو جماعة من أهل الصناعة أو من غيرهم، إمّا لكونها حقّة جليّة كقولنا الضدان لا يجتمعان أو مناسبة للحقّ الجلي مع مخالفتها إيّاه بقيد جلي، فتكون مشهورة مطلقا وحقّا مع ذلك القيد كقولنا حكم الشيء حكم شبهه وهو حقّ لا مطلقا، بل فيما هو شبهه له، أو لاشتماله على مصلحة عامة كقولنا الظلم قبيح والعدل حسن، أو لما يقتضيه الاستقراء كقولنا الملك العقر ظالم، أو لما في طباعهم كالرّقة كقولنا مراعاة الضعفاء محمودة، والحمية كقولنا كشف العورة مذموم [أو] لما أنّه من عاداتهم من غير نفع لهم كقبح ذبح الحيوانات عند أهل الهند، أو من شرائع وآداب كالأمور الشرعية وغيرها، ولكلّ قوم مشهورات بحسب آدابهم وعاداتهم، ولكلّ أهل صناعة أيضا مشهورات بحسب صناعاتهم تسمّى مشهورات خاصّة ومحدودة، كما أنّ مشهورات كافة الناس وجمهورهم تسمّى مشهورات مطلقة دائمة وآراء محمودة إن لم تكن يقينية. والمشهورات جاز أن تكون يقينية بل أوليّة لكن بجهتين مختلفتين، وما لا يكون كذلك ربّما تبلغ شهرته إلى حيث يلتبس بالأوليات، إلّا أنّ العقل إذا خلي ونفسه يحكم بالأوليات دون المشهورات وهي قد تكون صادقة وقد تكون كاذبة، بخلاف الأوّليات فإنّها صادقة البتة. وربما يختصّ اسم المشهورات بما لا يكون يقينية لابتناء حكم القول بها على مجرّد الشهرة بل هذا القول هو المشهور. وقد تطلق المشهورات على ما يشبه المشهورات الحقيقية وتسمّى مشهورات في بادئ الرأي كقولنا القاتل الأجير يعان ولو كان ظالما انتهى.

اليمانين

اليمانين: جمع يمَان وَهُوَ فِي الأَصْل يمني بياء النِّسْبَة ثمَّ حذفت للتَّخْفِيف كَمَا فِي بصر وعوضت بِالْألف قبل النُّون الْمَكْسُورَة إبْقَاء للكسرة الدَّالَّة عَلَيْهَا. وَقَالَ أفضل الْمُتَأَخِّرين مَوْلَانَا عبد الْحَكِيم رَحمَه الله تَعَالَى فِي حَوَاشِي المطول أصل يمَان يمنى حذفت الْيَاء المدغمة وَعوض عَنْهَا الْألف قبل النُّون على خلاف الْقيَاس فَصَارَ يماني وَحذف الْألف لالتقاء الساكنين كَذَا قَالُوا وَإِلَّا ظهر أَنه حذف يَاء النِّسْبَة وَعوض عَنْهَا قبل النُّون على خلاف الْقيَاس لِكَثْرَة الِاسْتِعْمَال وَالتَّخْفِيف. 

الْيَقِين لَا يَزُول بِالشَّكِّ

الْيَقِين لَا يَزُول بِالشَّكِّ: بِالنَّقْلِ وَالْعقل. أما الأول فَمَا رَوَاهُ مُسلم عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ مَرْفُوعا " إِذا وجد أحدكُم فِي بَطْنه شَيْئا فأشكل عَلَيْهِ أخرج مِنْهُ شَيْء أَو لَا فَلَا يخْرجن من الْمَسْجِد حَتَّى يسمع صَوتا أَو يجد ريحًا ". وَأما الْعقل فَإِن عدم إِمْكَان الزَّوَال مُعْتَبر فِي مَفْهُوم الْيَقِين كَمَا مر. فَإِن قيل لَا نسلم أَن الْيَقِين لَا يَزُول بِالشَّكِّ بِسَنَد زَوَال النَّجَاسَة المتيقنة بِالشَّكِّ فِي إِزَالَتهَا.
وتوضيحه أَنه إِذا تنجس طرف من أَطْرَاف الثَّوْب وَنسي مَحل النَّجَاسَة فَغسل طرفا من أَطْرَافه بتحر أَو بِلَا تحر حكم بِطَهَارَة الثَّوْب وَهُوَ الْمُخْتَار كَمَا فِي (التاتارخانيه) نَاقِلا عَن الْكُبْرَى. وَإِن كَانَ الْأَحْوَط غسل كُله كَمَا فِي الظَّهِيرِيَّة وَبِسَنَد مسئلة (السّير الْكَبِير) وَهِي إِذا فتحنا حصنا وَفِيهِمْ ذمِّي لَا يعرف لَا يجوز قَتلهمْ لقِيَام الْمَانِع بِيَقِين فَلَو قتل الْبَعْض أَو أخرج حل قتل الْبَاقِي للشَّكّ فِي قيام الْمحرم - فَلَو كَانَ الْيَقِين لَا يَزُول بِالشَّكِّ لما حكم بِزَوَال النَّجَاسَة الَّتِي ثُبُوتهَا يقيني بِالشَّكِّ فِي زَوَالهَا عِنْد غسل طرف من أَطْرَاف الثَّوْب.
وَأجِيب بِأَن الأَصْل الْمُتَيَقن طَهَارَة الثَّوْب وَوَقع الشَّك فِي قيام النَّجَاسَة بعد ذَلِك الْغسْل لاحْتِمَال كَون المغسول محلهَا فَلَا يقْضِي وَلَا يحكم بِالنَّجَاسَةِ. فَثَبت أَن الْيَقِين لَا يَزُول بِالشَّكِّ وَلَكِن لَك أَن تَقول إِن النَّجَاسَة إِذا وصلت ثوبا فنجاسته يقينية فَلَا بُد أَن لَا يحكم بِطَهَارَتِهِ عِنْد ذَلِك الْغسْل بِالشَّكِّ فِي زَوَالهَا لاحْتِمَال كَون المغسول محلهَا فَلَا يقْضِي وَلَا يحكم بِالنَّجَاسَةِ فَثَبت أَن الْيَقِين لَا يَزُول بِالشَّكِّ. فَالْجَوَاب أَن نَجَاسَة النَّجس وطهارة الطَّاهِر مَا علمنَا إِلَّا بِبَيَان الشَّارِع الْحَكِيم الْعَالم بالمصالح فَلَمَّا حكم بِطَهَارَة الثَّوْب عِنْد غسل طرف مِنْهُ علم أَنه حكم بِأَن ذَلِك الطّرف المغسول هُوَ مَحل النَّجَاسَة يقيني دفعا للْحَرج أَو لمصَالح عِنْده. فَكَمَا أَن النَّجَاسَة يقينية زَوَالهَا أَيْضا يقيني بِحكم الشَّارِع لَا مَشْكُوك فَلم يلْزم زَوَال الْيَقِين بِالشَّكِّ هَذَا وَلَعَلَّ عِنْد غَيْرِي أحسن من هَذَا.

فَإِن قلت: فَلَو صلى مَعَ هَذَا الثَّوْب صلوَات ثمَّ ظهر أَن النَّجَاسَة فِي الطّرف الآخر يجب عَلَيْهِ إِعَادَة تِلْكَ الصَّلَوَات أم لَا؟ قلت: تجب كَمَا فِي الْخُلَاصَة أَقُول: لِأَن حكم الشَّارِع بِنَجَاسَة ذَلِك الطّرف المغسول كَانَ مَشْرُوطًا بِالنِّسْيَانِ فَإِذا تذكر يعود نَجَاسَة الثَّوْب على مَا كَانَ من وَقت اللوث وَالطُّهْر المتخلل بَين النجاستين نَجَاسَة كالطهر بَين الدمين دم. فَإِن قلت لما كَانَ عدم الزَّوَال مأخوذا فِي مَفْهُوم الْيَقِين فَالْوَاجِب أَن لَا يَزُول أصلا. أَقُول لَيْسَ مُطلق عدم الزَّوَال مأخوذا فِي مَفْهُومه بل عدم الزَّوَال بالتشكيك مَأْخُوذ فِيهِ فَيجوز زَوَاله بِيَقِين آخر وَلَا يخفى لطفه.

الْهَلَاك

(الْهَلَاك) هَلَاك النَّاس الصعاليك ينتابون النَّاس ابْتِغَاء معروفهم والمنتجعون يضلون الطَّرِيق 
الْهَلَاك: أَعم من الفناء وَلِهَذَا قَالُوا إِن الْهَلَاك لَا يسْتَلْزم الفناء وَهُوَ يسْتَلْزم الْهَلَاك لِأَن الْهَلَاك هُوَ خُرُوج الشَّيْء عَن الِانْتِفَاع الْمَقْصُود بِهِ أَي عَن مَنَافِعه الْمَطْلُوبَة بِهِ سَوَاء لم يبْق أصلا بِأَن يصير مَعْدُوما بِذَاتِهِ وأجزائه وَهُوَ الفناء أَو يبْقى وَلَكِن لَا يبْقى مُنْتَفعا بِهِ كالمشربة الْمَكْسُورَة الْمَطْلُوب بهَا شرب المَاء والجواهر الفردة المنثورة الْمَطْلُوب بهَا انضمام بَعْضهَا إِلَى بعض ليحصل الْجِسْم. وَالشَّمْس الْمظْلمَة الْمَطْلُوب بهَا الضَّوْء. وَلما قيدنَا الِانْتِفَاع بِالْمَقْصُودِ لَا يرد الِاعْتِرَاض بِأَن الْمشْربَة الْمَكْسُورَة بل كل مَوْجُود مُمكن يدل على وجود الصَّانِع وَهِي من أعظم الْمَنَافِع فَلَا يخرج عَن الِانْتِفَاع أصلا. فالهلاك هُوَ فنَاء الشَّيْء بِالْكُلِّيَّةِ لَا خُرُوجه عَن الِانْتِفَاع. وَمن عرف الْهَلَاك لم يهْلك بالتناقض فِي قَوْله تَعَالَى: {وأكلها دَائِم} . وَقَوله تَعَالَى: {وكل شَيْء هَالك إِلَّا وَجهه} .
وَقد يدْفع بِأَن المُرَاد بالدوام هَا هُنَا اسْتِمْرَار الشَّيْء وبقاؤه إِلَّا لَحْظَة وَهُوَ لَا يُنَافِي الْهَلَاك لَحْظَة وَهُوَ الدَّوَام التجددي بِأَنَّهُ إِذا فني شَيْء جِيءَ بِبَدَلِهِ شَيْء آخر مثله بِلَا مهلة يَعْنِي لَيْسَ التَّنَاقُض إِلَّا إِذا أُرِيد بالدوام الدَّوَام الْحَقِيقِيّ وَهُوَ عدم طريان الْعَدَم مُطلقًا. وَأما إِذا أُرِيد بِهِ الدَّوَام الْعرفِيّ وَهُوَ عدم طريان الْعَدَم زَمَانا يعتبد بِهِ فَلَا. وَالْجَوَاب بِأَن المُرَاد بِهِ مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيّ وبدوام أكل الْجنَّة دوَام أَنْوَاعهَا لَا أشخاصها. وَيجوز أَن لَا يَنْقَطِع النَّوْع أصلا مَعَ هَلَاك الْأَشْخَاص أَن يكون هَلَاك كل شخص معِين من الْأكل بعد وجود مثله صَحِيح على مَذْهَب الْجُمْهُور من أَن الْجنَّة وَالنَّار لَا يطْرَأ عَلَيْهِمَا الْعَدَم وَلَو لَحْظَة لَا على مَا قيل من جَرَيَان الْعَدَم عَلَيْهِمَا لَحْظَة لِأَنَّهُ يلْزم حِينَئِذٍ انْقِطَاع النَّوْع جزما هَكَذَا فِي الْحَوَاشِي الحكيمــية على شرح العقائد النسفية.

