Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: غريب

علم غريب الحديث والقرآن

علم غريب الحديث والقرآن
قال أبو سليمان محمد الخطابي الــغريب من الكلام إنما هو الغامض البعيد من الفهم كما إن الــغريب من الناس إنما هو البعيد عن الوطن المنقطع عن الأهل والــغريب من الكلام يقال به على وجهين:
أحدهما: أن يراد به أأأنه بعيد المعنى غامضه لا يتناوله الفهم إلا عن بعد ومعاناة فكر.
والوجه الآخر: يراد به كلام من بعدت به الدار من شواذ قبائل العرب فإذا وقعت إلينا الكلمة من كلامهم استغربناها انتهى.
وقال ابن الأثير في النهاية: وقد عرفت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أفصح العرب لسانا حتى قال له علي رضي الله عنه وقد سمعه يخاطب وفد بني نمر: يا رسول الله نحن بنو أب واحد ونراك تكلم وفود الغرب بما لا نفهم أكثره فقال: أدبني ربي فأحسن تأديبي.
فكان عليه الصلاة والسلام يخاطب العرب على اختلاف شعوبهم وقبائلهم بما يفهمونه فكان الله عز وجل قد أعلمه ما لم يكن يعلمه غيره وكان أصحابه يعرفون أكثر ما يقوله وما جهلوه سألوه عنه فيوضحه لهم واستمر عصره إلى حين وفاته عليه الصلاة والسلام.
وجاء عصر الصحابة جاريا على هذا النمط فكان اللسان العربي عندهم صحيحا لا يتداخله الخلل إلى أن فتحت الأمصار وخالط العرب غير جنسهم فامتزجت الألسن ونشأ بينهم الأولاد فتعلموا من عصر الصحابة وجاء التابعون فسلكوا سبيلهم فما انقضى زمانهم إلا واللسان العربي قد استحال أعجميا فلما أعضل الداء الهم الله سبحانه وتعالى جماعة من أولي المعارف انصرفوا إلى هذا الشأن طرفا من عنايتهم فشرعوا فيه حراسة لهذا العلم الشريف
فقيل إن أول من جمع في هذا الفن شيئا أبو عبيدة معمر بن المثنى التميمي البصري المتوفى سنة عشر ومائتين فجمع كتابا صغيرا ولم تكن قلته لجهله بغيره وإنما ذلك لأمرين:
أحدهما: إن كل مبتدئ بشيء لم يسيق إليه يكون قليلا ثم يكثر.
والثاني: إن الناس كان فيهم يؤمئذ بقية وعندهم معرفة فلم يكن الجهل قد عم وله تأليف آخر في غريب القرآن وقد صنف عبد الواحد بن أحمد المليح المتوفى سنة اثنتين وستين وأربعمائة كتابا في رده وأبو سعيد أحمد بن خالد الضرير وموفق الدين عبد اللطيف بن يوسف البغدادي المتوفى سنة تسع وعشرين وستمائة صنفا في رد غريب الحديث.
ثم جمع أبو الحسن النضر بن شميل المازني النحوي بعده أكثر منه المتوفى سنة أربع ومائتين ثم جمع عبد الملك بن قريب الأصمعي كتابا أحسن فيه وأجاد وكذلك محمد بن المستنير المعروف بقطرب وغيره من الأئمة جمعوا أحاديث وتكلموا على لغتها في أوراق ولم يكد أحدهم ينفرد عن غيره بكثير حديث لم يذكره الآخر. ثم جاء أبو عبيد القاسم بن سلام بعد المائتين فجمع كتابه فصار هو القدوة في هذا الشأن فإنه أفنى فيه عمره حتى لقد قال فيما يروى عنه: أني جمعت كتابي هذا في أربعين سنة وربما كنت استفيد الفائدة من الأفواه فأضعها في موضعها فكان خلاصة عمري وبقي كتابه في أيدي الناس يرجعون إليه في غريب الحديث وعليه كتاب مختصر لمحب الدين أحمد بن عبد الله الطبري المتوفى سنة أربع وتسعين وستمائة سماه بقريب المرام في غريب القاسم بن سلام مبوبا على الحروف.
ثم جاء عصر أبي محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري المتوفى سنة ست وسبعين ومائتين فصنف كتابه المشهور حذا فيه حذو أبي عبيدة فجاء كتابه مثل كتابه أو أكبر.
وقال في مقدمته: أرجو أن لا يكون بقي بعد هذين الكتابين من غريب الحديث ما يكون لأحد فيه مقال.
وقد كان في زمانه الإمام إبراهيم بن إسحاق الحربي الحافظ وجمع كتابه فيه وهو كبير في خمس مجلدات بسط القول فيه واستقصى الأحاديث بطرق أسانيدها وأطاله بذكر متونها وإن لم تكن فيها إلا كلمة واحدة غريبــة فطال ذلك كتابه فترك وهجر وإن كان كثير الفوائد توفي رحمه الله ببغداد سنة خمس وثمانين ومائتين.
