Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: كندر

هَمَذَانُ

هَمَذَانُ:
بالتحريك، والذال معجمة، وآخره نون، في الإقليم الرّابع، وطولها من جهة المغرب ثلاث وسبعون درجة، وعرضها ست وثلاثون درجة، قال هشام بن الكلبي: همذان سميت بهمذان بن الفلّوج ابن سام بن نوح، عليه السّلام، وهمذان وأصبهان أخوان بنى كل واحد منهما بلدة، ووجد في بعض كتب السريانيين في أخبار الملوك والبلدان: إن الذي بنى همذان يقال له كرميس بن حليمون، وذكر بعض علماء الفرس أن اسم همذان إنما كان نادمه ومعناه المحبوبة، وروي عن شعبة أنه قال: الجبال عسكر وهمذان معمعتها وهي أعذبها ماء وأطيبها هواء، وقال ربيعة بن عثمان: كان فتح همذان في جمادى الأولى على رأس ستة أشهر من مقتل عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، وكان الذي فتحها المغيرة بن شعبة في سنة 24 من الهجرة، وفي آخر: وجّه المغيرة بن شعبة وهو عامل عمر بن الخطاب على الكوفة بعد عزل عمار بن ياسر عنها جرير بن عبد الله البجلي إلى همذان في سنة 23 فقاتله أهلها وأصيبت عينه بسهم فقال: أحتسبها عند الله الذي زين بها وجهي ونوّر لي ما شاء ثم سلبنيها في سبيله، وجرى أمر همذان على مثل ما جرى عليه أمر نهاوند وذلك في آخر سنة 23 وغلب على أرضها قسرا وضمّها المغيرة إلى كثير بن شهاب والي الدينور، وإليه ينسب قصر كثير في نواحي الدينور، وقال بعض علماء الفرس: كانت همذان أكبر مدينة بالجبال وكانت أربعة فراسخ في مثلها، طولها من الجبل إلى قرية يقال لها زينوآباذ، وكان صنف التجار بها وصنف الصيارف بسنجاباذ، وكان القصر الخراب الذي بسنجاباذ تكون فيه الخزائن والأموال، وكان صنف البزازين في قرية يقال لها برشيقان، فيقال إن بخت نصّر بعث إليها قائدا
يقال له صقلاب في خمسمائة ألف رجل فأناخ عليها وأقام يقاتل أهلها مدة وهو لا يقدر عليها، فلما أعيته الحيلة فيها وعزم على الانصراف استشار أهله فقالوا:
الرأي أن تكتب إلى بخت نصر وتعلمه أمرك وتستأذنه في الانصراف، فكتب إليه: أما بعد فإني وردت على مدينة حصينة كثيرة الأهل منيعة واسعة الأنهار ملتفة الأشجار كثيرة المقاتلة وقد رمت أهلها فلم أقدر عليها وضجر أصحابي المقام وضاقت عليهم الميرة والعلوفة فإن أذن لي الملك بالانصراف فقد انصرفت.
فلما وصل الكتاب إلى بخت نصر كتب إليه: أما بعد فقد فهمت كتابك ورأيت أن تصوّر لي المدينة بجبالها وعيونها وطرقها وقراها ومنبع مياهها وتنفذ إليّ بذلك حتى يأتيك أمري، ففعل صقلاب ذلك وصوّر المدينة وأنفذ الصورة إليه وهو ببابل، فلما وقف عليه جمع الحكماء وقال: أجيلوا الرأي في هذه الصورة وانظروا من أين تفتح هذه المدينة، فأجمعوا على أن مياه عيونها تحبس حولا ثم تفتح وترسل على المدينة فإنها تغرق، فكتب بخت نصر إلى صقلاب بذلك وأمره بما قاله الحكماء، ففتح ذلك الماء بعد حبسه وأرسله على المدينة فهدم سورها وحيطانها وغرق أكثر أهلها فدخلها صقلاب وقتل المقاتلة وسبى الذرّية وأقام بها فوقع في أصحابه الطاعون فمات عامتهم حتى لم يبق منهم إلا قليل ودفنوا في أحواض من خزف فقبورهم معروفة توجد في المحالّ والسكك إذا عمروا دورهم وخرّبوا، ولم تزل همذان بعد ذلك خرابا حتى كانت حرب دارا بن دارا والإســكندر فإن دارا استشار أصحابه في أمره لما أظله الإســكندر فأشاروا عليه بمحاربته بعد أن يحرز حرمه وأمواله وخزائنه بمكان حريز لا يوصل إليه ويتجرد هو للقتال، فقال:
انظروا موضعا حريزا حصينا لذلك، فقالوا له: إن من وراء أرض الماهين جبالا لا ترام وهي شبيهة بالسند وهناك مدينة منيعة عتيقة قد خربت وبارت وهلك أهلها وحولها جبال شامخة يقال لها همذان فالرأي للملك أن يأمر ببنائها وإحكامها وأن يجعل في وسطها حصنا يكون للحرم والخزائن والعيال والأموال ويبني حول الحصن دور القوّاد والخاصة والمرازبة ثم يوكل بالمدينة اثني عشر ألف رجل من خاصة الملك وثقاته يحمونها ويقاتلون عنها من رامها، قال: فأمر دارا ببناء همذان وبنى في وسطها قصرا عظيما مشرفا له ثلاثة أوجه وسماه ساروقا وجعل فيه ألف مخبإ لخزائنه وأمواله وأغلق عليه ثمانية أبواب حديد كل باب في ارتفاع اثني عشر ذراعا ثم أمر بأهله وولده وخزائنه فحوّلوا إليها وأسكنوها، وجعل في وسط القصر قصرا آخر صيّر فيه خواص حرمه وأحرز أمواله في تلك المخابىء، ووكل بالمدينة اثني عشر ألفا وجعلهم حراسا، وحكى بعض أهل همذان عنها مثل ما حكيناه أولا عن بخت نصر من حبس الماء وإطلاقه على البلد حتى خربه وفتحه، والله أعلم، ويقال إن أول من بنى همذان جم بن نوجهان بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح، عليه السّلام، وسماها سارو، ويعرب فيقال ساروق، وحصّنها بهمن بن إسفنديار، وإن دارا وجد المدينة حصينة المكان دارسة البناء فأعاد بناءها ثم كثر الناس بها في الزمان القديم حتى كانت منازلها تقدر بثلاثة فراسخ، وكان صنف الصاغة بها بقرية سنجاباذ واليوم تلك القرية على فرسخين من البلد، قال شيرويه في أخبار الفرس بلسانهم:
سارو جم كرد دارا كمر بست بهمن إسفنديار بسر آورد، معناه بنى الساروق جم ونطّقه دارا أي سوّره وعمم عليه سورا واستتمه وأحسنه بهمن بن إسفنديار، وذكر أيضا بعض مشايخ همذان أنها
أعتق مدينة بالجبل، واستدلوا على ذلك من بقية بناء قديم باق إلى الآن وهو طاق جسيم شاهق لا يدرى من بناه وللعامة فيه أخبار عامية ألغينا ذكرها خوف التهمة، وقال محمد بن بشار يذكر همذان وأروند:
ولقد أقول تيامني وتشاءمي ... وتواصلي ريما على همذان
بلد نبات الزعفران ترابه، ... وشرابه عسل بماء قنان
سقيا لأوجه من سقيت لذكرهم ... ماء الجوى بزجاجة الأحزان
كاد الفؤاد يطير مما شفّه ... شوقا بأجنحة من الخفقان
فكسا الربيع بلاد أهلك روضة ... تفترّ عن نفل وعن حوذان
حتى تعانق من خزاماك الذي ... بالجلهتين شقائق النعمان
وإذا تبجّست الثلوج تبجّست ... عن كوثر شبم وعن حيوان
متسلسلين على مذانب تلعة ... تثغو الجداء بها على الحملان
قال المؤلف: ولا شك عند كل من شاهد همذان بأنها من أحسن البلاد وأنزهها وأطيبها وأرفهها وما زالت محلّا للملوك ومعدنا لأهل الدين والفضل إلا أن شتاءها مفرط البرد بحيث قد أفردت فيه كتب وذكر أمره بالشعر والخطب وسنذكر من ذلك مناظرة جرت بين رجل من أهل العراق يقال له عبد القاهر بن حمزة الواسطي ورجل من همذان يقال له الحسين بن أبي سرح في أمرها فيه كفاية، قالوا:
وكانا كثيرا ما يلتقيان فيتحادثان الأدب ويتذاكران العلم وكان عبد القاهر لا يزال يذمّ الجبل وهواءه وأهله وشتاءه لأنه كان رجلا من أهل العراق وكان ابن أبي سرح مخالفا له كثيرا يذم العراق وأهله، فالتقيا يوما عند محمد بن إسحاق الفقيه وكان يوما شاتيا صادق البرد كثير الثلج وكان البرد قد بلغ من عبد القاهر مبالغه، فلما دخل وسلم قال: لعن الله الجبل ولعن ساكنيه وخص الله همذان من اللعن بأوفره وأكثره! فما أكدر هواءها وأشد بردها وأذاها وأشد مؤونتها وأقلّ خيرها وأكثر شرها، فقد سلط الله عليها الزمهرير الذي يعذب به أهل جهنم معما يحتاج الإنسان فيها من الدثار والمؤن المجحفة فوجوهكم يا أهل همذان مائلة وأنوفكم سائلة وأطرافكم خصرة وثيابكم متسخة وروائحكم قذرة ولحاكم دخانية وسبلكم منقطعة والفقر عليكم ظاهر والمستور في بلدكم مهتوك لأن شتاءكم يهدم الحيطان ويبرز الحصان ويفسد الطرق ويشعث الآطام، فطرقكم وحلة تتهافت فيها الدواب وتتقذر فيها الثياب وتتحطم الإبل وتخسف فيها الآبار وتفيض المياه وتكف السطوح وتهيج الرياح العواصف وتكون فيها الزلازل والخسوف والرعود والبروق والثلوج والدّمق فتنقطع عند ذلك السبل ويكثر الموت وتضيق المعايش، فالناس في جبلكم هذا في جميع أيام الشتاء يتوقعون العذاب ويخافون السخط والعقاب ثم يسمونه العدو المحاصر والكلب الكلب، ولذلك كتب عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، إلى بعض عماله: إنه قد أظلّكم الشتاء وهو العدو المحاصر فاستعدوا له الفراء واستنعلوا الحذاء، وقد قال الشاعر:
إذا جاء الشتاء فأدفئوني، ... فإن الشيخ يهدمه الشتاء
فالشتاء يهدم الحيطان فكيف الأبدان لا سيما شتاؤكم
الملعون، ثم فيكم أخلاق الفرس وجفاء العلوج وبخل أهل أصبهان ووقاحة أهل الريّ وفدامة أهل نهاوند وغلظ طبع أهل همذان على أن بلدكم هذا أشد البلدان بردا وأكثرها ثلجا وأضيقها طرقا وأوعرها مسلكا وأفقرها أهلا، وكان يقال أبرد البلدان ثلاثة: برذعة وقاليقلا وخوارزم، وهذا قول من لم يدخل بلدكم ولم يشاهد شتاءكم، وقد حدثني أبو جعفر محمد بن إسحاق المكتّب قال: لما قدم عبد الله بن المبارك همذان أوقدت بين يديه نار فكان إذا سخن باطن كفه أصاب ظاهرها البرد وإذا سخن ظاهرها أصاب باطنها البرد، فقال:
أقول لها ونحن على صلاء: ... أما للنار عندك حرّ نار؟
لئن خيّرت في البلدان يوما ... فما همذان عندي بالخيار
ثم التفت إلى ابن أبي سرح وقال: يا أبا عبد الله وهذا والدك يقول:
النار في همذان يبرد حرّها، ... والبرد في همذان داء مسقم
والفقر يكتم في بلاد غيرها، ... والفقر في همذان ما لا يكتم
قد قال كسرى حين أبصر تلّكم: ... همذان لا! انصرفوا فتلك جهنم
والدليل على هذا أن الأكاسرة ما كانت تدخل همذان لأن بناءهم متصل من المدائن إلى أزرميدخت من أسدآباذ ولم يجوزوا عقبة أسدآباذ، وبلغنا أن كسرى أبرويز همّ بدخول همذان فلما بلغ إلى موضع يقال له دوزخ دره، ومعناه بالعربية باب جهنم، قال لبعض وزرائه: ما يسمى هذا المكان؟ فعرّفه، فقال لأصحابه: انصرفوا فلا حاجة بنا إلى دخول مدينة فيها ذكر جهنم، وقد قال وهب بن شاذان الهمذاني شاعركم:
أما آن من همذان الرحيل ... من البلدة الحزنة الجامدة
فما في البلاد ولا أهلها ... من الخير من خصلة واحده
يشيب الشباب ولم يهرموا ... بها من ضبابتها الراكدة
سألتهم: أين أقصى الشتاء ... ومستقبل السنة الواردة؟
فقالوا: إلى جمرة المنتهى، ... فقد سقطت جمرة خامدة
وأيضا قد قال شاعركم:
يوم من الزمهرير مقرور ... على صبيب الضباب مزرور
