Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: حور

صَرْخَدُ

صَرْخَدُ:
بالفتح ثمّ السكون، والخاء معجمة، والدال مهملة: بلد ملاصق لبلاد حوران من أعمال دمشق، وهي قلعة حصينة وولاية حسنة واسعة، ينسب إليها الخمر، قال الشاعر:
ولذّ كطعم الصرخديّ تركته ... بأرض العدى من خشية الحدثان
اللذّ ههنا: النوم.

الفَارِسِيّة

الفَارِسِيّة:
منسوبة إلى رجل اسمه فارس، قرية غنّاء نزهة ذات بساتين مونقة ورياض مشرفة على ضفّة نهر عيسى بعد المحوّل من قرى بغداد بينهما فرسخان، ينسب إليها الشيخ مسلم بن الحسن بن أبي الجود الفارسي ثم الــحوري من حورى قرية من قرى دجيل، انتقل منها إلى الفارسية واتخذ بها مليكا وخدم الفقراء فغلبت عليه، ومات يوم الأحد حادي عشر المحرم سنة 594 ودفن بها من الغد وعمل عليه قبة تهدى إليها النذور وتزار، رأيتها.

المُصَلّى

المُصَلّى:
بالضم، وتشديد اللام، موضع الصلاة:
وهو موضع بعينه في عقيق المدينة، قال إبراهيم بن موسى بن صدّيق:
ليت شعري هل العقيق فسلع ... فقصور الجماء فالعرصتان
فإلى مسجد الرسول فما جا ... ز المصلّى فجانبي بطحان
فبنو مازن كعهدي أم لي ... سوا كعهدي في سالف الأزمان
وقال شاعر:
طربت إلى الــحور كالرّبرب ... تداعين في البلد المخصب
عمرن المصلّى ودور البلاط ... وتلك المساكن من يثرب

