(فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) :
وقال نافع عن قوله تعالى: (فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ)
فقال ابن عباس: النفاق. واستشهد بقول الشاعر:
أجامِل أقوامًا حياءً. . . وقد أرى صدورَهم تغْلِي عليَّ مراضُها
(تق، ك، ط)
= الكلمة من 7 ية البقرة 10:
(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ (8) يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (9) فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (10) .
ومعها آيات: الأنفال 49 الأحزاب 12، 60، المائدة 50، التوبة 125 الحج 53، محمد 20، 29، المدثر 21.
وسبقت المسألة (132) عن قوله تعالى. (فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ) .
وقد جاء الفعل منه مرة واحدة فى آية الشعراء: (وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (80) . والمرض فيها على أصل معناه، بصريح قوله (فَهُوَ يَشْفِينِ) وكثر مجىء مرض
ومريض والمريض، ومرضى.
والمرض يكون من علة فى البدن، أو فساد فى القلب.
قال ابن فارس فى (مرض) : الميم والراء والضاد: أصل صحيح يدل على
ما يخرج به الإنسان عن حد الصحة فى أي شىء كان (المقاييس. 5 / 311) .
وأما ضابط الدلالتين فى القرآن الكريم، فحيثما جاء المرض فى آيات الأحكام
فهو من علة فى البدن. وكذلك (مريض، المريض) ومرضى، وكلها فى آيات
أحكام.
وحيثما جاء مرض فى القلب، أو فى القلوب، انصرف عن أصل معناه إلى
الدلالة المجازية.
وتأويله فى المسألة - فى آية البقرة - بالنفاق، مستفاد من صريح سياقها وفى (مجاز القرآن لأبى عبيدة) أنه فى هذا الموضع: شك ونفاق. وهو النفاق فى (مقاييس اللغة) .
ثم لا يكون مرض فى القلب والقلوب، هو النفاق على إطلاق. وقد عُطف على المنافقين فى آيات:
الأنفال 49 (إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هَؤُلَاءِ دِينُهُمْ) .
الأحزاب 12 (وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا (12) .
الأحزاب 60: (لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا (60) .
فشهد بدلالة أعم لمرض فى قلوبهم. وقد عمَّ الراغب مرض القلب فى الرذائل الخلقية كالجهل والجبن والبخل
والنفاق (المفردات) .
وفيه نظر، إذ ليس عموم الجهل والجبن والبخل بمرض فى القلب يقتضي
النذير بعقابٍ والوعيدَ بعذاب. إنما يتعلق مرض فى القلب بما هو من أفعال
القلوب: يكون نفاقا كما فى آية البقرة وفى نظائرها (المائدة 52، والنور 50، محمد 20)
وجاء مع الرجس والكفر فى: براءة 125: (وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (124) وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ (125) .
المدثر 31: (وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا) .
ومع الارتياب فى النور 50: (أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا) .
وهو الأضغان فى آية: محمد 29 (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ (29) .
وفتنة الشيطان فى آية: الحج 53 (لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ) . وخُبث الشهوة فى آية: الأ حزاب 32
(يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا (32) . تأويلها فى المسألة (132) بالفجور والزنا وليس الأوْلى. والله أعلم.
والملحظ الاستقرائي لجميع الآيات فى هذا المرض. أنه يأتي دائمًا: (فىِ قلوبهم
مرض، فىِ قلبه مرض) .
فهل يكون مرض فى القلب ملحظ دلالةٍ مجازية ليست فى مرض القلب، على الإضافة، بما يحتمل أن يكون عضويا للجارحة، وليس مرادًا؟
المسألة فى حاجة إلى استقراء للنظائر، والله ولي التوفيق.
وقال نافع عن قوله تعالى: (فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ)
فقال ابن عباس: النفاق. واستشهد بقول الشاعر:
أجامِل أقوامًا حياءً. . . وقد أرى صدورَهم تغْلِي عليَّ مراضُها
(تق، ك، ط)
= الكلمة من 7 ية البقرة 10:
(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ (8) يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (9) فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (10) .
ومعها آيات: الأنفال 49 الأحزاب 12، 60، المائدة 50، التوبة 125 الحج 53، محمد 20، 29، المدثر 21.
وسبقت المسألة (132) عن قوله تعالى. (فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ) .
وقد جاء الفعل منه مرة واحدة فى آية الشعراء: (وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (80) . والمرض فيها على أصل معناه، بصريح قوله (فَهُوَ يَشْفِينِ) وكثر مجىء مرض
ومريض والمريض، ومرضى.
والمرض يكون من علة فى البدن، أو فساد فى القلب.
قال ابن فارس فى (مرض) : الميم والراء والضاد: أصل صحيح يدل على
ما يخرج به الإنسان عن حد الصحة فى أي شىء كان (المقاييس. 5 / 311) .
وأما ضابط الدلالتين فى القرآن الكريم، فحيثما جاء المرض فى آيات الأحكام
فهو من علة فى البدن. وكذلك (مريض، المريض) ومرضى، وكلها فى آيات
أحكام.
وحيثما جاء مرض فى القلب، أو فى القلوب، انصرف عن أصل معناه إلى
الدلالة المجازية.
وتأويله فى المسألة - فى آية البقرة - بالنفاق، مستفاد من صريح سياقها وفى (مجاز القرآن لأبى عبيدة) أنه فى هذا الموضع: شك ونفاق. وهو النفاق فى (مقاييس اللغة) .
ثم لا يكون مرض فى القلب والقلوب، هو النفاق على إطلاق. وقد عُطف على المنافقين فى آيات:
الأنفال 49 (إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هَؤُلَاءِ دِينُهُمْ) .
الأحزاب 12 (وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا (12) .
الأحزاب 60: (لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا (60) .
فشهد بدلالة أعم لمرض فى قلوبهم. وقد عمَّ الراغب مرض القلب فى الرذائل الخلقية كالجهل والجبن والبخل
والنفاق (المفردات) .
وفيه نظر، إذ ليس عموم الجهل والجبن والبخل بمرض فى القلب يقتضي
النذير بعقابٍ والوعيدَ بعذاب. إنما يتعلق مرض فى القلب بما هو من أفعال
القلوب: يكون نفاقا كما فى آية البقرة وفى نظائرها (المائدة 52، والنور 50، محمد 20)
وجاء مع الرجس والكفر فى: براءة 125: (وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (124) وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ (125) .
المدثر 31: (وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا) .
ومع الارتياب فى النور 50: (أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا) .
وهو الأضغان فى آية: محمد 29 (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ (29) .
وفتنة الشيطان فى آية: الحج 53 (لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ) . وخُبث الشهوة فى آية: الأ حزاب 32
(يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا (32) . تأويلها فى المسألة (132) بالفجور والزنا وليس الأوْلى. والله أعلم.
والملحظ الاستقرائي لجميع الآيات فى هذا المرض. أنه يأتي دائمًا: (فىِ قلوبهم
مرض، فىِ قلبه مرض) .
فهل يكون مرض فى القلب ملحظ دلالةٍ مجازية ليست فى مرض القلب، على الإضافة، بما يحتمل أن يكون عضويا للجارحة، وليس مرادًا؟
المسألة فى حاجة إلى استقراء للنظائر، والله ولي التوفيق.