كأنما حشوه جزائره ... وأرضه وجهها قوارير
يرمي البصير الحديد نظرته ... منها لأجفانه سمادير
وشمسه حرّة مخدّرة ... تسلّبت حين حمّ مقدور
تخال بالوجه من ضبابتها ... إذا حذت جلده زنابير
وقال كاتب بكر:
همذان متلفة النفوس ببردها ... والزمهرير، وحرّها مأمون
غلب الشتاء مصيفها وربيعها، ... فكأنما تموزها كانون
وسأل عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، رجلا: من أين أنت؟ فقال: من همذان، فقال: أما إنها مدينة همّ وأذى تجمد قلوب أهلها كما يجمد ماؤها، وقد قال شاعركم أيضا وهو أحمد بن بشّار يذم بلدكم وشدة برده وغلظ طبع أهله وما تحتاجون إليه من المؤن المجحفة الغليظة لشتائكم، وقيل لأعرابي دخل همذان ثم انصرف إلى البادية: كيف رأيت همذان؟
فقال: أما نهارهم فرقّاص وأما ليلهم فحمّال، يعني أنهم بالنهار يرقصون لتدفأ أرجلهم وبالليل حمّالون لكثرة دثارهم، ووقع أعرابيّ إلى همذان في الربيع فاستطاب الزمان وأنس بالأشجار والأنهار، فلما جاء الشتاء ورد عليه ما لم يعهده من البرد والأذى فقال:
بهمذان شقيت أموري ... عند انقضاء الصيف والحرور
جاءت بشرّ شرّ من عقور، ... ورمت الآفاق بالهرير
والثلج مقرون بزمهرير، ... لولا شعار العاقر النزور
أمّ الكبير وأبو الصغير ... لم يدف إنسان من الخصير
ولقد سمعت شيخا من علمائكم وذوي المعرفة منكم أنه يقول: يربح أهل همذان إذا كان يوم في الشتاء صافيا له شمس حارّة مائة ألف درهم، وقيل لابنة الحسن: أيّما أشد الشتاء أم الصيف؟ فقالت: من يجعل الأذى كالزّمّانة! لأن أهل همذان إذا اتفق لهم في الشتاء يوم صاف فيه شمس حارّة يبقى في أكياسهم مائة ألف درهم لأنهم يربحون فيه حطب الوقود وقيمته في همذان ورساتيقها في كل يوم مائة ألف درهم، وقيل لأعرابي: ما غاية البرد عندكم؟ فقال: إذا كانت السماء نقيّة والأرض نديّة والريح شاميّة فلا تسأل عن أهل البريّة، وقد جاء في الخبر أن همذان تخرب لقلة الحطب، ودخل أعرابيّ همذان فلما رأى هواءها وسمع كلام أهلها ذكر بلاده فقال:
وكيف أجيب داعيكم ودوني ... جبال الثلج مشرفة الرّعان
بلاد شكلها من غير شكلي، ... وألسنها مخالفة لساني
وأسماء النساء بها زنان، ... وأقرب بالزّنان من الزواني
فلما بلغ عبد القاهر إلى هذا المكان التفت إليه ابن أبي سرح وقال له: قد أكثرت المقال وأسرفت في الذمّ وأطلت الثّلب وطوّلت الخطبة، ثم صمد للإجابة فلم يأت بطائل أكثر من ذكر المفاخرة بين الصيف والشتاء والحر والبرد، ووصف أن بلادهم كثيرة الزهر والرياحين في الربيع وأنها تنبت الزعفران، وأن عندهم أنواعا من الألوان لا تكون في بلاد غيرهم، وأن مصيف الجبال طيّب فلم أر الإطالة بالإتيان به على وجهه، قالوا: وأقبل عبيد الله بن سليمان بن وهب إلى همذان في سنة 284 بمائة ألف دينار وسبعين ألف دينار بالكفاية على أن لا مؤونة على السلطان، وهي أربعة وعشرون رستاقا: همذان، وفرواز، وقوهياباذ، واناموج، وسيسار، وشراة العليا، وشراة الميانج، والاسفيذجان، وبحر، واباجر، وارغين، والمغارة، واسفيذار، والعلم الأحمر، وارناد، وسمير، وسردروذ، والمهران، وكوردور، وروذه، وساوه، وكان منها بسا وسلفانروذ وخرّقان ثم نقلت إلى قزوين، وهي ستمائة وستون قرية، وعملها من باب الكرج إلى سيسر طولا،
وعرضا من عقبة أسدآباذ إلى ساوه، قالوا: ومن عجائب همذان صورة أسد من حجر على باب المدينة يقال إنه طلسم للبرد من عمل بليناس صاحب الطلسمات حين وجّهه قباذ ليطلسم آفات بلاده، ويقال إن الفارس كان يغرق بفرسه في الثلج بهمذان لكثرة ثلوجها وبردها، فلما عمل لها هذا الطلسم في صورة الأسد قلّ ثلجها وصلح أمرها، وعمل أيضا على يمين الأسد طلسما للحيّات وآخر للعقارب فنقصت وآخر للغرق فأمنوه وآخر للبراغيث فهي قليلة جدّا بهمذان، ولما عمل بليناس هذه الطلسمات بهمذان استهان بها أهلها فاتخذ في جبلهم الذي يقال له أروند طلسما مشرفا على المدينة للجفاء والغلظ فهم أجفى الناس وأغلظهم طبعا، وعمل طلسما آخر للغدر فهم أغدر الناس فلذلك حوّلت الملوك الخزائن عنها خوفا من غدر أهلها، واتخذ طلسما آخر للحروب فليست تخلو من عسكر أو حرب، وقال محمد بن أحمد السلمي المعروف بابن الحاجب يذكر الأسد على باب همذان:
ألا أيها الليث الطويل مقامه ... على نوب الأيام والحدثان
أقمت فما تنوي البراح بحيلة، ... كأنك بوّاب على همذان
أطالب ذحل أنت من عند أهلها؟ ... أبن لي بحقّ واقع ببيان
أراك على الأيام تزداد جدّة، ... كأنك منها آخذ بأمان
أقبلك كان الدهر أم كنت قبله ... فنعلم أم ربّيتما بلبان؟
وهل أنتما ضدّان كلّ تفرّدت ... به نسبة أم أنتما أخوان؟
بقيت فما تفنى وأفنيت عالما ... سطا بهم موت بكل مكان
فلو كنت ذا نطق جلست محدثا، ... وحدثتنا عن أهل كل زمان
ولو كنت ذا روح تطالب مأكلا ... لأفنيت أكلا سائر الحيوان
أجنّبت شر الموت أم أنت منظر ... وإبليس حتى يبعث الثقلان
فلا هرما تخشى ولا الموت تتّقى ... بمضرب سيف أو شباة سنان
وعمّا قريب سوف يلحق ما بقي، ... وجسمك أبقى من حرا وأبان
قال: وكان المكتفي يهمّ بحمل الأسد من باب همذان إلى بغداد وذلك أنه نظر إليه فاستحسنه وكتب إلى عامل البلد يأمره بذلك، فاجتمع وجوه أهل الناحية وقالوا: هذا طلسم لبلدنا من آفات كثيرة ولا يجوز نقله فيهلك البلد، فكتب العامل بذلك وصعّب حمله في تلك العقاب والجبال والمدور، وكان قد أمر بحمل الفيلة لنقله على العجلة، فلما بلغه ذلك فترت نيته عن نقله فبقي مكانه إلى الآن، وقال شاعر أهل همذان وهو أحمد بن بشار يذم همذان وشدة برده وغلظ طبع أهله وما يحتاجون إليه من المؤن المجحفة الغليظة لشتائهم:
قد آن من همذان السير فانطلق، ... وارحل على شعب شمل غير متّفق
بئس اعتياض الفتى أرض الجبال له ... من العراق وباب الرزق لم يضق
أما الملوك فقد أودت سراتهم ... والغابرون بها في شيمة السّوق
ولا مقام على عيش ترنّقه ... أيدي الخطوب، وشرّ العيش ذو الرّنق
قد كنت أذكر شيئا من محاسنها ... أيّام لي فنن كاس من الورق
أرض يعذّب أهلوها ثمانية ... من الشهور كما عذّبت بالرّهق
تبقى حياتك ما تبقى بنافعة ... إلّا كما انتفع المجروض بالدمق
فإن رضيت بثلث العمر فارض به ... على شرائط من يقنع بما يمق
إذا ذوى البقل هاجت في بلادهم ... من جربيائهم نشّافة العرق
تبشّر الناس بالبلوى وتنذرهم ... ما لا يداوى بلبس الدّرع والدّرق
تلفّهم في عجاج لا تقوم لها ... قوائم الفيل فيل الماقط الشّبق
لا يملك المرء فيها كور عمّته ... حتى تطيّرها من فرط مخترق
فإن تكلم لاقته بمسكنة ... ملء الخياشيم والأفواه والحدق
فعندها ذهبت ألوانهم جزعا، ... واستقبلوا الجمع واستولوا على العلق
حتى تفاجئهم شهباء معضلة ... تستوعب الناس في سربالها اليقق
خطب بها غير هين من خطوبهم ... كالخنق ما منه من ملجا لمختنق
أمّا الغنيّ فمحصور يكابدها ... طول الشتاء مع اليربوع في نفق
يقول أطبق وأسبل يا غلام وأر ... خ السّتر واعجل بردّ الباب واندفق
وأوقدوا بتنانير تذكرهم ... نار الجحيم بها من يصل يحترق
والمملقون بها سبحان ربهم ... ماذا يقاسون طول الليل من أرق!
صبغ الشتاء، إذا حلّ الشتاء بها، ... صبغ المآتم للحسّانة الفنق
والذئب ليس إذا أمسى بمحتشم ... من أن يخالط أهل الدار والنّسق
فويل من كان في حيطانه قصر ... ولم يخصّ رتاج الباب بالغلق
وصاحب النسك ما تهدا فرائصه، ... والمستغيث بشرب الخمر في عرق
أمّا الصلاة فودّعها سوى طلل ... أقوى وأقفر من سلمى بذي العمق
تمسي وتصبح كالشيطان في قرن ... مستمسكا من حبال الله بالرّمق
والماء كالثلج، والأنهار جامدة، ... والأرض أضراسها تلقاك بالدّبق
حتى كأنّ قرون الغفر ناتئة ... تحت المواطئ والأقدام في الطرق
فكلّ غاد بها أو رائح عجل ... يمشي إلى أهلها غضبان ذا حنق
قوم غذاؤهم الألبان مذ خلقوا، ... فما لهم غيرها من مطعم أنق
لا يعبق الطيب في أصداغ نسوتهم، ... ولا جلودهم تبتلّ من عرق
فهم غلاظ جفاة في طباعهم ... إلّا تعلّة منسوب إلى الحمق
أفنيت عمري بها حولين من قدر ... لم أقو منها على دفع ولم أطق
قلت: وهذه القصيدة ليست من الشعر المختار وإنما كتبت للحكاية عن شرح حال همذان، وللشعراء أشعار كثيرة في برد همذان ووصف أروند، فأما أروند فقد ذكر في موضعه، وأما الأشعار التي قيلت في بردها ففي ما ذكرنا كفاية، وقال البديع الهمذاني فيها:
همذان لي بلد أقول بفضله، ... لكنه من أقبح البلدان
صبيانه في القبح مثل شيوخه، ... وشيوخه في العقل كالصبيان
وقال شيرويه: قال الأستاذ أبو العلاء محمد بن عليّ بن الحسن بن حستون الهمذاني الوزير من قصيدة:
يا أيها الملك الذي وصل العلا ... بالجود والإنعام والإحسان
قد خفت من سفر أطلّ عليّ في ... كانون في رمضان من همذان
بلد إليه أنتمي بمناسبي، ... لكنه من أقذر البلدان
صبيانه في القبح مثل شيوخه، ... وشيوخه في العقل كالصبيان
وقال شيرويه أيضا: إن سليمان بن داود، عليه السلام، اجتاز بموضع همذان فقال: ما بال هذا الموضع مع عظم مسيل مائه وسعة ساحته لا تبنى فيه مدينة! فقالوا: يا نبيّ الله لا يثبت أحد فيه لأن البرد ينصبّ فيه صبّا ويسقط الثلج قامة الرمح، فقال، عليه السّلام، لصخر الجني: هل من حيلة؟
قال: نعم، فاتخذ سبعا من حجر منقور ونصب طلسما للبرد وبنى المدينة، وقيل: أول من أسسها دارا الأكبر، قال كعب الأحبار: متى أراد الله أن يخرّب هذه المدينة سقط ذلك الطلسم فتخرب بإذن الله، قال شيرويه: والسبع هو الأسد المنحوت من الحجر الخورزني، وخورزن: جبل بباب همذان الموضوع على الكثيب الذي على ذنب الأسد، وهذا الأسد من عجائب همذان منحوت من صخرة واحدة وجوارحه غير منفصلة عن قوائمه كأنه ليث غابة ولم يزل في هذا الموضع منذ زمن سليمان، عليه السّلام، وقيل: من زمان قباذ الأكبر لأنه أمر بليناس الحكيم بعمله إلى سنة 319 فإن مرداويج دخل المدينة ونهب أهلها وسباهم فقيل له إن هذا السبع طلسم لهذه المدينة من الآفات وفيه منافع لأهله، فأراد حمله إلى الرّيّ فلم يقدر فكسرت يداه بالفطّيس.

