Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: كاتب

البصرة

ذكر خطط البصرة وقراها
وقد ذكرت بعض ذلك في أبوابه وذكرت بعضه هاهنا، قال أحمد بن يحيى بن جابر: كان حمران ابن أبان للمسيّب بن نجبة الفزاري أصابه بعين التمر فابتاعه منه عثمان بن عفّان وعلمه الكتابة واتخذه كاتبــا، ثم وجد عليه لأنه كان وجّهه للمسألة عما رفع على الوليد بن عقبة بن أبي معيط، فارتشى منه وكذّب ما قيل فيه، ثم تيقّن عثمان صحة ذلك فوجد عليه
وقال: لا تساكنّي أبدا، وخيّره بلدا يسكنه غير المدينة، فاختار البصرة وسأله أن يقطعه بها دارا وذكر ذرعا كثيرا استكثره عثمان وقال لابن عامر:
أعطه دارا مثل بعض دورك، فأقطعه دار حمران التي بالبصرة في سكة بني سمرة بالبصرة، كان صاحبها عتبة بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سمرة بن حبيب ابن عبد شمس بن عبد مناف، قال المدايني: قال أبو بكرة لابنه: يا بنيّ والله ما تلي عملا قط وما أراك تقصر عن إخوتك في النفقة، فقال: إن كتمت عليّ أخبرتك، قال: فإني أفعل، قال: فإني أغتلّ من حمّامي هذا في كلّ يوم ألف درهم وطعاما كثيرا. ثم إنّ مسلما مرض فأوصى إلى أخيه عبد الرحمن بن أبي بكرة وأخبره بغلة حمّامه، فأفشى ذلك واستأذن السلطان في بناء حمّام، وكانت الحمامات لا تبنى بالبصرة إلّا بإذن الولاة، فأذن له واستأذن غيره فأذن له وكثرت الحمامات، فأفاق مسلم بن أبي بكرة من مرضه وقد فسد عليه حمّامه فجعل يلعن عبد الرحمن ويقول: ما له قطع الله رحمه! وكان لزياد مولى يقال له فيل، وكان حاجبه، فكان يضرب المثل بحمّامه بالبصرة، وقد ذكرته في حمام فيل. نهر عمرو: ينسب إلى عمرو بن عتبة بن أبي سفيان. نهر ابن عمير: منسوب إلى عبد الله بن عمير بن عمرو بن مالك اللّيثي، كان عبد الله بن عامر بن كريز أقطعه ثمانية آلاف جريب فحفر عليها هذا النهر، ومن اصطلاح أهل البصرة أن يزيدوا في اسم الرجل الذي تنسب إليه القرية ألفا ونونا، نحو قولهم طلحتان:
نهر ينسب إلى طلحة بن أبي رافع مولى طلحة بن عبيد الله. خيرتان: منسوب إلى خيرة بنت ضمرة القشيرية امرأة المهلّب بن أبي صفرة. مهلّبان:
منسوب إلى المهلّب بن أبي صفرة، ويقال بل كان لزوجته خيرة فغلب عليه اسم المهلب، وهي أمّ أبي عيينة ابنه. وجبيران: قرية لجبير بن حيّة.
وخلفان: قطيعة لعبد الله بن خلف الخزاعي والد طلحة الطلحات. طليقان: لولد خالد بن طليق بن محمد بن عمران بن حصين الخزاعي، وكان خالد ولي قضاء البصرة. روّادان: لروّاد بن ابي بكرة.
شط عثمان: ينسب إلى عثمان بن أبي العاصي الثقفي، وقد ذكرته، فأقطع عثمان أخاه حفصا حفصان وأخاه أميّة أميّان وأخاه الحكم حكمان وأخاه المغيرة مغيرتان. أزرقان: ينسب إلى الأزرق بن مسلم مولى بني حنيفة. محمّدان: منسوب إلى محمد ابن علي بن عثمان الحنفي. زيادان: منسوب إلى زياد مولى بني الهجيم جدّ مونس بن عمران بن جميع بن يسار بن زياد وجد عيسى بن عمر النحوي لأمّهما.
عميران: منسوب إلى عبد الله بن عمير الليثي. نهر مقاتل بن حارثة بن قدامة السعدي. وحصينان:
لحصين بن أبي الحرّ العنبري. عبد الليان: لعبد الله بن أبي بكرة. عبيدان: لعبيد بن كعب النّميري. منقذان: لمنقذ بن علاج السّلمي. عبد الرحمانان: لعبد الرحمن بن زياد. نافعان: لنافع ابن الحارث الثقفي. أسلمان: لأسلم بن زرعة الكلابي. حمرانان: لحمران بن أبان مولى عثمان بن عفّان. قتيبتان: لقتيبة بن مسلم. خشخشان:
لآل الخشخاش العنبري. نهر البنات: لبنات زياد، أقطع كلّ بنت ستين جريبا، وكذلك كان يقطع العامة. سعيدان: لآل سعيد بن عبد الرحمن بن عتاب بن أسيد. سليمانان: قطيعة لعبيد بن نشيط صاحب الطرف أيام الحجاج، فرابط به رجل من الزهاد يقال له سليمان بن جابر فنسب إليه. عمران:
لعمر بن عبيد الله بن معمر التيمي. فيلان: لفيل
مولى زياد. خالدان: لخالد بن عبد الله بن خالد بن أسيد بن أبي العيص بن أميّة. المسماريّة: قطيعة مسمار مولى زياد بن أبيه، وله بالكوفة ضيعة.
سويدان: كانت لعبيد الله بن أبي بكرة قطيعة مبلغها أربعمائة جريب فوهبها لسويد بن منجوف السّدوسي، وذلك أن سويدا مرض فعاده عبيد الله بن أبي بكرة فقال له: كيف تجدك؟ فقال: صالحا إن شئت، فقال: قد شئت، وما ذلك؟ قال: إن أعطيتني مثل الذي أعطيت ابن معمر فليس عليّ بأس، فأعطاه سويدان فنسب إليه. جبيران: لآل كلثوم بن جبير. نهر أبي برذعة بن عبيد الله بن أبي بكرة.
كثيران: لكثير بن سيّار. بلالان: لبلال بن أبي بردة، كانت قطيعة لعبّاد بن زياد فاشتراه. شبلان:
لشبل بن عميرة بن تيري الضّبيّ.

