Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: أصم

أَرْدِسْتَانُ

أَرْدِسْتَانُ:
بالفتح ثم السكون، وكسر الدال المهملة، وسكون السين المهملة، وتاء مثناة من فوقها، وألف، ونون، قال الإصطخري: أردستان مدينة بين قاشان وأصبهان، بينها وبين أصبهان ثمانية عشر فرسخا، وهي على فرسخين من أزوارة، وهي على طرف مفازة كركسكوه، وبناؤها آزاج، ولها دور وبساتين نزهات كبار، وهي مدينة عليها سور، ولها حصن في كل محلّة، وفي وسط حصن منها بيت نار، يقال إنّ أنوشروان ولد بها، وبها أبنية من بناء أنوشروان بن قباذ، وأهلها كلّهم أصحاب الرأي، ولهم رساتيق كثيرة كبار، وترفع منها الثياب الحسنة تحمل إلى الآفاق، وينسب إليها طائفة كثيرة من أهل العلم في كلّ فنّ، منهم القاضي أبو طاهر زيد بن عبد الوهّاب بن محمد الأردستاني الأديب الشاعر، قدم نيسابور وسمع من أصحاب الــأصمّ، روى عنه عبد الغافر الفارسي، وذكره في صلة تاريخ نيسابور. وأبو جعفر محمد بن ابراهيم بن داود ابن سليمان الأردستاني الأديب، حدث عن محمد ابن عبيد النهرديري وغيره، وكتب عنه أحمد بن محمد الجرّاد بأصبهان، ومات في ذي القعدة سنة 415. وأبو محمد عبد الله بن يوسف بن أحمد بن بابويه الأردستاني نزيل نيسابور، توفي سنة 409.

آلِسٌ

آلِسٌ:
بكسر اللام: اسم نهر في بلاد الروم، وآلس هو نهر سلوقية قريب من البحر، بينه وبين طرسوس مسيرة يوم، وعليه كان الفداء بين المسلمين والروم.
وذكره في الغزوات في أيام المعتصم كثير، وغزاه سيف الدولة أبو الحسن عليّ بن عبد الله بن حمدان، قال أبو فراس يخاطب سيف الدولة، كتبها إليه من القسطنطينية:
وما كنت أخشى أن أبيت، وبيننا ... خليجان والدّرب الــأصمّ وآلس
وقال أبو الطيّب يمدح سيف الدولة:
يذري اللّقان غبارا في مناخرها، ... وفي حناجرها من آلس جرع
كأنما تتلقّاهم لتسلكهم، ... فالطّعن يفتح في الأجواف ما تسع
وهذا من إفراطات أبي الطيب الخارجة إلى المحال، فإنه يقول: إن هذه الخيل شربت من ماء آلس ووصلت إلى اللّقان، وبينهما مسافة بعيدة، فدخل غبار اللّقان في مناخرها قبل أن يصل ماء آلس في أجوافها. ويقول في البيت الثاني إن الطّعن يفتح في الفرسان طريقا بقدر ما يسع الخيل، فيسلكونه فيكون مسيرهم إلى مواضع طعناتهم. وقال أبو تمام يمدح أبا سعيد الثّغري:
فإن يك نصرانيّا نهر آلس، ... فقد وجدوا وادي عقرقس مسلما

جزء من روى هو وولده وولد ولده

جزء من روى هو وولده وولد ولده
لابن مندة: محمد بن إسحاق بن محمد بن يحيى العبدي، الأصبهاني.
المتوفى: سنة 395، خمس وتسعين وثلاثمائة.
قلت: قال ابن شهبة في تاريخه، قال عبد الرحمن بن مندة، كتب أبي عوانة عن أربعة من شيوخه أربعة آلاف حديث عن ابن الأعرابي بمكة.
وعن خيثمة بطرابلس، وعن الــأصم بنيسابور، وعن الهيثم بن كليب ببخارى، عن كل منهم ألف حديث. انتهى.

وجبرينُ قُوْرَسْطايَا

وجبرينُ قُوْرَسْطايَا:
بضم القاف، وسكون الواو، وفتح الراء، وسكون السين المهملة، وطاء مهملة، وألف، وياء، وألف: من قرى حلب من ناحية عزاز، ويعرف أيضا بجبرين الشمالي وينسبون إليها جبراني على غير قياس منها التاج أبو القاسم أحمد ابن هبة الله بن سعد الله وسعيد بن سعد الله بن مقلد ابن أحمد بن هبة الله بن سعد الله وسعيد بن سعيد ابن صالح بن مقلد بن عامر بن عليّ بن يحيى بن أبي جعفر أحمد بن أبي عبيد أخي أبي عبادة الوليد بن عبيد البحتري الشاعر، أصلهم من جردفنة الجبراني النحوي المقري، فاضل إمام شاعر، له حلقة في جامع حلب يقرئ بها العلم والقرآن، وله ثروة ترجع إلى تناية واسعة، وسألته عن مولده فقال: في سنة 561، وقرأ النحو على أبي السخاء فتيان الحلبي وأبي الرجاء محمد بن حرب، وقرأ القرآن على الدّقاق
المغربي وأنشدني لنفسه:
ملك، إذا ما السلم شتّت ماله، ... جمع الهياج عليه ما قد فرّقا
وأكفّه تكف الندى، فبنانه ... لولا مس الصخر الــأصمّ لأورقا
وجبرين أيضا: قرية بين دمشق وبعلبك.

جُنَابِذُ

جُنَابِذُ:
بالضم، وبعد الألف باء موحدة مكسورة، وذال معجمة: ناحية من نواحي نيسابور، وأكثر الناس يقولون إنها من نواحي قهستان من أعمال نيسابور، وهي كورة يقال لها كنابذ، وقيل هي قرية ينسب إليها خلق من أهل العلم، منهم: أبو يعقوب إسحاق ابن محمد بن عبد الله الجنابذي النيسابوري، سمع محمد ابن يحيى الذهلي وأبا الأزهر وغيرهما، مات سنة 316، روى عنه الحسين بن علي وعبد الغفار بن محمد ابن الحسين بن علي بن شيرويه بن علي بن الحسين الشيروي الجنابذي أبو بكر النيسابوري، شيخ معمّر صالح ثقة نبيل عفيف، كان تاجرا يحمل بضائع الناس ويرتزق عليها الأرباح إلى أن عجز فلزم بيته واشتغل برواية الحديث، وخرجت له الفوائد وبورك له حتى روى الحديث أربعين سنة، وسمع منه العلم، وألحق الأحفاد بالأجداد في الإسناد الــأصم، ولم ير على جزء من أجزاء المشايخ والمستمعين ما كان على أجزائه من الطباق، ومتع بسمعه وبصره وعقله إلى آخر عمره، وإن كان بصره ضعف، سمع بنيسابور أباه أبا الحسن والقاضي أبا بكر محمد بن الحسن الخيري وأبا سعد محمد بن موسى بن الفضل بن شاذان الصيرفي وأبا عبد الله محمد بن إبراهيم بن محمد بن يحيى المزكّي وأبا منصور عبد القاهر بن طاهر البغدادي وغيرهم، وسمع بأصبهان أبا بكر بن زبدة وغيره، وسمع منه جماعة من الشيوخ ماتوا قبله، ولادته سنة 414، ومات في ذي الحجة سنة 510 وشيخنا عبد العزيز بن المبارك بن محمود الجنابذي الأصل البغدادي المولد والدار، يكنى أبا محمد بن أبي نصر بن أبي القاسم ويعرف بابن الأخضر، يسكن درب القيّار من محالّ نهر المعلّى في شرقي بغداد، سمع الكثير في صغره بإفادة أبيه وعليّ بن بكتاش وأكثر حتى لم يكن في أقرانه أوفر همة منه ولا أكثر طلبا، وصحب أبا الفضل بن ناصر ولازمه حتى مات، وكان أول سماعه بسنة 530، ولم يكن لأحد من شيوخ بغداد الذين أدركناهم أكثر من سماعه مع ثقة وأمانة وصدق ومعرفة تامة، وكان حسن الأخلاق مزّاحا له نوادر حلوة، وصنف مصنفات كثيرة في علم الحديث مفيدة.
وكان متعصبا لمذهب أحمد بن حنبل، سمعت عليه وأجاز لي ونعم الشيخ، رحمه الله، مات في سادس شوّال سنة 611، ودفن بباب حرب عن سبع وثمانين سنة، مولده سنة 524.