المدَائِنُ

المدَائِنُ:
قال بطليموس: طول المدائن سبعون درجة وثلث، وعرضها ثلاث وثلاثون درجة وثلث، بالفتح جمع المدينة، تهمز ياؤها ولا تهمز، إن أخذت من دان يدين إذا أطاع لم تهمز إذا جمع على مداين لأنه مثل معيشة وياؤه أصلية، وإن أخذت من مدن بالمكان إذا أقام به همزت لأن ياءها زائدة فهي مثل قرينة وقرائن وسفينة وسفائن، والنسبة إليها مدائنيّ وإنما جاز النسبة إلى الجمع بصيغته لأنه صار علما بهذه الصيغة وإلّا فالأصل أن يردّ المجموع إلى الواحد ثم ينسب إليه، والنسبة إلى مدينة الرسول، صلّى الله عليه وسلّم، مدنيّ وربما قيل مدينيّ، والنسبة إلى مدينة أصبهان مدينيّ لا غير وربما نسب إلى غيرها هذه النسبة كبغداد ومرو ونيسابور والمدائن العظام، قال يزدجرد بن مهبندار الكسروي في رسالة له عملها في تفضيل بغداد فقال في تضاعيفها ولقد كنت أفكر كثيرا في نزول فقال في نزول الأكاسرة بين أرض الفرات ودجلة فوقفت على أنهم توسطوا مصبّ الفرات في دجلة هذا ان الإســكندر لما سار في الأرض ودانت له الأمم وبنى المدن العظام في المشرق والمغرب رجع إلى المدائن وبنى فيها مدينة وسوّرها وهي إلى هذا الوقت موجودة الأثر وأقام بها راغبا عن بقاع الأرض جميعا وعن بلاده ووطنه حتى مات، قال يزدجرد: أما أنوشروان بن قباذ وكان أجلّ ملوك فارس حزما ورأيا وعقلا وأدبا فإنه بنى المدائن وأقام بها هو ومن كان بعده من ملوك بني ساسان إلى أيام عمر بن الخطّاب، رضي الله عنه، وقد ذكر في سير الفرس أن أول من اختطّ مدينة في هذا الموضع أردشير بن بابك، قالوا: لما ملك البلاد سار حتى نزل في هذا الموضع فاستحسنه فاختطّ به مدينة، قال: وإنما سميت المدائن لأن زاب الملك الذي بعد موسى، عليه السّلام، ابتناها بعد ثلاثين سنة من ملكه وحفر الزوابي وكوّرها وجعل المدينة العظمى المدينة العتيقة، فهذا ما وجدته مذكورا عن القدماء ولم أر أحدا ذكر لم سمّيت بالجمع والذي عندي فيه أن هذا الموضع كان مسكن الملوك من الأكاسرة الساسانية وغيرهم فكان كلّ واحد منهم إذا ملك بنى لنفسه مدينة إلى جنب التي قبلها وسماها باسم، فأولها المدينة العتيقة التي لزاب، كما ذكرنا، ثم مدينة الإســكندر ثم طيسفون من مدائنها ثم اسفانبر ثم مدينة يقال لها رومية فسميت المدائن بذلك، والله أعلم، وكان فتح المدائن كلها على يد سعد بن أبي وقّاص في صفر سنة 16 في أيام عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، قال حمزة: اسم المدائن بالفارسية توسفون وعرّبوه على الطيسفون والطيسفونج وإنما سمّتها العرب المدائن لأنها سبع مدائن بين كل مدينة إلى الأخرى مسافة قريبة أو بعيدة، وآثارها واسماؤها باقية، وهي: اسفابور ووه أردشير وهنبو شافور ودرزيندان ووه جنديوخسره ونونيافاذ وكردافاذ، فعرّب اسفابور على اسفانبر، وعرّب وه أردشير على بهرسير، وعرب هنبو شافور على جنديسابور، وعرب درزيندان على درزيجان، وعرب وه جنديوخسره على رومية، وعرب السادس والسابع على اللفظ، فلما ملك العرب ديار الفرس واختطت الكوفة والبصرة انتقل إليهما الناس عن المدائن وسائر مدن العراق ثم اختط الحجاج واسطا فصارت دار الإمارة، فلما زال ملك بني أميّة اختط المنصور بغداد فانتقل إليها الناس ثم اختط المعتصم سامرّا فأقام الخلفاء بها مدّة ثم رجعوا إلى بغداد فهي الآن أم بلاد العراق، فأما في وقتنا هذ فالمسمى بهذا الاسم بليدة شبيهة بالقرية بينها وبين بغداد ستة فراسخ وأهلها فلّاحون يزرعون ويحصدون والغالب على أهلها التشيّع على مذهب الإمامية، وبالمدينة الشرقية قرب الإيوان قبر سلمان الفارسي، رضي الله عنه، وعليه مشهد يزار إلى وقتنا هذا، وقال رجل من مراد:
دعوت كريبا بالمدائن دعوة، ... وسيرت إذ ضمّت عليّ الأظافر
فيال بني سعد علام تركتما ... أخا لكما يدعوكما وهو صابر
أخا لكما إن تدعواه يجبكما، ... ونصركما منه إذا ريع فاتر
وقال عبدة بن الطيب:
هل حبل خولة بعد الهجر موصول، ... أم أنت عنها بعيد الدار مشغول؟
وللأحبّة أيّام تذكّرها، ... وللنّوى قبل يوم البين تأويل
حلّت خويلة في دار مجاورة ... أهل المدائن فيها الديك والفيل
يقارعون رؤوس العجم ظاهرة ... منها فوارس لا عزل ولا ميل
من دونها، لعتاق العيس إن طلبت، ... خبت بعيد نياط الماء مجهول
وقال رجل من الخوارج كان مع الزبير بن الماخور وكانوا أوقعوا بأهل المدائن فقال:
ونجّى يزيدا سابح ذو علالة، ... وأفلتنا يوم المدائن كردم
وأقسم لو أدركته إذ طلبته ... لقام عليه من فزارة مأتم
والمدائن أيضا: اسم قريتين من نواحي حلب في نقرة بني أسد، إليها فيما أحسب ينسب أبو الفتح أحمد ابن علي المدائني الحلبي، قرأت بخط عبد الله بن محمد ابن سنان الخفاجي الحلبي على جزء من كتاب الحيوان للجاحظ: ابتعته من تركة أبي الفتح أحمد المدائني في جمادى الآخرة سنة 459.

أنوطيقا

أنوطيقا
أي الشعر: لأرسطو.
أيضا نقله: أبو بشر من السرياني إلى العربي.
ونقله: يحيى بن عدي أيضا.
والكلام عليه: للإســكندر الأفروديسي.
واختصره: الكندي.

أَنُولُوطيقا

أَنُولُوطيقا
بفتح: الهمزة، وضم: النون واللام، وقد تبدل اللام راء، فيقال: أنورقطيقا، ويقال: أنورقطيقا، ألفاظ يونانية معناها: البرهان.
وهو باب من أبواب المنطق.
صنف فيه: الحكيم، الفاضل: أرسطوطاليس؛ وسماه به.
ثم نقل: حنين بعضه إلى السرياني.
ونقل: إسحاق بن حنين الكل.
ونقل: متى نقل إسحاق إلى العربي.
وشرح: ثامسطيوس شرحا تاما.
وشرح: الإســكندر أيضا، ولم يوجد.
ويحيى النحوي.
ولأبي يحيى المروزي، الذي قرأه عليه متى كلام فيه.
وشرحه: متى أيضا.
وشرحه: الفارابي، والكندي.

اليونان

اليونان
هم أمة عظيمة القدر، بلادهم بلاد روم إيلي، وآناطولي، وقرامان، وكانت عامتهم صابئة عبدة الأصنام، وكان الإســكندر من ملوكهم، وهو الذي أجمع ملوك الأرض على الطاعة لسلطانه، وبعده البطالسة، إلى أن غلب عليهم الروم، وكان علماؤهم يسمون: فلاسفة إلهيين، أعظمهم خمسة:
بندقليس: كان في عصر داود - عليه السلام -، ثم فيثاغورس، ثم سقراط، ثم أفلاطون، ثم أرسطاليس.
ولهم تصانيف في أنواع الفنون، وهم من أرفع الناس طبقة، واجل أهل العلم منزلة، لما ظهر منهم من الاعتناء الصحيح بفنون الحكمة، من العلوم الرياضية، والمنطقية، والمعارف الطبيعية، والإلهية، والسياسات المنزلية، والمدنية؛ وجميع العلوم العقلية: مأخوذة عنهم.
ولغة قدمائهم تسمى: الإغريقية، وهي من أوسع اللغات، ولغة المتأخرين تسمى: اللطيني، لأنهم فرقتان: الإغريقيونس، واللطينيون.