الْوَاحِد بِالْعدَدِ

الْوَاحِد بِالْعدَدِ: الْوَاحِد الشخصي ويقابله الْوَاحِد الجنسي وَالْوَاحد النوعي وَالْوَاحد على أَقسَام لِأَنَّهُ إِمَّا أَن يكون تصَوره مَانِعا عَن حمله على كثيرين وَهُوَ الْوَاحِد بالشخص أَو لَا يكون مَانِعا عَن ذَلِك الْحمل وَهُوَ الْوَاحِد لَا بالشخص وَأَنه عبارَة عَن كثير لَهُ جِهَة وَاحِدَة فَهُوَ وَاحِد من حَيْثُ الْمَفْهُوم كثير من حَيْثُ الْأَفْرَاد وَأما الْوَاحِد بالشخص فَإِن لم يقبل الْقِسْمَة إِلَى الْأَجْزَاء المقدارية أَو غير المقدارية مَحْمُولَة كَانَت أَو غير مَحْمُولَة فَهُوَ الْوَاحِد الْحَقِيقِيّ وَهُوَ إِن لم يكن لَهُ مَاهِيَّة نوعية سوى مَفْهُوم عدم الانقسام فالوحدة الشخصية وَأما الْوحدَة فواحد لَا بالشخص لِأَنَّهَا وَاحِد من حَيْثُ الْمَفْهُوم وَكثير من حَيْثُ الْأَفْرَاد وَإِن كَانَ لَهُ مَاهِيَّة نوعية سوى مَفْهُوم عدم الانقسام فإمَّا أَن يكون قَابلا للْإِشَارَة الحسية وَهُوَ النقطة الجوهرية عِنْد مثبتيها والنقطة العرضية أَو لَا يكون قَابلا لَهَا وَهُوَ المفارق المشخص أَعم من أَن يكون وَاجِبا أَو مُمكنا. وَإِن قبل الْوَاحِد بالشخص الْقِسْمَة فإمَّا أَن يَنْقَسِم إِلَى أَجزَاء مقدارية متشابهة فِي الْحَقِيقَة وَهُوَ الْوَاحِد بالاتصال فَإِن كَانَ قبُوله الْقِسْمَة إِلَى تِلْكَ الْأَجْزَاء المتشابهة لذاته فَهُوَ الْمِقْدَار الشخصي الْقَابِل للْقِسْمَة الوهمية لَا الانفكاكية وَإِن كَانَ قبُوله لَا لذاته فَهُوَ الْجِسْم الْبَسِيط كَالْمَاءِ الْوَاحِد بالشخص إِذْ يَنْقَسِم إِلَى أَجزَاء مقدارية مُخْتَلفَة بالحقائق وَهُوَ الْوَاحِد بالاجتماع كالمعاجين والأجسام المركبة من العناصر كالشجر الْوَاحِد المشخص فَإِنَّهُ مركب من العناصر وَهِي متخالفة الْمَاهِيّة بِخِلَاف الْبَسِيط كَالْمَاءِ. وَالْوَاحد بالاتصال بعد الْقِسْمَة الانفكاكية وَاحِد بالنوع وَوَاحِد بالموضوع أَي الْمحل والمادة عِنْد من يَقُول بهَا. أما الأول: فبمعنى أَن نوعهما وَاحِد فَإِن المَاء الْوَاحِد إِذا جزئ كَانَ هُنَاكَ ماءان متحدان فِي الْحَقِيقَة النوعية. وَأما الثَّانِي: فتوجيهه أَن تِلْكَ الْأَجْزَاء الْحَاصِلَة بِالْقِسْمَةِ من شَأْنهَا أَن يتَّصل بَعْضهَا بِبَعْض وَيحل فِي مَادَّة وَاحِدَة فَلَا يردان الصُّورَة الجسمية تَتَعَدَّد بعد الانفكاك فتتعدد الْمَادَّة بِالضَّرُورَةِ وَلَو بِالْعرضِ وللواحد بالاتصال إطلاقان قد يُطلق على مقدارين يتلاقيان عِنْد حد مُشْتَرك بَينهمَا كالخطين المحيطين بزاوية هَكَذَا (ل) وَقد يُطلق على جسمين يلْزم من حَرَكَة كل مِنْهُمَا حَرَكَة الآخر وَأما الْوَاحِد لَا بالشخص فقد عرفت أَنه وَاحِد من حَيْثُ الْمَفْهُوم كثير من حَيْثُ الْأَفْرَاد فجهة الْوحدَة فِيهِ إِمَّا ذاتية للكثرة أَي غير خَارِجَة عَن ماهيتها أَو عارضة لَهَا أَي مَحْمُولَة عَلَيْهَا خَارِجَة عَن ماهيتها أَو لَا تكون ذاتية للكثرة وَلَا أمرا عارضا لَهَا بِأَن لَا تكون مَحْمُولَة عَلَيْهَا أصلا - فَإِن كَانَت ذاتية بِالْمَعْنَى الْمَذْكُور فإمَّا أَن تكون تِلْكَ الْجِهَة تَمام مَاهِيَّة تِلْكَ الْكَثْرَة فَذَلِك الْكثير هُوَ الْوَاحِد بالنوع كأفراد الْإِنْسَان فَإِن جِهَة وحدتهم الْإِنْسَان الَّذِي هُوَ تَمام ماهيتهم فالإنسان وَاحِد نَوْعي وأفراده وَاحِد بالنوع أَو تكون تِلْكَ الْجِهَة جُزْء مَاهِيَّة تِلْكَ الْكَثْرَة فَذَلِك الجزءان كَانَ تَمام الْمُشْتَرك بَين مَاهِيَّة تِلْكَ الْكَثْرَة وَغَيرهَا فَذَلِك الْكثير هُوَ الْوَاحِد بِالْجِنْسِ فَإِن أَفْرَاد الْإِنْسَان وَالْفرس وَالْبَقر مثلا وَاحِدَة بِالْجِنْسِ الَّذِي هُوَ الْحَيَوَان وَإِن لم يكن ذَلِك الْجُزْء تَمام الْمُشْتَرك فَذَلِك الْكثير وَاحِد بِالْفَصْلِ كأفراد النَّاطِق فَإِنَّهَا وَاحِدَة بِالْفَصْلِ وَهُوَ النَّاطِق وَإِن كَانَت تِلْكَ الْجِهَة عارضة بِالْمَعْنَى المسطور فَذَلِك الْكثير وَاحِد بِالْعرضِ فَإِن كَانَت تِلْكَ الْجِهَة الْعَارِضَة مَوْضُوعَة بالطبع لتِلْك الْكَثْرَة بِأَن كَانَت مَوْصُوفَة بهَا فَذَلِك الْكثير وَاحِد بالموضوع كَمَا يُقَال الضاحك وَالْكَاتِب وَاحِد فِي الإنسانية الَّتِي هِيَ جِهَة الْوحدَة الْخَارِجَة عَن مَاهِيَّة الضاحك وَالْكَاتِب الْمَوْضُوعَة بالطبع لَهما لِأَن الْإِنْسَان مَوْصُوف بِالْكِتَابَةِ والضحك فالإنسان مَوْضُوع بالطبع كَمَا تَقول الْإِنْسَان كَاتب ضَاحِك وَإِن جعلته مَحْمُولا كَمَا تَقول الضاحك وَالْكَاتِب إِنْسَان.
وَإِن كَانَت تِلْكَ الْجِهَة الْعَارِضَة مَحْمُولَة بالطبع للكثير بِأَن كَانَت صفة لَهُ فَذَلِك الْكثير وَاحِد بالمحمول كَمَا يُقَال الْقطن والثلج وَاحِد فِي الْبيَاض فَإِن الْأَبْيَض خَارج عَنْهُمَا ومحمول عَلَيْهِمَا طبعا فَإِن طبيعة الْأَبْيَض تَقْتَضِي المحمولية إِذْ هُوَ عَارض للقطن والثلج ووجوده مُؤخر عَنْهُمَا وَإِن جَازَ أَن يَجْعَل الْأَبْيَض مَوْضُوعا لَهَا بِأَن لَا يكون أمرا مَحْمُولا عَلَيْهَا فيسمى ذَلِك الْكثير الْوَاحِد بِهَذِهِ الْجِهَة وَاحِدًا بِالنِّسْبَةِ كتعلق النَّفس بِالْبدنِ وَتعلق الْملك بِالْمَدِينَةِ فهذان التعلقان نسبتان متحدان فِي التَّدْبِير الَّذِي لَيْسَ مُقَومًا وَلَا عارضا لشَيْء مِنْهُمَا بل هُوَ عَارض للنَّفس وَالْملك فَإِن الْمُدبر إِنَّمَا يُطلق حَقِيقَة عَلَيْهِمَا وَإِن كَانَ زَائِدا فِي الْمُمكن قَالَ أفضل المتأخيرين الشَّيْخ عبد الْحَكِيم رَحمَه الله تَعَالَى فِي حَوَاشِيه على شرح المواقف فِي الْمَقْصد الثَّالِث من الْأُمُور الْعَامَّة. قَوْله وَإِن كَانَ زَائِدا فِي الْمُمكن جملَة حَالية بِالْوَاو - وَفِي شرح التسهيل الشّرطِيَّة تقع حَالا نَحْو أفعل هَذَا إِن جَاءَ زيد فَقيل يلْزم الْوَاو - وَقيل لَا يلْزم وَهُوَ قَول ابْن جني وَفِي شرح الْكَشَّاف أَن كلمة أَن هَذِه لَا تكون لقصد التَّعْلِيق والاستقبال بل لثُبُوت الحكم الْبَتَّةَ - وَلذَا قيل إِنَّه للتَّأْكِيد وَإِلَيْهِ يُشِير كَلَام الشَّارِح حَيْثُ جعل كلا الْأَمريْنِ مدعي الْحُكَمَاء وَلَيْسَ هَذَا أَن الوصلية الْمَقْصُود مِنْهُ اسْتِمْرَار الْجَزَاء على تَقْدِير الشَّرْط وَعَدَمه انْتهى. 

