قال تعالى: فَانْفِرُوا ثُباتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً
[النساء/ 71] ، هي جمع ثُبَة، أي: جماعة منفردة. قال الشاعر:
وقد أغدو على ثبة كرام
ومنه: ثَبَّيْتُ على فلان ، أي: ذكرت متفرّق محاسنه. ويصغر ثُبَيَّة، ويجمع على ثُبَاتٍ وثُبِين، والمحذوف منه اللام، وأمّا ثُبَة الحوض فوسطه الذي يثوب إليه الماء، والمحذوف منه عينه لا لامه .
دُونَ أَثابِيَّ من الخيل زُمَرْ * والثُبَةُ أيضاً: وسط الحوض الذي يَثوب إليه الماء، والهاء ها هنا عوض من الواو الذاهبة من وسطه لان أصله ثوب، كما قالوا أقام إقامة وأصله إقواما، فعوضوا الهاء من الواو الذاهبة من عين الفعل. (*)
ثبا: الثُّبَةُ: العُصْبَة من الفُرسان، والجمع ثُباتٌ وثُبونَ
وثِبُونَ، على حدّ ما يطّرد في هذا النوع، وتصغيرها ثُبَيَّة. والثُّبَةُ
والأُثْبِيَّة: الجماعة من الناس، وأَصلها ثُبَيٌ، والجمع أَثابيّ وأَثَابِيَةٌ،
الهاء فيها بدل من الياء الأَخيرة؛ قال حُمَيد الأَرقط:
كأَنه يومَ الرِّهان ا لمُحْتَضَرْ،
وقد بدا أَوَّلُ شَخْصٍ يُنْتَظَرْ
دون أَثابيَّ من الخيل زُمَرْ،
ضَارٍ غَدا يَنْفُضُ صِئْبان المَدَرْ
(* قوله «صئبان المدر» هكذا في الأصل، والذي في الاساس: صئبان المطر).
أَي بازٍ ضارٍ. قال ابن بري: وشاهد الثُّبة الجماعة قول زهير:
وقد أَغْدُو على ثُبَةٍ كِرامٍ
نَشاوى، وَاجِدِينَ لِما نَشَاءُ
قال ابن جني: الذاهب من ثُبَة واو، واستدل على ذلك بأَن أَكثر ما حذفت
لامه إِنما هو من الواو نحو أَب وأَخ وسَنَة وعِضَة، فهذا أَكثر مما حذفت
لامه ياء، وقد تكون ياء على ما ذكر
(* قوله: فهذا أكثر إلخ؛ هكذا في
الأصل). قال ابن بري: الاختيار عند المحققين أَن ثُبَة من الواو، وأَصلها
ثُبْوة حملاً على أَخواتها لأَن أَكثر هذه الأَسماء الثنائية أَن تكون لامها
واواً نحو عِزَة وعِضَة، ولقولهم ثَبَوْت له خيراً بعد خير أَو شرّاً
إِذا وجهته إِليه، كما تقول جاءت الخيل ثُبَاتٍ أَي قطعة بعد قطعة.
وثَبَّيْت الجيشَ إِذا جعلته ثُبَة ثُبَة، وليس في ثَبَّيْت دليل أَكثر من أَن
لامه حرف علة. قال: وأَثابيُّ ليس جمع ثُبَة، وإِنما هو جمع أُثْبِيَّة،
وأُثبيَّة في معنى ثُبَة؛ حكاها ابن جني في المصنف. وثَبَّيت الشيء: جمعته
ثُبَة ثُبَة؛ قال:
هل يَصْلُح السيفُ بغير غِمْدِ؟
فَثَبِّ ما سَلَّفتَه من شُكْدِ
أَي فأَضف إِليه غيره واجمعه. وثُبَة الحوض: وسطه، يجوز أَن يكون من
ثَبَّيت أَي جمعت، وذلك أَن الماء إِنما تجمعه من الحوض في وسطه، وجعلها
أَبو إِسحق من ثاب الماء يَثُوب، واستدل على ذلك بقولهم في تصغيرها
ثُوَيْبَة. قال الجوهري: والثُّبَة وسط الحوض الذي يَثُوب إِليه الماء، والهاء
ههنا عوض من الواو الذاهبة من وسطه لأَن أَصله ثُوَب، كما قالوا أَقام
إِقامة وأَصله إِقواماً، فعوِّضوا الهاء من الواو الذاهبة من عين الفعل؛
وقوله:
كَمْ ليَ من ذي تُدْرَإِ مِذَبِّ،
أَشْوَسَ، أَبَّاءٍ على المُثَبِّي
أَراد الذي يَعْذُله ويكثر لومه ويجمع له العَذْل من هنا وهنا.
وثَبَّيت الرجل: مدحته وأَثْنَيْت عليه في حياته إِذا مدحته دفعة بعد
دفعة. والثَّبيُّ: الكثير
(* قوله «والثبي الكثير إلخ» كذا بالأصل، وذكره
شارح القاموس فيما استدركه، فقال: والتبي كغني الكثير إلخ ولكن لم نجد ما
يؤيده في المواد التي بأيدينا). المدح للناس، وهو من ذلك لأَنه جَمْع
لمحاسنه وحَشْد لمناقبه. والتَّثْبيَة: الثناء على الرجل في حياته؛ قال
لبيد:يُثَبِّي ثَناءً من كريمٍ، وقَوْلُه:
أَلا انْعم على حُسنِ التَّحِيّة واشْرَبِ
والتَّثْبية: الدوام على الشيء. وثَبَّيْت على الشيء تَثْبِيَةً أَي
دُمْت عليه. والتَّثْبية: أَن تفعل مثل فعل أَبيك ولزومُ طريقة؛ أَنشد ابن
الأَعرابي قول لبيد:
أُثَبَّي في البلاد بِذِكْرِ قَيْسٍ،
وَوَدُّوا لَوْ تَسُوخُ بنا البلادُ
قال ابن سيده: ولا أَدري ما وجه ذلك، قال: وعندي أَن أُثَبِّي ههنا
أُثْني. وثَبَّيت المال: حفظته؛ عن كراع؛ وقول الزِّمَّاني أَنشده ابن
الأَعرابي:
تَرَكْتُ الخيلَ من آثا
ر رُمْحِي في الثُّبَى العالي
تَفادَى، كتفَادِي الوَحْـ
ـشِ مِنْ أَغْضَفَ رِئْبالِ
قال: الثُّبَى العالي من مجالس الأَشراف، وهذا غريب نادر لم أَسمعه
إِلاَّ في شعر الفِنْد. قال ابن سيده: وقضينا على ما لم تظهر فيه الياء من
هذا الباب بالياء لأَنها لام، وجعل ابن جني هذا الباب كله من الواو، واحتج
بأَن ما ذهب لامه إِنما هو من الواو نحو أَب وغَدٍ وأَخٍ وهَنٍ في الواو،
وقال في موضع آخر: التَّثْبية إِصلاح الشيء والزيادة عليه؛ وقال الجعدي:
يُثَبُّون أَرْحاماً وما يَجْفِلُونها،
وأَخْلاقَ وُدٍّ ذَهَّبَتْها المَذاهِبُ
(* قوله «ذهبتها المذاهب» كذا في الأصل، والذي في التكملة: ذهبته
الذواهب).
قال: يُثَبُّون يُعَظِّمون يجعلونها ثُبَةً. يقال: ثَبِّ معروفَك أَي
أَتِمَّه وزد عليه. وقال غيره: أَنا أَعرفه تَثْبيَةً أَي أََعرفه معرفة
أُعْجمها ولا أَستيقنها.