ذكر ما جاءَ في ذم البصرة
لما قدم أمير المؤمنين البصرة بعد وقعة الجمل ارتقى منبرها فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: يا أهل البصرة يا بقايا ثمود يا أتباع البهيمة يا جند المرأة، رغا فاتبعتم وعقر فانهزمتم، أما إني ما أقول ما أقول رغبة ولا رهبة منكم غير أني سمعت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يقول: تفتح أرض يقال لها البصرة، أقوم أرض الله قبلة، قارئها أقرأ الناس وعابدها أعبد الناس وعالمها أعلم الناس ومتصدقها أعظم الناس صدقة، منها إلى قرية يقال لها الأبلّة أربعة فراسخ يستشهد عند مسجد جامعها وموضع عشورها ثمانون ألف شهيد، الشهيد يومئذ كالشهيد يوم بدر معي، وهذا الخبر بالمدح أشبه، وفي رواية أخرى أنه رقي المنبر فقال:
يا أهل البصرة ويا بقايا ثمود يا أتباع البهيمة ويا جند المرأة، رغا فاتبعتم وعقر فانهزمتم، دينكم نفاق وأحلامكم دقاق وماؤكم زعاق، يا أهل البصرة والبصيرة والسّبخة والخريبة أرضكم أبعد أرض الله من السماء وأقربها من الماء وأسرعها خرابا وغرقا، ألا إني سمعت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يقول: أما علمت أن جبريل حمل جميع الأرض على منكبه الأيمن فأتاني بها؟ ألا إني وجدت البصرة أبعد بلاد الله من السماء وأقربها من الماء وأخبثها ترابا وأسرعها خرابا، ليأتينّ عليها يوم لا يرى منها إلا شرفات جامعها كجؤجؤ السفينة في لجة البحر، ثم قال: ويحك يا بصرة ويلك من جيش لا غبار له! فقيل: يا أمير المؤمنين ما الويح وما الويل؟ فقال: الويح والويل بابان، فالويح رحمة والويل عذاب، وفي رواية أن عليّا، رضي الله عنه، لما فرغ من وقعة الجمل دخل البصرة فأتى مسجدها الجامع فاجتمع الناس فصعد المنبر فحمد الله واثنى عليه وصلى على النبي، صلى الله عليه وسلم، ثم قال: أما بعد، فان الله ذو رحمة واسعة فما ظنكم يا أهل البصرة يا أهل السبخة يا أهل المؤتفكة ائتفكت بأهلها ثلاثا وعلى الله الرابعة يا جند المرأة، ثم ذكر الذي قبله ثم قال: انصرفوا إلى منازلكم وأطيعوا الله وسلطانكم، وخرج حتى صار إلى المربد والتفت وقال: الحمد لله الذي أخرجني من شرّ البقاع ترابا وأسرعها خرابا. ودخل فتى من أهل المدينة البصرة فلما انصرف قال له أصحابه: كيف رأيت البصرة؟ قال: خير بلاد الله للجائع والغريب والمفلس، أما الجائع فيأكل خبز الأرز والصحناءة فلا ينفق في شهر إلّا درهمين، وأما الغريب فيتزوّج بشقّ درهم، وأما المحتاج فلا عليه غائلة ما بقيت له استه يخرأ ويبيع، وقال الجاحظ: من عيوب البصرة اختلاف هوائها في يوم واحد لأنهم يلبسون القمص مرة والمبطّنات مرة لاختلاف جواهر
الساعات، ولذلك سمّيت الرّعناء، قال الفرزدق:
لولا أبو مالك المرجوّ نائله ... ما كانت البصرة الرّعناء لي وطنا
وقد وصف هذه الحال ابن لنكك فقال:
نحن بالبصرة في لو ... ن من العيش ظريف
نحن، ما هبّت شمال، ... بين جنّات وريف
فإذا هبّت جنوب، ... فكأنّا في كنيف
وللحشوش بالبصرة أثمان وافرة، ولها فيما زعموا تجار يجمعونها فإذا كثرت جمع عليها أصحاب البساتين ووقفهم تحت الريح لتحمل إليهم نتنها فإنه كلما كانت أنتن كان ثمنها أكثر، ثم ينادى عليها فيتزايد الناس فيها، وقد قصّ هذه القصة صريع الدّلاء البصري في شعر له ولم يحضرني الآن، وقد ذمّتها الشعراء، فقال محمد بن حازم الباهلي:
ترى البصريّ ليس به خفاء، ... لمنخره من البثر انتشار
ربا بين الحشوش وشبّ فيها، ... فمن ريح الحشوش به اصفرار
يعتّق سلحة، كيما يغالي ... به عند المبايعة التجار
وقال أبو إسحاق إبراهيم بن هلال الصابي:
لهف نفسي على المقام ببغدا ... د، وشربي من ماء كوز بثلج
نحن بالبصرة الذميمة نسقي، ... شرّ سقيا، من مائها الأترنجي
أصفر منكر ثقيل غليظ ... خاثر مثل حقنة القولنج
كيف نرضى بمائها، وبخير ... منه في كنف أرضنا نستنجي
وقال أيضا:
ليس يغنيك في الطهارة بال ... بصرة، إن حانت الصلاة، اجتهاد
إن تطهّرت فالمياه سلاح، ... أو تيمّمت فالصعيد سماد
وقال شاعر آخر يصف أهل البصرة بالبخل وكذب عليهم:
أبغضت بالبصرة أهل الغنى، ... إني لأمثالهم باغض
قد دثّروا في الشمس أعذاقها، ... كأنّ حمّى بخلهم نافض

