Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: إخلاص

العبادة

العبادة: في اللغة: الطاعةُ من الخضوع. وفي الشرع، عبارةٌ عما يجمع كمال المحبة والخضوع والخوف. قال المهائمي: العبادةُ تذلّلٌ لغيرٍ عن اختيار لغاية تعظيمه، فخرج التسخير والسخر والقيام والانحناء لنوع تعظيم.
العبادة
التحقيق اللغوي
العبودة والعبودية؛ معناها اللغوي
قال ابن فارس في (مقاييس اللغة) 5/200 في مادة (عبد) : عبد: "العين والباء أصلان صحيحان، كأنهما متضادان، والأول من ذينك الأصلين يدل على لين وذل، والآخر على شدة وغلظ" اهـ
وقال ابن سيده في المخصص) 13/96:
"اصل العبادة في اللغة: التذليل، … والعبادة والخضوع والتذلل والاستكانة قرائب في المعاني،.. وكل خضوع ليس فوقه خضوع فهو عبادة؛ طاعة كان للمعبود أو غير طاعة، وكل طاعة لله على جهة الخضوع والتذلل في عبادة والعبادة نوع من الخضوع لا يستحقه إلا المنعم بأعلى أجناس النعم كالحياة والفهم والسمع والبصر، والشكر والعبادة لا تستحق إلا بالنعمة، لأن أقل القليل من العبادة يكبر عن أن يستحقه إلا من كان له أعلى جنس من النعمة إلا الله سبحانه فلذلك لا يستحق العبادة إلا الله" اهـ.: الخضوع والتذلل، أي استسلام المرء وانقياده لأحد غيره انقياداً لا مقاومة معه ولا عدول عنه ولا عصيان له، حتى يستخدمه هو حسب ما يرضى وكيف ما يشاء.
وعلى ذلك تقول العرب: (بعير معبَّد) للبعير السلس المنقاد، و (طريق معبّد) للطريق الممهد الوطء. ومن هذا الأصل اللغوي نشأت في مادة هذه الكلمة معاني العبودية والإطاعة والتأله والخدمة والقيد والمنع. فقد جاء في لسان العرب تحت مادة (ع ب د) ما نلخصه فيما يلي (1) :
(1) (العبد) المملوك خلاف الحر: (تعبد الرجل) : اتخذه عبداً أي مملوكاً أو عامله معاملة العبد، وكذلك (عبد الرجل واعبده واعتبده) وقد جاء في الحديث الشريف: ثلاثة أنا خصمهم: رجل اعتبد محرراً - وفي رواية أعبدُ محرراً - أي اتخذ رجلاً حراً عبداً له ومملوكاً: وفي القرآن أن موسى عليه السلام قال لفرعون: وتلك نعمة تمنها علي أن عبدت بني إسرائيل) اتخذتهم عبيداً لك.
(2) (العبادة) الطاعة مع الخضوع: ويقال (عبد الطاغوت) أي أطاعه؛ (إياك نعبد) أي نطيع الطاعة التي يخضع معها؛ و (اعبدوا ربكم) أي أطيعوا ربكم؛ و (قومهما لنا عبادون) أي دائنون وكل من دان لملك فهو عابد له؛ وقال ابن الأنباري: (فلان عابد) وهو الخاضع لربه المستسلم المنقاد لأمره.
(3) (عبده عبادة ومعبداً ومعبدة) تأله له. (التعبّد) : التنسك. هو (المعبَّد) المكرم المعظم: كأنه يعبد. قال الشاعر:
... ... ... أرى المال عند الباخلين معبداً
(4) (وعبد به) : لزمه فلم يفارقه.
(5) (ما عبدك عني) أي ما حبسك. ويتضح من هذا الشرح اللغوي لمادة (ع ب د) أن مفهومها الأساسي أن يذعن المرء لعلاء أحد وغلبته، ثم ينزل له عن حريته واستقلاله ويترك إزاءه كل المقاومة والعصيان وينقاد له انقياداً. وهذه هي حقيقة العبدية والعبودية، ومن ذلك أن أول ما يتمثل في ذهن العربي لمجرد سماعه كلمة (العبد) و (العبادة) هو تصور العبدية والعبودية. وبما أن وظيفة العبد الحقيقية هي إطاعة سيده وامتثال أوامره، فحتماً يتبعه تصور الإطاعة. ثم إذا كان العبد لم يقف به الأمر على أن يكون قد أسلم نفسه لسيده طاعة وتذللاً، بل كان مع ذلك يعتقد بعلائه ويعترف بعلو شأنه وكان قلبه مفعماً بعواطف الشكر والامتنان على نعمه وأياديه، فإنه يبالغ في تمجيده وتعظيمه ويتفنن في إبداء الشكر على الآئه وفي أداء شعائر العبدية له، وكل ذلك اسمه التأله والتنسك. وهذا التصور لا ينضم إلى معاني العبدية إلا إذا كان العبد لا يخضع لسيده رأسه فحسب، بل يخضع معه قلبه أيضاً. وأما المفهومان الباقيان فإنهما تصوران فرعيان لا أصليان للعبدية.

استعمال كلمة العبادة في القرآن
وإذا رجعنا إلى القرآن بعد هذا التحقيق اللغوي رأينا أن كلمة (العبادة) قد وردت فيه غالباً في المعاني الثلاثة الأولى. ففي بعض المواضع قد أريد بها المعنيان الأول والثاني معاً، وفي الأخرى المعنى الثاني وحده، وفيا لثالثة المعنى الثالث فحسب، كما قد استعملت في مواضع أخرى بمعانيها الثلاثة في آن واحد. أما أمثلة ورودها بالمعنيين الأول والثاني في القرآن فهي:
(ثم أرسلنا موسى وأخاه هارون بآياتنا وسلطان مبين. إلى فرعون وملئه فاستكبروا وكانوا قوماً عالين. فقالوا أنؤمن لبشرين مثلنا وقومهما لنا عابدون) (1) . (المؤمنون: 45-47) (وتلك نعمة تمنها علي أن عبدت بني إسرائيل) (1) . (الشعراء: 22)
والمراد بالعبادة في كلتا الآيتين هو العبودية والإطاعة. فقال فرعون: أن قوم موسى وهارون عابدون لنا، أي عبيد لنا وخاضعون لأمرنا، وقال موسى: إنك عبَّدت بني إسرائيل، اتخذتهم عبيداً وتستخدمهم حسب ما تشاء وترضى.

العبادة بمعنى العبوية والإطاعة
(يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون) (2) . (البقرة: 172)
إن المناسبة التي أنزلت بها هذه الآية هي أن العرب قبل الإسلام كانوا يتقيدون بأنواع من القيود في المآكل والمشارب، امتثالاً لأوامر أئمتهم الدينيين واتباعاً لأوهام آبائهم الأولين، فلما أسلموا قال الله تعالى:
إن كنتم تعبدونني فعليكم أن تحطموا جميع تلك القيود وتأكلوا ما أحللته لكم هنيئاً مريئاً، ومعناه أنكم إن لم تكونوا عباداً لأحباركم وأئمتكم، بل لله تعالى وحده، وإن كنتم قد هجرتم طاعتهم إلى طاعته، فقد وجب عليكم أن تتبعوا ما وضعه لكم من الحدود، لا ما وضعوه في الحلال والحرام. ومن ذلك جاءت كلمة (العبادة) في هذا الموضع أيضاً بمعاني العبودية والإطاعة. (قل هل أُنبئكم بشرٍ من ذلك مثوبة عند الله من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت) (1) . (المائدة: 60)
(ولقد بعثنا في كل أمةٍ رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت) (النحل: 36)
(والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها وأنابوا إلى الله لهم البشرى) (الزمر: 17)
المراد بعبادة الطاغوت في كل من هذه الآيات الثلاث هو العبودية للطاغوت وإطاعته. ومعنى الطاغوت في إصطلاح القرآن – كما سبقت الإشارة إليه – كل دولة أو سلطة وكل إمامة أو قيادة تبغي على الله وتتمرد، ثم تنفذ حكمها في أرضه وتحمل عباده على طاعتها بالإكراه أو بالإغراء أو بالتعليم الفاسد. فاستسلام المرء لمثل تلك السلطة وتلك الإمامة والزعامة وتعبّده لها ثم طاعته إياها – كل ذلك منه عبادة – ولا شك – للطاغوت!

العبادة بمعنى الطاعة
وخذ بعد ذلك الآيات التي قد وردت فيها كلمة (العبادة) بمعناها الثاني فحسب؛ قال الله تعالى:
(ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدوٌ مبين) . (يس: 60)
الظاهر أنه لا يتأله أحد للشيطان في هذه الدنيا، بل كل يلعنه ويطرده من نفسه، لذلك فإن الجريمة التي يصم بها الله تعالى بنى آدم يوم القيامة ليست تألههم للشيطان في الحياة الدنيا، بل إطاعتهم لأمره وابتاعهم لحكمه وتسرعهم إلى السبل التي أراهم إياها. (احشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون. من دون الله فاهدوهم إلى صراط الجحيم) … (وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون. قالوا إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين. قالوا بل لم تكونوا مؤمنين. وما كان لنا عليكم من سلطان بل كنتم قوماً طاغين) (الصافات: 22 – 23، 27 –30)
ويتضح بإنعام النظر في هذه المحاورة التي حكاها القرآن بين العابدين وبين ما كانوا يعبدون، أن ليس المراد بالمعبودين في هذا المقام الآلهة والأصنام التي كان يتأله لها القوم، بل المراد أولئك الأئمة والهداة الذين أضلوا الخلق متظاهرين بالنصح، وتمثلوا للناس في لبوس القديسيين المطهرين، فخدعوهم بسبحاتهم وجباتهم وجعلوا تبعاً لهم، والذين أشاعوا فيهم الشر والفساد باسم النصح والإصلاح. فالتقليد الأعمى لأولئك الخداعين والاتباع لأحكامهم هو الذي قد عبر الله عنه بكلمة العبادة في هذه الآية.
(اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله والمسيح بن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلهاً واحداً) (التوبة: 31)
والمراد باتخاذ العلماء والأحبار أرباباً من دون الله ثم عبادتهم في هذه الآية هو الإيمان بكونهم مالكي الأمر والنهي، والإطاعة لأحكامهم بدون سند من عند الله أو الرسول، وقد صرح بهذا المعنى رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه في الأحاديث الصحيحة، فلما قيل له: إننا لم نعبد علماءنا وأحبارنا، قال: ألم تحلوا ما أحلوه وتحرموا ما حرّموه؟

العبادة بمعنى التأله
ولننظر بعد ذلك في الآيات التي قد وردت فيها كلمة (العبادة) بمعناها الثالث. وليكن منك على ذكر في هذا المقام أن العبادة بمعنى التأله تشتمل على أمرين اثنين حسبما يدل عليه القرآن: أولهما: أن يؤدي المرء لأحد من الشعائر كالسجود والركوع والقيام والطواف وتقبيل عتبة الباب والنذر والنسك، ما يؤديه عادة بقصد التأله والتنسك، ولا عبرة بأن يكون المرء يعتقده إلهاً أعلى مستقلاً بذاته، أو يأتي بكل ذلك إياه وسيلة للشفاعة والزلفى إليه أو مؤمناً بكونه شريكاً للإله الأعلى وتابعاً له في تدبير أمر هذا العالم.
والثاني: أن يظن المرء أحداً مسيطراً على نظام الأسباب في هذا العالم ثم يدعوه في حاجته ويستغيث به في ضره وآفته، ويعوذ به عند نزول الأهوال ونقص الأنفس والأموال.
فهذان لوجهان من كلاهما داخل في معاني التأله، والشاهد بذلك ما يأتي من آيات القرآن:
(قل إني نُهيتُ أنْ أعبُدَ الذين تدعون من دون الله لما جاءني البينات من ربي) (غافر: 66)
(وأعتزلكم وما تدعون من دون الله وأدعو ربي) ..
(فلما اعتزلهم وما يعبدون من دون الله وهبنا له إسحاق) (مريم: 48، 49)
(ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون. وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين) (1) . (الأحقاف: 5-6)
ففي كل من هذه الآيات الثلاث قد صرح القرآن نفسه بأن المراد بالعبادة فيها هو الدعاء والاستغاثة.
(بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون) (سبأ: 41)
والمراد بعبادة الجن والإيمان بهم في هذه الآية، تفصله الآية الآتية من سورة الجن:
(وأنه كان رجالٌ من الإنس يعوذون برجالٍ من الجن) (الجن: 6)
فيتبين منه أن المراد بعبادة الجن هو العياذ بهم واللجوء إليهم في الأهوال ونقص الأموال والأنفس، كما أن المراد بالإيمان بهم هو الاعتقاد بقدرتهم على الإعاذة والمحافظة. (ويوم يحشرهم وما يعبدون من دون الله فيقول أأنتم أضللتم عبادي هؤلاء أم هم ضلوا السبيل. قالوا سبحانك ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك من أولياء) (1) . ... (الفرقان: 17-18)
ويتجلى من بيان هذه الآية أن المقصود بالمعبودين فيها هم الأولياء والأنبياء والصلحاء والمراد بعبادتهم هو الاعتقاد بكونهم أجل وأرفع من خصائص العبدية والظن بكونهم متصفين بصفات الألوهية وقادرين على الإعانة الغيبية وكشف الضر، والإغاثة، ثم القيام بين يديهم بشعائر التكريم والتعظيم فما يكاد يكون تألهاً وقنوتاً!.
(ويوم يحشرهم جميعاً ثم يقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون. قالوا سبحانك أنت ولينا من دونهم) (سبأ: 40-41)
والمقصود بعبادة الملائكة (2) في هذه الآية هو التأله والخضوع لهياكلهم وتماثيلهم الخيالية، كما كان يفعله أهل الجاهلية، وكان غرضهم من وراء ذلك أن يرضوهم، فيستعطفوهم ويستعينوا بهم في شؤون حياتهم الدنيا.
(ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله) (يونس: 18)
(والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى) (الزمر: 3)
والمراد بالعبادة في هذه الآية أيضاً هو التأله، وقد فصل فيها أيضاً الغرض الذي كانوا لأجله يعبدونهم.