مِصْرُ

مِصْرُ:
سمّيت مصر بمصر بن مصرايم بن حام بن نوح، عليه السّلام، وهي من فتوح عمرو بن العاص في أيام عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، وقد استقصينا ذلك في الفسطاط، قال صاحب الزيج:
طول مصر أربع وخمسون درجة وثلثان، وعرضها تسع وعشرون درجة وربع، في الإقليم الثالث، وذكر ابن ما شاء الله المنجم أن مصر من إقليمين: من الإقليم الثالث مدينة الفسطاط، والإسكندرية، ومدن إخميم، وقوص، واهناس، والمقس، وكورة الفيوم، ومدينة القلزم، ومدن أتريب، وبنى، وما والى ذلك من أسفل الأرض، وإن عرض مدينة الإسكندرية وأتريب وبنى وما والى ذلك ثلاثون درجة، وإن عرض مصر وكورة الفيوم وما والى ذلك تسع وعشرون درجة، وإن عرض مدينة اهناس والقلزم ثمان وعشرون درجة، وإن عرض إخميم ست وعشرون درجة، ومن الإقليم الرابع تنيس ودمياط وما والى ذلك من أسفل الأرض، وإن عروضهنّ إحدى وثلاثون درجة، قال عبد الرحمن ابن زيد بن أسلم في قوله تعالى: وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين، قال: يعني مصر، وإن مصر خزائن الأرضين كلها وسلطانها سلطان الأرضين كلها، ألا ترى إلى قول يوسف، عليه السّلام، لملك مصر: اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم، ففعل فأغاث الله الناس بمصر وخزائنها، ولم يذكر، عز وجل، في كتابه مدينة بعينها بمدح غير مكة ومصر فإنه قال: أليس لي ملك مصر، وهذا تعظيم ومدح، وقال: اهبطوا مصرا، فمن لم يصرف فهو علم لهذا الموضع، وقوله تعالى: فإن لكم ما سألتم، تعظيم لها فإن موضعا يوجد فيه ما يسألون لا يكون إلا عظيما، وقوله تعالى: وقال الذي اشتراه من مصر لامرأته، وقال: ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين، وقال: وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوّا لقومكما بمصر بيوتا، وسمّى الله تعالى ملك مصر العزيز بقوله تعالى: وقال نسوة في المدينة امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه، وقالوا ليوسف حين ملك مصر: يا أيها العزيز مسّنا وأهلنا الضّرّ، فكانت هذه تحيّة عظمائهم، وأرض مصر أربعون ليلة في مثلها، طولها من الشجرتين اللتين كانتا بين رفح والعريش إلى أسوان، وعرضها من برقة إلى أيلة، وكانت منازل الفراعنة، واسمها باليونانية مقدونية، والمسافة ما بين بغداد إلى مصر خمسمائة وسبعون فرسخا، وروى أبو ميل أن عبد الله بن عمر الأشعري قدم من دمشق إلى مصر وبها عبد الرحمن بن عمرو ابن العاص فقال: ما أقدمك إلى بلدنا؟ قال: أنت أقدمتني، كنت حدثتنا أن مصر أسرع الأرض خرابا ثم أراك قد اتخذت فيها الرباع واطمأننت، فقال:
إن مصر قد وقع خرابها، دخلها بختنصر فلم يدع فيها حائطا قائما، فهذا هو الخراب الذي كان يتوقع لها، وهي اليوم أطيب الأرضين ترابا وأبعدها خرابا لن تزال فيها بركة ما دام في الأرض إنسان، قوله تعالى:
فإن لم يصبها وابل فطلّ، هي أرض مصر إن لم يصبها مطر زكت وإن أصابها أضعف زكاها، وقالوا:
مثلت الأرض على صورة طائر، فالبصرة ومصر الجناحان فإذا خربتا خربت الدنيا، وقرأت بخط أبي
عبد الله المرزباني حدثني أبو حازم القاضي قال: قال لي أحمد بن المدبّر أبو الحسن لو عمّرت مصر كلها لوفت بالدنيا، وقال لي: مساحة مصر ثمانية وعشرون ألف ألف فدّان وإنما يعمل فيها في ألف ألف فدّان، وقال لي: كنت أتقلّد الدواوين لا أبيت ليلة من الليالي وعليّ شيء من العمل، وتقلّدت مصر فكنت ربما بتّ وعليّ شيء من العمل فأستتمه إذا أصبحت، قال: وقال لي أبو حازم القاضي: جبى عمرو بن العاص مصر لعمر بن الخطاب، رضي الله عنه، اثني عشر ألف ألف دينار فصرفه عثمان وقلّدها عبد الله بن أبي سرح فجباها أربعة عشر ألف ألف، فقال عثمان لعمرو:
يا أبا عبد الله أعلمت أن اللّقحة بعدك درّت؟ فقال:
نعم ولكنها أجاعت أولادها، وقال لنا أبو حازم:
إن هذا الذي رفعه عمرو بن العاص وابن أبي سرح إنما كان عن الجماجم خاصّة دون الخراج وغيره، ومن مفاخر مصر مارية القبطية أمّ إبراهيم ابن رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، ولم يرزق من امرأة ولدا ذكرا غيرها وهاجر أم إسماعيل، عليه السّلام، وإذا كانت أمّ إسماعيل فهي أم محمد، صلّى الله عليه وسلّم، وقال النبي، صلّى الله عليه وسلّم: إذا فتحتم مصر فاستوصوا بالقبط خيرا فإن لهم صهرا، وقرأت بخط محمد بن عبد الملك النارنجي حدثني محمد بن إسماعيل السلمي قال: قال إبراهيم بن محمد بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن عبد المطلب بن عبد مناف وهو ابن عم أبي عبد الله محمد بن إدريس بن العباس الشافعي قال:
كتبت إلى أبي عبد الله عند قدومه مصر أسأله عن أهله في فصل من كتابي إليه فكتب إليّ: وسألت عن أهل البلد الذي أنا به وهم كما قال عباس بن مرداس السّلمي:
إذا جاء باغي الخير قلن بشاشة ... له بوجوه كالدنانير: مرحبا
وأهلا ولا ممنوع خير تريده، ... ولا أنت تخشى عندنا أن تؤنّبا
وفي رسالة لمحمد بن زياد الحارثي إلى الرشيد يشير عليه في أمر مصر لما قتلوا موسى بن مصعب يصف مصر وجلالتها: ومصر خزانة أمير المؤمنين التي يحمل عليها حمل مؤنة ثغوره وأطرافه ويقوّت بها عامّة جنده ورعيته مع اتصالها بالمغرب ومجاورتها أجناد الشام وبقية من بقايا العرب ومجمع عدد الناس فيما يجمع من ضروب المنافع والصناعات فليس أمرها بالصغير ولا فسادها بالهين ولا ما يلتمس به صلاحها بالأمر الذي يصير له على المشقة ويأتي بالرفق، وقد هاجر إلى مصر جماعة من الأنبياء وولدوا ودفنوا بها، منهم: يوسف الصدّيق، عليه السّلام، والأسباط وموسى وهارون، وزعموا أن المسيح، عليه السّلام، ولد بأهناس، وبها نخلة مريم، وقد وردها جماعة كثيرة من الصحابة الكرام، ومات بها طائفة أخرى، منهم: عمرو بن العاص وعبد الله بن الحارث الزبيدي وعبد الله بن حذافة السهمي وعقبة بن عامر الجهني وغيرهم، قال أمية:
يكتنف مصر من مبدئها في العرض إلى منتهاها جبلان أجردان غير شامخين متقاربان جدّا في وضعهما أحدهما في ضفّة النيل الشرقية وهو جبل المقطّم والآخر في الضّفّة الغربية منه والنيل منسرب فيما بينهما من لدن مدينة أسوان إلى أن ينتهيا إلى الفسطاط فثمّ تتّسع مسافة ما بينهما وتنفرج قليلا ويأخذ المقطم منها شرقا فيشرف على فسطاط مصر ويغرب الآخر على وراب من مسلكيهما وتعريج مسليكهما فتتسع أرض مصر من الفسطاط إلى ساحل البحر الرومي الذي عليه الفرما وتنّيس ودمياط ورشيد والإسكندرية،