ذكر ما جاء في مدح البصرة
كان ابن أبي ليلى يقول: ما رأيت بلدا أبكر إلى ذكر الله من أهل البصرة، وقال شعيب بن صخر:
تذاكروا عند زياد البصرة والكوفة فقال زياد: لو ضلّت البصرة لجعلت الكوفة لمن دلّني عليها، وقال ابن سيرين: كان الرجل من أهل البصرة يقول لصاحبه إذا بالغ في الدعاء عليه: غضب الله عليك كما غضب على المغيرة وعزله عن البصرة وولاه الكوفة، وقال ابن أبي عيينة المهلبي يصف البصرة:
يا جنّة فاقت الجنان، فما ... يعدلها قيمة ولا ثمن
ألفتها فاتخذتها وطنا، ... إنّ فؤادي لمثلها وطن
زوّج حيتانها الضّباب بها، ... فهذه كنّة وذا ختن
فانظر وفكّر لما نطقت به، ... إنّ الأديب المفكّر الفطن
من سفن كالنّعام مقبلة، ... ومن نعام كأنها سفن
وقال المدائني: وفد خالد بن صفوان على عبد الملك ابن مروان فوافق عنده وفود جميع الأمصار وقد اتخذ مسلمة مصانع له، فسأل عبد الملك أن يأذن للوفود في الخروج معه إلى تلك المصانع، فأذن لهم، فلما نظر إليها مسلمة أعجب بها فأقبل على وفد أهل مكة فقال: يا أهل مكة هل فيكم مثل هذه المصانع؟
فقالوا: لا الا أن فينا بيت الله المستقبل، ثم أقبل على وفد أهل المدينة فقال: يا أهل المدينة هل فيكم مثل هذه؟ فقالوا: لا إلّا أن فينا قبر نبي الله المرسل، ثم أقبل على وفد أهل الكوفة فقال: يا أهل الكوفة هل فيكم مثل هذه المصانع؟ فقالوا: لا إلّا أن فينا تلاوة كتاب الله المرسل، ثم أقبل على وفد أهل البصرة فقال: يا أهل البصرة هل فيكم مثل هذه المصانع؟
فتكلم خالد بن صفوان وقال: أصلح الله الأمير! إن هؤلاء أقرّوا على بلادهم ولو أن عندك من له ببلادهم خبرة لأجاب عنهم، قال: أفعندك في بلادك غير ما قالوا في بلادهم؟ قال: نعم، أصلح الله الأمير! أصف لك بلادنا؟ فقال: هات، قال: يغدو قانصانا فيجيء هذا بالشّبوط والشّيم ويجيء هذا بالظبي والظليم، ونحن أكثر الناس عاجا وساجا وخزّا وديباجا وبرذونا هملاجا وخريدة مغناجا، بيوتنا الذهب ونهرنا العجب أوله الرّطب وأوسطه العنب وآخره القصب، فأما الرطب عندنا فمن النخل في مباركه كالزّيتون عندكم في منابته، هذا على أفنانه كذاك على أغصانه، هذا في زمانه كذاك في إبّانه، من الراسخات في الوحل المطعمات في المحل الملقحات بالفحل يخرجن أسفاطا عظاما وأقساطا ضخاما، وفي رواية: يخرجن أسفاطا وأقساطا كأنما ملئت رياطا، ثم ينفلقن عن قضبان الفضة منظومة باللؤلؤ الأبيض ثم تتبدّل قضبان الذهب منظومة بالزبرجد الأخضر ثم تصير ياقوتا أحمر وأصفر ثم تصير عسلا في شنّة من سحاء ليست بقربة ولا إناء حولها المذابّ ودونها الجراب لا يقربها الذباب مرفوعة عن التراب ثم تصير ذهبا في كيسة الرجال يستعان به على العيال، وأما نهرنا العجب فإنّ الماء يقبل عنقا فيفيض مندفقا فيغسل غثّها ويبدي مبثّها، يأتينا في أوان عطشنا ويذهب في زمان ريّنا فنأخذ منه حاجتنا ونحن نيام على فرشنا فيقبل الماء وله ازدياد وعباب ولا يحجبنا عنه حجاب ولا تغلق دونه الأبواب ولا يتنافس فيه من قلّة ولا يحبس عنّا من علّة، وأما بيوتنا الذهب فإنّ لنا عليهم خرجا في السنين والشهور نأخذه في أوقاته ويسلمه الله تعالى من آفاته وننفقه في مرضاته، فقال له مسلمة: أنّى لكم هذه يا ابن صفوان ولم تغلبوا عليها ولم تسبقوا إليها؟ فقال: ورثناها عن الآباء ونعمّرها للأبناء ويدفع لنا عنها ربّ السماء ومثلنا فيها كما قال معن بن أوس:
إذا ما بحر خندف جاش يوما ... يغطمط موجه المتعرّضينا
فمهما كان من خير، فإنّا ... ورثناها أوائل أوّلينا
وإنّا مورثون، كما ورثنا ... عن الآباء إن متنا، بنينا
وقال الأصمعي: سمعت الرشيد يقول: نظرنا فإذا كلّ ذهب وفضة على وجه الأرض لا يبلغ ثمن نخل البصرة. وقال أبو حاتم: ومن العجائب، وهو مما أكرم الله به الإسلام، أنّ النخل لا يوجد إلّا في بلاد الإسلام البتة مع أن بلاد الهند والحبش والنوبة بلاد حارة خليقة بوجود النخل فيها، وقال ابن أبي عيينة يتشوّق البصرة:
فإن أشك من ليلي بجرجان طوله، ... فقد كنت أشكو منه بالبصرة القصر
فيا نفس قد بدّلت بؤسا بنعمة، ... ويا عين قد بدّلت من قرّة عبر
ويا حبذاك السائلي فيم فكرتي ... وهمّي، ألا في البصرة الهمّ والفكر
فيا حبّذا ظهر الحزيز وبطنه، ... ويا حسن واديه، إذا ماؤه زخر
ويا حبذا نهر الأبلّة منظرا، ... إذا مدّ في إبّانه الماء أو جزر
ويا حسن تلك الجاريات، إذا غدت ... مع الماء تجري مصعدات وتنحدر
فيا ندمي إذ ليس تغني ندامتي! ... ويا حذري إذ ليس ينفعني الحذر!
وقائلة: ماذا نبا بك عنهم؟ ... فقلت لها: لا علم لي، فاسألي القدر
وقال الجاحظ: بالبصرة ثلاث أعجوبات ليست في غيرها من البلدان، منها: أنّ عدد المدّ والجزر في جميع الدهر شيء واحد فيقبل عند حاجتهم إليه ويرتدّ عند استغنائهم عنه، ثم لا يبطئ عنها إلّا بقدر هضمها واستمرائها وجمامها واستراحتها، لا يقتلها غطسا ولا غرقا ولا يغبّها ظمأ ولا عطشا، يجيء على حساب معلوم وتدبير منظوم وحدود ثابتة وعادة قائمة، يزيدها القمر في امتلائه كما يزيدها في نقصانه فلا يخفى على أهل الغلّات متى يتخلفون ومتى يذهبون ويرجعون بعد أن يعرفوا موضع القمر وكم مضى من الشهر، فهي آية وأعجوبة ومفخر وأحدوثة، لا يخافون المحل ولا يخشون الحطمة، قلت أنا: كلام الجاحظ هذا لا يفهمه إلّا من شاهد الجزر والمد، وقد شاهدته في ثماني سفرات لي إلى البصرة ثم إلى كيش ذاهبا وراجعا، ويحتاج إلى بيان يعرفه من لم يشاهده، وهو أن دجلة والفرات يختلطان قرب البصرة ويصيران نهرا عظيما يجري من ناحية الشمال إلى ناحية الجنوب فهذا يسمونه جزرا، ثم يرجع من الجنوب إلى الشمال ويسمونه مدّا، يفعل ذلك في كل يوم وليلة مرّتين، فإذا جزر نقص نقصانا كثيرا بيّنا بحيث لو قيس لكان الذي نقص مقدار ما يبقى وأكثر، وليست زيادته متناسبة بل يزيد في أول كل شهر، ووسطه أكثر من سائره، وذاك أنه إذا انتهى في أول الشهر إلى غايته في الزيادة وسقى المواضع العالية والأراضي القاصية أخذ يمدّ كل يوم وليلة أنقص من اليوم الذي قبله، وينتهي غاية نقص زيادته في آخر يوم من الأسبوع الأول من الشهر، ثم يمدّ في كل يوم أكثر من مدّه في اليوم الذي قبله حتى ينتهي غاية زيادة مدّه في نصف الشهر، ثم يأخذ في النقص إلى آخر الأسبوع ثم في الزيادة في آخر الشهر هكذا أبدا لا يختلف ولا يخل بهذا القانون ولا يتغير عن هذا الاستمرار، قال الجاحظ: والأعجوبة الثانية ادّعاء أهل أنطاكية وأهل حمص وجميع بلاد الفراعنة
الطلسمات، وهي بدون ما لأهل البصرة، وذاك أن لو التمست في جميع بيادرها وربطها المعوّذة وغيرها على نخلها في جميع معاصر دبسها أن تصيب ذبابة واحدة لما وجدتها إلا في الفرط، ولو أن معصرة دون الغيط أو تمرة منبوذة دون المسنّاة لما استبقيتها من كثرة الذّبّان، والأعجوبة الثالثة أن الغربان القواطع في الخريف يجيء منها ما يسوّد جميع نخل البصرة وأشجارها حتى لا يرى غصن واحد إلا وقد تأطّر بكثرة ما عليه منها ولا كربة غليظة إلا وقد كادت أن تندقّ لكثرة ما ركبها منها، ثم لم يوجد في جميع الدهر غراب واحد ساقط إلا على نخلة مصرومة ولم يبق منها عذق واحد، ومناقير الغربان معاول وتمر الأعذاق في ذلك الإبّان غير متماسكة، فلو خلاها الله تعالى ولم يمسكها بلطفه لاكتفى كل عذق منها بنقرة واحدة حتى لم يبق عليها إلا اليسير، ثم هي في ذلك تنتظر أن تصرم فإذا أتى الصرام على آخرها عذقا رأيتها سوداء ثم تخللت أصول الكرب فلا تدع حشفة إلا استخرجتها، فسبحان من قدّر لهم ذلك وأراهم هذه الأعجوبة، وبين البصرة والمدينة نحو عشرين مرحلة ويلتقي مع طريق الكوفة قرب معدن النّقرة، وأخبار البصرة كثيرة والمنسوبون إليها من أهل العلم لا يحصون، وقد صنف عمر بن شبّة وأبو يحيى زكرياء الساجي وغيرهما في فضائلها كتابا في مجلدات، والذي ذكرناه كاف.