ثم صنف الناس غير من ذكر منهم شمر بن حمدويه وأبو العباس أحمد بن يحيى المعروف بثعلب المتوفى سنة خمس وثمانين ومائتين وأبو بكر محمد بن قاسم الأنباري المتوفى سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة وأحمد بن حسن الكندي وأبو عمر ومحمد بن عبد الواحد الزاهد صاحب ثعلب المتوفى سنة خمس وأربعين وثلث مائة وغريبــه غريب مسند الإمام أحمد. وغير هؤلاء أقول كأبي الحسين عمر بن محمد القاضي المالكي المتوفى سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة ولم يتم وأبي محمد سلمة بن عاصم النحوي وأبي مروان عبد الملك بن حبيب المالكي المتوفى سنة تسع وثلاثين ومائتين وأبي القاسم محمود بن أبي الحسن بن الحسين النيسابوري الملقب ببيان الحق وقاسم بن محمد الأنباري المتوفى سنة أربع وثلاثمائة وأبي شجاع محمد بن علي بن الدهان البغدادي المتوفى سنة تسعين وخمسمائة وهو كبير في ستة عشر مجلدا. وأبي الفتح سليم بن أيوب الرازي المتوفى سنة اثنتين وأربعين وأربعمائة وابن كيسان محمد بن أحمد النحوي المتوفى سنة تسع وستين ومائتين ومحمد بن حبيب البغدادي النحوي المتوفى سنة خمس وأربعين ومائتين وابن درستويه عبد الله بن جعفر النحوي المتوفى سنة سبع وأربعين وثلاثمائة وإسماعيل بن عبد الغافر راوي صحيح مسلم المتوفى سنة خمس وأربعين وأربعمائة وكتابه جليل الفائدة مجلد مرتب على الحروف.
واستمر الحال إلى عهد الإمام أبي سليمان أحمد بن محمد الخطابي البستي المتوفى سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة فألف كتابه المشهور سلك فيه نهج أبي عبيدة وابن قتيبة فكانت هذه الثلاثة فيه أمهات الكتب إلا أنه لم يكن كتاب صنف مرتبا يرجع الإنسان عند طلبه إلا كتاب الحربي وهو على طوله لا يوجد إلا بعد تعب وعناء فلما كان زمان أبي عبيد أحمد بن محمد الهروي المتوفى سنة إحدى وأربعمائة صاحب الأزهري وكان في زمن الخطابي صنف كتابه المشهور في الجمع بين غريبــي القرآن والحديث ورتبه على حروف المعجم على وضع لم يسبق فيه وجمع ما في كتب من تقدمه فجاء جامعا في الحسن إلا أنه جاء الحديث مفرقا في حروف كلماته فانتشر فصار هو العمدة فيه وما زال الناس بعده يتبعون أثره على عهد أبي القاسم محمود بن عمر الزمخشري فصنف الفائق ورتبه على وضع اختاره مقفى على حروف المعجم ولكن في العثور على طلب الحديث منه كلفة ومشقة لأنه جمع في التقفية بين إيراد الحديث مسرودا جميعه أو أكثره ثم شرح ما فيه من غريب فيجيء بشرح كل كلمة غريبــة يشتمل عليها ذلك الحديث في حرف وأحد فرد الكلمة في غير حروفها وإذا طلبها الإنسان تعب حتى يجدها فكان كتاب الهروي أقرب متناولا وأسهل مأخذاً.
وصنف الحافظ أبو موسى محمد بن أبي بكر الأصفهاني كتابا فيه ما فات الهروي من غريب القرآن والحديث مناسبة وفائدة ورتبه كما رتبه ثم قال: واعلم أنه سيبقى بعد كتابي أشياء لم تقع لي ولا وقفت عليها لأن كلام العرب لم ينحصر. وتوفي سنة إحدى وثمانين وخمسمائة سماه كتاب الغث كمل به الــغريبــين ومعاصره أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الإمام ابن الجوزي صنف كتابا في غريب الحديث نهج فيه طريق الهروي مجردا عن غريب القرآن وكان فاضلا لكنه يغلب عليه الوعظ وقال فيه: قد فاتهم أشياء فرأيت أن أبذل الوسع في جمع غريب وأرجو أن لا يشذ عني مهم من ذلك قال ابن الأثير: ولقد تتبعت كتابه فرأيته مختصرا من كتاب الهروي منتزعا من أبوابه شيئا فشيئا ولم يزد عليه إلا الكلمة الشاذة وأما أبو موسى فإنه لم يذكر في كتابه مما ذكره الهروي لا كلمة اضطر إلى ذكرها فإن كتابه أيضا يضاهي كتاب الهروي لأن وضعه استدراك ما فات الهروي ولما وقفت على ذينك الكتابين وهما في غاية من الحسن وإذا أراد أحد كلمة غريبــة يحتاج إليهما وهما كبيران ذوا مجلدات عدة فرأيت أن أجمع بين ما فيهما من غريب الحديث مجرد من غريب القرآن وأضيف كل كلمة إلى أختها وتمادت بين الأيام فحينئذ أمعنت النظر في الجمع بين ألفاظهما فوجدتهما على كثرة ما أودع فيهما قد فاتهما الكثير فإني في بادئ الأمر مر بذكري كلمات غريبــة من أحاديث البخاري ومسلم لم يرد شيء منها في هذين الكتابين فحيث عرفت نبهت لاعتبار ما سوى هذين من كتب الحديث فتتبعتها واستقصيت قديما وحديثا فرأيت فيها من الــغريب كثيرا وأضفت ما عثرت عليه.
وأنا أقول: كم يكون ما قد فاتني من الكلمات الــغريبــة تشتمل عليها أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وتابعيهم ذخيرة لغيري انتهى كلام ابن الأثير من كتابه المسمى بالنهاية ملخصاً.
أقول: وصنف الأرموي بعده كتابه في تتمة كتابه وصنف مهذب الدين بن الحاجب عشر مجلدات وتصنيف قاسم بن ثابت بن حزم السرقسطي المتوفى سنة ثلاثين وثلاثمائة بسرقسطة كان في عصر الحربي ذلك في الشرق هذا في الغرب ولم يطلع أحدهما على ما صنع الأخر ذكره البقاعي رحمه الله تعالى.