العبادة بمعنى العبدية والإطاعة والتأله: ويتضح كل الوضوح من جميع ما تقدم من الأمثلة أن كلمة (العبادة) في القرآن قد استعملت في بعض المواضع بمعنيي العبودية والإطاعة وفي الأخرى بمعنى الإطاعة فحسب، وفي الثالثة بمعنى التأله وحده والآن قبل أن نسوق لك الأمثلة التي قد جاءت فيها كلمة (العبادة) شاملة لجميع المعاني الثلاثة، لا بد أن تكون على ذكر من بعض الأمور الأولية.
إن الأمثلة التي قد سردناها آنفاً، تتضمن جميعاً ذكر عبادة غير الله، أما الآيات التي قد وردت فيها كلمة (العبادة) بمعنيي العبودية والإطاعة، فإن المراد بالمعبود فيها إما الشيطان، وإما الأناس المتمردون الذين جعلوا أنفسهم طواغيت، فحملوا عباد الله على عبادتهم وإطاعتهم بدلاً من عبادة الله وإطاعته، أو هم الأئمة والزعماء الذي قادوا الناس إلى ما اخترعوه من سبل الحياة وطرق المعاش جاعلين كتاب الله وراء ظهرهم. وأما الآيات التي قد وردت فيها (العبادة) بمعنى التأله، فإن المعبود فيها عبارة إما عن الأولياء والأنبياء والصلحاء الذين اتخذهم الناس آلهة لهم على رغم أنف هدايتهم وتعليمهم، وإما عن الملائكة والجن الذين اتخذوهم لسوء فهمهم شركاء في الربوبية المهيمنة على قانون الطبيعة، أو هو عبارة عن تماثيل القوى الخيالية وهياكلها. التي أصبحت وجهة عبادتهم وقبلة صلواتهم بمجرد إغراء الشيطان والقرآن الكريم يعد جميع أولئك المعبودين باطلاً ويجعل عبادتهم خطأ عظيماً سواءاً تعبدهم الناس أو أطاعوهم أم تألهوا لهم، ويقول إن جميع من طفقتم تعبدونهم عباد الله وعبيده، فلا يستحقون أن يعبدوا ولا أنتم مكتسبون من عبادتهم غير الخيبة والمذلة والخزي، وأن مالكهم في الحقيقة ومالك جميع ما في السماوات والأرض هو الله الواحد، وبيده كل الأمر وجميع السلطات والصلاحيات ولأجل ذلك لا يجدر بالعبادة إلا هو وحده. (إن الذين تدعون من دون الله عبادٌ أمثالكم فادعو فليستجيبوا (1) لكم إن كتم صادقين) … (والذين تدعون من دونه لا يستطيعون نصركم ولا أنفسهم ينصرون) (الأعراف: 194، 197)
(وقالوا اتّخذ الرحمن ولداً سبحانه بل عبادٌ مكرمون. لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون) (2) . (الأنبياء: 26-28)
(وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثاً) (الزخرف: 19)
(وجعلوا بينه وبين الجنّة نسباً ولقد علمت الجنة إنهم لمحضرون) (الصافات: 158)
(لن يستنكف المسيح أن يكون عبداً لله ولا الملائكة المقربون، ومن يستنكف عن عبادته ويستكبر فسيحشرهم إليه جميعاً) (النساء: 172)
(الشمس والقمر بحسبان. والنجم والشجر يسجدان) (الرحمن: 5-6)
(تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهنّ، وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم) (الإسراء: 44)
(وله من في السماوات والأرض كل له قانتون) (الروم: 26)
(ما من دابة إلا هو آخذٌ بناصيتها) (هود: 56)
(إن كلُّ من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبداً. لقد أحصاهم وعدهم عداً. وكلهم آتيه يوم القيامة فرداً) (مريم: 93-95)
(قل اللهم ما لك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاءُ وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير) (آل عمران: 26)
كذلك بعد أن يقيم القرآن البرهان على كون جميع من عبدهم الناس بوجه من الوجوه عبيداً لله وعاجزين أمامه، يدعو جميع الإنس والجن إلى أن يعبدوا الله تعالى وحده بكل معنى من معاني (العبادة) المختلفة، فلا تكن العبدية إلا له، ولا يطع إلا هو، ولا يتأله المرء إلا له، ولا تكن حبة خردل من أي تلك الأنواع للعبادة لوجه غير الله! (ولقد بعثنا في كل أمةٍ رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت) (النحل: 36)
(والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها وأنابوا إلى الله لهم البشرى) (الزمر: 17)
(ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدوٌ مبين. وأن اعبدوني هذا صراطٌ مستقيم) .
(اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله)
(وما أمروا إلا ليعبدوا إلهاً واحداً) (التوبة: 31)
(يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون) (البقرة: 172)
قد أمر الله تعالى في هذه الآيات أن تختص له العبادة التي هي عبارة عن العبدية والعبودية والإطاعة والإذعان، وقرينة ذلك واضحة في الآيات، فإن الله تعالى يأمر فيها أن اجتنبوا إطاعة الطاغوت والشيطان والأحبار والرهبان والآباء والأجداد واتركوا عبديتهم جميعاً، وادخلوا في طاعة الله الواحد الأحد وعبديته.
(قل إني نهيت أن أعبد الذين تدعون من دون الله لما جاءني البيّنات من ربي وأُمرت أن أسلم لرب العالمين) (غافر: 66)
(وقال ربكم ادعوني أستجب لكم. إنّ الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين) (غافر: 60)
(ذلكم الله ربكم له الملك والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير. إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم) (فاطر: 13-14)
(قل أتعبدون من دون الله ما لا يملك لكم ضراً ولا نفعاً والله هو السميع العليم) (المائدة: 76)
وقد أمر الله تعالى في هذه الآيات أن تختص له العبادة بمعنى التأله. وقرينة ذلك أيضاً واضحة في الآية، وهو أن كلمة (العبادة) قد استعملت فيها بمعنى الدعاء. وقد جاء فيما سبق وما لحق من الآيات ذكر الآلهة الذين كانوا يشركونهم بالله تعالى في الربوبية المهيمنة على ما فوق الطبيعة. فالآن ليس من الصعب في شيء على ذي عينين أن يتفطن إلى أنه حيثما ذكرت في القرآن عبادة الله تعالى ولم تكن في الآيات السابقة أو اللاحقة مناسبة تحصر كلمة العبادة في معنى بعينه من المعاني المختلفة للكلمة، فإن المراد بها في جميع هذه الأمكنة معانيها الثلاثة: العبودية والإطاعة والتأله. فانظر في الآيات التالية مثلاً:
(إني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدوني) (طه: 14)
(ذلكم الله ربكم لا إله إلا هو خالق كل شيء فاعبدوه وهو على كل شيء وكيل) (الأنعام: 102)
(قل يا أيها الناس إن كنتم في شك من ديني فلا أعبد الذين تعبدون من دون الله ولكن أعبد الله الذي يتوفاكم وأمرت أن أكون من المؤمنين) (يونس: 104)
(ما تعبدون من دونه إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان. إن الحكم إلا لله أمر أن لا تعبدوا إلا إياه ذلك الدين القيم) (يوسف: 40)
(ولله غيب السماوات والأرض وإليه يرجع الأمر كله فاعبده وتوكل عليه) (هود: 123)
(له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك وما كان ربك نسياً. رب السماوات والأرض وما بينهما فاعبده واصطبر لعبادته) (مريم: 64، 65)
(فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً) (الكهف: 110)
فلا داعي لأن تخص كلمة (العبادة) في هذه الآيات وما شاكلها بمعنى التأله وحده أو بمعنى العبدية والإطاعة فحسب. بل الحق أن القرآن في مثل هذه الآيات يعرض دعوته بأكملها. ومن الظاهر أنه ليست دعوة القرآن إلا أن تكون العبدية والإطاعة والتأله، كل أولئك خالصاً لوجه الله تعالى: ومن ثم إن حصر معاني كلمة (العبادة) في معني بعينه، في الحقيقة، حصر لدعوة القرآن في معان ضيقة. ومن نتائجه المحتومة أن من آمن بدين الله وهو يتصور دعوة القرآن هذا التصور الضيق المحدود، فإنه لن يتبع تعاليمه إلا اتباعاً ناقصاً محدوداً.
العبادة: فعل المكلف على خلاف هوى نفسه تعظيما لربه. وقيل: تعظيم الله وامتثال أوامره. وقيل: هي الأفعال الواقعة على نهاية ما يمكن من التذلل والخضوع المتجاوز لتذلل بعض العباد لبعض، ولذلك اختص الرب فهي أخص من العبودية لأنها التذلل.
العبادة:
[في الانكليزية] Worshipping ،devoutness
[ في الفرنسية] Adoration ،devotion
بالكسر وتخفيف الموحدة هي نهاية التعظيم وهي لا تليق إلّا في شأنه تعالى إذ نهاية التعظيم لا تليق إلّا بمن يصدر عنه نهاية الإنعام، ونهاية الإنعام لا تتصوّر إلّا من الله تعالى، كذا في التفسير الكبير في تفسير قصة هود عليه السلام في سورة الأعراف. وتطلق العبادات أيضا على الأحكام الشرعية المتعلّقة بأمر الآخرة كما ذكر في تفسير علم الفقه في المقدمة وهو أحد أركان الفقه. وفي مجمع السلوك العبادة على ثلاث مراتب. منهم من يعبد الله لرجاء الثواب وخوف العقاب وهذا هو العبادة المشهورة، وبه يعبد عامة المؤمنين، وبه يخرج المرء عن مرتبة الــإخلاص. وقيل العبادة لطلب الثواب لا تخرج المرء عن الــإخلاص.
ومنهم من يعبد لينال بعبادته شرف الانتساب بأن يسميه الله باسم العبد وهذه يسمّيها بعضهم بالعبودية. وقيل العبادة أن يعمل العبد بما يرضي الله تعالى وهي لعوام المؤمنين كما أنّ العبودية لخواصّهم، وهي أن ترضى بما يفعل ربّك. وقيل العبودية أربعة الوفاء بالعهود والرضاء بالموعود والحفظ للحدود والصبر على المفقود. ومنهم من يعبده إجلالا وهيبة وحياء منه ومحبة له، وهذه المرتبة العالية تسمّى في اصطلاح بعض السالكين عبودة انتهى. وفي خلاصة السلوك العبودية بالضم قيل ترك الدعوى فاحتمال البلوى وحبّ المولى. وقيل العبودية ترك الاختيار فلازمه الذلّ والافتقار. وقيل العبودية ثلاثة منع النفس عن هواها وزجرها عن مناها والطاعة في أمر مولها انتهى.

تعدية الفعل بحرف الجرّ «من» بدلاً من حرف الجرّ «الباء»

تعدية الفعل بحرف الجرّ «من» بدلاً من حرف الجرّ «الباء»

مثال: وَثِقَ من إخلاصــه
الرأي: مرفوضة
السبب: لتعدية الفعل بحرف الجر «من» بدلاً من حرف الجر «الباء».

الصواب والرتبة: -وَثِقَ بــإخلاصــه [فصيحة]-وَثِقَ من إخلاصــه [صحيحة]
التعليق: (انظر: نيابة حرف الجرّ «من» عن حرف الجرّ «الباء»).

التّصوّف

التّصوّف:
[في الانكليزية] Soufism (mysticism)
[ في الفرنسية] Soufisme (mysticisme)
هو التخلّق بالأخلاق الإلهية. وخرقة التصوف هي ما يلبسه المريد من يد شيخه الذي يدخل في إرادته ويتوب على يده لأمور منها:
التزيي بزيّ المراد ليتلبّس باطنه بصفاته كما يتلبّس ظاهره بلباسه وهو لباس التقوى ظاهرا وباطنا. قال الله تعالى قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً يُوارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِباسُ التَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ ومنها وصول بركة الشيخ الذي ألبسه من يده المباركة إليه. ومنها نيل ما يغلب على الشيخ في وقت الإلباس من الحال الذي يرى الشيخ ببصيرته النافذة المنوّرة بنور القدس وأنه يحتاج إليه لرفع حجبه العائقة وتصفية استعداده فإنّه إذا وقف على حال من يتوب على يده علم بنور الحق ما يحتاج إليه، فيستنزل من الله ذلك حتى يتصف قلبه به فيسري من باطنه إلى باطن المريد. ومنها المواصلة بينه وبين الشيخ به فيبقى بينهما الاتصال القلبي والمحبة دائما ويذكّره الاتباع على الأوقات في طريقته وسيرته وأخلاقه وأحواله حتى يبلغ مبلغ الرجال، فإنّه أب حقيقي كما قال عليه الصلاة والسلام «الآباء ثلاثة أب ولدك وأب علّمك وأب ربّاك»، هكذا في الاصطلاحات الصوفية.
قيل التصوّف الوقوف مع الآداب الشرعية ظاهرا فيرى حكمها من الظاهر في الباطن، وباطنا فيرى حكمها من الباطن في الظاهر فيحصل للمتأدّب بالحكمين كمال. وقيل التصوّف مذهب كلّه جدّ فلا يخلطوه بشيء من الهزل. وقيل هو تصفية القلب عن موافقة البرية، ومفارقة الأخلاق الطبعية، وإخماد الصفات البشرية، ومجانبة الدّعاوي النفسانية، ومنازلة الصفات الروحانية، والتعلّق بالعلوم الحقيقية، واستعمال ما هو أولى على السرمدية، والنصح لجميع الأمة والوفاء لله تعالى على الحقيقة، واتّباع رسوله صلى الله عليه وسلم في الشريعة. وقيل ترك الاختيار وقيل بذل المجهود والأنس بالمعبود. وقيل حفظ حواشيك من مراعاة أنفاسك. وقيل الإعراض عن الاعتراض. وقيل هو صفاء المعاملة مع الله تعالى، وأصله التفرّغ عن الدنيا. وقيل الصبر تحت الأمر والنهي.
وقيل خدمة التشرّف وترك التكلّف واستعمال التطرّف. وقيل الأخذ بالحقائق والكلام بالدقائق والإياس بما في أيدي الخلائق، كذا في الجرجاني.
اعلم أنّه قيل إنّ التصوّف مأخوذ من الصّفاء وهو محمود في كل لسان، وضدّه الكدورة وهو مذموم في كل لسان. وفي الخبر ورد أنّ النبي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم قال: «ذهب صفاء الدنيا ولم يبق إلا كدرها».

إذن: الموت يعتبر اليوم تحفة لكلّ مسلم.
وقد اشتق ذلك الاسم من الصّفاء حتى صار غالبا على رجال هذه الطائفة؛ أمّا في عصر النبي صلى الله عليه وسلم فكان اسم الصحابة هو ما يطلق على أكابر الأمّة، ثم كانت الطبقة التالية طبقة التابعين، ثم كانت الطبقة الثالثة أتباع التابعين، ثم صار يطلق على من يعتنون بأمر الدين أكثر من غيرهم اسم الزّهاد والعبّاد، ثم بعد ظهور أهل البدع وادعائهم الزهد والعبادة انفرد أهل السّنّة بتسمية الخواصّ منهم ممن يراعون الأنفاس باسم الصوفية. وقد اشتهروا بهذا الاسم، حتى إنهم قالوا: إنّ اطلاق هذا الاسم على الأعلام إنّما عرف قبل انقضاء القرن الثاني للهجرة.

وجاء في توضيح المذاهب: أمّا التصوّف في اللغة فهو ارتداء الصوف وهو من أثر الزّهد في الدنيا وترك التنعّم. وفي اصطلاح أهل العرفان: تطهير القلب من محبة ما سوى الله، وتزيين الظاهر من حيث العمل والاعتقاد بالأوامر والابتعاد عن النواهي، والمواظبة على سنّة النبي صلى الله عليه وسلم. وهؤلاء الصوفية هم أهل الحق، ولكن يوجد قسم منهم على الباطل ممّن يعدّون أنفسهم صوفية وليسوا في الحقيقة منهم، وهؤلاء عدّة من الفرق إليك بعض أسمائها: الجبية والأوليائية والشمراخية والإباحية والحالية والحلولية والحورية والواقفية والمتجاهلية والمتكاسلية والإلهامية.
وما تسمية هؤلاء بالصوفية إلا من قبيل إطلاق السّيد على غير السّيد. وأمّا مراتب الناس على اختلاف درجاتهم فعلى ثلاثة أقسام:

القسم الأول: الواصلون الكمّل وهم الطبقة العليا.

القسم الثاني: السالكون في طريق الكمال، وهؤلاء هم الطبقة الوسطى.

والقسم الثالث: سكان الأرض والحفر (أهل المادة) «اللاصقون بالتراب» وهؤلاء هم الطبقة السفلى التي غايتها تربية البدن بتحصيل الحظوظ المادّية كالشهوات النّفسانية والمتع الشّهوانية وزينة اللباس، وليس لهم من العبادات سوى حركة الجوارح الظاهرية.
وأما القسم الأول الواصلون فهم أيضا قسمان:

الأول: وهم مشايخ الصوفية الذين حصّلوا مرتبة الوصول بسبب كمال متابعتهم واقتدائهم بالنبيّ صلى الله عليه وسلم. ثم بعد ذلك أذن لهم بدعوة الناس إلى سلوك طريق اقتفاء النبي صلى الله عليه وسلم.
وهؤلاء هم الكاملون والمكمّلون الذين وصلوا بالعناية الإلهية إلى ميدان البقاء بعد ما فنوا عن ذواتهم واستغرقوا في عين الجمع.
وأمّا القسم الثاني من الفئة الأولى فهم الذين بعد وصولهم إلى درجة الكمال لم يؤذن لهم بإرشاد عامّة النّاس، وصاروا غرقى في بحر الجمع، وفنوا في بطن حوت الفناء ولم يصلوا إلى ساحل البقاء.