والبَصْرَةُ:
أيضا: بلد في المغرب في أقصاه قرب السوس، خربت، قال ابن حوقل وهو يذكر مدن المغرب من بلاد البربر: والبصرة مدينة مقتصدة عليها سور ليس بالمنيع، ولها عيون خارجها عليها بساتين يسيرة، وأهلها ينسبون إلى السلامة والخير والجمال وطول القامة واعتدال الخلق، وبينها وبين المدينة المعروفة بالأقلام أقلّ من مرحلة، وبينها وبين مدينة يقال لها تشمّس أقلّ من مرحلة أيضا، ولما ذكر المدن التي على البحر قال: ثم تعطف على البحر المحيط يسارا وعليه من المدن، قريبة منه وبعيدة، جرماية وساوران والحجا على نحر البحر، ودونها في البرّ مشرقا: الأقلام ثم البصرة، وقال البشّاري:
البصرة مدينة بالمغرب كبيرة، كانت عامرة وقد خربت، وكانت جليلة، وكان قول البشّاري هذا في سنة 378، وقرأت في كتاب المسالك والممالك لأبي عبيد البكري الأندلسي: بين فاس والبصرة أربعة أيام، قال: والبصرة مدينة كبيرة، وهي أوسع تلك البلاد مرعى وأكثرها ضرعا ولكثرة ألبانها تعرف ببصرة الذّبّان وتعرف ببصرة الكتان، كانوا يتبايعون في بدء أمرها في جميع تجاراتهم بالكتان، وتعرف أيضا بالحمراء لأنها حمراء التربة، وسورها مبنيّ بالحجارة والطوب، وهي بين شرفين، ولها عشرة أبواب، وماؤها زعاق، وشرب أهلها من بئر عذبة على باب المدينة، وفي بساتينها آبار عذبة، ونساء هذه البصرة مخصوصات بالجمال الفائق والحسن الرائق، ليس بأرض المغرب أجمل منهن، قال أحمد بن فتح المعروف بابن الخزّاز التيهرتي يمدح أبا العيش عيسى بن إبراهيم بن القاسم:
قبح الإله الدهر، إلّا قينة ... بصريّة في حمرة وبياض
الخمر في لحظاتها، والورد في ... وجناتها، والكشح غير مفاض
في شكل مرجيّ ونسك مهاجر، ... وعفاف سنّيّ وسمت إباض
تيهرت أنت خلية، وبرقّة ... عوّضت منك ببصرة، فاعتاضي
لا عذر للحمراء في كلفي بها، ... أو تستفيض بأبحر وحياض
قال: ومدينة البصرة مستحدثة أسست في الوقت الذي أسست فيه أصيلة أو قريبا منه.

البِطاحُ

البِطاحُ:
بكسر أوله، جمع بطحاء: وهي بطاح مكة، ويقال لقريش الداخلة البطاح، وقال ابن الأعرابي: قريش البطاح الذين ينزلون الشعب بين أخشبي مكة، وقريش الظواهر: الذين ينزلون خارج الشعب، وأكرمهما قريش البطاح، والبطحاء في اللغة:
مسيل فيه دقاق الحصى، والجمع الأباطح والبطاح، على غير قياس، وقال الزبير بن أبي بكر: قريش البطاح بنو كعب بن لؤي، وقريش الظواهر ما فوق ذلك سكنوا البطحاء والظواهر، وقبائل بني كعب هم:
عدي وجمح وتيم وسهم ومخزوم وأسد وزهرة وعبد مناف وأمية وهاشم، كلّ هؤلاء قريش البطاح، وقريش الظواهر: بنو عامر بن لؤي يخلد بن النضر والحارث ومالك، وقد درجا، والحارث ومحارب ابنا فهر وتيم الأدرم بن غالب بن فهر وقيس بن فهر درج، وإنما سموا بذلك لأن قريشا اقتسموا فأصابت بنو كعب بن لؤي البطحاء وأصابت هؤلاء الظواهر، فهذا تعريف للقبائل لا للمواضع، فإن البطحاويين لو سكنوا بالظواهر كانوا بطحاويين وكذلك الظواهر لو كانوا سكنوا البطحاء كانوا ظواهر، وأشرفهم البطحاويون، وقال أبو خالد ذكوان مولى مالك الدار:
فلو شهدتني من قريش عصابة: ... قريش البطاح لا قريش الظواهر
ولكنهم غابوا وأصبحت شاهدا، ... فقبّحت من مولى حفاظ وناصر
وبلغت معاوية فقال: أنا ابن سداد البطحاء والله إياي نادى، اكتبوا إلى الضحاك أنه لا سبيل لك عليه واكتبوا إلى مالك واشتروا لي ولاءه، فلما جاء الكتاب مالكا سأل عنه عبد الله بن عمر فقال: إن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، نهى عن بيع الولاء وهبته، وقال أبو الحسن محمد بن عليّ بن نصر
الــكاتب قال: سمعت عوّادة تغني في أبيات طريح ابن إسماعيل الثقفي في الوليد بن يزيد بن عبد الملك وكان من أخواله:
أنت ابن مسلنطح البطاح، ولم ... تطرق عليك الحنيّ والولج
الحني: ما انخفض من الأرض. والولج: ما اتسع من الأودية، أي لم تكن بينهما فيخفى حسبك، فقال بعض الحاضرين: ليس غير بطحاء مكة فما معنى هذا الجمع؟ فثار البطحاوي العلوي فقال: بطحاء المدينة وهو أجلّ من بطحاء مكة وجدّي منه، وأنشد له:
وبطحا المدينة لي منزل، ... فيا حبّذا ذاك من منزل
فقال: فهذان بطحاوان فما معنى الجمع؟ قلنا:
العرب تتوسع في كلامها وشعرها فتجعل الاثنين جمعا، وقد قال بعض الناس: ان أقل الجمع اثنان وربما ثنوا الواحد في الشعر وينقلون الألقاب ويغيرونها لتستقيم لهم الأوزان، وهذا أبو تمام يقول في مدحه للواثق:
يسمو بك السّفّاح والمنصور والمأمون والمعصوم
فنقل المعتصم إلى المعصوم حتى استقام له الشعر، وبالأمس قال أبو نصر بن نباتة:
فأقام باللّورين حولا كاملا، ... يترقّب القدر الذي لم يقدر
وما في البلاد إلّا اللّور المعروفة، وهذا كثير، وما زادنا على الصحيح والحزر ولو كان من أهل الجهل لهان ولكنه قد جس الأدب ومسه، ومما يؤكد أنها بطحاوان قول الفرزدق:
وأنت ابن بطحاوي قريش، فإن تشأ ... تكن في ثقيف سيل ذي أدب عفر
قلت أنا: وهذا كله تعسف، وإذا صح بإجماع أهل اللغة أن البطحاء الأرض ذات الحصى، فكل قطعة من تلك الأرض بطحاء، وقد سميت قريش البطحاء وقريش الظواهر في صدر الجاهلية، ولم يكن بالمدينة منهم أحد، وأما قول الفرزدق وابن نباتة فقد قالت العرب: الرقمتان ورامتان، وأمثال ذلك تمر كثيرا في هذا الكتاب، قصدهم بها إقامة الوزن فلا اعتبار به، والله أعلم.