سَكّاء

سَكّاء:
بفتح أوّله، وتشديد ثانيه، والمدّ، وهو في الأصل مؤنّث الأسكّ: وهو الــأصمّ، وامرأة سكّاء وشاة سكّاء: لا أذن لها، وسكّاء بهذا اللفظ: اسم قرية بينها وبين دمشق أربعة أميال في الغوطة، قال الراعي يصف إبلا له:
فلا ردّها ربي إلى مرج راهط، ... ولا برحت تمشي بسكّاء في وحل
وقد قصره حسان بن ثابت في قوله:
لمن الدّار أقفرت بمعان، ... بين شاطي اليرموك فالخمّان
فالقريّات من بلاس فداريّا ... فسكّاء فالقصور الدّواني
فقفا جاسم فأودية الصّفّ ... ر مغنى قبائل وهجان
ذاك مغنى من آل جفنة في الده ... ر، وحقّ تعاقب الأزمان
ثكلت أمّهم وقد ثكلتهم ... يوم حلّوا بحارث الجولان

النُّخَيْلَةُ

النُّخَيْلَةُ:
تصغير نخلة: موضع قرب الكوفة على سمت الشام وهو الموضع الذي خرج إليه عليّ، رضي الله عنه، لما بلغه ما فعل بالأنبار من قتل عامله عليها وخطب خطبة مشهورة ذمّ فيها أهل الكوفة وقال: اللهم إني لقد مللتهم وملّوني فأرحني منهم! فقتل بعد ذلك بأيام، وبه قتلت الخوارج لما ورد معاوية إلى الكوفة، وقد ذكرت قصته في الجوسق الخرب، فقال قيس ابن الــأصم الضبيّ يرثي الخوارج:
إني أدين بما دان الشُّراة به ... يوم النخيلة عند الجوسق الخرب
وقال عبيد بن هلال الشيباني يرثي أخاه محرزا وكان قد قتل مع قطري بنيسابور:
إذا ذكرت نفسي مع الليل محرزا ... تأوّهت من حزن عليه إلى الفجر
سرى محرز والله أكرم محرزا ... بمنزل أصحاب النخيلة والنهر
والنّخيلة أيضا: ماء عن يمين الطريق قرب المغيثة والعقبة على سبعة أميال من جويّ غربيّ واقصة، بينها وبين الحفير ثلاثة أميال، وقال عروة بن زيد الخيل يوم النخيلة من أيام القادسية:
برزت لأهل القادسية معلما، ... وما كل من يغشى الكريهة يعلم
ويوما بأكناف النخيلة قبله ... شهدت فلم أبرح أدمّى وأكلم
وأقعصت منهم فارسا بعد فارس، ... وما كلّ من يلقى الفوارس يسلم
ونجّاني الله الأجلّ وجرأتي، ... وسيف لأطراف المرازب مخذم
وأيقنت يوم الدّيلميّين أنني ... متى ينصرف وجهي إلى القوم يهزموا
فما رمت حتى مزّقوا برماحهم قبائي وحتى بلّ أخمصي الدّم محافظة، إني امرؤ ذو حفيظة، إذا لم أجد مستأخرا أتقدّم

قصر عِيسَى

قصر عِيسَى:
هو منسوب إلى عيسى بن علي بن عبد الله ابن عباس، وهو أول قصر بناه الهاشميون في أيام المنصور ببغداد وكان على شاطئ نهر الرّفيل عند مصبه في دجلة، وهو اليوم في وسط العمارة من الجانب الغربي وليس للقصر أثر الآن إنما هناك محلة كبيرة ذات سوق تسمى قصر عيسى، وقد روي أن المنصور زار عيسى بن علي ومعه أربعة آلاف رجل فتغدّى عنده وجميع خاصته ودفع إلى كل رجل من الجند زنبيل فيه خبز وربع جدي ودجاجة وفرخان وبيض ولحم بارد وحلاوي فانصرفوا كلهم مسمّطين ذلك، فلما أراد المنصور أن ينصرف قال لعيسى: يا أبا العباس لي حاجة، قال: ما هي يا أمير المؤمنين فأمرك طاعة؟ قال: تهب لي هذا القصر، قال: ما بي ضنّ عنك به ولكنّي أكره أن يقول الناس إن أمير المؤمنين زار عمه فأخرجه من قصره وشرّده وشرّد عياله، وبعد فإن فيه من حرم أمير المؤمنين ومواليه أربعة آلاف نفس فإن لم يكن بدّ من أخذه فليأمر لي أمير المؤمنين بفضاء يسعني ويسعهم أضرب فيه مضارب وخيما أنقلهم إليها إلى أن أبني لهم ما يواريهم، فقال له المنصور: عمرّ الله بك منزلك يا عم وبارك لك فيه! ثم نهض وانصرف، وإلى عيسى هذا ينسب نهر عيسى الذي ببغداد، وقصر عيسى أيضا: بالبصرة بالخريبة، قال الــأصمــعي: قال لي الفضل بن الربيع: يا أصمــعي من أشعر أهل زمانك؟
قلت: أبو نواس حيث يقول:
أما ترى الشمس حلّت الحملا ... وطاب وزن الزمان واعتدلا؟
فقال: والله إنه لشاعر فطن ذهن ولكن أشعر منه الذي يقول في قصر عيسى بن جعفر بن سليمان بن علي بن عبد الله بالخريبة:
يا وادي القصر نعم القصر والوادي ... من منزل حاضر إن شئت أو بادي
ترى قراقيره والعيس واقفة ... والضبّ والنون والملّاح والحادي
يعني ابن أبي عيينة المهلّبي.

فُورْجِرْد

فُورْجِرْد:
من قرى همذان، قال أبو شجاع:
شيرويه محمد بن الحسين بن أحمد بن إبراهيم بن دينار السعيدي الصوفي أبو جعفر ويعرف بالقاضي، روى من أهل همذان عن عبد الرحمن الإمام وأحمد ابن الحسين الإمام وذكر جماعة وافرة ومن الغرباء عن أبي نصر محمد بن علي الخطيب الزنجاني وذكر جماعة أخرى وافرة، وسمعت منه بهمذان وفورجرد، وكان ثقة صدوقا، كنت إذا دخلت بيته بفورجرد ضاق قلبي لما رأيت من سوء حاله، وكان أصم، توفي بفورجرد في الحادي والعشرين من جمادى الأولى سنة 472 وقبره بها، وسألته عن مولده فقال ولدت سنة 380.