وأمّا السالكون فهم أيضا قسمان:
1 - الطالبون لوجه الله. 2 - والطالبون للجنّة والآخرة.

فأمّا الطالبون لوجه الحقّ فهم طائفتان:
المتصوّفة الحقيقيون والملامتيّة. والمتصوفة الحقيقيون هم جماعة تنزّهوا عن نقص الصفات البشرية. واتصفوا ببعض أحوال الصوفية، واقتربوا من نهايات مقاماتهم، إلّا أنّهم ما زالوا متشبّثين ببعض أهواء النفوس، ولهذا لم يدركوا تماما نهاية الطريق كأهل القرب من الصوفية.
وأمّا الملامتية فهم قوم يسعون بكلّ جدّ في رعاية معنى الــإخلاص ودون ضرورة كتم طاعاتهم وعباداتهم عن عامة النّاس. كما يكتم العاصي معصيته، فهم خوفا من شبهة الرّياء يتحرّزون عن إظهار عباداتهم وطاعاتهم. ولا يتركون شيئا من أعمال البرّ والصّلاح، ومذهبهم المبالغة في تحقيق معنى الــإخلاص.

وقال بعضهم: الملامتيّة لا يظهرون فضائلهم ولا يسترون سيئاتهم، وهذه الطائفة نادرة الوجود. ومع ذلك لم يزل حجاب الوجود البشري عن قلوبهم تماما، ولهذا فهم محجوبون عن مشاهدة جمال التوحيد. لأنّهم حين يخفون أعمالهم فهم ما زالوا ينظرون إلى قلوبهم. بينما درجة الكمال أن لا يروا أنفسهم ولا يبالوا بها وأن يستغرقوا في الوحدة. قال الشاعر:
ما هو الغير؟ وأين الغير؟ واين صورة الغير؟ فلا والله ما ثمّة في الوجود سوى الله.
والفرق بين الملامتيّة والصوفية هو أنّ الصوفية جذبتهم العناية الإلهية عن وجودهم فألقوا حجاب الخلقة البشرية والأنانية عن بصيرة شهودهم فوصلوا إلى درجة غابوا منها عن أنفسهم وعن الخلق. فإذن الملامتية مخلصون بكسر اللام، والصوفية مخلصون بفتح اللام. أي أنّ الملامتيّة يخلّصون أعمالهم من شائبة الرّياء بينما الصوفية يستخلصهم الله تعالى.

وأمّا طلّاب الآخرة فهم أربعة طوائف:

الزّهاد والفقراء والخدام والعبّاد. أمّا الزهاد:
فهم الذين يشاهدون بنور الإيمان حقيقة الآخرة وجمال العقبى، ويعدّون الدنيا قبيحة ويعرضون عن مقتضيات النفس بالكلية، ويقصدون الجمال الأخروي.
والفرق بينهم وبين الصوفية هو أنّ الزاهد بسبب ميله لحظّ نفسه فهو محجوب عن الحق، وذلك لأنّ الجنة دار فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت. بينما الصوفية لا يتعلّق نظرهم بشيء سوى الله.
وأمّا الفقراء منهم طائفة لا يميلون إلى تملّك أيّ شيء من حطام الدنيا. وذلك بسبب رغبتهم فيما عند الله. وعلّة ذلك واحد من ثلاثة أشياء: الأمل بفضل الله، أو تخفيفا للحساب أو خوفا من العقاب، لأنّ حلالها حساب وحرامها عقاب، والأمل بفضل الله ثواب ويدخلون الجنة قبل الأغنياء بخمسمائة عام. ورغبة في جمع همتهم في طلب العبادة مع حضور القلب فيها. والفرق بين الملامتيّة والفقراء هو أنّ الفقراء طلاب للجنة وفيها حظّ للنفس، بينما الملامتية طلاب الحق. وهذا الفقر رسم أي عادة تأتي بعد درجة الفقر وهو مقام فوق مقام الملامتية والمتصوّفة، وهو وصف خاص بالصوفي لأنّه وإن تكن مرتبته وراء مرتبة الفقر لكن خلاصة مقام الفقر مندرجة فيه ذلك أنّ أي مقام يرتقي الصوفي فوقه فإنّه يحتفظ بصفاء ذلك المقام. فإذن صفة الفقر في مقام الصوفي وصف زائد. وذلك هو السبب في كون نسبة جميع الأحوال والأعمال والمقامات لغير نفسه وعدم تملّكها، بحيث لا يرى لنفسه عملا ولا حالا ولا مقاما. ولا يخصّص نفسه بشيء. بل ليس عنده خبر عن ذاته. وهذه حقيقة الفقر.
والفرق بين الفقر والزهد هو أنّ الفقر بدون وجود الزهد ممكن، وذلك مثل شخص يترك الدنيا بعزم ثابت، ولكنّه ما زال باطنا راغبا فيها. وكذلك الزّهد بدون فقر ممكن أيضا.
ومثاله شخص يملك الأسباب الدنيوية ولكنه غير راغب فيها.
أمّا الخدّام فهم طائفة اختارت خدمة الفقراء وطلاب الحق، ويشغلون أوقاتهم بعد القيام بالفرائض بمحاولة تفريغ خواطرهم من الاهتمام بأمور المعاش، والتعاون على الاستعداد للقيام بأمر المعاد. ويقدّمون هذا على النوافل سواء بالكسب أو بالسؤال.
أمّا العبّاد فهم طائفة تواظب على أداء الفرائض والنوافل والأوراد طلبا للثواب الأخروي. وهذا الوصف أيضا موجود في الصوفي ولكنّه يتنزّه عن طلب الثّواب والأغراض، لأنّ الصوفي الحق يعبد الحق لذاته.
والفرق بين العباد والزهاد هو أنّهم مع قيامهم بالعبادات فإنّ الرغبة بالدنيا يمكن أن تظل موجودة.
والفرق بين العباد والفقراء هو أنّ الغنيّ يستطيع أن يكون من العبّاد. فإذن صار معلوما أنّ الواصلين طائفتان فقط بينما السالكون هم ست طوائف ولكلّ واحد من هذه الطوائف الثماني اثنان متشبهان به، أحدهما محقّ والثاني مبطل.
أمّا المشبّه بالصوفية بحقّ فهم الصوفية الذين اطلعوا وتشوّقوا إلى نهايات أحوال الصوفية، ولكنهم بسبب القلق ببعض الصّفات منعوا من بلوغ مقصدهم وأمّا المتشبّه بالصوفية بالباطل منهم جماعة يتظاهرون بأحوال الصوفية، ولكنهم لا يعملون بأعمالهم، وهؤلاء هم الباطنيّة والإباحية والصاحبية، ويسمّون أنفسهم متصوّفة، ويقولون: إنّ التقيّد بأحكام الشرع إنما هو للعوام الذين يرون ظاهر الأمور. أمّا الخواص فليسوا مضطرّين للتقيّد برسوم الظاهر، وإنما عليهم مراعاة أحوالهم الباطنية.
وأمّا المتشبّه المحقّ بالمجاذيب الواصلين فهم طائفة من أهل السلوك الذين ما زالوا يجاهدون في قطع منازل السلوك وتصفية النفوس، وما زالوا مضطربين في حرارة الطّلب وقبل ظهور كشف الذات، والاستقرار في مقام الفناء، فأحيانا تلمع ذواتهم بالكشف، ولا زال باطنهم يتشوّق لبلوغ هذا المقام.
وأمّا المتشبّه المبطل بالمجاذيب الواصلين فهم طائفة تدّعي الاستغراق في بحر الفناء، ويتنصّلون من حركاتهم وسكناتهم ويقولون: إنّ تحريك الباب بدون محرّك غير ممكن. وهذا المعنى على صحته لكنه ليس موجودا عند تلك الطائفة لأنّ هدفهم هو التمهيد للاعتذار عن المعاصي والإحالة بذلك على إرادة الحقّ، ودفع اللّوم عنهم. وهؤلاء هم الزنادقة. ويقول الشيخ عبد الله التّستري: إذا قال هذا الكلام أحد وكان ممن يراعي أحكام الشريعة ويقوم بواجبات العبودية فهو صديق وأما إذا كان لا يبالي بالمحافظة على حدود الشرع فهو زنديق.
وأمّا المتشبّه المحق بالملامتيّة فهم طائفة لا يبالون بتشويش نظر الناس ومعظم سعيهم في إبطال رسوم العادات والانطلاق من قيود المجتمع، وكلّ رأسمالهم هو فراغ البال وطيب القلب، ولا يبالون برسوم وأشكال الزّهاد والعبّاد ولا يكثرون من النوافل والطاعات، ويحرصون فقط على أداء الفرائض، وينسب إليهم حبّ الاستكثار من أسباب الدنيا ويقنعون بطيب القلب ولا يطلبون على ذلك زيادة وهؤلاء هم القلندرية. وهذه الطائفة تشبه الملامتيّة بسبب اشتراكهما في صفة البعد عن الرّياء.

والفرق بين هؤلاء وبين الملامتيّة هو: أنّ الملامتيّة يؤدّون الفرائض والنوافل دون إظهارها للناس. أمّا القلندرية فلا يتجاوزون الفرائض، ولا يبالون بالناس سواء اطلعوا على أحوالهم أم لا.
وأمّا الطّائفة التي في زماننا وتحمل اسم القلندريّة وقد خلعوا الإسلام من ربقتهم، وليس لهم شيء من الأوصاف السابقة، وهذا الاسم إنّما يطلق عليهم من باب الاستعارة، والأجدر أن يسمّوا بالحشويّة. وأمّا المتشبّهون باطلا بالملامتيّة فهم طائفة من الزنادقة يدعون الإسلام والــإخلاص، ولكنّهم يبالغون في إظهار فسقهم وفجورهم ومعاصيهم، ويدّعون أنّ غرضهم من ذلك هو لوم الناس لهم، وأنّ الله سبحانه غني عن طاعتهم، ولا تضرّه معصية العباد. وإنّما المعصية تضرّ الخلق فقط والطاعة هي في الإحسان إلى الناس.
وأمّا المتشبّهون بالزّهاد بحق فهم طائفة لا تزال رغبتها في الدنيا قائمة يحاولون الخلاص من هذه الآفة دفعة واحدة، وهؤلاء هم المتزهدون. وأمّا المتشبّهون باطلا بالزّهاد فهم طائفة يتركون زينة الدنيا من أجل الناس لينالوا بذلك الجاه والصّيت لديهم، وتجوز هذه الخدعة على بعضهم فيظنونهم معرضين عن الدنيا.
وحتّى إنّهم يخدعون أنفسهم بأنّ خواطرهم غير مشغولة بطلب الدنيا، بدليل إعراضهم عنها وهؤلاء هم المراءون.
وأمّا المتشبّهون بالفقراء بحقّ فهم الذين يبدو عليهم ظاهر وسيماء أهل الفقر، وفي باطنهم يطلبون حقيقة الفقر، إلّا أنّهم لم يتخلّصوا تماما من الميل للدنيا وزينتها ويتحمّلون مرارة الفقر بتكلّف، بينما الفقير الحقيقي يرى الفقر نعمة إلهية، لذلك فهو يشكر هذه النعمة على الدوام.
وأمّا المتشبّه بالباطل بالفقراء فهو ذلك الذي ظاهره ظاهر أهل الفقر وأمّا باطنه فغير مدرك لحقيقة الفقر، وغرضه القبول لدى الناس لكي ينتفع منهم بشيء من الدنيا، وهذه الطائفة هي مرائية أيضا وأمّا المتشبّهون بالخدام بحق فهم الذين يقومون دائما بخدمة الخلق، ويأملون أن ينالوا بذلك سببا في النجاة يوم القيامة. وفي تخليصهم من شوائب الميل والهوى والرّياء.
ولكنّهم لمّا يصلوا بعد إلى حقيقة ذلك. فحين تقع بعض خدماتهم في مكانها فبسبب غلبة نور الإيمان وإخفاء النفس فإنّهم يتوقّعون المحمدة والثّناء مع ذلك، وقد يمتنعون عن أداء بعض الخدمات لبعض المستحقّين، ويقال لمثل هذا الشخص متخادم.
وأمّا المتشبّهون بالخدام باطلا فهم الذين لا يخدمون بنيّة الثّواب الأخروي، بل إنّ خدمتهم من أجل الدنيا فقط، لكي يستجلبوا الأقوات والأسباب، فإن لم تنفعهم الخدمة في تحصيل مرادهم تركوها.
إذن فخدمة أحدهم مقصورة على طلب الجاه والجلال وكثرة الأتباع، وإنّما نظره في الخدمة العامّة فمن أجل حظّ نفسه، ومثل هذا يسمّى مستخدما.
وأمّا المتشبّه بالعابد حقيقة فهو الرجل الذي ملأ أوقاته بالعبادة حتى استغرق فيها، ولكنه بسبب عدم تزكية نفسه فإنّ طبيعته البشرية تغلبه أحيانا، فيقع بعض الفتور في أعماله وطاعاته، ويقال لمن لم يجد بعد لذّة العبادة وما زال يجاهد نفسه في أدائها إنّه متعبّد.
وأمّا المتشبّه المبطل بالعابد فهو من جمل المرائين، لأنّ هدفه من العبادة هو السّمعة بين الناس، وليس في قلبه إيمان بالآخرة، وما لم ير الناس منه أعماله فلا يؤدّي منها شيئا. ويقال أيضا لهذا وأمثاله متعبّد. انتهى ما في توضيح المذاهب.

ويقول في مرآة الأسرار: إنّ طبقات الصوفية سبعة: الطالبون والمريدون والسالكون والسائرون والطائرون والواصلون، وسابعهم القطب الذي قلبه على قلب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وهو وارث العلم اللّدني من النبي صلى الله عليه وسلم بين الناس، وهو صاحب لطيفة الحق الصحيحة ما عدا النبي الأمّي.
والواصل هو الشخص الذي أصبحت قواه اللطيفة مزكّاة على لطيفة الحق.
والطائر هو الذي وصل إلى اللطيفة الروحية.
والسائر هو الذي يكون صاحب قوى مزكية للّطيفة السرية.
والسالك هو من يكون صاحب قوى مزكية للطيفة القلبية.
والمريد هو صاحب قوى مزكية للطيفته النفسية.
والطالب هو صاحب قوى مزكية للطيفته الخفية الجسمية.
وتبلغ عدّة أفراد هذه الطائفة 360 شخصا مثل أيام السنة الشمسية.