بَلْخُ

بَلْخُ:
مدينة مشهورة بخراسان، في كتاب الملحمة المنسوب إلى بطليموس: بلخ طولها مائة وخمس عشرة درجة، وعرضها سبع وثلاثون درجة، وهي في الإقليم الخامس، طالعها إحدى وعشرون درجة من العقرب تحت ثلاث عشرة درجة من السرطان يقابلها مثلها من الجدي بيت ملكها مثلها من الحمل عاقبتها مثلها من السرطان، وقد ذكرنا فيما أجملناه من ذكر الإقليم أنها في الرابع، وقال أبو عون:
بلخ في الإقليم الخامس، طولها ثمان وثمانون درجة وخمس وثلاثون دقيقة، وعرضها ثمان وثلاثون درجة وأربعون دقيقة، وبلخ من أجلّ مدن خراسان وأذكرها وأكثرها خيرا وأوسعها غلّة، تحمل غلّتها إلى جميع خراسان وإلى خوارزم، وقيل:
إن أول من بناها لهراسف الملك لما خرّب صاحبه بخت نصّر بيت المقدس، وقيل: بل الإسكندر بناها، وكانت تسمى الإسكندرية قديما، بينها وبين
ترمذ اثنا عشر فرسخا، ويقال لجيحون: نهر بلخ، بينهما نحو عشرة فراسخ، فافتتحها الأحنف بن قيس من قبل عبد الله بن عامر بن كريز في أيام عثمان بن عفان، رضي الله عنه، قال عبيد الله بن عبد الله الحافظ:
أقول، وقد فارقت بغداد مكرها: ... سلام على أهل القطيعة والكرخ
هواي ورائي والمسير خلافه، ... فقلبي إلى كرخ ووجهي إلى بلخ
وينسب إليها خلق كثير، منهم: محمد بن علي بن طرخان بن عبد الله بن جيّاش أبو بكر، ويقال:
أبو عبد الله البلخي ثم البيكندي، سمع بدمشق وغيرها محمد بن عبد الجليل الخشني ومحمد بن الفضل وقتيبة بن سعيد ومحمد بن سليمان لوينا وهشام بن عمّار وزياد بن أيوب والحسن بن محمد الزعفراني، روى عنه أبو علي الحسن بن نصر بن منصور الطوسي وأبو محمد عبد الرحمن بن أحمد بن الحسن الفارسي وابنه أبو بكر عبد الله بن محمد بن علي وأبو حرب محمد بن أحمد الحافظ، وكان حافظا للحديث حسن التصنيف، رحل إلى الشام ومصر وأكثر الكتابة بالكوفة والبصرة وبغداد، وتوفي في رجب سنة 278، والحسن بن شجاع بن رجاء أبو علي البلخي الحافظ، رحل في طلب العلم إلى الشام والعراق ومصر وحدث عن أبي مسهر ويحيى بن صالح الوحاظي وأبي صالح كاتب الليث وسعيد بن أبي مريم وعبيد الله ابن موسى، روى عنه البخاري وأبو زرعة الرازي ومحمد بن زكرياء البلخي وأحمد بن علي بن مسلم الأبّار.
وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: قلت لأبي: يا أبت ما الحفّاظ؟ قال: يا بنيّ شباب كانوا عندنا من أهل خراسان وقد تفرقوا، قلت: ومن هم يا أبت؟ قال: محمد بن إسماعيل ذاك البخاري وعبيد الله بن عبد الكريم ذاك الرازي وعبد الله بن عبد الرحمن ذاك السمرقندي والحسن بن شجاع ذاك البلخي، فقلت: يا أبت من أحفظ هؤلاء؟ قال: أما أبو زرعة الرازي فأسردهم وأما محمد بن إسماعيل فأعرفهم وأما عبد الله بن عبد الرحمن فأتقنهم وأما الحسن ابن شجاع فأجمعهم للأبواب، وقال أبو عمرو البيكندي: حكيت هذا لمحمد بن عقيل البلخي فأطرى ذكر الحسن بن شجاع فقلت له: لم لم يشتهر كما اشتهر هؤلاء الثلاثة؟ فقال: لأنه لم يمتّع بالعمر، ومات الحسن بن شجاع للنصف من شوّال سنة 244، وهو ابن تسع وأربعين سنة.

ثَوَابَةُ

ثَوَابَةُ:
بالفتح: درب ثوابة ببغداد ينسب إليه أبو جعفر محمد بن إبراهيم البرتي الأطروش الــكاتب الثوابي، سمع القاضي يحيى بن أكثم، روى عنه أبو بكر الجعابي، ومات في سنة 313 من كتاب النسب.

جُرَاوَةُ

جُرَاوَةُ:
بالضم: ناحية بالأندلس من أعمال فحص البلوط. وجوارة أيضا: موضع بإفريقية بين قسطنطينية وقلعة بني حمّاد منها عبد الله بن محمد الجراوي كاتب شاعر مليح النظم والنثر كذا قال الحسن بن رشيق القيرواني وذكر أنه توفي سنة 415 عن نيف وأربعين سنة.