ولذلك مهبّ الشمال يهب إلى القبلة شيئا مّا، فإذا بلغت آخر مصر عدت ذات الشمال واستقبلت الجنوب وتسير في الرمل وأنت متوجّه إلى القبلة فيكون الرمل من مصبّه عن يمينك إلى إفريقية وعن يسارك من أرض مصر الفيوم منها وأرض الواحات الأربع وذلك بغربي مصر وهو ما استقبلته منه، ثم تعرّج من آخر الواحات وتستقبل المشرق سائرا إلى النيل تسير ثماني مراحل إلى النيل ثم على النيل صاعدا وهي آخر أرض الإسلام هناك وتليها بلاد النوبة ثم تقطع النيل وتأخذ من أرض أسوان في الشرق منكّبا على بلاد السودان إلى عيذاب ساحل البحر الحجازي، فمن أسوان إلى عيذاب خمس عشرة مرحلة، وذلك كله قبليّ أرض مصر ومهبّ الجنوب منها، ثمّ تقطع البحر الملح من عيذاب إلى أرض الحجاز فتنزل الــحوراء أول أرض مصر وهي متصلة بأعراض مدينة الرسول، صلّى الله عليه وسلّم، وهذا البحر المذكور هو بحر القلزم وهو داخل في أرض مصر بشرقيّه وغربيّه، فالشرقيّ منه أرض الــحوراء وطبة فالنبك وأرض مدين وأرض أيلة فصاعدا إلى المقطم بمصر، والغربي منه ساحل عيذاب إلى بحر القلزم إلى المقطم، والبحري مدينة القلزم وجبل الطور، وبين القلزم والفرما مسيرة يوم وليلة وهو الحاجز بين البحرين بحر الحجاز وبحر الروم، وهذا كله شرقي مصر من الــحوراء إلى العريش، وذكر من له معرفة بالخراج وأمر الدواوين أنه وقف على جريدة عتيقة بخط أبي عيسى المعروف بالنّويس متولي خراج مصر يتضمن أن قرى مصر والصعيد وأسفل الأرض ألفان وثلاثمائة وخمس وتسعون قرية، منها: الصعيد تسعمائة وسبع وخمسون قرية، وأسفل أرض مصر ألف وأربعمائة وتسع وثلاثون قرية، والآن فقد تغيّر ذلك وخرب كثير منه فلا تبلغ هذه العدّة، وقال القضاعي: أرض مصر تنقسم قسمين فمن ذلك صعيدها وهو يلي مهبّ الجنوب منها وأسفل أرضها وهو يليّ مهبّ الشمال منها، فقسم الصعيد عشرون كورة وقسم أسفل الأرض ثلاث وثلاثون كورة، فأما كور الصعيد: فأولاها كورة الفيوم، وكورة منف، وكورة وسيم، وكورة الشرقية، وكورة دلاص، وكورة بوصير، وكورة أهناس، وكورة الفشن، وكورة البهنسا، وكورة طحا، وكورة جيّر، وكورة السّمنّودية، وكورة بويط، وكورة الأشمونين، وكورة أسفل أنصنا وأعلاها، وكورة قوص وقاو، وكورة شطب، وكورة أسيوط، وكورة قهقوه، وكورة إخميم، وكورة دير أبشيا، وكورة هو، وكورة إقنا، وكورة فاو، وكورة دندرا، وكورة قفط، وكورة الأقصر، وكورة إسنا، وكورة أرمنت، وكورة أسوان ... ثم ملك مصر بعد وفاة أبيه بيصر ابنه مصر ثم قفط بن مصر، وذكر ابن عبد الحكم بعد قفط اشمن أخاه ثم أخوه أتريب ثم أخوه صا ثم ابنه تدراس بن صا ثم ابنه ماليق بن تدراس ثم ابنه حربتا بن ماليق ثم ابنه ملكي بن حربتا فملكه نحو مائة سنة ثم مات ولا ولد له فملك أخوه ماليا إن حربتا ثم ابنه طوطيس بن ماليا وهو الذي وهب هاجر لسارة زوجة إبراهيم الخليل، عليه السّلام، عند قدومه عليه، ثم مات طوطيس وليس له إلّا ابنة اسمها حوريا فملكت مصر، فهي أول امرأة ملكت مصر من ولد نوح، عليه السّلام، ثم ابنة عمها زالفا وعمّرت دهرا طويلا فطمع فيهم العمالقة وهم الفراعنة وكانوا يومئذ أقوى أهل الأرض وأعظمهم ملكا وجسوما وهم ولد عمليق بن لاوذ بن سام بن نوح، عليه السلام، فغزاهم الوليد بن دوموز وهو أكبر
الفراعنة وظهر عليهم ورضوا بأن يملّكوه فملكهم خمسة من ملوك العمالقة: أولهم الوليد بن دوموز هذا ملكه نحوا من مائة سنة ثم افترسه سبع فأكل لحمه، ثم ملك ولده الريان صاحب يوسف، عليه السلام، ثم دارم بن الريان وفي زمانه توفي يوسف، عليه السّلام، ثم غرّق الله دارما في النيل فيما بين طرا وحلوان، ثم ملك بعده كاتم بن معدان فلما هلك صار بعده فرعون موسى، عليه السّلام، وقيل:
كان من العرب من بليّ وكان أبرش قصيرا يطأ في لحيته، ملكها خمسمائة عام ثم غرّقه الله وأهلكه وهو الوليد بن مصعب، وزعم قوم أنه كان من قبط مصر ولم يكن من العمالقة، وخلت مصر بعد غرق فرعون من أكابر الرجال ولم يكن إلا العبيد والإماء والنساء والذراري فولوا عليهم دلوكة، كما ذكرناه في حائط العجوز، فملكتهم عشرين سنة حتى بلغ من أبناء أكابرهم وأشرافهم من قوي على تدبير الملك فملّكوه وهو دركون بن بلوطس، وفي رواية بلطوس، وهو الذي خاف الروم فشق من بحر الظلمات شقّا ليكون حاظرا بينه وبين الروم، ولم يزل الملك في أشراف القبط من أهل مصر من ولد دركون هذا وغيره وهي ممتنعة بتدبير تلك العجوز نحو أربعمائة سنة إلى أن قدم بختنصر إلى بيت المقدس وظهر على بني إسرائيل وخرّب بلادهم فلحقت طائفة من بني إسرائيل بقومس بن نقناس ملك مصر يومئذ لما يعلمون من منعته فأرسل إليه بختنصر يأمره أن يردّهم إليه وإلا غزاه، فامتنع من ردّهم وشتمه فغزاه بختنصر فأقام يقاتله سنة فظهر عليه بختنصر فقتله وسبى أهل مصر ولم يترك بها أحدا وبقيت مصر خرابا أربعين سنة ليس بها أحد يجري نيلها في كل عام ولا ينتفع به حتى خرّبها وخرّب قناطرها والجسور والشروع وجميع مصالحها إلى أن دخلها ارميا النبي، عليه السّلام، فملكها وعمّرها وأعاد أهلها إليها، وقيل: بل الذي ردّهم إليها بختنصر بعد أربعين سنة فعمّروها وملّك عليها رجلا منهم فلم تزل مصر منذ ذلك الوقت مقهورة، ثم ظهرت الروم وفارس على جميع الممالك والملوك الذين في وسط الأرض فقاتلت الروم أهل مصر ثلاثين سنة وحاصروهم برّا وبحرا إلى أن صالحوهم على شيء يدفعونه إليهم في كل عام على أن يمنعوهم ويكونوا في ذمتهم، ثم ظهرت فارس على الروم وغلبوهم على الشام وألحّوا على مصر بالقتال، ثم استقرّت الحال على خراج ضرب على مصر من فارس والروم في كل عام وأقاموا على ذلك تسع سنين ثم غلبت الروم فارس وأخرجتهم من الشام وصار صلح مصر. كله خالصا للروم وذلك في عهد رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، في أيام الحديبية وظهور الإسلام، وكان الروم قد بنوا موضع الفسطاط الذي هو مدينة مصر اليوم حصنا سموه قصر اليون وقصر الشام وقصر الشمع، ولما غزا الروم عمرو بن العاص تحصّنوا بهذا الحصن وجرت لهم حروب إلى أن فتحوا البلاد، كما نذكره إن شاء الله تعالى في الفسطاط، وجميع ما ذكرته ههنا إلا بعض اشتقاق مصر من كتاب الخطط الذي ألّفه أبو عبد الله محمد بن سلامة بن جعفر القضاعي، وقال أميّة: ومصر كلها بأسرها واقعة من المعمورة في قسم الإقليم الثاني والإقليم الثالث معظمها في الثالث، وأما سكان أرض مصر فأخلاط من الناس مختلفو الأصناف من قبط وروم وعرب وبربر وأكراد وديلم وأرمن وحبشان وغير ذلك من الأصناف والأجناس إلا أن جمهورهم قبط، والسبب في اختلاطهم تداول المالكين لها والمتغلّبين عليها من العمالقة واليونانيين والروم والعرب وغيرهم فلهذا اختلطت أنسابهم واقتصروا من
الانتساب على ذكر مساقط رؤوسهم، وكانوا قديما عبّاد أصنام ومدبّري هياكل إلى أن ظهر دين النصرانية بمصر فتنصّروا وبقوا على ذلك إلى أن فتحها المسلمون في أيام عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، فأسلم بعضهم وبقي البعض على دين النصرانية، وغالب مذهبهم يعاقبة، قال: أما أخلاقهم فالغالب عليها اتباع الشهوات والانهماك في اللذات والاشتغال بالتنزهات والتصديق بالمحالات وضعف المرائر والعزمات، قالوا:
ومن عجائب مصر النّمس وليس يرى في غيرها وهو دويبة كأنها قديدة فإذا رأت الثعبان دنت منه فيتطوّى عليها ليأكلها فإذا صارت في فمه زفرت زفرة وانتفخت انتفاخا عظيما فينقدّ الثعبان من شدّته قطعتين، ولولا هذا النمس لأكلت الثعابين أهل مصر وهي أنفع لأهل مصر من القنافذ لأهل سجستان، قال الجاحظ: من عيوب مصر أن المطر مكروه بها، قال الله تعالى: وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ 7: 57، يعني المطر وهم لرحمة الله كارهون وهو لهم غير موافق ولا تزكو عليه زروعهم، وفي ذلك يقول بعض الشعراء:
يقولون مصر أخصب الأرض كلها، ... فقلت لهم: بغداد أخصب من مصر
وما خصب قوم تجدب الأرض عندهم ... بما فيه خصب العالمين من القطر
إذا بشّروا بالغيث ريعت قلوبهم ... كما ريع في الظلماء سرب القطا الكدر
قالوا: وكان المقوقس قد تضمّن مصر من هرقل بتسعة عشر ألف ألف دينار وكان يجبيها عشرين ألف ألف دينار وجعلها عمرو بن العاص عشرة آلاف ألف دينار أول عام وفي العام الثاني اثني عشر ألف ألف، ولما وليها في أيام معاوية جباها تسعة آلاف ألف دينار، وجباها عبد الله بن سعد بن أبي سرح أربعة عشر ألف ألف دينار، وقال صاحب الخراج: إن نيل مصر إذا رقي ستة عشر ذراعا وافى خراجها كما جرت عادته، فإن زاد ذراعا آخر زاد في خراجها مائة ألف دينار لما يروي من الأعالي، فإن زاد ذراعا آخر نقص من الخراج الأول مائة ألف دينار لما يستبحر من البطون، قال كشاجم يصف مصر:
أما ترى مصر كيف قد جمعت ... بها صنوف الرياح في مجلس
السوسن الغضّ والبنفسج وال ... ورد وصنف البهار والنرجس
كأنها الجنّة التي جمعت ... ما تشتهيه العيون والأنفس
كأنما الأرض ألبست حللا ... من فاخر العبقريّ والسّندس
وقال شاعر آخر يهجو مصر:
مصر دار الفاسقينا ... تستفزّ السامعينا
فإذا شاهدت شاهد ... ت جنونا ومجونا
وصفاعا وضراطا ... وبغاء وقرونا
وشيوخا ونساء ... قد جعلن الفسق دينا
فهي موت الناسكينا ... وحياة النائكينا
وقال كاتب من أهل البندنيجين يذمّ مصر:
هل غاية من بعد مصر أجيئها ... للرزق من قذف المحل سحيق
لم يأل من حطّت بمصر ركابه ... للرزق من سبب لديه وثيق
نادته من أقصى البلاد بذكرها، ... وتغشّه من بعد بالتعويق
كم قد جشمت على المكاره دونها ... من كل مشتبه الفجاج عميق
وقطعت من عافي الصّوى متخرّقا ... ما بين هيت إلى مخارم فيق
فعريش مصر هناك فالفرما إلى ... تنّيسها ودميرة ودبيق
برّا وبحرا قد سلكتهما إلى ... فسطاطها ومحلّ أيّ فريق
ورأيت أدنى خيرها من طالب ... أدنى لطالبها من العيّوق
قلّت منافعها فضجّ ولاتها، ... وشكا التّجار بها كساد السوق
ما إن يرى فيها الغريب إذا رأى ... شيئا سوى الخيلاء والتبريق
قد فضّلوا جهلا مقطّمهم على ... بيت بمكة للإله عتيق
لمصارع لم يبق في أجداثهم ... منهم صدى برّ ولا صدّيق
إن همّ فاعلهم فغير موفّق، ... أو قال قائلهم فغير صدوق
شيع الضلال وحزب كل منافق ... ومضارع للبغي والتّنفيق
أخلاق فرعون اللعينة فيهم، ... والقول بالتشبيه والمخلوق
لولا اعتزال فيهم وترفّض ... من عصبة لدعوت بالتّغريق
وبعد هذا أبيات ذكرتها في رحا البطريق، وما زالت مصر منازل العرب من قضاعة وبليّ واليمن، ألا ترى إلى جميل حيث يقول:
إذا حلّت بمصر وحلّ أهلي ... بيثرب بين آطام ولوب
مجاورة بمسكنها تجيبا، ... وما هي حين تسأل من مجيب
وأهوى الأرض عندي حيث حلّت ... بجدب في المنازل أو خصيب
وبمصر من المشاهد والمزارات: بالقاهرة مشهد به رأس الحسين بن علي، رضي الله عنه، نقل إليها من عسقلان لما أخذ الفرنج عسقلان وهو خلف دار المملكة يزار، وبظاهر القاهرة مشهد صخرة موسى ابن عمران، عليه السّلام، به أثر أصابع يقال إنها أصابعه فيه اختفى من فرعون لما خافه، وبين مصر والقاهرة قبّة يقال إنها قبر السيدة نفيسة بنت الحسن ابن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب، ومشهد يقال إن فيه قبر فاطمة بنت محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق وقبر آمنة بنت محمد الباقر، ومشهد فيه قبر رقيّة بنت علي بن أبي طالب، ومشهد فيه قبر آسية بنت مزاحم زوجة فرعون، والله أعلم، وبالقرافة الصغرى قبر الإمام الشافعي، رضي الله عنه، وعنده في القبة قبر علي بن الحسين بن علي زين العابدين وقبر الشيخ أبي عبد الله الكيراني وقبور أولاد عبد الحكم من أصحاب الشافعي، وبالقرب منها مشهد يقال إن فيه قبر علي بن عبد الله بن القاسم ابن محمد بن جعفر الصادق وقبر آمنة بنت موسى الكاظم في مشهد، ومشهد فيه قبر يحيى بن الحسين بن
زيد بن الحسين بن علي بن أبي طالب وقبر أمّ عبد الله بنت القاسم بن محمد بن جعفر الصادق وقبر عيسى بن عبد الله بن القاسم بن محمد بن جعفر الصادق، ومشهد فيه قبر كلثم بنت القاسم بن محمد بن جعفر الصادق، وعلى باب الكورتين مشهد فيه مدفن رأس زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الذي قتل بالكوفة وأحرق وحمل رأسه فطيف به الشام ثم حمل إلى مصر فدفن هناك، وعلى باب درب معالي قبة لحمزة بن سلعة القرشي، وعلى باب درب الشعارين المسجد الذي باعوا فيه يوسف الصديق، عليه السلام، وبها غير ذلك مما يطول شرحه، منهم بالقرافة يحيى ابن عثمان الأنصاري وعبد الرحمن بن عوف، والصحيح أنه بالمدينة، وقبر صاحب انكلوته وقبر عبد الله بن حذيفة بن اليمان وقبر عبد الله مولى عائشة وقبر عروة وأولاده وقبر دحية الكلبي وقبر عبد الله بن سعيد الأنصاري وقبر سارية وأصحابه وقبر معاذ بن جبل، والمشهور أنه بالأردنّ، وقبر معن بن زائدة، والمشهور أنه بسجستان، وقبر ابنين لأبي هريرة ولا أعرف اسميهما وقبر روبيل بن يعقوب وقبر اليسع وقبر يهوذا بن يعقوب وقبر ذي النون المصري وقبر خال رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، وهو أخو حليمة السعدية، وقبر رجل من أولاد أبي بكر الصديق وقبر أبي مسلم الخولاني وهو بغباغب من أعمال دمشق، ويقال الخولاني عند داريا، وقبر عبد الله بن عبد الرحمن الزهري، وبالقرافة أيضا قبر أشهب وعبد الرحمن بن القاسم وورش المدني وقبر أبي الثريا وعبد الكريم بن الحسن ومقام ذي النون النبيّ وقبر شقران وقبر الكر وأحمد الروذباري وقبر الزيدي وقبر العبشاء وقبر علي السقطي وقبر الناطق والصامت وقبر زعارة وقبر الشيخ بكّار وقبر أبي الحسن الدينوري وقبر الحميري وقبر ابن طباطبا وقبور كثير من الأنبياء والأولياء والصدّيقين والشهداء، ولو أردنا حصرهم لطال الشرح.