الْمُوجبَة

(الْمُوجبَة) الْكَبِيرَة من الذُّنُوب الَّتِي توجب النَّار وَمن الْحَسَنَات الَّتِي توجب الْجنَّة (ج) مُوجبَات
الْمُوجبَة: من الْإِيجَاب وَهُوَ الْإِثْبَات ويقابله السّلم والموجبة عِنْد المنطقيين هِيَ الْقَضِيَّة الَّتِي حكم فِيهَا بِثُبُوت النِّسْبَة سَوَاء كَانَت حملية أَو اتصالية أَو انفصالية وَلَا بُد فِي صدق الْقَضِيَّة الحملية الْمُوجبَة وتحققها من وجود الْمَوْضُوع فِي ظرف الْإِثْبَات حَال الْإِثْبَات لِأَن الحكم فِيهَا بِثُبُوت الْمَحْمُول للموضوع.
وَلَا شكّ أَن ثُبُوت شَيْء لشَيْء فِي ظرف فرع ثُبُوت الْمُثبت لَهُ أَو مُسْتَلْزم لثُبُوته فِي ذَلِك الظّرْف ضَرُورَة أَن مَا ثُبُوت لَهُ أصلا لم يثبت لَهُ شَيْء أصلا فَإِن مَا لَيْسَ بموجود لَيْسَ بِشَيْء من الْأَشْيَاء حَتَّى يصدق سلبه عَن نَفسه. وَلِهَذَا يَسْتَدْعِي الْإِيجَاب وجود الْمَوْضُوع فِي ظرف الْإِثْبَات حَال ثُبُوت الْمَحْمُول لَهُ فِيهِ لَا حَال الحكم بِالْإِيجَابِ إِذْ رُبمَا يكون مَعْدُوما حَال الحكم مَعَ صِحَة الْإِيجَاب كَقَوْلِك زيد سيوجد غَدا فَإِن هَذَا الحكم يصدق إِذا يُوجد غَدا - أما وجود الْمَوْضُوع فِي الذِّهْن أَي تصَوره فَلَا بُد مِنْهُ فِي الْمُوجبَة والسالبة مَعًا لَكِن حَال الحكم لَا مُطلقًا وَلِهَذَا اشْتهر أَن الْمُوجبَة والسالبة مشتركتان فِي اقْتِضَاء الْوُجُود الذهْنِي للموضوع حَال الحكم فَإِن الحكم سَوَاء كَانَ إيجابيا أَو سلبيا لَا يتَصَوَّر إِلَّا على المتصور.
وَأما الصدْق فَأمر آخر وَإِنَّمَا عممنا وَقُلْنَا فرع ثُبُوت الْمُثبت لَهُ أَو مُسْتَلْزم لثُبُوته مَعَ أَن المشهوران ثُبُوت الشَّيْء للشَّيْء فرع وجود ثُبُوت الْمُثبت لَهُ فِي ظرفه لِأَنَّهُ يرد على الْمَشْهُور النَّقْض بالوجود لِأَن الفرعية بِحَسبِهِ تَسْتَلْزِم أَن يكون لشَيْء وجودات غير متناهية بَعْضهَا فَوق بعض. وَمن هَا هُنَا أنكر جلال الْعلمَاء الدواني رَحمَه الله تَعَالَى وتشبث بالاستلزام.
وَقَالَ بعض الْمُحَقِّقين طبيعة الاتصاف مُطلقًا تَسْتَلْزِم ثُبُوت الْمَوْصُوف وخصوص اتصاف الانضمامي فرع ثُبُوته والانتزاعي يسْتَقرّ على مُجَرّد الاستلزام - وَالْحق أَن الفرعية بِاعْتِبَار الفعلية كالاستلزام بِاعْتِبَار الثُّبُوت فَإِن الْوُجُود من حَيْثُ إِنَّه صفة بعد الْأَمر الْمَوْجُود فَإِن مرتبَة الْعَارِض أَي عَارض كَانَ بعد مرتبَة المعروض وَإِن كَانَ بعديته لَا بِالزَّمَانِ بل بِالذَّاتِ.
وَهَا هُنَا منع يمْنَع وَهُوَ أَنا لَا نسلم أَن الْمُوجبَة تستدعي وجود الْمَوْضُوع فِي ظرف الْإِثْبَات. أَلا ترى أَن قَوْلنَا شريك الْبَارِي مُمْتَنع فِي الْخَارِج واجتماع النقيضين محَال والمجهول الْمُطلق يمْتَنع الحكم عَلَيْهِ والمعدوم الْمُطلق يُقَابل الْمَوْجُود الْمُطلق مُوجبَات وَلَا وجود لموضوعاتها فِي ظرف الْإِثْبَات لِأَن ظرفه إِمَّا ذهن وَإِمَّا خَارج وَلَا وجود لتِلْك الموضوعات لَا فِي الْخَارِج وَلَا فِي الذِّهْن.