جُرْجانُ

جُرْجانُ:
بالضم، وآخره نون قال صاحب الزيج:
طول جرجان ثمانون درجة ونصف وربع، وعرضها ثمان وثلاثون درجة وخمس عشرة دقيقة، في الإقليم الخامس، وروى بعضهم أنها في الإقليم الرابع، وفي كتاب الملحمة المنسوب إلى بطليموس: طول مدينة جرجان ست وثمانون درجة وثلاثون دقيقة، وعرضها أربعون درجة، في الإقليم الخامس، طالعها النور ولها شركة في كف الخضيب ثلاث درج وست عشرة دقيقة وشركة في مرفق الدب الأصغر تحت سبع عشرة درجة وست عشرة دقيقة من السرطان، يقابلها مثلها من الجدي بيت ملكها مثلها من الحمل بيت عاقبتها مثلها من الميزان. وجرجان: مدينة مشهورة عظيمة بين طبرستان وخراسان، فبعض يعدها من هذه وبعض يعدّها من هذه، وقيل: إن أول من أحدث بناءها يزيد بن المهلّب بن أبي صفرة، وقد خرج منها خلق من الأدباء والعلماء والفقهاء والمحدثين، ولها تاريخ ألفه حمزة بن يزيد السّهمي.
قال الإصطخري: أما جرجان فإنها أكبر مدينة بنواحيها، وهي أقل ندّى ومطرا من طبرستان، وأهلها أحسن وقارا وأكثر مروءة ويسارا من كبرائهم، وهي قطعتان: إحداهما المدينة والأخرى بكراباذ، وبينهما نهر كبير يجري يحتمل أن تجري فيه السفن، ويرتفع منها من الإبريسم وثياب الإبريسم ما يحمل إلى جميع الآفاق، قال: وإبريسم جرجان بزر دودة يحمل إلى طبرستان، ولا يرتفع من طبرستان بزر إبريسم، ولجرجان مياه كثيرة وضياع عريضة، وليس بالمشرق بعد أن تجاوز العراق مدينة أجمع ولا أظهر حسنا من جرجان على مقدارها، وذلك أن بها الثلج والنخل، وبها فواكه الصرود والجروم، وأهلها يأخذون أنفسهم بالتأنى والأخلاق
المحمودة قال: وقد خرج منها رجال كثيرون موصوفون بالسّتر والسخاء، منهم: البرمكي صاحب المأمون، ونقودهم نقود طبرستان الدنانير والدراهم، وأوزانهم المنّ ستمائة درهم، وكذلك الري وطبرستان.
وقال مسعر بن مهلهل: سرت من دامغان متياسرا إلى جرجان في صعود وهبوط وأودية هائلة وجبال عالية، وجرجان مدينة حسنة على واد عظيم في ثغور بلدان السهل والجبل والبر والبحر، بها الزيتون والنخل والجوز والرمان وقصب السكر والأترج، وبها إبريسم جيد لا يستحيل صبغه، وبها أحجار كبيرة، ولها خواصّ عجيبة، وبها ثعابين تهول الناظر لكن لا ضرر لها ولأبي الغمر في وصف جرجان:
هي جنّة الدّنيا التي هي سجسج، ... يرضى بها المحرور والمقرور
سهليّة جبليّة بحريّة، ... يحتلّ فيها منجد ومغير
وإذا غدا القنّاص راح بما اشتهى ... طبّاخه، فملهّج وقدير
قبج ودرّاج وسرب تدارج، ... قد ضمّهن الظبي واليعفور
غربت بهنّ أجادل وزرازر ... وبواشق وفهودة وصقور
ونواشط من جنس ما هي أفتنت ... رأي العيون بها، وهنّ النور
وكأنما نوّارها برياضها، ... للمبصريه، سندس منشور
وللصاحب كافي الكفاة أبي القاسم في كتابه كافي الرسائل في ذمّ جرجان:
نحن والله من هوائك، يا جر ... جان، في خطّة وكرب شديد
حرّها ينضج الجلود، فإن هبّت ... شمالا تكدّرت بركود
كحبيب منافق، كلما همّ ... بوصل أحاله بالصّدود
وقال أبو منصور النيسابوري يذكر اختلاف الهواء بها في يوم واحد:
ألا ربّ يوم لي بجرجان أرعن، ... ظللت له من حرقه أتعجّب
وأخشى على نفسي اختلاف هوائها، ... وما لامرئ عما قضى الله مهرب
وما خير يوم أخرق متلوّن ... ببرد وحرّ، بعده يتلهّب
فأوّله للقرّ والجمر ينقب، ... وآخره للثلج والخيش يضرب
وكان الفضل بن سهل قد ولى مسلم بن الوليد الشاعر ضياع جرجان وضمّنه إياها بخمسمائة ألف وقد بذل فيها ألف ألف درهم، وأقام بجرجان إلى أن أدركته الوفاة ومرض مرضه الذي مات فيه فرأى نخلة لم يكن في جرجان غيرها فقال:
ألا يا نخلة بالسف ... ح من أكناف جرجان
ألا إني وإياك ... بجرجان غريبان
ثم مات مع تمام الإنشاد وقد نسب الأقيشر اليربوعي، وقيل ابن خزيم، إليها الخمر فقال:
وصهباء جرجانية لم يطف بها ... حنيف، ولم ينفر بها ساعة قدر
ولم يشهد القسّ المهيمن نارها ... طروقا، ولم يحضر على طبخها حبر
أتاني بها يحيى وقد نمت نومة، ... وقد لاحت الشّعرى وقد طلع النّسر
فقلت اصطبحها أو لغيري فأهدها، ... فما أنا بعد الشيب ويحك والخمر!
تعفّفت عنها في العصور التي مضت، ... فكيف التصابي بعد ما كمل العمر؟
إذا المرء وفّى الأربعين، ولم يكن ... له دون ما يأتي حياء ولا ستر
فدعه ولا تنفس عليه الذي أتى، ... وإن جرّ أسباب الحياة له الدهر
وكان أهل الكوفة يقولون: من لم يرو هذه الأبيات فإنه ناقص المروءة وأما فتحها فقد ذكر أصحاب السير أنه لما فرغ سويد بن مقرّن من فتح بسطام في سنة 18 كاتب ملك جرجان ثم سار إليها وكاتبــه روزبان صول وبادره بالصلح على أن يؤدي الجزية ويكفيه حرب جرجان، وسار سويد فدخل جرجان وكتب لهم كتاب صلح على الجزية وقال أبو نجيد:
دعانا إلى جرجان، والرّيّ دونها، ... سواد فأرضت من بها من عشائر
وقال سويد بن قطبة:
ألا ابلغ أسيدا، إن عرضت، بأننا ... بجرجان في خضر الرياض النواضر
فلما أحسونا وخافوا صيالنا ... أتانا ابن صول، راغما، بالجرائر
وممن ينسب إليها من الأئمة أبو نعيم عبد الملك بن محمد بن عدي الجرجاني الأسترآباذي الفقيه أحد الأئمة، سمع يزيد بن محمد بن عبد الصمد وبكار بن قتيبة وعمار بن رجاء وغيرهم، قال الخطيب: وكان أحد أئمة المسلمين والحفّاظ بشرائع الدين مع صدق وتورّع وضبط وتيقظ، سافر الكثير وكتب بالعراق والحجاز ومصر، وورد بغداد قديما وحدث بها، فروى عنه من أهلها يحيى بن محمد بن صاعد وغيره، وقال أبو علي الحافظ: كان أبو نعيم الجرجاني أوحد ما رأيت بخراسان بعد أبي بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة مثله وأفضل منه، وكان يحفظ الموقوفات والمراسيل كما نحفظ نحن المسانيد، وقال الخليلي القزويني: كان لأبي نعيم تصانيف في الفقه وكتاب الضعفاء في عشرة أجزاء، وقال حمزة بن يوسف السّهمي في تاريخ جرجان:
عبد الملك بن محمد بن عدي بن زيد الأسترآباذي سكن جرجان وكان مقدما في الفقه والحديث وكانت الرّحلة إليه في أيامه، روى عن أهل العراق والشام ومصر والثغور، ومولده سنة 242، وتوفي بأسترآباذ في ذي الحجة سنة 323 ومنها أبو أحمد عبد الله بن عدي بن عبد الله بن محمد بن المبارك الجرجاني الحافظ المعروف بابن القطان أحد أئمة الحديث والمكثرين منه والجامعين له والرّحالين فيه، رحل إلى دمشق ومصر، وله رحلتان أولاهما في سنة 297 والثمانية في سنة 305، سمع الحديث بدمشق من محمد بن خزيم وعبد الصمد بن عبد الله بن أبي زيد وإبراهيم بن دحيم وأحمد بن عمير بن جوصا وغيرهم، وسمع بحمص هبيل بن محمد وأحمد بن أبي الأخيل وزيد بن عبد الله المهراني، وبمصر أبا يعقوب إسحق المنجنيقي، وبصيدا أبا محمد المعافى بن أبي كريمة، وبصور أحمد بن بشير بن حبيب الصوري، وبالكوفة أبا العباس بن عقدة ومحمد بن الحصين بن حفص، وبالبصرة أبا خليفة الجمحي، وبالعسكر عبدان الأهوازي،
وببغداد أبا القاسم البغوي وأبا محمد بن صاعد، وببعلبكّ أبا جعفر أحمد بن هاشم وخلقا من هذه الطبقة كثيرا، وروى عنه أبو العباس بن عقدة، وهو من شيوخه، وحمزة بن يوسف السّهمي وأبو سعد الماليني وخلق في طبقتهم، وكان مصنّفا حافظا ثقة على لحن كان فيه وقال حمزة: كتب أبو محمد بن عدي الحديث بجرجان في سنة 290 عن أحمد بن حفص السعدي وغيره، ثم رحل إلى الشام ومصر وصنف في معرفة ضعفاء المحدّثين كتابا في مقدار مائتي جزء سماه الكامل قال: وسألت الدارقطني أبا الحسن أن يصنف كتابا في ضعفاء المحدثين فقال: أليس عندكم كتاب ابن عدي؟ قلت: بلى، قال: فيه كفاية لا يزاد عليه، وكان ابن عدي جمع أحاديث مالك بن أنس والأوزاعي وسفيان الثوري وشعبة وإسماعيل ابن أبي خالد وجماعة من المتقدّمين وصنف على كتاب المزني كتابا سماه الأبصار، وكان أبو أحمد حافظا متقنا لم يكن في زمانه مثله، تفرّد بأحاديث فكان قد وهب أحاديث له يتفرّد بها لبنيه عدي وأبي زرعة وأبي منصور تفرّدوا بروايتها عن أبيهم، وابنه عدي سكن سجستان وحدث بها، قال ابن عدي:
سمع مني أبو العباس بن عقدة كتاب الجعفرية عن أبي الأشعث، وحدث به عندي فقال: حدّثني عبد الله بن عبد الله، وكان مولده في ذي القعدة سنة 277، ومات غرّة جمادى الآخرة سنة 365 ليلة السبت، فصلى عليه أبو بكر الإسماعيلي ودفن بجنب مسجد كوزين، وقبره عن يمين القبلة مما يلي صحن المسجد بجرجان ومنها حمزة بن يوسف بن إبراهيم بن موسى بن إبراهيم ابن محمد، ويقال ابن إبراهيم بن أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن هشام بن العباس بن وائل أبو القاسم السهمي الجرجاني الواعظ الحافظ، رحل في طلب الحديث فسمع بدمشق عبد الوهاب الكلابي، وبمصر ميمون بن حمزة وأبا أحمد محمد بن عبد الرحيم القيسراني، وبتنيس أبا بكر بن جابر، وبأصبهان أبا بكر المقري، وبالرّقة يوسف بن أحمد بن محمد، وبجرجان أبا بكر الإسماعيلي وأبا أحمد بن عدي، وببغداد أبا بكر بن شاذان وأبا الحسن الدارقطني، وبالكوفة الحسن بن القاسم، وبعكبرا أحمد بن الحسن بن عبد العزيز، وبعسقلان أبا بكر محمد بن أحمد بن يوسف الخدري، روى عنه أبو بكر البيهقي وأبو صالح المؤدّب وأبو عامر الفضل بن إسماعيل الجرجاني الأديب وغير هؤلاء سمعوا ورووا قال أبو عبد الله الحسين بن محمد الكتبي الهروي الحاكم: سنة 427 ورد الخبر بوفاة الثّعلبي صاحب التفسير وحمزة بن يوسف السّهمي بنيسابور ومنها أبو إبراهيم إسماعيل بن الحسن بن محمد بن أحمد العلوي الحسيني من أهل جرجان، كان عارفا بالطبّ جدّا، وله فيه تصانيف حسنة مرغوب فيها بالعربية والفارسية، انتقل إلى خوارزم وأقام بها مدة ثم انتقل إلى مرو فأقام بها، وكان من أفراد زمانه، وذكر أنه سمع أبا القاسم القشيري، وحدث عنه بكتاب الأربعين له، وأجاز لأبي سعد السمعاني، وتوفي بمرو سنة 531 وغير هؤلاء كثير.