المَشَارِفُ

المَشَارِفُ:
جمع مشرف: قرى قرب حوران، منها بصرى من الشام ثم من أعمال دمشق، إليها تنسب السيوف المشرفية، ردّ إلى واحده ثم نسب إليه، قال أبو منصور قال الأصمعي: السيوف المشرفية منسوبة إلى مشارف وهي قرى من أرض العرب تدنو من الريف، وحكى الواحدي: هي قرى باليمن، وقال أبو عبيدة: سيف البحر شطّه، وما كان عليه من المدن يقال لها المشارف، تنسب إليها السيوف المشرفية، والمشارف من المدن على مثل مسافة الأنبار من بغداد والقادسية من الكوفة، ومشارف الأرض:
أعاليها، وفي مغازي ابن إسحاق في حديث موتة: ثم مضى الناس حتى إذا كانوا بتخوم البلقاء لقيتهم جموع هرقل من الروم والعرب بقرية من قرى البلقاء يقال لها مشارف، فهذا قد جعلها قرية بعينها.

المُخَرِّمُ

المُخَرِّمُ:
هو اسم رجل: وهو كثير التخريم، وهو إنفاذ الشيء إلى شيء آخر، بضم أوله، وفتح ثانيه، وكسر الراء وتشديدها: وهي محلة كانت ببغداد بين الرّصافة ونهر المعلّى وفيها كانت الدار التي يسكنها السلاطين البويهية والسلجوقية خلف الجامع المعروف بجامع السلطان، خرّبها الإمام الناصر لدين الله أمير المؤمنين أبو العباس أحمد، أطال الله تعالى بقاءه، في سنة 587، وكانت هذه المحلة بين الزاهر والرصافة، وهي منسوبة إلى مخرّم بن يزيد بن شريح بن مخرّم ابن مالك بن ربيعة بن الحارث بن كعب كان ينزله أيام نزول العرب السواد في بدء الإسلام قبل أن تعمر بغداد بمدة طويلة فسمي الموضع باسمه، وقال ابن الكلبي: سمعت قوما من بني الحارث بن كعب يقولون إن المخرّم إقطاع من عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، في الإسلام لمخرم بن شريح بن مخرم بن زياد بن الحارث بن مالك بن ربيعة بن كعب بن الحارث بن كعب، ذكر ذلك في كتاب أنساب البلدان وعلى الحاشية بخط جحجح، قال أبو بكر أحمد بن أبي سهل الحلواني: الذي رويناه أن كسرى أقطعه إياها، وقدم أعرابيّ بغداد فلم تطب له فقال:
هل الله من بغداد يا صاح مخرجي، ... وأصبح لا تبدو لعيني قصورها
وأصبح قد جاوزت بابي مخرّم ... وأسلمني دولابها وجسورها
وميدانه المذري علينا ترابه ... إذا هاجه بالعدو يوما حميرها
فنضحي بها غبر الرؤوس كأننا ... أناسيّ موتى نبش عنها قبورها
وقال دعبل بن علي الخزاعي يهجو الحسن بن الرجاء
وابني هشام أحمد وعليّا ودينار بن عبد الله الذي تنسب إليه دار دينار محلة معروفة ببغداد واليوم يسمونها درب دينار، ويحيى بن أكثم، وهؤلاء كانوا ينزلون المخرّم، فقال:
ألا فاشتروا مني ملوك المخرّم ... أبع حسنا وابني هشام بدرهم
وأعطي رجاء بعد ذاك زيادة، ... وأدفع دينارا بغير تندّم
فإن ردّ من عيب عليّ جميعهم ... فليس يردّ العيب يحيى بن أكثم
وكان بها جماعة من المحدثين نسبوا إليها، منهم: أبو الحسن خلف بن سالم المخرّمي، يروي عن يحيى ابن سعيد القطان وعبد الرحمن بن مهدي وكان من الحفّاظ المتقنين، روى عنه أحمد بن الحسين بن عبد الجبار الصقلّي، ومات آخر شهر رمضان سنة 231، وأنشد إسحاق الموصلي لأبي مروان الثقفي:
من لقلب متيّم بغزال منعّم ... مرّ في قرطق عليه يمان مسهّم
بين باب الربيع يمشي وباب المخرّم ... قد رضينا إذا مررت بنا أن تسلّم
يعني جارية لأسماء بنت عيسى بن علي وكانت تغني وكان يرجو حوراء يتعشقها أيضا وهو الذي عنى بهذا الشعر.

المَحَجَّةُ

المَحَجَّةُ:
من قرى حوران بها حجر يزار زعموا أن النبي، صلّى الله عليه وسلّم، جلس عليه، والصحيح أنه، عليه الصلاة والسلام، لم يجاوز بصرى، وذكروا أن بجامعها سبعين نبيّا.