فُلَيْجٌ

فُلَيْجٌ:
تصغير فلج أو فلج، وقد تقدّما: موضع قريب من الأحفار لبني مازن، وقال نصر: فليج واد يصب في فلج بين البصرة وضرية، وغيران فليج: من العيون التي يجتمع فيها فيوض أودية المدينة وهي العقيق وقناة بطحان، قال هلال بن الأشعر المازني:
أقول وقد جاوزت نعمى وناقتي ... تحنّ إلى جنبي فليج مع الفجر:
سقى الله يا ناق البلاد التي بها ... هواك وإن عنّا نأت سبل القطر
وقال مسعر بن ناشب المازني من مازن بن عمرو ابن تميم:
تغيرت المعارف من فليج ... إلى وقباه بعد بني عياض
هم جيل تليذ به الأعادي، ... وناب لا تفلّ من العضاض
كأن الدهر من أسف سليم ... أصمّ حين يسؤر وهو قاضي

عَالِجٌ

عَالِجٌ:
باللام المكسورة، والجيم، قال ابن السكيت:
إذا أكل البعير العلجان، وهو نبت، قيل: بعير عالج، وهو شجر يشبه العلندى وأغصانها صلبة،
الواحدة علجانة، فيجوز أن يكون هذا الموضع سمّي بذلك تشبيها له بالبعير العالج أو يكون لصلوبته يعالج المشي فيه أي يمارس: وهو رملة بالبادية مسماة بهذا الاسم، قال أبو عبيد الله السكوني:
عالج رمال بين فيد والقريات ينزلها بنو بحتر من طيّء وهي متصلة بالثعلبية على طريق مكة لا ماء بها ولا يقدر أحد عليهم فيه، وهو مسيرة أربع ليال، وفيه برك إذا سالت الأودية امتلأت، وذهب بعضهم إلى أن رمل عالج هو متصل بوبار، قال عبيد بن أيوب اللّص:
أنظر فرنّق جزاك الله صالحة ... رأد الضحى اليوم هل ترتاد أظعانا
يعلون من عالج رملا ويعسفه ... أخو رمال بها قد طال ما كانا
إذا حبا عقد نكّبن أصعبه، ... واجتبن منه جماهيرا وغيطانا
وقال أعرابيّ:
ألا يا بغاث الوحش هيّجت ساكنا ... من الوجد في قلبي، أصمّــك صائد
رميت سليم القلب بالحزن في الحشا، ... وما قلب من أشجيت بالموت طارد
أفي كلّ نجد من تلاد وعابر ... بغام مهاة الوحش للقلب قاصد؟
أتيحت لنا من كل منعرج اللّوى ... ومنتابها يوم العذيبين ناهد
يراشق أكباد المحبين باللّوى ... من الوحش مرتاب المذانب فارد
فيا راشقات العين من رمل عالج ... متى منكم سرب إلى الماء وارد؟
فما القلب من ذكرى أميمة نازع، ... ولا الدمع مما أضمر القلب جامد

السِّنْدُ

السِّنْدُ:
بكسر أوّله، وسكون ثانيه، وآخره دال مهملة: بلاد بين بلاد الهند وكرمان وسجستان، قالوا: السند والهند كانا أخوين من ولد بوقير بن يقطن بن حام بن نوح، يقال للواحد من أهلها سنديّ والجمع سند مثل زنجيّ وزنج، وبعض يجعل مكران منها ويقول: هي خمس كور، فأوّلها من قبل كرمان مكران ثمّ طوران ثمّ السند ثمّ الهند ثمّ الملتان. وقصبة السند: مدينة يقال لها المنصورة، ومن مدنها ديبل، وهي على ضفة بحر الهند والتيز، وهي أيضا على ساحل البحر فتحت في أيّام الحجاج بن يوسف، ومذهب أهلها الغالب عليها مذهب أبي حنيفة، ولهم فقيه يكنّى بأبي العبّاس داوديّ المذهب له تصانيف في مذهبه وكان قاضي المنصورة ومن أهلها، وإلى السند ينسب أبو معشر نجيح السندي مولى المهدي صاحب المغازي، سمع نافعا ونفرا من التابعين، قال أبو نعيم: كان أبو معشر سنديّا وكان ألكن وكان يقول: حدثنا محمد بن قعب يريد كعب، وفتح بن عبد الله السندي أبو نصر الفقيه المتكلّم مولى لآل الحسن بن الحكم ثمّ عتق وقرأ الفقه والكلام على أبي عليّ الثقفي، وقال عبد الله بن سويد وهو ابن عم رمتة أحد بني شقرة بن الحارث بن تميم:
ألا هل إلى الفتيان بالسّند مقدمي ... على بطل قد هزّه القوم ملجم
فلمّا دنا للزّجر أوزعت نحوه ... بسيف ذباب ضربة المتلوّم
شددت له كفّي وأيقنت أنّني ... على شرف المهواة إن لم أصمّــم
والسند أيضا: ناحية من أعمال طلبيرة من الأندلس.
والسند أيضا: مدينة في إقليم فرّيش بالأندلس.
والسند أيضا: قرية من قرى بلدة نسا من بلاد خراسان قريب من بلدة أبيورد.

سَذَوَّر

سَذَوَّر:
موضع بقومس التجأ إليه الخوارج وأميرهم عبيدة بن هلال بعد مهلك قطريّ بن الفجاءة بطبرستان فحصرهم فيه سفيان بن الأبرد مدة حتى قتلهم وحمل رؤوسهم إلى الحجّاج، فقال قيس بن الــأصمّ يرثيهم:
ذكرت السّراة الصالحين وقد فنوا، ... وذكّرني أهل القران السّذوّر
بقومس فارفضّت من العين عبرة ... يجود بها ريعانها المتحدّر
فقلت لأصحابي: قفوا، حين أشرفوا ... قليلا لكي نبكي وقوفا وننظر
إلى بلد الشارين أضحت عظامهم ... تضمّنها من أرض قومس أقصر

جُنْدَفَرْج

جُنْدَفَرْج:
بالضم ثم السكون، وفتح الدال المهملة والفاء، وسكون الراء، وجيم، والعجم يقولون بندفرك: قرية من قرى نيسابور على فرسخ منها ينسب إليها أبو سعيد محمد بن شاذان الــأصمّ الجندفرجي النيسابوري الزاهد، سمع بخراسان والعراق والحجاز، روى عن قتيبة بن سعيد ومحمد ابن بشار وغيرهما، توفي سنة 286.