الغريب

الــغريب: في الحديث: ما تفرد بروايته شخص واحد في أي موضع وقع التفرد به من السند. ثم الغرابة في أصل السند أولا، فالأول الفرد المطلق، والثاني الفرد النسبي.
الــغريب
نقصد بالــغريب ما قل دورانه على الألسنة، فلم يستعمله الخطباء ولا الشعراء استعمال غيره من الألفاظ، ويحوى القرآن الكريم عددا منه، فكان العرب في عصر نزول القرآن، يمضون إلى كبار الصحابة، يسألونهم عن معانى هذه الألفاظ الــغريبــة، فيجيبونهم ويقربون لهم هذه المعانى، مستشهدين بأبيات الشعر، والواقع أن قدرة الصحابة على فهم نصوص القرآن لم تكن في درجة واحدة: فكان منهم المثقف ثقافة أدبية ممتازة، ولم يكن ما نسميه الآن غريبــا، بــغريب عند هؤلاء الذين تحداهم القرآن، فلم يكن استخدامه حينئذ معيبا ولا مستكرها، ومثال ذلك استعمال عباقرة الشعراء ألفاظا يعرفها جمهور المتأدبين، ويتذوقون جمالها، وإن كانت غير دائرة على ألسنة العامة، فلا يعاب الشاعر على هذا الاستخدام، ولا ينقص ذلك من قدر كلامه، بل يضع أدبه في مستوى الأدب الرفيع، الذى هدره وتدرك قيمته الصفوة الممتازة من الأدباء.
ومما يدل على أن القرآن يؤثر رفعة الأسلوب أنه يفضل أحيانا كلمة أدبية، على أخرى شائعة عامية، فتراه يستخدم إِلْحافاً فى قوله تعالى: يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيماهُمْ لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً (البقرة 273). مكان «إلحاحا» وربما كان لتكرير الحاءين في الكلمة أثر في الإعراض عنها، وليس ذلك بعجيب على كتاب نزل، ليتحدى أبلغ البلغاء، مستخدما أجمل وأرقى ما يعرفونه من الألفاظ.
وينبغى أن نقرر أن ما نسميه اليوم غريب القرآن، قد برئ من الثقل على اللسان، والكراهة على السمع، والقرآن الكريم لا يستخدم هذا النوع من الألفاظ إلا قليلا، وليس كل ما ذكره المؤلفون في القرآن مما يندرج في هذا النوع، بل يضعون فيه كل ما يرتفع قليلا عن مستوى العام الشائع، فتجد السجستانى مثلا يعد منه كلمات «انفصام، وإسرافا، وادرءوا، وإعصار» ، وليس ذلك بــغريب.
أما ما نعده اليوم غريبــا فعدد محدود من الكلمات، مثل قَضْباً و (أبا) فى قوله تعالى: أَنَّا صَبَبْنَا الْماءَ صَبًّا ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا فَأَنْبَتْنا فِيها حَبًّا وَعِنَباً
وَقَضْباً وَزَيْتُوناً وَنَخْلًا وَحَدائِقَ غُلْباً وَفاكِهَةً وَأَبًّا
(عبس 25 - 31).
والقضب: القث، والأب ما ترعاه الأنعام، ويقال: الأب للبهائم كالفاكهة للناس ، وقد جاءت الكلمتان فاصلتين محافظتين أقوى محافظة على النغم الموسيقى، كما أن الكلمة الثانية استخدمت في معناها الدقيق.
وعلى هذا الوجه جاءت إِدًّا فى قوله تعالى: لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا (مريم 89).
بمعنى الأمر العظيم.
وقد يكون ما يحيط بالكلمة دالا على معناها، كما نجد ذلك في «أركس» فى قوله تعالى: كُلَّما رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيها (النساء 91). وفي أَكِنَّةً فى قوله تعالى:
وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً (الأنعام 25). وأَمْتاً بمعنى ارتفاعا وهبوطا من قوله تعالى: وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبالِ فَقُلْ يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً فَيَذَرُها قاعاً صَفْصَفاً لا تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً (طه 105 - 107). و (ألتنا) بمعنى نقصنا، من قوله تعالى: وَما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ (الطور 21).
ويكاد يكون هذا الأمر مبدأ عاما في معظم ما نسميه اليوم بالــغريب، فهو مع قلته يحاط بما يشير إلى معناه، وقد يتولى القرآن نفسه تفسير ما يرد من تلك الألفاظ، ويكون ذلك في موضع الترهيب والزجر، أو الوعد بالخير، فيكون النطق بهذه الكلمة الــغريبــة، مثيرا في نفس سامعها السؤال عنها، والتنبه القوى لمعناها، حتى إذا جاء هذا المعنى استقر في النفس، فملأها خوفا، أو غمرها بالبهجة والحبور، ومن أمثلة ذلك قوله تعالى: سَأُصْلِيهِ سَقَرَ وَما أَدْراكَ ما سَقَرُ لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً وَما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا (المدثر 26 - 31). وقوله تعالى: كَلَّا إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ وَما أَدْراكَ ما سِجِّينٌ كِتابٌ مَرْقُومٌ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (المطففين 7 - 11). ومثله قوله سبحانه: كَلَّا إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ وَما أَدْراكَ ما عِلِّيُّونَ كِتابٌ مَرْقُومٌ يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ (المطففين 18 - 21).
ولعل من وجوه بلاغة استخدام هذه الألفاظ الأدبية التى لم تشع على الألسنة إلّا قليلا، ما نراه من اختيار ما حسن وقعه على الأذن، وجريه على اللسان منها، ثم في وضعه حيث لا يغنى غيره من الألفاظ غناءه، لتناسب موسيقاه، أو لأنه يؤدى المعنى الدقيق دون سواه، وفي ذلك من براعة الاستعمال ما لا نجده في الألفاظ المستعملة الشائعة.
وإذا أردت أن تعرف ما عده العلماء من غريب القرآن، فارجع إلى مؤلف السجستانى، وإلى كتاب الإتقان (ج 1 ص 115) وفيهما تفسير هذا الــغريب، وفي الإتقان أبيات الشعر، التى استشهد بها على معانى ما ورد في القرآن من هذه الألفاظ.
الــغريب:
[في الانكليزية] lntruder ،odd ،unusual ،strange
[ في الفرنسية] lntrus ،bizzarre ،insolite ،etrange
هو فعيل من الغرابة بالراء المهملة وهو يطلق على معان. منها الكوكب الواقع في موضع لا حظّ له فيه، وهذا مصطلح المنجّمين.
ومنها ما هو مصطلح أهل العروض وهو البحر الذي وزنه فاعلن ثماني مرات ويسمّى بالمتدارك أيضا كما في عروض سيفي. ومنها ما هو مصطلح أهل المعاني قالوا الغرابة كون الكلمة غير ظاهرة المعنى ولا مأنوسة الاستعمال، سواء كانت بالنظر إلى الأعراب الخلّص أو بالنظر إلينا، وتلك الكلمة تسمّى غريبــا ويقابله المعتاد ويرادفه الوحشي. فالــغريب منه ما هو غريب حسن وهو الذي لا يعاب استعماله على الأعراب الخلّص لأنّه لم يكن غير ظاهر المعنى ولا غير مأنوس الاستعمال عندهم، وذلك مثل شرنبث واشمخر واقمطر وهي في النظم أحسن منها في النشر، ومنه غريب القرآن والحديث، وهذا غير مخلّ بالفصاحة، ومنه غريب قبيح وهو الذي يعاب استعماله مطلقا أي عند الخلّص من الأعراب وغيرهم سواء كان كريها على السمع والذوق أو لم يكن، فمنه ما يسمّى الوحشي الغليظ وهو أن يكون مع كونه غريب الاستعمال ثقيلا على السّمع كريها على