ويقولون: إنّ رجال الله هم الأقطاب والغوث والإمامان اللذان هما وزيرا القطب والأوتاد والأبدال والأخيار والأبرار والنّقباء والنّجباء والعمدة والمكتومون والأفراد أي المحبوبون.
والنّقباء ثلاثمائة شخص واسم كلّ منهم علي.
والنّجباء سبعون واسم كل واحد منهم حسن.
والأخيار سبعة واسم كلّ منهم حسين.
والعمدة أربعة واسم كلّ منهم محمد.
والواحد هو الغوث واسمه عبد الله. وإذا مات الغوث حلّ محله أحد العمدة الأربعة، ثم يحلّ محلّ العمدة واحد من الأخيار، وهكذا يحلّ واحد من النجباء محلّ واحد من الأخيار ويحلّ محلّ أحد النقباء الذي يحلّ محله واحد من الناس.
وأمّا مكان إقامة النّقباء في أرض المغرب أي السويداء واليوم هناك من الصبح إلى الضحى وبقية اليوم ليل. أمّا صلاتهم فحين يصل الوقت فإنّهم يرون الشمس بعد طي الأرض لهم فيؤدّون الصلاة لوقتها.
وأمّا النجباء فمسكنهم مصر. وأمّا الأخيار فهم سيّاحون دائما ولا يقرون في مكان. وأمّا العمدة الأربعة ففي زوايا الأرض. وأمّا الغوث فمسكنه مكة، هذا غير صحيح. ذلك لأنّ حضرة السيّد عبد القادر الجيلاني رحمه الله وكان غوثا إنّما أقام في بغداد. هذا وتفصيل أحوال الباقي فسيأتي في مواضعه. ويقول في توضيح المذاهب، المكتومون أربعة آلاف رجل ويبقون مستورين وليسوا من أهل التصرّف. أمّا الذين هم من أهل الحلّ والعقد والتصرّف وتصدر عنهم الأمور وهم مقرّبون من الله فهم ثلاثمائة. وفي رواية خلاصة المناقب سبعة. ويقال لهم أيضا أخيار وسيّاح ومقامهم في مصر. وقد أمرهم الحقّ سبحانه بالسّياحة لإرشاد الطالبين والعابدين. وثمّة سبعون آخرون يقال لهم النّجباء، وهؤلاء في المغرب، وأربعون آخرون هم الأبدال ومقرّهم في الشام، وثمّة سبعة هم الأبرار وهم في الحجاز. وثمّة خمسة رجال يقال لهم العمدة لأنّهم كالأعمدة للبناء والعالم يقوم عليهم كما يقوم المنزل على الأعمدة. وهؤلاء في أطراف العالم. وثمّة أربعون آخرون هم الأوتاد الذين مدار استحكام العالم بهم. كما الطناب بالوتد.
وثلاثة آخرون يقال لهم النّقباء أي نقباء هذه الأمّة. وثمة رجل واحد هو القطب والغوث الذي يغيث كلّ العالم. ومتى انتقل القطب إلى الآخرة حلّ مكانه آخر من المرتبة التي قبله بالتسلسل إلى أن يحلّ رجل من الصلحاء والأولياء محل أحد الأربعة.

وفي كشف اللغات يقول: الأولياء عدة أقسام: ثلاثمائة منهم يقال لهم أخيار وأبرار، وأربعون: يقال لهم الأبدال وأربعة يسمّون بالأوتاد، وثلاثة يسمّون النقباء، وواحد هو المسمّى بالقطب انتهى.

ويقول أيضا في كشف اللغات: النّجباء أربعون رجلا من رجال الغيب القائمون بإصلاح أعمال الناس. ويتحمّلون مشاكل الناس ويتصرّفون في أعمالهم. ويقول في شرح الفصوص: النّجباء سبعة رجال، يقال لهم رجال الغيب، والنقباء ثلاثمائة ويقال لهم الأبرار.
وأقلّ مراتب الأولياء هي مرتبة النقباء.
وأورد في مجمع السلوك أنّ الأولياء أربعون رجلا هم الأبدال، وأربعون هم النقباء، وأربعون هم النجباء، وأربعة هم الأوتاد، وسبعة هم الأمناء، وثلاثة هم الخلفاء.
سادات الخلق). وقال أبو عثمان المغربي: البدلاء أربعون والأمناء سبعة والخلفاء من الأئمة ثلاثة، والواحد هو القطب: فالقطب عارف بهم جميعا ومشرق عليهم ولم يعرفه أحد ولا يتشرق عليه، وهو إمام الأولياء والثلاثة الذين هم الخلفاء من الأئمة يعرفون السبعة ويعرفون الأربعين وهم البدلاء، والأربعون يعرفون سائر الأولياء من الأئمة ولا يعرفهم من الأولياء أحد، فإذا نقص واحد من الأربعين أبدل مكانه من الأولياء، وكذا في السبع والثلاث والواحد إلّا أن يأتي بقيام الساعة انتهى.
وفي الإنسان الكامل أمّا أجناس رجال الغيب فمنهم من بني آدم ومنهم من هو من أرواح العالم وهم ستة أقسام مختلفون في المقام. القسم الأول هم الصنف الأفضل والقوم الكمّل أفراد الأولياء المقتفون آثار الأولياء غابوا من عالم الأكوان في الغيب المسمّى بمستوى الرحمن فلا يعرفون ولا يوصفون وهم آدميون.
والقسم الثاني هم أهل المعاني وأرواح الأداني يتنوّر الولي بصورهم فيكلّم الناس في الظاهر والباطن ويخبرهم فهم أرواح كأنّهم أشباح للقوة الممكنة في التصوير في الذين سافروا من عالم الشهود ووصلوا إلى فضاء غيب الوجود فصار عينهم شهادة وأنفاسهم عبادة، هؤلاء هم أوتاد الأرض القائمون لله بالسّنة والفرض. القسم الثالث ملائكة الإلهام والبواعث يطرقون الأولياء ويكلّمون الأصفياء لا يبرزون إلى عالم الأجسام ولا يعرفون بعوام الناس. القسم الرابع رجال المفاجأة في المواقع وإنّما يخرجون عن عالمهم ولا يوجدون في غير عالمهم، ولا يوجدون في غير معالمهم يتصوّرون بسائر الناس في عالم الأجسام، وقد يدخل أجل الصفا إلى ذلك الكوى فيخبرونهم بالمغيبات والمكتومات.
القسم الخامس رجال البسابس هم أهل الخطوة في العالم وهم من أجناس بني آدم يظهرون ويكلمونهم فيجيبون أكثرهم، وسكنى هؤلاء في الجبال والقفار والأودية وأطراف الأنهار إلّا من كان منهم متمكنا فإنّه يأخذ من المدن مسكنا غير متشوّق إليه ولا معوّل عليه. القسم السادس يشبهون الخواطر لا الوساوس هم المولّدون من أب التفكّر وأم التصوّر لا يعبأ بأقوالهم ولا يتشوّق إلى أمثالهم فهم بين الخطأ والصواب وهم أهل الكشف والحجاب.

الرّياء

الرّياء:
[في الانكليزية] Hypocrisy ،bigotery
[ في الفرنسية] Hypocrisie ،bigoterie
ترك الــإخلاص في العمل بملاحظة غير الله فيه، وحدّه فعل الخير لإراءة الغير. والفرق بين الرّياء والسّمعة أنّ الرّياء يكون في الفعل والسّمعة تكون في القول هكذا في حاشية الأشباه.
الرّياء بالكسر والمد هو فعل لا تدخل فيه النيّة الخالصة ولا يحيط به الــإخلاص كذا في خلاصة السلوك.

ويقول في كشف اللغات: الرّياء في الأعمال والعبادات الظاهرة والباطنة النظر إلى الخلق (الناس)، بأن يصير الناظر محجوبا عن الحقّ. وهذا في اصطلاح السّالكين.

السّورة

السّورة:
[في الانكليزية] Chapter of the Koran
[ في الفرنسية] Chapitre du Coran
بالضم في الشرع بعض قرآن يشتمل على آي ذو فاتحة وخاتمة وأقلها ثلاث آيات كذا قال الجعبري. والسّور بالضم وسكون الواو وفتحها الجمع. وقيل السورة الطائفة المترجمة توقيفا أي الطائفة من القرآن المسمّاة باسم خاص بتوقيف من النبي صلّى الله عليه وسلم. وقد ثبتت أسماء السور بالتوقيف من الأحاديث والآثار. وقيل السورة بعض من كلام منزّل مبين أوله وآخره إعلاما من الشارع قرآنا كان أو غيره، بدليل ما يقال سورة الزبور وسورة الإنجيل هكذا في التلويح. قال القتبي: السورة تهمز ولا تهمز. فمن همزها جعلها من أسارت أي أفضلت من السؤر وهو الباقي من الشراب في الإناء كأنّها قطعة من القرآن. ومن لم يهمزها وجعلها من المعنى المتقدّم سهّل همزتها. ومنهم من شبهها بسورة النبأ أي القطعة منه أي منزلة بعد منزلة. وقيل من سور المدينة لإحاطتها بآياتها واجتماعها كاجتماع البيوت بالسّور، ومنه السّوار لإحاطته بالساعد. وقيل لارتفاعها لأنّها كلام الله والسورة المنزّلة الرفيعة. وقيل لتركيب بعضها على بعض من التسوّر بمعنى التصاعد والتركّب ومنه: إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ كذا في الإتقان، وممن لم يهمزها صاحب الصراح حيث جعلها أجوف. والسورة عند الصوفية عبارة عن الصور الذاتية الكمالية وهي تجلّيات الكمال كذا في الإنسان الكامل في باب أم الكتاب.
فائدة:
قسم القرآن إلى أربعة أقسام وجعل لكلّ قسم منه اسم. أخرج أحمد وغيره من حديث واثلة بن الأسقع أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال:
(أعطيت مكان التوراة السّبع الطوال، وأعطيت مكان الزبور المئين، وأعطيت مكان الإنجيل المثاني وفضّلت بالمفصّل). قالت جماعة:
السبع الطوال أوّلها البقرة وآخرها براءة. لكن أخرج الحاكم والنّسائي وغيرهما عن ابن عباس قال: السبع الطوال البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنعام والأعراف، قال الراوي وذكر السابعة فنسيتها. وفي رواية صحيحة عند أبي حاتم وغيره عن مجاهد وسعيد بن جبير أنها يونس، وفي رواية عند الحاكم أنها الكهف.
والمئون ما وليها سمّيت بذلك لأنّ كلّ سورة منها تزيد على مائة آية أو تقاربها. والمثاني ما ولي المئين لأنّها تثنيها أي كانت بعدها فهي لها ثوان والمئون لها أوائل. وقال الفرّاء هي السّور التي آيها أقل من مائة آية لأنها تثنى أكثر مما تثنى الطوال والمئون. وقد تطلق المثاني على القرآن كلّه وعلى الفاتحة. والمفصّل ما ولي المثاني من قصار السّور سمّي بذلك لكثرة الفصول التي بين السّور بالبسملة. وقيل لقلّة المنسوخ منه، ولهذا يسمّى بالمحكم أيضا وآخره سورة الناس بلا نزاع. واختلف في أوّله، فقيل الحجرات، وقيل القتال، وقيل الجاثية، وقيل الصّافات، وقيل الصف، وقيل تبارك، وقيل الفتح، وقيل الرحمن، وقيل الإنسان، وقيل سبّح، وقيل الضّحى. وعبارة الراغب في مفرداته المفصّل من القرآن السبع الأخير.
اعلم أنّ للمفصّل طوالا وأوساطا وقصارا. قال ابن معن: وطواله إلى عمّ، وأوساطه منها إلى الضحى، وقصاره منها إلى آخر القرآن، وهذا أقرب ما قيل فيه كذا في الإتقان. وفي جامع الرموز المفصّل السبع الأخير وطواله من الحجرات. وقيل من ق، وقيل من النّجم، وقيل من الفتح. وفي المنية قال الأكثرون من سورة محمد إلى البروج طوال، ومن البروج إلى سورة لم يكن، وقيل إلى البلد أوساط، ومنها أي من لم يكن إلى الآخر، وقيل من البلد إلى الآخر قصار. وفي النهاية من الحجرات إلى عبس ثم التكوير إلى والضحى ثم ألم نشرح إلى الآخر انتهى. قال في الإتقان: وفي جمال القراء قال بعض السلف في القرآن ميادين وبساتين ومقاصير وعرائش وديابيج ورياض. فميادينه ما افتتح بالم، وبساتينه ما أفتتح بالر، ومقاصيره الحامدات، وعرائشه المسبّحات، وديابيجه آل حم، ورياضه المفصّل، وقالوا والطواسين والطواسيم أو آل حم والحواميم. وأخرج الحاكم عن ابن مسعود قال: الحواميم ديباج القرآن. قال السخاوي:
وقوارع القرآن الآيات التي يتعوّذ بها سمّيت بها لأنها تقرع للشيطان وتدفعه وتقمعه كآية الكرسي والمعوذتين ونحوهما. وفي مسند أحمد من حديث معاذ بن أنس مرفوعا: (آية العزّ الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا): الآية.
فائدة:
عدد سور القرآن مائة وأربعة عشر بإجماع من يعتدّ به. وقال في الإتقان وتعديد الآي من معضلات القرآن، فإنّ من آياته طويلا وقصيرا، ومنه ما ينقطع ومنه ما ينتهي إلى تمام الكلام ومنه ما يكون في أثنائه. وقيل سبب اختلاف السّلف في عدد الآي أنّ النبي صلّى الله عليه وسلم كان يقف على رءوس الآي للتوقيف فإذا علم محلها وصل للتمام فيحسب السامع حينئذ أنّها ليست فاصلة.

وعن ابن عباس قال: جميع آي القرآن ستة آلاف آية وستمائة وست عشرة آية، وجميع حروف القرآن ثلاثمائة ألف حرف وثلاثة وعشرون ألف حرف وستمائة حرف وأحد وسبعون حرفا. وقيل أجمعوا على أنّ عدد آيات القرآن ستة آلاف آية ثم اختلفوا فيما زاد على ذلك، فمنهم من لم يزد ومنهم من قال ومائتا آية وأربع آيات. وقيل وأربع عشرة. وقيل وتسع عشرة. وقيل وخمس وعشرون. وقيل ست وثلاثون. وفي الشّعب للبيهقي عن عائشة رضي الله عنها مرفوعا: (عدد درج الجنة عدد آي القرآن فمن دخل الجنة من أهل القرآن فليس فوقه درجة) انتهى من الإتقان. وأمّا المشهور بين الحفّاظ والقرّاء فهو المعروف في بيت الشعر الآتي وترجمته:
إنّ عدد آيات القرآن التي تجذب الروح ستة آلاف وستمائة وستة وستون.
واعلم أنّه قد يكون للسورة اسم واحد وهو كثير وقد يكون لها اسمان فأكثر. منها الفاتحة لها نيف وعشرون اسما. فاتحة الكتاب، وفاتحة القرآن لأنه يفتتح بها في المصحف. وأم الكتاب، وأم القرآن لتقدّمها وتأخّر ما سواها تبعا لها لأنّها أمّته أي تقدمته، ولذا يقال لراية الحرب أم لتقدّمها، والقرآن العظيم لاشتمالها على المعاني التي في القرآن، والسبع المثاني لكونها سبع آيات بالاتّفاق، إلّا أنّ بعضهم من عدّ التسمية آية واحدة دون أنعمت عليهم ومنهم من عكس، ولأنّها تثنّى في الصلاة أو لأنها أنزلت مرتين إن صحّ أنها نزلت بمكة حين فرضت الصلاة وبالمدينة لمّا حوّلت القبلة، والأصحّ أنها مكية لقوله تعالى: وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وهو مكي ولما فيها من الثناء على الله تعالى، أو لأنها اشتملت على الوعد والوعيد بقوله: مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ أو لأنها اشتملت على حال المؤمنين والكافرين هكذا في البيضاوي وحواشيه، والوافية لأنها وافية بما في القرآن من المعاني، والكنز لما عرفت، والكافية لأنها تكفي عن غيرها في الصلاة ولا يكفي غيرها عنها، والأساس لأنها أصل القرآن، والنور، وسورة الحمد، وسورة الشكر، وسورة الحمد الأولى، والرقية، والشفاء، والشافية لقول النبي عليه الصلاة والسلام: (فاتحة الكتاب شفاء لكل داء)، وسورة الصلاة لتوقف الصلاة عليها. وقيل إنّ من أسمائها الصلاة أيضا وسورة الدّعاء لاشتمالها عليه في قوله اهْدِنَا، وسورة السؤال لذلك، وسورة تعليم المسألة، وسورة المناجاة، وسورة التفويض لاشتمالها عليه في قوله إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ. ومنها سورة البقرة تسمّى سنام القرآن وسنام كلّ شيء أعلاه، ومنها آل عمران تسمّى طيبة، وفي صحيح مسلم تسميتها والبقرة الزهراوين. والمائدة تسمّى أيضا العقود والمنقذة لأنّها تنقذ صاحبها من ملائكة العذاب. والانفال تسمّى أيضا بسورة بدر. وبراءة تسمّى أيضا التوبة لقوله تعالى فيها لَقَدْ تابَ اللَّهُ، والفاضحة وسورة العذاب والمقشقشة أي المبرئة من النفاق والمنقرة لأنها نقرت عمّا في قلوب المشركين، والبحوث بفتح الموحدة والمعبّرة لأنها تعبر عن أسرار المنافقين والمخزومة والمتكلّمة والمشرّدة والمدمدمة. والنحل تسمّى أيضا سورة النعم والإسراء تسمّى أيضا سورة سبحان، وسورة بني إسرائيل. والكهف تسمّى أيضا سورة أصحاب الكهف والحائلة لأنها تحول بين قارئها وبين النار. وطه تسمّى أيضا سورة الكليم، والشعراء تسمّى أيضا سورة الجامعة والنمل تسمّى أيضا سورة سليمان. والسجدة تسمّى أيضا سورة المضاجع والفاطر تسمّى أيضا سورة الملائكة. ويس تسمّى أيضا قلب القرآن والمعمّة لأنها تعمّ صاحبه بخير الدنيا والآخرة والمدافعة القاضية لأنها تدفع عن صاحبها كلّ سوء وتقضي له كل حاجة. وسورة الزمر تسمّى أيضا سورة الغرف. وسورة الغافر تسمّى أيضا سورة الطويل والمؤمن. وسورة فصّلت تسمّى أيضا السجدة وسورة المصابيح. وسورة الجاثية تسمّى أيضا الشريعة. وسورة الدّهر وسورة محمد تسمّيان أيضا القتال. وسورة ق تسمّى أيضا سورة الباسقات. وسورة اقتربت تسمّى أيضا القمر والمبيّضة لأنها تبيّض وجه صاحبها يوم تسوّد الوجوه. وسورة الرحمن تسمّى أيضا عروس القرآن. وسورة المجادلة تسمّى في مصحف أبيّ الظهار. وسورة الحشر تسمّى أيضا سورة بنى النضير. والممتحنة بفتح الحاء وقد تكسر تسمّى أيضا الامتحان. وسورة الموؤدة وسورة الصف تسمّى أيضا سورة الحواريين. وسورة الطلاق تسمّى أيضا سورة النساء القصرى. وسورة التحريم تسمّى أيضا سورة التحرم وسورة لم تحرّم. وسورة تبارك تسمّى أيضا سورة الملك والمانعة والمنّاعة والوافية. وسورة سأل تسمّى المعارج. وسورة الواقع وعمّ تسمّى النبأ والتساؤل والمعصرات.
وسورة لم يكن تسمّى سورة أهل الكتاب وسورة القيمة وسورة البينة وسورة البريّة وسورة الانفكاك. وسورة أرأيت تسمّى سورة الدين.
وسورة الماعون والكافرون تسمّى المقشقشة وسورة العبادة. وسورة النصر تسمّى سورة التوديع. وسورة تبّت تسمّى سورة المسد.
وسورة الــإخلاص تسمّى سورة الأساس. وسورتا الفلق والناس تسمّيان المعوذتين بكسر الواو والمقشقشتين كذا في الاتقان. وفي الصراح المشقشقتان سورة الكافرون وسورة الــإخلاص.