كُلَيّةُ

كُلَيّةُ:
بالضم ثم الفتح، وتشديد الياء، كأنه تصغير الذي قبله، قال عرّام: واد يأتيك من شمنصير بقرب الجحفة، وبكليّة على ظهر الطريق ماء آبار يقال لتلك الآبار كليّة وبها سمي الوادي وكان النّصيب يسكنها وكان بها يوم للعرب، قال خويلد بن أسد ابن عبد العزّى:
أنا الفارس المذكور يوم كليّة ... وفي طرف الرّنقاء يومك مظلم
قتلت أبا جزء وأشويت محصنا، ... وأفلتني ركضا مع الليل جهضم
وفي الأغاني: كليّة قرية بين مكة والمدينة، وأنشد لنصيب:
خليليّ! إن حلّت كليّة فالرّبا ... فذا أمج فالشعب ذا الماء والحمض
وأصبح من حوران أهلي بمنزل ... يبعّده من دونها نازح الأرض
وإن شئتما أن يجمع الله بيننا ... فخوضا بي السّمّ المضرّج بالمحض
ففي ذاك عن بعض الأمور سلامة، ... وللموت خير من حياة على غمض

كُفَافَةُ

كُفَافَةُ:
بالضم، وتكرير الفاء، أظنّه مأخوذا من كفّة الرمل وهي أطرافه، وكل اسم ماء كانت فيه وقعة فهو كفافة: وهو الذي صارت به وقعة بين فزارة وبني عمرو بن تميم، قال الحادرة:
كمحبسنا يوم الكفافة خيلنا ... لنورد أخرى الخيل إذ كره الورد
وقال ابن هرمة:
أحمامة حلبت شؤونك أسجما ... تدعو الهديل بذي الأراك سجوع
أم منزل خلق أضرّ به البلى ... والرّيح والأنواء والتّوديع
بلوى كفافة أو ببرقة أخرم ... خيم على آلاتهنّ وشيع
عجبت أمامة أن رأتني شاحبا، ... ثكلتك أمّك أيّ ذاك يروع!
قد يدرك الشرف الفتى، ورداؤه ... خلق وجيب قميصه مرقوع
وينال حاجته التي يسمو لها، ... ويطلّ وتر المرء وهو وضيع
إمّا تريني شاحبا متبدّلا ... فالسيف يخلق غمده فيضيع
فلربّ لذّة ليلة قد نلتها ... وحرامها بحلالها مدفوع
بأوانس حور العيون كأنّها ... آرام وجرة جادهنّ ربيع
صيد الحبائل تستبين قلوبنا ... ودلالهنّ محلّق ممنوع

قَمْرَاو

قَمْرَاو:
قرية من نواحي حوران، منها الفقيه موسى القمراوي، فقيه أديب مناظر حاذق، رأيته بحلب وأنشدني لنفسه:
لما تبدّى بالسواد حسبته ... بدرا بدا في ليلة ظلماء
لولا خلافته على أهل الهوى ... لم يشتهر بملابس الخلفاء
وله أيضا:
لقد أخّر الدهر من لو تقدّ ... م فيه لزيّنه حسن وصفه
وقدّم من راح يزري به، ... فلا أرغم الله إلا بأنفه
توفي القمراوي سنة خمس وعشرين وستمائة، رحمة الله عليه.

قَطَنٌ

قَطَنٌ:
بالتحريك، وآخره نون، قال ابن السكيت:
القطن ما بين الوركين، وعن صاحب العين:
القطن الموضع العريض بين الثّبج والعجز، وقال الأصمعي: قطن الطائر أصل ذنبه، وفي الحديث:
أن آمنة لما حملت بالنبيّ، صلّى الله عليه وسلّم، قالت: ما وجدته في القطن ولا الثّنّة ولكني أجده في كبدي، فالقطن: أسفل الظهر، والثّنّة:
أسفل البطن، وقطن: جبل لبني أسد في قول امرئ القيس يصف سحابا:
أصاح ترى برقا أريك وميضه ... كلمع اليدين في حبيّ مكلّل
ثم يقول بعد أبيات:
على قطن بالشّيم أيمن صوبه ... وأيسره على السّتار فيذبل
قال الأصمعي: وفيما بين الفوّارة، وهي قرية ذكرت في موضعها، والمغرب جبل يقال له قطن به مياه أسماؤها السّليع والعاقرة والثّيّلة والممها وهي لبني عبس كلها، وقال الزمخشري: هو لبني عبس، وأنشد:
أين انتهى يا ابن صميعاء السّنن ... ليس لعبس جبل غير قطن
وقال أبو عبيد الله السكوني: قطن جبل مستدير ململم يجري من رأسه عيون لبني عبس بين الحاجر والمعدن وبه ماء يقال له السليع، وقال بعض الأعراب:
سلّم على قطن، إن كنت نازله، ... سلام من كان يهوى مرّة قطنا
أحبّه، والذي أرسى قواعده، ... حبّا إذا علنت آياته بطنا
يا ليتنا لا نريم الدهر ساحته، ... وليتها، حين سرنا غربة، معنا
ما من غريب، وإن أبدى تجلّده، ... إلّا تذكّر، عند الغربة، الوطنا
انظر، وأنت بصير، هل ترى قطنا ... من رأس حوران من آت لنا قطنا
يا ويحها نظرة ليست براجعة ... خيرا ولكنها من غيره قمنا
قال ابن السكيت: قطن جبل لبني عبس كثير النخل والمياه بين الرّمّة وبين أرض بني أسد، وذكر عنه أيضا أنه قال: قطن جبل في ديار عبس بن بغيض عن يمين النباج والمدينة بين أثال وبطن الرّمة، قال كثيّر:
فإنك عمري هل أريك ظعائنا ... بصحن الشّتا كالدّوم من بطن تريما
نظرت إليها، وهي تنضو وتكتسي ... من القفر آلاء فما زال أقتما
وقد جعلت أشجان برك يمينها، ... وذات الشمال من مريخة أشأما
مولّية أيسارها قطن الحمى ... تواعدن شربا من حمامة معظما
وقال الواقدي: قطن ماء ويقال جبل من أرض بني أسد بناحية فيد، وغزوة قطن قتل بها مسعود ابن عروة وأمير جيش رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، أبو سلمة بن عبد الأسد، وذكره في المغازي كثير. وقطن أيضا: موضع من أرض الشّربّة.