الذوق ويسمّى المتوعّر أيضا وذلك مثل جحيش للفريد واطلخم الأمر وأمثال ذلك، ويجب الخلوص عن مثل هذا الــغريب في الفصاحة إلّا أنّ الخلوص عن التنافر يستلزم الخلوص عن الوحشي الغليظ. ومن الــغريب المخلّ بالفصاحة ما يحتاج في معرفته إلى أن ينقر ويبحث عنه في كتب اللغة المبسوطة كتكأكأتم وافرنقعوا في قول عيسى بن عمر ما لكم تكأكأتم عليّ كتكأكئكم على ذي جنّة افرنقعوا عنّي، أي اجتمعتم تنحّوا عنّي كذا ذكره الجواهري في الصحاح. ومنه ما يحتاج إلى أن يخرّج له وجه بعيد نحو مسرّج في قول العجاج: وفاحما ومرسنا مسرّجا.
أي كالسيف السريجي في الدقّة والاستواء، وسريج اسم قين ينسب إليه السيوف. وبالجملة فالــغريب الغير المخلّ بالفصاحة هو الذي يكون غير ظاهر المعنى وغير مأنوس الاستعمال لا بالنسبة إلى الأعراب الخلّص بل بالنسبة إلينا، والــغريب المخلّ بالفصاحة هو الذي يكون غير ظاهر المعنى وغير مأنوس الاستعمال بالنسبة إليهم كلّهم لا بالنسبة إلى العرب كلّه، فإنّه لا يتصوّر إذ لا أقلّ من تعارفه عند قوم يتكلمون به، فإنّ الغرابة مما يتفاوت بالنسبة إلى قوم دون قوم كالاعتياد الذي يقابله هكذا يستفاد من الأطول والمطول والچلپى وغيرها. ومنها ما هو مصطلح الأصوليين وهو وصف ثبت اعتبار عينه في عين الحكم بمجرّد ترتّب الحكم على وفقه، وهذا قسم من المناسب قسيم للمرسل. وقد يطلق أيضا عندهم على قسم من المرسل ويجيء في لفظ المناسبة. ومنها ما هو مصطلح المحدّثين وهو حديث يتفرّد بروايته شخص واحد في أي موضع وقع التفرّد من السّند سواء كان التفرّد في أصل السّند أي الموضع الذي يدور الإسناد عليه ويرجع إليه وهو طرفه الذي فيه الصحابي ويسمّى غريبــا مطلقا، أو في أثناء السّند ويسمّى غريبــا نسبيا، ويرادف الــغريب الفرد.
اعلم أنّ ما تفرّد به الصحابي ثم كثر الرواية عنه لا يسمّى فردا فإنّ الصحابة كلهم عدول على الإطلاق صغيرهم وكبيرهم ممن خالط الفتن وغيرهم لقوله تعالى: وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً أي عدولا. وقوله عليه الصلاة والسلام: (خير الناس قرني) وهو الصحيح. وحكى الآمدي وابن الحاجب قولا إنّهم كغيرهم في لزوم البحث عمّن ليس ظاهر العدالة. فقولهم طرفه أرادوا به التابعي فإنّ الصحابة وإن كانوا من رجال الإسناد إلّا أنّهم لم يعدوا لما ذكرنا أنّهم عدول كلهم لا يبحث عن أحوالهم. وقولهم فيه الصحابي أي في ذلك الطرف من تسامحاتهم أي ينتهي ذلك الطرف إلى الصحابي ويتصل به. وبالجملة فالــغريب المطلق هو ما رواه تابعي واحد مثلا عن صحابي ولم يتابعه غيره رواية عن ذلك الصحابي سواء تعدّد الصحابي في تلك الرواية أو لا، وسواء كان الصحابي واحدا أو أكثر كحديث النهي عن بيع الولاء وعن هبته، تفرّد به عبد الله بن دينار عن ابن عمر. وقد يتفرّد به راو عن ذلك المتفرّد كحديث شعب الإيمان تفرّد به أبو صالح عن أبي هريرة، وتفرّد به عبد الله بن دينار عن أبي صالح. وقد يستمرّ التفرّد في جميع رواته أو أكثرهم. والــغريب النسبي هو ما وقع التفرّد في أثناء سنده أي قبل التابعي كما يروي عن الصحابي أكثر من واحد ثم يتفرّد بالرواية منهم شخص واحد، سمّي نسبيا لكون التفرّد فيه حصل بالنسبة إلى شخص معيّن وإن كان الحديث مشهورا من وجه آخر لم يتفرّد فيه راو، هكذا في شرح النخبة وشرحه.