الزَّابُ

الزَّابُ:
بعد الألف باء موحدة، إن جعلناه عربيّا أو حكمنا عليه بحكمه، فقد قال ابن الأعرابي: زاب الشيء إذا جرى، وقال سلمة: زاب يزوب إذا انسلّ هربا، والذي يعتمد عليه أنّ زاب ملك من قدماء ملوك الفرس، وهو زاب بن توركان بن منوشهر ابن إيرج بن أفريدون حفر عدّة أنهر بالعراق فسمّيت باسمه، وربما قيل لكل واحد زابي، والتثنية زابيان، قال أبو تمّام وكتب بها من الموصل إلى الحسن بن وهب:
قد أثقب الحسن بن وهب للندى ... نارا جلت إنسان عين المجتلي
ما أنت حين تعدّ نارا مثلها ... إلّا كتالي سورة لم تنزل
قطعت إليّ الزّابيين هباته ... والتاث مأمول السّحاب المسبل
ولقد سمعت فهل سمعت بموطن ... أرض العراق يضيف من بالموصل
وقال الأخطل وهو بزاذان:
أتاني، ودوني الزّابيان كلاهما ... ودجلة، أنباء أمرّ من الصّبر
أتاني بأن ابني نزار تناجيا، ... وتغلب أولى بالوفاء وبالعذر
وإذا جمعت قيل لها الزوابي: وهي الزاب الأعلى بين الموصل وإربل ومخرجه من بلاد مشتكهر، وهو حد ما بين أذربيجان وبابغيش، وهو ما بين قطينا والموصل من عين في رأس جبل ينحدر إلى واد، وهو شديد الحمرة ويجري في جبال وأودية وحزونة وكلّما جرى صفا قليلا حتى يصير في ضيعة كانت لزيد ابن عمران أخي خالد بن عمران الموصلي، بينها وبين مدينة الموصل مرحلتان وتعرف بباشزّا، وليست التي في طريق نصيبين، فإذا وصل إليها صفا جدّا، ثمّ يقلب في أرض حفيتون من أرض الموصل حتى يخرج في كورة المرج من كور الموصل ثمّ يمتد حتى يفيض في دجلة على فرسخ من الحديثة، وهذا هو
المسمّى بالزاب المجنون لشدّة جريه، وأمّا الزاب الأسفل فمخرجه من جبال السّلق سلق أحمد بن روح بن معاوية من بني أود ما بين شهرزور وأذربيجان ثمّ يمرّ إلى ما بين دقوقا وإربل، وبينه وبين الزاب الأعلى مسيرة يومين أو ثلاثة ثمّ يمتدّ حتى يفيض في دجلة عند السنّ، وعلى هذا الزاب كان مقتل عبيد الله بن زياد ابن أبيه، فقال يزيد بن مفرغ يهجوه:
أقول لمّا أتاني ثمّ مصرعه ... لابن الخبيثة وابن الكودن النابي:
ما شقّ جيب ولا ناحتك نائحة، ... ولا بكتك جياد عند أسلاب
إنّ الذي عاش ختّارا بذمّته ... ومات عبدا قتيل الله بالزّاب
العبد للعبد لا أصل ولا ورق ... ألوت به ذات أظفار وأنياب
إنّ المنايا إذا حاولن طاغية ... ولجن من دون أستار وأبواب
وبين بغداد وواسط زابان آخران أيضا ويسميان الزاب الأعلى والزاب الأسفل، أمّا الأعلى فهو عند قوسين وأظن مأخذه من الفرات ويصبّ عند زرفامية وقصبة كورته النعمانية على دجلة، وأمّا الزاب الأسفل من هذين فقصبته نهر سابس قرب مدينة واسط، وزاب النعمانية أراد الحيص بيص أبو الفوارس الشاعر بقوله:
أجأ وسلمى أم بلاد الزّاب، ... وأبو المظفّر أم غضنفر غاب؟
وعلى كلّ واحد من هذه الزوابي عدّة قرى وبلاد، وإلى أحد هذين نسب موسى الزابي له أحاديث في القراءات، قال السلفي: سمعت الــأصمّ المنورقي يقول:
الزاب الكبير منه بسكرة وتوزر وقسنطينية وطولقة وقفصة ونفزاوة ونفطة وبادس، قال:
وبقرب فاس على البحر مدينة يقال لها بادس، قال:
والزاب أيضا كورة صغيرة يقال لها ريغ، كلمة بربريّة معناها السبخة، فمن كان منها يقال له الريغي. والزاب أيضا: كورة عظيمة ونهر جرّار بأرض المغرب على البرّ الأعظم عليه بلاد واسعة وقرى متواطئة بين تلمسان وسجلماسة والنهر متسلط عليها، وقد خرج منها جماعة من أهل الفضل، وقيل: إن زرعها يحصد في السنة مرّتين، ينسب إليها محمد بن الحسن التميمي الزابي الطّبني كان في أيّام الحكم المستنصر، وقال مجاهد بن هانئ المغربي يمدح جعفر بن علي صاحب الزاب:
ألا أيّها الوادي المقدس بالنّدى ... وأهل الندى، قلبي إليك مشوق
ويا أيّها القصر المنيف قبابه ... على الزّاب لا يسدد إليك طريق
ويا ملك الزّاب الرفيع عماده، ... بقيت لجمع المجد وهو نزيق
على ملك الزّاب السّلام مردّدا، ... وريحان مسك بالسّلام فتيق
ويوم الزاب: بين مروان الحمار بن محمد وبني العباس كان على الزاب الأعلى بين الموصل وإربل.