علم الاختلاج

علم الاختلاج
وهو: من فروع علم الفراسة.
قال المولى أبو الخير: هو علم باحث عن كيفية دلالة اختلاج أعضاء الإنسان، من الرأس إلى القدم، على الأحوال التي ستقع عليه، وأحواله، وعلى أمواله، ونفعه.
الغرض منه: ظاهر، لكنه علم لا يعتمد عليه، لضعف دلالته، وغموض استدلاله.
ورأيت في هذا العلم رسائل مختصرة، لكنها لا تشفي العليل، ولا تسقي الغليل. انتهى.
وقال الشيخ داود الأنطاكي، في (تذكرته) : اختلاج حركة العضو والبدن غير إرادية، تكون عن فاعلي: هو البخار، ومادي: هو الغذاء المبخر، وصوري: هو الاجتماع، وغائي: هو الاندفاع، ويصدر عند اقتدار الطبع.
وحال البدن معه، كحال الأرض مع الزلزلة، عموما، وخصوصا.
وهو مقدمة: لما سيقع للعضو المختلج من مرض يكون عن خلط، يشابه البخار المحرك في الأصح وفاقا.
وقال جالينوس: العضو المختلج أصح الأعضاء، إذ لو لم يكن قويا ما تكاثف تحته البخار، كما أنه لم يجتمع في الأرض إلا تحت تخوم الجبال.
قال: وهذا من فساد النظر في العلم الطبيعي، لأن علة الاجتماع تكاثف المسام، واشتدادها، لا قوة الجسم وضعفه، ومن ثمة لم يقع في الأرض الرخوة، مع صحة تربتها، ولأنا نشاهد انصباب المواد إلى الأعضاء الضعيفة، ولأن الاختلاج يكثر جدا في قليل الاستحمام، والتدليك، دون العكس.
وعدّ أكثر الناس له علما، وقد ناطوا به أحكاما، ونسب إلى قوم من الفرس، والعراقيين، والهند، كطمطم، وإقليدس.
ونقل فيه: كلام عن جعفر بن محمد الصادق، وعن الإســكندر.
ولم يثبت على أن توجيه ما قيل عليه ممكن، لأن العضو المختلج يجوز استناد حركته إلى حركة الكوكب المناسب له، لما عرفناك من تطابق العلوي والسفلي، في الأحكام، وهذا ظاهر. انتهى.
والرسائل المذكورة مسطورة في محالها.