أما الأول: فَظَاهر - وَأما الثَّانِي: فَلِأَن الْمحَال من حَيْثُ إِنَّه محَال لَيْسَ لَهُ صُورَة فِي الْعقل فَهُوَ مَعْدُوم ذهنا كَمَا هُوَ مَعْدُوم خَارِجا فَلَا يحكم عَلَيْهِ إِيجَابا بالامتناع أَو سلبا بالوجود - وَإِنَّمَا قُلْنَا إِن الْمحَال لَيْسَ لَهُ صُورَة فِي الْعقل لِأَنَّهُ لَو كَانَ لَهُ صُورَة فِي الذِّهْن لَكَانَ مَوْجُودا فِي الذِّهْن وكل مَوْجُود فِي الذِّهْن حَقِيقَة مَوْجُودَة فِي نفس الْأَمر فَلَو كَانَ مَوْجُودا فِي الذِّهْن لَكَانَ مَوْجُودا فِي نفس الْأَمر. وَالْقَوْل بِوُجُود شريك الْبَارِي واجتماع النقيضين والمعدوم الْمُطلق فِي نفس الْأَمر بَاطِل قطعا وَكَذَا الْمَجْهُول الْمُطلق من حَيْثُ هُوَ لَيْسَ لَهُ وجود فِي الذِّهْن وَإِلَّا لم يبْق مَجْهُولا مُطلقًا.
وَلما صالت أسود هَذِه القضايا من أَرض مسبعَة الْمَنْع الْمَذْكُور اخْتَار كل مُخْتَار فِرَارًا على الْقَرار إِلَى مفر بدا لَهُ كَمَا سلك الْعَلامَة رَحمَه الله تَعَالَى فِي شرح الْمطَالع إِلَى مَسْلَك السَّلب يَعْنِي جعل تِلْكَ القضايا الموجبات السوالب بإرجاع محصلها إِلَى السَّلب فقولنا شريك الْبَارِي مُمْتَنع فِي الْخَارِج مثلا على زَعمه يرجع إِلَى لَا شَيْء من شريك الْبَارِي بممكن الْوُجُود وَلم يتَنَبَّه بِأَن وَادي السَّلب أَيْضا ماسدة يصول مِنْهَا غضنفر آخر بل يعقبه ذِئْب يخَاف مِنْهُ لِأَن مَوْضُوعَات تِلْكَ القضايا لما ثَبت أَنه لَا وجود لَهَا لَا ذهنا وَلَا خَارِجا وَقد مر أَن السالبة والموجبة متساويتان فِي اقْتِضَاء الْوُجُود الذهْنِي فَلم يَنْفَعهُ الْفِرَار عَن ميدان الْإِيجَاب والقرار فِي وَادي السَّلب. فَهَذِهِ القضايا كَمَا لَا يَصح أَن تكون مُوجبَات كَذَلِك لَا يَصح أَن تكون سوالب. والقضية منحصرة فيهمَا فَلَا يتَصَوَّر التفصي عَن هَذَا الْحصار المتين الرفيع إِلَّا بالصعود على مِعْرَاج بطلَان الْحصْر أَو بالتمسك بِحَبل إخراجهما عَن الْقَضِيَّة. وكل مِنْهُمَا مُمْتَنع كشريك الْبَارِي وَالذِّئْب المعاقب أَن الحكم يكون تِلْكَ القضايا سوالب تحكم غير مسموع ضَرُورَة أَن كل مَفْهُوم إِذا نسب إِلَى الآخر فَلَا مَانع لِلْعَقْلِ مَعَ قطع النّظر عَن مطابقته لما فِي نفس الْأَمر وَعدمهَا أَن يحكم بِالْإِيجَابِ.
وَذهب الْمُحَقق التَّفْتَازَانِيّ رَحمَه الله تَعَالَى إِلَى أَن تِلْكَ القضايا مَعَ دُخُولهَا فِي الموجبات مُسْتَثْنَاة عَنْهَا لعدم اقتضائها وجود الْمَوْضُوع فِي ظرف الْإِثْبَات كالسوالب فَكَمَا أَن السوالب تصدق عِنْد عدم الْمَوْضُوع كَذَلِك هَذِه القضايا.
وَلَا يخفى أَنه يصادم البداهة إِذْ اقْتِضَاء طبيعة الْإِيجَاب وجود الْمَوْضُوع ضَرُورِيّ - وَالذِّئْب المعاقب هُنَاكَ معاقب هَا هُنَا أَيْضا إِذْ الحكم مُطلقًا يَقْتَضِي الْوُجُود الذهْنِي للموضوع وَهُوَ فِي تِلْكَ القضايا مَفْقُود كَمَا مر.
وجم غفير من الْمُتَأَخِّرين طلبُوا المأمن وفوضوا أَمرهم إِلَى التَّقْدِير فَذَهَبُوا إِلَى أَن الحكم فِي تِلْكَ القضايا على الْأَفْرَاد الْفَرْضِيَّة الْمقدرَة الْوُجُود لموضوعاتها بِنَاء على تعميمهم فِي وجود الْمَوْضُوع بالحقيقي والفرضي فكأنهم قَالُوا فِي تِلْكَ الْأَمْثِلَة حِينَئِذٍ مَا يتَصَوَّر بعنوان شريك الْبَارِي ويفرض صدقه عَلَيْهِ مُمْتَنع فِي نفس الْأَمر.
وزيفه بعض الْفُضَلَاء بِأَنَّهُ يلْزم حِينَئِذٍ محَال آخر وَهُوَ أَن يكون وجود الصّفة فِي نَفسهَا أَعنِي الِامْتِنَاع والعدم مثلا أَزِيد كمالا وتماما من وجود الْمَوْصُوف أَعنِي الْأَفْرَاد الممتنعة الْمقدرَة الْوُجُود فَإِن امْتنَاع أَفْرَاد شريك الْبَارِي وَعدمهَا مُتَحَقق فِي نفس الْأَمر على مَا قَالُوا بِخِلَاف تِلْكَ الْأَفْرَاد فَإِنَّهَا ممتنعة فِيهَا. وَلَكِن من أُوتِيَ الْحِكْمَة وَفتح لَهُ أَبْوَاب الْمعرفَة يعلم أَن الصّفة هَا هُنَا مثل الْمَوْصُوف لِأَن الِامْتِنَاع الَّذِي هُوَ اسْتِحَالَة الذَّات وَكَذَا الْعَدَم الَّذِي هُوَ رفع الذَّات لَيْسَ لَهما قوام وتقرر فِي نفس الْأَمر. والوجود إِنَّمَا يعرض لمفهوميهما لِأَن لمفهوميهما ثبوتا فِي الذِّهْن وَلَا وجود لما يطابقه مفهوماهما وَذَلِكَ المطابق بِالْفَتْح صفة الْمُمْتَنع والمعدوم لَا المطابق بِالْكَسْرِ حَتَّى يلْزم أَن يكون وجود الصّفة أَزِيد عَن وجود الْمَوْصُوف كَيفَ وَلَيْسَ لَهَا ثُبُوت فِي نفس الْأَمر أصلا فضلا عَن أَن يكون أَزِيد.
وَمن أَرَادَ العروج على سَمَاء التَّحْقِيق. والصعود على عرش التدقيق. فَعَلَيهِ أَن لَا يحول حول الاعتساف. وَيقوم مقَام الانصاف. وَلَا ينظر إِلَى مَا قيل أَو يُقَال بل يسمع مَا هُوَ ملخص فِي جَوَاب هَذَا الْإِشْكَال. وَهُوَ أَن الْمَحْكُوم عَلَيْهِ فِي الحمليات مُطلقًا لَا بُد وَأَن يكون أمرا متصورا مَوْجُودا فِي الذِّهْن فَيكون وَاقعا فِي نفس الْأَمر سَوَاء كَانَ مَعَ ذَلِك الْوُجُود مَوْجُودا فِي ظرف الْإِثْبَات أَو لَا وَإِن كَانَ فِي الحملية الْمُوجبَة لَا بُد مَعَ ذَلِك من وجوده فِي ظرف الْإِثْبَات أَيْضا.
وَلما كَانَ الْمَحْكُوم عَلَيْهِ فِيهَا أمرا متصورا مَوْجُودا فِي الذِّهْن وَاقعا فِي نفس الْأَمر لَا يحكم عَلَيْهِ بِمَا يُنَافِي الْوُجُود والواقعية فَيرد النَّقْض بِمثل شريك الْبَارِي مُمْتَنع والخلاء مَعْدُوم وَغير ذَلِك. فالتفصي عَن هَذَا الإعضال بِأَن ذَلِك الْأَمر المتصور كثيرا مَا يَجْعَل عنوانا لأمور متقرر الْوُجُود مثل كل إِنْسَان حَيَوَان وَحِينَئِذٍ لَا إِشْكَال. وَقد يَجْعَل عنوانا لأمور لَا يكون لَهَا تقرر أصلا وَلم يتَعَلَّق بهَا التَّصَوُّر بل وَاقعَة فِي حضيض الْعَدَم ويفرض أَن تِلْكَ الْأُمُور متصفة بذلك الْأَمر المتصور فَيحكم على ذَلِك الْأَمر بِأُمُور تنَافِي الْوُجُود والواقعية كالامتناع والعدم واستحالة الحكم عَلَيْهِ مثلا فَلذَلِك الْأَمر جهتان. إِحْدَاهمَا: أَنه عنوان لتِلْك الْأُمُور الْبَاطِلَة وَفرض اتحاده مَعهَا عقدا وصفيا فرضيا. وثانيتهما: أَنه ثَابت فِي نَفسه ذهنا فبالاعتبار الأول يَصح الحكم عَلَيْهِ بالامتناع ونظائره - وبالاعتبار الثَّانِي يَصح الحكم عله فمدار صِحَة الحكم بالامتناع مثلا هُوَ الأول ومدار صِحَة ذَات الحكم هُوَ الثَّانِي.
وَحَاصِل مَا أجَاب عَنهُ الباقر أَن مثل قَوْلك شريك الْبَارِي مُمْتَنع والمعدوم الْمُطلق يمْتَنع الحكم عَلَيْهِ يصدق على سَبِيل حمل إيجابي غير بتي فالامتناع إِنَّمَا يتَوَجَّه إِلَيْهِ على تَقْدِير الانطباق على مَا فرض أَنه بإزائه لَا بِاعْتِبَار نفس مَفْهُومه الثَّابِت على الْبَتّ وَعَلِيهِ بِنَاء صِحَة الحكم عَلَيْهِ. وَنَظِيره أَنَّك إِذا قلت الْوَاجِب تَعَالَى تشخصه عينه كَانَ الحكم فِيهِ على مَفْهُوم الْوَاجِب المرتسم فِي الْعقل لَكِن عَيْنِيَّة التشخص غير متوجهة إِلَيْهِ بل إِلَى مَا هُوَ بإزائه وَهُوَ الْمَوْجُود الْحق الْقَائِم بِنَفس ذَاته وَأَنه تَعَالَى شَأْنه عَن أَن يتَمَثَّل ويرتسم فِي ذهن مَا.
وَمن طَرِيق آخر أَن هَذَا اللحاظ لما كَانَ هُوَ اعْتِبَار الْمَعْدُوم الْمُطلق مُجَردا عَن جَمِيع أنحاء الْوُجُود كَانَ هَذَا الْمَفْهُوم فِي هَذَا الِاعْتِبَار غير مخلوط بِشَيْء من الموجودات. وَهَذَا هُوَ منَاط امْتنَاع الحكم وَمن حَيْثُ إِن هَذَا اللحاظ بِخُصُوصِهِ نَحْو من أنحاء وجود هَذَا الْمَفْهُوم كَانَ مخلوطا بالوجود فِي هَذَا اللحاظ وَهَذَا هُوَ منَاط صِحَة الحكم عَلَيْهِ بامتناع الحكم. وَهُوَ فِي أفق الْمُبين قسم الحملية إِلَى حلمية بتة وحملية غير بتة وَإِن كَانَ بالاتحاد بِالْفِعْلِ على تَقْدِير انطباق طبيعة العنوان على فَرد وَإِنَّمَا يحصل بتقرر مَاهِيَّة الْمَوْضُوع ووجودها سميت حملية غير بتة وَهِي مساوقة فِي الصدْق للشرطية لَا رَاجِعَة إِلَيْهَا كَمَا يظنّ أفكيف وَقد حكم فِيهَا بالاتحاد بِالْفِعْلِ على الْمَأْخُوذ بِتَقْدِير مَا لست أَقُول على سَبِيل التَّوْقِيت أَو التَّقْيِيد حَتَّى يكون قد فرض مَوْضُوع وَثمّ فِي فرض فِي نَفسه ثمَّ خصص الحكم عَلَيْهِ لتوقيت أَو تَقْيِيد لَهُ أَي عَاد الْمَحْكُوم عَلَيْهِ إِلَى أَن يكون هُوَ الطبيعة المؤقتة أَو الْمقيدَة بل إِنَّمَا على سَبِيل التَّعْلِيق المتمم لغَرَض الْمَوْضُوع فِي نَفسه حَيْثُ لم يكن بِالْفِعْلِ طبيعة متقررة أصلا وَلَعَلَّ بَين الاعتبارين فرقا يذهل عَنهُ المتفلسفون والبتة إِنَّمَا تستدعي تقرر الْمَوْضُوع ووجوده بِالْفِعْلِ وَغير الْبَتَّةَ تقرره ووجوده على التَّقْدِير لَا بِالْفِعْلِ انْتهى.
قَالَ الْحَكِيم صَدرا فِي الْأَسْفَار فصل فِي أَن الحكم السلبي لَا يَنْفَكّ عَن نَحْو من وجود طَرفَيْهِ: إِن مَحْمُول الْعُقُود الحملية سَوَاء كَانَت مُوجبَة أَو سالبة قد يكون ثبوتيا وَقد يكون عدميا فِي الْخَارِج. وَأما فِي الذِّهْن فَلَا بُد وَأَن يكون حَاضرا مَوْجُودا لاستحالته على مَا لَا يكون كَذَلِك. وَأما فِي الْخَارِج فَكَذَلِك وَإِذا كَانَ الحكم بِالْإِيجَابِ بِحَسب ظرف الْخَارِج لاستدعاء الحكم بِحَسب أَي ظرف وجود الْمَوْضُوع فِيهِ لِأَن إِثْبَات شَيْء لشَيْء فِي أَي ظرف كَانَ يتَفَرَّع على ثُبُوته فِي نَفسه. اللَّهُمَّ إِلَّا إِذا كَانَ الْمَحْمُول فِي معنى السَّلب مُطلقًا نَحْو زيد مَعْدُوم فِي الْخَارِج أَو شريك الْبَارِي مُمْتَنع فَإِنَّهُ وَإِن نسب إِلَى الْخَارِج لكنه نفس السَّلب عَنهُ فَكَأَنَّهُ قيل زيد المتصور فِي الذِّهْن لَيْسَ فِي الْخَارِج. وَإِذا كَانَ الحكم بالسلب فِي الْخَارِج فَلَا يَقْتَضِي نفس الحكم وَوُجُود الْمَوْضُوع فِيهِ لجَوَاز سلب الْمَعْدُوم وَالسَّلب عَن الْمَعْدُوم هَذَا بِحَسب خُصُوص من طبيعة السَّلب بِمَا هُوَ سلب لَا بِمَا هُوَ حكم من الْأَحْكَام الْوَاقِعَة عَن النَّفس الإنسانية. فَقَوْلهم إِن مَوْضُوع السالبة أَعم من مَوْضُوع الْمُوجبَة المعدولة أَو السالبة الْمَحْمُول لَيْسَ مَعْنَاهُ أَن مَوْضُوع السالبة يجوز أَن يكون مَعْدُوما فِي الْخَارِج دون مَوْضُوع الْمُوجبَة إِذْ مَوْضُوع الْمُوجبَة أَيْضا قد يكون مَعْدُوما فِي الْخَارِج كَقَوْلِنَا شريك الْبَارِي مُمْتَنع واجتماع النقيضين محَال. وَلَا أَن مَوْضُوع الْمُوجبَة يجب أَن يتَحَقَّق أَو يتَمَثَّل فِي وجود أَو ذهن دون مَوْضُوع السالبة إِذْ مَوْضُوع السالبة أَيْضا كَذَلِك. بل مَعْنَاهُ أَن السَّلب يَصح عَن الْمَوْضُوع الْغَيْر الثَّابِت بِمَا هُوَ غير الثَّابِت أصلا. على أَن لِلْعَقْلِ أَن يعْتَبر هَذَا الِاعْتِبَار فِي السَّلب وَيَأْخُذ مَوْضُوع السالبة على هَذَا الْوَجْه بِخِلَاف الْإِيجَاب والموجبة.
فالإيجاب وَإِن صَحَّ على الْمَوْضُوع الْغَيْر الثَّابِت لَكِن لَا يَصح عَلَيْهِ من حَيْثُ هُوَ غير ثَابت بل من حَيْثُ لَهُ ثُبُوت مَا لِأَن الْإِيجَاب يَقْتَضِي وجود شَيْء حَتَّى يُوجد لَهُ شَيْء آخر وَلِهَذَا يَصح أَن يُقَال الْمَعْدُوم لَيْسَ من حَيْثُ هُوَ مَعْدُوم بِشَيْء وَلَا لَهُ من هَذِه الْحَيْثِيَّة شَيْء بل من حَيْثُ لَهُ وجود وَتحقّق فِي ظرف مَا. وَأَيْضًا يجوز نفي كل مَا هُوَ غير الثَّابِت عَن الْمَوْضُوع من حَيْثُ هُوَ غير ثَابت. بِخِلَاف إِثْبَات كل مَا يغايره عَلَيْهِ من تِلْكَ الْحَيْثِيَّة بل إِثْبَات شَيْء مِمَّا يغايره عَلَيْهِ من تِلْكَ الْجِهَة. اللَّهُمَّ إِذا كَانَ أمرا عدميا أَو محالا فَإِنَّهُ إِذا كَانَ ذَلِك لم يكن صدق الحكم من حَيْثُ خُصُوص الْمَحْمُول أَيْضا مستدعيا لوُجُود الْمَوْضُوع كَمَا أَنه يستدعيه من حَيْثُ النِّسْبَة الإيجابية فَلذَلِك اشْتهر أَن مَوْضُوع السالبة أَعم من مَوْضُوع الْمُوجبَة وَهُوَ غير صَحِيح إِلَّا أَن يُصَار إِلَى مَا قدمْنَاهُ وَيُرَاد بِالْعُمُومِ مَا سَيَجِيءُ ذكره. وَلَيْسَ معنى كَلَامهم على مَا فهمه الْجُمْهُور أَن الْعُمُوم إِنَّمَا هُوَ لجَوَاز كَون مَوْضُوع السالبة مَعْدُوما فِي الْخَارِج دون الْمُوجبَة.
وَأما مَا قيل إِن مَوْضُوع السالبة إِن كَانَ أَعم من مَوْضُوع الْمُوجبَة المعدولة أَو السالبة الْمَحْمُول لم يتَحَقَّق التَّنَاقُض لتَفَاوت أفرادهما وَإِن لم يكن أَعم زَالَ الْفرق. فَنَقُول هُوَ أَعم بِاعْتِبَار الْمَذْكُور وَلَا يلْزم مِنْهُ تغاير الْأَفْرَاد للْعُمُوم بمعنيين والأعمية بِحَسب الِاعْتِبَار الْمَذْكُور لَا توجب بطلَان التَّنَاقُض. وَنفي الأعمية بِحَسب الْأَفْرَاد لَا يسْتَلْزم زَوَال الْفرق لكَون الْمَوْضُوع فِي السالبة أَعم اعْتِبَارا وَإِن لم يكن أَكثر شمولا وتناولا انْتهى.