جُلّابُ

جُلّابُ:
بالضم، وتشديد اللام: اسم نهر بمدينة حرّان التي بالجزيرة، مسمى باسم قرية يقال لها جلّاب، ومخرج هذا النهر من قرية تعرف بدب، بينها وبين جلاب أربعة أميال، ومنتهاه إلى البليخ نهر الرّقّة يصب فيه إن فضل منه شيء في الشتاء وأما في غير الشتاء فلا يفي ببعض ما عليه من الأراضي المزدرعة لأنه صغير وذكر الجهشياري أن إسمعيل بن صبيح الــكاتب في أيام الرشيد حفر لأهل حرّان قناة يشربون منها تعرف بجلاب، بينها وبين حران عشرة أميال قال أبو نواس:
بنيت بما خنت الإمام سقاية، ... فلا شربوا إلا أمرّ من الصّبر
فما كنت إلا مثل بائعة استها، ... تعود على المرضى به، طلب الأجر

جَلُودُ

جَلُودُ:
بالفتح ثم الضم، وسكون الواو، ودال مهملة، قالوا: هي بلدة بإفريقية ينسب إليها القائد عيسى ابن يزيد الجلودي، وكان مع عبد الله بن طاهر، وولي مصر، وقال ابن قتيبة في أدب الــكاتب: هو الجلودي، بفتح الجيم، منسوب إلى جلود، وأحسبها قرية بإفريقية، وقال أبو محمد عبد الله بن محمد البطليوسي: كذا قال يعقوب، وقال علي بن حمزة البصري: سألت أهل إفريقية عن جلود هذه التي ذكرها يعقوب فلم يعرفها أحد من شيوخهم، وقالوا إنما نعرف كدية الجلود، وهي كدية من كدى القيروان، قال:
والصحيح أن جلود قرية بالشام معروفة.

جُورجِير

جُورجِير:
بعد الراء جيم أخرى، وياء، وراء:
محلّة بأصبهان وبها جامع يعرف بها، وكان بها جماعة من الأئمة قديما وحديثا وممن ينسب إليها أبو القاسم طاهر بن محمد بن أحمد بن عبد الله العكلي الجورجيري، روى عن أبي بكر المقري، ومات في جمادى الأولى
سنة 439 ومحمد بن عمر بن حفص الجورجيري، حدث عنه عثمان بن أحمد البرجي الــكاتب وغيره.

حَرَسُ

حَرَسُ:
بالتحريك: قرية في شرقي مصر، وقال الدارقطني: محلة بمصر، والحرس في اللغة: حرس السلطان، وهو اسم جنس، واحده حرسيّ، ولا يجوز حارس إلا أن يذهب به إلى معنى الحراسة، وقال الأزهري: يقال حارس وحرس كما يقال خادم وخدم وعاسّ وعسس، وقد نسب إلى هذا الموضع جماعة كثيرة مذكورة في تاريخ مصر، منهم: أبو يحيى زكرياء بن يحيى بن صالح بن يعقوب القضاعي الحرسي كاتب عبد الرحمن بن عبد الله العمري، يروي عن المفضل بن فضالة وابن وهب، مات في شعبان سنة 242، وابنه أبو بكر أحمد حدّث، ومات في ذي القعدة سنة 254، وأحمد بن رزق الله ابن أبي الجرّاح الحرسي، روى عن يونس بن عبد الأعلى، ومات سنة 246، وغيرهم.

بَسَا

بَسَا:
بالفتح، ويعرّبونها فيقولون فسا: مدينة بفارس ذكرت في فسا، وذكر الأديب أبو العباس احمد ابن عليّ بن بابه القاشي أن أرسلان البساسيري منسوب إليها، قال: هكذا ينسب أهل فارس إلى بسا بسا سيريّ، وكان مولاه منها وكان من مماليك بهاء الدولة بن عضد الدولة، فلما ملك جلال الدولة أبو طاهر وابنه الملك الرحيم أبو نصر قوي أمر البساسيري وتقدم على أتراك بغداد وكثرت أمواله وأتباعه، فلما قدم طغرل بك أول ملوك السلجوقية إلى بغداد خرج الملك الرحيم إليه وهرب البساسيري إلى رحبة مالك، وكان كاتب المستنصر صاحب مصر، وانتسب إليه فقبله وأقطعه، واتفق أنّ ابراهيم إينال أخا طغرل بك جمع جموعا وعصى على أخيه بنواحي همذان، فجمع طغرل بك عساكره وقصده فخلت بغداد من مدافع عنها، فرجع إليه أرسلان البساسيري ومعه قريش بن بدران بن المقلّد أمير بني عقيل، فملكا بغداد ودار الخلافة، واستذمّ الوزير رئيس الرؤساء إلى قريش للخليفة القائم بأمر الله ولنفسه، وانتقل الخليفة إلى خيمة قريش وحمله إلى قلعة عانة على الفرات وبها ابن عمه مهارش وسلّم رئيس الرؤساء إلى البساسيري فصلبه ومثل به، وملك دار الخلافة واستولى على ذخائرها وأقام الخطبة ببغداد ونواحيها سنة كاملة لصاحب مصر، أولها سادس عشر ذي القعدة سنة 450، وأعيدت خطبة القائم في سادس عشر ذي القعدة من سنة 451، إلى أن أوقع طغرل بك بأخيه ورجع إلى بغداد وأوقع بالبساسيري فقتله وردّ القائم إلى مقرّ عزّه ودار خلافته، والقصة في ذلك طويلة وهذا مختصرها. وببغداد من ناحية باب الأزج محلّة كبيرة يقال لها دار البساسيري نسب إليها بعض الرواة.

بَرْمَلاحَةُ

بَرْمَلاحَةُ:
بالفتح، والحاء مهملة: موضع في أرض بابل قرب حلّة دبيس بن مزيد شرقي قرية يقال لها القسونات، بها قبر باروخ أستاذ حزقيل وقبر يوسف الرّبّان وقبر يوشع، وليس يوشع بابن نون، وقبر عزرة، وليس عزرة بناقل التوراة الــكاتب، والجميع يزوره اليهود، وفيها أيضا قبر حزقيل المعروف بذي الكفل يقصده اليهود من البلاد الشاسعة للزيارة.