علم الإلهي

علم الإلهي
هو علم يبحث فيه عن الحوادث من حيث هي موجودات.
وموضوعه الوجود من حيث هو.
وغايته تحصيل الاعتقادات الحقة والتصورات المطابقة لتحصيل السعادة الأبدية والسيادة السرمدية كذا في: مفتاح السعادة.
وفي كشاف اصطلاحات الفنون: هو علم بأحوال ما يفتقر في الوجودين أي الخارجي والذهني إلى المادة.
ويسمى أيضا بالعلم الأعلى وبالفلسفة الأولى وبالعلم الكلي وبما بعد الطبيعة وبما قبل الطبيعة
والبحث فيه عن الكميات المتصلة والكيفيات المحسوسة والمختصة بالكميات وأمثالها مما يفتقر إلى المادة في الوجود الخارجي استطرادي وكذا البحث عن الصورة مع أن الصورة تحتاج إلى المادة في التشكل كذا في العلمي وفي الصدر أمن الحكمية النظرية ما يتعلق بأمور غير مادية مستغنية القوام في نحوي الوجود العيني والذهني عن اشتراط المادة كالإله الحق والعقول الفعالة والأقسام الأولية للموجود كالواجب والممكن والواحد والكثير والعلة والمعلول والكلي والجزئي وغير ذلك فإن خالط شيء منها المواد الجسمانية فلا يكون على سبيل الافتقار والوجوب.
وسموا هذا القسم: العلم الأعلى فمنه العلم الكلي المشتمل على تقاسيم الوجود المسمى بالفلسفة الأولى ومنه الإلهي الذي هو فن من المفارقات.
وموضوع هذين الفنين: أعم الأشياء وهو الموجود المطلق من حيث هو. انتهى.
وأصول الإلهي خمسة:
الأول: الأمور العامة.
الثاني: إثبات الواجب وما يليق به.
الثالث: إثبات الجواهر الروحانية.
الرابع: بيان ارتباط الأمور الأرضية بالقوى السماوية.
الخامس: بيان نظام الممكنات.
وفروعه قسمان:
الأول: البحث عن كيفية الوحي وصيرورة العقل محسوسا ومنه تعريف الإلهيات ومنه الروح الأمين.
الثاني: العلم بالمعاد الروحاني. انتهى.
وقال صاحب: إرشاد القاصد: يعبر عنه بالإلهي لاشتماله على علم الربوبية.
وبالعلم الكلي لعمومه وشموله لكليات الموجودات.
وبعلم ما بعد الطبيعة لتجرد موضوعه عن المواد ولواحقها.
قال: وأجزاؤه الأصلية خمسة: الأول: النظر في الأمور العامة مثل الوجود والماهية والوجوب والإمكان والقدم والحدوث والوحدة والكثرة.
والثاني: النظر في مبادئ العلوم كلها وتبيين مقدماتها ومراتبها. والثالث: النظر في إثبات وجود الإله ووجوبه والدلالة على وحدته وصفاته.
والرابع: النظر في إثبات الجواهر المجردة من العقول والنفوس والملائكة والجن والشياطين وحقائقها وأحوالها.
والخامس: النظر في أحوال النفوس البشرية بعد مفارقتها وحال المعاد.
ولما اشتدت الحاجة إليه اختلفت الطرق.
فمن الطالبين: من رام إدراكه بالبحث والنظر وهؤلاء زمرة الحكماء الباحثين ورئيسهم أرسطو وهذا الطريق أنفع للتعلم لو وفى بجملة المطالب وقامت عليها براهين يقينية وهيهات.
ومنهم: من سلك طريق تصفية النفس بالرياضة وأكثرهم يصل إلى أمور ذوقية يكشفها له العيان ويجل أن توصف بلسان ومنهم: ابتدأ أمره بالبحث والنظر وانتهى إلى التجريد وتصفية النفس فجمع بين الفضيلتين وينسب مثال هذا الحال إلى سقراط وأفلاطون والسهروردي والبيهقي. انتهى.
وقال أبو الخير: وهذا العلم هو المقصد الأقصى والمطلب الأعلى لكن لمن وقف على حقائقه واستقام في الإطلاع على دقائقه لأن حظي به فقد فاز فوزا عظيما ومن زلت فيه قدمه أو طغى به قلمه فقد ضل ضلالا بعيدا وخسر خسرانا مبينا إذ الباطل يشاكل الحق في مأخذه والوهم يعارض العقل في دلائله جل جناب الحق عن أن يكون شريعة الكل وارد أو يطلع على سرائر قدسه إلا واحد بعد واحد وقلما يوجد إنسان يصفو عقله عن كدر الأوهام ويخلص فهمه عن مهاوي الإيهام ويستسلم لما قرره الأعلام.
واعلم أن من النظر رتبة تناظر طريق التصفية ويقرب حدها من حدها وهو طريق الذوق ويسمونه الحكمة الذوقية.
وممن وصل إلى هذه الرتبة في السلف السهروردي وكتاب: حكمة الإشراق له صادر عن هذا المقام برمز أخفى من أن يعلم وفي المتأخرين: الفاضل الكامل مولانا شمس الدين الفناري في بلاد الروم ومولانا جلال الدين الدواني في بلاد العجم ورئيس هؤلاء الشيخ صدر الدين القونوي والعلامة قطب الدين الشيرازي. انتهى. ملخصا أو سيأتي تمام التفصيل في الحكمة عند تحقيق الأقسام إن شاء الله العزيز العلام.
واعلم أن منبع العلوم الحكمية النظرية وأستاذ الكل فيها إدريس عليه السلام آتاه الله الحكمة والنبوة وأنزل عليه ثلاثين صحيفة وعلم النجوم. وأفهمه عدد السنين والحساب وعلمه الألسنة حتى تكلم الناس في زمنه باثنين وتسعين لسانا ولد بمصر وسموه هرمس الهرامس وباليونانية أرمس بمعنى عطارد وعرب بهرمس واسمه الأصلي هنوخ وعرب أخنوخ وسماه الله تعالى في كتابه العربي المبين إدريس لكثرة دراسة كتاب الله تعالى.
وقيل: إن معلمه غوثاديمون أو أغثاذيمون المصري وتفسيره السعيد الجد قيل: وهو شيث عليه السلام.
ثم إن إدريس عرف الناس صفة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - بأنه يكون بريئا عن المذمات والآفات كلها كاملا في الفضائل الممدوحات لا يقصر عما يسأل عنه مما في الأرض والسماء ومما فيه دواء وشفاء وأنه يكون مستجاب الدعوة في كل ما يطلبه ويكون مذهبه ودينه ما يصلح به العالم.
وكانت قبلة إدريس جهة الجنوب على خط نصف النهار كان رجلا تام الخلقة حسن الوجه أجلح كث اللحية مليح الشمائل والتخاطيط تام الباع عريض المنكبين ضخم العظام قليل اللحم براق العين أكحلها متأنيا في كلامه كثير الصمت وإذا اغتاظ أخذ يحرك سبابته إذا تكلم وكانت مدة مقامه في الأرض اثنتين وثمانين سنة ثم دفعه الله مكانا عليا.
وهو أول من خاط الثياب وحكم بالنجوم وأنذر بالطوفان وأول من بنى الهياكل ومجد الله فيها وأول من نظر في الطب وأول من ألف القصائد والأشعار وهو الذي بنى أهرام بمصر وصور فيها جميع العلوم والصناعات وآلاتها خشية أن يذهب رسمها بالطوفان.
واعلم أيضا أن من أساتذة الحكمة الحكيم أفلاطون أحد الأساطين الخمسة للحكمة من يونان كبير القدر مقبول القول البليغ في مقاصده.
أخذ عن فيثاغورس وشارك مع سقراط في الأخذ عنه وصنف في الحكمة كتبا لكن اختار فيها الرمز والإغلاق وكان يعلم تلاميذه وهو ماش ولهذا سموا المشائين وفوض الدرس في آخر عمره إلى أرشد أصحابه وانقطع هو للعبادة وعاش ثمانين سنة وولد في مدينة أنيس ولازم سقراط خمسين سنة وكان عمره إذ ذاك عشرون سنة وتزوج امرأتين وكانت نفسه في التعليم مباركة تخرج بها علماء اشتهروا من بعده.
ومن جملة أساتذة الحكمة أرسطاطاليس تلميذ أفلاطون لازم خدمته مدة عشرين سنة وكان أفلاطون يؤثر على غيره ويسميه العقل وهو خاتم حكماءهم وسيد علمائهم وأول من استخرج المنطق وله كتب شريفة في الفلسفة وكان معلم الإســكندر بن فيلقوس وبآدابه وسياسته عمل هو فظهر الخير وفاض العدل وبه انقمع الشرك في بلاد اليونانيين.
ومعنى أرسطاطاليس محب الحكمة أو الفاضل الكامل عاش سبعا وستين سنة ومصنفاته تنيف على ثمانين وكان أبيض أجلح حسن القامة عظيم العظام صغير العينين والفم عريض الصدر كث اللحية أشهل العينين أقنى الأنف يسرع في مشيته ناظرا في الكتب دائما يقف عند كل كلمة ويطيل الإطراق عند السؤال قليل الجواب ينتقل في أوقات النهار في الفيافي ونحو الأنهار محبا لاستماع الألحان والاجتماع بأهل الرياضة وأصحاب الجدل منصفا في نفسه إذا خصم ويعرف بموضع الإصابة والخطأ معتدلا في الملابس والمآكل مات وله ثمان وتسعين سنة ثم إنه تخلف عن خدمة الملوك وبنى موضع التعليم وأقبل على العناية بمصالح الناس.
وكان جليل القدر كثير التلاميذ من الملوك وأبناءهم وكان أهل مدينة أسطا إذا أشكل عليهم أمر يجتمعون إلى قبره حتى يفتح لهم ويزعمون أن قبره يصحح فكرهم ويذكي عقولهم واستيفاء أخباره لا يمكن إلا في مجلد.
ومن جملة أساتذة الحكمة الفارابي وهو أبو نصر محمد بن محمد كان ذكيا حكيما مشهورا صاحب التصانيف في المنطق والمحكمة وغيرهما من العلوم وهو أكبر فلاسفة الإسلاميين لم يكن فيهم من بلغ رتبته في فنونه وتخرج ابن سينا في كتبه وبعلومه انتفع في تصانيفه كان رجلا تركيا تنقلت به الأسفار إلى أن وصل بغداد وهو يعرف كثيرا من اللغات غير العربي ثم تعلمه وأتقنه.
ثم اشتغل بالحكمة فقرأ على أبي بشر - متى بن يونس الحكيم - من شرح كتاب أرسطو في المنطق سبعين سفرا وكان هو شيخا كبيرا له صيت عظيم يجتمعون في حلقته كل يوم المئون من المنطقيين ثم أخذ طرفا من المنطق من أبي حنا ابن خيلان الحكيم النصراني بمدينة حران ثم نقل إلى بغداد وقرأ بها علوم الفلسفة وتمهر في كتب أرسطو جميعها يقال وجد كتاب النفس لأرسطو عليه مكتوب بخط الفار أبي: إني قرأت هذا الكتاب مائتي مرة وقال: قرأت السماع الطبعي لأرسطو أربعين مرة ومع ذلك إني محتاج إلى معاودته وكان يقول: لو أدركت أرسطو لكنت أكبر تلامذته.
ثم سافر إلى دمشق ثم إلى مصر ثم عاد إلى دمشق فأحسن إليه سلطانها1 سيف الدولة بن حمدان وأجرى عليه كل يوم أربعة دراهم لأنه كان أزهد الناس في الدنيا لا يحتفل بأمر مكتسب ولا مسكن لذلك أقتصر على أربعة دراهم وكان منفردا بنفسه لا يكون إلا في مجتمع ماء أو مشبك رياض ويؤلف كتبه هناك وكان أكثر تصانيفه في الرقاع ولم يصنف في الكراريس إلا قليلا فلذلك كانت أكثر تصانيفه فصولا وتعليقات وبعضها ناقصا.
يحكى أن الآلات المسماة بالقونون من تركيبه.
توفي سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة بدمشق وقد ناهز ثمانين سنة.
وعدد مصنفاته من الكتب والرسالة سبعون كلها نافعة سيما كتابان في العلم الإلهي والمدني لا نظير لهما.
أحدهما: المعروف بالسياسة المدنية.
والأخرى: بالسيرة الفاضلة وصنف كتابا شريفا في إحصاء العلوم والتعريف بأغراضها لم يسبق إليه أحد ولا ذهب أحد مذهبه ولا يستغني عنه أحد من طلاب العلم وكذا كتابه في أغراض أفلاطون وأرسطو أطلع فيه على أسرار العلوم وثمارها علما علما وبين كيفية التدرج من بعضها إليها بعض شيئا فشيئا ثم بدأ بفلسفة أرسطو ووصف أغراضه في تواليفه المنطقية والطبيعية فلا أعلم كتابا أجدى على طلب الفلسفة منه.
وفاراب: إحدى مدن الترك فيما وراء النهر. ومن جملة أساطين الحكمة: أبو علي حسين بن عبد الله بن سينا الحكيم المشهور وكان أبوه من بلخ ثم انتقل منها إلى بخارا وكان من العمال الكفاة وتولى العمل بقرية من بخارا يقال لها هرمين ثم انتقلوا إلى بخارا وانتقل الرئيس بعد ذلك في البلاد وأشتغل بالعلوم وحصل الفنون ولما بلغ عشر سنين من عمره أتقن علم القرآن العزيز والأدب وحفظ أشياء من أصول الدين وحساب الهندسة والجبر والمقابلة ثم قرأ كتاب: إيساغوجي علي أبي عبد الله النابلي وأحكم عليه ظواهر المنطق: لأنه لم يكن يعرف دقائقها ثم حل هو نفسه دقائق غفل عنها الأوائل وأحكم عليه إقليدس والمجسطي وفاقه أضعافا كثيرة.
وكان مع ذلك يختلف في الفقه إلى إسماعيل الزاهد يقرأ ويبحث ويناظرهم ثم اشتغل بتحصيل الطبعي والإلهي وغير ذلك وفتح الله عليه أبواب العلوم ثم فاق في علم الطب الأوائل والأواخر في أقل مدة وأصبح عديم القرين فقيد المثيل.
وقرأ عليه فضلاء هذا الفن أنواعه والمعالجات المقتبسة من التجربة وسنه إذ ذاك نحو ستة عشر وفي مدة اشتغاله لم ينم ليلة واحدة بكمالها ولم يشتغل في النهار بشيء سوى العلم والمطالعة وكان إذا أشكلت عليه مسئلة توضأ وقصد المسجد الجامع وصلى ودعا الله عز وجل أن يسهلها عليه ويفتح مغلقها له فتح الله - تبارك وتعالى – مشكلاتها.
ثم اتصل بخدمة نوح بن نصر الساماني صاحب خراسان بسبب الطب ودخل إلى خزانة كتبه واطلع على كتب لم تقرع آذان الزمان بمثلها وحصل نخب فوائدها وتحلى بنفائس فرائدها.
ويحكى عنه أنه لم يطلع على مسئلة إلى آخر عمره إلا وكان يعرفها وكان في ثمانية عشر سنين من سنه حتى حكي عنه أنه قال: كل ما علمته في ذلك الوقت فهو كما علمته الآن لم أزد عليه إلى اليوم وهذا أمر عظيم لا يكاد يقبله العقل لولا عرف حد ذكائه.
ثم تنقلت به الأحوال بأمور يطول شرحها حتى استوزر ثم عزل وحبس وبعد هذه الأحوال كلها مرض ثم صلح ثم دخل إلى أن ضعف جدا ثم اغتسل وتاب1 وتصدق بما معه على الفقراء ورد المظالم على من عرفه وأعتق مماليكه وجعل يختم في كل ثلاثة أيام ختمة ثم مات يوم الجمعة من رمضان سنة ثمان وعشرين وأربعمائة بهمذان وكانت ولادته سنة سبعين وثلاثمائة في شهر صفر وقيل: توفي بأصبهان وفضائله كثيرة شهيرة وكان نادرة عصره في علمه وذكائه وتصانيفه.
وعدة مؤلفاته ثمانية وستون على الأشهر وقيل: يقارب مائة مصنف ما بين مطول ومختصر. ورسائله بديعة منها: رسالة حي بن يقظان و: رسالة سلامان و: إبسال و: رسالة الطب و: قصيدة الورقاء يرمز بها عن النفس الناطقة.
ومن جملة أساطين الحكمة الإمام فخر الدين الرازي وممن نحا نحو ابن سينا والرازي:
نصير الدين الطوسي وهو محمد بن محمد سلطان الحكماء المدققين وقدوتهم في زمانه جامع علوم المتقدمين والمتأخرين.
ولد يوم السبت حادي عشر جمادى الأولى سنة سبع وتسعين وخمسمائة توفي آخر نهار الاثنين ثامن عشر ذي الحجة وقت مغيب الشمس سنة اثنتين وسبعين وستمائة ودفن بالمشهد الكاظمي.
وكان آية في التدقيق والتحقيق وحل المواضع المشكلة سيما: لطف التحرير الذي لم يلتفت إليه المتقدمون بل التفتوا إلى جانب المعنى فقط ثم إن الفاضل الشريف قلده في أمر التحرير والتقرير كما يظهر ذلك بالنظر في تصانيفهما.
وكان1 غاليا في التشيع كما يفصح عنه المقصد السادس من التجريد إلا أن الشيخ أكمل الدين قال: في أواخر شرحه للتجريد سمعت شيخي العلامة قطب الدين الشيرازي قال: كان الناس مختلفين في أن هذا الكتاب يعني التجريد لخواجه نصير الدين أولا فسأل عن ذلك ابنه خواجه أصيل الدين فقال: كان والدي وضعه إلى باب الإمامة وتوفي فكمله ابن المطهر الحلي وكان من الشيعة وهو زائغ زيغا عظيما فعلى هذه الرواية يكون بريئا عن نقيصة التشيع إلا أن المشهور عند الجمهور خلاف.
وبمن يلي هؤلاء في معرفة الحكمة الشيخ شهاب الدين السهروردي بل فاق كثيرا في الحكمة الذوقية.
وممن خرط في سلكهم الشيخ قطب دن الشيرازي والشيخ قطب الدين الرازي وسعد الدين التفتازاني والسيد الشريف الجرجاني ثم الجلال الدواني.
قال الأرنيقي: بعد ما ذكر في: مدينة العلوم ومن فضلاء بلادنا مولانا مصلح الدين مصطفى الشهير بخواجه زاده ومصلح الدين مصطفى الشهير بالقسطلاني لكن هؤلاء السبعة قد فاقوا على أكثر المتقدمين في الحديث والتفسير والأصول والفروع إلا أن الإمام فخر الدين الرازي فإنه تمهر فيها مع مشاركته لهؤلاء في علوم الحكمة بأقسامها وإن اتقانه أقوى من إتقانهم. انتهى
قلت: وفي قوله فاق على أكثر المتقدمين إلى آخره نظرا لأن العلم المجرد بالحديث والتفسير لا يكفي في صحة الاعتقاد والعمل حتى يستعملها على وجههما ويقول بمقتضاهما ويحقق فحواهما وأنى لهم التناوش من مكان بعيد.
والفخر الرازي أكثر كلاما من هؤلاء في علوم التفسير ولكن قال أهل التحقيق في حق كتابه: مفاتيح الغيب فيه كل شيء إلا التفسير وقد بحث في تفسيره هذا عن كل شيء لم يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها وقد أخطأ في مواضع مما يتعلق بفهم القرآن الكريم ويقال: إنه لم يكمل تفسيره بل كمله بعض من جاء بعده والخطأ منه وقد أصاب في مواضع منها: رد التقليد واثبات الاتباع. والله أعلم.
ثم قال في: مدينة العلوم: إن الكتب المؤلفة في العلم الإلهي لما لم يخل عن الرياضي والطبعي أيضا أحببنا أن نذكره بعد الفراغ عن الكل - اللهم إلا نادرا -: كالمباحث المشرقية للإمام فخر الدين الرازي وأمثاله ولا تظن أن العلوم الحكمية مخالفة للعلوم الشرعية مطلقا بل الخلاف في مسائل يسيرة وبعضها مخالف في مسائل قليلة ظاهرا لكن إن حقق يصافح أحدهما الآخر ويعانقه. انتهى.
قال في: كشف الظنون ثم اعلم أن البحث والنظر في هذا العلم لا يخلو إما: أن يكون على طريق النظر أو: على طريق الذوق فالأول: إما على قانون فلاسفة المشائين فالمتكفل له كتب الحكمة أو على قانون المتكلمين فالمتكفل حينئذ كتب الكلام لأفاضل المتأخرين والثاني: إما على قانون فلاسفة الإشراقين فالمتكفل له حكمة الإشراق ونحوه أو على قانون الصوفية واصطلاحهم فكتب التصوف.
وقد علم موضوع هذا الفن ومطالبه فلا تغفل فإن هذا التنبيه والتعليم مما فات عن أصحاب الموضوعات - وفوق كل ذي علم عليم.
وعبارة ابن خلدون في: تاريخه هكذا.
قال: علم الإلهيات: هو علم ينظر في الوجود المطلق.
فأولا: في الأمور العامة للجسمانيات والروحانيات من الماهيات والوحدة والكثرة والوجوب والإمكان وغير ذلك.
ثم ينظر في مبادئ الموجودات وأنها روحانيات.
ثم في كيفية صدور الموجودات عنها ومراتبها.
ثم في أحوال النفس بعد مفارقة الأجسام وعودها إلى المبدأ.
وهو عندهم: علم شريف يزعمون أنه يوقفهم على معرفة الوجود على ما هو عليه وإن ذلك عين السعادة في زعمهم وسيأتي الرد عليهم وهو تال للطبيعيات في ترتيبهم ولذلك يسمونه: علم ما وراء الطبيعة وكتب المعلم الأول فيه موجود بين أيدي الناس ولخصه ابن سينا في كتاب: الشفاء والنجاة وكذلك لخصها ابن رشد من حكماء الأندلس.
ولما وضع المتأخرون في علوم القوم ودونوا فيها رد عليهم الغزالي ما رد منها ثم خلط المتأخرون من المتكلمين مسائل علم الكلام بمسائل الفلسفة لعروضها في مباحثهم وتشابه موضوع علم الكلام بموضوع الإلهيات ومسائله بمسائلها فصارت كأنها فن واحد ثم غيروا ترتيب الحكماء في مسائل الطبيعيات والإلهيات وخلطوهما فنا واحدا قدموا الكلام في الأمور العامة ثم أتبعوه بالجسمانيات وتوابعها إلى آخر العلم كما فعله الإمام ابن الخطيب في: المباحث المشرقية وجميع من بعده من علماء الكلام وصار علم الكلام مختلطا بمسائل الحكمة وكتبه محشوة بها كان الغرض من موضوعهما ومسائلهما واحد والتبس ذلك على الناس وهي غير صواب لأن مسائل علم الكلام إنما هي عقائد ملتقاة من الشريعة كما نقلها السلف من غير رجوع فيها إلى العقل ولا تعويل عليه بمعنى أنها لا تثبت إلا به فإن العقل معزول عن الشرع وأنظاره وما تحدث فيه المتكلمون من إقامة الحجج فليس بحثا عن الحق فيها فالتعليل بالدليل بعد أن لم يكن معلوما هو شأن الفلسفة بل إنما هو التماس حجة عقلية تعضد عقائد الإيمان ومذاهب السلف فيها وتدفع شبه أهل البدع عنها الذين زعموا أن مداركهم فيها عقلية وذلك بعد أن تفرض صحيحة بالأدلة النقلية كما تلقاها السلف واعتقدوها وكثيرا ما بين المقامين من التفاوت في ذلك مدارك صاحب الشريعة أوسع لاتساع نطاقها عن مدارك الأنظار العقلية فهي فوقها ومحيطة بها لاستمدادها من الأنوار الإلهية فلا تدخل تحت قانون النظر الضعيف والمدارك المحاط بها فإذا هدانا الشارع إلى مدرك فينبغي أن نقدمه على مداركنا ونثق به دونها ولا ننظر في تصحيحه بمدارك العقل ولو عارضه نعتمد ما أمرنا به اعتقادا وعلما ونسكت عما لم نفهم من ذلك ونفوضه إلى الشارع ونعزل العقل عنه.
والمتكلمون إنما دعاهم إلى ذلك كلام أهل الإلحاد في معارضات العقائد السلفية بالبدع النظرية فاحتاجوا إلى الرد عليهم من جنس معارضاتهم واستدعى ذلك الحجج النظرية والبطلان فليس من موضوع علم الكلام ولا من جنس أنظار المتكلمين فاعلم ذلك لتميز به بين الفنين فإنهما مختلطان عند المتأخرين في الوضع والتأليف والحق مغايرة كل منه لصاحبه بالموضوع والمسائل وإنما جاء الالتباس من اتحاد المطالب عند الاستدلال وصار احتجاج أهل الكلام كأنه إنشاء لطلب الاعتداد بالدليل وليس كذلك بل إنما هو رد على الملحدين
والمطلوب مفروض الصدق معلومه وكذا جاء المتأخرين من غلاة المتصوفة المتكلمين بالمواجد أيضا فخلطوا مسائل الفنين بفنهم وجعلوا الكلام واحدا فيه كلها مثل كلامهم في النبوات والاتحاد والحلول والوحدة وغير ذلك.
والمدارك في هذه الفنون الثلاثة متغايرة مختلفة وأبعدها من جنس الفنون والعلوم مدارك المتصوفة لأنهم يدعون فيها الوجدان ويفرون عن الدليل والوجدان بعيد عن المدارك العلمية وأبحاثها وتوابعها كما بيناه ونبينه - والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم -. انتهى كلامه.