المنطبعة

المنطبعة: من الانطباع أَي المجبولة والمخلوقة كَمَا يُقَال للفلك نفس منطبعة أَي مجبولة ومخلوقة عَلَيْهَا الْفلك. اعْلَم أَن للفلك محركين قريب وبعيد. الأول: قُوَّة مُجَرّدَة عَن الْمَادَّة. وَالثَّانِي: قُوَّة جسمانية سَارِيَة فِي جرم الْفلك كُله. والمحرك الأول يُحَرك الْفلك بِلَا مُبَاشرَة لِأَنَّهُ يحركه بِوَاسِطَة الثَّانِيَة أَعنِي الْقُوَّة الجسمانية الَّتِي تسمى نفسا منطبعة فَهِيَ بِمَنْزِلَة الْآلَة للقوة الأولى.
من ترك الصَّلَاة عمدا مُتَعَمدا فقد كفر: وَاحْتج الْخَوَارِج فِي أَن الْفَاسِق كَافِر بالنصوص الظَّاهِرَة. مِنْهَا هَذَا الحَدِيث الشريف. وَالْجَوَاب أَنه مَصْرُوف عَن الظَّاهِر بِحمْل التّرْك على سَبِيل الاستحلال وعده حَلَالا وَلَا نزاع فِي كفر مستحله. أَو بِحمْل الْكفْر على الْمَعْنى اللّغَوِيّ وَهُوَ السّتْر أَي من ترك الصَّلَاة فَهُوَ سَاتِر لنعمة الله تَعَالَى غير شَاكر لَهُ. أَو يُقَال يحْتَمل أَن يكون الْمَعْنى من ترك الصَّلَاة مقصرا مشارك للْكفَّار فِي عدم حُرْمَة دَمه وَمَاله كَمَا ذكره الْفَاضِل الْمُحَقق الشَّيْخ عبد الْحَكِيم رَحمَه الله تَعَالَى فِي حَوَاشِيه على حَوَاشِي صَاحب الخيالات اللطيفة على (شرح العقائد النسفية) . وَفِي التَّفْسِير الْحُسَيْنِي: (وَأقِيمُوا الصَّلَاة) (وبياداريد نماز را) وَلَا تَكُونُوا: (ومباشيد) من الْمُشْركين (از شرك آرندكان بترك نماز مُتَعَمدا خطاب بامت است) .
در تيسير (از شيخ محد اسْلَمْ طوسي رَحمَه الله تَعَالَى نقل ميكند كه حَدِيثي بِمن رسيده كه هرجه از من روايت كنند عرض كنيد بر كتاب خداي تَعَالَى اكر مُوَافق بود قبُول كنيد: بس من ايْنَ حَدِيث راكه من ترك الصَّلَاة عمدا مُتَعَمدا فقد كفر. (خواستم كه بآيتي از قُرْآن موافقت كنم وبيدا سازم. سى سَالَ تامل كردم تا ايْنَ آيَة يافتم) - {وَأقِيمُوا الصَّلَاة وَلَا تَكُونُوا من الْمُشْركين} . انْتهى. وَحِينَئِذٍ لَا بُد لنا من الْجَواب للخوارج الْقَائِلين بِأَن مرتكب الْكَبِيرَة كَافِر بِأَن مَحل النزاع هُوَ الْكَبِيرَة سوى الْكفْر والإشراك. وَلما دخل ترك الصَّلَاة عمدا فِي الْكفْر عمدا فَلَا ضير. فَإنَّا نقُول إِن الْفَاسِق بِالْفِسْقِ الَّذِي هُوَ كفر كَافِر وَإِنَّمَا النزاع فِي الْفسق الَّذِي سوى الْكفْر.
أَيهَا الإخوان لَا يَغُرنكُمْ تِلْكَ الجوابات. واستقيموا على الصَّلَوَات وتوبوا إِلَى الله تَوْبَة نصُوحًا واتركوا الْحِيَل والتأويلات فِي الْعِبَادَات. وَللَّه در النَّاظِم. شعر:
(اَوْ سجده بيش آدم واين بيش حق نكرد ... )
(شَيْطَان هزار مرتبه بهتر ز آدَمِيّ ... )

الْمُمكن

الْمُمكن: هُوَ الَّذِي سلب ضَرُورَة وجوده وَعَدَمه وَهَذَا هُوَ الْمُمكن بالإمكان الْخَاص. وَمن هَا هُنَا يُقَال الْمُمكن هُوَ الَّذِي لَا يلْزم من فرض وُقُوعه محَال. فالممكن بالإمكان الْخَاص هُوَ الَّذِي لَا يكون وجوده وَلَا عَدمه ضَرُورِيًّا يَعْنِي لَا تَقْتَضِي ذَاته وجوده وَلَا عَدمه بل يكون وجوده وَعَدَمه بِمُقْتَضى الْغَيْر كالعالم. والممكن بالإمكان الْعَام هُوَ الَّذِي حكم بسلب ضَرُورَته عَن الْجَانِب الْمُخَالف سَوَاء كَانَ الْجَانِب الْمُوَافق ضَرُورِيًّا أَو لَا. فَإِن كَانَت الْقَضِيَّة مُوجبَة مثل الله مَوْجُود بالإمكان الْعَام كَانَ مَعْنَاهَا أَن سلب الْوُجُود عَن الله تَعَالَى لَيْسَ بضروري. والجانب الْمُوَافق أَعنِي وجوده تَعَالَى ضَرُورِيّ هَا هُنَا. وَمثل الْإِنْسَان كَاتب بالإمكان الْعَام يَعْنِي أَن سلب الْكِتَابَة عَن الْإِنْسَان لَيْسَ بضروري مَعَ أَن ثُبُوت الْكِتَابَة أَيْضا كَذَلِك. وَإِن كَانَت سالبة مثل شريك الْبَارِي لَيْسَ بموجود بالإمكان الْعَام كَانَ مَعْنَاهَا أَن وجوده لَيْسَ بضروري وَأَنت تعلم أَن عَدمه ضَرُورِيّ.
فَإِن قلت. إِن عدم الْعقل الأول مثلا مُمكن لكنه يسْتَلْزم الْمحَال أَعنِي عدم الْوَاجِب لِأَن انْتِفَاء الْمَعْلُول يسْتَلْزم انْتِفَاء الْعلَّة فَقَوْلهم إِن الْمُمكن مَا لَا يلْزم مِنْهُ محَال بَاطِل. قلت: عدم الْعقل الأول مثلا لَهُ جهتان. الْإِمْكَان بِالذَّاتِ كَمَا هُوَ الظَّاهِر. والامتناع بِالْغَيْر وَهُوَ امْتنَاع عَدمه تَعَالَى لِأَن وجود الْوَاجِب ضَرُورِيّ فامتناع عَدمه بِالذَّاتِ فلوجود الْعقل الأول وجوب بِالْغَيْر وَامْتِنَاع بِالْغَيْر وَعدم الْعقل الأول من حَيْثُ إِنَّه مُمْتَنع بِالْغَيْر مُسْتَلْزم للمحال الَّذِي هُوَ عدم الْوَاجِب الْمُمْتَنع بِالذَّاتِ لَا من حَيْثُ إِنَّه مُمكن بِالذَّاتِ فَثَبت أَن الْمُمكن من حَيْثُ إِنَّه مُمكن لَا يلْزم مِنْهُ محَال. وَالْحَاصِل أَنا لَا نسلم أَن كل مُمكن فِي نَفسه لَا يلْزم من فرض وُقُوعه محَال - وَإِنَّمَا يجب عدم لُزُوم الْمحَال من فرض وُقُوعه لَو لم يعرض لَهُ الِامْتِنَاع بِالْغَيْر وَإِن عرض لَهُ الِامْتِنَاع بِالْغَيْر جَازَ لُزُوم الْمحَال من فرض وُقُوعه بِنَاء على الِامْتِنَاع بِالْغَيْر. فالخلاصة أَن الْمُمكن لَا يلْزم من فرض وُقُوعه محَال بِالنّظرِ إِلَى ذَاته - وَأما بِالنّظرِ إِلَى أَمر زَائِد على نَفسه فَلَا نسلم أَنه يسْتَلْزم الْمحَال. وَمن هَذَا الْجَواب ينْحل كثير من الإشكالات.
وَقَالَ أفضل الْمُتَأَخِّرين الشَّيْخ عبد الْحَكِيم رَحمَه الله تَعَالَى فِي حَوَاشِيه على شرح المواقف: إِن الْمُمكن بِالْغَيْر أَي بِسَبَب الْغَيْر لَا يتَصَوَّر لِأَنَّهُ لَو كَانَ مُمكنا بِالْغَيْر لَكَانَ فِي ذَاته وَاجِبا أَو مُمْتَنعا فَيلْزم الانقلاب - وَأما الْمُمكن بِالْقِيَاسِ إِلَى الْغَيْر فمتحقق كالواجب تَعَالَى فَإِنَّهُ مُمكن بِالْقِيَاسِ إِلَى مَا سواهُ إِذْ لَا يَقْتَضِي شَيْء مِنْهُ وجود الْوَاجِب وَلَا عَدمه انْتهى.

فَإِن قيل: إِن الْمُمكن بِالْغَيْر مُتَصَوّر بل وَاقع كالواجب بِالْغَيْر والممتنع بِالْغَيْر لِأَن عدم الْمَعْلُول يُوجب عدم علته لكَونه معلولا لعدم علته. فَنَقُول إِن عدم الْعقل الأول الَّذِي هُوَ الْمَعْلُول الأول يُوجب عدم الْوَاجِب الَّذِي هُوَ الْعلَّة فَيكون الْوَاجِب مِمَّا يجْرِي عَلَيْهِ الْعَدَم بِسَبَب الْغَيْر الَّذِي هُوَ عدم الْعقل الأول فَيكون مُمكنا بِالْغَيْر إِذْ الْمَوْجُود الَّذِي يجْرِي عَلَيْهِ الْعَدَم بِسَبَب الْغَيْر مُمكن لَا محَالة. قيل إِن معنى الْإِمْكَان بِالْغَيْر هُوَ تَسَاوِي طرفِي الْوُجُود والعدم وَتلك الْمُسَاوَاة تنَافِي الْوُجُوب الذاتي وَهَا هُنَا لَيْسَ كَذَلِك فَلَا يكون الْوَاجِب فِي الْمِثَال الْمَذْكُور مُمكنا بِالْغَيْر. وَفِيه أَن المُرَاد بالإمكان لَيْسَ مُسَاوَاة طرفِي الْوُجُود والعدم بِسَبَب الْغَيْر بل هُوَ أَن الْغَيْر لَا يَقْتَضِي شَيْئا من الْوُجُود والعدم على قِيَاس الْوَاجِب بِالْغَيْر والممتنع بِالْغَيْر. فَإِن معنى الأول هُوَ أَن الْغَيْر يَقْتَضِي الْوُجُود. وَمعنى الثَّانِي هُوَ أَن الْغَيْر يَقْتَضِي الْعَدَم.
ورد ذَلِك بِأَن مُرَاد من قَالَ بِالْوُجُوب بِالْغَيْر والامتناع بِالْغَيْر دون الْإِمْكَان بِالْغَيْر هُوَ أَن مَا لَا يكون وَاجِبا وممتنعا قد يصير وَاجِبا وممتنعا بِسَبَب الْغَيْر. بِخِلَاف الْمُمكن فَإِن مَا لَا يكون مُمكنا لَا يصير مُمكنا بِسَبَب الْغَيْر - وَالْوَاجِب تَعَالَى أَن اعْتبر الْإِضَافَة إِلَى كَونه عِلّة الْمَعْلُول الأول فَهُوَ من هَذِه الْحَيْثِيَّة غير وَاجِب لذاته. وَإِن اعْتبر مَا يكون وجوده لذاته فَهُوَ وَاجِب لذاته لَا يعرضه الْإِمْكَان من هَذِه الْحَيْثِيَّة. فَافْهَم فَإِنَّهُ من مزال الْأَقْدَام.