الرَّيّ

الرَّيّ:
بفتح أوّله، وتشديد ثانيه، فإن كان عربيّا فأصله من رويت على الراوية أروي ريّا فأنا راو إذا شددت عليها الرّواء، قال أبو منصور:
أنشدني أعرابي وهو يعاكمني:
ريّا تميميّا على المزايد
وحكى الجوهري: رويت من الماء، بالكسر، أروى ريّا وريّا وروى مثل رضى: وهي مدينة مشهورة من أمّهات البلاد وأعلام المدن كثيرة الفواكه والخيرات، وهي محطّ الحاجّ على طريق السابلة وقصبة بلاد الجبال، بينها وبين نيسابور مائة وستون فرسخا وإلى قزوين سبعة وعشرون فرسخا ومن قزوين إلى أبهر اثنا عشر فرسخا ومن أبهر إلى زنجان خمسة عشر فرسخا، قال بطليموس في كتاب الملحمة: مدينة الريّ طولها خمس وثمانون درجة، وعرضها سبع وثلاثون درجة وست وثلاثون دقيقة، وارتفاعها سبع وسبعون تحت ثماني عشرة درجة من السرطان خارجة من الإقليم الرابع داخلة في الإقليم الخامس، يقابلها مثلها من الجدي في قسمة النسر الطائر ولها شركة في الشعرى والغميصاء رأس الغول من قسمة سعد بلع، ووجدت في بعض تواريخ الفرس أن كيكاوس كان قد عمل عجلة وركّب عليها آلات ليصعد إلى السماء فسخر الله الريح حتى علت به إلى السحاب ثمّ ألقته فوقع في بحر جرجان، فلمّا قام كيخسرو بن سياوش بالملك حمل تلك العجلة وساقها ليقدم بها إلى بابل، فلمّا وصل إلى موضع الريّ قال الناس: بريّ آمد كيخسرو، واسم العجلة بالفارسيّة ريّ، وأمر بعمارة مدينة هناك فسميت الريّ بذلك، قال العمراني: الرّي بلد بناه فيروز ابن يزدجرد وسمّاه رام فيروز، ثمّ ذكر الرّي المشهورة بعدها وجعلهما بلدتين، ولا أعرف الأخرى، فأمّا الرّي المشهورة فإنّي رأيتها، وهي مدينة عجيبة الحسن مبنية بالآجر المنمق المحكم الملمع بالزرقة
مدهون كما تدهن الغضائر في فضاء من الأرض، وإلى جانبها جبل مشرف عليها أقرع لا ينبت فيه شيء، وكانت مدينة عظيمة خرب أكثرها، واتفق أنّني اجتزت في خرابها في سنة 617 وأنا منهزم من التتر فرأيت حيطان خرابها قائمة ومنابرها باقية وتزاويق الحيطان بحالها لقرب عهدها بالخراب إلّا أنّها خاوية على عروشها، فسألت رجلا من عقلائها عن السبب في ذلك فقال: أمّا السبب فضعيف ولكن الله إذا أراد أمرا بلغه، كان أهل المدينة ثلاث طوائف: شافعية وهم الأقل، وحنفية وهم الأكثر، وشيعة وهم السواد الأعظم، لأن أهل البلد كان نصفهم شيعة وأما أهل الرستاق فليس فيهم إلّا شيعة وقليل من الحنفيين ولم يكن فيهم من الشافعيّة أحد، فوقعت العصبيّة بين السنّة والشيعة فتضافر عليهم الحنفية والشافعيّة وتطاولت بينهم الحروب حتى لم يتركوا من الشيعة من يعرف، فلمّا أفنوهم وقعت العصبيّة بين الحنفية والشافعيّة ووقعت بينهم حروب كان الظفر في جميعها للشافعيّة هذا مع قلّة عدد الشافعيّة إلّا أن الله نصرهم عليهم، وكان أهل الرستاق، وهم حنفية، يجيئون إلى البلد بالسلاح الشاك ويساعدون أهل نحلتهم فلم يغنهم ذلك شيئا حتى أفنوهم، فهذه المحالّ الخراب التي ترى هي محالّ الشيعة والحنفية، وبقيت هذه المحلة المعروفة بالشافعية وهي أصغر محالّ الرّيّ ولم يبق من الشيعة والحنفية إلّا من يخفي مذهبه، ووجدت دورهم كلها مبنية تحت الأرض ودروبهم التي يسلك بها إلى دورهم على غاية الظلمة وصعوبة المسلك، فعلوا ذلك لكثرة ما يطرقهم من العساكر بالغارات ولولا ذلك لما بقي فيها أحد، وقال الشاعر يهجو أهلها:
الرّيّ دار فارغه ... لها ظلال سابغة
على تيوس ما لهم ... في المكرمات بازغه
لا ينفق الشّعر بها ... ولو أتاها النّابغه
وقال إسماعيل الشاشي يذمّ أهل الرّيّ:
تنكّب حدّة الأحد ... ولا تركن إلى أحد
فما بالرّيّ من أحد ... يؤهل لاسم الأحد
وقد حكى الاصطخري أنّها كانت أكبر من أصبهان لأنّه قال: وليس بالجبال بعد الريّ أكبر من أصبهان، ثمّ قال: والرّيّ مدينة ليس بعد بغداد في المشرق أعمر منها وإن كانت نيسابور أكبر عوصة منها، وأمّا اشتباك البناء واليسار والخصب والعمارة فهي أعمر، وهي مدينة مقدارها فرسخ ونصف في مثله، والغالب على بنائها الخشب والطين، قال: وللرّيّ قرى كبار كلّ واحدة أكبر من مدينة، وعدّد منها قوهذ والسّدّ ومرجبى وغير ذلك من القرى التي بلغني أنها تخرج من أهلها ما يزيد على عشرة آلاف رجل، قال: ومن رساتيقها المشهورة قصران الداخل والخارج وبهزان والسن وبشاويه ودنباوند، وقال ابن الكلبي: سميت الريّ بريّ رجل من بني شيلان ابن أصبهان بن فلوج، قال: وكان في المدينة بستان فخرجت بنت ريّ يوما إليه فإذا هي بدرّاجة تأكل تينا، فقالت: بور انجير يعني أن الدّرّاجة تأكل تينا، فاسم المدينة في القديم بورانجير ويغيره أهل الرّيّ فيقولون بهورند، وقال لوط بن يحيى:
كتب عمر بن الخطّاب، رضي الله عنه، إلى عمار بن ياسر وهو عامله على الكوفة بعد شهرين من فتح
نهاوند يأمره أن يبعث عروة بن زيد الخيل الطائي إلى الرّيّ ودستبى في ثمانية آلاف، ففعل وسار عروة لذلك فجمعت له الديلم وأمدوا أهل الرّيّ وقاتلوه فأظهره الله عليهم فقتلهم واستباحهم، وذلك في سنة 20 وقيل في سنة 19، وقال أبو نجيد وكان مع المسلمين في هذه الوقائع:
دعانا إلى جرجان والرّيّ دونها ... سواد فأرضت من بها من عشائر
رضينا بريف الرّيّ والرّيّ بلدة ... لها زينة في عيشها المتواتر
لها نشز في كلّ آخر ليلة ... تذكّر أعراس الملوك الأكابر