نِيَابَة حرف الجرّ «من» عن حرف الجرّ «الباء»

نِيَابَة حرف الجرّ «من» عن حرف الجرّ «الباء»
الأمثلة: 1 - أَيْقَنَ من الأمر 2 - ارْتَابَ من الأمر 3 - بَرِمَ من حياته 4 - تَأَثَّرَ من كذا 5 - تَشَاءَم منه النّاس 6 - تَفَاءَلَ من كلامه 7 - عَرَفَه من صوته 8 - مَبْنِيٌّ من الحجارة 9 - وَثِقَ من إخلاصــه
الرأي: مرفوضة
السبب: لتعدية الفعل بـ «من»، والوارد تعديته بـ «الباء».

الصواب والرتبة:
1 - أَيْقَنَ الأمرَ [فصيحة]-أَيْقَنَ بالأمر [فصيحة]-أَيْقَنَ من الأمر [صحيحة]
2 - ارْتَابَ بالأمر [فصيحة]-ارْتَابَ في الأمر [فصيحة]-ارْتَابَ من الأمر [صحيحة]
3 - بَرِمَ بحياته [فصيحة]-بَرِمَ من حياته [صحيحة]
4 - تَأَثَّرَ بكذا [فصيحة]-تَأَثَّرَ من كذا [صحيحة]
5 - تَشَاءَم به النّاس [فصيحة]-تَشَاءَم منه النّاس [صحيحة]
6 - تَفَاءَلَ بكلامه [فصيحة]-تَفَاءَلَ من كلامه [صحيحة]
7 - عَرَفَه بصوته [فصيحة]-عَرَفَه من صوته [صحيحة]
8 - مَبْنِيٌّ بالحجارة [فصيحة]-مَبْنِيٌّ من الحجارة [صحيحة]
9 - وَثِقَ بــإخلاصــه [فصيحة]-وَثِقَ من إخلاصــه [صحيحة]
التعليق: أجاز اللغويون نيابة حروف الجر بعضها عن بعض، كما أجازوا تضمين فعل معنى فعل آخر فيتعدى تعديته، وفي المصباح (طرح): «الفعل إذا تضمَّن معنى فعل جاز أن يعمل عمله». وقد أقرَّ مجمع اللغة المصري هذا وذاك. ومجيء «من» محل «الباء» كثير في الاستعمال الفصيح، كما في قوله تعالى: {يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} الرعد/11. أي، بأمر الله، وقوله تعالى: {مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا} نوح/25، وقول الشاعر:
يموت الفتى من عثرة بلسانه وليس يموت المرء من عثرة الرِّجل
واشتراك الحرفين في بعض المعاني، كالتبعيض والاستعانة والتعليل، يمكن معه اعتبارهما مترادفين. ويؤكد صواب النيابة هنا وقوعها في بعض الأفعال في المعاجم القديمة.

وَثِقَ من

وَثِقَ من
الجذر: و ث ق

مثال: وَثِقَ من إخلاصــه
الرأي: مرفوضة
السبب: لتعدية الفعل بـ «من»، والوارد تعديته بـ «الباء».

الصواب والرتبة: -وَثِقَ بــإخلاصــه [فصيحة]-وَثِقَ من إخلاصــه [صحيحة]
التعليق: أجاز اللغويون نيابة حروف الجر بعضها عن بعض، كما أجازوا تضمين فعل معنى فعل آخر فيتعدى تعديته، وفي المصباح (طرح): «الفعل إذا تضمَّن معنى فعل جاز أن يعمل عمله». وقد أقرَّ مجمع اللغة المصري هذا وذاك. ومجيء «من» محل «الباء» كثير في الاستعمال الفصيح، كما في قوله تعالى: {يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} الرعد/11، أي، بأمر الله، وقوله تعالى: {مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا} نوح/25، وقول الشاعر:
يموت الفتى من عثرة بلسانه وليس يموت المرء من عثرة الرِّجل
واشتراك الحرفين في بعض المعاني، كالتبعيض والاستعانة والتعليل يمكن معه اعتبارهما مترادفين. ويؤكد صحة النيابة هنا وقوعها في بعض الأفعال في المعاجم القديمة، كما يمكن تضمين هذا الفعل معنى الفعل «تأكّد» الذي يتعدى بـ «من»، وقد جاء مثل ذلك في كلام ابن المقفع، كقوله: «كل من عرف بالخصال المحمودة ووُثق منه بها».

جُهْدٌ

(جُهْدٌ)
- فِيهِ «لَا هِجْرة بَعْد الفَتْح، ولكِنْ جِهَاد ونِيَّة» الجِهَاد: مُحارَبة الكُفار، وَهُوَ المُبَالَغة واسْتِفْراغ مَا فِي الوُسْع والطَّاقة مِنْ قَوْلٍ أَوْ فعْل. يُقَالُ جَهَدَ الرجُل فِي الشَّيء: أَيْ جَدَّ فِيهِ وبالَغ، وجَاهَد فِي الحَرْب مُجَاهَدَة وجِهَادا. وَالْمُرَادُ بِالنِّيَّةِ إخْلاصُ العمَل لِلَّهِ تَعَالَى: أَيْ إنَّه لَمْ يَبْقَ بَعْدَ فتْح مَكَّةَ هِجْرة؛ لأنَّها قَدْ صَارَتْ دَارَ إسْلام، وَإِنَّمَا هُوَ الــإخْلاص فِي الجِهَاد وقِتال الكُفَّار.
وَفِي حَدِيثِ مُعَاذٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «أَجْتَهِد رَأيي» الاجْتِهَاد: بَذْل الوُسْع فِي طَلَب الْأَمْرِ، وَهُوَ افْتِعَال مِنَ الجُهْد: الطَّاقة. والمرادُ بِهِ: رَدّ القَضِيَّة الَّتي تَعْرض لِلْحَاكِمِ مِنْ طَرِيق القِياس إِلَى الْكِتَابِ والسُّنَّة. وَلَمْ يُرِدِ الرَّأي الَّذِي يَراه مِنْ قِبَل نَفْسِه مِنْ غَيْر حَمْل عَلَى كِتَاب أَوْ سُنَّة.
وَفِي حَدِيثِ أُمِّ معْبَد «شَاةٌ خَلَّفَها الجَهْد عَنِ الغَنم» قَدْ تَكَرَّرَ لَفْظُ الجَهْد والجَهْد فِي الْحَدِيثِ كَثِيرًا، وَهُوَ بِالضَّمِّ: الوُسْع والطَّاقة، وبالفَتْح: المَشَقَّة. وَقِيلَ المُبَالَغة والْغَايَة. وَقِيلَ هُمَا لُغتَان فِي الوُسْع والطَّاقَة، فأمَّا فِي المشَقَّة والْغَاية فَالْفَتْحُ لَا غَيْرَ. وَيُرِيدُ بِهِ فِي حَدِيثِ أُمِّ معْبَد: الهُزَال.
وَمِنَ الْمَضْمُومِ حَدِيثُ الصَّدَقَةِ «أيُّ الصَّدَقة أفْضَل؟ قَالَ: جُهْد المُقِلّ» أَيْ قَدْر مَا يَحْتَمِله حَالُ القَليل الْمال.
(هـ) وَمِنَ الْمَفْتُوحِ حَدِيثُ الدُّعَاءِ «أَعُوذُ بِكَ مِنْ جَهْد البَلاء» أَيِ الْحَالَة الشَّاقَّة.
وَحَدِيثُ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «وَالنَّاسُ فِي جَيْش العُسْرة مُجْهِدُون مُعْسِرون» يُقَالُ جُهِدَ الرجُل فَهُوَ مَجْهُود: إِذَا وَجَد مَشَقَّة. وجُهِدَ النَّاسُ فهُم مَجْهُودُون: إِذَا أجْدَبُوا. فَأَمَّا أَجْهَد فَهُوَ مُجْهِد بالكَسْر: فَمَعْنَاهُ ذُو جَهْد ومَشَقَّة، وَهُوَ مِنْ أَجْهَدَ دابَّته إِذَا حَمَل عَلَيْهَا فِي السَّير فَوْقَ طاقَتها. ورَجُل مُجْهِد: إِذَا كَانَ ذَا دَابَّة ضَعيفة مِنَ التَّعَب. فَاسْتَعَارَهُ لِلْحَالِ فِي قلَّة الْمال. وأُجْهِدَ فَهُوَ مُجْهَد بِالْفَتْحِ:
أَيْ أَنَّهُ أوُقعَ فِي الجَهْد: المشَقَّة.
(س) وَفِي حَدِيثِ الغُسْل «إِذَا جَلسَ بَيْن شعَبها الأرْبَع ثُمَّ جَهَدَهَا» أَيْ دَفَعَها وحَفَزَها.
يُقَالُ جَهَدَ الرجُل فِي الْأَمْرِ: إِذَا جَدَّ فِيهِ وَبَالَغَ.
وَفِي حَدِيثِ الأقْرع والأبرص «فو الله لَا أَجْهَدُك اليومَ بِشَيء أخَذْتَه لِلَّهِ» أَيْ لَا أشقُّ عَلَيْكَ وأرُدُّك فِي شَيْءٍ تَأخُذه مِنْ مَالِي لِلَّهِ تَعَالَى. وَقِيلَ: الجَهْد مِنْ أَسْمَاءِ النِّكَاحِ.
[هـ] وَفِي حَدِيثِ الْحَسَنِ «لَا يُجْهِد الرجُلُ مالَه ثُمَّ يَقْعد يَسأل الناسَ» أَيْ يُفَرِّقُهُ جَمِيعَهُ هَاهُنَا وَهَاهُنَا.
(هـ) وَفِيهِ «أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نزَلَ بأرضٍ جَهَاد» هِيَ بِالْفَتْحِ: الصُّلْبة. وَقِيلَ:
الَّتِي لَا نَبَات بِهَا.

اسْتِعْمَال حرف الجرّ «من» بدلاً من حرف الجرّ «الباء»

اسْتِعْمَال حرف الجرّ «من» بدلاً من حرف الجرّ «الباء»

مثال: وَثِقَ من إخلاصــه
الرأي: مرفوضة
السبب: لاستعمال حرف الجر «من» بدلاً من حرف الجر «الباء».

الصواب والرتبة: -وَثِقَ بــإخلاصــه [فصيحة]-وَثِقَ من إخلاصــه [صحيحة]
التعليق: (انظر: نيابة حرف الجرّ «من» عن حرف الجرّ «الباء»).

حق الْيَقِين

حق الْيَقِين: عِنْد الصُّوفِيَّة فنَاء العَبْد فِي الْحق والبقاء بِهِ علما وشهودا وَحَالا فَعلم النَّار بِأَنَّهَا جسم محرق علم الْيَقِين. ومعاينتها عين الْيَقِين. والحرق فِيهَا حق الْيَقِين. وكما أَن علم كل أحد بِالْمَوْتِ علم الْيَقِين. فَإِذا عاين الْمَلَائِكَة فَهُوَ عين الْيَقِين. فَإِذا ذاق الْمَوْت فَهُوَ حق الْيَقِين. وَقَالَ بَعضهم أَن علم الْيَقِين ظَاهر الشَّرِيعَة. وَعين الْيَقِين الْــإِخْلَاص فِيهَا. وَحقّ الْيَقِين الْمُشَاهدَة فِيهَا.

النصح

(النصح) إخلاص المشورة

(النصح) النصح
النصح: إخلاص الْعَمَل عَن شوائب الْفساد. النصيرية: جمَاعَة مضلة قَالُوا إِن الله عز وَجل حل فِي عَليّ كرم الله وَجهه.
النصح: إخلاص العمل عن شوائب الفساد. ويقال النصح تحري قول أو فعل فيه صلاح صاحبه. والنصيحة: الدعاء إلى ما فيه الصلاح والنهي عما فيه الفساد.

الرِّيَاء

الرِّيَاء: زِيَادَة الْعَمَل الْخَيْر على الْمُعْتَاد لإراءة النَّاس فَلهَذَا يتَصَوَّر فِي الصَّلَاة دون الصَّوْم نعم يتَصَوَّر فِي عدد الصَّوْم. وَبِعِبَارَة أُخْرَى الرِّيَاء ترك الْــإِخْلَاص فِي الْعَمَل بملاحظة غير الله فِيهِ.