المغالطة

المغالطة: كسي رادر غلط انداختن - وَفِي الِاصْطِلَاح قِيَاس فَاسد. أما من جِهَة الْمَادَّة. أَو من جِهَة الصُّورَة أَو من جهتهما مَعًا مُفِيد للتصديق الخبري أَو الظني الْغَيْر المطابقين للْوَاقِع. وَالْقِيَاس الْفَاسِد هُوَ الْقيَاس الْمركب من مُقَدمَات شَبيهَة بِالْحَقِّ وَلَا تكون حَقًا وَتسَمى سفسطة. أَو شَبيهَة بالمقدمات الْمَشْهُورَة أَو الْمسلمَة وَتسَمى مشاغبة - وَالْفساد إِمَّا من جِهَة الصُّورَة فبأن لَا يكون على هَيْئَة منتجة لاختلال شَرط بِحَسب الْكَيْفِيَّة أَو الكمية أَو الْجِهَة. كَمَا إِذا كَانَ صغرى الشكل الأول سالبة أَو مُمكنَة أَو كبراه جزئية - وَإِمَّا من جِهَة الْمَادَّة فبأن يكون الْمَطْلُوب وَبَعض مقدماته شَيْئا وَاحِدًا وَهُوَ المصادرة على الْمَطْلُوب كَقَوْلِنَا كل إِنْسَان بشر وكل بشر ضحاك فَكل إِنْسَان ضحاك.
فَإِن قيل النظري بِتَغَيُّر العنوان يصير بديهيا فَإِن الْعَالم حَادث نَظَرِي والعالم متغير بديهي فَلم لَا يجوز أَن يكون كل بشر ضحاك بعنوان البشرية بديهيا وبعنوان الْإِنْسَان نظريا. قُلْنَا الْإِنْسَان والبشر مُتَرَادِفَانِ فَلَا يتَصَوَّر أَن يكون نِسْبَة أَمر إِلَى أَحدهمَا نظريا وَإِلَى الآخر بديهيا. - وَإِن قلت هَذَا عِنْد الْعلم بالمرادفة مُسلم وَأما عِنْد عَدمه فَمَمْنُوع. قُلْنَا تصور الْمَوْضُوع ضَرُورِيّ فالعلم بالمرادفة لَا يَنْفَكّ. أَو بِأَن يكون بعض الْمُقدمَات كَاذِبَة شَبيهَة بالصادقة. إِمَّا من حَيْثُ الصُّورَة أَو من حَيْثُ الْمَعْنى. وَأما من حَيْثُ الصُّورَة فكقولنا لصورة الْفرس المنقوش على الْجِدَار أَنَّهَا فرس وكل فرس صهال ينْتج أَن تِلْكَ الصُّورَة صهالة. وَأما من حَيْثُ الْمَعْنى فلعدم رِعَايَة وجود الْمَوْضُوع فِي الْمُوجبَة كَقَوْلِنَا كل إِنْسَان وَفرس فَهُوَ إِنْسَان وكل إِنْسَان وَفرس فَهُوَ فرس ينْتج أَن بعض الْإِنْسَان فرس -. والغلط فِيهِ أَن مَوْضُوع المقدمتين لَيْسَ بموجود إِذْ لَيْسَ شَيْء مَوْجُود يصدق عَلَيْهِ أَنه إِنْسَان وَفرس - ولوضع الْقَضِيَّة الطبيعية مقَام الْكُلية كَقَوْلِنَا الْإِنْسَان حَيَوَان. وَالْحَيَوَان جنس. ينْتج أَن الْإِنْسَان جنس.
المغالطة:
[في الانكليزية] Sophism ،sophistic syllogism ،eristic
[ في الفرنسية] Sophisme ،syllogisme sophistique ،eristique
هي عند المنطقيين قياس فاسد إمّا من جهة الصورة أو من جهة المادة أو من جهتهما معا، والآتي بها غالط في نفسه مغالط لغيره، ولولا القصور وهو عدم التمييز بين ما هو هو وبين ما هو غيره لما تمّ للمغالط صناعة، فهي صناعة كاذبة تنفع بالغرض، إذ الغرض من معرفتها الاحتراز عن الخطاء، وربّما يمتحن بها من يراد امتحانه في العلم ليعلم به بعدم ذهاب الغلط عليه كماله، وبذهابه عليه قصوره. وبهذا الاعتبار تسمّى قياسا امتحانيا. وقد تستعمل في تبكيت من يوهم العوام أنّه عالم ليظهر لهم عجزه عن الفرق بين الصواب والخطأ فيصدّون عن الاقتداء به، وبهذا الاعتبار تسمّى قياسا عناديا، كذا في شرح المطالع والصادق الحلواني وحاشية الطيبي. قال شارح إشراق الحكمة: مواد المغالطة المشبّهات لفظا أو معنى، ولهذه الصناعة أجزاء ذاتية صناعية وخارجية، والأول ما يتعلّق بالتبكيت المغالطي.
وعلى هذا فنقول إنّ أسباب الغلط على كثرتها ترجع إلى أمر واحد وهو عدم التمييز بين الشيء وأشباهه. ثم إنها تنقسم إلى ما يتعلّق بالألفاظ وإلى ما يتعلّق بالمعاني. والأول ينقسم إلى ما يتعلّق بالألفاظ لا من حيث تركّبها وإلى ما يتعلّق بها من حيث تركّبها. والأول لا يخلو إمّا أن يتعلّق بالألفاظ أنفسها وهو أن يكون مختلفة الدلالة فيقع الاشتباه بين ما هو المراد وبين غيره، ويدخل فيه الاشتراك والتشابه والمجاز والاستعارة وما يجري مجراها، ويسمّى جميعا بالاشتراك اللفظي، وإمّا أن يتعلّق بأحوال الألفاظ وهي إمّا أحوال ذاتية داخلة في صيغ الألفاظ قبل تحصّلها كالاشتباه في لفظ المختار بسبب التصريف إذا كان بمعنى الفاعل أو المفعول، وإمّا أحوال عارضة لها بعد تحصّلها كالاشتباه بسبب الإعجام والإعراب. والمتعلقة بالتركيب تنقسم إلى ما يتعلّق الاشتباه فيه بنفس التركيب كما يقال كلّ ما يتصوّره العاقل فهو كما يتصوّره فإنّ لفظ هو يعود تارة إلى المعقول وتارة أخرى إلى العاقل، وإلى ما يتعلّق بوجوده وعدمه أي بوجود التركيب وعدمه، وهذا الآخر ينقسم إلى ما لا يكون التركيب فيه موجودا فيظنّ معدوما ويسمّى تفصيل المركّب وإلى عكسه ويسمّى تركيب المفصل. وأمّا المتعلّقة بالمعاني فلا بد أن تتعلّق بالتأليف بين المعاني إذ الأفراد لا يتصوّر فيها غلط لو لم يقع في تأليفها بنحو ما، ولا يخلو من أن تتعلّق بتأليف يقع بين القضايا أو بتأليف يقع في قضية واحدة، والواقعة بين القضايا إمّا قياسي أو غير قياسي، والمتعلّقة بالتأليف القياسي إمّا أن تقع في القياس نفسه لا بقياسه إلى نتيجته، أو تقع فيه بقياسه إلى نتيجته والواقعة في نفس القياس إمّا أن تتعلّق بمادته أو بصورته. أمّا المادية فكما تكون مثلا بحيث إذا رتبت المعاني فيها على وجه يكون صادقا لم تكن قياسا، وإذا رتبت على وجه يكون قياسا لم يكن صادقا كقولنا كلّ إنسان ناطق من حيث هو ناطق ولا شيء من الناطق من حيث هو ناطق بحيوان، إذ مع إثبات قيد من حيث هو ناطق فيهما تكذب الصغرى ومع حذفه عنهما تكذب الكبرى، وإن حذف من الصغرى وأثبت في الكبرى تنقلب صورة القياس لعدم اشتراك الأوسط. وأما الصورية فكما تكون مثلا على ضرب غير منتج وجميع ذلك يسمّى سوء التأليف باعتبار البرهان وسوء التركيب باعتبار غير البرهان. وأمّا الواقعة في القياس بالقياس إلى النتيجة فتنقسم إلى ما لا يكون النتيجة مغايرة لأحد أجزاء القياس فلا يحصل بالقياس علم زائد على ما في المقدّمات، وتسمّى مصادرة على المطلوب وإلى ما تكون مغايرة لكنها لا تكون ما هي المطلوب من ذلك القياس، ويسمّى وضع ما ليس بعلّة علّة، كمن احتجّ على امتناع كون الفلك بيضيا بأنّه لو كان بيضيا وتحرك على قطره الأقصر لزم الخلاء وهو المحال إذ المحال ما لزم من كونه بيضيا، بل منه مع تحرّكه حول الأقصر إذ لو تحرّك على الأطول لما لزم من ذلك وكقولنا الإنسان وحده ضحّاك، وكلّ ضحّاك حيوان.
وأمّا الواقعة في قضايا ليست بقياس فتسمّى جمع المسائل في مسئلة، كما يقال زيد وحده كاتب فإنّه قضيتان لإفادته أنّه ليس غيره كاتبا.
وأما المتعلّقة بالقضية الواحدة فإمّا أن تقع فيما يتعلّق بجزئي القضية جميعا وذلك يكون بوقوع أحدهما مكان الآخر ويسمّى إيهام العكس، ومنه الحكم على الجنس بحكم نوع منه مندرج تحته، نحو هذا لون، واللون سواد، فهذا سواد. ومنه الحكم على المطلق بحكم المقيّد بحال أو وقت، نحو هذه رقبة والرّقبة مؤمنة. وإمّا أن تقع فيما يتعلّق بجزء واحد منها وتنقسم إلى ما يورد فيه بدل الجزء غيره مما يشبهه كعوارضه أو معروضاته مثلا، ويسمّى أخذ ما بالعرض مكان ما بالذات كمن رأى الإنسان أنّه يلزم له التوهّم والتكليف فظنّ أنّ كلّ متوهّم مكلّف، وإلى ما يورد فيه الجزء نفسه ولكن لا على الوجه الذي ينبغي كما يؤخذ معه ما ليس فيه، نحو زيد الكاتب إنسان، أو لا يؤخذ معه ما هو من الشروط أو القيود كمن يأخذ غير الموجود كتبا غير موجود مطلقا، ويسمّى سوء اعتبار الحمل، فقد حصل من الجميع ثلاثة عشر نوعا، ستة منها لفظية يتعلّق ثلاثة منها بالبسائط هي الاشتراك في جوهر اللفظ وفي أحواله الذاتية وفي أحواله العرضية، وثلاثة منها بالتركيب وهي التي في نفس التركيب، وتفصيل المركّب وتركيب المفصّل وسبعة معنوية، أربعة منها باعتبار القضايا المركّبة وهي سوء التأليف والمصادرة على المطلوب ووضع ما ليس بعلّة علّة وجمع المسائل في مسئلة واحدة، وثلاثة باعتبار القضية الواحدة وهي إيهام العكس وأخذ ما بالعرض مكان ما بالذات وسوء اعتبار الحمل، فهذه هي الأجزاء الذاتية الصناعية لصناعة المغالطة. وأمّا الخارجيات فما يقتضي المغالطة بالعرض كالتشنيع على المخاطب وسوق كلامه إلى الكذب بزيادة أو تأويل وإيراد ما يحيره أو يجبنه من إغلاق العبارة أو المبالغة في أنّ المعنى دقيق أو ما يمنعه من الفهم كالخلط بالحشو والهذيان والتكرار وغير ذلك ممّا اشتمل عليه كتاب الشّفاء وغيره من المطولات، انتهى ما في شرح اشراق الحكمة.
فائدة:
مقدمات المغالطة إمّا شبيهة بالمشهورات وتسمّى شغبا أو بالأوّليات وتسمّى سفسطة، هكذا في تكملة الحاشية الجلالية. قال الصادق الحلواني في حاشية الطيبي المفهوم من شرح المطالع أنّ القياس المركّب من المشبّهات بالقضايا الواجبة القبول يسمّى قياسا سوفسطائيا والمركّب من المشبّهات بالمشهورات يسمّى قياسا مشاغبيا، وإنّ الصناعة الخامسة منحصرة فيهما وإنّ صاحب السوفسطائي في مقابلة الحكيم أي صاحب البرهان وصاحب المشاغبي في مقابلة الجدلي. والمفهوم من شرح الشمسية أنّ الصناعة الخامسة هي السفسطة وهي القياس المركّب من الوهميات والمفهوم من غيرها الصناعة الخامسة هي القياس السفسطي وهو مركّب من الوهميات أو من المشبّهات بالأوليات أو بالمشهورات وقيل المشهور في كتب القوم أنّ الصناعة الخامسة هي المغالطة التي تحتها السفسطي المذكور أعني القياس المفيد للجزم الغير الحق المركّب من الوهميات أو المشبّهات بالأوليات أو بالمشهورات، والشغبي أعني القياس المفيد للتصديق الذي لا يعتبر فيه كونه مقابل عموم الاعتراف، لكن مع فقدان ذلك العموم فهو في مقابلة الجدل. قال أقول الظاهر إنّ المغالطة لا تنحصر فيما ذكر لأنّ المركّب بالمشبّهات بالمسلّمات، والمركّب من المقدّمات اليقينية التي فسدت صورته لم يندرج في شيء من الصناعات ولا بدّ من الاندراج.