باهريني

باهريني
عن الفارسية بهران بمعنى الريح الحارة، أو عن بهرون بمعنى اسم الإســكندر الاكبر.
باهريني
من (ب ه ر) نسبة إلى بَاهِرِين جمع بَاهِر.

علم السياسية

علم السياسية
اقتصر صاحب كشف الظنون على ذلك ولم يزد عليه.
قال في مدينة العلوم: هو: علم يعرف منه أحوال السياسات والاجتماعات المدنية وأحوالها مثل أحوال السلاطين والملوك والأمراء وأهل الإحستاب والقضاة والعلماء وزعماء الأموال ووكلاء بيت المال وما يجري مجرى هؤلاء.
وموضوعه: المراتب المدنية وأحكامها.
ومنفعته: معرفة الاجتماعات المدينة الفاضلة والمراد به وجه استيفاء كل واحد منها ودفع علل زوالها وجهات انتقالها ومن أعظم أسباب انتقال الدولة الإخلال بركن من أركان الشريعة وقواعد العمارات وكتاب السياسة الذي أرسله أرسطاطاليس إلى الإســكندر يشتمل على مهمات هذا العلم وكتاب آراء المدينة الفاضلة لأبي نصر الفارابي جامع لقوانينه.
ومن الكتب الجامعة لهذه العلوم الثلاثة كتاب الأخلاق الناصرية لنضير الدين الطوسي وكتاب الأخلاق الجلالية لجلال الدين الدواني.
ومن الكتب المختصرة الجامعة لأصول هذه الفنون الثلاثة: رسالة مولانا عضد الدين وشرحها تلميذه مولانا شمس الدين الكرماني وقد شرحها شرحا جامعا في عنفوان الشباب فعاد بحمد الله نافعا في هذا الباب انتهى.
وأقول فيه كتاب السياسة الشرعية لإصلاح الراعي والرعية لشيخ الإسلام أحمد بن تيمية الحراني رضي الله عنه وأرضاه مختصر وجدته في مكة المكرمة واستنسختها بيدي لنفسي ولمن أخلفه وهو موجود في دار الكتب لي والله الحمد.
وترجمه بير محمد بن علي العاشق لإعلام حاله إلى السلطان سليم خان وبيان عجزه عن القضاء وسماه معراج الأيالة ومنهاج العدالة زاد فيه أشياء متعلقة بالحرب وبيت المال.
وفي كتابنا إكليل الكرامة في تبيان مقاصد الإمامة فصول مستقلة في هذا الباب.

فهرس كتب التاريخ: (حرف الألف)

فهرس كتب التاريخ: (حرف الألف)
إتحاف الأخصا، في تاريخ القدس
....
إتحاف الورى، في تاريخ مكة
.....
اتعاظ الحنفا، في الفاطميين
....
اتعاظ المتأمل، في خطط مصر
....
الآثار الباقية، عن القرون الخالية
....
أحاسن اللطائف، في الطائف
....
الإحاطة، في تاريخ غرناطة
....
أحداث الزمان
....
أخبار الأخيار
....
أحسن السلوك
....
أخبار الدولة
....
أخبار الدول
....
أخبار الربط
....
أخبار الخلفاء
....
أخبار الزمان
....
أخبار الشعراء
....
أخبار العارفين
....
أخبار الفقهاء
....
أخبار العلماء
....
أخبار القصاص
....
أخبار القضاة
....
أخبار القرطبيين
....
أخبار قضاة مصر، وأذياله
....
أخبار قضاة بصرة
....
أخبار قضاة بغداد
....
أخبار قضاة قرطبة
....
أخبار القلاع
....
أخبار المدينة
....
أخبار مصر
....
أخبار المستفادة، في آل قتادة
....
أخبار المصنفين
....
أخبار المستفادة، في بني جرادة
....
أخبار المشتاق
....
أخبار المنجمين
....
أخبار النحاة
....
أخبار الموصل
....
أخبار الوزراء
....
أخبار اليمن
....
إرشاد الألباء
....
إرغام أولياء الشيطان
....
أزهار الروضتين
....
أزهار العروش
....
الأساس، في بني العباس
....
الاستسعاد، بمن لقي من صالحي العباد
....
الاستيعاب، في الأصحاب، وأذياله
....
أسد الغابة، في الصحابة
....
إســكندر نامه
....
أسماء الشعراء
....
أسماء الصحابة
....
أسنى المفاخر
....
أسنى المقاصد
....
الإشارات، لمعرفة الزيارات
....
الإشارة، في أخبار الشعراء
....
الإشارة، والأعلام
....
إشراق التواريخ
....
أشرف التواريخ
وترجمته.
الإصابة، في الصحابة
....
أصداف، الأوصاف
....
أصول التواريخ
....
الأعلاق الخطيرة
....
أطراف التواريخ
....
الإعلام، بإعلام بلد الله الحرام
وترجمته.
الإعلام بالحروب
....
الإعلام، بفضائل الشام
....
الإعلام، بمن ولي مصر في الإسلام
....
الإعلام بالوفيات
....
أعمار الأعيان
....
الإعلان بالتوبيخ
....
أعيان العصر
....
أعيان الفرس
....
الإفادة، في أخبار مصر
....
اقتطاف الأزاهر
....
الإلمام، في ملوك الحبشة
....
إنباء الرواة، على أبناء النحاة
....
إنباء الغمر، وأذياله
....
الإنباء، على الأنبياء
....
الأنباء المستطابة
....
الأنباء المبينة
....
الانتصار، لواسطة عقد الأمصار
....
الانتقاء، في أخبار الفقهاء
....
الأنس الجليل، في تاريخ القدس، والخليل
....
أنفس الأخبار
....
أنموذج الزمان
....
أنيس المسامرين
....
الأوراق، في أخبار بني العباس
....
أوسط التواريخ
....
الإيجاز، في الحجاز
....
الإيضاح، في أهل الأندلس
....
إيقاظ المتغفل
تاريخ مصر
إيقاظ الوسنان
....
الإيناس، بمناقب العباس
....