السُّورَة

(السُّورَة) الوثبة وَمن الْمجد وَنَحْوه أَثَره وعلامته وارتفاعه وَمن الْبرد أَو الشَّرَاب أَو الْغَضَب وَغير ذَلِك شدته وحدته وهياجه وَمن الرجل أَو السُّلْطَان وَغَيرهمَا سطوته وَيُقَال فلَان ذُو سُورَة فِي الْحَرْب ذُو نظر سديد

(السُّورَة) من الْبناء مَا طَال وَحسن وعرق من عروق الْحَائِط والمنزلة من الْبناء وَوَاحِدَة سور الْقُرْآن والمنزلة الرفيعة وَالْفضل والشرف والعلامة (ج) سور وسور
السُّورَة: بِالْفَتْح تندي ونيزي. وبالضم جُزْء من الْقُرْآن الْمجِيد لَكِن لَا مُطلقًا بل جُزْء مفصول بِالتَّسْمِيَةِ وسور الْقُرْآن مائَة وَأَرْبَعَة عشر بِهَذَا التَّرْتِيب (1) الْفَاتِحَة (2) الْبَقَرَة (3) آل عمرَان (4) النِّسَاء (5) الْمَائِدَة (6) الْأَنْعَام (7) الْأَعْرَاف (8) الْأَنْفَال (9) التَّوْبَة (10) يُونُس (11) هود (12) يُوسُف (13) الرَّعْد (14) إِبْرَاهِيم (15) الْحجر (16) النَّحْل (17) بني إِسْرَائِيل (18) الْكَهْف (19) مَرْيَم (20) طه (21) الْأَنْبِيَاء (22) الْحَج (23) الْمُؤْمِنُونَ (24) النُّور (25) الْفرْقَان (26) الشُّعَرَاء (27) النَّمْل (28) الْقَصَص (29) العنكبوت (30) الرّوم (31) لُقْمَان (32) السَّجْدَة (33) الْأَحْزَاب (34) سبأ (35) فاطر (36) يس (37) الصافات (38) ص (39) الزمر (40) الْمُؤمن (41) حم السَّجْدَة (42) حمعسق (43) حم الزخرف (44) حم الدُّخان (45) حم الجاثية (46) حم الْأَحْقَاف (47) مُحَمَّد (48) الْفَتْح (49) الحجرات (50) ق (51) الذاريات (52) الطّور (53) النَّجْم (54) الْقَمَر (55) الرَّحْمَن (56) الْوَاقِعَة (57) الْحَدِيد (58) المجادلة (59) الْحَشْر (60) الممتحنة (61) الصَّفّ (62) الْجُمُعَة (63) المُنَافِقُونَ (64) التغابن (65) الطَّلَاق (66) التَّحْرِيم (67) الْملك (68) ن (69) الحاقة (70) المعارج (71) نوح (72) الْجِنّ (73) المزمل (74) المدثر (75) الْقِيَامَة (76) الدَّهْر (77) المرسلات (78) النبأ (79) النازعات (80) عبس (81) التكوير (82) الانفطار (83) المطففين (84) الانشقاق (85) البروج (86) الطارق (87) الْأَعْلَى (88) الغاشية (89) الْفجْر (90) الْبَلَد (91) الشَّمْس (92) اللَّيْل (93) الضُّحَى (94) ألم نشرح (95) التِّين (96) الْقَلَم (97) الْقدر (98) الانفكاك (1) (99) إِذا زلزلت (100) العاديات (101) القارعة (102) التكاثر (103) الْعَصْر (104) الْهمزَة (105) الْفِيل (106) قُرَيْش (107) الماعون (108) الْكَوْثَر (109) الْكَافِرُونَ (110) النَّصْر (111) اللهب (112) الْــإِخْلَاص (113) الفلق (114) النَّاس.

قطّ

قطّ: بِالْفَتْح وَتَشْديد الطَّاء بِمَعْنى الدَّهْر مَخْصُوص بالماضي أَي فِيمَا مضى من الزَّمَان أَو فِيمَا انْقَطع من الْعُمر مثل مَا رَأَيْته قطّ. وَإِذا كَانَ اسْم فعل بِمَعْنى يَكْفِي أَو انْتهى فيخفف. وَإِذا أردْت بقط الزَّمَان فمرتفع غير منون كَمَا مر مِثَاله.
(قطّ)
السّعر قطا وقطوطا ارْتَفع وَالشَّيْء قطا قطعه عرضا يُقَال قطّ الْقَلَم وقطعه مُطلقًا والبيطار حافر الدَّابَّة نحته وسواه والسعر رَفعه

(قطّ) الشّعْر قططا وقطاطة كَانَ قَصِيرا جَعدًا فَهُوَ قطّ وقطط وَيُقَال رجل قطّ الشّعْر وقططه
(قطّ) لَهَا ثَلَاث أَحْوَال
الأولى أَن تكون ظرف زمَان لاستغراق الْمَاضِي (وَهَذِه بِفَتْح الْقَاف وَتَشْديد الطَّاء مَضْمُومَة) وتختص بِالنَّفْيِ يُقَال مَا فعلت هَذَا قطّ فِيمَا مضى وَانْقطع
وَالثَّانيَِة أَن تكون بِمَعْنى حسب أَي كَاف (وَهَذِه بِفَتْح الْقَاف وَسُكُون الطَّاء) وقلما تذكر غير مقرونة بِالْفَاءِ يُقَال أخذت درهما فَقَط
وَالثَّالِثَة أَن تكون اسْم فعل بِمَعْنى يَكْفِي فتزاد نون الْوِقَايَة مَعَ يَاء الْمُتَكَلّم فَيُقَال قطني كفاني وقطك كَفاك
وَفِي كل حَالَة وُجُوه أُخْرَى مبسوطة فِي المطولات
قطّ
الجذر: ق ط ط

مثال: لا أكذب قطّ
الرأي: مرفوضة
السبب: لاستعمالها لنفي الحال أو الاستقبال وهو خلاف ما وضعت له.

الصواب والرتبة: -لا أكذب أبدًا [فصيحة]-لا أكذب قطُّ [صحيحة]
التعليق: ذكر اللغويون أن «قَطّ» ظرف زمان غير متصرف، يفيد استغراق الزمن الماضي كله منفيًّا، أما النفي في الحال أو الاستقبال فيستعمل معه «أبدًا»، ويمكن تصحيح الاستعمال المرفوض لوروده عن أحد أئمة اللغويين وهو الزمخشري حيث قال في الكشاف عند تناوله تفسير الآية/32 من سورة لقمان: «يعني أن ذلك الــإخلاص الحادث عند الخوف لا يبقى لأحد قط»، حيث استعمل «قط» في زمن الاستقبال، ورأى الألوسي في كشف الطرة أن استعمال «قط» مع المستقبل مجاز.

الملامتية

الملامتية: هم الَّذين يواظبون على الْفَرَائِض والنوافل ويستقيمون على الشَّرِيعَة الظَّاهِرَة وَلَكِن يكتمونها عَن الْخلق احْتِرَازًا عَن الرِّيَاء ويجتهدون فِي تحقق كَمَال الْــإِخْلَاص.

الْمَنْسُوخ

الْمَنْسُوخ: من النّسخ وَهُوَ لُغَة الْإِزَالَة وَالنَّقْل. وَشرعا وُرُود دَلِيل شَرْعِي متراخيا عَن دَلِيل شَرْعِي مقتضيا خلاف حكمه. فالنسخ تَبْدِيل بِالنّظرِ إِلَى علمنَا وَبَيَان لمُدَّة الحكم بِالنّظرِ إِلَى علم الله تَعَالَى - والنسخ عِنْد الْقَائِلين بالتناسخ فِي التناسخ.
وَقَالَ القَاضِي الإِمَام ركن الْإِسْلَام أَبُو عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الْقَادِر الإِسْفِرَايِينِيّ رَحمَه الله تَعَالَى. اعْلَم أَن النّسخ فِي لُغَة الْعَرَب مُشْتَقّ من انتساخ الْآثَار وذهابها يُقَال نسخت الرّيح آثَار الديار ونسخها الْمَطَر أَي أذهب آثارها وَفِي الشَّرِيعَة يقرب مَعْنَاهُ من ذَلِك لِأَن النَّاسِخ يرفع حكم الْمَنْسُوخ فَلَا يبْقى للمنسوخ أثر وَلَا يجوز الحكم بِهِ وَلَا يجوز الِاحْتِجَاج بِالْآيَةِ الَّتِي نسخ حكمهَا غير أَن التَّعَبُّد بِقِرَاءَتِهَا بَاقٍ انْتهى.
أَيهَا الإخوان من علم مِنْكُم بمعاني كتاب الله تَعَالَى وَتَفْسِيره فَالْوَاجِب عَلَيْهِ أَن لَا يتَكَلَّم فِيهَا إِلَّا بعد معرفَة النَّاسِخ والمنسوخ لِأَنَّهُ إِن لم يعرف النَّاسِخ من الْمَنْسُوخ فَرُبمَا يحكم بِجَوَاز شَيْء وَيكون ذَلِك مَنْسُوخا. وَأَجْمعُوا على أَن الِاسْتِدْلَال بالمنسوخ لَا يجوز أما سَمِعْتُمْ أَنه قد رُوِيَ عَن أَمِير الْمُؤمنِينَ عَليّ بن أبي طَالب كرم الله وَجهه أَنه دخل مَسْجِد الْكُوفَة فَرَأى رجلا اسْمه عبد الرَّحْمَن من تلاميذ أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ قد اجْتمع عَلَيْهِ النَّاس يسألونه عَن آيَات الْقُرْآن وتفسيرها فَقَالَ لَهُ عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أتعرف النَّاسِخ والمنسوخ فَقَالَ لَا فَقَالَ عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ من أَنْت فَقَالَ أَبُو يحيى فَأخذ أُذُنَيْهِ وفتلهما فَتلا شَدِيدا فَقَالَ لَهُ لَا تقص فِي مَسْجِدنَا هَذَا بعد. وَعَن عبد الله بن عَبَّاس وَعبد الله بن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم أَنَّهُمَا منعا رجلا من تَفْسِير الْقُرْآن والوعظ إِذْ لم يعرف النَّاسِخ والمنسوخ. وَعَن حُذَيْفَة بن الْيَمَان رَضِي الله عَنهُ قَالَ لَا يحل لأحد أَن يعظ النَّاس ويفسر الْقُرْآن إِلَّا أَن يكون عَالما بالناسخ والمنسوخ وَلم يُخَالف لهَؤُلَاء أحد من الصَّحَابَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم فَصَارَ الْإِجْمَاع مِنْهُم على أَنه لَا يحل لأحد أَن يُفَسر الْقُرْآن ويعظ النَّاس إِلَّا بعد أَن يعرف النَّاسِخ والمنسوخ ليتميز بذلك الْحَلَال وَالْحرَام وَالْوَاجِب من الْجَائِز.
ثمَّ اعْلَم أَنه قد اخْتلف أهل السّنة بعد ذَلِك فِيمَا بَينهم فَذهب أَبُو حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى إِلَى أَن النّسخ وَإِن جَازَ قبل وجود الْفِعْل فَلَا يجوز قبل دُخُول وَقت الْفِعْل لِأَن وُجُوبه لَا يَتَقَرَّر إِلَّا بعد دُخُول الْوَقْت الَّذِي علق بِهِ فإمَّا قبل دُخُول ذَلِك الْوَقْت فَلَا يجوز وُرُود النّسخ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا يكون رفع حكم قبل تقرره فَأَما عِنْد الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى فَيجوز النّسخ قبل الْفِعْل وَقبل دُخُول وَقت الْفِعْل - والنسخ جَائِز عِنْد جَمِيع الْمُسلمين - فَإِذا ورد فِي الشَّرِيعَة حكم بِإِيجَاب أَو تَحْرِيم أَو غَيرهمَا جَازَ أَن يرفع ذَلِك الحكم إِلَى ضِدّه أَو إِلَى مثله أَو يرفع بِلَا بدل وَلم يُخَالف فِيهِ أحد من أهل السّنة - وَالرَّوَافِض والإمامية منعُوا جَوَاز النّسخ -.
وَأكْثر الْيَهُود قَالُوا إِن النّسخ لَا يجوز. وغرضهم من هَذَا الْمقَال التطرق إِلَى أَن شَرِيعَة مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام لَا يجوز نسخهَا. وَمن جوز مِنْهُم قَالُوا أخبرنَا أَن مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ إِنَّه لَا نَبِي بعده وكذبوا على مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام فِي وَصفه مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وبشارتهم بِخُرُوجِهِ فِي آخر الزَّمَان بِحَسب مَا ورد فِي التَّوْرَاة. وَمِنْهُم من نصبوا أَن يُؤمنُوا بِهِ فَلَمَّا جَاءَهُم مَا عرفُوا كفرُوا بِهِ فلعنة الله على الْكَافرين. وَادعوا شُبْهَة لأَنْفُسِهِمْ فِي منع النّسخ - وَقَالُوا لَو جَازَ النّسخ من الله تَعَالَى لَأَدَّى ذَلِك إِلَى جَوَاز والبدأ والبدأ على الله تَعَالَى لَا يجوز فِيمَا أدّى إِلَيْهِ مثله. وَالْجَوَاب أَنه إِنَّمَا يكون ذَلِك بداء مِمَّن لَا يعرف عواقب الْأُمُور فَأَما الله تَعَالَى عَالم بعواقب الْأُمُور وَقبل إِنْزَال الحكم الْمَنْسُوخ كَانَ لم يزل عَالما بِأَنِّي أنزل حكما فَيكون ثَابتا إِلَى وَقت كَذَا ثمَّ ارفعه بِحكم آخر وَمثل هَذَا لَا يكون بدءا وَلَكِن لَهُ فِيهِ حِكْمَة وَهُوَ أعلم بهَا - والمنسوخ فِي كتاب الله تَعَالَى ثَلَاثَة أَقسَام. فَمِنْهَا حكم رفع إِلَى مَا هُوَ أغْلظ من الأول وَهُوَ مثل حد الزِّنَا فَإِنَّهُ كَانَ فِي الِابْتِدَاء الْحَبْس فِي الْبَيْت حَتَّى تَمُوت قَالَ الله تَعَالَى: {فامسكوهن فِي الْبيُوت حَتَّى يتوفاهن الْمَوْت أَو يَجْعَل الله لَهُنَّ سَبِيلا} . ثمَّ نسخ ذَلِك الحكم بِالْجلدِ وَالرَّجم - وَالثَّانِي حكم رفع إِلَى مَا هُوَ أخف مِنْهُ كَمَا فِي بَاب الْجِهَاد فَإِنَّهُ كَانَ فِي ابْتِدَاء الْإِسْلَام وَاجِبا على كل مُسلم بِأَن يُقَاوم عشرَة من الْكفَّار فَإِن هرب من الْعشْرَة كَانَ عَاصِيا مُسْتَحقّا للعقوبة قَالَ الله تَعَالَى: {إِن يكن مِنْكُم عشرُون صَابِرُونَ يغلبوا مِائَتَيْنِ} . فنسخ ذَلِك إِلَى مَا هُوَ أخف مِنْهُ بقوله تَعَالَى: {الْآن خفف الله عَنْكُم} الْآيَة. فَجعل كل مُسلم فِي مُقَابلَة كَافِرين فَلَا يحل الْآن أَن يهرب من اثْنَيْنِ وَيحل أَن يهرب من ثَلَاثَة أَو أَكثر - وَالثَّالِث أَن يرفع حكم إِلَى مثله مثل أَمر الْقبْلَة كَانَت الصَّلَاة أَولا فِي ابْتِدَاء الْإِسْلَام إِلَى صَخْرَة بَيت الْمُقَدّس ثمَّ نسخ ذَلِك بالتوجه إِلَى الْكَعْبَة فِي الصَّلَاة -.