قال جعفر بن محمد الرازي: لما قدم المهديّ الرّيّ في خلافة المنصور بنى مدينة الرّيّ التي بها الناس اليوم وجعل حولها خندقا وبنى فيها مسجدا جامعا، وجرى ذلك على يد عمار بن أبي الخصيب، وكتب اسمه على حائطها، وتمّ عملها سنة 158، وجعل لها فصيلا يطيف به فارقين آجر، والفارقين: الخندق، وسمّاها المحمديّة، فأهل الرّيّ يدعون المدينة الداخلة المدينة ويسمون الفصيل المدينة الخارجة والحصن المعروف بالزينبدى في داخل المدينة المعروفة بالمحمدية، وقد كان المهدي أمر بمرمّته ونزله أيّام مقامه بالرّيّ، وهو مطلّ على المسجد الجامع ودار الإمارة، ويقال: الذي تولّى مرمّته وإصلاحه ميسرة التغلبي أحد وجوه قواد المهدي، ثمّ جعل بعد ذلك سجنا ثمّ خرب فعمره رافع بن هرثمة في سنة 278 ثمّ خرّبه أهل الرّيّ بعد خروج رافع عنها، قال:
وكانت الرّيّ تدعى في الجاهليّة أزارى فيقال إنّه خسف بها، وهي على اثني عشر فرسخا من موضع الرّيّ اليوم على طريق الخوار بين المحمدية وهاشمية الرّيّ، وفيها أبنية قائمة تدل على أنّها كانت مدينة عظيمة، وهناك أيضا خراب في رستاق من رساتيق الرّيّ يقال له البهزان، بينه وبين الرّيّ ستة فراسخ يقال إن الرّيّ كانت هناك، والناس يمضون إلى هناك فيجدون قطع الذهب وربّما وجدوا لؤلؤا وفصوص ياقوت وغير ذلك من هذا النوع، وبالرّيّ قلعة الفرّخان، تذكر في موضعها، ولم تزل قطيعة الرّيّ اثني عشر ألف ألف درهم حتى اجتاز بها المأمون عند منصرفه من خراسان يريد مدينة السلام فلقيه أهلها وشكوا إليه أمرهم وغلظ قطيعتهم فأسقط عنهم منها ألفي ألف درهم وأسجل بذلك لأهلها، وحكى ابن الفقيه عن بعض العلماء قال: في التوراة مكتوب الرّيّ باب من أبواب الأرض وإليها متجر الخلق، وقال الــأصمــعي: الرّيّ عروس الدنيا وإليه متجر الناس، وهو أحد بلدان الأرض، وكان عبيد الله ابن زياد قد جعل لعمر بن سعد بن أبي وقاص ولاية الرّيّ إن خرج على الجيش الذي توجّه لقتال الحسين ابن عليّ، رضي الله عنه، فأقبل يميل بين الخروج وولاية الرّيّ والقعود، وقال:
أأترك ملك الرّيّ والرّيّ رغبة، ... أم ارجع مذموما بقتل حسين
وفي قتله النار التي ليس دونها ... حجاب وملك الرّيّ قرّة عين
فغلبه حبّ الدنيا والرياسة حتى خرج فكان من قتل الحسين، رضي الله عنه، ما كان. وروي عن جعفر الصادق، رضي الله عنه، أنّه قال: الرّيّ وقزوين وساوة ملعونات مشؤومات، وقال إسحاق بن سليمان: ما رأيت بلدا أرفع للخسيس من الرّيّ،
وفي أخبارهم: الريّ ملعونة وتربتها تربة ملعونة ديلمية وهي على بحر عجاج تأبى أن تقبل الحق، والرّيّ سبعة عشر رستاقا منها دنباوند وويمة وشلمبة، حدث أبو عبد الله بن خالويه عن نفطويه قال: قال رجل من بني ضبّة وقال المدائني:
فرض لأعرابي من جديلة فضرب عليه البعث إلى الري وكانوا في حرب وحصار، فلمّا طال المقام واشتدّ الحصار قال الأعرابي: ما كان أغناني عن هذا! وأنشأ يقول:
لعمري لجوّ من جواء سويقة ... أسافله ميث وأعلاه أجرع
به العفر والظّلمان والعين ترتعي ... وأمّ رئال والظّليم الهجنّع
وأسفع ذو رمحين يضحي كأنّه ... إذا ما علا نشزا، حصان مبرقع
أحبّ إلينا أن نجاور أهلنا ... ويصبح منّا وهو مرأى ومسمع
من الجوسق الملعون بالرّيّ كلّما ... رأيت به داعي المنيّة يلمع
يقولون: صبرا واحتسب! قلت: طالما ... صبرت ولكن لا أرى الصبر ينفع
فليت عطائي كان قسّم بينهم ... وظلّت بي الوجناء بالدّوّ تضبع
كأنّ يديها حين جدّ نجاؤها ... يدا سابح في غمرة يتبوّع
أأجعل نفسي وزن علج كأنّما ... يموت به كلب إذا مات أجمع؟
والجوسق الملعون الذي ذكره ههنا هو قلعة الفرّخان، وحدث أبو المحلّم عوف بن المحلم الشيباني قال: كانت لي وفادة على عبد الله بن طاهر إلى خراسان فصادفته يريد المسير إلى الحجّ فعادلته في العماريّة من مرو إلى الريّ، فلمّا قاربنا الرّيّ سمع عبد الله بن طاهر ورشانا في بعض الأغصان يصيح، فأنشد عبد الله بن طاهر متمثلا بقول أبي كبير الهذلي:
ألا يا حمام الأيك إلفك حاضر، ... وغصنك ميّاد، ففيم تنوح؟
أفق لا تنح من غير شيء، فإنّني ... بكيت زمانا والفؤاد صحيح
ولوعا فشطّت غربة دار زينب، ... فها أنا أبكي والفؤاد جريح
ثمّ قال: يا عوف أجز هذا، فقلت في الحال:
أفي كلّ عام غربة ونزوح؟ ... أما للنّوى من ونية فنريح؟
لقد طلّح البين المشتّ ركائبي، ... فهل أرينّ البين وهو طليح؟
وأرّقني بالرّيّ نوح حمامة، ... فنحت وذو الشجو القديم ينوح
على أنّها ناحت ولم تذر دمعة، ... ونحت وأسراب الدّموع سفوح
وناحت وفرخاها بحيث تراهما، ... ومن دون أفراخي مهامه فيح
عسى جود عبد الله أن يعكس النوى ... فتضحي عصا الأسفار وهي طريح
فإنّ الغنى يدني الفتى من صديقه، ... وعدم الغنى بالمقترين نزوح
فأخرج رأسه من العمارية وقال: يا سائق ألق زمام البعير، فألقاه فوقف ووقف الخارج ثمّ دعا بصاحب
بيت ماله فقال: كم يضمّ ملكنا في هذا الوقت؟
فقال: ستين ألف دينار، فقال: ادفعها إلى عوف، ثمّ قال: يا عوف لقد ألقيت عصا تطوافك فارجع من حيث جئت، قال: فأقبل خاصة عبد الله عليه يلومونه ويقولون أتجيز أيّها الأمير شاعرا في مثل هذا الموضع المنقطع بستين ألف دينار ولم تملك سواها! قال: إليكم عني فإنّي قد استحييت من الكرم أن يسير بي جملي وعوف يقول: عسى جود عبد الله، وفي ملكي شيء لا ينفرد به، ورجع عوف إلى وطنه فسئل عن حاله فقال: رجعت من عند عبد الله بالغنى والراحة من النوى، وقال معن بن زائدة الشيباني:
تمطّى بنيسابور ليلي وربّما ... يرى بجنوب الرّيّ وهو قصير
ليالي إذ كلّ الأحبّة حاضر، ... وما كحضور من تحب سرور
فأصبحت أمّا من أحبّ فنازح ... وأمّا الألى أقليهم فحضور
أراعي نجوم اللّيل حتى كأنّني ... بأيدي عداة سائرين أسير
لعلّ الذي لا يجمع الشمل غيره ... يدير رحى جمع الهوى فتدور
فتسكن أشجان ونلقى أحبّة، ... ويورق غصن للشّباب نضير