الْمُعَلق بالممكن مُمكن

الْمُعَلق بالممكن مُمكن: إِذْ لَو كَانَ مُمْتَنعا لأمكن صدق الْمَلْزُوم بِدُونِ اللَّازِم وَهُوَ محَال. لِأَن تَعْلِيق الشَّيْء بالممكن مَعْنَاهُ الْإِخْبَار بِثُبُوت الْمُعَلق عِنْد ثُبُوت الْمُعَلق عَلَيْهِ. والمحال لَا يثبت على شَيْء من التقادير الممكنة. فَإِذا علق ثُبُوت أَمر بِثُبُوت شَيْء علم أَن ثُبُوت ذَلِك الْأَمر مُمكن - وَهَا هُنَا إِشْكَال مَشْهُور وَهُوَ أَنا لَا نسلم أَن الْمُعَلق بالممكن مُمكن فَإِنَّهُ يَصح أَن يُقَال إِن انْعَدم الْمَعْلُول انعدمت الْعلَّة - وَالْعلَّة قد تكون ممتنعة الْعَدَم مَعَ إِمْكَان عدم الْمَعْلُول فِي نَفسه كالصفات بِالنِّسْبَةِ إِلَى ذَاته تَعَالَى وَالْعقل الأول بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ تَعَالَى عِنْد الْحُكَمَاء. فَيعلم من هَا هُنَا جَوَاز تَعْلِيق الْمُمْتَنع بالممكن. وَالْجَوَاب أَن السِّرّ فِي جَوَازه أَن الارتباط بَين الْمُعَلق وَالْمُعَلّق عَلَيْهِ إِنَّمَا هُوَ بِحَسب الْوُقُوع بِمَعْنى إِن وَقع عدم الْمَعْلُول وَقع عدم الْعلَّة. والممكن الذاتي قد يكون مُمْتَنع الْوُقُوع كالممتنع الذاتي فَيجوز التَّعْلِيق بَينهمَا بِحَسب الْوُقُوع. فها هُنَا تَعْلِيق الْمُمْتَنع بالممتنع لَا الْمُمْتَنع بالممكن إِذْ لَيْسَ الارتباط بَينهمَا بِحَسب الْإِمْكَان حَتَّى يلْزم من إِمْكَان الْمُعَلق عَلَيْهِ إِمْكَان الْمُعَلق. وَأجِيب بِأَن المُرَاد بالممكن الْمُعَلق عَلَيْهِ الْمُمكن الصّرْف الْخَالِي عَن الِامْتِنَاع مُطلقًا. وَلَا شكّ أَن إِمْكَان عدم الْمَعْلُول فِيمَا امْتنع عدم علته لَيْسَ كَذَلِك بل التَّعْلِيق بَينهمَا إِنَّمَا هُوَ بِحَسب الِامْتِنَاع بِالْغَيْر. فَإِن استلزام عدم الصِّفَات وَعدم الْعقل الأول عدم الْوَاجِب من حَيْثُ إِن وجود كل مِنْهُمَا وَاجِب وَعَدَمه مُمْتَنع لوُجُود الْوَاجِب. وَأما بِالنّظرِ إِلَى ذَاته مَعَ قطع النّظر عَن الْأُمُور الْخَارِجَة فَلَا استلزام. هَكَذَا فِي الْحَوَاشِي الحكيمــية.
وَاعْلَم أَن الْعَلامَة التَّفْتَازَانِيّ رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ فِي شرح العقائد فِي مَبْحَث الرُّؤْيَة بِأَنا لَا نسلم أَن الْمُعَلق عَلَيْهِ مُمكن بل هُوَ اسْتِقْرَار الْجَبَل حَال تحركه وَهُوَ محَال انْتهى. وَقد خَفِي على بعض الأحباب أَنه كَيفَ يفهم اسْتِقْرَار الْجَبَل حَال تحركه فبيانه أَن إِن حرف الشَّرْط يَجْعَل الْمَاضِي مُسْتَقْبلا فَقَوله تَعَالَى: (إِن اسْتَقر مَكَانَهُ فَسَوف تراني} مَعْنَاهُ لَو كَانَ الْجَبَل مُسْتَقرًّا فِي الزَّمَان الْمُسْتَقْبل وَالزَّمَان الْمُسْتَقْبل زمَان تحرّك الْجَبَل - فَعلم إِن مَا علق بِهِ الرُّؤْيَة هُوَ اسْتِقْرَار الْجَبَل فِي زمَان تحركه وَهُوَ محَال فَافْهَم واحفظ.

الْقُدْرَة

الْقُدْرَة: هِيَ الصّفة الَّتِي يتَمَكَّن الْحَيّ مَعهَا من الْفِعْل وَتَركه بالإرادة أَي كَون الْحَيّ بِحَيْثُ يَصح صُدُور الْفِعْل عَنهُ وَعدم صدوره بِالْقَصْدِ. قَالَ أفضل الْمُتَأَخِّرين الشَّيْخ عبد الْحَكِيم رَحمَه الله تَعَالَى إِن للقدرة مَعْنيين. أَحدهمَا: صِحَة الْفِعْل وَالتّرْك أَي يَصح مِنْهُ تَعَالَى الإيجاد وَالتّرْك وَلَيْسَ شَيْء مِنْهُمَا لَازِما لذاته تَعَالَى بِحَيْثُ يَسْتَحِيل الانفكاك عَنهُ وَإِلَى هَذَا ذهب المتكلمون. وَثَانِيهمَا: إِن شَاءَ فعل وَإِن لم يَشَاء لم يفعل وَهَذَا الْمَعْنى مُتَّفق عَلَيْهِ بَيْننَا وَبَين الْحُكَمَاء إِلَّا أَن الْحُكَمَاء ذَهَبُوا إِلَى أَن مَشِيئَة الْفِعْل الَّذِي هُوَ الْفَيْض والجود لَازِمَة لذاته تَعَالَى كلزوم الْعلم وَسَائِر الصِّفَات الكمالية زعما مِنْهُم إِن تَركه نقص فيستحيل انفكاكه عَنهُ فمقدم الشّرطِيَّة الأولى وَاجِب صدقه ومقدم الشّرطِيَّة الثَّانِيَة مُمْتَنع الصدْق. وكلتا الشرطيتين صادقتان فِي حَقه تَعَالَى. إِذْ صدق الشّرطِيَّة لَا يسْتَلْزم صدق طرفيها وَلَا يُنَافِي كذبهما. وَهَذَا الْمَعْنى لَا يُنَافِي الْإِيجَاب فَإِن دوَام الْفِعْل وَامْتِنَاع التّرْك بِسَبَب الْغَيْر لَا يُنَافِي الِاخْتِيَار بِالنِّسْبَةِ إِلَى ذَات الْمُخْتَار كَمَا أَن الْعَاقِل مَا دَامَ عَاقِلا يغمض عَيْنَيْهِ كلما قرب إبرة من عَيْنَيْهِ بِقصد الغمز فيهمَا من غير تخلف مَعَ أَنه يَفْعَله بِاخْتِيَارِهِ وَامْتِنَاع ترك الإغماض بِسَبَب كَونه عَالما بِضَرَر التّرْك لَا يُنَافِي الِاخْتِيَار انْتهى.
وَيفهم من هَا هُنَا معنى الْإِيجَاب فِي قَول الْحُكَمَاء أَن الْعقل الأول صادر عَنهُ تَعَالَى بِالْإِيجَابِ وَأَنه تَعَالَى فَاعل مُوجب فَلَا تظن أَن إِيجَابه تَعَالَى عِنْدهم كإيجاب النَّار حرق الْحَطب الْوَاقِع فِيهَا فَإِنَّهُ تَعَالَى قَادر على فعله وَتَركه عِنْدهم لَكِن لزم فعله وَامْتنع تَركه للْغَيْر وَهُوَ كَون الْفِعْل فيضا وجودا وَكَون التّرْك نقصا وبخلا وَهُوَ يتعالى عَن ذَلِك علوا كَبِيرا وَهَذَا اللُّزُوم والامتناع لَا يُنَافِي الْقُدْرَة عَلَيْهِمَا بِالنّظرِ إِلَى ذَاته تَعَالَى لَكِن قد يُقَال كَون الْقُدْرَة بِالْمَعْنَى الثَّانِي مُتَّفقا عَلَيْهِ مَحل بحث لِأَن مَشِيئَة الله تَعَالَى عِنْدهم عبارَة عَن علمه تَعَالَى بالأشياء على النظام الْأَكْمَل على مَا صرح بِهِ فِي المواقف فِي بحث إِرَادَة الْوَاجِب تَعَالَى فَمَعْنَى قَوْلهم إِن شَاءَ فعل وَإِن لم يَشَأْ لم يفعل إِن علم فعل وَإِن لم يعلم لم يفعل وَلما كَانَ الْعلم لَازِما لذاته كَانَ طرف الْفِعْل لَازِما لذاته وَهَذَا معنى أَن مقدم الشّرطِيَّة لَازم لَهُ.
وَعند الْمُتَكَلِّمين عبارَة عَن الْقَصْد فَمَعْنَى إِن شَاءَ فعل وَإِن لم يَشَأْ لم يفعل إِن قصد فعل وَإِن لم يقْصد لم يفعل وَلما لم يكن تعلق الْقَصْد لَازِما لذاته لم يكن شَيْء من الطَّرفَيْنِ لَازِما لذاته وَهَذَا معنى عدم لُزُوم الشّرطِيَّة الأولى فَلَا يكون الِاتِّفَاق بَين الْفَرِيقَيْنِ إِلَّا فِي اللَّفْظ. ثمَّ فِي تقدم الْقُدْرَة على الْفِعْل اخْتِلَاف. قَالَ الْمُعْتَزلَة إِنَّهَا مُقَدّمَة عَلَيْهِ وَاسْتَدَلُّوا على تقدمها بِوَجْهَيْنِ: الأول: إِنَّه لَو لم يتَحَقَّق قبل الْفِعْل لَكَانَ تَكْلِيف الْكَافِر بِالْإِيمَان تَكْلِيف الْعَاجِز وَلَا يجوز وُقُوعه بالِاتِّفَاقِ كَمَا قَالَ الله تَعَالَى: {لَا يُكَلف الله نفسا إِلَّا وسعهَا} . وَأجِيب عَنهُ بِأَن تَكْلِيف الْكَافِر فِي الْحَال بإيقاع الْإِيمَان فِي ثَانِي الْحَال أَعنِي وَقت حُصُول الْقُدْرَة وَهِي مَعَ الْفِعْل وَفِيه أَنه لَو اسْتمرّ على الْكفْر لم يتَحَقَّق الْقُدْرَة بِنَاء على أَنَّهَا مَعَ الْفِعْل والتالي بَاطِل فالمقدم مثله. الثَّانِي: إِن الْقُدْرَة تحْتَاج إِلَيْهَا فِي الْفِعْل وَمَعَ الْفِعْل لَا يبْقى الِاحْتِيَاج. وَيرد عَلَيْهِ أَن الْحُصُول لَا يُنَافِي الِاحْتِيَاج إِلَى الْعلَّة وَإِمَّا عندنَا فَهِيَ مَعَ الْفِعْل لِأَن المُرَاد بهَا الْقُدْرَة الْحَقِيقِيَّة وَهِي إِمَّا عِلّة تَامَّة للْفِعْل أَو شَرط وَهَذَا الْبَحْث يرجع إِلَى الِاسْتِطَاعَة.
ثمَّ اعْلَم أَن الْقُدْرَة الَّتِي يتَمَكَّن بهَا العَبْد وَعَلَيْهَا مدَار التَّكْلِيف هِيَ بِمَعْنى سَلامَة الْأَسْبَاب والآلات وَلها نَوْعَانِ: أَحدهمَا:
(الْقُدْرَة) الطَّاقَة وَالْقُوَّة على الشَّيْء والتمكن مِنْهُ والغنى والثراء يُقَال رجل ذُو قدرَة ذُو يسَار وغنى