الفَلُّوجَة

الفَلُّوجَة:
بالفتح ثم التشديد، وواو ساكنة، وجيم، قال الليث: فلاليج السواد قراها، وإحداها الفلّوجة، والفلوجة الكبرى والفلوجة الصغرى: قريتان كبيرتان من سواد بغداد والكوفة قرب عين التمر، ويقال:
الفلوجة العليا والفلوجة السفلى أيضا، وفي الصحاح:
الفلوجة الأرض المصلحة للزرع، ومنه سمي موضع على الفرات الفلوجة، والجمع فلاليج، وقد نسب إليها قوم، قال ابن قيس الرّقيات:
ظعنت لتحزننا كثيرة، ... ولقد تكون لنا أميره
أيام فلك كأنها ... حوراء من بقر غريره
شبّت أمام لداتها ... بيضاء سابغة الغديرة
ريّا الرّوادف غادة بين الطويلة والقصيرة حلّت فلاليج السوا د وحلّ أهلي بالجزيرة

فَلَجٌ

فَلَجٌ:
بفتح أوله وثانيه، وآخره جيم، والفلج: الماء الجاري من العين، قال العجّاج:
تذكر أعينا رواء فلجا
أي جارية، يقال: عين فلج وماء فلج، قال أبو عبيدة: الفلج النهر، والفلج: تباعد ما بين الأسنان، والفلج: تباعد ما بين القدمين أو اليدين. وفلج:
مدينة بأرض اليمامة لبني جعدة وقشير وكعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة كما أن حجر مدينة بني ربيعة بن نزار بن معدّ بن عدنان. وفلج: مدينة قيس بن عيلان بن مضر بن نزار بن معدّ بن عدنان وبها منبر ووال، قال: ويقال لها فلج الأفلاج، قال السكوني: قال أبو عبيد: ووراء المجازة فلج الأفلاج وهو ما بين العارض ومطلع الشمس تصبّ فيه أودية العارض وتنتهي إليه سيولها، وليس باليمامة ملك لقوم خلصوا به مثلها، وهي أربعة فراسخ طولا وعرضا مستديرة، قال أبو زياد يزيد بن عبد الله الحرّ في نوادره: إنما سمّي فلج الأفلاج لأنها أفلاج كثيرة وأعظمها هذا الفلج لأنه أكثرها نخلا ومزارع وسيوحا جارية، وسوى ذلك من الأفلاج الخطائم:
مكان كثير الزرع والأطواء ليس فيه نخل، والزّرنوق: موضع آخر فيه الزّروع وأطواء كثيرة وهو فلج من الأفلاج، وحرم فلج، وأكمة فلج، والشطبتان فلج من الأفلاج، فهذا إنما سمي فلج الأفلاج لأنه أعظمها وأكثرها نخلا، والأفلاج لبني جعدة وفيها لبني قشير، والحريش: موضع، وكلّ ما يجري سيحا من عين فهو فلج، وكل جدول شقّ من عين على وجه الأرض فهو فلج، وأما البــحور والسيول فلا تسمّى أفلاجا، هذا آخر كلام أبي زياد الكلابي حرفا حرفا، وقال أبو الدّنيا: فلج الأفلاج نخل لبني جعدة كثير وسيوح تجري مثل الأودية تنقب فيها قنيّ فتساح، وقال القحيف بن حميّر العقيلي، وقال أبو زياد: هي لرجل من بني هزّان:
سلوا فلج الأفلاج عنّا وعنكم ... وأكمة إذ سالت سرارتها دما
عشيّة لو شئنا سبينا نساءكم، ... ولكن صفحنا عزّة وتكرّما
عشيّة جاءت من عقيل عصابة ... تقدّم من أبطالها من تقدّما
وقال القحيف أيضا:
بدانا فقلنا أثاب البحر واكتست [1] ... أسافله حتى ارجحنّ وأوّدا
أم التين في قريانه تم نبته ... خضيدا ولولا لينه ما تخضّدا
أم النخل من وادي القرى انحرفت له ... يمانية هنّ القنا فتأوّدا
سقى فلج الأفلاج من كلّ همة ... ذهاب تروّيه دماثا وقوّدا
ويروى: سقى الفلج العاديّ.
به نجد الصيد الغريب ومنظرا ... أنيقا ورخصات الأنامل خرّدا
وقال الجعديّ:
نحن بنو جعدة أرباب الفلج، ... نحن منعنا سيله حتى اعتلج [1]- هذا الشطر مختل الوزن.
ويوم فلج: لبني عامر على بني حنيفة، ويقال فلج الأفلاج والفلج العاديّ أيضا، قال القحيف:
تركنا على النّشّاس بكر بن وائل ... وقد نهلت منها السيوف وعلّت
وبالفلج العاديّ قتلى إذا التقت ... عليها ضباع الغيل باتت وظلّت
وكان فلج هذا من مساكن عاد القديمة.

فِرْتاجُ

فِرْتاجُ:
بكسر أوله، وسكون ثانيه، وتاء مثناة من فوقها، وآخره جيم، قال ابن الأعرابي: من سمات الإبل الفرتاج، ولم نجده، قال الأزهري: فرتاج موضع في بلاد طيّء، وقال غيره: فرتاج ماء لبني أسد، قال زيد الخيل الطائي:
فلو انّ نصرا أصلحت ذات بينها ... لضجّت رويدا عن مطالبها عمرو
ولكنّ نصرا أدمنت وتخاذلت، ... وقالوا: عمرنا من محبتنا القفر
فان تمنعوا فرتاج فالعمر منهم، ... فانّ لهم ما بين جرثم فالغفر [1]
وقال الراعي المزني الكلبي: كذا قال الآمدي، قال: وقد دخلت هذه القصيدة في شعر الراعي النّميري ليوافق ابن سليمان حيث قال:
ما زال يفتح أبوابا ويغلقها ... دوني وأفتح بابا بعد إرتاج
حتى أضاء سراج دونه بقر ... حور العيون ملاح طرفها ساج
يكشرن للهو واللّذّات عن برد ... تكشّف البرق عن ذي لجّة داج
كأنما نظرت دوني بأعينها ... عين الصّريمة أو غزلان فرتاج
وقال الأصمعي: ويسيل في الثّلبوت واد يقال له الرّحبة فيه ماء لبني أسد يقال له فرتاج، وأنشد لرجل من عذرة:
بفرتاج من أرض الخليفين أرّقت ... جنوب، وما لاح السّماك ولا النّسر
ومن دون مسراها الذي طرقت به ... شماريخ من ريّان يروى بها الغفر
الغفر: ولد الأرويّة، والجمع أغفار وغفرة