ومن أعيان من ينسب إليها أبو بكر محمد بن زكرياء الرازي الحكيم صاحب الكتب المصنفة، مات بالرّيّ بعد منصرفه من بغداد في سنة 311، عن ابن شيراز، ومحمد بن عمر بن هشام أبو بكر الرازي الحافظ المعروف بالقماطري، سمع وروى وجمع، قال أبو بكر الإسماعيلي: حدّثني أبو بكر محمد بن عمير الرازي الحافظ الصدوق بجرجان، وربّما قال الثقة المأمون، سكن مرو ومات بها في سنة نيف وتسعين ومائتين، وعبد الرحمن بن محمد بن إدريس أبو محمد ابن أبي حاتم الرازي أحد الحفّاظ، صنف الجرح والتعديل فأكثر فائدته، رحل في طلب العلم والحديث فسمع بالعراق ومصر ودمشق، فسمع من يونس بن عبد الأعلى ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم والربيع بن سليمان والحسن بن عرفة وأبيه أبي حاتم وأبي زرعة الرازي وعبد الله وصالح ابني أحمد بن حنبل وخلق سواهم، وروى عنه جماعة أخرى كثيرة، وعن أبي عبد الله الحاكم قال: سمعت أبا أحمد محمد بن محمد ابن أحمد بن إسحاق الحاكم الحافظ يقول: كنت بالرّيّ فرأيتهم يوما يقرؤون على محمد بن أبي حاتم كتاب الجرح والتعديل، فلمّا فرغوا قلت لابن عبدويه الورّاق: ما هذه الضحكة؟ أراكم تقرؤون كتاب التاريخ لمحمد بن إسماعيل البخاري عن شيخكم على هذا الوجه وقد نسبتموه إلى أبي زرعة وأبي حاتم! فقال: يا أبا محمد اعلم أن أبا زرعة وأبا حاتم لما حمل إليهما هذا الكتاب قالا هذا علم حسن لا يستغنى عنه ولا يحسن بنا أن نذكره عن غيرنا، فأقعدا أبا محمد عبد الرحمن الرازي حتى سألهما عن رجل معه رجل وزادا فيه ونقصا منه، ونسبه عبد الرحمن الرازي، وقال أحمد بن يعقوب الرازي: سمعت عبد الرحمن ابن أبي حاتم الرازي يقول: كنت مع أبي في الشام في الرحلة فدخلنا مدينة فرأيت رجلا واقفا على الطريق يلعب بحيّة ويقول: من يهب لي درهما حتى أبلع هذه الحيّة؟ فالتفت إليّ أبي وقال: يا بني احفظ دراهمك فمن أجلها تبلع الحيّات! وقال أبو يعلى الخليل بن عبد الرحمن بن أحمد الحافظ القزويني: أخذ عبد الرحمن بن أبي حاتم علم أبيه وعلم أبي زرعة وصنّف
منه التصانيف المشهورة في الفقه والتواريخ واختلاف الصحابة والتابعين وعلماء الأمصار، وكان من الأبدال ولد سنة 240، ومات سنة 327، وقد ذكرته في حنظلة وذكرت من خبره هناك زيادة عمّا ههنا، وإسماعيل بن عليّ بن الحسين بن محمد بن زنجويه أبو سعد الرازي المعروف بالسمّان الحافظ، كان من المكثرين الجوّالين، سمع من نحو أربعة آلاف شيخ، سمع ببغداد أبا طاهر المخلص ومحمد بن بكران بن عمران، روى عنه أبو بكر الخطيب وأبو علي الحداد الأصبهاني وغيرهما، مات في الرابع والعشرين من شعبان سنة 445، وكان معتزليّا، وصنف كتبا كثيرة ولم يتأهّل قط، وكان فيه دين وورع، ومحمد بن عبد الله بن جعفر بن عبد الله بن الجنيد أبو الحسين الرازي والد تمام بن محمد الرازي الحافظان ويعرف في الرّيّ بأبي الرستاقي، سمع ببلده وغيره وأقام بدمشق وصنف، وكان حافظا ثقة مكثرا، مات سنة 347، وابنه تمام بن محمد الحافظ، ولد بدمشق وسمع بها من أبيه ومن خلق كثير وروى عنه خلق، وقال أبو محمد بن الأكفاني: أنبأنا عبد العزيز الكناني قال: توفي شيخنا وأستاذنا تمام الرازي لثلاث خلون من المحرم سنة 414، وكان ثقة مأمونا حافظا لم أر أحفظ منه لحديث الشاميّين، ذكر أن مولده سنة 303، وقال أبو بكر الحداد: ما لقينا مثله في الحفظ والخبر، وقال أبو علي الأهوازي:
كان عالما بالحديث ومعرفة الرجال ما رأيت مثله في معناه، وأبو زرعة أحمد بن الحسين بن علي بن إبراهيم ابن الحكم بن عبد الله الحافظ الرازي، قال الحافظ أبو القاسم: قدم دمشق سنة 347 فسمع بها أبا الحسين محمد بن عبد الله بن جعفر بن الجنيد الرازي والد تمام، وبنيسابور أبا حامد أحمد بن محمد بن يحيى بن بلال وأبا الحسن علي بن أحمد الفارسي ببلخ وأبا عبد الله بن مخلد ببغداد وأبا الفوارس أحمد بن محمد بن الحسين الصابوني بمصر وعمر بن إبراهيم بن الحدّاد بتنّيس وأبا عبد الله المحاملي وأبا العباس الــأصمّ، وحدث بدمشق في تلك السنة فروى عنه تمام وعبد الرحمن بن عمر بن نصر والقاضيان أبو عبد الله الحسين بن محمد الفلّاكي الزّنجاني وأبو القاسم التنوخي وأبو الفضل محمد بن أحمد بن محمد الجارودي الحافظ وحمزة بن يوسف الخرقاني وأبو محمد إبراهيم بن محمد بن عبد الله الزنجاني الهمداني وعبد الغني بن سعيد والحاكم أبو عبد الله وأبو العلاء عمر بن علي الواسطي وأبو زرعة روح بن محمد الرازي ورضوان بن محمد الدّينوري، وفقد بطريق مكّة سنة 375، وكان أهل الريّ أهل سنّة وجماعة إلى أن تغلب أحمد بن الحسن المارداني عليها فأظهر التشيع وأكرم أهله وقرّبهم فتقرّب إليه الناس بتصنيف الكتب في ذلك فصنف له عبد الرحمن بن أبي حاتم كتابا في فضائل أهل البيت وغيره، وكان ذلك في أيّام المعتمد وتغلبه عليها في سنة 275، وكان قبل ذلك في خدمة كوتكين ابن ساتكين التركي، وتغلب على الرّيّ وأظهر التشيع بها واستمرّ إلى الآن، وكان أحمد بن هارون قد عصى على أحمد بن إسماعيل الساماني بعد أن كان من أعيان قواده وهو الذي قتل محمد بن زيد الراعي فتبعه أحمد بن إسماعيل إلى قزوين فدخل أحمد بن هارون بلاد الديلم وأيس منه أحمد بن إسماعيل فرجع فنزل بظاهر الري ولم يدخلها، فخرج إليه أهلها وسألوه أن يتولّى عليهم ويكاتب الخليفة في ذلك ويخطب ولاية الرّيّ، فامتنع وقال: لا أريدها لأنّها
مشؤومة قتل بسببها الحسين بن علي، رضي الله عنهما، وتربتها ديلمية تأبى قبول الحقّ وطالعها العقرب، وارتحل عائدا إلى خراسان في ذي الحجة سنة 289، ثمّ جاء عهده بولاية الرّيّ من المكتفي وهو بخراسان، فاستعمل على الرّيّ من قبله ابن أخيه أبا صالح منصور بن إسحاق بن أحمد بن أسد فوليها ستّ سنين، وهو الذي صنف له أبو بكر محمد بن زكرياء الرازي الحكيم كتاب المنصوري في الطبّ، وهو الكنّاشة، وكان قدوم منصور إليها في سنة 290، والله الموفق للصواب وإليه المرجع والمآب.