والمنسوخ: فِي خبر الرَّسُول عَلَيْهِ السَّلَام أَيْضا منقسم إِلَى هَذِه الْأَقْسَام الثَّلَاثَة - والنسخ على أَرْبَعَة أَقسَام - نسخ الْكتاب بِالْكتاب وَنسخ السّنة بِالسنةِ وَنسخ السّنة بِالْكتاب - وَنسخ الْكتاب بِالسنةِ. - فإمَّا (نسخ الْكتاب بِالْكتاب) فَإِنَّهُ يجوز أَن ينْسَخ حكم الْكتاب بِحكم الْكتاب أَو نظم الْكتاب بنظم الْكتاب. وَإِمَّا (نسخ السّنة بِالسنةِ) فالمنتفي فِيهِ الحكم دون النّظم (وَنسخ السّنة بِالسنةِ) جَائِز (فنسخ حكم السّنة بِحكم الْكتاب) جَائِز - إِنَّمَا قُلْنَا ذَلِك لِأَن الْكتاب مثل الْكتاب وَالسّنة مثل السّنة. وجوزنا نسخ السّنة بِالْكتاب لِأَن الْكتاب أرفع دَرَجَة من السّنة - وَإِمَّا (نسخ الْكتاب بِالسنةِ) فَالظَّاهِر من مَذْهَب أهل السّنة وَالْجَمَاعَة أَنه لَا يجوز بِحَال. وَقَالَ بَعضهم أَن نسخ نظم الْكتاب بِالسنةِ لَا يجوز لما مر - وَإِمَّا نسخ حكم الْكتاب بِالسنةِ فَفِيهِ تَفْصِيل بِأَنَّهُ لَا يجوز بالآحاد والمستفيض - وَإِمَّا بالمتواتر فَيجوز وَالْأولَى عدم جَوَاز نسخ الْكتاب بِالسنةِ متواترا كَانَ أَو أحادا لرفع دَرَجَته عَن درجتها.

والمنسوخ: فِي كتاب الله تَعَالَى على ثَلَاثَة أَقسَام: أَحدهَا: مَا نسخ نظمه وقراءته وَحكمه. وَالثَّانِي: مَا نسخ نظمه وقراءته وَبَقِي حكمه ثَابتا - وَالثَّالِث: مَا نسخ حكمه وَبَقِي نظمه وقراءته ثَابِتَة - فَأَما مَا نسخ نظمه وَحكمه فَهُوَ مثل مَا رُوِيَ عَن أنس ابْن مَالك رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَنه قَالَ كُنَّا نَقْرَأ على عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سُورَة تعدل سُورَة بَرَاءَة وَلست ... إِلَّا آيَة وَاحِدَة وَهِي قَوْله تَعَالَى: " لَو كَانَ لِابْنِ آدم واديان من ذهب لابتغى إِلَيْهِمَا ثَالِثا وَلَو كَانَ لَهُ ثَالِثا لابتغى رَابِعا " " وَلَا يمْلَأ جَوف ابْن آدم إِلَّا التُّرَاب ثمَّ يَتُوب الله على من تَابَ ". وكل ذَلِك قد نسخ حكمه وقراءته وَهَكَذَا رُوِيَ عَن عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَنه قَالَ لي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - آيَة فحفظتها وأثبتها فِي مصحف فَلَمَّا كَانَ فِي جَوف اللَّيْل رجعت إِلَى حفظي فَلم أجد مِنْهَا شَيْئا وعدت إِلَى مصحفي فَإِذا الورقة بَيْضَاء فَأخْبرت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بذلك فَقَالَ لي يَا ابْن مَسْعُود تِلْكَ قد رفعت البارحة.
وَأما مَا نسخ نظمه وقراءته وَبَقِي حكمه ثَابتا فَهُوَ مَا رُوِيَ عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ لَوْلَا أَن أخْشَى ان يَقُول النَّاس زَاد عمر فِي الْقُرْآن لكتبت على حَاشِيَة الْمُصحف آيَة كُنَّا وَالله نقرأها على عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الشَّيْخ وَالشَّيْخَة إِذا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا الْبَتَّةَ نكالا من الله وَالله عَزِيز حَكِيم ". الرَّجْم ثَابت وَالْقِرَاءَة مَنْسُوخَة - وَأما مَا نسخ حكمه وَبَقِي نظمه بِأَن صَحَّ الْعِبَادَة بقرَاءَته فَذَلِك فِي خمس وَخمسين سُورَة من الْقُرْآن.وَاعْلَم أَن سور الْقُرْآن الْمجِيد مائَة وَأَرْبَعَة عشر سُورَة كَمَا ذكرنَا فِي السُّورَة. وَأما السُّور الَّتِي هِيَ خمس وَخَمْسُونَ فَهِيَ هَذِه: الْبَقَرَة وَآل عمرَان وَالنِّسَاء والمائدة والأنعام والأعراف والأنفال وَالتَّوْبَة وَيُونُس وَهود والرعد وَالْحجر والنحل وَبني إِسْرَائِيل والكهف وكهيعص وطه والأنبياء وَالْحج والمؤمنون والنور وَالْفرْقَان والنمل والقصص وَالْعَنْكَبُوت وَالروم ولقمان والسجدة والأحزاب وسبأ وَالصَّافَّات وص وَالزمر وحم غَافِر الذَّنب وحم السَّجْدَة وحم عسق والزخرف وَالدُّخَان والجاثية والأحقاف وق والذاريات وَالطور والنجم وَالْقَمَر والمجادلة والممتحنة ون وَسَأَلَ سَائل والمزمل والمدثر وَهل أَتَى والطارق والغاشية والكافرون.
وَأما السُّور الَّتِي فِيهَا نَاسخ وَلَيْسَ فِيهَا مَنْسُوخ فَهِيَ سِتّ سور: إِنَّا فتحنا لَك والحشر والمنافقون والتغابن وَالطَّلَاق والأعلى.
وَأما السُّور الَّتِي لَيْسَ فِيهَا نَاسخ وَلَا مَنْسُوخ فَهِيَ ثَلَاث وَخَمْسُونَ سُورَة: الْفَاتِحَة ويوسف وَإِبْرَاهِيم وَالشعرَاء وفاطر وَيس وَمُحَمّد والحجرات والرحمن والواقعة وَالْحَدِيد والصف وَالْجُمُعَة وَالتَّحْرِيم وَالْملك والحاقة ونوح وَالْجِنّ وَالْقِيَامَة والمرسلات والنبأ والنازعات وَعَبس والتكوير والانفطار والمطففين والانشقاق والبروج وَالْفَجْر والبلد وَالشَّمْس وَاللَّيْل وَالضُّحَى وألم نشرح والتين والقلم وَالْقدر وَلم يكن وَإِذا زلزلت وَالْعَادِيات وَالْقَارِعَة وَالتَّكَاثُر وَالْعصر والهمزة والفيل وقريش والماعون والكوثر والنصر وتبت وَالْــإِخْلَاص والفلق وَالنَّاس.
وتفصيل الْآيَات الناسخة والمنسوخة فِي كتب التفاسير والرسائل الْمُدَوَّنَة فِي بَيَان النَّاسِخ والمنسوخ. الْمَنْفَعَة: فِي الْغَايَة.

يَوْم

يَوْم: {يَأْتِي بعض آيَات رَبك لَا ينفع نفسا إيمَانهَا لم تكن آمَنت من قبل أَو كسبت فِي إيمَانهَا خيرا} اسْتدلَّ جَار الله الزَّمَخْشَرِيّ صَاحب الْكَشَّاف بِهَذِهِ الْآيَة الْكَرِيمَة على مذْهبه وَهُوَ أَن مُجَرّد الْإِيمَان بِدُونِ الْعَمَل غير نَافِع. وتوجيهه على مَا قَرَّرَهُ الْمُحَقق التَّفْتَازَانِيّ رَحمَه الله تَعَالَى فِي التَّلْوِيح أَن كلمة أَو هَا هُنَا لإيقاع أحد الشَّيْئَيْنِ وَأَنَّهَا تفِيد عدم الشُّمُول للُزُوم التّكْرَار على تَقْدِير الشُّمُول - وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إِذا نفي الْإِيمَان كَانَ كسب الْخَيْر فِيهِ منفيا لِأَن كسب الْخَيْر فِي الْإِيمَان وَلَا إِيمَان محَال. فَلَا بُد أَن يَنْتَفِي كسب الْخَيْر فِيهِ فَإِذا نفي كَانَ تَكْرَارا. أَو معنى الْآيَة أَن النَّفس الَّتِي انْتَفَى مِنْهَا مَجْمُوع الْإِيمَان مَعَ كسب الْخَيْر وَهِي إِمَّا نفس كَافِرَة أَو مُؤمنَة لم تكتسب الْخَيْر فِي إيمَانهَا لَا ينفع إيمَانهَا.
وتوضيحه أَن عِنْد ظُهُور أَشْرَاط السَّاعَة تكون النَّفس ثَلَاثًا. أَحدهَا: الَّتِي آمَنت وكسبت الْخَيْر وَهَذِه ينفعها إيمَانهَا بِاتِّفَاق بَيْننَا وَبينهمْ. وَثَانِيها: الَّتِي آمَنت قبل ظُهُور أَشْرَاط السَّاعَة وَلم تكتسب الْخَيْر وَهَذِه ينفعها إيمَانهَا عندنَا خلافًا للمعتزلة. وَالثَّالِثَة: الَّتِي لم تؤمن قبل ظُهُور أَشْرَاط السَّاعَة وَآمَنت عِنْد ظُهُورهَا وَهَذِه لَا ينفع إيمَانهَا بالِاتِّفَاقِ لِأَن إِيمَان الْيَأْس غير مَقْبُول وَأَن الْآيَة بيّنت حكم الْأَخِيرَتَيْنِ فَلم يفرق بَينهمَا - وَقَالَ الطَّيِّبِيّ لَا يتم مَا ذكره من الِاسْتِدْلَال فَإِن هَذَا الْكَلَام فِي البلاغة يلقب باللف وَأَصله يَوْم يَأْتِي بعض آيَات رَبك لَا ينفع نفسا لم تكن مُؤمنَة قبل إيمَانهَا بعد وَلَا نفسا لم تكتسب فِي إيمَانهَا خيرا قبل مَا كسبت من الْخَيْر بعد.
وَالْمَقْصُود من الْآيَة أَن الْإِيمَان بعد ظُهُور الْآيَات الملجية وَالْعَمَل الصَّالح غير نافعين. هَذَا مَا ذكره قدوة الْمُحَقِّقين زبدة الواصلين حضرت شاه وجيه الْحق وَالْملَّة وَالدّين الْعلوِي الأحمدآبادي قدس سره وَنور مرقده - وَقَالَ شيخ الْإِسْلَام يرد على تَوْجِيه جَار الله الْآيَة أَن الْخَيْر نكرَة فِي سِيَاق النَّفْي فتعم - فَيلْزم أَن يكون نفع الْإِيمَان بِمُجَرَّد خير وَلَو وَاحِدًا وَلَيْسَ كَذَلِك عِنْد الْمُعْتَزلَة - فَإِن جَمِيع الْأَعْمَال الصَّالِحَة دَاخِلَة فِي الْإِيمَان عِنْدهم. ثمَّ إِنَّه لَا يخفى أَن اسْتِدْلَال الْمُعْتَزلَة لَا يَخْلُو عَن قُوَّة. فَأجَاب أهل السّنة تَارَة بِأَن المُرَاد بِالْخَيرِ الْــإِخْلَاص وبالإيمان ظَاهره من القَوْل وَالْعَمَل وَفِيه بعد. وَتارَة بِأَن الْآيَة من اللف التقديري أَي لَا ينفع نفسا إيمَانهَا وَلَا كسبها فِي الْإِيمَان فيوافق الْأَحَادِيث والآيات الشاهدة بِأَن مُجَرّد الْإِيمَان نَافِع ويلائم مَقْصُود الْآيَة حَيْثُ وَردت تخسيرا للَّذين أخْلفُوا مَا أوعدوا من الرسوخ فِي الْهِدَايَة عِنْد إِنْزَال الْكتب حَيْثُ كذبُوا بِهِ وصدفوا عَنهُ. وَفِيه أَنه ذكر فِي خُلَاصَة الْفَتْوَى وَغَيره من كتب الْفِقْه أَن تَوْبَة اليائس مَقْبُولَة وَإِن لم يكن إِيمَان الْيَأْس مَقْبُولًا لَكِن ذكر فِي جَامع الْمُضْمرَات خلاف ذَلِك. وَالْأَظْهَر أَن يُجَاب عَن الِاسْتِدْلَال بِأَن المُرَاد بالنفع كَمَاله أَعنِي الْوُصُول إِلَى رفع الدَّرَجَات والخلاص عَن الدركات بِالْكُلِّيَّةِ انْتهى.

القطب

(القطب) المحور الْقَائِم الْمُثبت فِي الطَّبَق الْأَسْفَل من الرَّحَى يَدُور عَلَيْهِ الطَّبَق الْأَعْلَى وَمِنْه قطب الدائرة وطرف المحور وللأرض قطبان شمَالي وجنوبي والنجم القطبي الشمالي هُوَ النَّجْم النير فِي طرف ذَنْب بَنَات نعش الصُّغْرَى وَهُوَ الَّذِي يتوخى بِهِ جِهَة الشمَال لوُقُوعه فِي سمت القطب الشمالي للكرة الأرضية ونصل السهْم وَضرب من النَّبَات يذهب حِبَالًا على الأَرْض طولا وَله زهرَة صفراء وشوكة إِذا أحصد ويبس يشق على النَّاس أَن يطؤوها مدحرجة كَأَنَّهَا حَصَاة وَمن الْقَوْم سيدهم وَمن الشَّيْء قوامه ومداره وَيُقَال فلَان قطب بني فلَان سيدهم (ج) قطوب وأقطاب وَقُطْبَة وَيُقَال دارت رحى الْحَرْب على قطبها والأرحاء على أقطابها
القطب: وقد يسمى غوثا باعتبار التجاء الملهوف إليه، عبارة عن الواحد الذي هو موضع نظر الله تعالى في كل زمان، أعطاه الطلسم الأعظم من لدنه، وهو يسري في الكون وأعيانه الباطنة والظاهرة سريان الروح في الجسد، بيده قسطاس الفيض الأعم، وزنه يتبع علمه، وعلمه يتبع علم الحق، وعلم الحق يتبع الماهيات غير المجعولة، فهو يفيض روح الحياة على الكون الأعلى والأسفل، وهو قلب إسرافيل من حيث حصته الملكية الحاملة مادة الحياة والإحساس، لا من حيث إنسانيته، وحكم جبريل فيه كحكم النفس الناطقة في النشأة الإنسانية، وحكم ميكائيل فيه كحكم القوة الجاذبة فيها، وحكم عزرائيل فيه كحكم القوة الدافعة فيها.
القطب: بِالضَّمِّ نجم بني عَلَيْهِ الْقبْلَة وَسيد الْقَوْم وملاك الشَّيْء ومداره كَذَا فِي الْقَامُوس وَقَالَ السَّيِّد السَّنَد الشريف الشريف قدس سره وَقد يُسمى غوثا بِاعْتِبَار التجاء الملهوف إِلَيْهِ وَهُوَ عبارَة عَن الْوَاحِد الَّذِي هُوَ مَوضِع نظر الله تَعَالَى فِي كل زمَان أعطَاهُ الطلسم من لَدَيْهِ وَهُوَ يسري فِي الْكَوْن وأعيانه الْبَاطِنَة وَالظَّاهِرَة سريان الرّوح فِي الْجَسَد قسطاس الْفَيْض الْأَعَمّ وَأَنه يتبع علمه وَعلمه يتبع علم الْحق الْأَعَمّ وَعلم الْحق يتبع الماهيات الْغَيْر المجعولة وَهُوَ يفِيض روح الْحَيَاة على السّكُون الْأَعْلَى والأسفل وَهُوَ على قلب إسْرَافيل من حَيْثُ ملكيته الحاملة مَادَّة الْحَيَاة والإحساس لَا من حَيْثُ إنسانيته. وَحكم جِبْرَائِيل فِيهِ كَحكم النَّفس الناطقة فِي النشأة الإنسانية وَحكم مِيكَائِيل كَحكم الْقُوَّة الجاذبة فِيهَا وَحكم عزرائيل كَحكم الْقُوَّة الدافعة.
القطب:
[في الانكليزية] Pivot ،pole ،magnate ،leader
[ في الفرنسية] Pivot ،magnat ،pole ،chef sepreme