الفَدَّيْنُ

الفَدَّيْنُ:
استوفد الوليد بن يزيد بن عبد الملك بن مروان فقهاء من أهل المدينة فيهم عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، رضي الله عنه، يستفتيهم عن الطلاق قبل النكاح فمات عبد الرحمن بالفدّين من أرض حوران ودفن بها، وسعيد بن خالد ابن محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان بن أبي العاصي بن أمية الأموي العثماني الفدّيني خرج في أيام المأمون وادعى الخلافة بعد أبي العميطر علي بن يحيى، خرج وأغار على ضياع بني شرنبث السعدي وجعل يطلب القيسيّة ويقتلهم ويتعصب لأهل اليمن فوجّه إليه يحيى بن صالح في جيش فلما كان بالقرب من حصنه المعروف بالفدّين هرب منه العثماني فوقف يحيى بن صالح على الحصن حتى هدمه وخرّب زيزاء وتحصن العثماني في عمان في قرية يقال لها ماسوح وصار يحيى بن صالح إلى عمان واستمدّ العثماني بزيوندية
الغور وبأراشة وبقوم من غطفان وانضمت إليه عيّارة من بني أمية ومن جلا عن دمشق من أصحاب أبي العميطر ومسلمة فصار في زهاء عشرين ألفا، فلم يزل يحيى بن صالح يحاصره ويحاربه حتى أجلاه عن القريتين جميعا، فصار إلى قرية حسبان وبها حصن حصين فأقام به وتفرّق عنه أصحابه، ولا أعرف ما جرى بعد ذلك.

الغَرِيّةُ

الغَرِيّةُ:
بالفتح ثم الكسر، وتشديد الياء: قرية من أعمال زرع من نواحي حوران، ينسب إليها يعيش ابن عبد الرحمن بن يعيش الضرير الغروي، سمع من أبي محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي.

سَيْلَحُونَ

سَيْلَحُونَ:
بفتح أوّله، وسكون ثانيه، وفتح لامه ثمّ حاء مهملة، وواو ساكنة، ونون، وقد يعرب إعراب جمع السلامة فيقال: هذه سيلحون ورأيت سيلحين ومررت بسيلحين، ومنهم من يجعله اسما واحدا يعربه إعراب ما لا ينصرف فيقول: هذه سيلحين ورأيت سيلحين ومررت بسيلحين، وذكر سيلحين في الفتوح وغيرها من الشعر يدلّ على أنّها قرب الحيرة ضاربة في البر قرب القادسية، ولذلك ذكرها الشعراء أيّام القادسية مع الحيرة والقادسية، فقال سليمان بن ثمامة حين سيّر امرأته من اليمامة إلى الكوفة:
فمرّت بباب القادسيّة غدوة ... وراحتها بالسيلحين العبائر
فلمّا انتهت دون الخورنق عادها ... وقصر بني النعمان حيث الأواخر
إلى أهل مصر أصلح الله حاله ... به المسلمون والجهود الأكابر
فصارت إلى أرض الجهاد وبلدة ... مباركة والأرض فيها مصائر
فألقت عصاها واستقرّ بها النّوى ... كما قرّ عينا بالإياب المسافر
فهذا يدلّ على أن السيلحون بين الكوفة والقادسيّة، وقال الأشعث بن عبد الحجر بن عوف بن الأحوص ابن جعفر بن كلاب وكان شهد الحيرة والقادسية وتلك المشاهد فعقرت ناقته فقال:
وما عقرت بالسّيلحين مطيّتي ... وبالقصر إلّا خشية أن أعيّرا
فباست امرئ يبأى عليّ برهطه، ... وقد ساد أشياخي معدّا وحميرا
وقال عمرو بن الأهتم:
ما في بني الأهتم من طائل ... يرجى ولا خير به يصلحون
لولا دفاعي كنتم أعبدا ... مسكنها الحيرة والسيلحون
جاءت بكم عفرة من أرضها ... حيريّة ليس كما تزعمون
في ظاهر الكفّ وفي بطنها ... وشم من الدّاء الذي تكتمون
وقال الجعدي:
وإذا رأيت السّيلحين وبارقا ... أغنين عن عمرو وأمّ قبال
ملك الخورنق والسّدير ودانها ... ما بين حمير أهلها وأوال
وممّا يقوي أن السيلحين قرب الحيرة قول هانئ بن مسعود يرثي النعمان بن المنذر ويذكر قتل كسرى إيّاه، قال:
إنّ ذا التاج، لا أبا لك، أضحى ... وذرى بيته نــحور الفيول
إنّ كسرى عدا على الملك النّع ... مان حتى سقاه أمّ البليل
قد عمرنا وقد رأينا لدى الحي ... رة في السيلحين خير قتيل
وهذه غير سيلحون التي باليمن، وقد تقدم ذكرها، وقد ذكر شعراء الجاهلية كالأعشى وغيره هذا الموضع، وكتّاب الخراج يجعلون السيلحين طسّوجا برأسه من كورة بهقباذ الأسفل من الجانب الغربي، قال الأعشى:
فذاك وما أنجى من الموت ربّه ... بساباط حتى مات وهو محرزق
وتجبى إليه السيلحون ودونها ... صريفون في أنهارها والخورنق
وبين هذه الناحية وبغداد ثلاثة فراسخ، وقد نسب إليها قوم من أهل العلم، وقيل: إنّها سميت سيلحون لأنّها كانت بها مسالح لكسرى، وهم قوم بسلاح يرتّبون في الثغور والمخافات، واحدهم مسلحيّ، والعامة تقول مصلحيّ، وهو خطأ.

الغَثَاةُ

الغَثَاةُ:
قرية من حوران من أعمال دمشق، منها عبد الله بن خليفة بن ماجد أبو محمد الغثوي النجار، سمع أبا الفضل أحمد بن عبد المنعم بن أحمد بن بندار الكرندي، قال الحافظ أبو القاسم: سمعت منه شيئا يسيرا وكان رجلا مستورا لم يكن الحديث من صنعته، وكان ملازما لحلقتي فسمع الحديث إلى أن مات، روى عنه الحافظ وابنه القاسم أيضا.

غَبَاغِبُ

غَبَاغِبُ:
جمع غبغب، وهو الغبب المتدلّي في رقاب البقر والشاء، وللديك أيضا غبغب: وهي قرية في أول عمل حوران من نواحي دمشق بينهما ستة فراسخ، قال الحافظ أبو القاسم: عبد الله بن أحمد ابن محمد بن إبراهيم بن الليث بن شعبة بن البحتري ابن إبراهيم بن زياد بن الليث بن شعبة بن فراص بن جالس أبو القاسم ويقال أبو محمد التميمي المعلّم الغباغبي، حدث عن الحسن بن يزيد القطّان وضرار ابن سهل الضراري ويحيى بن إسحاق بن سافري، روى عنه عبد الوهاب الكلابي، وكان كذّابا، قال أبو الحسن الرازي: أبو القاسم الغباغبي كان معلّما على باب الجابية، سمعت منه، ومات سنة 525.
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.