وفي مقدّمة شرح المشكاة: الحديث صحيح لو أنّ راويه كان واحدا. ويسمّونه الــغريب أو الفرد. والمراد مع كون راويه واحدا هو: إذا وقع هكذا في أحد المواضع فهو غريب. ولكن يقولون له الفرد النسبي. وإذا كان في كلّ مكان هكذا يأتي فهو الفرد المطلق. انتهى. فهذا يدلّ على أنّ ما تفرّد به الصحابي ثم كثر عنه الرواية يسمّى غريبــا. وعلى أنّه يشترط تفرّد جميع الرواة في الــغريب المطلق.
اعلم أنّ الــغريب كما ينقسم إلى مطلق ونسبي كما عرفت كذلك ينقسم إلى غريب متنا وإسنادا، وهو ما تفرّد بروايته واحد وإلى غريب إسنادا لا متنا وهو ما تفرّد بروايته واحد عن صحابي ومتنه معروف عن جماعة من الصحابة بطريق آخر، ومنه قول الترمذي غريب من هذا الوجه. ولا يوجد ما هو غريب متنا لا إسنادا إلّا إذا اشتهر الحديث الفرد بأن رواه عمّن تفرّد جماعة كثيرة فإنّه يصير غريبــا متنا لا إسنادا بالنسبة إلى آخر الإسناد، فإنّ إسناده متّصف بالغرابة في طرفه الأول وبالشهرة في الآخر كحديث إنما الأعمال بالنيات، ونسمّيه غريبــا مشهورا كذا في خلاصة الخلاصة.
فائدة:
قولهم ما يتفرّد بروايته شخص واحد يعمّ ما تفرّد فيه الراوي بزيادة في المتن أو الإسناد، ولذا وقع في شرح شرح النخبة في بحث المتابعة الــغريب جمعه الغرائب، وهو الحديث الذي تفرّد به بعض الرواة أو الحديث الذي تفرّد فيه بعضهم بأمر لا يذكر فيه غيره إمّا في متنه أو في إسناده انتهى. وقال القسطلاني: الــغريب ما تفرّد راو بروايته أو برواية زيادة فيه عمّن يجمع حديثه في المتن أو السّند.
فائدة:
إنّما يحكم بالتفرّد إذا لم يوجد له شاهد ولا متابع، فإن وجدا لا يحكم بالفردية.
فائدة:
الغرابة لا تنافي الصّحة فالحديث الــغريب الصحيح يوجد إذا كان كلّ واحد من رجال الإسناد ثقة.
فائدة:
الــغريب والفرد مترادفان لغة واصطلاحا إلّا أنّ أهل الاصطلاح تمايزوا بينهما من حيث كثرة الاستعمال وقلته. فالفرد أكثر ما يطلقونه على الفرد المطلق والــغريب أكثر ما يطلقونه على الفرد النسبي، وهذا من حيث إطلاق الاسمية عليهما، وأمّا من حيث استعمالهم الفعل المشتقّ فلا يفرّقون فيقولون في المطلق والنسبي تفرّد به فلان وأغرب به فلان كذا في شرح النخبة.
اعلم أنّه قد يطلق الــغريب بمعنى الشاذ الذي ذكر في أقسام الطّعن في الضبط وهو ما كان سوء الحفظ لازما لراويه في جميع حالاته، وهذا هو مراد صاحب المصابيح حيث يقول في بعض الأحاديث بطريق الطّعن هذا حديث غريب كذا في مقدمة شرح المشكاة.