(الْقُدْرَة) حد مَعْلُوم بَين كل نخلتين أَو شجرتين يُقَال غرس على الْقُدْرَة

علم الصرف

علم الصرف
وهو: علم يعرف منه أنواع المفردات الموضوعة بالوضع النوعي ومدلولاتها والهيئات الأصلية العامة للمفردات والهيئات التغيرية وكيفية تغيراتها عن هيئاتها الأصلية على الوجه الكلي بالمقايس الكلية كذا في الموضوعات.
وموضوعه: الصيغ المخصوصة من الحيثية المذكورة.
وغرضه: ملكة يعرف بها ما ذكر من الأحوال.
وغايته: الاحتراز عن الخطأ من تلك الجهات.
ومباديه: مقدمات مستنبطة من تتبع استعمال العرب. وفي كشاف اصطلاحات الفنون علم الصرف ويسمى بعلم التصريف أيضا وهو: علم بأصول تعرف بها أحوال أبنية الكلم التي ليست بإعراب ولا بناء هكذا قال ابن الحاجب والمراد من بناء الكلمة وكذا من صيغتها ووزنها هيئتها التي يمكن أن يشاركها فيها غيرها وهي عدد حروفها المرتبة وحركاتها المعينة وسكونها مع اعتبار حروفها الزائدة والأصلية كل في موضعه.
وموضوعه: هو الكلمة من حيث أن لها بناء ولا محذور في البحث عن قيد الحيثية إذا كانت بيانا للموضوع فلا محذور في البحث عن الأبنية في هذا العلم ويؤيد هذا ما ذكروه في تقسيم العلوم العربية من أن الصرف يبحث فيه عن المفردات من حيث صورها وهيئاتها وكذا ما ذكر المحقق عبد الحكيم في حاشية شرح الجامي من أن التصريف والمعاني والبيان والبديع والنحو بل جميع العلوم الأدبية تشترك في أن موضوعها الكلمة والكلام إنما الفرق بينها بالحيثيات انتهى.
وفي شرح الشافية للجار بردي أن موضوعه الأبنية من حيث تعرض الأحوال لها والأبنية عبارة عن الحروف والحركات والسكنات الواقعة في الكلمة فيبحث عن الحروف من حيث أنها ثلاثة أو أربعة أو خمسة ومن حيث أنها زائدة أو أصلية وكيف يعرف الزائد عن الأصلي وعن الحركات والسكنات من أنها خفيفة أو ثقيلة.
فيخرج عن هذا العلم معرفة الأبنية ويدخل فيه معرفة أحوالها لأن الصرف علم بقواعد تعرف بها أحوال الأبنية أي الماضي والمضارع والأمر الحاضر إلى غير ذلك فإن جميع ذلك أحوال راجعة إلى أحوال الأبنية لا إلى نفس الأبنية انتهى.
فعلى هذا إضافة أحوال الأبنية ليست بيانية ويرد عليه أن الماضي ونحوه ليس بناء ولا حال بناء بل هو شيء ذو بناء وأضعف منه ما وقع في بعض كتب الصرف من أن موضوعه الأصول والقواعد.
ومباديه: حدود ما تتبنى عليه مسائله كحد الكلمة والاسم والفعل والحرف ومقدمات حججها أي أجزاء على المسائل كقولهم: إنما يوقع الإعلال في الكلمة لإزالة الثقل منها
ومسائله الأحكام المتعلقة بالموضوع كقولهم: الكلمة إما مجردة أو مزيدة أو جزئه كقولهم: ابتداء الكلمة لا يكون ساكنا أو جزئية كقولهم: الاسم إما ثلاثي أو رباعي أو خماسي أو عرضه كقولهم الإعلال إما بالقلب أو الحذف أو الإسكان.
وغايته: غاية الجدوى حيث يحتاج إليه جميع العلوم العربية والشرعية كعلم التفسير والحديث والفقه والكلام ولذا قيل أن الصرف أم العلوم والنحو أبوها.
قال الرضي: إن التصريف جزء من أجزاء النحو بلا خلاف من أهل الصيغة والتصريف على ما حكى سيبويه عنهم هو أن تبني من الكلمة بناء لم تبنه العرب على وزن ما بنته ثم تعمل في البناء الذي بنيته ما يقتضيه قياس كلامهم كما يتبين في مسائل التمرين والمتأخرون على أن التصريف علم بأبنية الكلمة وبما يكون لحروفها من أصالة وزيادة وحذف وصحة وإعلال وإدغام وإمالة وبما يعرض لآخرها مما ليس بإعراب ولا بناء من الوقف وغير ذلك انتهى.
فالصرف والتصريف عند المتأخرين مترادفان والتصريف على ما حكى سيبويه عنهم جزء من الصرف الذي هو جزء من أجزاء النحو انتهى ما في الكشاف وقد أطال الكلام على قيود حد الصرف تركنا ذكره ههنا لقلة فائدته في هذا الكتاب.
قال في مدينة العلوم: إن أول من دون علم الصرف أبو عثمان المازني البصري ومن شعره:
شيئان يعجز ذو الرياضة عنهما ... رأي النساء وإمرة الصبيان
أما النساء فإنهن عواهر ... وأخو الصبا يجري بغير عنان
وصنف في التصريف أبو الفتح بن جني مختصرا سماه التصريف الملوكي وصنف ابن مالك في ضروري التصريف مختصرا وشرحه ووسمه بالتعريف من المتوسطات في هذا العلم كتاب ابن الحاجب المسمى بالشافية وأمثلها الممتع1 لابن عصفور علي بن مؤمن الإشبيلي وشرح الشافية لأحمد بن حسن الجاربردي ولرضي الدين الأسترآبادي ولحسن بن محمد النيسابوري المشهور بالنظام الأعرج وشرحه ممزوج مشهور متداول ومما اشتهر في ديارنا مختصر مسمى بالمقصد وهو كتاب مبارك مشهور بأيدي الناس اليوم وعليه شروح مفيدة مشهورة عند أبناء الزمان ومختصر لعز الدين عبد الوهاب بن إبراهيم الزنجاني وله التصريف المشهور بتصريف العزي وعلى مختصره شروح أفضلها وأحسنها شرح السعد التفتازاني والسيد الشريف الجرجاني.
ومن المختصرات: مراح الأرواح لأحمد بن علي بن مسعود وعليه شروح مفيدة يعرفها المتأدبون من الصبيان.
وأكثر المصنفات في علم النحو مذيلة بعلم التصريف ومختصر النجاح مفيد في الغاية لكنه غير مشهور وهو لحسام الدين الصغنافي شارح الهداية ومختصر نزهة الطرف في علم الصرف للميداني انتهى ملخصا.
وتركت ما ذكر من تراجم علماء الصرف تحت كل كتاب مذكور فإنه ليس من غرضنا في هذا الموضع.
قال في كشف الظنون ومن الكتب المصنفة في الصرف أساس الصرف تصريف الأفعال جامع الصرف عنقود للزواهر قصارى لامية الأفعال مقصود مضبوط مطلوب منازل الأبنية نجاح هارون انتهى.
قلت: ومنها نقود الصرف للشيخ المفتي ولي الله الفرخ آبادي وفصول أكبري وشفاء الشافية للشيخ المولوي عبد الباسط القنوجي وبنج كنج وصرف مير للسيد الشريف الجرجاني رحمه الله.
ورسائل أخرى وهي كثيرة جدا متداولة بين الصبيان ومؤدبيهم وهي بالفارسية والعربية.

مجرط

مجرط
ومِمّا يُسْتَدْرَكُ علَيْه: مِجْرِيطَةُ، بالكَسْرِ: مَدِينَةٌ بالمَغْرِبِ، وَمِنْهَا الفَيْلَسُوف الماهِرُ المِجْرِيطِيّ، مُؤَلِّ غايَة الحَكِيم وأَحَقّ النَّتِيجَتَيْنِ بالتَّقْدِيم، ورَسائل إِخْوانِ الصَّفا وغَيْرهمَا. واسْمُه أَبُو القَاسِمِ مَسْلَمَةُ بنُ أَحْمَدَ بنِ القَاسِمِ بنِ عَبْدِ اللهِ، ذَكَرَهُ ابنُ بَشْكُوَالَ هكَذَا، وتَوُفِّيَ سنة، وهُوَ من رُؤُوسِ الفَلاسِفَةِ، أَنْكَرَ عَلَيْهِ ابنُ تَيْمِيَة. كَذا فِي فَتَاوَى ابنِ حَجَرٍ الصُّغْرَى، وَقد ذَكَرَهُ المُصَنِّفُ فِي مرجط قَرِيباً، والمَعْرُوفُ مَا ذَكَرْناهُ.

إلهي نامه

إلهي نامه
فارسي.
منظوم.
للشيخ: محمد بن آدم، المعروف: بــالحكيم سنايي.
المتوفى: سنة 525.
وللشيخ، فريد الدين: محمد بن إبراهيم العطار، الهمداني.
المتوفى: سنة سبع وعشرين وستمائة.

الثمرة في أحكام النجوم

الثمرة في أحكام النجوم
لبطلميوس القلوذي، الحكيم، الفلكي.
واسمها بالرومية: الطرومطا، أي: مائة كلمة.
وهي: تمام الكتب الأربعة التي ألفها لسورس تلميذه، يعني: ثمرة تلك الكتب.
ولها شروح منها:
شرح أبي يوسف الإقليدسي.
وشرح أبي محمد الشيباني.
وشرح أبي سعيد الثمالي.
وشرح ابن الطيب الجاثليقي، السرخسي.
وشرح بعض المنجمين.
أوله: (أحمد الله حمداً لا يبلغ الأفكار حده 000 الخ).
ذكر: أنه أخذ من الأمير، أبي شجاع: رستم بن المرزبان، سنة 485، خمس وثمانين وأربعمائة.
وجمع فيه بين هذه الشروح المذكورة.
ومنها:
شرح العلامة، نصير الدين: محمد بن محمد الطوسي.
المتوفى: سنة 672، اثنتين وسبعين وستمائة.
وهو شرح، مفيد.
بالفارسية.
ألفه: لصاحب ديوان: محمد بن شمس الدين.

التلويحات، في المنطق والحكمة

التلويحات، في المنطق والحكمة
للشيخ، شهاب الدين: يحيى (عمر) بن حبش الحكيم، السهروردي.
المقتول: سنة 587، سبع وثمانين وخمسمائة.
وهو: من الكتب المتوسطات فيه. أوله: (عونك يا لطيف السبحات لجلالك... الخ).
رتب على: ثلاثة علوم: المنطق، والطبيعي، والإلهي.
كل منها: على تلويحات.
وعليه شرح:
لعز الدولة: سعد بن منصور، المعروف: بابن كمونة الإسرائيلي.
وهو: شرح ممزوج، بقال أقول.
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.