جامع التواريخ

جامع التواريخ
تركي.
لأمير محمد الــكاتب.
الزعيم من أعيان دولة السلطان: مراد الثالث، وكان من كتاب الديوان.
فرغ من تسويده: في رمضان سنة 982، اثنتين وثمانين وتسعمائة.
ذكر فيه الأنبياء، ثم الملوك، وذكر خمسة وعشرين دولة.
وأهداه إلى الوزير: محمد باشا.
جامع التواريخ
لأبي الفضل، البيهقي.
جامع التواريخ
فارسي.
لخواجة، رشيد الدين: فضل الله الوزير.
المقتول: في سنة 718، ثمان عشرة وسبعمائة.
وهو تاريخ، كبير.
في دولة جنكيز وأولاده.
ذكر فيه: أنه لما شرع في التبييض، مات السلطان: غازان.
في شوال سنة 704، أربع وسبعمائة.
وجلس مكانه ولده: خدا بنده محمد.
فأمره بإتمامه وإدخال اسمه في العنوان.
أمر أيضاً بإلحاق أحوال الأقاليم، وأهلها، وطبقات الأصناف.
وبأن يجعل جامعاً لتفاصيل ما في كتب التواريخ، وأمر من تحت حكمه من أصحاب تواريخ الأديان والفرق، بالإمداد إليه من كتبهم.
وأمر أيضاً بأن يجعله مذيلاً بكتاب صور الأقاليم، ومسالك الممالك، فأجاب وكتب أحوال الدولة الجنكيزية، وأمة الترك مفصلاً في مجلد.
وذكر خلاصة الوفيات في مجلد آخر، وأورد صور الأقاليم في مجلد آخر على أن يكون ذيلاً له، ونقل أخبار كل فرقة على ما وجد في كتبهم بلا تغيير.
ورتب على ثلاثة مجلدات:
الأول: فيما كتبه باسم غازان، وهو على بابين:
الأول: في ظهور الأتراك، وبلادهم.
والثاني: في المغول.
الثاني: فيما كتبه باسم أولجايتو محمد، وهو على بابين أيضاً:
الأول: في أحواله.
والثاني: في قسمين:
الأول: في تواريخ الأنبياء، والخلفاء، وطبقات الملوك، والأصناف من لدن آدم إلى سنة 700 سبعمائة، وتاريخ كل قوم من أهل ختاي، وماجين، وكشمير، وهند، وبني إسرائيل، والملاحدة، والإفرنج.
الثالث: في صور الأقاليم. انتهى.

أَسْبَذُ

أَسْبَذُ:
بالفتح ثم السكون، ثم فتح الباء الموحدة، وذال معجمة. في كتاب الفتوح: أسبذ قرية بالبحرين وصاحبها المنذر بن ساوي، وقد اختلف في الأسبذيّين من بني تميم لم سمّوا بذلك، قال هشام بن محمد بن السائب: هم ولد عبد الله بن زيد بن عبد الله بن دارم بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم، قال: وقيل لهم الأسبذيّون لأنهم كانوا يعبدون فرسا، قلت أنا: الفرس بالفارسية اسمه أسب، زادوا فيه ذالا تعريبا، قال: وقيل كانوا يسكنون مدينة يقال لها أسبذ بعمان فنسبوا إليها، وقال الهيثم بن عدي: إنما قيل لهم الأسبذيون أي الجمّاع، وهم من بني عبد الله بن دارم، منهم: المنذر ابن ساوي صاحب هجر الذي كاتبــه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وقد جاء في شعر طرفة ما كشف المراد وهو يعتب على قومه:
فأقسمت عند النّصب: إني لهالك، ... بملتفّة، ليست بغبط ولا خفض
خذوا حذركم، أهل المشقّر والصّفا، ... عبيد أسبذ، والقرض يجزى من القرض
ستصبحك الغلباء تغلب، غارة، ... هنالك لا ينجيك عرض من العرض
وتلبس قوما، بالمشقّر والصّفا، ... شآبيب موت، تستهلّ ولا تغضي
تميل على العبديّ في جوّ داره، ... وعوف بن سعد تخترمه عن المحض
هما أورداني الموت، عمدا، وجرّدا ... على الغدر خيلا، ما تملّ من الرّكض
قال أبو عمرو الشيباني في فسر ذلك: أسبذ اسم ملك كان من الفرس، ملّكه كسرى على البحرين فاستعبدهم وأذلّهم، وإنما اسمه بالفارسية أسبيدويه، يريد الأبيض الوجه، فعرّبه فنسب العرب أهل البحرين إلى هذا الملك على جهة الذّم فليس يختص بقوم دون قوم، والغالب على أهل البحرين، عبد القيس، وهم أصحاب المشقّر والصّفا حصنين هنالك، وقال مالك بن نويرة، يردّ على محرز بن المكعبر الضّبّي، كان قال شعرا ينتصر فيه لقيس بن عاصم على مالك بن نويرة:
أرى كلّ بكر ثمّ غير أبيكم، ... وخالفتم حجنا من اللّؤم حيدرا
أبى أن يريم الدهر وسط بيوتكم، ... كما لا يريم الأسبذيّ المشقّرا
حميت ابن ذي الأيرين قيس بن عاصم، ... مطرّا، فمن يحمي أباك المكعبرا؟

جلاء الحزن

جلاء الحزن
لأبي الفرج: قدامة بن جعفر الــكاتب.
المتوفى: سنة...
جلاء الخاطر، من كلام الشيخ: عبد القادر.
جمع فيه: ما قاله في عدة مجالس.
أولها: تاسع رجب يوم الجمعة.
وآخرها: الرابع والعشرين.
من رمضان سنة 546، ست وأربعين وخمسمائة.

أَبْغَرُ

أَبْغَرُ:
بالفتح ثم السكون والغين المعجمة مفتوحة وراء: من قرى سمرقند، وقيل هي ناحية بسمرقند ذات قرى متّصلة. منها أبو يزيد خالد بن كردة الأبغري السّمرقندي وأبو عبد الله محمد بن محمد بن عمران الأبغري، كاتب الإنشاء في أيام دولة السامانية، وكان من البلغاء.

أُتْشَنْدُ

أُتْشَنْدُ:
بالضم ثم السكون وفتح الشين وسكون النون ودال مهملة: قرية من قرى نسف بما وراء النهر، منها أبو المظفّر محمد بن أحمد بن حامد الــكاتب الأتشندي النّسفي، سمع الحديث.

أَرْبَقُ

أَرْبَقُ:
بالفتح ثم السكون، وباء مفتوحة موحدة، وقد تضمّ، وقاف، ويقال بالكاف مكان القاف، وقد ذكره بعده: من نواحي رامهرمز من نواحي خوزستان، ينسب إليها أبو طاهر علي بن أحمد بن الفضل الرامهرمزي الأربقي، وقرأت في كتاب المفاوضة لأبي الحسن محمد بن علي بن نصر الــكاتب:
حدثني القاضي أبو الحسن أحمد بن الحسن الأربقي بأربق، وكان رجلا فاضلا، قاضي البلد وخطيبه وإمامه في شهر رمضان، ومن الفضل على منزلة، قال: تقلّد بلدنا بعض العجم الجفاة، والتفّ به جماعة ممن حسدني وكره تقدّمي، فصرفني عن القضاء، ورام صرفي عن الخطابة والإمامة، فثار الناس، ولم يساعده المسلمون، فكتبت إليه بهذه الأبيات:
قل للذين تألّبوا وتحزّبوا: ... قد طبت نفسا عن ولاية أربق
هبني صددت عن القضاء تعدّيا، ... أأصدّ عن حذقي به وتحققي؟
وعن الفصاحة والنزاهة والنّهى، ... خلقا خصصت به، وفضل المنطق
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.