بِالغَرِيب

بِالــغَرِيب
الجذر: غ ر ب

مثال: كَانَ هذا بالــغريب العجيب
الرأي: مرفوضة عند بعضهم
السبب: لزيادة الباء في خبر «كان» المثبت.

الصواب والرتبة: -كان هذا غريبًــا عجيبًا [فصيحة]-ما كان هذا بالــغريب العجيب [فصيحة]
التعليق: إذا كان خبر الناسخ منفيًّا جاز أن يدخل عليه بكثرة حرف الجر الزائد، وجواز الدخول ينسحب على جميع تلك الأخبار بشرط أن تكون منفية، فلا يصح زيادتها في خبر مثبت.

علم معرفة غريب القرآن

علم معرفة غريب القرآن
وهذا العلم وإن كان مذكورا في كتب اللغة إلا أن بعض العلماء أفردوه بالتصنيف منهم: أبو عبيدة وأبو عمر والزاهد وابن دريد العزيزي وهذا أشهرها.
قيل: قد أقام العزيزي في تأليف غريب القرآن خمس عشرة سنة يحرره هو وشيخه أبو بكر بن الأنباري.
ومن أحسنها مفردات الراغب ولأبي حيان في ذلك مختصر مقدار كراسين.

غُرَيْبان

غُرَيْبــان
من(غ ر ب) مثنى غُرَيْب.
غُرَيْبــان
من (غ ر ب) تصغير غربان بمعنى الذي جهل فلم يعرف، ومن بعد عن وطنهه أو كان في غير قومه أو غير بلده.
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.