علم السحر

علم السحر
هو: علم يستفاد منه حصول ملكة نفسانية يقتدر بها على أفعال غريبة بأشياء خفية قاله في كشاف اصطلاحات الفنون.
وفي كشف الظنون: هو ما خفي سببه وصعب استنابطه لأكثر العقول.
وحقيقته: كل ما سحر العقول وانقادت إليه النفوس بخدعة وتعجب واستحسان فتميل إلى إصغاء الأقوال والأفعال الصادرة عن الساحر.
فعلى هذا التقدير هو: علم باحث عن معرفة الأحوال الفلكية وأوضاع الكواكب وعن ارتباط كل منها مع الأمور الأرضية من المواليد الثلاثة على وجه خاص ليظهر من ذلك الارتباط والامتزاج عللها وأسبابها وتركيب الساحر في أوقات المناسبة من الأوضاع الفلكية والأنظار الكوكبية بعض المواليد ببعض فيظهر ما جل أثره وخفي سببه من أوضاع عجيبة وأفعال غريبة تحيرت فيها العقول وعجزت عن حل خفاها أفكار الفحول.
أما منفعة هذا: العلم فالاحتراز عن عمله لأنه محرم شرعا إلا أن يكون لدفع ساحر يدعي النبوة فعند ذلك يفترض وجود شخص قادر لدفعه بالعمل ولذلك قال بعض العلماء:
إن تعلم السحر فرض كفاية وإباحة الأكثرون دون عمله إلا إذا تعين لدفع المتنبي.
واختلف الحكماء في طرق السحر:
فطريق الهند: بتصفية النفس وطريق النبط: بعمل العزائم في بعض الأوقات المناسبة.
وطريق اليونان: بتسخير روحانية الأفلاك والكواكب.
وطريق العبرانيين والقبط والعرب: بذكر بعض الأسماء المجهولة المعاني فكأنه قسم من العزائم زعموا أنهم سخروا الملائكة القاهرة للجن. فمن الكتب المؤلفة في هذا الفن: الإيضاح للأندلسي والبساطين لاستخدام الأنس وأرواح الجن والشياطين وبغية الناشد ومطلب القاصد على طريقة العبرانيين والجمهرة أيضا ورسائل أرسطو إلى الإســكندر وغاية الحكيم للمجريطي وكتاب طيماؤس وكتاب الوقوفات للكواكب على طريقة اليونانيين وكتاب سحر النبط لابن وحشية وكتاب العمي على طريقة العبرانيين ومرآة المعاني في إدراك العالم الإنساني على طريقة الهند انتهى ما في كشف الظنون
وفي تاريخ ابن خلدون علم السحر والطلسمات هو: علم بكيفية استعدادات تقتدر النفوس البشرية بها على التأثيرات في عالم العناصر إما بغير معين أو بمعين من الأمور السماوية والأول هو: السحر والثاني: هو الطلسمات.
ولما كانت هذه العلوم مهجورة عند الشرائع لما فيها من الضرر ولما يشترط فيها من الوجهة إلى غير الله من كوكب أو غيره كانت كتبها كالمفقود بين الناس إلا ما وجد في كتب الأمم الأقدمين فيما قبل نبوة موسى عليه السلام مثل: النبط والكلدانيين فإن جميع من تقدمه من الأنبياء لم يشرعوا الشرائع ولا جاؤوا بالأحكام إنما كانت كتبهم مواعظ توحيد الله وتذكير بالجنة والنار وكانت هذه العلوم في أهل بابل من السريانيين والكلدانيين وفي أهل مصر من القبط وغيرهم وكان لهم فيها التأليف والآثار ولم يترجم لنا من كتبهم فيها إلا القليل مثل:
الفلاحة النبطية من أوضاع أهل بابل فأخذ الناس منها هذا العلم وتفننوا فيه ووضعت بعد ذلك الأوضاع مثل: مصاحف الكواكب السبعة وكتاب طمطم الهندي في صور الدرج والكواكب وغيرهم.
ثم ظهر بالمشرق جابر بن حيان كبير السحرة في هذه الملة فتصفح كتب القوم واستخرج الصناعة وغاص على زبدتها واستخرجها ووضع فيها غيرها من التآليف وأكثر الكلام فيها وفي صناعة السيمياء لأنها من توابعها لأن إحالة الأجسام النوعية من صورة إلى أخرى إنما يكون بالقوة النفسية لا بالصناعة العملية فهو من قبيل السحر ثم جاء مسلمة بن أحمد المجريطي إمام أهل الأندلس في التعاليم والسحريات فلخص جميع تلك الكتب وهذبها وجمع طرقها في كتابه الذي سماه غاية الحكيم ولم يكتب أحد في هذا العلم بعده ولنقدم هنا مقدمة يتبين بها حقيقة السحر وذلك أن النفوس البشرية وإن كانت واحدة بالنوع فهي مختلفة بالخواص وهي أصناف كل صنف مختص بخاصية واحدة بالنوع لا توجد في الصنف الآخر وصارت تلك الخواص فطرة وجبلة لصنفها.
فنفوس الأنبياء عليهم السلام لها خاصية تستعد بها للمعرفة الربانية ومخاطبة الملائكة عليهم السلام عن الله - سبحانه وتعالى - كما مر وما يتبع ذلك من التأثير في الأكوان واستجلاب روحانية الكواكب للتصرف فيها والتأثير بقوة نفسانية أو شيطانية.
فأما تأثير الأنبياء فمدد إلهي وخاصية ربانية ونفوس الكهنة لها خاصية الاطلاع على المغيبات بقوى شيطانية وهكذا كل صنف مختص بخاصية لا توجد في الآخر.
والنفوس الساحرة على مراتب ثلاثة يأتي شرحها:
فأولها: المؤثرة بالهمة فقط من غير إله ولا معين وهذا هو الذي تسميه الفلاسفة: السحر.
والثاني: بمعين من مزاج الأفلاك أو العناصر أو خواص الأعداد ويسمونه: الطلسمات وهو أضعف رتبة من الأول. والثالث: تأثير في القوى المتخيلة يعمد صاحب هذا التأثير إلى القوى المتخيلة فيتصرف فيها بنوع من التصرف ويلقي فيها أنواعا من الخيالات والمحاكات وصورا مما يقصده من ذلك ثم ينزلها إلى الحسن من الرائين بقوة نفسه المؤثرة فيه فينظر الراؤون كأنها في الخارج وليس هناك شيء من ذلك كما يحكي عن بعضهم أنه يرى البساتين والأنهار والقصور وليس هناك شيء من ذلك ويسمى هذا عند الفلاسفة: الشعوذة أو الشعبذة هذا تفصيل مراتبه.
ثم هذه الخاصية تكون في الساحرة بالقوة شأن القوى البشرية كلها وإنما تخرج إلى الفعل بالرياضة ورياضة السحر كلها إنما تكون بالتوجه إلى الأفلاك والكواكب والعوالم العلوية والشياطين بأنواع التعظيم والعبادة والخضوع والتذلل فهي لذلك وجهه إلى غير الله وسجود له والوجهة إلى غير الله كفر فلهذا كان السحر كفرا والكفر من مواده وأسبابه كما رأيت ولهذا اختلف الفقهاء في قتل الساحر هل هو لكفره السابق على فعله أو لتصرفه بالإفساد وما ينشأ عنه من الفساد في الأكوان والكل حاصل منه.
ولما كانت المرتبتان الأوليان من السحر لهما حقيقة في الخارج والمرتبة الأخيرة الثالثة لا حقيقة لها اختلف العلماء في السحر هل هو حقيقة أو إنما هو تخييل؟
فالقائلون بأن له حقيقة: نظروا إلى المرتبتين الأوليين.
والقائلون بأن لا حقيقة له: نظروا إلى المرتبة الثالثة الأخيرة فليس بينهم اختلاف في نفس الأمر بل إنما جاء من قبل اشتباه هذه المراتب والله أعلم.
واعلم أن وجود السحر لا مرية فيه بين العقلاء من أجل التأثير الذي ذكرناه وقد نطق به القرآن قال الله تعالى: {وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} .
وسحر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى كان يخيل إليه أنه يفعل الشيء ولا يفعله وجعل سحره في مشط ومشاقة وجف طلعة ودفن في بئر ذروان فأنزل الله عز وجل عليه في المعوذتين {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ} .
قالت عائشة رضي الله عنها: فكان لا يقرأ على عقدة من تلك العقد التي سحر فيها إلا انحلت.
وأما وجود السحر في أهل بابل وهم الكلدانيون من النبط والسريانيون فكثير ونطق به القرآن وجاءت به الأخبار
وكان للسحر في بابل ومصر زمان بعثه موسى عليه السلام أسواق نافقة ولهذا كانت معجزة موسى من جنس ما يدعون ويتناغون فيه وبقي من آثار ذلك في البرابي بصعيد مصر شواهد دالة على ذلك ورأينا بالعيان من يصور صورة الشخص المسحور بخواص أشياء مقابلة لما نواه وحلوله موجودة بالمسحور وأمثال تلك المعاني من أسماء وصفات في التأليف والتفريق
ثم يتكلم على تلك الصورة التي أقامها مقام الشخص المسحور عينا أو معنى ثم ينفث من ريقه بعد اجتماعه في فيه بتكرير مخارج تلك الحروف من الكلام السوء ويعقد على ذلك المعنى في سبب أعده لذلك تفاؤلا بالعقد واللزام وأخذ العهد على من أشرك به من الجن في نفثه في فعله ذلك استشعارا للعزيمة ولتلك البنية والأسماء السيئة روح خبيثة تخرج منه مع النفخ متعلقة بريقه الخارج من فيه بالنفث فتنزل عنها أرواح خبيثة ويقع عن ذلك بالمسحور ما يحاوله الساحر.
وشاهدنا أيضا من المنتحلين للسحر عمله من يشير إلى كساء أو جلد ويتكلم عليه في سره فإذا هو مقطوع مترف ويشير إلى بطون الغنم كذلك في مراعيها بالبعج فإذا أمعاؤها ساقطة من بطونها إلى الأرض.
وسمعنا أن بأرض الهند لهذا العهد من يشير إلى إنسان فيتحتت قلبه ويقع ميتا وينقب عن قلبه فلا يوجد في حشاه ويشير إلى الرمانة وتفتح فلا يوجد من حبوبها شيء.
وكذلك سمعنا أن بأرض السودان وأرض الترك من يسحر السحاب فيمطر الأرض المخصوصة.
وكذلك رأينا من عمل الطلسمات عجائب في الأعداد المتحابة وهي رك رف د أحد العددين مائتان وعشرون والآخر مائتان وأربعة وثمانون.
ومعنى المتحابة: أن أجزاء كل واحد التي فيه من نصف وثلث وربع وسدس وخمس وأمثالها إذا جمع كان مساويا للعدد الآخر صاحبه فيسمى لأجل ذلك: المتحابة.
ونقل أصحاب الطلسمات: أن لتلك الأعداد أثرا في الإلفة بين المتحابين واجتماعهما إذا وضع لهما مثالان أحدهما بطالع الزهرة وهي في بيتها أو شرفها ناظرة إلى القمر نظر مودة وقبول ويجعل طالع الثاني سابع الأول ويضع على أحد التمثالين أحد العددين والآخر على الآخر ويقصد بالأكثر الذي يراد ائتلافه أعني المحبوب ما أدري الأكثر كمية أو الأكثر أجزاء فيكون لذلك من التأليف العظيم بين المتحابين ما لا يكاد ينفك أحدهما عن الآخر قاله صاحب الغاية وغيره من أئمة هذا الشأن وشهدت له التجربة.
وكذا طابع الأسد ويسمى أيضا: طابع الحصى وهو أن يرسم في قالب هذا الطابع صورة أسد شائلا ذنبه عاضا على حصاة قد قسمها بنصفين وبين يديه صورة حية منسابة من رجليه إلى قبالة وجهه فاغرة فاها إلى فيه وعلى ظهره صورة عقرب تدب ويتحين برسمه حلول الشمس بالوجه الأول أو الثالث من الأسد بشرط صلاح النيرين وسلامتهما من النحوس فإذا وجد ذلك وعثر عليه طبع في ذلك الوقت في مقدار المثقال فما دونه من الذهب وغمس بعد في الزعفران محلولا بماء الورد ورفع في خرقة حرير صفراء فإنهم يزعمون أن لممسكه من العز على السلاطين في مباشرتهم وخدمتهم وتسخيرهم له ما لا يعبر عنه وكذلك السلاطين فيه من القوة والعز على من تحت أيديهم ذكر ذلك أيضا أهل هذا الشأن في الغاية وغيرها وشهدت له التجرية.
وكذلك وفق المسدس المختص بالشمس ذكروا أنه يوضع عند حلول الشمس في شرفها وسلامتها من النحوس وسلامة القمر بطالع ملوكي يعتبر فيه نظر صاحب العاشر لصاحب الطالع نظر مودة وقبول ويصلح فيه ما يكون في مواليد الملوك من الأدلة الشريفة ويرفع خرقة حرير صفراء بعد أن يغمس في الطيب فزعموا أنه له أثرا في صحابة الملوك وخدمتهم ومعاشرتهم وأمثال ذلك كثيرة.
وكتاب الغاية لمسلمة بن أحمد المجريطي هو مدون هذه الصناعة وفيه استيفاؤها وكمال مسائلها. وذكر لنا1 أن الإمام الفخر بن الخطيب وضع كتابا في ذلك وسماه: بالسر المكتوم وإنه بالمشرق يتداوله أهله ونحن لم نقف عليه والإمام لم يكن من أئمة هذا الشأن فيما نظن ولعل الأمر بخلاف ذلك وبالمغرب صنف من هؤلاء المنتحلين لهذه الأعمال السحرية يعرفون بالبعاجين وهم الذين ذكرت أولا أنهم يشيرون إلى الكساء أو الجلد فيتخرق ويشيرون إلى بطون الغنم بالبعج فتنبعج ويسمى أحدهم لهذا العهد باسم: البعاج لأن أكثر ما ينتحل من السحر بعج الأنعام يرتب بذلك أهلها ليعطوه من فضلها وهم متسترون بذلك في الغاية خوفا على أنفسهم من الحكام لقيت منهم جماعة وشاهدت من أفعالهم هذه بذلك وأخبروني أن لهم وجهة ورياضة خاصة بدعوات كفرية وإشراك روحانيات الجن والكواكب سطرت فيها صحيفة عندهم تسمى الخزيرية يتدارسونها وإن بهذه الرياضة والوجهة يصلون إلى حصول هذه الأفعال لهم وإن التأثير الذي لهم إنما هو فيما سوى الإنسان الحر من المتاع والحيوان والرقيق يعبرون عن ذلك بقولهم: إنما انفعل فيما تمشي فيه الدراهم أي: ما يملك ويباع ويشترى من سائر الممتلكات هذا ما زعموه وسألت بعضهم فأخبرني به.
وأما أفعالهم فظاهرة موجودة وقفنا على الكثير منها وعاينتها من غير ريبة في ذلك هذا شأن السحر والطلسمات وآثارهما في العالم
فأما الفلاسفة ففرقوا بين السحر والطلسمات بعد أن أثبتوا أنهما جميعا أثر للنفس الإنسانية واستدلوا على وجود الأثر للنفس الإنسانية بأن لها آثارا في بدنها على غير المجرى الطبعي وأسبابه الجسمانية بل آثار عارضة من كيفيات الأرواح تارة كالسخونة الحادثة عن الفرح والسرور من جهة التصورات النفسانية أخرى كالذي يقع من قبل التوهم فإن الماشي على حرف حائط أو على حبل منتصب إذا قوي عنده توهم السقوط سقط بلا شك ولهذا تجد كثيرا من الناس يعودون أنفسهم ذلك حتى يذهب عنهم هذا الوهم فتجدهم يمشون على حرف الحائط والحبل المنتصب ولا يخافون السقوط فثبت أن ذلك من آثار النفس الإنسانية وتصورها للسقوط من أجل الوهم وإذا كان ذلك أثرا للنفس في بدنها من غير الأسباب الجسمانية الطبيعية فجائز أن يكون لها مثل هذا الأثر في غير بدنها إذ نسبتها إلى الأبدان في ذلك النوع من التأثير واحدة لأنها غير حالة في البدن ولا منطبعة فيه فثبت أنها مؤثرة في سائر الأجسام.
وأما التفرقة عندهم بين السحر والطلسمات فهو: أن السحر لا يحتاج الساحر فيه إلى معين وصاحب الطلسمات يستعين بروحانيات الكواكب وأسرار الأعداد وخواص الموجودات وأوضاع الفلك المؤثرة في عالم العناصر كما يقوله المنجمون.
ويقولون: السحر اتحاد روح بروح. والطلسم: اتحاد روح بجسم.
ومعناه عندهم: ربط الطبائع العلوية السماوية بالطبائع السفلية.
والطبائع العلوية هي: روحانيات الكواكب ولذلك يستعين صاحبه في غالب الأمر بالنجامة.
والساحر عندهم: غير مكتسب لسحره بل هو مفطور عندهم على تلك الجبلة المختصة بذلك النوع من التأثير.
والفرق عندهم بين المعجزة والسحر أن المعجزة إلهية تبعث في النفس ذلك التأثير فهو مؤيد بروح الله على فعله ذلك والساحر إنما يفعل ذلك من عند نفسه وبقوته النفسانية وبإمداد الشياطين في بعض الأحوال.
فبينهما الفرق في المعقولية والحقيقة والذات في نفس الأمر وإنما نستدل نحن على التفرقة بالعلامات الظاهرة وهي: وجود المعجزة لصاحب الخير وفي مقاصد الخير وللنفوس المتمحضة للخير والتحدي بها على دعوى النبوة والسحر إنما يوجد لصاحب الشر وفي أفعال الشر في الغالب من التفريق بين الزوجين وضرر الأعداء وأمثال ذلك وللنفوس المتمحضة للشر
هذا هو الفرق بينهما عند الحكماء الإلهيين وقد يوجد لبعض المتصوفة وأصحاب الكرامات تأثير أيضا في أحوال العالم وليس معدودا من جنس السحر وإنما هو بالإمداد الإلهي لأن طريقتهم ونحلتهم من آثار النبوة وتوابعها ولهم في المدد الإلهي حظ على قدر حالهم وإيمانهم وتمسكهم بكلمة الله وإذا اقتدر أحد منهم على أفعال الشر فلا يأتيها لأنه متقيد فيما يأتيه ويذره للأمر الإلهي فما لا يقع لهم فيه الإذن لا يأتونه بوجه ومن أتاه منهم فقد عدل عن طريق الحق وربما سلب حاله.
ولما كانت المعجزة بإمداد روح الله والقوى الإلهية فلذلك لا يعارضها شيء من السحر وانظر شأن سحرة فرعون مع موسى في معجزة العصا كيف تلقفت ما كانوا يأفكون وذهب سحرهم واضمحل كأن لم يكن وكذلك لما أنزل على النبي - صلى الله عليه وسلم - في المعوذتين {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ} قالت عائشة رضي الله عنها: فكان لا يقرؤها على عقدة من العقد التي سحر فيها إلا انحلت فالسحر لا يثبت مع اسم الله وذكره.
وقد نقل المؤرخون أن زركش كاويان وهي راية كسرى كان فيه الوفق المئيني العددي منسوجا بالذهب في أوضاع فلكية رصدت لذلك الوفق ووجدت الراية يوم قتل رستم بالقادسية واقعة على الأرض بعد انهزام أهل فارس وشتاتهم وهو الطلسمات والأوفاق مخصوص بالغلب في الحروب وإن الراية التي يكون فيها أو معها لا تنهزم أصلا إلا أن هذه عارضها المدد الإلهي من إيمان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتمسكهم بكلمة الله فانحل معها كل عقد سحري ولم يثبت وبطل ما كانوا يعملون.
وأما الشريعة فلم تفرق بين السحر والطلسمات وجعلتهما بابا واحدا محظورا لأن الأفعال إنما أباح لنا الشارع منها ما يهمنا في ديننا الذي فيه صلاح آخرتنا أو في معاشنا الذي فيه صلاح دنيانا وما لا يهمنا في شيء منهما فإن كان فيه ضرر ونوع ضرر كالسحر الحاصل ضرره بالوقوع يلحق به الطلسمات لأن أثرهما واحد وكالنجامة التي فيها نوع ضرر باعتقاد التأثير فتفسد العقيدة الإيمانية برد الأمور إلى غير الله تعالى فيكون حينئذ ذلك الفعل محظورا على نسبته في الضرر وإن لم يكن مهما علينا ولا فيه ضرر فلا أقل من أن تركه قربة إلى الله فإن من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه فجعلت الشريعة باب السحر والطلسمات والشعوذة بابا واحدا لما فيها من الضرر وخصته بالحظر والتحريم.
وأما الفرق عندهم بين المعجزة والسحر: فالذي ذكره المتكلمون أنه راجع إلى التحدي وهو دعوى وقوعها على وفق ما ادعاه قالوا: والساحر مصروف عن مثل هذا التحدي فلا يقع منه وقوع المعجزة على وفق دعوى الكاذب غير مقدور لأن دلالة المعجزة على الصدق عقلية لأن صفة نفسها التصديق فلو وقعت مع الكذب لاستحال الصادق كاذبا وهو محال فإذا لا تقع المعجزة مع الكاذب بإطلاق.
وأما الحكماء: فالفرق بينهما عندهم كما ذكرناه فرق ما بين الخير والشر في نهاية الطرفين فالساحر لا يصدر منه الخير ولا يستعمل في أسباب الخير وصاحب المعجزة لا يصدر منه الشر ولا يستعمل في أسباب الشر فكأنهما على طرفي النقيض في أصل فطرتهم والله يهدي من يشاء وهو القوي العزيز لا رب سواه.
ومن قبيل هذه التأثيرات النفسانية الإصابة بالعين وهو تأثير من نفس المعيان عندما يستحسن بعينه مدركا من الذوات أو الأحوال ويفرط في استحسانه وينشأ عن ذلك الاستحسان حينئذ أنه يروم معه سلب ذلك الشيء عمن اتصف به فيؤثر فساده وهو جبلة فطرية أعني هذه الإصابة بالعين.
والفرق بينها وبين التأثيرات وإن كان منها ما لا يكتسب أن صدورها راجع إلى اختيار فاعلها والفطري منها قوة صدروها لا نفس صدروها ولهذا قالوا: القاتل بالسحر أو بالكرامة يقتل والقاتل بالعين لا يقتل وما ذلك إلا لأنه ليس مما يريده ويقصده أو يتركه وإنما هو مجبور في صدوره عنه والله أعلم بما في الغيوب ومطلع على ما في السرائر انتهى كلام ابن خلدون ومن عينه نقلت هنا وفي كل موضع من هذا الكتاب والله تعالى الموفق للحق والصواب.