دُومَةُ

دُومَةُ:
بالضم: من قرى غوطة دمشق غير دومة الجندل، كذا حدثني المحب عن الدمشقيين، منها عبد الله بن هلال بن الفرات أبو عبد الله الرّبعي الدومي الدمشقي، سكن بيروت وكان أحد الزهاد، حدث عن إبراهيم بن أيوب الحوراني وأحمد بن عاصم الأنطاكي وأحمد بن أبي الحوارى وهشام بن عمار، روى عنه أبو حاتم الرازي وأبو العباس الــأصم ومحمد ابن المنذر شكّر الهروي وأبو نعيم الأستراباذي وعبد الرحمن بن داود بن منصور، ذكره أبو القاسم، وينسب إلى دومة جماعة من رواة الحديث، منهم:
شجاع بن بكر بن محمد أبو محمد التميمي الدومي، حدث عن أبي محمد هشام بن محمد الكوفي، روى عنه عبد العزيز الكناني.

دِمْيَاطُ

دِمْيَاطُ:
مدينة قديمة بين تنّيس ومصر على زاوية بين بحر الروم الملح والنيل، مخصوصة بالهواء الطيب وعمل ثياب الشرب الفائق، وهي ثغر من ثغور الإسلام، جاء في الحديث عن عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، أنه قال: قال رسول الله، صلى الله
عليه وسلم: يا عمر إنه سيفتح على يديك بمصر ثغران الإسكندرية ودمياط، فأما الإسكندرية فخرابها من البربر، وأما دمياط فهم صفوة من شهداء من رابطها ليلة كان معي في حظيرة القدس مع النبيّين والشهداء، ومن شمالي دمياط يصبّ ماء النيل إلى البحر الملح في موضع يقال له الأشتوم، عرض النيل هناك نحو مائة ذراع، وعليه من جانبيه برجان بينهما سلسلة حديد عليها حرس لا يخرج مركب إلى البحر الملح ولا يدخل إلّا بإذن، ومن قبلها خليج يأخذ من بحرها سمت القبلة إلى تنّيس، وعلى سورها محارس ورباطات، قال الحسن بن محمد المهلبي: ومن طريف أمر دمياط وتنيس أنّ الحاكة بها الذين يعملون هذه الثياب الرفيعة قبط من سفلة الناس وأوضعهم وأخسهم مطعما ومشربا، وأكثر أكلهم السمك المملوح والطريّ والصّير المنتن، وأكثرهم يأكل ولا يغسّل يده ثم يعود إلى تلك الثياب الرفيعة الجليلة القدر فيبطش بها ويعمل في غزولها ثم ينقطع الثوب فلا يشك مقلّبه للابتياع أنه قد بخر بالندّ، قال:
ومن طريف أمر دمياط في قبليّها على الخليج مستعمل فيه غرف تعرف بالمعامل، يستأجرها الحاكة لعمل ثياب الشرب فلا تكاد تنجب إلّا بها، فإن عمل بها ثوب وبقي منه شبر ونقل إلى غير هذه المعامل علم بذلك السمسار المبتاع للثوب فينقص من ثمنه لاختلاف جوهر الثوب عليه، وقال ابن زولاق: يعمل بدمياط القصب البلخي من كل فنّ، والشرب لا يشارك تنيس في شيء من عملها، وبينهما مسيرة نصف نهار، ويبلغ الثوب الأبيض بدمياط وليس فيه ذهب ثلاثمائة دينار، ولا يعمل بدمياط مصبوغ ولا بتنيس أبيض، وهما حاضرتا البحر، وبهما من صيد السمك والطير والحيتان ما ليس في بلد، وأخبرني بعض وجوه التجار وثقاتهم أنه بيع في سنة 398 حلّتان دمياطيتان بثلاثة آلاف دينار، وهذا مما لم يسمع بمثله في بلد، وبها الفرش القلموني من كل لون المعلم والمطرّز ومناشف الأبدان والأرجل، وتتحف لجميع ملوك الأرض، وفي أيام المتوكل سنة 238 وولاية عنبسة بن إسحاق الضبي على مصر تهجّم الروم على دمياط في يوم عرفة فملكوها وما فيها وقتلوا بها جمعا كثيرا من المسلمين وسبوا النساء والأطفال وأهل الذمة فنفر إليهم عنبسة بن إسحاق عشية يوم النحر في جيشه ومعه نفر كثير من الناس فلم يدركوهم ومضى الروم إلى تنيس فأقاموا بأشتومها فلم يتبعهم عنبسة، فقال يحيى بن الفضيل للمتوكل:
أترضى بأن يوطأ حريمك عنوة، ... وأن يستباح المسلمون ويحربوا؟
حمار أتى دمياط، والروم رتّب ... بتنيس، منه رأي عين وأقرب
مقيمون بالأشتوم يبغون مثل ما ... أصابوه من دمياط، والحرب ترتب
فما رام من دمياط سيرا، ولا درى ... من العجز ما يأتي وما يتجنّب
فلا تنسنا، إنا بدار مضيعة ... بمصر، وإن الدين قد كاد يذهب
فأمر المتوكل ببناء حصن دمياط، ولم يزل بعد في أيدي المسلمين إلى أن كان شهر ذي القعدة سنة 614 فإن الأفرنج قدموا من وراء البحر وأوقعوا بالملك العادل أبي بكر بن أيوب وهو نازل على بيسان فانهزم منهم إلى خسفين، فعاد الأفرنج إلى عكا فأقاموا بها أياما وخرجوا إلى الطور فحاصروه، وكان قد عمّر فيه الملك المعظم ابن الملك العادل قلعة
حصينة غرم فيها مالا وافرا، فحاصروه مدة فقتل عليه أمير من أمراء المسلمين يعرف ببدر الدين محمد ابن أبي القاسم الهكّاري وقتل كند من أكناد الأفرنج كبير مشهور فيهم، فتشاءموا بالمقام على الطور ورجعوا إلى عكا واختلفوا هناك، فقال ملك الهنكر: الرأي أنا نمضي إلى دمشق ونحاصرها فإذا أخذناها فقد ملكنا الشام، فقال الملك النّوّام، قالوا: إنما سمي بذلك لأنه كان إذا نازل حصنا نام عليه حتى يأخذه أي أنه كان صبورا على حصار القلاع، واسمه دستريج ومعناه المعلم بالريش لأن أعلامه كانت الريش، فقال: نمضي إلى مصر فإن العساكر مجتمعة عند العادل ومصر خالية، فأدّى هذا الاختلاف إلى انصراف ملك الهنكر مغاضبا إلى بلده، فتوجه باقي عساكرهم إلى دمياط فوصلوها في أيام من صفر سنة 615 والعادل نازل على خربة اللّصوص بالشام وقد وجه بعض عساكره إلى مصر، وكان ابنه الملك الأشرف موسى بن العادل نازلا على مجمع المروج بين سلمية وحمص خوفا من عادية تكون منهم من هذه الجهة، واتفق خروج ملك الروم ابن قليج ارسلان إلى نواحي حلب وأخذ منها ثلاثة حصون عظيمة: رعبان وتل باشر وبرج الرّصاص، كلها في ربيع الأول من السنة، وبلغ عسكره إلى حدود بزاعة، وانتهى ذلك إلى الملك الأشرف فجاء فيمن انضم إليه من عساكر حلب فواقعه بين منبج وبزاعة فكسره وأسر أعيان عسكره ثم من عليهم وذلك في ربيع الآخر، وبلغ خبر ذلك إلى ملك الروم وهو قيقاوس بن قليج أرسلان وهو نازل على منبج فقلق لذلك حتى قال من شاهده إنه رآه يختلج كالمحموم ثم تقيّأ شيئا شبيها بالدم ورحل من فوره راجعا إلى بلده والعساكر تتبعه، وكان انفصاله في الحادي عشر من جمادى الأولى سنة 615، وقد استكمل شهرين بوروده، واستعبد على الفور تل باشر ورعبان وبرج اللصوص، ورجع إليه أصحابه الذين كانوا مقيمين بهذه الحصون الثلاثة وكانوا قد سلموها بالأمان، جمع منهم متقدما وتركهم في بيت من بيوت ربض ترتوش وأضرم فيه النار فاحترقوا، وكان فيهم ولد إبراهيم خوانسلار صاحب مرعش، فرجع إلى بلده وأقام يسيرا ومات واستولى على ملكه أخوه وكان في حبسه، ولما استرجع الملك الأشرف من هذه الحصون الثلاثة ورجع قاصدا إلى حلب ودخل في حدها ورد عليه الخبر بوفاة أبيه الملك العادل أبي بكر بن أيوب، وكانت وفاته بمنزلة على خربة اللصوص وإنما كانت في يوم الأحد السابع من جمادى الأولى سنة 615، فكتم ذلك ولم يظهره إلى أن نزل بظاهر حلب وخرج الناس للعزاء ثلاثة أيام، وأما الأفرنج فإنهم نزلوا على دمياط في صفر سنة 15 وأقاموا عليها إلى السابع والعشرين من شعبان سنة 16 وملكوها بعد جوع وبلاء كان في أهلها وسبوهم، فحينئذ أنفذ الملك المعظم وخرّب بيت المقدس وبيع ما كان فيها من الحليّ وجلا أهلها، وبلغ ذلك الملك الأشرف فمضى إلى الموصل لإصلاح خلل كان فيه بين لؤلؤ ومظفّر الدين بن زين الدين، فلما صلح ما بينهما توجه إليها وكان أخوه الملك الكامل بإزاء الأفرنج في هذه المدة، فقدمها الملك الأشرف وانتزعها من أيديهم في رجب سنة 18 ومنّوا على الأفرنج بعد حصولهم في أيديهم، وكان قد وصل في هذا الوقت كند من وراء البحر وحصل في دمياط وخافوا إن لم يمنّوا على الأفرنج أن يتخذوا بحصول ذلك الكند الواصل شغل قلب فصانعوهم بنفوسهم عن دمياط فعادت إلى المسلمين.
وطول دمياط ثلاث وخمسون درجة ونصف وربع، وعرضها إحدى وثلاثون درجة وربع وسدس، وينسب إلى دمياط جماعة، منهم: بكر بن سهل ابن إسماعيل بن نافع أبو محمد الدمياطي مولى بني هاشم، سمع بدمشق صفوان بن صالح، وببيروت سليمان بن أبي كريمة البيروتي، وبمصر أبا صالح عبد الله ابن صالح كاتب الليث وعبد الله بن يوسف التنيسي وغيرهم، وروى عنه أبو العباس الــأصمّ وأبو جعفر الطحاوي الطبراني وجماعة سواهم، قال أبو سليمان ابن زبر: مات بدمياط في ربيع الأول سنة 289، وذكر غير ابن زبر أنه توفي بالرملة بعد عوده من الحجّ، وأن مولده سنة 196.
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.