بحركات القاف وسكون الطاء المهملة:
حجر الرّحى والعجلة (الدولاب) والكوكب السّاكن قرب الفرقدين، وكبير القوم الذي عليه مدار الأمور. وقائد الجيش كما في الصراح.
والصرفيون يسمّون الثلاثي بالقطب الأعظم كما في شرح مراح الأرواح. والقطب عند المهندسين نقطة ثابتة على كرة محرّكة على نفسها. تحقيقه أنّ الكرة إذا تحرّكت حركة وضعية يتحرّك كلّ نقطة عليها وترسم في دورة تامّة من كلّ نقطة محيط دائرة سوى نقطتين متقابلتين، فإنّهما لا يتحرّكان أصلا، وكذلك كلّ نقطة تفرض في داخل المحيط فإنّها تتحرّك وترسم في الدورة محيط دائرة سوى النقطة المفروضة على الخط الواصل بين النقطتين الثابتتين على المحيط، وهذه النقطة مركز لتلك الدوائر المرسومة على المحيط وفي داخله، فالنقطتان الثابتتان على المحيط تسمّيان قطبي الكرة وقطبي حركتها وقطبي المنطقة وقطبي الدوائر المرسومة عليها. فالقطب بالحقيقة إنّما يكون للدوائر الحاصلة بالحركة لا لكلّ دائرة تفرض على محيط الكرة. وأمّا إطلاق القطب في غير الدوائر الحاصلة بالحركة. فعلى سبيل التشبيه والتجوّز وذلك الخط الواصل بينهما يسمّى محور الكرة والحركة، والدائرة العظيمة المفروضة على منتصف ما بين النقطتين تسمّى منطقة الكرة والحركة، وقطبا الفلك الأعظم يسمّيان بقطبي العالم، والقطب الظاهر منهما ما يكون على الأفق شماليا كان أو جنوبيا، والقطب الخفي منهما ما يكون تحت الأفق شماليا كان أو جنوبيا، وارتفاع القطب وانحطاطه عن الأفق يكون مساويا لعرض البلد، هكذا يستفاد من شروح الملخص. والقطب في الاسطرلاب هو الوتد الموضوع في وسط الاسطرلاب المارّ بالحجرة والصفائح والعنكبوت. والقطب عند أهل السلوك عبارة عن رجل واحد هو موضع نظر الله تعالى من العالم في كلّ زمان ويسمّى بالغوث أيضا، وهو خلق على قلب محمّد صلى الله عليه وآله وسلم يعني قطب: إنسان واحد الذي هو محلّ نظر الله سبحانه وتعالى نظرة خاصة من بين جميع الناس في كلّ زمان، وذلك القطب على مثل قلب المصطفى صلى الله عليه وسلم، ويقال له عبد الإله، وعن يمينه وشماله إمامان. أمّا الذي عن يمينه فاسمه عبد الرّبّ ونظره في عالم الملكوت، وأمّا الذي عن شماله فاسمه عبد الملك ونظره في عالم الملك وهو أعلى من زميله عبد الرّبّ وهو خليفة القطب بعد موته، كذا في مجمع السلوك.

ويقول في مرآة الأسرار: إنّ الذي عن اليمين يسمّى عبد الملك، والذي عن الشمال يسمّى عبد الرّبّ. ويأخذ عبد الملك من روح القطب مدار الفيض. ثم يفيض هو على أهل العالم العلوي. وأمّا عبد الرّبّ فيأخذ الفيض من قلب القطب ثم يفيض هو على أهل العالم السّفلي. وحين يموت القطب فإنّ عبد الملك يقوم مقامه. ويذكر أيضا في لفظ الولي ما يتعلّق بهذا.
اعلم بأنّ رجال الله هم أقطاب وغيرهم يعني رجال الله هم أقطاب. ومنهم الغوث والإمامان والأوتاد والأبدال والأخيار والأبرار والنّقباء والنّجباء والعمدة والمكتومون والأفراد. فالقطب هو الذي يكون على قلب محمد عليه الصلاة والسلام ويسمّى أيضا بقطب العالم وقطب الأقطاب والقطب الأكبر وقطب الإرشاد وقطب المدار ويسمّى بالغوث أيضا.

والمراد بقولهم: فلان على قدم أو قلب فلان النبي هو: أنّ ذلك الولي وارث لخصوصية ذلك النبي. يعني: ما لذلك النبي من علوم وتجلّيات ومقامات وأحوال فإنّ ذلك الولي بواسطة المدد من ذلك النبي يحصل عليها. إمّا من المشكاة المحمدية فيكون ذلك الولي محمديا إبراهيميا، أو محمديا موسويا أو محمديا عيسويا واسم هذا القطب هو عبد الله يعني يقال له بين أهل السماء وأهل الأرض عبد الله. ولو كان له اسم آخر، وعلى هذا القياس جميع رجال الله يدعون بأسماء أخرى وباسم ربّ مربي ذلك الشخص يخاطبون. ويصل الفيض لهذا القطب المدار من الله تعالى بدون واسطة. وهذا القطب في العالم يكون واحدا، وكلّ من في الوجود يعني من أهل الدنيا والآخرة يعني العالم العلوي والسّفلي قائمون بوجود هذا القطب، والأقطاب الاثنا عشر الآخرون هم على قلوب النبيين عليهم السلام. فالقطب الأول على قلب نوح عليه السلام. وورده سورة يس. والثاني على قلب إبراهيم عليه السلام وورده سورة الــإخلاص.

والثالث: على قلب موسى عليه السلام وورده سورة إذا جاء نصر الله. والرابع على قلب عيسى عليه السلام وورده سورة الفتح. والخامس على قلب داود عليه السلام وورده إذا زلزلت.
السادس على قلب سليمان عليه السلام وورده سورة الواقعة. والسابع على قلب أيوب عليه السلام وورده سورة البقرة. والثامن على قلب إلياس عليه السلام وورده سورة الكهف. والتاسع على قلب لوط عليه السلام وورده سورة النمل.
والعاشر على قلب هود عليه السلام وورده سورة الأنعام. والحادي عشر على قلب صالح عليه السلام وورده سورة طه. والثاني عشر على قلب شيث عليه السلام وورده سورة الملك.
فالأقطاب المذكورة اثنا عشر قطبا وعيسى والمهدي خارجان عنهم، بل مكتومان من المفردين. والأقطاب المذكورة كلّهم مأمورون لقطب المدار، ومن هؤلاء الاثني عشر قطبا سبعة أقطاب في سبعة أقاليم. في كلّ إقليم قطب ويسمّى قطب الإقليم. والخمسة الأقطاب الآخرون هم في الولاية ويقال لكلّ واحد منهم قطب الولاية. وفيض أقطاب الولاية على سائر الأولياء.
فائدة:
حين يترقّى القطب يصل إلى قطب الولاية، وحين يترقّى قطب الولاية يصل إلى قطب الإقليم، وحين يترقّى قطب الإقليم يصل إلى عبد الرّبّ.
وقطب الإقليم هذا هو قطب الأبدال على قلب إسرائيل عليه السلام. ويقال له: قطب الأبدال. ويقول صاحب الفتوحات المكية (الشيخ محي الدين بن عربي): الأقطاب لا حدّ لهم، فلكلّ صفة قطب مثل: قطب الزهاد، وقطب العبّاد، وقطب العرفاء وقطب المتوكلين، كما ورد في «النفحات» أنّ الشيخ أحمد الجامي هو قطب الأولياء، وأنّه في جميع الربع المسكون هو شخص واحد، يقال له قطب الولاية. وقطب العالم، وجهانگير (آخذ العالم) أيضا. أي أنّ جميع أقسام الولاية تعتمد عليه.
وعلى هذا القياس. على كلّ مقام قطب من أجل المحافظة على ذلك المقام.

ويقول أيضا: إنّه من أجل المحافظة على كلّ قرية من قرى العالم فثمة وليّ لله، هو قطب تلك القرية سواء كان سكان تلك القرية مؤمنين أو كفارا.
فائدة:
ما دام قطب العالم في حال الحياة وفي مقام السّلوك والترقّي حتى يصل إلى مقام الفرد. وهذا المقام لا يكون لصاحبه هوى أو مراد شخصي، بل كلّ مراده هو الحقّ فقط. وإنّ النبي صلى الله عليه وسلم قبل بعثته كان من جملة الأفراد والخضر أيضا هو من الأفراد. ولهؤلاء الأفراد قوة وصلاحية عزل الولي ونصب آخر مكانه، وإن أراد قطب العالم أن يعزل أقطاب العالم عن مقامهم فإنّه يقدر على ذلك. وبدعاء قطب الأقطاب وغوث آخر يمكن أن يصل إلى مرتبة القطب ولو كان عاصيا أو كافرا.
ويقول حضرة الشيخ علاء الدين (الدولة) السّمناني: إنّ لقطب الإرشاد ولاية شمسية تنير كلّ العالم. ولقطب الأبدال ولاية قمرية تتصرف فقط في الأقاليم السّبعة.

الخلاصة: قطب الأبدال هو رئيس جميع الأبدال لأنّه يتصرّف في كلّ مكان.
فائدة:
إنّ بعض المشايخ يسمّون باسم الغوث أو القطب شخصا واحدا. بينما يقول صاحب الفتوحات: الغوث هو غير قطب الأقطاب.

وأورد في اللطائف الأشرفية: لولا وجود الغوث وقطب الأقطاب لتبدّل حال العالم أعلاه إلى أسفل وأسفله إلى أعلى. ولكن حين يترقّى الغوث يصير من الأفراد، ومثله قطب الأقطاب فإنّه يترقى ليصير من الأفراد، وحين يترقّى من درجة الفرد يصير قطب الوحدة يعني يصل إلى مقام المعشوق.
والاثنا عشر المذكورون يسكنون في مدن الأقاليم، وأمّا قطب الأقطاب فمسكنه في المدينة المعظمة (مكة).
والخلاصة. في حالة القطبية يسكنون في المدينة والقصبة والقرية وحين يترقّون ويصلون إلى مقام الأفراد يسقط هذا الترتيب ويتجاوزون مرحلة تعيين المقام، ويكونون حيث شاءوا.
وكذلك درجة المعشوق من يبلغها يتجاوز الترتيب (أي يكون حيث شاء).
تنبيه
يقال لقطب الوحدة والحقيقة معشوقا.
وذلك لأنّ الأفراد الكمّل يترقّون في السّلوك إلى درجة قطب الحقيقة والوحدة أي بمقام المعشوق.

قالوا: أمّا المفردون فمنهم من هو على قلب عليّ كرّم الله وجهه، ومنهم من هو على قلب محمد عليه الصلاة والسلام، أي: من كان محبوبا من الأفراد الكمّل أو غير الكمّل هم أفضل من قطب الأقطاب. أمّا الأفراد الكمّل فهم مظهر وجه تفرّد الروح الكلّية لعلي بن أبي طالب كرّم الله وجهه، وغير الكمّل منهم مظهر تعلّق روح علي كرم الله وجهه. وإذن فإنّ بين التفرّد والتعلّق فرقا عظيما.
وإنّ طائفة الأفراد ليست محدودة بعدد بل هم كثيرون، وهم مستورون عن أعين الناس ما عدا قطب الأقطاب وبعض الأقطاب يعرفونهم ويرونهم. والأفراد الكمّل بعد الترقي يصلون إلى رتبة قطب الوحدة. وفي النهاية لقد وصل من جميع الأولياء إلى هذا المقام شخصان أحدهما الشيخ عبد القادر الجيلاني والثاني هو الشيخ نظام الدين بدواني.
وقد أعانهما على ذلك في سلوك مرتبة الكمال (طول) العمر فترقّيا بسرعة ووصلا إلى مقام (المعشوق)، وأمّا الباقون لم يسعفهم أجلهم فظلوا في مقام الفرد ثم ماتوا وهم في مقام البقاء.
ويقول أيضا في «بحر المعاني» بأنّ الخواجة بايزيد بسطامي وأبا بكر الشّبلي وصلا أيضا إلى مقام (المعشوق)، كما يمكن أن يوصل الله سبحانه من يشاء إلى هذا المقام.
فائدة:
إنّ لقطب المدار التصرّف من العرش إلى الثرى، والأفراد المتحقّقون من العرش إلى الثرى. وثمة فرق كبير بين التصرّف والتحقّق.
وحاصله هو أنّ قطب المدار دائما في تجلّي الصفات، وأمّا الأفراد الكمّل فهم دائما في تجلّي الذات. وإذن فإنّ قطب المدار خاص والأفراد أخصّ، ولبعض الأولياء تجلّي الأفعال، ولبعضهم تجلّي الآثار. أمّا أهل الفردانية فلهم تجلّيات خارج هذه المقامات. والفردانية مكان لها ومقام أهلها في اللاهوت أي تجلّي الذات. وليس للاهوت مقام لأنّه خارج عن الحدود الست. ولفظة المقام المضافة إلى اللاهوت فيقولون: مقام اللاهوت هو من باب المجاز إذ لا مقام له. ودون هذا المقام الجبروت. يعني مقام الجبر وكسر الخلائق.
وهذا مقام قطب العالم المتصرّف من العرش إلى الثرى، ويشتمل على الجبر والكسر في الجهات الست. ولقطب العالم الفيض من العرش المجيد الذي له تعلّق بالعزل والنصب. ولهذا المقام الجبر والكسر من ذلك حيث يقولون: الكرامات والمعجزات أيضا من هذا العالم. وحين يترقّى من مقام الجبر والكسر إلى مقام الفردانية الذي هو اللاهوت وفي عالم الفردانية عالم الجبروت يعني عالم الجبر والكسر كفر. أمّا الأفراد القادرون على عالم الجبروت إن اشتغلوا بالجبر والكسر فإنّهم ينزلون عن مرتبة الفردانية التي هي تجلّي الذات والسبب هو كونهم أفرادا مستورين.
فائدة:
اللاهوت في الأصل لا هو إلّا هو.
وحرف التاء زائدة عن قواعد العربية. والصوفية حين يخلطون بعض الكلمات يحذفون شيئا ويضيفون شيئا آخر. لكي لا يدرك ذلك من ليس بأهل. إذن لا للنفي أي: لا يكون. أي تجلّي الصفات للأفراد وهو اسم الذات يعني لا هو غير تجلّي الذات.
فائدة:
لا يزيد عمر القطب عن 33 سنة ولا ينقص عن تسع عشرة سنة وخمسة أشهر ويومين اثنين. فإن جرى التقدير في هذه المدة فإنّه يرحل (يموت)، ومن ترقّى خلال عمره المذكور، فإنّه يصل إلى مقام، الأفراد، وعمر الأفراد هو 55 سنة بدون زيادة ولا نقصان، فإن جرى القدر فإنّه يموت في تلك الفترة. ومن ترقّى في عمره المذكور فإنّه يصل إلى قطب الحقيقة ويكون عمر قطب الحقيقة 63 سنة وعشرة أيام. وهو مقام المعشوق. انتهى ما في مرآة الأسرار. 

الرياء

الرياء: ترك الــإخلاص في العمل بملاحظة غير الله أو عمل الخير لإرادة الغير.
الرياء: الفعل المقصود به رؤية الخلق غفلة عن الخالق وعماية عنه، ذكره الحرالي.

وقال الصوفية: ملاحظة الأشكال في الأعمال، وقيل الاستتار برؤية الأغيار، وقل: سهولة الطاعة بمشهد الجماعة، وقيل: سقوط النشاط في الخلاء وزوال المشاق في الملأ. وقال الغزالي: الرياء في طلب المنزلة في قلوب الناس بالعبادة.
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.