علم القرانات

علم القرانات
قال صاحب مفتاح السعادة: اعلم أن القرآن هو اجتماع كوكبين أو أكثر الكواكب السبعة السيارة في درجة واحدة من برج واحد ويبحث في هذا العلم عن الأحكام الجارية في هذا العالم بسبب قران السبعة كلها أو بعضها في درجة واحدة من برج معين انتهى.
قال في مدينة العلوم: وزعموا أن لقرانات الكواكب كلها أو بعضها آثارا في عالم الكون والفساد كحدوث طوفان عظيم مثل: طوفان نوح عليه السلام أو تبدل ملة: كبعثة الأنبياء أو تبدل دولة: كغلبة الاســكندر وجنكيز خان وتيمور وأمثال ذلك.
وزعموا أن منها ما يكون في كل عشرين سنة ومنها ما يكون في كل مائتين وأربعين سنة ومنها ما يكون في كل سبعمائة وستين سنة ومنها ما يكون في ثلاثة آلاف سنة وثمانية وأربعين سنة مرة.
ومنها: ما يكون في كل سبعة آلاف سنة مرة. والله أعلم بحقيقة الحال. فيبحث في هذا العلم عن الأحكام الجارية في هذا العالم بسبب القرانات المذكورة.
ولنصير الدين الطوسي تأليف في هذا الباب وكذا الجاماسب الحكيم انتهى.
أقول: وفي كتاب حجج الكرامة في آثار القيامة جملة كافية في ضبط حوادث القرانات الخالية فانظر إليه يتسل قلبك.

باري أرميناس

باري أرميناس
وهو لفظ يوناني، معناه: العبارة في المنطق.
للحكيم، الفيلسوف: أرسطوطاليس، المعلم الأول.
ونقله حنين: إلى السرياني.
وإسحاق: إلى العربي.
ثم فسره جماعة، منهم:
إســكندر الأفروديسي، ولم يوجد ما فسره.
ويحيى النحوي.
وأمليخس.
وفرفوريوس.
وأصطفن، وهو أيضا غير موجود.
وجالينوس.
وقوبري.
وأبو بشر: متى.
والفارابي.
وأثاوفريسطس.
والذين اختصروه:
حنين.
وإسحاق.
وابن المقفع.
والكندي.
وأبو بهرين.
والرازي.
وثابت بن قرة.
وأحمد بن الطبيب.
ذكره: أبو الخير في: (نوادر الأخبار).

قَهْوَانُ

قَهْوَانُ:
بفتح القاف، وسكون الهاء، وآخره نون، قال أبو حنيفة في كتاب النبات: المقل الذي يتداوى به هو صمغ كالــكندر أحمر طيب الرائحة، أخبرني بعض الأعراب أنه لا يعلمه نبت شجرة إلا بجبل من جبال عمان يدعى قهوان مطل على البحر وشجره مثل شجر اللبان، قال: وهو ذو شوك، قال: مثل التّنكس الذي عندكم والمقل صمغه.
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.